المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع التبست ميتة بمذكيات بلد أو إناء بول بأواني بلد] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌(بَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (النَّجَاسَاتِ) وَإِزَالَتِهَا

- ‌[فَرْعَ وَلَغَ الْكَلْب فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَمْ يَنْقُصْ بِوُلُوغِهِ عَنْ قُلَّتَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا غَسَلَ فَمَهُ الْمُتَنَجِّسَ فَلْيُبَالِغْ فِي الْغَرْغَرَةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاجْتِهَادِ) فِي الْمِيَاهِ

- ‌[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

- ‌(بَابُ الْوُضُوءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْحَدَثِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْغُسْلِ) وَمُوجِبِهِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَرْكَانِ التَّيَمُّمِ وَغَيْرِهَا]

- ‌(بَابُ الْحَيْضِ)

- ‌[بَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الْأَذَانِ) وَالْإِقَامَةُ:

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الِاسْتِقْبَالِ) لِلْكَعْبَةِ وَلِبَدَلِهَا

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (صِفَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌[فَرْعٌ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ]

- ‌[سُنَن الصَّلَاة]

- ‌[فَرْعٌ أَتَى المصلي بِسَبْعِ آيَاتٍ مُتَضَمِّنَةٍ لِلْفَاتِحَةِ بَدَلَهَا]

- ‌[فَرْع لِلْإِمَامِ فِي الْجَهْرِيَّةِ أَرْبَعُ سَكَتَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (شُرُوطِ الصَّلَاةِ) وَمَوَانِعِهَا

- ‌[حُكْمَ الْفِعْلِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ وَبَطَلَتْ بِزِيَادَتِهِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (السَّجَدَاتِ) لِلسَّهْوِ، وَالتِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ

- ‌ مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ صَلَاةِ النَّفْلِ]

- ‌(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ صَلَاةِ (الْجَمَاعَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الدُّخُولِ وَحَضَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ وَرَجُوا زِيَادَةً]

- ‌[بَيَانِ مَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ الشَّامِلَ لْإِعَادَةِ الصَّلَاة]

- ‌[الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لَهَا]

- ‌(بَابُ) كَيْفِيَّةِ (صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

الفصل: ‌[فرع التبست ميتة بمذكيات بلد أو إناء بول بأواني بلد]

بِالْعَقْدِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَبْضَاعِ الْحُرْمَةُ فَيُحْتَاطُ لَهَا وَالِاجْتِهَادُ خِلَافُ الِاحْتِيَاطِ (وَ) لَا إنْ الْتَبَسَ (الْمَيْتُ) بِمُذَكًّى (وَلَا بَوْلٌ) بِمَاءٍ (وَ) لَا (نَحْوُ مَاءِ وَرْدٍ) بِمَاءٍ وَلَفْظَةُ نَحْوُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) لَا (الطِّلَا) بِقَصْرِهِ لِلْوَقْفِ أَيْ الْخَمْرُ بِالْخَلِّ (أَوْ لَبَنُ الْأَتَانِ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ الْحِمَارَةِ بِلَبَنِ مَأْكُولٍ فَلَا اجْتِهَادَ إذْ لَا أَصْلَ لِلْخَمْسَةِ فِي حِلِّ الْمَطْلُوبِ بَلْ فِي مَسْأَلَةِ الْبَوْلِ بِرِيقِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ يَصُبُّ مِنْهُ فِي الْآخَرِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ فَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ بِحَضْرَةِ طَاهِرٍ بِيَقِينٍ لَهُ طَرِيقٌ إلَى إعْدَامِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مُنِعَ مِنْهُ سَبُعٌ وَفِي مَسْأَلَةِ مَاءِ الْوَرْدِ يَتَوَضَّأُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً وَيُعْذَرُ فِي تَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ الْخَمْسِ وَمُقْتَضَاهُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى طَاهِرٍ بِيَقِينٍ لِفَقْدِ الضَّرُورَةِ

(فَرْعٌ) لَوْ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ فَلَهُ أَخْذُ بَعْضِهَا بِلَا اجْتِهَادٍ وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْتَهِي وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلنَّوَوِيِّ إلَى أَنْ يَبْقَى وَاحِدٌ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً بِعَيْنِهَا فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ كَثِيرٍ فَأَكَلَ الْجَمِيعَ إلَّا تَمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ وَالثَّانِي وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ أَوْضَحُ إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرٌ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِهِ ابْتِدَاءً مُنِعَ الْجَوَازُ (فَهْوَ إنَّمَا يَجُوزُ) لَهُ (أَنْ يَأْخُذَ فَرْدًا مِنْهُمَا) جَوَابُ مِنْ شَاتِهِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَإِنْ سِوَى الْمَأْخُوذِ) أَيْ الَّذِي يُؤْخَذُ بِالِاجْتِهَادِ (كَانَ قَدْ تَلِفْ) قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ فَقَدْ تَظْهَرُ أَمَارَةُ النَّجَاسَةِ فِيهِ فَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ وَلِأَنَّ الِاجْتِهَادَ ثَبَتَ فِيهِ قَبْلُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الِاجْتِهَادِ أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ بَاقٍ بِخِلَافِ إلْحَاقِ الْقَائِفِ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَتَخْيِيرِ مَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: أَوْ يَصُبُّ مِنْهُ فِي الْآخَرِ) وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهُ صَبَّ مِنْ الْمَاءِ فِي الْبَوْلِ إذْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ.

(قَوْلُهُ: إلَى إعْدَامِهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَمَا فِي الصَّبِّ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ: مَنَعَ سَبُعٌ) إذْ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى إعْدَامِهِ.

(قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ) إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالضَّرُورَةِ الْحَاجَةُ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ قُدْرَتِهِ عَلَى طَاهِرٍ) أَيْ طَهُورٍ بِيَقِينٍ كَأَنْ أَمْكَنَهُ خَلْطُهُمَا بِلَا تَغَيُّرٍ مُضِرٍّ

. (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي يُؤْخَذُ بِالِاجْتِهَادِ) فَلَيْسَ الْمَأْخُوذُ

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ إلَّا بِالْعَقْدِ) أَيْ: عَقْدِ النِّكَاحِ دُونَ الِاجْتِهَادِ وَالْهَجْمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ لِتَمْيِيزِ أَمَتِهِ مِنْ أَمَةِ غَيْرِهِ جَازَ لَهُ الْوَطْءُ تَبَعًا كَمَا فِي الْإِيعَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَوْلٌ بِمَاءٍ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي يَجُوزُ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذْ لَا أَصْلَ لِلْخَمْسَةِ فِي حِلِّ الْمَطْلُوبِ) إنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ إذَا اجْتَهَدَ لِلطَّهَارَةِ أَمَّا إذَا اجْتَهَدَ لِلشُّرْبِ فَلَا وَلِذَا قِيلَ يَصِحُّ الِاجْتِهَادُ لَهُ وَيَجُوزُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّطَهُّرُ بِالْمَاءِ تَبَعًا اهـ.

ق ل وَغَيْرُهُ وَلَا يَأْتِي جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ وَالْبَوْلِ لِإِرَادَةِ إطْفَاءِ نَارٍ بِالْبَوْلِ مَثَلًا كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَعَلَّلَهُ بِمَا لَا يَظْهَرُ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ) رَدٌّ لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الِاجْتِهَادِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ بِحَضْرَةِ مَاءٍ مَنَعَ مِنْهُ سَبُعٌ وَفَرَّقَ؛ بِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَى إعْدَامِهِ فَهُوَ مُقَصِّرٌ.

(قَوْلُهُ وَفِي مَسْأَلَةِ مَاءِ الْوَرْدِ إلَخْ) مِثْلُهَا مَا إذَا اشْتَبَهَ طَاهِرٌ بِطَهُورٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إذَا اشْتَبَهَ الْمُسْتَعْمَلُ بِالطَّهُورِ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مَرَّةً وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ اهـ.

فَقَدْ انْكَشَفَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الضَّرُورَةِ تَعَذُّرُ الِاجْتِهَادِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الضَّرُورَةَ فِي مَسْأَلَةِ مَاءِ الْوَرْدِ تَنْتَفِي بِوُجُودِ مُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.

عَمِيرَةٌ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَبِهِ يُعْلَمُ انْدِفَاعُ قَوْلِ الشِّهَابِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا تَحَيَّرَ بَيْنَ الطَّاهِرِ وَالطَّهُورِ لَا يُجْزِئُهُ اسْتِعْمَالُهُمَا ثُمَّ تَكَلَّفَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ وَمَاءِ الْوَرْدِ؛ بِأَنَّ كُلًّا مَحَلٌّ لِلِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ مَاءِ الْوَرْدِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ) أَيْ: مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ أَعَمُّ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ.

[فَرْعٌ الْتَبَسَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّيَاتِ بَلَدٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ بِأَوَانِي بَلَدٍ]

(قَوْلُهُ: وَإِنَاءُ بَوْلٍ؛ بِأَوَانِي بَلَدٍ إلَخْ) بِخِلَافِ إنَاءٍ مُتَنَجِّسٍ؛ بِأَوَانِي بَلَدٍ، فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَوْلَ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الْحِلِّ بِخِلَافِ الْمُتَنَجِّسِ، نَعَمْ لَا يَجِبُ الِاجْتِهَادُ لِمَا عَرَفْت سَابِقًا عَنْ ق ل أَنَّ الِانْحِصَارَ قَيْدٌ لِلْوُجُوبِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِلَا اجْتِهَادٍ) أَيْ: لَا يَصِحُّ الِاجْتِهَادُ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ فِي الْبَوْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: يَنْتَهِي) أَيْ: الْأَخْذُ أَوْ يَنْتَهِي هُوَ عَنْ الْأَخْذِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلنَّوَوِيِّ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُخْتَارِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَجْمُوعِ احْتِرَازًا مِنْ مَجْمُوعِ الْمَحَامِلِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ إلَخْ) أَيْ: فَكَمَا أَبْقَى وَاحِدَةً فِيهَا لِأَجْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ مِنْ الْكَفَّارَةِ يُقَالُ هُنَا الْأَصْلُ طَهَارَةُ الْمُشْتَبَهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْضَحُ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُحَرَّمِ وَفَرَّقَ فِي الْإِيعَابِ بَيْنَهُمَا بِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ فِي الْمُحَرَّمِ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَفِيهِ أَنَّهُ عِنْدَ بَقَاءِ الْمَحْصُورِ لَا أَصْلَ يَتَأَيَّدُ بِهِ الِاجْتِهَادُ فِي النَّجَسِ كَالْمُحَرَّمِ وَلَا تَضْيِيقَ عَلَيْهِ فَبِأَيِّ وَجْهٍ يَأْخُذُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) قِيلَ فِي التَّصْحِيحَيْنِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي اسْتِعْمَالُهُ بِلَا اجْتِهَادٍ كَمَا يُسْتَعْمَلُ مَا شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِ قَطْعًا إذْ لَا يُتْرَكُ الْأَصْلُ بِالشَّكِّ اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ أَصْلَ الطَّهَارَةِ فِيهِ عَارَضَهُ أَصَالَةُ عَدَمِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي الْآخَرِ وَلِذَا قَالُوا، إنَّ أَصَالَةَ الطَّهَارَةِ تُلْغَى فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ:

ص: 65

أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بَعْدَ مَوْتِ بَعْضِهِنَّ فَإِنَّهُمَا جَائِزَانِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ النَّسَبِ وَالنِّكَاحِ مِنْ الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ بَاقٍ فِي الْمَوْتَى وَالْمَاءُ بَعْدَ تَلَفِهِ لَا حُكْمَ فِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي (إنْ بِدَلِيلٍ) أَيْ إنَّمَا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا أَنْ (يَجْتَهِدْ) مَعَ ظُهُورِ دَلِيلٍ يُفِيدُ ظَنَّ طَهَارَةِ الْمَأْخُوذِ وَمَثَّلَ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ كُشِفْ) أَحَدَ الْإِنَاءَيْنِ، أَوْ ابْتَلَّ طَرَفُهُ أَوْ نَقَصَ الْمَاءُ، أَوْ تَحَرَّكَ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يَسْتَعْمِلُهُ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الطَّهَارَةِ عَارَضَهُ يَقِينُ النَّجَاسَةِ فَوَجَبَ النَّظَرُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا مَا ظُنَّ طَهَارَتُهُ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ دَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تُبْنَى عَلَى الْخَوَاطِرِ وَالْإِلْهَامَاتِ فَلَوْ هَجَمَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى أَعَادَهُمَا لِتَلَاعُبِهِ وَلَوْ هَجَمَ وَصَلَّى الصَّلَاةَ بِكُلٍّ مِنْ الثَّوْبَيْنِ لَمْ تَصِحَّ كَمَا لَوْ صَلَّاهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِأَرْبَعِ جِهَاتٍ بِلَا اجْتِهَادٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَسِيَ إحْدَى صَلَاتَيْنِ لَا يَجْتَهِدُ بَلْ يُصَلِّيهِمَا وَفَرَّقَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ الِالْتِبَاسَ هُنَا فِي شَرْطٍ كَالْقِبْلَةِ وَبِأَنَّ فِعْلَهُ يُؤَدِّي إلَى مُحَرَّمٍ وَهُوَ صَلَاتُهُ بِالنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ النَّاسِي وَقَدْ عُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَكُونَ فِي مُتَعَدِّدٍ وَأَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ فِي الْمُتَعَدِّدِ مَجَالٌ وَأَنْ يَتَأَيَّدَ بِأَصْلِ الْحِلِّ وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَعَدِّدُ بَاقِيًا عَلَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَأَنَّ شَرْطَ الْأَخْذِ وَالْعَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ أَنْ تَظْهَرَ بَعْدَهُ الْعَلَامَةُ وَكُلُّهَا إلَّا الرَّابِعَ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَاسْتُشْكِلَ الثَّالِثُ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَاعِدَةِ الِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الِاعْتِضَادُ بِأَصْلٍ وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَدِلَّةَ الْأَحْكَامِ نَصَبَهَا الشَّارِعُ فَهِيَ قَوِيَّةٌ يَبْعُدُ الْغَلَطُ فِيهَا

(وَلَوْ) كَانَ الْمُلْتَبِسُ عَلَيْهِ (عَمٍ) فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ كَمَا فِي الْوَقْتِ وَلِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا غَيْرَ الْبَصَرِ كَالشَّمِّ وَاللَّمْسِ وَالذَّوْقِ وَفَارَقَ مَنْعَهُ فِي الْقِبْلَةِ بِأَنَّ أَدِلَّتَهَا بَصَرِيَّةٌ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الذَّوْقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ مِنْ مَنْعِ الذَّوْقِ لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ مَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِتَصْرِيحِ الْجُمْهُورِ بِخِلَافِهِ أَمَّا النَّجَاسَةُ الْمُحَقَّقَةُ فَيَحْرُمُ ذَوْقُهَا وَعَمٍ اسْمُ فَاعِلٍ مَنْقُوصٌ مِنْ عَمِيَ يَعْمَى فَهُوَ عَمٍ كَشَجِيَ يَشْجَى فَهُوَ شَجٍ وَإِعْرَابُ الْمَنْقُوصِ نَصْبًا كَإِعْرَابِهِ رَفْعًا وَجَرًّا فِي لُغَةٍ كَمَا اسْتَعْمَلَهُ النَّاظِمُ فَفِي الْمَثَلِ أَعْطِ الْقَوْسَ بَارِيهَا بِالْإِسْكَانِ

(وَ) لَوْ (مُتَيَقَّنًا وَجَدْ) فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْعُدُولَ إلَيْهِ لِجَوَازِ الْعُدُولِ إلَى الْمَظْنُونِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَيَقَّنِ كَمَا فِي الْإِخْبَارِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى ظَاهِرِهِ.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ وَعِلَّةُ الْمَنْفِيِّ قَوْلُهُ: لِأَنَّ أَصْلَ الطَّهَارَةِ عَارِضَةٌ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّاسِي) وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ فِعْلَ الصَّلَاةِ ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ تَبَيُّنِ خَلَلٍ فِي الْأُولَى وَلَا مَعَ خِلَافٍ فِي صِحَّتِهَا وَلَا مَعَ جَمَاعَةٍ مُمْتَنِعٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ فِعْلِ الصَّلَاةِ ثَانِيًا لِأَنَّ الثَّانِيَةَ غَيْرُ الْأُولَى.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ لِلْعَلَامَةِ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ: مَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَلَوْ ذَاقَ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ هَلْ لَهُ ذَوْقُ الْآخَرِ فِيهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَلَا يَأْخُذُ أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ بِنَاءً إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ الْأَصْلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الطَّهَارَةُ وَيَقِينُ النَّجَاسَةِ، إنَّمَا هُوَ فِي أَحَدِهِمَا فَلَا يُعَارِضُ الْأَصْلَ الْمُسْتَصْحَبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَرَدَّهُ حَجَرٌ؛ بِأَنَّ أَصْلَ الطَّهَارَةِ فِي كُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ عَارَضَهُ أَصْلُ عَدَمِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي الْآخَرِ فَتَعَيَّنَ كَوْنُهَا وَاقِعَةً فِيهِ فَفِي كُلٍّ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى الطَّهَارَةِ وَالْآخَرُ عَلَى النَّجَاسَةِ فَوَجَبَ تَقْوِيَةُ الْأَوَّلِ بِالِاجْتِهَادِ لِيَنْدَفِعَ بِهِ الثَّانِي وَيَزُولُ التَّحَكُّمُ لَوْ جَازَ أَخْذُ أَحَدٍ هَجْمًا وَكَوْنُ الْأَصْلِ الْأَوَّلُ أَدْلَى بِنَفْسِهِ وَالثَّانِي بِوَاسِطَةٍ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ اهـ. إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَا ظَنَّ طَهَارَتُهُ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا قِيلَ لَهُ الْأَخْذُ بِظَنِّ الطَّهَارَةِ بِلَا اجْتِهَادٍ وَلَا أَمَارَةٍ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ نَظَرًا لِلْأَصْلِ السَّابِقِ رَدَّهُ اهـ.

إيعَابٌ، لَكِنْ عَلَى حَمْلِ الْبَغَوِيّ تَرْجِعُ الْمَقَالَتَانِ لِوَاحِدَةٍ نَظَرًا لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَالشَّارِحُ رحمه الله نَظَرَ لِلْمَقَالَةِ فِي نَفْسِهَا الْمُعَبَّرِ فِيهَا بِالظَّنِّ وَإِذَا كَانَ بِلَا أَمَارَةٍ لَا يَكُونُ إلَّا بِإِلْهَامٍ كَمَا قَالَ، وَفِي الدَّمِيرِيِّ عِنْدَ حِكَايَةِ مُقَابِلِ الْقَوْلِ بِالِاجْتِهَادِ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ مَا نَصُّهُ وَوَرَاءَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا مَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ وَأَبُو ثَوْرٍ أَنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ النَّجَاسَةَ وَلَا تُزَالُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَالثَّانِي عِنْدَ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنَّهُ يَهْجُمُ وَيَتَطَهَّرُ؛ بِأَحَدِهِمَا وَيُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الطَّهَارَةُ وَالثَّالِثُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ طَهَارَةَ إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ عَوَّلَ عَلَيْهِ اهـ.

وَفَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنَ الْهُجُومِ وَظَنِّ الطَّهَارَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُمَا مَقَالَتَانِ لَا تُغْنِي إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ اهـ. .

(قَوْلُهُ: فِي شَرْطٍ كَالْقِبْلَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ هُوَ الْقِبْلَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ جَامِعٍ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَهُوَ الشَّرْطِيَّةُ بِخِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ فِي مُتَعَدِّدٍ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ شَاتِه بِشَاةِ غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إلَّا الْكُمَّ وَالثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ إلَّا الْمُحَرَّمَ وَالثَّالِثُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَيِّتُ وَلَا بَوْلٌ إلَخْ وَالْخَامِسُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ بِدَلِيلٍ وَأَمَّا الرَّابِعُ، فَالْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ سِوَى الْمَأْخُوذِ إلَخْ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّ شَرْطَ الْأَخْذِ إلَخْ) أَشَارَ بِالْمُغَايَرَةِ إلَى دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ؛ بِأَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ مُتَقَدِّمٌ وَظُهُورَ الْعَلَامَةِ مُتَأَخِّرٌ فَقَالَ، إنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا لِلِاجْتِهَادِ بَلْ لِلْعَمَلِ بِهِ اهـ.

ص: 66

مِنْ بَعْضٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ سَمَاعُهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» لِانْتِفَاءِ الرِّيبَةِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَمَثَّلَ لِوُجُودِ الْمُتَيَقَّنِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَتَرْكِهِ) خَلْطَ قُلَّتَيْنِ (مُفْرَدَتَيْنِ) تَنَجَّسَتْ إحْدَاهُمَا وَالْتَبَسَتْ بِالْأُخْرَى (وَاجْتَهَدْ) فَإِنَّهُ جَائِزٌ مَعَ قُدْرَته عَلَى الْمُتَيَقَّنِ بِأَنْ يَخْلِطَهُمَا وَكَمَا لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِشِرَاءٍ، أَوْ كَانَ مَعَهُ طَهُورٌ وَمُسْتَعْمَلٌ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّطَهُّرِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَفَارَقَ الْمَنْعُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ بِأَنَّهَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَطَلَبُ غَيْرِهَا حِينَئِذٍ عَبَثٌ وَبِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى مَشَقَّةٍ فِي التَّحْصِيلِ مِنْ بَذْلِ مَالٍ وَنَحْوِهِ وَبِأَنَّ الْيَقِينَ فِي الْقِبْلَةِ حَاصِلٌ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالثِّيَابِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَجَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مُسَاوِيًا لِلْأَخِيرِ فِي الْمَعْنَى (ثُمَّ لْيُعِدْ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ

ــ

[حاشية العبادي]

نَظَرٌ

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمَنْعَ) أَيْ مَنْعَ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ.

(قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ) كَأَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ كَانَ أَعْمَى وَلَا حَائِلَ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ حَادِثٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ كَالدَّوَابِّ م ر

(قَوْلُهُ: فَطَلَبَ غَيْرَهَا إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ أَنَّ فِي الِاجْتِهَادِ طَلَبَ غَيْرِهَا بَلْ لَيْسَ الْمَطْلُوبُ بِهِ إلَّا هِيَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ طَلَبُ غَيْرِهَا لَزِمَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَدَرَ عَلَى الْيَقِينِ مَعَ حَائِلٍ غَيْرِ حَادِثٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ طَلَبَ غَيْرِهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الِاجْتِهَادَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى غَيْرِهَا فِي الْوَاقِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْيَقِينَ فِي الْقِبْلَةِ حَاصِلٌ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ مَا نَصُّهُ هَذَا يَتَخَلَّفُ فِيمَا لَوْ أَمْكَنَ خَلْطَ الْقُلَّتَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت الْجَوْجَرِيَّ أَوْرَدَ ذَلِكَ وَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ لَا نُسَلِّمُ حُصُولَ الْيَقِينِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي حَالَةِ الِاجْتِهَادِ إذْ قَبْلَ الْخَلْطِ لَا طَاهِرَ بِيَقِينٍ وَبَعْدَ الْخَلْطِ لَا اجْتِهَادَ اهـ.

أَقُولُ هُوَ مُعَارَضٌ بِالْمِثْلِ فِي الْقِبْلَةِ إذْ قَبْلَ مُشَاهَدَتِهَا لَا يَقِينَ وَبَعْدَهَا لَا اجْتِهَادَ عَلَى أَنَّهُ بَنَى جَوَابَهُ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ حُصُولُ الْيَقِينِ حَالَةَ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَالْوَجْهُ أَنْ يَعْتَذِرَ عَنْ صُورَةِ الْقُلَّتَيْنِ بِأَنَّهُ فَرْدٌ نَادِرٌ فَأُلْحِقَ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ أَوْ يُمْنَعُ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمِيَاهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَحَلَّ الظَّنِّ شَرْطُهُ التَّعَدُّدُ وَتَفَاصُلُ أَجْزَاءِ الْمَاءِ وَمَحَلُّ الْيَقِينِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ تَغْيِيرِ صُورَةِ الْمُشْتَبَهِ وَإِحْدَاثِ فِعْلٍ فِيهِ تَصِيرُ بِهِ الْعَيْنُ مُتَّحِدَةً وَلَا كَذَلِكَ الْقِبْلَةُ، فَإِنَّ عَيْنَهَا وَاحِدَةٌ فِي الْحَالَيْنِ هِيَ الْجِهَةُ الْمُتَيَقَّنَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: حَاصِلٌ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ) كَأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ الْمَقْدُورِ عَلَى تَيَقُّنِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْجِهَاتِ الْمُشْتَبِهَةِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالثِّيَابِ، فَإِنَّ الْمُتَيَقَّنَ خَارِجٌ عَنْ الْمُشْتَبَهِ الْمُجْتَهَدِ، فِيهِ تَأَمُّلٌ أَوْ أَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي قَدَرَ عَلَى تَيَقُّنٍ أَنَّهَا الْقِبْلَةُ هِيَ الْمُجْتَهَدُ فِي طَلَبِهَا، فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ لِتَحْصُلَ الْقِبْلَةُ وَهِيَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ الْجِهَةُ الْمُتَيَقَّنَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ حَاصِلُ إلَخْ) أَيْ الْمُتَيَقَّنِ هُوَ الْمَطْلُوبُ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالثِّيَابِ، فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالِاجْتِهَادِ هُوَ الطَّاهِرُ مِنْ الْمُشْتَبَهَيْنِ، وَالْمُتَيَقَّنُ أَمْرٌ ثَالِثٌ خَارِجٌ عَنْهُمَا وَإِذَا كَانَ الْمُتَيَقَّنُ هُوَ الْمَطْلُوبَ بِالِاجْتِهَادِ كَانَ الِاجْتِهَادُ عَبَثًا؛ لِأَنَّهُ طَلَبُ أَمْرٍ مُتَيَقَّنٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

(قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ إلَخْ) وَيُعْذَرُ فِي التَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ لِلْمَشَقَّةِ فِي الِاجْتِهَادِ اهـ.

وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ حَجَرٍ السَّابِقَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إلَخْ، فَإِنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي التَّطَهُّرِ بِكُلٍّ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْمَنْعَ إلَخْ) أَيْ: فَارَقَ صِحَّةَ الِاجْتِهَادِ هُنَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْيَقِينِ بُطْلَانُهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ وَخُصَّ الْفَرْقُ بِحَالِ الْقُدْرَةِ دُونَ الْحُصُولِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودَ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْحُصُولِ بِالْفِعْلِ يَجْتَهِدُ فِي الْمَاءِ دُونَ الْقِبْلَةِ وَفَرَّقُوا بِالتَّكَرُّرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِهِ إلَخْ) وَهُوَ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعِلْمِ بِالِاجْتِهَادِ بِدُونِ مَشَقَّةٍ أَوْ مَعَهَا وَنُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ كَأَنْ كَانَ حَائِلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ.

(قَوْلُهُ:؛ بِأَنَّهَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ: قَدَرَ عَلَى الْيَقِينِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: فَطَلَبُ غَيْرِهَا) أَيْ: تِلْكَ الْجِهَةِ عَبَثٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ قَدْ يُؤَدِّيهِ إلَى غَيْرِهَا فِي الْوَاقِعِ فَكَأَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ الْغَيْرَ بِلَا مَشَقَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ كَانَ أَعْمَى وَلَا حَائِلَ وَمِنْهُ الزَّحْمَةُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ أَبِي شُجَاعٍ لِلْمُحَشِّي أَوْ كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ عَبَثًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَشَقَّةٌ؛ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ غَيْرُ حَادِثٍ، فَإِنَّهُ إذَا أَدَّاهُ الِاجْتِهَادُ إلَى غَيْرِهَا فِي الْوَاقِعِ لَا يَكُونُ طَلَبُهُ عَبَثًا لِلْمَشَقَّةِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ انْدِفَاعُ مَا أَوْرَدَهُ فِي الْإِيعَابِ عَلَى الْفَرْقِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ لَهُ الِاجْتِهَادَ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْيَقِينِ بِالْخُرُوجِ لِرُؤْيَةِ الشَّمْسِ مَثَلًا اهـ.

لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ يَتَكَرَّرُ فَتَحْصُلُ الْمَشَقَّةُ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا فَطَلَبُ غَيْرِهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ إعْرَاضَهُ عَنْ الْيَقِينِ فِيهَا لَا وَجْهَ لَهُ إلَّا طَلَبُ غَيْرِهَا وَطَلَبُهُ عَبَثٌ إذْ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قِبْلَةً بِخِلَافِ إعْرَاضِهِ عَنْ الْيَقِينِ فِي الْمَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ فِي طَلَبِ غَيْرِ الطَّهُورِ لِتَعَدُّدِهِ وَتَحَقُّقِهِ فِي الْمُتَيَقِّنِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ طَلَبُ غَيْرِ الْمُتَيَقَّنِ عَبَثًا تَدَبَّرْ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ كَمَا قَدْ يُؤَدِّي الِاجْتِهَادُ إلَى الْغَيْرِ فِي الْقِبْلَةِ كَذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَيْهِ فِي الْمِائَتَيْنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُهَا) ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ وَلَوْ بِبَذْلِ مَالٍ قَدْ تَكُونُ فِي عِلْمِ عَيْنِ الْقِبْلَةِ وَكَوْنُ الْيَقِينِ فِي الْقِبْلَةِ حَاصِلًا فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ بِمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الْأُمُورِ الْوَاقِعِ فِيهَا الِاجْتِهَادُ يُمْكِنُ فِيهِ الْيَقِينُ بِطَرِيقٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْمِائَتَيْنِ، فَإِنَّ الْمُتَيَقَّنَ غَيْرُ مَا وَقَعَ فِيهِ الِاجْتِهَادُ قَدْ يُقَالُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ، فَإِنَّ أَحَدَ الْمَاءَيْنِ لَوْ أَمْكَنَهُ الْيَقِينُ فِيهِ جَازَ لَهُ الِاجْتِهَادُ وَفَرَّقُوا بِتَكَرُّرِ الطَّهَارَةِ فَلَوْ أَثَّرَ هَذَا فِي الْقِبْلَةِ لَأَثَّرَ فِي الْمَاءَيْنِ الْمُمْكِنِ تَيَقُّنُ طَهَارَةِ أَحَدِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مُسَاوِيًا إلَخْ) لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَرَفْت اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ لِيُعِدْ إلَخْ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ وَالْعَمَلِ بِهِ فَلْيُعِدْ إلَخْ أَمَّا لَوْ تَلِفَ أَحَدُ الْإِنَاءَيْنِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فَلَا إشْكَالَ

ص: 67

وُجُوبًا بِالِاجْتِهَادِ فِي الْمَاءِ (لِكُلِّ فَرْضٍ) يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهَارَةِ مِنْ صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا إذَا أَحْدَثَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَإِلَّا فَظَاهِرٌ أَنَّ النَّفَلَ كَذَلِكَ (مَا بَقِيَ) مَعَهُ (مِنْ ذَاكَ) أَيْ الْمُلْتَبِسُ مَاءٌ (طَاهِرٌ عَلَى التَّحَقُّقِ) وَإِنْ لَمْ يَكْفِ لِطُهْرِهِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا بِيَقِينٍ وَكَمَا يُعِيدُ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي الِاجْتِهَادَ إذَا تَكَرَّرَتْ لَهُمَا الْقَضِيَّةُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ الِاجْتِهَادِ فِي الثَّوْبِ لَا يَجِبُ إعَادَتُهُ لِفَرْضٍ آخَرَ انْتَهَى.

وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَتِرُ بِجَمِيعِ الثَّوْبِ فَإِنْ كَانَ يَسْتَتِرُ بِبَعْضِهِ كَثَوْبٍ كَبِيرٍ ظَنَّ طَهَارَتَهُ بِالِاجْتِهَادِ فَقَطَعَ مِنْهُ قِطْعَةً وَاسْتَتَرَ بِهَا وَصَلَّى ثُمَّ احْتَاجَ إلَى السِّتْرِ لِتَلَفِ مَا اسْتَتَرَ بِهِ أَوَّلًا لَزِمَهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمَاءِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ فَإِنَّ الثَّوْبَيْنِ كَالْمَاءَيْنِ وَالْحَاجَةُ لِلسِّتْرِ كَالْحَاجَةِ لِلتَّطَهُّرِ وَالسَّاتِرُ لِلْعَوْرَةِ كَالْمَاءِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ فَلَا إعَادَةَ

فَلَوْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ إنَاءٌ نَجَسٌ فِي أَرْبَعَةٍ طَاهِرَةٍ أَعَادَ التَّحَرِّيَ حَتَّى يَبْقَى وَاحِدٌ أَوْ إنَاءٌ طَاهِرٌ فِي أَرْبَعَةٍ نَجِسَةٍ لَمْ يَسْتَعْمِلْ مِنْهَا بِالتَّحَرِّي غَيْرُ وَاحِدٍ (وَصَبُّ مَا نَجَّسَهُ الظَّنُّ) بِالِاجْتِهَادِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الطَّاهِرِ (أَبَرْ) لَهُ لِئَلَّا يَغْلَطَ فَيَسْتَعْمِلَهُ، أَوْ يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَيُشْتَبَهُ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، يُقَالُ بَرَّ خَالِقَهُ أَيْ أَطَاعَهُ فَهُوَ بَارٌّ أَيْ مُطِيعٌ وَأَبَرُّ أَيْ أَكْثَرُ بِرًّا أَيْ طَاعَةً وَالْمُرَادُ

ــ

[حاشية العبادي]

فَاتَّضَحَ جَعْلُ الْإِسْنَوِيِّ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) مَعْمُولُ لِيُعِدْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) أُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ لَامَ لِيُعِدْ لِلْأَمْرِ وَهُوَ لِلْوُجُوبِ فَلِذَا قُيِّدَ فِيهِ الْفَرْضُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي تَجِبُ لَهُ الْإِعَادَةُ بِخِلَافِ النَّفْلِ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لَهَا فِي نَفْسِهَا لِجَوَازِ تَرْكِهِ، وَإِنْ وَجَبَتْ مِنْ حَيْثُ صِحَّتُهُ وَجَوَازُهُ وَأَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالْفَرْضِ اعْتِرَاضٌ عَلَى إرَادَةِ الْوُجُوبِ بِاللَّامِ.

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ مُشْكَلٌ إذْ يَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَوْ نَزَعَ الثَّوْبَ ثُمَّ احْتَاجَ إلَيْهَا لِلسَّتْرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا أَنَّ فِي اشْتِبَاهِ طَعَامِهِ بِطَعَامِ الْغَيْرِ أَوْ طَعَامٍ نَجَسٍ بِطَاهِرٍ لَوْ اسْتَعْمَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ ثُمَّ عَادَ لِاسْتِعْمَالِ الْبَاقِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَلَا يَسَعُ شَيْخَنَا رحمه الله الْتِزَامُ ذَلِكَ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ إلَخْ) الْوَجْهُ إجْرَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ) هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِمَّا اسْتَعْمَلَهُ أَوْ لَا شَيْءَ بِأَنْ اسْتَعْمَلَ جَمِيعَهُ أَوْ تَلِفَ بَاقِيهِ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ بَعْضِهِ لَكِنَّ الْمَنْفِيَّ حِينَئِذٍ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ وَأَمَّا جَوَازُهَا فَثَابِتٌ عَلَى طَرِيقِهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَلَا يُنَافِي عَدَمُ الْوُجُوبِ هُنَا الْوُجُوبَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَإِنْ سَوَّى الْمَأْخُوذَ كَأَنْ قَدْ تَلِفَ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الِاجْتِهَادِ أَوَّلًا وَهَذَا فِي الِاجْتِهَادِ ثَانِيًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا سَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلَا يُشْكِلُ بِمَا قَدَّمَهُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَصَبَّ مَا نَجَّسَهُ) لَوْ صَبَّهُ وَاسْتَمَرَّ ذَاكِرًا لِدَلِيلِ الِاجْتِهَادِ وَبَقِيَ مِمَّا اسْتَعْمَلَهُ بَقِيَّةٌ وَاحْتَاجَ لِطَهَارَةٍ أُخْرَى فَالْوَجْهُ جَوَازُ التَّطَهُّرِ بِتِلْكَ الْبَقِيَّةِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ فِي هَذَا اجْتِهَادٌ فِي غَيْرِ مُتَعَدِّدٍ، بَلْ هُوَ اسْتِصْحَابٌ لِحُكْمِ اجْتِهَادٍ صَحِيحٍ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي وُجُوبِ الِاجْتِهَادِ وَجَوَازِهِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ الَّذِي سَلَكَ الْمُصَنِّفُ طَرِيقَهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ أَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِهِمَا ثُمَّ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فِي الْأُولَى وَاَلَّذِي ظَنَّ طَهَارَتَهُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى أَنْ يَجِبَ الِاجْتِهَادُ وَيَجُوزُ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَعْنِي مَسْأَلَةَ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ مُنْتَفٍ هُنَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا أُعْطِيَ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ فَلَا تَجِبُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ فِيهِ اهـ.

عَمِيرَةٌ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ إذَا أَحْدَثَ يَخْرُجُ مَا ذَكَرَهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ مَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ مَا ظَنَّهُ طَاهِرًا، فَإِنَّهُ لَا نَقْضَ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ بِمِثْلِهِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) مَعْمُولٌ لِيُعِدْ لَا لِإِسْكَانِ اللَّامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَ ثُمَّ وَقَوْلُهُ: مَا بَقِيَ قَيْدٌ لِلْوُجُوبِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مَا ذُكِرَ جَازَ لَهُ الِاجْتِهَادُ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اهـ.

(قَوْلُهُ: إذَا أَحْدَثَ) دَفَعَ بِهِ مَا يُوهِمُهُ مِنْ أَنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِلْفَرْضِ وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا كَمَا قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ، إنَّهُ تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَوْ بَقِيَ عَلَى طَهَارَتِهِ الْأُولَى وَلَكِنْ تَغَيَّرَ ظَنُّهُ فَقَالَ حَجَرٌ وسم وَالْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا أَيْضًا كَمَا شَمَلَتْهُ الْعِبَارَةُ؛ لِأَنَّهُمْ أَلْغَوْا ظَنَّهُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ ظَنِّهِ بِنَجَاسَةِ الْأَوَّلِ وَقَالَ م ر إنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَبْلَ حَدَثٍ فَلَا يُصَلِّي بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ لِاعْتِقَادِهِ الْآنَ بُطْلَانَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ وَاجْتَهَدَ وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.

وَنَظَرَ فِيهِ سم بِمَا مَرَّ مِنْ إلْغَاءِ ظَنِّهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: مُسْتَوِيَتَانِ) ضَعَّفَهُ م ر وَقَالَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الثَّوْبِ بِحَالِهِ بِمَنْزِلَةِ بَقَاءِ الشَّخْصِ مُتَطَهِّرًا فَيُصَلِّي مَا شَاءَ؛ بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ اهـ.

وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَمَّا تَوَقَّفَتْ عَلَى النِّيَّةِ كَانَتْ كُلُّ طَهَارَةٍ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأُخْرَى بِخِلَافِ اللُّبْسِ اهـ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ وَاحِدٍ) سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَغْلَطَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِيعَابِ مَعَ الْعُبَابِ وَلَيْسَ لَهُ إرَاقَةُ الْآخَرِ لِئَلَّا يَغْلَطَ فَيَسْتَعْمِلَهُ أَوْ يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فَيَتَحَيَّرَ وَسُنَّ لَهُ الْإِرَاقَةُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الطَّاهِرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَعَلَّلَهُ أَصْحَابُنَا بِشَيْئَيْنِ أَحَدِهِمَا حَتَّى لَا يَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالثَّانِي لِئَلَّا يَغْلَطَ فَيَسْتَعْمِلَ

ص: 68

أَنَّ الصَّبَّ مَنْدُوبٌ إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ لِعَطَشٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَأَخَّرَ هَذِهِ عَنْ مَسْأَلَةِ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ مَعَ أَنَّ مَحَلَّهَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا إعَادَةَ بَعْدَ الصَّبِّ فِي الْجُمْلَةِ.

(وَإِنْ يَحِرْ) أَيْ يَتَحَيَّرْ الْمُلْتَبِسُ عَلَيْهِ (قَلَّدَ أَعْمَى ذَا بَصَرْ) لِعَجْزِهِ كَالْعَامِّيِّ يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَيَّرْ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ ثَمَّةَ إنَّمَا يَتَأَتَّى بِتَعَاطِي أَعْمَالٍ مُسْتَغْرِقَةٍ لِلْوَقْتِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِهِ هُنَا (ثُمَّ إلَى التُّرَابِ فَلْيَعْدِلْ) أَيْ ثُمَّ إنْ فَقَدَ بَصِيرًا يُقَلِّدُهُ، أَوْ وَجَدَهُ وَتَحَيَّرَ الْآخَرُ عَدَلَ إلَى التَّيَمُّمِ (كَمَا) يَعْدِلُ إلَيْهِ حَيْثُ (يَخْتَلِفُ) عَلَيْهِ (اجْتِهَادُ فَاقِدَيْ عَمَا) أَيْ بَصِيرَيْنِ لِعَجْزِهِ عَنْ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ يُقَلِّدُ فِيهِ أَحَدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهَا وَقِيلَ أَعْلَمَهُمَا بِأَدِلَّتِهَا وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَلْيَتَيَمَّمْ مُبْصِرٌ) عَطْفٌ عَلَى قَلَّدَ الْأَعْمَى أَيْ وَإِنْ تَحَيَّرَ الْمُلْتَبِسُ عَلَيْهِ وَكَانَ أَعْمَى قَلَّدَ بَصِيرًا، أَوْ بَصِيرًا تَيَمَّمَ وَلَا يُقَلِّدُ أَحَدًا؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَإِنَّمَا قَلَّدَ الْأَعْمَى لِنَقْصِ إدْرَاكِهِ (وَقَضَيَا) أَيْ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ مَا صَلَّيَاهُ بِالتَّيَمُّمِ فِيمَا مَرَّ (كَأَنْ طَرَا) بَعْدَ الصَّلَاةِ بِمَا ظَنَّا طَهَارَتَهُ (تَغْيِيرُهُ) أَيْ تَغْيِيرُ اجْتِهَادِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَتْرُكَانِ الثَّانِيَ وَيَتَيَمَّمَانِ وَيُصَلِّيَانِ وَيَقْضِيَانِ (إنْ بَقِيَا) أَيْ الْمَاءَانِ فِي صُورَةِ التَّحَيُّرِ، وَبَعْضِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فِي صُورَةِ التَّغَيُّرِ؛ لِأَنَّهُمَا تَيَمَّمَا بِحَضْرَةِ مَاءٍ مُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ مَعَ تَقْصِيرٍ بِتَرْكِ إعْدَامِهِ بَلْ وَبِعَدَمِ إدْرَاكِ الْعَلَامَةِ فِي صُورَةِ التَّحَيُّرِ.

فَقَوْلُهُ: إنْ بَقِيَا شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ مَحَلَّهَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِعَادَةِ وَعَدَمِهَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بَقَاءِ الْإِنَاءَيْنِ وَعَدَمِهِ فَالْأَوْلَى التَّكَلُّمُ عَلَى حُكْمِ الْبَقَاءِ وَعَدَمِهِ ثُمَّ عَلَى حُكْمِ الْإِعَادَةِ وَعَدَمِهَا بِرّ.

(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) إنَّمَا قَالَ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ تَنْتَفِي مُطْلَقًا بَعْدَ صَبِّهِمَا أَوْ، أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَوُجُوبًا فَقَطْ، فِيمَا لَوْ صَبَّ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أَيْ: عِنْدَ الرَّافِعِيِّ بِرّ.

(قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) فَهَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِعَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ يَحَرْ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُقَلِّدُ بِلَا تَحَيُّرٍ.

(قَوْلُهُ: ذَا بَصَرٍ) كَذَا فِي الرَّوْضِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَقَيَّدَ بِالْبَصَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ كَالْحَاوِي وَغَيْرِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ لِيَخْرُجَ الْأَعْمَى لِنَقْصِهِ عَنْ الْبَصِيرِ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ اجْتِهَادِهِ هُنَا وَمُنِعَ فِي الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ الْبَصِيرِ فِيهِمَا اهـ.

وَالْأَوْجَهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ لِلْغَالِبِ وَأَنَّ لَهُ تَقْلِيدَ أَعْمَى أَقْوَى إدْرَاكًا مِنْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ: بَصِيرَيْنِ) قَالَ فِي الْإِسْعَادِ وَالْبَصِيرَانِ مِثَالٌ فَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ جَانِبٍ بَصِيرَانِ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ وَفِي جَانِبٍ أَكْثَرُ وَالْجَانِبَانِ مُتَعَادِلَانِ فِي اعْتِقَادِهِ، فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فَإِنْ اعْتَقَدَ أَرْجَحِيَّةَ أَحَدِهِمَا اُتُّجِهَ وُجُوبُ تَقْلِيدِهِ اهـ.

وَفِي النَّاشِرِيِّ هَذَا إنْ اسْتَوَيَا فِي الْعِلْمِ وَالْبَصِيرَةِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ بَنَى عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ فِي الِاسْتِقْبَالِ طَلَبُ الْأَعْلَمِ أَمْ يَتَخَيَّرَانِ قُلْنَا يَجِبُ أَخْذٌ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُجُوبِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ ثَمَّ وَعَلَى مَا فِي الْإِسْعَادِ يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْبَابَيْنِ حَيْثُ وَجَبَ تَقْلِيدُ الْأَرْجَحِ هُنَا لَا هُنَاكَ، بَلْ يُخَيَّرُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقِبْلَةَ لَا بَدَلَ لَهَا فَوَسَّعَ فِي طَلَبِهَا بِالتَّخْيِيرِ وَهُنَا لِلْمَاءِ بَدَلٌ، فَلَمْ يُقَلِّدْ إلَّا الْأَرْجَحَ اسْتِغْنَاءً فِي غَيْرِهِ بِالْبَدَلِ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ طَرَأَ تَغْيِيرُهُ) يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ تَحَيَّرَ الْأَعْمَى أَنْ يَجُوزَ لَهُ تَقْلِيدُ الْبَصِيرِ فِي اجْتِهَادِهِ الثَّانِي الْمُخَالِفِ لِلْأَوَّلِ وَيُعْمَلُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَمِلَ بِاجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَلَّدَهُ فِيهِ أَوْ قَلَّدَهُ فِيهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ بَعْدُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَصِيرَ إنَّمَا اُمْتُنِعَ عَمَلُهُ بِالثَّانِي لِمَانِعٍ مَفْقُودٍ فِي الْأَعْمَى وَهُوَ نَقْضُ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ، وَإِلَّا فَهُوَ اجْتِهَادٌ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ طَهَّرَ أَعْضَاءَهُ بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ بِمَاءٍ آخَرَ عُمِلَ بِالثَّانِي.

(قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ إنْ بَقِيَا إلَخْ) رُبَّمَا تُفْهِمُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ عَدَمَ الْبَقَاءِ أَعْنِي الْإِرَاقَةَ أَوْ الْخَلْطَ شَرْطٌ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ لَا لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا يُرْشِدُك إلَى ذَلِكَ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ قُبَيْلَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُمَا تَيَمَّمَا بِحَضْرَةِ مَاءٍ مُتَيَقَّنِ الطَّهَارَةِ وَتَصْرِيحُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ وَالْبَوْلِ السَّابِقَةِ بِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْبَقَاءَ حَالَ التَّيَمُّمِ شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي كَلَامِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ وُقُوعُ التَّيَمُّمِ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمَاءِ

ــ

[حاشية الشربيني]

النَّجَسُ أَوْ يُشْتَبَهَ عَلَيْهِ ثَانِيًا اهـ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ خَوْفَ الْغَلَطِ وَاسْتِعْمَالَ النَّجَسِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الطَّاهِرِ وَكَذَلِكَ تَغَيُّرُ الِاجْتِهَادِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ بِمَعْنَى التَّحَيُّزِ إذْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ إنْ اجْتَهَدَ ثَانِيًا وَأَدَّاهُ إلَى طَهَارَةِ مَا اسْتَعْمَلَهُ فَذَاكَ أَوْ إلَى طَهَارَةِ غَيْرِهِ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الطَّاهِرِ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: يَحَرْ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَصْلُهُ يَحَارُ كَخَافَ يَخَافُ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَصِيرًا إلَخْ) وَلَا يَلْزَمُهُ تَكْرِيرُ الِاجْتِهَادِ إلَى أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ النَّصِّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ وَكَلَامُ صَاحِبِ الْإِيضَاحِ يُفِيدُ أَنَّ لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا بِخِلَافِ مَا نَقَلَ الْبَعْضُ عَنْهُ وَهُوَ اللَّائِقُ بِمَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ اهـ.

حَجَرٌ فِي الْإِيعَابِ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَيَمَّمَانِ) وَإِنَّمَا صَحَّ تَيَمُّمُ مَنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ نَجَاسَةَ أَعْضَائِهِ بِالْمَاءِ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ ذَلِكَ اهـ.

شَيْخُنَا ذ وَعَلَّلَ سم وَقِ ل؛ بِأَنَّهُمْ أَلْغَوْا ظَنَّهُ الثَّانِيَ اهـ.

وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يَنْقُضُ بِمِثْلِهِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت حَجَرَ قَالَ لَمَّا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ الْمَذْكُورِ أَيْ: نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ أَوْ الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَا) بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَ أَحَدُهُمَا لِانْتِفَاءِ طَهُورٍ بِيَقِينٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَا) قَيْدٌ فِي يَقْضِيَانِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهُ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا تَيَمَّمَا إلَخْ) يُفِيدُ اعْتِبَارَ وَقْتِ التَّيَمُّمِ وَاعْتَبَرَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقْتَ الصَّلَاةِ كَمَا اعْتَبَرَ فِي نُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ مَكَانَ الصَّلَاةِ إقَامَةً لِظَنِّ الطُّهْرِ مَقَامَ غَلَبَةِ الْوُجُودِ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ذ وَهُوَ صَرِيحُ الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا اهـ. لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ مَعَ بَقَائِهِمَا صَحِيحٌ وَبِهِ قَالَ جَمْعٌ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّ

ص: 69

فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ مَنْعِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي فِي صُورَةِ التَّغَيُّرِ هُنَا وَتَجْوِيزِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الثَّوْبِ وَالْقِبْلَةِ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِ هُنَا يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ غُسْلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَإِلَى الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَهُنَاكَ لَا يُؤَدِّي إلَى الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ، أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَمَنَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤَدِّي إلَى نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ لَوْ أَبْطَلْنَا مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهِ وَصَلَاتِهِ وَلَمْ نُبْطِلُهُ بَلْ أُمِرْنَا بِغَسْلِ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ كَمَا أَمَرْنَاهُ بِاجْتِنَابِ بَقِيَّةِ الْمَاءِ الْأَوَّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي النَّقْضِ وُجُوبُ غَسْلِ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَاجْتِنَابُ الْبَقِيَّةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ بَقِيَا أَيْ مُنْفَرِدَيْنِ مَا لَوْ صَبَّهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا، أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فِي الْآخَرِ فَلَا قَضَاءَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ وَلَا يَشْكُلُ بِمَا قَدَّمَهُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ.

مِنْ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ عِنْدَ تَلَفِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يُعْطِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَهَذَا قَدْ أَعْطَيْته فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهُ أَمَّا جَوَازُهَا فَثَابِتٌ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ دُونَ النَّوَوِيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

وَهُوَ ظَاهِرٌ بِرّ.

(قَوْلُهُ: وَفَرَّقُوا إلَخْ) أَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي مَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مَاءً طَهُورًا بِيَقِينٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ، وَإِلَّا عَمِلَ بِالثَّانِي إذْ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُنَا أَوْ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِيهِ هُنَا غَيْرُهُ فِي الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الِاجْتِهَادُ بَيْنَ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ فَيُحْتَمَلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْعَمَلُ بِالثَّانِي وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ.

(قَوْلُهُ فَعُلِمَ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاجْتِهَادُ وَاجِبًا لَمْ يُتَصَوَّرْ نَفْيُ الْقَضَاءِ لِامْتِنَاعِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ فُرِضَ أَنَّهُ تَيَمَّمَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ بِدُونِ اجْتِهَادٍ.

(قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ إذْ صَبَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فِي الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ، بَلْ لَا يَتَأَتَّى الِاجْتِهَادُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ مُطْلَقًا وَالثَّانِيَةِ إلَّا عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاجْتِهَادُ حِينَئِذٍ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَتَأَتَّى فِيهَا وَهِيَ الثَّانِيَةُ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ) أَيْ: وُجُوبًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يُعْطِ إلَخْ فَالْحَاصِلُ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ التَّلَفَ إنْ كَانَ ابْتِدَاءً فَالِاجْتِهَادُ وَاجِبٌ بِحَالِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَحَيُّرٍ أَوْ تَغْيِيرٍ لَمْ يَجِبْ لَكِنْ يَجُوزُ وَقَوْلُهُ: أَمَّا جَوَازُهَا إلَخْ يُوهِمُ جَوَازَ الْإِعَادَةِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ ظُهُورِ عَدَمِ تَصَوُّرِهَا فِيمَا لَوْ صَبَّهُمَا مَعًا أَوْ صَبَّ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَلْيُحْمَلْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ جَوَازِ الْإِعَادَةِ مَعَ قَوْلِنَا إنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالثَّانِي إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ قُلْت لَعَلَّهَا جَرَيَانُ وَجْهٍ بِالْعَمَلِ بِالثَّانِي، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الصَّحِيحِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا جَوَازُهَا فَثَابِتٌ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ دُونَ النَّوَوِيِّ) اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ التَّقْطِيرَ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ فِي الْآخَرِ بَعْدَ التَّخْيِيرِ أَوْ تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ مَانِعٌ مِنْ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِيهَا وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَلَفَهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّيَمُّمِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّنْقِيحِ عَنْ قَطْعِ الْجُمْهُورِ اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ.

(قَوْلُهُ: شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ يَقْضِي وَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ ظَنُّهُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ وَإِنْ كَانَ الرَّافِعِيُّ لَا يُجَوِّزُ الْعَمَلَ بِالظَّنِّ الثَّانِي أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ النَّوَوِيِّ فَلَا يَصِحُّ الِاجْتِهَادُ لِعَدَمِ التَّعَبُّدِ وَقْتُهُ فَيَكُونُ الظَّنُّ الثَّانِي لَاغِيًا فَيَجْزِمُ حِينَئِذٍ بِعَدَمِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَبِعَدَمِ الْإِعَادَةِ لِفَقْدِ عِلَّةِ الْمُقَابِلِ وَهِيَ وُجُودُ مَظْنُونِ الطُّهْرِ حِينَ الصَّلَاةِ اهـ.

شَيْخُنَا ذ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ غَسْلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ) أَيْ: بِمَا ظَهَرَتْ طَهَارَتُهُ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَغْسِلُهُ أَيْ: بِذَلِكَ أَيْضًا وَانْظُرْ كَيْفَ لَمْ يَغْسِلْهُ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عَمِلَ بِالثَّانِي فَأَوْرَدَهُ مَوَارِدَ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِمْ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ أَيْ لَمْ يَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ مِنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَإِنَّ غَسْلَ ذَلِكَ لَيْسَ لَازِمًا لِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ سم عَلَى التُّحْفَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَى الصَّلَاةِ بِنَجَاسَةٍ) إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ يَعْنِي أَنَّ هَذَا لَازِمٌ إنْ جُوِّزَ الْعَمَلَ بِالثَّانِي وَلَوْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ الْمُتَنَجِّسِ وَالطَّهُورِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الِاشْتِبَاهَ قَدْ يَكُونُ بَيْنَ طَهُورٍ وَمُسْتَعْمَلٍ فَانْدَفَعَ مَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ اهـ.

لَكِنْ جَزَمَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِجَوَازِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي اهـ.

لَكِنْ بَقِيَ اجْتِنَابُ الْبَقِيَّةِ، فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ حَتَّى فِي الْمُسْتَعْمَلِ وَقَدْ اعْتَبَرَهُ الشَّارِحُ نَاقِضًا لِلِاجْتِهَادِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ) وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُلْقَى فِيهِ نَجَسًا قَطْعًا وَالْمُلْقَى مَشْكُوكًا فِيهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ كَمَسْأَلَةِ الدَّنَّيْنِ الَّتِي فِي الزَّوَائِدِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَعَلِمَ إلَخْ) وَجْهُ عِلْمِهِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ بَقَاءِ الْمَاءَيْنِ قَدْ نَفَى الْقَضَاءَ وَلَا يَنْفِي إلَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ مِمَّا لَا يَجِبُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَأَمَّا مَا قَالَهُ الْمُحَشِّي مِنْ أَنَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاجْتِهَادُ وَاجِبًا لَمْ يُتَصَوَّرْ نَفْيُ الْقَضَاءِ لِامْتِنَاعِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ فُرِضَ أَنَّهُ تَيَمَّمَ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ بِدُونِ اجْتِهَادٍ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ تَحَيُّرٌ اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَخْ) إذْ لَوْ وَجَبَ وَلَمْ يَقَعْ وَجَبَ الْقَضَاءُ اهـ.

وَهَذَا قَدْ أُعْطِيهِ أَيْ: وَلَيْسَ مَعَهُ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الِاجْتِهَادِ ثَانِيًا إذَا أَحْدَثَ وَمَعَهُ أَحَدُ الْمَاءَيْنِ مَعَ بَقِيَّةِ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أُعْطِيَ مَا ثَبَتَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا جَوَازُهَا فَثَابِتٌ عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ) لَكِنَّهُ يَمْنَعُ الْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَفَائِدَةُ ذَلِكَ التَّجْوِيزِ جَرَيَانُ وَجْهٍ بِالْعَمَلِ بِالثَّانِي خَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ النَّصِّ فِي تَغَيُّرِ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ فَعَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ يَثْبُتُ الْخِلَافُ بِخِلَافِهِ عَلَى

ص: 70

(وَاحْكُمْ عَلَى مَا غَلَبَتْ فِي مِثْلِهِ نَجَاسَةٌ بِطُهْرِهِ) تَرْجِيحًا (لِأَصْلِهِ) عَلَى غَالِبِهِ كَمَا فِي الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتُ وَأَضْبَطُ مِنْ الْغَالِبِ الْمُخْتَلَفِ بِاخْتِلَافِ الزَّمَنِ وَالْحَالِ وَيُعَضِّدُهُ حَمْلُهُ صلى الله عليه وسلم أُمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ وَكَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَحْتَرِزُ عَنْ النَّجَاسَةِ وَالتَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِأَصْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا التَّمْثِيلُ بِقَوْلِهِ (نَحْوِ أَوَانِي مَنْ لِخَمْرٍ يُدْمِنُ) وَثِيَابُهُ وَثِيَابُ الْقَصَّابِينَ وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا يَحْتَرِزُونَ عَنْ النَّجَاسَةِ وَالْمُتَدَيَّنِينَ بِاسْتِعْمَالِهَا كَالْمَجُوسِ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ فَقَالَ إنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِلَّا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا» فَمَحْمُولٌ

ــ

[حاشية العبادي]

وَقَدْ مَنَعَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ بِأَنَّ قَضِيَّةَ مَسْأَلَةِ الدَّنَّيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ الْجَوَازُ هُنَا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَاحْكُمْ عَلَى مَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ وَجَدَ قِطْعَةَ لَحْمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ بِبَلَدٍ لَا مَجُوسَ فِيهِ فَظَاهِرَةٌ، أَوْ وَجَدَهَا مَرْمِيَّةً مَكْشُوفَةً فِي إنَاءٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَالْمَجُوسُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ

ــ

[حاشية الشربيني]

طَرِيقِ النَّوَوِيِّ إذْ الْعَمَلُ بِالثَّانِي عِنْدَهُ فَرْعُ صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُ وَأَيْضًا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى طَرِيقِ الرَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ طَهَّرَ أَعْضَاءَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ وَأَيْضًا يَجُوزُ تَقْلِيدُ مَنْ عَجَزَ عَنْ الِاجْتِهَادِ لَهُ إنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ فِي اجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ وَيَعْمَلُ بِهِ وَأَيْضًا يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِي الْمَاءِ لِيَبِيعَهُ دُونَ التَّطَهُّرِ بِهِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَى طَرِيقِ النَّوَوِيِّ وَبِذَلِكَ يُرَدُّ قَوْلُ الرَّمْلِيِّ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ أَيْضًا لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ وَابْنَ سُرَيْجٍ لَا يُوجِبَانِ الْعَمَلَ بِالثَّانِي بَلْ يَجُوزُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِيعَابِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ يُعْمَلُ بِالثَّانِي اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْجَوَازِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا جَوَازُهَا إلَخْ) فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ، إنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ هُنَا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْإِيعَابِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا أَمَّا جَوَازُهَا فَثَابِتٌ) ، فَإِنْ قُلْت إذَا بَقِيَ أَحَدُهُمَا لَا طَاهِرٌ بِيَقِينٍ حِينَئِذٍ وَوُجُودُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الِاجْتِهَادِ قُلْت وُجُودُ ذَلِكَ كَانَ مُتَحَقِّقًا قَبْلَ التَّلَفِ وَهُوَ كَافٍ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ مِنْ أَحَدِ الْإِنَاءَيْنِ شَيْءٌ فِي الْآخَرِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا طَاهِرٌ بِيَقِينٍ حَتَّى عِنْدَ الرَّافِعِيِّ، نَعَمْ لَك أَنْ تَقُولَ كَانَ قَبْلَ الْوُقُوعِ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ فَهَلَّا كَفَى ذَلِكَ كَمَا لَوْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا غَلَبَتْ فِي مِثْلِهِ نَجَاسَةٌ) أَيْ الْغَالِبُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ أَفْرَادِهِ النَّجَاسَةُ وَأَصْلُهُ بِاعْتِبَارِ جِنْسِهِ الطَّهَارَةُ وَيُقَيَّدُ هَذَا؛ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ عَلَامَةٌ لِلنَّجَاسَةِ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْلَيْنِ يُعَبِّرُ عَنْهُمَا بِقَوْلَيْ الْأَصْلِ وَالْغَالِبُ أَوْ وَالظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عِبَارَةٌ عَمَّا تَرَجَّحَ وُقُوعُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلْغَالِبِ.

(قَوْلُهُ: وَيُعَضِّدُهُ) لَمْ يَقُلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِمَا قِيلَ، إنَّهَا وَاقِعَةُ حَالٍ فَعَلَيْهِ تَطَرَّقَ إلَيْهِمَا احْتِمَالُ عِلْمِهِ صلى الله عليه وسلم بِطَهَارَةِ بَدَنِهَا وَثِيَابِهَا، لَكِنَّهُ يُرَدُّ؛ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ احْتِمَالٍ مُؤَثِّرًا وَإِنَّمَا الْمُؤَثِّرُ الِاحْتِمَالُ الْقَرِيبُ دُونَ الْبَعِيدِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَوْ نَظَرْنَا لِكُلِّ احْتِمَالٍ لَمْ يُسْتَدَلَّ بِوَاقِعَةِ عَيْنٍ قَطُّ وَهُوَ بَاطِلٌ لِعِلْمِنَا أَنَّ الْمُسْقِطَ لَهَا احْتِمَالٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ مَا فِيهِ نَوْعُ ظُهُورٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ. شَرْحُ عُبَابٍ

(قَوْلُهُ: وَاحْكُمْ عَلَى مَا غَلَبَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اعْلَمْ أَنَّ لِجَرَيَانِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ شُرُوطًا أَحَدَهَا

ص: 71

عَلَى النَّدْبِ أَوْ أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ عَنْ الْآنِيَةِ الَّتِي يَطْحَنُونَ فِيهَا لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُونَ فِيهَا الْخَمْرَ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد.

(كَسُؤْرِ هِرٍّ طُهْرُ فِيهِ يُمْكِنُ) نَظِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ أَيْ كَبَاقِي طَعَامِ هِرَّةٍ تَنَجَّسَ فَمُهَا قَبْلَ أَنْ تَطْعَمَ وَغَابَتْ زَمَنًا يُمْكِنُ طُهْرُ فَمِهَا بِوُلُوغِهَا فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ مَعَ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ فَمِهَا؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ وَفِي ذَلِكَ عَمَلٌ بِالْأَصْلَيْنِ وَاسْتُشْكِلَ إمْكَانُ طُهْرِ فَمِهَا بِإِمْكَانِ مُطْلَقِ وُلُوغِهَا بِأَنَّهَا لَا تَعُبُّ الْمَاءَ بَلْ تَلْعَقُهُ بِلِسَانِهَا وَهُوَ قَلِيلٌ فَيَتَنَجَّسُ وَأُجِيبُ بِمَنْعِ تَنَجُّسِهِ لِوُرُودِهِ عَلَى لِسَانِهَا كَوُرُودِهِ عَلَى جَوَانِبِ الْإِنَاءِ النَّجَسِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ طُهْرُ فَمِهَا تَنَجَّسَ سُؤْرُهَا لِتَيَقُّنِ نَجَاسَةِ فَمِهَا وَالِاحْتِرَازُ وَإِنْ عَسِرَ إنَّمَا يَعْسُرُ عَنْ مُطْلَقِ الْوُلُوغِ لَا عَنْ وُلُوغٍ بَعْدَ يَقِينِ النَّجَاسَةِ وَكَالْهِرَّةِ فِي ذَلِكَ سَائِرُ الْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ الْكَلْبِ وَنَحْوِهِ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: أَوْ لَا غَلَبَتْ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ

ــ

[حاشية العبادي]

فَنَجِسَةٌ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ أَغْلَبَ كَبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَطَاهِرَةٌ اهـ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: فَنَجِسَةٌ أَنَّهَا تُنَجِّسُ مَا أَصَابَتْهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا لَا تُنَجِّسُهُ حَيْثُ قَالَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَكْلِ كَمَا فَرَضَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا لَوْ أَصَابَتْ شَيْئًا فَلَا تُنَجِّسُهُ انْتَهَى وَسَبَقَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ اعْتَرَضَ صَنِيعَ الرَّوْضَةِ وَاسْتَحْسَنَ صَنِيعَ الْقَمُولِيِّ الْمُوَافِقُ لِلْمَجْمُوعِ لِفَرْضِهِ الْكَلَامَ فِي حِلِّ الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ ثُمَّ قَالَ وَهِيَ طَاهِرَةٌ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ اهـ.

بَقِيَ أَنَّهُ هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ بِكُلِّ حَالٍ الصِّحَّةُ نَعَمْ حَمْلُهَا حَالَ النِّيَّةِ رُبَّمَا يَمْنَعُ انْعِقَادَهَا لِلشَّكِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا أَثَرَ لِلشَّكِّ مَعَ الْعَمَلِ بِالْأَصْلِ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ، فَإِنَّ نِيَّتَهُ صَحِيحَةٌ.

(قَوْلُهُ: طُهْرُ فِيهِ) طُهْرُ مُبْتَدَأٌ مُضَافٌ لِفِيهِ، وَيُمْكِنُ جَرُّهُ وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ هِرٍّ. (قَوْلُهُ أَيْ: كَبَاقِي إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ هَذَا مَعْنَاهُ لُغَةً وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِقَوْلِهِمْ سُؤْرُ الْحَيَوَانِ طَاهِرٌ أَوْ نَجَسٌ لُعَابُهُ وَرُطُوبَةُ فَمِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي ذَلِكَ عُمِلَ بِالْأَصْلَيْنِ) أَيْ: بِالنَّظَرِ إلَى بَقَاءِ نَجَاسَةِ فَمِهَا، وَإِلَّا فَعَدَمُ إعْمَالِ هَذَا الْأَصْلِ فِي تَنَجُّسِ السُّؤْرِ يُعَرِّفُك أَنَّ أَصْلَ طَهَارَةِ السُّؤْرِ يُقَدَّمُ عَلَى نَجَاسَةِ فَمِهَا لِضَعْفِهِ بِاحْتِمَالِ الْوُلُوغِ بِرّ.

(قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ) الْإِشْكَالُ لِلرَّافِعِيِّ قَالَ فِي الصَّغِيرِ وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الْهِرَّةَ تَشْرَبُ الْمَاءَ بِلِسَانِهَا وَتَأْخُذُ مِنْهُ الشَّيْءَ الْقَلِيلَ، وَلَا تَلَغُ فِي الْمَاءِ بِحَيْثُ يَطْهُرُ فَمُهَا عَنْ أَكْلِ الْفَأْرَةِ فَلَا يُفِيدُ احْتِمَالُ مُطْلَقِ الْوُلُوغِ احْتِمَالَ عَوْدِ فَمِهَا إلَى الطَّهَارَةِ اهـ.

وَهُوَ عِنْدَ التَّأَمُّلِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مَغْزَى الْإِشْكَالِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنْ لَا تَطَّرِدَ الْعَادَةُ بِخِلَافِ الْأَصْلِ وَإِلَّا كَاسْتِعْمَالِ السِّرْقِينِ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ قُدِّمَتْ عَلَى الْأَصْلِ قَطْعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَضَعَّفَهُ م ر فَقَالَ بَلْ وَلَوْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ ثَانِيَهَا أَنْ تَكْثُرَ أَسْبَابُ الظَّاهِرِ، فَإِنْ نَدَرَتْ لَمْ يَنْظُرْ إلَيْهَا أَصْلًا قَطْعًا وَلِهَذَا قَطَعُوا فِيمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْحَدَثُ بَعْدَ تَيَقُّنِهِ الطَّهَارَةَ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِهَا وَأَجْرَوْا الْخِلَافَ فِيمَا غَلَبَتْ نَجَاسَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي يَظْهَرُ لَهَا النَّجَاسَةُ كَثِيرَةٌ جِدًّا بِخِلَافِهَا فِي الْحَدَثِ، فَإِنَّهَا قَلِيلَةٌ وَلَا أَثَرَ لِلنَّادِرِ وَالتَّمَسُّكُ بِاسْتِصْحَابِ الْيَقِينِ أَقْوَى ثَالِثُهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعَ أَحَدِهِمَا مَا يَتَعَضَّدُ بِهِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْعَمَلُ بِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَدَعْوَى أَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ تَعَارَضَ فِيهَا أَصْلَانِ أَوْ أَصْلٌ فِيهَا قَوْلَانِ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا إذْ قَدْ يُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ قَطْعًا كَشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ وَلَا نَظَرَ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَكَمَسْأَلَةِ بَوْلِ الظَّبْيَةِ وَبِالْأَصْلِ قَطْعًا كَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ طَلَّقَ، فَالصَّوَابُ فِي الضَّابِطِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّهُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا يَتَطَرَّقُ التَّرْجِيحُ كَمَا فِي تَعَارُضِ الدَّلِيلَيْنِ، فَإِنْ تَرَدَّدَ فِي الرَّاجِحِ فَهِيَ مَسَائِلُ الْقَوْلَيْنِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

مُلَخَّصًا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا اسْتَنَدَ لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ كَشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ وَيَدٍ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ وَإِخْبَارِ عَدْلٍ بِنَحْوِ نَجَاسَةٍ يُعْمَلُ فِيهِ بِالظَّاهِرِ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الظَّنَّ وَكَذَا إذَا اسْتَنَدَ لِسَبَبٍ عَادِيٍّ وَكَذَا إذَا اسْتَنَدَ لِعَلَامَةٍ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَوْلِ الظَّبْيَةِ وَإِنْ عَارَضَهُ احْتِمَالٌ مُجَرَّدٌ يُقَدَّمُ فِيهِ الْأَصْلُ قَطْعًا كَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَحْدَثَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ طَلَّقَ وَإِنَّ مَا سَبَبُهُ قَوِيٌّ مُنْضَبِطٌ يُقَدَّمُ فِيهِ الظَّاهِرُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَنْ شَكَّ بَعْدَ سَلَامِ الصَّلَاةِ فِي تَرْكِ غَيْرِ النِّيَّةِ وَالتَّحَرُّمِ، وَكَمُدَّعِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَكَمَنْ رَأَتْ دَمًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ حَيْضًا، فَإِنَّهُ تُمْسِكُ عَمَّا تُمْسِكُ عَنْهُ الْحَائِضُ وَإِنَّ مَا اسْتَنَدَ لِسَبَبٍ ضَعِيفٍ يُقَدَّمُ فِيهِ الْأَصْلُ عَلَى الْأَصَحِّ كَكَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي الْإِنَاءِ وَشُكَّ فِي وُلُوغِهِ فَلَا يَنْجُسُ وَإِنْ رُئِيَ فَمُهُ مُتَرَطِّبًا اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَعَ زِيَادَةٍ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ قَالَ الْإِمَامُ وَأَقَرَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ مَا أَصْلُهُ الطَّهَارَةُ إمَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ طَهَارَتُهُ، فَالْوَجْهُ الْأَخْذُ بِهَا وَطَلَبُ يَقِينِهَا لَا حَرَجَ فِيهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ لِلْوَسْوَاسِ وَأَمَّا أَنْ يَسْتَوِيَ فِيهِ الْأَمْرَانِ وَالِاحْتِيَاطُ التَّرْكُ وَأَمَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ نَجَاسَتُهُ وَفِيهِ قَوْلَانِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَغَابَتْ إلَخْ) اُعْتُبِرَ

ص: 72

بِالْأَصْلِ أَنْ يَسْتَنِدَ ظَنُّ النَّجَاسَةِ إلَى غَلَبَتِهَا وَإِلَّا عَمِلَ بِالظَّنِّ كَمَا قَالَ

(لَا) مَاءُ (قُلَّتَيْنِ) فَأَكْثَرَ (بَالَ نَحْوُ الظَّبْيِ بِهْ) أَيْ فِيهِ فَوُجِدَ عَقِبَ الْبَوْلِ مُتَغَيِّرًا (وَشُكَّ مَعْ تَغْيِيرِهِ فِي سَبَبِهْ) هَلْ هُوَ الْبَوْلُ، أَوْ نَحْوُ طُولِ الْمُكْثِ فَلَا يَحْكُمْ بِطُهْرِهِ بَلْ بِتَنَجُّسِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ لِاسْتِنَادِهِ إلَى سَبَبٍ كَخَبَرِ الْعَدْلِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَيْرِهِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ عَقِبَ الْبَوْلِ مُتَغَيِّرًا بِأَنْ غَابَ عَنْهُ زَمَنًا ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا، أَوْ وُجِدَ عَقِبَهُ غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ فَطَاهِرٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ أَنَّهُ لَوْ رَأَى نَجَاسَةً حَلَّتْ فِي مَاءٍ فَلَمْ تُغَيِّرْهُ فَمَضَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا لَمْ يَتَطَهَّرْ بِهِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ انْتَهَى، وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ عَلَى نَجَسٍ جَامِدٍ لَا يَتَحَلَّلُ قَرِيبًا وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ بِبَوْلِ الظَّبْيِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَشْكُلُ بِحُرْمَةِ الصَّيْدِ إذَا جُرْحُهُ فَغَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيْتًا؛ لِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ التَّغَيُّرُ عَقِبَ الْبَوْلِ وَالْمَوْتُ عَقِبَ الْجُرْحِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ أُحِيلَ عَلَى السَّبَبِ وَإِلَّا، فَلَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِالشَّكِّ هُنَا وَفِي مُعْظَمِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ التَّرَدُّدُ، سَوَاءٌ الْمُسْتَوَى وَالرَّاجِحُ وَعِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ التَّرَدُّدُ إنْ كَانَ عَلَى السَّوَاءِ فَشَكٌّ وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِالْقُلَّتَيْنِ وَبِنَحْوِ مَزِيدٍ عَلَى الْحَاوِي.

(وَحُرْمَةُ الطَّاهِرِ) مُبْتَدَأٌ (فِي اسْتِعْمَالٍ) صِلَةُ حُرْمَةٍ (مِنْ ظَرْفٍ

ــ

[حاشية العبادي]

كَوْنُ الَّذِي يُؤْخَذُ بِلِسَانِهَا لِقِلَّتِهِ لَا يَطْهُرُ عُمُومُهُ لِمَا تَنَجَّسَ مِنْ فَمِهَا عِنْدَ أَكْلِ الْفَأْرَةِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ ذَكَرَ عَيْنَ مَا قُلْته حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعُبُّ الْمَاءَ وَتَغْمِسُ فَمَهَا فِيهِ كَيْ يُحْكَمَ بِطَهَارَتِهِ لِمُلَاقَاةِ الْمَاءِ لِجَمِيعِ مَوَارِدِ النَّجَاسَةِ وَإِنَّمَا تَجْذِبُ الْمَاءَ بِطَرَفِ لِسَانِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَجْرِي إلَى فَمِهَا وَلَا يَدُورُ فِي نَوَاحِي بَاطِنِ الْفَمِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالْأَكْلِ اهـ.

وَغَايَةُ مَا يُمْكِنُ فِي دَفْعِهِ أَنْ يُقَالَ مَا تَأْخُذُهُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَكِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عِنْدَ شُرْبِهَا وَيَنْجَذِبُ إلَى جَوَانِبِ فَمِهَا بِحَيْثُ يَعُمُّهَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَحِينَئِذٍ فَمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ فِي فَهْمِ الْإِشْكَالِ خِلَافُ الظَّاهِرِ كَمَا تَرَى وَقَوْلُهُ: فَيَتَنَجَّسُ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِرّ

(قَوْلُهُ بِإِمْكَانِ مُطْلَقِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: إمْكَانُ طُهْرٍ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهَا لَا تَعُبُّ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اُسْتُشْكِلَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَمِلَ إلَخْ) بِأَنْ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ ظَاهِرٍ.

(قَوْلُهُ: أُحِيلَ إلَى السَّبَبِ إلَخْ) ثُمَّ نَظِيرُ النَّجَاسَةِ هُنَا وَالْحُرْمَةِ ثَمَّ، نَظِيرُ الطَّهَارَةِ هُنَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: فَلَا يُحَالُ عَلَى السَّبَبِ. وَنَتِيجَةُ عَدَمِ الْإِحَالَةِ الطَّهَارَةُ هُنَا وَالْحُرْمَةُ ثَمَّ

(قَوْلُهُ: وَحُرْمَةُ الطَّاهِرِ إلَخْ)(فَرْعٌ) يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ الْفِضَّةِ غِطَاءً مِنْ فِضَّةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِصُورَةِ إنَاءٍ بِأَنْ يَكُونَ صَفْحَةً أَوْ قِطْعَةً غَيْرَ مُجَوَّفَةٍ وَيُغْتَفَرُ تَغْطِيَتُهُ بِهَا وَكَذَا سِلْسِلَةٌ أَوْ حَلْقَةٌ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ بِهَا وَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ وَضْعِ الْكِيزَانِ عَلَى طَبَقٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَإِنْ كَانَ صَفِيحَةً لَا بُيُوتَ فِيهَا خِلَافًا لِمَنْ خَالَفَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لِلْفِضَّةِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

هَذَا لِيَضْعُفَ أَصْلُ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَا يَتَأَثَّرَ بِهِ أَصْلُ الطَّهَارَةِ لَا لِلْعَفْوِ عَنْ فَمِهَا إذْ لَا حَاجَةَ مَعَ الْعَفْوِ لِلْغَيْبَةِ اهـ.

إيعَابٌ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْغَزَالِيَّ قَالَ بِالْعَفْوِ عَنْ فَمِهَا وَإِنْ لَمْ تَغِبْ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا اهـ.

وَسَيَأْتِي رَدُّ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالِاحْتِرَازُ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا مَاءُ قُلَّتَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَرَى حَيَوَانًا يَبُولُ فِي مَاءٍ هُوَ قُلَّتَانِ فَأَكْثَرَ وَلَا تَعْظُمُ كَثْرَتُهُ عِظَمًا لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ الْبَوْلُ وَيَكُونُ الْبَوْلُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْمَاءُ التَّغَيُّرَ بِذَلِكَ الْبَوْلِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَوَجَدَ عَقِبَ الْبَوْلِ) أَيْ: وَقَدْ كَانَ رَآهُ قَبْلَ بَوْلِهَا غَيْرَ مُتَغَيِّرٍ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ: عَقِبَ الْبَوْلِ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَقِبِ الْعَقِبَ الْحَقِيقِيَّ بَلْ أَنْ لَا يَمْضِيَ بَعْدَ بَوْلِهَا زَمَانٌ يُحَالُ عَلَيْهِ زَوَالُ التَّغَيُّرِ بِسَبَبِ طُولِهِ شَرْحُ عُبَابٍ.

(قَوْلُهُ: وَشَكَّ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ فَشَكَّ بِالْفَاءِ قَالَ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ وَهِيَ أَوْلَى لِإِفَادَتِهَا التَّعْقِيبَ فِي الشَّكِّ الْمُسْتَدْعِي لِلتَّعْقِيبِ فِي التَّغَيُّرِ اهـ.

لَكِنَّهُ يُخْرِجُ التَّعْقِيبَ فِي التَّغَيُّرِ مَعَ التَّرَاخِي فِي الشَّكِّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ الدَّارِمِيِّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ الْحُكْمُ بِالنَّجَاسَةِ حِينَئِذٍ مُطْلَقًا وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ يَرْجِعُ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا تَغَيَّرَ بِهَا حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ النَّاشِرِيُّ، فَإِنْ تَوَقَّفُوا، فَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَحُرْمَةُ الطَّاهِرِ فِي اسْتِعْمَالِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إنَاءُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فِي الْقَدِيمِ وَكَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَحْرُمُ تَزْيِينُ الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ وَالْمَجَالِسِ بِهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْوَجِيزِ إلَّا حُكْمَ التَّزْيِينِ وَفِي الْعَزِيزِ عَلَى الْوَجِيزِ وَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَهَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّنْزِيهِ فِيهِ قَوْلَانِ قَالَ فِي الْقَدِيمِ، إنَّهُ عَلَى التَّنْزِيهِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْمَنْعِ مَا فِيهِ مِنْ السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ وَانْكِسَارِ قُلُوبِ الْمَسَاكِينِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ، إنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ بَعْضُهُمْ وَهَلْ يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا إنْ قُلْنَا لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى الْقَدِيمِ جَازَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ لِجَمْعِ الْمَالِ وَإِحْرَازِهِ كَيْ لَا يَتَفَرَّقَ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ اتِّخَاذُهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَنْبَغِي جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى اتِّخَاذِهَا وَغَرَامَةُ الصَّنْعَةِ عَلَى مَنْ كَسَرَهَا إنْ قُلْنَا يَجُوزُ الِاتِّخَاذُ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ وَوَجَبَ الْغُرْمُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي جَوَازِ تَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ وَالْمَجَالِسِ بِهَا وَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْوَجْهُ عِنْدِي تَحْرِيمُ التَّزْيِينِ بِهِمَا لِلسَّرَفِ مَعَ الْخِلَافِ فِي حُرْمَةِ الصَّنْعَةِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ

ص: 73

أَوْ مِلْعَقٍ، أَوْ خِلَالِ) بَيَانٌ لِلطَّاهِرِ (وَزِينَةٍ بِهِ وَفِيمَا اُتُّخِذَا) أَيْ ادَّخَرَ عَطْفٌ عَلَى اسْتِعْمَالٍ وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ قَوْلُهُ:(إذْ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُ أَوْ ضَبَّةُ ذَا بِقَصْدِ زِينَةٍ بِهِ وَكِبَرِهْ فِضَّةٌ أَوْ نَضْرٌ) أَيْ ذَهَبٌ وَكُلُّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ فِضَّةٌ، أَوْ نَضْرٌ أَيْ وَحُرْمَةُ الطَّاهِرِ مِنْ ظَرْفٍ وَمِلْعَقَةٍ وَخِلَالٍ وَنَحْوِهَا كَبَابٍ فِي اسْتِعْمَالِهِ وَالزِّينَةِ بِهِ وَاِتِّخَاذُهُ كَآنِيَةِ حِينَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، أَوْ بَعْضُهُ، أَوْ ضَبَّتُهُ مَعَ قَصْدِ زِينَةٍ بِهَا وَكِبَرُهَا فِضَّةٌ، أَوْ ذَهَبٌ وَأَمَّا حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِهِ فَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا.»

وَيُقَاسُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ غَيْرُهُمَا وَإِنَّمَا خُصَّا بِالذِّكْرِ لِغَلَبَتِهِمَا وَهَلْ حُرِّمَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لِعَيْنِهِمَا، أَوْ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ قَوْلَانِ الْجَدِيدُ الْأَوَّلُ كَاخْتِصَاصِهِمَا بِتَقْوِيمِ الْأَشْيَاءِ بِهِمَا وَوُجُوبِ حَقِّ الْمَعْدِنِ فِيهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ قَدْ يُعَلِّلُونَ بِالثَّانِي فَالْوَجْهُ مُرَاعَاةُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ شَرْطًا

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ وَفِيمَا اُتُّخِذَ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: اُدُّخِرَ) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسَ الِاصْطِنَاعِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ بِرّ.

(قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى إلَخْ) بِغَيْرِ لَفْظِ زِينَةٍ وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَعَلَى فِي الِاسْتِعْمَالِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: عَلَى اسْتِعْمَالِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ لَفْظِ زِينَةٍ وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَى اسْتِعْمَالُ وَأَنَّهُ أُعِيدَ الْعَامِلُ فِي الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: أَيْ: وَحُرْمَةُ إلَخْ) حُرْمَةُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَائِنَةٌ حِينَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَاِتِّخَاذُهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَصْدَرِيَّةِ مَا

ــ

[حاشية الشربيني]

لِلدَّمِيرِيِّ وَعَنْ الْقَدِيمِ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، لَكِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَحَكَى الْمَرْعَشِيُّ قَوْلًا: إنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ يَحْرُمَانِ دُونَ غَيْرِهِمَا اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ خِلَافًا فِي اسْتِعْمَالِ الْإِنَاءِ الصَّغِيرِ كَالْمُكْحُلَةِ وَلَمْ يَخُصَّهُ وَكَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَيْخُهُ وَهُوَ التَّخْصِيصُ بِالْفِضَّةِ وَقَوْلُهُ: فِي الرَّوْضَةِ وَكَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْجَدِيدِ قَوْلًا بِالْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَرِيبٌ مِنْ اصْطِلَاحِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّرْجِيحُ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ وَعَلَى أَنَّهُ قَدِيمٌ فَقَطْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَجَزَمَ بِهِ الْمُفْتُونُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَا قَالَ فِي الْجَدِيدِ بِخِلَافِهِ لَا يُنْسَبُ إلَى الشَّافِعِيِّ وَلَا يَكُونُ مَذْهَبًا لَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إذَا نَصَّ الْمُجْتَهِدُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْأَوَّلِ بَلْ يَكُونُ لَهُ قَوْلَانِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَهَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُمَا كَنَصَّيْنِ لِلشَّارِعِ تَعَارَضَا وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ فَيُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ وَيُتْرَكُ الْأَوَّلُ اهـ.

وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الِاجْتِهَادَيْنِ وَالنَّصَّيْنِ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْأَوَّلَ يَبْقَى قَوْلًا لَهُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ فَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ، لَكِنَّ النَّوَوِيَّ نَسَبَهُمْ إلَى الْغَلَطِ اهـ.

وَفِي ظَنِّي أَنَّ بَقَاءَ الْأَوَّلِ قَوْلًا أَوْ لَا مَبْنَاهُ مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ وَهُوَ أَنَّهُ يُبْطِلُ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ بِاجْتِهَادِهِ الثَّانِي أَوْ لَا أَجْرَوْا فِيهِ الْخِلَافَ فِي أَنَّهُ يَبْطُلُ الْحُكْمُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا وَبِالْجُمْلَةِ لَا يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِعَدَمِ جَوَازِ تَقْلِيدِ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: فِي اسْتِعْمَالٍ) قَالَ زي فُهِمَ مِنْ حُرْمَةِ الِاسْتِعْمَالِ حُرْمَةُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْفِعْلِ وَأَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الصَّنْعَةِ وَعَدَمُ الْغُرْمِ عَلَى الْكَاسِرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُعَلَّقٍ أَوْ خِلَالٍ) نَصَّ عَلَيْهِمَا لِلْخِلَافِ فِيهِمَا اهـ.

شَرْحُ الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ: بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِزِينَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا) مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَاِتِّخَاذُهُ.

(قَوْلُهُ: بِقَصْدِ) مُتَعَلِّقٌ بِضَبَّةٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَضْرٌ) لُغَةٌ فِي النُّضَارِ وَهُوَ الذَّهَبُ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَعَ قَصْدِ زِينَةٍ بِهَا وَكِبَرِهَا) لَوْ كَانَ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ حَرُمَ وَإِنْ صَغُرَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الزِّينَةِ لَمَّا لَمْ يَتَمَيَّزْ غَلَبَ عَلَى بَعْضِ الْحَاجَةِ احْتِيَاطًا لِمَا مِنْ شَأْنِهِ التَّحْرِيمُ شَرْحُ عُبَابٍ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِهِ) أَيْ: إجْمَاعًا عَلَى مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِقَوْلِ دَاوُد بِحِلِّ غَيْرِ الشُّرْبِ؛ لِأَنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا بِمَا رُوِيَ عَنْ الْقَدِيمِ مِنْ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ مُنَازَعٌ فِي ثُبُوتِهِ وَعَلَى فَرْضِهِ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ اهـ.

شَرْحُ عُبَابٍ لِحَجَرٍ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ يَقْتَضِي أَنَّ مُرَادَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ نَفْسَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا يَحْرُمَانِ لِجَوَازِ الْحُلِيِّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ الْآنِيَةُ كَذَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهُوَ أَوْثَقُ أَصْحَابِنَا فِي نَقْلِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ اهـ. .

(قَوْلُهُ: لِعَيْنِهِمَا أَوْ لِلسَّرَفِ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَمَّا تَأْثِيرُ الْخُيَلَاءِ أَيْ: فِي الْحُرْمَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا تَأْثِيرُ الْعَيْنِ فَلِاخْتِصَاصِهِمَا بِتَقْوِيمِ الْأَشْيَاءِ بِهِمَا وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ وَحَقِّ الْمَعْدِنِ فِيهِمَا اهـ.

هَكَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَاللَّامُ التَّعْلِيلِ فِي فَلِاخْتِصَاصِهِمَا وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ عَنْ كَافِ التَّشْبِيهِ يَعْنِي أَنَّ التَّحْرِيمَ لِلْعَيْنِ مُشَابِهٌ لِاخْتِصَاصِهِمَا بِالتَّقْوِيمِ وَالْوُجُوبِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي أَنَّهُمَا لِعَيْنِهِمَا لَا لِوَصْفٍ عَارِضٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْخُيَلَاءُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الِاخْتِيَالُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّخَيُّلِ وَهُوَ التَّشَبُّهُ بِالشَّيْءِ وَالْمُخْتَالُ يَتَخَيَّلُ فِي صُورَةِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ تَكْبِيرًا اهـ.

زي.

(قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ: لِلشَّافِعِيِّ فَنَصَّ فِي الْقَدِيمِ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي التَّحْرِيمِ السَّرَفُ وَالْخُيَلَاءُ وَفِي الْجَدِيدِ عَلَى أَنَّهُمَا عَيْنُهُمَا كَذَا فِي الدَّمِيرِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ اهـ. .

(قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ قَوْلَانِ الْجَدِيدُ إلَخْ) بَنَى الْأَئِمَّةُ عَلَيْهِمَا قَوْلَيْنِ فِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْرُمُ مَا اُتُّخِذَ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَعَلَى الثَّانِي يَحْرُمُ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُمْ قَدْ يُعَلَّلُونَ بِالثَّانِي) اعْتَبَرَ

ص: 74

لِيُصْبِحَ الْحُكْمُ الْآتِي فِي الْمُمَوَّهِ وَالْمُغَشَّى بِنُحَاسٍ وَلِيُفَارِقَ الضَّعِيفَ الْمُعَلَّلَ بِالثَّانِي فِي الْمُمَوَّهِ.

وَأَمَّا حُرْمَةُ الزِّينَةِ بِهِ وَاِتِّخَاذُهُ وَحُرْمَةُ الضَّبَّةِ مَعَ زِينَةٍ وَكِبَرٍ فَلِوُجُودِ الْمَعْنَيَيْنِ أَعْنِي الْعَيْنَ وَالْخُيَلَاءَ؛ وَلِأَنَّ اتِّخَاذَهُ يَجُرُّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ كَآلَةِ الْمَلَاهِي، وَلَفْظُ بِهِ وَضَمِيرُ كِبَرِهِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَلَوْ أَنَّثَ الضَّمِيرَ فَقَالَ بِهَا وَكِبَرُهَا كَانَ، أَوْلَى؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ لِلضَّبَّةِ وَلَوْ كَانَتْ الضَّبَّةُ الْكَبِيرَةُ بَعْضُهَا لِلزِّينَةِ وَبَعْضُهَا لِلْحَاجَةِ حَرُمَتْ أَيْضًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهِمَا إذْ لَا حَاجَةَ لِلْكُلِّ (وَ) ضَبَّةٌ (بِالْفَرْدِ) أَيْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ الزِّينَةِ وَالْكِبَرِ (كُرِهْ) اسْتِعْمَالُهَا وَالزِّينَةُ بِهَا وَاِتِّخَاذُهَا لِلزِّينَةِ وَلِلْكِبَرِ وَلَمْ تَحْرُمْ لِلصِّغَرِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلْحَاجَةِ فِي الثَّانِي بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ لِلْحَاجَةِ لَا تُكْرَهُ لِلصِّغَرِ مَعَ الْحَاجَةِ وَلِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ قَدَحَهُ صلى الله عليه وسلم الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ فِيهِ كَانَ مُسَلْسَلًا بِفِضَّةٍ لِانْصِدَاعِهِ» أَيْ مُشَعَّبًا بِخَيْطِ فِضَّةٍ لِانْشِقَاقِهِ وَأَصْلُ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ مَا يُصْلَحُ بِهَا خَلَلُهُ مِنْ صَفِيحَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَإِطْلَاقُهَا عَلَى مَا هُوَ لِلزِّينَةِ تَوَسُّعٌ وَمَرْجِعُ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ الْعُرْفُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ وَهُوَ أَشْهَرُ، الْكَبِيرَةِ مَا تَسْتَوْعِبُ جَانِبًا مِنْ الْإِنَاءِ كَشَفَةٍ، أَوْ أُذُنٍ وَالصَّغِيرَةُ دُونَ ذَلِكَ فَإِنْ شَكَّ فِي الْكِبَرِ فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَالْمُرَادُ بِالْحَاجَةِ غَرَضُ الْإِصْلَاحِ دُونَ التَّزَيُّنِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَجْزُ عَنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ غَيْرِهِمَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ الَّذِي كُلُّهُ ذَهَبٌ، أَوْ فِضَّةٌ فَضْلًا عَنْ الْمُضَبَّبِ بِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حِلِّ ضَبَّةِ الذَّهَبِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمَهُمَا مُطْلَقًا لِأَنَّ الدَّلِيلَ الْمُخَصِّصَ لِعُمُومِ التَّحْرِيمِ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْفِضَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا جَوَازُهُ؛ لِأَنَّ الْخُيَلَاءَ فِيهِ أَشَدُّ وَبَابُهُ أَضْيَقُ وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجَسُ فَلَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا فِي جَافٍّ، أَوْ مَاءٍ كَثِيرٍ وَلَا فَرْقَ فِي الِاسْتِعْمَالِ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: الْآتِي فِي الْمُمَوَّهِ إلَخْ) إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الْعَيْنَ فَقَطْ حَرُمَا؛ لِوُجُودِهِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ بِنُحَاسٍ) رَاجِعٌ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ وَلِيُفَارِقَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُبْنَى لِلْفَاعِلِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعَ ضَمِيرِهِ وَتَعْلِيلِهِمْ بِالثَّانِي الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ لَكِنَّهُمْ قَدْ يُعَلِّلُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْمُمَوَّهِ) أَيْ: بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إذْ لَوْ كَانَتْ الْخُيَلَاءُ فَقَطْ لَزِمَهُ مُوَافَقَةُ هَذَا الضَّعِيفِ لِوُجُودِ الْخُيَلَاءِ.

(قَوْلُهُ: عَائِدٌ لِلضَّبَّةِ) يُمْكِنُ تَأْوِيلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَيْ: بِهِ مِنْ حَيْثُ ضَبَّتُهُ وَكِبَرُهُ مِنْ حَيْثُ ضَبَّتُهُ.

(قَوْلُهُ: مُسَلْسِلًا إلَخْ) الْفَاعِلُ لِذَلِكَ هُوَ أَنَسٌ فَعَلَهُ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا بَيَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ صَنِيعِ الشَّارِحِ وَمَعَ ذَلِكَ فَالِاحْتِجَاجُ بَاقٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اطِّلَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَعَدَمُ إنْكَارِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالطَّاهِرِ النَّجَسُ فَلَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ) عَدَمُ الْحِلِّ لَيْسَ لِذَاتِهِ، بَلْ لِعَارِضِ التَّنْجِيسِ فَلِذَا أَسْقَطَ الْإِرْشَادُ قَيْدَ الطَّاهِرِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي جَافٍّ) أَيْ مَعَ جَفَافِهِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ) لِنَحْوِ إطْفَاءِ نَارٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعِرَاقِيُّونَ وَالْإِمَامُ مَعْنَى السَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا؛ بِأَنَّ النَّقْدَيْنِ يَظْهَرَانِ لِكَافَّةِ النَّاسِ وَالْجَوَاهِرُ النَّفِيسَةُ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهَا بَعْضُهُمْ فَيَكُونُ السَّرَفُ وَالْخُيَلَاءُ فِي النَّقْدَيْنِ أَكْثَرَ وَهَذَا قَضِيَّةُ قَوْلِ صَاحِبِ الْكِتَابِ لِأَنَّ نَفَاسَتَهُمَا لَا يُدْرِكُهَا إلَّا الْخَوَاصُّ اهـ.

شَرْحُ الْعَزِيزِ عَلَى الْوَجِيزِ.

(قَوْلُهُ: الْمُعَلَّلُ بِالثَّانِي فِي الْمُمَوَّهِ) أَيْ: الْقَائِلُ بِحُرْمَةِ الْمُمَوَّهِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ إذَا لَمْ يَحْصُلُ مِنْهُمَا شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لِلسَّرَفِ وَالْخُيَلَاءِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ تَمْوِيهُ سَقْفِ الْبَيْتِ أَوْ الْجِدَارِ حَرَامٌ اتِّفَاقًا حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ أَوْ لَا وَكَذَا اسْتِدَامَةُ تَمْوِيهِهِ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَوْ الِاسْتِعْمَالُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْفِعْلِ وَيُرَدُّ؛ بِأَنَّ الْفِعْلَ، إنَّمَا حَرُمَ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إسْرَافٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ لَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَأَمَّا الِاسْتِعْمَالُ فَهُوَ مَنُوطٌ بِمَا يُعَدُّ نَقْدًا أَوْ شُبْهَةً وَالْمُمَوَّهُ لَا يُشْبِهُ النَّقْدَ إلَّا أَنْ تَحَصَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْحَاجَةِ فِي الثَّانِي) نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ عَمَّ التَّضْبِيبُ الْإِنَاءَ حَرُمَ قَوْلًا وَاحِدًا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ التَّعْمِيمُ لِحَاجَةٍ جَازَ كَمَا شَمَلَهُ إطْلَاقُهُمْ اهـ.

حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ الْمُرَادُ حَاجَةُ الْإِنَاءِ لَا حَاجَةُ الْمُسْتَعْمَلِ.

(قَوْلُهُ: مَا تَسْتَوْعِبُ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ غَيْرَ تَابِعَةٍ لِلْإِنَاءِ وَيَخْرُجُ الْإِنَاءُ عَنْ كَوْنِهِ إنَاءَ نُحَاسٍ مَثَلًا بَلْ يُسَمَّى مُرَكَّبًا مِنْهُ وَمِنْ فِضَّةٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَوْعِبَةِ لِجُزْءٍ، فَإِنَّهَا تَقَعُ مُعَمِّرَةً تَابِعَةً وَلَا يَخْرُجُ الْإِنَاءُ بِسَبَبِهَا عَنْ كَوْنِهِ إنَاءَ نُحَاسٍ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ: غَرَضُ الْإِصْلَاحِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّأْسَ لَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَثْقُبَ مَوْضِعًا مِنْهُ وَمَوْضِعًا مِنْ الْإِنَاءِ وَيُرْبَطَ بِمِسْمَارٍ بِحَيْثُ يَنْفَتِحُ وَيَنْغَلِقُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُجْعَلَ صَفِيحَةً عَلَى قَدْرِ رَأْسِهِ وَيُغَطَّى بِهِ لِصِيَانَةِ مَا فِيهِ وَالْأَوَّلُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى إنَاءً وَالثَّانِي جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّاهُ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى صُورَةِ الْإِنَاءِ؛ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُوضَعُ فِيهِ شَيْءٌ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ إنَاءٌ وَقَدْ يُطْلَقُ الرَّأْسُ عَلَى مَا يُتَّخَذُ مِنْ فِضَّةٍ عِنْدَ كَسْرِ رَأْسِهِ الَّذِي يُلَاقِي فَمَ الشَّارِبِ وَلَا كَلَامَ فِي أَنَّ لِهَذَا حُكْمَ الضَّبَّةِ الْكَبِيرَةِ لِلْحَاجَةِ وَعَلَى مَا يَكْمُلُ بِهِ حَلْقُ إنَاءِ الزَّجَّاجِ وَهَذَا حَرَامٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ اهـ.

شَرْحُ الْعُبَابِ لِحَجَرٍ وَنَقَلَ بَعْضُهُ سم عَنْ م ر.

(قَوْلُهُ: وَبَابُهُ أَضْيَقُ) وَلِذَلِكَ حَرُمَ الْخَاتَمُ وَغَيْرُهُ مِنْهُ لِلرَّجُلِ بِخِلَافِ الْفِضَّةِ اهـ إيعَابٌ.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي جَافٍّ) فَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ وَلَوْ مِنْ مُغَلَّظٍ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي جَافٍّ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَّا إذَا جَعَلَ الدُّهْنَ فِي عَظْمِ الْفِيلِ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي غَيْرِ الْبَدَنِ وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِإِطْلَاقِهِمْ الْمَنْعَ فِي غَيْرِ الْيَابِسَاتِ اهـ.

لَكِنَّهُمْ عَلَّلُوهُ بِتَنْجِيسِ الطَّاهِرِ بِلَا حَاجَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فِي جَافٍّ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ يَحْرُمُ تَجْلِيلُ الدَّابَّةِ بِجِلْدِ الْمُغَلَّظِ وَلَيْسَ جِلْدَ الْمَيِّتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ وَإِنْ كَانَ جَافًّا كَمَا فِي

ص: 75

بَيْنَ الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا فِي الزِّينَةِ بَيْنَ زِينَةِ الْبُيُوتِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْكَعْبَةِ بِخِلَافِ سَتْرِهَا بِالْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ، أَوْسَعُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا فِي الْحُرْمَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّحَلِّي لِمَا يُقْصَدُ فِيهَا مِنْ الزِّينَةِ لِلزَّوْجِ وَلَا فِي الظَّرْفِ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَلَوْ بِقَدْرِ الضَّبَّةِ الْجَائِزَةِ كَظَرْفِ الْغَالِيَةِ وَلَا فِي الضَّبَّةِ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي مَحَلِّ الِاسْتِعْمَالِ كَوْنِهَا فِي غَيْرِهِ وَفُهِمَ مِنْ حُرْمَةِ الْمَذْكُورَاتِ حُرْمَةُ الِاسْتِئْجَارِ لِفِعْلِهَا وَأَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى صَنْعَتِهَا وَعَدَمِ الْغُرْمِ عَلَى كَاسِرِهَا كَآلَاتِ الْمَلَاهِي وَمِنْ التَّقْيِيدِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حِلُّ غَيْرِهِمَا وَلَوْ مِنْ جَوْهَرٍ نَفِيسٍ كَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ وَمِنْ التَّقْيِيدِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَالزِّينَةِ وَالِاتِّخَاذِ حِلُّ شَمِّ رَائِحَةٍ مِجْمَرَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ بَعْدُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَهَا بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مُطَيَّبًا بِهَا فَإِنْ جَمَّرَ بِهَا ثِيَابَهُ، أَوْ بَيْتَهُ حَرُمَ وَمِنْ التَّقْيِيدِ بِالْكُلِّ، أَوْ الْبَعْضِ أَوْ الضَّبَّةِ حِلُّ الْمُمَوَّهِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ إذْ الْعَيْنُ لِقِلَّتِهَا مُسْتَهْلَكَةٌ وَلَوْ اتَّخَذَ إنَاءً مِنْ أَحَدِهِمَا وَمَوَّهَهُ، أَوْ غَشَّاهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِنُحَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لِانْتِفَاءِ الْخُيَلَاءِ وَقَدْ يَرِدُ عَلَى حَصْرِ الْحُرْمَةِ فِيمَا ذُكِرَ حُرْمَةُ الْمُتَّخَذِ مِنْ آدَمِيٍّ مِنْ جِلْدٍ وَغَيْرِهِ وَاسْتُشْكِلَ حُرْمَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِيمَا ذُكِرَ بِحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِمَا الْآتِي فِي بَابِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّةَ فِي قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا فِيمَا هُيِّئَ مِنْهُمَا لِذَلِكَ كَالْإِنَاءِ الْمُهَيَّأِ مِنْهُمَا لِلْبَوْلِ فِيهِ وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ ثَمَّةَ وَاعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ مَنْطُوقِ النَّظْمِ مِائَةٌ وَخَمْسٌ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الظَّرْفِ وَالْمِلْعَقَةِ وَالْخِلَالِ إمَّا مَعَ اسْتِعْمَالٍ، أَوْ زِينَةٍ أَوْ اتِّخَاذٍ فَالْجُمْلَةُ تِسْعٌ وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا ذَهَبٌ، أَوْ فِضَّةٌ، أَوْ مُرَكَّبٌ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَتْرِهَا) أَيْ: الْكَعْبَةِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْرُمْ) إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ كَمَا فِي الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَرِدُ عَلَى حَصْرِ الْحُرْمَةِ فِيمَا ذُكِرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ طَاهِرٌ فَلَا يَرِدُ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ آدَمِيٍّ وَلَا مَغْصُوبٍ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُمَا لَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، بَلْ مِنْ حَيْثُ حُرْمَةُ الْآدَمِيِّ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ اهـ.

وَمِثْلُهُ يَأْتِي هُنَا وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَقَدْ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ وَأَقُولُ يَرِدُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ حُرْمَةَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَحَصْرَ الْحُرْمَةِ فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ، بَلْ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ حَلَالٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا حَصَرَ الْحُرْمَةَ فِيهِ وَمَا تَرَكَهُ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْآتِيَ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ وَالرُّويَانِيَّ قَالَا إنَّ لِلْمَطْبُوعِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حُرْمَةً تَمْنَعُ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ كَمَاءِ زَمْزَمَ وَلَمْ يُرِيدَا بِالْمَنْعِ التَّحْرِيمَ بِدَلِيلِ الْمُنَظَّرِ بِهِ وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهُمَا قَائِلَانِ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْمُنَظَّرِ بِهِ؛ لِأَنَّ الرُّويَانِيَّ فِي الْحِلْيَةِ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ مَقْرُونَةً بِكَرَاهَةِ الْمُشَمَّسِ.

(قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْهَا)

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَجْمُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْكَعْبَةِ) خَالَفَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَقَالَ يَجُوزُ تَحْلِيَتُهَا بِصَفَائِحِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ اهـ.

شَرْحُ مِنْهَاجٍ لِلدَّمِيرِيِّ.

(قَوْلُهُ وَعَدَمِ الْغُرْمِ) سَوَاءٌ قَصَدَ إزَالَةَ الْمُنْكَرِ أَوْ لَا كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ: حَلَّ غَيْرُهُمَا) قَالَ الدَّمِيرِيِّ أَمَّا الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي النُّحَاسِ فَيُكْرَهُ قَالَ الْقَزْوِينِيُّ وَاعْتِيَادُ ذَلِكَ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ أَدْوَاءٌ لَا دَوَاءَ لَهَا. اهـ. شَرْحُ الْعُبَابِ.

(قَوْلُهُ وَيَاقُوتٍ) فَائِدَةٌ: الْيَاقُوتُ جَوْهَرٌ نَفِيسٌ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ اتَّخَذَ خَاتَمًا فَصُّهُ يَاقُوتٌ نُفِيَ عَنْهُ الْفَقْرُ» اهـ.

يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ أَوْدَعَ فِيهِ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةَ كَمَا أَنَّ النَّارَ لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا تُغَيِّرُهُ وَإِنَّ مَنْ تَخَتَّمَ بِهِ أَمِنَ مِنْ الطَّاعُونِ وَتَيَسَّرَتْ لَهُ أُمُورُ الْمَعَاشِ وَقَوِيَ قَلْبُهُ وَهَابَهُ النَّاسُ وَسَهُلَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ، وَالْفَيْرُوزَجُ حَجَرٌ أَخْضَرُ تَشُوبُهُ زُرْقَةٌ يَصْفُو لَوْنُهُ مَعَ صَفَاءِ الْجَوِّ وَيَتَكَدَّرُ بِتَكَدُّرِهِ وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي يَدِ قَتِيلٍ خَاتَمٌ مِنْهُ أَبَدًا وَالْمَرْجَانُ إذَا عُلِّقَ عَلَى طِفْلٍ امْتَنَعَتْ عَنْهُ أَعْيَنُ السُّوءِ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَالْبِلَّوْرُ مَنْ عُلِّقَ عَلَيْهِ لَمْ يَرَ مَنَامَ سُوءٍ اهـ.

شَرْحُ الدَّمِيرِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ: حِلُّ الْمُمَوَّهِ إلَخْ) هُوَ أَصَحُّ وَجْهَيْنِ قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ وَالْوَجِيزِ وَالثَّانِي يَحْرُمُ لِلْخُيَلَاءِ وَقَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) هَلْ مِنْهُ نَحْوُ الشَّمْعِ وَالطِّينِ اهـ.

(قَوْلُهُ: الْمُتَّخَذِ مِنْ آدَمِيٍّ) قَدْ يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ لِلشَّيْءِ فِي ذَاتِهِ لَا بِاعْتِبَارِ وَصْفٍ عَارِضٍ وَحُرْمَةُ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْآدَمِيِّ لِاحْتِرَامِهِ الْعَارِضِ بِإِسْلَامٍ أَوْ أَمَانٍ وَلِذَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدُّ يُؤْخَذُ مِنْ الْإِيعَابِ اهـ.

وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِمَا لِذَاتِهِمَا وَلِذَا حَرُمَا وَلَوْ عَلَى مَالِكِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا وَإِنَّ اسْتِعْمَالَ جِلْدِ الْآدَمِيِّ حَرَامٌ وَلَوْ مُهْدَرًا وَجَوَازُ إغْرَاءِ الْكِلَابِ عَلَيْهِ نَظَرٌ لِلرَّدْعِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: حَاصِلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ مَنْطُوقِ النَّظْمِ إلَخْ) وَلَوْ اُعْتُبِرَ الْمَفْهُومُ لَكَانَ الْحَاصِلُ حَالَةَ الْكَسْرِ مَعَ التَّضْبِيبِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الضَّبَّاتِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا أَرْبَعٌ ثَلَاثَةٌ الْمَتْنُ وَوَاحِدَةٌ الشَّرْحُ وَيَزِيدُ مَا إذَا كَانَ بَعْضُهَا لِزِينَةٍ وَبَعْضُهَا لِحَاجَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ وَهِيَ إمَّا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ مِنْهُمَا أَوْ بَعْضِهَا كَذَلِكَ وَهَذِهِ الضَّبَّةُ أَوْ بَعْضُهَا إمَّا فِي ظَرْفٍ أَوْ مُعَلَّقٍ أَوْ خِلَالٍ، فَالْحَاصِلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ، فَإِذَا زِدْت أَنَّ الظَّرْفَ وَمَا بَعْدَهُ إمَّا مُسْتَعْمَلٌ أَوْ مُتَّخَذٌ أَوْ مُتَزَيَّنٌ بِهِ كَانَتْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعًا وَعِشْرِينَ صُورَةً وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْأَرْبَعُ وَالْخَمْسُونَ الَّتِي فِي الظَّرْفِ وَمَا بَعْدَهُ اهـ. .

(قَوْلُهُ، فَالْجُمْلَةُ تِسْعٌ) وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ التِّسْعِ خَمْسَ عَشْرَةَ حَالَةً؛ لِأَنَّ فِي حَالِ الصِّحَّةِ كُلُّهُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ مِنْهُمَا أَوْ بَعْضُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمَا وَفِي حَالِ الْكَسْرِ مَعَ التَّضْبِيبِ الضَّبَّةُ إمَّا جَامِعَةٌ لِلزِّينَةِ وَالْكِبَرِ أَوْ ضَبَّةٌ بِزِينَةٍ فَقَطْ أَوْ بِكِبَرٍ فَقَطْ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ إمَّا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مِنْهُمَا فَهَذِهِ تِسْعٌ مَعَ السِّتِّ الْمَذْكُورَةِ تَصِيرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي التِّسْعِ الْحَاصِلِ مِنْ ضَرْبِ

ص: 76