المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[بيان ما يوجب القضاء الشامل لإعادة الصلاة] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: ‌[بيان ما يوجب القضاء الشامل لإعادة الصلاة]

لَهُ فَضْلُهَا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا»

وَقَدْ نُقِلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَلْخِيصِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ حُصُولُهُ إذَا كَانَ نَاوِيًا الْجَمَاعَةَ لَوْلَا الْعُذْرُ، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَحَلِّي وَغَيْرُهُمَا، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مُتَعَاطِي السَّبَبِ كَأَكْلِ بَصَلٍ وَثُومٍ، وَكَوْنِ خُبْزِهِ فِي الْفُرْنِ. وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَطَرٍ وَمَرَضٍ، وَجَعَلَ حُصُولَهَا لَهُ كَحُصُولِهَا لِمَنْ حَضَرَهَا لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ فِي أَصْلِهَا لِئَلَّا يُنَافِيَهُ خَبَرُ الْأَعْمَى.

ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لِلْإِعَادَةِ فَقَالَ: (وَلْيَقْضِ) وُجُوبًا الصَّلَاةَ (مُقْتَدٍ بِغَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمَ مِنْهُ بُطْلَهَا) كَحَدَثٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِارْتِبَاطِ بِالْبَاطِلِ مَعَ التَّقْصِيرِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ:(أَوْ اعْتَقَدْ) مِنْهُ بُطْلَهَا، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِمَامُ صِحَّتَهَا سَوَاءٌ كَانَ اخْتِلَافُ اعْتِقَادِهِمَا لَا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْفُرُوعِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَمَالَهَا تَعَيَّنَ الْبُطْلَانُ أَمْ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا (كَحَنَفِيٍّ عَلِمَ) الشَّافِعِيُّ الَّذِي (اقْتَدَى) بِهِ (بِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ) رُكْنًا كَالطُّمَأْنِينَةِ، أَوْ شَرْطًا كَتَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ لِبُطْلَانِهَا فِي اعْتِقَادِهِ كَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِبْلَةِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِيمَا إذَا اعْتَقَدَ صِحَّتَهَا وَإِنْ اعْتَقَدَ إمَامُهُ بُطْلَانَهَا اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ كَشَافِعِيٍّ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ افْتَصَدَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِزِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ. (لَا إنْ فَصَدَا) أَيْ: الْحَنَفِيُّ بِمَعْنَى افْتَصَدَ، وَاسْتُشْكِلَ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ بِمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

يَحْتَجْ لِقَائِدٍ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَكَهُ) أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ: أَوْ اعْتَقَدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ أَعَمُّ مِنْ الْعِلْمِ لَكِنَّ الْعُذْرَ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالِاعْتِقَادِ أَنْ يَعْتَقِدَ الْبُطْلَانَ مِنْ حَيْثُ اجْتِهَادُ نَفْسِهِ كَمَا فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْأَوَانِي، أَوْ مِنْ حَيْثُ اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ فِي الْفُرُوعِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةً فِي اعْتِقَادِهِ، وَغَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ النَّاشِئِ عَمَّا ذَكَرْنَاهُ بِخِلَافِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِدَادَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ أَصْلًا، ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ لَا مُصْطَلَحُ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ الْحُكْمِ الْجَازِمِ لِغَيْرِ دَلِيلٍ كَذَا بِخَطِّ الشِّهَابِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ أَعَمُّ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ إدْرَاكٌ جَازِمٌ يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ، وَالْعِلْمَ إدْرَاكٌ جَازِمٌ لَا يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ فَهُمَا مُتَقَابِلَانِ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ الْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ الْأَوَّلُ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ الْغَالِبَ وَالِاعْتِقَادَ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ الْمُصْطَلَحَ قَدْ يُوجَدُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلْمُقَلِّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَغْنَى) أَيْ: لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الِاعْتِقَادِ حُكْمُ الْعِلْمِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ أَعْلَى مِنْهُ سم (قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ بِرّ. (قَوْلُهُ. لَا إنْ فَصَدَ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبَحَثَ جَمْعٌ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا نَسِيَ لِتَكُونَ نِيَّتُهُ جَازِمَةً وَقَدْ يُنَافِيه تَعْلِيلُ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ بِالتَّلَاعُبِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالْعِلْمِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ فِي نَفْسِهِ تَلَاعُبٌ فَلَا يُنَافِي التَّقْيِيدَ بِالنِّسْيَانِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يُنْسَبُ التَّلَاعُبُ إلَى فِعْلِ مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ قَصْدُهُ.

وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُقْتَدِي بِالِافْتِصَادِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ أَمَّا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ افْتِصَادَهُ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَظَاهِرٌ صِحَّةُ صَلَاتِهِ مُطْلَقًا إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَبَيَّنَ حَدَثَ الْإِمَامِ بَلْ هُوَ دُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْرَمَ عَالِمًا بِالْحَدَثِ إنْ تَصَوَّرَ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِتَلَاعُبِهِ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَصَدَ) أَيْ: وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ نَسِيَ الِافْتِصَادَ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ تَعَمُّدَهُ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى افْتَصَدَ) قَضِيَّتُهُ بِنَاءُ فَصَدَ لِلْفَاعِلِ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِأَنَّهَا لَا تَحْصُلُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَجِبْ أَيْ: لِتُحَصِّلَ الْفَضِيلَةَ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ. ا. هـ

[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ: عَلِمَ مِنْهُ بُطْلَانَهَا) أَيْ: لِعِلْمِهِ أَنَّ اجْتِهَادَهُ، أَوْ اجْتِهَادَ مُقَلَّدِهِ بِالْفَتْحِ أَدَّاهُ أَيْ: أَدَّى إمَامَهُ إلَى بُطْلَانِهَا حِينَئِذٍ فَهُوَ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ مُطَابِقٌ لِلْوَاقِعِ لِدَلِيلٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ قَطْعِيَّةً فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَلْيَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَغْنَى عَنْهُ) أَيْ: لِعِلْمِهِ بِالْأَوْلَى هَذَا مُرَادُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَصَدَ) أَيْ: وَنَسِيَ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ نَسِيَ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عِلْمَهُ بِهِ. ا. هـ قَالَ سم: فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ بَعْدَ كَلَامٍ ذَكَرَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْحَدَثَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ عَلِمَ الْإِمَامُ حَالَ نَفْسِهِ، أَوْ جَهِلَهُ، وَحَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْفَصْدَ فَإِنْ عَلِمَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ، وَإِنْ جَهِلَهُ صَحَّ عَلِمَ الْإِمَامُ، أَوْ لَا فَتَأَمَّلْهُ. ا. هـ وَقَوْلُنَا: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ عَلِمَهُ بِهِ فَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ فَصْدَهُ، ثُمَّ صَلَّى إمَامًا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ نَسِيَ وَإِنْ فُرِضَ دُخُولُ الْحَنَفِيِّ فِي الصَّلَاةِ عَالِمًا بِالْفَصْدِ. ا. هـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ لَا إنْ فَصَدَ) أَيْ: وَقَدْ نَسِيَ فَصْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ جَازِمٌ بِالنِّيَّةِ

ص: 412

وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهِمَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ دُونَ الْحَنَفِيِّ، وَجَازَ لَهُ بِكُرْهٍ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْقَاصِرِ فِي الْإِقَامَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ هُنَا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا، بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْجُمْلَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا فَلَا إعَادَةَ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهُ فَذَاكَ أَوْ شَكَّ فَالظَّاهِرُ إتْيَانُهُ بِهِ مُحَافَظَةً عَلَى الْكَمَالِ عِنْدَهُ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ اعْتِقَادِهِ الْوُجُوبَ، وَإِنَّمَا ضَرَّ فِي الْإِمَامِ الْمُوَافِقِ لِعِلْمِ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِهَا عِنْدَهُمَا.

(وَ) لِيَقْضِ (مَا) أَيْ: صَلَاةً ثَبَتَ (لَهَا تَعَيُّنُ الْبُطْلَانِ) فِي اعْتِقَادِهِ (مِثْلُ اخْتِلَافِ) اجْتِهَادِ (الْجَمْعِ فِي أَوَانِ) أَحَدِهَا نَجِسٍ (وَبِالتَّحَرِّي اسْتَعْمَلُوا) بِأَنْ اسْتَعْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا ظَنَّ طَهَارَتَهُ (أَوْ) مِثْلُ (سَمْعِ صَوْتٍ يَكُونُ نَاقِضًا) لِلْوُضُوءِ (مِنْ جَمْعِ) أَيْ: سَمِعَهُ مِنْ بَيْنِ جَمْعٍ، وَتَنَاكَرُوهُ، (وَفِي صَلَاةٍ اقْتَدَى) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّهُ اقْتَدَى (بِكُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهُمْ (كُلٌّ) مِنْهُمْ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَمْ يَظُنَّ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ غَيْرِهِ أَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ غَيْرِ الْأَخِيرِ (قَضَى) كُلٌّ مِنْهُمْ (آخِرَ مَا يُصَلِّي مُقْتَدِيًا) لِتَعَيُّنِهِ لِلْبُطْلَانِ بِاعْتِقَادِهِ لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ مَا قَبْلَ الْآخِرِ، فَلَوْ كَانُوا خَمْسَةً، وَالْأَوَانِي كَذَلِكَ قَضَى كُلٌّ مِنْهُمْ الْعِشَاءَ إلَّا إمَامَهَا فَيَقْضِي الْمَغْرِبَ، فَلَوْ كَانَ النَّجِسُ اثْنَيْنِ قَضَوْا الْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ إلَّا إمَامَ الْمَغْرِبِ فَيَقْضِي الْعَصْرَ، وَالْعِشَاءَ، وَإِمَامَ الْعِشَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَلْيُنْظَرْ سَبَبُهُ وَالْوَجْهُ الْبِنَاءُ لِلْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: وَجَازَ لَهُ بِكُرْهٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ مِنْ نِيَّةِ الْحَنَفِيِّ الْإِقَامَةَ بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ الْحُكْمُ بِالْجَوَازِ إلَّا فِي حَقِّ الْعَالِمِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ وَإِنْ قَصَّرَ بِهِ) أَيْ: وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ هَذَا الْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ نِيَّةَ الْقَصْرِ جَهْلٌ بِحُكْمِ اللَّهِ فِي اعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ كَسُجُودِ الْحَنَفِيِّ فِي سَجْدَةِ {ص} [ص: 1] . اهـ. أَقُولُ إنْ كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ نِيَّةُ الْقَصْرِ مَعَ الْجَهْلِ بِتَأْثِيرِ الْإِقَامَةِ الْمَذْكُورَةِ اتَّضَحَ هَذَا الْجَوَابُ، وَاتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ هُنَا وَعَدَمِهِ فِيمَا إذَا اقْتَدَى بِمَنْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِلَّا لَمْ يَتَّضِحَ الْجَوَابُ وَيُشْكِلُ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ إذْ كَيْفَ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مَعَ اعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَلَا تَصِحُّ مَعَ اعْتِقَادِهِ لُزُومَ الْقَضَاءِ مَعَ الصِّحَّةِ وَهَذَا الْإِشْكَالُ يَرُدُّ عَلَى جَوَابِ الشَّارِحِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْقَصْرَ هُنَا مِنْ جِنْسِ مَا لَا قَضَاءَ فِيهِ مُطْلَقًا فَكَفَى فِيهِ الصِّحَّةُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ ضَرَّتْ مَعَ الْجَهْلِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ جَهْلٍ مُسْتَنَدُهُ الِاجْتِهَادُ، وَبَيْنَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً إلَخْ) هَذَا لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ مِمَّا يَعْتَقِدُ الْمُخَالِفُ أَنَّ الْكَمَالَ فِي تَرْكِهِ فَلَا يَرَى الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ احْتَاطَ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْمُرَاعَاةَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَمَا) عَطْفٌ عَلَى مَفْعُولِ يَقْضِي السَّابِقِ بِرّ. (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلُ سَمْعِ صَوْتٍ) لَوْ تَكَرَّرَ الصَّوْتُ لَمْ يَكُنْ كَتَعَدُّدِ الْأَوَانِي النَّجِسَةِ لِاحْتِمَالِ تَكَرُّرِهِ مِنْ وَاحِدٍ بِرّ. (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمْ) فَاعِلُ اقْتَدَى

ــ

[حاشية الشربيني]

وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ إذْ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَحَمَّلُ ذَلِكَ الْإِمَامُ عَنْ الْمَأْمُومِ كَغَيْرِهِ، وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِهِ رَاكِعًا. ا. هـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَا إنْ فَصَدَ) أَيْ: لَا يُمَثِّلُ بِالْحَنَفِيِّ إنَّ اُفْتُصِدَ لِمَنْ يَعْتَقِدُ الْمَأْمُومُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. (قَوْلُهُ: يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْجُمْلَةِ) أَوْرَدَ عَلَى هَذَا فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ حَالَةُ ضَرُورَةٍ. ا. هـ ح ل. (قَوْلُهُ: مُحَافَظَةً عَلَى الْكَمَالِ عِنْدَهُ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَهُ مِنْ الْكَمَالِ، وَلَا مِمَّا يُطْلَبُ عِنْدَهُ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ فَلَا يَكُونُ الظَّاهِرُ الْإِتْيَانُ بِجَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ، وَإِنْ جَازَ الْإِتْيَانُ بِهِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: مِثْلُ اخْتِلَافِ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الظَّاهِرُ أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَإِلَّا فَلَوْ اشْتَبَهَ خَمْسَةٌ بِوَاحِدٍ عَلَى خَمْسَةٍ لَمْ يَتَأَتَّ التَّعْيِينُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَاقِي هُوَ النَّجَسُ فَلَا إعَادَةَ عَلَى أَحَدٍ، وَأَنْ يَكُونَ النَّجَسُ وَاحِدًا كَمَا قَالَ: وَإِلَّا تَغَيَّرَ الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَأَنْ يَقَعَ ذَلِكَ لِجَهْلٍ، أَوْ نِسْيَانٍ بِأَنْ نَسِيَ كُلٌّ أَنَّهُ اقْتَدَى بِثَلَاثَةٍ، ثُمَّ ائْتَمَّ بِالرَّابِعِ، أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ بِالرَّابِعِ لِتَعَيُّنِ إمَامِهِ لِلنَّجَاسَةِ وَأَنْ يَظُنَّ طَهَارَةَ إنَائِهِ فَقَطْ أَيْ: وَلَمْ يَظُنَّ مِنْ أَحْوَالِ الْآنِيَةِ الْبَاقِيَةِ شَيْئًا بِأَنْ لَمْ يَظُنَّ طَهَارَةَ بَعْضِ الْبَاقِي، وَلَا نَجَاسَتَهُ عَلَى التَّعْيِينِ، وَإِلَّا تَغَيَّرَ الْحُكْمُ فَلْيُتَأَمَّلْ، (قَوْلُهُ: قَضَى كُلٌّ مِنْهُمْ الْعِشَاءَ إلَّا إمَامُهَا فَيَقْضِي الْمَغْرِبَ) أَيْ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ عَدَمِ النَّجَاسَةِ بِزَعْمِهِمْ أَيْ: بِاعْتِبَارِ اقْتِدَائِهِمْ بِمَنْ عَدَاهُمْ وَإِنَّمَا عَوَّلُوا عَلَى التَّعْيِينِ

ص: 413

فَيَقْضِي الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ (كَمِثْلِ أَنْ يَقْتَدِيَا بِمَنْ دَرَى) أَيْ: عَلِمَ (إحْدَاثَهُ) ، وَلَازَمَهُ حَتَّى تَيَقَّنَ عَدَمَ طُهْرِهِ (وَ) لَكِنَّهُ (نَسِيَا) حَدَثَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِتَقْصِيرِهِ، (أَوْ) يَقْتَدِي بِمَنْ (عِنْدَهُ حَتْمٌ قَضَاءُ تِلْكَا) الصَّلَاةِ. وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ بُطْلَانَهَا كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَالْمُقِيمِ الْمُتَيَمِّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ، وَلَوْ كَانَ الْمُقْتَدِي مِثْلَهُ إذْ هِيَ لِحَقِّ الْوَقْتِ لَا لِلِاعْتِدَادِ بِهَا فَأَشْبَهَتْ الْبَاطِلَةَ.

(وَبِاَلَّذِي) أَيْ: أَوْ يَقْتَدِي بِاَلَّذِي. (ائْتَمَّ) حَالَ ائْتِمَامِهِ (وَمَنْ) أَيْ: أَوْ بِمَنْ (قَدْ شُكَّا فِيهِ) أَيْ: فِي كَوْنِهِ مُؤْتَمًّا إذْ لَا يَجْتَمِعُ وَصْفَا الِاسْتِقْلَالِ وَالتَّبَعِيَّةِ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «أَنَّ النَّاسَ اقْتَدَوْا بِأَبِي بَكْرٍ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُقْتَدِينَ بِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا، وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي مَرَضِ وَفَاتِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنْ صَحَّ هَذَا كَانَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ كَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ، وَلَوْ ظَنَّ كُلٌّ مِنْ مُصَلِّيَيْنِ أَنَّهُ مَأْمُومٌ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مُقْتَدٍ بِمَنْ يَقْصِدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، أَوْ إمَامٌ صَحَّتْ، أَوْ شَكَّا فَلَا، أَوْ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَازَمَهُ حَتَّى إلَخْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُلَازِمْهُ كَذَلِكَ جَازَ لَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: كَمَا يَجُوزُ الْحَمْلُ عَلَى الْغَالِبِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ) أَيْ: الْمُقْتَدِي بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدَهُ إلَيْهَا) رَاجِعَةٌ لِلْمَأْمُومِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْفَصْدِ السَّابِقَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: لَا إنْ فَصَدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَعْتَقِدُ لُزُومَ الْقَضَاءِ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَخْذًا مِنْ الْجَوَابِ السَّابِقِ فِيهَا بِأَنَّ الْمَأْمُومَ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ لَا يَرَى وُجُوبَ الْقَضَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَقْتَدِي بِمَنْ عِنْدَهُ حَتْمًا قَضَاءُ تِلْكَ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُخَالِفًا لَا يَرَى الْقَضَاءَ بِمِثْلِ هَذَا فَيُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْفَصْدِ السَّابِقَةِ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يُجَوِّزُ عَدَمَ الْقَضَاءِ بِالتَّيَمُّمِ فِي الْجُمْلَةِ. اهـ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ اعْتِقَادَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقَصْرَ مُطْلَقًا لَا يَقْتَضِي الْقَضَاءَ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ قَدْ يَقْتَضِيه. (قَوْلُهُ: كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ) يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ فَإِنْ جَهِلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ بَانَ حَدَثُ إمَامِهِ فَإِنَّ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ مُحْدِثٌ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُقِيمُ الْمُتَيَمِّمُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَيْضًا فَإِنْ جَهِلَهُ فَلَا قَضَاءَ كَمَا لَوْ بَانَ الْحَدَثُ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ، أَوْ فِي مَعْنَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَإِنْ جَهِلَ الْمَأْمُومُ، وَيَخْتَصُّ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا بِمَا إذَا لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ مَعَ الْحَدَثِ وَيُفَرَّقُ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَدْ شَكَّا فِيهِ) لَا يُشْكِلُ عَلَى صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ شَكَّ أَنَّهُ أُمِّيٌّ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ هُنَا يَرْجِعُ لِلشَّكِّ فِي النِّيَّةِ، وَهُوَ أَضْيَقُ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ وَلِأَنَّ الشَّخْصَ إمَامًا، أَوْ مُؤْتَمًّا مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ يَظْهَرُ وَيُعْلَمُ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْأُمِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَدْ شَكَّا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا هَجَمَ فَإِنْ اجْتَهَدَ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ وَاقْتَدَى بِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَمَا يُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ وَالثَّوْبِ وَالْأَوَانِي شَرْحُ الرَّوْضِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْقَرَائِنَ قَدْ تُفِيدُ الظَّنَّ بَلْ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ إمَامٌ فَسَقَطَ مَا قِيلَ: لَا مَجَالَ لِلْعَلَامَةِ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَنَّ كُلٌّ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ لَكِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ نَوَاهُ فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الشَّكِّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الِانْفِرَادِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَبْطُلُ إنْ تَابَعَ مُتَابَعَةً مُضِرَّةً وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَرَدُّدُ صَاحِبِهِ أَيْضًا كَتَرَدُّدِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَعْلَمُ تَرَدُّدَ صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ، أَوْ إمَامٌ فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمَجْمُوعِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْهَامِشِ وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِيمَنْ شَكَّ وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إمَامٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالزَّعْمِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْأَمْرِ مَنُوطًا بِظَنِّ الْمُبْطِلِ الْمُعَيَّنِ، وَلَمْ يُوجَدْ بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِالِاجْتِهَادِ إلَى جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَلَا مُبَالَاةَ بِوُقُوعِ مُبْطِلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي فِعْلِ الْمُكَلَّفِ صَوْنُهُ عَنْ الْإِبْطَالِ مَا أَمْكَنَ فَاضْطُرُّوا إلَى اعْتِبَارِ فِعْلِهِ، وَفِعْلُهُ يَسْتَلْزِمُ الِاعْتِرَافَ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْأَخِيرِ فَكَانَ مُؤَاخَذًا بِذَلِكَ. ا. هـ ح ل. ا. هـ بج.

وَقَدْ يُقَالُ: يَأْتِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ صَلَّى إلَى الْجِهَاتِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى صَلَاتِهِ إلَى جِهَةٍ مِنْهَا تُعَيِّنُ غَيْرَهَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ فِي الْقِبْلَةِ مُكَلَّفٌ بِالِاجْتِهَادِ ابْتِدَاءً، وَعِنْدَ التَّغَيُّرِ لِوُجُودِ الِاحْتِمَالِ، وَالِاجْتِهَادُ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالتَّوَجُّهِ لِمَا ظَهَرَ خَطَؤُهُ، وَإِنْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ الِاحْتِمَالُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَازَمَهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ رَأَى عَلَى ثَوْبِ فَاسِقٍ نَجَاسَةً، ثُمَّ رَآهُ يُصَلِّي صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَهُ يُخِلُّ بِحَرْفٍ مِنْ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ رَآهُ يُصَلِّي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَأَفْتَى حَجَرٌ فِي الْأُولَى بِالصِّحَّةِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي الطَّهَارَةِ لِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ صِحَّةُ صَلَاتِهِ. (قَوْلُهُ: بِمَنْ عِنْدَهُ) أَيْ: عِنْدَ الْمُقْتَدِي لَا عِنْدَ الْمُقْتَدَى بِهِ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ الْحَنَفِيُّ الَّذِي اُفْتُصِدَ فَإِنَّ الْقَضَاءَ عِنْدَهُ حَتْمٌ لَا عِنْدَ الْمُقْتَدِي، وَلَا يَرِدُ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْحَنَفِيِّ الْقَاصِرِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِي لَا يَرَى الْقَضَاءَ فِي جِنْسِهَا فِي الْجُمْلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: بِمَنْ يَقْصِدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، أَوْ إمَامٌ إلَخْ)، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ مَعَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي ظَنُّهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّا) أَيْ: شَكَّ كُلٌّ أَنَّهُ مَأْمُومٌ، أَوْ إمَامٌ فَلَا. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ: شَكَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ، وَظَنَّ

ص: 414

لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَالْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ بِنَاءً عَلَى طَرِيقِ الْعِرَاقِيِّينَ.

أَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْمَرَاوِزَةِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ فِي الشَّكِّ فِي النِّيَّةِ (وَبِالْأُمِّيِّ مَنْ لَا أَحْسَنَا الْحَمْدُ أَوْ بَعْضًا، وَلَوْ حَرْفًا) أَيْ: أَوْ يَقْتَدِي بِالْأُمِّيِّ وَهُوَ (هُنَا) مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ مَأْمُومٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِشَكِّهِ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ، أَوْ مَتْبُوعٌ. اهـ.

وَبِهَذَا التَّعْلِيلِ يُفَارِقُ الشَّكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَرِدِ فَإِنْ تَابَعَ مُتَابَعَةً مُضِرَّةً ضَرَّ، وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ وُجُودَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُمَا، وَلَا بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ هُنَا كَاحْتِمَالِ الِانْفِرَادِ ثَمَّ بِجَامِعِ الِاسْتِقْلَالِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَكَانَ يَنْبَغِي الصِّحَّةُ هُنَا لَكِنْ لَا يُتَابِعُ الْمُتَابَعَةَ الْمُؤَثِّرَةَ وَالْوَجْهُ تَقْيِيدُ الْبُطْلَانِ هُنَا بِمَا إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَابَعَ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَابَعَةَ لِذَلِكَ مُبْطِلَةٌ وَلَوْ مَعَ السَّهْوِ وَالْجَهْلِ أَمَّا إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ، وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يُنَافِي وَاحِدًا مِنْهُمَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ لَكِنْ لَا يُتَابِعُ بَعْدَ الشَّكِّ مَعَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ وَعَلَى هَذَا يَنْدَفِعُ النَّظَرُ الْمَذْكُورُ لِاسْتِوَاءِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلْيَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ، أَوْ مُضِيِّ رُكْنٍ مَعَ الشَّكِّ) وَبَيْنَ انْتِفَاءِ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْآخَرُ أَنَّهُ إمَامٌ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ مَأْمُومٌ وَبَقِيَ مَا لَوْ ظَنَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إمَامٌ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ مَأْمُومٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الصِّحَّةُ فِي ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ اقْتِدَاءِ كُلٍّ بِمَنْ يَقْصِدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. ا. هـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَنْقَلِبْ شَكُّهُ ظَنًّا قَبْلَ مُضِيِّ رُكْنٍ، أَوْ طُولِ الزَّمَنِ. اهـ ش ق.

(قَوْلُهُ: وَبِالْأُمِّيِّ إلَخْ) حَاصِلُ مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَحَوَاشِيهِ أَنَّ الْأُمِّيَّ وَاللَّاحِنَ بِمَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى فِي الْفَاتِحَةِ إنْ كَانَ لَا يُحْسِنُهَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِ عَلِمَ أَوْ لَا، أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ أَوْ لَا، فَإِنْ تَبَيَّنَ فِي الْأَثْنَاءِ كَذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الْمَأْمُومُ، أَوْ بَعْدَهَا اسْتَأْنَفَ أَيْضًا، وَتَصِحُّ صَلَاةُ ذَلِكَ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّعَلُّمُ، وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مِثْلِهِ بِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا الْقُدْوَةُ بِهِ وَلَوْ لِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ اللَّاحِنُ الْمُغَيِّرُ يُحْسِنُهَا صَحَّتْ الْقُدْوَةُ بِهِ، وَوَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِ عِنْدَ رُكُوعِهِ بِلَا إعَادَةِ مَا لَحَنَ فِيهِ عَلَى الصَّوَابِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ هَذَا إنْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَهَا فَقَدْ تَمَّتْ صَحِيحَةً فَإِنْ فُرِضَ وَعَلِمَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ امْتَنَعَتْ الْقُدْوَةُ بِهِ، وَأَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا إنْ تَعَمَّدَ، أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ، وَتَذَكَّرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَرَكَعَ وَلَمْ يُعِدْهَا عَلَى الصَّوَابِ هَذَا حُكْمُ الْمُغَيِّرِ لِلْمَعْنَى، فَإِنْ كَانَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى صَحَّتْ الصَّلَاةُ وَالْقُدْوَةُ بِهِ مُطْلَقًا هَذَا حُكْمُ اللَّحْنِ فِي الْفَاتِحَةِ.

أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ اللَّاحِنِ الْمُغَيِّرِ إلَّا إنْ تَعَمَّدَ، وَكَانَ عَالِمًا، أَوْ قَادِرًا عَلَى التَّعَلُّمِ، وَعَلِمَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَحَنَ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَمْتَنِعُ الْقُدْوَةُ بِهِ حَيْثُ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ مَضَتْ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَا إعَادَةَ فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا صَحَّتْ الْقُدْوَةُ خَلْفَهُ تَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ جَمْعٌ نَفِيسٌ قَرَّرَهُ الْأُسْتَاذُ الْقُوَيْسِنِيُّ رحمه الله وَنَقَلَهُ عَنْهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ الْفُضَلَاءُ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى مَنْ جَمَعَهُ وَكَتَبَهُ وَفَهِمَهُ وَلَطَفَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَتَذَكَّرَ قَبْلَ الرُّكُوعِ إلَخْ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَدَارَكْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ: أَمَّا فِي غَيْرِهَا إلَخْ شَامِلٌ لِلتَّشَهُّدِ، وَلَا شَيْءَ حِينَئِذٍ فِي الِاقْتِدَاءِ لِمَنْ يُحْسِنْهُ بِمَنْ لَا يُحْسِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ، وَلَا يَحْتَاطُ لَهُ احْتِيَاطَ التَّحَرُّمِ وَالتَّحَلُّلِ بِدَلِيلِ عَدَمِ وُجُوبِ تَرْتِيبِهِ سم، وَفِي الْإِمْدَادِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَالنِّهَايَةِ ل م ر بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ اقْتِدَاءِ مَنْ يُحْسِنُ نَحْوَ التَّكْبِيرِ، أَوْ التَّشَهُّدِ، أَوْ السَّلَامِ بِالْعَرَبِيَّةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُهَا بِهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ لَا مَدْخَلَ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ فِيهَا فَلَمْ يَنْظُرْ لِعَجْزِهِ عَنْهَا، وَأَمَّا التَّشَهُّدُ فَإِنْ دَخَلَ عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ سَلَامِهِ أَيْ: الْمَأْمُومِ فَلَا إعَادَةَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ سَلَامِهِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَسَلَّمَ وَلَا إعَادَةَ أَيْضًا، وَإِنْ عَلِمَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ انْتَظَرَهُ لَعَلَّهُ يُعِيدُهُ عَلَى الصَّوَابِ فَإِذَا سَلَّمَ وَلَمْ يُعِدْهُ سَجَدَ الْمَأْمُومُ لِلسَّهْوِ أَيْضًا، وَحُكْمُ السَّلَامِ كَالتَّشَهُّدِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ كَلَامٍ طَوِيلٍ وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ الْإِخْلَالُ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَلَاةِ الْمُؤْتَمِّ وَلَوْ كَانَ يُحْسِنُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا دَخْلَ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ فِيهَا. اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَهُمْ مَثَّلَ لِلَّحْنِ الْغَيْرِ الْمُغَيِّرِ بِفَتْحِ بَاءِ نَعْبُدُ وَأَطْلَقَ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا كَسَرَ مَعَ ذَلِكَ نُونَهُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ م ر وَحَجَرٌ وَإِلَّا نَعْبَدُ يَعْبَدُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْبَاءِ فِي الْمُضَارِعِ، وَمِثْلُهُ فَتْحُ النُّونِ وَالْبَاءِ يَأْتِي بِمَعْنَى غَضِبَ وَنَدِمَ وَأَنْكَرَ وَلَامَ نَفْسَهُ، وَجَرَّبَ، وَحَرَصَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. ا. هـ وَاعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ اغْتِفَارِ اللَّحْنِ الْمُغَيِّرِ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْعَجْزِ، أَوْ الْجَهْلِ، أَوْ النِّسْيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ بَلْ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ حَتَّى إذَا سَهَا بِهِ وَكَانَ يَسِيرًا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَأَمَّا فِي الْفَاتِحَةِ فَلَا يَضُرُّ مَعَ الْعَجْزِ دُونَ غَيْرِهِ إلَّا إذَا تَفَطَّنَ لِلصَّوَابِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ وم ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ سم وَمُقْتَضَاهُ اغْتِفَارُ الْكَثِيرِ فِي الْفَاتِحَةِ مَعَ الْعَجْزِ، وَلَا يَجِبُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ بَلْ لَا يَصِحُّ فَلْيُرَاجَعْ.

وَقَوْلُهُ: أَمَّا فِي غَيْرِهَا إلَخْ قَالَ الشَّرْقَاوِيُّ الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ السُّورَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ قَيَّدَ فِيهَا بِالْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ مَا وَقَعَ فِيهِ اللَّحْنُ حِينَئِذٍ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ وَشَرْطُهُ إبْطَالُ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ فِيهِ فِي الْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّهَا رُكْنٌ وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِنَحْوِ نِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ. ا. هـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا وَقَعَ فِيهِ ذَلِكَ اللَّحْنُ قَلِيلًا عُرْفًا وَإِلَّا ضَرَّ مُطْلَقًا وَأَنَّ

ص: 415

أَوْ بَعْضَهَا، وَلَوْ حَرْفًا، أَوْ شَدَّةً (سِوَاهُ) وَهُوَ مَنْ يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ، أَوْ مَا جَهِلَهُ إمَامُهُ مِنْهَا، وَلَوْ فِي السَّرِيَّةِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ وَهَذَا لَا يَصْلُحُ لِلتَّحَمُّلِ.

وَكَذَا مَنْ يُصَلِّي بِسَبْعِ آيَاتٍ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي بِالذِّكْرِ، فَلَوْ عَجَزَ إمَامُهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِخَرَسٍ فَارَقَهُ بِخِلَافِ عَجْزِهِ عَنْ الْقِيَامِ لِصِحَّةِ اقْتِدَاءِ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ، بِخِلَافِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأَخْرَسِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ، وَخَرَجَ بِسِوَاهُ مِثْلُهُ فَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا نُقْصَانًا كَالْمَرْأَتَيْنِ وَلَا يُشْكِلُ بِمَنْعِ اقْتِدَاءِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهِ بِمِثْلِهِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا، ثُمَّ مَثَّلَ لِلْأُمِّيِّ بِقَوْلِهِ (كَالْأَرَتِّ) بِالْمُثَنَّاةِ (أَوْ كَالْأَلْثَغِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَفَسَّرَهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (مُدْغِمُ أَوْ مُبْدِلُ مَا لَا يَنْبَغِي) إدْغَامُهُ، أَوْ إبْدَالُهُ، وَلَوْ اقْتَدَى أَلْثَغُ بِمَنْ يُخَالِفُهُ لُثْغَةً لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْبَحْرِ، وَمِثْلُهُ اخْتِلَافُ الرُّتَّةِ وَلَوْ اقْتَدَى بِمَنْ لَا يَعْرِفُ فِي صَلَاةٍ سِرِّيَّةٍ جَازَ حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ إلَّا الْقَارِئُ، كَمَا يَجُوزُ حَمْلُ الْأَمْرِ عَلَى الْغَالِبِ فِي أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ، أَوْ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ فَلَمْ يَجْهَرْ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَارِئًا لَجَهَرَ فَلَوْ سَلَّمَ وَقَالَ: أَسْرَرْت سَهْوًا أَوْ لِكَوْنِهِ جَائِزًا لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ لَكِنَّهَا تُسَنُّ.

(أَوْ اقْتَدَى بِمُشْكِلٍ وَأُنْثَى رَجُلٌ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: سِوَاهُ) فَاعِلُ يَقْتَدِي (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ) قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِحُدُوثِ الْخَرَسِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ أَعَادَ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْخَرَسِ نَادِرٌ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْحَدَثِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: مَنْ فِي لِسَانِهِ رُتَّةٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: كَالْأَلْثَغِ) مَنْ فِي لِسَانِهِ لُثْغَةٌ بِضَمِّ اللَّازِمِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ جَهْرِهِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَطَالَ الزَّمَنُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِسْرَارَ سَهْوٌ أَوْ لِجَوَازِهِ وَقَدْ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ مَعَ أَنَّ الْأُمِّيَّ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إمَامٌ وَأَنَّهُ قَدْ يُخْبِرُهُ بَعْدَ السَّلَامِ بِأَنَّهُ إمَامٌ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يُتَصَوَّرُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ أَسَرَّ فِي جَهْرِيَّةٍ أَعَادَ أَيْ: الْمَأْمُومُ لَا إنْ قَالَ أَيْ: الْإِمَامُ بَعْدَ الْفَرَاغِ نَسِيت أَيْ: الْجَهْرَ وَصَدَّقَهُ الْمَأْمُومُ فَلَا إعَادَةَ. اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ إسْرَارَ الْإِمَامِ حَالَ الصَّلَاةِ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعَادَةِ حَيْثُ أَخْبَرَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ الْفَرَاغِ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَسَرَّ لِنَحْوِ النِّسْيَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ عِلْمُهُ حَالَ الصَّلَاةِ أَثَّرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّشَهُّدَ كَالْفَاتِحَةِ لَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ يُخَالِفُهَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَدَّةً) أَيْ: أَصْلَهَا فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِيهَا لَكِنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ. ا. هـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي السِّرِّيَّةِ) وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّعَلُّمِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي السِّرِّيَّةِ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَارِئًا، وَتَبَيَّنَ عَدَمُ قِرَاءَتِهِ فِي السِّرِّيَّةِ لِعُذْرِ الْمَأْمُومِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ قِرَاءَتِهِ فِي السِّرِّيَّةِ مَعَ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّحَمُّلِ لِكَوْنِهِ قَارِئًا، أَمَّا لَوْ تَرَكَ الْجَهْرَ فِي الْجَهْرِيَّةِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ قَارِئٍ فَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ فِيهَا لَا يَخْفَى ش م ر. (قَوْلُهُ: فَارَقَهُ) أَيْ: وَجَبَ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِتَنْقَطِعَ الْقُدْوَةُ الصُّورِيَّةُ. ا. هـ شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ اقْتِدَاءِ الْقَارِئِ بِالْأَخْرَسِ)، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِمَامَ بِصَدَدِ تَحَمُّلِ الْفَاتِحَةِ عَنْ الْمَأْمُومِ وَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا لَا يَتَحَمَّلُهَا بِخِلَافِ الْقِيَامِ لَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ هَكَذَا ظَهَرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِثْلُهُ) وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ أَخْرَسَ بِمِثْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْخَرَسُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضًا لِلْجَهْلِ بِتَمَاثُلِهِمَا لِجَوَازِ أَنْ يُحْسِنَ أَحَدُهُمَا مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ لَوْ كَانَا نَاطِقَيْنِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْخَرَسِ الطَّارِئِ، وَيُوَجَّهُ فِي الْأَصْلِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا قُوَّةٌ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ نَاطِقًا أَحْسَنَ مَا لَا يُحْسِنُهُ الْآخَرُ. ا. هـ سم.

وَهُوَ ظَاهِرٌ لِجَوَازِ أَنْ يُبَدِّلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: مُدْغِمٌ إلَخْ) فَكُلُّ أَرَتًّ أَلْثَغُ، وَلَا عَكْسَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْأَرَتِّ مِنْ الْإِبْدَالِ قَبْلَ الْإِدْغَامِ كَذَا قِيلَ: وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلْأَرَتِّ الَّذِي يَبْطُلُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْبُطْلَانِ أَنْ يُبْدِلَ ذَالًا فَالْإِدْغَامُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ يَتَأَتَّى فِي تَشْدِيدِ كَافِ مَالِكِ، أَوْ لَامِهَا لَكِنْ لَا بُطْلَانَ كَمَا فِي م ر ثُمَّ الْإِبْدَالُ مُضِرٌّ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى كَمَا فِي التُّحْفَةِ. ا. هـ. (قَوْلُهُ: بِمَنْ يُخَالِفُهُ لُثْغَةً) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الِاتِّفَاقِ، وَالِاخْتِلَافِ بِالْحَرْفِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ فَلَوْ أَبْدَلَ أَحَدُهُمَا السِّينَ تَاءً وَالْآخَرُ زَايًا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ مَحَلِّ الْحَرْفِ فَلَوْ لَمْ يُحْسِنْ أَحَدُهُمَا الرَّاءَ فِي كَلِمَةٍ أَحْسَنَهَا الْآخَرُ فِيهَا وَعَجَزَ عَنْهَا فِي غَيْرِهَا لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ. ا. هـ شَيْخُنَا خ ص عَنْ الْخَطِيبِ وَقَرَّرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْقُوَيْسِنِيُّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ) صَرَّحَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ بِالْبُطْلَانِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ) فِي شَرْحِ م ر بَعْدَ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الْبَحْثُ عَنْ حَالِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْعُبَابِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَإِنْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. ا. هـ قَالَ سم وَعَدَمُ

ص: 416

أَوْ مُبْهَمُ حَالَ) أَيْ: (خُنْثَى) مُشْكِلٌ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فِي الْأَرْبَعِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» مَعَ خَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا» فِي اقْتِدَاءِ الرَّجُلِ بِهَا، وَلِاحْتِمَالِ أُنُوثَةِ الْمُشْكِلِ فِي اقْتِدَاءِ الرَّجُلِ بِهِ، وَاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ مَعَ تَحَقُّقِ أُنُوثَةِ الْإِمَامِ فِي اقْتِدَائِهِ بِالْأُنْثَى، وَمَعَ احْتِمَالِهَا فِي اقْتِدَائِهِ بِمُشْكِلٍ آخَرَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ لُزُومِ الْقَضَاءِ فِي اقْتِدَاءِ أُنْثَى بِمُشْكِلٍ أَوْ أُنْثَى، وَاقْتِدَاءِ رَجُلٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ مُشْكِلٍ بِرَجُلٍ (وَلَيْسَ يَسْقُطُ الْقَضَاءُ إنْ ظَهَرْ نَفْيُ اخْتِلَالِ كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرْ) كَأَنْ بَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ إمَامًا، أَوْ الْخُنْثَى رَجُلًا لِوُقُوعِهَا عَلَى التَّرَدُّدِ.

(وَ) يَقْضِي أَيْضًا (بِبَيَانِ الْكُفْرِ) الظَّاهِرِ مِنْ إمَامِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ مَعَ الْأَمَارَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْكُفْرِ الْخَفِيِّ، وَلَوْ اقْتَدَى بِمَنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الصَّلَاةِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى إسْلَامِهِ وَلَمْ يَبِنْ خِلَافُهُ لَكِنَّهُ يُسَنُّ فَإِنْ بَانَ خِلَافُهُ بِإِخْبَارِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَلَوْ اقْتَدَى بِمَنْ أَسْلَمَ فَقَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ: لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت حَقِيقَةً أَوْ كُنْت أَسْلَمْت، ثُمَّ ارْتَدَدْت فَلَا قَضَاءَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَرْدُودٌ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَغَيْرِهِ (وَ) بِبَيَانِ (الْأُنُوثَهْ وَالِاقْتِدَا بِالْغَيْرِ) أَيْ: بِغَيْرِ الْإِمَامِ أَيْ: بِالْمُؤْتَمِّ (وَالْخُنُوثَهْ) ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ لَا تَخْفَى غَالِبًا (أَوْ بَانَ) إمَامُهُ (ذَا أُمِّيَّةٍ) أَيْ: أُمِّيًّا لِظُهُورِ نَقْصِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمُحْدِثَ كَمَا سَيَأْتِي. وَالْمَجْنُونُ كَالْأُمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَوْ كَانَ لَهُ حَالَتَا جُنُونٍ وَإِفَاقَةٍ، أَوْ إسْلَامٍ وَرِدَّةٍ وَاقْتَدَى بِهِ، وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ حَالَيْهِ اقْتَدَى فَلَا قَضَاءَ لَكِنَّهُ يُسَنُّ (لَا) إنْ بَانَ إمَامُهُ (قَائِمَا بِزَائِدٍ) سَهْوًا وَكَانَ قَدْ تَابَعَهُ فِيهِ جَاهِلًا فَلَا قَضَاءَ لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ فَتُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ إنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

وَإِنْ لَمْ تُحْسَبْ لِلْإِمَامِ فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَدَارَكَ بَاقِيَ صَلَاتِهِ حَتَّى فِي الْجُمُعَةِ فَيُضِيفُ إلَيْهَا أُخْرَى كَمَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا بَلْ أَوْلَى، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَهُ فِي رُكُوعِ الزَّائِدِ لَا تُحْسَبُ لَهُ الرَّكْعَةُ وَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ قَائِمًا (أَوْ) بَانَ إمَامُهُ (مُحْدِثًا) ، وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِحَدَثِ

ــ

[حاشية العبادي]

بَعْدَهَا أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ شَيْخِنَا الشِّهَابِ قَوْلُهُ فَلَوْ سَلَّمَ وَقَالَ: أَسْرَرْت إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ صُورَةَ هَذَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقْتَدِي عَالِمًا بِحَالِهِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ. اهـ. فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا أَفَادَهُ هَذَا مِنْ لُزُومِ الْإِعَادَةِ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ بَعْدَ السَّلَامِ بِأَنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِأَنَّ إسْرَارَهُ لِنَحْوِ جَوَازِهِ، وَبَيْنَ عَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ فِيمَا لَوْ صَلَّى خَلْفَ مُخَالِفٍ وَشَكَّ فِي تَرْكِهِ بَعْضَ الْوَاجِبَاتِ كَالْبَسْمَلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَالُهُ كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ مِنْ كَلَامِهِمْ لَائِحٌ وَمِنْهُ أَنَّ هُنَا قَرِينَةً عَلَى الْأُمِّيَّةِ وَهِيَ الْإِسْرَارُ فِي مَوْضِعِ الْجَهْرِ، وَلَيْسَ ثَمَّ قَرِينَةٌ عَلَى تَرْكِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِحْبَابِهَا، وَالِاحْتِيَاطِ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ) أَيْ: وَلَا تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ وَإِنْ عَلِمَ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ لَا أَثَرَ لِلْمُبْطِلِ مَعَ الِاحْتِمَالِ، وَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ بَعْدَ السَّلَامِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ حِينَئِذٍ بِتَرْكِ الْجَهْرِ وَتَرْكِ الْإِخْبَارِ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ) وَإِلَّا وَجَبَتْ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ بَانَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ بَانَ الْإِنَاءُ النَّجِسُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ، أَوْ بَانَ كَوْنُ الْحَنَفِيِّ تَوَضَّأَ بَعْدَ الْمَسِّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ صُورَةَ الْحَنَفِيِّ شَامِلَةٌ لِمَا إذَا جَهِلَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ الْمَسِّ وَفِيهِ نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: وَبِبَيَانِ الْكُفْرِ) لَوْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ عَقِبَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْمُتَابَعَةِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ كَمَا لَوْ ظَنَّ الْإِمَامَ أَحْرَمَ فَأَحْرَمَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمَ إحْرَامِهِ فَإِنَّ إحْرَامَهُ لَا يَنْعَقِدُ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ نَعَمْ رَأَيْت فِي الدَّمِيرِيِّ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْمُومِ التَّصْرِيحَ بِالِاعْتِقَادِ مُنْفَرِدًا بِرّ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) وَجْهُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ كُفْرٌ فَلَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ. (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) ؛ لِأَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ مَا يُكَذِّبُهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: بِغَيْرِ الْإِمَامِ) فَالْمَعْنَى: وَبَيَانُ أَنَّهُ اقْتَدَى إمَامُهُ بِالْغَيْرِ أَيْ: بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا قَائِمًا بِزَائِدٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذَا فِي عَدَمِ الْقَضَاءِ مَا لَوْ بَانَ مُخَالِفًا تَارِكًا لِبَعْضِ الْوَاجِبَاتِ بِرّ. (قَوْلُهُ: سَهْوًا) وَكَذَا عَمْدًا م ر (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْدِثًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: إذَا بَانَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ حَدَثُ إمَامِهِ، أَوْ تَنَجُّسُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الصِّحَّةِ لَا يُوَافِقُ جَوَابَهُ عَنْ تَقْيِيدِ السُّبْكِيّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ عَدَمَ جَهْرِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِي يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ خَلْفَهُ ظَاهِرًا، ثُمَّ بَعْدَهَا إنْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ تَبَيَّنَّا مُوَافَقَةَ الظَّاهِرِ لِلْبَاطِنِ فَلَا إعَادَةَ وَإِلَّا بِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ لَهُ وَلَوْ ظَنًّا لِلْقَرِينَةِ فَلَزِمَتْ الْإِعَادَةُ. ا. هـ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا نَصُّهُ وَيَجِبُ الْبَحْثُ بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ حَالِ مَنْ أَسَرَّ فِي جَهْرِيَّةٍ، وَلَا تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ فِي الْأَثْنَاءِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ عِنْدَ الِاقْتِدَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْخَلَلَ. اهـ.

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ إذْ لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَهُ لَمْ يَتَأَتَّ هَذَا التَّعْلِيلُ فَلَعَلَّهُمَا قَوْلَانِ فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ عَلَى التَّرَدُّدِ) وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْقَضَاءِ فِيمَا لَوْ ظَنَّهُ رَجُلًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ خُنْثَى مُشْكِلًا، ثُمَّ اتَّضَحَ بَعْد ذَلِكَ كَوْنُهُ رَجُلًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ سِيَّمَا إنْ لَمْ يَمْضِ قَبْلَ تَبَيُّنِ الرُّجُولِيَّةِ رُكْنٌ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا وَهُوَ مَا لَوْ اقْتَدَى خُنْثَى بِامْرَأَةٍ يَظُنُّهَا رَجُلًا، ثُمَّ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى. ا. هـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ

(قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْخَفِيِّ الْآتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِهِ الْبَحْثَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَالِ الْإِمَامِ وَقَدْ يُقَالُ: الْأُمُورُ الَّتِي قَلَّ أَنْ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ يُنْسَبُ تَارِكُهَا إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِالْمُؤْتَمِّ) بَيَانٌ لِغَيْرِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْدِثًا) مَا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ عِلْمٌ بِهِ وَلَمْ يَغِبْ عَنْهُ غَيْبَةً

ص: 417

نَفْسِهِ إذْ لَا أَمَارَةَ فَلَا تَقْصِيرَ وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمَ وَأَحْرَمَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ كَمَا أَنْتُمْ، ثُمَّ خَرَجَ وَاغْتَسَلَ وَرَجَعَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِعَادَةِ» (أَوْ) بَانَ (كَاتِمَا لِكُفْرِهِ) إذْ لَا أَمَارَةَ فَلَا تَقْصِيرَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ أَقْوَى دَلِيلًا لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْصُوصُ. وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ: وُجُوبُ الْقَضَاءِ كَالْمُعْلِنِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ. (وَلَا إذَا بَانَ مَعَهْ نَجَاسَةٌ تَخْفَى) إذْ لَا تَقْصِيرَ أَيْضًا بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ أَنَّهَا كَالْخَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يَخْفَى وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ يُوَافِقُهُ.

وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إنَّهُ أَقْوَى وَحَمَلَ فِيهِ وَفِي تَصْحِيحِهِ كَلَامَ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَيْت (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ (فِي جُمُعَهْ) فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي كَغَيْرِهَا إنْ زَادَ الْإِمَامُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُتَطَهِّرًا وَالْمَأْمُومُونَ مُحْدِثِينَ فِيهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانُوا عَبِيدًا أَوْ نِسَاءً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ، وَأَقَرَّاهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُتَيَمِّمِ، وَمَاسِحِ الْخُفِّ وَالْقَاعِدِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَارَقَهُ قَالَ فِي فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يُغْنِي عَنْ الْمُفَارَقَةِ تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ قَطْعًا بَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ خَلْفَ مَنْ عَلِمَ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: نَجَاسَةٌ تَخْفَى) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ، أَوْ فِي ظَاهِرِهِ وَالْمَأْمُومُ بَعِيدٌ لَا يَرَاهُ، أَوْ فِي أَعْلَى عِمَامَتِهِ، وَهُوَ قَائِمٌ وَالْمَأْمُومُ قَاعِدٌ لَا يَرَاهُ، وَالظَّاهِرَةُ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ فِي ظَاهِرِ الثَّوْبِ وَالْمَأْمُومُ قَرِيبٌ. اهـ. وَالثَّانِيَةُ قَدْ جَعَلَهَا الرُّويَانِيُّ مِنْ الظَّاهِرَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ. (قَوْلُهُ: فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ)

ــ

[حاشية الشربيني]

يُمْكِنُ فِيهَا طُهْرُهُ فَإِنْ غَابَ كَذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَلَا إعَادَةَ كَمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ إذَا تَنَجَّسَ فَمُهَا، وَغَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا طُهْرُ فَمِهَا أَنَّهُ لَا طَهَارَةَ، وَلَا تَنْجِيسَ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ عَدَمِ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ هُنَا نَعَمْ إنْ مَنَعَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ مَعَ الْعَمْدِ وَصُوِّرَتْ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا ظَهَرَتْ الْفَائِدَةُ فَلْيُحَرَّرْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر مَعَ الْمِنْهَاجِ لَا جُنُبًا، أَوْ مُحْدِثًا لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ وَلِهَذَا لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ، ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَلَمْ يَحْتَمِلْ تَطْهِيرَهُ لَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ. اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُكَلَّفِ أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَى الصَّلَاةِ إلَّا بِطَهَارَةٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْهِرَّةُ وَإِنَّمَا مُنِعَ التَّنْجِيسُ لِلِاحْتِمَالِ وَلَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْدِثًا) ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَخْفَى عَلَى الْمَأْمُومِ كَتَرْكِ النِّيَّةِ، وَكَوْنِهِ مَأْمُومًا وَنِيَّةِ إقَامَةٍ مُبْطِلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ، أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ فِي الْأَوْلَى إنْ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ فِي صُورَةِ الصَّلَاةِ، وَفَضْلُ الْجَمَاعَةِ حَاصِلٌ لِلْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ. ا. هـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ كَانَ إمَامُهُ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ، أَوْ السُّتْرَةِ فَكَمَا لَوْ بَانَ أُمِّيًّا فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَانَ الْخَطِيبُ فِي الْجُمُعَةِ قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ كَانَ كَمَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ مُحْدِثًا بِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ شَرْطٌ فِي الْخُطْبَةِ، وَيُغْتَفَرُ فِي الشَّرْطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الرُّكْنِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ بَيَانَ الْقُدْرَةِ عَلَى السُّتْرَةِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا سَبَقَ. ا. هـ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ.

وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ، وَذَاكَ شَرْطٌ فِيمَا هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهَا كَذَا بِهَامِشِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُحْدِثًا) مَا لَمْ يَسْبِقْ لَهُ عِلْمٌ بِهِ كَأَنْ أَحْدَثَ بِحَضْرَتِهِ، وَلَمْ يَغِبْ عَنْهُ غَيْبَةً يُمْكِنُ التَّطَهُّرُ فِيهَا فَاقْتَدَى بِهِ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ. ا. هـ ش ق وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا نِسْيَانٌ لِلْحَدَثِ لَا جَهْلٌ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الرَّوْضَةِ قَالَ: هُوَ إذَا لَمْ يَعْرِفْ حَدَثَ الْإِمَامِ أَصْلًا فَإِنْ عَلِمَ، وَلَمْ يَتَفَرَّقَا وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ نَاسِيًا وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ قَطْعًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي بَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ا. هـ وَلَعَلَّهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فَانْظُرْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ) عِلْمِهِ وَقِيلَ: تَبْطُلُ حِينَئِذٍ. ا. هـ رَوْضَةٌ.

(قَوْلُهُ: فَأَشَارَ إلَيْهِمْ) كَمَا أَنْتُمْ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ حِينَئِذٍ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ مِنْ صَلَاةٍ إلَى إبْطَالٍ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ كَذَلِكَ لَا تَجِبُ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ نَعَمْ يَلْزَمُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ، أَمَّا إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَبَقِيَتْ صُورَةُ الصَّلَاةِ بِدَوَامِ الْإِمَامِ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، وَلَا يَكْتَفِي بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لِدَوَامِ الصُّورَةِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: نَجَاسَةٌ تَخْفَى) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الظَّاهِرَةَ هِيَ الْعَيْنِيَّةُ، وَالْخَفِيَّةَ هِيَ الْحُكْمِيَّةُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، وَلَا بَيْنَ الْقَائِمِ وَالْقَاعِدِ، وَلَا بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ، وَلَا بَيْنَ بَاطِنِ الثَّوْبِ، وَظَاهِرِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. ا. هـ بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. وَالْعَيْنِيَّةُ مَا لَهَا أَحَدُ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُتَطَهِّرًا إلَخْ) فَتَحْصُلُ الْجُمُعَةُ لِلْإِمَامِ، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمِنْهَاجِ، وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ جُنُبًا، أَوْ مُحْدِثًا صَحَّتْ جُمُعَتُهُمْ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَمَّ الْعَدَدُ بِغَيْرِهِ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِهِ: وَمِثْلُ ذَلِكَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ بَانَ الْمَأْمُومُونَ، أَوْ بَعْضُهُمْ مُحْدِثِينَ فَتَحْصُلُ الْجُمُعَةُ لِلْإِمَامِ، وَالْمُتَطَهِّرِ مِنْهُمْ تَبَعًا لَهُ أَيْ: وَاغْتُفِرَ فِي حَقِّهِ فَوَاتُ الْعَدَدِ هُنَا دُونَ مَا فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ مُسْتَقِلٌّ كَمَا اُغْتُفِرَ فِي حَقِّهِ انْعِقَادُ صَلَاتِهِ جُمُعَةً قَبْلَ أَنْ يُحْرِمُوا

ص: 418

وَالْمُضْطَجِعِ، (أَوْ) كَانَ (عَقِبُ الْإِمَامِ خَلْفَ عَقِبِهْ) ابْتِدَاءً، أَوْ دَوَامًا فَإِنَّهُ يَقْضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْحَشُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ فِي الْأَفْعَالِ الْمُبْطِلَةِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْعَقِبُ لِانْضِبَاطِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَالرَّأْسِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا تَضُرُّ الْمُسَاوَاةُ فَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا فَالْعِبْرَةُ بِمَقْعَدَتِهِ، أَوْ نَائِمًا فَبِجَنْبِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ، أَوْ مُسْتَلْقِيًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِرَأْسِهِ، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَدَّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأُخْرَى لَمْ يَضُرَّ (أَوْ جَهِلَ الْأَفْعَالَ) أَوْ بَعْضَهَا (مِمَّنْ أَمَّ بِهْ) لِتَوَقُّفِ صَلَاتِهِ عَلَى مَنْ تَتَعَذَّرُ مُتَابَعَتُهُ فَإِنْ عَلِمَهَا بِرُؤْيَتِهِ، أَوْ رُؤْيَةِ بَعْضِ الصُّفُوفِ أَوْ بِسَمَاعِ تَكْبِيرِهِ، أَوْ تَكْبِيرِ مُبَلِّغٍ، أَوْ نَحْوِهِ صَحَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَوْ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ بِلَا إحْرَامٍ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُمْ كَذَا فِي الْبُوَيْطِيِّ قَالَ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْإِحْرَامِ التَّكْبِيرُ لِظُهُورِهِ أَمَّا إذَا كَبَّرَ وَلَمْ يَنْوِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ كَالْحَدَثِ بَلْ أَوْلَى، وَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْمَوْقِفِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي بَيَانُهُ إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الِاقْتِدَاءِ اجْتِمَاعُ

ــ

[حاشية العبادي]

ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَقِبُ الْإِمَامِ إلَخْ) لَوْ انْقَلَبَ الْقَدَمُ فَتَأَخَّرَتْ الْأَصَابِعُ وَتَقَدَّمَ الْعَقِبُ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْمُتَأَخِّرِ وَهُوَ الْأَصَابِعُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَقِبٌ زَائِدٌ وَاشْتَبَهَ بِالْأَصْلِيِّ اُعْتُبِرَ وَضْعُهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِيَتَحَقَّقَ وَضْعُ الْأَصْلِيِّ، وَلَوْ تَقَدَّمَ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الْإِمَامِ، وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلشَّكِّ فِي أَصَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا بُطْلَانَ بِالشَّكِّ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْعَقِبُ) هَلْ هُوَ مُعْتَبَرٌ حَتَّى حَالَ السُّجُودِ؟ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعِبْرَةَ بِرَأْسِهِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأُخْرَى لَمْ يَضُرَّ)، وَكَذَا لَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي الْقُوتِ عَنْ الْبَغَوِيّ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضَهَا) أَيْ: الْبَعْضَ الَّذِي يَضُرُّ التَّخَلُّفُ بِهِ لَا مُطْلَقًا عَلَى الْمُتَّجَهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَكْبِيرِ مُبَلِّغٍ بِشَرْطِ كَوْنِهِ ثِقَةً) أَيْ: عَدْلَ رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَجْمُوعِ: يَكْفِي إخْبَارُ الصَّبِيِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ كَالْغُرُوبِ فَضَعِيفٌ. لَا يُقَالُ: الصَّبِيُّ يُقْبَلُ إخْبَارُهُ عَنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

خَلْفَهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا ضَرُورِيًّا. ا. هـ وَكَذَلِكَ قَالَ م ر فِي الشَّرْحِ تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُتَطَهِّرِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ صِحَّةَ صَلَاتِهِمَا لَا تَخْتَصُّ بِمَا إذَا زَادَ الْإِمَامُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ صِحَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ وَلِهَذَا شَرَطْنَاهُ فِي عَكْسِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ لِلْإِمَامِ مَعَ فَوَاتِ الشَّرْطِ رُدَّ بِعَدَمِ فَوَاتِهِ بَلْ وُجِدَ فِي حَقِّهِ وَاحْتُمِلَ فِيهِ حَدَثُهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ وَيَصِحُّ إحْرَامُهُ مُنْفَرِدًا فَاغْتُفِرَ لَهُ مَعَ عُذْرِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ وَصَحَّتْ لِلْمُؤْتَمِّ بِهِ تَبَعًا لَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ) عُطِفَ عَلَى بَانَ ذَا أُمِّيَّةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَقِبُ الْإِمَامِ خَلْفَ عَقِبِهِ) ظَاهِرُهُ كُلُّهُ فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ خَلْفَ عَقِبِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَمَالَ إلَيْهِ م ر وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَعَلَّلَ صَاحِبُهَا الصِّحَّةَ بِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ لَمْ تَظْهَرْ. اهـ. عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَقِبُ الْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ: يَقِينًا أَوْ شَكًّا حَالَ النِّيَّةِ فِي الثَّانِي بِخِلَافِهِ بَعْدَهَا لَا يَضُرُّ. ا. هـ طَبَلَاوِيٌّ. ا. هـ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَقِبُ الْإِمَامِ إلَخْ) هَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ اعْتَمَدَ الْمَأْمُومُ عَلَى أَصَابِعِهِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا كَمَا فِي م ر وَع ش، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ بِمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ عَقِبُ الْإِمَامِ إلَخْ) أَيْ: حَالَةَ الْقِيَامِ أَمَّا فِي التَّشَهُّدِ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَلْيَةِ وَإِذَا سَجَدَ اُعْتُبِرَ أَصَابِعُ قَدَمَيْهِ، وَهَكَذَا حَتَّى إذَا صَلَّى صَلَاةَ نَفْلٍ وَصَلَّى بَعْضَهَا مِنْ قِيَامٍ، وَبَعْضَهَا مِنْ قُعُودٍ، وَبَعْضَهَا مِنْ اسْتِلْقَاءٍ اُعْتُبِرَ فِي التَّقَدُّمِ الْحَالَةُ الَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ حَالَةٍ انْتَقَلَ إلَيْهَا يُقَالُ: صَلَّى قَائِمًا قَاعِدًا إلَخْ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر. ا. هـ ع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: أَصَابِعُ قَدَمَيْهِ أَيْ: إذَا اعْتَمَدَ عَلَيْهَا سم. (قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ) أَيْ: إنْ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهَا وَحْدَهَا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِهَا. ا. هـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ صَلَّى قَائِمًا فَالْعِبْرَةُ حَالَ التَّشَهُّدِ بِالْأَلْيَةِ. اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِمَقْعَدَتِهِ) أَيْ: إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَإِلَّا كَأَنْ اعْتَمَدَ عَلَى رِجْلَيْهِ، أَوْ رُكْبَتَيْهِ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ. ا. هـ حَجَرٌ سم. (قَوْلُهُ: فَبِجَنْبِهِ) فِي شَرْحِ الْمُنَاوِيِّ عَلَى الْعُبَابِ هَلْ الْعِبْرَةُ بِمُقَدَّمِ الْجَنْبِ أَوْ مُؤَخَّرَهِ، أَوْ كُلِّهِ احْتِمَالَاتٌ رَجَّحَ مِنْهَا الْهَيْتَمِيُّ فِي شَرْحِ الْكِتَابِ الثَّانِي وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ الثَّالِثَ. ا. هـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِرَأْسِهِ) فِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ بِالرَّأْسِ وَمُقَدَّمِ الْبَدَنِ، وَفِي الْمُضْطَجِعِ بِالْجَنْبَيْنِ وَفِي الْمُعَلَّقِ بِالْحَبْلِ الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ بِجَمِيعِ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ عَلَى جُزْءٍ مِمَّا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ سَوَاءٌ اتَّحَدَا فِي الْقِيَامِ، أَوْ لَا. ا. هـ فَلَوْ اعْتَمَدَ عَلَى بَعْضِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ. ا. هـ مِنْهُ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ عَلَى الْأُخْرَى إلَخْ) أَيْ: سَوَاءٌ اعْتَمَدَ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ أَيْضًا، أَوْ لَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضَهَا) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَهَا إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: أَوْ تَكْبِيرِ مُبَلِّغٍ. ا. هـ مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَكْبِيرِ مُبَلِّغٍ) لَوْ ذَهَبَ الْمُبَلِّغُ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ لَزِمَتْهُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إنْ لَمْ يَرْجُ عَوْدَهُ قَبْلَ مُضِيِّ مَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ فِي ظَنِّهِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. شَرْحُ م ر وَمِثْلُ الرُّكْنَيْنِ الثَّلَاثَةُ الطِّوَالُ لِمَنْ اُغْتُفِرَتْ لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَالذَّهَابُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ السُّكُوتُ، وَكَذَا الْمُبَلِّغُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَبَّرَ وَلَمْ يَنْوِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَبَّرَ أَوَّلًا فَأَحْرَمَ الْمَأْمُومُ بِإِحْرَامِهِ، ثُمَّ كَبَّرَ ثَانِيًا سِرًّا

ص: 419

جَمْعٍ فِي مَكَان كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الْعُصُرِ الْخَالِيَةِ، وَمَبْنَى الْعِبَادَاتِ عَلَى رِعَايَةِ الِاتِّبَاعِ فَإِذَا لَمْ يَجْتَمِعَا لَزِمَ الْمَأْمُومَ الْقَضَاءُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(أَوْ كَانَ لَا يَجْمَعُ ذَيْنِ مَسْجِدُ أَوْ) لَا يَجْمَعُ (كُلَّ صَفَّيْنِ مَدًى لَا يَبْعُدُ وَهْوَ) أَيْ: الْمَدَى الَّذِي لَا يَبْعُدُ (ثَلَاثُمِائَةٍ مِنْ أَذْرُعِ)

(وَلَا تُحَدِّدْ) هَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (فِي انْبِسَاطِ مَوْضِعِ إنْ لَمْ يَحُلْ مُشَبِّكٌ أَوْ بَابُ قَدْ رُدَّ) أَيْ أَوْ لَا يَجْمَعُ كُلَّ صَفَّيْنِ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ، فِي مَوْضِعٍ مُنْبَسِطٍ غَيْرِ مَسْجِدٍ، مُسْقَفًا أَوْ غَيْرَ مُسْقَفٍ، وَلَمْ يَحُلْ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا جَمَعَهُمَا ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِشْبَكٌ أَوْ بَابٌ مَرْدُودٌ إذْ الْحَيْلُولَةُ بِذَلِكَ تَمْنَعُ الِاجْتِمَاعَ

ــ

[حاشية العبادي]

فِعْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ هُنَا لَيْسَ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ بَلْ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْإِمَامُ نَعَمْ إنْ أَمَّ الصَّبِيُّ فِي ظُلْمَةٍ فَهَلْ يُعْتَمَدُ تَبْلِيغُهُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ عَنْ فِعْلِ نَفْسِهِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إخْبَارًا صَرِيحًا؟ فِيهِ نَظَرٌ هَذَا وَيَنْبَغِي صِحَّةُ اعْتِمَادِ تَبْلِيغِ غَيْرِ الثِّقَةِ إذَا أَيَّدَتْهُ الْقَرَائِنُ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ) أَيْ: الشَّأْنُ. (قَوْلُهُ: أَوْ كُلَّ صَفَّيْنِ) أَوْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ فَيَنْتَفِي كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ.

(قَوْلُهُ فِي انْبِسَاطِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَجْمَعُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْطُوفِ أَوْ بِلَا يَجْمَعُ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحُلْ إلَخْ) قَيْدٌ لِيَجْمَع بِاعْتِبَارِ الْمَعْطُوفِ أَيْ أَوْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْمَدَى الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ حَيْلُولَةٍ بِأَنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا مُطْلَقًا أَوْ جَمَعَهُمَا مَعَ الْحَيْلُولَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَمَعَهُمَا بِلَا حَيْلُولَةٍ فَلَا قَضَاءَ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِحُدُوثِ مُبْطِلٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ شَرْحُ م ر وع ش.

(قَوْلُهُ: مَسْجِدٌ) أَيْ: غَيْرُ مَا وُقِفَ بَعْضُهُ مَسْجِدًا شَائِعًا كَمَا يُفْهِمُهُ تَعْلِيلُ حُكْمِ الْمَسْجِدِ بِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ. ا. هـ إيعَابٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَجْمَعُ كُلَّ صَفَّيْنِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْفَضَاءِ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ، أَوْ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ، وَلَا مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ أَوْ شَخْصَيْنِ مِمَّنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ، أَوْ مِنْ جَانِبِهِ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ وَهُوَ شِبْرَانِ. ا. هـ شَرْحُ الرَّوْضِ أَيْ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ الْمُتَأَخِّرُ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ فِي الْأَفْعَالِ إذَا كَانَ بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ أَوْ شَخْصَيْنِ ثَلَثُمِائَةِ ذِرَاعٍ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمُتَأَخِّرِ كَالرَّابِطَةِ. ا. هـ س ل اهـ. بج

(قَوْلُهُ وَلَا يُحَدِّدُهَا)، بَلْ هِيَ تَقْرِيبِيَّةٌ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحُلْ مِشْبَكٌ أَوْ بَابٌ قَدْ رُدَّ) قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَعْدَ أَنْ سَاقَ عِبَارَةَ شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَيُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ وَرَاءَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ بِحِذَاءِ شُبَّاكٍ يَرَى مِنْهُ الْمَسْجِدَ، وَبَابُ الْمَسْجِدِ مَفْتُوحٌ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَيْهِ لِيَدْخُلَ مِنْهُ الْمَسْجِدَ صَارَتْ الْقِبْلَةُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ لِوُجُودِ الرُّؤْيَةِ، مَعَ النُّفُوذِ مِنْ الْبَابِ وَإِمْكَانِ الْمُرُورِ مِنْ غَيْرِ ازْوِرَارٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، بِحَيْثُ تَصِيرُ الْقِبْلَةُ فِي ظَهْرِهِ وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَهُوَ يَرَى الْمَسْجِدَ مِنْ رُءُوسِ جُدْرَانِهِ، وَيُمْكِنُهُ الْمُرُورُ إلَيْهِ لَا بِالِازْوِرَارِ الْمَذْكُورِ، صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ، عُلِمَ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُبَالَةَ بَابِ الْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ، حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِاشْتِرَاطِ مُقَابَلَةِ الْبَابِ

وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ عَدَمَ الصِّحَّةِ هُنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ فِي صُفَّةٍ غَرْبِيَّةٍ أَوْ شَرْقِيَّةٍ لِمَدْرَسَةٍ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ جِدَارٌ فِيهِ شُبَّاكٌ يَرَى الْإِمَامَ مِنْهُ لَكِنْ لَوْ وَصَلَ إلَيْهِ احْتَاجَ إلَى انْعِطَافٍ لَا يَصِيرُ بِهِ مُسْتَدْبِرًا، وَفُرِّقَ بِأَنَّ هَذَا مَحَلٌّ وَاحِدٌ بِخِلَافِ ذَاكَ اهـ وَمَا قَالَهُ سم أَخْذًا مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ الشَّرْطُ فِي الْبِنَاءَيْنِ عَدَمُ حَائِلٍ يَمْنَعُ مُرُورًا أَوْ رُؤْيَةً، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا حَائِلَ فِيهِ كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَابُ مَرْدُودًا مَعَ وُجُودِ الشُّبَّاكِ كَفَى؛ لِأَنَّ الْبَابَ الْمَرْدُودَ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ فَقَطْ لَا الْمُرُورَ كَمَا نُصَّ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالرُّؤْيَةُ حَاصِلَةٌ مِنْ الشُّبَّاكِ فَغَايَةُ مَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الِازْوِرَارِ فِي الذَّهَابِ فَلْيُتَأَمَّلْ

وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا جِدَارُ الْمَسْجِدِ لَكِنَّ الْبَابَ النَّافِذَ بَيْنَهُمَا مَفْتُوحٌ فَوَقَفَ بِحِذَائِهِ جَازَ، أَوْ مَرْدُودٌ فَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ دُونَ الِاسْتِطْرَاقِ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مِشْبَكٌ فَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ دُونَ الْمُشَاهَدَةِ، وَفِي الصُّورَتَيْنِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ مَانِعٌ اهـ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا جَازَ فِي الْبَابِ الْمَفْتُوحِ لِوَاقِفٍ بِحِذَائِهِ لِإِمْكَانِ الْمُشَاهَدَةِ وَالِاسْتِطْرَاقِ، وَهُمَا حَاصِلَانِ إذَا وُجِدَ الشُّبَّاكُ وَالْبَابُ، وَلَوْ مَرْدُودًا نَعَمْ يَزِيدُ هُنَا الِانْحِرَافُ بِدُونِ انْعِطَافٍ، وَقَدْ نَصَّ م ر عَلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ أَوْ فَضَاءٍ وَبِنَاءٍ مَعَ اشْتِرَاطِ مَانِعِ الرُّؤْيَةِ وَالِاسْتِطْرَاقِ فَقَطْ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَّ نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ عَنْ الْخَادِمِ التَّصْرِيحَ فِيمَا إذَا صَلَّى عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُصَلِّ مِنْ غَيْرِ انْعِطَافٍ كَوُقُوفِهِ فِيمَا يُحَاذِي بَابَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا مَعَ اسْتِقَامَةِ الطَّرِيقِ، فَلَعَلَّهُمَا قَوْلَانِ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ حَجَرٍ لِبَافَضْلٍ مَا نَصُّهُ وَحَيْثُ كَانَ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ مَنْفَذٌ يُمْكِنُ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْهُ وَلَا يَمْنَعُ الْمُشَاهَدَةَ، صَحَّتْ قُدْوَةُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لَكِنْ إنْ وَقَفَ أَحَدُ الْمَأْمُومِينَ فِي مُقَابِلِ الْمَنْفَذِ حَتَّى يَرَى الْإِمَامَ أَوْ مَنْ مَعَهُ فِي بِنَائِهِ اهـ

وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحُلْ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ فَضَاءٌ لَا بِنَاءَ فِيهِ أَوْ بِنَاءَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا بِبِنَاءٍ وَالْآخَرُ بِفَضَاءٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحُلْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يَجْمَعُ كُلَّ صَفَّيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحُلْ مِشْبَكٌ أَوْ بَابٌ) صَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّهُ مَتَى انْتَفَى الْمِشْبَكُ وَالْبَابُ الْمَرْدُودُ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ، وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ فِي غَيْرِ حِذَاءِ الْبَابِ وَلَا رَابِطَةَ فِيهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ مُسْقَفًا أَوْ غَيْرَ مُسْقَفٍ) دُفِعَ بِهَذَا التَّعْمِيمِ أَنَّ الْمُنْبَسِطَ لَا مِشْبَكَ فِيهِ وَلَا بَابَ (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) وَإِنْ لَمْ يُغْلَقْ شَوْبَرِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ مِشْبَكٌ) أَيْ فَقَطْ أَوْ بَابٌ مَرْدُودٌ أَيْ فَقَطْ

ص: 420

(دُونَ نَهْرٍ يُهَابُ) لِكِبَرِهِ (أَوْ شَارِعٍ)، وَإِنْ كَثُرَ طُرُوقُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُعَدَّا لِلْحَيْلُولَةِ وَأَرَادَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: كُلَّ صَفَّيْنِ مَا يَشْمَلُ الْإِمَامَ وَالصَّفَّ الْأَوَّلَ، وَعَطَفَ عَلَى فِي انْبِسَاطِ مَوْضِعٍ قَوْلُهُ (وَفِي سِوَى ذَيْنِ) وَعَلَى مَدًّا لَا يَبْعُدُ قَوْلُهُ (صِلَتْ مَنَاكِبٍ) وَثَلَاثِ أَذْرُعٍ وَتُحَاذَى كَمَا سَيَأْتِي، أَيْ أَوْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَمَوْضِعٍ مُنْبَسِطٍ، بِأَنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ وَالْآخَرُ فِي آخِرِ اتِّصَالِ الْمَنَاكِبِ، إنْ صَلَّى أَحَدُهُمَا بِجَنْبِ الْآخَرِ. (وَلَوْ بِفُرْجَةٍ خَلَتْ) بِزِيَادَةِ خَلَتْ تَكْمِلَةً وَتَأْكِيدًا، أَيْ وَلَوْ كَانَ الِاتِّصَالُ مَعَ فُرْجَةٍ (ضَاقَتْ بِشَخْصٍ) ، إذْ هَذَا الِاتِّصَالُ الْحُكْمِيُّ كَالِاتِّصَالِ الْحَقِيقِيِّ فِي الْحُكْمِ

(وَثَلَاثِ أَذْرُعٍ) تَقْرِيبًا (مِنْ خَلْفِ هَذَا) أَيْ الْإِمَامِ، إنْ صَلَّى خَلْفَهُ الْمَأْمُومُ (وَتَحَاذِي الْأَرْفَعِ وَنَازِلٍ عَنْهُ بِبَعْضِ الْبَدَنِ) ، إنْ صَلَّى أَحَدُهُمَا أَرْفَعَ مِنْ الْآخَرِ (قُلْتُ افْرِضْ اعْتِدَالَ مَنْ) أَيِّ نَازِلٍ (لَمْ يَكُنِ) مُعْتَدِلًا، أَمَّا إذَا جَمَعَهُمَا وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَلَا قَضَاءَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِمَا مَرَّ، وَأَنَّ أَحْوَالَهُ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَسْجِدٌ، وَإِنْ تَبَاعَدَا وَاخْتَلَفَ الْبِنَاءُ كَسَاحَتِهِ وَسِرْدَابِهِ وَمَنَارَتِهِ وَسَطْحِهِ، إنْ كَانَا مِنْهُ، إذْ الْمَسْجِدُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ وَإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُؤَدُّونَ لِمَقْصُودِهَا فَلَا يَضُرُّ الْبُعْدُ وَاخْتِلَافُ الْبِنَاءِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَشَرْطُ الْبِنَاءَيْنِ فِيهِ أَنْ يَنْفُذَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ، وَإِلَّا فَلَا يُعَدَّانِ مَسْجِدًا وَاحِدًا، ثُمَّ لَا يَضُرُّ كَوْنُ الْبَابِ بَيْنَهُمَا مَرْدُودًا أَوْ مُغْلَقًا، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الشُّبَّاكَ مُضِرٌّ، فَلَوْ وَقَفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ ضَرَّ وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ

قَالَ الْحِصْنِيُّ وَهُوَ سَهْوٌ وَالْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ نَهْرٌ حُفِرَ بَعْدَ جَعْلِهِ مَسْجِدًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَعَطْفٌ عَلَى فِي انْبِسَاطِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ أَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يُجْعَلَ اسْتِئْنَافًا اهـ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِنُدْرَةِ كَوْنِ الْوَاوِ لِلِاسْتِئْنَافِ، وَكَثْرَةِ كَوْنِهَا لِلْعَطْفِ، بَلْ أَصَالَةِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُرَادَ لَا يَتِمُّ مَعَ الِاسْتِئْنَافِ إلَّا بِتَقْدِيرٍ، وَلَا قَائِمَ مَقَامَهُ وَعَلَى الْعَطْفِ حَرْفُ الْعَطْفِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُقَدَّرِ، فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَثَلَاثُ أَذْرُعٍ) وَتَحَاذَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى صِلَةٍ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَا مِنْهُ) بِأَنْ يَكُونَا نَافِذَيْنِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفُذَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) نُفُوذًا عَادِيًا، بِحَيْثُ يَتَأَتَّى الِاسْتِطْرَاقُ الْعَادِيُّ. (قَوْلُهُ وَالْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ إلَخْ) أَيْ أَخْذًا مِنْ شَرْطِهِ وَتَبِعَهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهَذَا عَلَى مَا نَقَلَهُ سم وَمَا فِي الرَّوْضَةِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَعُطِفَ إلَخْ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يَجْمَعُ (قَوْلُهُ وَتَحَاذَى الْأَرْفَعُ) وَنَازِلٌ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ مَأْمُومَيْنِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ مُغْلَقًا) مَا لَمْ يُسَمَّرْ ابْتِدَاءً، وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بج. (قَوْلُهُ أَنَّ الشُّبَّاكَ مُضِرٌّ) ، وَلَوْ كَانَ الشُّبَّاكُ فِي وَسَطِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ خَلْفَهُ لَمْ يَضُرَّ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا ذَلِكَ الْجِدَارُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إلَّا بِازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْتَدَّ ذَلِكَ الْجِدَارُ، بِأَنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إلَّا بَعْدَ مُرُورِهِ فِي غَيْرِ الْجِدَارِ فَيَضُرُّ حَيْثُ لَا يَصِلُ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إلَّا بِازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ اهـ ح ل. وَالِازْوِرَارُ أَنْ يَصِيرَ ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ وَالِانْعِطَافُ تَفْسِيرٌ لَهُ اهـ ح ف وَح ل، وَاَلَّذِي فِي زي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَأْمُومِ خَلْفَ الشُّبَّاكِ الْمَذْكُورِ وُصُولُهُ لِلْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ ازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، لَكِنَّ كَلَامَ زي هَذَا ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَفَرْضُ الْكَلَامِ هُنَاكَ أَنْ لَا رَابِطَةَ حِذَاءَ الْمَنْفَذِ، لَكِنْ عِنْدَ الشَّارِحِ لَا بُدَّ فِي هَذِهِ مِنْ الرَّابِطَةِ اهـ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ ح ل إذَا كَانَ مُتَّصِلًا ذَلِكَ الْجِدَارُ إلَخْ قَوْلًا ضَعِيفًا ذَكَرَهُ الْمَحَلِّيُّ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ أَنَّ الشُّبَّاكَ مُضِرٌّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى الْإِمَامِ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ احْتَاجَ إلَى اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ، وَلَا يَضُرُّ احْتِيَاجُهُ إلَى التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ) إلَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَرَى مِنْهُ الْمَسْجِدَ، وَبَابُ الْمَسْجِدِ مَفْتُوحٌ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَيْهِ لِيَدْخُلَ مِنْهُ صَارَتْ الْقِبْلَةُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، لِوُجُودِ الرُّؤْيَةِ مَعَ النُّفُوذِ مِنْ الْبَابِ وَإِمْكَانِ الْمُرُورِ بِلَا ازْوِرَارٍ وَانْعِطَافٍ، بِحَيْثُ تَصِيرُ الْقِبْلَةُ فِي ظَهْرِهِ فَيُشْتَرَطُ لِمَنْ هُوَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَعَ عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا اهـ. سم أَيْضًا

وَخَالَفَ الشِّهَابَ عَمِيرَةَ فَقَالَ: إنَّ الِانْحِرَافَ إلَى الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ مُضِرٌّ اهـ، وَقَوْلُنَا: وَبَابُ الْمَسْجِدِ مَفْتُوحٌ أَيْ غَيْرُ مُغْلَقٍ، وَلَوْ مَرْدُودًا؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُشَاهَدَةَ دُونَ الِاسْتِطْرَاقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمُشَاهَدَةُ حَاصِلَةٌ مِنْ الشُّبَّاكِ تَدَبَّرْ هَذَا كُلَّهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ سم، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّيَ حِذَاءَ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ، أَوْ يَكُونَ هُنَاكَ رَابِطَةٌ إنْ كَانَ الْبَابُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ، ثُمَّ لَا يَضُرُّ بَعْدَ ذَلِكَ ازْوِرَارٌ وَانْعِطَافٌ بِغَيْرِ اسْتِدْبَارٍ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ) أَيْ فَوْقَ فَتْحَةِ الشُّبَّاكِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْحِصْنِيُّ وَهُوَ سَهْوٌ) فِي النَّاشِرِيِّ يُسْتَثْنَى أَيْ مِنْ مَنْعِ الشِّبَاكِ الْقُدْوَةَ مَا لَوْ كَانَ الشُّبَّاكُ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ إذَا وَقَفَ الْمَأْمُومُ فِي نَفْسِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. اهـ. وَهَذَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنْ كَانَ الْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ ضَرَرَ هَذَا فَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر أَنَّ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ اشْتِرَاطِهِ تَنَافُذَ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ سَهْوٌ) لَكِنَّ فِي

ص: 421

فَمَسْجِدٌ، أَوْ قَبْلَهُ فَمَسْجِدَانِ مُنْفَصِلَانِ، أَمَّا الْمَسَاجِدُ الْمُتَلَاصِقَةُ الْمُتَنَافِدَةُ فَكَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ، كَمَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ كَثِيرِينَ قَالَ: وَرَحْبَةُ الْمَسْجِدِ، وَهِيَ مَا كَانَ خَارِجَهُ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ عَدَّهَا الْأَكْثَرُونَ مِنْهُ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَمْ لَا، وَقَالَ ابْنُ كُجٍّ إنْ انْفَصَلَتْ فَكَمَسْجِدٍ آخَرَ، ثَانِيهَا: أَنْ يَجْمَعَهُمَا فِي مُنْبَسِطٍ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ فَأَقَلُّ تَقْرِيبًا، فَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَلَا بُلُوغُ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ الْأَخِيرِ فَرَاسِخَ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُرْفِ

وَقِيلَ: مِمَّا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، إذْ سِهَامُ الْعَرَبِ لَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ، ثَالِثُهَا: أَنْ يَجْمَعَهُمَا بِنَاءَانِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، بِأَنْ يَقِفَ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ وَالْآخَرُ فِي آخَرَ كَصَحْنٍ وَصُفَّةٍ، فَإِنْ وَقَفَ الْمَأْمُومُ بِجَنْبِ الْإِمَامِ فَالشَّرْطُ اتِّصَالُ الْمَنَاكِبِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ، بِحَيْثُ لَا يَخْلُو بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ لِتَحْصُلَ رَابِطَةُ الِاجْتِمَاعِ، وَإِلَّا فَاخْتِلَافُ الْبِنَاءِ يُوجِبُ الِافْتِرَاقَ، وَلَا تَضُرُّ فُرْجَةٌ لَا تَسَعُ وَاقِفًا، وَمِثْلُهَا عَتَبَةٌ بَيْنَهُمَا تَتَعَذَّرُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا، وَإِنْ وَقَفَ خَلْفَهُ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ تَقْرِيبًا، إذْ لَا يُمْكِنُ اتِّصَالُ الْمَنَاكِبِ فَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، فَلَوْ زَادَ مَا لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْحِسِّ بِلَا ذَرْعٍ لَمْ يَضُرَّ، وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي الْبِنَاءِ الْآخَرِ صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ تَبَعًا لَهُ، وَلَا يَضُرُّ الْحَائِلُ عَنْ الْإِمَامِ، وَهُمْ مَعَهُ كَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَضُرَّ تَقْدِيمُهُمْ عَلَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ وَالْمَوْقِفِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِمَا تَنَافُذُ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِشَخْصِهَا لَيْسَتْ فِي الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. (قَوْلُهُ فَمَسْجِدٌ) أَيْ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَمَسْجِدَانِ مُنْفَصِلَانِ) لَعَلَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ النَّهْرُ مَمْلُوكًا لِلْوَاقِفِ وَيُدْخِلُهُ فِي الْوَقْفِيَّةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْجَمِيعَ مَسْجِدٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ لِأَجْلِهِ) وَلَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهَا قَبْلَ الْآنَ شَارِعًا أَوْ نَحْوَهُ، سَوَاءٌ أَعُلِمَ وَقْفِيَّتُهَا مَسْجِدًا، أَوْ جُهِلَ أَمْرُهَا، عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ التَّحْوِيطُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُنْتَهَكَةً غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ طَرِيقٌ) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ سَبْقُهُ لِلْمَسْجِدِ، أَمَّا إذَا عُلِمَ سَبْقُهُ فَهُمَا كَمَسْجِدَيْنِ فِيمَا مَرَّ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ كُجٍّ إلَخْ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ جُهِلَ وَقْفِيَّتُهَا مَسْجِدًا، فَإِنْ عُلِمَ وَقْفِيَّتُهَا مَسْجِدًا فَمَسْجِدٌ قَطْعًا، وَعَكْسُهُ لَيْسَ مَسْجِدًا قَطْعًا بِرّ

(قَوْلُهُ فَرَاسِخَ) هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ يَنْبَغِي اشْتِرَاطُ تَأَخُّرِ إحْرَامِ الْكَائِنِ فَوْقَ الثَّلَاثِمِائَةِ عَلَى إحْرَامِ مَأْمُومٍ فِيهَا يَكُونُ كَالرَّابِطَةِ، وَلَوْ زَالَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ بِرّ. (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ فِي آخَرَ) مِنْ مَكَان وَاحِدٍ أَوْ مَكَانَيْنِ كَدَارَيْنِ (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ اتِّصَالُ الْمَنَاكِبِ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُصَلِّي فِي صَفِّ الْمَأْمُومِ، وَبِنَائِهِ سِوَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ بِرّ. أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَأْمُومِ، كَذَا يَنْبَغِي أَنَّهُ الْمُرَادُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُصَلِّي فِي بِنَاءٍ ثَالِثٍ، فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ اتِّصَالِ بِنَائِهِ بِبِنَاءِ الْمَأْمُومِ أَيْضًا، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) لَوْ فُرِضَ حُصُولُهَا مِنْ مَأْمُومَيْنِ، وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِي طَرَفِ بِنَاءِ الْإِمَامِ، وَالْآخَرُ فِي الْبِنَاءِ الْآخَرِ كَفَى وَإِنْ بَعُدَ الْإِمَامُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ فِي طَرَفِ بِنَاءِ الْإِمَامِ حِينَئِذٍ تَحَرَّمَ قَبْلَ هَذَا، فَإِنَّ الرَّبْطَ بِهِ، ثُمَّ مَنْ خَلْفَهُ يَكُونُ رَابِطَةً لِمَنْ وَرَاءَهُ بِرّ

(قَوْلُهُ صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ) ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أُنْثَى وَمَنْ خَلْفَهُ ذَكَرًا عَلَى الْمُتَّجَهِ بِرّ وَحَجَرٌ، وَخَالَفَ م ر. (قَوْلُهُ وَهُمْ مَعَهُ كَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ) ، الْمُتَّجَهُ عِنْدِي أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَتْ الرَّابِطَةُ كَفَى وُجُودِ شُرُوطِهَا مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ طَارِئًا حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ وَمَوْقِفُهُ عَنْ وَاحِدٍ فِي رَكْعَةٍ وَعَنْ آخَرَ فِي أُخْرَى أَوْ عَنْ الْمَوْجُودِ فِي رَكْعَةٍ وَعَنْ الطَّارِئِ فِي أُخْرَى كَفَى؛ لِأَنَّ وُجُودَ مَنْ يَصْلُحُ لِلرَّبْطِ مُطْلَقًا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وُجِدَ يَتَحَقَّقُ بِهِ الرَّبْطُ، وَيَصِيرُ الْمَكَانَانِ بِسَبَبِهِ كَالْوَاحِدِ فَتَأَمَّلْهُ سم

(قَوْلُهُ فِي الْإِحْرَامِ وَالْمَوْقِفِ) زَادَ فِي الْقُوتِ السَّلَامُ بَحْثًا وَزَادَ ابْنُ الْمُقْرِي الْأَفْعَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ، لَكِنَّهُ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ: إنَّهُمْ مَعَهُ كَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَتَاوَى السَّيِّدِ عُمَرَ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ مَعَ ضَعْفِهِ، فَيُصَلَّى فِي الشَّبَابِيكِ الَّتِي بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِمَا اهـ مِنْ الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ. (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) أَمَّا فِيهِ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ مُطْلَقًا عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ اهـ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ بِنَاءَانِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) بِأَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَسْجِدًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا عَتَبَةٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ وَسِعَتْ وَاقِفًا حَرَّرَهُ ثُمَّ رَأَيْت حَجَرًا عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ فُرْجَةٌ لَا تَسَعُ وَاقِفًا قَوْلَهُ أَوْ تَسَعُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُقُوفُ فِيهَا

(قَوْلُهُ مَا لَا يَتَبَيَّنُ فِي الْحِسِّ بِلَا ذَرْعٍ) أَيْ وَإِنْ تَبَيَّنَ بِالذَّرْعِ فِي الْحِسِّ (قَوْلُهُ وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي الْبِنَاءِ الْآخَرِ إلَخْ) ثُمَّ هَذَا الْوَاقِفُ لَا بُدَّ أَنْ يَرَى الْإِمَامَ أَوْ

ص: 422

لَكِنْ لَوْ أَحْدَثَ أَوْ زَالَ عَنْ مَوْقِفِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ وَقَفَ بِإِزَاءِ بَابِ مَفْتُوحٍ فَرَدَّهُ الرِّيحُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَتْحُهُ حَالًا فَتَحَهُ وَدَامَ عَلَى الْمُتَابَعَةِ، وَإِلَّا فَارَقَهُ

وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: انْقَطَعَتْ الْقُدْوَةُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ إمَامُهُ انْتَهَى. وَقَدْ تَسْتَشْكِلُ هَذِهِ بِالْأُولَيَيْنِ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ انْتِقَالَاتُ الْإِمَامِ بَعْدَ رَدِّ الْبَابِ، وَبِأَنَّهُ فِيهَا مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ إحْكَامِهِ فَتْحَهُ بِخِلَافِ الْقَوْمِ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَبِأَنَّ الْحَائِلَ أَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي مَنْعِ الِاقْتِدَاءِ مِنْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَائِلَ غَيْرَ النَّافِذِ فِي الْمَسْجِدِ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ دُونَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ، وَإِنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا امْتِنَاعُ كَوْنِهِ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى فِي حَقِّ الرِّجَالِ رَامِيًا فِي حَقِّ الْقَارِئِينَ وَلَا وَجْهَ لِزِيَادَةِ السَّلَامِ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، فَيَنْقَطِعُ الرَّبْطُ. (قَوْلُهُ لَكِنْ لَوْ أَحْدَثَ أَوْ زَالَ عَنْ مَوْقِفِهِ قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ) كَذَا لَوْ عَرَضَ مَانِعٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ وَزَادَ مَا بَيْنَ كُلِّ صَفٍّ وَالْإِمَامِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَانَ كُلُّ صَفٍّ رَابِطًا لِلصَّفِّ الَّذِي بَعْدَهُ، فَلَوْ زَالَ بَعْضُ الصُّفُوفِ بِحَيْثُ زَادَ مَا بَيْنَ مَنْ بَعْدَهُ وَالْإِمَامِ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ أَخْذًا مِنْ هُنَا؛ لِأَنَّ كُلَّ صَفٍّ رَابِطَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ إلَخْ) الْأَوْجَهُ مَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ رَدُّ الرِّيحِ الْبَابَ مُطْلَقًا م ر. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ إمَامُهُ) صَرِيحٌ فِي انْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ حِينَئِذٍ، وَيَنْبَغِي وُجُوبُ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا تَرْكُ الْمُتَابَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الْمَجْمُوعِ، فِيمَا إذَا تَبَيَّنَ فِي الْأَثْنَاءِ حَدَثُ الْإِمَامِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِانْعِقَادِ الْقُدْوَةِ ثُمَّ مَعَ الْحَدَثِ فَيَسْتَصْحِبُ بَعْدَ التَّبَيُّنِ وَيَحْتَاجُ لِقَطْعِهَا، بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ الْقُدْوَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ مَعَهُ، وَقَدْ طَرَأَ قَطْعُهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِقَطْعِهَا بِالنِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَبِأَنَّ الْحَائِلَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَدْ يَكُونُ فِي الْأُولَيَيْنِ حَائِلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالْمُرَادُ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَعْضَ الْمُقْتَدِينَ بِهِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ، وَأَنْ يَصِلَ إلَى الْإِمَامِ بِغَيْرِ ازْوِرَارٍ إنْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ أَوْ، وَلَوْ مَعَهُ إنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَمَّا مَنْ خَلْفَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ بِغَيْرِ ازْوِرَارٍ، وَإِنْ وَصَلَ إلَى الْإِمَامِ بِهِ كَمَا فِي ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ، لَكِنْ قَرَّرَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْقُوَيْسِنِيُّ أَنَّ مَنْ خَلْفَ ذَلِكَ الْوَاقِفِ لَا بُدَّ أَنْ يَصِلَ إلَى الْإِمَامِ أَيْضًا بِلَا ازْوِرَارٍ، وَنَقَلَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ عَنْ م ر

(قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَفَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْآخَرِ إلَخْ) فِي النَّاشِرِيِّ لَوْ وَقَفَ الْإِمَامُ فِي سُفْلٍ وَالْمَأْمُومُ عَلَى سَطْحٍ فَحَاذَاهُ، صَحَّ فَلَوْ وَقَفَ مَأْمُومٌ أَعْلَى مِنْ هَذَا الْمَأْمُومِ وَلَمْ يُحَاذِ الْإِمَامَ وَإِنَّمَا حَاذَى الْمَأْمُومَ، صَحَّتْ الْقُدْوَةُ وَكَذَا لَوْ جَاءَ ثَالِثٌ وَرَابِعٌ لِحُصُولِ الِاتِّصَالِ كَمَا فِي صُفُوفِ الْأَبْنِيَةِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ الْمَأْمُومُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِي الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ وَهُمْ مَعَهُ كَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ) يُفِيدُ أَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ أَوْ يَرَوْنَ مَنْ يَرَاهُ، لِأَنَّهُ هُوَ مَعَ الْإِمَامِ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ فِي الْإِحْرَامِ) فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ فَقَامَ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَالظَّاهِرُ جَوَازُ سَلَامِهِمْ قَبْلَ الرَّابِطَةِ لِانْقِطَاعِ الْقُدْوَةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْقِطَاعِهَا سُقُوطُ حُكْمِ الرَّابِطَةِ لِصَيْرُورَتِهِمْ مُنْفَرِدِينَ، فَلَا مَحْذُورَ فِي سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّابِطَةِ، فَإِنَّ الْقُدْوَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ فَلَا مَانِعَ مِنْ السَّلَامِ قَبْلَهُ، كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش وسم عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ بَحْثِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، لَكِنْ نَقَلَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر أَنَّهُ يَجِبُ التَّأَخُّرُ عَنْهُ فِي الْمَوْقِفِ وَالْأَفْعَالِ وَالسَّلَامِ اهـ

وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ تَكْبِيرُهُمْ عَلَى تَكْبِيرِهِ اهـ وَقَوْلُنَا وَالسَّلَامِ قَالَ شَيْخُنَا إذْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ لَمْ تَبْطُلْ) بِشَرْطِ عِلْمِهِمْ بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَمَّا إذَا وَقَفَ الْإِمَامُ فِي صَحْنِ الدَّارِ وَالْمَأْمُومُ فِي مَكَان عَالٍ مِنْ سَطْحٍ أَوْ طَرَفِ صُفَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَبِمَاذَا يَحْصُلُ الِاتِّصَالُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ رَأْسُ الْوَاقِفِ فِي السُّفْلِ يُحَاذِي رُكْبَةَ الْوَاقِفِ فِي الْعُلُوِّ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، وَإِلَّا فَلَا، وَالثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ حَاذَى رَأْسُ الْأَسْفَلِ قَدَمَ الْأَعْلَى صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَعْدَ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَقَدَمُ الْأَعْلَى مُحَاذٍ لِرَأْسِ الْأَسْفَلِ مَا نَصُّهُ: وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا إنْ صَلَّى بِجَنْبِهِ، وَالْأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ وَقَفَ إلَخْ مِنْ تَفَارِيعِ الطَّرِيقَةِ الضَّعِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجَرٌ

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَحَيْثُ لَا يَمْنَعُ

ص: 423

فَالشَّرْطُ مُحَاذَاتُهُ لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ مَعَ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُعْتَدِلَ الْقَامَةِ كَمَا عُرِفَ، فَلَوْ لَمْ يُحَاذِهِ لِقِصَرٍ أَوْ قُعُودٍ وَلَوْ قَامَ مُعْتَدِلٌ لَحَاذَى كَفَى، أَوْ حَاذَى لِطُولٍ وَلَوْ قَامَ مُعْتَدِلٌ لَمْ يُحَاذِ لَمْ يَكْفِ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي هَذَا الْحَالِ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ كَالْحَالِ الثَّانِي فِي اعْتِبَارِ الْقُرْبِ بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَصُفَفُ الْمَدَارِسِ الْغَرْبِيَّةِ وَالشَّرْقِيَّةِ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ الْقُدْوَةِ فِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الطَّرِيقِينَ، لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ دُونَ الْمُرُورِ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ اخْتِلَافُهُمَا إذَا حَصَلَ إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ وَالْمُرُورِ جَمِيعًا، فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ، إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا انْتَهَى.

وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ: الِاكْتِفَاءُ عِنْدَ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ بِالْمُرُورِ، وَلَوْ بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِالْعُلُوِّ الْبِنَاءُ وَنَحْوُهُ، وَأَمَّا الْجَبَلُ الَّذِي يُمْكِنُ صُعُودُهُ فَدَاخِلٌ فِي الْفَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ فِيهَا عَالٍ وَمُسْتَوٍ، فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ عَلَى الطَّرِيقِينَ اهـ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ الَّذِي يُمْكِنُ صُعُودُهُ أَنَّ الَّذِي لَا يُمْكِنُ صُعُودُهُ كَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ مِنْ الطَّرِيقِينَ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِمَا مَتَى حَالَ شُبَّاكٌ أَوْ بَابٌ مَرْدُودٌ ضَرَّ بِرّ

(قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَقَوْلُهُ إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ أَيْ اتِّصَالَ ارْتِبَاطٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ فِي الْحَاشِيَةِ، لَا اتِّصَالَ مَنَاكِبَ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ) أَيْ فَيَكُونَ فِي صَحْنِ الْمَدْرَسَةِ مَأْمُومٌ يُصَلِّي يَرَاهُ مَنْ فِي الصُّفَّةِ وَهُوَ الرَّابِطُ، وَيَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ فِي الصُّفَّةِ الْمَذْكُورَةِ ثَلَثُمِائَةٍ فَمَا دُونَ عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ هَكَذَا ظَهَرَ لِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَهُوَ حَقٌّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لِمُتَأَمِّلٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

الِانْخِفَاضُ الْقُدْوَةَ وَكَانَ بَعْضُ الَّذِينَ يَحْصُلُ بِهِمْ الِاتِّصَالُ عَلَى سَرِيرٍ أَوْ مَتَاعٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَضُرَّ. (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ مُحَاذَاتُهُ إلَخْ) أَيْ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا إنْ صَلَّى بِجَنْبِهِ، وَلَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إنْ صَلَّى خَلْفَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ مُحَاذَاتُهُ لَهُ إلَخْ) بِأَنْ لَا يَزِيدَ الِارْتِفَاعُ عَلَى قَامَةِ الْأَسْفَلِ بِحَيْثُ لَوْ مُدَّ خَيْطٌ عَلَى قَدَمِ الْأَعْلَى حَاذَى رَأْسَ الْأَسْفَلِ، أَوْ لَوْ مَشَى الْأَسْفَلُ إلَى جِهَةِ الْأَعْلَى مَسَّتْ رَأْسُهُ قَدَمَ الْأَعْلَى اهـ. تَقْرِيرُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ الْأَعْلَى لَوْ سَقَطَ سَقَطَ عَلَى الْأَسْفَلِ، بَلْ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ لَمْ يَكْفِ) ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَلَى الْقُرْبِ الْعُرْفِيِّ، وَهُوَ لَا يُوجَدُ إلَّا بِالْمُحَاذَاةِ مَعَ الِاعْتِدَالِ لَا مَعَ الطُّولِ كَمَنْ جَاوَزَ سَمْعُهُ الْعَادَةَ لَا يُعْتَبَرُ فِي سَمَاعِ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقَالُ: إذَا اُكْتُفِيَ بِالْمُحَاذَاةِ التَّقْدِيرِيَّةِ فِيمَا مَرَّ فَبِالْحَقِيقِيَّةِ أَوْلَى اهـ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الرَّافِعِيَّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ الْإِمَامِ وَجَبَ اتِّصَالُ صَفٍّ مِنْ أَحَدِ الْبِنَاءَيْنِ بِالْآخَرِ، كَأَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ بِطَرَفِ الصُّفَّةِ وَآخَرُ بِالصَّحْنِ مُتَّصِلًا بِهِ، وَإِنْ كَانَ خَلْفَ بِنَاءِ الْإِمَامِ فَالصَّحِيحُ صِحَّةُ الْقُدْوَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَوْ الشَّخْصَيْنِ بِالْبِنَاءَيْنِ وَقَفَ أَحَدُهُمَا بِآخِرِ بِنَاءِ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي بِأَوَّلِ بِنَاءِ الْمَأْمُومِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ إلَّا الْقُرْبُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ، أَوْ حَالَ مَا فِيهِ بَابٌ نَافِذٌ يَقِفُ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ، فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ كَالشُّبَّاكِ، فَوَجْهَانِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ، أَصَحُّهُمَا: عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ، أَوْ حَالَ جِدَارٌ بَطَلَتْ بِاتِّفَاقِ الطَّرِيقَيْنِ اهـ، وَقَوْلُهُ: أَوْ حَالَ مَا فِيهِ بَابٌ نَافِذٌ يَقِفُ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مَا لَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَالِاسْتِطْرَاقَ كَالْبَابِ النَّافِذِ، لَا بُدَّ أَنْ يَقِفَ بِحِذَائِهِ صَفٌّ أَوْ رَجُلٌ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الرُّؤْيَةِ وَالِاسْتِطْرَاقِ، وَمِثْلُ عِبَارَةِ الْمَحَلِّيِّ هَذِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ الْعُرْفِيَّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَلَا نَظَرَ لَمَا فَهِمَهُ سم مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمَنْقُولِ سَابِقًا

(قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاتِّصَالَ وَالِاجْتِمَاعَ الْعُرْفِيَّ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ الْعُرْفَ يُوَافِقُهُ، وَادِّعَاءُ أُولَئِكَ أَنَّ الْعُرْفَ يُوَافِقُهُمْ لَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ عُرْفِهِمْ الْخَاصِّ، وَهُوَ لَا نَظَرَ إلَيْهِ إذَا عَارَضَهُ الْعُرْفُ الْعَامُّ اهـ حَجَرٌ (قَوْلُهُ فِي اعْتِبَارِ الْقُرْبِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ وَفِيهِ بَابٌ نَافِذٌ شُرِطَ وُقُوفُ وَاحِدٍ بِحِذَائِهِ أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَلَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ بَدَنُهُ أَوْ بَعْضُهُ عَنْ مُحَاذَاتِهِ، وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ أَوْ بَيْنَ الصَّفِّ وَرَاءَهُ عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا اهـ ق ل، فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ كَالشُّبَّاكِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ، أَوْ حَالَ جِدَارٌ بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا أَيْضًا اهـ مَحَلِّيٌّ

(قَوْلُهُ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ) بَيَانٌ لِمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ؛ لِأَنَّ كُلًّا صَحَّحَ طَرِيقَةً فَهُمَا صَحَّحَاهُمَا وَمُقَابَلَةِ كُلِّ طَرِيقٍ الْآخَرَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ) خُصَّ الْكَلَامُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ وَحْدَهُ فِي الْمَدَارِسِ، وَإِلَّا فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُرُورُ وَحْدَهُ امْتَنَعَتْ الْقُدْوَةُ أَيْضًا بِاتِّفَاقِهِمَا. (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ) لِعَدَمِ وُقُوفِ أَحَدٍ فِي الصَّحْنِ يَرَاهُ مَنْ فِي الصُّفَّةِ، فَإِنْ وَقَفَ فِيهِ أَحَدٌ صَحَّتْ الْقُدْوَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مَتَى أَمْكَنَ أَنْ يَرَاهُ مَنْ فِي الصُّفَّةِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ إلَخْ) لِيَكُونَ مَنْ بِالصَّحْنِ رَائِيًا بِالْفِعْلِ أَوْ فِي قُوَّتِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ إمْكَانِ

ص: 424

الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَوْ أَمْكَنَ الْمُرُورُ لَكِنْ بِانْعِطَافٍ كَالْمُصَلِّي بِبُيُوتِ الْمَدَارِسِ الَّتِي بِيَمِينِ الْإِيوَانِ أَوْ يَسَارِهِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ، فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ كَالْجِدَارِ، وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَ صَلَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمُسَامِتِ لِجِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَابِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الصَّفُّ لِحَيْلُولَةِ الْجِدَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالِ الصَّفِّ. مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الرُّؤْيَةُ بِقَرِينَةِ مَا اُسْتُشْهِدَ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ الْمُرُورُ إلَيْهِ بِالِانْعِطَافِ، وَأَمَّا نَصُّهُ الْآخَرُ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْمُرُورُ، إلَّا بِالِانْعِطَافِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ، أَوْ عَلَى مَا إذَا زَادَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، أَوْ عَلَى مَا إذَا امْتَنَعَتْ الرُّؤْيَةُ، رَابِعُهَا: أَنْ يَجْمَعَهُمَا مَسْجِدٌ وَغَيْرُهُ، وَحُكْمُهُ مَا بَيَّنَهُ مَعَ مَا يُشَارِكُهُ فِي الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ

(وَمَسْجِدٍ وَمَنْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ) كَالصَّفَّيْنِ فِي مُنْبَسَطٍ فَيُعْتَبَرُ الِاجْتِمَاعُ بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَمَنْ فِي غَيْرِهِ حَائِلٌ مِنْ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ كَانَ جِدَارَ الْمَسْجِدِ وَيَأْتِي فِي الْبِنَاءِ الَّذِي بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ) إنْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ مِنْ غَيْرِ شُبَّاكٍ لِاعْتِبَارِهِمْ وُقُوفَ الرَّابِطَةِ قُبَالَةَ الْمَنْفَذِ، وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الْمُشَاهَدَةُ مِنْ نَحْوِ شُبَّاكٍ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِالرُّؤْيَةِ مِنْ شُبَّاكٍ. (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ إلَخْ) أَقُولُ: لَوْ فُرِضَ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ شُبَّاكٌ وَكَذَا فِي الصُّفَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِحَيْثُ أَمْكَنَتْ الرُّؤْيَةُ، وَلَكِنَّ الْمُرُورَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ يَحُوجُ إلَى انْحِرَافٍ بِحَيْثُ يَصِيرُ وَجْهُهُ تُجَاهَ الصُّفَّةِ الْأُخْرَى مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَأَمَّا اعْتِبَارُ الْمُرُورِ بِحَيْثُ يُفْرَضُ الْمَشْيُ عَرْضًا فَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي إمْكَانِ الْمُرُورِ الْمُعْتَبَرِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَعَهُ اسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ وَلَا تَيَامُنُهَا أَوْ تَيَاسُرُهَا، لَكِنْ اقْتَصَرَ غَيْرُهُ عَلَى اعْتِبَارِ عَدَمِ الِاسْتِدْبَارِ وَلَيْسَ بَعِيدًا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا اُسْتُشْهِدَ بِهِ) أَقُولُ: هَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّهُ اُسْتُشْهِدَ بِمَنْ يُصَلِّي خَلْفَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ لِقُرْبِ الْبَابِ، وَنَحْنُ إذَا فَرَضْنَا فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ شُبَّاكًا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِمْ امْتِنَاعُ الصَّلَاةِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ، إذَا كَانَ الْوَاقِفُ بِهِ بِإِزَاءِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ

وَحَمْلُ النَّصِّ بِالصِّحَّةِ إذَا كَانَ بِإِزَاءِ الْبَابِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ، وَهُوَ قِيَاسُ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ، هَذَا وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ اقْتِدَاءِ مَنْ فِي الصُّفَّةِ، وَإِنْ حَالَ جِدَارُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ إذَا رَآهُ مِنْ شُبَّاكٍ فِيهِ وَأَمْكَنَهُ الْمُرُورُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْبَارٍ، وَإِنْ أَبْطَلْنَا اقْتِدَاءَ مَنْ وَرَاءِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْ بَابِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْمُرُورُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْبَارٍ، وَإِنْ شَاهَدَ الْإِمَامَ مِنْ شُبَّاكٍ بِالْجِدَارِ؛ لِأَنَّ مَنْ بِالصُّفَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُعَدُّ مُجْتَمِعًا مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَدْرَسَةِ تُعَدُّ مَكَانًا وَاحِدًا عُرْفًا

(قَوْلُهُ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الطُّرُوقِ مِنْ غَيْرِ انْعِطَافٍ لِوُقُوفِهِ فِيمَا يُحَاذِي بَابَ الْمَسْجِدِ مَثَلًا مَعَ اسْتِقَامَةِ الطَّرِيقِ، وَقَدْ صُرِّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ اهـ ش ع. (قَوْلُهُ امْتَنَعَتْ الرُّؤْيَةُ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ مِنْ الرُّؤْيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ اقْتِدَاءِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الرُّؤْيَةِ وَالْمُرُورِ، وَلَوْ مَعَ الِانْعِطَافِ وَاتِّصَالِ الصُّفُوفِ بِمَعْنَى وُقُوفِ وَاحِدٍ فِي الصَّحْنِ يَرَاهُ مَنْ فِي الصُّفَّةِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وسم (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ مَنْ بِالصُّفَّةِ الشَّرْقِيَّةِ أَوْ الْغَرْبِيَّةِ لَا يَصِلُ إلَى الْإِمَامِ الْكَائِنِ فِي غَيْرِهَا إلَّا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِانْعِطَافٍ إلَخْ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْمُرُورُ أَيْ الْوُصُولُ إلَى الْإِمَامِ بِانْعِطَافٍ نَاشِئٍ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ مُسْتَدْبِرًا لَهُ (قَوْلُهُ الْقَطْعُ) أَيْ اتِّفَاقُ الطَّرِيقَيْنِ عَلَى الْبُطْلَانِ لِاتِّفَاقِهِمَا عِنْدَ امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْمُرُورُ (قَوْلُهُ، وَقَدْ صَحَّحُوا إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَعَ امْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ، فَحُرِّرَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي مَسْجِدٍ وَالْآخَرُ فِي غَيْرِهِ، وَحَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارُ الْمَسْجِدِ، وَلَا بَابَ فِيهِ أَوْ فِيهِ بَابٌ لَمْ يَقِفْ بِحِذَائِهِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَا يَمْنَعُ اهـ فَفِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ خَاصَّةً خِلَافٌ لِأَبِي إِسْحَاقَ دُونَ جِدَارِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ مَحَلُّهُ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ الْقَطْعِ بِالْبُطْلَانِ وَكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ خِلَافِ الشَّيْخَيْنِ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الرُّؤْيَةُ، أَمَّا إذَا أَمْكَنَتْ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ خِلَافِهِمَا، وَتَكُونُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ مَشْرُوطَةً بِوُقُوفِ وَاحِدٍ يَرَى الْإِمَامَ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِاتِّصَالِ الصَّفِّ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ بَحْثُ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ عَلَى الشَّارِحِ هُنَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الذَّهَبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ، وَقَدْ نَصَّ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَنَّ الِانْعِطَافَ لَا يَضُرُّ، فَإِذَا وُجِدَ غَيْرُهُ مِنْ الشُّرُوطِ كَوُقُوفِ وَاحِدٍ يَرَى الْإِمَامَ، صَحَّ الِاقْتِدَاءُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ) بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَى الْإِمَامِ عَلَى الْعَادَةِ، كَانَ الْإِمَامُ خَلْفَ ظَهْرِهِ اهـ حَجَرٌ، فَيَكُونُ انْعِطَافُهُ أَوَّلًا نَاشِئًا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِانْعِطَافَ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ هُوَ الِانْعِطَافُ الْمُبْتَدَأُ مِنْ جِهَتِهِ بِأَنْ يَنْحَرِفَ عَنْ جِهَتِهِ إلَى الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ، فَإِنْ انْحَرَفَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ مِنْهُمَا إلَى خَلْفٍ كَانَ انْعِطَافًا مَبْدَؤُهُ جِهَةُ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ لَا جِهَةُ الْإِمَامِ، فَإِذَا كَانَ وُصُولُهُ إلَى الْإِمَامِ بِانْعِطَافٍ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْبَارِ، فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ جِدَارُ الْمَسْجِدِ) رَدٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ

ص: 425

خَلْفَهُ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحَالِ الثَّالِثِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ هُنَا مِنْ الْمَسْجِدِ لَا مِنْ آخِرِ مُصَلٍّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ، وَلَا يُعْتَبَرُ حَرِيمُهُ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَّصِلُ بِهِ الْمُهَيَّأُ لِمَصْلَحَتِهِ كَمَطْرَحِ الثَّلْجِ وَالْقُمَامَاتِ فِيهِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

(وَالْفُلْكِ وَالْفُلْكِ وَإِنْ لَمْ يُشْدَدْ بِهِ) أَيْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ (بِشَرْطِ الْكَشْفِ) لَهُمَا (كَالصَّفَّيْنِ) فِي مُنْبَسِطٍ، فَيُعْتَبَرُ الْقُرْبُ بَيْنَ مَنْ فِي الْفَلَكِ وَمَنْ فِي الْفَلَكِ الْآخَرِ بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَيَكُونَانِ كَدَكَّتَيْنِ فِي الصَّحْرَاءِ. (قُلْتُ) : الْفَلَكَانِ (الْمُسَقَّفَانِ كَالدَّارَيْنِ) وَبُيُوتُ الْفَلَكِ كَبُيُوتِ الدَّارِ، وَالْمَدَارِسُ وَالرُّبُطُ وَالْخَانَاتُ كَالدُّورِ وَالسُّرَادِقَاتِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَهِيَ مَا يُدَارُ حَوْلَ الْخِبَاءِ كَالْفَلَكِ الْمَكْشُوفِ، وَالْخِيَامُ كَالْبُيُوتِ، وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بِشَرْطِ الْكَشْفِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى زِيَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْفَلَكَيْنِ إنْ كَانَا مَكْشُوفَيْنِ فَكَالصَّفَّيْنِ فِي مُنْبَسِطٍ، أَوْ مُسْقَفَيْنِ فَكَالصَّفَّيْنِ فِي دَارَيْنِ. (أَوْ تَابَعَ الْغَيْرَ) أَيْ غَيْرَهُ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا

(وَمَا نَوَى اقْتِدَا) بِهِ (أَوْ مَا نَوَى جَمَاعَةً) بِالْإِمَامِ الْحَاضِرِ، فَإِنَّهُ يَقْضِي إذْ لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ عَمَلِهِ إلَّا مَا نَوَى، بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّفَقَ فِعْلَاهُمَا بِلَا مُتَابَعَةٍ (أَوْ وُجِدَا فِيهَا لَهُ تَشَكُّكٌ) أَيْ أَوْ تَابَعَ غَيْرَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

خَارِجٍ عَنْ الْمَسَاجِدِ بِمَنْ فِيهَا

(قَوْلُهُ كَالدَّارَيْنِ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَ الدَّارَيْنِ شَامِلٌ لِلْمُسْقَفَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ كَالدَّارَيْنِ الْمُسْقَفَتَيْنِ، فَالدَّارَانِ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُمَا بِالتَّسْقِيفِ وَعَدَمِهِ بِخِلَافِ الْفَلَكَيْنِ. (قَوْلُهُ أَوْ تَابَعَ الْغَيْرَ إلَخْ) ظَاهِرٌ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَامِدِ وَالنَّاسِي وَالْجَاهِلِ، وَقَدْ تَرَدَّدَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَبْعُدُ الْفَرْقُ حَتَّى تَصِحَّ صَلَاةُ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ، وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُعْذَرُ الْجَاهِلُ لَكِنَّهُ فِي التَّوَسُّطِ قَالَ: إنَّ الْأَشْبَهَ عَدَمُ الْفَرْقِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ م ر لَكِنْ يُرَاجِعُ النَّاسِي

(قَوْلُهُ وَمَا نَوَى اقْتِدَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فَلَوْ تَرَكَهَا أَيْ هَذِهِ النِّيَّةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا وَتَابَعَ فِي فِعْلٍ أَوْ سَلَامٍ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ لِلْمُتَابَعَةِ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ تَابَعَهُ اتِّفَاقًا أَوْ بَعْدَ انْتِظَارٍ يَسِيرٍ أَوْ انْتَظَرَهُ كَثِيرًا بِلَا مُتَابَعَةٍ، لَمْ يَضُرَّ اهـ. أَقُولُ: أَوْ كَثِيرًا لَا لِلْمُتَابَعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِلْمُتَابَعَةِ، وَمِنْ كَلَامِ الْمَحَلِّيِّ ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذَكَرْته فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ: إنَّهُ فِي حَالَةِ شَكِّهِ كَالْمُنْفَرِدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ فِيهَا كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ وَبِالْيَسِيرِ مَعَ الْمُتَابَعَةِ اهـ. أَقُولُ: لَوْ كَانَ فِي الْجُمُعَةِ فَيَنْبَغِي بُطْلَانُ صَلَاتِهِ إذَا طَالَ زَمَنُ الشَّكِّ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ مَعَ الِانْفِرَادِ

(قَوْلُهُ أَوْ تَابَعَ الْغَيْرَ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ سَوَاءٌ تَابَعَهُ فِي رُكْنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ: الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي رُكْنٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَائِلُ جِدَارَ الْمَسْجِدِ وَلَا بَابَ فِيهِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ. (قَوْلُهُ أَوْ خَلْفَهُ إلَخْ) فَإِذَا كَانَ الْبِنَاءُ خَلْفَ الْمَسْجِدِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِلْمَسْجِدِ بَابٌ يَقِفُ بِحِذَائِهِ الْمَأْمُومُ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَسْجِدِ لَا مِنْ آخِرِ مُصَلٍّ فِيهِ إلَخْ) هَذَا إنْ لَمْ تَخْرُجْ الصُّفُوفُ مِنْ الْمَسْجِدِ بِأَنْ زَادَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ آخِرِ صَفٍّ اهـ مِنْ الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ، وَرُبَّمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ لَا مِنْ آخِرِ مُصَلٍّ فِيهِ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر، فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ خَارِجَهُ اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ مِنْ طَرَفِهِ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ. (قَوْلُهُ الْمُسْقَفَانِ) فِي شَرْحِ م ر أَوْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ (قَوْلُهُ كَالدَّارَيْنِ) فَيُشْتَرَطُ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَعَدَمِ الْحَائِلِ، وُجُودُ الْوَاقِفُ بِالْمَنْفَذِ اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ أَوْ تَابَعَ الْغَيْرَ) أَيْ فِي فِعْلٍ، وَلَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ اهـ م ر سم أَيْ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الْمُبْطِلَ وَشَرَعَ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي هَذَا فِي غَيْرِ مَا هُنَا كَالشَّكِّ فِي النِّيَّةِ، فَحُرِّرَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ لِانْضِمَامِ الِانْتِظَارِ الطَّوِيلِ هُنَا فَتَأَمَّلْ، وَقَدْ مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ هُنَاكَ مِنْ فِعْلِ الرُّكْنِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ وَنَقْلُهُ عَنْ تَصْرِيحِ الْأَئِمَّةِ

(قَوْلُهُ فِي الْجُمُعَةِ) نَصَّ عَلَيْهَا رَدُّ الْمُقَابِلِ،

ص: 426

وَوُجِدَ لَهُ شَكٌّ فِي نِيَّتِهِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَقْضِي لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ بِصَلَاةِ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ إمَامُهُ فَأَشْبَهَ رَبْطَهَا بِغَيْرِ الْمُصَلِّي، فَلَا يُتَابِعُهُ مَعَ الشَّكِّ، حَتَّى لَوْ عَرَضَ لَهُ الشَّكُّ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقِفَ سَلَامَهُ عَلَى سَلَامِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُتَابِعْهُ لَكِنْ انْتَظَرَهُ يَسِيرًا لِيُتَابِعَهُ، فَلَا يَضُرُّ وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ قَبْلَ مُتَابَعَتِهِ فِي صُورَةِ الشَّكِّ

(أَوْ تَابَعَهْ فِي السَّهْوِ) أَيْ فِيمَا سَهَا بِهِ (عَالِمًا) هُوَ بِسَهْوِهِ وَكَانَ عَمْدُهُ مُبْطِلًا كَمَا لَوَّحَ بِهِ قَوْلُهُ (كَفَوْقِ) الرَّكْعَةِ (الرَّابِعَهْ) فَيَقْضِي لِتَلَاعُبِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَابَعَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِسَهْوِهِ أَوْ عَالِمًا بِهِ، لَكِنْ لَيْسَ عَمْدُهُ مُبْطِلًا كَتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: عَالِمًا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ عَيَّنَ) الْمَأْمُومُ (الْإِمَامَ) بِأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَلَمْ يُصِبْ فَيَقْضِي لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، نَعَمْ إنْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالْحَاضِرِ، فَلَا قَضَاءَ عَلَى الْأَرْجَحِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَحَلُّهُ إذَا عَلَّقَ الْقُدْوَةَ بِالشَّخْصِ، وَإِلَّا بِأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْحَاضِرِ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الشَّخْصُ فَيَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ، كَمَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَئِمَّةِ، لِأَنَّ الْحَاضِرَ صِفَةٌ لِزَيْدٍ الَّذِي ظَنَّهُ وَأَخْطَأَ فِيهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْمَوْصُوفِ الْخَطَأُ فِي الصِّفَةِ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقَعُ فِيهِ خَطَأٌ أَصْلًا فَصِفَتُهُ تَابِعَةٌ لَهُ وَكَذَا

ــ

[حاشية العبادي]

وَكَذَا فِعْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا بِرّ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُتَابِعْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ وَقَعَ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُتَابَعَةِ اتِّفَاقًا أَوْ بِانْتِظَارٍ يَسِيرٍ، لَمْ يَضُرَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَا يُؤَثِّرُ شَكُّهُ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ إلَخْ اهـ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ تَابَعَهُ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ إذَا وَقَعَ جَهْلًا، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ نَوَى وَلَا تَبْطُلُ بِالشَّكِّ، وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ هَذَا الِاحْتِمَالُ لَمْ تُؤَثِّرْ الْمُتَابَعَةُ حَالَ الشَّكِّ قَبْلَ السَّلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ فِي صُورَةِ الشَّكِّ) ، وَإِنْ طَالَ (قَوْلُهُ عَالِمًا هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ بِسَهْوِهِ أَيْ سَهْوِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُصِبْ فَيَقْضِي) رُتِّبَ الْقَضَاءُ عَلَى مُجَرَّدِ عَدَمِ الْإِصَابَةِ فَأَفَادَ الْبُطْلَانَ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ رَادِّينَ بَحْثَ السُّبْكِيّ وَالْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَنْعَقِدُ مُنْفَرِدًا، وَإِنَّمَا تَبْطُلُ عِنْدَ الْمُتَابَعَةِ بِشَرْطِهَا بِأَنَّ فَسَادَ النِّيَّةِ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ، كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِمَنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ مَأْمُومٌ إلَخْ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ بِأَنْ رَبَطَ الِاقْتِدَاءَ بِمَفْهُومِ الْحَاضِرِ، وَيُتَصَوَّرُ الرَّبْطُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْحَاضِرِ ذَاتُ مَا لَهَا الْحُضُورُ، فَالشَّخْصِيَّةُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي هَذَا الْمَفْهُومِ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ فِي الصِّفَةِ) أَيْ صِفَتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا نِيَّةُ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا كَذَلِكَ فَكَانَ التَّصْرِيحُ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ مُغْنِيًا عَنْ التَّصْرِيحِ بِنِيَّةِ الْجَمَاعَةِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر

(قَوْلُهُ " أَوْ وُجِدَ فِيهَا لَهُ شَكٌّ إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا هِيَ فَتَبْطُلُ بِدُونِ مُتَابَعَةٍ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ إنْ طَالَ الْفَصْلُ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَمِثْلُ الْجُمُعَةِ الْمُعَادَةُ وَالْمَجْمُوعَةُ بِالْمَطَرِ تَقْدِيمًا اهـ ق ل أَيْضًا

(قَوْلُهُ نَوَى اقْتِدَاءً بِهِ) زَادَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهِ، كَذَا فِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ وَاعْتَمَدَهُ طب وم ر، وَأَمَّا نِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فَتَكْفِي تَعْوِيلًا عَلَى الْقَرِينَةِ الْحَالِيَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ وَاعْتَمَدَهُ م ر، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مُشْكِلٌ وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِالْإِمَامِ الْحَاضِرِ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ اهـ سم وَفِي ق ل عَلَى قَوْلِ الْجَلَالِ فَيَكْفِي تَعْوِيلًا إلَخْ، وَالْقَرِينَةُ صَارِفَةٌ لِلنِّيَّةِ إلَى أَحَدِ مُصْدَقَاتِهَا كَنِيَّةِ الْمَأْمُومِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ الْمُنْصَرِفَةِ إلَى الْإِمَامِ الْحَاضِرِ بِقَرِينَةِ الْحُضُورِ، وَكَنِيَّةِ الْحَدَثِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْجُنُبِ الْمُنْصَرِفَةِ إلَى الْجَنَابَةِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهَا عَلَيْهِ اهـ

وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْ طب وم ر، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْقَرِينَةَ تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ وَلَا تُخَصِّصُ الْعَامَّ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ فِي التَّخْصِيصِ إخْرَاجًا لَا تَقْوَى عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي م ر وع ش أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِضَافَةُ إلَى الْإِمَامِ سَوَاءٌ الِاقْتِدَاءُ أَوْ الْجَمَاعَةُ، وَتَكْفِي الْقَرِينَةُ الْحَالِيَةُ، فَيَكْفِي مُجَرَّدُ تَقَدُّمِ إحْرَامِ أَحَدِهِمَا فِي الْعُرْفِ إلَى الْإِمَامَةِ وَتَأَخُّرِ الْآخَرِ فِي الْعُرْفِ إلَى الْمَأْمُومِيَّةِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ لَكِنْ انْتَظَرَهُ يَسِيرًا) فِيهِ مَيْلٌ لِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَسَبَهُ لِلرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الِانْتِظَارَ الْكَثِيرَ كَافٍ فِي الْبُطْلَانِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ رَاجَعْت الرَّافِعِيَّ فَوَجَدْته مُوَافِقًا لِلرَّوْضَةِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ اهـ عَمِيرَةُ سم. (قَوْلُهُ بِأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ تَعْيِينَهُ بِالْإِشَارَةِ الْقَلْبِيَّةِ إلَى ذَاتِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَعْتَقِدَهُ بِقَلْبِهِ زَيْدًا فَتَبَيَّنَ عَمْرًا اهـ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ لِرَبْطِهِ صَلَاتَهُ إلَخْ) عَدَلَ عَنْ قَوْلِ شَيْخِهِ الْمَحَلِّيِّ لِمُتَابَعَتِهِ مَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بَاطِلَةٌ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ، (قَوْلُهُ نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالْحَاضِرِ) بِأَنْ يَقْصِدَ بِقَلْبِهِ الْحَاضِرَ أَيْ هَذَا الْمَعْنَى اهـ، وَمِثْلُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْحَاضِرِ الْإِشَارَةُ بِأَنْ نَوَى بِزَيْدٍ هَذَا فَيُقَالُ: إنْ أَحْضَرَ الشَّخْصَ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر

(قَوْلُهُ بِأَنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْحَاضِرِ) أَيْ بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِاسْمِهِ اهـ م ر، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ رَبْطُهُ صَلَاتَهُ بِمُسَمَّى هَذَا الِاسْمِ فِي اعْتِقَادِهِ تَأَمَّلَ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ الْمُرَادُ عَنْ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ الْخَطَأُ فِي الصِّفَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ نِسْبَتِهَا إلَيْهِ، وَإِلَّا فَهُوَ تَصَوُّرٌ لَا يَقَعُ الْخَطَأُ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَوْجُودَ هُنَا هُوَ ذَلِكَ الْبَاطِلِ فَقَطْ وَهُوَ تَصْدِيقٌ وَقَعَ الْخَطَأُ فِيهِ، وَلَا تَصَوُّرَ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الشَّخْصُ، أَمَّا لَوْ خَطَرَ بِبَالِهِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ الْحَاصِلَ أَمْرَانِ: هَذَا التَّصَوُّرُ وَلَا خَطَأَ فِيهِ، وَذَلِكَ التَّصْدِيقُ، وَفِيهِ الْخَطَأُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَحْدَهُ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقَعُ فِيهِ خَطَأٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَوُّرٌ وَلَا خَطَأَ فِي التَّصَوُّرَاتِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْخَطَأُ فِي ظَنِّ أَنَّهُ زَيْدٌ وَلَا عِبْرَةَ

ص: 427

لَا قَضَاءَ فِيمَا لَوْ قَالَ: أُصَلِّي خَلْفَ هَذَا الْحَاضِرِ انْتَهَى. (وَهْوَ) أَيْ تَعْيِينُ الْإِمَامِ (لَا يَجِبُ) عَلَى الْمَأْمُومِ فِي نِيَّتِهِ، بَلْ يَكْفِي نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ بِالْحَاضِرِ إذْ مَقْصُودُ الْجَمَاعَةِ لَا يَخْتَلِفُ وَالْأَوْلَى كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ أَنْ لَا يُعَيِّنَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا إذَا عَيَّنَهُ بَانَ خِلَافُهُ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ (كَالْمَيْتِ) لَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي عَلَيْهِ تَعْيِينُهُ، وَلَوْ عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، فَإِنْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْحَاضِرِ صَحَّتْ نَظِيرَ مَا مَرَّ

(لَا) إنْ عَيَّنَ الْإِمَامُ (مَأْمُومَهُ فَلَمْ يُصِبْ) ، فَلَا قَضَاءَ، إذْ النِّيَّةُ لَا تَلْزَمُهُ فَالْغَلَطُ فِيهَا لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، أَمَّا فِيهَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ نِيَّةَ الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ فِيهَا، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْجَارْبُرْدِيُّ

وَهُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ: إنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ (أَوْ مِنْ صَلَاتَيْ ذَيْنِ مَا تَوَافَقَا نَظْمٌ) أَيْ أَوْ لَمْ يَتَوَافَقْ نَظْمُ صَلَاتَيْهِمَا كَمَكْتُوبَةٍ خَلْفَ كُسُوفٍ أَوْ جِنَازَةٍ، فَيَقْضِي الْمَأْمُومُ لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّفَقَ النَّظْمُ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ بِغَيْرِهِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي النِّيَّةِ، كَقَاضٍ بِمُؤَدٍّ وَمُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَعَكْسِهِمَا، أَوْ فِي الْعَدَدِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ:

(وَفِي الصُّبْحِ بِظُهْرٍ فَارَقَا فِي رَكْعَةٍ ثَالِثَةٍ أَوْ انْتَظَرْ) أَيْ وَفِي اقْتِدَاءِ مُصَلِّي الصُّبْحِ بِمُصَلِّي الظُّهْرِ فَارَقَ إمَامَهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ، أَوْ انْتَظَرَهُ فِي التَّشَهُّدِ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ، وَالْأَفْضَلُ انْتِظَارُهُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقُنُوتُ وَلُحُوقُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ خَلْفَ هَذَا الْحَاضِرِ) قَدْ يُقَالُ إنْ أَشَارَ إلَى الشَّخْصِ، أَغْنَى عَنْ هَذَا قَوْلُهُ السَّابِقِ إذَا عَلَّقَ الْقُدْوَةَ بِالشَّخْصِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ فَتَأَمَّلْهُ سم

(قَوْلُهُ أَمَّا فِيهَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ) لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأَرْبَعِينَ، بَلْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ دُونَ مَا زَادَ فَلَوْ عَيَّنَ أَرْبَعِينَ مَثَلًا وَأَخْطَأَ فِي وَاحِدٍ لَمْ يَضُرَّ، لِعَدَمِ تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ خَلْفَ كُسُوفٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ: إلَّا الثَّانِي فِي ثَانِيَةِ الْكُسُوفِ (قَوْلُهُ فَيَقْضِي الْمَأْمُومُ)، وَإِنْ جَهِلَ نِيَّةَ الْإِمَامِ وَبَانَ لَهُ الْحَالُ قَبْلَ التَّكْبِيرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ م ر. (قَوْلُهُ وَعَكْسِهِمَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَعَ جَوَازِ ذَلِكَ يُسَنُّ تَرْكُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ اهـ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ ع ش حَجَرٌ وَفِيهِ نَظَرٌ م ر

(قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ انْتِظَارُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِفَضْلِ أَدَاءِ السَّلَامِ فِي الْجَمَاعَةِ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِطَلَبِ الِانْتِظَارِ لِأَجْلِ أَدَاءِ السَّلَامِ فِي جَمَاعَةٍ، وَإِذَا حَصَلَتْ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ تَرْكُ الِاقْتِدَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ بِهَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، كَانَ قِيَاسُهُ حُصُولَهَا إذَا لَمْ تُسَنَّ الْجَمَاعَةُ كَمَا فِي النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ، كَمَا أَخَذَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَلْغَازِهِ مِنْ عَدَمِ سُنِّيَّتِهَا فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَا ثَوَابَ فِيهَا، وَإِلَّا لَطُلِبَتْ لِأَجْلِ حُصُولِ الثَّوَابِ، فِيهِ نَظَرٌ، لَا يُقَالُ: فِي هَذِهِ الْحَاشِيَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا: مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ تَرْكُ هَذَا الِاقْتِدَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ إلَخْ، لَيْسَ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِنَّ كَلَامَ شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا أَدَاءً وَقَضَاءً؛ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ أَيْضًا كَذَلِكَ إذْ الصُّبْحُ خَلْفَ الظُّهْرِ أَدَاءٌ خَلْفَ قَضَاءٍ أَوْ عَكْسُهُ قَطْعًا

ــ

[حاشية الشربيني]

بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ مَعَ التَّصَوُّرِ الَّذِي لَا خَطَأَ فِيهِ بِخِلَافِ مَسَائِلِ الْبُطْلَانِ، فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الظَّنُّ الْبَاطِلُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ خَلْفَ هَذَا الْحَاضِرِ) أَيْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا، فَلَا خَطَأَ فِي شَيْءٍ. (قَوْله بِالْحَاضِرِ) أَيْ بِالشَّخْصِ الَّذِي هُوَ حَاضِرٌ إذْ لَا يَجِبُ مُلَاحَظَةُ الْحَاضِرِ عَلَى مَا مَرَّ. اهـ

(قَوْلُهُ أَمَّا فِيهَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ، وَلَوْ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ أَوْ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ لَكِنَّهُ نَوَاهَا، فَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ وَلَمْ يَنْوِهَا، بَلْ نَوَى غَيْرَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ نِيَّةُ الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْبُطْلَانِ إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ إنْ عَلِمُوا، وَإِلَّا فَجُمُعَتُهُمْ صَحِيحَةٌ كَمَا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا اهـ م ر وَعَمِيرَةُ

(قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ انْتِظَارُهُ) اتَّفَقُوا عَلَى هَذَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَمَاعَةِ فَضِيلَةٌ لِمَا قَالُوهُ اهـ زي. (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَهُ الْقُنُوتُ وَلُحُوقُهُ عَلَى الْقُرْبِ إلَخْ) وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا إنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ هُوِيِّهِ لِلْأُولَى، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُخَالَفَةِ فِي سُنَنِ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةِ فِيهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، حَيْثُ تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ التَّخَلُّفِ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا، إذْ لَوْ كَانَ مِنْهَا لَقُلْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِهُوِيِّ إمَامِهِ لِلسُّجُودِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ، وَقَدْ رَجَّحْنَا خِلَافَهُ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّخَلُّفَ لِلْقُنُوتِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ، إذْ لَيْسَ فِيهِ إحْدَاثُ شَيْءٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ فَلَمْ تَفْحُشْ الْمُخَالَفَةُ إلَّا بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، بِخِلَافِ التَّخَلُّفِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَثَلًا فَإِنَّ فِيهِ إحْدَاثَ سُنَّةٍ يَطُولُ زَمَنُهَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْإِمَامُ أَصْلًا فَفَحَشَتْ الْمُخَالَفَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفُحْشَ فِي التَّخَلُّفِ لِلسُّنَّةِ غَيْرُهُ فِي التَّخَلُّفِ بِالرُّكْنِ، وَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ إحْدَاثَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ مَعَ طُولِ زَمَنِهِ فُحْشٌ فِي ذَاتِهِ فَلَمْ يُحْتَجْ لِضَمِّ شَيْءٍ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مُجَرَّدِ تَطْوِيلِ مَا فَعَلَهُ إمَامُهُ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ صِفَةٍ تَابِعَةٍ فَلَمْ يَحْصُلْ الْفُحْشُ بِهِ، بَلْ بِتَكَرُّرِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ مِنْهُ إلَّا تَوَالِي رُكْنَيْنِ تَامَّيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ

ص: 428

عَلَى الْقُرْبِ قَنَتَ، وَإِلَّا تَرَكَهُ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ وَلَهُ فِرَاقُهُ لِيَقْنُتَ وَاسْتُشْكِلَ تَخَلُّفُهُ لِلْقُنُوتِ بِمَا قَالُوهُ: مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَفُرِّقَ بِأَنَّهُ هُنَاكَ أَحْدَثَ جُلُوسًا بِخِلَافِهِ هُنَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ جَلَسَا لِلِاسْتِرَاحَةِ كَانَ التَّشَهُّدُ كَالْقُنُوتِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ الْأَوْجَهُ حَمْلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَلْحَقْهُ عَلَى الْقُرْبِ، فَلَا فَرْقَ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ مُنْتَقِضٌ بِمَا إذَا جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ دُونَ الْإِمَامِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ جُلُوسَ الِاسْتِرَاحَةِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ، فَلَا يَضُرُّ الِانْفِرَادُ بِهِ بِخِلَافِ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلِمُصَلِّي الظُّهْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمُصَلِّي الْعِيدِ أَوْ الِاسْتِسْقَاءِ، وَلَا يُتَابِعُهُ فِي زَوَائِدِ التَّكْبِيرَاتِ فِي الْعِيدِ وَلَا فِي الِاسْتِغْفَارِ بَدَلَ التَّكْبِيرِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَإِنْ تَابَعَهُ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ لَا تَضُرُّ وَلَوْ صَلَّى الْعِيدَ خَلَفَ الصُّبْحِ جَازَ

وَيُكَبِّرُ الزَّوَائِدَ (كَالْحُكْمِ) فِيمَا (لَوْ إمَامُهُ فَرْضًا) كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ (يَذَرْ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَتْرُكْ، فَإِنَّهُ يُفَارِقُهُ أَوْ يَنْتَظِرُهُ إلَى أَنْ تَنْتَظِمَ صَلَاتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مُتَابَعَتُهُ فِي غَيْرِ الْمُنْتَظِمِ، إذْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ، وَلَوْ اقْتَدَى فِي الْمَغْرِبِ بِالظُّهْرِ فَارَقَهُ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلرَّابِعَةِ وَلَا يَنْتَظِرُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ تَشَهُّدًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ

(فَرْعٌ) وَجَدَهُ مُصَلِّيًا جَالِسًا وَشَكَّ أَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ الْقِيَامِ؟ لِعَجْزِهِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَوْ لَا؟ وَكَذَا لَوْ رَآهُ فِي وَقْتِ الْكُسُوفِ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ كُسُوفٌ أَوْ غَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ. (أَوْ خَالَفَ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ كَغَيْرِهِ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَالَ الْمَحَلِّيُّ أَيْ لَا يُجْبِرُهُ بِالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ تَحَمَّلَ عَنْهُ اهـ وَقَالَ: الْإِسْنَوِيُّ الْقِيَاسُ السُّجُودُ اهـ، وَفِي الْأَوَّلِ تَأْيِيدٌ لِعَدَمِ السُّجُودِ فِيمَا لَوْ اقْتَدَى فِي الصُّبْحِ بِمُصَلٍّ سُنَّتَهُ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُهُ أَيْضًا أَفْتَى بِهِ ع ش فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ جُلُوسَ الِاسْتِرَاحَةِ غَيْرُ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ م ر (قَوْلُهُ حَمْلُ مَا هُنَاكَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ هَذَا الْحَمْلِ م ر (قَوْلُهُ وَلَا فِي الِاسْتِغْفَارِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ اسْتِغْفَارٌ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ لَا يُوَافِقُهُ فِي الِاسْتِغْفَارِ فِيهِ أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، إنْ ثَبَتَ أَنَّ فِيهِ قَوْلًا وَإِلَّا فَهُوَ وَهْمٌ سَرَى إلَيْهِ مِنْ الْخُطْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ

(قَوْلُهُ كَالْحُكْمِ لَوْ إمَامُهُ فَرْضًا يَذَرُ) مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ أَخَلَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا، بِحَيْثُ تَوَقَّفَتْ صِحَّةُ رَكْعَتِهِ عَلَى إعَادَتِهِ، فَلَا تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ رُكُوعِهِ قَبْلَ تَدَارُكِ الْخَلَلِ حَمْلًا عَلَى سَهْوِهِ بِذَلِكَ، بَلْ لَهُ انْتِظَارُهُ إلَى أَنْ تَنْتَظِمَ صَلَاتُهُ، وَقَدْ تُوُهِّمَ خِلَافُ ذَلِكَ فَلْيُحْذَرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَحْدُثُ إلَخْ) هَلْ لَهُ انْتِظَارُهُ فِي السُّجُودِ الثَّانِي لِزَوَالِ هَذِهِ الْعِلَّةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ) لَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ فَهَلْ لَهُ الِاقْتِدَاءُ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْجُلُوسُ بِكُلِّ حَالٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَوَاجِبَةٌ الْفَاتِحَةُ أَمْ لَا؟ ، (قَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى الْقُرْبِ) بِأَنْ لَحِقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقُنُوتُ مَنْدُوبًا وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ جَائِزًا إنْ لَمْ يَسْبِقْهُ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، وَلَوْ طَوِيلًا وَقَصِيرًا بِأَنْ يَهْوِيَ الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ الثَّانِي، فَإِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ تَمَامِهِمَا لَمْ تَبْطُلْ اهـ ق ل وح ل. وَفِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ أَنَّهُ إنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى نُدِبَ لَهُ التَّخَلُّفُ، وَإِنْ لَمْ يَهْوِ الْمَأْمُومُ إلَّا بَعْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كُرِهَ لَهُ التَّخَلُّفُ لَهُ، وَإِنْ هَوَى الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ هُوِيِّ الْمَأْمُومِ لِلْأُولَى بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهُ لِلتَّشَهُّدِ) فَإِنْ تَخَلَّفَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا، وَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ بَعْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ لَهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا سُنَّ لَهُ الْعَوْدُ أَوْ نَاسِيًا وَجَبَ الْعَوْدُ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ، وَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا، وَمِثْلُهُ مَا إذَا سَجَدَ دُونَ إمَامِهِ اهـ، وَلَوْ تَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بَعْدَ قِيَامِ الْإِمَامِ عَنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ

وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا م ر فِي هَذِهِ وَجَعَلَهُ مِنْ الْعُذْرِ، كَمَا مَرَّ فِي تَخَلُّفِهِ لِإِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَهُ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ: إنَّ تَخَلَّفَهُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ مَطْلُوبٌ فَيَكُونُ كَالْمُوَافِقِ هُوَ الْأَوْجَهُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ أَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ لَوْ جَلَسَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ جَلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ هُنَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ اهـ م ر. (قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَلْحَقْهُ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَحِقَهُ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ تَابَعَهُ لَمْ يَضُرَّ) اُنْظُرْ إذَا تَابَعَهُ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ مَعَ التَّوَالِي، هَلْ هُوَ كَتَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ فِي الْقُنُوتِ إذَا اقْتَدَى مُصَلِّي الظُّهْرِ بِمُصَلِّي الصُّبْحِ، وَقَدْ قَالُوا: لَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهُ الِاعْتِدَالَ مُتَابَعَةً لِإِمَامِهِ أَوْ يُفَرَّقُ؟ الظَّاهِرُ الْفَرْقُ؛ لِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ لِضَرُورَةِ الْمُتَابَعَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا فِي الرَّفْعِ

(قَوْلُهُ، وَلَوْ اقْتَدَى فِي الْمَغْرِبِ إلَخْ) ضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، إلَّا إنْ فَرَغَتْ صَلَاتُهُ فِي مَحَلٍّ يُطْلَبُ لِلْإِمَامِ فِيهِ التَّشَهُّدُ وَتَشَهَّدَ فِيهِ بِالْفِعْلِ، نَعَمْ لَهُ الِانْتِظَارُ فِي السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ اهـ ق ل. (قَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: لِأَنَّ الْمَأْمُومَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَا يَعْلَمُ هَلْ وَاجِبُهُ الْجُلُوسُ؟ أَوْ الْقِيَامُ؟ فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ كَأَنْ رَآهُ يُصَلِّي مُفْتَرِشًا أَوْ مُتَوَرِّكًا فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ وَيَجْلِسُ، هَذَا إنْ كَانَ فَقِيهًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا يَعْرِفُ هَيْئَاتِ الْجَلَسَاتِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ اهـ، وَلَوْ أَحْرَمَ مَعَهُ وَتَبَيَّنَ خِلَافَ ظَنِّهِ فَالظَّاهِرُ تَبَيُّنُ صِحَّةِ

ص: 429

الْمَأْمُومُ (الْإِمَامَ فِي نَدْبٍ عَلَى فُحْشِ الْخِلَافِ) أَيْ فِي نَفْلٍ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا، (كَالسُّجُودِ إنْ تَلَا) أَيْ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَيَقْضِي قَالُوا: لِعُدُولِهِ عَنْ فَرْضِ الْمُتَابَعَةِ إلَى النَّفْلِ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ إذَا تَرَكَهُ إمَامُهُ يَفْعَلُهُ هُوَ؛ لِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ الْبُطْلَانَ فِيمَا لَوْ تَرَكَ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَفَعَلَهُ الْإِمَامُ، وَمَحَلُّهُ إذَا تَرَكَهُ سَهْوًا وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ، كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: نَحْوَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا) ، أَمَّا فِعْلًا كَأَنْ أَتَى بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ دُونَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا تَرْكًا فَكَأَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ سُجُودِ الْإِمَامِ لِلتِّلَاوَةِ وَلَا يَأْتِيَ فِي التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ عَنْ تَشَهُّدِ الْإِمَامِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا غَيْرُ مُبْطِلٍ، إلَّا أَنْ يُلَاحِظَ مَعَ قِيَامِهِ عَنْهُ سَهْوًا، عَدَمُ عَوْدِهِ إلَيْهِ عِنْدَ تَذَكُّرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ

(قَوْلُهُ كَالسُّجُودِ إنْ تَلَا إلَخْ) الْوَجْهُ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ بِمُجَرَّدِ تَخَلُّفِهِ بِقَصْدِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ إذَا تَرَكَهُ إمَامُهُ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي الْمُبْطِلِ مُبْطِلٌ، وَلَوْ أَتَى بِبَعْضِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَقَامَ عَنْ الْبَاقِي فَعَنْ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ إتْمَامُهُ، وَعَنْ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ أَنَّهُ يَنْبَغِي نَدْبُ الْإِتْمَامِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ الْقِيَامِ مَعَ الْإِمَامِ، قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ نَدْبِ الْإِتْيَانِ بِالْقُنُوتِ وَجَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ مَعَ تَرْكِ الْإِمَامِ لَهُمَا، فَلَوْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ هَذَا الْمُتَخَلِّفُ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْفَاتِحَةَ، فَالْمَطْلُوبُ أَنَّهُ لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّخَلُّفِ لَهُ يَكُونُ مَعْذُورًا فَيُتِمُّ الْفَاتِحَةَ وَيَسْعَى عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ فَتَاوَى أَهْلِ الْعَصْرِ فِي ذَلِكَ اهـ

وَأَقُولُ: إذَا جَعَلْنَاهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ كَمَا اخْتَارَهُ، فَيُفَارِقُ الْمُتَخَلِّفَ لِلْإِتْيَانِ بِالْقُنُوتِ مَعَ تَرْكِ الْإِمَامِ لَهُ بِانْفِرَادِ ذَاكَ بِالْقُنُوتِ وَمُشَارَكَةِ الْإِمَامِ لِهَذَا فِي الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ التَّشَهُّدِ، فَلَوْ أَتَى الْإِمَامُ بِبَعْضِ الْقُنُوتِ وَتَرَكَ الْبَاقِيَ فَتَخَلَّفَ لَهُ الْمَأْمُومُ، فَهَلْ يَجْعَلُهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ كَمَا هُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ التَّشَهُّدِ حِينَئِذٍ؟ أَوْ لَا؟ وَيُفَرَّقُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُمْ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ إذَا تَخَلَّفَ عَنْ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ عَمْدًا، هَلْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ: لَا يَضُرُّ قِيَامُ الْمَأْمُومِ عَمْدًا لِثَالِثَةٍ وَتَرْكُ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا أَقُولُ: وَلَا يَصِحُّ الْفَرْقُ بِأَنَّ التَّخَلُّفَ أَفْحَشُ مِنْ السَّبْقِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ وَهُوَ أَنَّ السَّبْقَ أَفْحَشُ كَمَا يَأْتِي، وَلَا يُنَافِي أَنَّهُ أَفْحَشُ الْبُطْلَانِ بِتَخَلُّفِهِ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ إذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ دُونَ قِيَامِهِ لِثَالِثَةٍ مَعَ تَخَلُّفِ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ هُنَا لِإِحْدَاثِهِ مَا لَمْ يُحْدِثْهُ الْإِمَامُ، نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَمَّا كَانَ مِنْ غَيْرِ الصَّلَاةِ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ لِسُنَّتِهِ أَفْحَشَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَصِيرَ أَحَدُهُمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْآخَرُ فِي غَيْرِهَا

(قَوْلُهُ إنْ تَلَا) إنْ فُتِحَتْ إنْ فَيَنْبَغِي جَرُّهَا بِلَامٍ أَيْ؛ لِأَنَّ تَلَا أَيْ لِلتِّلَاوَةِ (قَوْلُهُ أَوْ تَرْكًا) اُنْظُرْ كَيْفَ يَصْدُقُ هَذَا فِي الْمُخَالَفَةِ تَرْكًا؟ (قَوْلُهُ كَقُنُوتِ مَنْ يَلْحَقُ قَرِيبًا) قَالَ الشَّيْخَانِ بِأَنْ يَلْحَقَهُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى اهـ، وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهَا كَانَ مُخَالَفَةً فَاحِشَةً مُبْطِلَةً، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مَا لَمْ يَتَخَلَّفْ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي التَّخَلُّفِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَبَسَطَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الصَّلَاةِ كَمَا فِي فَتَاوَى وَالِدِ م ر وَقَوْلُهُ: فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ أَيْ فَيَمْتَنِعُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ اهـ ع ش. وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِهِ يُصَلِّي مُفْتَرِشًا: الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ وَعَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ فَقِيهًا أَيْ الْمَأْمُومُ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْإِمَامِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، أَمَّا الْإِمَامُ فَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ بِأَفْعَالِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ) أَيْ مَعَ تَذَكُّرِهِ قَبْلَ قِيَامِ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا عَوْدَ كَمَا تَقَدَّمَ

ص: 430

الرَّاجِعِ إلَى تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ وَخَرَجَ بِفُحْشِ الْخِلَافِ يَسِيرُهُ كَقُنُوتِ مَنْ يَلْحَقُ قَرِيبًا وَجَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَالسُّنَنِ الْقَوْلِيَّةِ، فَلَا تَضُرُّ الْمُخَالَفَةُ فِيهِ

(فَإِنْ يَعُدْ) أَيْ الْإِمَامُ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ (وَكَانَ مَأْمُومٌ فِي هُوِيِّهِ) لَهُ (لِضَعْفٍ أَوْ لَا ضَعْفِ) مِنْ نِسْيَانٍ أَوْ نَحْوِهِ، (يَرْجِعْ) وُجُوبًا (مَعَ الْإِمَامِ لِلْقِيَامِ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ فَلَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ لِنَفْلٍ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ لَمْ يَسْجُدْ. (أَوْ هُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (بِالتَّكْبِيرِ لِلْإِحْرَامِ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ، بِأَنْ تَقَدَّمَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ قَارَنَهُ فِيهِ، فَيَقْضِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ:«إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» وَفَارَقَ الْمُقَارَنَةَ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ بِانْتِظَامِ الْقُدْوَةِ فِيهَا لِكَوْنِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ، نَعَمْ تُكْرَهُ وَتَسْقُطُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ

وَسَيَأْتِي حُكْمُ التَّقَدُّمِ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ ظَنَّهُ أَحْرَمَ فَأَحْرَمَ فَبَانَ خِلَافُهُ، فَيَقْضِي لِإِمْكَانِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ مَا لَوْ بَانَ إمَامُهُ جُنُبًا. (أَوْ يَشُكَّ فِي ذَاكَ) أَيْ فِي تَخَلُّفِهِ عَنْهُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، فَيَقْضِي لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِاقْتِدَائِهِ بِمَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ انْعِقَادُ صَلَاتِهِ، نَعَمْ إنْ زَالَ الشَّكُّ عَنْ قُرْبٍ صَحَّتْ كَالشَّكِّ فِي نِيَّتَيْ الصَّلَاةِ وَالِاقْتِدَاءِ قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ

(كَبِالسَّبْقِ) أَيْ كَمَا يَقْضِي بِسَبْقِهِ إمَامَهُ عَالِمًا عَامِدًا. (أَوْ التَّخَلُّفِ عَنْهُ) بِغَيْرِ عُذْرٍ (بِرُكْنَيْنِ مِنْ الْأَفْعَالِ تَمَّا) أَيْ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ تَامَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا طَوِيلَيْنِ لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ، وَمَثَّلَ الْعِرَاقِيُّونَ السَّبْقَ بِهِمَا، بِأَنْ يَرْكَعَ قَبْلَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ سَجَدَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا يُخَالِفُ تَمْثِيلَهُمْ التَّخَلُّفَ بِهِمَا بِفَرَاغِ إمَامِهِ مِنْهُمَا، وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي التَّخَلُّفِ، وَيَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِالسَّبْقِ؛ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ مُخَالَفَةً، وَخَرَجَ بِالرُّكْنَيْنِ الرُّكْنُ وَبِالْفِعْلِيِّينَ الْقَوْلِيَّانِ وَالْقَوْلِيُّ وَالْفِعْلِيُّ وَبِالتَّامَّيْنِ مَا إذَا بَقِيَ فِي ثَانِي الرُّكْنَيْنِ، إذْ لَا يَظْهَرُ بِذَلِكَ مُخَالَفَةٌ فَاحِشَةٌ، وَبِكَوْنِهِ فِي السَّبْقِ عَالِمًا عَامِدًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَجَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يُطِلْهَا بِحَيْثُ تَفْحُشُ الْمُخَالَفَةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ إطَالَتَهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ م ر. (قَوْلُهُ فِي هَوِيِّهِ) يَنْبَغِي أَوْ فِي الْجُلُوسِ قَبْلَ وَضْعِ الْجَبْهَةِ (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ فَضِيلَةُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ عَلَى الْمُتَّجَهِ، بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ هُنَا لِلْمُقَارَنَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَا فِيهِ الْمُقَارَنَةُ وَثُمَّ لِلِاقْتِدَاءِ فِي الْخِلَالِ وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ فِي الْجَمِيعِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَبِخِلَافِ الْمُقَارَنَةِ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ لَكِنَّهَا فِي الْأَفْعَالِ مَكْرُوهَةٌ مُفَوِّتَةٌ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ اهـ، وَقَوْلُهُ فِي الْأَفْعَالِ تُخْرِجُ الْأَقْوَالَ. (قَوْلُهُ فَبَانَ خِلَافُهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي ظَنُّ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ التَّأَخُّرِ

(قَوْلُهُ أَوْ يَشُكَّ) أَيْ بِاسْتِوَاءٍ أَخْذًا مِنْ وَشَمِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالِاقْتِدَاءِ) قَضِيَّتُهُ: أَنَّ الشَّكَّ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ حَتَّى تَبْطُلَ إذَا طَالَ زَمَنُ الشَّكِّ أَوْ مَضَى رُكْنٌ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ مَعَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعَزِيزِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ فِي حَالِ الشَّكِّ كَالْمُنْفَرِدِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ) لَمَّا كَانَ الْعُذْرُ هُنَا أَعَمَّ مِنْ السَّهْوِ وَالْجَهْلِ عَبَّرَ بِذَلِكَ دُونَ أَنْ يَقُولَ: عَالِمًا عَامِدًا كَمَا فِي السَّبْقِ

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَرْكَعَ) أَيْ الْمَأْمُومُ قَبْلَهُ أَيْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ فَلَمَّا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ) أَيْ الْمَأْمُومُ، فَرَفْعُهُ سَابِقٌ رُكُوعَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اعْتَدَلَ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَهَكَذَا مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ تَمْثِيلَهُمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ فِي التَّخَلُّفِ) أَيْ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَخْصِيصُهُ) أَيْ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ فِي ثَانِي الرُّكْنَيْنِ) أَيْ كَمَا فِي تَمْثِيلِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَمِنْ هَذَا يَظْهَرُ رَدُّ تَمْثِيلِهِمْ، فَلَا يُقَالُ الشَّارِحُ أَقَرَّهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ بِأَنْ تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا، سَوَاءٌ الِابْتِدَاءُ وَالدَّوَامُ؟ . اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. إلَّا إنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ، وَلَوْ بَعْدَهُ بَعْدَهَا. اهـ. ق ل أَيْضًا. (قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ) ، وَلَوْ السَّلَامَ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ تَمَامُ وَاجِبِ الْمَأْمُومِ مِنْهُ عَلَى تَمَامِ وَاجِبِ الْإِمَامِ، وَانْظُرْ هَلَّا يَضُرُّ مَعَ ذَلِكَ شُرُوعُ الْمَأْمُومِ فِيهِ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ؟ ، وَمِثْلُ السَّلَامِ قِيَامُ الْمَسْبُوقِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ أَفْحَشُ فَيَضُرُّ الشُّرُوعُ فِيهِ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ هَيْئَةُ الْجُلُوسِ قَبْلَ تَمَامِ سَلَامِ الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ الْقَوْلِيَّةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) فَتَسْقُطُ بِهَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر وَمَحَلُّ السُّقُوطِ إذَا قَصَدَ ذَلِكَ دُونَ مَا إذَا وَقَعَ اتِّفَاقًا اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ ع ش فِي بَعْضِهِ. (قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ) أَيْ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ فَيَقْضِي) وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ انْعِقَادَ صَلَاتِهِ فُرَادَى اهـ سم. (قَوْلُهُ بِسَبْقِهِ) بِأَنْ يَشْرَعَ فِيمَا بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَفْحَشُ) وَلِهَذَا حَرُمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْإِمَامِ بِبَعْضِ رُكْنٍ، بِخِلَافِ تَخَلُّفِهِ بِرُكْنٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ

(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالرُّكْنَيْنِ الرُّكْنُ) شَامِلٌ لِمَا إذَا تَرَكَهُ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَانْتَصَبَ قَبْلَهُ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا لَوْ تَرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَانْتَصَبَ قَبْلَهُ فِي فُحْشِ الْمُخَالَفَةِ، فَهَلْ يَجِبُ الْعَوْدُ إذَا كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا كَمَا قَالُوا بِذَلِكَ هُنَاكَ؟ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُنَاكَ فِي سُنَّةٍ وَهُنَا فِي وَاجِبٍ، وَمَالَ م ر إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ هُنَا فَارِقًا بِأَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا كَانَ مُسْتَقِرًّا فِي التَّشَهُّدِ كَانَ مُخَالَفَتُهُ إلَى الْقِيَامِ أَفْحَشَ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمُتَشَهِّدِ وَالسَّاجِدِ؟ ، (قَوْلُهُ أَيْضًا وَخَرَجَ بِالرُّكْنَيْنِ الرُّكْنُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ وَإِذَا رَكَعَ الْمَأْمُومُ قَبْلَ الْإِمَامِ فَفِي الْعَمْدِ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْعَوْدُ، وَفِي السَّهْوِ يَتَخَيَّرُ وَأَلْحَقَ بِهِ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ مَا إذَا زَادَ عَلَى رُكْنٍ وَلَمْ يُجَاوِزْ الرُّكْنَيْنِ فَحِكْمَةُ مَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ السَّبْقُ بِرُكْنٍ وَبِبَعْضِهِ حَرَامٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ بِاخْتِصَارٍ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ) وَلِهَذَا حَرُمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْإِمَامِ بِبَعْضِ رُكْنٍ، بِخِلَافِ تَخَلُّفِهِ بِرُكْنٍ فَإِنَّهُ

ص: 431

الْجَاهِلُ وَالنَّاسِي، لَكِنْ تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ فِي التَّخَلُّفِ الْمَعْذُورُ وَسَيَأْتِي

(تَنْبِيهَاتٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ فِي الْأَفْعَالِ بِلَا عُذْرٍ حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ، كَأَنْ تَقَدَّمَ بِرُكْنٍ وَتَقَدُّمُهُ بِالسَّلَامِ مُبْطِلٌ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُفَارَقَةَ، فَفِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ نَوَاهَا، وَمَا وَقَعَ لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَتَابِعِيهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ

(وَأَرْبَعٍ مِنْ الطِّوَالِ كَامِلَةٍ قَوْلِيُّهَا كَالْفِعْلِيِّ فِي الْحُكْمِ حَيْثُ يُعْذَرُ الْمُصَلِّي) أَيْ وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْهُ بِعُذْرٍ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ تَامَّةٍ، لِفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَتَعْبِيرُهُ بِأَرْبَعَةٍ طَوِيلَةٍ مُخَالِفٌ لِتَعْبِيرِ الْأَصْحَابِ بِأَكْثَرَ مِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ الْجَاهِلُ وَالنَّاسِي) لَوْ عَلِمَ الْجَاهِلُ أَوْ تَذَكَّرَ النَّاسِي، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْإِمَامِ؟ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَانْتَصَبَ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا ثُمَّ عَلِمَ أَوْ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ، وَالْجَامِعُ فُحْشُ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ وَعَلَيْهِ فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى وُجُوبِ الْعَوْدِ أَنْ يَكْفِيَ الْعَوْدُ إلَى مَا يَلِي الرُّكْنَ الَّذِي الْإِمَامُ فِيهِ، كَمَا لَوْ كَانَ هَوَى لِلسُّجُودِ نَاسِيًا وَالْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ، فَيَكْفِي الْعَوْدُ إلَى الرُّكُوعِ إذْ بِهِ يَزُولُ الْفُحْشُ

(قَوْلُهُ فِي الْأَفْعَالِ بِلَا عُذْرٍ) شَامِلٌ لِلتَّقَدُّمِ إلَى الرُّكْنِ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ صَرِيحَةٌ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ كَأَنْ تَقَدَّمَ بِرُكْنٍ) أَوْ بِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَهُ بِالسَّلَامِ) أَيْ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ

(قَوْلُهُ وَأَرْبَعٌ مِنْ الطِّوَالِ كَامِلَةُ إلَخْ) هُوَ كَصَنِيعِ أَصْلِهِ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْمُقْرِي بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعَطْفِ عَلَى مَا سَبَقَ أَنْ يُفْرَضَ التَّقَدُّمُ بِأَرْبَعٍ لِعُذْرٍ كَمَا فِي التَّخَلُّفِ وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَاعْتُرِضَ أَيْضًا قَوْلُهُ الْآتِي وَصَارَ كَالْمَسْبُوقِ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ مَعَ التَّخَلُّفِ بِالْأَرْبَعَةِ قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا تَابَعَ قَبْلَ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ خَلَّصَ وَمَشَى عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ، وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَعْذُورَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا تَخَلَّفَ بِأَرْبَعٍ، وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَحَلُّهُ إذَا تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ مُخْتَارًا، فَلَوْ اسْتَمَرَّ نَاسِيًا أَوْ مَزْحُومًا حَتَّى أَكْمَلَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ لَمْ يَضُرَّ بِرّ. (قَوْلُهُ أَيْ وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ) أَيْ لَا الصَّلَاةَ كَمَا فِي السَّابِقِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا يَحْرُمُ (قَوْلُهُ لَكِنْ تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ) أَيْ إنْ اكْتَفَى بِمَا فَعَلَهُ، أَمَّا إذَا أَعَادَهُمَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَا اهـ مِنْ النَّاشِرِيِّ (قَوْلُهُ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ تَحْرِيمُ السَّبْقِ بِأَقَلَّ مِنْ رُكْنٍ وَبِهِ جَزَمَ م ر، فَقَوْلُ حَجَرٍ بِجَوَازِ الْقِيَامِ وَتَرْكِ الْإِمَامِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ وَتَقَدُّمُهُ بِالسَّلَامِ) قَالَ ع ش: أَيْ بِالْمِيمِ مِنْ عَلَيْكُمْ لَا مِنْ السَّلَامِ، بَلْ بِالْهَمْزَةِ إنْ نَوَى عِنْدَهَا الْخُرُوجَ بِهَا مِنْ صَلَاتِهِ اهـ. وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ شُرُوعُ الْمَأْمُومِ فِيهِ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَأَرْبَعٌ مِنْ الطِّوَالِ) عِبَارَةُ الْحَاوِي: أَوْ تَخَلَّفَ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ وَبِأَرْبَعٍ طَوِيلَةٍ بِعُذْرٍ كَبُطْءِ الْقِرَاءَةِ، وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةٍ إنْ كَانَتْ مَقْصُودَةً وَهِيَ الطَّوِيلَةُ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ وَيُقْضَى مَا فَاتَهُ إلَخْ) قَالَ الطَّاوُسِيُّ فِي التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي: وَبِأَرْبَعَةٍ طَوِيلَةٍ بِعُذْرٍ كَبُطْءِ الْقِرَاءَةِ وَالشَّكِّ فِيهَا وَزِحَامٍ وَنِسْيَانٍ مَا نَصُّهُ: أَيْ وَيَقْضِي الْمَأْمُومُ أَيْضًا إنْ تَخَلَّفَ بِعُذْرٍ عَنْ الْإِمَامِ بِتَمَامِ أَرْبَعَةِ

ص: 432

ثَلَاثَةٍ طَوِيلَةٍ، نَعَمْ يَصِحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا التَّقْدِيرُ بِأَرْبَعَةٍ عَلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّ الِاعْتِدَالَ وَالْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ طَوِيلَانِ أَوْ قَصِيرَانِ مَقْصُودَانِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَأْخُوذٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ وَالتَّخَلُّفِ فِيهَا بِذَلِكَ، لَكِنْ يَكُونُ وَصْفُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ نَعَمْ يَصِحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا التَّقْدِيرُ بِأَرْبَعَةٍ عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ عَدَمُ مُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ حِينَئِذٍ، وَلَا يُقَالُ: يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ عَنْ الرُّكُوعِ لِلْقِرَاءَةِ لَزِمَهُ عَلَى هَذَا مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ إذَا هَوَى لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَخَلِّفٌ بِأَرْبَعَةٍ: الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ الْأَوَّلِ وَالْجُلُوسِ بَعْدَهُ، وَعَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ لَا يَلْزَمُهُ الْمُوَافَقَةُ إلَّا بِالتَّلَبُّسِ بِالْقِيَامِ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ التَّخَلُّفُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، لِأَنَّهُ سَبَقَهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودَيْنِ وَهِيَ طَوِيلَةٌ، فَإِذَا تَلَبَّسَ بِالْقِيَامِ وَهُوَ طَوِيلٌ تَحَقَّقَ سَبْقُهُ بِالْأَكْثَرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمُوَافَقَةُ إلَّا فِي الْقِيَامِ لِثَبَاتِهِمْ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَتَّحِدْ الْمَعْنَى عَلَيْهِ فِيهِمَا، فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ بِأَرْبَعَةٍ عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ)

(فَرْعٌ) هَلْ يُعَدُّ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ الرُّكُوعَانِ شَيْئَيْنِ أَوْ شَيْئًا وَاحِدًا؟ الْوَجْهُ: هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمَا رُكْنَانِ، وَلَوْ سَلَّمَ فَهُمَا فِعْلَانِ طَوِيلَانِ وَالْفِعْلُ كَالرُّكْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ بِلَا عُذْرٍ عَنْ سُجُودِ الْإِمَامِ لِلسَّهْوِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِهُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا تَخَلَّفَ عَنْ الْقِيَامِ لِبُطْءِ قِرَاءَتِهِ مَثَلًا لَزِمَهُ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ إذَا رَفَعَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى قَبْلَ إتْيَانِهِ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، كَأَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ سَرِيعَهَا، وَكَأَنْ شَكَّ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ مَا رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَرْكَعْ هُوَ فَاشْتَغَلَ بِالْقِرَاءَةِ، وَكَأَنْ زُحِمَ الْمَأْمُومُ عَنْ السُّجُودِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ أَوْ رِجْلِهِ فَانْتَظَرَ التَّمَكُّنَ مِنْ السُّجُودِ وَلَا يُومِئُ بِهِ، وَكَأَنْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَتَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَعْذَارٌ يَجُوزُ التَّخَلُّفُ بِسَبَبِهَا إلَى الرُّكْنِ الرَّابِعِ، ثُمَّ كُتِبَ عَلَى قَوْلِهِ وَيَصِيرُ كَالْمَسْبُوقِ مَا نَصُّهُ: أَيْ وَيَقْضِي الْمَأْمُومُ إنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامِ بِتَمَامِ أَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَيَصِيرُ كَالْمَسْبُوقِ إنْ لَمْ يَتَخَلَّفْ بِهَا، حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمَزْحُومُ مَثَلًا عَنْ السُّجُودِ ثُمَّ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَسَجَدَ، فَحِينَئِذٍ إنْ كَانَ الْإِمَامُ حَالَ فَرَاغِهِ مِنْ السُّجُودِ فِي رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَامَ الْمَزْحُومُ وَرَكَعَ مَعَ الْإِمَامِ، وَسَقَطَ عَنْهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَتَدَارَكَ الرَّكْعَةَ كَالْمَسْبُوقِ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ سَقَطَ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ

وَلَوْ فَرَغَ الْمَزْحُومُ مِنْ سُجُودِهِ بَعْدَ مَا ابْتَدَأَ الْإِمَامُ بِالسُّجُودِ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَافَقَهُ فِي السُّجُودِ، وَلَمْ تُحْسَبْ لَهُ الرَّكْعَةُ لِأَنَّهُ كَالْمَسْبُوقِ، وَالْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ وَافَقَهُ وَلَمْ تُحْسَبْ لَهُ الرَّكْعَةُ، ثُمَّ كُتِبَ عَلَى قَوْلِ الْحَاوِي: فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَسْجُدْ هُوَ فِي الْأُولَى، أَوْ رَكَعَ فَشَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ تَذَكَّرَ مَا نَصُّهُ: أَيْ فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَسْجُدْ الْمَأْمُومُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَافَقَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ يَتَدَارَكُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَكَذَا الْبَاقِي اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ أَعَادَ ضَمِيرَ وَيَصِيرُ كَالْمَسْبُوقِ لِغَيْرِ الْمُتَخَلِّفِ بِأَرْبَعَةٍ؟ ، لِأَنَّ هَذَا تَارَةً يَقْضِي وَتَارَةً لَا كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي قَطْعًا، وَعُلِّقَ قَوْلُهُ فَإِنْ رَكَعَ إلَخْ بِالْمُتَخَلِّفِ بِأَرْبَعَةِ الْمَقْطُوعِ فِيهِ بِالْقَضَاءِ، وَلِذَا قَالَ: وَيَتَدَارَكُ إلَخْ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ أَيْضًا فَلِلَّهِ دُرُّهُ، وَحَاصِلُ صَنِيعِ الشَّرْحِ أَنَّهُ جَعَلَ ضَمِيرَ وَصَارَ لِلْمُتَخَلِّفِ عَنْ الْإِمَامِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِ تَخَلُّفِهِ بِأَرْبَعَةٍ، وَجَعَلَ الْمُشَبَّهَ بِالْمَسْبُوقِ قِسْمَيْنِ: قِسْمًا زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الرَّابِعِ وَهَذَا تَارَةً يَقْضِي وَتَارَةً لَا، وَقِسْمًا لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ قَبْلَ مَا ذُكِرَ وَهَذَا يَقْضِي قَطْعًا، وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: إذَا زَالَ عُذْرُهُ وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ إلَخْ، وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا كَتَبَهُ الْمُحَشِّي فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ أَيْ وَيَقْضِي مَا فَاتَهُ إلَخْ) أَيْ إنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ تَابَعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَقْضِي إلَخْ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ: وَإِنْ تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ كَبُطْءِ قِرَاءَتِهِ وَجَبَ إتْمَامُهَا عَلَى الْقَوْلِ الصَّوَابِ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ الْبَاقِي وَيَسْعَى خَلْفَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، فَإِنْ زَادَ قِيلَ: تَجِبُ مُفَارَقَتُهُ، وَالْأَصَحُّ لَهُ الْمُتَابَعَةُ فَيُوَافِقُهُ ثُمَّ يَتَدَارَكُ مَا فَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِهِ اهـ. وَمِثْلُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ قِرَاءَتِهِ إلَّا وَالْإِمَامُ قَائِمٌ عَنْ السُّجُودِ، فَيَتْرُكُ نَظْمَ نَفْسِهِ وَيُتَابِعُهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُتِمَّ مَا عَلَيْهِ فَتَجِبَ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ذ وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ نَعَمْ يَصِحُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَمَّا الْأَعْذَارُ فَأَنْوَاعٌ إلَى أَنْ قَالَ: وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامُ سَرِيعَهَا فَيَسْعَى خَلْفَهُ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ يُوَافِقُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ كَالْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ وَمِنْهَا أَخْذُ التَّقْدِيرِ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصُودَةٍ، فَإِنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ إنَّمَا هُمَا إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يُوَافِقُهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّخَلُّفُ قَبْلَهُ بِالسَّجْدَتَيْنِ وَالْقِيَامِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: هُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلَا يُجْعَلُ التَّخَلُّفُ بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ مُؤَثِّرًا، وَأَمَّا مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ أَوْ يُفَرِّقُ وَيَجْعَلُ الْجُلُوسَ مَقْصُودًا أَوْ رُكْنًا طَوِيلًا، فَالْقِيَاسُ عَلَى أَصْلِهِ التَّقْدِيرُ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ اهـ. وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ خِلَافًا فِي أَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ مَقْصُودٌ أَمْ لَا؟ ، الْأَصَحُّ مِنْهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ

(قَوْلُهُ مَقْصُودَانِ) أَيْ لِذَاتِهِمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ لِذَاتِهِمَا، بَلْ تَابِعَانِ لِغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَا مَقْصُودَيْنِ بِمَعْنَى عَدَمِ قِيَامِ غَيْرِهِمَا مَقَامَهُمَا. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ وَالتَّخَلُّفِ فِيهَا بِذَلِكَ) وَاتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِيهَا اهـ، أَمَّا الْأَصْحَابُ

ص: 433

الْأَرْبَعَةِ بِالطِّوَالِ حَشْوًا أَوْ مُضِرًّا

وَأَشَدُّ مُخَالَفَةً لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا زَادَهُ النَّاظِمُ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ كَامِلَةُ قَوْلَيْهَا كَالْفِعْلِيِّ فِي الْحُكْمِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمَّا رَأَى ظَاهِرَ تَعْبِيرِ الْحَاوِي مُخَالِفًا لِتَعْبِيرِهِمْ زَادَ مَا ذُكِرَ، لَيُبَيِّنَ بِهِ أَنَّ مُرَادَ الْحَاوِي بِمَا عَبَّرَ بِهِ أَرْبَعَةٌ طَوِيلَةٌ كَامِلَةٌ مِنْ الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ، فَتَجِبُ الْمُتَابَعَةُ فِي الْخَامِسِ مِنْهَا وَالْأَصْحَابُ لَمْ يَعْتَبِرُوا الْقَوْلِيَّةَ، إذْ لَا يَظْهَرُ بِهَا فُحْشُ الْمُخَالَفَةِ فَأَوْجَبُوا الْمُتَابَعَةَ فِي الرَّابِعِ، فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ صُنْعُهُمْ أَوْلَى، وَقَدْ مَثَّلُوا ذَلِكَ بِأَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمَأْمُومُ فِي اعْتِدَالِ الْأُولَى فَيُتَابِعَهُ فِي الرُّكُوعِ، وَخَرَجَ بِالطِّوَالِ الِاعْتِدَالُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَإِنَّهُمَا قَصِيرَانِ غَيْرُ مَقْصُودَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ

وَالْعُذْرُ (كَالشَّكِّ) مِنْ الْمَأْمُومِ فِي قِرَاءَتِهِ الْوَاجِبَةِ قَبْلَ رُكُوعِهِ (وَالْإِبْطَاءِ) مِنْهُ دُونَ إمَامِهِ، (فِي) قِرَاءَةِ (الْقُرْآنِ) الْوَاجِبَةِ فَيَتَخَلَّفُ لِقِرَاءَتِهِ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ. (وَزَحْمَةٍ تَمْنَعُ) مِنْ سُجُودِهِ عَلَى أَرْضٍ أَوْ ظَهْرِ إنْسَانٍ أَوْ قَدَمِهِ أَوْ نَحْوِهَا، وَأَشَارَ بِذِكْرِ الزَّحْمَةِ هُنَا إلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِالْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوهَا فِيهَا لِكَثْرَةِ الزِّحَامِ فِيهَا غَالِبًا وَلِاخْتِصَاصِهَا بِأُمُورٍ أُخَرَ، كَالتَّرَدُّدِ فِي حُصُولِهَا بِالرَّكْعَةِ الْمُلَفَّقَةِ وَالْقُدْوَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَفِي بِنَاءِ الظُّهْرِ عَلَيْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ إقَامَتِهَا (وَالنِّسْيَانِ) ، بِأَنْ نَسِيَ كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّفَ وَالْقِيَاسُ فِي الْمُنْتَظِرِ سَكْتَةَ إمَامِهِ لِيَقْرَأَ فِيهَا الْحَمْدَ فَرَكَعَ إمَامُهُ عَقِبَهَا، أَنَّهُ كَالنَّاسِي خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ فِي قَوْلِهِ: بِسُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ هُنَا اسْتِئْنَافَ الصَّلَاةِ بَعْدَ بُطْلَانِهَا، بَلْ تَدَارُكَ مَا فَاتَ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ

(قُلْتُ الْقَضَا فِي هَذِهِ) الصُّوَرِ الَّتِي يُعْذَرُ بِالتَّخَلُّفِ فِيهَا بِالْأَرْكَانِ الطَّوِيلَةِ (اسْتِدْرَاكُ مَا يَفُوتُهُ) بِالتَّخَلُّفِ، (إذَا الْإِمَامُ سَلَّمَا) مِنْ صَلَاتِهِ، وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلْيُتَدَارَكْ آخِرًا (وَصَارَ) أَيْ الْمُتَخَلِّفُ بِعُذْرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ إذَا زَالَ عُذْرُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ حَشْوًا) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا طَوِيلَانِ فَلَا قَصِيرَ يُحْتَرَزُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ أَوْ مُضِرًّا) لِإِخْرَاجِهِ لَهُمَا مَعَ أَنَّهُمَا كَغَيْرِهِمَا عَلَى هَذَا، وَإِنْ كَانَا قَصِيرَيْنِ (قَوْلُهُ فَتَجِبُ الْمُتَابَعَةُ فِي الْخَامِسِ) عَلَى هَذَا لَوْ تَخَلَّفَ لِلْقِرَاءَةِ لَزِمَهُ الْمُتَابَعَةُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ، وَعَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَلْزَمُهُ الْمُتَابَعَةُ فِي الْقِيَامِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ، فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّيْخُ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى بِرّ؟ (قَوْلُهُ فِي اعْتِدَالِ الْأُولَى) أَيْ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ (قَوْلُهُ فَيُتَابِعُهُ فِي الرُّكُوعِ) قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَا يُتَابِعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَتِهِمْ الشُّرُوعُ فِي الرَّابِعِ، لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ اسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى تَخَلُّفِ الْمَعْذُورِ بِصَلَاةِ عُسْفَانَ بِرّ، أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ التَّخَلُّفُ فِيهِ بِثَلَاثَةٍ طَوِيلَةٍ بَلْ بِاثْنَيْنِ طَوِيلَيْنِ

(قَوْلُهُ فِي قِرَاءَةِ) الْقِرَاءَةُ تَشْمَلُ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ (قَوْلُهُ اسْتِئْنَافَ الصَّلَاةِ) كَمَا هُوَ الْمُرَادُ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الرَّابِعِ) الَّذِي هُوَ خَامِسٌ بِالنَّظَرِ لَا بِاعْتِبَارِ الْقَوْلِيِّ، فَالتَّعْبِيرُ بِالرَّابِعِ لَا يُنَافِي طَرِيقَةَ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ إذَا زَالَ عُذْرُهُ) كَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ حَتَّى شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّابِعِ، هُوَ كَالْمَسْبُوقِ مِنْ حَيْثُ إيجَابِ الْمُتَابَعَةِ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الْمَشْيِ عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ مُرَادُ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ صَارَ فِي قَوْلِهِ وَصَارَ كَالْمَسْبُوقِ رَاجِعٌ إلَى الْمُتَخَلِّفِ بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِلُزُومِ الْقَضَاءِ الْمُبَيَّنِ ذَلِكَ الْقَضَاءُ بِمَا سَلَفَ مِنْ قَوْلِهِ قُلْت: الْقَضَاءُ إلَخْ، وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُطَابِقُ تَفْسِيرَ الشَّارِحِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلِأَنَّ الْمُتَخَلِّفَ بِثَلَاثَةٍ فَقَطْ، وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ: بِأَنَّ الِاعْتِدَالَ إلَخْ فَيَقُولُ: إنَّ التَّخَلُّفَ الْمُضِرَّ هُوَ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةٍ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ. (قَوْلُهُ تَمْنَعُ مِنْ سُجُودِهِ) فَيَجِبُ الِانْتِظَارُ فِي الِاعْتِدَالِ وَلَا يَجُوزُ الْهُوِيُّ إلَّا عِنْدَ التَّمَكُّنِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ فِي الْمُنْتَظَرِ إلَخْ) وَيُسْتَحَبُّ، وَلَوْ فِي سَرِيَّةٍ أَنْ يُؤَخِّرَ جَمِيعَ فَاتِحَتِهِ عَنْ فَاتِحَةِ إمَامِهِ إنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَقْرَأُ بَعْدَهَا اهـ. شَرْحُ م ر وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْ الْأَخِيرَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي ع ش أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ جَمِيعِ تَشَهُّدِهِ عَنْ تَشَهُّدِهِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ الْمُنْتَظِرِ سَكْتَةَ إمَامِهِ إلَخْ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ لَا يَسْكُتُ لَا يُعْذَرُ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ وَبِهِ قَالَ الْمُحَشِّي فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ مُخَالِفًا لِشَارِحِ م ر، إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ فَاتِحَتِهِ إنْ رَجَا أَنَّ إمَامَهُ يَسْكُتُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ قَدْرًا يَسَعُهَا، أَوْ يَقْرَأُ سُورَةً مَعَهَا، وَمَحَلُّ نَدْبِ سُكُوتِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُومَ قَرَأَهَا مَعَهُ أَوْ لَا يَرَى قِرَاءَتَهَا. (قَوْلُهُ إذَا زَالَ عُذْرُهُ إلَخْ) بِأَنْ أَتَمَّ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا وَهَوَى لِلرُّكُوعِ قَبْلَ وُصُولِ الْإِمَامِ لِحَدِّ

ص: 434

قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الرَّابِعِ وَجَرَى عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ (كَالْمَسْبُوقِ) ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ، (فَلْيَكُنْ تَبَعْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ، بِأَنْ يَتْبَعَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، فَلَوْ تَمَكَّنَ فِي اعْتِدَالِهِ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي الْقِيَامِ تَابَعَهُ، فَإِنْ رَكَعَ قَبْلَ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ سَقَطَ عَنْهُ بَاقِيهَا، وَإِنْ وَجَدَهُ رَاكِعًا تَابَعَهُ، وَسَقَطَتْ الْقِرَاءَةُ أَوْ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَقَبْلَ السَّلَامِ تَابَعَهُ، وَأَتَى بَعْدَ سَلَامِهِ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ سَلَّمَ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فِي الثَّانِيَةِ وَافَقَهُ فِي الرُّكُوعِ، كَمَا ذَكَرَهُ مَعَ مَا شَارَكَهُ فِي الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ:(فَفِي ثَانِيَةٍ إذَا رَكَعْ إمَامُهُ) أَيْ فَإِذَا رَكَعَ إمَامُهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا، (وَهُوَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى مَا سَجَدْ أَوْ رَكَعَ الْمَأْمُومُ ثُمَّ شَكَّ) بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَ إمَامِهِ (قَدْ) بِمَعْنَى هَلْ (تَلَوْتُ) مَا يَجِبُ تِلَاوَتُهُ؟ (أَوْ لَمْ أَتْلُ أَوْ تَذَكَّرَا) بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَهُ أَنَّهُ مَا تَلَا، (وَافَقَهُ) فِيمَا هُوَ فِيهِ كَالْمَسْبُوقِ لِخَبَرِ:«إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَلِإِدْرَاكِهِ الرُّكُوعَ فِي الْأُولَى مَعَهُ وَفَوَاتِ مَحَلِّ الْقِرَاءَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَيُحْسَبُ لَهُ فِي الْأُولَى الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ وَقْتَ الِاعْتِدَادِ بِالرُّكُوعِ، وَرُكُوعُهُ الثَّانِي لِلْمُتَابَعَةِ فَرَكْعَتُهُ مُلَفَّقَةٌ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى وَسُجُودِ الثَّانِيَةِ، وَتُدْرَكُ بِهَا الْجُمُعَةُ، وَالتَّلْفِيقُ لَيْسَ بِنَقْصٍ فِي الْمَعْذُورِ

(وَلْيَتَدَارَكْ آخِرَا) أَيْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مَا فَاتَهُ (وَإِنْ يُخَالِفْ) أَيْ الْمُتَخَلِّفُ بِمَا مَرَّ أَمَامَهُ بِأَنْ جَرَى عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمَذْكُورَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَأَقُولُ: مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا مَا فَرَّعَهُ الْمَتْنُ عَلَى قَوْلِهِ وَصَارَ كَالْمَسْبُوقِ فَلْيَكُنْ تَبِعَ بِقَوْلِهِ فَفِي ثَانِيَةٍ إلَخْ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْكَمْ فِيهِ بِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ إلَّا فِيمَا إذَا تَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِالرَّابِعِ قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ هَذَا الْمِثَالِ، وَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ مَا فِي أَعْلَى الْهَامِشِ عَنْ ابْنِ الْمُقْرِي اعْتِرَاضًا عَلَى قَوْلِ الْحَاوِي وَصَارَ إلَخْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إذَا تَابَعَ قَبْلَ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ صَادِقٌ بِالشُّرُوعِ فِي الرَّابِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ شَرَعَ الْإِمَامُ فِي الرَّابِعِ كَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْفِعْلِيَّاتِ، وَإِنْ كَانَ خَامِسًا مَعَ اعْتِبَارِ الْقَوْلِيِّ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِالرَّابِعِ كَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْفِعْلِيَّاتِ، وَإِنْ كَانَ خَامِسًا مَعَ اعْتِبَارِ الْقَوْلِيِّ أَيْضًا

(قَوْلُهُ قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ) الَّذِي هُوَ الرَّابِعُ (قَوْلُهُ إذَا رَكَعَ إمَامُهُ) وَهُوَ فِي الْأُولَى مَا سَجَدَ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إذَا تَدَارَكَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَا يَبْنِي عَلَى قِرَاءَتِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِانْقِطَاعِ قِيَامِهَا بِمُفَارَقَتِهِ إلَى مَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَفْعَالِ فَتَنْقَطِعُ هِيَ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ، وَإِلَّا بِأَنْ وَصَلَ الْإِمَامُ لِلْحَدِّ الْمَذْكُورِ قَبْلَ أَنْ يَهْوِيَ الْمَأْمُومُ لِلرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ فَلَا يَرْكَعُ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ حِينَئِذٍ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ، بَلْ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَتُحْسَبُ لَهُ الْفَاتِحَةُ لِتَمَامِهَا قَبْلُ فَإِنْ، لَمْ يَزُلْ عُذْرُهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَتَمَّ الْفَاتِحَةَ وَأَشْرَفَ الْإِمَامُ لِلْوُصُولِ إلَى مَا ذُكِرَ وَجَبَتْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ بِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا وَصَلَ الْإِمَامُ لِمَا ذُكِرَ، بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِلتَّخَلُّفِ حِينَئِذٍ بِمَا لَا يُغْتَفَرُ مَعَ تَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ

نَعَمْ إنْ عُذِرَ بِجَهْلِ الْحُكْمِ أَوْ نِسْيَانِ الْقُدْوَةِ فَلَا بُطْلَانَ، وَفَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَتَابَعَ الْإِمَامَ فِيمَا هُوَ فِيهِ، وَبَنَى عَلَى مَا قَرَأَهُ فِي صُورَةِ الْمُتَابَعَةِ فِي الْقِيَامِ، وَيَسْتَأْنِفُ فِي صُورَةِ الْمُتَابَعَةِ فِي التَّشَهُّدِ لِقَطْعِهِ الْمُوَالَاةَ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ وَلَمْ يَأْتِ بِأَذْكَارِهِ اهـ شَيْخُنَا ذ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنَّ هَذَا فِي التَّخَلُّفِ لِلْقِرَاءَةِ وَالشَّارِحُ فَرَضَ كَلَامَهُ الْآتِيَ فِي التَّخَلُّفِ لِلزَّحْمَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ) بِأَنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَدٍّ تُجْزِي فِيهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْقِيَامِ وَالتَّشَهُّدُ فِي الْجُلُوسِ اهـ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ إلَخْ) أَيْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، بِأَنْ أَحْرَمَ بِإِمَامٍ رَاكِعٍ أَوْ رَكَعَ عَقِبَ تَحَرُّمِهِ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ لَا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَالْمُوَافِقُ هُوَ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُهَا بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، هَذَا مَا عَلَيْهِ م ر وَحَجَرٌ وَكَثِيرُونَ، وَقِيلَ: الْمُوَافِقُ مَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ فَاتِحَتَهُ أَوْ زَمَنًا يَسَعُ فَاتِحَةَ نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ فَاتِحَتَهُ، وَالْمَسْبُوقُ بِخِلَافِهِ وَضَعَّفَهُ م ر اهـ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ فَلَوْ تَمَكَّنَ إلَخْ) قُيِّدَ بِقَبْلِ الرُّكُوعِ لِيَكُونَ مِثَالًا لِمَنْ زَالَ عُذْرُهُ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الرَّابِعِ، وَلَا يُنَافِيهِ وِجْدَانُهُ فِيهِ بَعْدَ السُّجُودِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ سَلَّمَ إلَخْ) أَيْ وَيُغْتَفَرُ التَّخَلُّفُ بِالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودَيْنِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ سَلَّمَ) أَيْ قَبْلَ سُجُودِهِ أَوْ مَعَهُ إذْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت ع ش فِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ ذَكَرَ تَرَدُّدًا فِيمَا إذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ مُقَارِنًا لِلسَّلَامِ، وَنُقِلَ عَنْ سم عَنْ م ر إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: إذَا زَالَ عُذْرُهُ إلَخْ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَافَقَهُ فِي الرُّكُوعِ) لِسَبْقِهِ بِالسُّجُودَيْنِ وَالْقِيَامِ وَبَعْضِ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ فَوْرًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ فَيَكُون زَمَنُهُ غَيْرَ مُغْتَفَرٍ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ وَالتَّلْفِيقُ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ: لَا تُدْرَكُ بِهِ الْجُمُعَةُ لِنَقْصِهَا بِالتَّلْفِيقِ، وَصِفَةُ الْكَمَالِ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَخَلِّفُ بِمَا مَرَّ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِمَنْ تَمَكَّنَ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ

ص: 435

(جَاهِلًا) بِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ (فَيُجْعَلُ) جَهْلُهُ (كَالسَّهْوِ) بِزِيَادَةِ رُكْنٍ، فَيَطْرَحُ مَا أَتَى بِهِ فَإِذَا سَجَدَ ثَانِيًا حُسِبَ لَهُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: إنَّهُ الْمَنْقُولُ قَالَ فِي الشَّرْحَيْنِ: وَفِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّا نَأْمُرُهُ بِالْمُتَابَعَةِ بِكُلِّ حَالٍ، فَكَمَا لَا يُحْسَبُ لَهُ السُّجُودُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الْمُتَابَعَةُ، وَجَبَ أَنْ لَا يُحْسَبَ لَهُ وَالْإِمَامُ فِي رُكْنٍ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ: وَهَذَا مَفْهُومُ كَلَامِ أَكْثَرِهِمْ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنَّمَا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ السُّجُودُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مُتَابَعَةً، فَلَا تَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ، فَلَوْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ، وَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيمَا إذَا تَأَتَّى لَهُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةٌ قَالَ: وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّا إذَا فَرَغْنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ، فَفَرَغَ مِنْ السُّجُودِ وَوَجَدَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ أَوْ التَّشَهُّدَ لَزِمَهُ الْمُتَابَعَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا يَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الرَّكْعَةَ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا شَيْئًا يُحْسَبُ لَهُ، فَهُوَ كَالْمَسْبُوقِ بِخِلَافِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ أَدْرَكَ مِنْهَا الرُّكُوعَ وَمَا قَبْلَهُ، فَلَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا بَعْدَهُ مِنْ السُّجُودِ

وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ يُوَافِقُونَ عَلَى تَصْحِيحِ ذَلِكَ، فَكَمَا خَالَفْنَا تَفْرِيعَ هَذَا الْقَوْلِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَجَعَلْنَاهُ مَخْصُوصًا بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى، كَذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَإِذَا سَجَدَ ثَانِيًا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ تَخَلُّفُهُ فِي الِاعْتِدَالِ لِلزَّحْمَةِ عَنْ السُّجُودِ. (قَوْلُهُ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ) هَلْ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالْجُمُعَةِ؟ ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ غَيْرِهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إدْرَاكِ رَكْعَةٍ، وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ م ر. (قَوْلُهُ وَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ فِي هَذَا إلَخْ) أَقُولُ: لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ فِي هَذَا، إلَّا عَدَمَ وُجُوبِهَا عِنْدَ زَوَالِ الْجَهْلِ بَعْدَ فِعْلِ السَّجْدَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَقَبْلَ فِعْلِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَقَدْ نَاقَضَ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي نَصِّ كَلَامِهِ: هَذَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَسْتَمِرَّ جَهْلُهُ أَوْ سَهْوُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالسُّجُودِ الثَّانِي، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ آخِرًا فِي شَرْطِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَا يُوَافِقُهُ حَيْثُ قَالَا: إذَا خَالَفَ وَمَشَى عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ جَاهِلًا إذَا فَرَغَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فَوَجَدَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ، وَافَقَهُ فَإِذَا سَلَّمَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَتَمَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ، وَلَا جُمُعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ لَوْ وَجَدَهُ قَدْ سَلَّمَ اهـ

فَهَذَا الْحُكْمُ كَمَا تَرَى أَدَلُّ دَلِيلٍ وَأَعْدَلُ شَاهِدٍ عَلَى صِحَّةِ إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ نَعَمْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي أَوَاخِرِ مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ أَنَّ الْمَزْحُومَ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّجُودِ حَتَّى تَشَهَّدَ الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، ثُمَّ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ قَبْلَ السَّلَامِ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَلَا اهـ، وَهَذَا الْفَرْعُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ التَّتِمَّةِ، وَهُوَ عَاضِدٌ لِمَا حَاوَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى وَفْقِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَمُخَالِفٌ لِلْفَرْعِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَرِيبًا، وَالِاعْتِذَارُ الْحَاسِمُ لِإِشْكَالِهِ الْمَانِعُ لِلسُّبْكِيِّ مِنْ التَّمَسُّكِ بِهِ، قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ: أَنَّ صَاحِبَ التَّتِمَّةِ فَرَّعَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ: بِأَنَّ الْمَزْحُومَ يَمْشِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْمُتَابَعَةُ وَقَدْ رَأَيْت عِبَارَتَهُمَا صَرِيحَةً فِي ذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَأَقُولُ: أَمَّا قَوْلُهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ إلَخْ فَكَأَنَّ ذَلِكَ إنْ نَفَى الْوُجُوبَ رَدَّ الدَّعْوَى، وَالْوُجُوبُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَنْ يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ الْوُجُوبُ، وَالنَّاسِي لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ، وَالْجَاهِلُ بِهَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ خِطَابِهِمَا، وَهَذَا يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِالذَّاكِرِ الْعَالِمِ فَيَتَنَاقَضُ مَا صَوَّرُوهَا بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا نُسَلِّمُ فِي الْوَاقِعِ أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ فَرْضَهُ الْمُتَابَعَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الْوَاقِعِ حَتَّى يَكْفِيَ مَا أَتَى بِهِ عَلَى خِلَافِهَا نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا، وَهَذَا لَا يُنَافِي تَصْوِيرَهُ الْآتِيَ حَتَّى يَلْزَمَ التَّنَاقُضُ فَتَأَمَّلْهُ

وَأَمَّا قَوْلُهُ أَدَلُّ دَلِيلٍ إلَخْ فَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَالسُّبْكِيِّ فِي مَقَامِ رَدِّهِ وَتَوْجِيهِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ، فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَالِاعْتِذَارُ الْحَاسِمُ إلَخْ فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ لَمْ يَضُرَّ، السُّبْكِيُّ. لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَنَدَهُ فِيمَا قَالَهُ، بَلْ مُسْتَنَدُهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَتَفْرِيعُ ذَلِكَ عَلَى الْمَرْجُوحِ لَا يُنَافِي تَفْرِيعَهُ أَيْضًا عَلَى الرَّاجِحِ لِمُدْرَكٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

رُكُوعِ إمَامِهِ بِأَقْسَامِهِ وَلِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ، تَدَبَّرْ وَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَإِذَا سَجَدَ ثَانِيًا إلَخْ) بِأَنْ جَرَى فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ، فَلَمَّا سَجَدَ فِيهَا قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ وَاتَّفَقَ أَنَّ سُجُودَهُ فِي رَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ سُجُودِ الْإِمَامِ، فَيُحْسَبُ لِدُخُولِ وَقْتِهِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ فَلَوْ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ) ، هَذَا يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ لِلْمَأْمُومِ فِي ثُنَائِيَّةٍ أَوْ ثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ ثَانِيَةِ الثُّلَاثِيَّةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي أُولَى الرُّبَاعِيَّةِ أَوْ الثُّلَاثِيَّةِ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ بَعْدَ الثَّانِيَةِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مُتَابَعَةً فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَجْرِي إلَخْ) فَإِنَّهُ إذَا سَبَقَ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثِ يَكُونُ هُنَاكَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُخْرِجُ نَفْسَهُ عَنْ الْمُتَابَعَةِ وَأَصَحُّهُمَا لَهُ أَنْ يَدُومَ عَلَى الْمُتَابَعَةِ وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاتِهِ وَيَجْرِي عَلَى أَثَرِهِ وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ، وَأَصَحُّهُمَا يُوَافِقُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ ثُمَّ يَقْضِي مَا فَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ هَكَذَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ فَفِي قَوْلٍ: يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ فَيَسْجُدُ الْآنَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْكَعُ مَعَهُ اهـ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُ السُّبْكِيّ وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ وَاحِدًا

(قَوْلُهُ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ يُوَافِقُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّهُ يُرَاعِي تَرْتِيبَ نَفْسِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ السُّجُودِ فَلِلْإِمَامِ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ فَارِغًا مِنْ الرُّكُوعِ إمَّا فِي السُّجُودِ وَإِمَّا فِي التَّشَهُّدِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَجْرِي عَلَى تَرْتِيبِ نَفْسِهِ فَيَقُومُ وَيَقْرَأُ وَيَرْكَعُ

ص: 436

نَقُول فِي تَفْرِيعِ الْقَوْلِ: بِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ، فَثَبَتَ أَنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ، قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَسْتَمِرَّ سَهْوُهُ أَوْ جَهْلُهُ إلَى إتْيَانِهِ بِالسُّجُودِ الثَّانِي، وَإِلَّا فَعَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِ يَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ (أَمَّا) إذَا خَالَفَهُ (عَالِمًا فَتَبْطُلُ) صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ إنْشَاءُ التَّحَرُّمِ بِالْجُمُعَةِ، إنْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ الرُّكُوعِ

(أَمَّا الَّذِي يُسْبَقُ) أَيْ، أَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا رَكَعَ إمَامُهُ (فَالْحَمْدُ قَطَعْ) وَرَكَعَ مَعَهُ وَتَسْقُطُ الْبَقِيَّةُ، وَيَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ كَمَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ يَسْقُطُ الْحَمْدُ، وَيَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ، (وَإِنْ أَتَمَّهَا) أَيْ الْحَمْدَ بَعْدَ رُكُوعِ الْإِمَامِ (وَمَعَهُ مَا رَكَعْ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ) ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الِاعْتِدَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَابِعْهُ فِي مُعْظَمِهَا، (لَكِنْ يَجْرِي) بِمَعْنَى يَصِيرُ (كَذِي تَخَلُّفٍ بِغَيْرِ عُذْرِ) ، فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِتَخَلُّفِهِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، لَكِنْ لَا يَرْكَعُ بَلْ يُتَابِعُ إمَامَهُ فِي هُوِيِّهِ لِلسُّجُودِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الْآتِي:(وَحَيْثُ بِالسُّنَّةِ كَالتَّعَوُّذِ كَانَ اشْتِغَالُهُ) أَيْ وَحَيْثُ كَانَ اشْتِغَالُ الْمَسْبُوقِ بِسُنَّةٍ كَالتَّعَوُّذِ وَالِافْتِتَاحِ، (قَرَى) وُجُوبًا مِنْ الْحَمْدِ (بِقَدْرِ ذِي) أَيْ السُّنَّةِ لِتَقْصِيرِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: لَوْ اسْتَمَرَّ مَزْحُومًا فِي الِاعْتِدَالِ مِنْ الْأُولَى حَتَّى جَلَسَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ نَعَمْ أَسْلَفْنَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى عَنْ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ، فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ زَالَ الْإِشْكَالُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَأَقُولُ: أَمَّا أَوَّلًا فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِتَقْصِيرِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّمَا يَرِدُ الْإِشْكَالُ لَوْ مَنَعْنَاهُ مِنْ السُّجُودِ الثَّانِي عِنْدَ زَوَالِ سَهْوِهِ وَجَهْلِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، كَمَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُ السُّبْكِيّ بِقَوْلِهِ فَعَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَعَلَى الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ حِينَئِذٍ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ الظَّاهِرُ، لَكِنْ لَوْ زَالَ سَهْوُهُ أَوْ جَهْلُهُ بَعْدَ السُّجُودِ الْأَوَّلِ وَقَدْ سَجَدَ الْإِمَامُ الثَّانِيَ، فَهَلْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى السُّجُودِ الثَّانِي وَيَمْتَنِعُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ لِزِيَادَتِهِ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ بِزَوَالِ مَا ذُكِرَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ

(قَوْلُهُ وَمَعَهُ مَا رَكَعَ) بَلْ تَخَلَّفَ لِقِرَاءَتِهَا قَالَ الْمَحَلِّيُّ كَغَيْرِهِ: وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَرْكَعُ) أَيْ فَإِنْ رَكَعَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ أَيْ السُّنَّةِ) أَيْ بِقَدْرِ مَا اُسْتُعْمِلَ بِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ إلَى قَوْلِهِ بَلْ يُتَابِعُهُ فِي هُوِيِّهِ لِلسُّجُودِ) هُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا فَرَغَ مِنْ الْإِتْيَانِ بِمَا لَزِمَهُ قَبْلَ هُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلِمَا إذَا لَمْ يَفْرُغْ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا مَا نَصُّهُ: وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ وَقَدْ أَرَادَ الْإِمَامُ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ فَقَدْ تَعَارَضَ فِي حَقِّهِ وُجُوبُ وَفَاءِ مَا لَزِمَهُ وَبُطْلَانُ صَلَاتِهِ بِهُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ، لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ مُتَخَلِّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا مُخَلِّصَ لَهُ عَنْ هَذَيْنِ إلَّا نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، فَتَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ حَذَرًا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ عِنْدَ عَدَمِهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ

وَيَشْهَدُ لَهُ مَا مَرَّ فِي مُتَعَمِّدِ تَرْكِ الْفَاتِحَةِ وَبَطِيءِ الْوَسْوَسَةِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَطْلَقَ نَقْلًا عَنْ التَّحْقِيقِ، وَاعْتَمَدَهُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِي الْهُوِيِّ حِينَئِذٍ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَتْهُ الْمُتَابَعَةُ قَبْلَ الْمُعَارِضِ اُسْتُصْحِبَ وُجُوبُهَا وُجُوبَهَا وَسَقَطَ مُوجِبُ تَقْصِيرِهِ مِنْ التَّخَلُّفِ، لِقِرَاءَةِ قَدْرِ مَا لَحِقَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَغَلَبَ وَاجِبُ الْمُتَابَعَةِ، فَعَلَيْهِ إنْ صَحَّ لَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ اهـ حَجَرٌ. وَأَقُولُ: يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ أَيْضًا بِتَحَقُّقِ فَوَاتِ الرَّكْعَةِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي إتْمَامِ مَا لَزِمَهُ وَكَانَ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قِيلَ: يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ فِي الْهُوِيِّ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْمُتَابَعَةِ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ

وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ التَّحْقِيقِ صَرِيحَةٌ فِي تَفْرِيعِ لُزُومِ الْمُتَابَعَةِ فِي الْهُوِيِّ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى الْقَوْلِ: بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَسْبُوقَ إذَا رَكَعَ الْإِمَامُ أَنْ يَرْكَعَ مَعَهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ اشْتَغَلَ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

، وَأَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ اشْتَغَلَ بِتَدَارُكِ مَا عَلَيْهِ وَبِهَذَا قَطَعَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) ، كَذَا شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ فَالْحَمْدُ قَطَعَ) وَلَوْ كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ وَيَكْفِيهِ مَا قَرَأَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ الرُّخْصَةِ قَالَهُ ع ش وَخَالَفَهُ سم. (قَوْلُهُ كَذِي تَخَلُّفٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ) هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ بِأَنْ سَهَا عَنْ الْقِرَاءَةِ أَوْ الْقُدْوَةِ أَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ، وَإِلَّا اُغْتُفِرَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ لَكِنْ لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ، إلَّا إذَا أَدْرَكَ رُكُوعَ الْإِمَامِ بِأَنْ يَرْكَعَ وَيَطْمَئِنَّ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ يَقِينًا أَيْ جَزْمًا مُصَمَّمًا أَوْ ظَنًّا، عَلَى مَا ارْتَضَاهُ الْمُحَشِّي

وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إنْ أَتَمَّ مَا عَلَيْهِ وَأَدْرَكَ رُكُوعَ الْإِمَامِ كَمَا ذُكِرَ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رُكُوعَ الْإِمَامِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَتَابَعَ الْإِمَامَ، وَبَنَى عَلَى مَا قَرَأَهُ فِي صُورَةِ الْمُتَابَعَةِ فِي الْقِيَامِ وَاسْتَأْنَفَ فِي صُورَةِ الْمُتَابَعَةِ فِي التَّشَهُّدِ، وَصَارَ فِي الصُّورَتَيْنِ مُوَافِقًا بِشَرْطِهِ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ مَا عَلَيْهِ وَرَكَعَ الْإِمَامُ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَلَا يُتَابِعُ

ص: 437

بِعُدُولِهِ عَنْ الْفَرْضِ لِلنَّفْلِ

قَالَ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ وَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لِذَلِكَ مَعْذُورٌ لِإِلْزَامِهِ بِالْقِرَاءَةِ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي غَيْرُ مَعْذُورٍ لِاشْتِغَالِهِ بِالسُّنَّةِ عَنْ الْفَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ وَلَا يَرْكَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ، بَلْ يُتَابِعُهُ فِي هُوِيِّهِ لِلسُّجُودِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ، قَالَ الْفَارِقِيُّ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ الْإِمَامَ قَبْلَ سُجُودِهِ، وَإِلَّا فَيُتَابِعُهُ قَطْعًا وَلَا يَقْرَأُ، وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَعْذُورًا بِتَخَلُّفِهِ لِذَلِكَ أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا، بَلْ إنَّهُ لَا كَرَاهَةَ وَلَا بُطْلَانَ بِذَلِكَ قَطْعًا بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ لِيُتِمَّهَا كَانَ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يُدْرِكَا الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَاتَتْهُمَا الرَّكْعَةُ

(مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَحْسُوبًا عَلَى تَيَقُّنٍ وَمِنْ خُسُوفٍ أَوَّلَا) أَيْ وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِمَعْنَى كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْذُورٍ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ، وَمُرَادُ الشَّيْخَيْنِ وَالْبَغَوِيِّ بِأَنَّهُ مَعْذُورٌ أَنَّهُ لَا بُطْلَانَ وَلَا كَرَاهَةَ بِتَخَلُّفِهِ قَطْعًا، إلَّا أَنَّهُ كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ آنِفًا، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَرْكَعُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ رَكَعَ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ قَالَ الْفَارِقِيُّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ فِي رُكُوعِهِ، وَإِلَّا فَيُفَارِقُهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ اهـ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفَارِقْهُ بَلْ تَابَعَهُ بَطَلَتْ فَهَلْ، وَلَوْ نَاسِيًا وَجَاهِلًا كَمَا لَوْ تَابَعَ غَيْرَهُ بِلَا نِيَّةِ اقْتِدَاءٍ بِجَامِعِ امْتِنَاعِ الْمُتَابَعَةِ فِي كُلٍّ، أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْفَرْقُ أَقْرَبُ م ر

وَالْمُعْتَمَدُ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ النَّصِّ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْمُفَارَقَةُ إلَّا عِنْدَ هُوِيِّهِ لِلسُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَخَلِّفًا بِرُكْنَيْنِ م ر. (قَوْلُهُ أَنْ يَظُنَّ إلَخْ) فَلَوْ ظَنَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِمَامَ، بَلْ يَسْتَمِرُّ فِي إتْمَامِ مَا عَلَيْهِ حَتَّى يُشْرِفَ الْإِمَامُ عَلَى الْوُصُولِ لِحَدِّ الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ لِأَحَدِ التَّشَهُّدَيْنِ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْمُفَارَقَةُ، فَإِنْ لَمْ يُفَارِقْ وَوَصَلَ الْإِمَامُ لِلْحَدِّ الْمَذْكُورِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إلَّا إنْ عُذِرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لَمْ يُغْتَفَرْ لَهُ الثَّلَاثَةُ أَرْكَانٍ الْمَذْكُورَةِ لِتَقْصِيرِهِ، بَلْ يُقَالُ: إنْ أَتَمَّ مَا عَلَيْهِ وَأَدْرَكَ رُكُوعَ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ أَدْرَكَ الْفَاتِحَةَ لِانْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ، وَصَارَ مُوَافِقًا بِشَرْطِهِ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ مَا عَلَيْهِ وَرَكَعَ الْإِمَامُ فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ، وَاسْتَمَرَّ فِي إتْمَامِ مَا عَلَيْهِ حَتَّى يُشْرِفَ الْإِمَامُ عَلَى الِانْفِصَالِ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدَالِ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا وَانْفَصَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ إلَّا إنْ عُذِرَ هَذَا مَا عَلَيْهِ م ر وَحَجَرٌ

، وَقَدْ اسْتَشْكَلُوا وُجُوبَ الِاسْتِمْرَارِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَعْدَ فَوَاتِ الرَّكْعَةِ لِعَدَمِ حُسْبَانِ الْقِرَاءَةِ حِينَئِذٍ، فَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ: يَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ كَمَا قَالَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ أَوْ تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ كَمَا قَالَهُ سم، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ لِاحْتِمَالِ عُرُوضِ مَا يُوجِبُ الْمُفَارَقَةَ، بِأَنْ يُشْرِفَ الْإِمَامُ عَلَى مَا مَرَّ وَالْمَأْمُومُ بَعْدُ فِي إتْمَامِ مَا عَلَيْهِ فَيَنْوِي الْمُفَارَقَةَ وَيُصَلِّي لِنَفْسِهِ وَيُحْسَبُ لَهُ مَا قَرَأَهُ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ فِي حَالِ الْعُذْرِ كَالْمُوَافِقِ إلَّا فِي لُزُومِ الْفَاتِحَةِ وَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ، إذَا لَمْ يُدْرِكْ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ، وَيُفَارِقُهُ أَيْضًا فِي أَنَّ الْبَطِيءَ لَا يَتَخَلَّفُ عِنْدَ ع ش؛ لِأَنَّ الْمَسْبُوقَ فِي مَقَامِ الرُّخْصَةِ وَخَالَفَهُ سم

(قَوْلُهُ وَهُوَ بِتَخَلُّفِهِ لِذَلِكَ مَعْذُورٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ كَالْمُوَافِقِ فَيَتَخَلَّفُ وَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي اهـ. زي عَلَى الْمَنْهَجِ وَجَعَلَ الشَّارِحُ الْخِلَافَ لَفْظِيًّا، لَكِنَّ كَلَامَ الْفَارِقِيِّ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ) وَإِنْ ظَنَّ اتِّسَاعَ الزَّمَنِ بِخِلَافِ الْمُوَافِقِ؛ لِأَنَّ الْمُوَافِقَ يُطْلَبُ مِنْهُ السُّنَنُ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ وَقَالَ حَجَرٌ الْمَسْبُوقُ كَالْمُوَافِقِ فِي ذَلِكَ فَيُغْتَفَرُ لَهُ حِينَئِذٍ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ اهـ شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: قَالَ الْفَارِقِيُّ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي حَاشِيَةِ الْمَحَلِّيِّ كَلَامُ الْفَارِقِيِّ فِي هَذَا مُشْكِلٌ لَا يَسْمَحُ بِهِ مَنْ مَنَعَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَأَوْجَبَ الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ بِالِاشْتِغَالِ بِالسُّنَّةِ عَنْ الْفَرْضِ اهـ. أَيْ فَإِنَّ مُقْتَضَى مَنْعِهِ وَإِيجَابِ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ إلْزَامُهُ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ، إلَى أَنْ يُشْرِفَ الْإِمَامُ عَلَى الِانْفِصَالِ عَنْ الِاعْتِدَالِ، فَإِنْ أَتَمَّ هَوَى مَعَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُفَارَقَةُ اهـ. وَقَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بَعْدَ نَقْلِ مَا لِلْفَارِقِيِّ عَنْهُ وَعَنْ الرُّويَانِيِّ وَالْغَزَالِيِّ لَكِنَّ الَّذِي نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ فِي الرُّكُوعِ وَإِلَّا فَيُفَارِقُهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لَكِنْ يُتَّجَهُ لُزُومُ الْمُفَارَقَةِ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ ظَنِّهِ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَثِمَ، وَلَكِنْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ حَتَّى يَصِيرَ مُتَخَلِّفًا بِرُكْنَيْنِ اهـ.

وَقَوْلُهُ أَثِمَ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ لَا فَائِدَةَ لَهُ مَعَ فَوَاتِ الرَّكْعَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: فَائِدَتُهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ ثُمَّ يُفَارِقُهُ وَبِمَا ذَكَرُوهُ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ: إنَّ التَّخَلُّفَ بِرُكْنٍ جَائِزٍ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ الْإِمَامَ حَتَّى يَسْبِقَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا جَازَ لَهُ التَّخَلُّفُ بِهِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ، هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ م ر وَفِي ق ل أَنَّهُ لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ عَلَى الْمَسْبُوقِ، إلَّا قُبَيْلَ هُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسُّجُودِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَفْرَغُ قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ أَنْ يَظُنَّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ اشْتِغَالِهِ بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ قَبْلَ سُجُودِهِ) أَيْ هُوِيِّهِ لِلسُّجُودِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُتَابِعُهُ قَطْعًا) كَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْخِلَافَ السَّابِقَ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ فِي الْمُتَابَعَةِ وَعَدَمِهَا. (قَوْلُهُ وَبِمَا قَالَهُ إلَخْ) أَيْ الْفَارِقِيُّ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ لَيْسَ حُكْمَ بَطِيءِ الْقِرَاءَةِ. (قَوْلُهُ كَانَ مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا

(قَوْلُهُ عَلَى تَيَقُّنٍ) هَذَا مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ الْمُحَشِّي عَنْ م ر أَنَّهُ يَكْفِي الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ، وَقَالَ ق ل عَلَى

ص: 438

رُكُوعًا مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ يَقِينًا مِنْ غَيْرِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ وَرُكُوعًا أَوَّلًا مَحْسُوبًا لَهُ مِنْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ، (أَدْرَكَهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ، وَإِنْ قَصَّرَ فَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ الْآتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى كَرَاهَةِ وُقُوفِ الْمَأْمُومِ وَحْدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَدْرَكَ مُعْظَمَ الرَّكْعَةِ فَجُعِلَ مُدْرِكًا لَهَا تَرْغِيبًا فِي الْجَمَاعَةِ، وَالتَّعْلِيلُ بِهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَ مَعَهُ الرُّكُوعَ اسْتَمَرَّ مَعَهُ، وَإِلَّا فَلَوْ فَارَقَهُ عَقِبَ الرُّكُوعِ لَمْ يَصْدُقْ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ، وَإِدْرَاكُهُ الرُّكُوعَ مَعَهُ بِأَنْ يَلْتَقِيَ مَعَهُ فِيهِ وَيَطْمَئِنَّ قَبْلَ ارْتِفَاعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّهِ

وَخَرَجَ بِالرُّكُوعِ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ وَبِالْمَحْسُوبِ رُكُوعُ خَامِسَةٍ وَمُحْدِثٍ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْإِمَامِ لِتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ، وَبِالْيَقِينِ مَا لَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِ حَدِّ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إدْرَاكِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَيْضًا بَقَاءَ الْإِمَامِ فِيهِ، وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ بِهِ رُخْصَةٌ، فَلَا يُصَارُ إلَّا بِيَقِينٍ إلَيْهِ، وَبِأَوَّلِ الْخُسُوفِ ثَانِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا لَأُدْرِكَ بِهِ جَمِيعُ الرَّكْعَةِ كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ

(وَلَوْ) أَتَى مُدْرِكُ الرُّكُوعِ (بِتَكْبِيرِ أَحَدْ) أَيْ وَاحِدٍ قَبْلَ الرُّكُوعِ (حَيْثُ تَحَرُّمًا فَقَطْ بِهِ قَصَدْ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ بِهِ التَّحَرُّمَ دُونَ الرُّكُوعِ، فَإِنَّهُ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ، أَمَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الرُّكُوعَ فَقَطْ أَوْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا بِلَا

ــ

[حاشية العبادي]

ذَلِكَ وَلَكِنْ أَخْلَفَ ظَنَّهُ وَأَرَادَ الْإِمَامُ السُّجُودَ قَبْلَ إكْمَالِهِ هُوَ مَا لَزِمَهُ، فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ وَيُوَافِقُهُ حِينَئِذٍ لِتَحَقُّقِ فَوَاتِ الرَّكْعَةِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ؟ أَوْ لَا يَسْقُطُ، فَتَلْزَمُهُ الْمُفَارَقَةُ لِيَأْتِيَ بِمَا لَزِمَهُ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَرِدًا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَكَذَا فِيمَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُهُ فِي الرُّكُوعِ وَأَخْلَفَ عَلَى التَّصْوِيرِ الْمَنْقُولِ فِي الْهَامِشِ عَنْ النَّصِّ

(قَوْلُهُ يَقِينًا) مَعْمُولُ أَدْرَكَ (قَوْلُهُ وَرُكُوعًا أَوَّلًا) أَيْ يَقِينًا أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَوْ فَارَقَهُ عَقِبَ الرُّكُوعِ) أَخْرَجَ مُفَارَقَتَهُ فِي الرُّكُوعِ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَصَدَّقْ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ) أَيْ مَعَ إدْرَاكِهِ الرَّكْعَةَ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ هَذَا الصَّنِيعُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي سُجُودِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي إدْرَاكِ الْمَأْمُومِ الرَّكْعَةَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ رُكُوعًا مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ ش ع بَقِيَ مَا لَوْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي نَفْسِ الرُّكُوعِ بَعْدَ طُمَأْنِينَةِ الْمَأْمُومِ فِيهِ، وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ وَلَا يَبْعُدُ إدْرَاكُ الْمَأْمُومِ الرَّكْعَةَ. (قَوْلُهُ وَبِالْيَقِينِ مَا لَوْ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ، وَلَوْ مَعَ رُجْحَانِ الْإِدْرَاكِ لَكِنْ يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ م ر

(قَوْلُهُ، وَلَوْ أَتَى مُدْرِكُ الرُّكُوعِ) مِثْلُ مُدْرِكٍ آخَرَ مَحَلَّ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَأَتَمَّهَا قَبْلَ هُوِيِّهِ اهـ، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الشَّرْطَ إتْمَامُهَا فِي حَدٍّ تُجْزِئُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ، وَهُوَ حَدُّ الْقِيَامِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ حَدَّ الْقِيَامِ صَادِقٌ مَعَ هُوِيٍّ لَا يَصِيرُ بِهِ أَقْرَبَ إلَى الرُّكُوعِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ حَيْثُ تَحَرَّمَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ: وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ وَهِيَ مَا إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا وَجَبَتْ نِيَّةُ التَّكْبِيرِ أَيْ لِلتَّحَرُّمِ. (قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ قَصَدَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ

(فَرْعٌ) وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ لِلْهُوِيِّ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَكْبِيرَةٍ، فَإِنْ نَوَى بِهَا الْإِحْرَامَ فَقَطْ وَأَتَمَّهَا قَبْلَ هُوِيِّهِ انْعَقَدَتْ إلَخْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَى الْإِحْرَامَ إلَّا عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى وَاحِدَةٍ، أَمَّا لَوْ أَتَى بِاثْنَيْنِ فَتَنْعَقِدُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا شَيْئًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِوُجُودِ تَعَارُضِ الْقَرِينَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يُمْنَعُ أَنَّ ظَاهِرَهُ مَا ذُكِرَ مَعَ قَوْلِهِ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ، إذْ لَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ إلَّا عِنْدَ قَصْدِهِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ثُمَّ لِلْهُوِيِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ التَّكْبِيرِ لِلْهُوِيِّ بِلَا تَوَقُّفٍ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالِانْعِقَادُ مَعَ الْإِطْلَاقِ عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ مُشْكِلٌ

وَتَأْوِيلُ الْعِبَارَةِ غَيْرُ بَعِيدٍ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْجَلَالِ مِثْلُ الْيَقِينِ ظَنٌّ لَا تَرَدُّدَ مَعَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ بَعِيدٍ أَوْ أَعْمَى، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَنَظَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي كَوْنِ الْأَوَّلِ مَنْقُولَ الْمَذْهَبِ وَلَا يَسَعُ النَّاسَ إلَّا الِاكْتِفَاءُ بِالظَّنِّ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِالْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ مَعَ الْبُعْدِ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ مُطْلَقًا، كَذَا فِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ اهـ. وَالظَّنُّ الَّذِي لَا تَرَدُّدَ مَعَهُ هُوَ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْمُحَشِّيِّ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ: قَالَ م ر: إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ اطْمَأَنَّ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ اعْتِقَادًا لَا تَجْوِيزَ مَعَهُ لِلْخِلَافِ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ التَّجْوِيزُ مُمْكِنًا اهـ. ثُمَّ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ قَارًّا، بَلْ لَوْ كَانَ رَافِعًا وَاطْمَأَنَّ الْمَأْمُومُ قَبْلَ وُصُولِهِ الرَّفْعَ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ كَفَى كَمَا قَالَهُ ع ش

(قَوْلُهُ أَدْرَكَهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ أَيْ أَدْرَكَ ثَوَابَهَا حَتَّى ثَوَابَ جَمَاعَتِهَا مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا، كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ اهـ بج عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ ثَانِيهِ) أَيْ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ لِمَنْ يُصَلِّي الْخُسُوفَ

ص: 439

تَعْيِينٍ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا، فَلَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ، بَلْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِخُلُوِّهَا عَنْ التَّحَرُّمِ فِي الْأُولَى وَالتَّشْرِيكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَحْصُلْ بِقَصْدِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَتَعَارُضِ قَرِينَتَيْ الِافْتِتَاحِ وَالْهُوِيِّ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ مُعَيَّنٍ لِوُجُودِ الصَّارِفِ

(وَلَوْ صَلَاةٌ لِلْإِمَامِ تَبْطُلُ فَيَتَقَدَّمُ امْرُؤٌ لَا يُمْهِلُ) أَيْ، وَلَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتَقَدَّمَ فِي الْحَالِ بِحَيْثُ لَمْ يَمْضِ رُكْنٌ امْرُؤٌ بِنَفْسِهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ الْإِمَامِ أَوْ الْمُقْتَدِينَ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْهُمْ أَمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، اقْتَدَى بِالْإِمَامِ قَبْلَ الْبُطْلَانِ أَوْ بَعْدَهُ، (فَجَائِزٌ ذَلِكَ) أَيْ تَقَدُّمُهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِإِمَامَيْنِ بِالتَّعَاقُبِ جَائِزَةٌ، كَمَا أَنَّ «أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه كَانَ إمَامًا فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاقْتَدَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَالنَّاسُ» وَسَوَاءٌ جَدَّدُوا النِّيَّةَ أَمْ لَا، لِنِيَّتِهِمْ الْجَمَاعَةَ ابْتِدَاءً، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ لَوْ اسْتَمَرَّ لَمَا احْتَاجُوا لِتَجْدِيدِهَا، وَلِلتَّقَدُّمِ فِي الْجُمُعَةِ شُرُوطٌ تَأْتِي فِي بَابِهَا، وَلَوْ جَمَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَانَ أَحْسَنَ.

وَقَوْلُهُ: لَا يُمْهَلُ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ كَالْحَاوِي بِإِلْغَاءٍ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ أُمْهِلَ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ

(لَا فِي الثَّانِيَهْ وَرَكْعَةٍ رَابِعَةٍ، وَالْآتِيَهْ ثَالِثَةَ الْمَغْرِبِ غَيْرُ الْمُقْتَدِي وَنِيَّةُ الْأَقْوَامِ لَمْ تُجَدَّدْ) بِزِيَادَةِ لَفْظِ الْآتِيَةِ تَكْمِلَةً أَيْ لَا إنْ تَقَدَّمَ غَيْرُ الْمُقْتَدِي فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

نَقْلٌ، وَقَدْ يُوَجَّهُ الظَّاهِرُ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالتَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ الْأُولَى لِلْإِحْرَامِ وَمَانِعَةٌ مِنْ التَّعَارُضِ، وَالْقَرَائِنُ قَدْ يُكْتَفَى بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بَلْ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: مَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْعَالِمِ، أَمَّا الْجَاهِلُ فَالْقِيَاسُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ لَهُ نَفْلًا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا قَالَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ نَفْلًا مُطْلَقًا كَمَنْ أَخْرَجَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ إلَى آخِرَ مَا بَيَّنَهُ اهـ وَالنَّظَرُ، قَوِيٌّ جِدًّا فِي نِيَّةِ الرُّكُوعِ وَحْدَهُ بَلْ لَا يَنْبَغِي إرَادَةُ هَذَا. (قَوْلُهُ وَالتَّشْرِيكِ بَيْنَهُ) أَيْ التَّحَرُّمِ وَقَوْلُهُ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَحْصُلْ أَيْ مَا وَقَوْلُهُ بِقَصْدِهِ أَيْ التَّحَرُّمِ

(قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَمْ يَمْضِ رُكْنٌ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إلَخْ قَيْدًا آخَرَ لَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَنِيَّةُ الْأَقْوَامِ لَمْ تُجَدَّدْ) اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْحَاوِي كَعِبَارَةِ النَّظْمِ تَرْتِيبًا وَمَعْنًى، وَإِنْ اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَاَلَّذِي يَتَبَيَّنُ لِي فِيهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَنِيَّةُ الْأَقْوَامِ لَمْ تُجَدَّدْ كَقَوْلٍ أَصْلِهِ: بِلَا تَجْدِيدِ نِيَّةٍ، رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِمَا أَوَّلًا فَجَائِزٌ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِرُكُوعَيْنِ، أَمَّا مَنْ يُصَلِّيهِ بِوَاحِدٍ أَوْ يُصَلِّي غَيْرَهُ فَيُدْرِكُ بِهِ الرَّكْعَةَ اهـ م ر

(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا إلَخْ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: مَحَلُّهُ فِيمَنْ هُوَ مُلَاحِظٌ لِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ لِجَهْلِهِ بِطَلَبِهَا أَوْ غَفْلَتِهِ عَنْهَا فَتَكْبِيرَتُهُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا اهـ ق ل. عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ لِخُلُوِّهَا عَنْ التَّحَرُّمِ إلَخْ) وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لِلشَّرْحِ وم ر مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَكَعَ مَسْبُوقٌ قَبْل تَمَامِ التَّكْبِيرَةِ جَاهِلًا انْقَلَبَتْ نَفْلًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ بُطْلَانُ الْعُمُومِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إذَا قَصَدَ التَّحَرُّمَ، وَإِنَّمَا فَاتَ الْقِيَامُ وَبِهَذَا جَزَمَ م ر كَالشَّرْحِ هُنَا بِالْبُطْلَانِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ تَبْطُلُ) لَوْ بَانَ بُطْلَانُهَا كَأَنْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْبَيْنُونَةُ كَالْبُطْلَانِ فَيَسْتَخْلِفَ مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ فِيمَا يَلْزَمُ فِيهِ ذَلِكَ، أَفْتَى بِهِ حَجَرٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ تَبْطُلُ) هَلْ مِثْلُ بُطْلَانِهَا مَا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الْمَأْمُومِينَ وَبَقِيَ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا؟ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) بِأَنْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ: مَتَى تَعَمَّدَ الْحَدَثَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَالنَّاسُ) كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوهُ صلى الله عليه وسلم فَاحْتَاجُوا لِنِيَّةِ اقْتِدَاءٍ اهـ. وَفِي الْمَحَلِّيِّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ لَا فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّقَدُّمِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مَثَلًا حَيْثُ يَحْصُلُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُتَقَدِّمِ مِنْ غَيْرِ اقْتِدَاءٍ بِهِ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ نِيَّةِ الْقَوْمِ، وَبَيْنَ التَّقَدُّمِ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُتَقَدِّمِ إلَّا مَعَ اقْتِدَاءٍ بِهِ مِنْ قَبْلُ أَوْ تَجْدِيدِ نِيَّةِ الْقَوْمِ، أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ارْتِبَاطِ صَلَاةِ الْقَوْمِ بِالْمُتَقَدِّمِ لِيَحْصُلَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فَفِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ يَحْصُلُ الِارْتِبَاطُ لِمُشَابَهَةِ صَلَاةِ الْمُتَقَدِّمِ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ الْخَارِجِ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى شَيْءٍ آخَرَ، وَأَمَّا فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ تَحْصُلْ الْمُشَابَهَةُ الْمُوجِبَةُ لِلِارْتِبَاطِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ آخَرَ، وَذَلِكَ إمَّا الْتِزَامُ الْقَوْمِ الِاقْتِدَاءَ بِالْمُتَقَدِّمِ، أَوْ أَخْذُ الْمُتَقَدِّمِ حُكْمَ الْإِمَامِ الْخَارِجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِالِاقْتِدَاءِ اهـ. وَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ مُوَافَقَةِ صَلَاتِهِ لِصَلَاةِ الْقَوْمِ إلَّا أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْغَالِبِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَا غَيْرُ الْمُقْتَدِي) بَدَلٌ مِنْ امْرُؤٌ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِتَقَدَّمَ أَيْ لَا تَقَدُّمَ غَيْرِ الْمُقْتَدِي فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ، وَالْحَالُ أَنَّ نِيَّةَ الْأَقْوَامِ لَمْ تُجَدَّدْ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ قُلْتُ إلَخْ مُشْكِلٌ، فَالْأَوْلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَنِيَّةُ الْأَقْوَامِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَيَتَقَدَّمُ فَقَطْ اهـ. عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ الثَّانِيَةِ إلَخْ) أَيْ لَهُمْ وَقَوْلُهُ إذَا جَدَّدَ الْقَوْمُ النِّيَّةَ وَتَجْدِيدُهَا مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ اقْتِدَاءٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ

ص: 440

أَوْ الرَّابِعَةِ أَوْ ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ، وَلَمْ يُجَدِّدْ الْقَوْمُ النِّيَّةَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُخَالَفَةِ التَّرْتِيبِ مَعَ عَدَمِ الرَّابِطَةِ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْقِيَامِ وَهُمْ لِلْقُعُودِ، وَلَا نِيَّةَ بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّهُ يَرْعَى نَظْمَ صَلَاةِ إمَامِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَعُلِمَ جَوَازُ ذَلِكَ مِنْ الْمُقْتَدِي مُطْلَقًا، وَمِنْ غَيْرِهِ فِي الْأُولَى، وَثَالِثَةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَفِي غَيْرِهِمَا، إذَا جَدَّدَ الْقَوْمُ النِّيَّةَ لِانْتِفَاءِ الْمُخَالَفَةِ أَوْ وُجُودِ الرَّابِطَةِ، وَهِيَ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ لَا يُسَمَّى خَلِيفَةً

(قُلْتُ وَإِنْ عَنَى) الْحَاوِي (انْتِفَاءَ شَرْطِ نِيَّتِهِمْ بِذَا) أَيْ بِعَدَمِ تَجْدِيدِهِمْ النِّيَّةِ، (فَلَيْسَ مُخْطِي) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ، بَلْ مُصِيبٌ وَإِنْ عَنَى بِهِ أَنَّ تَجْدِيدَهَا مُضِرٌّ فَمُخْطِئٌ، (ثُمَّ رَعَى) الْمُتَقَدِّمُ (الْمَسْبُوقُ) وُجُوبًا (نَظْمَ مَنْ سَبَقْ) أَيْ نَظْمَ صَلَاةِ الْأَصْلِ، فَيَفْعَلُ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، فَإِذَا تَمَّتْ صَلَاةُ أَصْلِهِ أَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ يُفَارِقُوهُ أَوْ يَنْتَظِرُوهُ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ، وَتَدَارَكَ مَا عَلَيْهِ وَيُعِيدُ الْقُنُوتَ وَسُجُودَ السَّهْوِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعِهِ فِي السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ فِيهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ: جَوَازُ اسْتِخْلَافِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ نَظْمَهَا، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ النَّصِّ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ لَكِنَّهُ قَالَ فِيهَا: وَالْأَرْجَحُ دَلِيلًا عَدَمُ الصِّحَّةِ وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْأَقْيَسُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُرَاقِبُ الْقَوْمَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ، فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ، وَإِلَّا قَعَدَ كَمَا يُعْتَمَدُ إخْبَارُ الْأَصْلِ بِمَا بَقِيَ، ثُمَّ سَهْوُ الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِي قَبْلَ حَدَثِ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ، وَبَعْدَهُ يَقْتَضِي سُجُودَهُ.

وَسُجُودُ الْقَوْمِ وَسَهْوُهُمْ قَبْلَ حَدَثِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ مَحْمُولٌ، وَبَيْنَهُمَا غَيْرُ مَحْمُولٍ بَلْ يَسْجُدُونَ بَعْدَ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ، (وَهُمْ بِتَقْدِيمِ امْرِئٍ مِنْهُ أَحَقْ) أَيْ وَالْمُقْتَدُونَ أَحَقُّ بِتَقْدِيمِ امْرِئٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَصْلِ وَالْمَرْءِ الْمُتَقَدِّمِ بِنَفْسِهِ، فَلَوْ قَدَّمُوا وَاحِدًا وَالْأَصْلُ آخَرُ أَوْ تَقَدَّمَ آخَرُ بِنَفْسِهِ، كَانَ مُقَدَّمُهُمْ أَحَقَّ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لَهُمْ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُتَقَدِّمُ رَاتِبًا يَكُونُ أَحَقَّ مِنْ مُقَدَّمِهِمْ وَمِنْ مُقَدَّمِ

ــ

[حاشية العبادي]

خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ ظَاهِرَةً فِي الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِهَا لَا فِي الثَّانِيَةِ

وَاَلَّذِي حَمَلَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ رُجُوعَ هَذَا الْقَيْدِ إلَى النَّفْيِ الْمَذْكُورِ يَلْزَمُهُ مَحْذُورَانِ، الْأَوَّلُ: إبْهَامُ أَنَّ النِّيَّةَ إذَا جُدِّدَتْ عِنْدَ تَقَدُّمِ غَيْرِ الْمُقْتَدِي فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمُتَقَدِّمُ خَلِيفَةً، بِحَيْثُ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُرَاعِيَ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَلِيفَةً بِوَجْهٍ، وَإِنَّمَا هُوَ شَخْصٌ اقْتَدَى بِهِ الْمَأْمُومُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ سَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي قَوْلِهِ: وَعَكْسُ الْأَمْرِ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ قُلْت إلَخْ يَصِيرُ ضَائِعًا لَا مَعْنَى لَهُ وَالشَّارِحُ رحمه الله خَصَّ الْقَيْدَ بِالنَّفْيِ فَلَزِمَهُ الْمَحْذُورَانِ فَتَأَمَّلَ

وَتَابَعَ فِي ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّ وَالْعَجَبُ كَيْفَ سَلَكَا ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ قُلْت إلَخْ؟ فَإِنَّهُ لَا يُلَائِمُ ذَلِكَ بِوَجْهٍ بُرُلُّسِيٌّ أَقُولُ: وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْمُقْتَدِينَ شَرْطٌ فِي صُورَةِ النَّفْيِ الْمَذْكُورَةِ، فَنَفْيُ اشْتِرَاطِهِمَا خَطَأٌ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ حِينَئِذٍ فَلَيْسَ مُخْطِئْ، فَتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْقِيَامِ وَهُمْ لِلْقُعُودِ) هَذَا لَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ كَانُوا اقْتَدُوا بِالْإِمَامِ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ أَوْ ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ، فَهَلْ يُلْتَزَمُ حِينَئِذٍ صِحَّةُ الِاسْتِخْلَافِ وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُمْ، كَأَنْ حَضَرَ جَمَاعَةٌ فِي ثَانِيَةِ مُنْفَرِدٍ أَوْ أَخِيرَتِهِ فَاقْتَدُوا بِهِ فِيهَا ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَاسْتَخْلَفَ مُوَافِقًا لَهُمْ جَازَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِطْلَاقُهُمْ الْمَنْعِ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ بِذَا) مُتَعَلِّقُ يَعْنِي (قَوْلُهُ وُجُوبًا) يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَوْ كَانَ يَلْزَمُ الْإِمَامَ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ نَظْمَ مَنْ سَبَقَ) خَرَجَ بِهِ التَّشَهُّدُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ كَانَ بَاقِيًا مَا لَزِمَ هَذَا الْإِتْيَانُ بِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ أَنْ يُفَارِقُوهُ أَوْ يَنْتَظِرُوهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لَا فِي جُمُعَةٍ خَشُوا فَوْتَ وَقْتِهَا أَيْ فَلَا يَنْتَظِرُوهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ

(قَوْلُهُ يُرَاقِبُ الْقَوْمَ) لَا يُقَالُ: فِي هَذَا الرُّجُوعُ لِغَيْرِهِ فَيُخَالِفُ مَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعًا كَثِيرًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ فِي هَذَا رُجُوعٌ لِغَيْرِهِ فِي عَدَدِ رَكَعَاتِ نَفْسِهِ وَمَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ، وَإِنَّمَا فِيهِ الرُّجُوعُ لِغَيْرِهِ وَهُمْ الْقَوْمُ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ لِيَجْرِيَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ) قَامَ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ يَقْتَضِي سُجُودَهُ) شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ التَّبَيُّنِ (قَوْلُهُ كَانَ مُقَدَّمُهُمْ أَحَقَّ) لَعَلَّ الْأَحَقِّيَّةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمَعْنَى انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْقَوْمِ نِيَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَإِذَا تَمَّتْ صَلَاةُ أَصْلِهِ إلَخْ) أَيْ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُمْ أَيْضًا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَإِذَا تَمَّتْ صَلَاةُ أَصْلِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ وَافَقَتْ صَلَاتُهُمْ صَلَاتَهُ (قَوْلُهُ أَوْ انْتَظَرُوهُ) أَيْ فِي التَّشَهُّدِ إنْ وَافَقَ آخِرُ صَلَاتِهِمْ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ فِي السُّجُودِ إنْ كَانُوا مَسْبُوقِينَ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ آخِرُ صَلَاتِهِمْ آخِرَ صَلَاةِ الْإِمَامِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَسُجُودَ السَّهْوِ كَمَا مَرَّ) لَعَلَّهُ فِي سُجُودِ الْمَأْمُومِ لِلْمُتَابَعَةِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ) قَالَ: إنَّهُ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ كَمَا يُعْتَمَدُ إلَخْ) عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ كَمَا يُعْتَمَدُ قَوْلُ الْإِمَامِ قَطْعًا اهـ. أَيْ إنْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ حَدَثِ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ اسْتِخْلَافِ الْقَوْمِ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَصْلِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْأَصْلُ إمَامًا رَاتِبًا فَمُقَدَّمُهُ أَوْلَى اهـ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ كَانَ مُقَدَّمُهُمْ أَحَقَّ) شَامِلٌ لِمَا إذَا قَدَّمُوهُ بَعْدَ تَقْدِيمِ الْإِمَامِ وَاحِدًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مُقَدَّمَ الْإِمَامِ بِمُجَرَّدِ تَقْدِيمِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ انْعَقَدَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ رَاتِبًا) هُوَ مَنْ وَلَّاهُ النَّاظِرُ أَوْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ شَرْحُ م ر لَكِنْ فِي الْإِيعَابِ

ص: 441

الْأَصْلِ، وَأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْأَصْلُ وَاحِدًا وَتَقَدَّمَ آخَرُ يَكُونُ مُقَدَّمُ الْأَصْلِ أَحَقَّ، لَا سِيَّمَا الْأَصْلُ الرَّاتِبُ

(وَجَائِزٌ وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرِ إفْرَادُ مُقْتَدٍ) بِأَنْ يُفَارِقَ الْإِمَامَ؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ فَالسُّنَنُ لَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ، إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ وَلِأَنَّ الْفِرْقَةَ الْأُولَى فَارَقَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ، كَمَا سَيَأْتِي وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ مُعَاذًا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ بِهِمْ فَتَنَحَّى مِنْ خَلْفِهِ رَجُلٌ وَصَلَّى وَحْدَهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَغَضِبَ وَأَنْكَرَ عَلَى مُعَاذٍ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى الرَّجُلِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ، إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ فَارَقَهُ وَبَنَى، بَلْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَلَّمَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا، فَهُوَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِبْطَالِ لِعُذْرٍ انْتَهَى

وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْآخَرِ أَيْضًا بِمَفْهُومِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ إذَا دَلَّ عَلَى جَوَازِ إبْطَالِ أَصْلِ الْعِبَادَةِ، فَدَلَالَتُهُ عَلَى جَوَازِ إبْطَالِ صِفَتِهَا أَوْلَى (وَ) جَائِزٌ (عَكْسُ الْأَمْرِ) أَيْ اقْتِدَاءُ مُنْفَرِدٍ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ رَكْعَتُهُمَا ثُمَّ يُوَافِقُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ لِقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ لَمَّا جَاءَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، إذْ الْإِمَامُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي بَعْدَ انْفِرَادِهِ إمَامًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ مَأْمُومًا

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا، فَقَالَ:(وَالنَّدْبُ أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (يَقْدُمَ) بِضَمِّ الدَّالِ مَنْ قَدَمَ بِفَتْحِهَا قَدَمًا أَيْ تَقَدَّمَ قَالَ تَعَالَى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [هود: 98](أَوْ يُقَدِّمَنْ مَنْ وَلِيَ) أَيْ وَيُنْدَبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ لِلْإِمَامَةِ أَوْ يُقَدِّمَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا الْأَصْلُ الرَّاتِبُ) يُفِيدُ أَنَّ مُقَدَّمَ الْأَصْلِ غَيْرِ الرَّاتِبِ أَحَقُّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ بِنَفْسِهِ رَاتِبًا، أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ فَارَقَتْ النَّبِيَّ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا بِعُذْرٍ فَلَا يُفِيدُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ مَنْ وَلِيَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْوَالِي فِي غَيْرِ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ، أَمَّا مَنْ وَلَّاهُ أَحَدُهُمَا فِي مَسْجِدٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ وَالِي الْبَلَدِ أَوْ قَاضِيهِ، قَالَ م ر: يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا (قَوْلُهُ أَوْ يُقَدَّمُ غَيْرُهُ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّمُ غَيْرَ أَفْقَهَ وَأَقْرَأَ إلَخْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحِ الْعُبَابِ

(فَرْعٌ) فِي الْكِفَايَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهِمَا تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ مَا حَاصِلُهُ: تَحْصُلُ وَظِيفَةُ إمَامِ غَيْرِ الْجَامِعِ مِنْ مَسَاجِدِ الْمَحَالِّ وَالْعَشَائِرِ وَالْأَسْوَاقِ بِنَصْبِ الْإِمَامِ شَخْصًا. أَوْ بِنَصْبِ شَخْصٍ نَفْسَهُ لَهَا بِرِضَى جَمَاعَةٍ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَيَؤُمَّ بِهِمْ، فَإِذَا عُرِفَ بِهِ وَرَضِيَتْ جَمَاعَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِإِمَامَتِهِ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَتَحْصُلُ فِي الْجَامِعِ وَالْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ أَوْ الَّذِي فِي الشَّارِعِ بِتَوْلِيَةِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الْعِظَامِ فَاخْتُصَّتْ بِنَظَرِهِ، فَإِنْ فُقِدَ فَمَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ أَيْ أَكْثَرُهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّا إلَخْ) قَدَّمَهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى جَوَازِ الْقَطْعِ بِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ حَجِّ الصَّبِيِّ وَالرَّقِيقِ فَإِنَّهُمَا مِنْهُمَا سُنَّةٌ لَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ يَحْرُمُ قَطْعُهُمَا، أَمَّا الرَّقِيقُ فَظَاهِرٌ لِتَكْلِيفِهِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَبِمُضِيِّ أَنَّ الْوَلِيَّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُ الصَّبِيِّ مِنْ الْقَطْعِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعْطِيلُ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ قَطْعُهَا؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا انْحَصَرَ تَعَيَّنَ اهـ بج

(قَوْلُهُ إلَّا فِي الْجِهَادِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) ، وَلَوْ تَأَدَّى الْفَرْضُ بِغَيْرِهِ بِأَنْ صَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ مَنْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا تَقَعُ فَرْضًا وَإِنْ تَعَدَّدَ الْفَاعِلُونَ وَتَرَتَّبُوا، نَعَمْ إعَادَتُهَا تَقَعُ نَفْلًا وَالظَّاهِرُ جَوَازُ قَطْعِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَكْتُوبَةِ بِأَنَّهُ قِيلَ هُنَاكَ: إنَّ الْفَرْضَ الْمُعَادَةُ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ يَحْتَسِبُهَا اللَّهُ مِنْهُمْ وَقِيلَ: أَكْمَلُهُمَا بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي كَوْنِهَا نَفْلًا عَلَى أَنَّ إعَادَتَهَا غَيْرُ مَطْلُوبٍ، وَإِنَّمَا جَازَتْ مَعَ كَوْنِ الْقِيَاسِ عَدَمَ انْعِقَادِهَا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الدُّعَاءُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حُرْمَةُ قَطْعِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى حَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ قَبْرٍ، اهـ ع ش. (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْجِهَادِ إلَخْ) كَذَلِكَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ مِمَّنْ يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ وَكَانَ فِي غَيْرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ اهـ ق ل. (قَوْلُهُ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) مِثْلُهَا كُلُّ مَا تَعَلَّقَ بِالْمَيِّتِ إنْ عُدَّ قَطْعُهُ تَهَاوُنًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ إزْرَاءٌ بِهِ بِخِلَافِ التَّنَاوُبِ فِي حَفْرِ قَبْرِهِ وَحَمْلِهِ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ تَبَرُّكٍ، وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ لِمَنْ شَرَعَ فِيهِ لِاسْتِقْلَالِ مَسَائِلِهِ اهـ بج

(قَوْلُهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ: هَذَا الرَّجُلُ أَيْضًا فَارَقَ بِعُذْرٍ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى حَالِ عَدَمِ الْعُذْرِ اهـ. (قَوْلُهُ بَلْ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ سَلَّمَ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ اهـ. ثُمَّ إنَّهَا لَا تُوَافِقُ الْمُقَرَّرَ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ تَمَامِ الصَّلَاةِ مُمْتَنِعٌ قَالَ ع ش: فَلَعَلَّهُ نَوَى الْخُرُوجَ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى الْقَوْمِ لِانْصِرَافِهِ عَنْهُمْ اهـ. وَالْخُرُوجُ مُمْتَنِعٌ أَيْضًا فَإِنْ عُذِرَ بِجَهْلِهِ فَهُوَ آتٍ فِي الْكُلِّ

(قَوْلُهُ عَلَى جَوَازِ الْإِبْطَالِ) هُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَلَعَلَّ مَأْخَذَهُ مَا هُنَا (قَوْلُهُ وَجَازَ عَكْسُ الْأَمْرِ) لَكِنَّهُ كَقَطْعِ الْقُدْوَةِ بِلَا عُذْرٍ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ حَتَّى مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ فِي الْأَثْنَاءِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِالْغَيْرِ مَظِنَّةُ مُخَالَفَةِ نَظْمِ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهِ يَتْبَعُ الْإِمَامَ فِي نَظْمِ صَلَاتِهِ، وَإِنْ خَالَفَ نَظْمَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ مُسْتَقِلٌّ. (قَوْلُهُ إذْ الْإِمَامُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ

ص: 442