الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُمَا، أَوْ بَعْضُهُ ذَهَبٌ، أَوْ فِضَّةٌ، أَوْ مُرَكَّبٌ مِنْهُمَا.
فَالْجُمْلَةُ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ وَالضَّبَّةُ إمَّا فِي ظَرْفٍ، أَوْ مِلْعَقَةٍ، أَوْ خِلَالٍ مَعَ اسْتِعْمَالٍ، أَوْ زِينَةٍ وَاِتِّخَاذٍ فَالْجُمْلَةُ تِسْعٌ وَضَبَّةُ كُلٍّ مِنْهَا إمَّا ذَهَبٌ، أَوْ فِضَّةٌ، أَوْ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا فَالْجُمْلَةُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ وَضَبَّةُ كُلٍّ مِنْهَا إمَّا كَبِيرَةٌ لِزِينَةٍ، أَوْ كَبِيرَةٌ لِحَاجَةٍ، أَوْ صَغِيرَةٌ لِزِينَةٍ فَالْحَاصِلُ مِنْ الْجُمَلِ مَا قُلْنَا وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِهِ فَشَيْءٌ كَثِيرٌ وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الضَّبَّةِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، أَوْ مُرَكَّبًا مِنْهُمَا وَإِدْخَالُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَفَرَّعِ عَلَيْهَا كَثِيرٌ فِي الْمَنْطُوقِ وَهْمٌ وَإِنْ شَارَكَتْ مَا أُخِذَ مِنْهُ حُكْمًا
(بَابُ الْوُضُوءِ)
هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ الْفِعْلُ وَبِفَتْحِهَا الْمَاءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا وَقِيلَ بِالضَّمِّ فِيهِمَا وَالْمُبَوَّبُ لَهُ الْوُضُوءُ بِمَعْنَى الْفِعْلِ وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ إذْ قِيَاسُ الْمَصْدَرِ التَّوَضُّؤُ بِوَزْنِ التَّكَلُّمِ وَالتَّعَلُّمِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصَادِرِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ وَالنَّضَارَةُ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ
وَشَرْطُهُ مَاءٌ مُطْلَقٌ وَلَوْ ظَنًّا وَإِسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ وَعَدَمُ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَإِزَالَةُ خَبَثٍ عَلَى رَأْيٍ يَأْتِي وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ الْوُضُوءِ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْ التِّسْعِ.
(قَوْلُهُ: أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ) مِنْ ضَرْبِ سِتَّةٍ فِي تِسْعَةٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا) قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ إدْخَالُ هَذِهِ فِي الْمَنْطُوقِ دُونَ الْمَفْهُومِ الْآتِي تَحَكُّمٌ وَالْحَقُّ عَدَمُ تَنَاوُلِهِ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا اهـ.
وَأَقُولُ قَدْ يَمْنَعُ مَا قَالَهُ هُنَا عَلَى أَنَّ أَوْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فِضَّةٌ أَوْ نَضْرٌ تَمْنَعُ الْخُلُوَّ فَيَصْدُقُ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ) مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي تِسْعَةٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةٌ لِزِينَةِ) فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ تُضْرَبُ فِي السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ يَحْصُلُ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ تُضَمُّ إلَى الْأَرْبَعِ وَالْخَمْسُونَ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مَا قَالَهُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْ يَكُونَ) اُنْظُرْ مَا طَرِيقُ دَلَالَةِ الْمَتْنِ عَلَى ذَلِكَ بِالْمَفْهُومِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْحُكْمُ بِحُرْمَةِ الْبَعْضِ فِيمَا قَبْلَ الضَّبَّةِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَنْطُوقِ) وَهُوَ مُنْشَؤُهُ الْغَفْلَةُ عَنْ كَوْنِ الْبَعْضِ مَذْكُورًا فِي الْمَتْنِ قَبْلَ ذِكْرِ الضَّبَّةِ
(بَابُ الْوُضُوءِ)(قَوْلُهُ: وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ) قَدْ يَمْنَعُ، بَلْ فِي الْمَسْحِ تَنْظِيفٌ لَا سِيَّمَا مَعَ تَكَرُّرِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ التَّنْظِيفَ بِجُمْلَتِهِ لَكِنَّهُ سُومِحَ فِي الرَّأْسِ لِنَظَافَتِهِ وَالْخَوْفُ عَلَيْهِ مِنْ الْغُسْلِ وَتَكَرُّرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنًّا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ صَحَّ طُهْرُهُ وَمِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ إطْلَاقَهُ، بَلْ، وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ إطْلَاقِهِ اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ فَقَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّا لَعَلَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْجُمْلَةِ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ اشْتِبَاهُ الْمُطْلَقِ بِغَيْرِهِ وَاجْتُهِدَ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى رَأْيٍ) هَذَا
ــ
[حاشية الشربيني]
الْحَالَيْنِ فِي الْآلَاتِ يَكُونُ الْحَاصِلُ مَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ زِينَةٍ) أَيْ: بِالْإِنَاءِ وَهَذَا غَيْرُ كَوْنِ الضَّبَّةِ لِلزِّينَةِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: كَبِيرَةٌ لِزِينَةٍ) هَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ بِقَصْدِ زِينَةٍ بِهِ وَكِبَرِهِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الصُّورَتَيْنِ هُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَبِالْفَرْدِ كُرِهَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِهِ إلَخْ) فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْحَاوِي مَا نَصُّهُ وَلَوْ قِيلَ الْآلَاتُ الثَّلَاثُ إمَّا مُضَبَّبَةٌ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ تَكُونَ الضَّبَّةُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ بَعْضُهَا مِنْهُ فَقَطْ أَوْ بَعْضُهَا مِنْهَا فَقَطْ أَوْ مُرَكَّبًا مِنْهُمَا وَهِيَ إمَّا بِزِينَةٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ بِغَيْرِهِمَا أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ الزِّينَةِ وَالْكِبَرِ وَالْخَمْسَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ عِشْرُونَ وَمَا يَكُونُ غَيْرَ مُضَبَّبٍ إمَّا كُلُّهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ مِنْهُمَا أَوْ بَعْضُهُ كَذَلِكَ فَهَذِهِ سِتٌّ أُخْرَى فَتُضْرَبُ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ فِي التِّسْعِ الْحَاصِلَةِ مِنْ ضَرْبِ الْآلَاتِ فِي حَالَاتِهَا الثَّلَاثِ يَصِيرُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ اهـ.
، فَإِنْ كَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ، إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا فِي سِيَاقِ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ وَلِذَا ذَكَرَ مِنْ أَقْسَامِ الضَّبَّةِ الصَّغِيرَةِ مَعَ الْحَاجَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَإِدْخَالُ إلَخْ) هَذَا يَتَضَمَّنُ اعْتِرَاضًا عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ شَمَلَهَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَنْطُوقِ اهـ.
(فَرْعٌ) مَنْ أَرَادَ الْخَلَاصَ مِنْ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فَلْيَصُبَّ مَا فِيهِ فِي إنَاءٍ آخَرَ أَوْ يَدِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلِاسْتِعْمَالِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَالصَّبُّ الْأَوَّلُ لَيْسَ اسْتِعْمَالًا لَهُ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُصَبَّ الْكُلَّ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَمَّا لَوْ تَرَكَ بَعْضَ مَا فِي الْإِنَاءِ فِيهِ حَتَّى يُكْمِلَ طَهَارَتَهُ أَوْ التَّطَيُّبَ بِهِ، فَإِنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ ظَرْفًا لِمَائِهِ أَوْ طِيبِهِ كَذَا رَأَيْته بِهَامِشِ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِخَطِّ الْإِمَامِ الْأَذْرَعِيِّ رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ
[بَابُ الْوُضُوءِ]
(قَوْلُهُ: بَابُ الْوُضُوءِ)
قَالَ الرَّافِعِيُّ الْأَصْلُ فِيهِ الْغُسْلُ وَإِنَّمَا سَقَطَ تَخْفِيفًا وَاَلَّذِي يُتَيَقَّنُ الْتِفَاتُ هَذَا إلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ هَلْ يَحِلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ أَوْ يَخْتَصُّ؛ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَكَوْنُ الْأَصْلِ الْغُسْلَ، إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْأَوَّلِ الضَّعِيفِ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي وَوَجَّهَ فِي الْمَجْمُوعِ الْأَوَّلَ؛ بِأَنَّهُ كَالْجَنَابَةِ فَلَيْسَ بَعْضُ الْبَدَنِ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ مَمْنُوعٌ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِظَهْرِهِ وَسَائِرِ بَدَنِهِ وَلَوْلَا الْحَدَثُ لَمْ يُمْنَعْ فَعَلَى هَذَا إنَّمَا اكْتَفَى بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا لِتَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ وَالثَّانِي؛ بِأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ مُخْتَصٌّ بِالْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَاسِّ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ مُحْدِثًا وَلَا يَكْفِيهِ طَهَارَةُ مَحَلِّ الْمَسِّ وَحْدَهُ وَلِهَذَا لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ لَمْ يَجُزْ مَسُّهُ بِبَدَنِهِ مَعَ أَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ الْعُضْوِ بِمُجَرَّدِ غَسْلِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: قَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصَادِرِ) أَيْ: حَيْثُ اسْتَعْمَلَ مَقَامَ الْمَصْدَرِ الْمُبَوَّبِ لَهُ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ:؛ بِأَنْ لَا يَعْتَقِدَ بِفَرْضٍ نَفْلًا كَمَا فِي الصَّلَاةِ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ:
كَنَظِيرِهِ فِي الصَّلَاةِ.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَفِي مُوجِبِهِ، أَوْجُهٌ أَحَدُهَا الْحَدَثُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَالثَّانِي الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَأَصَحُّهَا هُمَا وَتَجْرِي فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ وَقِيلَ بِانْقِطَاعِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَلَوْ اسْتَشْهَدَتْ حَائِضًا لَمْ تُغَسَّلْ إنْ لَمْ نُوجِبْهُ بِالْخُرُوجِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ كَالْجُنُبِ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيمَا صَحَّحَهُ الِانْقِطَاعُ فَيُوَافِقُ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ الْغُسْلِ وَفِيمَا يَجِبُ بِهِ الْغُسْلُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، أَوْجُهٌ أَحَدُهَا بِخُرُوجِ الدَّمِ كَمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بِخُرُوجِ الْبَوْلِ وَالْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَثَانِيهَا بِالِانْقِطَاعِ لِتَعْلِيقِهِ فِي الْحَدِيثِ بِإِدْبَارِ الدَّمِ وَأَظْهَرُهَا بِخُرُوجِهِ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ كَمَا يُقَالُ يُوجِبُ الْوَطْءُ الْعِدَّةَ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ الْإِرْثُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَكَذَا نَقُولُ فِي الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ خُرُوجُهُمَا مُوجِبٌ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ بَلْ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ رحمه الله يُعْتَبَرُ الْقِيَامُ إلَيْهَا أَيْضًا فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَكِنْ حُكِيَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي مُوجِبِهِ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ، أَوْجُهٍ خُرُوجُ الدَّمِ، انْقِطَاعُهُ، الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ، خُرُوجُهُ وَانْقِطَاعُهُ وَالْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُ بِالِانْقِطَاعِ انْتَهَى.
وَكَانَ فَرْضُ الْوُضُوءِ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ وَقِيلَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَا
ــ
[حاشية العبادي]
فِي إزَالَتِهِ أَوَّلًا بِغَسْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ أَمَّا إزَالَتُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَوْ مَعَ الْوُضُوءِ بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْهَا فَشَرْطِيَّةُ الْإِزَالَةِ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِهَذَا الرَّأْيِ.
(قَوْلُهُ: كَالْجُنُبِ) أَيْ: إذَا اُسْتُشْهِدَ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ) أَيْ: الرَّافِعِيَّ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَحَدُهَا الْحَدَثُ إلَخْ) مُرَادُ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ سَبَبٌ لِانْعِقَادِ الْوُجُوبِ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى دُخُولِ الْوَقْتِ كَالْحَوْلِ فِي الزَّكَاةِ مَعَ التَّمَكُّنِ فَلَا يُقَالُ وَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عِصْيَانُهُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ وَتَجْرِي فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ إلَخْ) عِبَارَةُ النَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْغُسْلِ سَبَقَ فِي خُرُوجِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْوُجُوبُ بِخُرُوجِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ أَمْ بِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَمْ بِالْمَجْمُوعِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَتِلْكَ الْأَوْجُهُ جَارِيَةٌ فِي الْحَيْضِ قَالَ إلَّا، أَنَّ الْقَائِلِينَ هُنَاكَ يَجِبُ بِالْخُرُوجِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجِبُ بِخُرُوجِ الدَّمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِانْقِطَاعِهِ فَحَصَلَ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ فِي وَقْتِ وُجُوبِ غَسْلِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَحَدُهَا بِخُرُوجِ الدَّمِ وَالثَّانِي بِانْقِطَاعِهِ وَالثَّالِثُ بِالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَالرَّابِعُ بِالْخُرُوجِ وَالِانْقِطَاعِ وَالْقِيَامِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُ بِالِانْقِطَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْعِدَّةِ.
(فَائِدَةٌ) هَذَا الْخِلَافُ أَنَّ الْحَائِضَ إذَا أَجْنَبَتْ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ غَسْلُ الْحَيْضِ إلَّا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ وَقُلْنَا بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ أَنَّ الْحَائِضَ لَا تُمْنَعُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَلَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ عَنْ الْجِنَايَةِ لِاسْتِبَاحَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَهُ فَائِدَةٌ أُخْرَى حَسَنَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُشْهِدَتْ الْحَائِضُ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ قَبْلَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا، فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ بِالِانْقِطَاعِ لَمْ تُغَسَّلْ وَإِنْ قُلْنَا بِالْخُرُوجِ فَهَلْ تُغَسَّلُ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي غُسْلِ الْجُنُبِ الشَّهِيدِ، فَإِنْ قِيلَ الْحَائِضُ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ يُبَاحُ لَهَا الْقِرَاءَةُ سَوَاءٌ قُلْنَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الدَّمِ أَمْ بِانْقِطَاعِهِ فَيَنْبَغِي إذَا أَجْنَبَتْ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْحُكْمُ، فَالْجَوَابُ أَنَّا إذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الدَّمِ فَأَجْنَبَتْ فَهَذِهِ امْرَأَةٌ جُنُبٌ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا إلَّا لِلْجَنَابَةِ، فَإِذَا اغْتَسَلَتْ لَهَا ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهَا وَبَقِيَتْ حَائِضًا مُجَرَّدَةً فَتُبَاحُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَدِيمِ وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْخُرُوجِ فَاغْتَسَلَتْ لِلْجَنَابَةِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا غُسْلَيْنِ غُسْلَ حَيْضٍ وَغُسْلَ جَنَابَةٍ وَغُسْلُ الْحَيْضِ لَا يُمْكِنُ صِحَّتُهُ مَعَ جَرَيَانِ الدَّمِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ غُسْلُ الْحَيْضِ لَمْ يَصِحَّ غُسْلُ الْجَنَابَةِ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَدَثَانِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْتَفِعَ أَحَدُهُمَا وَيَبْقَى الْآخَرُ كَمَنْ أَحْدَثَ بِنَوْمٍ مَثَلًا، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْبَوْلِ وَتَوَضَّأَ فِي حَالَ بَوْلِهِ عَنْ النَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا شَكٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا يَغْسِلُ لِبَقَاءِ الْجَنَابَةِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا لِزَوَالِ حُكْمِ الْجَنَابَةِ بِالْمَوْتِ لِانْتِفَاءِ التَّكْلِيفِ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الِانْقِطَاعِ) ، فَالِانْقِطَاعُ شَرْطٌ لَا شَطْرٌ إذْ الشَّرْط مَا يَجِبُ الشَّيْءُ عِنْدَهُ لَا بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: حُكِيَ إلَخْ) أَيْ: نَقْلُهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي حَتَّى التَّصْحِيحِ اهـ.
لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ ثُمَّ قَالَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ التَّصْحِيحَ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ، لَكِنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي سِيَاقِ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ مِنْ النَّوَوِيِّ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ نَاقِلٌ لِتَصْحِيحِهِ الَّذِي قَالَ الْخُرَاسَانِيُّونَ وَعِبَارَتُهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَكَسَ الْخُرَاسَانِيُّونَ فَقَالُوا الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ بِانْقِطَاعِهِ لَا بِخُرُوجِهِ كَذَا صَحَّحَهُ الْفُورَانِيُّ وَجَمَاعَاتٌ مِنْهُمْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ يَجِبُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِخُرُوجِهِ وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ مَعَ دَوَامِ الْحَيْضِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَمَا لَا يُمْكِنُ لَا يَجِبُ اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ بَدَلَ هَذَا وَقِيلَ بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ
يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ»
(فَرْضُ الْوُضُوءِ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ إلَى مَعْرِفَةٍ فَيَعُمُّ كُلَّ فَرْضٍ مِنْهُ أَيْ فُرُوضُهُ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ (غَسْلُ وَجْهٍ) قَالَ تَعَالَى {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وَالْمُرَادُ انْغِسَالُهُ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ وَقَدَّمَهُ عَلَى النِّيَّةِ لِيَرْبِطَ بِأَوَّلِهِ حُكْمَ مُقَارَنَتِهَا ر وَمَا لِلِاخْتِصَارِ الْمَقْصُودِ لَهُ (وَهْوَ أَنْ يَغْسِلَ) الْمُتَوَضِّئُ مَا ظَهَرَ (بَيْنَ) مُنْحَدِرِ تَدْوِيرِ (الرَّأْسِ وَانْتِهَا) بِمَعْنَى مُنْتَهَى (الذَّقَنْ) بِمُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ (وَ) أَنْ يَغْسِلَ (وَجْهَ لَحْيَيْهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَدْخُلُ مُنْتَهَى الذَّقَنِ الَّذِي أَخْرَجَهُ ظَاهِرُ الْبَيْنِيَّةِ (وَ) أَنْ يَغْسِلَ مَا ظَهَرَ بَيْنَ (أُذْنَيْهِ) فَدَخَلَ فِي الْوَجْهِ الْجَبِينَانِ وَهُمَا جَانِبَا الْجَبْهَةِ وَمَا ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ، أَوْ شَفَتِهِ بِالْقَطْعِ وَالْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْعِذَارِ وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْعَظْمِ النَّاتِئِ بِقُرْبِ الْأُذُنِ وَخَرَجَ عَنْهُ دَاخِلُ الْأَنْفِ وَالْعَيْنِ وَالْفَمِ وَإِنْ انْفَتَحَا بِقَطْعِ جَفْنٍ، أَوْ شَفَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ وَمَوْضِعُ الصَّلَعِ وَالتَّحْذِيفِ وَالنَّزْعَتَانِ.
وَسَتَأْتِي الثَّلَاثَةُ وَالصُّدْغَانِ وَهُمَا الْمُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ مِنْ فَوْقُ وَوَتَدَا الْأُذُنِ قَالَ الْبَغَوِيّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُ الْوَجْهِ إلَّا بِغَسْلِهِمَا يَعْنِي بِغَسْلِ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَيَجِبُ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ رَأْسِهِ وَرَقَبَتِهِ وَمَا تَحْتَ ذَقَنِهِ مَعَ الْوَجْهِ لِيَعْلَمَ اسْتِيعَابَهُ كَإِمْسَاكِ جَزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ فِي الصَّوْمِ وَكَذَا يَزِيدُ أَدْنَى زِيَادَةٍ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ (وَعَمْ مِنْ نَازِلِ اللِّحْيَةِ) وَهِيَ بِكَسْرِ اللَّامِ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ (وَجْهًا) أَيْ وَعَمَّ الْمُتَوَضِّئُ بِالْغَسْلِ ظَاهِرَ اللِّحْيَةِ أَيْ الْكَثِيفَةِ مِنْ النَّازِلِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ تَبَعًا لَهُ وَلِوُقُوعِ الْمُوَاجِهَةِ بِهِ بِخِلَافِ بَاطِنِهِمَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كُلُّ فَرْضٍ مِنْهُ) لَا يُقَالُ دَلَالَةُ الْعَامِّ كُلِّيَّةٌ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفُرُوضِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَوْنُ دَلَالَتِهِ كُلِّيَّةً هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ أَيْ: الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى الْمَجْمُوعِ
(قَوْلُهُ: بَيْنَ مُنْحَدَرٍ) وَهُوَ مُبْتَدَأُ تَسْطِيحِ الْجَبْهَةِ (قَوْلُهُ: وَجْهُ لِحْيَتِهِ) وَمِنْهُ مُنْتَهَى الذَّقَنِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَأَنْ يَغْسِلَ وَجْهَ لِحْيَتِهِ وَلَمْ يَعْطِفْ وَجْهَ لِحْيَتِهِ عَلَى الذَّقَنِ.
(قَوْلُهُ وَمَا ظَهَرَ مِنْ أَنْفِهِ إلَخْ) أَيْ: مَحَلُّ الْقَطْعِ مِنْهُمَا لَا مَا كَانَ مُسْتَتِرًا تَحْتَ الْمَقْطُوعِ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ انْفَتَحَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْعِذَارُ الشَّعْرُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُمَا الْمُتَّصِلَانِ بِالْعِذَارَيْنِ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ جُزْءًا مِمَّا فَوْقَ الْعِذَارَيْنِ مُحَاذٍ لِوَتَدِ الْأُذُنِ الَّذِي يَكُونُ مَا حَاذَاهُ مِنْ الْوَجْهِ، بَلْ تَعْبِيرُهُ بِمَا بَيْنَ أُذُنِهِ يَقْتَضِي إدْخَالَ الْمُحَاذِي لِجَمِيعِ الْأُذُنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ مَا عَدَا ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِغَسْلِهِمَا) أَيْ: وَتَدِ الْأُذُنَيْنِ.
(قَوْلُهُ مِنْ النَّازِلِ) كَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ كَالْمَتْنِ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَمَنْبَتًا إلَخْ فَفِيهِ بَيَانُ غَيْرِ النَّازِلِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَاطِنِهَا وَدَاخِلِهَا) هَلْ الْمُرَادُ بِبَاطِنِهَا الْوَجْهُ الَّذِي يَلِي الصَّدْرَ مِنْهَا وَبِدَاخِلِهَا خِلَالُ الشَّعْرِ وَمَنَابِتُهُ أَوْ الْمُرَادُ بِبَاطِنِهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
شَهْرًا مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَعَلَّهُمْ عَلَى هَذَا كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إلَّا بِهِ، لَكِنْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ أَوْ النَّظَافَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ وَلَمْ يَنْقُلْ وُقُوعَ صَلَاةٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ بِدُونِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدَّمَهُ) أَيْ: النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِيَرْبِطَ؛ بِأَوَّلِهِ حُكْمَ مُقَارَنَتِهَا) حُكْمُهَا هُوَ الْوُجُوبُ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَالِيَّةِ وَقَوْلُهُ: بِأَوَّلِهِ أَيْ: الْغُسْلِ وَذَلِكَ مَذْكُورٌ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي أَوَّلَهُ.
(قَوْلُهُ: مَا ظَهَرَ إلَخْ) خَرَجَ دَاخِلُ الْعَيْنِ وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الرَّأْسِ وَمُنْتَهَى الذَّقَنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ قَالَ شَارِحُهُ أَيْ: فَرْضُ الْوُضُوءِ غُسْلُ الْوَجْهِ وَهُوَ مَا بَيْنَ مَنْبَتِ شَعْرِ الرَّأْسِ غَالِبًا وَبَيْنَ مُنْتَهَى الذَّقَنِ فِي الطُّولِ وَبَيْنَ اللَّحْيَيْنِ فِي أَقْصَرِ الطُّولَيْنِ وَبَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فِي الْعَرْضِ ثُمَّ اُعْتُرِضَ بِخُرُوجِ مُنْتَهَى الذَّقَنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْعَزِيزِ بِدُخُولِهِ اهـ.
وَعُذْرُهُ فِي ذَلِكَ جَعْلُ الْمُتَعَاطِفَاتِ مُتَتَابِعَةً لَكِنَّ زِيَادَةَ الْمُصَنِّفِ لَفْظَةَ وَجْهُ تَقْتَضِي مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إذْ لَا دَخْلَ لِوَجْهِ اللَّحْيَيْنِ فِي تَحْدِيدِ أَقْصَرِ الطُّولَيْنِ وَإِلَّا لَذَكَرَ فِي أَطْوَلِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَمَوْضِعُ الصَّلَعِ) أَيْ: قَطْعًا إذْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ: وَالتَّحْذِيفُ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ قَوْلَيْ الْإِمَامِ وَقِيلَ هُمَا وَجْهَانِ وَنَسَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلْغَلَطِ وَقَوْلُهُ: وَالنَّزْعَتَانِ أَيْ: عَلَى الْأَصَحِّ.
(قَوْلُهُ: النَّزَعَتَانِ) بِفَتْحِ الزَّايِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَفِي لُغَةٍ إسْكَانُهَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ وَالصُّدْغَانِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ خِلَافٍ حَكَاهُ فِي الصُّدْغِ الثَّالِثُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْفَيَّاضِ وَجُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ، إنَّ مَا اسْتَعْلَى عَنْ الْأُذُنَيْنِ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ الرَّأْسِ وَمَا انْحَدَرَ عَنْهُمَا فَهُوَ مِنْ الْوَجْهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ يَتَّضِحُ مَا قَالَهُ سم فِي الْحَاشِيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالْعِذَارَيْنِ) الْعِذَارُ هُوَ النَّابِتُ عَلَى الْعَظْمِ الْمُحَاذِي لِلْأُذُنَيْنِ مُتَّصِلٌ أَعْلَاهُ بِالصُّدْغِ وَأَسْفَلُهُ بِالْعَارِضِ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ النَّازِلِ) أَمَّا
وَدَاخِلِهَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا كَالشَّعْرِ النَّابِتِ تَحْتَ الذَّقَنِ وَلِعُسْرِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِمَا وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَغَرَفَ غَرْفَةً غَسَلَ بِهَا وَجْهَهُ وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ الْكَرِيمَةُ كَثِيفَةً وَبِالْغَرْفَةِ الْوَاحِدَةِ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى ذَلِكَ أَمَّا الْخَفِيفَةُ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهَا لِسُهُولَةِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهَا كَالسِّلْعَةِ الْمُتَدَلِّيَةِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ.
وَإِطْلَاقُهُ كَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ النَّازِلِ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيفِ وَمَا ذَكَرْته مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَصَوَّبَهُ قَالَ وَكَلَامُ الْبَاقِينَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ وَمُرَادُهُمْ الْكَثِيفُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ شُعُورِ الْوَجْهِ الْخَارِجَةِ عَنْ حَدِّهِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (وَ) عَمَّ (الْغَمَمْ) وَهُوَ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الْجَبْهَةِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِنَبَاتِهِ فِي غَيْرِ مَنْبَتِهِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِانْحِسَارِ شَعْرِ النَّاصِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) عَمَّ (مَنْبِتًا) أَيْ (بَشَرَةً بَيْنَ الشَّعَرْ) أَيْ شَعْرِ الْوَجْهِ مِنْ لِحْيَةٍ وَغَيْرِهَا لِدُخُولِهِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْغَمَمِ وَبِتَفْسِيرِ الْمَنْبَتِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا ذَاكَ) أَيْ الْمَنْبَتِ (مِنْ كَثِيفِ لِحْيَةِ الذَّكَرْ) وَإِنْ لَمْ تَنْزِلْ أَيْ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي بَاطِنِ شَعْرِهَا الْكَثِيفِ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلُ الْكَثِيفِ وَمَنْبَتِهِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ لِقِلَّةِ وُقُوعِهِ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ مَنْبَتِ الْخَفِيفِ مِنْ لِحْيَةِ الذَّكَرِ لِسُهُولَةِ الْإِيصَالِ وَمَنْبَتُ الْكَثِيفِ مِنْ لِحْيَةِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى لِنُدْرَتِهَا وَنُدْرَةِ كَثَافَتِهَا؛ وَلِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْأُنْثَى نَتْفُهَا، أَوْ حَلْقُهَا؛ لِأَنَّهَا مُثْلَةٌ فِي حَقِّهَا.
وَالْأَصْلُ فِي أَحْكَامِ الْخُنْثَى الْعَمَلُ بِالْيَقِينِ وَكُلُّ مَنْبَتٍ وَجَبَ غَسْلُهُ وَجَبَ غَسْلُ شَعْرِهِ وَتَرَكَهُ فِي النَّظْمِ كَأَصْلِهِ إمَّا لِشُمُولِ صَدْرِ كَلَامِهِمَا لَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
الْبَشَرَةُ تَحْتَ شَعْرِهَا وَبِدَاخِلِهَا خِلَالُ شَعْرِهَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ لِوُقُوعِ الْبَاطِنِ فِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ وَالدَّاخِلُ الْمُتَنَاوِلُ لِخِلَالِ الشَّعْرِ وَمَنَابِتِهِ وَذَلِكَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَا عَدَا جَمِيعَ ذَلِكَ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ وَلَا اشْتِبَاهُهَا إلَخْ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إلَخْ، حَيْثُ أُرِيدَ بِالْبَاطِنِ فِيهِ خِلَالُ الشَّعْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرِ فَشَمَلَ ذَلِكَ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِهَا) يَشْمَلُ الشَّعْرَ النَّابِتَ عَلَى آخِرِ مُنْتَهَى الذَّقَنِ مِمَّا عَلَى جِهَةِ الصَّدْرِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ وَجْهَ هَذَا الشَّعْرِ مِمَّا يَلِي جِهَةَ الصَّدْرِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَنْبَتِهِ الَّذِي هُوَ الْمُنْتَهَى الْمَذْكُورُ وَوَجْهُهُ الَّذِي يَلِي جِهَةَ الصَّدْرِ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بَشَرَةً) فَهُوَ عَطْفُ بَيَانٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ) أَيْ كَثِيفُ لِحْيَةِ الذَّكَرِ.
(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُ شَعْرِهِ إلَخْ) فَيَجِبُ غَسْلُ شَعْرِ لِحْيَةِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى لِوُجُوبِ غَسْلِ مَنْبَتِهِمَا كَمَا شَمَلَهُ قَوْلُهُ: وَمَنْبَتَا شَعْرِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لِشُمُولِ صَدْرِ كَلَامِهِمَا إلَخْ) كَأَنَّهُ أَرَادَ صَدْرَ كَلَامِهِمَا.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ الرَّأْسِ وَانْتِهَاءِ الذَّقَنِ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ غَسْلِ ذَلِكَ شَامِلٌ لِغَسْلِ مَا فِيهِ مِنْ الشَّعْرِ.
(قَوْلُهُ: وَجَبَ غَسْلُهُ) أَيْ: وَكُلُّ مَنْبَتٍ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ شَعْرِهِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِ شَعْرِ لِحْيَةِ الذَّكَرِ الْكَثِيفَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ مَنْبَتِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ لَا ذَاكَ إلَخْ وَأَمَّا ظَاهِرُ ذَلِكَ الشَّعْرِ فَيَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَعَمَّ مِنْ نَازِلِ اللِّحْيَةِ وَجْهًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُفِيدُ وُجُوبَ غَسْلِ ظَاهِرِ
ــ
[حاشية الشربيني]
غَيْرُهُ فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَهُوَ أَنْ يَغْسِلَ مَا ظَهَرَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَمُنْتَهَى الذَّقَنِ إلَخْ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَمُرَادُهُمْ الْكَثِيفُ) أَيْ: مُرَادُ الْبَاقِينَ بِقَوْلِهِمْ لَا خِلَافَ أَنَّ غَسْلَ الشَّعْرِ الْخَارِجِ أَيْ تَعْمِيمُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ بِالْمَاءِ لَا يَجِبُ وَهَلْ يَجِبُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْكَثِيفُ الْخَارِجُ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ لَا الْخَفِيفُ الْخَارِجُ عَنْهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إذْ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا صَرَّحَ؛ بِأَنَّهُ يَكْتَفِي فِي الْخَفِيفِ بِالْإِفَاضَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى قَوْلِ الْوُجُوبِ أَيْ بَلْ الْقَوْلَانِ يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَا يَجِبُ ذَلِكَ هَذَا كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَالشَّارِحُ رحمه الله جَرَى عَلَى الْأَصَحِّ مِنْهُ اهـ.
ثُمَّ، إنَّك تَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي خُصُوصِ النَّازِلِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيمَا فِي حَدِّهِ، إنَّ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَوْ لَا يَجِبُ أَصْلًا، بَلْ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَغَسْلُ الْبَشَرَةِ تَحْتَهُ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: فِي الصَّحِيفَةِ الْآتِيَةِ وَشُعُورِ الْوَجْهِ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْعِرَاقِيِّ حَاصِلُهُ أَنَّ الْخَارِجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ خَفِيفَةٍ وَكَثِيفَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْكَثِيفُ اللِّحْيَةَ وَالْعَارِضَيْنِ وَالْعِذَارَيْنِ أَمْ غَيْرَهَا وَأَنَّ الدَّاخِلَ فِي حَدِّهِ يَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ مَا الْغَالِبُ فِيهِ الْخِفَّةُ وَمَا لَيْسَ الْغَالِبُ فِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ اللِّحْيَةُ وَالْعَارِضَانِ فَقَطْ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ اهـ.
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ ع ش مِمَّا سَيَأْتِي عَنْهُ بِالْهَامِشِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا ذَاكَ) أَيْ: الْمَنْبَتُ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمُوَاجِهَةَ تَحْصُلُ بِالشَّعْرِ فَتَجِبُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَلِأَنَّهُ بَاطِنٌ دُونَهُ حَائِلٌ مُعْتَادٌ فَهُوَ كَدَاخِلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ اهـ.
مِنْ الْمَجْمُوعِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي بَاطِنِ الشَّعْرِ وَيَضُمُّ لَهُ مَا مَرَّ مِنْ الْحَدِيثِ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ غَسْلٌ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا سَوَّيْنَا بَيْنَ الْخَفِيفِ وَالْكَثِيفِ فِي الْجَنَابَةِ وَأَوْجَبْنَا غَسْلَ مَا تَحْتَهُمَا فَكَذَا نُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الْوُضُوءِ فَلَا تَوْجِيهَ.
(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلٌ إلَخْ) أَيْ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَمَا هُوَ مَعْنَى الْغُسْلِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ بِخِلَافِ الْإِفَاضَةِ. اهـ. مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: وَغَسْلُ مَا عَدَا اللِّحْيَةَ) اُنْظُرْ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ ظَهَرَ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى الشَّعْرُ وَظَاهِرُهُ كُلُّهُ أَمَّا شُمُولُ صَدْرِ الْكَلَامِ لِلْخَارِجِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ تَدَبَّرْ
أَوْ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ مَنْبَتِ كَثِيفِ غَيْرِ اللِّحْيَةِ مِنْ الذَّكَرِ وَغَسْلُ مَا عَدَا اللِّحْيَةَ مِنْ شُعُورِ الْوَجْهِ وَإِنْ كَثُفَ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَنْبَتَ الْعَارِضِ كَمَنْبَتِ اللِّحْيَةِ وَشُعُورِ الْوَجْهِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّهِ وَكَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ كَهُدْبٍ وَشَارِبٍ وَجَبَ غَسْلُهَا وَإِنْ كَثُفَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ وَهِيَ اللِّحْيَةُ وَالْعَارِضُ، أَوْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهِ كَشَعْرِ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ وَالْعِذَارِ وَالسِّبَالِ وَجَبَ غَسْلُ خَفِيفِهَا وَاكْتَفَى بِالْإِفَاضَةِ عَلَى ظَاهِرِ كَثِيفِهَا فَلَوْ كَثُفَ بَعْضُ اللِّحْيَةِ مَثَلًا وَخَفَّ
ــ
[حاشية العبادي]
النَّازِلِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ دُونَ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْ اللِّحْيَةِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ وَعَمَّ مِنْ اللِّحْيَةِ النَّازِلَةِ وَجْهًا وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِ وَجْهِ جَمِيعِهَا حَتَّى مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْهَا لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ غَيْرِ النَّازِلَةِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ حُكْمَ وَجْهِهَا يُفْهَمُ مِنْ حُكْمِ وَجْهِ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ مِنْ النَّازِلَةِ وَأَمَّا مِنْ قَوْلِهِ بَيْنَ الرَّأْسِ وَانْتِهَاءِ الذَّقَنِ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ بَيْنَ ذَلِكَ يَشْمَلُ غَسْلَ مَا فِيهِ مِنْ الشَّعْرِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ فَهْمُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ وُجُوبِ غَسْلِ الْمَنْبَتِ وَقَدْ تَمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمَنْبَتَ أَصْلٌ مَتْبُوعٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِ الْأَصْلِ لِذَلِكَ وُجُوبُ غَسْلِ التَّابِعِ، بَلْ الْكَلَامُ فِي فَهْمِهِ بِالْمُسَاوَاةِ وَقَدْ تُوَجَّهُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ غَسْلُ الْمَنْبَتِ مَعَ اسْتِتَارِهِ وَعَسِرَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ فَوُجُوبُ غَسْلِ شَعْرِهِ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا عُسْرَ فِي إيصَالِ الْمَاءِ إلَيْهِ أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ ذَلِكَ شَامِلٌ لِلشَّعْرِ الْكَثِيفِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ وَفِي الْإِيصَالِ إلَى دَاخِلِهِ عُسْرٌ.
(قَوْلُهُ وَغَسْلُ مَا عَدَا اللِّحْيَةَ) بَقِيَّةُ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ غَسْلَ مَا ذُكِرَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلَوْلَا هَذَا مَا تَأَتَّى قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ غَسْلُ ظَاهِرِ مَا ذُكِرَ وَاجِبٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهِ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلٍ بَاطِنِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ) قَالَ فِي
ــ
[حاشية الشربيني]
الْبَاطِنَ اهـ.
مِنْ الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَثُفَ وَخَرَجَ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْحَاصِلُ الْمُعْتَمَدُ فِي الشُّعُورِ أَنْ يُقَالَ لِحْيَةُ الرَّجُلِ وَعَارِضَاهُ وَمَا خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ مُطْلَقًا يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ كَانَ خَفِيفًا وَظَاهِرًا فَقَطْ إنْ كَانَ كَثِيفًا وَمَا عَدَا ذَلِكَ يَجِبُ غَسْلُهُ مُطْلَقًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا خَفِيفًا وَكَثِيفًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَنْبَتَ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ مَنْبَتٍ كَثِيفٍ غَيْرِ اللِّحْيَةِ وَقَوْلُهُ: وَشُعُورُ الْوَجْهِ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَغَسْلُ مَا عَدَا اللِّحْيَةَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: الْعَارِضُ) هُوَ مَا انْحَطَّ مِنْ الْعِذَارِ إلَى اللِّحْيَةِ اهـ.
ع ش وَاللِّحْيَةُ الشَّعْرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ الَّتِي هِيَ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَكَانَتْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ إلَخْ) حَصَرَهَا صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ فِي الْحَاجِبِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةِ وَالْعِذَارِ وَاللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ لِلْمَرْأَةِ قَالَ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَخِفُّ فِي الْعَادَةِ وَإِنْ كَثُفَ لَمْ يَكُنْ إلَّا نَادِرًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمٌ اهـ.
أَيْ: لَا حُكْمَ لَهُ يُخَالِفُ حُكْمَ الْغَالِبِ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُهُ وَبَقِيَ لِحْيَةُ الْخُنْثَى وَأَهْدَابُ الْعَيْنِ وَشَعْرُ الْخَدِّ أَعْنِي الْعِذَارَ تَرَكَهَا لِظُهُورِهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: كَهُدْبٍ وَشَارِبٍ) أَيْ وَعَنْفَقَةٍ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَادِرَةَ الْكَثَافَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ عَنْ الْوَجْهِ.
(قَوْلُهُ كَشَعْرِ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ) أَشَارَ بِالْمِثَالَيْنِ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْخُرُوجِ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ طُولِهِ أَوْ عَرْضِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُ خَفِيفِهَا وَاكْتَفَى بِالْإِفَاضَةِ عَلَى ظَاهِرِ كَثِيفِهَا) قَدْ يُقَالُ لِمَ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِ الْكَثِيفِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ مَعَ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فِي أَصْلِهِ الَّذِي فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيفًا إلَّا أَنْ يُجَابَ؛ بِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ مَنَاطُ الْوُجُوبِ انْحَطَّ أَمْرُهُ فَسُومِحَ فِيهِ سم قُلْت قَوْلُهُ: فِي أَصْلِهِ إلَخْ صَرِيحُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْحَاجِبَ مَثَلًا إذَا طَالَ شَعْرُهُ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ وَكَثُفَ، فَالْقَدْرُ الْخَارِجُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ دُونَ بَاطِنِهِ وَمَا دَخَلَ مِنْهُ يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي حَدِّ الْوَجْهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَإِذَا خَرَجَ وَجَبَ غَسْلُ ظَاهِرِ الْكَثِيفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْسُولُ فِي حَدِّ الْوَجْهِ أَوْ خَارِجِهِ لِمَشَقَّةِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ مَا فِي حَدِّ الْوَجْهِ دُونَ مَا خَرَجَ فَلَمَّا كَانَ فِي التَّجْزِئَةِ مَشَقَّةٌ اكْتَفَى بِغَسْلِ الظَّاهِرِ مِنْ الْجَمِيعِ وَقَدْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ اهـ.
ع ش عَلَى م ر وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ حَيْثُ خُصَّ الْقَوْلُ بِالِاكْتِفَاءِ بِالْإِفَاضَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْكَثِيفِ بِخُصُوصِ الْخَارِجِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَاكْتَفَى بِالْإِفَاضَةِ عَلَى ظَاهِرِ كَثِيفِهَا) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا خَرَجَتْ اللِّحْيَةُ عَنْ حَدِّ الْوَجْهِ طُولًا أَوْ عَرْضًا أَوْ خَرَجَ شَعْرُ الْعِذَارِ أَوْ الْعَارِضِ أَوْ السِّبَالِ فَهَلْ يَجِبُ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى الْخَارِجِ فِيهِ قَوْلَانِ قِيلَ يَجِبُ وَقِيلَ لَا هَذَا فِي الْكَثِيفِ أَمَّا الْخَفِيفُ الْخَارِجُ فَقِيلَ يَجِبُ غَسْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قِيلَ لَا وَعِلَّةُ الضَّعِيفِ أَنَّهُ شَعْرٌ لَا يُلَاقِي فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ فَلَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلْفَرْضِ فَأَنْتَ تَرَى كَلَامَهُ فِي الْقَدْرِ الْخَارِجِ فَقَطْ أَمَّا غَيْرُهُ فَقُدِّمَ حُكْمُهُ وَهُوَ وُجُوبُ غَسْلِ نَادِرِ الْكَثَافَةِ وَإِذَا أُعْطِيَ الْخَفِيفُ وَالْكَثِيفُ حُكْمَهُ فِيمَا يَأْتِي فَهَذَا أَوْلَى، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ ع ش غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ.
(قَوْلُهُ: فَكَالْخَفِيفِ) أَيْ: يَجِبُ غَسْلُ كُلِّهِ ظَاهِرًا
بَعْضُهَا فَلِكُلٍّ مِنْهَا حُكْمُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ فَكَالْخَفِيفِ وَالْخَفِيفُ مَا تُرَى بَشَرَتُهُ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ وَقِيلَ مَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى مَنْبَتِهِ بِلَا مُبَالَغَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُرَجَّحُ بِأَنَّ الشَّارِبَ مِنْ الْخَفِيفِ وَالْغَالِبُ مَنْعُهُ الرُّؤْيَةَ وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا، أَوْ رَأْسَانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا.
(وَلَوْ) كَانَ غَسْلُ الْوَجْهِ (لِتَكْرَارٍ) بِأَنْ أَغْفَلَ لُمْعَةً بِضَمِّ اللَّامِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَانْغَسَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ الثَّالِثَةِ بِقَصْدِ التَّكْرَارِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ الْكُلَّ طَهَارَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَضِيَّةُ نِيَّتِهِ الْأُولَى كَمَالُ الْغَسْلَةِ الْأُولَى قَبْلَ غَيْرِهَا وَتَوَهُّمُهُ الْغُسْلَ عَنْ غَيْرِهَا لَا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ عَنْهَا كَمَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى نَاسِيًا فَإِنَّهَا تَتِمُّ بِسَجْدَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ تَوَهَّمَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَقُمْ سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ، أَوْ السَّهْوِ مَقَامَ سَجْدَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَمْ تَشْمَلْهَا بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ (وَ) لَوْ كَانَ غَسْلُهُ (لِلنِّسْيَانِ) بِأَنْ أَغْفَلَ لُمْعَةً فِي وُضُوئِهِ، ثُمَّ نَسِيَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَتَوَضَّأَ عَلَى أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ تَذَكَّرَ الْحَالَ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ بِنِيَّةِ الْوُجُوبِ (لَا) غَسْلِ اللُّمْعَةَ بِقَصْدِ (تَجْدِيدِهِ) الْوُضُوءَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءٌ مُسْتَقِلٌّ بِنِيَّةٍ لَمْ تَتَوَجَّهْ لِرَفْعِ الْحَدَثِ أَصْلًا (وَلَا) بِقَصْدِ (احْتِيَاطٍ) بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ وَضُوئِهِ فِي حَدَثِهِ فَتَوَضَّأَ احْتِيَاطًا، ثُمَّ (انْجَلَا) لَهُ الْحَدَثُ أَيْ انْكَشَفَ فَلَا يَصِحُّ لِلتَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ بِلَا ضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ قَضَى فَائِتَةَ الظُّهْرِ شَاكًّا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا
ــ
[حاشية العبادي]
شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنْ كَانَ الْكَثِيفُ مُتَفَرِّقًا بَيْنَ أَجْزَاءِ الْخَفِيفِ اهـ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ مُجَرَّدُ التَّفَرُّقِ الْمَذْكُورِ لَا يَقْتَضِي إلْحَاقَ الْكَثِيفِ بِالْخَفِيفِ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ أَمْكَنَ إفْرَادُ الْكَثِيفِ بِغَسْلِ الظَّاهِرِ وَالْخَفِيفِ بِغَسْلِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُ بَاطِنِ الْكَثِيفِ، وَإِلَّا وَجَبَ وَعَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يُحْمَلُ رَدُّ النَّوَوِيِّ لِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ وَقَوْلُهُ: إنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا قَالَهُ أَيْ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِأَنَّ إفْرَادَ الْكَثِيفِ بِالْغَسْلِ يَشُقُّ وَإِمْرَارَ الْمَاءِ عَلَى الْخَفِيفِ لَا يَجْزِي دَلَالَةً اهـ.
فَتَأَمَّلْهُ سم.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ إلَى قَوْلِهِ بَعْضُ أَحَدِهِمَا) لَمْ يُفَصِّلْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيْنَ الْأَصْلِيِّ وَالزَّائِدِ الْمُتَمَيِّزِ أَوْ الْمُشْتَبَهِ وَلِلْفَرْقِ اتِّجَاهٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِقَصْدِ احْتِيَاطٍ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ اللُّمْعَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّهُ إذَا انْجَلَى الْحَدَثُ فَلَا لُمْعَةَ بِرّ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ انْجَلَى لَهُ الْحَدَثُ) فَلَوْ انْجَلَتْ الطَّهَارَةُ فَهَلْ يَقَعُ تَجْدِيدًا.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَضَى فَائِتَةَ الظُّهْرِ شَاكًّا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي يَتَلَخَّصُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ لِلشَّاكِّ فِي الْفَائِتَةِ حَالَتَيْنِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَبَاطِنًا اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا تُرَى بَشَرَتُهُ إلَخْ) قِيلَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّارِبَ مَثَلًا لَا يَكُونُ إلَّا كَثِيفًا لِتَعَذُّرِ رُؤْيَةِ الْبَشَرَةِ مِنْ خِلَالِهِ غَالِبًا إنْ لَمْ يَكُنْ دَائِمًا مَعَ تَصْرِيحِهِمْ فِيهِ؛ بِأَنَّهُ مِمَّا تَنْدُرُ فِيهِ الْكَثَافَةُ وَرُدَّ؛ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ جِنْسَ تِلْكَ الشُّعُورِ الْخِفَّةُ فِيهِ غَالِبَةٌ بِخِلَافِ جِنْسِ اللِّحْيَةِ وَالْعَارِضِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُرَجِّحُ إلَخْ) يُجَابُ؛ بِأَنَّ كَوْنَ الشَّارِبِ مِنْ الْخَفِيفِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ إذْ كَثِيفُهُ كَخَفِيفِهِ حُكْمًا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِّ، فَالْوَجْهُ فِيهِ هُوَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْمُبَالَغَةِ. اهـ. حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ وَقَوْلُهُ: إذْ كَثِيفُهُ إلَخْ فِيهِ أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ فَلِمَ خَصُّوهُ فَهَذَا يُضْعِفُ الْجَوَابَ سم.
(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُهُمَا إلَخْ) لِوُقُوعِ الْمُوَاجِهَةِ بِهِمَا اهـ. .
(قَوْلُهُ وَجَبَ غَسْلُهُمَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْوَجْهِ غَسْلُ جَمِيعِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ مَا يُسَمَّى وَجْهًا وَفِي الرَّأْسِ بَعْضُ مَا يُسَمَّى رَأْسًا وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِبَعْضِ أَحَدِهِمَا وَقِيلَ يَجِبُ مَسْحُهُمَا وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَفَى إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مَسْحُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: بِقَصْدِ التَّكْرَارِ) أَيْ: النَّفْلِيَّةِ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُلَّ طَهَارَةٌ وَاحِدَةٌ) وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى النِّيَّةِ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُلَّ) أَيْ الْغَسَلَاتِ الثَّلَاثَ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ إلَخْ) أَيْ: فَتَلْغُو نِيَّةُ النَّفْلِيَّةِ اهـ. .
(قَوْلُهُ لَمْ تَشْمَلْهَا بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ) بَلْ بِوَاسِطَةِ السَّهْوِ أَوْ التِّلَاوَةِ اهـ.
أَيْ: وَهُمَا قَدْ يُوجَدَانِ وَقَدْ لَا يُوجَدَانِ بِخِلَافِ جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، فَإِنَّهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ زَائِدَةٍ عَلَى رَكْعَةٍ اهـ.
شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِقَصْدِ احْتِيَاطٍ) لَيْسَ رَاجِعًا لِمَسْأَلَةِ اللُّمْعَةِ بَلْ مَسْأَلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ كَمَا ذَكَرَهَا فِي الْمَجْمُوعِ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِقَصْدِ احْتِيَاطٍ) وَهَذَا الْوُضُوءُ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّهُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْوَاقِعِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَنَا اهـ مِنْ الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ وَلَا بِقَصْدِ احْتِيَاطٍ) يُمْكِنُ أَنَّ الْمَعْنَى وَلَا غَسْلِ اللُّمْعَةِ بِقَصْدِ احْتِيَاطٍ؛ بِأَنْ كَانَ جُنُبًا تَوَضَّأَ وَتَرَكَ لُمْعَةً، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ جَنَابَتَهُ فَاغْتَسَلَ احْتِيَاطًا ثُمَّ تَبَيَّنَ جَنَابَتُهُ، فَإِنَّ غَسْلَهُ هَذَا لَا يَرْفَعُ حَدَثَ اللُّمْعَةِ، لَكِنَّهُ لَا يُوَافِقُ الشَّارِحَ اهـ. .
(قَوْلُهُ فَتَوَضَّأَ احْتِيَاطًا) وَيَصِحُّ وُضُوءُهُ لِلضَّرُورَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ مُحْدِثًا ارْتَفَعَ لِلضَّرُورَةِ اهـ.
شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ) هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَقِيلَ يَصِحُّ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ صَادَفَتْ حَدَثًا فَرَفَعَتْهُ اهـ.
مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: شَاكًّا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ هُوَ
عَلَيْهِ لَا يَكْفِيهِ.
وَإِنَّمَا صَحَّ وُضُوءُ الشَّاكِّ فِي طُهْرِهِ بَعْدَ تَيَقُّنِ حَدَثِهِ مَعَ التَّرَدُّدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ بَلْ لَوْ نَوَى فِي هَذِهِ إنْ كَانَ مُحْدِثًا فَعَنْ حَدَثِهِ وَإِلَّا فَتَجْدِيدٌ صَحَّ أَيْضًا وَإِنْ تَذَكَّرَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ وَفِيهِ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الْقِرَاءَةَ إنْ كَفَتْ وَإِلَّا فَالصَّلَاةَ فَفِي الْبَحْرِ يُحْمَلُ صِحَّتُهُ كَمَا لَوْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَعَنْ الْحَاضِرِ، وَلَوْ نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ بِمَحِلٍّ نَجَسٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ انْتَهَى وَيَنْبَغِي فِي الْمَقِيسَةِ بِالزَّكَاةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ أَيْضًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَالزَّكَاةُ مَالِيَّةٌ وَالْبَدَنِيَّةُ أَضْيَقُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ بِخِلَافِ الْمَالِيَّةِ وَخَرَجَ بِانْجَلَا الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي مَا إذَا لَمْ يَنْجَلِ فَإِنَّهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ يَصِحُّ الْوُضُوءُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ فَصَلَّاهُنَّ كَفَى بِنِيَّةٍ لَا يَكْفِي مِثْلُهَا حَالَةَ الِانْكِشَافِ قَالَ فَلَوْ عَلِمَ الْمَنْسِيَّةَ احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ كَمَسْأَلَةِ الِاحْتِيَاطِ وَأَنْ يُقْطَعَ بِالِاكْتِفَاءِ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَفِعْلُهَا بِنِيَّةِ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ فَلَا يُؤَدِّي الْفَرْضَ وَهَذَا أَظْهَرُ انْتَهَى وَبِهَذَا جَزَمَ الرُّويَانِيُّ.
وَمَسْأَلَةُ التَّكْرَارِ وَمَا بَعْدَهَا تَجْرِي فِي غَيْرِ غَسْلِ الْوَجْهِ وَفِي الْغُسْلِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَيْضًا (وَسُنَّ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ (غَسْلُ مَوْضِعِ التَّحْذِيفِ) وَهُوَ مَنْبَتُ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
إحْدَاهُمَا أَنْ يَشُكَّ فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا وَالثَّانِيَةَ أَنْ يَشُكَّ فِي أَنَّهُ هَلْ فَعَلَهَا أَوْ لَا فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا وَقَضِيَّةُ لُزُومِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَضَاهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا عَلَيْهِ كَفَتْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْفَرْقِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ قَالَ فَلَوْ عَلِمَ الْمَنْسِيَّةَ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِتَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ شَاكًّا فِي أَنَّهَا عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ كَفَتْهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوُضُوءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَذَكَّرَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقَعُ تَجْدِيدًا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ يُفْهَمُ قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ نَوَى إلَخْ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ الْحَدَثِ لَمْ يَقَعْ تَجْدِيدًا، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَالِيَّةِ) عَلَى أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ رَدَّدَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِنِيَّةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ التِّلَاوَةَ لَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ فَلَا جَامِعَ يَظْهَرُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ بَيْنَ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَرُبَّمَا يُقَالُ بَيْنَ الصُّدْغِ وَالنَّزْعَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ؛ لِأَنَّ الصُّدْغَ وَالْعِذَارَ مُتَلَاصِقَانِ اهـ.
كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ قُلْت وَفِي عَدَمِ اخْتِلَافِ الْمَعْنَى نَظَرٌ وَاضِحٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالصُّدْغِ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ أَسْفَلَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجُزْءَ الْمُلَاصِقَ لِوَتَدِ الْأُذُنِ دَاخِلٌ فِي الْبَيْنِيَّةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَحْمُولٌ عَلَى شَكٍّ لَيْسَ مَعَهُ أَصْلُ اسْتِصْحَابِ شُغْلِ الذِّمَّةِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ حَيْثُ جَعَلَهُ نَظِيرًا لِمَا إذَا تَيَقَّنَ الطُّهْرَ وَشَكَّ فِي رَافِعِهِ أَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى أَوْ لَا فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا كَمُحْدِثٍ شَكَّ هَلْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا اهـ.
أَيْ: لِأَنَّ مَعَهُ اسْتِصْحَابَ شَغْلِ الذِّمَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ) فَلَوْ جَزَمَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ صَحَّ كَمَا هُوَ الَّذِي قَبْلَ بَلْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ غَيْرُ مَا إذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ بَعْدَ تَيَقُّنِ الطُّهْرِ الَّتِي هِيَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْأَصْلُ بَقَاءُ الطُّهْرِ فَلَا ضَرُورَةَ لِلْوُضُوءِ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَدَثِ فَيَتَرَجَّحُ بِهِ أَحَدُ جَانِبَيْ التَّرَدُّدِ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ أَيْضًا) لِاسْتِنَادِهِ لِأَصْلِ بَقَاءِ الْحَدَثِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ هَذَا وُضُوءَ احْتِيَاطٍ وَإِنْ كَانَ مُتَرَدَّدُ الْمَنْعِ الصَّلَاةَ بِدُونِهِ اهـ.
شَرْحُ عُبَابٍ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ وَلَوْ نَوَى إلَخْ) عِبَارَتُهُ عَنْ الرُّويَانِيِّ لَوْ نَوَى الْوُضُوءَ لِلتِّلَاوَةِ إنْ صَحَّ الْوُضُوءُ لَهَا، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَلِلصَّلَاةِ صِحَّتُهُ كَالزَّكَاةِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَفَتْ وَإِلَّا، فَالصَّلَاةُ فَفِي الْبَحْرِ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَإِنْ نَوَى الطَّهَارَةَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهَارَةُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ يُسْتَبَاحُ مِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ فَأَشْبَهَ مَا إذَا تَوَضَّأَ لِلُبْسِ الثَّوْبِ اهـ وَالثَّانِي يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ مُحْدِثٌ اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِهِ الْمَجْمُوعَ وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَصَحَّحَ جَمَاعَةٌ الصِّحَّةَ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ لِمَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهَارَةُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ نَوَى إلَخْ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ الَّذِي يُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّهُ فِي الزَّكَاةِ رَدَّدَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِنِيَّةٍ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ التِّلَاوَةَ لَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ فَلَا جَامِعَ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ وَفِي هَذَا الْمِثَالِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ أَنَّهُ يَقْتَضِي الْخَمْسَ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَعِنْدَ هَذَا لَوْ انْكَشَفَ الْحَالُ لَمْ يُعِدْهَا فِيمَا نَظُنُّهُ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَهَا اُعْتُمِدَتْ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ وَلَا جَرَمَ جَزَمَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ؛ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ اسْتِصْحَابًا بِالْحَالِ الطَّهَارَةَ، لَكِنَّهُ قَالَ قِيَاسُ مَذْهَبِ الْمُزَنِيّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الصَّوْمِ الصِّحَّةُ هَهُنَا اهـ.
وَوَافَقَ الزَّرْكَشِيُّ ابْنَ الرِّفْعَةِ حَيْثُ قَالَ لَا وَجْهَ لِقِيَاسِ مَا هُنَا عَلَى الصَّلَاةِ لِتَحَقُّقِ شَغْلِ الذِّمَّةِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ فَهُوَ جَازِمٌ بِقَصْدِ الْبَرَاءَةِ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ تَكْلِيفَهُ أَنْ يُحْدِثَ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ، فِيهِ مَشَقَّةٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَأُجِيزَ لَهُ الْوُضُوءُ مَعَ الشَّكِّ لِدَفْعِ تِلْكَ الْمَشَقَّةِ مَعَ صِحَّتِهِ وَصِحَّةِ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ تَبَيُّنِ الْحَالِ فَمِنْ حَيْثُ الشَّكُّ، كِلَا الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ وَشَغْلُ الذِّمَّةِ وَعَدَمُهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي رَفْعِ الشَّكِّ وَقْتَ النِّيَّةِ، نَعَمْ لَهُ دَخْلٌ فِي الْبَرَاءَةِ وَقَدْ قُلْنَا بِهَا كَمَا فِي الشَّرْحِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَفَى بِنِيَّةِ إلَخْ) أَيْ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْخَمْسَ وَيُجْزِئُهُ بِنِيَّةٍ لَا يُجْزِئُ مِثْلُهَا حَالَ الِانْكِشَافِ فَكَذَلِكَ هُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ: فِي مَوْضِعِ التَّحْذِيفِ وَالنَّزَعَتَيْنِ أَمَّا مَوْضِعُ الصَّلَعِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ ابْتِدَاءِ الْعِذَارِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ غَسْلُ الصُّدْغَيْنِ أَيْضًا لِدُخُولِهِمَا فِي ذَلِكَ كَمَا فِي
تَعْتَادُ النِّسَاءُ وَالْأَشْرَافُ تَنْحِيَةَ شَعْرِهِ لِيَتَّسِعَ الْوَجْهُ (وَ) مَوْضِعُ (صَلَعٍ) وَهُوَ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ (وَجَنْبَيْ الْمَوْصُوفِ) أَيْ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الصَّلَعُ وَجَنْبَاهُ النَّزْعَتَانِ وَهُمَا بَيَاضَانِ يَكْتَنِفَانِ النَّاصِيَةَ وَالتَّصْرِيحُ بِسُنِّيَّةِ غَسْلِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْوَجْهِ لِدُخُولِهَا فِي تَدْوِيرِ الرَّأْسِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَيَبْدَأَ بِأَعْلَى وَجْهِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَأَعْلَاهُ أَشْرَفُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ السُّجُودِ الْفَرْضُ الثَّانِي النِّيَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5] وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ وَالْأَمْرُ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ عِبَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ مَحْضَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّيَّةُ كَالصَّلَاةِ فَخَرَجَ بِالْعِبَادَةِ الْأَكْلُ وَنَحْوُهُ وَبِالْفِعْلِيَّةِ الْأَذَانُ وَالْخُطْبَةُ وَنَحْوُهُمَا وَبِالْمَحْضَةِ الْعِدَّةُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَنَحْوُهُمَا.
وَالْكَلَامُ عَلَى النِّيَّةِ مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ حَقِيقَتُهَا وَحُكْمُهَا وَمَحَلُّهَا وَالْمَقْصُودُ بِهَا وَشَرْطُهَا وَوَقْتُهَا وَكَيْفِيَّتُهَا فَحَقِيقَتُهَا لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا قَصْدُ الشَّيْءِ مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ وَالْمُتَقَدِّمُ عَزْمٌ إذْ الْقَصْدُ النَّشَاطُ حَالَ الْإِيجَادِ وَالْعَزْمُ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَيَقْبَلُ الشِّدَّةَ وَالضَّعْفَ بِخِلَافِ الْقَصْدِ وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ كَمَا عُلِمَ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ
ــ
[حاشية العبادي]
عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَالْإِخْلَاصُ النِّيَّةُ) فِيهِ شَيْءٌ مَعَ لَهُ
(قَوْلُهُ مُقْتَرِنًا) اعْتِبَارُ الِاقْتِرَانِ فِي الْحَقِيقَةِ يُشْكِلُ بِنَحْوِ الصَّوْمِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي مُقَوِّمَاتٍ وَالْحَقِيقَةُ مِمَّا لَا يَعْنِي لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا اسْمًا اُعْتُبِرَ فِيهِ لَازِمٌ غَالِبِيٌّ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ حَقِيقَتُهَا لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ أَوْ يَلْتَزِمُ أَنَّ السَّابِقَ فِي الصَّوْمِ لَيْسَ بِنِيَّةٍ، بَلْ هُوَ عَزْمٌ اكْتَفَى بِهِ لِضَرُورَةٍ سم.
(قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا) أَيْ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ الصَّوْمُ.
(قَوْلُهُ: قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ) يُفْهَمُ أَنَّهُ قَدْ يُقَارِنُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْمُقَارِنَ يَتَعَلَّقُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْ الْأَجْزَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا الْوُجُوبُ) قَدْ يَرِدُ أَنَّ النِّيَّةَ قَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً لَا يُقَالُ كَلَامُهُ فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ صَرِيحُ سِيَاقِهِ يَرُدُّ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ الْآتِي كَأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْوُجُوبُ غَالِبًا سم
ــ
[حاشية الشربيني]
الْإِيعَابِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ عِبَارَةَ الْحَاوِي تُفِيدُ السُّنِّيَّةَ لَا عَلَى وَجْهِ التَّصْرِيحِ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ مَا بَيْنَ الرَّأْسِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ لَا غَسْلُ مَوْضِعِ التَّحْذِيفِ وَالصَّلَعِ وَجَانِبَيْهِ فَنَفَى عَنْ ذَلِكَ الْفَرْضِيَّةَ فَقَطْ اهـ فَيُفِدْ سَنَّ غَسْلِهِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَمْكَنُ) أَيْ: الْأَخْذُ بِالْيَدَيْنِ وَالْبُدَاءَةُ بِالْأَعْلَى أَمْكَنُ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَاءِ فَيَكُونُ أَسْبَغَ وَفِي جَرَيَانِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي حِينَئِذٍ بِطَبْعِهِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا إلَخْ) قَدَّرَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ الْأَعْمَالِ لِأَنَّ الصِّحَّةَ أَلْزَمُ لِلْحَقِيقَةِ مِنْ الْكَمَالِ وَمَا كَانَ أَلْزَمَ كَانَ أَقْرَبَ خُطُورًا بِالْبَالِ عِنْدَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ فَكَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ لِمُوَافَقَتِهِ ظَاهِرَ اللَّفْظِ لَا يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ خَارِجٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ قَدَّرَ الْكَمَالَ خَصَّهُ بِالْوَسَائِلِ إذْ لَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي الْمَقَاصِدِ فَيَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ لِإِخْرَاجِ الْوَسَائِلِ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْأَعْمَالُ الْمُعْتَدُّ بِهَا شَرْعًا) وَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لِأَخْذِهِ مِنْ لَامِ الْعَهْدِ بِلَا تَقْدِيرِ شَيْءٍ أَجْنَبِيٍّ وَأَفَادَ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» وُجُوبَ تَعْيِينِ الْمَنْوِيِّ فَهُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ قَالَهُ الْخَطَّابِيِّ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ لَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْيِينُ إلَّا أَنْ يُقَالَ، إنَّ إطْلَاقَهُ وَعَدَمَ تَعْيِينِهِ تَعْيِينٌ لَهُ لِانْصِرَافِ النَّفْلِ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَدْ عَلَّلُوا بِذَلِكَ عَدَمَ احْتِيَاجِهِ لِلتَّعْيِينِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: الْعِدَّةُ إلَخْ) لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَيْسَتْ عِبَادَةً مَحْضَةً إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا غَالِبًا مَعْرِفَةُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً مَحْضَةً بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الصِّيَانَةُ عَنْ الْعُيُونِ وَلِهَذَا يَجِبُ سَتْرُ عَوْرَةِ مَنْ لَيْسَ مُكَلَّفًا وَلَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ كَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ سَتْرُ عَوْرَتِهِ اهـ.
مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: الْعِدَّةُ) يَقْتَضِي أَنَّهَا فِعْلِيَّةٌ غَيْرُ مَحْضَةٍ وَفِيهِ أَنَّهَا مُدَّةَ التَّرَبُّصِ وَتَرَكَهَا حَجَرٌ وَاقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْمُهَذَّبِ هَكَذَا وَأَمَّا الطَّهَارَةُ عَنْ الْحَدَثِ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ طَرِيقُهَا الْأَفْعَالُ فَلَمْ تَصِحَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ كَالصَّلَاةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاحْتُرِزَ بِالْمَحْضَةِ عَنْ الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: طَرِيقُهَا الْأَفْعَالُ وَاحْتِرَازٌ عَنْ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ اهـ.
وَالشَّارِحُ رحمه الله قَدَّمَ وَأَخَّرَ إلَّا أَنْ تُفَسَّرَ الْعِدَّةُ بِالتَّرَبُّصِ وَالِانْتِظَارِ وَهُوَ فِعْلٌ بَلْ قَدْ يُقَالُ، إنَّ هَذَا لَازِمٌ إذْ لَيْسَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الْعِبَادَةِ فِي شَيْءٍ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: مُقْتَرِنًا بِفِعْلِهِ) وَذَلِكَ الشَّيْءُ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْمُكَلَّفُ بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ النَّشَاطُ حَالَ الْإِيجَادِ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَمِنْ ثَمَّ اشْتَرَطَ هُنَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ فِعْلِهَا وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي إحْضَارُ نَفْسِ الْقَصْدِ فِي نِيَّةِ نَحْوِ الْوُضُوءِ وَالطَّهَارَةِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ) ؛ لِأَنَّهَا إرَادَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَهِيَ كَالْعِلْمِ وَالظَّنِّ أَعْمَالٌ قَائِمَةٌ بِالنَّفْسِ الْمُرَادِفَةِ لِلرُّوحِ وَالْعَقْلِ عِنْدَ طَائِفَةٍ وَهُوَ فِي
وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِمَا قِيلَ مِنْ وُجُوبِ اللَّفْظِ أَيْضًا فِي الصَّلَاةِ لِعِظَمِهَا وَمِنْ الِاكْتِفَاءِ بِاللَّفْظِ فِي الزَّكَاةِ لِشَبَهِهَا بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْكُلِّ الْقَلْبُ نَعَمْ التَّلَفُّظُ مَنْدُوبٌ، وَلَوْ جَرَى بِلِسَانِهِ حَدَثٌ، أَوْ تَبَرَّدَ وَفِي قَلْبِهِ خِلَافُهُ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِي الْقَلْبِ وَالْمَقْصُودُ بِهَا تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ، أَوْ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا، وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي وَتَمْيِيزُهُ وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ وَعَدَمِ إتْيَانِهِ بِمَا يُنَافِيهَا بِأَنْ يَسْتَصْحِبَهَا حُكْمًا، وَوَقْتُهَا أَوَّلَ الْفُرُوضِ كَأَوَّلِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا لِوُجُودِ مُسَمَّى الْغُسْلِ بِخِلَافِ مُقَارَنَتِهَا لِبَعْضِ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ التَّكْبِيرِ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ فِي الصَّوْمِ لِعُسْرِ مُرَاقَبَةِ الْفَجْرِ وَتَطْبِيقِ النِّيَّةِ عَلَيْهِ.
وَكَيْفِيَّتُهَا تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَبْوَابِ وَقَدْ ذَكَرَ النَّاظِمُ وُجُوبَهَا وَوَقْتَهَا وَكَيْفِيَّتَهَا فَقَالَ (مَقْرُونَةً) بِنَصْبِهِ حَالًا، أَيْ: فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْوَجْهِ حَالَةَ كَوْنِهِ مَقْرُونًا بِأَوَّلِ (نِيَّةُ رَفْعِهِ الْحَدَثْ) أَيْ يَرْفَعُ حُكْمَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ تَمْيِيزُ رُتَبِهَا) أَيْ: بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ.
(قَوْلُهُ: الْمُقَارَنَةُ فِي الصَّوْمِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجَوِّزْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لِعُسْرِهَا مَظِنَّةُ الْخَطَأِ بِالتَّأْخِيرِ وَالتَّقْدِيمِ فَأَوْجَبُوا التَّقْدِيمَ احْتِيَاطًا.
(قَوْلُهُ: أَيْ: رُفِعَ حُكْمُهُ) وَعَلَى هَذَا، فَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُ الضَّرُورَةِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ لِانْصِرَافِ الْحَدَثِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الرَّفْعِ الْمُطْلَقِ أَيْ: الَّذِي لَا يَتَقَيَّدُ بِفَرْضٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ نَوَى ذُو الضَّرُورَةِ رَفْعَ الْحَدَثِ بِمَعْنَى رَفْعِ الْمَنْعِ عَنْ فَرْضٍ وَاحِدٍ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ هَذَا التَّأْوِيلُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا أُرِيدَ بِالْحَدَثِ الْأَسْبَابُ بِخِلَافِ مَا إذْ أُرِيدَ بِهِ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ أَوْ الْمَنْعُ فَتَأَمَّلْ حِينَئِذٍ مَا الدَّاعِي إلَيْهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّاعِيَ إلَيْهِ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ كَقَوْلِهِ أَوْ مَا سِوَى إحْدَاثِهِ إلَخْ إذْ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمُعْتَمَدِ وَالْغَلَطِ لَا يَتَأَتَّى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ وَلَا الْمَنْعِ إذْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ أَسْبَابِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إرَادَةُ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ دُونَ مَا عَلَيْهِ إلَّا بِاعْتِبَارِ أَسْبَابِهِ نَعَمْ يُمْكِنُ الْتِزَامُ الثَّانِي الْمَذْكُورِ لَكِنْ بِتَكَلُّفٍ بِأَنْ يَنْوِيَ الْأَمْرَ الِاعْتِبَارِيَّ أَوْ الْمَنْعَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْمَسِّ دُونَ اللَّمْسِ مَثَلًا وَكَقَوْلِهِ كَاللَّمْسِ وَالْمَسِّ تَمْثِيلًا لِبَعْضِ الْأَحْدَاثِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْأَسْبَابِ إلَّا أَنَّ تَقْدِيرَ الشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا التَّمْثِيلِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَيَانَ حَاصِلِ الْمَعْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
الْقَلْبِ عِنْدَنَا فَكَذَا مُرَادِفُهُ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ) أَيْ: ذَكَرَ أَنَّ الْوَاجِبَ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَكُونُ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّهَا رَدًّا لِمَا قِيلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ) هُوَ وَجْهٌ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ غَلَطٌ.
(قَوْلُهُ: لِشَبَهِهَا؛ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ) وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ النِّيَّةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ نَاجِزَةٌ وَصُورَتُهُ كَافِيَةٌ فِي حُصُولِهِ كَرَدِّ الْمَغْصُوبِ وَلِذَا لَا تَجِبُ فِي لَفْظٍ صَرِيحٍ فِي مَعْنَاهُ وَلَا تَجِبُ فِي تَرْكٍ إلَّا لِحُصُولِ الثَّوَابِ وَلَا فِي عِبَادَةٍ لَا تَلْتَبِسُ بِعَادَةٍ وَلَا تَتَنَوَّعُ كَالْإِيمَانِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَكَذَا النِّيَّةُ نَفْسُهَا لِانْصِرَافِهَا بِصُورَتِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِنَفْسِهَا كَاَلَّذِي قَبْلَهَا وَيَقَعُ الثَّوَابُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا وَاحِدَةً وَمَعَ الْفِعْلِ عَشْرًا لِفَضْلِ الْمَقَاصِدِ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: تَمْيِيزُ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْفِعْلَ إنْ وَقَعَ مِثْلُهُ عَادَةً كَانَتْ النِّيَّةُ فِيهِ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ كَذَلِكَ كَانَتْ لِتَمْيِيزِ رُتْبَتِهَا مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَأَدَاءٍ وَقَضَاءٍ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الْوَقْتُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْقَرَائِنَ الْحَالِيَّةَ وَالزَّمَانِيَّةَ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّاتِ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا إسْلَامُ النَّاوِي) هَذَا شَرْطٌ فِي حَقِّ اللَّهِ فَلَا يُنَافِي صِحَّةَ نِيَّةِ الذِّمِّيَّةِ الطَّهَارَةَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَهُوَ حِلُّ الْوَطْءِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ إذَا أَسْلَمَتْ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ) لَا يَكْفِي عَنْ التَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا يُكْتَفَى فِيهَا بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ وَلِتَأَخُّرِهِ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: وَعِلْمُهُ بِالْمَنْوِيِّ) ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِالشَّيْءِ يَسْتَحِيلُ مِنْهُ قَصْدُهُ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ إتْيَانِهِ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ لِدَوَامِهَا.
(قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْفُرُوضِ) أَيْ: أَوَّلَ وَاجِبٍ فِي تَحْصِيلِ الْمَفْعُولِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَفْعُولُ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُقَارَنَتِهَا لِبَعْضِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ مِنْ طَرَفِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ اسْتِدَامَةِ ذِكْرِ النِّيَّةِ مِنْ أَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ إلَى آخِرِهَا، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كِفَايَةُ مُقَارَنَتِهَا لِبَعْضِ التَّكْبِيرَةِ سَوَاءٌ الْأَوَّلُ وَالْوَسَطُ وَالْآخِرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الْمُقَارَنَةَ فِي الصَّوْمِ) بَلْ لَا يَجُوزُ الْمُقَارَنَةُ فِيهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُحَشِّي قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَعَدَمُ الْجَوَازِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ وَأَمَّا عَدَمُ الْوُجُوبِ فَقَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِهِ وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا دَخَلَ فِيهِ الشَّخْصُ بِفِعْلِهِ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الْمُقَارَنَةُ كَالصَّلَاةِ وَمَا دَخَلَ فِيهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَالصَّوْمِ إذْ لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ نَائِمٌ صَحَّ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ وَأُلْحِقَ بِهِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالْأُضْحِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَقَعُ بِالنِّيَابَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّتُهَا) أَيْ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ قَوْلِهِ نِيَّةُ رَفْعِهِ الْحَدَثَ أَوْ فَرَّقَ أَوْ غَيْر النَّفْي اهـ.
(قَوْلُهُ: نِيَّةُ رَفْعِهِ الْحَدَثَ) وَرَفْعُهُ إنَّمَا هُوَ بِعَمَلِهِ فَهُوَ مَنْوِيٌّ فَلَا يَرُدُّ مَا أَوْرَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الرَّفْعَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ لَا يُنْوَى وَإِنَّمَا يُنْوَى الْعَمَلُ كَالْوُضُوءِ وَأَجَابَ وَلَدُهُ الْجَلَالُ؛ بِأَنَّ مُقَارَنَةَ هَذِهِ النِّيَّةِ لِلْعَمَلِ دَالَّةٌ عَلَى قَصْدِ عَمَلِ الرَّفْعِ، لَكِنَّ الْبُلْقِينِيَّ، إنَّمَا أَوْرَدَهُ عَلَى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَمَا هُنَا نِيَّةُ رَفْعِهِ الْحَدَثَ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِقَيْدٍ.
(قَوْلُهُ: أَيْ رَفْعُ حُكْمِهِ) أَيْ: أَنَّهُ مُنَزَّلٌ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ النَّاوِي وَلَا لَاحَظَهُ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْأَسْبَابِ وَبَقَاءَهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهِ ارْتِفَاعُ حُكْمِهَا وَيَنْصَرِفُ لِلرَّفْعِ الْعَامِّ كَمَا سَيَأْتِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ
كَحُرْمَةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْوُضُوءِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ (أَوْ) نِيَّةِ رَفْعِهِ (مَا سِوَى إحْدَاثِهِ لَا عَنْ عَبَثْ بَلْ غَلَطًا) إذْ التَّعَرُّضُ لِسَبَبِ الْحَدَثِ لَا يَجِبُ فَلَا يَضُرُّ الْغَلَطَ فِيهِ أَمَّا لَوْ نَوَاهُ عَبَثًا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ، وَضَابِطُ مَا يَضُرُّ فِيهِ الْخَطَأُ وَمَا لَا يَضُرُّ أَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَالْخَطَأِ هُنَا وَفِي تَعْيِينِ الْمَأْمُومِ وَمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ تَفْصِيلًا، أَوْ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَالْخَطَأِ مِنْ الصَّوْمِ لِلصَّلَاةِ وَعَكْسِهِ وَكَالْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ وَالْكَفَّارَةِ (أَوْ) نِيَّةِ رَفْعِهِ (بَعْضَهَا) أَيْ بَعْضِ إحْدَاثِهِ كَالْمِثَالِ الَّذِي زَادَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْمَسِّ) أَيْ كَنِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِ الْمَسِّ (مِنْ مُحْدِثٍ بِمَسِّهِ) لِفَرْجٍ (وَاللَّمْسِ) أَيْ وَبِلَمْسِهِ لِامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ارْتَفَعَ كُلُّهُ وَعُورِضَ بِمِثْلِهِ.
وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ لَا تَرْتَفِعُ وَإِنَّمَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهَا وَهُوَ وَاحِدٌ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابُهُ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: فَإِذَا نَوَاهُ) أَيْ رَفْعَ مَانِعِ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لِلْمَقْصُودِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ الْغَلَطُ فِيهِ) اُسْتُشْكِلَ بَابُ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ أَيْ وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَاعْتَذَرَ عَنْ خُرُوجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْقَاعِدَةِ بِأَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَتْ لِلْقُرْبَةِ، بَلْ لِلتَّمْيِيزِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الرَّافِعِيُّ بِخِلَافِهِ فِي الصُّوَرِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي قَالُوا فِيهَا يَضُرُّ الْخَطَأُ كَتَعْيِينِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَنَّ الْأَحْدَاثَ، وَإِنْ تَعَدَّدْ أَسْبَابُهَا فَالْمَقْصُودُ وَاحِدٌ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا أَثَرَ لِأَسْبَابِهَا مِنْ نَوْمٍ وَغَيْرِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ سَمَّى بَعْضَ الْأَحْدَاثِ ارْتَفَعَتْ كُلُّهَا فَالْمَأْتِيُّ بِهِ يَصْلُحُ لِلْكُلِّ وَيَصْلُحُ لِلْبَعْضِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ الْغَلَطُ فِيهِ فَكَانَ الْوَاجِبُ التَّعَرُّضَ لِرَفْعِ ذَلِكَ الْمَنْعِ وَقَدْ حَصَلَ وَسَبَبُهُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا اهـ.
وَإِلَى الْأَمْرِ الثَّانِي يُشِيرُ قَوْلُ الشَّارِحِ إذْ التَّعَرُّضُ لِسَبَبِ الْحَدَثِ لَا يَجِبُ أَيْ مُطْلَقًا وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ مِنْ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ إذْ كَوْنُ النِّيَّةِ لِلتَّمْيِيزِ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ إسْلَامِ النَّاوِي.
(قَوْلُهُ: فَيَلْغُو ذِكْرُهَا) أَرَادَ بِالذِّكْرِ مَا يَعُمُّ ذِكْرَ الْقَلْبِ، بَلْ لَيْسَ الْكَلَامُ إلَّا فِي ذِكْرِ الْقَلْبِ
ــ
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ مَعْنَى نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ رَفْعَ حُكْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ: رَفْعَ الْحَدَثِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْقَصْدِ أَيْ: رَفْعِ حُكْمِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ) ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ السَّبَبِ وَبَقَاءَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِذَاتِهِ، إنَّمَا الْمَقْصُودُ ارْتِفَاعُ حُكْمِهِ.
(قَوْلُهُ: مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْفَائِدَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ وَهِيَ رَفْعُ الْمَانِعِ حَاصِلَةٌ سَوَاءً تَعَرَّضَ لِلْأَسْبَابِ أَوْ لَا وَالتَّمْيِيزُ عَنْ الْوُضُوءِ الْمُجَدِّدِ حَاصِلٌ بِقَصْدِ رَفْعِ الْمَانِعِ إذْ لَا مَانِعَ فِيهِ وَكَذَا عَنْ الْغَسْلِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ أَوْ التَّبَرُّدِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي تَعْيِينِ الْمَأْمُومِ) أَيْ: تَعْيِينِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَهُ وَمِثْلُهُ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ كَالْخَطَأِ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الصَّلَاةِ) وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لِبَيَانِ حَقِيقَةِ الْعِبَادَةِ.
(قَوْلُهُ: كَالْخَطَأِ مِنْ الصَّوْمِ إلَخْ) مِثَالٌ لِمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ تَفْصِيلًا.
(قَوْلُهُ: وَكَالْخَطَأِ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ هُنَا وَاجِبٌ لِبَيَانِ مَرْتَبَةِ الْعِبَادَةِ مِنْ كَوْنِهَا جَمَاعَةً وَقَوْلُهُ: فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ أَيْ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْكَفَّارَةُ فَلَا يَجِبُ تَعْيِينُ سَبَبِهَا، لَكِنْ لَوْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ لَا يُجْزِئُهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَمْثِلَةٌ لِمَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَمِثْلُهَا الزَّكَاةُ، فَإِذَا أَخْرَجَ خَمْسَةً عَنْ مَالِهِ الْغَائِبِ فَبَانَ تَلَفُهُ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ مُطْلَقِ مَالِهِ أَجْزَأَهُ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْكَفَّارَةُ) ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ مَثَلًا يَكُونُ لِفِعْلِ مُقْتَضِيهِ كَالْقَتْلِ وَلِغَيْرِهِ قُرْبَةٌ فَيَجِبُ التَّعَرُّضُ لِبَيَانِ رُتْبَتِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِنِيَّتِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَا تَفَاوُتَ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِأَسْبَابِ الْكَفَّارَةِ حَتَّى يَجِبَ التَّعَرُّضُ لِخُصُوصِهَا وَلَيْسَ رَفْعُ الْمَانِعِ كَهَذَا إذْ لَا يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ يَتَرَتَّبُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْأَسْبَابِ قِسْمٌ وَعَلَى نَوْعٍ آخَرَ مِنْهَا نَوْعٌ آخَرَ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةُ رَفْعِ بَعْضِهَا) سَوَاءٌ تَعَرَّضَ لِنَفْيِ رَفْعِ غَيْرِهِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْإِيعَابِ وَالتُّحْفَةِ وَشَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةُ رَفْعِهِ بَعْضَهَا) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ ذَكَرَهَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ تَتَدَاخَلُ، فَإِذَا ارْتَفَعَ وَاحِدٌ ارْتَفَعَ الْجَمِيعُ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ) أَيْ: الْمَنْعَ لَا يَتَجَزَّأُ أَيْ: لَا يَرْتَفِعُ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَسْبَابِ وَيَبْقَى بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضٍ، فَإِذَا ارْتَفَعَ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَسْبَابِ ارْتَفَعَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَمِيعِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَفِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ اهـ.
سم عَنْ م ر وَقَدْ يُقَالُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَحْدَثَ بِالْمَسِّ وَاللَّمْسِ مَعًا فَكَانَ الْمُتَوَهَّمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْجَبَ بَعْضَهُ فَيُقَالُ فِيهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنَّ سم نَظَرَ إلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي الْمَنْعِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَعُورِضَ بِمِثْلِهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَلْ اسْتِتْبَاعُ الثَّابِتِ أَقْوَى مِنْ اسْتِتْبَاعِ الْمُرْتَفِعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ) حَاصِلُهُ أَنَّ التَّبْعِيضَ الَّذِي وَقَعَ فِيمَا ذَكَرَهُ لَاغٍ، لَكِنَّ هَذَا الْكَلَامَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِ رَفْعِ غَيْرِ مَا نَوَاهُ أَمَّا لَوْ قُصِدَ رَفْعُهُ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَسْبَابِ وَعَدَمُ رَفْعِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِهَا فَمُشْكِلٌ مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِيهِ بِعَدَمِ الضَّرَرِ وَوَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّا إذَا أَلْغَيْنَا ذِكْرَ الْأَسْبَابِ فِي الْمُثْبَتِ وَالْمَنْفِيِّ تَوَجَّهَ الرَّفْعُ وَنَفْيُهُ لِذَاتِ الْحَدَثِ الْمُطْلَقِ وَحِينَئِذٍ فَمَا الْمُرَجِّحُ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر، إنَّ رَفْعَ جَمِيعِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَسْبَابِ بِخُصُوصِهِ أَمْرٌ مَعْقُولٌ فَصَحَّ قَصْدُهُ وَأَلْغَى قَصْدُهُ عَدَمَ رَفْعِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَسْبَابِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ارْتَفَعَ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَسْبَابِ ارْتَفَعَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَمِيعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قَصَدَ أَمْرًا مَعْقُولًا فِي نَفْسِهِ فَأَلْغَى قَصْدَ غَيْرِهِ مَعَهُ مِمَّا يُنَافِيهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ نِيَّتِهِ رَفْعَهُ لِأَسْبَابٍ، أَنَّهُ فِي هَذِهِ نَفَى بَعْضَ حَدَثَهُ الَّذِي نَوَى رَفْعَهُ وَفِي تِلْكَ الْبَاقِي غَيْرُ الْحَدَثِ الْمُرْتَفِعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ، فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ إذَا رَفَعَ غَيْرَهُ اهـ.
أَيْ: عَلَى فَرْضِ
فَيَلْغُو ذِكْرُهَا (أَوَّلَهُ) أَيْ مَقْرُونَةً بِأَوَّلِ غَسْلِ الْوَجْهِ نِيَّةُ مَا ذُكِرَ (أَوْ نِيَّةُ التَّطَهُّرِ عَنْهُ) ، أَوْ نِيَّةِ التَّطَهُّرِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ نِيَّةِ التَّطَهُّرِ فَقَطْ لَا تَكْفِي عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ التَّطَهُّرَ يَكُونُ عَنْ حَدَثٍ وَعَنْ خَبَثٍ فَاعْتُبِرَ التَّمْيِيزُ وَقَوَّى فِي الْمَجْمُوعِ مُقَابِلَهُ؛ بِأَنَّ نِيَّةَ التَّطَهُّرِ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ لَا تَكُونُ عَنْ خَبَثٍ قَالَ وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّ الْبُوَيْطِيِّ لَكِنْ حَمَلَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى إرَادَةِ نِيَّةِ الْحَدَثِ (أَوْ) نِيَّةِ (اسْتِبَاحَةِ الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوُضُوءِ كَالصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَإِنْ تَعَذَّرَ فِعْلُ الْمَنْوِيِّ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ كَنِيَّتِهِ فِي رَجَبٍ اسْتِبَاحَةَ صَلَاةِ الْعِيدِ إذْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ إنَّمَا تُطْلَبُ لِذَلِكَ فَإِذَا نَوَاهُ فَقَدْ نَوَى غَايَةَ الْقَصْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى غَيْرَ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ لِإِبَاحَتِهِ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَتَضَمَّنُ قَصْدُهُ قَصْدَ رَفْعِ الْحَدَثِ، سَوَاءٌ سُنَّ لَهُ الْوُضُوءُ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ حَدِيثٍ وَرِوَايَتِهِ وَدَرْسِ عِلْمٍ وَدُخُولِ مَسْجِدٍ وَأَذَانٍ
ــ
[حاشية العبادي]
؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ.
(قَوْلُهُ: فَيَلْغُو ذِكْرُهَا) فَنِيَّةُ رَفْعِ حَدَثِ الْمَسِّ بِمَنْزِلَةِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَسِّ.
(قَوْلُهُ: يَكُونُ عَنْ حَدَثٍ) قَدْ يُقَالُ التَّطَهُّرُ لِلصَّلَاةِ أَيْضًا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا تُطْلَبُ لِذَلِكَ) أَيْ: الْمَذْكُورِ وَهُوَ الِاسْتِبَاحَةُ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُفْتَقَرٍ) أَيْ: اسْتِبَاحَتُهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَيَلْغُو ذِكْرُهَا) حَاصِلُ مَا فِي سم عَنْ م ر إنَّ رَفْعَ جَمِيعِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَسْبَابِ بِخُصُوصِهِ أَمْرٌ مَعْقُولٌ لِكِفَايَتِهِ فِيهِ فَصَحَّ قَصْدُهُ وَأُلْغِيَ قَصْدُ عَدَمِ رَفْعِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضٍ آخَرَ مَعَ الْقَصْدِ الْأَوَّلِ لِمُنَافَاتِهِ لَهُ إذْ الْغَرَضُ تَحَقُّقُ الْقَصْدَيْنِ مَعًا فَهُوَ حِينَئِذٍ صَارِفٌ مَعَ وُجُودِ النِّيَّةِ إذْ نِيَّةُ عَدَمِ الرَّفْعِ لَا تُحْدِثُ شَيْئًا سِوَى صَرْفِ النِّيَّةِ الْأُولَى وَوُجُودُ الصَّارِفِ مَعَ تَحَقُّقِ النِّيَّةِ لَا يَضُرُّ الْمَطْلُوبَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِيَّةِ فِعْلِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةِ تَرْكِهِ ظَاهِرٌ لِوَحْدَةِ الْمَنْوِيِّ هُنَا فِعْلًا وَتَرْكًا بِخِلَافِ الْمَنْعِ، فَإِنَّهُ تَارَةً يَتَرَتَّبُ عَلَى اللَّمْسِ وَتَارَةً عَلَى الْمَسِّ مَثَلًا فَأَمْكَنَ تَعَقُّلُهُ مُضَافًا إلَى كُلٍّ فَصَحَّ قَصْدُ رَفْعِ جَمِيعِهِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِهَا قَالَ سم وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَصَدَ أَمْرًا مَعْقُولًا فِي نَفْسِهِ فَصَحَّ وَأُلْغِيَ قَصْدُ غَيْرِهِ مَعَهُ مِمَّا يُنَافِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى رَفْعَ حَدَثِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَفِعًا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ بَاقِيًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: لَا تَكْفِي عَلَى الْأَصَحِّ) مَا لَمْ يُرِدْ بِالطَّهَارَةِ جَمِيعَ أَنْوَاعِهَا وَإِلَّا أَجْزَأَهُ. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ نِيَّةَ التَّطَهُّرِ) بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ خَاصَّةٌ بِهَا بِخِلَافِ الْخَبَثِ، فَإِنَّهَا قَدْ تُطْلَبُ لَا لِلصَّلَاةِ كَمَا لَوْ تَضَمَّخَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ نِيَّةَ التَّطَهُّرِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ، إنَّ ذَلِكَ تَخْصِيصٌ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَفِيهِ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ لَا تَخْصِيصٌ وَفِي ظَنِّي أَنَّ الْقَلْيُوبِيَّ نَصَّ عَلَى صِحَّةِ التَّقْيِيدِ بِهَا دُونَ التَّخْصِيصِ اهـ.
وَفِي الْإِيعَابِ اعْتِرَاضُ ذَلِكَ؛ بِأَنَّ الْقَرَائِنَ الْحَالِيَّةَ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّاتِ لِارْتِبَاطِهَا بِالْقَلْبِ وَلَا شُغْلَ لِلْقَرِينَةِ بِهِ اهـ.
وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ أَيْضًا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَشَرْطُ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَصْدُ فِعْلِهَا بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ فِعْلَ الصَّلَاةِ بِوُضُوئِهِ فَهُوَ تَلَاعُبٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ وَهُوَ يُرَدُّ مَا سَيَأْتِي عَنْ حَجَرٍ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةُ اسْتِبَاحَةٍ إلَخْ) سَوَاءٌ قَصَدَ فَرْدًا مُعَيَّنًا أَوْ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ لِتَضَمُّنِ الْمُبْهَمِ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ حَجَرٌ وَتَصِحُّ هَذِهِ النِّيَّةُ وَإِنَّ ذَلِكَ يَفْتَقِرُ إلَيْهِ النَّاوِي فَيَصِحُّ نِيَّةُ صَبِيٍّ اسْتِبَاحَةَ مَسِّ الْمُصْحَفِ مَا لَمْ يَقْصِدْ لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي ع ش عَلَى قَوْلِ م ر وَإِنْ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مُفْرَدَاتِهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ خُصُوصِهِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَصَوُّرِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى وُضُوءٍ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا يَعْتَدُّ بِهَا إذَا قَصَدَ فِعْلَ الْمَنْوِيِّ بِقَلْبِهِ.
(قَوْلُهُ: الْمُفْتَقِرُ إلَيْهِ) أَيْ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهِ النَّاوِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَذَّرَ فِعْلُ الْمَنْوِيِّ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقَيِّدَ بِفِعْلِهِ حَالًا أَوْ لَا وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ حَجَرٍ حَيْثُ عَلَّلَ فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مُتَضَمَّنَةٌ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْوُضُوءِ فَأَلْغَيْنَا الصِّفَةَ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى مِنْهُ وَأَبْقَيْنَا فِيهِ الْعِبَادَةَ الْمُتَوَقِّفَةَ عَلَى الْوُضُوءِ وَقَالَ ع ش يُنَافِي الْأَخْذَ بِمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ الصَّلَاةَ بِمَحِلٍّ نَجَسٍ لَا يَصِحُّ، فَالْأَوْلَى الْأَخْذُ بِمَا قِيلَ مِنْ فَسَادِ النِّيَّةِ حِينَئِذٍ وَمِثْلُهُ فِي ق ل وَالْقَوْلُ بِفَسَادِ النِّيَّةِ وَجْهٌ اسْتَقَرَّ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَّلَهُ بِالتَّلَاعُبِ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ تَمَامِ الْمَنْوِيِّ وَمِثْلُ ع ش وَق ل سم عَلَى التُّحْفَةِ اهـ. وَإِلْغَاءُ الصِّفَةِ الْمُنَافِيَةِ مُمْكِنٌ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ بِمَحَلٍّ نَجَسٍ فَلِمَ لَمْ يُعْتَبَرْ اهـ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ سُنَّ إلَخْ) عَدَمُ صِحَّةِ الْوُضُوءِ فِي هَذَا الْقِسْمِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِيمَا بَعْدَهُ قَطْعًا اهـ.
مِنْ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ نَوَى تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ أَوْ نَوَى الْجُنُبُ غُسْلًا مَسْنُونًا فَفِي ارْتِفَاعِ حَدَثِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الطَّهَارَةُ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْقَطْعُ؛ بِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَجَنَابَتُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الطَّهَارَةَ لَيْسَ اسْتِحْبَابُهَا سَبَبَ الْحَدَثِ فَلَا تَتَضَمَّنُ رَفْعَهُ بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ لِقِرَاءَةِ
وَإِقَامَةٍ وَخُطْبَةٍ لِغَيْرِ الْجُمُعَةِ وَزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَضَبٍ وَكَلِمَةٍ قَبِيحَةٍ كَغِيبَةٍ وَكَذْبَةٍ وَحَمْلٍ مَيِّتٍ وَمَسِّهِ وَقَصْدٍ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا كَدُخُولِ سُوقٍ وَسَلَامٍ عَلَى أَمِيرٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ وَصَوْمٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ وَخُرُوجٍ إلَى سَفَرٍ وَلِقَاءِ قَادِمٍ وَزِيَارَةِ وَالِدٍ وَصَدِيقٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ وَأَكْلٍ.
(أَوْ) نِيَّةِ (أَدَا الْوُضُوءِ) بِقَصْرِ أَدَاءِ لِلْوَزْنِ لِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلْأَدَاءِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَتَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَا التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لَيْسَ لِلْقُرْبَةِ، بَلْ لِلتَّمْيِيزِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ اعْتِبَارُ التَّعَرُّضِ لِلْفَرْضِيَّةِ فِي نِيَّةِ الْعِبَادَاتِ وَمَا قَالَهُ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ يَأْتِي فِي نِيَّةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ نِيَّةَ فَرْضِ الْوُضُوءِ كَافِيَةٌ وَإِنْ تَوَضَّأَ قَبْلَ الْوَقْتِ لِإِلْغَاءِ ذِكْرِ الْفَرْضِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَلْغُ صَحَّ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مُوجِبَهُ الْحَدَثُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ هُنَا لُزُومَ الْإِتْيَانِ بِهِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَ وُضُوءُ الصَّبِيِّ بِهَذِهِ النِّيَّةِ، بَلْ الْمُرَادُ فِعْلُ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْمَشْرُوطَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: أَوْ أَدَاءُ الْوُضُوءِ) الْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ الْفِعْلُ وَالْإِتْيَانُ لَا مُقَابِلَ الْقَضَاءِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْقُرْآنِ وَشَبَهِهَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِلْأَدَاءِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا فِعْلُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتِهَا كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَمَعْلُومٌ إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ؛ بِأَنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْأَدَاءِ وَالْفَرْضِ لَا تَكْفِي أَيْ:؛ لِأَنَّ فِي الْأَدَاءِ إشْعَارًا بِفَرْضِيَّةِ الْمُؤَدَّى وَإِنْ كَانَ مَرْدُودًا؛ بِأَنَّ الْأَدَاءَ يَكُونُ فِي النَّفْلِ كَالْفَرْضِ وَالصَّلَاةُ الْوَاجِبَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّة، فَالدَّافِعُ هُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ تَدَبَّرْ وَعَلَّلَ الزَّرْكَشِيُّ إجْزَاءَ نِيَّةِ أَدَاءِ الْوُضُوءِ عَنْ نِيَّةِ فَرْضِ الْوُضُوءِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْوُضُوءِ مِنْ الْمُحْدِثِ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَمَعَ الصِّحَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْفَرْضِيَّةِ وَالْأَدَاءِ لِمَا مَرَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاقْتِصَارُ خِلَافَ الْأَوْلَى لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي الْإِجْزَاءِ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَة عَدَمَ الْإِجْزَاءِ تَبَعًا لِجَمْعٍ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَتَكْفِي نِيَّةُ الْوُضُوءِ) أَيْ: لَا الطَّهَارَةِ لِمَا مَرَّ أَمَّا أَدَاءُ فَرْضِ الْوُضُوءِ أَوْ أَدَاءُ الْوُضُوءِ أَوْ فَرْضُ الْوُضُوءِ، فَالطَّهَارَةُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ وَتَكْفِي نِيَّةُ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ وَاسْتُشْكِلَ فِي الْأَنْوَارِ اخْتِصَاصُ فَرْضِ الطَّهَارَةِ وَالطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ بِالْحَدَثِ إذْ طَهَارَةُ الْخَبَثِ كَذَلِكَ قَالَ فِي التُّحْفَةِ جَوَابًا عَنْهُ الرَّبْطُ بِالْفَرْضِ وَالْوُجُوبِ إنَّمَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ تِلْكَ لَا هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَجِبُ لِلْعَفْوِ عَنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ) وَلَا يَضُرُّ أَنَّ الْوُضُوءَ قَدْ يَكُونُ تَجْدِيدًا، فَالْوُضُوءُ شَامِلٌ لِلْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ فَرْضِ الْوُضُوءِ وَأَدَاءِ الْوُضُوءِ صَحِيحَةٌ مِنْ الْمُجَدِّدِ أَيْضًا ق ل عَلَى الْجَلَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّعَرُّضُ هُنَا لِلْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُعْتَبَرْ هُنَا كَالنُّسُكِ لِمَحْضِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ لِإِجْزَاءِ نِيَّةِ نَفْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ فَرْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ بِكُلٍّ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَةِ عَنْ غَيْرِهَا وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ مُوجِبَهُ مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْقُرْبَةِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِتَمْيِيزِ رُتْبَتِهَا؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مُطْلَقًا الْغَرَضُ الْأَصْلِيُّ مِنْهُ رَفْعُ الْحَدَثِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّمْيِيزُ عَنْ غَسْلِ النَّجَاسَةِ اهـ وَإِلَّا، فَالْقُرْبَةُ مَا وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِهِ قُرْبَةً إلَى اللَّهِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْوُضُوءِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ» فَكَيْفَ يَكُونُ شَطْرَ الْإِيمَانِ وَلَا يَكُونُ قُرْبَةً اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ الْمُحْدِثِ لَا يَكُونُ إلَّا فَرْضًا كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ بَاقِي الْعِبَادَاتِ غَيْرَ مَا اسْتَثْنَى إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا أَوَّلْنَا بِهِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: فِي نِيَّةِ الْعِبَادَاتِ) أَيْ: الْمُخْتَلِفَةِ الرُّتَبِ فَتَكُونُ النِّيَّةُ لِخُصُوصِ الْقُرْبَةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّعَرُّضُ هُنَا لِلْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا كَالنُّسُكِ لِمَحْضِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ لِإِجْزَاءِ نِيَّةِ نَفْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ فَرْضِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَةِ عَنْ غَيْرِهَا وَمِنْ ثَمَّ صَحَّتْ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ اهـ.
وَهُوَ حَمْلٌ صَحِيحٌ لِعِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ بِلُزُومِ أَنَّ نِيَّةَ مَا ذُكِرَ لَيْسَ لِلْقُرْبَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي نِيَّةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) لِلُزُومِ النَّفْلِ مِنْهُمَا بِالشُّرُوعِ فَسَاوَى الْوَاجِبَ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُوجِبُهُ الْحَدَثُ) إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَضَيَّقُ وَقْتُهُ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ وُضُوءُ الصَّبِيِّ إلَخْ) وَقَوْلُهُمْ اعْتِقَادُ كَوْنِ النَّفْلِ فَرْضًا
لِلصَّلَاةِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ يُسَمَّى فَرْضًا وَأَفْهَمَ قَوْلُ النَّاظِمِ مَقْرُونَةً أَوَّلَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يُسَنُّ كَمَا سَيَأْتِي وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي قَرْنُهَا بِمَا بَعْدَ الْوَجْهِ لِخُلُوِّ أَوَّلِ الْوَاجِبَاتِ عَنْهَا وَلَا بِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ.
نَعَمْ إنْ انْغَسَلَ مَعَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ جَزْءٌ مِنْ الْوَجْهِ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ كَفَى وَإِنْ عَزَبَتْ بَعْدَهُ وَكَذَا بِغَيْرِ نِيَّتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لَكِنَّهُ تَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ (وَتَعُمْ هَاتَانِ) أَيْ نِيَّتَا الِاسْتِبَاحَةِ وَأَدَاءِ الْوُضُوءِ وُضُوأَيْ الضَّرُورَةِ وَالرَّفَاهِيَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (دَامَ حَدَثٌ) كَسَلَسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ (، أَوْ لَمْ يَدُمْ) وَمَا قَبْلَ هَاتَيْنِ مِمَّا ذَكَرَهُ لَا يَكْفِي فِي وُضُوءِ الضَّرُورَةِ لِبَقَاءِ الْحَدَثِ مَعَهُ بَلْ يَخْتَصُّ بِوُضُوءِ الرَّفَاهِيَةِ وَلَوْ لِمَاسِحِ الْخُفِّ (وَإِنْ نَوَى التَّبْرِيدَ وَالتَّنَظُّفَا مَعْ تِلْكَ) أَيْ مَعَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِأَنْ نَوَاهُمَا مَعًا، أَوْ نَوَى ذَلِكَ بَعْدَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فَنِيَّتُهُ لَاغِيَةٌ كَقَصْدِ الْإِمَامِ بِتَكْبِيرِهِ الْإِعْلَامَ مَعَ التَّحَرُّمِ وَكَنِيَّةِ دَفْعِ الْغَرِيمِ مَعَ الصَّلَاةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كُلِّ مَا شُرِّكَ فِيهِ بَيْنَ دِينِيٍّ وَدُنْيَوِيٍّ وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ اعْتِبَارَ الْبَاعِثِ عَلَى الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ قَصْدَ الدِّينِيِّ فَلَهُ أَجْرٌ بِقَدْرِهِ، أَوْ الدُّنْيَوِيِّ فَلَا أَجْرَ لَهُ، أَوْ تَسَاوَيَا تَسَاقَطَا.
أَمَّا لَوْ نَوَى ذَلِكَ مَعَ عُزُوبِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا أَتَى بِهِ بَعْدُ كَنِيَّتِهِ قَطْعَ الْوُضُوءِ فِي أَثْنَائِهِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ فَلَوْ سَقَطَ عِنْدَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ فِي نَهْرٍ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا) أَيْ: ذِكْرًا.
(قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْوَجْهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ سَوَاءٌ أَغَسَلَهُ بِنِيَّةِ الْوَجْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لَا لِوُجُودِ غَسْلِ جُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ مَقْرُونًا بِالنِّيَّةِ لَكِنْ تَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِ الْجُزْءِ مَعَ الْوَجْهِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَلَا تُجْزِئُ الْمَضْمَضَةُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ تَقَدُّمِهَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ قَالَهُ الْقَاضِي مُجِلِّي فَالنِّيَّةُ لَمْ تَقْتَرِنْ فِيهِ بِمَضْمَضَةٍ حَقِيقَةً اهـ.
مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ إجْزَاءُ الْمَضْمَضَةِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا غَسَلَهُ لَا بِنِيَّةِ الْوَجْهِ لَكِنْ مُقْتَضَى إجْزَاءِ النِّيَّةِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِيهِ أَيْضًا، وَإِلَّا لَزِمَ كِفَايَةُ قَرْنِهَا بِمَا قَبْلَ الْوَجْهِ فَتَأَمَّلْهُ سم.
(قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يَجِبُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُهُ بِمَا بَعْدُ كَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ إعَادَةُ غَسْلِ إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ بِقِيَامِ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مَقَامَ الْأُولَى وَفِي مَسْأَلَةِ اللُّمْعَةِ وَفَرَّقَ ابْنُ شُهْبَةَ بِأَنَّ اللُّمْعَةَ دَاخِلَةٌ فِي اسْمِ الْوَجْهِ فَهُوَ مَقْصُودٌ بِالْغَسْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا الْجُزْءُ هُنَا فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّهَا غَسْلُ بَاطِنِ الْفَمِ خَاصَّةً وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي اسْمِهَا فَلَا يَدْخُلُ فِي غَسْلِهَا فَلَمْ يُعْتَدَّ بِغَسْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُغْسَلْ بِنِيَّةِ فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ؛ لِأَنَّ قَصْدَهَا صَارِفٌ لِوُقُوعِ الْغَسْلِ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ إعَادَةُ النِّيَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ يَصْرِفُ عَنْ غَسْلِ الْوَجْهِ دُونَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا يُجَامِعَانِ النِّيَّةَ دُونَ غَسْلِ الْوَجْهِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَ هَاتَيْنِ) خَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمِنْهُ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ فَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ إجْزَاؤُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: مَعَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ) أَيْ: نِيَّةٍ مِنْ نِيَّاتِهِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا أُتِيَ بِهِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَى ذَلِكَ اشْتِرَاطُ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ أَمْ يَكْفِي إعَادَةُ الْغَسْلِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ التَّبْرِيدِ فِي الْأَنْوَارِ الْأَوَّلُ وَالْوَجْهُ هُوَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْعُضْوِ لِلتَّبْرِيدِ لَا مَعْنَى لِتَأْثِيرِهِ فِي النِّيَّةِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ فِي الْخَادِمِ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْته فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَالَ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ عُرُوضَ نِيَّةِ التَّبْرِيدِ مَعَ غُرُوبِ الْأُولَى يَضُرُّ فَقَالَ الْجُمْهُورُ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَغَسَلَ الَّذِي غَسَلَهُ مُصَاحِبًا لِلتَّبْرِيدِ، وَإِنْ طَالَ فِعْلٌ يَبْنِي أَوْ يَسْتَأْنِفُ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي جَوَازِ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَا يُبْطِلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَاهِلِ لَا الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ نَفْلٌ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ وَيُقْصَدُ بِهِ حَقِيقَةُ الْغَرَضِ اهـ.
حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.
(قَوْلُهُ: يُسَمَّى فَرْضًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِهِ) أَيْ وَشَرْطِيَّتُهُ لِلصَّلَاةِ نَابِتَةٌ قَبْلَ الْوَقْتِ وَفِي حَقِّ الصَّبِيِّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا بِغَيْرِ نِيَّتِهِ) أَيْ: يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ النِّيَّةِ لِلْوُضُوءِ اقْتِرَانُهَا بِغَسْلِ ذَلِكَ الْجُزْءِ بِغَيْرِ نِيَّتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَمُقَابِلُهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي تَحَقُّقِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُ عَنْ الْوَجْهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْوَجْهِ بَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ ثَانِيًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا قَوِيٌّ لَكِنْ خَالَفَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ فَقَالَ يُجْزِئُهُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَغْسُولِ مِنْ الْوَجْهِ إذَا صَحَّحْنَا النِّيَّةَ وَإِنْ كَانَ نَوَى بِهِ السُّنَّةَ وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَقُولُ بِتَأَدِّي الْفَرْضِ بِنِيَّةِ النَّفْلِ كَمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ لِمَنْ تَرَكَ سَجْدَةً وَفُرِّقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ؛ بِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ مُخَالِفَةٌ لِغَسْلِ الْوَجْهِ جِنْسًا وَصُورَةً بِخِلَافِ نَحْوِ السُّجُودِ وَقَالَ ابْنُ شُهْبَةَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الِاعْتِدَادِ بِغَسْلِ اللُّمْعَةِ الْمَتْرُوكَةِ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى بِالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ مَا هُنَا الْفَرْقُ أَنَّ اللُّمْعَةَ دَاخِلَةٌ فِي اسْمِ الْوَجْهِ فَهِيَ مَقْصُودَةٌ بِالْغَسْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا الْجُزْءُ هُنَا فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْمَضْمَضَةِ؛ لِأَنَّهَا غَسْلُ بَاطِنِ الْفَمِ خَاصَّةً وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي اسْمِهَا لَا يَدْخُلُ فِي غَسْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ بِنِيَّةِ فَرْضٍ وَلَا نَفْلٍ؛ لِأَنَّ قَصْدَهَا صَارِفٌ لِوُقُوعِ الْغَسْلِ عَنْهُ اهـ.
ثُمَّ إنَّ الْقَائِلَ بِالْأَصَحِّ لَا يَعْتَبِرُ الْمُقَارَنَةَ لِغُسْلٍ مَفْرُوضٍ بَلْ مُقَارَنَةُ غُسْلِ جَزْءٍ مِنْ مَفْرُوضٍ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِغَسْلِهِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالْإِيعَابِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الدُّنْيَوِيِّ) أَيْ غَيْرِ الرِّيَاءِ وَإِلَّا فَلَا أَجْرَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ سم وَحَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ نَوَى ذَلِكَ مَعَ غُرُوبٍ إلَخْ) بِخِلَافِ نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ مَعَ
فَانْغَسَلَتَا تَمَّ وُضُوءُهُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِلنِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ عَنْ الرُّويَانِيِّ لَوْ نَامَ قَاعِدًا فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ ثُمَّ انْتَبَهَ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ فَفِي وُجُوبِ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ وَجْهَانِ كَمَا فِي التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ، وَلَوْ غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ، ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَقَدْ أَمَرَهُ بِالصَّبِّ لَكِنَّ الْآمِرَ نَسِيَ أَمْرَهُ صَحَّ وَلَا يَضُرُّهُ نِسْيَانُهُ، وَلَوْ صَبَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَعِلْمِهِ وَقَدْ عَزَبَتْ نِيَّتُهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ إنَّمَا تَنَاوَلَتْ فِعْلَهُ، ثُمَّ قَالَ قُلْت وَفِي هَذَا نَظَرٌ وَنَظَرُهُ فِي التَّعْلِيلِ لَا فِي الْحُكْمِ لِمُوَافَقَتِهِ مَا قَدَّمْته عَنْهُ آنِفًا فِي نَظِيرِهِ مِنْ سُقُوطِهِ فِي نَهْرٍ، وَقَوْلُ النَّظْمِ التَّنَظُّفَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(أَوْ فَرَّقَ) النِّيَّةَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِأَنْ نَوَى عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ رَفْعَ الْحَدَثِ عَنْهُ وَإِنْ نَفَى غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ تَفْرِيقُ أَفْعَالِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا (أَوْ غَيْرًا نَفَى) أَيْ، أَوْ نَفَى غَيْرَ الْمَنْوِيِّ مِنْ حَدَثٍ، أَوْ مُفْتَقِرٍ إلَى وُضُوءٍ كَأَنْ نَوَى أَحَدَ حَدَثَيْ النَّوْمِ وَالْمَسِّ وَنَفْيَ الْآخَرِ وَهُمَا عَلَيْهِ، أَوْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ وَنَفْيَ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ وَالتَّعَرُّضُ لِمَا عَيَّنَهُ غَيْرُ وَاجِبٍ فَيَلْغُو ذِكْرُهُ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ مَا لَوْ نَفَى نَفْسَ الْمَنْوِيِّ كَمَا لَوْ نَوَى بِوُضُوئِهِ رَفْعَ حَدَثِ النَّوْمِ وَأَنْ لَا يَرْفَعَهُ، أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةً وَأَنْ لَا يُصَلِّيَهَا فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ وَتَنَاقُضِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ بَطَلَ وُضُوءُهُ فِي أَثْنَائِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُثَابَ عَلَى الْمَاضِي كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يُقَالَ إنْ بَطَلَ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا، أَوْ بِغَيْرِهِ فَنَعَمْ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا ثَوَابَ لَهُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ انْتَهَى.
وَيَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْبُطْلَانَ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِلَا عُذْرٍ فَلَا ثَوَابَ فِي الْمَقِيسِ وَلَا الْمَقِيسِ عَلَيْهِ (ثُمَّ) الْفَرْضُ الثَّالِثُ غَسْلُ (الْيَدَيْنِ مَعْ مِرْفَقَيْهِمَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ الْعَكْسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] وَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْمَرَافِقِ فِي الْغَسْلِ الْإِجْمَاعُ كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ فَثَبَتَ غَسْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَهَا وَفِعْلُهُ بَيَانٌ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلَمْ يُنْقَلْ تَرْكُهُ ذَلِكَ وَدَلَّ عَلَيْهِ الْآيَةُ أَيْضًا بِجَعْلِ الْيَدِ الَّتِي هِيَ حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ وَقِيلَ إلَى الْكُوعِ مَجَازًا إلَى الْمِرْفَقِ مَعَ جَعْلِ إلَى لِلْغَايَةِ الدَّاخِلَةِ هُنَا فِي الْمُغَيَّا بِمَا سَيَأْتِي
ــ
[حاشية العبادي]
وَالْبَغَوِيِّ وَالرَّافِعِيُّ إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ هَلْ يَبْنِي أَوْ يَسْتَأْنِفُ فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي جَوَازِ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ وَتَمَّمَ الْكَلَامَ بِرّ وَقَوْلُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ إلَخْ يُشْعِرُ بِمُوَافَقَةِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ نَامَ قَاعِدًا) أَيْ مُتَمَكِّنًا عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهَلْ يَقْطَعُ النِّيَّةَ نَوْمٌ مُمْكِنٌ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا فَرَّقَ تَفْرِيقًا كَثِيرًا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ مُقَيَّدًا بِالنَّوْمِ الْيَسِيرِ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ قَطْعِهَا فِي الْيَسِيرِ وَإِنَّ الْكَثِيرَ يَقْطَعُهَا اهـ.
وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْقَطْعِ مُطْلَقًا م ر.
(قَوْلُهُ: وَنَظَرُهُ فِي التَّعْلِيلِ) كَانَ وَجْهُ ذَلِكَ مَنْعُ الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا تَنَاوَلَتْ فِعْلُهُ مَعَ إجْزَاءِ فِعْلِ غَيْرِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِ ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَمَرَهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ أَوْ فَرَّقَ) قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ تَفْرِيقَ النِّيَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَقَدْ يَنْظُرُ فِيهِ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي سَائِرِ الْكَيْفِيَّاتِ كَأَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ غَسْلَهُ عَنْ نَحْوِ الْوُضُوءِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مُفْتَقِرٍ إلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ إطْلَاقَ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ لَيْسَ مِنْ تَفْرِيقِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْأَوَّلِ كَفَتْهُ عَنْ الْجَمِيعِ، بَلْ هُوَ مِنْ تَكْرِيرِ النِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: لِتَلَاعُبِهِ) لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِي مَحَلٍّ أَوْ ثَوْبٍ نَجَسٍ لَمْ يَصِحَّ نَعَمْ لَوْ قَيَّدَ النَّجَسَ بِالْمَعْفُوِّ عَنْهُ لَمْ تَبْعُدْ الصِّحَّةُ حَتَّى فِي الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ مُبْطِلٍ وَالصَّلَاةُ قَدْ تَصِحُّ عَلَى النَّجَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ م ر وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ تُقْبَلُ الصَّلَاةُ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ نَعَمْ لَوْ قَصَدَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ فِيهِ صَلَاةً لَا سَبَبَ لَهَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ فَثَبَتَ غَسْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَهَا) أَيْ الْمَرَافِقِ.
(قَوْلُهُ: مَجَازًا) قَدْ يُقَالُ الْمَجَازُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا إلَّا
ــ
[حاشية الشربيني]
عُزُوبِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّ، لَكِنْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَحَلِّهَا وَهُوَ مَا بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ ثَلَاثًا اهـ.
سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر
(قَوْلُهُ وَنَفْيَ غَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّهُ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ بِتَمَامِهِ إلَّا أَنَّهُ خَصَّصَهُ بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ فَيَلْغُو التَّخْصِيصُ سم عَنْ م ر وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةٍ دُونَ غَيْرِهَا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ: أَشْرَعَ) بِمَعْنَى شَرَعَ قَلْيُوبِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِجَعْلِ الْيَدِ إلَخْ) انْدَفَعَ بِهِ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْيَدَ حَقِيقَةٌ لِلْمَنْكِبِ فَكَيْفَ يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ مَعَ الْمَرَافِقِ اهـ.
إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ مَجَازًا إلَى الْمَرْفِقِ) ، فَالْمِرْفَقُ
أَوْ لِلْمَعِيَّةِ كَمَا فِي {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52] ، أَوْ بِجَعْلِ الْيَدِ بَاقِيَةً عَلَى حَقِيقَتِهَا إلَى الْمَنْكِبِ مَعَ جَعْلِ إلَى غَايَةً لِلْغَسْلِ، أَوْ لِلتَّرْكِ الْمُقَدَّرِ كَمَا قَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا جَمَاعَةٌ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا تَدْخُلُ الْغَايَةُ لَا لِكَوْنِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا تَدْخُلُ كَمَا قِيلَ لِعَدَمِ إطْرَادِهِ كَمَا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهَا قَدْ تَدْخُلُ كَمَا فِي نَحْوِ قَرَأْت الْقُرْآنَ إلَى آخِرِهِ وَقَدْ لَا تَدْخُلُ كَمَا فِي نَحْوِ قَرَأْت الْقُرْآنَ إلَى سُورَةِ كَذَا، بَلْ لِقَرِينَتَيْ الْإِجْمَاعِ وَالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَقِيقَةٌ إلَى الْمَنْكِبِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَأَيْدِيَكُمْ لَوَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ فَلَمَّا قَالَ إلَى الْمَرَافِقِ أَخْرَجَ الْبَعْضَ عَنْ الْوُجُوبِ فَمَا تَحَقَّقْنَا خُرُوجَهُ تَرَكْنَاهُ وَمَا شَكَكْنَا فِيهِ أَوْجَبْنَاهُ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ انْتَهَى وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا إلَى الْمَرَافِقِ وَعَلَى الثَّانِي تَخْرُجُ الْغَايَةُ وَالْمَعْنَى اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ وَاتْرُكُوا مِنْهَا إلَى الْمَرَافِقِ (وَ) غَسْلُ (مَا عَلَيْهِمَا كَسِلْعَتَيْهِمَا) وَيَدٍ زَائِدَةٍ وَشُعُورِهِمَا، وَلَوْ كَثِيفَةً وَأَظْفَارِهِمَا وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ أَصَابِعِهِ وَبَاطِنِ ثُقْبٍ وَشُقُوقٍ نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُمَا غَوْرٌ فِي اللَّحْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهُمَا كَمَا لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا بِالِاقْتِضَاضِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صِفَةِ الْغُسْلِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْيَدَيْنِ فَيَأْتِي فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ (وَمِنْ يَدٍ زَائِدَةٍ) نَبَتَتْ بِغَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ (يَغْسِلُ) مِنْهُمَا (مَا حَاذَى) مَحَلَّهُ دُونَ مَا لَمْ يُحَاذِهِ إنْ تَمَيَّزَتْ عَنْ الْأَصْلِيَّةِ بِقِصَرٍ فَاحِشٍ، أَوْ فَقْدِ بَطْشٍ، أَوْ ضَعْفِهِ، أَوْ نَقْصِ أُصْبُعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجِرَاحِ لِوُقُوعِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهَا مَعَ مُحَاذَاتِهَا لِمَحَلِّ الْفَرْضِ بِخِلَافِ جِلْدٍ تَقَطَّعَ مِنْ الذِّرَاعِ وَبَلَغَ التَّقَلُّعُ إلَى الْعَضُدِ، ثُمَّ تَدَلَّى وَسِلْعَةٍ عَلَى الْعَضُدِ حَاذَتْ الذِّرَاعَ بِلَا الْتِصَاقٍ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْمُحَاذِي مِنْهُمَا لِعَدَمِ إطْلَاقِ اسْمِ الْيَدِ عَلَيْهِمَا مَعَ خُرُوجِهِمَا عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ.
وَكَذَا لَوْ تَقَلَّعَ مِنْ الْعَضُدِ وَتَدَلَّى مِنْهُ، نَعَمْ إنْ بَلَغَ التَّقَلُّعُ إلَى الذِّرَاعِ وَجَبَ غَسْلُ مَا تَدَلَّى؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الذِّرَاعِ وَلَوْ تَقَلَّعَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْتَحَمَ بِالْآخَرِ لَزِمَهُ غَسْلُ الْمُحَاذِي فَالْعِبْرَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْمُتَقَلِّعِ بِالْمَحَلِّ الَّذِي انْتَهَى إلَيْهِ التَّقَلُّعُ لَا الَّذِي مِنْهُ التَّقَلُّعُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي حَيْثُ قَالَا يُعْتَبَرُ بِأَصْلِهِ مَا لَمْ يَلْتَصِقُ الْمُتَدَلِّي مِنْ الْعَضُدِ بِالسَّاعِدِ مَعَ أَنَّ مَا قَالَاهُ هُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فِي نَقْلِ الشَّجَرَةِ مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ، أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ كَانَ أَصْلُهَا بِأَحَدِهِمَا وَأَغْصَانُهَا بِالْآخَرِ، ثُمَّ إنْ تَجَافَتْ الْجِلْدَةُ الْمُلْتَحِمَةُ بِالذِّرَاعِ عَنْهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا لِنُدْرَتِهِ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ كَثِيفِ لِحْيَةِ الذَّكَرِ، وَإِنْ سَتَرَتْهُ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ فَتْقُهَا فَلَوْ غَسَلَهُ، ثُمَّ زَالَتْ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهَا؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى ظَاهِرِهَا كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إذَا حُلِقَتْ؛ لِأَنَّ غَسْلَ بَاطِنِهَا كَانَ مُمْكِنًا وَإِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ غَسْلُ الظَّاهِرِ وَقَدْ فَعَلَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
أَنْ يُقَالَ لَوْ سَلِمَ انْتِفَاؤُهَا لَمْ يَضُرَّ لِثُبُوتِ الْمَطْلُوبِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحَقِيقَةِ بِالْوَجْهِ الْآتِي فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَعِيَّةِ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَيْضًا هُنَا بِمَا سَيَأْتِي، فَإِنَّ كَوْنَهَا لِلْمَعِيَّةِ تَحْتَاجُ لِقَرِينَةٍ كَالِاحْتِيَاطِ أَوْ الْإِجْمَاعِ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) لَعَلَّ زِيَادَةَ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَالِاحْتِيَاطُ لِلْعِبَادَةِ بِاعْتِبَارِ تَفْصِيلِ هَذَا الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْمُقْتَضِي لِلِاحْتِيَاطِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثِيفَةً) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ طَالَتْ وَخَرَجَتْ عَنْ الْمُحَاذَاةِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثِيفَةً) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهِمَا لَكِنْ قَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ وُجُوبِ غَسْلِ بَاطِنِ الْخَارِجِ الْكَثِيفِ، وَإِنْ كَانَ نَادِرَ الْوُجُودِ وَالْكَثَافَةِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ ذَلِكَ مِنْ لِحْيَةِ الْأُنْثَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ مَعَ أَنَّهَا نَادِرَةُ الْوُجُودِ وَالْكَثَافَةِ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ تِلْكَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَنْدُرُ غَيْرُ قَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ يَدٍ زَائِدَةٍ يُغْسَلُ مَا حَاذَى) لَوْ قُطِعَتْ الْأَصْلِيَّةُ اُتُّجِهَ وُجُوبُ غَسْلِ مَا كَانَ يُحَاذِيهَا مِنْ الزَّائِدَةِ نَظَرًا لِمَا كَانَ وَاسْتِصْحَابًا لَهُ، بَلْ لَوْ قُطِعَتْ الْأَصْلِيَّةُ قَبْلَ نَبَاتِ الزَّائِدَةِ فَقَدْ يُتَّجَهُ أَيْضًا وُجُوبُ غَسْلِ مَا يُحَاذِي مِنْهَا الْأَصْلِيَّةَ لَوْ بَقِيَتْ نَظَرًا لِلْمُحَاذَاةِ بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ م ر.
(قَوْلُهُ: دُونَ مَا لَمْ يُحَاذِهِ) قَدْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا جَاوَزَ مِنْ الزَّائِدَةِ أَصَابِعَ الْأَصْلِيَّةِ بِأَنْ طَالَتْ الزَّائِدَةُ بِحَيْثُ خَرَجَتْ عَنْ أَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ وَوُجُوبُ غَسْلِ ذَلِكَ الْمُجَاوِزِ تَبَعًا لِمَا اتَّصَلَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ تَمَيَّزَتْ) بِدَلِيلٍ وَلِاشْتِبَاهِهَا.
(قَوْلُهُ فَالْعِبْرَةُ إلَخْ) أَيْ: فِي غَيْرِ الْمُلْتَحِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ اكْتَفَى بِغَسْلِ ظَاهِرِهَا هَذَا إذَا الْتَصَقَتْ بِالسَّاعِدِ وَلَا نَجَاسَةَ بَيْنَهُمَا مِنْ نَحْوِ دَمٍ أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا نَجَسٌ فَيَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ كَجَبْرِ عَظْمٍ بِنَجَسٍ يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْجِلْدُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ فَتْقُهَا يَظْهَرُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وُجُوبُ فَتْقِهَا إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهُ الضَّرَرُ أَيْ مَحْذُورُ التَّيَمُّمِ حَتَّى يَغْسِلَ وَجْهَهَا لِإِمْكَانِ غَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَقَدْ عَلَّلَ الْقَاضِي بِمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ حَجَرٌ ش ع.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُنَا شَيْءٌ يَغْفُلُ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ تَقَعَ شَوْكَةٌ فِي يَدِهِ مَثَلًا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ بَعْضُهَا وَجَبَ قَلْعُهُ وَغَسْلُ مَحِلِّهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ
ــ
[حاشية الشربيني]
دَاخِلٌ فِي مَدْلُولِهَا الْمَجَازِيِّ.
(قَوْلُهُ إلَى الْمَنْكِبِ) هُوَ الْأَشْهَرُ لُغَةً حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَعِيَّةِ) نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ ثَعْلَبٍ وَآخَرِينَ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَعِيَّةِ) أَيْ: مَجَازًا لِأَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْغَايَةِ بِإِجْمَاعِ الْأُدَبَاءِ اهـ.
إيعَابٌ وَحِينَئِذٍ، فَالْقَرِينَةُ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم اهـ.
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ إلَخْ) وَإِلَّا فَلَا تَدْخُلُ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ فِي الشِّقَّيْنِ بِقَوْلِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ لَا تَدْخُلُ إلَخْ) رَدَّهُ م ر بِمَنْعِ الْخُرُوجِ إلَّا لِقَرِينَةٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْقُرْآنِ لِلْكُلِّ وَمَا قَالَهُ م ر فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى إلَخْ) يَحْتَاجُ هَذَا لِقَرِينَةٍ اهـ.
سم عَلَى التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَلَدِ عَلَيْهَا) وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْجِلْدَةَ الْمُتَدَلِّيَةَ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَالسِّلْعَةِ وَالشِّعْرَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ) وَكَذَا مَا بَعْدَهُ ع ش
فَلَوْ تَوَضَّأَ فَقَطَعَ بَعْضَ يَدِهِ، أَوْ رِجْلِهِ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ (وَلِاشْتِبَاهِهَا) أَيْ الزَّائِدَةَ بِالْأَصْلِيَّةِ يَغْسِلُ (كِلْتَيْهِمَا) وَإِنْ خَرَجَتَا مِنْ الْمَنْكِبِ لِيَتَحَقَّقَ إتْيَانُهُ بِالْفَرْضِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ تُقْطَعُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ خِلَافًا لِلنَّاظِمِ وَأَصْلُهُ كَالْغَزَالِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مَبْنَاهُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَالْحَدُّ عَلَى الدَّرْءِ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ (وَمَعَهُمَا) أَيْ وَمَعَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ (يَغْسِلُ) وُجُوبًا (رَأْسَ الْعَضُدِ وَإِنْ أُبِينَ عَنْهُ سَاعِدُ الْيَدِ) بِأَنْ سُلَّ وَبَقِيَ الْعَظْمَانِ الْمُسَمَّيَانِ بِرَأْسِ الْعَضُدِ لِأَنَّ الْمِرْفَقَ مَجْمُوعُ الْعَظْمَيْنِ وَالْإِبْرَةِ الدَّاخِلَةِ بَيْنَهُمَا، لَا الْإِبْرَةُ وَحْدَهَا فَإِنْ أُبِينَ مِنْ تَحْتِ الْمِرْفَقِ وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي بِالْأَوْلَى أَوْ مِنْ فَوْقِهِ فَلَا، وَسَيَأْتِي فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ وَلَفْظَةُ مَعَهُمَا مَزِيدَةٌ عَلَى الْحَاوِي وَيَلْزَمُهَا مَحْذُورٌ وَهُوَ مُجَامَعَةُ غَسْلِ رَأْسِ الْعَضُدِ لِغَسْلِ الْيَدَيْنِ حَالَةَ الْإِبَانَةِ وَزَادَ لَفْظَ الْيَدِ تَكْمِلَةً، وَلَوْ أُبِينَ سَاعِدُ الْيَدِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ الْمِرْفَقِ، أَوْ مِنْ فَوْقِهِ.
فَظَاهِرُهُ وُجُوبُ غَسْلِ الْمُحَاذِي لِمَحِلِّ الْفَرْضِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ مِنْ الزَّائِدَةِ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ وُجُوبِهِ فِي الثَّانِيَةِ (وَ) الرَّابِعُ (مَسْحُ بَعْضِ جِلْدِ رَأْسٍ، أَوْ شَعَرْ) مِنْهُ وَلَوْ بَعْضَ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ تَعَالَى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ» فَدَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَسْحِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ خُصُوصِ النَّاصِيَةِ وَهِيَ الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ النَّزْعَتَيْنِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ وَيَمْنَعُ وُجُوبَ التَّقْدِيرِ بِالرُّبْعِ، أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهَا دُونَهُ وَالْبَاءُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُتَعَدٍّ كَمَا فِي الْآيَةِ تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مُتَعَدٍّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ} [الحج: 29] تَكُونُ لِلْإِلْصَاقِ وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّعْمِيمُ فِي التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ آيَتَهُ كَالْآيَةِ هُنَا لِثُبُوتِ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ فَاعْتُبِرَ مُبْدَلُهُ وَمَسْحُ الرَّأْسِ أَصْلٌ فَاعْتُبِرَ لَفْظُهُ.
وَأَمَّا عَدَمَ وُجُوبِهِ فِي الْخُفِّ، فَلِلْإِجْمَاعِ؛ وَلِأَنَّ التَّعْمِيمَ يُفْسِدُهُ، مَعَ أَنَّ مَسْحَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ لِجَوَازِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْغُسْلِ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ (بِمَدِّهِ عَنْ حَدِّ رَأْسٍ) أَيْ: أَوْ مَسْحِ بَعْضِ شَعْرٍ (مَا انْحَدَرْ) بِمَدِّهِ مِنْ حَدِّ رَأْسِهِ وَإِنْ جَاوَزَ مَنْبَتَهُ بِخِلَافِ مَا انْحَدَرَ عَنْ حَدِّهِ لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَيَكْفِي تَقْصِيرُهُ فِي الْحَجِّ لِتَعَلُّقِ فَرْضِهِ بِشَعْرِ الرَّأْسِ وَهُوَ صَادِقٌ بِالْمُنْحَدَرِ، وَفَرْضُ الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ وَهُوَ مَا تَرَأَّسَ وَعَلَا وَالْمُنْحَدَرُ لَا يُسَمَّى رَأْسًا (أَوْ بَلُّهُ) أَيْ مَسْحُ بَعْضِ مَا ذُكِرَ، أَوْ بَلُّهُ بِتَقْطِيرٍ، أَوْ وَضْعِ شَيْءٍ مُبْتَلٍّ عَلَيْهِ بِلَا إمْرَارٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ وُصُولِ الْبَلَلِ إلَيْهِ (أَوْ غَسْلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ وَزِيَادَةٌ (مِنْ غَيْرِ مَا نَدْبٍ) بِزِيَادَةِ مَا أَيْ، أَوْ غَسْلُهُ مِنْ غَيْرِ نَدْبٍ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا يُشْبِهُ الرُّخْصَةَ (وَ) مِنْ غَيْرِ (كُرْهٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ إذْ بِهِ تَحْصُلُ النَّظَافَةُ وَقِيلَ يُكْرَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ فَإِنْ اسْتَتَرَتْ كُلُّهَا صَارَتْ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ فَيَصِحُّ وُضُوءُهُ لَكِنَّهَا تَنَجَّسَتْ بِالدَّمِ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَعَهَا كَالْوَشْمِ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ تَنَجُّسَهَا بِذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَفَارَقَتْ وَقْتَ مَسْأَلَةِ الْوَشْمِ بِأَنَّ الدَّمَ ظَهَرَ ثُمَّ اخْتَلَطَ بِأَجْنَبِيٍّ بِخِلَافِهِ هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ عُودًا دُبُرَهُ وَغَيَّبَهُ كُلَّهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ فَهَذَا أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَيَّدَ مَا قَالَهُ فِيمَا إذَا ظَهَرَ بَعْضُهَا بِمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ لَوْ نُبِشَتْ بَقِيَ مَحَلَّهَا مَثْقُوبًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَحَلُّ يَلْتَئِمُ عِنْدَ قَلْعِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وُجُودُهَا حَجَرٌ ش ع.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَوَضَّأَ فَقَطَعَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ قَطَعَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ تَطْهِيرِهِ وَقَبْلَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ عَلَى الْأَوْجَهِ وِفَاقًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِنَقْلِ الْعِمْرَانِيِّ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ بِلَادِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ إذَا اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ وَكَأَنَّهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا بِفَرَاغِ الْوُضُوءِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَوْ كُشِطَتْ جِلْدَةٌ مِنْ وَجْهِهِ أَوْ يَدِهِ.
(قَوْلُهُ مِنْ تَحْتِ الْمِرْفَقِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَإِنْ قُطِعَ مِنْ مَنْكِبِهِ نُدِبَ غَسْلُ مَحَلِّ الْقَطْعِ بِالْمَاءِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهَا مَحْذُورٌ) يُمْكِنُ دَفْعُ الْمَحْذُورِ بِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ مُقَدَّرٌ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ أَعْنِي لِغَسْلِ رَأْسِ الْعَضُدِ بِرّ.
(قَوْله رَأْسٍ أَوْ شَعْرٍ إلَخْ) .
(فَرْعٌ) لَوْ خُلِقَ لَهُ رَأْسَانِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُمَا أَصْلِيَّانِ كَفَى مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا فَقَطْ أَصْلِيٌّ فَالْعِبْرَةُ بِهِ فَإِنْ اشْتَبَهَ بِالزَّائِدِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
(فَرْعٌ) لَوْ مَسَحَ عِرْقِيَّتَهُ مَثَلًا فَوَصَلَ الْبَلَلُ بِجِلْدِ رَأْسِهِ أَوْ شَعْرِهِ فَالْوَجْهُ جَرَيَانُ تَفْصِيلِ الْجُرْمُوقِ فِيهِ وَلَا يُتَّجَهُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فَتَأَمَّلْ بِرّ.
(قَوْلُهُ: بِمَسْحِ الْبَعْضِ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا دَلَّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِمَسْحِ الْبَعْضِ مَعَ مَسْحِ الْعِمَامَةِ لَا وَحْدَهُ.
(قَوْلُهُ: بِمَدِّهِ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ.
(قَوْلُهُ: بَعْضَ شَعْرٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَلُّهُ) يُوهِمُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ أَنَّ الْبَلَّ مِنْ الْغُسْلِ وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَسْلِهِ) وَلَوْ تَعَرَّضَ لِلْمَطَرِ نَاوِيًا الْمَسْحَ فَأَصَابَهُ وَلَمْ
ــ
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ) فَلَا يَجِبُ غَسْلُ مَا ظَهَرَ اهـ. .
(قَوْلُهُ: بَعْضُ جِلْدِ رَأْسٍ أَوْ شَعْرٍ) أَيْ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ مَسْحِ الْجِلْدِ وَالشَّعْرِ وَلَوْ كَانَ الشَّعْرُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ رَأْسِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ، إنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكْفِي مَسْحُ الْجِلْدِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ انْتَقَلَ إلَى الشَّعْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا جِلْدُ رَأْسٍ) وَلَوْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ بِخِلَافِ الشَّعْرِ الْآتِي اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مُتَعَدٍّ) أَيْ فِعْلٍ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ كَانَتْ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا فِي {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ فَلِلْإِلْصَاقِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ فَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى مُتَعَدِّدٍ بِدَالَيْنِ تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاسِخِ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَكُونُ لِلتَّبْعِيضِ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ رَأْسَانِ، فَالْوَاجِبُ مَسْحُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا انْحَدَرَ) وَلَوْ بِالْقُوَّةِ؛ بِأَنْ كَانَ مُتَجَعِّدًا اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا مَا انْحَدَرَ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ نُزُولِهِ وَإِنْ انْحَدَرَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى عَنْ حَدِّهِ م ر
؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ كَالْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ وَقَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا) أَيْ فِي بَلِّهِ وَغَسْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُمَا لَا يَكْفِيَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُسَمَّيَانِ مَسْحًا.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْوَجِيزِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى النَّدْبِ وَالْكُرْهِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ الْغَسْلُ
(وَ) الْخَامِسُ (غَسْلُ رِجْلَيْهِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ) مِنْ كُلِّ رِجْلٍ وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ قَالَ تَعَالَى {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] قُرِئَ بِالنَّصْبِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْوُجُوهِ لَفْظًا فِي الْأَوَّلِ وَمَعْنًى فِي الثَّانِي لِجَرِّهِ عَلَى الْجِوَارِ وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْمَعْطُوفَيْنِ لِلْإِشَارَةِ إلَى التَّرْتِيبِ بِتَقْدِيمِ الْمَسْحِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَسَيَأْتِي وَيَجُوزُ عَطْفُ قِرَاءَةِ الْجَرِّ عَلَى الرُّءُوسِ وَيُحْمَلُ الْمَسْحُ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ، أَوْ عَلَى الْغَسْلِ الْخَفِيفِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ مَسْحًا وَعَبَّرَ بِهِ فِي الْأَرْجُلِ طَلَبًا لِلِاقْتِصَادِ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْإِسْرَافِ لِغَسْلِهَا بِالصَّبِّ عَلَيْهَا وَتُجْعَلُ الْبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ عَلَى هَذَا لِلْإِلْصَاقِ وَالْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ الظَّاهِرَةُ فِي إيجَابِ الْغَسْلِ مِنْهَا قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَقْرَبُ وُضُوءَهُ فَيُمَضْمِضُ، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ فَيَنْثُرُ إلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ مَعَ الْمَاءِ إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ إلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رِجْلَيْهِ مِنْ أَنَامِلِهِ مَعَ الْمَاءِ وَفِيهِ كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ
دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْلِهِمَا وَدَلَّ عَلَى دُخُولِ الْكَعْبَيْنِ فِي الْغَسْلِ مَا دَلَّ عَلَى دُخُولِ الْمِرْفَقَيْنِ فِيهِ وَقَدْ مَرَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِرِجْلِهِ كَعْبٌ، أَوْ لِيَدِهِ مِرْفَقٌ اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ (وَ) مَعَ (الشَّقِّ وَالزَّائِدِ) فِي الرِّجْلَيْنِ مِمَّا يُحَاذِيهِمَا وَمَا عَلَيْهِمَا مِنْ شَعْرٍ وَغَيْرِهِ (كَالْيَدَيْنِ) ، فَلَوْ جَعَلَ بِالشِّقِّ شَحْمًا، أَوْ غَيْرَهُ لَزِمَهُ إزَالَتُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَقَيَّدَهُ الْجُوَيْنِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى اللَّحْمِ، فَإِنْ وَصَلَ إلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إزَالَةُ مَا عَلَيْهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ كَمَا مَرَّ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ وَالشِّقُّ وَالزَّائِدُ الْجَرُّ كَمَا تَقَرَّرَ وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَالْيَدَيْنِ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ عَيْنًا بَلْ إمَّا غَسَلَهُمَا وَهُوَ الْأَفْضَلُ لِأَصَالَتِهِ وَلِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ غَالِبًا.
(أَوْ مَسْحُ بَعْضِ عُلْوِ كُلِّ طَاهِرِ خُفٍّ) بِجَرِّ خُفٍّ بِعَطْفِ الْبَيَانِ لِطَاهِرِ إنْ قُدِّرَ تَنْوِينَهُ وَإِلَّا فَبِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ كَسُحْقِ عِمَامَةٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «جَرِيرٍ الْبَجَلِيِّ قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ» زَادَ أَبُو دَاوُد قَالُوا لِجَرِيرٍ: إنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ فَقَالَ وَمَا أَسْلَمْت إلَّا بَعْدَ نُزُولِهَا أَيْ، فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ فِيهَا بِالْغَسْلِ نَاسِخًا لِجَوَازِ الْمَسْحِ كَمَا قَالَ بِهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ وَاحْتِمَالُ رُؤْيَتِهِ لِذَلِكَ قَبْلَ إسْلَامِهِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ عَنْ «صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ
ــ
[حاشية العبادي]
يَمْسَحْ أَجُزْأَهُ كَذَا فِي الرَّوْضِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَاعْتِبَارُهُ النِّيَّةَ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَغَيْرَهُ وَقَضِيَّةُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ اهـ.
وَيُوَجَّهُ اعْتِبَارُهَا بِأَنَّ نِيَّةَ الْوُضُوءِ إنَّمَا تَنَاوَلَتْ فِعْلَهُ أَوْ فِعْلَ مَأْذُونِهِ وَوُقُوعَ الْمَطَرِ عَلَى رَأْسِهِ لَيْسَ شَيْئًا مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ لِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ إلَخْ) فَلَا تَصِحُّ حِكَايَةُ خِلَافٍ فِي نَدْبِ الْغَسْلِ
(قَوْلُهُ: عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ) قَدْ يَخْدِشُ هَذَا قَوْلُهُ: إلَى الْكَعْبَيْنِ إذْ فَرْضُ مَسْحِ الْخُفِّ لَا يَتَقَيَّدُ بِإِلَى الْكَعْبَيْنِ.
(قَوْلُهُ لِلْإِلْصَاقِ) أَيْ: لَا لِلتَّبْعِيضِ كَالْبَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ) يَنْبَغِي مِنْ غَالِبِ أَمْثَالِهِ.
(قَوْلُهُ: خَبَرُهُ كَالْيَدَيْنِ) قَدْ يَبْعُدُ هَذَا حِينَئِذٍ الْحَوَالَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلشِّقِّ لِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ فِي الْيَدَيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَسُحْقِ عِمَامَةٍ) فَيَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ بِهِ) أَيْ: بِكَوْنِهِ نَاسِخًا.
(قَوْلُهُ: خِلَافُ الظَّاهِرِ) ، بَلْ لَا يَكَادُ يُمْكِنُ مَعَ قَوْلِهِ وَمَا أَسْلَمْت إلَخْ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّمَا كَانَ هَذَا إلَخْ، وَإِلَّا فَلَا مَوْقِعَ لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى
ــ
[حاشية الشربيني]
سم.
(قَوْلُهُ: لِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ إلَخْ) كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى بَعْضِ شُرُوحِ الْحَاوِي حَيْثُ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْغُسْلُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يُنْدَبُ) وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَفِيهَا وَجْهَانِ الْأَكْثَرُونَ يُكْرَهُ وَقَالَ الْقَفَّالُ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ لَا يُكْرَهُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ
(قَوْلُهُ: لِجَرِّهِ عَلَى الْجِوَارِ) رَدَّهُ ع ش؛ بِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَى الْمَجْرُورِ حَرْفُ عَطْفٍ كَمَا فِي جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ فَحَرِّرْهُ ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ تَوْجِيهِ الْجَرَّ بِالْجِوَارِ مَا نَصُّهُ، فَإِنْ قِيلَ، إنَّمَا يَصِحُّ الِاتِّبَاعُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَاوٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَصِحَّ وَالْآيَةُ فِيهَا وَاوٌ قُلْت هَذَا غَلَطٌ، فَإِنَّ الِاتِّبَاعَ مَعَ الْوَاوِ مَشْهُورٌ فِي أَشْعَارِهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا أَنْشَدُوهُ
لَمْ يَبْقَ إلَّا أَسِيرٌ غَيْرُ مُنْفَلَتٍ
…
وَمُوثَقٍ فِي عِقَالِ الْأَسْرِ مَكْبُولٌ
فَخَفَضَ مُوثَقًا لِمُجَاوَرَتِهِ مُنْفَلِتٌ وَهُوَ مَرْفُوعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى أَسِيرٌ، فَإِنْ قَالُوا الِاتِّبَاعُ، إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا لَا لَبْسَ فِيهِ وَهَذَا فِيهِ لَبْسٌ قُلْنَا لَا لَبْسَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ حَدَّدَ بِالْكَعْبَيْنِ وَالْمَسْحُ لَا يَكُونُ إلَى الْكَعْبَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ عَطْفُ قِرَاءَةِ الْجَرِّ) أَيْ: الْعَطْفِ فِيهَا اهـ.
(قَوْلُهُ الَّذِي تُسَمِّيهِ إلَخْ) فَهُوَ إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ اهـ.
(قَوْلُهُ الْبَاءُ الْمُقَدَّرَةُ) أَيْ الْمُلَاحَظَةُ إذْ لَا تَقْدِيرَ لِوُجُودِ الْبَاءِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَسْحُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبَحْرِ اُعْتُرِضَ عَلَى صَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ؛ بِأَنَّ شَرْطَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ وَإِلَّا اُمْتُنِعَ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ مَسْحُ الْخُفِّ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشُرُوطٍ وَإِذَا لَبِسَهُ بِشَرْطِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَ دَوَامِ اللُّبْسِ التَّخْيِيرُ بَلْ وَاجِبُهُ الْمَسْحُ، فَإِنْ نَزَعَ، فَالْغَسْلُ وَلِأَنَّ غَسْلَ الرِّجْلِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ فَوَاتِ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ، إنَّ الرِّجْلَ تُغْسَلُ وَهِيَ فِي الْخُفِّ اهـ.
وَفِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ نَظَرَ لِأَنَّ هَذَا الْغَسْلَ
قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ، أَوْ سَفَرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» يَعْنِي أَرْخَصَ لَنَا فِي الْمَسْحِ عَلَى خِفَافِنَا مَعَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَيْ وَنَحْوِهَا وَلَمْ نُؤْمَرْ بِنَزْعِهَا إلَّا فِي حَالِ الْجَنَابَةِ أَيْ وَنَحْوِهَا وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ الْغَسْلِ وَلِمَجِيئِهِ فِي النَّسَائِيّ بِلَفْظِ أَرْخَصَ لَنَا، نَعَمْ الْمَسْحُ أَفْضَلُ إذَا تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ، أَوْ شَكًّا فِي جَوَازِهِ أَوْ خَافَ فَوَاتَ عَرَفَةَ، أَوْ إنْقَاذِ أَسِيرٍ، أَوْ نَحْوَهُ.
وَصَنِيعُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي أَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ خَاصٌّ بِالْوُضُوءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ فِي غَسْلِ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ إذْ لَا يَتَكَرَّرَانِ تَكَرُّرَ الْوُضُوءِ، وَاكْتَفَى بِمَسْحِ بَعْضِ الْخُفِّ لِتَعَرُّضِ النُّصُوصِ لِمُطْلَقِهِ كَمَا فِي الرَّأْسِ، وَكَالْمَسْحِ الْبَلُّ وَالْغُسْلُ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَخَرَجَ بِعُلْوِهِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ سُفْلُهُ كَذَلِكَ وَبَطْنُهُ وَحَرْفُهُ وَعَقِبُهُ لِأَنَّ اعْتِمَادَ الرُّخْصَةِ الِاتِّبَاعُ وَلَمْ يَرِدْ الِاقْتِصَارُ عَلَى غَيْرِ عُلْوِهِ وَبِكُلِّ مَسْحِ رِجْلٍ وَغَسْلِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِي عِبَادَةٍ يَمْنَعُ التَّوْزِيعَ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ هَذَا عُلِمَ مِنْ تَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ، فَلَوْ كَانَتْ الْأُخْرَى عَلِيلَةً امْتَنَعَ أَيْضًا لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ عَنْهَا فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ رِجْلٌ وَاحِدَةٌ فَكَالرِّجْلَيْنِ وَبِطَاهِرِ النَّجَسِ وَالْمُتَنَجِّسِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَفَائِدَةُ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: أَوْ سَفَرًا) شَكٌّ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ) أَيْ لَكِنْ نَتْرُكُ النَّزْعَ مِنْ غَائِطٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِلَفْظِ أَرْخَصَ لَنَا) لَا يَخْفَى مَا فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مَعَ انْقِسَامِ الرُّخْصَةِ إلَى الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمُبَاحِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهَا الْإِبَاحَةُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ خَافَ فَوْتَ عَرَفَةَ أَوْ إنْقَاذَ أَسِيرٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهُ فِي هَذَيْنِ إيجَابُ مَسْحِ الْخُفِّ بِرّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إنْقَاذَ أَسِيرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ: وَإِزَالَةَ نَجَاسَةٍ) فَلَا يَكْفِي مَسْحُ الْخُفِّ عَنْ إزَالَةِ نَجَاسَةِ الرِّجْلِ.
(قَوْلُهُ: عُلِمَ مِنْ تَخْيِيرِهِ) أَيْ: الْحَاوِي.
(قَوْلُهُ: اُمْتُنِعَ) أَيْ التَّوْزِيعُ.
(قَوْلُهُ: فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ) أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا وَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْعَلِيلَةِ وَغَسْلُ الصَّحِيحَةِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ لَهُ رِجْلٌ وَاحِدَةٌ) وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ أَرْجُلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ لُبْسِ خُفٍّ لِكُلِّ رِجْلٍ وَمَسْحُ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِ أَوْ رِجْلٍ زَائِدَةٍ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهَا إنْ نَبَتَتْ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ وَمَا حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ مِنْ الْأَصْلِيَّةِ إنْ نَبَتَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَالْقِيَاسُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهَا الْخُفَّ؛ لِأَنَّهَا كَبَعْضِ الْأَصْلِيَّةِ وَكَإِصْبَعٍ زَائِدَةٍ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهَا الْخُفَّ لِأَجْلِ وُجُوبِ تَطْهِيرِ الْمُحَاذِي مِنْهُمَا لَكِنْ هَلْ يَجِبُ إدْخَالُهَا خُفًّا مُسْتَقِلًّا أَوْ يَكْفِي جَمْعُهَا مَعَ الْأَصْلِيَّةِ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يَكْفِي مَسْحُ مَا يُحَاذِيهَا مِنْ الْخُفِّ دُونَ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ مُحَاذِي الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ الزَّائِدَةِ بِخِلَافِ الْأَصْلِيَّةِ وَمُحَاذِي الزَّائِدَةِ دُونَ الْأَصْلِيَّةِ لَيْسَ مَنْسُوبًا لِلْأَصْلِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ اشْتَبَهَتْ الْأَصْلِيَّةُ بِالزَّائِدَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى خُفِّ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ كَانَا فِي خُفَّيْنِ أَوْ الْمُحَاذِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا إنْ كَانَا فِي وَاحِدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَسْحُ خُفِّ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ مُحَاذِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الزَّائِدَةِ بِخِلَافِ الْأَصْلِيَّةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ لَهُ رَأْسَانِ لَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ بَعْضِ كُلٍّ إنْ كَانَتَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ مُشْتَبَهَيْنِ وَبَعْضِ الْأَصْلِيَّةِ إنْ تَمَيَّزَتْ عَنْ الزَّائِدَةِ م ر وَقَوْلُهُ: كَبَعْضِ الْأَصْلِيَّةِ فَيَكْفِي إدْخَالُهَا مَعَ الْأَصْلِيَّةِ خُفًّا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ إلَى قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَا يُفِيدُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلًا رَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: عَسَّالٌ) بِعَيْنٍ ثُمَّ شِينٍ مُشَدَّدَةٍ مُهْمَلَتَيْنِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
وَآخِرُهُ لَامٌ كَمَا هُوَ بِخَطِّ الْإِمَامِ الْأَذْرَعِيِّ رحمه الله اهـ.
(قَوْلُهُ سَفْرًا) بِالتَّنْوِينِ جَمْعُ سَافِرٍ وَقِيلَ، إنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ بِوَاحِدَةٍ بَلْ قَدَّرُوهُ وَقِيلَ نَطَقَ بِهِ اهـ.
مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ) نَبَّهَ بِالْجَنَابَةِ عَلَى مَا فِي مَعْنَاهَا كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. اهـ. مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ) أَيْ: لَكِنْ لَا تَنْزِعُ مِنْ غَائِطٍ إلَخْ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ أَمَرَنَا بِنَزْعِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ وَفَائِدَتُهُ بَيَانُ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْمَسْحُ وَنَبَّهَ بِمَا ذَكَرَهُ عَلَى مَا فِي مَعْنَاهُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
يَعْنِي قَوْلَهُ إلَّا مِنْ الْجَنَابَةِ يُفِيدُ تَخْصِيصَ الْجَنَابَةِ مَعَ أَنَّ نَحْوَهَا مِثْلُهَا فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ الْجَنَابَةَ بَلْ مِثْلُهَا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَيْ: وَنَحْوُهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَرْخَصَ) حِلٌّ مَعْنَى.
(قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِدَلِيلِ) رِوَايَةِ النَّسَائِيّ «أَرْخَصَ لَنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا» بَدَلَ أَمَرَنَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الشَّارِحِ اهـ. .
(قَوْلُهُ: مِنْ تَخْيِيرِهِ) أَيْ: صَاحِبِ الْحَاوِي حَيْثُ قَالَ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَشُقُوقِهِمَا أَوْ مَسْحِ أَعْلَى كُلِّ خُفٍّ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَخْيِيرُهُ) أَيْ: الْحَاوِي كَذَا بَطِرَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: الْأُخْرَى) أَيْ الَّتِي لَمْ يَرِدْ الْمَسْحُ عَلَيْهَا فَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَغَسْلُ الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ عَنْهَا فَهِيَ إلَخْ) أَيْ: وَالتَّيَمُّمُ كَالْغُسْلِ لِلصَّحِيحَةِ فَأَمَّا أَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَةَ وَيَتَيَمَّمَ عَنْ الْعَلِيلَةِ أَوْ يَلْبَسَ الْخُفَّ فِيهِمَا بَعْدَ طَهَارَتِهِمَا هَذِهِ وَيَمْسَحَ عَلَيْهِمَا مَعًا لِتَسَاوِيهِمَا فِي وُجُوبِ طَهَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ الْمَسْحِ اهـ. هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِلْمُحَشِّي هُنَا وَفِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ فَانْظُرْهُ اهـ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْعَلِيلَةُ كَالصَّحِيحَةِ فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الصَّحِيحَةِ فَقَطْ لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْعَلِيلَةِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ بَعْدَ كَلَامٍ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلِيلَةً بِحَيْثُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا فَلَبِسَ الْخُفَّ فِي الصَّحِيحَةِ قَطَعَ الدَّارِمِيُّ بِصِحَّةِ الْمَسْحِ وَقَطَعَ صَاحِبُ الْبَيَانِ بِمَنْعِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ التَّيَمُّمُ عَنْ الرِّجْلِ الْعَلِيلَةِ فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ التَّيَمُّمِ) فَهِيَ وَاجِبَةُ الطَّهَارَةِ وَالطَّهَارَةُ لَا تَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَفْقُودَةً اهـ.
(قَوْلُهُ:
الْمَسْحِ وَإِنْ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيهَا فَالْقَصْدُ الْأَصْلِيُّ مِنْهُ الصَّلَاةُ وَغَيْرُهَا تَبَعٌ لَهَا، وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلُ الرِّجْلِ وَهِيَ لَا تُغْسَلُ عَنْ الْوُضُوءِ مَا لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهَا، فَكَذَا بَدَلُهَا وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ كَلَامَ التَّبْصِرَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ وَيَسْتَفِيدُ بِهِ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ وَالصَّلَاةِ إنْ غَسَلَ النَّجَاسَةَ رَدَّهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَايَاتِيُّ بِأَنَّ كَلَامَهَا مُحْتَمَلٌ، بَلْ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ طَرَأَتْ النَّجَاسَةُ بَعْدَ الْمَسْحِ.
نَعَمْ إنْ كَانَ مُتَنَجِّسًا بِمَعْفُوٍّ عَنْهُ وَمَسَحَ الْمَحَلَّ الطَّاهِرَ مِنْ أَعْلَاهُ جَازَ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَدَخَلَ فِي الْخُفِّ الْمُتَّخَذُ مِنْ جِلْدٍ وَلَبَدٍ وَزُجَاجٍ وَخَشَبٍ وَحَدِيدٍ وَخِرَقٍ مُطْبَقَةٍ وَنَحْوِهَا، فَيَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهَا إذَا اتَّصَفَتْ بِالصِّفَاتِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لِلْحَاجَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْجَمِيعِ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا يُسَمَّى خُفًّا كَجِلْدَةٍ لَفَّهَا عَلَى رِجْلِهِ وَشَدَّهَا بِالرَّبْطِ اتِّبَاعًا لِلنُّصُوصِ (قَوِيّ) بِالْإِسْكَانِ لِلْوَزْنِ فَلَا يَكْفِي ضَعِيفٌ كَجَوْرَبٍ ضَعِيفٍ مِنْ صُوفٍ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى مِثْلِهِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ (مُمْكِنِ مَشْيِ) فِيهِ لِتَرَدُّدِ مُسَافِرٍ لِحَاجَتِهِ عِنْدَ الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَلَوْ كَانَ لَابِسُهُ مُقْعَدًا فَلَا يَكْفِي مَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ لِثِقَلِهِ، أَوْ تَحْدِيدِ رَأْسِهِ، أَوْ إفْرَاطِ سَعَتِهِ، أَوْ ضِيقِهِ، أَوْ نَحْوِهَا إذْ لَا حَاجَةَ، وَلَا فَائِدَةَ فِي إدَامَةِ مِثْلِ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ الضَّيِّقُ يَتَّسِعُ بِالْمَشْيِ فِيهِ عَنْ قُرْبٍ كَفَى (سَاتِرِ مَحَلِّ فَرْضٍ) وَهُوَ الْقَدَمُ بِكَعْبَيْهِ فَلَا يَكْفِي مَا لَا يَسْتُرُهُ، وَلَوْ مِنْ مَحَلِّ الْخَرْزِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْغَسْلُ.
وَالْمُرَادُ بِالسَّاتِرِ الْحَائِلِ لَا مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ، فَيَكْفِي الشَّفَّافُ عَكْسُ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا مَنْعُ نُفُوذِ الْمَاءِ، وَثَمَّ مَنْعُ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ سَاتِرًا مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ (لَا مِنْ الْأَعْلَى) فَيَكْفِي وَاسِعٌ تُرَى الْقَدَمُ مِنْ أَعْلَاهُ عَكْسُ سَتْرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ هُنَا مِنْ الْأَسْفَلِ وَثَمَّ مِنْ الْأَعْلَى (حَبِسْ بِهِ) أَيْ مَنَعَ بِالْخُفِّ (نُفُوذُ الْمَا) لَوْ صَبَّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّ الْخَرْزِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَا يَكْفِي مَا لَا يَمْنَعُ نُفُوذَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ الْخِفَافِ الْمُنْصَرِفِ إلَيْهَا نُصُوصُ الْمَسْحِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَاءِ الْغَسْلِ لَا بِمَاءِ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفُذُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَبِتَقْدِيرِ نُفُوذِهِ فَالْعِبْرَةُ بِهِمَا مَعًا لَا بِمَاءِ الْمَسْحِ فَقَطْ كَمَا زَعَمَهُ جَمَاعَةٌ، مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى بِالتَّنْصِيصِ اعْتِبَارُ مَاءِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِخِلَافِ مَاءِ الْمَسْحِ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُمْكِنُ مَشْيٍ (عَلَى الطُّهْرِ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ (لُبِسْ) لِخَبَرِ ابْنَيْ خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحِهِمَا عَنْ أَبِي بَكْرَةَ
ــ
[حاشية العبادي]
إلَخْ مَالَ إلَيْهِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلُ الرِّجْلِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ غَسْلُ الرِّجْلِ مَعَ وُجُودِهِ كَدُهْنٍ جَامِدٍ وَشَوْكَةٍ بِهَا وَوَسَخٍ تَحْتَ أَظْفَارِهَا لَا يَصِحُّ مَسْحُ الْخُفِّ مَعَ وُجُودِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلُ الرِّجْلِ إلَخْ) هَذَا مُنْتَقِضٌ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَعْفُوَّ عَنْهَا تَمْنَعُ الْغُسْلَ دُونَ الْمَسْحِ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّعْمِيمِ مَعَ اغْتِفَارِ بَقَائِهَا فِي نَفْسِهَا.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَزُلْ نَجَاسَتُهَا) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ الْحَائِلَ بِالدُّهْنِ الْجَامِدِ كَالنَّجَاسَةِ فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ مَعَ وُجُودِهِ.
(قَوْلُهُ يَمْسَحُ عَلَى الْمُتَنَجِّسِ) أَيْ عَلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَسْحِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا أُوِّلَ بِهِ لَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهَا فَضْلًا عَنْ ظُهُورِهِ فِيهِ كَمَا يُعْرَفُ بِمُرَاجَعَتِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَسْحُ الْمَحَلِّ الطَّاهِرِ) بِخِلَافِ مَسْحِ الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ لَا يَكْفِي، بَلْ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ مَسَحَهُ سَهْوًا م ر.
(قَوْلُهُ قَوِيَ) الْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْقُوَّةِ مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّ بِهِ دُخُولَ وَقْتِ الْمَسْحِ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ تَرَدُّدُ الْمُقِيمِ فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ وَقْتِ اللُّبْسِ لَا مِنْ وَقْتِ الْمَسْحِ لَمْ يَكْفِ م ر.
(قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِ مُسَافِرٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ الْمُرَادَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِحَوَائِجِ سَفَرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيمِ وَسَفَرِ ثَلَاثَةٍ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا لِلْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يَجِبُ نَزْعُهُ فَقُوَّتُهُ تُعْتَبَرُ بِأَنْ يُمْكِنَ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِذَلِكَ اهـ.
مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ قَوْلُهُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ الْوَجْهُ اعْتِبَارُ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ لَا مِنْ اللُّبْسِ وَأَقُولُ يُتَّجَهُ أَنَّ اعْتِبَارَ التَّرَدُّدِ لِحَوَائِجِ سَفَرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا لِلْمُسَافِرِ إنَّمَا هُوَ لِصِحَّةِ مَسْحِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِحَوَائِجِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَطْ وَأَرَادَ الْمَسْحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَلَا يُتَّجَهُ إلَّا الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمُقِيمِ أَوْ لِحَوَائِجِ يَوْمَيْنِ بِلَيْلَتَيْهِمَا مَثَلًا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ فِي الْيَوْمَيْنِ بِلَيْلَتَيْهِمَا أَوْ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا زَادَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِ الْمُسَافِرِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَسْحِ الْمُقِيمِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَالْمُتَّجَهُ فِي الْمُقِيمِ اعْتِبَارُ إمْكَانِ التَّرَدُّدِ لِحَاجَةِ إقَامَتِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ سَفَرِهِ وَحَوَائِجِهِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ صَبَّ إلَخْ) فَارَقَ ظُهُورَ شَيْءٍ مِنْ الرِّجْلِ مِنْ مَحَلِّ الْخَرَزِ حَيْثُ يَضُرُّ بِعُسْرِ اشْتِرَاطِ مَنْعِ نُفُوذِ الْمَاءِ مِنْهَا دُونَ رُؤْيَةِ مَا تَحْتَهَا مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نُفُوذٌ
(قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِهِمَا مَعًا) أَيْ: فَلَا يَكْفِي مَا يَمْنَعُ مَاءَ الْمَسْحِ وَلَا يَمْنَعُ مَاءَ الْغَسْلِ وَالصَّبِّ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ اعْتِبَارَهُ) أَيْ: مَاءِ الْمَسْحِ مِنْ الْحَدَثَيْنِ أَيْ: فَلَا يَكْفِي بَعْدَ الْغُسْلِ إذْ قُلْنَا بِعَدَمِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَإِنْ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيهَا إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ لِمَ لَا يَمْسَحُ الْخَالِي مِنْ النَّجَاسَةِ وَيَسْتَبِيحُ بِهِ نَحْوَ مَسِّ الْمُصْحَفِ ثُمَّ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ أَزَالَهُ.
(قَوْلُهُ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ) أَيْ: فِي أَدَاءِ الطَّهَارَةِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا فِي نَفْسِ الطَّهَارَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ كَلَامَ التَّبْصِرَةِ إلَخْ) اخْتَارَ ابْنُ الْمُقْرِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّبْصِرَةِ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: قَوِيٌّ) أَيْ يُمْكِنُ التَّرَدُّدُ فِيهِ لِمَا سَيَأْتِي يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِلْمُسَافِرِينَ مِنْ أَوَّلِ حَدَثٍ إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ اهـ.
شَيْخُنَا ذ رحمه الله.
(قَوْلُهُ: مُمْكِنٌ مَشَى) أَيْ: بِلَا مَدَاسٍ شَيْخُنَا ذ.
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ إلَخْ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ اسْتِدْلَالٌ عَلَى
«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْخَصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا» ، وَلِأَنَّ الطُّهْرَ شَرْطٌ فِي اللُّبْسِ وَمَا شُرِطَ فِيهِ الطُّهْرُ شُرِطَ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ بِكَمَالِهِ كَالصَّلَاةِ.
فَلَوْ لَبِسَهُ قَبْلَ غَسْلِ رِجْلَيْهِ وَغَسَلَهُمَا فِيهِ لَمْ يَكْفِ إلَّا أَنْ يَنْزِعَهُمَا مِنْ مَقَرِّهِمَا، ثُمَّ يُدْخِلَهُمَا فِيهِ، وَلَوْ أَدْخَلَ إحْدَاهُمَا بَعْدَ غَسْلِهَا، ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا لَمْ يَكْفِ إلَّا أَنْ يَنْزِعَ الْأُولَى مِنْ مَقَرِّهَا، ثُمَّ يُدْخِلَهَا فِيهِ، فَإِنْ قُلْت هَلَّا اكْتَفَى بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّهَا كَالِابْتِدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِيمَانِ؛ قُلْنَا إنَّمَا يَكُونُ كَالِابْتِدَاءِ إذَا كَانَ الِابْتِدَاءُ صَحِيحًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْعِبْرَةُ بِوُصُولِهِمَا إلَى مَقَرِّهِمَا، فَلَوْ غَسَلَهُمَا فِي سَاقِ الْخُفِّ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا فِي الْمَقَرِّ كَفَى، وَلَوْ أَدْخَلَهُمَا فِيهِ مُتَطَهِّرًا وَأَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِهِمَا إلَى الْمَقَرِّ لَمْ يَكْفِ وَفَارَقَ عَدَمُ بُطْلَانِ الْمَسْحِ فِيمَا لَوْ أَزَالَهُمَا مِنْ مَقَرِّهِمَا إلَى سَاقَ الْخُفِّ وَلَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ بِالْعَمَلِ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا وَبِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ كَالْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ دُونَ دَوَامِهِ (غَيْرَ حَلَالٍ) أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي مَغْصُوبًا، وَإِنْ فُهِمَ مِنْ الْمَغْصُوبِ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى أَيْ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ.
وَإِنْ (كَانَ) حَرَامًا كَالْمَغْصُوبِ وَالذَّهَبِ
ــ
[حاشية العبادي]
الِانْدِرَاجِ وَشَمَلَ الطُّهْرُ وُضُوءَ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَذَا شَمَلَ التَّيَمُّمُ إذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ إعْوَازَ الْمَاءِ فَيَمْسَحُ إذَا كَانَ سَبَبُ التَّيَمُّمِ قَائِمًا ثُمَّ تَكَلَّفَ الْغَسْلَ بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الطُّهْرَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الدَّلِيلِ أَنَّ اشْتِرَاطَ تَقَدُّمِهِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْمَتْنِ هُوَ مُقْتَضَى كَوْنِهِ شَرْطًا وَلَيْسَ فِي هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِمَحَلِّ النِّزَاعِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ مَنْ لَا تَأَمُّلَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: قُلْنَا إنَّمَا يَكُونُ كَالِابْتِدَاءِ إلَى آخِرِ الْجَوَابِ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَأَيْضًا الْحُكْمُ هُنَا إنَّمَا هُوَ مَنُوطٌ بِالِابْتِدَاءِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ «إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ» وَفِي خَبَرِ «الْمُغِيرَةِ دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» حَيْثُ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِإِدْخَالِهِمَا طَاهِرَتَيْنِ وَنَظِيرُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا، فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ الدُّخُولِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي سَاقِ الْخُفِّ) أَيْ: سَوَاءٌ اعْتَدَلَ أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: إلَى سَاقِ الْخُفِّ) أَيْ: الْمُعْتَدِلِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ قُبَيْلَ أَوْ حَلَّ شَدَّ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ حَلَالٍ) شَامِلٌ لِجِلْدِ الْآدَمِيِّ فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِحِلِّ لُبْسِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لُبْسٌ،، وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ نَحْوُ جِلْدِ الْآدَمِيِّ، وَلَوْ حَرْبِيًّا،، وَإِنْ جَازَ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي الِاسْتِعْمَالِ مِنْ مُنَافَاةِ احْتِرَامِ هَذَا الْجِنْسِ مَا لَيْسَ فِي الْإِغْرَاءِ م ر وَأَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مِنْ جَوَازِ إغْرَاءِ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَةِ الْحَرْبِيِّ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ جِلْدِهِ وَنَحْوُهُ وَهَذَا كُلُّهُ بِخِلَافِ خُفِّ الْمُحْرِمِ لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِحُرْمَةِ لُبْسِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لُبْسًا، وَإِنْ حَلَّ مِنْ حَيْثُ
ــ
[حاشية الشربيني]
وُجُوبِ تَقْدِيمِ الطُّهْرِ بِكَمَالِهِ عَلَى اللُّبْسِ خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَهُ قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الطُّهْرَ شَرْطٌ فِي اللُّبْسِ) إنْ ثَبَتَ عَنْ الْمُخَالِفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ طُهْرٍ عَلَى اللُّبْسِ وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ؛ بِأَنْ غَسَلَ الرِّجْلَيْنِ بَعْدَهُ ثُمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال وَيَكُونُ اسْتِدْلَالًا عَلَى وُجُوبِ كَمَالِ الطُّهْرِ قَبْلَهُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُخَالِفَ لَا يَشْتَرِطُ قَبْلَ اللُّبْسِ طُهْرًا أَصْلًا وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ فِي الِاسْتِدْلَالِ مِنْ الْمُقَدِّمَةِ الَّتِي نَقَلْنَاهَا بِالْهَامِشِ الْآتِي تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ سَلَكَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْأَسَالِيبِ طَرِيقَةً حَسَنَةً أَيْ: فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ فِي لُبْسِ الْخُفِّ فَقَالَ: تَقَدُّمُ الطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى الْمَسْحِ شَرْطٌ بِالِاتِّفَاقِ وَالطَّهَارَةُ تُرَادُ لِغَيْرِهَا، فَإِنْ تَخَيَّلَ مُتَخَيِّلٌ أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ لِلْمَسْحِ كَانَ مُحَالًا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ يَتَقَدَّمُهُ الْحَدَثُ وَهُوَ نَاقِضٌ لِلطَّهَارَةِ فَاسْتَحَالَ تَقْدِيرُهَا شَرْطًا فِيهِ مَعَ تَخَلُّلِ الْحَدَثِ فَوَضَحَ أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي اللُّبْسِ وَكُلُّ مَا شُرِطَتْ الطَّهَارَةُ فِيهِ شُرِطَ تَقْدِيمُهَا بِكَمَالِهَا عَلَى ابْتِدَائِهِ ثُمَّ اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ فِي اللُّبْسِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ قُرْبَةً وَإِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ اللُّبْسِ بَطَلَتْ طَهَارَتُهُ وَلَا تَنْقَطِعُ الطَّهَارَةُ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ مَأْخَذِ الْمَعْنَى وَالْمَسْحُ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ فَتَثْبُتُ حَيْثُ نَتَحَقَّقُهُ وَإِذَا تَرَدَّدَ فِيهِ تَعَيَّنَ الرُّجُوعِ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ غَسْلُ الرِّجْلِ اهـ.
فَهَذَا مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ إلَخْ إلَّا أَنَّهُ حَذَفَ قَوْلَهُ تَقَدُّمُ الطَّهَارَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى الْمَسْحِ شَرْطٌ بِالِاتِّفَاقِ إلَى آخِرِ الْمُقَدِّمَةِ الْأُولَى وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهَا وَبِهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ انْدَفَعَ اسْتِدْلَالُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ إكْمَالِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ اللُّبْسِ بِقَوْلِهِ، إنَّهُ يَمْسَحُ إذَا أَحْدَثَ؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسٍ وَطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) هَذَا دَلِيلُ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ لُبْسِهِمَا عَلَى حَدَثٍ ثُمَّ يُكَمِّلُ الطَّهَارَةَ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَالْمُزَنِيِّ
وَالْفِضَّةِ (أَوْ مَشْقُوقَا إنْ شُدَّ) بِالْعُرَى بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا فِي التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ الْمَغْصُوبِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عِنْدَ الْبَنْدَنِيجِيِّ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ مُسْتَوْفٍ بِهِ مَا شَرَعَ اللَّابِسُ لَا أَنَّهُ الْمُجَوِّزُ لِلرُّخْصَةِ قَالَ وَبِهِ فَارَقَ مَنْعُ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، إذْ الْمُجَوِّزُ لَهُ السَّفَرُ، وَمَا قَالَهُ قَدْ يُوكِلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِجْمَارِ بِالْمُحْتَرَمِ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِحُصُولِ السَّتْرِ وَسُهُولَةِ الِارْتِفَاقِ بِهِ فِي الْإِزَالَةِ وَالْإِعَادَةِ وَبِهَذَا فُرِّقَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِقِطْعَةِ أُدْمٍ لَفَّهَا عَلَى قَدَمَيْهِ وَأَحْكَمَهَا بِالشَّدِّ أَمَّا إذَا لَمْ يَشُدَّ بِالْعُرَى فَلَا يَكْفِي لِظُهُورِ مَحَلِّ الْفَرْضِ إذَا مَشَى (لَا الْمَخْرُوقَ)، وَإِنْ لَمْ يَفْحُشْ تَخَرُّقُهُ فَلَا يَكْفِي لِظُهُورِ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَمَا أَفَادَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ: سَاتِرُ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُلْحِقُوهُ بِالصَّحِيحِ كَمَا فِي فِدْيَةِ الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ نِيطَ بِالسَّتْرِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالْمَحْرُوقِ، وَالْفِدْيَةُ بِالتَّرَفُّهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِهِ، فَإِنْ حَصَلَ السَّتْرُ مَعَ التَّخَرُّقِ بِأَنْ تَخَرَّقَتْ الظِّهَارَةُ، أَوْ الْبِطَانَةُ، أَوْ هُمَا بِلَا تَحَاذٍ، وَكَانَ الْبَاقِي قَوِيًّا كَفَى، وَإِنْ نَفَذَ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، وَلَوْ تَخَرَّقَ وَتَحْتَهُ جَوْرَبٌ يَسْتُرُ مَحَلَّ الْفَرْضِ لَمْ يَكْفِ بِخِلَافِ الْبِطَانَةِ؛ لِأَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْخُفِّ وَلِهَذَا تَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْجَوْرَبِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَأَقَرَّهُ.
(وَ) لَا (الْجُرْمُوقَا) هُوَ فِي الْأَصْلِ شَيْءٌ كَالْخُفِّ فِيهِ وُسْعٌ يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ لِلْبَرْدِ وَأَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ خُفٌّ فَوْقَ خُفٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاسِعًا لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهِ فَلَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ (فَوْقَ قَوِيٍّ) ، سَوَاءٌ كَانَ ضَعِيفًا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ قَوِيًّا لِوُرُودِ الرُّخْصَةِ فِي الْخُفِّ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالْجُرْمُوقُ لَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ فَوْقَ ضَعِيفٍ فَيَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ الْخُفُّ وَالْأَسْفَلُ كَاللِّفَافَةِ وَإِلَّا فَلَا كَالْأَسْفَلِ لِضَعْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ (لَا إنْ الْبَلُّ سَقَطْ) مِنْ الْأَعْلَى (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْأَسْفَلِ الْقَوِيِّ فَيَكْفِي إنْ كَانَ بِقَصْدِ مَسْحِ الْأَسْفَلِ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ بِقَصْدِ مَسْحِهِمَا مَعًا إلْغَاءً لِقَصْدِ الْأَعْلَى كَمَا فِي اجْتِمَاعِ نِيَّةِ التَّبَرُّدِ وَالْوُضُوءِ، أَوْ لَا بِقَصْدِ مَسْحِ شَيْءٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إسْقَاطَ الْفَرْضِ بِالْمَسْحِ وَقَدْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَيْهِ (لَا بِقَصْدِ) مَسْحِ (جُرْمُوقٍ فَقَطْ) فَلَا يَكْفِي لِقَصْدِهِ مَا لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَيُتَصَوَّرُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْأَسْفَلِ فِي الْقَوِيَّيْنِ بِصَبِّهِ فِي مَحَلِّ الْخَرَزِ.
وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ، مَثَلًا بَيْنَهُمَا وَمَسَحَ الْأَسْفَلَ الْقَوِيَّ كَفَى وَلَوْ تَخَرَّقَ الْأَسْفَلُ وَهُوَ بِطَهَارَةِ لُبْسِهِ، أَوْ مَسْحِهِ فَلَهُ مَسْحُ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَصْلًا لِخُرُوجِ الْأَسْفَلِ عَنْ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْمَسْحِ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَلَا كَاللُّبْسِ عَلَى حَدَثٍ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْخُفُّ ذُو الطَّاقَيْنِ غَيْرِ الْمُلْتَصِقَيْنِ كَالْجُرْمُوقِ قَالَ وَعِنْدِي يَجُوزُ مَسْحُ الْأَعْلَى فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُفٌّ وَاحِدٌ فَمَسْحُ الْأَسْفَلِ كَمَسْحِ بَاطِنِ الْخُفِّ، وَلَوْ لَبِسَ خُفًّا فَوْقَ جَبِيرَةٍ لَمْ يَجُزْ مَسْحُهُ
ــ
[حاشية العبادي]
كَوْنُهُ اسْتِعْمَالًا.
(قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ الْمُجَوِّزُ لِلرُّخْصَةِ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجَوِّزًا لِلرُّخْصَةِ فَمَا الْمُجَوِّزُ لَهَا اهـ.
قُلْت قَدْ يُقَالُ الْمُجَوِّزُ لَهَا دَفْعُ الْمَشَقَّةِ فِي النَّزْعِ وَالْغَسْلِ.
(قَوْلُهُ قَدْ يُشْكِلُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَمَّ لِمَعْنًى قَائِمٍ بِالْآلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا اهـ.
(قَوْلُهُ: بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِجْمَارِ) ، فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُجَوِّزَ لِلرُّخْصَةِ مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي فِدْيَةِ الْمُحْرِمِ) بِأَنْ سَتَرَ رَأْسَهُ بِمَخْرُوقٍ أَوْ لَبِسَ قَمِيصًا مَخْرُوقًا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ: لِفَقْدِ شَرْطِ الْخُفِّ.
(قَوْلُهُ: لِخُرُوجِ الْأَسْفَلِ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ انْقِطَاعُ الْمُدَّةِ بِتَخَرُّقِ الْأَسْفَلِ وَابْتِدَاءِ مُدَّةٍ مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ التَّخَرُّقِ أَوْ أَنَّهُ يَبْنِي مَسْحَ الْأَعْلَى عَلَى مَا مَضَى وَالْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُفٌّ وَاحِدٌ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا خِيطَتْ إحْدَى الطَّاقَيْنِ بِالْأُخْرَى
ــ
[حاشية الشربيني]
وَدَاوُد اهـ.
مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ إلَخْ) سَوَاءٌ بَدَنُهُ وَلِفَافَةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مَا ظَهَرَ يَسِيرًا جِدًّا اهـ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى جَمِيعِ الْخِفَافِ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ الْخَرْقُ يَسِيرًا مَسَحَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الْخَرْقُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إنْ ظَهَرَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ لَمْ يَجُزْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَانَ الْبَاقِي إلَخْ) بِحَيْثُ يَكُونُ مُقَابِلُ خَرْقِ الظِّهَارَةِ مِنْ الْبِطَانَةِ وَخَرْقُ الْبِطَانَةِ مِنْ الظِّهَارَةِ قَوِيًّا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَذَ الْمَاءُ إلَخْ) لِحُصُولِ السَّتْرِ مَعَ الْقُوَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَخَرَّقَ وَنَفَذَ الْمَاءُ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْجَوْرَبِ) هُوَ خُفٌّ غَيْرُ مُنَعَّلٍ لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ الْمُدَّةَ الْمَشْرُوعَةَ.
(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ إلَخْ) سَوَاءٌ اتَّسَعَ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ: لَا بِقَصْدٍ) أَيْ وَلَوْ احْتِمَالًا؛ بِأَنْ قَصَدَ وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ، فَإِنَّهُ يَتَحَقَّقُ فِي الْجُرْمُوقِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَسَحَهُ) وَلَهُ مَسْحُ الْأَعْلَى هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ إذَا جَوَّزْنَا الْمَسْحَ هُنَا فَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ لَا مِنْ حَيْثُ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِ الْجُرْمُوقِ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِبِنَاءِ لُبْسِهِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَسْحِ الْمُعْتَبَرِ فِيهَا مُدَّتُهُ فَهُوَ وَالْأَصْلِيُّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ تَدَبَّرْ وَبِهِ يَنْدَفِعُ اسْتِظْهَارُ الْمُحَشِّي مَا ذَكَرَهُ وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَا مَا سَيَأْتِي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ ثُمَّ أَحْدَثَ كَانَ ابْتِدَاءُ مُدَّتِهِ مِنْ حَدَثِهِ الْأَوَّلِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَسْحِ بَاطِنِ الْخُفِّ) أَيْ: وَجْهُ الْجِلْدِ الَّذِي يَلِي الرِّجْلَ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
لِأَنَّهُ
؛ لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ فَوْقَ مَمْسُوحٍ كَالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ (يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ الْإِحْدَاثِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (وَسَفَرَ الْقَصْرِ) بِنَصَبِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ أَوْ مَسْحُ خُفٍّ فِي غَيْرِ سَفَرِ الْقَصْرِ، وَلَوْ حَضَرًا يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ الْحَدَثِ بَعْدَ اللُّبْسِ وَفِي سَفَرِ الْقَصْرِ (إلَى ثَلَاثِ) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا لِخَبَرِ ابْنَيْ خُزَيْمَةُ وَحِبَّانَ السَّابِقِ وَسَوَّغَ حَذْفَ تَاءِ ثَلَاثٍ حَذْفُ مَعْدُودِهَا، أَوْ اعْتِبَارُ اللَّيَالِيِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّارِيخِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا عَشْرًا} [طه: 103] وَابْتُدِئَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الْحَدَثِ أَيْ انْتِهَائِهِ لِأَنَّ وَقْتَ جَوَازِ الْمَسْحِ يَدْخُلُ بِهِ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّتُهُ مِنْهُ إذْ لَا مَعْنًى لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ غَيْرَ الزَّمَنِ الَّذِي يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ.
وَقِيلَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمَسْحِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلْأَخْبَارِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهُ يَمْسَحُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الْمَسْحِ، وَلِأَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ حَضَرًا وَمَسَحَ سَفَرًا كَمُلَ الثَّلَاثَةُ اعْتِبَارًا بِالْمَسْحِ.
قَالَ وَأَجَابَ الْأَصْحَابُ عَنْ الْأَخْبَارِ بِأَنَّا نَقُولُ بِمَا صَرَّحْت بِهِ إذَا مَسَحَ عَقِبَ الْحَدَثِ، فَإِنْ أَخَّرَ فَهُوَ مُفَوِّتٌ عَلَى نَفْسِهِ وَالْجَوَابُ عَنْ الْقِيَاسِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُدَّةِ بِجَوَازِ الْفِعْلِ وَهُوَ بِالْحَدَثِ وَفِي الْمَسْحِ بِالتَّلَبُّسِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ سَافَرَ وَقْتَ الصَّلَاةِ لَهُ قَصْرُهَا دُونَ مَنْ سَافَرَ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِهَا فَدُخُولُ وَقْتِ الْمَسْحِ كَدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَابْتِدَاءُ الْمَسْحِ كَابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ بَعْدَ حَدَثِهِ وَغَسْلِ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ، ثُمَّ أَحْدَثَ كَانَ ابْتِدَاءُ مُدَّتِهِ مِنْ حَدَثِهِ الْأَوَّلِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ وَأَنَّهُ يَمْسَحُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَقَطْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ لَا يَمْسَحُ فِيهِ أَصْلًا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ كَمَا لَا يُبَاحُ لَهُ فِيهِ أَكْلُ الْمَيْتَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أُبِيحَ لِلْمُقِيمِ الْعَاصِي بِإِقَامَتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
قَالَ الْقَفَّالُ وَالْفَرْقُ أَنَّ أَكْلَهَا، وَإِنْ أُبِيحَ حَضَرًا لِلضَّرُورَةِ لَكِنَّ سَبَبَهُ فِي السَّفَرِ سَفَرُهُ وَهُوَ مَعْصِيَةٌ فَحَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا لَوْ جُرِحَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ الْجُرْحِ مَعَ أَنَّ الْجَرِيحَ الْحَاضِرَ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ، فَإِنْ قِيلَ تَحْرِيمُ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِبَاحَتِهِ بِالتَّوْبَةِ ذُكِرَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّةُ مَا فَرَّقَ بِهِ الْقَفَّالُ أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ الْإِقَامَةَ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ كَإِقَامَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِمَا خُفًّا وَاحِدًا وَلَا تَمَيُّزَ لَهُمَا عَنْ الْجُرْمُوقِ كَمَا لَا يَخْفَى وَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ مَا اخْتَارَهُ.
(قَوْلُهُ: فَوْقَ مَمْسُوحٍ) أَيْ: مَا مِنْ شَأْنِهِ الْمَسْحُ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ الْجَبِيرَةُ لَا يَجِبُ مَسْحُهَا لِعَدَمِ أَخْذِهَا شَيْئًا مِنْ الصَّحِيحِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ م ر.
(قَوْلُهُ: يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ الْإِحْدَاثِ) عَلَيْهِ الْحَدَثُ الْأَكْبَرُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْأَصْغَرِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحَدَثَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى الْأَصْغَرِ.
(فَرْعٌ) لَوْ بَقِيَ عَلَى طَهَارَةِ اللُّبْسِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ أَحْدَثَ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ، وَلَوْ أَحْدَثَ حَضَرًا ثُمَّ سَافَرَ وَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ فِي زَمَنِ السَّفَرِ أَتَمَّ مُدَّةَ السَّفَرِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْقَضَتْ فِي الْحَضَرِ مِنْ غَيْرِ مَسْحٍ نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُغْفَلَ عَنْهُ بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَسَفَرُ الْقَصْرِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ رُخَصَ السَّفَرِ ثَمَانٍ أَرْبَعٌ تَخْتَصُّ بِالطَّوِيلِ الْمَسْحُ ثَلَاثًا وَالْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَالْفِطْرُ وَأَرْبَعٌ تَجُوزُ فِي الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالتَّنَفُّلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَإِسْقَاطُ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ بِرّ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ سَفَرِ الْقَصْرِ إلَخْ) هُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الْمُقَيَّدُ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ وَقْتَ جَوَازِ الْمَسْحِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ الرَّافِعِ لِلْحَدَثِ.
(قَوْلُهُ جَوَازُ الْمَسْحِ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ الْوَاجِبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسَنُّ لِلَابِسِهِ قَبْلَ الْحَدَثِ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ وَيُمْسَحُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ اعْتِبَارٌ بِالْمَسْحِ) أَيْ فَاعْتَبِرُوا الْمَسْحَ دُونَ الْحَدَثِ.
(قَوْلُهُ: إنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُدَّةِ) أَيْ: ابْتِدَائِهَا.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمَسْحِ) أَيْ قَدْرِهِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُبَاحُ إلَخْ) يُفَرَّقُ بِأَنَّ سَبَبَ الْمَسْحِ دَفْعُ مَشَقَّةِ النَّزْعِ وَالْغَسْلِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ وَسَبَبُ أَكْلِ الْمَيْتَةِ فَقْدُ الْحَلَالِ، وَالسَّفَرُ مَظِنَّتُهُ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ سَبَبَهُ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ السَّفَرَ فِي ذَاتِهِ مَظِنَّةُ الْفَقْدِ فَكَانَ هُوَ السَّبَبَ فِي الِاضْطِرَارِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِيَ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بِرّ.
(قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
خِلَافُ مَا وَرَدَتْ بِهِ الرُّخْصَةُ اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشَّارِحِ اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ رُجْحَانِ دَلِيلِهِ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ قَبْلُ؛ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُ ذَلِكَ اهـ. .
(قَوْلُهُ: عَنْ الْقِيَاسِ) أَيْ: قِيَاسِ الْمُدَّةِ عَلَى إكْمَالِ الثَّلَاثَةِ إذَا مَسَحَ سَفَرًا.
(قَوْلُهُ بِجَوَازِ الْفِعْلِ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُؤَقَّتَةٌ فَكَانَ ابْتِدَاءُ وَقْتِهَا مِنْ حِينِ جَوَازِ فِعْلِهَا كَالصَّلَاةِ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلٍ إلَخْ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَسْحِ بِالتَّلَبُّسِ لَا بِابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ وَجْهٌ غَرِيبٌ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ) قَالَ شَيْخُنَا رحمه الله لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةٌ لِلْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ الْجَرْحِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجَرْحُ بِهِ قَبْلَ السَّفَرِ امْتَنَعَ
الْعَبْدِ الْمَأْمُورِ بِالسَّفَرِ لَا يُبَاحُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ إعْوَازَ الْحَلَالِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مَعْصِيَةً
ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ مَوَانِعِ الْمَسْحِ مُطْلَقًا وَمَوَانِعُ تَكْمِيلِ مُدَّتِهِ فَقَالَ (لَا) إنْ سَافَرَ (مَاسِحُ الْخُفَّيْنِ حَاضِرًا) فَلَا يُجَاوِزُ يَوْمًا وَلَيْلَةً تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ لِأَصَالَتِهِ كَمَا يَمْتَنِعُ الْقَصْرُ عَلَى الْمُقِيمِ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ صَلَاتِهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْحَدَثِ حَضَرًا، وَإِنْ تَلَبَّسَ بِالْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا بِخِلَافِ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ كَمَا مَرَّ، وَلَا بِمُضِيِّ وَقْتِ الصَّلَاةِ حَضَرًا، وَعِصْيَانُهُ إنَّمَا هُوَ بِالتَّأْخِيرِ لَا بِالسَّفَرِ الَّذِي بِهِ الرُّخْصَةُ كَمَا لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا حَضَرًا لَهُ أَنْ يَقْضِيَهَا بِالتَّيَمُّمِ سَفَرًا وَأَنَّهُ لَوْ مَسَحَ إحْدَى خُفَّيْهِ حَضَرًا، ثُمَّ الْأُخْرَى سَفَرًا كَمَّلَ الثَّلَاثَةَ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ اعْتِبَارًا بِتَمَامِ الْمَسْحِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِتَلَبُّسِهِ بِالْعِبَادَةِ حَضَرًا (وَلَا إنْ شَكَّ الِانْقِضَا) بِالْقَصْرِ لِلْوَزْنِ وَالنَّصْبِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ وَلَا إنْ شَكَّ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ بِأَنْ نَسِيَ ابْتِدَاءَهَا أَوْ أَنَّهُ مَسَحَ حَضَرًا، أَوْ سَفَرًا (فَلَا يُكَمِّلَا) بِإِبْدَالِ الْأَلِفِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ أَيْ فَلَا يُكْمِلَنَّ لِلشَّكِّ، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ رُجُوعًا إلَى الْأَصْلِ (كَأَنْ تَبَدَّتْ) أَيْ ظَهَرَتْ (رِجْلُهُ) مِنْ الْخُفِّ (أَوْ) تَبَدَّتْ (الْخِرَقْ) الَّتِي تَحْتَهُ (أَوْ بَعْضُهَا) أَيْ الرِّجْلِ، أَوْ الْخَرْقِ فَلَا مَسْحَ أَصْلًا لِانْتِفَاءِ السَّتْرِ بِالْخُفِّ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ خُرُوجَ الرِّجْلِ إلَى سَاقِ الْخُفِّ بِلَا بُدُوٍّ غَيْرُ مَانِعٍ كَمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ جَاوَزَ طُولُهُ الْعَادَةَ فَخَرَجَتْ إلَى حَدٍّ لَوْ كَانَ مُعْتَادًا لَبَدَا شَيْءٌ مِنْهَا مُنِعَ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْخَرْقِ مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي (أَوْ حُلَّ شَدٌّ) أَيْ شَدُّ الْخُفِّ الْمَشْقُوقِ فَلَا مَسْحَ لِظُهُورِ مَحَلِّ الْفَرْضِ إذَا مَشَى وَذِكْرُ هَذِهِ الصُّوَرَ مَعَ أَنَّهَا عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ لِرَفْعِ تَوَهُّمٍ أَنْ يُرَادَ بِمَا مَرَّ الِابْتِدَاءُ فَقَطْ لِقُوَّةِ الدَّوَامِ عَلَيْهِ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ:(وَاسْتَحَقْ فِي كُلِّهَا) أَيْ صُوَرِ مَوَانِعِ الْمَسْحِ (رِجْلَاهُ) فَقَطْ (غَسْلًا) لِبُطْلَانِ بَدَلِهِ وَقَيَّدَهُ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَهْوَ مَعْ طَهَارَةِ الْمَسْحِ) ، وَإِنْ غَسَلَ بَعْدَهُ رِجْلَيْهِ؛؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُمَا بِاعْتِقَادِ الْفَرْضِ لِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِالْمَسْحِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ تَرَكَ الرُّخْصَةُ لَمْ يُؤَدِّ الْفَرْضَ كَالْمُسَافِرِ إذَا أَتَمَّ، أَوْ صَامَ اهـ.
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ هُنَا قَدْ أَتَى بِالرُّخْصَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ أَمَّا إذَا كَانَ بِطَهَارَةِ الْغُسْلِ فَلَا يَسْتَحِقَّانِهِ (وَلِلْغُسْلِ) مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَيْ لِأَجْلِهِ (نَزَعْ) رِجْلَيْهِ مِنْ الْخُفِّ وُجُوبًا لِخَبَرِ صَفْوَانَ السَّابِقِ فِي الْجَنَابَةِ وَقِيسَ عَلَيْهَا مَا فِي مَعْنَاهَا
ــ
[حاشية العبادي]
يُتَأَمَّلُ وَجْهُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ إلَخْ) كَانَ صُورَةُ هَذَا أَنْ يَفْقِدَ الْحَلَالَ فِي الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ مَعًا، وَإِلَّا فَاَلَّذِي سَبَبُهُ الْإِقَامَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إعْوَازِ الْحَلَالِ أَيْضًا بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ إلَخْ) كَذَلِكَ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِيقَاعِ غَسْلِ مَا عَدَا الرِّجْلَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ تَطَهَّرَ عَنْ حَدَثٍ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ يَمْسَحْ حَتَّى سَافَرَ كَمَّلَ عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِينَ بِرّ.
(قَوْلُهُ: لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا) كَأَنَّ الْمُرَادَ فِي قَدْرِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ شَكَّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً أَوْ اعْتَقَدَ طَرَيَان حَدَثٍ غَالِبٍ فَأَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ انْعَقَدَتْ وَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ إذَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً، وَإِنْ عَلِمَ بِالْحَالِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ قَصُرَ بِأَنْ فَرَغَتْ مُدَّةُ خُفٍّ فِيهَا بَطَلَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَذَكَرَ هَذِهِ الصُّوَرَ) إنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ كَأَنْ قُيِّدَتْ رِجْلُهُ أَيْضًا وَهُوَ مَسْأَلَةُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ حَاضِرًا وَمَسْأَلَةُ شَكِّ الِانْقِضَاءِ فَفِي عِلْمِهِمَا مِمَّا مَرَّ نَظَرٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا قَوْلَهُ كَأَنْ تَبَدَّتْ رِجْلُهُ إلَخْ دُونَ مَا قَبْلَهُ فَفِي قَوْلِهِ وَلْيُرَتِّبْ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ إنَّمَا رَتَّبَهُ عَلَى مَا يَشْمَلُ مَا قَبْلُ كَأَنْ تَبَدَّتْ رِجْلُهُ بِدَلِيلِ تَفْسِيرِ ضَمِيرِ كُلِّهَا بِصُوَرِ مَوَانِعِ الْمَسْحِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ كَأَنْ تَبَدَّتْ رِجْلُهُ إلَخْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ السَّابِقِ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَوَانِعِ الْمَسْحِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَيُرَادَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا فِي ضِمْنِ التَّرْتِيبِ عَلَى أَعَمَّ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَعَ إلَخْ) حَالٌ.
(قَوْلُهُ وَلِلْغَسْلِ نَزْعٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيَّ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالِاسْتِقْصَاءِ وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا قَالَهُ سَهْوٌ، فَإِنَّ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمَسْحَ لَا يَكْفِي عَنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
التَّيَمُّمُ لَهُ فِيهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّوْبَةِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةٌ لِلْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّيَمُّمُ فِي حَقِّهِ رُخْصَةٌ لِدَفْعِ الْأَذَى عَنْهُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ مَعَهُ بِخِلَافِ الْفَاقِدِ حِسًّا، فَإِنَّهُ فِي حَقِّهِ عَزِيمَةٌ إذْ لَا مَاءَ مَعَهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ مَعَ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ كَالْمُتَيَمِّمِ بِمَحِلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْوُجُودُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَذَكَرَ هَذِهِ الصُّورَةَ) أَيْ: مَا بَعْدَ كَانَ دُونَ مَا قَبْلَهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَاسْتَحَقَّ فِي كُلِّهَا أَيْ: صُوَرِ مَوَانِعِ الْمَسْحِ وَتَرَكَ بَيَانَ الْحُكْمِ فِي صُوَرِ مَوَانِعِ التَّكْمِيلِ لِظُهُورِ وُجُوبِ النَّزْعِ وَالْمَسْحِ فِيهَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ غَسَلَ بَعْدَهُ) أَيْ: دَاخِلَ الْخُفِّ اهـ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُمَا إلَخْ) هَذِهِ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ وَقَدْ مَرَّ لَنَا
؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ تَكَرُّرَ الْأَصْغَرِ وَلَمْ يَنْظِمْ هَذِهِ فِي سِلْكِ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ بِغَسْلِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِي الْخُفِّ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ عَنْهُمَا، وَلَا يَمْسَحُ حَتَّى يَنْزِعَهُمَا فَوُجُوبُ النَّزْعِ إنَّمَا هُوَ لِصِحَّةِ الْمَسْحِ لَا لِارْتِفَاعِ الْحَدَثِ أَمَّا الْغُسْلُ مِنْ الْخَبَثِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ نَزْعُهُمَا، فَلَوْ غَسَلَهُمَا فِيهِ فَلَهُ إتْمَامُ الْمُدَّةِ وَفَرَّقُوا بِوُرُودِ الْأَمْرِ بِالنَّزْعِ لِلْجَنَابَةِ دُونَ الْخَبَثِ وَلَيْسَ هُوَ فِي مَعْنَاهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَوْ شَكَّ أَصَلَّى بِالْمَسْحِ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ أَمْ أَرْبَعًا أَخَذَ فِي وَقْتِ الْمَسْحِ بِالْأَكْثَرِ وَفِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ بِالْأَقَلِّ احْتِيَاطًا لَهُمَا كَأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ أَحْدَثَ وَمَسَحَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَشَكَّ أَتَقَدَّمَ حَدَثُهُ وَمَسَحَهُ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَصَلَّاهَا بِهِ أَمْ تَأَخَّرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا عَلَيْهِ وَتُجْعَلُ الْمُدَّةُ مِنْ أَوَّلِ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ غَسْلُ الرِّجْلِ.
وَلَوْ (شَكَّ مُسَافِرٌ أَحَاضِرًا مَسَحْ) أَمْ مُسَافِرًا (وَثَانِيًا صَلَّى بِمَسْحٍ) أَيْ وَصَلَّى الْيَوْمَ الثَّانِيَ بِالْمَسْحِ الْوَاقِعِ عَلَى الشَّكِّ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ لِشَكِّهِ فِي انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا مَرَّ (فَاتَّضَحْ) لَهُ (فِي) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ انْتِفَاءَ مَسْحِ الْحَاضِرِ) وَأَنَّهُ مَسَحَ سَفَرًا (صَلَّى إذَا شَاءَ بِمَسْحِ) الْيَوْمِ (الْآخِرِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ الثَّالِثِ أَيْ بِمَسْحِهِ الْوَاقِعِ فِيهِ بَعْدَ الِاتِّضَاحِ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَارْتِفَاعِ الْمَانِعِ (وَ) أَمَّا الْيَوْمُ (الثَّانِ مِنْ أَيَّامِهِ) الثَّلَاثَةِ (فَلْيُعِدْ) وُجُوبًا (صَلَاتَهُ وَالْمَسْحَ) الْوَاقِعَيْنِ فِيهِ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِلتَّرَدُّدِ) فِي طُهْرِهِ وَفِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ لَا تَجِبُ إعَادَتُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِالْمَسْحِ أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى مَسْحِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَلَا يُعِيدُهُ نَعَمْ يُعِيدُ صَلَاةَ الثَّانِي لِلتَّرَدُّدِ وَزَادَ قَوْلَهُ إذَا شَاءَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ صَلَاتَهُ بِمَسْحِ الثَّالِثِ غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ.
(وَذُو تَيَمُّمٍ) ، وَلَوْ غَيْرَ مَحْضٍ (لِغَيْرٍ فَقْدِ مَا) بِالْقَصْرِ كَمَرَضٍ وَجُرْحٍ (وَدَائِمِ الْإِحْدَاثِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَمُسْتَحَاضَةٍ (مَسْحُهُ) أَيْ مَسْحُ كُلٍّ مِنْهُمَا جَائِزٌ (لِمَا يَحِلُّ) لَهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ (لَوْ طُهُرٌ بَقِيَ) أَيْ لَوْ بَقِيَ طُهْرُهُ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ الْخُفُّ وَذَلِكَ فَرْضٌ وَنَوَافِلُ، فَلَوْ كَانَ حَدَثُهُ بَعْدَ فِعْلِهِ الْفَرْضَ لَمْ يَمْسَحْ إلَّا لِلنَّوَافِلِ إذْ مَسْحُهُ مُرَتَّبٌ عَلَى طُهْرِهِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ فَرْضًا آخَرَ وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ وَالطُّهْرُ الْكَامِلُ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ عَلَى فَرْضٍ وَنَوَافِلَ فَكَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى حَدَثٍ حَقِيقَةً، فَإِنَّ طُهْرَهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَلَى الْمَذْهَبِ أَمَّا الْمُتَيَمِّمُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا مَسَحَ شَيْئًا إذَا وُجِدَ الْمَاءُ؛ لِأَنَّ طُهْرَهُ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَ بِزَوَالِهَا وَكَذَا كُلٌّ مِنْ الْمُتَيَمِّمِ لِغَيْرِ فَقْدِ الْمَاءِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا زَالَ عُذْرُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْمَسْحُ فِي التَّيَمُّمِ الْمَحْضِ لِغَيْرِ فَقْدِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ لِعُذْرِهِ وَلَبِسَ الْخُفَّ وَأَحْدَثَ وَأَرَادَ
ــ
[حاشية العبادي]
الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ كَمَا لَا يَكْفِي عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ لِنُدْرَتِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: تَزِيدُ بِغَسْلِ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ) أَفْهَمَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ لِوُجُوبِ النَّزْعِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ شَكَّ إلَخْ) وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ إذَا شَكَّ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي فِعْلِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَيُجَابُ بِمَنْعِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْقَضَاءِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شَكَّ هَلْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ هَلْ فَعَلَ الصَّلَاةَ أَوْ لَا فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَسْحَ) إنَّمَا يُعِيدُ مَسْحَ الْيَوْمِ الثَّانِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى طَهَارَتِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي إلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِوُقُوعِهِ عَلَى التَّرَدُّدِ فَيَنْوِي.
(قَوْلُهُ وَالْمَسْحَ) مَعْنَى إعَادَةِ الْمَسْحِ أَنَّهُ إذَا انْكَشَفَ لَهُ الْحَلَالُ وَهُوَ عَلَى مَسْحِ الْيَوْمِ الثَّانِي وَجَبَ إعَادَتُهُ بِرّ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَ) أَيْ فِي الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ) أَيْ: لَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَمْسَحَ فِي الثَّالِثِ، بَلْ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ فِيهِ وَأَنْ يَغْسِلَ
(قَوْلُهُ: وَذُو تَيَمُّمٍ لِغَيْرِ فَقْدِ مَا وَدَائِمُ الْإِحْدَاثِ إلَخْ) وَلَهُمَا إتْمَامُ الْمُدَّةِ لِلنَّفْلِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِنْ أَثِمَا أَيْ بِتَرْكِ الْفَرْضِ كهليلوي (قَوْلُهُ وَدَائِمِ الْإِحْدَاثِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِنْ أَحْدَثَ دَائِمُ الْحَدَثِ غَيْرَ حَدَثِهِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بِوُضُوءِ اللُّبْسِ فَرْضًا مَسَحَ لِفَرِيضَةٍ وَلِنَوَافِلَ، وَإِنْ أَحْدَثَ وَقَدْ صَلَّى بِوُضُوءِ اللُّبْسِ فَرْضًا لَمْ يَمْسَحْ إلَّا لِلنَّفْلِ اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ حَدَثِهِ حَدَثُهُ فَلَا يَضُرُّ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى اسْتِئْنَافِ طُهْرٍ إلَّا إذَا أَخَّرَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الطُّهْرِ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا وَحَدَثُهُ يَجْرِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ فِي غَيْرِ حَدَثِهِ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الطُّهْرِ لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا احْتَاجَ إلَى الطُّهْرِ وَلَهُ الْمَسْحُ فِيهِ لِفَرْضٍ وَنَوَافِلَ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى قَبْلَ التَّأْخِيرِ فَرْضًا أَوْ لِنَوَافِلَ فَقَطْ إنْ كَانَ صَلَّى قَبْلَهُ فَرْضًا وَشَمَلَ ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَسْحُهُ لِمَا يَحِلُّ لَوْ طَهُرَ بَقِيَ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: مَسْحُ كُلٍّ مِنْهُمَا) إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِ خُفَّيْهِ غَيْرَ حَدَثِهِ الدَّائِمِ فِي دَائِمِ الْحَدَثِ.
(قَوْلُهُ: وَدَائِمُ الْحَدَثِ إذَا إلَخْ) قَالَ فِي الْعُبَابِ.
(فَرْعٌ) لَوْ لَبِسَ دَائِمُ الْحَدَثِ عَلَى وُضُوئِهِ فَإِنْ شُفِيَ قَبْلَ الْمَسْحِ نَزَعَ وَأَتَى بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ،، وَإِنْ لَمْ يُشْفَ فَلَهُ الْمَسْحُ لِمَا تُبِيحُهُ طَهَارَتُهُ لَوْ بَقِيَتْ وَابْتِدَاءُ وَقْتِ مَسْحِهِ مِنْ حَدَثِهِ الْخَاصِّ بَعْدَ لُبْسِهِ فَإِذَا أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَرْضًا وَمَسَحَ فَلَهُ فَرْضٌ وَيَنْتَقِلُ مَا شَاءَ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ النَّوَافِلُ فَقَطْ فَإِنْ أَرَادَ فَرْضًا اسْتَأْنَفَ طَهَارَةً وَتَأْخِيرُهُ الصَّلَاةَ بَعْدَ لُبْسِهِ لَا لِمَصْلَحَتِهَا كَالْحَدَثِ وَلَابِسُ الْخُفِّ عَلَى طُهْرٍ مُكَمِّلٌ بِالتَّيَمُّمِ أَوْ عَلَى مَحْضِ التَّيَمُّمِ لَا لِفَقْدِ الْمَاءِ كَدَائِمِ الْحَدَثِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ شُفِيَ قَبْلَ الْمَسْحِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ قَبْلَ الْمَسْحِ لَيْسَ قَيْدًا إذَا لَوْ مَسَحَ بَعْضَ الْمُدَّةِ ثُمَّ شُفِيَ لَزِمَهُ النَّزْعُ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ بَحَثَ ذَلِكَ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: إذَا زَالَ عُذْرُهُ) قَدْ يُقَالُ غَايَةُ زَوَالِهِ بُطْلَانُ طَهَارَتِهِ وَبُطْلَانُهَا غَايَتُهُ أَنَّهُ كَالْحَدَثِ وَالْحَدَثُ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ بَعْدَهُ فَلِمَ امْتَنَعَ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: إذَا زَالَ عُذْرُهُ) بِأَنْ شُفِيَ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ زَالَ) أَيْ: طُهْرُهُ لَكِنْ تَكَلَّفَ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ ثُمَّ لَبِسَ
ــ
[حاشية الشربيني]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّلَاةَ.
فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ وَجَبَ نَزْعُ الْخُفِّ كَدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا شُفِيَ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ فَلَا مَسْحَ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ بِمَحْضِ التَّيَمُّمِ كَمَا كَانَ بِمَحْضِهِ قَبْلَ اللُّبْسِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ بِمَا إذَا لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ لَكِنْ تَكَلَّفَ الْغُسْلَ وَأَرَادَ بِالْمَسْحِ غَيْرَ أَنَّهُ يُبْقِي النَّظَرَ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ جَائِزٌ أَمْ لَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَقَدْ نُدِبْ لِلْخُفِّ مَسْحُ السُّفْلِ مِنْهُ) مَعَ الْأَعْلَى لِأَثَرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) مَسْحُ (الْعَقِبْ) مِنْهُ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الرِّجْلِ قِيَاسًا عَلَى أَسْفَلِهِ، بَلْ، أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ بَارِزٌ يُرَى وَالْأَسْفَلُ لَا يُرَى غَالِبًا (وَ) نُدِبَ (عَدَمُ اسْتِيعَابِهِ) بِالْمَسْحِ وَمَسْحُهُ خُطُوطًا لِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ خُطُوطًا مِنْ الْمَاءِ» وَالْأَوْلَى فِي كَيْفِيَّتِهِ أَنْ يَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى تَحْتَ عَقِبِهِ وَالْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ أَصَابِعِهِ وَيَمُرُّ الْيُسْرَى إلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ مِنْ أَسْفَلُ، وَالْيُمْنَى إلَى السَّاقِ مُفَرِّجًا بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْهِ لِأَثَرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ وَأَلْيَقُ بِالْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَا يُنْدَبُ اسْتِيعَابُهُ وَلِقَوْلِ الْجُمْهُورِ وَيُنْدَبُ اسْتِيعَابُهُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ اسْتِيعَابُهُ وَلِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ يُكْرَهُ اسْتِيعَابُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدْ حُكِيَ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ كَلَامُ الْجُمْهُورِ السَّابِقِ، ثُمَّ قَالَ لَكِنَّهُمْ فَسَّرُوا الِاسْتِيعَابَ بِالْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا خِلَافَ حِينَئِذٍ (وَيُكْرَهُ لَوْ غَسَلَ الْخُفَّ، وَلَوْ كَرَّرَهُ) لَوْ مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ وَيُكْرَهُ تَنْزِيهًا غَسْلُ الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ يُتْلِفُهُ وَتَكْرَارُ مَسْحِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلتَّعَيُّبِ وَلِأَنَّهُ بَدَلٌ كَالتَّيَمُّمِ بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ (فُرُوعٌ) لَوْ أَرْهَقَهُ الْحَدَثُ وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ لِغَيْرِ رِجْلَيْهِ لَمْ يَجِبْ لُبْسُ الْخُفِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّيَمُّمِ، وَلَوْ أَحْدَثَ وَهُوَ لَابِسُهُ وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِيهِ لِغَيْرِ رِجْلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَبَ الْمَسْحُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ الْمَاءِ وَشِرَاؤُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَحَكَى فِيهِ الِاتِّفَاقَ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ خُصُوصًا إنْ لَزِمَ مِنْ تَرْكِهِ إخْرَاجُ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا، أَوْ قَضَاؤُهَا لِكَوْنِهِ فَقَدَ التُّرَابَ، أَوْ وَجَدَهُ بِمَحَلٍّ لَا يَسْقُطُ فِيهِ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَلَوْ لَبِسَهُ وَهُوَ يُدَافِعُ الْحَدَثَ فَفِي الْمَجْمُوعِ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ مُدَافَعَتَهُ فِيهَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُهَا بِخِلَافِ لُبْسِ الْخُفِّ وَلَمَّا أَنْهَى النَّاظِمُ الْكَلَامَ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ رَجَعَ إلَى بَقِيَّةِ فُرُوضِ الْوُضُوءِ وَسُنَنِهِ فَقَالَ
(السَّادِسُ) مِنْ فُرُوضِهِ (التَّرْتِيبُ) فِي أَفْعَالِهِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْمُبَيِّنِ لِلْوُضُوءِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَلِقَوْلِهِ فِي حُجَّتِهِ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ مَمْسُوحًا بَيْنَ مَغْسُولَاتٍ، وَتَفْرِيقُ الْمُتَجَانِسِ لَا تَرْتَكِبُهُ الْعَرَبُ إلَّا لِفَائِدَةٍ وَهِيَ هُنَا وُجُوبُ التَّرْتِيبِ لَا نَدْبُهُ بِقَرِينَةِ الْأَمْرِ فِي الْخَبَرِ وَلِأَنَّ الْآيَةَ بَيَانٌ لِلْوُضُوءِ الْوَاجِبِ وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أَرْبَعَةَ أَعْضَاءٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَرْتَفِعْ إلَّا حَدَثُ الْوَجْهِ وَفَارَقَ صِحَّةَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا عَنْ الْوَاحِدِ فِي عَامٍّ بِأَنَّ الشَّرْطَ ثَمَّةَ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ غَيْرُهَا وَهُنَا التَّرْتِيبُ.
(أَوْ إمْكَانُ ذَا) أَيْ التَّرْتِيبِ (فِي كُلِّ غَسْلٍ بَدَلٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْوُضُوءِ بِأَنْ غَطَسَ الْمُحْدِثُ وَمَكَثَ قَدْرَ زَمَنِ التَّرْتِيبِ فَيَكْفِي (إذَا نَوَى بِهِ جَنَابَةً) ، أَوْ نَحْوَهَا
ــ
[حاشية العبادي]
الْخُفَّ ثُمَّ أَحْدَثَ.
(قَوْلُهُ: هَذَا الْفِعْلُ جَائِزٌ) أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُؤَخَّرُ الرِّجْلِ) وَكَذَا حَرْفُهُ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَمَسْحُهُ) عَطْفٌ عَلَى عَدَمِ اسْتِيعَابِهِ.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) ثُمَّ قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي دَعْوَى الْمُخَالَفَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ إذْ كُلٌّ مِنْ الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ لَا تُنَافِي بَقِيَّتَهَا كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ حِينَئِذٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِيعَابِ فِي قَوْلِ الْكَرَاهَةِ أَوْ عَدَمِ النَّدْبِ تَعْمِيمُ الْخُفِّ بِالْمَسْحِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُتْلِفُهُ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ مِنْ نَحْوِ حَدِيدٍ أَوْ زُجَاجٍ، بَلْ أَوْ مِنْ خَرْقٍ إنْ قُلْنَا يُسَنُّ تَثْلِيثُ الْعِمَامَةِ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْخُفِّ تَعَرُّضَهُ لِلتَّعَيُّبِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ شَأْنَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ لَوْ أَمْكَنَ وُجُودُ التَّعَيُّبِ فِي نَحْوِ الْحَدِيدِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ هَذَا وَلَكِنْ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَدُلُّ كَالتَّيَمُّمِ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلتَّعَيُّبِ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ مِنْ نَحْوِ حَدِيدٍ لَكِنْ قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ عَدَمُ الْفَرْقِ إنْ كُرِهَ التَّكْرَارُ فِي التَّيَمُّمِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ أَوْ إمْكَانُ ذَا) بِأَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ لَوْ رَتَّبَ بِأَنْ غَطَسَ، وَلَوْ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَرْتَفِعُ حِينَئِذٍ حَدَثٌ الْوَجْهُ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَمَكَثَ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْوَجْهُ اشْتِرَاطُ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِغَسْلِ الْوَجْهِ قُلْت إنْ نَوَى بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْكَلَامِ إذْ لَا تَرْتِيبَ حَقِيقَةً بَيْنَ الْأَعْضَاءِ، وَإِنْ غَسَلَ عَلَى التَّدْرِيجِ
ــ
[حاشية الشربيني]
نَحْوُ هَذَا
(قَوْلُهُ كَفُّهُ الْيُسْرَى) أَيْ: رَاحَتُهَا تَحْتَ الْعَقِبِ وَأَصَابِعُهَا فَوْقَ أَعْلَاهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنْدَبُ اسْتِيعَابُهُ) نَفْيُ النَّدْبِ صَادِقٌ بِالْمُبَاحِ وَيُنْدَبُ عَدُّ الِاسْتِيعَابِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ اسْتِيعَابُهُ) عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ يُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُنْدَبُ) عِبَارَتُهُمَا اسْتِيعَابُ الْخُفِّ لَيْسَ بِسُنَّةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إلَخْ) لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْتَاجُ لِنَصٍّ إمَّا مُخَالِفُ الْمَنْدُوبِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى
(قَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ) فَاعِلُ غَسَلَ؛ بِأَنْ أَفَاضَ وَاحِدٌ الْمَاءَ عَلَى وَجْهِهِ وَآخَرُ عَلَى يَدَيْهِ وَهُمَا مَجْمُوعَتَانِ وَآخَرُ عَلَى رَأْسِهِ وَآخَرُ عَلَى رِجْلَيْهِ كَذَلِكَ فَسَقَطَ إشْكَالُ حُصُولِ ذَلِكَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ سِتَّةٌ اهـ.
عُبَابٌ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ غَطَسَ إلَخْ) هَذَا التَّصْوِيرُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْغَاطِسَ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ التَّرْتِيبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: إذَا نَوَى بِهِ جَنَابَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا غَسَلَ الْمُحْدِثُ جَمِيعَ بَدَنِهِ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَوْ نِيَّةِ الطَّهَارَةِ كَمَا
(أَوْ الْحَدَثْ) ، أَوْ الطَّهَارَةَ عَنْهُ لِحُصُولِ التَّرْتِيبِ إمْكَانًا وَزَادَ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ نِيَّةَ الْغُسْلِ وَلَعَلَّهُمَا أَرَادَا نِيَّةَ أَدَاءِ الْغُسْلِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ نِيَّةَ الْغُسْلِ وَحْدَهَا غَيْرُ كَافِيَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّرْتِيبُ بِأَنْ خَرَجَ سَرِيعًا أَوْ اغْتَسَلَ مُتَنَكِّسًا لَمْ يَكْفِ لِغَيْرِ الْوَجْهِ لِفَقْدِ التَّرْتِيبِ حَقِيقَةً وَإِمْكَانًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِهِ فِي الْغَطْسِ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ فَلِلْأَصْغَرِ، أَوْلَى، وَلَوْ أَغْفَلَ لُمْعَةً مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ قَطَعَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً عَلَى مَا مَرَّ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ كَفَى وَاكْتَفَى بِنِيَّةِ الْجَنَابَةِ مَعَ أَنَّ الْمَنْوِيَّ طُهْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ التَّرْتِيبِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا.
وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِهَا كَمَا اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ إذَا كَانَ غَالِطًا كَمَا صَوَّرَهَا بِهِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَلِيُوَافِقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ عَمْدًا لَا يَصِحُّ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ الْمُتَّجَهُ الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ هُوَ الْأَصْلُ فَإِذَا تَعَمَّدَهُ لَا يَضُرُّهُ كَمَا لَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ بَدَلَ مَسْحِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُضِرَّ لَيْسَ هُوَ الْإِتْيَانَ بِالْأَصْلِ، بَلْ تَعَمُّدَ نِيَّةِ مَا لَيْسَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَلَوْ نَوَى الْوُضُوءَ بِغُسْلِهِ لَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ حَقِيقَةً وَقَرَنَ النِّيَّةَ بِالْوَجْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ خَرَجَ سَرِيعًا) بِحَيْثُ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَسَعُ التَّرْتِيبَ لَوْ رَتَّبَ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي) هَذَا يَنْتَقِضُ بِالْغُسْلِ بِغَيْرِ غَطْسٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَحْصُلُ تَقْدِيرًا فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ عَلَى الرَّاجِحِ مَمْنُوعٌ وَعَلَى غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ أَجْزَأَهُ اهـ.
وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَهُوَ عَلَى الرَّاجِحِ مَمْنُوعٌ أَنَّهُ لَوْ قَامَ بِمَا عَدَا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ مَانِعٌ حِسِّيٌّ كَشَمْعٍ كَفَى الْغَسْلُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُمْعَةٍ وَلُمَعٍ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ صُبَّ الْمَاءُ دُفْعَةً وَاحِدَةً عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَقَطْ أَجْزَأَهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ غَمْسٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا دُفْعَةً فِي الْمَعْنَى وَكُلُّ ذَلِكَ بَعِيدٌ وَالْفَرْقُ بِوُجُودِ صُورَةِ الْغُسْلِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ حَقِيقَتِهِ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ خَالِطًا) وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَوِّرَ بِذَلِكَ نِيَّةَ أَدَاءِ الْغُسْلِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هُنَا أُمُورًا مِنْهَا أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ هَذَا يَقْتَضِي أَيْ بِاعْتِبَارِ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ فُهِمَ وَعَنْ الْأَصْحَابِ
ــ
[حاشية الشربيني]
ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَوْ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ كَمَا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَآخَرُونَ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ أَحَدُهَا أَنْ يَغْسِلَ بَدَنَهُ مُنَكَّسًا لَا عَلَى تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِئُهُ الثَّانِي أَنْ يَنْغَمِسَ فِي الْمَاءِ وَيَمْكُثَ زَمَنًا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّرْتِيبُ فِي الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ فَيُجْزِئُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ الثَّالِثُ أَنْ يَنْغَمِسَ وَلَا يَمْكُثُ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ وَيُقَدَّرُ التَّرْتِيبُ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ وَالْخِلَافُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فِيمَا سِوَى الْوَجْهِ أَمَّا هُوَ فَيُجْزِئُهُ بِلَا خِلَافٍ إذَا قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْحَدَثُ) أَيْ: مِنْ كُلِّ مَا صَلَحَ لِلْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ حَتَّى يَأْتِيَ التَّعْلِيلُ؛ بِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ إلَخْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ زِيَادَةً عَلَى مَا قَالُوا وَيُمْكِنُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إلَخْ أَيْ: فِيمَا إذَا أُتِيَ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ لِلْأَكْبَرِ فَيَكُونُ كَلَامُهُمْ شَامِلًا حَتَّى لِنِيَّةِ الْوُضُوءِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ وَحَجَرٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمُهَذَّبِ إلَخْ) وَشَرْحُهُ هُوَ الْمَجْمُوعُ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ.
(قَوْلُهُ وَاغْتَسَلَ) أَيْ: بِغَيْرِ غَطْسٍ.
(قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي الْغَطْسِ) أَيْ: الِاكْتِفَاءُ بِالْغُسْلِ فِيمَا إذَا كَانَ حَاصِلًا بِطَرِيقِ الْغَطْسِ دُونَ مَا إذَا حَصَلَ بِغَيْرِهِ كَالصَّبِّ لِإِمْكَانِ التَّرْتِيبِ فِيهِ دُونَ الْغَطْسِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ يَكُونُ مُخَصِّصًا لِلنَّصِّ الطَّالِبِ لِلتَّرْتِيبِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْغُسْلِ الْكَائِنِ بِالْغَطْسِ فَحِينَئِذٍ لَا يُطْلَبُ التَّرْتِيبُ وَعَلَّلَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا؛ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَحْصُلُ فِي لَحَظَاتٍ لَطِيفَةٍ يَعْنِي أَنَّ الشَّارِعَ يَعْتَبِرُهُ فِي تِلْكَ اللَّحَظَاتِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ الْفَاعِلُ مِنْ التَّرْتِيبِ لِعَدَمِ حُصُولِ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ فِيهِ فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ فَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بِدَلِيلِ كِفَايَةِ الْغُسْلِ عَنْ الْوُضُوءِ بِدُونِ تَرْتِيبٍ اهـ وَالشَّارِحُ رحمه الله اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَقَالَةُ الْقَاضِي وَابْنِ الصَّلَاحِ.
(قَوْلُهُ قَطَعَ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ وَلَا تَرْتِيبَ تَدَبَّرْ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعْلِيلِ؛ بِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي إلَخْ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَحْصُلُ فِي لَحَظَاتٍ يَسِيرَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ التَّرْتِيبِ) أَيْ: بَلْ بِعُمُومِ رَفْعِ الْحَدَثِ اهـ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الْأَصْلُ) أَيْ وَإِنَّمَا سَقَطَ تَخْفِيفًا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ.
شَرْحُ الْعُبَابِ، لَكِنَّهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ إنَّ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ يَحِلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ غَسْلَهُ وَسَقَطَ تَخْفِيفًا اهـ.
(قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَتَى بِنِيَّةِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ الْغُسْلِ أَوْ الطَّهَارَةِ وَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ النَّوَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ وَأَنَّ النَّوَوِيَّ مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ الْمُكْثَ قَائِلٌ؛ بِأَنَّهُ أَقَامَ الْغُسْلَ مَقَامَ الْوُضُوءِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ؛ بِأَنَّ الْغُسْلَ يَكْفِي لِلْأَكْبَرِ إلَخْ فَقَالَ هَذَا، إنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مَحَلَّ خِلَافٍ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ إذَا لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ بِغُسْلِهِ أَمَّا إذَا نَوَاهُ بِهِ؛ بِأَنْ نَوَى الْغُسْلَ لِأَجْلِ أَنْ يَحْصُلَ بِهِ
أَجِدْهُ مَنْقُولًا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجْزِئَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً، ثُمَّ وَجَدْت الرُّويَانِيَّ نَقَلَ ذَلِكَ وَصَحَّحَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا اسْتَظْهَرْته وَهُوَ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقَتَيْ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ لِمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَكَنِيَّةِ الْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَلَفْظُ السَّادِسِ، وَكُلُّ بَدَلٍ عَنْهُ مِنْ زِيَادَةِ النَّاظِمِ (وَلَيْسَ) التَّرْتِيبُ (سَاقِطًا) عَنْهُ (لِنِسْيَانٍ حَدَثْ) لَهُ كَبَقِيَّةِ الْفُرُوضِ (بَلْ) سَاقِطٌ (لِجَنَابَةٍ) وَنَحْوِهَا لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فِي الْأَكْبَرِ، سَوَاءٌ أَجْنَبَ قَبْلَ الْحَدَثِ أَمْ بَعْدَهُ، أَوْ مَعَهُ لِظَوَاهِرِ الْأَخْبَارِ كَخَبَرِ «أَمَّا أَنَا فَيَكْفِينِي أَنْ أَصُبَّ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفِيضُ عَلَى سَائِرِ جَسَدِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ.
فَلَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ إلَّا رِجْلَيْهِ مَثَلًا، ثُمَّ أَحْدَثَ كَفَاهُ غَسْلُهُمَا عَنْ الْجَنَابَةِ بَعْدَ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، أَوْ قَبْلَهَا، أَوْ فِي أَثْنَائِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
أَنَّ مَحَلَّ الْإِجْزَاءِ إذَا أَتَى بِنِيَّةِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْغَلَطِ عَلَى مَا حَلَفَ وَأَنَّهُ إذَا أَتَى الشَّخْصُ بِنِيَّةٍ مِنْ نِيَّاتِ الْوُضُوءِ لَا يَكُونُ كَافِيًا لِمَا عَلَّلَ بِهِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَمِنْهَا أَنَّ اعْتِمَادَ الشَّارِحِ لِذَلِكَ إلَخْ مَا قَرَّرَهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمَتْنِ السَّابِقِ أَوْ الْحَدَثِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ الطَّهَارَةُ عَنْهُ الْمُرَادُ نِيَةُ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ وَجَدْت الرُّويَانِيَّ إلَخْ أَقُولُ فِيهِ قَدْ يَكُونُ الرُّويَانِيُّ يَرَى اشْتِرَاطَ الْمُكْثِ كَمَا هُوَ طَرِيقُ الرَّافِعِيِّ وَالْوَجْهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَنْ نَقُولَ إنْ كَانَ مُرَادُ ابْنِ الصَّلَاحِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ أَنَّهُ اغْتَسَلَ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ نِيَّةَ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ مِثْلُهَا عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ أَيْ: ابْنِ الصَّلَاحِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ أَتَى بِالْغُسْلِ قَاصِدًا جَعْلَهُ وُضُوءًا فَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فِي كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ وَهَذَا الْوَجْهُ الْأَخِيرُ تَشْهَدُ لَهُ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَهُوَ مُرَادُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بُرُلُّسِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا عَلَّلَ بِهِ) وَلِفَقْدِ الْمُكْثِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَكَنِيَّةِ الْوُضُوءِ فِي ذَلِكَ إلَخْ) اقْتَضَى صَنِيعُهُ هَذَا مَعَ الَّذِي اخْتَارَهُ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ انْحِصَارَ النِّيَّةِ فِي نِيَّةِ رَفْعِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِرّ.
(قَوْلُهُ: لِانْدِرَاجِ الْأَصْغَرِ) أَيْ:، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِاغْتِسَالُ بِالِانْغِمَاسِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْوُضُوءُ فَلَا يَكُونُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ جُمْلَةِ أَرْكَانِهِ التَّرْتِيبُ، فَإِذَا نَوَى مَا ذُكِرَ فَقَدْ نَوَى التَّرْتِيبَ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَقُمْ الْغُسْلُ مَقَامَ الْوُضُوءِ إذْ الْغُسْلُ لَا تَرْتِيبَ فِيهِ فَلَا بُدَّ حَتَّى عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ مِنْ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّرْتِيبُ قَالَ الشَّارِحُ وَجَدْت الرُّويَانِيَّ قَيَّدَهُ بِذَلِكَ وَهَذَا التَّقْيِيدُ جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَمَّا طَرِيقُ الرَّافِعِيِّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا طَرِيقُ النَّوَوِيِّ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُقِمْ الْغُسْلَ مَقَامَ الْوُضُوءِ وَالنَّوَوِيُّ، إنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُكْثَ فِيمَا إذَا أَقَامَهُ مَقَامَهُ؛ بِأَنْ لَا يَتَعَرَّضَ فِي نِيَّتِهِ لِلتَّرْتِيبِ ثُمَّ قَالَ وَكَنِيَّةِ الْوُضُوءِ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُكْثِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ مِنْ جُمْلَةِ أَجْزَاءِ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَقَدْ يَحْصُلُ بِلَا تَرْتِيبٍ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ وَقُلْنَا بِالِانْدِرَاجِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) هَذَا، إنَّمَا يَرِدُ عَلَى مُقْتَضَى الْعِلَّةِ الْأُولَى وَهُوَ أَنَّ الْغُسْلَ، إنَّمَا أَجْزَأَهُ لِكَوْنِهِ جَعَلَهُ قَائِمًا مَقَامَ الْوُضُوءِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ كَذَلِكَ؛ بِأَنْ جَعَلَ الْغُسْلَ نَفْسَهُ وُضُوءًا؛ بِأَنْ نَوَى بِهِ الْوُضُوءَ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَمْ يَصِحَّ، هَذَا مُرَادُ ابْنِ الصَّلَاحِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ هُوَ الثَّانِي لِاقْتِضَاءِ الْأَوَّلِ الصِّحَّةَ وَإِنْ اغْتَسَلَ مُنَكَّسًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، فَالْأَوْجَهُ الْإِجْزَاءُ هُنَا وَإِنْ جَعَلَهُ وُضُوءًا خِلَافًا لِشَيْخِنَا وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ اعْتَمَدَ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرْتِيبُ حَقِيقَةً.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْيِيدٌ لِكَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.
(قَوْلُهُ: جَارٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ طَرِيقَتَيْ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) أَيْ: عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَإِلَّا فَالرُّويَانِيُّ أَقْدَمُ مِنْ الرَّافِعِيِّ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ
وَالْمَوْجُودُ فِي الْأَخِيرَيْنِ وُضُوءٌ خَالٍ مِنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَهُمَا مَكْشُوفَتَانِ بِلَا عِلَّةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَعَنْ التَّرْتِيبِ وَغَلَّطَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ غَيْرُ خَالٍ عَنْهُ، بَلْ يَجِبُ فِيهِ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ إنْكَارٌ صَحِيحٌ، وَلَوْ غَسَلَ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ، ثُمَّ أَحْدَثَ لَمْ يَجِبْ تَرْتِيبُهَا
(وَسُنَّ) لِلْمُتَوَضِّئِ (الْبَسْمَلَهْ) أَوَّلَ الْوُضُوءِ لِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» وَلِخَبَرِ النَّسَائِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدُوا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ، ثُمَّ قَالَ تَوَضَّئُوا بِسْمِ اللَّهِ فَرَأَيْت الْمَاءَ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا وَكَانُوا نَحْوَ سَبْعِينَ رَجُلًا» وَقَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ أَيْ: قَائِلِينَ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْبَسْمَلَةِ.
وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لِآيَةِ الْوُضُوءِ الْمُبَيِّنَةِ لِوَاجِبَاتِهِ وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ «تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ» وَلَيْسَ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ بَسْمَلَةٌ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهِ» فَضَعِيفٌ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَامِلِ وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ زَادَ الْغَزَالِيُّ بَعْدَهَا فِي بِدَايَةِ الْهِدَايَةِ رَبِّ أَعُوذُ بِك مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِك رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ، وَحَكَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ التَّعَوُّذَ قَبْلَهَا وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَكِنَّهُ جَعَلَ فِي الْأَذْكَارِ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ دُعَاءِ الْأَعْضَاءِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ نَصْرُ الْمَقْدِسِيَّ وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
قَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
وَلَمْ يُرَتَّبْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَوْجُودُ فِي الْأَخِيرِينَ وُضُوءٌ خَالٍ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ) إذَا نَظَرْت إلَى هَذَا وَإِلَى قَوْلِهِ الْآتِي وَغَلَّطَهُ الْأَصْحَابُ إلَخْ أَفَادَ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ جَنَابَةً مُجَرَّدَةً إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ بَعْدَهَا تَكُونُ تِلْكَ الْجَنَابَةُ مَانِعَةً مِنْ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ الْحَدَثِ لِغَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ إطْلَاقُ قَوْلِهِمْ يُنْدَبُ لِلْجُنُبِ أَوْ يَتَعَرَّضُ لِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ بُرُلُّسِيٌّ أَقُولُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْجَنَابَةِ دُونَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَالظَّاهِرُ الْقَطْعُ بِعَدَمِ ارْتِفَاعِ الْأَصْغَرِ وَوُجُوبُ الْوُضُوءِ، وَلَوْلَا اقْتِضَاءُ الْأَصْغَرِ غَسْلَ الْأَعْضَاءِ مَا صَحَّ ذَلِكَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ غَسْلَهَا عَنْ الْأَصْغَرِ يَنْدَرِجُ فِي غَسْلِهَا عَنْ الْأَكْبَرِ بِشَرْطِ عَدَمِ الصَّارِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُخَالِفُ مَا اسْتَظْهَرْته كَمَا بَيَّنْته بِمَا فِيهِ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمِنْهَاجِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ) أَخْرَجَ الْأُولَى وَفِي هَذِهِ التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ اسْتِقْلَالًا فَالْخُلُوُّ حَاصِلٌ فِي الْأُولَى أَيْضًا أَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا خُلُوَّ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ إنْكَارٌ صَحِيحٌ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ لَمْ يَجِبْ مُطْلَقًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ يُؤَيِّدُ الْمَنْعُ حُكْمَهُمْ بِانْدِرَاجِ رَفْعِ الْأَصْغَرِ فِي رَفْعِ الْأَكْبَرِ إذْ الِانْدِرَاجُ فَرْعُ الْوُجُوبِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلِانْدِرَاجِ وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ عَنْ الْجَنَابَةِ دُونَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَمْ يَحْصُلْ طُهْرُهُمَا عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فِيمَا يَظْهَرُ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَيَجِبُ غَسْلُهُمَا بَعْدُ، وَلَوْلَا أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَمْ يُؤَثِّرْ هَذَا الصَّارِفُ وَلَمْ يَجِبْ غَسْلُهُمَا بَعْدُ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ اسْتِقْلَالًا، بَلْ يَكْفِي غَسْلُهُمَا عَنْ الْجَنَابَةِ عَنْ غَسْلِهِمَا عَنْ الْأَصْغَرِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَى ابْنِ الْقَاصِّ وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ: إنَّهُ خَالٍ عَنْ التَّرْتِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ بِالْإِنْصَافِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُخَالِفُ قَوْلِي وَأَنَّهُ لَوْ نَوَى فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَخْ كَمَا بَيَّنْته بِمَا فِيهِ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ سم
(قَوْلُهُ: وَتُسَنُّ الْبَسْمَلَةُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ. (فَرْعٌ) تُسَنّ التَّسْمِيَةُ أَيْضًا لِكُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ كَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ وَالذَّبْحِ وَالْجِمَاعِ وَالتِّلَاوَةِ، وَلَوْ مِنْ أَثْنَاءِ السُّورَةِ لَا لِلصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالْأَذْكَارِ وَتُكْرَهُ لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ فَإِنْ تَرَكَهَا أَوَّلَ طَهَارَةٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ تَدَارَكَ فِي أَثْنَائِهَا وَيَزِيدُ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ اهـ.
وَقَوْلُهُ: أَوَّلَ طَهَارَةٍ أَيْ: وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ كَمَا فِي شَرْحِهِ لِلشِّهَابِ وَقَوْلُهُ: أَوْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ قَالَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا تُسَنُّ أَوَّلَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
وَهُوَ شَامِلٌ لِلْجِمَاعِ بَعْدَ حُصُولِ الْجَنَابَةِ وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ قُرْآنٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَذْكَارِهِ وَكَمَا يَأْتِي بِهَا فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ مَعَ بَقَاءِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِتَمَامِ الْغُسْلِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ كَغَيْرِهِ فِي بَابِ الِاسْتِمْتَاعِ وَأَنْ يَقُولَ أَيْ الرَّجُلُ عِنْدَ الْإِيلَاجِ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتنَا اهـ.
وَالْمُتَبَادَرُ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ بِعَيْنِهِ وَأَنَّ إتْيَانَ الْمَرْأَةِ بِهِ لَا يَكْفِي عَنْهُ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَطْلُوبُ لَكِنْ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِإِتْيَانِهَا بِهِ وَحُصُولُ الْمَقْصُودِ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ الْوَجْهُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْحُرْمَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَرَّمِ وَمِنْ الْمُحَرَّمِ أَكْلُ طَعَامٍ مَغْصُوبٍ أَوْ مَسْرُوقٍ فَلَوْ اخْتَلَطَ بِمِلْكِهِ فَيَنْبَغِي أَنَّ تَحْرِيمَ التَّسْمِيَةِ عَلَى أَكْلِهِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْأَكْلِ بِالْخُبْزِ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْمَسْرُوقِ لَا مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالْخُبْزِ الْمَمْلُوكِ.
(قَوْلُهُ: وَضُوءٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ.
(قَوْلُهُ: فَأُتِيَ بِمَاءٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيمَا أَمَرَ اللَّهُ بَسْمَلَةٌ) فَإِنْ قُلْت يَرُدُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَمَا أَمَرَك اللَّهُ، وَلَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ قُلْت خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ لَمْ يَعْلَمْ بَعْدَ أَمْرِ اللَّهِ بِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ بِدَلِيلِ احْتِيَاجِهِ لِلتَّعْلِيمِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ حَسَنٌ ظَاهِرٌ يَسْقُطُ بِهِ مَا شَنَّعَ بِهِ بَعْضَ مِنْ أَدْرَكْنَاهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ غَسْلِهَا عَنْ الْأَصْغَرِ.
(قَوْلُهُ وُضُوءُ خَالٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْدَثَ لَمْ يَتَعَلَّقْ حُكْمُ الْحَدَثِ بِالرِّجْلَيْنِ لِبَقَاءِ الْجَنَابَةِ عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا أَثَّرَ فِي بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ لِطَهَارَتِهَا اهـ.
مَجْمُوعٌ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا) أَيْ: يَقُولَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ وُضُوئِهِ بَعْدَ التَّسْمِيَةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: غَرِيبٌ) بَعْدَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لَا نَعْلَمُهُ لِغَيْرِهِ
فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا غَرِيبٌ لَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا بَأْسَ بِهِ (كَأَكْلِهِ) أَيْ كَمَا سُنَّ إتْيَانُهُ بِالْبَسْمَلَةِ أَوَّلَ أَكْلِهِ (وَوَسَطًا) يَعْنِي فِي أَثْنَاءِ وُضُوئِهِ، أَوْ أَكْلِهِ (إنْ أَهْمَلَهْ) ، أَوْ لَا، وَلَوْ عَمْدًا تَدَارُكًا لِمَا فَاتَهُ فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ فَقَوْلُهُ: إنْ أَهْمَلَهُ، أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنْ نَسِيَ، وَإِنْ جُعِلَ نَسِيَ بِمَعْنَى تَرَكَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: 126] نَعَمْ تَأْخِيرُ أَصْلِهِ الْأَكْلَ عَنْ الْوَسَطِ أَوْلَى لِيَشْمَلَ وَسَطَ الْأَكْلِ بِلَا عِنَايَةٍ وَخَرَجَ بِالْوَسَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ الْفَرَاغُ فَلَا بَسْمَلَةَ بَعْدَهُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا وَهِيَ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةُ عَيْنٍ وَفِي الْأَكْلِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ (وَ) سُنَّ لَهُ (صُحْبَةُ النِّيَّةِ) أَيْ اسْتِصْحَابُهَا ذِكْرًا كَالصَّلَاةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلِئَلَّا يَخْلُوَ عَمَلُهُ عَنْهَا حَقِيقَةً، أَمَّا اسْتِصْحَابُهَا حُكْمًا بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يُنَافِيهَا فَوَاجِبٌ كَمَا مَرَّ (مِنْ أُولَى السُّنَنْ) لَوْ قَالَ وَمَنْ كَانَ، أَوْلَى وَأَوْلَاهَا عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الِاسْتِيَاكُ ثُمَّ التَّسْمِيَةُ، ثُمَّ غَسْلُ الْكَفَّيْنِ، ثُمَّ الْمَضْمَضَةُ، ثُمَّ الِاسْتِنْشَاقُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ الِاسْتِيَاكَ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ فَأُولَاهَا التَّسْمِيَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.
وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ لِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ» فَيَنْوِي مَعَهَا عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْفِرْكَاحِ بِأَنْ يَقْرِنُ النِّيَّةَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِ غَسْلِهِمَا كَمَا يَقْرُنُهَا بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ قَرْنَهَا بِهَا مُسْتَحِيلٌ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ، وَلَا يُعْقَلُ التَّلَفُّظُ مَعَهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ فَالْمُرَادُ بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ وَبِالْجُمْلَةِ مَتَى تَرَكَ النِّيَّةَ، أَوْ لَا لَمْ يُثَبْ عَلَى مَا قَبْلَهَا بِخِلَافِ نَاوِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ضَحْوَةً؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ خُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا صَحَّ بَعْضُهَا صَحَّ كُلُّهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَلِأَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لِصِحَّةِ الْوُضُوءِ بِسُنَنِهِ بِخِلَافِ إمْسَاكِ بَقِيَّةِ النَّهَارِ (وَ) سُنَّ لَهُ (غَسْلُ كَفَّيْهِ) ثَلَاثًا قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا، أَوْ لَمْ يُرِدْ غَمْسَهُمَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيُسْتَكْرَهُ أَنْ يُدْخِلَ) أَيْ وَيُكْرَهُ أَنْ يُدْخِلَهُمَا (ظَرْفًا) فِيهِ مَاءٌ، أَوْ نَحْوُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا (إنْ شَكَّ فِي طُهْرِهِمَا) لِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ فِي أَوَائِلِ الطَّهَارَةِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» وَقِيسَ بِالنَّوْمِ غَيْرُهُ وَقَيَّدَ الْكَرَاهَةَ فِي الْمَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا بِقَوْلِهِ (إنْ كَثْرَةُ الْمَاءِ تَنْتَفِي) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَهُمَا وَبِخِلَافِ نَحْوِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ، وَلَا تَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ إلَّا بِغَسْلِهِمَا ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إذَا غَيَّا حُكْمًا بِغَايَةٍ، فَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِاسْتِيفَائِهَا فَسَقَطَ مَا قِيلَ يَنْبَغِي انْتِفَاؤُهَا بِوَاحِدَةٍ لِتَيَقُّنِ الطُّهْرِ بِهَا كَمَا لَا كَرَاهَةَ إذَا تَيَقَّنَ طُهْرَهُمَا ابْتِدَاءً.
وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ تَيَقُّنِ طُهْرِهِمَا إذَا كَانَ مُسْتَنِدًا لِيَقِينِ غَسْلِهِمَا ثَلَاثًا، فَلَوْ غَسَلَهُمَا فِيمَا مَضَى مِنْ نَجَاسَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ، أَوْ مَشْكُوكَةٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ كُرِهَ غَمْسُهُمَا قَبْلَ إكْمَالِ الثَّلَاثِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ كَأَكْلِهِ) لَكِنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ فِي الْأَكْلِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْإِنَاءُ الْمَأْكُولُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِك الْآكِلُونَ فِي الْأَكْلِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَوْ كَثُرُوا كَمَا فِي الْأَسْمِطَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ أَنْ يَتَقَارَبَ الْآكِلُونَ فَيَكْفِي تَسْمِيَةُ بَعْضِهِمْ أَوْ يَتَبَاعَدُوا فَلَا يَكْفِي تَسْمِيَةُ بَعْضِهِمْ عَمَّنْ بَعُدَ عَنْهُ وَأَنْ يَفْصِلَ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْأَوَانِي وَالْآكِلِينَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي الْأَكْلِ مِنْ كُلِّ إنَاءٍ فَيَكْفِي تَسْمِيَةُ بَعْضِهِمْ وَأَنْ يَخْتَصَّ كُلٌّ بِإِنَاءٍ فَلَا يَكْفِي تَسْمِيَةُ غَيْرِهِ، وَلَوْ سَمَّى غَيْرُ الْآكِلِ فَهَلْ يَكْفِي عَنْ الْآكِلِ فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: فَلَا بَسْمَلَةَ بَعْدَهُ) قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْأَكْلِ لِيَقِيءَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ اهـ.
وَأُيِّدَ بِحَدِيثِ الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ،، وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ فَلْيَذْكُرْ اللَّهَ فِي آخِرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْأَكْلِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْآكِلِ الْمُتَعَدِّدِ وَهُوَ سُنَّةُ عَيْنٍ لِلْوَاحِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: اسْتِصْحَابُهَا ذُكْرًا) بِضَمِّ الذَّالِ.
(قَوْلُهُ وَأُولَاهَا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ. .
(قَوْلُهُ: فَوَاجِبٌ كَمَا مَرَّ) وَظَاهِرٌ أَنَّ وُجُوبَهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا تَقَدَّمَ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ إنَّمَا هُوَ لِتَحْصِيلِ السُّنَّةِ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا انْدَفَعَ إلَخْ) أَيْ: التَّشْبِيهُ بِالْقَرْنِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ قَرْنُ النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ لَكِنْ هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ كَمَا يُسَنُّ التَّلَفُّظُ بِهَا قَبْلَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَا يَبْعُدُ اسْتِحْبَابُهُ وَعِنْدِي أَنَّ اسْتِحْبَابَهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ أَقْرَبُ مِنْهُ بَعْدَ النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ الَّتِي مَعَ التَّسْمِيَةِ.
(قَوْلُهُ: بِتَقْدِيمِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى غَسْلِ الْيَدَيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُدْخِلَهُمَا) يَنْبَغِي أَنَّ غَيْرَهُمَا مِنْ كُلِّ مَا شَكَّ فِي طُهْرِهِ مِنْ أَجْزَائِهِ وَغَيْرُهُمَا مِثْلُهُمَا فِي كَرَاهَةِ الْإِدْخَالِ قَبْلَ الْغَسْلِ ثَلَاثًا.
(قَوْلُهُ ثَلَاثًا) وَكَذَا سَبْعًا إذَا كَانَ الشَّكُّ فِي الْمُغَلَّظَةِ لَا تِسْعًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهَا تَثْلِيثٌ.
(قَوْلُهُ: إنْ شَكَّ فِي طُهْرِهِمَا) مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَصَابَ يَدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي غَمَسَ غَيْرَهُ فِيهِ حَيْثُ كُرِهَ الْغَمْسُ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ تَيَقُّنِ طُهْرِهِمَا) أَيْ ابْتِدَاءً
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَثْنَاءَ وُضُوئِهِ) الْأَثْنَاءُ تَضَاعِيفُ الشَّيْءِ وَخِلَالُهُ وَاحِدُهَا ثِنْيٌ بِكَسْرِ الثَّاءِ وَإِسْكَانِ النُّونِ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ اهـ.
مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنْ نَسِيَ) ، لَكِنَّهَا عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَقِيسَ بِمَا فِيهَا مَا فِي مَعْنَاهُ اهـ.
مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ الْفَرَاغُ) أَيْ: مِنْ الْوُضُوءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ كَالدُّعَاءِ بَعْدَهُ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ، فَإِنْ نَسِيَ أَيْ التَّسْمِيَةَ فِي أَوَّلِهَا أَيْ الطَّهَارَةِ وَذَكَرَ فِي أَثْنَائِهَا أَتَى بِهَا وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، فَإِنْ سَهَا عَنْهَا سَمَّى مَتَى ذَكَرَ إنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الْوُضُوءَ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الطَّهَارَةِ لَمْ يُسَمِّ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا اهـ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُقَالُ لَهُ طَهَارَةٌ فَتَدَبَّرْ
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ صَبَّ الْمَاءَ لِكِبَرِ الْإِنَاءِ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَغْتَرِفُ بِهِ، وَلَا مَنْ يُعِينُهُ أَخَذَ الْمَاءَ بِفَمِهِ، أَوْ بِطَرَفِ خِرْقَةٍ نَظِيفَةٍ (وَبِوُصُولِ الْمَاءِ أَنْ) بِالْفَتْحِ (تَمَضْمَضَا وَاسْتَنْشَقَ) أَيْ وَسُنَّ التَّمَضْمُضُ وَالِاسْتِنْشَاقُ بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى فِيهِ وَأَنْفِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ يُمَضْمِضُ وَيَسْتَنْشِقُ فَيَنْتَثِرُ إلَّا خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ» وَفِيهِ وَخَيَاشِيمِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبَا لِمَا مَرَّ فِي الْبَسْمَلَةِ، وَأَمَّا خَبَرُ «تَمَضْمَضُوا» فَضَعِيفٌ وَأَقَلُّهُمَا مَا ذُكِرَ كَمَا، أَوْضَحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (الْأَصْلُ مِنْ السَّنِّ انْقَضَى) أَيْ حَصَلَ بِذَلِكَ وَأَكْمَلُهُمَا الْمُبَالَغَةُ وَسَتَأْتِي وَتَتَأَدَّى السُّنَّةُ بِكُلٍّ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَالْوَصْلِ.
(وَ) لَكِنْ (الْفَصْلُ أَوْلَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ طَلْحَةُ بْنُ مُطَرِّفٍ، وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى النَّظَافَةِ (وَ) الْأَوْلَى فِيهِ كَوْنُهُ (بِغَرْفَتَيْنِ) غَرْفَةٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا وَأُخْرَى يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا وَقِيلَ بِسِتِّ غَرَفَاتٍ ثَلَاثٌ لِلْمَضْمَضَةِ وَثَلَاثٌ لِلِاسْتِنْشَاقِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْأَوْلَى الْوَصْلُ وَيَكُونُ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا وَخَبَرُ طَلْحَةَ ضَعِيفٌ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ وَقِيلَ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَيْهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا وَالثَّانِي يَخْلِطُ فَيَتَمَضْمَضُ مِنْهَا، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا، ثُمَّ يَفْعَلُ مِنْهَا كَذَلِكَ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ تَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ مُسْتَحَقٌّ لَا مُسْتَحَبٌّ لِاخْتِلَافِ الْعُضْوَيْنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَكَذَا تَقْدِيمُ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ عَلَيْهِمَا (وَبَالَغَ) نَدْبًا (الْمُفْطِرُ فِي هَذَيْنِ) وَفِي نُسْخَةِ هَاتَيْنِ أَيْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلدُّولَابِيِّ صَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهَا «إذَا تَوَضَّأْت فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا»
وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ وَيُسَنُّ إمْرَارُ الْإِصْبَعِ عَلَيْهِمَا وَمَجُّ الْمَاءِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يَصْعَدَ الْمَاءُ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ وَيُسَنُّ الِاسْتِنْثَارُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُخْرِجَ بَعْدَ الِاسْتِنْشَاقِ مَا فِي أَنْفِهِ مِنْ مَاءٍ وَأَذًى وَيُسَنُّ كَوْنُهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِذَا بَالَغَ غَيْرُ الصَّائِمِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ فَلَا يُسْتَقْصَى فَيَصِيرُ سَعُوطًا لَا اسْتِنْشَاقًا أَمَّا الصَّائِمُ، وَلَوْ نَفْلًا فَتُكْرَهُ لَهُ الْمُبَالَغَةُ لِخَبَرِ لَقِيطٍ وَلِخَوْفِ الْإِفْطَارِ (وَثَلَّثَ) الْمُتَوَضِّئُ، أَوْ ثَلِّثْ أَنْتَ نَدْبًا (الْكُلَّ) مِنْ غَسْلٍ وَمَسْحٍ وَتَخْلِيلٍ وَغَيْرِهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا» وَخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ عُثْمَانَ «أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ بَيْنَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ ثَلَاثًا، وَقَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ كَمَا فَعَلْت» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ» وَشَمَلَ كَلَامُ النَّاظِمِ الْقَوْلَ كَالتَّسْمِيَةِ وَالتَّشَهُّدِ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّشَهُّدِ آخِرَهُ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَلَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً، ثُمَّ مَرَّةً، ثُمَّ مَرَّةً
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْله وَبِوُصُولِ الْمَاءِ) أَيْ: إلَى فِيهِ وَأَنْفِهِ وَحَذَفَ ذَلِكَ لِظُهُورِهِ.
(قَوْلُهُ: رَوَاهُ طَلْحَةُ) الْهَاءُ فِي رَوَاهُ قَدْ يَتَبَادَرُ رُجُوعُهَا لِأَوْلَوِيَّةِ الْفَصْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، بَلْ مَرْجِعُهَا نَفْسُ الْفَصْلِ.
(قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) لَا يُقَالُ مُجَرَّدُ ضَعْفِهِ لَا يَمْنَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهِ لِمَا اُشْتُهِرَ مِنْ الْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَكِنَّهُ لَا يُعَارِضُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ، بَلْ هِيَ مُتَعَارِضَةٌ وَتُقَدَّمُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ إمْرَارُ الْإِصْبَعِ) الْيُسْرَى عَلَى الْمُتَّجَهِ.
(قَوْلُهُ وَثَلَّثَ الْمُتَوَضِّئِ) فَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ.
(قَوْلُهُ: ثَلِّثْ أَنْتَ) فَهُوَ فِعْلُ أَمْرٍ.
(قَوْلُهُ: سَعُوطًا إلَخْ) قَدْ يُفْهِمُ قَوْلُهُ: لَا اسْتِنْشَاقًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَصِّلُ سُنَّةَ الِاسْتِنْشَاقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَدْ يُؤَوَّلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ اسْتِنْشَاقًا فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَسْلٍ وَمَسْحٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ دَخَلَ فِي إطْلَاقِهِمْ مَسْحُ الْعِمَامَةِ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ بَحَثَ خِلَافَهُ كَالْخُفِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
أَقُولُ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ تَثْلِيثَ مَسْحِ الْعِمَامَةِ لَا بِعَيْبِهَا بِخِلَافِ مَسْحِ الْخُفِّ وَيَلْتَزِمُ تَكْرَارَ مَسْحِ الْخُفِّ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْعِمَامَةِ بِأَنْ كَانَ خِرَقًا مُطْبَقَةً سم.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا) قَدْ يَشْمَلُ النِّيَّةَ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى طَلَبِ تَكْرِيرِهَا مَا يَأْتِي أَنَّ تَكْرِيرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ بِقَصْدِ الْإِحْرَامِ يَقْتَضِي الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَوْتَارِ وَالْخُرُوجِ بِالْأَشْفَاعِ وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قِيَاسَ ذَلِكَ الْخُرُوجِ مِنْ الْوُضُوءِ بِالنِّيَّةِ الثَّانِيَةِ وَالدُّخُولُ بِالثَّالِثَةِ فَكَيْفَ يَطْلُبُ التَّكْرِيرَ مَعَ اشْتِمَالِهِ عَلَى الْخُرُوجِ فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ: أَيْ: حَصَلَ بِذَلِكَ) وَلَوْ بِلَا مَجٍّ لِلْمَاءِ.
(قَوْلُهُ رَوَاهُ طَلْحَةُ إلَخْ) أَيْ رَوَى الْحَدِيثَ الْمُفِيدَ لَهُ وَلَفْظُهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «دَخَلْت عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْته يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» اهـ. (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ طَلْحَةَ إلَخْ) لَمْ يَثْبُتْ فِي الْفَصْلِ سِوَاهُ مَعَ ضَعْفِهِ بِخِلَافِ الْوَصْلِ ثَبَتَ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ قِيلَ بِوُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَأَنَّهُمَا شَرْطَانِ لِصِحَّتِهِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَحَمَّادٍ وَإِسْحَاقَ قَالَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنْ عَطَاءَ فَيَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِمَا فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ هَذَا جَوَابٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ هَذَا كَانَ مَرَّةً وَاحِدَةً إذْ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ لَا يَقْتَضِي أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فَحَمْلُهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ تَأْوِيلٌ حَسَنٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِغَرْفَةٍ) هُوَ وَجْهٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) أَيْ: فِي كَيْفِيَّةِ الْجَمْعِ.
(قَوْلُهُ: تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً) أَيْ: لِبَيَانِ الْجَوَازِ أَمَّا التَّثْلِيثُ فَهُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا تَوَضَّآ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَا هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ
لَمْ تَحْصُلْ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْيَدَ مُتَبَاعِدَانِ فَيَنْبَغِي الْفَرَاغُ مِنْ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ الِانْتِقَالُ إلَى الْآخَرِ وَالْفَمُ وَالْأَنْفُ كَعُضْوٍ فَجَازَ تَطْهِيرُهُمَا مَعًا كَالْيَدَيْنِ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ وَبِهِ أَفْتَى الْبَارِزِيُّ وَخَالَفَ الرُّويَانِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ مَا فَقَالُوا بِحُصُولِهَا وَقَدْ يُرَجَّحُ بِأَنَّ الْغَرَضَ الِاسْتِظْهَارُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ (يَقِينًا) ، فَلَوْ شَكَّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَقَلِّ أَخْذًا بِالْيَقِينِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا يَزِيدُ رَابِعَةً وَهِيَ بِدْعَةٌ وَتَرْكُ سُنَّةٍ أَسْهَلَ مِنْ اقْتِحَامِ بِدْعَةٍ وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بِدْعَةً إذَا عُلِمَ أَنَّهَا رَابِعَةٌ وَحِينَئِذٍ تَكُونُ مَكْرُوهَةً لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ هَكَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا، أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ» أَيْ فَمَنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، أَوْ نَقَصَ مِنْهَا فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ فِي كُلٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ وَقِيلَ أَسَاءَ فِي النَّقْصِ وَظَلَمَ فِي الزِّيَادَةِ وَقِيلَ عَكْسُهُ (مَا خَلَا مَسْحًا لِخُفَّيْنِ) فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ.
وَذِكْرُهُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُسْتَثْنَى مَعَهُ مَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَمَا إذَا كَفَاهُ الْمَاءُ لِوُضُوئِهِ وَبِهِ عَطَشٌ مَثَلًا، وَلَا تَتَأَتَّى إزَالَتُهُ إلَّا أَنْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً (وَ) سُنَّ (دَلْكٌ) لِلْمَحَلِّ بِأَنْ يُمِرَّ يَدَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ احْتِيَاطًا وَتَحْصِيلًا لِلنَّظَافَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ، أَوْجَبَهُ (وَ) سُنَّ (الْوَلَا) بَيْنَ الْأَعْضَاءِ فِي التَّطْهِيرِ بِأَنْ يَغْسِلَ الْعُضْوَ الثَّانِيَ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ الْأَوَّلُ مَعَ اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ وَالزَّمَانِ وَالْمِزَاجِ لِلِاتِّبَاعِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَإِذَا غَسَلَ ثَلَاثًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيُقَدَّرُ الْمَمْسُوحُ مَغْسُولًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْوِلَاءُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِمَا صَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ فِي السُّوقِ إلَّا رِجْلَيْهِ ثُمَّ دُعِيَ إلَى جِنَازَةٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ بَعْدَ مَا جَفَّ وُضُوءُهُ وَصَلَّى، وَأَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْمُصَلِّيَ وَقَدْ تَرَكَ لُمْعَةً عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ» فَضَعِيفٌ، أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ تَرَكَهَا بِإِعَادَةِ وُضُوئِهِ عَلَى النَّدْبِ وَإِذَا تَرَكَ الْوِلَاءَ وَقَدْ عَزَبَتْ النِّيَّةُ لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُهَا فِي الْبِنَاءِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ.
(وَ) سُنَّ (تَرْكُهُ التَّنْشِيفَ) لِلْأَعْضَاءِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «مَيْمُونَةَ قَالَتْ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ اغْتِسَالِهِ بِمِنْدِيلٍ فَرَدَّهُ وَجَعَلَ يَنْفُضَ الْمَاءَ بِيَدِهِ» وَإِبْقَاءً لِأَثَرِ الْعِبَادَةِ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِخَوْفِ بَرْدٍ، أَوْ الْتِصَاقِ نَجَاسَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَاخْتَارَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ مُبَاحٌ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ، سَوَاءٌ وَالتَّنْشِيفُ أَخْذُ الْمَاءِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ هُوَ الْمُنَاسِبُ، وَأَمَّا النَّشْفُ بِمَعْنَى الشُّرْبِ فَلَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا بِنَوْعِ تَكَلُّفٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَايَاتِيُّ وَإِذَا تَنَشَّفَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِذَيْلِهِ وَطَرَفِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: لَمْ تَحْصُلْ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ) وَعَلَى هَذِهِ فَيَنْبَغِي كَرَاهَةُ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ.
(قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ فَقَالُوا بِحُصُولِهَا) أَيْ: فَضِيلَةِ التَّثْلِيثِ.
(قَوْلُهُ: تَكُونُ مَكْرُوهَةً لَا مَحْرُومَةً) وَمِنْ ثَمَّ مَشَى فِي الْأَنْوَارِ عَلَى أَنَّ تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ قَبْلَ فِعْلِ صَلَاةٍ مَكْرُوهٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ) .
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ إذَا ثَلَّثَ لَمْ يَكْفِ وَجَبَ تَرْكُهُ فَلَوْ ثَلَّثَ تَيَمَّمَ وَلَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ فِي غَرَضِ التَّثْلِيثِ فَكَانَ كَمَا لَوْ أَمْكَنَ الْمَرِيضَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ فَصَلَّى قَاعِدًا بِالسُّورَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي الْفَتَاوَى وَنَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ جَوَازُ التَّثْلِيثِ وَهُوَ خِلَافُ الْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ وَقُلْنَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ كَالتَّثْلِيثِ اهـ.
وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ يُشْكِلُ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ صَلَّى بِالْفَاتِحَةِ مِنْ قِيَامٍ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ السُّورَةِ لَا يَجِبُ أَنْ يَتْرُكَهُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ وَيَقْرَأَ السُّورَةَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ فِي غَرَضِ التَّثْلِيثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ عَبَثًا قَضَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ،، وَإِنْ تَلِفَ الْمَاءُ فِي الْوَقْتِ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ لَمْ يَعْصِ أَوْ عَبَثًا عَصَى وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَيْ: فِي الْحَالَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ: وَلَعَلَّ صُورَتَهُ إلَخْ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا شُبْهَةٍ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَمَا إذَا كَفَاهُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقِلَّةُ مَاءٍ بِحَيْثُ لَا يَكْفِيهِ إلَّا لِلْفَرْضِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَاضِلِ عَنْهُ لِعَطَشٍ اهـ.
وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ لَمْ يَكْفِ الْمَاءُ لِلْفَرْضِ لَكِنَّهُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ كَفَى أَكْثَرَ الْأَعْضَاءِ، وَإِنْ ثَلَّثَ لَمْ يَكْفِ إلَّا لِأَقَلِّهَا أَنْ يَجِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَرَّةٍ تَحْصِيلًا لِلْفَرْضِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْعُلْيَا عَنْ الزَّرْكَشِيّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَوَضَّأَ مَرَّةً) أَيْ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَرَّةِ وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ الْأَوَّلُ) يَخْرُجُ الْمُعَيَّنَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِالْأَخِيرَةِ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَيْضًا الْوِلَاءُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَالْأَوْلَى حَتَّى لَوْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَوَالَى بَيْنَ الثَّالِثَةِ وَالْعُضْوِ الَّذِي بَعْدَهَا لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ الْمُوَالَاةِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الِاشْتِرَاطَ أَقْرَبُ، بَلْ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ وَصَلَّى) قَالَ النَّوَوِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ حَاضِرِي الْجِنَازَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ بِرّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى النَّدْبِ) قَضِيَّتُهُ الْتِزَامُ النَّدْبِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ تَرْكُهُ) ، بَلْ قَدْ يَجِبُ كَمَا إذَا خَشَى وُقُوعَ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِ وَلَا يَجِدُ مَا يَغْسِلُهَا بِهِ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ، وَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّضَمُّخَ
ــ
[حاشية الشربيني]
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَحْصُلْ فَضِيلَةُ التَّثْلِيثِ) وَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ قِيلَ فِيهِ بِحُصُولِهَا اهـ.
سم.
(قَوْلُهُ: فِي كُلٍّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ) لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ فَمَنْ زَادَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ وَلَمْ يَذْكُرْ النَّقْصَ.
(قَوْلُهُ: أَسَاءَ فِي النَّقْصِ) ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَوَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَكْسُهُ) ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى النَّقْصِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} [الكهف: 33] اهـ. مِنْ الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى النَّدْبِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُنْدَبُ هُنَا إعَادَةُ الْوُضُوءِ بِتَمَامِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ إتْيَانُهُ بِهِ مَعَ الْمُوَالَاةِ وَلَيْسَ
ثَوْبِهِ وَنَحْوِهِمَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ (وَ) سُنَّ تَرْكُهُ (التَّكَلُّمَا) بِلَا عُذْرٍ لِئَلَّا يَشْغَلَهُ عَنْ الْعِبَادَةِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ كَرِهُوهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتُ فِيهِ نَهْيٌ (وَ) سُنَّ تَرْكُهُ (الِاسْتِعَانَةَ) بِالصَّبِّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهَا تَرَفُّهٌ لَا يَلِيقُ بِالْمُتَعَبِّدِ وَلَيْسَتْ مَكْرُوهَةٌ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَبَّ عَلَيْهِ أُسَامَةُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالْمُغِيرَةُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ» ، وَإِنَّمَا هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ كَانَتْ بِلَا عُذْرٍ وَإِذَا اسْتَعَانَ سُنَّ أَنْ يَقِفَ الصَّابُّ عَلَى يَسَارِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَأَحْسَنُ أَدَبًا (خَلَا إحْضَارِ مَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ خَلَا اسْتِعَانَتَهُ بِإِحْضَارِ الْمَاءِ فَلَيْسَتْ مَكْرُوهَةٌ، وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى لِثُبُوتِهَا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا.
وَأَمَّا اسْتِعَانَتُهُ بِتَغْسِيلِ الْأَعْضَاءِ فَمَكْرُوهَةٌ إلَّا لِعُذْرٍ وَقَدْ تَجِبُ الِاسْتِعَانَةُ عِنْدَ الْعُذْرِ، وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا فَضَلَتْ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مُمَوِّنِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا أَوْ وَجَدَهَا غَيْرَ فَاضِلَةٍ عَمَّا ذُكِرَ، أَوْ لَمْ يَجِدْ أَجِيرًا، أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ إنْ أَمْكَنَهُ وَبِدُونِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ وَأَعَادَ فِيهِمَا وَتَعْبِيرُهُمْ بِلَفْظِ الِاسْتِعَانَةِ الْمُقْتَضِي طَلَبَهَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَلَبِهَا وَعَدَمِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ (وَيُكْرَهُ) لَهُ (النَّفْضُ) لِلْعُضْوِ بَعْدَ غَسْلِهِ لِخَبَرِ «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَلَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ، فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ» وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَجَزَمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَالتَّحْقِيقِ بِأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَقَالَ فِي شَرْحَيْ مُسْلِمٍ وَالْوَسِيطِ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَبِهِ الْفَتْوَى فَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّهُ لَا نَصَّ لَهُ فِيهَا وَرَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ أَنَّهُ مُبَاحٌ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ، سَوَاءٌ لِخَبَرِ مَيْمُونَةَ السَّابِقِ قَالَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي النَّهْيِ شَيْءٌ، وَأَمَّا خَبَرُ «إذَا تَوَضَّأْتُمْ» فَضَعِيفٌ (وَسُنَّ وَكُرِهْ لِلْغُسْلِ) مِنْ جَنَابَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (كُلُّ مَا مَضَى) أَنَّهُ يُسَنُّ وَيُكْرَهُ (مِنْ صُوَرِهْ) أَيْ لِلْوُضُوءِ.
وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوُضُوءَ يَخْتَصُّ بِمَا يَأْتِي لَكِنْ مِنْهُ التَّيَامُنُ وَالتَّخْلِيلُ وَالذِّكْرُ آخِرًا وَهِيَ سُنَّةٌ فِي الْغُسْلِ أَيْضًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الَّذِي أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ أَنَّ كُلَّ مَا مَضَى فِي الْوُضُوءِ مِمَّا ذُكِرَ يَأْتِي فِي الْغُسْلِ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي لَا يَأْتِي كُلُّهُ فِيهِ، بَلْ بَعْضُهُ عَلَى أَنَّ التَّخْلِيلَ فِيهِ يُمْكِنُ إدْرَاجُهُ فِي التَّعَهُّدِ لِمَكَانِ الِالْتِوَاءِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِهِ
(وَ) سُنَّ (سَوْكُهُ) لِلْوُضُوءِ لِخَبَرِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقُّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» أَيْ أَمْرُ إيجَابٍ وَفِي رِوَايَةٍ «لَفَرَضْت عَلَيْهِمْ السِّوَاكَ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ مُسْنَدًا وَصَحَّحَاهُ وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَالسَّوْكُ مَصْدَرُ سَاكَ فَاهُ يَسُوكُهُ وَهُوَ لُغَةً الدَّلْكُ وَشَرْعًا اسْتِعْمَالُ عُودٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأَسْنَانِ وَمَا حَوْلَهَا كَمَا قَالَ (بِخَشِنٍ) يُزِيلُ الْقَلَحَ وَلَوْ بِسَعْدٍ وَأُشْنَانَ نَعَمْ لَا يَكْفِي أُصْبُعُهُ، وَلَوْ خَشِنَةً قَالُوا؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى سِوَاكًا؛ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ وَاخْتَارَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخَشِنَةَ تَكْفِي لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهَا وَالْعُودُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَوْلَاهُ ذُو الرِّيحِ الطَّيِّبِ وَأَوْلَاهُ الْأَرَاكُ اتِّبَاعًا، ثُمَّ بَعْدَهُ النَّخْلُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَيُكْرَهُ الِاسْتِيَاكُ بِمَا يَضُرُّ كَمِبْرَدٍ (عَرْضًا) أَيْ فِي عَرْضِ الْأَسْنَانِ ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا لَا طُولًا خَشْيَةَ إدْمَاءِ اللِّثَةِ وَإِفْسَادِ عُمُورِ الْأَسْنَانِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الِاسْتِيَاكُ طُولًا لَكِنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِيَاكُ، وَإِنْ خَالَفَ الْمُخْتَارَ أَمَّا اللِّسَانُ فَيَسْتَاكُ فِيهِ طُولًا ذَكَرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِخَبَرٍ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَيُسَنُّ أَنْ يُمِرَّ السِّوَاكَ عَلَى سَقْفِ حَلْقِهِ إمْرَارًا خَفِيفًا وَعَلَى أَطْرَافِ أَسْنَانِهِ وَكَرَاسِيِّ أَضْرَاسِهِ (بِبَلْ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ مَعَ بَلِّهِ عِنْدَ يَبِسِهِ لِئَلَّا يَجْرَحَ لِثَتِهِ (وَ) سُنَّ سَوْكُهُ (لِلصَّلَاةِ) فَرْضِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِوُقُوعِهَا عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا بِمَنْزِلَةِ التَّضَمُّخِ بِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لَيْسَ فِعْلًا لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ إلَخْ) إنَّمَا يَحْتَاجُ لِلْحَمْلِ الْمَذْكُورِ وَسَيَأْتِي تَعْلِيلُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِيهِ نَهْيٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكَرَاهَةِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَالتَّكَلُّمَا) فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ وَيُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ اهـ.
وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُشْتَغِلِ بِالْغُسْلِ لَا يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَنْكَشِفُ مِنْهُ مَا يَسْتَحْيِ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَلَا تَلِيقُ مُخَاطَبَتُهُ حِينَئِذٍ م ر.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: تَرْكَ الِاسْتِعَانَةِ الْأَكْثَرُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ عليه السلام إمَّا لِعُذْرٍ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَكَمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ كَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى فَإِنْ قِيلَ كَوْنُهُ خِلَافَ الْأَوْلَى لَا يُنَافِي فِعْلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ قُلْنَا وَكَرَاهَتُهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ لَمْ يَدُلَّ عَلَى انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ عَنْهُ عَدَمُ الْعُذْرِ سم.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ صُوَرِهِ) أَيْ: الصُّوَرِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ مِنْ الْمَسْنُونَاتِ فِيهِ وَالْمَكْرُوهَاتِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْغُسْلِ أَيْضًا) وَكَذَا السِّوَاكُ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ وَسَوْكُهُ لِلْوُضُوءِ) أَيْ: فَلَا يُطْلَبُ ذَلِكَ لِخُصُوصِ الْغُسْلِ، وَإِنْ كَانَ السِّوَاكُ مَطْلُوبًا فِي كُلِّ حَالٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ قَطْعًا نَعَمْ إذَا وَقَعَ سُنَّةُ الْغُسْلِ وَنَوَى مَا يَتَضَمَّنُ رَفْعَ الْجَنَابَةِ كَنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ وَتَسَوَّكَ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ لَا تَطْلُبَ إعَادَتُهُ لِلْغُسْلِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ فِي هَذَا الْوُضُوءِ الَّذِي ارْتَفَعَتْ الْجَنَابَةُ عَنْ أَعْضَائِهِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وُجُودٌ فِي الْغُسْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ وَنَوَى سُنَّةَ الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءَ مَثَلًا أَوْ كَانَ مُحْدِثًا وَنَوَى الْوُضُوءَ مَثَلًا فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي السِّوَاكُ لَهُ عَنْ السِّوَاكِ لِلْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ سُنَّةً لِلْغُسْلِ إلَّا أَنَّهُ طَهَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي نَفْسِهِ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْهُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِهَا الشُّرُوعُ فِي الْغُسْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِلْوُضُوءِ) أَيْ: أَوَّلَهُ، وَإِلَّا فَأَثْنَاءَهُ كَمَا فِي التَّسْمِيَةِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الِاسْتِيَاكُ بِمَا يَضُرُّ) وَمَعَ ذَلِكَ يَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ كَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ.
(قَوْلُهُ: لِلصَّلَاةِ) لَوْ تَرَكَهُ أَوَّلَهَا سُنَّ لَهُ تَدَارُكُهُ فِي أَثْنَائِهَا بِفِعْلٍ قَلِيلٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ تَدَارُكُ الْمَطْلُوبَاتِ
ــ
[حاشية الشربيني]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَفْلِهَا، وَلَوْ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَمُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» وَلِخَبَرِ «رَكْعَتَانِ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِلَا سِوَاكٍ» رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ (وَتَغَيُّرِ) أَيْ وَسُنَّ السِّوَاكُ لِتَغَيُّرِ (الْمَحَلْ) بِنَوْمٍ، أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا قَامَ مِنْ النَّوْمِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» أَيْ يُدَلِّكُهُ بِهِ وَقِيسَ بِالنَّوْمِ غَيْرُهُ بِجَامِعِ التَّغَيُّرِ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ مُسْنَدًا وَصَحَّحَاهُ وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَا قَالَهُ، أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِتَغَيُّرِ النَّكْهَةِ أَيْ رَائِحَةِ الْفَمِ لِشُمُولِهِ تَغَيُّرَ اللَّوْنِ كَصُفْرَةِ الْأَسْنَانِ نَعَمْ فِي نُسْخَةٍ بَدَلُ قَوْلِهِ وَسَوْكُهُ إلَى آخِرِ الْبَيْتَيْنِ
وَاسْنُنْ بِبَلَلٍ خَشِنٍ تَسَوُّكَهْ
…
وَلِلصَّلَاةِ وَتَغَيُّرِ النَّكْهَهْ
وَلِتِلَاوَةٍ وَعَرْضًا لِفَمِهْ
…
وَمَسْحِ كُلِّ الرَّأْسِ مِنْ مُقَدَّمِهْ
فَعَلَى هَذِهِ لَا، أَوْلَوِيَّةَ (وَ) سُنَّ (لِلْقُرَانِ) بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَنَقْلِ حَرَكَتِهَا إلَى الرَّاءِ أَيْ لِقِرَاءَتِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَفِي مَعْنَاهُ قِرَاءَةُ الْحَدِيثِ وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِيَاكَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الصَّوْمِ وَيَتَأَكَّدُ لِلْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ وَلِدُخُولِ الْمَنْزِلِ وَلِلتَّيَقُّظِ مِنْ النَّوْمِ لِلْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَهُمَا النَّوَوِيُّ وَلِلْأَكْلِ وَلِإِرَادَةِ النَّوْمِ كَمَا ذَكَرَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبَعْدَ الْوِتْرِ وَفِي السَّحَرِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلِلصَّائِمِ قَبْلُ، أَوَانِ الْخُلُوفِ كَمَا يُسَنُّ التَّطَيُّبُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَعِنْدَ الِاحْتِضَارِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَيُقَالُ إنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ اهـ.
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ سُنِّيَّتُهُ لِسَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَلِلطَّوَافِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَيُسَنُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَاكَ ثَانِيًا أَنْ يَغْسِلَ سِوَاكَهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي مَاءِ وُضُوئِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَحَلُّ سُنِّيَّةِ غَسْلِهِ إذَا حَصَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ وَسَخٍ، أَوْ رِيحٍ، أَوْ نَحْوِهِ قَالَ وَفِي كَرَاهَةِ الْإِدْخَالِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي عَدَمُهَا وَسُنَّ (الْبَدْءُ) فِي سَوْكِهِ (مِنْ يُمْنَى فَمِهْ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَالِابْتِدَاءُ بِالْأَيْمَنِ
(وَ) سُنَّ (مَسْحُ كُلِّ الرَّأْسِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ وَقَدْ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدُ تَصْحِيحَيْ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْعَبَ الرَّأْسَ بِالْمَسْحِ وَقَعَ الْكُلُّ فَرْضًا فَلَيْسَ مَسْحُ جَمِيعِهِ سُنَّةً لَكِنَّا نَقُولُ فِعْلُ الِاسْتِيعَابِ سُنَّةٌ فَإِذَا فَعَلَهُ وَقَعَ وَاجِبًا اهـ.
وَسُنَّ أَنْ يَبْدَأَ (مِنْ مُقَدَّمِهْ) أَيْ الرَّأْسِ، فَلَوْ قَالَ وَمِنْ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى وَذَلِكَ بِأَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْمُقَدَّمِ وَيَلْصَقَ مَسْحَتَهُ بِالْأُخْرَى وَإِبْهَامَيْهِ عَلَى صُدْغَيْهِ، ثُمَّ يَذْهَبُ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدُّهُمَا إلَى الْمَبْدَأِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهَذَا لِمَنْ لَهُ شَعْرٌ يَنْقَلِبُ بِالذَّهَابِ وَالرَّدِّ لِيَصِلَ الْبَلَلُ إلَى جَمِيعِهِ وَذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي نَظِيرِهِ فِي السَّعْيِ مَرَّتَانِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْمَسْحَةِ إنَّمَا يَحْصُلُ عَلَى جَمِيعِ الشَّعْرِ بِالذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ فِي السَّعْيِ يَحْصُلُ بِأَحَدِهِمَا أَمَّا مَنْ لَا شَعْرَ لَهُ يَنْقَلِبُ إمَّا لِعَدَمِهِ، أَوْ قِصَرِهِ، أَوْ طُولِهِ، أَوْ كَوْنِهِ مَضْفُورًا فَلَا يُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، فَإِنْ عَادَ لَمْ تُحْسَبْ ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ
ــ
[حاشية العبادي]
وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا إذَا فَاتَ مَحَلُّهَا وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ الْفِعْلَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْقَلِيلِ إذَا تَعَلَّقَ بِمَطْلُوبٍ وَلِهَذَا طَلَبَ جَرَّ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَإِرْسَالَ مَا كَفَّ مِنْ شَعْرٍ أَوْ ثَوْبٍ فِيهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَتَغَيُّرُ الْمَحَلِّ) قَدْ يَشْمَلُ الْفَمَ فِي وَجْهٍ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَالْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي فِي جِهَةِ الْقَفَا وَلَيْسَ بَعِيدًا.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ وَمِنْ إلَخْ) يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الْعَاطِفِ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ قَلِيلًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنُهُ مَضْفُورًا) هَلْ يُسَنُّ نَقْصُ الْمَضْفُورِ لِيَصِلَ الْمَسْحُ إلَى الْمَسْتُورِ مِنْهُ بِالضَّفْرِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُسَنُّ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ لِصُورَةِ الطُّولِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الرَّدُّ لَكِنْ يُسَنُّ أَنْ يُقَلِّبَهُ وَيَمْسَحَ مَا لَمْ يُمْسَحْ مِمَّا كَانَ مَسْتُورًا لِتَتِمَّ الْمَسْحَةُ الْأُولَى فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَدَمُ اسْتِيعَابِ الشَّعْرِ بِالْمَسْحِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) عَلَى أَحَدِ تَصْحِيحَيْ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْعَبَ الرَّأْسَ بِالْمَسْحِ وَقَعَ الْبَعْضُ فَرْضًا وَالْبَاقِي نَفْلًا فَقَدْ صَارَ مَاءً مَا وَقَعَ فَرْضًا مُسْتَعْمَلًا وَمَاءُ الْبَاقِي غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فَقَدْ اخْتَلَطَ الْمُسْتَعْمَلُ بِغَيْرِهِ فَيُقَدَّرُ مُخَالِفًا وَسَطًا وَيَنْظُرُ هَلْ يُغَيَّرُ غَيْرُ الْمُسْتَعْمَلِ لَكِنْ مَا ضَابِطُ مَا يَقَعُ فَرْضًا وَقَدْ يُقَالُ أَقَلُّ جُزْءٍ يَسْهُلُ مَسْحُهُ عَادَةً وَقَدْ يَتَوَجَّهُ حِينَئِذٍ أَنَّ مَاءَ هَذَا الْجُزْءِ يَسِيرٌ جِدًّا لَا يُغَيَّرُ غَيْرُهُ فَكَيْفَ جَزَمُوا بِالِاسْتِعْمَالِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُعَدُّ تَمَامَ الْأَوْلَى فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ عَنْ الْعُضْوِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْيَدِ الْمَاسِحَةِ الْمُنْفَصِلَةِ، بَلْ هُوَ مُنْفَصِلٌ قَبْلَ التَّمَامِ لَكِنْ اُغْتُفِرَ وَيُرَدُّ هَذَا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ كُلُّهُ، بَلْ قَدْرٌ يَسِيرٌ مِنْهُ لَا يُغَيِّرُ الْبَاقِيَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُشْكِلٌ بِمَا لَوْ انْغَمَسَ جُنُبٌ مَثَلًا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ حَيْثُ قَالُوا يَرْفَعُ الْحَدَثَ الثَّانِيَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الِاسْتِظْهَارُ وَالنَّظَافَةُ فَاحْتِيجَ إلَى مَاءٍ جَدِيدٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَرَّكَ الْمُحْدِثُ رِجْلَهُ مَثَلًا ثَلَاثًا فِي مَاءٍ قَلِيلٍ لَمْ يَحْصُلْ التَّثْلِيثُ وَلَا يَبْعُدُ الْتِزَامُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ غَسَلَ عُضْوَهُ الْمَرَّةَ الْأُولَى وَرَدَّدَ الْمَاءَ عَلَيْهِ بِدُونِ انْفِصَالِ ثَانِيَةٍ وَثَالِثَةٍ، فَإِنَّهُ غَيْرُ كَافٍ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَقَدْ يُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَاءَ هُنَا مُنْفَصِلٌ عَنْ الْعُضْوِ الْمَمْسُوحِ فِي الْيَدِ الْمَاسِحَةِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكْفِيَ الْمَسْحُ بِهِ لِمَا عَدَا الْجُزْءَ الْمُلَاقِيَ لَهُ أَوَّلًا مِنْ الرَّأْسِ لَكِنْ اُغْتُفِرَ ذَلِكَ لِمَشَقَّةِ مَسْحِ كُلِّ جَزْءٍ بِمَاءٍ آخَرَ وَلَا مَشَقَّةَ بَعْدَ تَمَامِ الْمَسْحَةِ الْأُولَى لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ قُلْنَا: إنَّ مَسْحَ كُلِّ الرَّأْسِ يَقَعُ فَرْضًا أَمَّا إذَا قُلْنَا بِمُقَابَلَةٍ فَفِيهِ كَلَامٌ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى
ــ
[حاشية الشربيني]
تَجْدِيدًا حَتَّى يَحْتَاجَ لِفِعْلِ عِبَادَةٍ بِالْأَوَّلِ اهـ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْعَبَ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا، فَالْوَاجِبُ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ
مُسْتَعْمَلًا (وَفَوْقَ عِمَّةٍ لِعُسْرٍ كَمَّلَا) أَيْ وَكَمُلَ الْمَسْحُ نَدْبًا فَوْقَ الْعِمَامَةِ، أَوْ نَحْوِهَا عِنْدَ عُسْرِ مَسْحِ كُلِّ الرَّأْسِ، سَوَاءٌ لَبِسَهُمَا عَلَى طُهْرٍ أَمْ حَدَثٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ» وَالْأَوْلَى أَنْ يَمْسَحَ مِنْ رَأْسِهِ نَاصِيَتَهُ لِهَذَا الْخَبَرِ وَتَبِعَ فِي التَّقْيِيدِ بِالْعُسْرِ الرَّافِعِيَّ وَالنَّوَوِيَّ فِي مِنْهَاجِهِ.
وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ الْعِمَامَةِ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّعْبِيرُ بِكَمُلَ (وَاللِّحْيَةَ الَّتِي تَكِثُّ خَلَّلَا) أَيْ وَخَلَّلَ نَدْبًا اللِّحْيَةَ الْكَثِيفَةَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يُخَلِّلَهَا بِأَصَابِعِهِ مِنْ أَسْفَلِهَا فَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَوْ صَحِيحٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا تَوَضَّأَ أَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَأَدْخَلَهُ تَحْتَ حَنَكِهِ فَخَلَّلَ بِهِ لِحْيَتَهُ، وَقَالَ هَكَذَا أَمَرَنِي رَبِّي» وَالْمُرَادُ لِحْيَةُ الذَّكَرِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْوُضُوءِ وَمِثْلُهَا كُلُّ شَعْرٍ كَثِيفٍ لَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَنْبَتِهِ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي لِحْيَةَ الْمُحْرِمِ فَلَا يُسَنُّ تَخْلِيلُهَا لِئَلَّا يَتَسَاقَطَ شَعْرُهَا وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَدَمُ اسْتِثْنَائِهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ فَقَالَ السُّنَّةُ تَخْلِيلُهَا بِرِفْقٍ كَمَا فِي شَعْرِ الْمَيِّتِ وَقَدْ قَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَيُدَلِّكُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ فِي الْغُسْلِ بِرِفْقٍ حَتَّى لَا يُنْتَتَفَ شَعْرُهُ.
(كَذَا) تُخَلَّلُ (أَصَابِعٌ) لِلْيَدَيْنِ بِالتَّشْبِيكِ بَيْنَهَا (وَلِلرِّجْلَيْنِ) لِخَبَرِ لَقِيطٍ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ «إذَا تَوَضَّأْت فَخَلِّلْ أَصَابِعَ يَدَيْك وَرِجْلَيْك» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَعَلَّهُ اعْتَضَدَ فَصَارَ حَسَنًا وَإِلَّا فَفِي سَنَدِهِ رَاوٍ ضَعَّفَهُ مَالِكٌ وَيُخَلِّلُ الرِّجْلَيْنِ (بِخِنْصِرِ الْيُسْرَى) بِكَسْرِ الصَّادِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا (مِنْ الْيَدَيْنِ) مُبْتَدِئًا (مِنْ أَسْفَلِ الْخِنْصِرِ مِنْ يُمْنَاهُ) مِنْ الرِّجْلَيْنِ (كَذَا) أَيْ وَهَكَذَا (مِنْ الْخِنْصِرِ مِنْ يُسْرَاهُ) مِنْ الرِّجْلَيْنِ ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ يُخَلِّلُ بِخِنْصَرِ الْيَدِ الْيُمْنَى، وَقَالَ الْإِمَامُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي فِي تَعْيِينِ إحْدَى الْيَدَيْنِ شَيْءٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ، فَلَوْ الْتَفَّتْ أَصَابِعُهُ فَلَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَيْهَا إلَّا بِالتَّخْلِيلِ وَجَبَ لَا لِذَاتِهِ، وَلَوْ الْتَحَمَتْ لَمْ يَجِبْ فَتْقُهَا، بَلْ يَحْرُمُ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ فِي غَسْلِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مِنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ فَيُجْرِيَ الْمَاءَ عَلَى يَدِهِ وَيُدِيرَ كَفَّهُ الْأُخْرَى عَلَيْهَا مُجْرِيًا لِلْمَاءِ بِهَا إلَى مِرْفَقِهِ وَيُجْرِيهِ عَلَى رِجْلِهِ وَيُدِيرُ كَفَّهُ عَلَيْهَا مُجْرِيًا لِلْمَاءِ بِهَا إلَى كَعْبِهِ، وَلَا يَكْتَفِي بِجَرَيَانِ الْمَاءِ بِطَبْعِهِ.
وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ إنْ صَبَّ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بَدَأَ بِالْمِرْفَقِ وَبِالْكَعْبِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَقَالَ إنَّهُ الْمُخْتَارُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي تَنْقِيحِهِ وَقَالَ إنَّهُ الصَّوَابُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ، فَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ، وَإِنْ جَرَى فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ
(وَ) سُنَّ (مَسْحُهُ لِوَجْهَيْ الْأُذْنَيْنِ) بِإِسْكَانِ الذَّالِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَمِّهَا أَيْ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا (وَلِلصِّمَاخَيْنِ) أَيْ خَرْقَيْهِمَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، أَوْ صَحِيحٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ فِي وُضُوئِهِ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَأَدْخَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ» (بِآنِفَيْنِ) بِالْمَدِّ أَيْ بِمَاءَيْنِ مُسْتَأْنَفَيْنِ أَيْ جَدِيدَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ مَاءُ الْأُذُنَيْنِ غَيْرَ مَاءِ الرَّأْسِ وَمَاءُ الصِّمَاخَيْنِ غَيْرَ مَاءِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الَّذِي أَخَذَ لِرَأْسِهِ» ، وَلِأَنَّ الصِّمَاخَ مِنْ الْأُذُنِ كَالْفَمِ وَالْأَنْفِ مِنْ الْوَجْهِ وَالْأَحَبُّ فِي كَيْفِيَّةِ مَسْحِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنْ يُدْخِلَ مُسَبِّحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْهِ وَيُدِيرُهُمَا عَلَى
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَفَوْقَ عِمَّةٍ لِعُسْرٍ كَمِّلَا) قَدْ يُفْهِمُ لَفْظُ التَّكْمِيلِ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا قَبْلَ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ وَيَنْبَغِي تَخَرُّجُهُ عَلَى غَسْلِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاجِبِ قَبْلَهُ فَإِنْ كَفَى كَفَى هُنَا مَسْحُهَا قَبْلَ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ.
(قَوْلُهُ: لِعُسْرٍ كَمِّلَا) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ التَّكْمِيلِ أَنَّهُ لَا يَمْسَحُ مِنْهَا الْقَدْرَ الْمُحَاذِيَ لِلْمَمْسُوحِ مِنْ الرَّأْسِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَيْهَا قَبْلَ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ إجْزَاءَ الْمَسْحِ عَلَى الطَّيْلَسَانِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إجْزَاءُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهَا نَحْوُ عِرْقِيَّةٍ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ الْعِمَامَةَ بِالْخُفِّ فِي أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَثْلِيثُ مَسْحِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ وَبَحَثَ جَمَاعَةٌ أَنَّ مَحَلَّ سُنِّيَّةِ التَّكْمِيلِ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ الْمُتَعَدِّي بِلُبْسِهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَحَيْثُ كَمُلَ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعِمَامَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّأْسِ مِنْ عَدَمِ رَفْعِ الْيَدِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ بِالتَّشْبِيكِ بَيْنَهَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ التَّشْبِيكِ يُحَصِّلُ أَصْلَ السُّنَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِخِنْصِرِ الْيُسْرَى) الظَّاهِرُ أَنَّ أَصْلَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ فَلَوْ قَالَ وَبِخِنْصِرٍ لَكَانَ أَوْلَى بِرّ.
(قَوْلُهُ: بِخِنْصِرِ الْيُسْرَى) وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ تَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مَاءِ الرَّأْسِ) شَامِلٌ لِمَاءِ الْمَسْحَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْأُذُنَيْنِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
مِنْ الِاسْتِيعَابِ وَمَسَحَ الْبَعْضَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ صَارَ مُسْتَعْمَلًا) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْحَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَكِنْ لَا تُحْسَبُ بِهِ غَسْلَةٌ ثَانِيَةٌ أَوْ ثَالِثَةٌ وَإِنْ تَكَرَّرَ جَرَيَانُهُ عَلَى الْعُضْوِ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُولَى وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ؛ بِأَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُخَلِّصٍ مِنْ الْإِشْكَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِعْمَالِ هُنَا أَدَاءُ مَا طُلِبَ بِهِ وَهُوَ الْمَسْحُ فَلَا يُؤَدِّي بِهِ غَيْرَهُ مِنْ جِنْسِهِ وَقَوْلُنَا مِنْ جِنْسِهِ احْتِرَازٌ عَنْ مَاءِ مَسْحِ الرَّأْسِ حَيْثُ صَحَّ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهِ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ إذَا كَانَ مَاءُ الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ كَمَا فِي م ر تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ إلَخْ) أَيْ: لَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَسْحِ الْعِمَامَةِ كَمَا إذَا كَانَ بِهِ مَرَضٌ مَنَعَهُ مِنْ مَسْحِ رَأْسِهِ وَتَيَمَّمَ عَنْهُ فَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ حِينَئِذٍ
الْمَعَاطِفِ وَيُمِرُّ إبْهَامَيْهِ عَلَى ظُهُورِهِمَا، ثُمَّ يُلْصِقُ كَفَّيْهِ مَبْلُولَتَيْنِ بِالْأُذُنَيْنِ اسْتِظْهَارًا وَنَقَلَهَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَجَمَاعَاتٍ.
ثُمَّ نَقَلَ عَنْ آخَرِينَ أَنَّهُ يَمْسَحُ بِالْإِبْهَامَيْنِ ظَاهِرَ الْأُذُنَيْنِ وَبِالْمُسْبَحَتَيْنِ بَاطِنِهِمَا، وَيُمِرُّ رَأْسَ الْإِصْبَعِ فِي الْمَعَاطِفِ وَيُدْخِلُ الْخِنْصِرِ فِي صِمَاخَيْهِ وَكَلَامُهُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي اخْتِيَارَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْأَوْلَى أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِ مُسَبِّحَتَيْهِ صِمَاخَيْهِ وَبِبَاطِنِ أُنْمُلَتَيْهِمَا بَاطِنَ الْأُذُنَيْنِ وَمَعَاطِفَهُمَا فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهَا لَا تُنَاسِبُ سُنِّيَّةَ مَسْحِ الصِّمَاخَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَمَحَلُّ مَسْحِ ذَلِكَ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ، فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْصُلْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَرْتِيبُ أَخْذِ الْمَاءِ فَلَوْ بَلَّ أَصَابِعَهُ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِبَعْضِهَا وَأُذُنَيْهِ بِبَعْضِهَا كَفَى، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ لَيْسَتَا مِنْ الْوَجْهِ، وَلَا مِنْ الرَّأْسِ، وَأَمَّا خَبَرُ «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» فَضَعِيفٌ وَقِيلَ إنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ وَقِيلَ مِنْ الرَّأْسِ وَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ يَغْسِلُهُمَا مَعَ وَجْهِهِ وَيَمْسَحُهُمَا مَعَ رَأْسِهِ وَمُنْفَرِدَتَيْنِ احْتِيَاطًا لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ حَسَنٌ وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهَذَا مِنْ الْخِلَافِ، بَلْ زَادَ فِيهِ، فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْجَمِيعِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ بَلْ يَفْعَلُهُ نَدْبًا وَاحْتِيَاطًا وَهُوَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ، بَلْ مَحْبُوبٌ، وَكَمْ مَوْضِعٍ اتَّفَقُوا عَلَى سُنِّيَّتِهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِفِعْلِ أَشْيَاءَ لَا يُوجِبُهَا كُلَّهَا أَحَدٌ كَمَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى سُنِّيَّةِ غَسْلِ النَّزْعَتَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ مَعَ أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ فِي الرَّأْسِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ غَسْلِهِمَا وَمَسْحِهِمَا.
(وَ) سُنَّ مَسْحُ (عُنُقٍ) لِخَبَرِ «مَسْحُ الرَّقَبَةِ أَمَانٌ مِنْ الْغَسْلِ» وَلِأَثَرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ وُقِيَ الْغُلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (بِبَلِّ مَسْحِ الْأُذُنِ، أَوْ رَأْسِهِ) لَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ، بَلْ تَابِعٌ لِلرَّأْسِ وَالْأُذُنُ فِي الْمَسْحِ إطَالَةٌ لِلْغُرَّةِ وَتَعْبِيرُهُ كَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ بِالْعُنُقِ، أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ بِالرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهَا كَمَا فِي الصِّحَاحِ مُؤَخَّرُ أَصْلِ الْعُنُقِ، وَالْعُنُقُ الْوَصْلَةُ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُسَنُّ مَسْحُ جَمِيعِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ مَسْحِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ سُنِّيَّةِ مَسْحِهِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ، بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ مَوْضُوعٌ وَالْأَثَرُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ
(وَ) سُنَّ (الِابْتِدَا بِالْأَيْمَنِ) عَلَى الْأَيْسَرِ مِنْ الْأَعْضَاءِ (لِعُسْرِ) أَيْ عِنْدَ عُسْرِ (إمْرَارٍ) بِالْمَاءِ (عَلَيْهِمَا مَعًا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ) الْيُمْنَيَيْنِ (وَخَدِّ) شَخْصٍ (أَقْطَعَا) لِشَرَفِ الْأَيْمَنِ وَلِخَبَرِ «إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ» رَوَاهُ ابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ وَصَحَّحَاهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنَ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطَهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» أَيْ مِمَّا هُوَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ كَتَسَوُّكٍ وَاكْتِحَالٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَحَلْقِ رَأْسٍ وَقَصِّ شَارِبٍ وَلُبْسٍ وَأَخْذٍ وَعَطَاءٍ وَالْأَيْسَرُ لِضِدِّ ذَلِكَ كَامْتِخَاطٍ وَدُخُولِ خَلَاءٍ وَنَزْعِ مَلْبُوسٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «كَانَتْ يَدُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْيُمْنَى لِطَهُورِهِ وَطَعَامِهِ وَالْيُسْرَى لِخَلَائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى» ، فَلَوْ عَكَسَ ذَلِكَ كُرِهَ وَخَرَجَ بِقَوْلِ النَّاظِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ لِعُسْرِ إلَى آخِرِهِ مَا إذَا سَهُلَ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا مَعًا فَالسُّنَّةُ غَسْلُهُمَا مَعًا وَذَلِكَ فِي الْكَفَّيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْخَدَّيْنِ لِغَيْرِ الْأَقْطَعِ أَمَّا غَيْرُهَا فَالظَّاهِرُ فِيهِ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، وَإِنْ سَهُلَ غَسْلُهُمَا مَعًا كَأَنْ يَكُونَ فِي بَحْرٍ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ خِلَافَهُ (وَ) سُنَّ (الْمَدُّ) مِنْ الْمَاءِ أَيْ التَّوَضُّؤُ بِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» أَيْ تَقْرِيبًا وَزِنَةُ الْمُدِّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَجْزَأَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ فِيهِ قَدْرُ ثُلُثَيْ مُدٍّ» قَالَ الشَّافِعِيُّ قَدْ يُرْفَقُ بِالْقَلِيلِ فَيَكْفِي وَيُخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِي وَسُنِّيَّةُ الْمُدِّ حَمَلَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ حَجْمُهُ كَحَجْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ زِيَادَةً وَنَقْصًا وَهُوَ حَسَنٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّاظِمِ وَأَصْلُهُ سُنِّيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْمُدِّ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَدُلُّ لَهُ الْخَبَرُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الرِّفْقَ مَحْبُوبٌ اهـ.
فَتَعْبِيرُ كَثِيرٍ بِأَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ نَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ ابْنَ الرِّفْعَةِ فِيمَا نَسَبَهُ لِلْأَصْحَابِ (وَالطُّولُ لِغُرَّةٍ) أَيْ إطَالَتُهَا بِأَنْ يَغْسِلَ مَعَ وَجْهِهِ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَعُنُقِهِ زَائِدًا عَلَى الْجُزْءِ الْوَاجِبِ (أَحَبْ) بِمَعْنَى مَحْبُوبٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ
ــ
[حاشية العبادي]
لَعَلَّ هَذَا إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا مَسَحَهُمَا وَحْدَهُمَا لَا مَعَ الْأُذُنَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ مِنْ الرَّأْسِ) نُقِلَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْبَيَاضَ الدَّائِرَ حَوْلَ الْأُذُنِ لَيْسَ مِنْ الرَّأْسِ مَعَ قُرْبِهِ مِنْهَا فَالْأُذُنُ أَوْلَى بِذَلِكَ بِرّ.
(قَوْلُهُ: مَوْضُوعٌ) هَذَا مُتَعَقِّبٌ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا مَوْضُوعٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ شَدِيدُ الضَّعْفِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ
(قَوْلُهُ وَالِابْتِدَاءُ بِالْأَيْمَنِ) عِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ فِي شَرْحِ ذَلِكَ وَمِنْهَا الِابْتِدَاءُ بِالْعُضْوِ الْأَيْمَنِ؛ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوَيْنِ مَعًا فَكَانَ تَقْدِيمُ الْأَيْمَنِ أَوْلَى مِنْ الْأَيْسَرِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَخَدٍّ أَقْطَعَا أَنَّ غَيْرَ الْأَقْطَعِ يَغْسِلُ خَدَّيْهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَكَذَا الْكَفَّانِ وَالْأُذُنَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ عُكِسَ ذَلِكَ كُرِهَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَقْدِيمُ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ أَوْ الْخَدَّيْنِ أَوْ الْكَفَّيْنِ لِغَيْرِ أَقْطَعَ بِحَمْلِ الْعَكْسِ عَلَى مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ إذْ عَكْسُ الْمَعِيَّةِ التَّرْتِيبُ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهَا) أَيْ كَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لِغُرَّةٍ أَحَبُّ) لَوْ اغْتَسَلَ عَنْ نَحْوِ جَنَابَةٍ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ فَيَنْبَغِي حُصُولُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ بِسَبَبِ الْوُضُوءِ الْمُنْدَرِجِ فِي الْغُسْلِ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَسَحَ الْعِمَامَةَ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ نَازَعَ إلَخْ) ؛ بِأَنَّ سُنَنَ الْوُضُوءِ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهَا عَادَةً الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ اهـ إيعَابٌ.
(قَوْلُهُ: أَيْ إطَالَتُهَا) أَمَّا أَصْلُهَا وَهُوَ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ وَمِثْلُهَا التَّحْجِيلُ اهـ.
(قَوْلُهُ:
آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» أَيْ يُدْعَوْنَ بِيضَ الْوُجُوهِ وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنْتُمْ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إسْبَاغِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» وَإِطَالَةُ التَّحْجِيلِ غَسْلُ مَا فَوْقَ الْوَاجِبِ مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَغَايَتُهُ اسْتِيعَابُ الْعَضُدِ وَالسَّاقِ وَأَطْلَقَ كَثِيرٌ الْغُرَّةَ عَلَيْهِ وَرَجَّحَ الشَّيْخَانِ خِلَافَهُ فَاقْتِصَارُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ عَلَيْهَا إمَّا لِأَنَّهُ يُطْلِقُهَا عَلَيْهِ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ لِفَقْدِ الْمَوْضِعِ الْفَرْضُ ذَهَبْ) أَيْ، وَلَوْ ذَهَبَ الْفَرْضُ لِفَقْدِ مَوْضِعِهِ بِأَنْ فُقِدْت الْيَدُ مِنْ فَوْقِ الْمِرْفَقِ وَالرِّجْلُ مِنْ فَوْقِ الْكَعْبِ، فَإِنَّهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُ الْغُرَّةِ كَمَا فِي السَّلِيمِ وَلِئَلَّا يَخْلُوَ الْعَضُدُ عَنْ الطُّهْرِ، فَإِنْ قِيلَ إذَا سَقَطَ الْمَتْبُوعُ سَقَطَ التَّابِعُ كَرَوَاتِبِ فَرَائِضِ الْمَجْنُونِ حَيْثُ سَقَطَ قَضَاؤُهَا تَبَعًا لِسُقُوطِ قَضَاءِ فَرَائِضِهِ قُلْنَا السُّقُوطُ ثَمَّةَ رُخْصَةٌ فَالتَّابِعُ، أَوْلَى بِهِ وَهُنَا لِتَعَذُّرِ الْمَتْبُوعِ فَحَسُنَ فِعْلُ التَّابِعِ مُحَافَظَةً عَلَى الْعِبَادَةِ كَإِمْرَارِ الْمُحْرِمِ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ عِنْدَ عَدَمِ شَعْرِهِ وَالتَّعْلِيلُ بِفَقْدِ الْمَوْضِعِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ.
وَلَا يَتَأَتَّى الْفَقْدُ فِي الْوَجْهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْفَقْدَ الشَّرْعِيَّ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ وَجْهِهِ، أَوْ يَدَيْهِ، أَوْ رِجْلَيْهِ إلَى الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ لِعِلَّةٍ وَتَيَمَّمَ عَنْهَا فَيُسَنُّ لَهُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ لَكِنْ قَالَهُ الْإِمَامُ لَا يُسَنُّ وَصَوَّرَهُ فِي الْوَجْهِ وَمِثْلُهُ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ سُقُوطَ وُجُوبِ الْغَسْلِ حِينَئِذٍ رُخْصَةٌ فَسَقَطَ تَابِعُهُ مِثْلُ مَا مَرَّ
(وَذِكْرَهُ) أَيْ الْوُضُوءِ (الْمَأْثُورَ) أَيْ الْمَنْقُولَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ السَّلَفِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (سَنَّ الْحَاوِي) تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ فَيَقُولُ عِنْدَ الِاسْتِيَاكِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ بِهِ أَسْنَانِي وَشُدَّ بِهِ لِثَاتِي وَثَبِّتْ بِهِ لِهَائِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَبَعْدَ التَّسْمِيَةِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا كَمَا تَقَدَّمَ بِمَا فِيهِ وَعِنْدَ الْمَضْمَضَةِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَرُوِيَ اللَّهُمَّ اسْقِنِي مِنْ حَوْضِ نَبِيِّك صلى الله عليه وسلم كَأْسًا لَا أَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا وَعِنْدَ الِاسْتِنْشَاقِ اللَّهُمَّ أَرِحْنِي رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَرُوِيَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنِي رَائِحَةَ نِعَمِك وَجَنَّاتِك وَعِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ وَعِنْدَ الْيَدِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ أَعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا وَعِنْدَ الْيُسْرَى اللَّهُمَّ لَا تُعْطِنِي كِتَابِي بِشِمَالِي، وَلَا مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي وَعِنْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ اللَّهُمَّ حَرِّمْ شَعْرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ وَأَظِلَّنِي تَحْتَ عَرْشِك يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّك وَعِنْدَ الْأُذُنَيْنِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ وَعِنْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَدَمِي عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَيَقُولُ عَقِبَ الْفَرَاغِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ» وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ عَلَيْهِ «اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ» وَرَوَى الْحَاكِمُ الْبَاقِيَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ بِلَفْظِ «مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ» إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ كُتِبَ فِي رَقٍّ، ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَيْ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ إبْطَالٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ وَأَنْ يَقُولَ مَعَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَكَلَامُ الْحَاوِي شَامِلٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى مَا يُقَالُ عَقِبَ الْوُضُوءِ دُونَ مَا يُقَالُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَقَدْ زَادَ عَلَيْهِ النَّاظِمُ مَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اعْتِرَاضًا عَلَيْهِ، أَوْ بَيَانًا لِمُرَادِهِ فَقَالَ (وَمَا) أَيْ وَالذِّكْرُ الَّذِي (لِلْأَعْضَا لَمْ يَرَ النَّوَاوِيّ) فَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَفِي غَيْرِهَا لَمْ يَجِئْ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَعَلَّ مُرَادَهُ نَفْيُ ذَلِكَ صِحَّةً وَإِلَّا فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ طُرُقٍ
ــ
[حاشية العبادي]
وَكَذَا لَوْ تَيَمَّمَ فَيَنْبَغِي حُصُولُ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْيَدَيْنِ م ر وَهَلْ يُجْزِئُ غَسْلُ الزَّائِدِ قَبْلَ غَسْلِ الْوَاجِبِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: الْغُرَّةُ عَلَيْهِ) أَيْ: التَّحْجِيلِ.
(قَوْلُهُ أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ) إذْ لَا يَتَأَتَّى فِي الْعَادَةِ ذَهَابُ مَحَلِّ الْفَرْضِ مِنْ الْوَجْهِ مَعَ بَقَاءِ صَاحِبِهِ فَلَوْ أَرَادَ بِالْغُرَّةِ حَقِيقَتَهَا فَقَطْ لَمْ يَتَأَتَّ هَذَا الْكَلَامُ
(قَوْلُهُ: وَذِكْرُهُ الْمَأْثُورَ) عِبَارَةُ الكوهيكيلوني فِي النَّشْرِ وَالْأَذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ ثُمَّ تَرْجَمْتهَا أَوْ غَيْرَهَا عِنْدَ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ وَالْفَرَاغِ اهـ.
بِسَنَدٍ صَحِيحٍ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ هُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يُغْتَرَّ بِقَوْلِ الْحَاكِمِ إنَّهُ صَحِيحٌ بِرّ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ) أَيْ: ثَلَاثًا.
(قَوْلُهُ: إلَى الْقِبْلَةِ) بِصَدْرِهِ رَافِعًا بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ.
(قَوْلُهُ لِمُرَادِهِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
أَنْسَبُ) لِيَكُونَ قَوْلُهُ: وَإِنْ لِفَقْدٍ إلَخْ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَحْذُوفًا وَمَا قَالَهُ الْمُحَشِّي لَا يُنَاسِبُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَصَوَّرَهُ فِي الْوَجْهِ) قِيلَ خَصَّهُ؛ لِأَنَّهُ، إنَّمَا سُنَّ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَلَا قَائِلَ بِوُجُوبِ الزَّائِدِ فِي الْوَجْهِ اهـ.
سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَحِينَئِذٍ يَمْنَعُ قَوْلَهُ وَمِثْلُهُ إلَخْ