الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَادَ وَسَجَدَ يَجِبُ أَنْ يَسْجُدَ إنْ سَلَّمَ نَاسِيًا (فِي الشَّرْحِ) الْمُسَمَّى بِالتَّعْلِيقَةِ لِلطَّاوُسِيِّ (قَدْ جَاءَ مُغَيَّرًا) لِجَعْلِهِ ضَمِيرَ سَلَّمَ لِلْإِمَامِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُقْتَدِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّظْمِ (وَهَذَا) يَعْنِي: جَعْلَ الضَّمِيرِ لِلْمُقْتَدِي هُوَ (الْمُعْتَمَدْ.)
ثُمَّ ذَكَرَ
مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً
لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَدَّ بِهِ ثِنْتَانِ فَقَالَ: (ثُمَّ يُعِيدُ) سُجُودَ السَّهْوِ (إنْ أَتَمَّ الْقَصْرَا) أَيْ: الْمَقْصُورَةَ بِأَنْ نَوَى الْإِتْمَامَ، أَوْ بَلَغَ مَقْصِدَهُ بَعْدَ سُجُودِهِ لِلسَّهْوِ (وَجُمُعَةً بِشَرْطِ عُذْرٍ ظُهْرَا) أَيْ: وَيُعِيدُهُ أَيْضًا إنْ أَتَمَّ الْجُمُعَةَ ظُهْرًا بِشَرْطِ عُذْرٍ كَأَنْ بَانَ بَعْدَ سُجُودِهِ لِلسَّهْوِ خُرُوجُ الْوَقْتِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ بِشَرْطِ عُذْرٍ تَصْوِيرٌ لَا شَرْطٌ مُخْرِجٌ إذْ الْجُمُعَةُ لَا تَكُونُ ظُهْرًا إلَّا بِعُذْرٍ (أَوْ ظَنَّ سَهْوًا) فَسَجَدَ لَهُ (فَانْجَلَى) أَيْ: انْكَشَفَ أَنْ لَا سَهْوَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ السُّجُودَ لِلْخَلَلِ بِزِيَادَتِهِ سَجْدَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَجَدَ، ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِسُجُودِهِ غَيْرُ مَا سَجَدَ لَهُ لِقَصْدِهِ بِالْأَوَّلِ جَبْرَ الْخَلَلِ فَيَنْجَبِرُ كُلُّ خَلَلٍ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ سَهَا قَبْلَ سَلَامِهِ بَعْدَ أَنْ سَجَدَ إذْ لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ مِثْلِهِ فَيَتَسَلْسَلُ (كَخَالِفِ) أَيْ: كَخَلِيفَةٍ (جَارٍ عَلَى تَرْتِيبِ) صَلَاةِ إمَامٍ (سَاهٍ سَالِفِ) أَيْ: سَابِقٍ لَهُ بِرَكْعَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِي مَحَلِّ سُجُودِ إمَامِهِ، وَيُعِيدُهُ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ آخِرَ الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ جَارٍ عَلَى تَرْتِيبِ إيضَاحٍ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ سُجُودِ السَّهْوِ شَرَعَ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ فَقَالَ: (وَسُنَّ سَجْدَةٌ) لِلْقَارِئِ وَمُسْتَمِعِهِ، وَسَامِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ، وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا مَعَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ «؛ لِأَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] فَلَمْ يَسْجُدْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِقَوْلِ عُمَرَ أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ يَعْنِي لِلتِّلَاوَةِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَالسُّجُودُ قَدْ يَكُونُ فِي الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي، وَقَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِهَا فَيَسْجُدُ (مَعَ الْإِحْرَامِ) بِأَنْ يَنْوِيَ وَيُكَبِّرَ، ثُمَّ يَسْجُدَ (وَ) مَعَ (الشَّرْطِ فِي الصَّلَاةِ) كَالطُّهْرِ وَالسِّتْرِ، وَدُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ هُنَا بِقِرَاءَةِ آيَةِ سَجْدَةٍ، أَوْ سَمَاعِهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَ) مَعَ (السَّلَامِ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ بَلْ قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ: إنَّهَا صَلَاةٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّشَهُّدُ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْقِيَامِ وَلَا قِيَامَ، بَلْ وَلَا يُسَنُّ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ (فِي الْحَالِ) أَيْ: عَقِبَ قِرَاءَةِ الْآيَةِ أَوْ سَمَاعِهَا.
فَلَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ فَتَطَهَّرَ عَلَى قُرْبٍ. وَمَرْجِعُهُ الْعُرْفُ سَجَدَ وَإِلَّا فَاتَتْ، وَلَا يُشْرَعُ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّهَا لِعَارِضٍ كَالْخُسُوفِ، وَلَوْ سَجَدَ بَعْدَ الْآيَةِ بِآيَاتٍ جَازَ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَلَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ: لِيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فَعَادَ الْإِمَامُ إلَى السُّجُودِ لَمْ يُتَابِعْهُ سَوَاءٌ سَجَدَ قَبْلَ عَوْدِهِ أَمْ لَا إلَخْ. اهـ. فَأَفْهَمَ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ لَوْ تَخَلَّفَ لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ أَنَّهُ يُتَابِعُ الْإِمَامَ إذَا عَادَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) لَوْ كَانَ اسْتِمْرَارُهُ فِيهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِسَلَامِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْمُعْتَمَدْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَوْلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَعَوْدُهُ لِلْإِمَامِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَامِدًا فَاتَهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَامْتَنَعَ فِعْلُهُ وَمُتَابَعَتُهُ فِيهِ وَغَايَةُ الْأَمْرِ الِاحْتِيَاجُ إلَى تَقْيِيدِ سَلَامِ الْمَأْمُومِ بِالسَّهْوِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: مَقْصِدَهُ بَعْدَ سُجُودِهِ لِلسَّهْوِ) وَقَبْلَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: بَانَ بَعْدَ سُجُودِهِ لِلسَّهْوِ)، وَقَبْلَ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ: خُرُوجُ الْوَقْتِ) لَوْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ زَمَنٌ إنْ سَجَدَ فِيهِ لِلسَّهْوِ لَمْ يُدْرِكْ السَّلَامَ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ تَرَكَ السُّجُودَ سَلَّمَ فِي الْوَقْتِ فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ تَرْكِهِ مُحَافَظَةً عَلَى حُصُولِ الْجُمُعَةِ، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ تَبْطُلُ بِالسُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ مَمْنُوعٌ مِنْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَهَذَا كُلُّهُ لَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَنْ عَلِمَ ضِيقَ الْوَقْتِ عَنْ السُّجُودِ، وَالسَّلَامِ وَتَعَمَّدَ السُّجُودَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَانْجَلَى) كَأَنْ ظَنَّ تَرْكَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ أَتَى بِهِ. (قَوْلُهُ: بِزِيَادَتِهِ سَجْدَتَيْنِ) ، وَكَذَا أَقَلُّ حَيْثُ سَجَدَ وَاحِدَةً عِنْدَ ظَنِّ السَّهْوِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّجْدَتَيْنِ لِلْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ سَجَدَ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَوْ سَهَا فِي سُجُودِهِ أَيْ: لِلسَّهْوِ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَسْجُدْ. اهـ. فَإِنْ أَرَادَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: بَعْدَ أَنْ سَجَدَ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي السُّجُودِ شَمِلَ الْأُولَى أَيْضًا. (قَوْلُهُ: كَخَالِفٍ إلَخْ) .
(فَرْعٌ) لَوْ اسْتَخْلَفَ بَعْدَ حَدَثِهِ غَيْرَ مُقْتَدٍ بِهِ بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا الْخَلِيفَةَ يَسْجُدُ فِي مَحَلِّ سُجُودِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ بِاسْتِخْلَافِهِ لَزِمَهُ حُكْمُ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَالْجَرْيُ عَلَى نَظْمِ صَلَاتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُ قَدْ ارْتَبَطَتْ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَا يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاةِ نَفْسِهِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْخَلَلِ إلَى صَلَاتِهِ لِعَدَمِ وُجُودِ اقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ. (قَوْلُهُ إيضَاحٍ) إذْ الْخَلِيفَةُ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَمُسْتَمِعِهِ) أَيْ: قَاصِدِ سَمَاعِهِ وَسَامِعِهِ بِلَا قَصْدٍ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَنْوِيَ إلَخْ) يُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي نِيَّةُ مُطْلَقِ السُّجُودِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَفِيمَا
ــ
[حاشية الشربيني]
فِيمَنْ تَابَعَ مَنْ لَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَابَعَ بَعْدَ انْتِظَارٍ كَثِيرٍ لِلْمُتَابَعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَلْيُحَرَّرْ.
[مَسَائِلَ يَتَعَدَّدُ فِيهَا سُجُودُ السَّهْوِ صُورَةً لَا حَقِيقَةً]
(قَوْلُهُ: لِلْقَارِئِ إلَخْ) مَا لَمْ تَكُنْ الْقِرَاءَةُ بَدَلَ الْفَاتِحَةِ وَإِلَّا فَلَا يُسَنُّ السُّجُودُ لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ يُعْطَى حُكْمَ الْمُبْدَلِ
قَرَأَهَا الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ سُنَّ تَرْكُهُ لِكُلْفَةِ النُّزُولِ، وَالصُّعُودِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَذَكَرَ فِيهَا فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ سَجْدَةً نَزَلَ، وَسَجَدَ، فَإِنْ كَانَ الْمِنْبَرُ عَالِيًا بِحَيْثُ لَوْ نَزَلَ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ يَنْزِلْ، لَكِنْ يَسْجُدُ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا مُقَيِّدٌ لِلْآخَرِ، أَمَّا تَقْيِيدُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَلِإِفَادَةِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنَّمَا يُسَنُّ السُّجُودُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي النُّزُولِ كُلْفَةٌ وَإِلَّا سُنَّ تَرْكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِالنُّزُولِ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ السَّجْدَةُ (لِلْقَارِيِّ وَمَنْ سَمْعًا قَصَدْ) وَهُوَ الْمُسْتَمِعُ (قُلْتُ وَسَامِعٍ) وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّمَاعَ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ لَكِنْ لَا يَتَأَكَّدُ لِلسَّامِعِ تَأَكُّدُهُ لِلْمُسْتَمِعِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّجْدَةُ لِمَنْ جَلَسَ لَهَا وَعُثْمَانَ السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ اسْتَمَعَ رَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَيَسْجُدَانِ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْقَارِئُ، أَوْ كَانَ مُصَلِّيًا، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ كَافِرًا، أَوْ مُحْدِثًا، أَوْ امْرَأَةً. قَالَ الْقَاضِي وَلَا سُجُودَ لِقِرَاءَةِ جُنُبٍ وَسَكْرَانَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْكَوْكَبِ وَلَا سَاهٍ، وَنَائِمٍ لِعَدَمِ قَصْدِهِمَا التِّلَاوَةَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي السُّجُودُ لِقِرَاءَةِ مَلَكٍ، أَوْ جِنِّيٍّ لَا لِقِرَاءَةِ دُرَّةٍ وَنَحْوِهَا لِعَدَمِ الْقَصْدِ (وَأَكِّدْ) أَنْتَ سَنَّ السَّجْدَةِ لِلْمُسْتَمِعِ وَالسَّامِعِ (إنْ سَجَدْ قَارِئُهَا) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْجُدْ لِمَا قِيلَ أَنَّ سُجُودَهُمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سُجُودِهِ، وَإِذَا سَجَدَا مَعَهُ فَلَا يَرْتَبِطَانِ بِهِ، وَلَا يَنْوِيَانِ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَلَهُمَا الرَّفْعُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَهُ. ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّتُهُ مَنْعُ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ جَوَازُهُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا سُجُودَ لِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْقَارِئَ، وَإِنْ سَجَدَ الْقَارِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِهِ فِي صَلَاةٍ فَيُتَابِعُهُ.
(وَسُنَّ) لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (تَكْبِيرٌ فِي هُوِيِّهِ) لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي الرَّفْعِ مِنْهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَاسْتَحَبَّ جَمْعٌ الْقِيَامَ لِيَسْجُدَ مِنْهُ وَأَنْكَرَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ، وَصَوَّبَ عَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ (وَ) سُنَّ (رَفْعُ كُلِّ كَفٍّ) لَهُ حَذْوَ مَنْكِبِهِ فِي تَكْبِيرَةِ التَّحَرُّمِ لَا فِي الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ، وَالرَّفْعِ مِنْهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ فِي سُجُودِهِ: سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، اللَّهُمَّ اُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَك أَجْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَك ذُخْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا وَاقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتهَا مِنْ
ــ
[حاشية العبادي]
يَأْتِي لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ وَأَنَّهُ فِي سَجْدَةِ {ص} [ص: 1] لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِهَا لِقَبُولِ تَوْبَةِ سَيِّدِنَا دَاوُد عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. (قَوْلُهُ: سُنَّ تَرْكُهُ) أَيْ: إنْ كَانَ فِي النُّزُولِ كُلْفَةٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: لِتَكَلُّفِهِ النُّزُولَ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ السُّجُودِ عَلَيْهِ أَخْذًا مِنْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَاهُ فِي الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِيهَا فِي الْجُمُعَةِ إلَخْ) حَيْثُ سَجَدَ الْخَطِيبُ لَا يَسْجُدُ السَّامِعُونَ، وَإِنْ أَمِنُوا فَوَاتَ سَمَاعِ بَقِيَّةِ الْخُطْبَةِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُمْ مَظِنَّةُ الْفَوَاتِ وَالْإِعْرَاضِ إذْ قَدْ يَشْرَعُ الْخَطِيبُ فِي بَقِيَّةِ الْخُطْبَةِ قَبْلَ فَرَاغِهِمْ مِنْ السُّجُودِ، وَهَذَا كَمَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ بِمُجَرَّدِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنْ فَوَّتَ السَّمَاعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ خَالَفَ بَعْضُهُمْ م ر، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا وَرَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لِقِرَاءَتِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَسَجَدُوا مَعَهُ لِجَوَازِ أَنْ لَا تَكُونَ تِلْكَ الْخُطْبَةُ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ م ر. (قَوْلُهُ: وَسَجَدَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَوَّلًا النُّزُولُ وَإِنْ أَمْكَنَ السُّجُودُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِالنُّزُولِ مِنْهُ وَحَيْثُ سَجَدَ الْخَطِيبُ فَيُحْتَمَلُ سَنُّ السُّجُودِ أَيْضًا لِمَنْ سَمِعَ قِرَاءَتَهُ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَإِنْ قُلْنَا بِامْتِنَاعِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَيْضًا حَالَ الْخُطْبَةِ عَلَى مَا يَأْتِي تَحْرِيرُهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِامْتِنَاعِ الْإِعْرَاضُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ، وَلَا إعْرَاضَ عِنْدَ سُجُودِ الْخَطِيبِ فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُ السُّجُودِ عَلَى غَيْرِهِ إنْ قُلْنَا: بِامْتِنَاعِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَيْضًا حَالَ الْخُطْبَةِ عَلَى مَا يَأْتِي تَحْرِيرُهُ ثَمَّ، وَيُحْتَمَلُ مَنْعُ السُّجُودِ عَلَى السَّامِعِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِعْرَاضِ فِي الْجُمْلَةِ لِجَوَازِ أَنْ يَفْرُغَ الْخَطِيبُ مِنْهُ وَيَشْرَعَ فِي بَاقِي الْخُطْبَةِ قَبْلَ فَرَاغِهِ هُوَ وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِامْتِنَاعِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ عَلَى مَنْ سَمِعَ حَالَ الْخُطْبَةِ آيَةَ سَجْدَةٍ فَيُحْتَمَلُ شُمُولُهُ لِمَا إذَا سَمِعَهَا مِنْ الْخَطِيبِ، وَإِنْ سَجَدَ الْخَطِيبُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَسْمَعْهَا مِنْ الْخَطِيبِ مَعَ سُجُودِ الْخَطِيبِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سُنَّ تَرْكُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَمْكَنَ السُّجُودُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا مِنْ الْكَلَامِ السَّابِق. (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيًّا) يَنْبَغِي مُمَيِّزًا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرًا) إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: لِقِرَاءَةِ جُنُبٍ) يَشْمَلُ الْكَافِرَ. (قَوْلُهُ وَالْبَغَوِيِّ جَوَازُهُ) وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى
ــ
[حاشية الشربيني]
مِنْهُ. ا. هـ سم. اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيًّا) قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَلَوْ جُنُبًا كَذَا فِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ فَحَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرًا) وَلَوْ جُنُبًا مُعَانِدًا لَا يُرْجَى إسْلَامُهُ. ا. هـ م ر أَيْ: لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِالْفُرُوعِ، وَلَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْقِرَاءَةِ مَعَ مَا ذَكَرَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لِقِرَاءَةِ جُنُبٍ) سَوَاءٌ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ، أَوْ الذِّكْرَ، أَوْ أَطْلَقَ لِحُرْمَتِهَا فِي الْأَوَّلِ وَلِوُجُودِ الصَّارِفِ فِي الْأَخِيرَيْنِ. ا. هـ شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ قَصْدِهِمَا التِّلَاوَةَ) لَوْ قَرَأَ آيَةً بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ لِيُفَسِّرَهَا سَجَدَ كُلٌّ مِنْ الْقَارِئِ وَمَنْ سَمِعَهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التِّلَاوَةَ لِأَنَّا نَقُولُ: بَلْ قَصَدَ تِلَاوَتَهَا لِتَقْرِيرِ مَعْنَاهَا شَرْحُ م ر وَنَقَلَ سم عَنْ تَقْرِيرِ م ر أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْآيَةَ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا لَا يَسْجُدُ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ع ش وَقَالَ: لِأَنَّهُ قِيَاسُ الْأَوَّلِ، وَفِي التُّحْفَةِ عَنْ الْمَجْمُوعِ عَدَمُ نَدْبِهَا لِلْمُفَسِّرِ لِوُجُودِ الصَّارِفِ وَمِثْلُهُ الْمُسْتَدِلُّ. ا. هـ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ قِرَاءَتِهَا بَيْنَ يَدَيْ مُدَرِّسٍ وَقِرَاءَتِهَا لِلِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّهُ فِي الثَّانِي لَمْ تُقْصَدْ لِذَاتِهَا بَلْ لِلِاسْتِدْلَالِ بِخِلَافِهَا فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّ مَعْنَاهَا مَقْصُودٌ مِنْ نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ: لِقِرَاءَةِ مَلَكٍ) أَوْ جِنِّيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ كَرَامَةً قَالَهُ بَعْضُ الْحَوَاشِي.
(قَوْلُهُ:
عَبْدِك دَاوُد عليه السلام، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ يُنْدَبُ {سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا} [الإسراء: 108] (فِي) أَيْ: سُنَّ سَجْدَةٌ فِي (الْعَشْرِ وَالْأَرْبَعِ مِنْ آيَاتِ) مِنْهَا (فِي الْحَجِّ ثِنْتَانِ) صَرَّحَ بِهِمَا لِخِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي الْأَعْرَافِ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا الرَّعْدُ، وَالنَّحْلُ عَقِبَ مَا يُؤْمَرُونَ وَسُبْحَانَ، وَمَرْيَمُ، وَالْفُرْقَانُ، وَالنَّمْلُ عَقِبَ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَالم تَنْزِيلٌ، وَفُصِّلَتْ عَقِبَ يَسْأَمُونَ، وَالنَّجْمُ، وَالِانْشِقَاقُ، وَالْعَلَقُ. وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ «أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَالْخَامِسَةَ عَشْرَةَ سَجْدَةُ ص. وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا، وَأَمَّا خَبَرُ «لَمْ يَسْجُدْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ لِلْمَدِينَةِ» فَضَعِيفٌ وَنَافٍ، وَغَيْرُهُ صَحِيحٌ وَمُثْبِتٌ، وَأَيْضًا التَّرْكُ إنَّمَا يُنَافِي الْوُجُوبَ دُونَ النَّدْبِ. وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] ، وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1] » ، وَكَانَ إسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ.
(وَفِي الصَّلَاةِ) عُطِفَ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: سُنَّ سَجْدَةٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ وَفِي الصَّلَاةِ أَيْ: الْمَشْرُوعِ فِيهَا قِرَاءَةُ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَلَا يَسْجُدُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَلْ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي لَا تُشْرَعُ هَلْ يَسْجُدُ لَهَا؟ وَجْهَانِ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ (بِلَا تَحَرُّمٍ وَلَا تَسْلِيمِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ (وَلَا بِرَفْعٍ) لِلْكَفِّ فِي الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ، وَالرَّفْعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَحَلُّهُ، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّكْبِيرِ لِلسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ بِلَا جِلْسَةٍ لِلِاسْتِرَاحَةِ. وَالسَّجْدَةُ فِي الصَّلَاةِ إنَّمَا تُسَنُّ
ــ
[حاشية العبادي]
لَا يَرْتَبِطَانِ إلَخْ لَا يُطْلَبُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِلَا تَحَرُّمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي نِيَّتُهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ تَنْسَحِبُ عَلَيْهَا، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُجُودِ السَّهْوِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهَا وَرَّدَ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ بِتَصْرِيحِ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّهُ لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ يَقُمْ سُجُودُ التِّلَاوَةِ مَقَامَهَا وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ نِيَّةَ الصَّلَاةِ لَا تَشْمَلُ سُجُودَ التِّلَاوَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَلَوْ لِلسُّجُودِ لِقِرَاءَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ.
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي الْعَشْرِ وَالْأَرْبَعِ إلَخْ) إنْ قِيلَ لِمَ اخْتَصَّتْ هَذِهِ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ بِالسُّجُودِ مَعَ ذِكْرِ السُّجُودِ وَالْأَمْرِ بِهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَآخِرِ الْحِجْرِ وَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] قِيلَ: لِأَنَّ تِلْكَ فِيهَا مَدْحُ السَّاجِدِينَ صَرِيحًا، وَذَمُّ غَيْرِهِمْ تَلْوِيحًا، أَوْ عَكْسُهُ فَشُرِعَ السُّجُودُ لِغُنْمِ الْمَدْحِ تَارَةً، وَالسَّلَامَةِ مِنْ الذَّمِّ أُخْرَى، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ نَحْوُ أَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم مُجَرَّدًا عَنْ غَيْرِهِ، وَلَا دَخْلَ لَنَا فِيهِ فَلَمْ يُطْلَبْ مِنَّا سُجُودٌ عِنْدَهُ، وَأَمَّا {يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ ذِكْرِ فَضِيلَةٍ لِمَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَوْرَدَ عَلَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ {كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لَهَا مَعَ أَنَّ فِيهَا أَمْرَهُ صلى الله عليه وسلم وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا ذَمَّ رَئِيسَ أَهْلِ الضَّلَالِ وَهُوَ أَبُو جَهْلٍ بِقَوْلِهِ: {لا تُطِعْهُ} [العلق: 19] كَأَنَّهُ ذَمَّ جَمِيعَ أَهْلِ الضَّلَالِ تَصْرِيحًا، وَفِي الْأَمْرِ مَدْحُ رَئِيسِ أَهْلِ الْهُدَى تَلْوِيحًا وَهُوَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَكَأَنَّهُ مَدَحَ الْجَمِيعَ تَلْوِيحًا بِخِلَافِ {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 98] وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِغَيْرِ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ. اهـ. شَيْخُنَا مَرْصَفِيٌّ.
(قَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْحَجِّ ثِنْتَانِ) وَاحِدَةٌ فِي آخِرِهَا، وَالثَّانِيَةُ فِي آخِرِ أَوَّلِ رُبْعٍ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ: وَفِي الْأَعْرَافِ أَيْ: فِي آخِرِهَا، وَقَوْلُهُ: الرَّعْدُ أَيْ: فِي أَوَّلِهَا، وَقَوْلُهُ: عَقِبَ يُؤْمَرُونَ وَقِيلَ: يَسْتَكْبِرُونَ، وَقَوْلُهُ: وَسُبْحَانَ أَيْ: فِي آخِرِهَا، وَقَوْلُهُ: وَمَرْيَمُ فِي {خَرُّوا سُجَّدًا} [مريم: 58]، وَقَوْلُهُ: وَالْفُرْقَانُ فِي {اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ} [الفرقان: 60]، وَقَوْلُهُ: عَقِبَ {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 26] وَقِيلَ: يُعْلِنُونَ، وَقَوْلُهُ: وَالَمْ تَنْزِيلُ وَهُوَ {إِنَّمَا يُؤْمِنُ} [السجدة: 15] إلَخْ، وَقَوْلُهُ: عَقِبَ يَسْأَمُونَ وَقِيلَ: عَقِبَ تَعْبُدُونَ، وَقَوْلُهُ: وَالِانْشِقَاقُ أَيْ: عَقِبَ يَسْجُدُونَ وَقِيلَ: آخِرُهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا فِي ص عَقِبَ وَأَنَابَ وَقِيلَ: مَآبَ وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ النَّصَّ عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ الْخِلَافُ، وَسَبَبُهُ النَّظَرُ إلَى تَمَامِ آيَةِ السُّجُودِ فَقَطْ، أَوْ إلَى مَا يَتْبَعُهَا مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى الْمُطِيعِ وَذَمِّ غَيْرِهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قِيلَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْجُدَ عِنْدَ الْمَحَلِّ الثَّانِي لِتُجْزِئَهُ السَّجْدَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا سَبَقَ إلَّا فِي سَجْدَةِ ص، وَالِانْشِقَاقِ إذْ الْمُعْتَمَدُ فِيمَا عَدَاهُمَا أَنَّ آخِرَ آيَةِ السَّجْدَةِ فِيهِ الثَّانِيَةُ كَذَا فِي الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ وَغَيْرِهَا. اهـ.
وَلَوْ سَجَدَ قَبْلَ تَمَامِ الْآيَةِ وَلَوْ بِحَرْفٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ إنَّمَا يَدْخُلُ بِتَمَامِهَا. ا. هـ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لَوْ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ آيَةَ سَجْدَةٍ) أَوْ سُورَتَهَا بِقَصْدِ السُّجُودِ فِي غَيْرِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ لَمْ يُكْرَهْ بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْ زِيَادَةِ سَجْدَةٍ فِيهَا إلَّا السُّجُودَ لِسَبَبٍ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَالْقِرَاءَةُ بِقَصْدِ السُّجُودِ فِيهَا كَتَعَاطِي السَّبَبِ بِاخْتِيَارِهِ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِيَفْعَلَ الصَّلَاةَ. ا. هـ م ر وع ش وَلَوْ قَرَأَ بِقَصْدِ السُّجُودِ، وَشَيْءٍ آخَرَ مِمَّا يَجُوزُ قَصْدُهُ كَقِرَاءَةِ السُّورَةِ جَازَ لَهُ السُّجُودُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ سم أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَجَرٍ فَرَاجِعْهُ، وَكَتَبَ شَيْخُنَا ذ رحمه الله عَلَى قَوْلِ ش: إنْ كَانَ الْقَارِئُ مُصَلِّيًا اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِقِرَاءَتِهِ السُّجُودَ مَا نَصُّهُ
(لِسِوَى الْمَأْمُومِ) مِنْ الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ (لِمَا تَلَا) فِي مَحَلِّ التِّلَاوَةِ، وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ دُونَ الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ لَا لِمَا تَلَاهُ غَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ:(فَقَطْ) لِكَرَاهَةِ إصْغَائِهِ لَهُ (وَمَنْ يَأْتَمُّ) يَسْجُدُ (لِأَجْلِ سَجْدَةِ الَّذِي يَؤُمُّ) أَيْ: لِسَجْدَةِ إمَامِهِ فَقَطْ نَعَمْ لَوْ رَفَعَ، وَالْمَأْمُومُ فِي الْهُوِيِّ لِضَعْفٍ أَوْ غَيْرِهِ رَجَعَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى رَفَعَ لَمْ يَسْجُدْ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ أَوْ سَجَدَ دُونَهُ، أَوْ سَجَدَ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ السَّجْدَةَ، وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ، وَيُسَنُّ لَهُ تَأْخِيرُ السَّجْدَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِأَجْلِ سَجْدَةِ الَّذِي يَؤُمُّ) لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ السُّجُودَ فَفَارَقَهُ الْمَأْمُومُ لِيَسْجُدَ كَانَ مُفَارِقًا بِغَيْرِ عُذْرٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ، أَوْ الْقُنُوتَ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْأَبْعَاضِ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ هُنَا وَذَكَرَ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ الْمُفَارَقَةَ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ مُفَارَقَةٌ بِعُذْرٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الْجَمَاعَةِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ مَتَى تَبْطُلُ صَلَاتُهُ هُنَا، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إنْ تَخَلَّفَ بِقَصْدِ تَرْكِ السُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِ الْإِمَامِ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ مُبْطِلٌ وَبِتَخَلُّفِهِ بِقَصْدِ التَّرْكِ إلَى ذَلِكَ الْحَدِّ يَصِيرُ شَارِعًا فِي الْمُبْطِلِ وَالشُّرُوعُ فِي الْمُبْطِلِ مُبْطِلٌ، وَإِنْ تَخَلَّفَ لَا بِهَذَا الْقَصْدِ بَطَلَتْ بِتَخَلُّفِهِ إلَى رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ عَنْ السُّجُودِ بِلَا عُذْرٍ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لَهُ تَأْخِيرُ السَّجْدَةِ فِي السِّرِّيَّةِ إلَى الْفَرَاغِ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى ذَلِكَ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ وَهُوَ قَرِيبٌ وَحِينَئِذٍ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ:
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ: فَقَطْ فَإِنْ قَصَدَهُ مَعَ أَدَاءِ أَصْلِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ حِينَ إتْيَانِهِ بِالْقِرَاءَةِ عَالِمًا بِأَنَّ فِيهَا آيَةَ سَجْدَةٍ، وَأَنَّهُ يُسَنُّ لَهَا السُّجُودُ. ا. هـ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً، أَوْ آيَتَيْنِ فِيهِمَا سَجْدَةٌ لِيَسْجُدَ فَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ، أَوْفِي وَقْتِ كَرَاهَتِهَا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ لَا لِغَرَضٍ سِوَى التَّحِيَّةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تُكْرَهُ لَهُ آيَةُ الصَّلَاةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْقِرَاءَةِ الْمَذْكُورَةِ غَرَضٌ سِوَى السُّجُودِ فَإِنْ تَعَلَّقَ فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا قَطْعًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ التِّلَاوَةِ فِي الْجُمْلَةِ. ا. هـ م ر. (قَوْلُهُ: لِسَجْدَةِ إمَامِهِ فَقَطْ) أَيْ: مَا دَامَ مَأْمُومًا فَلَوْ بَطَلَتْ الْقُدْوَةُ بِحَدَثِ الْإِمَامِ، أَوْ مُفَارَقَتِهِ وَقَدْ كَانَ الْمَأْمُومُ قَرَأَ حَالَ الْقُدْوَةِ آيَةَ سَجْدَةٍ، أَوْ قَرَأَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ بُطْلَانِ الْقُدْوَةِ سَجَدَ لِقِرَاءَتِهِ هُوَ فِي الْأُولَى، وَقِرَاءَةِ إمَامِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُمْ: لَا يَسْجُدُ الْمُنْفَرِدُ لِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَعْرِضْ الِانْفِرَادُ وَإِلَّا كَمَا هُنَا فَيَسْجُدُ نَدْبًا لِلِارْتِبَاطِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا. ا. هـ ع ش وَرَشِيدِيٌّ عَنْ سم عَلَى التُّحْفَةِ فَإِنْ قُلْت: إنَّ قِرَاءَةَ الْمَأْمُومِ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ السُّجُودِ قُلْت نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَيُسَنُّ لَهُ قِرَاءَتُهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ. اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت سم نَقَلَهُ كَذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْ م ر وَالطَّبَلَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ رَفَعَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَلَكِنْ ظَهَرَ لِلْمَأْمُومِ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ فِيهِ بِأَنْ رَآهُ تَهَيَّأَ لِلرَّفْعِ مِنْهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ فِي الْهُوِيِّ لِاحْتِمَالِ اسْتِمْرَارِهِ فِي السُّجُودِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ وَافَقَهُ، وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ وَضْعِ الْمَأْمُومِ جَبْهَتَهُ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ مَعَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْإِيعَابِ، وَأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ رَفْعِ رَأْسِهِ يَسْقُطُ الْهُوِيُّ عَنْ الْمَأْمُومِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا نَعَمْ لَوْ رَفَعَ) أَيْ: رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى رَفَعَ لَمْ يَسْجُدْ) أَيْ: امْتَنَعَ عَلَيْهِ السُّجُودُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْضًا مِنْ الصَّلَاةِ، وَلَا مُشْبِهًا لَهُ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ يَسْتَقِرُّ بِفِعْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ جَابِرًا لِخَلَلٍ فِيهَا كَانَ كَالرُّكْنِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الْإِمَامِ. ا. هـ شَيْخُنَا قُوَيْسَنِيٌّ. اهـ مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ سَجَدَ دُونَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَوْ تَخَلَّفَ عَنْ سُجُودِهِ مَعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. (قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) إنْ لَمْ يَنْسَ أَوْ يَجْهَلْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ. ا. هـ شَرْحُ الْعُبَابِ. ا. هـ سم عَلَى حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَجَدَ دُونَهُ) بِأَنْ يَضَعَ جَبْهَتَهُ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَالتَّحَامُلِ وَالتَّنْكِيسِ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكْتَفِيَ هُنَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْجَبْهَةِ هَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ السُّجُودَ ابْتِدَاءً، وَإِلَّا بَطَلَتْ بِمُجَرَّدِ هُوِيِّهِ لِشُرُوعِهِ فِي الْمُبْطِلِ مَعَ نِيَّتِهِ. ا. هـ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لِلْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ) هَذَا يُفِيدُ تَقْيِيدَ الْمَنْعِ بِبَقَاءِ الْقُدْوَةِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ بَعْدُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ) لَا بِقَصْدِ السُّجُودِ إلَّا فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] . (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ لَهُ تَأْخِيرُ السَّجْدَةِ إلَخْ)
فِي السَّرِيَّةِ إلَى الْفَرَاغِ لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَتُهَا، وَلَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ وَلَمْ يَسْجُدْ سُنَّ لَهُ السُّجُودُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ وَإِلَّا فَلَا. (وَكُلَّمَا كُرِّرَ مَا يُتْلَى) مِنْ أَيِّ السَّجَدَاتِ، وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ رَكْعَةٍ (سَجَدْ)
ــ
[حاشية العبادي]
لَا تُقْضَى.
وَوَجْهُ اسْتِثْنَائِهِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّرْكِ لِعَارِضٍ فَوُسِّعَ لَهُ فِي تَحْصِيلِ هَذِهِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهَا لِأَجْلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ قَالَ: إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عِنْدَ قِصَرِ الْفَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا ذَكَرْتُهُ، وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا وَالْمُصَنِّفُ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشِّهَابِ وَقَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَشَوَّشَ مِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ أَمِنَهُ أَيْ: التَّشْوِيشَ لِفَقْدِ الْمَأْمُومِينَ نُدِبَ لَهُ فِعْلُهَا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ فِي الْجَهْرِيَّةِ التَّشْوِيشُ أَيْضًا لِخَفَاءِ جَهْرِهِ، أَوْ بُعْدٍ، أَوْ صَمَمِهِمْ، أَوْ وُجُودِ حَائِلٍ فِي الْجَوَامِعِ الْعِظَامِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ سُنَّ لَهُ تَأْخِيرُ السُّجُودِ أَيْضًا وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى مُشَاحَّتِهِ فِي تَأْخِيرِ السُّجُودِ فِي السِّرِّيَّةِ إلَخْ كَذَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشِّهَابِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إلَى الْفَرَاغِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَحَلُّهُ إذَا قَصُرَ الْفَصْلُ. اهـ. وَتَبِعَ فِي تِلْكَ الْأَمْثِلَةِ م ر الْإِسْنَوِيَّ. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَتُهَا) لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَطْلُبْ خُصُوصَهَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِلَّا كَالْمَأْمُومِ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ قِرَاءَةُ سُورَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] بِخُصُوصِهَا فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ وَإِنْ وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ الْإِفْتَاءُ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ إمَامُهُ، وَلَمْ يَسْجُدْ سُنَّ لَهُ السُّجُودُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُ لَا يُنْدَبُ لِسَامِعِ الْمُؤَذِّنِ وَهُوَ فِيهَا إجَابَتُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، وَمِنْ إطْلَاقِهِمْ هَذَا، وَتَفْصِيلِهِمْ فِيمَا يَأْتِي بَعْدُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ، وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوْجَهَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ ذَلِكَ وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي: صَاحِبَ الْعُبَابِ بِقُرْبِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ شَيْخِهِ كَالْأَذْرَعِيِّ وَلَعَلَّ هَذَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ لَهُ ثَمَّ إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، ثُمَّ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فِي الْمَأْمُومِ إنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِقِرَاءَةِ نَفْسِهِ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ وَشُرِعَتْ لَهُ الْقِرَاءَةُ بِأَنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ. اهـ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ قِرَاءَتُهَا، ثُمَّ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَمَنْ سَجَدَ إمَامُهُ فِي السِّرِّيَّةِ مِنْ قِيَامٍ سَجَدَ مَعَهُ أَيْ: وُجُوبًا فَلَعَلَّهُ لِلتِّلَاوَةِ، فَإِنْ سَجَدَ ثَانِيَةً لَمْ يُتَابِعْهُ بَلْ يَقُومُ أَيْ: وُجُوبًا. اهـ. أَيْ: لِعِلْمِهِ بِسَهْوِهِ حِينَئِذٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَ الزَّرْكَشِيُّ كَابْنِ الْعِمَادِ الْأَوَّلَ أَيْضًا بِمَا إذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ قِرَاءَةُ آيَةِ السَّجْدَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ مُتَابَعَتُهُ حَمْلًا عَلَى السَّهْوِ.
ح ج (فَرْعٌ) لَوْ كَانَ الْإِمَامُ حَنَفِيًّا فَسَجَدَ مِنْ قِيَامٍ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ الشَّافِعِيِّ مُتَابَعَتُهُ، أَوْ لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ سَجَدَ لِآيَةِ ص فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَعْلَمْ مَا يَمْنَعُ مِنْهَا م ر. (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ السُّجُودُ) وَإِنَّمَا امْتَنَعَ قَبْلَ السَّلَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْفَاحِشَةِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ فَقَوْلُهُمْ: يَسْجُدُ لِسُجُودِ الْإِمَامِ لَا لِقِرَاءَتِهِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ ذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّهُ تَارَةً يَسْجُدُ بِسُجُودِ الْإِمَامِ لَا لِقِرَاءَتِهِ، وَتَارَةً يَسْجُدُ لِقِرَاءَتِهِ لَا لِسُجُودِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ: وَيَسْجُدُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ: وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ سُجُودِهِ فِي السِّرِّيَّةِ عَنْ السَّلَامِ وَفِعْلُهَا بَعْدَهُ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، لَكِنْ جَزَمَ ع ش بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصُرْ الْفَصْلُ لَا يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ بَلْ يَسْجُدُ، وَإِنْ شَوَّشَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ. ا. هـ وَهُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنَّ مَا فِي الْعُبَابِ يُخَالِفُهُ. ا. هـ رَشِيدِيٌّ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: فِي السِّرِّيَّةِ) مِثْلُهَا الْجَهْرِيَّةُ إنْ حَصَلَ تَشْوِيشٌ بِأَنْ اتَّسَعَ الْمَسْجِدَ. ا. هـ عَمِيرَةُ. ا. هـ سم. (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ السُّجُودُ) أَيْ: بَعْدَ السَّلَامِ. اهـ رَوْضٌ.
(قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ السُّجُودُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَيَحْسُنُ الْقَضَاءُ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَهُوَ صَادِقٌ بِفَرَاغِ الْإِمَامِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا فُحْشَ مُخَالَفَةٍ حَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: ضَبْطُ طُولِ الْفَصْلِ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّ ضَابِطَهُ الْعُرْفُ بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ السُّجُودِ قَصْدًا أَوْ نِسْيَانًا. (قَوْلُهُ: إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ) أَيْ: بَيْنَ الْقِرَاءَةِ وَالسُّجُودِ لَا بَيْنَ السَّلَامِ وَالسُّجُودِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَكُلَّمَا كَرَّرَ مَا يُتْلَى إلَخْ) لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ قَرَأَ سَجْدَةً فَسَجَدَ فَقَرَأَ فِي سُجُودِهِ سَجْدَةً أُخْرَى لَا يَسْجُدُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ. ا. هـ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَقْيِيدِ الْقِرَاءَةِ بِالْمَشْرُوعَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَكْعَةٍ) وَلَا يَضُرُّ تَعَدُّدُ ذَلِكَ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ سُجُودٌ مَطْلُوبٌ سم لَكِنَّ ذَلِكَ
كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِتَجَدُّدِ السَّبَبِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لِغَيْرِ الْأَخِيرَةِ كَفَاهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا يُسَنُّ جَمْعُ سَجَدَاتِ الْقُرْآنِ لِيَسْجُدَهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنَعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ ذَلِكَ وَأَفْتَى بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً، أَوْ آيَتَيْنِ فِيهِمَا سَجْدَةٌ لِيَسْجُدَ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا عِنْدَنَا، وَفِي كَرَاهَتِهِ خِلَافُ السَّلَفِ، وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا فَفِي كَرَاهَتِهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَا لِفَرْضٍ سِوَى التَّحِيَّةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْقِرَاءَةِ غَرَضٌ سِوَى السُّجُودِ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا قَطْعًا. انْتَهَى.
(وَمَا) السَّجْدَةُ (الَّتِي فِي صَادَ مِنْ هَذَا الْعَدَدْ) أَيْ: الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَرَأَ ص فَلَمَّا مَرَّ بِالسُّجُودِ تَشَزَّنَّا لِلسُّجُودِ بِتَشْدِيدِ الزَّاي وَالنُّونِ أَيْ: تَهَيَّأْنَا لَهُ فَلَمَّا رَآنَا قَالَ: إنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ، وَلَكِنْ قَدْ اسْتَعْدَدْتُمْ لِلسُّجُودِ فَنَزَلَ، وَسَجَدَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فَلَيْسَتْ سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ، بَلْ شُكْرٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَخَارِجَ الصَّلَاةِ تُفْعَلُ) نَدْبًا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَفَاهُ سَجْدَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمْ بِكَفَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَدُّدُهَا وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ) لَكِنْ لَوْ طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ كَانَ تَارِكًا لِلسُّجُودِ لَهُ بِنَاءً عَلَى فَوْتِهِ بِطُولِ الْفَصْلِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهَلْ يَسْجُدُ لَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ لَا لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا كَالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ م ر. (قَوْلُهُ: لَا لِفَرْضٍ سِوَى التَّحِيَّةِ) قَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ وَالْبُطْلَانُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:
ــ
[حاشية الشربيني]
ظَاهِرٌ إذَا سَجَدَ عَقِبَ كُلِّ قِرَاءَةٍ فَلَوْ قَرَأَ آيَتَيْنِ، أَوْ كَرَّرَ آيَةً وَاحِدَةً، وَلَمْ يَسْجُدْ وَقُلْنَا: يُسَنُّ تَعَدُّدُ السُّجُودِ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: يَأْتِي بِالثَّانِيَةِ عَقِبَ الْأُولَى مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ صُورَةِ رُكْنٍ بِلَا مُوجِبٍ. ا. هـ وَسَكَتَ عَلَيْهِ سم وَهُوَ وَجِيهٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ.
(قَوْلُهُ: كَفَاهُ سَجْدَةٌ) أَيْ: عَنْ الْجَمِيعِ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ الْأُولَى، وَالسُّجُودِ، فَإِنْ طَالَ فَاتَ سُجُودُ الْأُولَى. ا. هـ حَجَرٌ وسم وَلَعَلَّ مِثْلَ الْأُولَى غَيْرُهَا، أَوْ الْمُرَادُ بِهَا مَا عَدَا الْأَخِيرَةِ. ا. هـ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ تَعَرَّضَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَنَعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ ذَلِكَ) لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَرِهُوهُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُكْرَهْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَفِي كَرَاهَتِهِ الْوَجْهَانِ إلَخْ) أَيْ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ فَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّحْرِيمِ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهَا وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَبَعًا لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْ زِيَادَةِ سَجْدَةٍ فِيهَا إلَّا السُّجُودَ لِسَبَبٍ كَمَا أَنَّ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةَ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا إلَّا لِسَبَبٍ فَالْقِرَاءَةُ بِقَصْدِ السُّجُودِ كَتَعَاطِي السَّبَبِ بِاخْتِيَارِهِ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِيَفْعَلَ الصَّلَاةَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الم فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ السُّنَّةَ ثَابِتَةٌ فِي «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الصُّبْحِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الم تَنْزِيلُ» ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا عَنْ قَصْدٍ؛ وَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ قِرَاءَتَهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِيَسْجُدَ فِيهَا مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَهُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَنْهِيٌّ عَنْ زِيَادَةِ سَجْدَةٍ فِيهَا إلَّا السُّجُودَ لِسَبَبٍ، وَالسَّبَبُ هُوَ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ مِنْ قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ الْمَخْصُوصَةِ وَالسُّجُودِ فِيهَا. ا. هـ م ر فِي الشَّارِحِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ: إنَّ كَلَامَ الْبُلْقِينِيِّ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا أَيْ: فِي قِرَاءَةِ الم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ اتِّبَاعُ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَالسُّجُودُ لَهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ مَا مَرَّ مِنْ تَجْرِيدِ قَصْدِ السُّجُودِ فَقَطْ فَلَوْ قَرَأَ الم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِغَرَضِ السُّجُودِ فَقَطْ حَرُمَ، وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ سَجَدَ. اهـ.
لَكِنْ نَقَلَ سم عَنْ م ر فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ الم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِيَسْجُدَ، وَسَجَدَ لَمْ يَضُرَّ لِكَوْنِهِ وَارِدًا فِيهِ. ا. هـ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ بَلْ نَقَلَ عَنْ زي تَعْمِيمَهُ فِي كُلِّ آيَةِ سَجْدَةٍ أَيْ: فِي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. ا. هـ وَهَذَا الَّذِي نَقَلَاهُ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ قَصْدُ السَّبَبِ بَلْ يَكْفِي وُجُودُهُ، وَتَحَقُّقُهُ فَتَدَبَّرْ، وَيَكُونُ هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ مَقَالَتَيْ م ر وَحَجِرٍ فَتَأَمَّلْ. بَقِيَ أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ مِثْلَ مَا إذَا قَرَأَ الم تَنْزِيلُ فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بِقَصْدِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ مَا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي التَّحِيَّةِ؟ الَّذِي يَظْهَرُ الْفَرْقُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّحِيَّةُ فَإِذَا دَخَلَ لِأَجْلِهَا فَقَدْ فَعَلَ السَّبَبَ بِاخْتِيَارِهِ بِخِلَافِ مُصَلِّي صُبْحِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ طُلِبَ مِنْهُ الْإِتْيَانُ بِقِرَاءَةِ الم تَنْزِيلُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِدُونِ سَبَبٍ مِنْهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ: سِوَى السُّجُودِ) بِأَنَّ قَصَدَ الْفَرْضَ الْآخَرَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ السُّجُودِ. ا. هـ شَيْخُنَا ذ وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: وَمَا الَّتِي فِي ص إلَخْ) بَلْ هِيَ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى التِّلَاوَةِ، وَعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى هُجُومِ نِعْمَةٍ. ا. هـ حَجَرٌ، وَفِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ. ا. هـ مِنْ الْحَوَاشِي الْمَدَنِيَّةِ. (قَوْلُهُ: شُكْرًا لِلَّهِ) أَيْ: تَقَعُ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الشُّكْرَ وَلَمْ يَعْرِفْهُ. ا. هـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِأَنْ
عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ دَاوُد عليه السلام
(وَفِعْلُهَا فِيهَا) أَيْ: فِي الصَّلَاةِ (بِعَمْدٍ) وَعِلْمٍ بِتَحْرِيمٍ (مُبْطِلُ) لَهَا كَسَجْدَةِ الشُّكْرِ، بِخِلَافِ فِعْلِهَا سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا لِلْعُذْرِ لَكِنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فَلَوْ سَجَدَهَا الْإِمَامُ لِرَأْيِهِ لَمْ يَتْبَعْهُ، بَلْ يُفَارِقُهُ، أَوْ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا كَمَا لَوْ قَامَ إمَامُهُ إلَى خَامِسَةٍ، وَإِذَا انْتَظَرَهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ وَوَجْهُ السُّجُودِ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ إمَامَهُ زَادَ فِي صَلَاتِهِ جَاهِلًا، وَأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ سَجَدَ الْمَأْمُومُ. ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ.
وَلَمَّا فَرَغَ النَّاظِمُ مِنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ شَرَعَ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ فَقَالَ: (وَسَجْدَةٌ عِنْدَ هُجُومِ نِعْمَهْ) أَيْ: وَسُنَّ سَجْدَةٌ (لِلشُّكْرِ) كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ عِنْدَ هُجُومِ نِعْمَةٍ كَحُدُوثِ وَلَدٍ، أَوْ جَاهٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ (أَوْ عِنْدَ) هُجُومِ (انْدِفَاعِ نِقْمَهْ) كَنَجَاةٍ مِنْ غَرَقٍ، أَوْ حَرِيقٍ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ «سَأَلْت رَبِّي، وَشَفَعْت لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْت رَأْسِي فَسَأَلْت رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْت رَأْسِي فَسَأَلْت رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخِرَ فَسَجَدْت شُكْرًا لِرَبِّي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ عَلِيٍّ مِنْ الْيَمَنِ بِإِسْلَامِ هَمْدَانَ» ، وَخَرَجَ بِالْهُجُومِ النِّعَمُ الْمُسْتَمِرَّةُ كَالْعَافِيَةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَالْغِنَى عَنْ النَّاسِ فَلَا يَسْجُدُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ وَسَجْدَةُ الشُّكْرِ لَا تَدْخُلُ الصَّلَاةَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ فِي سَجْدَةِ ص؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ لِيَسْجُدَ بِهَا لِلشُّكْرِ حَرُمَ السُّجُودُ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَالتَّحِيَّةِ لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقْتَ النَّهْيِ لِيُصَلِّيَهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (وَ) عِنْدَ (رُؤْيَةِ الْفَاسِقِ) الْمُجَاهِرِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ فِي الدِّينِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا (وَلْيُعْلِنْ بِهِ) أَيْ: بِالسُّجُودِ أَيْ: يُظْهِرْهُ نَدْبًا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ إظْهَارًا لِمَا أَصَابَهُ مِنْ الْخَيْرِ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَتَعْيِيرًا لِلْفَاسِقِ فِي الثَّالِثَةِ لَعَلَّهُ يَتُوبُ إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْهُ ضَرَرًا فَيُخْفِهَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَاسْتَثْنَى ابْنُ يُونُسَ مِنْ الْأُولَى سُجُودَهُ بِحَضْرَةِ فَقِيرٍ لِتَجَدُّدِ مَالٍ فَلَا يُظْهِرُهُ لَهُ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ قَلْبُهُ، وَدَخَلَ فِي الْفَاسِقِ الْكَافِرُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ. (وَ) عِنْدَ رُؤْيَةِ (الْمُبْتَلَى) بِزَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَشُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى السَّلَامَةِ (سِرًّا) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ:(لِكَسْرِ قَلْبِهِ) أَيْ: لِئَلَّا
ــ
[حاشية العبادي]
فَالْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِالسُّجُودِ لِذَلِكَ. اهـ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ صُبْحِ الْجُمُعَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَلُمْ تَنْزِيلُ لِوُرُودِهَا فِيهِ بِخُصُوصِهَا فَلَا يَضُرُّ قِرَاءَتُهَا لِلسُّجُودِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَا غَرَضَ إلَّا السُّجُودُ عَلَى الْأَصَحِّ لَا يُتَّجَهُ إلَّا السُّجُودُ، وَإِنْ نَافَتْهُ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ الْمَذْكُورَةُ.
(قَوْلُهُ: لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: لَا سُجُودَ عَلَيْهِ فِي فِعْلٍ يَقْتَضِي سُجُودَ السَّهْوِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُهُ عَنْهُ فَلَا يَسْجُدُ لِانْتِظَارِهِ، وَإِنْ سَجَدَ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ سَجَدَ إلَخْ وَجْهُ السُّجُودِ أَيْ: الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ نَعَمْ مَا قَالَهُ هُوَ الْقِيَاسُ سم
(قَوْلُهُ الثُّلُثَ الْآخَرَ) فَإِنْ قُلْت: حَيْثُ أَعْطَاهُ الْجَمِيعَ فَكَيْفَ يَقَعُ التَّعْذِيبُ لِبَعْضِهِمْ مِنْ الْعُصَاةِ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ السُّنَّةُ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْئُولَ أَمْرٌ خَاصٌّ لَا يُنَافِي تَعْذِيبَ بَعْضِ الْعُصَاةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: رُؤْيَةِ الْفَاسِقِ) يَخْرُجُ الْعَاصِي غَيْرُ الْفَاسِقِ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْصِيَةِ الَّتِي تَجَاهَرَ بِهَا كَوْنُهَا كَبِيرَةً كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رحمه الله. (قَوْلُهُ: لِكَسْرٍ) أَيْ: لِخَوْفِ كَسْرٍ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قِيلَ لَهُ: إنَّ هَذَا مَوْضِعَ سُجُودٍ فَسَجَدَ. (قَوْلُهُ: عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ دَاوُد) ، لَوْ أَطْلَقَ الشُّكْرَ كَفَى. ا. هـ طب وم ر. ا. هـ سم
(قَوْلُهُ: بَلْ يُفَارِقُهُ، أَوْ يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا) فَإِنْ قُلْت: الْعِبْرَةُ بِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ قُلْت سُجُودُ الْإِمَامِ مِنْ بَابِ الْمُبْطِلِ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ مَعَ الْجَهْلِ وَالْإِمَامُ بِمَنْزِلَةِ الْجَاهِلِ لِخَطَئِهِ فِي اعْتِقَادِهِ عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِالْجَهْلِ كَتَرْكِ الشُّرُوطِ، وَارْتِكَابِ نَوَاقِضِ الطَّهَارَةِ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا لَوْ قَامَ لِخَامِسَةٍ فَإِنَّهُ لَوْ قَامَ لَهَا جَهْلًا لَا يَضُرُّ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: يُفَارِقُهُ، أَوْ يَنْتَظِرُهُ) وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ. (قَوْلُهُ: لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) أَيْ: بِسَبَبِ انْتِظَارِ إمَامِهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَأْمُومَ إلَخْ لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَوَجْهُ السُّجُودِ إلَخْ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ لَا يَسْجُدُ لِسُجُودِ إمَامِهِ فَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ. ا. هـ سم عَلَى التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: هُجُومِ نِعْمَةٍ) زَادَ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبْ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَبَّبَ فِيهَا، وَأَنْ لَا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ أَوْجَهُ وَلِهَذَا أَسْقَطَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ مِنْ أَصْلِهِ. ا. هـ خَطِيبٌ. (قَوْلُهُ: الْفَاسِقِ) مِنْهُ الْكَافِرُ، وَلَوْ تَكَرَّرَتْ رُؤْيَتُهُ. ا. هـ