الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِاجْتِهَادٍ مُسَاوٍ لَهُ دَلِيلًا فَيَجِبُ بَقَاؤُهُ عَلَى جِهَتِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَصَوَّبَهُ الطَّبَرِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ
وَيُحْمِلُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وُجُوبَ التَّحَوُّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَوْضَحَ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِمْ لَهُ بِاقْتِرَانِ ظُهُورِ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَإِ، إذْ كَيْفَ يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ مَعَ التَّسَاوِي الْمُقْتَضِي لِلشَّكِّ وَوُجُوبُ بَقَائِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ شَكَّ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ جِهَةٌ أَتَمَّهَا إلَى جِهَتِهِ وَلَا إعَادَةَ، بَلْ هُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ.
فَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ التَّحَوُّلِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ مَرْدُودٌ، بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ بَاطِلٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ
(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)
أَيْ كَيْفِيَّتِهَا وَلِلصَّلَاةِ أَرْكَانٌ وَشُرُوطٌ وَسُنَنٌ تُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَتُسَمَّى أَبْعَاضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً، وَسُنَنٌ لَا تُجْبَرُ وَتُسَمَّى هَيْئَاتٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ
ــ
[حاشية العبادي]
لَا خَارِجَهَا فَتَأَمَّلْهُ. سم (قَوْلُهُ كَانَ مُسَاوٍ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمُسَاوِي لِأَنَّ الدُّونَ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الِاجْتِهَادُ (قَوْلُهُ: كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) وَكَذَا الرَّوْضَةُ بِرّ
(فَصْلٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ)(قَوْلُهُ لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ) قَضِيَّةُ الْمَعْنَى أَنَّهُ عِلَّةٌ لِمَا بَعْدَهُ لَا كَمَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ عَكْسِ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عِلَّةً لِقَوْلِهِ تُسَمَّى أَبْعَاضًا مَعَ قَيْدِهِ أَعْنِي لِتَأَكُّدِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأَفْضَلِ بِقَوْلِهِ لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ وَتَبِعَهُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَأَمَّا كَلَامُ الشَّارِحِ فَمَوْضُوعُهُ مَا إذَا سَاوَى الِاجْتِهَادُ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ اجْتِهَادَهُ قَبْلَهَا، فَلَا يَعْمَلُ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَسَاوَى اجْتِهَادَانِ مِنْهُ قَبْلَهَا فَيَعْمَلُ بِأَيِّهِمَا، وَالْفَرْقُ مَا ذُكِرَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ صَحِيحٌ أَيْضًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ هُنَا الْتَزَمَ جِهَةً بِقَوْلِ غَيْرِ الْأَفْضَلِ فَيَكُونُ كَالْمُجْتَهِدِ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَ الِاجْتِهَادِ كَالِاجْتِهَادِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَتَحَوَّلُ عَنْهَا إلَى أُخْرَى إلَّا بِأَرْجَحَ لِيَكُونَ ذَلِكَ الْأَرْجَحُ مُبْطِلًا لِمَا دَخَلَ فِيهِ وَيَكُونَ حِينَئِذٍ وَاجِبًا بِخِلَافِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا حَتَّى يَبْطُلَ بِأَقْوَى مِنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُجُودَ الْأَقْوَى ابْتِدَاءً لَا يَمْنَعُ الْأَخْذَ بِالْأَضْعَفِ لِعَدَمِ عَمَلٍ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِاجْتِهَادِ يُبْطِلُهُ بِخِلَافِ طَرَيَانِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَفِي حَجَرٍ الْمُرَادُ بِالْتِزَامِ الْجِهَةِ أَنَّهُ بِدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ لِجِهَةٍ الْتَزَمَ تَرْجِيحَ أَحَدِ الظَّنَّيْنِ بِالْجَرْيِ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ، فَإِذَا أَخْبَرَهُ مَنْ هُوَ مَظِنَّةٌ لِكَوْنِ الصَّوَابِ مَعَهُ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ وَقَبْلَهَا لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا فَبَقِيَ عَلَى تَخْيِيرِهِ اهـ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ تِلْكَ الْجِهَةَ، فَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهَا إلَّا بِأَرْجَحَ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا إعَادَةَ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا لَوْ تَسَاوَى الْمُخْبَرَانِ ابْتِدَاءً بِتَرَدُّدِهِ هُنَاكَ فِي النِّيَّةِ (قَوْلُهُ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ الثَّانِي أَنْ لَا يَظْهَرَ الصَّوَابُ مَعَ الْخَطَإِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوَابِ بِالِاجْتِهَادِ عَنْ الْقُرْبِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ عَلَى الْقُرْبِ فَهَلْ يَنْحَرِفُ وَيَبْنِي أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَأَوْلَى بِالِاسْتِئْنَافِ قَالَ النَّوَوِيُّ قُلْت الصَّوَابُ هُنَا وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ اهـ. وَالضَّرْبُ الْأَوَّلُ مَا إذَا ظَهَرَ الصَّوَابُ مُقَارِنًا لِلْخَطَإِ فَإِنَّهُ قِيلَ فِيهِ بِوُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ فَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ الصَّوَابُ مَعَ الْخَطَأِ وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ تَسَاوٍ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ مَعَهُ الصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَاقْتَضَتْ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وُجُوبَ الِاسْتِئْنَافِ فِي ذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَقْوَى عَلَى مَا إذَا مَضَى مَا يَسَعُ رُكْنًا قَبْلَ ظُهُورِ الصَّوَابِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر وع ش وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فِي صُورَةِ الْمُقَارَنَةِ مَعَ مُسَاوَاةِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ نَقَلَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِي الْقِطْعَةِ مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَا ذَكَرَاهُ هُنَا لَا يَسْتَقِيمُ فَرَاجِعْهُ مِنْ الْمُهِمَّاتِ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَمُرَادُهُ مَا سَلَف نَقْلُهُ عَنْهُ كَالْبَغَوِيِّ مِنْ الْبَقَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ) ضَعِيفٌ
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) عِلَّةُ الصَّلَاةِ الْمَادِّيَّةُ هِيَ الْأَرْكَانُ وَعِلَّتُهَا الصُّورِيَّةُ هِيَ الْهَيْئَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَرْكَانِ فَفِي كَلَامِهِ إضَافَةُ الصُّورِيَّةِ لِلْمَادِّيَّةِ، وَالْعِلَّةُ الْمَادِّيَّةُ هِيَ: مَا يَكُونُ الشَّيْءُ مَعَهُ بِالْقُوَّةِ وَالصُّورِيَّةُ: مَا يَكُونُ مَعَهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ فِي بَيَانِ صِفَةِ الصَّلَاةِ) عَبَّرُوا بِصِفَةِ الصَّلَاةِ إشَارَةً أَنَّ لَهَا هَيْئَةً مُعْتَبَرَةً بِحَيْثُ لَوْ بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَيْ كَيْفِيَّتُهَا) فَسَّرَ الصِّفَةَ بِالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي الْأَصْلِ الْأَمْرُ الْقَائِمُ بِالذَّاتِ، وَهَذَا يُخْرِجُ الْأَرْكَانَ الْمَقْصُودَةَ بِالذَّاتِ بِخِلَافِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَرْكَانُ وَالسُّنَنُ وَالشُّرُوطُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَيْفِيَّاتِ الْفِعْلِ أَيْ كَوْنُ أَفْعَالِهَا مُقَارِنَةً لِلْوُضُوءِ مَثَلًا، وَبِذَلِكَ صَحَّ اشْتِمَالُهَا عَلَى الشُّرُوطِ اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ فَسَّرَ الصِّفَةَ بِالْكَيْفِيَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ اسْمٌ لِمَا زَادَ عَلَى الشَّيْءِ، وَالْكَيْفِيَّةُ أَعَمُّ اهـ. وَمَا ذُكِرَ عَنْ ق ل وَالْبُجَيْرَمِيِّ هُوَ الْمُوَافِقُ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ أَعَمُّ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ م ر لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالرُّكْنِ بَعْدَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يُقَارِنُ كُلٌّ مُعْتَبَرٌ سِوَاهُ كَالطُّهْرِ وَالسِّتْرِ فَإِنَّهُمَا يُعْتَبَرَانِ لِلرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ، وَالرُّكْنُ مَا اُعْتُبِرَ فِيهَا لَا بِهَذَا الْوَجْهِ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهَذَا يُخْرِجُ التَّوَجُّهَ لِلْقِبْلَةِ عَنْ كَوْنِهِ شَرْطًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ شَرْطٌ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِمَا أَيْضًا عُرْفًا، إذْ يُقَالُ عَلَى الْمُصَلِّي حِينَئِذٍ أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهَا لَا مُنْحَرِفٌ عَنْهَا مَعَ أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا بِبَعْضِ مُقَدِّمِ بَدَنِهِ حَاصِلٌ حَقِيقَةً أَيْضًا، وَذَلِكَ كَافٍ
(رُكْنُ الصَّلَاةِ) عَلَى مَا فِي النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَعَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ سَبْعَةَ عَشَرَ بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَا بَعْدَهُ أَرْكَانًا وَعَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِإِسْقَاطِ الطُّمَأْنِينَةِ لِجَعْلِهَا كَالْهَيْئَةِ التَّابِعَةِ.
وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُمْ فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بِرُكْنٍ أَوْ أَكْثَرَ وَبِهِ يُشْعِرُ خَبَرُ (إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ) الْآتِي وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ فَالْأَوَّلُ مِنْهَا
(نِيَّةٌ لِفِعْلِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ لِتَمْتَازَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ، فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ وَتَقَدَّمَ دَلِيلُهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي الْوُضُوءِ، وَجَعَلَهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ كَالطُّهْرِ) أَيْ عَنْ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ حَالَ وُقُوعِ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِ يَدْفَعُهَا عَنْهُ فَوْرًا كَمَا يَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي حَالِ وُقُوعِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْعِهَا مُتَطَهِّرٌ شَرْعًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْوُقُوعَ لَا يَضُرُّ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ انْتِفَاؤُهُ فَقَدْ صَدَقَ فِي حَالِ الْوُقُوعِ أَنَّ الطُّهْرَ قَارَنَ مَا سِوَاهُ وَبِذَلِكَ يَتَّضِحُ انْدِفَاعُ إيرَادِ هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى اعْتِبَارِ مُقَارَنَةِ الشَّرْطِ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ فَتَأَمَّلْهُ. وَمِثْلُهُ كَشْفُ الرِّيحِ لِلْعَوْرَةِ إذَا اسْتَتَرَ حَالًا فَهُوَ فِي حَالِ الْكَشْفِ مُسْتَتِرٌ شَرْعًا فَلَمْ يَنْتِفْ الِاسْتِتَارُ الشَّرْعِيُّ فِي تِلْكَ الْحَالِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِ هَذَا الْعَارِضِ فَقَدْ قَارَنَ السَّتْرُ الشَّرْعِيُّ فِي تِلْكَ الْحَالِ مَا سِوَاهُ فَلَا يُرَدُّ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ) تَوْجِيهًا لَهُ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ فِعْلًا) وَيُقَالُ: هِيَ فِعْلُ الْقَلْبِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ) تَوْجِيهًا لَهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِشَبَهِهَا بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ لِتَشْبِيهِهَا عِلَّةٌ لِتَأَكُّدِ، وَمُرَادُهُ بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً مَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ، وَهُوَ أَقَلُّ مَا يَجِبُ وَإِنْ كَانَ مَا زَادَ مِنْهَا حَقِيقَةً بِمَعْنًى آخَرَ (قَوْلُهُ وَالرُّكْنِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ تُرِكَ فَسَدَ كُلُّ مَا سِوَاهُ بِخِلَافِ الْفَرْضِ، وَلِذَا عَدُّوا النِّيَّةَ فِي الْوُضُوءِ فَرْضًا وَهُنَا رُكْنًا، إذْ لَوْ رَفَضَ النِّيَّةَ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَمْ تَبْطُلْ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَضَهَا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ لَهَا هَيْئَةً مُرَكَّبَةً مُعْتَبَرَةً بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَعْبِيرِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ بِبَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ فَتَدَبَّرْ. لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْفَرْضِ أَرْكَانُ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْوُقُوفَ لَا يَبْطُلُ مَا مَضَى، بَلْ يَجِبُ التَّحَلُّلُ
(قَوْلُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ) بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ رُكْنًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ) يَعْنِي أَنَّ الْخُلْفَ غَيْرُ رَاجِعٍ إلَى الْمَعْنَى، بَلْ إلَى اللَّفْظِ لَكِنْ فِي الْعُبَابِ مَا يَقْتَضِي رُجُوعَهُ إلَى الْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ أَوْ بَعْضِ أَجْزَائِهَا أَوْ شُرُوطِهَا فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِرُكْنٍ فِعْلِيٍّ أَوْ قَوْلِيٍّ أَوْ بَعْضِ الْقَوْلِيِّ لَمْ يَضُرَّ، وَإِلَّا بِأَنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ طُولِ الزَّمَنِ عُرْفًا أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ مَعَ الشَّكِّ بِرُكْنٍ قَوْلِيٍّ أَوْ فِعْلِيٍّ وَإِنْ قَصُرَ بِأَنْ قَارَنَ ابْتِدَاءَهُ فِي الْقَوْلِيِّ أَوْ ابْتَدَأَ مُقَدِّمَتَهُ مِنْ الْهَوِيِّ أَوْ الرَّفْعِ فِي الْفِعْلِيِّ إلَى انْتِهَائِهِ أَيْ انْتِهَاءِ مُسَمَّاهُ فِي الْفِعْلِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ ضَرَّ، قَالَ فِي الْخَادِمِ: إنَّ مُقَارَنَةَ الشَّكِّ لِلطُّمَأْنِينَةِ ضَارٌّ إنْ جَعَلْنَاهَا رُكْنًا مُسْتَقِلًّا وَإِلَّا، فَلَا ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ طَرَأَ الشَّكُّ فِي الرُّكُوعِ أَيْ بَعْدَ تَمَامِ انْحِنَائِهِ وَزَالَ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا قَطَعَ بِهِ الْأَئِمَّةُ قَالَ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ الْمُمْتَدَّ وَاحِدٌ فِي الصُّورَةِ، فَلَا يُجْعَلُ بَعْضُهُ كَرُكُوعِ مُفْرَدٍ زَائِدٍ غَيْرِ مَحْسُوبٍ، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ بَعْضِ الْقَوْلِيِّ وَبَعْضِ الْفِعْلِيِّ اهـ. وَالشَّكُّ فِي بَعْضِ أَجْزَائِهَا كَأَنْ شَكَّ هَلْ نَوَى ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا؟ وَفِي بَعْضِ شُرُوطِهَا كَأَنْ شَكَّ هَلْ قَارَنَتْ التَّحَرُّمَ أَوْ لَا؟ فَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّيْخِ أَنَّهُ لَفْظِيٌّ مِنْ جِهَةِ وُجُوبِهَا وَعَدَمِهِ يَعْنِي أَنَّ الْكُلَّ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْوُجُوبِ اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: نِيَّةٌ لِفِعْلِهَا) حَقِيقَةُ النِّيَّةِ قَصْدُ الشَّيْءِ قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ، فَلَا بُدَّ هُنَا مِنْ التَّجْرِيدِ عَنْ بَعْضِ الْمَعْنَى لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْقَوْلِيِّ كَكُلِّهِ مَا نَصُّهُ: وَمَحَلُّهُ إذَا طَالَ زَمَنُ الشَّكِّ أَوْ لَمْ يُعِدْ مَا قَرَأَهُ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِيمَا ذُكِرَ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ اهـ. سُقْنَاهُ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَعَلَى مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَعْضِ الْفِعْلِيِّ وَبَعْضِ الْقَوْلِيِّ إلَّا الْإِعَادَةُ عِنْدَ عَدَمِ الطُّولِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِتَمْتَازَ إلَخْ) أَيْ لِتَمْتَازَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَفْعَلُهَا لَا مَعَ قَصْدِ فِعْلِهَا اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ فَلَا يَرُدُّ أَنَّهَا لَا تَمْتَازُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْمَنْوِيَّةِ أَوْ يُقَالُ: إنَّ التَّمَيُّزَ بِالنِّيَّةِ وَلُزُومِهَا وَفِيهِ شَيْءٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ) أَيْ عَنْ قَصْدِ الْفِعْلِ كَمَا هُوَ أَصْلُ الْكَلَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ إحْضَارِهِ، إذْ إحْضَارُهُ تَصَوُّرُهُ، وَهُوَ أَيْضًا لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ) أَيْ عَنْ أَنْ يَفْعَلَ وَإِلَّا فَهِيَ أَفْعَالٌ لَا يَتَأَثَّر الْغَفْلَةُ عَنْهَا تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ) إذْ الْمُكَلَّفُ بِهِ هُوَ الْأَمْرُ الِاخْتِيَارِيُّ، وَهُوَ الْفِعْلُ، إذْ الْأَثَرُ الْحَاصِلُ بِهِ حُصُولُهُ بَعْدَهُ ضَرُورِيٌّ وَمَا قِيلَ أَنَّ الْفِعْلَ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ لَا يُكَلَّفُ بِهِ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُتَقَرَّرٌ لَهُ حَقِيقَةً كَيْفَ وَيَنْشَأُ عَنْهُ أَمْرٌ مَوْجُودٌ؟ نَعَمْ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّكْلِيفِ بِهِ هُوَ الْأَثَرُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَجَعَلَهَا
الْغَزَالِيُّ شَرْطًا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِعْلًا، بَلْ صِفَةٌ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ فَتَكُونُ خَارِجَةً عَنْهَا، وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ الْأَوَّلُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَتَعَلَّقَ بِمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَرْكَانِ أَيْ لَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ: كُلُّ صِفَةٍ تَتَعَلَّقُ وَلَا تُؤَثِّرُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ وَالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ فَتَحْصُلُ نَفْسُهَا وَغَيْرُهَا كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى) أَيْ وَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ لُزُومَ التَّسَلْسُلِ لِجَوَازِ أَنْ تَفْتَقِرَ نِيَّةُ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا مِنْهَا إلَى نِيَّةٍ دُونَ نِيَّةِ نِيَّتِهَا بِخُرُوجِهَا عَنْهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ لَوْ كَانَتْ نِيَّةُ النِّيَّةِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَتَأَمَّلْ. وَهَذَا الْبَحْثُ لَا يَلْزَمُ وُرُودُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الصَّلَاحِ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَوْ كَانَتْ مِنْهَا لَافْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ وَتَسَلْسُلٍ، يُقَالُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ مِنْهَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ لِلُزُومِ التَّسَلْسُلِ. اهـ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ مُعَارَضَةَ الْغَزَالِيِّ بِقَلْبِ دَلِيلِهِ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى تَسْلِيمِهِ فَتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) مَنْعٌ لِلْمُلَازَمَةِ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا (قَوْلُهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ إلَخْ) أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَلُّقُ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ بِنَفْسِهَا بِحَيْثُ يَتَّحِدُ الْمُتَعَلِّقُ وَالْمُتَعَلَّقُ بِالذَّاتِ وَالشَّخْصِ كَأَنْ يَتَعَلَّقَ عِلْمُ زَيْدٍ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ مَثَلًا بِنَفْسِ عِلْمِ زَيْدٍ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْعِلْمِ وَالْمَعْلُومِ هُوَ إدْرَاكُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، كَيْفَ وَضَرُورِيَّةُ تَغَايُرِ الْعِلْمِ وَالْمَعْلُومِ مِنْ الْوَاضِحَاتِ؟ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَلُّقُ تِلْكَ الصِّفَةِ بِنَوْعِهَا أَوْ فَرْدِهِ بِأَنْ يَتَعَلَّقَ الْعِلْمُ بِمَفْهُومِ الْعِلْمِ أَوْ بِفَرْدِهِ كَأَنْ يَتَعَلَّقَ عِلْمُ زَيْدٍ بِعِلْمِهِ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ، فَالْعِلْمُ هُنَا الْإِدْرَاكُ مُطْلَقًا وَالْمَعْلُومُ هُوَ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ مَعْنَى جَوَازِ تَعَلُّقِ النِّيَّةِ بِنَفْسِهَا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِتْيَانَ بِالنِّيَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ مَطْلُوبِهِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَطْلُوبِهِ وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّ كَوْنَ النِّيَّةِ نِيَّةً لِلْإِتْيَانِ بِنَفْسِهَا غَيْرُ مَعْقُولٍ فَتَأَمَّلْهُ.
سم (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ) هَذَا تَوْجِيهٌ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ لَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ مُحَصَّلَ هَذَا جَعْلُهَا مُتَعَلِّقَةً بِنَفْسِهَا وَالرَّافِعِيُّ جَعَلَهَا غَيْرَ مُتَعَلِّقَةٍ بِنَفْسِهَا وَغَيْرَ مُفْتَقِرَةٍ إلَى نِيَّةٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ هَذَا تَوْجِيهٌ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَعَ مَا قَبْلَهُ جَوَابًا عَنْ اسْتِدْلَالِ الرَّافِعِيِّ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْغَزَالِيُّ شَرْطًا) قِيلَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِآخِرِهَا قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَهَذَا قَوْلٌ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِآخِرِ التَّكْبِيرَةِ اهـ. وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ قَارَنَ أَوَّلَهَا مُفْسِدٌ وَزَالَ عِنْدَ آخِرِهَا فَعَلَى هَذَا الْقِيلِ تَصِحُّ وَعَلَى غَيْرِهِ لَا تَصِحُّ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْبَرَّاوِيِّ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ فِعْلًا) فِيهِ أَنَّهُ كُلِّفَ بِهَا وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ إلَخْ) فَلَيْسَتْ تَمَامَهَا وَلَا جُزْأَهَا ضَرُورَةً إنْ قَصَدَ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَا جُزْأَهُ، وَدُفِعَ بِأَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَصْدَ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الْمَقْصُودِ لَكِنَّ مُسَمَّى الصَّلَاةِ شَرْعًا مَجْمُوعُ الْقَصْدِ وَالْمَقْصُودِ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ كَوْنِهِ خَارِجًا عَنْ الْمَقْصُودِ اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ.
وَهُوَ بِمَعْنَى جَوَابِ الرَّافِعِيِّ عَنْ تَوْجِيهِهِ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ بِمَا ذَكَرَهُ بِأَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْهَا وَتَتَعَلَّقَ بِمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَرْكَانِ فَقَوْلُ النَّاوِي أُصَلِّي مِنْ التَّعْبِيرِ بِاسْمِ الشَّيْءِ عَنْ مُعْظَمِهِ، وَكَوْنُ مُتَعَلِّقِهَا مَا عَدَاهَا لَا يَقْتَضِي تَعَيُّنَ عَدِّهَا شَرْطًا وَلَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَهَا جُزْءًا مِنْ مُسَمَّى الصَّلَاةِ شَرْعًا اهـ. شَرْحُ عب، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالْأَظْهَرُ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ نِيَّةٍ أُخْرَى قَالَ: وَالْأَظْهَرُ إلَخْ (قَوْلُهُ لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا) أَيْ بِفِعْلِ نَفْسِهَا أَوْ افْتَقَرَ فِعْلُهَا إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى، إذْ الْكَلَامُ فِي نِيَّةِ الْفِعْلِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى) أَيْ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الصَّلَاةِ إلَخْ) أَيْ لَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ أَرْكَانِهَا وَتَتَعَلَّقَ بِمَا عَدَاهَا وَلَا تَفْتَقِرُ هِيَ إلَى نِيَّةٍ. وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّ بَعْضَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ لَا إجْمَالًا وَلَا تَفْصِيلًا، وَهُوَ بَاطِلٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلتَّحَكُّمِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ تُمْكِنُ نِيَّتُهَا فَقِيلَ بِأَنْ يُلَاحِظَهَا مُنْفَرِدَةً كَأَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ يَنْوِي الصَّلَاةَ مَثَلًا، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ سَبْقَهَا الْفِعْلَ كَمَا مَثَّلَ لَيْسَ مُرَادًا وَمَعَ مُقَارَنَةِ التَّكْبِيرِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى مَعَ التَّكْبِيرِ أَنَّهُ يَنْوِي الْفِعْلَ لَمْ يَصِحَّ تَكْبِيرُهُ وَلَا صَلَاتُهُ، وَإِنْ نَوَى نَفْسَ الْفِعْلِ فَلَيْسَ هَذَا نِيَّةَ النِّيَّةِ، وَيَأْتِي هَذَا فِي نِيَّةِ التَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِهِ التَّحَرُّمَ وَفِعْلَ غَيْرِهِ، وَلَا يَصِحُّ قَصْدُ أَنْ يُكَبِّرَ أَيْ نِيَّةُ الْإِتْيَانِ بِالتَّكْبِيرِ حَالَ التَّكْبِيرِ لِمَا مَرَّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ لَهَا حَالَانِ حَالُ انْفِرَادِهَا وَإِتْيَانِ النَّاوِي بِهَا وَحَالُ اجْتِمَاعِهَا مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَرْكَانِ الَّذِي يُسَمَّى مَجْمُوعُهُ صَلَاةً فَهِيَ فِي حَالِ انْفِرَادِهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذَا الْمَجْمُوعِ الَّتِي هِيَ بِعَيْنِهَا مِنْهُ، وَالتَّغَايُرُ اعْتِبَارِيٌّ فَهِيَ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِهَا نِيَّةٌ لِلْمَجْمُوعِ الَّتِي هِيَ مِنْهُ وَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهَا إلَّا مُنْضَمَّةً اهـ. مَعَ بَاقِي الْأَفْعَالِ، فَلَا يَضُرُّ ابْتِدَاؤُهَا غَيْرَ مَقْصُودَةٍ، وَقَوْلُ ق ل أَنَّهُ يَنْوِي الْفِعْلَ لَا وَجْهَ لَهُ، بَلْ إنَّمَا نَوَى مَجْمُوعَ
تُزَكَّى نَفْسُهَا وَغَيْرُهَا
(بِقَلْبِهِ) بَيَانٌ لِمَحَلِّ النِّيَّةِ وَتَعَرَّضَ لَهُ هُنَا لِدَفْعِ مَا قِيلَ أَنَّهُ يَجِبُ النُّطْقُ بِهَا أَيْضًا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْوُضُوءِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُكْتَفَى بِهِ نَعَمْ يُسَنُّ قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا يَضُرُّ النُّطْقُ بِغَيْرِ مَا فِي الْقَلْبِ كَمَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ وَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى الْعَصْرِ (فِي مُطْلَقٍ مِنْ نَفْلِهَا) أَيْ رُكْنُ الصَّلَاةِ نِيَّةُ فِعْلِهَا فِي مُطْلَقِ نَفْلِهَا وَهُوَ مَا لَا وَقْتَ لَهُ وَلَا سَبَبَ وَاكْتَفَى فِيهِ بِنِيَّةِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى دَرَجَاتِ الصَّلَاةِ فَإِذَا نَوَاهَا وَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ (وَذَا) أَيْ النِّيَّةُ وَذِكْرُهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا الْقَصْدُ أَيْ وَقَصْدُ فِعْلِ الصَّلَاةِ (مَعَ التَّعْيِينِ) لَهَا فِي الْمُعَيَّنِ لِتَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهَا وَمَثَّلَ لِلْمُعَيَّنِ بِقَوْلِهِ (مِثْلُ) صَلَاةِ (الْأَضْحَى) لِتَمْتَازَ عَنْ صَلَاةِ الْفِطْرِ، وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الِاكْتِفَاءَ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فِيهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الصِّفَاتِ كَالْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ الْكُسُوفَيْنِ لِاخْتِلَافِهِمَا بِالْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ آكَدُ فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ (وَ) مِثْلُ صَلَاةِ (جُمُعَةٍ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ أَوْ الظُّهْرُ الْمَقْصُورَةُ (وَوِتْرِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي وَلَوْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ، وَفَصَلَهُ فَيَنْوِي فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَإِنْ كَانَتَا شَفْعًا الْوِتْرَ كَمَا يَنْوِي فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ التَّرَاوِيحِ التَّرَاوِيحَ وَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَوْ مُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ أَوْ سُنَّتَهُ، وَهِيَ أَوْلَى.
وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ وَوَتَرَهُ أَنَّهُ لَا يُضِيفُهُ إلَى الْعِشَاءِ
ــ
[حاشية العبادي]
لِلْغَزَالِيِّ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ، وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا إلَخْ، نَعَمْ يُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَخْ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ: يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ. سم
(قَوْلُهُ لِدَفْعِ مَا قِيلَ) فِي الدَّفْعِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَلْبِ يُفْهِمُ عَدَمَ وُجُوبِ النُّطْقِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ ذَلِكَ مَفْهُومُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى دَرَجَاتِ الصَّلَاةِ إلَخْ) يَنْبَغِي رُجُوعُ الْهَاءِ فِي لِأَنَّهُ لِمُطْلَقِ الْفِعْلِ وَفِي فَإِذَا نَوَاهَا لِلصَّلَاةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ نَوَى فِعْلَهَا وَقَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ: الضَّمِيرُ فِي نَوَاهَا لِلنِّيَّةِ وَالْمَعْنَى فَإِذَا أَوْجَدَهَا، وَلَوْ ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِيَعُودَ إلَى الْفِعْلِ كَانَ أَوْلَى اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.
سم (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا إلَخْ) لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَتِي أَوْ وتا اسْتَغْنَى عَنْ التَّأْوِيلِ (قَوْلُهُ أَيْ وَقَصَدَ فِعْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ مُعْتَبَرٌ (قَوْلُهُ مَعَ التَّعْيِينِ) أَيْ، وَلَوْ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَلَّفَهُ بِهِ الشَّرْعُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَلَا يُرَادُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَأَتَمَّ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ اهـ (قَوْلُهُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا) قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ كَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَيْ قَوْلِهِ أَوْ نَفْلًا السُّنَنُ، وَأَقُولُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ نَفْسَ الْجُمُعَةِ الْمُعَادَةِ حَيْثُ يَسُوغُ إعَادَتُهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتَا شَفْعَيْ الْوِتْرِ كَمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَنْوِي بِجَمِيعِهِ الْوِتْرَ أَوْ يَتَخَيَّرُ فِيمَا سِوَى الْأَخِيرَةِ بَيْنَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمُقَدِّمَةِ الْوِتْرِ وَسُنَّتِهِ اهـ. ويُتَّجَهُ إجْزَاءُ نِيَّةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَسُنَّةِ الْوِتْرِ فِي الْأَخِيرَةِ أَيْضًا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ بَحَثَهُ فِيهِمَا، وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ صَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَازِمًا بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَدِّمَةَ الْوِتْرِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي آخِرِ إحْرَامٍ لَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مُقَدِّمَةَ) وَلَا تُجْزِئُهُ هَذِهِ فِي الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّمَةَ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأَفْعَالِ الَّتِي مِنْهَا هَذِهِ النِّيَّةُ بِعَيْنِهَا الَّتِي هِيَ نِيَّةُ الْأَفْعَالِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَتَعَرَّضَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ النِّيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَلْبِ، فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ مَا قِيلَ إلَخْ) هُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لَنَا لَكِنَّهُ غَلَطٌ اهـ. نَوَوِيٌّ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ مِثْلُ الْأَضْحَى) خَصَّهُ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ اهـ (قَوْلُهُ وَجُمُعَةٍ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ صَحَّحَ نِيَّةَ الظُّهْرِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ) فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ بِأَنْ كَانَتْ بِالْمَالِ وَقُدِّمَتْ عَلَى الْحِنْثِ اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ أَوْ نَفْلًا) كَجُمُعَةِ الصَّبِيِّ، وَيَصِحُّ تَصْرِيحُهُ بِالنَّفْلِيَّةِ حَيْثُ لَاحَظَ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ النَّفَلَ الْمُطْلَقَ أَمَّا جُمُعَةُ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَوَاجِبَةٌ بَدَلًا أَوْ إحْدَى خَصْلَتَيْ الْوَاجِبِ سم وع ش وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقِيَامُ عَلَى الصَّبِيِّ فِي الْفَرَائِضِ مَعَ كَوْنِهَا نَافِلَةً فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهَا فِي ذَاتِهَا فَرَائِضُ وُضِعَتْ عَلَى الْفَرْضِيَّةِ وَلَمَّا شَرَعَ لِلصَّبِيِّ لِيَتَمَرَّنَ عَلَيْهَا نَاسَبَ وُجُوبَ الْقِيَامِ لِيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ وَيَأْلَفَهُ، وَنِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ نِيَّةٌ خِلَافَ الْوَاقِعِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الظُّهْرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا صَلَاةٌ بِحِيَالِهَا فَإِنْ قُلْنَا: ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ صَحَّتْ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُضِيفُهُ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ رَاتِبَةُ الْعِشَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الرَّوَاتِبِ كَمَا سَيَأْتِي اهـ. لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر: وَالْوِتْرُ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، فَلَا تَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْعِشَاءِ قَالَ ع ش فَلَوْ أَضَافَهَا كَأَنْ قَالَ: وِتْرُ الْعِشَاءِ صَحَّ وَالْمَعْنَى: الْوِتْرُ الْمَطْلُوبُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، بَلْ قَدْ يُشْعِرُ بِسَنِّ الْإِضَافَةِ الِاقْتِصَارَ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ اهـ
وَفِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى قَوْلِ م ر، فَلَا يَجِبُ إلَخْ أَفْهَمَ أَنَّهُ يَجُوزُ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ، وَالصُّورَةُ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ سُنَّةُ الْعِشَاءِ، فَلَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْوِتْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِمْ وَلَا تُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ اهـ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ نِيَّةُ ذَلِكَ اهـ. وَمَا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَوَتَرَهُ، فَإِنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَقُولُ فِيهِ سُنَّةُ الْعِشَاءِ كَمَا فِي شَرْحِ الْحَاوِي، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى قَوْلِ الْخَطِيبِ، فَلَا يُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ بِأَنْ يَقُولَ
؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (وَالصُّبْحَا) بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ وَمِثْلُ الصُّبْحِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَكَأَنَّهُ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا الْأَوْلَى فَيُقَاسُ بِهَا الْمُتَأَخِّرَاتُ (وَ) مِثْلُ (سُنَّةِ الْعَصْرِ) خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهَا لَا تُضَافُ لِلْعَصْرِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا رَاتِبَةَ لَهَا مُؤَكَّدَةٌ، وَمِثْلُ سُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا أَوْ الَّتِي بَعْدَهَا، كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ قِيلَ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا أَخَّرَ الَّتِي قَبْلَهَا إلَى مَا بَعْدَهَا (وَلَمْ تُعَيِّنْ نِيَّةُ فَرْضِ الْوَقْتِ) الصَّلَاةُ أَيْ لَا يَحْصُلُ بِهَا تَعْيِينُهَا، إذْ يُشَارِكُهَا فِيهِ فَائِتَةٌ تَذَكَّرَهَا (فِي الْمُعَيَّنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَعَ التَّعْيِينِ كَمَا تَقَرَّرَ وَيُسْتَثْنَى تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَا الْوُضُوءِ وَالْإِحْرَامِ وَالِاسْتِخَارَةِ فَيَكْفِي فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً نِيَّةُ فِعْلِهَا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الْأُولَى وَالْإِحْيَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلِّ صَلَاةٍ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الثَّالِثَةِ خِلَافُهُ (بِالْفَرْضِ) أَيْ رُكْنُ الصَّلَاةِ نِيَّةُ فِعْلِهَا فِي مُطْلَقِ نَفْلِهَا وَنِيَّةُ فِعْلِهَا مَعَ تَعْيِينِهَا فِي الْمُعَيَّنِ وَنِيَّةُ فِعْلِهَا وَتَعْيِينِهَا مَعَ فَرْضِهَا (فِي الْفَرْضِ)
ــ
[حاشية العبادي]
مَا عَدَاهَا حَجَرٌ ع.
(قَوْلُهُ وَالصُّبْحَا) تَقْدِيرُهُ وَمِثْلُ أَنْ يَنْوِيَ الصُّبْحَا أَوْ صَلَاةَ الصُّبْحِ ثُمَّ حَذَفَ الصَّلَاةَ الَّذِي هُوَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ، هَذَا وَجْهُ نَصْبِهِ بِلَا رَيْبٍ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا أَيْ وَمِثْلُ الصُّبْحِ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَلَفَ مِثْلَ صَلَاةِ الْأَضْحَى بَعِيدًا عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا قُلْنَاهُ، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَرَى أَنَّ مِثْلَ مَنْصُوبٌ بِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَقَوْلُهُ تَقْدِيرُهُ إلَخْ إنَّمَا يُنَاسِبُ كَوْنَ التَّمْثِيلِ لِنَفْسِ التَّعْيِينِ لَكِنَّ الشَّارِحَ جَعَلَهُ لِلْمَعْنَى فَيَكُونُ نَصْبُ مِثْلَ عَلَى الْحَالِ أَوْ بِنَحْوِ أَعْنِي فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْ وَمِثْلَ الصُّبْحِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الصُّبْحَ مَعْطُوفٌ عَلَى مِثْلَ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَوَجْهُهُ أَنَّ تَعَيُّنَهُمَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ وَالْوَقْتِ، وَأَنْ تُقَدَّمَ الْمُؤَخَّرَةُ، كَمَا يَجِبُ تَعْيِينُ الظُّهْرِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِالْعَصْرِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا أَخَّرَ الْمُقَدَّمَةَ عَنْ الْفَرْضِ اهـ (قَوْلُهُ إذْ يُشَارِكُهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّهَا مَعَ التَّعْيِينِ يُشَارِكُهَا أَيْضًا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِهَا إلَّا أَنْ يُعْتَذَرَ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي تِلْكَ أَكْثَرُ بِرّ (قَوْلُهُ فِي الثَّالِثَةِ خِلَافُهُ) قَدْ يُقَالُ مِثْلُ الثَّالِثَةِ فِي ذَلِكَ الْبَاقِي
ــ
[حاشية الشربيني]
نَوَيْت أُصَلِّي سُنَّةَ الْعِشَاءِ أَوْ رَاتِبَةَ الْعِشَاءِ وَيَقْصِدَ بِهَا الْوِتْرَ أَمَّا لَوْ قَدَّمَ لَفْظَ الْوِتْرِ بِأَنْ قَالَ نَوَيْت الْوِتْرَ سُنَّةَ الْعِشَاءِ أَوْ رَاتِبَةَ الْعِشَاءِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَيَقْصِدُ بِهَا الْوِتْرَ أَيْ يَقْصِدُ أَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ لِلْعِشَاءِ مِنْ مُكَمِّلَاتِهَا كَرَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْوِتْرَ أَوَّلًا فَإِنَّ مَا بَعْدَهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ خَصَّهَا) لَمْ يَقُلْ وَخَصَّهَا إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ وَمَا يَأْتِي كَمَا يُعْلَمُ مِنْ إيضَاحِ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ سُنَّةِ الظُّهْرِ إلَخْ) أَيْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ وَالْوَقْتِ فَتَعْيِينُهُمَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَلَعَلَّ إلَخْ) ضَعِيفٌ، بَلْ لَوْ قَدَّمَهَا وَجَبَ تَعْيِينُهَا، وَقَرَائِنُ الْأَحْوَالِ لَا تُخَصِّصُ النِّيَّاتِ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَوَى الْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقُلْ مَأْمُومًا وَمَا لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ، وَهُوَ جُنُبٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْجَنَابَةِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهَا عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ فِيهِ، وَعَلَّلَ م ر بِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يُعَيَّنُ اهـ
وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ، وَنِيَّةُ الْجَمَاعَةِ صَالِحَةٌ لِلْمَأْمُومِ وَالْإِمَامِ وَتَتَعَيَّنُ بِالْقَرِينَةِ الْحَالِيَّةِ قَالَ ق ل: وَالْقَرِينَةُ صَارِفَةٌ لِلنِّيَّةِ إلَى أَحَدِ مَاصَدَقَاتِهَا كَنِيَّةِ الْمَأْمُومِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ الْمُنْصَرِفَةِ إلَى الْإِمَامِ الْحَاضِرِ بِقَرِينَةِ الْحُضُورِ أَوْ كَنِيَّةِ الْحَدَثِ الْمُطْلَقِ الْمُنْصَرِفَةِ إلَى الْجَنَابَةِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهَا عَلَيْهِ اهـ. فَفَرَّقَ بَيْنَ التَّخْصِيصِ وَالتَّعْيِينِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت م ر فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ أَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِمْ: إنَّ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ عِنْدَنَا لَا تُخَصِّصُ تَخْصِيصَ نِيَّةِ الْجَمَاعَةِ بِهَا وَأَجَابَ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ فَاغْتُفِرَ ذَلِكَ فِيهَا فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ ع ش نِيَّةَ الْحَدَثِ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُمْ: قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ لَا تُخَصِّصُ أَغْلَبِيٌّ اهـ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) قَالَ م ر فِي الشَّرْحِ: التَّحْقِيقُ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْقُولَ لَيْسَ عَيْنَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ وَإِنَّمَا هُوَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً يُفِيدُ أَنَّهُ مِنْ النَّفْلِ الْمُقَيَّدِ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ نِيَّةِ السَّبَبِ اهـ.
وَكَتَبَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ م ر وطب اعْتَمَدَ الِاسْتِثْنَاءَ وَأَوْرَدَ عَلَى كَوْنِهِ نَفْلًا مُطْلَقًا عَدَمَ انْعِقَادِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ مَثَلًا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ بِهَا مَقْصُودُ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ انْعَقَدَتْ وَيَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى النَّفَلَ الْمُطْلَقَ انْعَقَدَ أَيْضًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي ق ل وَفِي النَّاشِرِيِّ عَلَى الْحَاوِي يُسْتَثْنَى مِنْ التَّعْيِينِ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إنْ أَرَادَ حُصُولَ ثَوَابِ التَّحِيَّةِ (قَوْلُهُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ) قِيلَ إنَّمَا يُتَّجَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ أَنَّهَا تَحْصُلُ بِرَكْعَةٍ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِخَارَةِ) وَكَذَا رَكْعَتَا إنْشَاءِ السَّفَرِ وَرَكْعَتَا الْقُدُومِ مِنْهُ وَسُنَّةُ الطَّوَافِ وَالْحَاجَةِ وَالزَّوَالِ وَنُزُولِ الْمُسَافِرِ، وَهُوَ غَيْرُ الْقُدُومِ وَمُفَارَقَةِ الْمَنْزِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ. سم عَنْ م ر فِي
وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ نَذْرًا تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ وَصَلَاةِ الصَّبِيِّ.
وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُوبِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَحَّحَهُ فِي مُعْتَمَدِ التَّحْقِيقِ، إذْ كَيْفَ يَنْوِي فَرْضَ مَا لَا يَقَعُ فَرْضًا لَكِنَّهُ سَوَّى فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَيْنَ الْبَالِغِ وَالصَّبِيِّ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا صَوَّبَهُ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمُعَادَةَ يَنْوِي فِيهَا الْفَرْضِيَّةَ وَتَقَعُ نَفْلًا وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَجَابَ بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ لَا أَنَّ الْإِعَادَةَ فَرْضٌ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِضَافَةُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى وَلَا التَّعَرُّضُ لِلنَّفْلِيَّةِ فِي النَّفْلِ لِمُلَازَمَتِهَا لَهُ وَلَا لِلِاسْتِقْبَالِ وَلَا لِلْوَقْتِ كَالْيَوْمِ، إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ فَلَوْ عَيَّنَ الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي صَحَّ فِي الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ بِالْوَقْتِ تُلْغِي خَطَأَ الْيَوْمِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي التَّيَمُّمِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا (وَمَا أَسَاءَ مَنْ خَالَفَ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ) لِعُذْرٍ مِنْ غَيْمٍ وَنَحْوِهِ فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْتِي بِمَعْنَى الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ أَحَدَهُمَا مَعَ الْعِلْمِ بِخِلَافِهِ لَا تَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ (لَا) مَنْ خَالَفَ (الرَّكَعَاتِ) بِأَنْ نَوَى غَيْرَ الْوَاقِعِ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ.
وَهَذَا فَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَالِمِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْغَلَطِ وَأَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي نِيَّةِ الْخُرُوجِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْخَطَأَ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) لَيْسَ قِيَاسُهُ خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فِي الْجُمُعَةِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ لَمْ يُخَاطَبْ مُطْلَقًا وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الظُّهْرُ أَوْ الْجُمُعَةُ، فَإِذَا فَعَلُوا الْجُمُعَةَ وَقَعَتْ عَمَّا خُوطِبُوا بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَيَلْزَمُ هَذَا الْمُتَوَهِّمَ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الْمُسَافِرِ نِيَّةُ الْفَرْضِ إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَتَوَهَّمُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ إعَادَةَ الصَّلَاةِ) قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابِ أَنَّ الصَّبِيَّ يَنْوِي الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِمُلَازَمَتِهَا) كَأَنَّ الْمُرَادَ حَيْثُ لَا عَارِضَ نَذْرٍ (قَوْلُهُ: الصِّحَّةُ مُطْلَقًا) اعْتَمَدَهُ م ر وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخْطَأَ فِي الصَّوْمِ، كَمَا لَوْ نَوَى صَوْمَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ فَبَانَتْ سَنَةُ اثْنَيْنِ مَثَلًا حَيْثُ لَا يَصِحُّ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّوْمِ بِالْوَقْتِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الصَّلَاةِ بِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ رَمَضَانَ لَا يُقْبَلُ غَيْرُ صَوْمِهِ وَأَنَّهُ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ وَقْتِ الصَّلَاةِ يُقْبَلُ غَيْرُهَا وَيَزِيدُ عَلَى قَدْرِهَا فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ الْخَطَأُ فِيهِ دُونَ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ الْبُطْلَانُ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأُولَيَيْنِ وق ل فِي الْبَاقِي اهـ.
(قَوْلُهُ تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ) وَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا حَقِيقَةُ الْفَرْضِيَّةِ بِخِلَافِ الْمُعَادَةِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرْضِ فِيهَا مَا هُوَ فَرْضٌ فِي نَفْسِهِ لَا عَلَى الْمُعِيدِ حَتَّى لَوْ قَصَدَ حَقِيقَةَ الْفَرْضِ، وَهُوَ مَا يُثَابُ هُوَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ بَطَلَ اهـ. مِنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ (قَوْلُهُ تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ إلَخْ) فَإِنَّهَا مُعَيَّنَةٌ بِأَنَّهَا ظُهْرٌ أَوْ عَصْرٌ مَثَلًا وَيَجِبُ حِينَئِذٍ أَنْ يُرَادَ بِالْفَرْضِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِالْفَرْضِ مَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ، أَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ، وَلَوْ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ فَتَدْخُلُ الْمُعَادَةُ وَلَا يَكُونُ مُحْتَرِزًا عَنْهَا، وَقَدْ صَنَعَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ اهـ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَادَةِ مِنْ الْبَالِغِ أَنَّهُ مَحَلٌّ لِلتَّكْلِيفِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمِثْلُ الْمُعَادَةِ مِنْ الْبَالِغِ الصَّلَوَاتُ الْمَقْضِيَّةُ مِنْ الْحَائِضِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ قَضَائِهَا، وَصَلَاةُ الْمَجْنُونِ إذَا قَضَاهَا؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مَحَلًّا لِلتَّكْلِيفِ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: إذْ كَيْفَ يَنْوِي إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنَّ ذَلِكَ بَيَانٌ لِحَقِيقَتِهِ، إذْ هُوَ فَرْضٌ فِي الْأَصْلِ اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَجِبُ الْإِضَافَةُ) لَكِنْ تُسَنُّ وَقَوْلُهُ: وَلَا التَّعَرُّضُ لَكِنْ يُسَنُّ أَيْضًا وَكَذَا يُسَنُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ أَوْ الْقَضَاءِ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، وَعَدَدُ الرَّكَعَاتِ لَكِنْ إنْ أَخْطَأَ فِي الْأَخِيرِ ضَرَّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، إذْ قَوْلُهُ: الظُّهْرُ مَثَلًا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ أَرْبَعًا (قَوْلُهُ لِمُلَازَمَتِهَا لَهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْفَرْضِيَّةِ وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنْ نَظَرَ لِلْأَصْلِ فَوَصْفُ كُلِّ لَازِمٍ لَهُ وَإِنْ نَظَرَ لِلْعَارِضِ فَغَيْرُ لَازِمٍ فِي كُلٍّ اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَرَادَ بِاللَّازِمِ مَا لَا يَتَغَيَّرُ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَغَيَّرُ بِسَبَبِ الْمُكَلَّفِ، وَالنَّفَلُ كَذَلِكَ، إذْ لَا يَتَغَيَّرُ إلَّا بِالنَّذْرِ وَأَرَادَ بِغَيْرِ اللَّازِمِ مَا يَتَغَيَّرُ بِنَفْسِهِ بِدُونِ تَسَبُّبِ الْمُكَلَّفِ، وَالْفَرْضُ كَذَلِكَ، إذْ يَتَغَيَّرُ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْمُعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ لَيْسَ لَهُ دَخْلٌ فِي نَدْبِهَا، غَايَةُ مَا فِي وُسْعِهِ فِعْلُ الْأُولَى، وَهُوَ لَيْسَ سَبَبًا فِي نَدْبِهَا، بَلْ هِيَ سُنَّةٌ فِي نَفْسِهَا اهـ.
ح ف (قَوْلُهُ لِمُلَازَمَتِهَا لَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَمْلِ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ بِالْإِطْلَاقِ وَتَعْيِينِ مَا لَهُ وَقْتٌ أَوْ سَبَبٌ (قَوْلُهُ: كَالْيَوْمِ) تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ لَا الْيَوْمُ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ الصِّحَّةُ) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا) ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ (قَوْلُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِخِلَافِهِ) بَقِيَ مَا إذَا شَكَّ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ الصِّحَّةُ قَالَ ع ش: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَصِحُّ إذَا قَالَ أَدَاءً، وَقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ دُونَ مَا إذَا قَالَ قَضَاءً وَلَمْ يَقُلْ أَدَاءً وَلَا قَضَاءَ وَعَلَيْهِ فَائِتَةٌ مِنْ جِنْسِ صَاحِبَةِ الْوَقْتِ حَمَلَ عَلَيْهَا، وَلَوْ قَالَ فَرِيضَةُ الْوَقْتِ أَوْ الْفَرِيضَةُ الَّتِي هِيَ صَاحِبَةُ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِتَرَدُّدِ مَا نَوَاهُ بَيْنَ الْمُؤَدَّاةِ وَبَيْنَ الْمَقْضِيَّةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ فَرِيضَةُ الْوَقْتِ أَوْ صَاحِبَتُهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ فِي لَفْظِهِ لِمَا يَشْمَلُ الْفَائِتَةَ فَضَعُفَ حَمْلُهُ عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ دُونَ غَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْعُدْ حَمْلُهُ عَلَى صَاحِبَةِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَاتِ تُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهَا مَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْ إرَادَتِهِ اهـ سم عَلَى حَجَرٍ اهـ
ع ش (قَوْلُهُ بِمَا ذَكَرُوهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى بِالسَّلَامِ
التَّعَيُّنِ لَا يَضُرُّ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْحَصَرَ بِالشَّرْعِ
(قَارَنَتْ تَكْبِيرَهْ كُلًّا) أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ النِّيَّةِ مُقَارِنَةً كُلَّ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِهِ وَيَسْتَمِرَّ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِهِ كَمَا يَجِبُ حُضُورُ شُهُودِ النِّكَاحِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ عِنْدَ الْعَوَامّ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ اقْتِدَاءً بِالْأَوَّلِينَ فِي تَسَامُحِهِمْ بِذَلِكَ، وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا بَعْدَ التَّكْبِيرِ لِلْعُسْرِ لَكِنْ يُسَنُّ وَيُعْتَبَرُ عَدَمُ الْمُنَافِي كَمَا فِي عَقْدِ الْأَيْمَانِ فَلَوْ نَوَى الْخُرُوجَ أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ أَوْ عَلَّقَهُ بَطَلَتْ كَمَا سَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَلَوْ عَقَّبَ النِّيَّةَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَبَرُّكًا أَوْ تَسْلِيمًا لَمْ يَضُرَّ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: تَكْبِيرَهُ. إلَى الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فِي الْقِيَامِ أَوْ بَدَلِهِ وَدَلِيلُهُ خَبَرُ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بَدَلَ قَوْلِهِ «حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا» وَكَيْفِيَّةُ التَّكْبِيرِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ اللَّهُ الْأَكْبَرُ مُنَكِّرًا وَمُعَرِّفًا كَمَا قَالَ (وَلَوْ مُعَرِّفًا) أَنْتَ (تَنْكِيرَهْ) أَوْ اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ أَوْ اللَّهُ عز وجل أَكْبَرُ أَوْ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يَطُولُ لَا فِيهِ الْفَصْلُ كَمَا قَالَ (وَلَوْ بِذِكْرٍ لَا يَطُولُ
ــ
[حاشية العبادي]
؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ أَوْ زَادَ فِيهَا وَذَلِكَ مُنَافٍ لِوَضْعِ الشَّرْعِ اهـ
وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ كَذَا فِي نُسْخَةٍ، وَفِي أُخْرَى لَكِنَّ الْمَشْهُورَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْبُطْلَانَ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ، وَفِي الْعَدَدِ يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ إجْمَالًا فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا، وَالظُّهْرُ عِبَارَةٌ عَنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ ذَاكِرًا لَهَا إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ نَفْسِ النِّيَّةِ لَا تَنْطَبِقُ عَلَى جَمِيعِ التَّكْبِيرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِمُسْتَحِيلٍ عَقْلًا (قَوْلُهُ: بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ عَقَّبَ النِّيَّةَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ نَوَاهَا إلَخْ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ النُّطْقَ بِهَا لَا يَبْطُلُ وَمَحَلُّهُ فِي التَّكْبِيرَةِ وَمَا بَعْدَهَا عِنْدَ الْجَهْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى النُّطْقُ بِهَا فِي التَّكْبِيرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسْلِيمًا) بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْخُرُوجَ مِنْ غَيْرِ مَا هُوَ خَطَأٌ لَا يَضُرُّ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِمَا خَرَجَ مِنْهُ لَا جُمْلَةً وَلَا تَفْصِيلًا، بَلْ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ إجْمَالًا لِوُجُوبِ تَعْيِينِ الظُّهْرِ أَوْ الصُّبْحِ أَوْ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ مَثَلًا اهـ.
(قَوْلُهُ: قَارَنَتْ تَكْبِيرَهُ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْفِي اسْتِحْضَارُ مَا يَجِبُ فِي النِّيَّةِ مِنْ قَصْدِ الْفِعْلِ وَالتَّعْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ فِيهِ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ: حَالَ كَوْنِ النِّيَّةِ مُقَارِنَةً إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْمُقَارَنَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَالِاسْتِحْضَارُ الْحَقِيقِيُّ أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَرْكَانَ الصَّلَاةِ تَفْصِيلًا مَعَ التَّعْيِينِ وَنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فَالْقَرْنُ الْحَقِيقِيُّ أَنْ يَقْصِدَ فِعْلَ هَذَا الْمُسْتَحْضَرِ عِنْدَ أَوَّلِ التَّكْبِيرَةِ وَيَسْتَمِرَّ ذَاكِرًا لِذَلِكَ الْقَصْدِ إلَى آخِرِ التَّكْبِيرَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الشَّرْحِ وَاعْتَرَضَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ اسْتِحْضَارَ النِّيَّةِ لَيْسَ بِنِيَّةٍ وَإِيجَابَ مَا لَيْسَ بِنِيَّةٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنَّ الْقَرْنَ الْحَقِيقِيَّ أَنْ يَبْسُطَ ذَلِكَ الْقَصْدَ عَلَى التَّكْبِيرِ بِأَنْ تَقْصِدَ فِعْلَ الصَّلَاةِ فِي جُزْءٍ مِنْ التَّكْبِيرَةِ وَالتَّعْيِينَ فِي جُزْءٍ آخَرَ وَالْفَرْضِيَّةَ فِي آخَرَ وَهَكَذَا وَالِاسْتِحْضَارُ الْعُرْفِيُّ أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَرْكَانَ الصَّلَاةِ إجْمَالًا، وَالْمُقَارَنَةُ الْعُرْفِيَّةُ بِأَنْ يَقْرُنَ ذَلِكَ بِجُزْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ. قَالَ الشَّيْخُ عَوَضٌ: وَهَذَا أَيْ: الْفَرْقُ الْحَقِيقِيُّ وَالِاسْتِحْضَارُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ وَلَا يَكْفِيهِ الثَّانِي. وَأَمَّا الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الْأَوَّلُ فَيَكْفِيهِ الثَّانِي اهـ. لَكِنْ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر وزي وَحَجَرٌ الِاكْتِفَاءَ بِالْعُرْفِيَّيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِهِ) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا الِانْعِقَادُ حَالًا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى شَرْطٍ آخَرَ هُوَ تَمَامُ التَّكْبِيرِ فَانْدَفَعَ مَا نَقَلَهُ سم عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا بِأَنْ يَأْتِيَ) وَلَا يُجْزِئُهُ تَوْزِيعُهُ عَلَيْهِ. اهـ. م ر وَهُوَ رَدٌّ لِمَا قِيلَ وَقَدْ نَقَلْنَاهُ سَابِقًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرَّ) وَقِيلَ: يُكَرِّرَ النِّيَّةَ إلَى آخِرِ التَّكْبِيرِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَكُنْ السَّلَفُ يَرَوْنَ الْمُؤَاخَذَةَ بِهَذِهِ التَّفَاصِيلِ وَالْمُعْتَبَرُ انْتِفَاءُ الْغَفْلَةِ بِذِكْرِ النِّيَّةِ حَالَ التَّكْبِيرِ مَعَ بَذْلِ الْمَجْهُودِ وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ اهـ. فَقَوْلُهُ: انْتِفَاءُ الْغَفْلَةِ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُقَارَنَةُ الْعُرْفِيَّةُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِحَيْثُ إلَخْ فَلَيْسَ مِنْهَا بَلْ هُوَ الِاسْتِحْضَارُ الْعُرْفِيُّ فَقَوْلُهُ: يُعَدُّ: أَيْ: عُرْفًا وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ كَمَا اكْتَفَوْا بِالِاسْتِحْضَارِ الْعُرْفِيِّ بِحَيْثُ يُعَدُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ: بِغَيْرِ الْمُسْتَحِيلِ الْعَقْلِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَسْلِيمًا) أَيْ: لِلَّهِ أَيْ: إنَّ الْأَمْرَ وَاقِعٌ بِمَشِيئَتِهِ. (قَوْلُهُ: خَبَرُ إذَا قُمْتَ) لَوْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ» إلَخْ كَمَا صَنَعَ م ر وَغَيْرُهُ كَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: أَوْ اللَّهُ الْجَلِيلُ) أَيْ: بِالتَّعْرِيفِ لِيَكُونَ صِفَةً فَلَوْ قَالَ اللَّهُ جَلِيلٌ ضَرَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ صِفَةً وَاَلَّذِي لَا يَضُرُّ هُوَ الْفَصْلُ بِخُصُوصِ الصِّفَاتِ وَالْمُرَادُ الصِّفَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ؛ لِأَنَّ عز وجل حَالٌ لَا صِفَةٌ نَحْوِيَّةٌ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: اللَّهُ عز وجل أَكْبَرُ) رَدٌّ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّ هَذَا يَضُرُّ وَالْمُعْتَمَدُ مَا هُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ
فَصْلُهُ) أَيْ: وَلَوْ فَصَلَهُ بِذِكْرٍ قَصِيرٍ لِبَقَاءِ النَّظْمِ وَالْمَعْنَى بِخِلَافِ مَا لَوْ فَصَلَهُ بِذِكْرٍ طَوِيلٍ عُرْفًا كَاللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ أَكْبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا كَالرَّحْمَنُ أَجَلُّ أَوْ أَكْبَرُ أَوْ اللَّهُ أَجَلُّ وَلَا يَكْفِي اللَّهُ كَبِيرٌ لِفَوَاتِ مَعْنَى أَفْعَلَ، وَإِطْلَاقُ الذِّكْرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ نُعُوتِ اللَّهِ وَغَيْرِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ الْقُونَوِيُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِنُعُوتِهِ تَعَالَى حَتَّى لَوْ قَالَ اللَّهُ هُوَ أَكْبَرُ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ (أَوْ وَقْفَةٍ) أَيْ: أَوْ فَصَلَهُ بِوَقْفَةٍ (تَقِلُّ) أَيْ: بِقَدْرِ تَنَفُّسٍ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ.
(بِالتَّرْتِيبِ لَهُ) أَيْ: لِلتَّكْبِيرِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى النَّظْمِ الْمَعْرُوفِ فَلَوْ قَالَ: أَكْبَرُ اللَّهُ لَمْ يَصِحَّ لِفَقْدِ اسْمِهِ (كَالْحَمْدِ) أَيْ: كَمَا يَجِبُ تَرْتِيبُ سُورَةِ الْحَمْدِ؛ لِأَنَّ النَّظْمَ وَالتَّرْتِيبَ مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ وَالْإِعْجَازِ فَلَوْ عَكَسَ عَمْدًا اسْتَأْنَفَ أَوْ سَهْوًا وَلَمْ يُطِلْ غَيْرَ
ــ
[حاشية العبادي]
أَوْ أَطْلَقَ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ: كَاللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إلَخْ) فِي التَّحْقِيقِ: التَّمْثِيلُ لِلطَّوِيلِ بِاللَّهِ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ وَبَحَثَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ صَالِحٌ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَ الْمُقَارَنَةِ " لِلْجَلِيلِ " أَيْضًا مِنْ " اللَّهُ الْجَلِيلُ أَكْبَرُ وَإِلَّا لَصَدَقَ أَنَّهُ تَخَلَّلَ فِي التَّكْبِيرِ عَدَمُ الْمُقَارَنَةِ وَفِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ثُمَّ اخْتَارَ خِلَافَهُ وَحَمَلَ كَلَامَهُمْ عَلَى الْغَالِبِ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُطِلْ غَيْرَ الْمُرَتَّبِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَوْ سَهْوًا وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَقْرَأَ النِّصْفَ الثَّانِيَ أَوَّلًا مَثَلًا ثُمَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ ثَانِيًا ثُمَّ يَتَذَكَّرَ فَإِنْ كَانَ تَذَكُّرُهُ عَنْ قُرْبٍ بَنَى وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَأَقُولُ: يُمْكِنُ تَأْوِيلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُرَادَ بِغَيْرِ الْمُرَتَّبِ النِّصْفُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَهُوَ غَيْرُ مُرَتَّبٍ وَيُرَادُ بِطُولِهِ طُولُ زَمَنِ الْإِتْيَانِ بِهِ بَعْدَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ بِمَعْنَى طُولِ الزَّمَنِ بَعْدَ الْأَوَّلِ إلَى الْإِتْيَانِ بِالثَّانِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ بَعْضًا مِنْهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مِنْهَا فَإِنْ طَالَ ضَرَّ وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ هَذَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا أَنْ يَنْسَ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ لَكِنْ قَضِيَّةُ هَذَا الْآتِي الِاغْتِفَارُ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ وَلَوْ مَعَ الطُّولِ، وَعَدَمُ الِاغْتِفَارِ عِنْدَ الْقَائِلِ الْآخَرِ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الطُّولِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ إلَخْ قَضِيَّةُ عِبَارَةِ غَيْرِهِ أَنَّهُ فِي الْعَمْدِ لَا يَبْنِي عَلَى النِّصْفِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَخَّرَهُ وَإِنْ قَصَرَ الْفَصْلَ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ التَّكْمِيلِ دُونَ مَا إذَا قَصَدَ بِهِ الِاسْتِئْنَافَ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ قَضِيَّةُ جَوَابِ الشَّارِحِ الْآتِي عَنْ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: مَنَاطُ الْبَلَاغَةِ) مِنْ هُنَا يَظْهَرُ عَدَمُ وُجُوبِ تَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ وَإِنْ وَجَبَتْ مُوَالَاتُهُ وَسَيَأْتِي.
ــ
[حاشية الشربيني]
الرَّوْضَةِ حَيْثُ مَثَّلَ لِمَا يَضُرُّ بِقَوْلِهِ: اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ أَكْبَرُ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ مَا فِي التَّحْقِيقِ مِنْهُ أَنَّهُ يَضُرُّ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ حَتَّى بِدُونِ (الَّذِي) ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْفَصْلِ بِثَلَاثِ كَلِمَاتٍ وَهُوَ حَاصِلٌ بِدُونِ الَّذِي وَالْمَلِكِ الْقُدُّوسِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَضُرَّ عز وجل مَعَ كَوْنِهِ ثَلَاثًا بِوَاوِ الْعَطْفِ لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا تَدَبَّرْ. وَقَوْلُنَا: لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْفَصْلِ بِثَلَاثِ كَلِمَاتٍ هُوَ مَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ وَفِي الشَّرْقَاوِيِّ إنَّ الْمُضِرَّ هُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْتُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَافَقَ الشَّرْقَاوِيَّ اهـ. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ تَنَفُّسٍ) وَقَالَ الشَّرْقَاوِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ بِأَنْ تَكُونَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ التَّلَفُّظَ بِمَا لَا يَضُرُّ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَوْجَهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّظْمَ إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ وُجُوبِ تَرْتِيبِ التَّشَهُّدِ حَيْثُ لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهِ الْمُوَالَاةُ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَكَسَ عَمْدًا اسْتَأْنَفَ) أَيْ: إنْ أَتَى بِالنِّصْفِ الْأَوَّلِ عَلَى قَصْدِ التَّكْمِيلِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَكَسَ) وَهُوَ حَرَامٌ حَيْثُ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ الْوَاجِبَةَ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَارَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ وَحْدَهُ لَا لِلْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِهَا بِتَمَامِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَكَسَ عَمْدًا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي إمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ عَامِدًا وَعِنْدَ إتْيَانِهِ بِالْأَوَّلِ إمَّا أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ التَّكْمِيلَ أَوْ يُطْلِقَ وَثَلَاثَةٌ فِي مِثْلِهَا تِسْعَةٌ وَإِذَا أَتَى بِالْقِرَاءَةِ الثَّالِثَةِ إمَّا أَنْ يَطُولَ الْفَصْلُ أَوْ لَا وَإِذَا طَالَ إمَّا بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي التِّسْعَةِ تَبْلُغُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ صُورَةً وَكُلُّهَا تُجْزِئُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ التَّكْمِيلَ أَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِلَا عُذْرٍ. اهـ. عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُطِلْ إلَخْ) أَيْ: لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ بَيْنَ فَرَاغِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ وَتَكْمِيلِهِ بِمَا أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ النِّصْفُ الثَّانِي فَإِنْ طَالَ فَإِنْ كَانَ تَطْوِيلُهُ عَمْدًا وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ أَوْ سَهْوًا فَلَا اهـ ز ي وَحَجَرٌ خِلَافًا لِلشَّوْبَرِيِّ. (قَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَيَجِبُ تَرْتِيبُهَا أَيْ: بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى
الْمُرَتَّبِ بَنَى وَهَذَا إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَبِكَلَامِ النَّاسِ. وَاسْتُشْكِلَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ عِنْدَ الْعَمْدِ بِالْوُضُوءِ وَالْأَذَانِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لَمَّا كَانَ مَنَاطَ الْإِعْجَازِ كَمَا مَرَّ كَانَ الِاعْتِنَاءُ بِهِ أَكْثَرَ فَجُعِلَ قَصْدُ التَّكْمِيلِ بِالْمُرَتَّبِ صَارِفًا عَنْ صِحَّةِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ تِلْكَ الصُّورَةِ. وَقَضِيَّتُهُ إلْحَاقُ التَّكْبِيرِ بِالْأَذَانِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ (أَوْ كَبَعْضِهَا) أَيْ: الْحَمْدِ (وَالْمُورَدِ بَدِيلَ بَعْضِ الْحَمْدِ) الَّذِي لَا يُحْسِنُهُ فَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا إجْرَاءً لِلْبَدَلِ مَجْرَى الْمُبْدَلِ فَلَوْ حَفِظَ أَوَّلَهَا فَقَطْ أَخَّرَ الذِّكْرَ عَنْهُ أَوْ آخِرَهَا فَقَطْ قَدَّمَ الذِّكْرَ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِ بَعْضِهَا الَّذِي لَا يُحْسِنُهُ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُكَرِّرَ مَا يُحْسِنُهُ فِيهَا بِقَدْرِهَا إذْ لَا يَكُونُ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ أَصْلًا وَبَدَلًا بِلَا ضَرُورَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يَجِبُ تَرْتِيبُ ذَلِكَ وَقَدْ «أَمَرَ صلى الله عليه وسلم مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْفَاتِحَةَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ اللَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْحَمْدُ اللَّهِ وَهُوَ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَقْدِيمِ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ لَهُ قُدْرَةُ حِفْظِ الْبَسْمَلَةِ بَلْ الْغَالِبُ حِفْظُهُ لَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِهَا فَضْلًا عَنْ تَقْدِيمِهَا؟ قُلْت: الْخَبَرُ ضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَأْمُورَ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ عَلَى أَنَّ " الْحَمْدُ لِلَّهِ " بَعْضُ آيَةٍ وَسَيَأْتِي عَنْ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ فَلَا يَجِبُ تَقْدِيمُ قَدْرِ الْبَسْمَلَةِ عَلَيْهِ (لَا التَّشَهُّدِ) فَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْجِزٍ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ نَعَمْ إنْ أَخَلَّ بِالْمَعْنَى فَكَمَا مَرَّ فِي الْحَمْدِ (وَلَا السَّلَامِ) لِأَنَّ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ يُسَمَّى سَلَامًا بِخِلَافِ أَكْبَرُ اللَّهُ كَمَا مَرَّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَفِي الْفَرْقِ نَظَرٌ وَلَا الْقُنُوتُ فِيمَا يَظْهَرُ كَالتَّشَهُّدِ.
(وَلِعَجْزٍ) عَنْ نُطْقِهِ بِالتَّكْبِيرِ بِالْعَرَبِيَّةِ (تَرْجَمَا) بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ وَتَعَيَّنَتْ تَرْجَمَتُهُ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَيْهِ لِأَدَائِهَا مَعْنَاهُ فَإِنْ كَانَ عَجْزُهُ لِخَرَسٍ وَنَحْوِهِ أَتَى بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ تَحْرِيكِ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَجَعْلُ قَصْدِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِأَنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ الْبِنَاءُ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَبْنِي فِي ذَلِكَ مُرَادُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّكْمِيلَ بِالْمُرَتَّبِ اهـ (قَوْلُهُ: بِالْأَذَانِ إلَخْ) أَيْ: فَيَصِحُّ فِيهِ الْبِنَاءُ وَإِنْ قَصَدَ التَّكْمِيلَ (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ قَبْلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْرُ الْبَسْمَلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بِخِلَافِهِ م ر (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي عَنْ الْكِفَايَةِ) لَكِنْ قَضِيَّةُ الرَّوْضَةِ خِلَافُ مَا يَأْتِي عَنْ الْكِفَايَةِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ تَرْتِيبُهُ) قَضِيَّتُهُ جَوَازُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَشْهَدُ (قَوْلُهُ: وَتَعَيَّنَتْ تَرْجَمَتُهُ) هَذَا يُشْعِرُ بِإِمْكَانِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَرْجَمَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَحْوُ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: أَتَى بِمَا يُمْكِنُهُ مِنْ تَحْرِيكِ لِسَانِهِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ أَوْ عَقَلَ الْإِشَارَةَ إلَى الْحَرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُحْسِنُ التَّحْرِيكَ عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ فَهُوَ كَنَاطِقٍ انْقَطَعَ صَوْتُهُ فَيَتَكَلَّمُ بِالْقُوَّةِ وَلَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ أَمَّا غَيْرُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَأَوْجَبُوا تَحْرِيكَهُ عَلَى
ــ
[حاشية الشربيني]
نَظْمِهَا الْمَعْرُوفِ فَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْ بِأَنْ قَدَّمَ حَرْفًا عَلَى آخَرَ أَوْ آيَةً عَلَى أُخْرَى نُظِرَ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى ضَرَّ مُطْلَقًا وَبَطَلَتْ مَعَ التَّعَمُّدِ وَالْعِلْمِ إلَخْ. مَا هُنَا وَكَتَبَ شَيْخُنَا ذ قَوْلُهُ: ضَرَّ مُطْلَقًا أَيْ: لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْقِرَاءَةِ سَوَاءٌ مَا قَدَّمَهُ وَمَا أَخَّرَهُ. اهـ. شَيْخُنَا الدَّمْهُوجِيُّ رَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ. (قَوْلُهُ: إلْحَاقُ التَّكْبِيرِ إلَخْ) مَنَعَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ لَا يَصِحُّ إلَّا إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ بِلَفْظِ اللَّهِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَالِمًا بِالْحُكْمِ) لَكِنْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يُؤَخِّرَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَهُوَ خِلَافُ الْوَارِدِ اهـ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَعْرِفَةَ الْبَعْضِ الْقَلِيلِ لَا تُوجِبُ الْبُدَاءَةَ بِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَعْضِ الْقَلِيلِ وَالْبَعْضِ الْكَثِيرِ كَمَا قَالَهُ م ر لَكِنْ هَذَا جَوَابٌ آخَرُ وَالْكَلَامُ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَكْبَرُ اللَّهُ) أَيْ: فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا عِنْدَ الْعَرَبِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْعُبَابِ قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا بِخِلَافِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَإِنْ كُرِهَ فَإِنَّهُ يُسَمَّى تَسْلِيمًا لِانْتِظَامِهِ وَاعْتِبَارِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ سَبَبَ نَفْيِ التَّسْمِيَةِ عَنْ الْأَوَّلِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَثُبُوتُهَا لِلْأَوَّلِ يَعْنِي: اللَّهُ الْأَكْبَرُ اعْتِبَارُ النُّطْقِ بِهِ هَكَذَا فِي كَلَامِهِمْ وَبِهِ يُجَابُ عَنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إنْ كَانَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ يُسَمَّى تَسْلِيمًا فَهَذَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ تَأْخِيرَ أَكْبَرُ يَمْنَعُ الْإِلْبَاسَ فِيهِ لِوُقُوعِهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا يُعَيِّنُ حَمْلَهُ عَلَى الْمَعْنَى اللَّائِقِ بِخِلَافِ تَقْدِيمِهِ فَإِنَّهُ لَا مَانِعَ حِينَئِذٍ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْأَبْلَغِيَّةِ فِي الْجِسْمِ وَنَحْوِهِ مِنْ صِفَاتِ الْحَادِثِ قَبْلَ ذِكْرِ الْجَلَالَةِ فَكَانَ قَبْلَهَا مُلْبِسًا وَلَا كَذَلِكَ فِي السَّلَامِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَتَرْجَمَتُهُ أَوْلَى مَا يُجْعَلُ بَدَلًا عَنْهُ لِأَدَائِهَا مَعْنَاهُ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَتِهِ هُنَا، تَدَبَّرْ. وَفِي شَرْحِ م ر إنَّ الذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ يُقَدَّمُ عَلَى تَرْجَمَةِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَهُمَا اهـ. ثُمَّ
وَلَهَاتِهِ، وَالتَّرْجَمَةُ التَّعْبِيرُ عَنْ لُغَةٍ بِأُخْرَى. وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ (فَذَاكَ رُكْنٌ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: فَالتَّكْبِيرُ وَلَوْ بِتَرْجَمَتِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ رُكْنٌ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ لِخَبَرِ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ» (كَتَشَهُّدٍ) فِي أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْهُ يُتَرْجِمُ. (كَمَا تَرْجَمَ لِلْعَجْزِ الصَّلَاةَ لِلنَّبِيِّ) أَيْ: عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ لَا إعْجَازَ فِيهِمَا أَمَّا الْقَادِرُ فَلَا يُتَرْجِمُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
(وَإِنْ يُطِقْ تَعَلُّمًا) لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (فَلْيَجِبْ) عَلَيْهِ تَعَلُّمُهُ وَلَوْ بِالسَّيْرِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لِدَوَامِ نَفْعِهِ بِخِلَافِ مَاءِ الطُّهْرِ وَلِهَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ آخِرَهُ بِخِلَافِ التَّرْجَمَةِ كَمَا قَالَ. (وَحَيْثُ لَا ضِيقَ) لِلْوَقْتِ عَنْ التَّعَلُّمِ وَالصَّلَاةِ. (فَتَأْخِيرٌ طُلِبْ مِنْهُ) حَتْمًا لِيَتَعَلَّمَ إذْ لَوْ جُوِّزَ بِالتَّرْجَمَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعَلُّمُ أَصْلًا لِعَدَمِ لُزُومِهِ لَهُ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَفِي الْوَقْتِ الثَّانِي مِثْلُهُ وَهَكَذَا وَفَارَقَ الْمَاءَ بِأَنَّ وُجُودَهُ لَا يَتَعَلَّقُ لِفِعْلِهِ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ تَرْجَمَ وَلَا إعَادَةَ إنْ لَمْ يُقَصِّرْ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّأْخِيرُ عَنْ الْوَقْتِ كَمَا وَجَبَ عَلَى وَاجِدِ الْمَاءِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ فِي الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمَاءِ
. (وَ) رُكْنُهَا الثَّالِثُ. (فِي الْفَرْضِ) لِلْقَادِرِ. (الْقِيَامُ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] » وَالتَّصْرِيحُ بِالْفَرْضِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَخَرَجَ بِهِ النَّفَلُ وَسَيَأْتِي وَكَذَا الصَّلَاةُ الْمُعَادَةُ وَصَلَاةُ الصَّبِيِّ لَكِنْ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ فِيهِمَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ فِي الثَّانِيَةِ وَمِثْلُهَا الْأُولَى بَلْ أَوْلَى. (مُنْتَصِبْ) بِنَصْبِهِ حَالًا وَبِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ وَذَلِكَ بِنَصْبِ فَقَارِهِ وَإِنْ أَطْرَقَ رَأْسَهُ أَوْ اعْتَمَدَ شَيْئًا فَلَا يَكْفِي انْحِنَاءٌ يَجْعَلُهُ أَقْرَبَ إلَى الرُّكُوعِ وَلَا اتِّكَاءٌ لَوْ رَفَعَ مَعَهُ قَدَمَيْهِ لَأَمْكَنَهُ الْبَقَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَائِمًا بَلْ مُعَلَّقًا وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ لِلْقِيَامِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ إلَّا بِمُعِينٍ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ.
(ثُمَّ وَلَوْ كَالرَّاكِعِ انْحَنَى ذَا) أَيْ: ثُمَّ إنْ عَجَزَ مُصَلِّي الْفَرْضِ عَنْ الِانْتِصَابِ انْحَنَى وَلَوْ كَانْحِنَاءِ الرَّاكِعِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَامِ وَيَزِيدُ انْحِنَاءَهُ لِرُكُوعِهِ إنْ قَدَرَ لِيَتَمَيَّزَ الرُّكْنَانِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ وَالِاضْطِجَاعُ دُونَ الْقُعُودِ أَتَى بِهِ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ. (ثُمَّ لِيَقْعُدْ) أَيْ: ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِخَوْفِ هَلَاكٍ أَوْ زِيَادَةِ مَرَضٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ دَوْرَانِ رَأْسٍ فِي فُلْكٍ أَوْ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ قَعَدَ كَيْفَ شَاءَ لِخَبَرِ عِمْرَانَ السَّابِقِ وَلِخَبَرِ
ــ
[حاشية العبادي]
نَاطِقٍ لَا يَحْفَظُ شَيْئًا إذْ لَا يُتَقَاعَدُ عَنْ الْأَخْرَسِ خِلْقَةً ثُمَّ قَالَ: وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يُوجِبُ عَلَى أَخْرَسَ لَا يَعْقِلُ الْحَرَكَةَ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بَلْ تَحْرِيكُهُ حِينَئِذٍ نَوْعٌ مِنْ اللَّعِبِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُبْطِلًا حَجَرٌ ش ع وَأَقُولُ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ أَنَّ النَّاطِقَ الَّذِي لَا يَحْفَظُ شَيْئًا إذَا عَقَلَ الْإِشَارَةَ إلَى الْحَرَكَةِ لَزِمَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَلَهَاتِهِ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَمَا فِي الْمَرِيضِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِي الْقِرَاءَةِ وَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَسَائِرِ الْأَذْكَارِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْعَجْزِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَرْجَمَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّ الْعَاجِزَ إلَخْ) لَوْ عَجَزَ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْيَانُ بِذِكْرٍ بَدَلَهُ بَلْ يَجِبُ الْقُعُودُ بِقَدْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ) وَإِلَّا أَعَادَ (قَوْلُهُ: أَقْرَبَ إلَى الرُّكُوعِ) خَرَجَ مَا يَجْعَلُهُ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ أَوْ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِمُعِينٍ وَجَبَ) بِخِلَافِ لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ لَا يَجِبُ م ر وَعِبَارَةُ
ــ
[حاشية الشربيني]
رَأَيْت الرَّشِيدِيَّ كَتَبَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: صَرِيحُهُ تَأَخُّرُ التَّرْجَمَةِ عَنْ الذِّكْرِ الَّذِي أَتَى بِهِ بَدَلًا عَنْ التَّشَهُّدِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ وع ش صَرَفَ عِبَارَتَهُ عَنْ إفَادَةِ ذَلِكَ فَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَيْهِ) أَيْ: مِنْ الْكِتَابَةِ عَنْهُ كَهَذَا اللَّفْظِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: كَمَا تَرْجَمَ إلَخْ) وَيُتَرْجِمُ أَيْضًا لِلدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ الْمَأْثُورَيْنِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ لِخُصُوصِ الْمُصَلِّي الْإِتْيَانُ بِهِمَا كَإِمَامِ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْثُورِ كَأَنْ اخْتَرَعَ ذِكْرًا أَوْ دُعَاءً وَتَرْجَمَهُ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: تَرْجَمَ) لَوْ عَجَزَ عَنْ التَّرْجَمَةِ هَلْ يَنْتَقِلُ إلَى ذِكْرٍ آخَرَ أَوْ يَسْقُطُ التَّكْبِيرُ بِالْكُلِّيَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى عَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ ع ش لَكِنْ جَزَمَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ م ر بِأَنَّهُ يَجِبُ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ التَّكْبِيرُ وَالتَّشَهُّدُ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُتَرْجِمُ) فَإِنْ تَرْجَمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْأَصْلِ أَوْ التَّرْجَمَةِ
(قَوْلُهُ: بِنَصْبِ فَقَارِهِ) أَيْ: وَالِاعْتِمَادِ عَلَى قَدَمَيْهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَمَدَ شَيْئًا) وَلَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ زَالَ لَسَقَطَ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى تَرْكِهِ إلَّا إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ قَائِمٍ بَلْ مُعَلِّقٌ نَفْسَهُ. اهـ. حَجَرٌ وم ر وَيُكْرَهُ الِاسْتِنَادُ إلَّا لِحَاجَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي انْحِنَاءٌ إلَخْ) إلَّا إنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ وَقَادِرًا عَلَى هَذَا الِانْحِنَاءِ فَيَجِبُ. اهـ. حَجَرٌ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: يَزِيدُ انْحِنَاءَهُ) أَيْ: وُجُوبًا إنْ قَدَرَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ زَائِدَةً عَلَى أَكْمَلِ الرُّكُوعِ وَلَوْ فَعَلَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ أَوَّلًا فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إنْ تَعَمَّدَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ
الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى قَاعِدًا» وَلَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ لِلْعُذْرِ. وَأَمَّا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ عِمْرَانَ أَيْضًا «مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» فَوَارِدٌ فِيمَنْ صَلَّى النَّفَلَ كَذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْقُعُودِ وَهَذَا فِي حَقِّنَا أَمَّا فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم فَثَوَابُ نَفْلِهِ قَاعِدًا مَعَ قُدْرَتِهِ كَثَوَابِهِ قَائِمًا وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِيهَا وَلَوْ خَافَ الْغُزَاةُ أَوْ حَارِسُهُمْ رُؤْيَةَ الْعَدُوِّ وَلَوْ قَامُوا صَلَّوْا قُعُودًا وَأَعَادُوا لِنُدْرَةِ الْعُذْرِ وَلَوْ فَعَلُوهُ لِخَوْفِ قَصْدِ الْعَدُوِّ فَالْأَصَحُّ فِي التَّحْقِيقِ لَا إعَادَةَ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ لُزُومَ الْإِعَادَةِ فِي هَذِهِ أَيْضًا لِنُدْرَةِ ذَلِكَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ انْتَهَى.
وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعُذْرَ فِي الثَّانِيَةِ أَعْظَمُ مِنْهُ فِي الْأُولَى. (وَلْيَرْكَعْ) أَيْ: الْقَاعِدُ بِحَيْثُ. (حَاذَى) أَيْ: قَابَلَ. (بِجَبْهَةٍ وَرَاءَ رُكْبَةٍ) لَهُ هَذَا أَقَلُّ الرُّكُوعِ وَأَكْمَلُهُ أَنْ يُحَاذِيَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَهُمَا عَلَى وِزَانِ رُكُوعِ الْقَائِمِ فِي الْمُحَاذَاةِ. وَأَمَّا سُجُودُهُ فَكَسُجُودِ الْقَائِمِ وَلِهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُمَا فَعَلَ الْمُمْكِنَ أَوْ عَنْ السُّجُودِ فَقَطْ أَتَى بِالرُّكُوعِ مَرَّةً لِرُكُوعِهِ وَمَرَّةً لِسُجُودِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَزْيَدَ مِنْ أَكْمَلِ الرُّكُوعِ جَعَلَ الزِّيَادَةَ لِلسُّجُودِ لِيَتَمَيَّزَ الرُّكْنَانِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ النُّهُوضُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ دُونَ قَدَمَيْهِ فَوَجْهَانِ فِي الْمَجْمُوعِ أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ لُزُومُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَامِ وَيُؤَيِّدُهُ وُجُوبُ الْقِرَاءَةِ فِي الْهُوِيِّ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى السَّاقِ لَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ
(وَمَنْ يَخِفُّ) مِنْ عَجْزِهِ. (فِي الرُّكُوعِ قَبْلَ مَا اطْمَأَنْ) أَيْ: قَبْلَ اطْمِئْنَانِهِ فِيهِ. (يَرْفَعْ) نَفْسَهُ.
(لِحَدِّ رَاكِعٍ) وَيَطْمَئِنُّ فِيهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رُكُوعِ الْقَادِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَفَّ بَعْدَ مَا اطْمَأَنَّ؛ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ عَنْ الْقِيَامِ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَوْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى النُّهُوضِ بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَةِ مُمَوَّنِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ اهـ. وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَى النُّهُوضِ بِمُعِينٍ مَا لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ بِعَدَمِ النُّهُوضِ إلَّا بِمُعِينٍ فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزِّيِّ وَيَتَحَصَّلُ مِنْهُ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضِ مُتَّكِئًا عَلَى شَيْءٍ أَنَّ مَنْ قَدَرَ بَعْدَ النُّهُوضِ عَلَى الْقِيَامِ مُعْتَمِدًا عَلَى نَحْوِ جِدَارٍ أَوْ عَصًا لَزِمَهُ أَوْ الْمُعِينِ لَمْ يَلْزَمْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِخَوْفِ قَصْدِ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّهُمْ فِي الْأُولَى فَعَلُوهُ لِغَيْرِ خَوْفِ قَصْدِهِ كَفَسَادِ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا عَلَى وِزَانِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَذَا قِيلَ وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى وِزَانِهِ وَإِنْ كُنْتُ مَشَيْتُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الرَّاكِعَ مِنْ قِيَامٍ لَا يُحَاذِي مَوْضِعَ سُجُودِهِ وَإِنَّمَا يُحَاذِي مَا دُونَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْجُدُ فَوْقَ مَا يُحَاذِيهِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِمُحَاذَاتِهِ ذَلِكَ مُحَاذَاتُهُ لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّظَرِ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَيْ: فَقَطْ فَعَلَ الْمُمْكِنَ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَيَقُومُ وَيَأْتِي بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَيَحْنِي صُلْبَهُ طَاقَتَهُ ثُمَّ رَقَبَتَهُ وَلَوْ بِاعْتِمَادٍ أَوْ مَيْلٍ اهـ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ دُونَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَيُتَّجَهُ أَنْ يَتَعَيَّنَ الْإِيمَاءُ إلَى السُّجُودِ مِنْ قُعُودِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى السُّجُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَرَّةً لِرُكُوعِهِ وَمَرَّةً لِسُجُودِهِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ هُنَا ثُمَّ قَالَ فِي بَحْثِ الِاعْتِدَالِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا نَصُّهُ وَلَوْ عَجَزَ الرَّاكِعُ عَنْ الِاعْتِدَالِ سَجَدَ مِنْ رُكُوعِهِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَسَقَطَ الِاعْتِدَالُ لِتَعَذُّرِهِ اهـ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ قَادِرٌ عَلَى الِاعْتِدَالِ كَالرُّكُوعِ دُونَ السُّجُودِ فَيَرْكَعُ عَنْ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَعْتَدِلُ ثُمَّ يَرْكَعُ عَنْ السُّجُودِ وَفِي الثَّانِي قَادِرٌ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ الِاعْتِدَالِ فَيَأْتِي بِهِمَا وَيَسْقُطُ الِاعْتِدَالُ وَظَاهِرُ سُقُوطِ الِاعْتِدَالِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمُكْثُ بَعْدَ الرُّكُوعِ بِقَدْرِ الِاعْتِدَالِ بِنِيَّةٍ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّةً لِسُجُودِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ هُنَا جَعْلُ أَقَلِّ الرُّكُوعِ لَهُ وَأَكْمَلَهُ لِلسُّجُودِ ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَنَا حَكَاهُ عَنْ شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّا لَوْ كَلَّفْنَاهُ ذَلِكَ فَوَّتْنَا عَلَيْهِ سُنَّةَ الْأَكْمَلِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ وَلَمْ يَرُدَّهُ فِي شَرْحِهِ
(قَوْلُهُ: لِحَدِّ رَاكِعٍ) أَيْ: وَلَا يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَا اطْمَأَنَّ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَالِاضْطِجَاعِ فَقَطْ قَامَ بَدَلَ الْقُعُودِ؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ وَأَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إمْكَانَهُ وَتَشَهَّدَ قَائِمًا وَلَا يَضْطَجِعُ اهـ. فَذِكْرُ هَذَا هُنَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالرَّوْضِ اسْتِطْرَادٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْكَسَلِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَافَ الْقِرَاءَةَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَعْمِيمُ الْعَجْزِ سَابِقًا لِتَنَاوُلِ هَذَا وَوُجُوبُ الْإِعَادَةِ شَيْءٌ آخَرُ اهـ. (قَوْلُهُ: رُؤْيَةَ الْعَدُوِّ) أَيْ: فَيَفْسُدُ تَدْبِيرُهُمْ م ر. (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إلَخْ) يُسْتَفَادُ مِنْ م ر اعْتِمَادُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: أَعْظَمُ) أَيْ: أَشَدُّ ضَرَرًا اهـ. (قَوْلُهُ: فَعَلَ الْمُمْكِنَ) فَيَحْنِي إمْكَانَهُ صُلْبَهُ ثُمَّ رَقَبَتَهُ ثُمَّ رَأْسَهُ ثُمَّ طَرْفَهُ؛ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ ثُمَّ إنْ عَجَزَ عَنْ الِانْحِنَاءِ أَصْلًا أَوْمَأَ بِهِمَا بِرَأْسِهِ مِنْ قِيَامٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقُعُودُ لِلْإِيمَاءِ بِالسُّجُودِ كَمَا يَأْتِي ثُمَّ بِطَرْفِهِ إمْكَانَهُ اهـ. قَالَ سم وَلَكِنْ يَنْبَغِي الْقُعُودُ لِلتَّشَهُّدِ اهـ. خَالَفَ أَيْضًا فِي حَاشِيَةِ الشَّارِحِ قَوْلَ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقُعُودُ اهـ. (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِلِاعْتِدَالِ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ إلَى حَدِّ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ قَاعِدٌ ثُمَّ يَقُومُ مُنْتَصِبًا لِلِاعْتِدَالِ قَائِمًا وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إذَا قَدَرَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ
قَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِلِاعْتِدَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ بِالْمَقْدُورِ يَأْتِي. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ صَلَّى مُضْطَجِعًا. (عَلَى) أَيِّ. (جَنْبٍ يَشَا) مُتَوَجِّهًا بِمُقَدَّمِهِ الْقِبْلَةَ لِخَبَرِ عِمْرَانَ السَّابِقِ. (قُلْتُ:) الْجَنْبُ. (الْيَمِينُ) لِفَضْلِهِ. (فُضِّلَا) عَلَى الْيَسَارِ بَلْ يُكْرَهُ عَلَى الْيَسَارِ بِلَا عُذْرٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الِاضْطِجَاعِ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا. (لِظَهْرٍ) أَيْ: عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ. (وَلِجُرْحٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: صَلَّى عَلَى ظَهْرِهِ لِعَجْزٍ وَلِجُرْحٍ وَهُوَ مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي بِلَا حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَجَزَ بِهِ عَنْ الْقِيَامِ أَغْنَى عَنْهُ مَا قَبْلَهُ أَوَّلًا لَكِنَّهُ مِمَّا يُدَاوَى بِالِاسْتِلْقَاءِ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ. (أَوْمَا) أَيْ: لِضَرَرٍ. (بِهِ) أَيْ: بِالِاسْتِلْقَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْكَلَامِ. (يُدَاوَى) بِقَوْلِ طَبِيبٍ ثِقَةٍ كَمَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ وَالْإِفْطَارُ بِهِ. وَأَمَّا نَهْيُ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْهُ لَمَّا اسْتَفْتَاهُمْ فَلَمْ يَصِحَّ نَعَمْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: افْعَلْ ذَلِكَ فَكَرِهَهُ وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ وَعَدَلَ النَّاظِمُ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي " وَالرَّمَدُ " إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الرَّمَدِ وَلِأَنَّ نُزُولَ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ الَّذِي هَذَا عِلَاجُهُ لَا يُسَمَّى رَمَدًا أَيْ: حَقِيقَةً وَإِلَّا فَيُسَمَّاهُ مَجَازًا. (وَبِرَأْسٍ أَوْمَا) كُلٌّ مِنْ الْمُضْطَجِعِ وَالْمُسْتَلْقِي. (إلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إتْمَامُهُمَا وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَرِّبَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ مَا أَمْكَنَ وَيَكُونَ سُجُودُهُ. (أَنْزَلَا) مِنْ رُكُوعِهِ. (مَا دَامَ) ذَلِكَ. (مُمْكِنًا) لِيَتَمَيَّزَا. (كَفِي) تَنَفُّلُ (الرَّاكِبِ) عَلَى دَابَّةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْإِيمَاءُ بِهِمَا بِأَنْ يَنْحَنِيَ لَهُمَا إلَى الطَّرِيقِ وَيَكُونَ سُجُودُهُ أَنْزَلَ مِنْ رُكُوعِهِ إنْ أَمْكَنَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ إتْمَامَهُمَا عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ أَوْ سَرْجِهَا مَشَقَّةً وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْلُغَ غَايَةَ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ. (لَا) إنْ كَانَ الرَّاكِبُ. (فِي مَرْقَدٍ) يَسْهُلُ فِيهِ إتْمَامُهُمَا فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ لِانْتِفَاءِ الْمَشَقَّةِ. (ثُمَّتَ) بِتَاءِ التَّأْنِيثِ إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ أَوْمَأَ. (بِالْأَجْفَانِ ثُمَّ)
ــ
[حاشية العبادي]
فَلَوْ قَامَ فِي هَذِهِ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ جَازَ. صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِرّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَلْزَمُ الِانْتِقَالُ إلَى حَدِّ الرَّاكِعِينَ صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا انْتَقَلَ مُنْحَنِيًا وَمَنَعَهُ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ مُنْتَصِبًا وَعَلَى الْأُولَى يُحْمَلُ إطْلَاقُ الرَّوْضَةِ الْجَوَازَ وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ الْمَنْعَ اهـ.
(قَوْلُهُ: الرَّاكِعِينَ جَازَ) صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِرّ. (قَوْلُهُ: مُتَوَجِّهًا بِمُقَدَّمِهِ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ اهـ وَعَبَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِلْقَاءِ الْآتِيَةِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يَرْفَعَ وِسَادَتَهُ لِيَتَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ الْقِبْلَةَ وَقَضِيَّتُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِاضْطِجَاعِ التَّوَجُّهُ بِمُقَدَّمِ بَدَنِهِ وَبِوَجْهِهِ جَمِيعًا وَفِي الِاسْتِلْقَاءِ التَّوَجُّهُ بِالْوَجْهِ فَقَطْ مَعَ أَنَّ الْقَائِمَ وَالْقَاعِدَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوَجُّهُ بِوَجْهِهِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَأَوْمَأَ رَاكِعًا بِالسُّجُودِ أَخْفَضَ طَاقَتِهِ اهـ وَبِذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فِي تَنَفُّلِ الرَّاكِبِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْلُغَ غَايَةَ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِالْأَجْفَانِ) لَوْ فَعَلَ بِجَفْنِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَالظَّاهِرُ الْكِفَايَةُ بِرّ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الرُّكُوعِ لَزِمَهُ الْقِيَامُ لِيَهْوِيَ مِنْهُ إلَى الرُّكُوعِ اهـ. فَلِمَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِيَامُ رَاكِعًا لِيَنْتَصِبَ مِنْهُ لِلِاعْتِدَالِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِقَوْلِ طَبِيبٍ) وَلَوْ نَفْسَهُ اهـ. (قَوْلُهُ: مَا أَمْكَنَ) لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَنْزَلَ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ غَايَةُ طَاقَتِهِ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ طَاقَتِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ كَانَ أَزْيَدَ مِمَّا فَعَلَ لَكِنْ إذَا قَدَرَ بَعْدَ فِعْلِ طَاقَتِهِ فِي الرُّكُوعِ عَلَى أَزْيَدَ وَجَبَ لِلسُّجُودِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: ثَمَّتْ) قِيلَ: إنَّهَا تَخْتَصُّ بِعَطْفِ الْجُمَلِ لَكِنْ يُخَالِفُهُ قَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ ثَمَّةَ أَفْعَالُ جُمُوعِ قِلَّةٍ فَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ: بِالْأَجْفَانِ) وَمِنْ لَازِمِهِ الْإِيمَاءُ بِحَاجِبِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ هُنَا إيمَاءٌ لِلسُّجُودِ أَنْزَلَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ لِظُهُورِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فِي الْإِيمَاءِ بِالرَّأْسِ دُونَ الطَّرْفِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيْ: كَالْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ هُنَا
إنْ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِالْأَجْفَانِ. (جَرَى فِي الْقَلْبِ بِالْأَرْكَانِ) بِأَنْ يُمَثِّلَ نَفْسَهُ قَائِمًا وَرَاكِعًا وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فَإِنْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ أَجْرَى الْقُرْآنَ وَالْأَذْكَارَ عَلَى قَلْبِهِ وَلَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ مَا دَامَ عَقْلُهُ بَاقِيًا كَالْإِيمَانِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْأَرْكَانِ بِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ كَانَ أَوْلَى.
(وَعَاجِزٌ يَقْدِرُ) بِأَنْ زَالَ عَجْزُهُ. (أَوْ مَنْ قَدَرَا يَعْجِزُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا بِأَنْ زَالَتْ قُدْرَتُهُ. (بِالْمَقْدُورِ) لَهُ مِنْ الصَّلَاةِ. (يَأْتِي) وَلَا اسْتِئْنَافَ. (وَقَرَا) وُجُوبًا مَنْ عَجَزَ فِي قِيَامِهِ أَوْ قُعُودِهِ عَنْهُ. (مَعَ الْهُوِيِّ) لِلْقُعُودِ أَوْ الِاضْطِجَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا بَعْدَهُ وَالْهُوِيُّ بِضَمِّ الْهَاءِ السُّقُوطُ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَآخَرُونَ بِفَتْحِهَا وَصَاحِبُ الْمَطَالِعِ بِفَتْحِهَا السُّقُوطُ وَبِضَمِّهَا الصُّعُودُ وَالْخَلِيلُ هُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى. (لَا النُّهُوضِ) فَلَا يَقْرَأُ مَعَهُ مَنْ خَفَّ مِنْ مَرَضِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِيمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ. (وَ) قَامَ وُجُوبًا إنْ قَدَرَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ. (لَأَنْ يَرْكَعَ) أَيْ: لِلرُّكُوعِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الطُّمَأْنِينَةُ فِي هَذَا الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِنَفْسِهِ وَإِنْ اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ الْفَاتِحَةِ فِي حَالِ الْكَمَالِ وَإِنْ قَدَرَ فِي الرُّكُوعِ فَقَدْ مَرَّ وَالْأَلْيَقُ ذِكْرُهُ هُنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ثَمَّةَ لِتَعَلُّقِهِ بِرُكُوعِ الْقَاعِدِ. (أَوْ) قَدَرَ فِي اعْتِدَالِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الطُّمَأْنِينَةِ قَامَ لِيَعْتَدِلَ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِالْمَقْدُورِ يَأْتِي أَوْ بَعْدَهَا قَامَ لَأَنْ (يَقْنُتَ) إنْ أَرَادَ الْقُنُوتَ وَكَانَ فِي مَحَلِّهِ وَالْقِيَامُ لَهُ عِنْدَ إرَادَتِهِ وَاجِبٌ فَلَوْ قَنَتَ قَاعِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (لَا لِيَسْجُدَنْ) أَيْ: لَا يَقُومُ لِيَسْجُدَ بَلْ يَسْجُدُ عَنْ قُعُودٍ؛ لِأَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ قَصِيرٌ فَلَا يُمَدُّ زَمَنُهُ فَقَوْلُهُ (قَامَ) عَامِلٌ فِي لَأَنْ يَرْكَعَ أَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) كَانَ وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجْرِي بِالْأَرْكَانِ الْقَوْلِيَّةِ إذَا قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ بِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ يَشْمَلُ غَيْرَ الْأَرْكَانِ مِنْ السُّنَنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قُعُودِهِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْقِيَامِ أَوْ الْقُعُودِ. (قَوْلُهُ: لِلْقُعُودِ) فِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: الِاضْطِجَاعِ) فِي الثَّانِي. (قَوْلُهُ: لَا النُّهُوضِ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْبِنَاءِ بَعْدَ الْقِيَامِ إذَا لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَنَّ السُّكُوتَ الْعَمْدَ الطَّوِيلَ قَاطِعٌ وَلَوْ لِعَارِضٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الطُّمَأْنِينَةُ) لَكِنْ يَجُوزُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ وَهُوَ جَائِزٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُحِبَّ إلَخْ) هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ قِرَاءَةُ السُّورَةِ إذَا قَدَرَ قَبْلَ قِرَاءَتِهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الِاسْتِحْبَابُ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ) فِي قَوْلِهِ وَمَنْ يَخِفُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لَا يَقُومُ لِيَسْجُدَ إلَخْ) أَيْ: لَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا ثُمَّ قَالَ: وَقَضِيَّةُ الْمُعَلَّلِ جَوَازُ الْقِيَامِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ مَنْعُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ اهـ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ بَلْ الْأَوْجَهُ جَوَازُ الْقِيَامِ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالسُّجُودُ أَنْزَلُ كَسَابِقِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُمَثِّلَ نَفْسَهُ) وَلَا يَلْزَمُ اتِّسَاعُ الزَّمَنِ بِحَيْثُ يَسَعُ تِلْكَ الْأَفْعَالَ لَوْ كَانَ قَادِرًا وَفَعَلَهَا بَلْ حَيْثُ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا كَأَنْ مَثَّلَ نَفْسَهُ رَاكِعًا وَمَضَى زَمَنٌ بِقَدْرِ الطُّمَأْنِينَةِ كَفَى ع ش. (قَوْلُهُ: قَائِمًا وَرَاكِعًا) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي وَيَسْقُطُ الِاعْتِدَالُ فَلَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى تَمْثِيلِهِ مُعْتَدِلًا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَقَلَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَحْرِيكُ شَفَتَيْهِ وَلِسَانِهِ وَلَهَاتِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْخَادِمِ خِلَافَهُ اهـ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَإِنْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ إلَخْ) لَمَّا كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا فِي الْفَجْرِ عَنْ الْأَرْكَانِ الْفِعْلِيَّةِ وَكَانَ قَوْلُهُ: ثَمَّ جَرَى بِالْأَرْكَانِ بَعْدَهُ مُفِيدًا أَنَّهُ يَجْرِي بِالْأَرْكَانِ وَلَوْ قَوْلِيَّةً لَمْ يَعْجِزْ عَنْهَا فِي الْقَلْبِ مَتَى عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْفِعْلِيَّ لِعُمُومِ الْأَرْكَانِ لِلْقَوْلِيِّ دَفَعَ ذَلِكَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ إلَخْ فَقَصَرَ الْأَرْكَانَ عَلَى الْأَفْعَالِ وَلِذَا قَالَ وَلَوْ عَبَّرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَقَرَأَ وُجُوبًا) فَلَوْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اهـ. ذ
(قَوْلُهُ: مَنْ خَفَّ) وَلَا الْقَادِرُ فِي النَّفْلِ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَالَ شَيْخُنَا ذ: لِأَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ الْقِيَامَ كَأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِهِ فَيَلْزَمُ أَيْضًا بِتَأْخِيرِ الْقِرَاءَةِ إلَيْهِ اهـ وَلَا يَرِدُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّي النَّفَلَ قَائِمًا وَكَبَّرَ حَالَ قِيَامِهِ قَبْلَ انْتِصَابِهِ قَائِمًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ م ر لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرِ فَلَمْ يَلْتَزِمْ بَعْدَ تَحَقُّقِ الصَّلَاةِ شَيْئًا فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّهُ بِتَمَامِ التَّكْبِيرِ تَبَيَّنَ دُخُولُهُ مِنْ أَوَّلِهِ قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّ م ر قَالَ: إنَّ وَالِدَهُ أَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّ الْمُتَنَفِّلَ إذَا أَرَادَ الْجُلُوسَ وَجَبَ قِرَاءَتُهُ هَاوِيًا؛ لِأَنَّ الْهُوِيَّ أَكْمَلُ مِنْ الْجُلُوسِ كَمَا فِي الْفَرْضِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِي هُوِيِّهِ لِلْجُلُوسِ وَوُجُوبِ تَأْخِيرِهَا إلَى الْقِيَامِ إذَا أَرَادَ الِانْتِصَابَ عَنْ الْجُلُوسِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ جَوَّزَ الْإِحْرَامَ فِي هُوِيِّهِ لِلِانْتِصَابِ اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا تُجْزِئُ فِي النَّفْلِ الْقِرَاءَةُ فِي نُهُوضِهِ إلَى قِيَامِهِ وَلَا فِي هُوِيِّهِ مِنْهُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فِيهِمَا وَلِغَيْرِهِ كَحَجَرٍ فِي الثَّانِي وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الْجُلُوسِ الْجَائِزِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ فَوَاتُ الِاسْتِقْرَارِ وَيَلْزَمُهُ مَنْعُ تَكْبِيرِ التَّحَرُّمِ فِي النُّهُوضِ اهـ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا طَالَ الْجُلُوسُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يُسَنُّ جِلْسَةٌ يَسِيرَةٌ