الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَعِيفَةٍ فِي تَارِيخِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ أَمَّا الذِّكْرُ الَّذِي بَعْدَ الْفَرَاغِ فَيَرَاهُ النَّوَوِيُّ كَغَيْرِهِ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَمِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ تَوَجُّهُ الْقِبْلَةِ وَأَنْ يَجْلِسَ بِحَيْثُ لَا يَنَالُهُ رَشَاشٌ وَأَنْ يَجْعَلَ الْإِنَاءَ عَلَى يَسَارِهِ، فَإِنْ غَرَفَ مِنْهُ فَعَنْ يَمِينِهِ وَأَنْ يَبْدَأَ بِأَعْلَى وَجْهِهِ وَأَنْ لَا يَلْطِمَ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ وَأَنْ يَتَعَهَّدَ مُوقَيْهِ وَعَقِبَيْهِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُخَافُ إغْفَالُهُ وَأَنْ يُحَرِّكَ خَاتَمًا يَصِلُ الْمَاءُ تَحْتَهُ وَأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَ الْفَرَاغِ يَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 64] إلَى {رَحِيمًا} [النساء: 64] وَفِي الثَّانِيَةِ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} [النساء: 110] إلَى {رَحِيمًا} [النساء: 64] .
(فُرُوعٌ) مِنْ الْمَجْمُوعِ أَحَدُهَا يُشْتَرَطُ فِي غَسْلِ الْأَعْضَاءِ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَيْهَا فَلَا يَكْفِي أَنْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ بِلَا جَرَيَانٍ كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غَسْلًا، وَلَوْ غَمَسَ عُضْوَهُ فِيهِ كَفَاهُ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى غَسْلًا ثَانِيهَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ تَحُلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَأَمَّا الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ كَالْجَنَابَةِ وَلِأَنَّ الْمُحْدِثَ مَمْنُوعٌ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ بِظَهْرِهِ وَسَائِرِ بَدَنِهِ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ تَخْفِيفًا لِتَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَرْجَحُ لَا، بَلْ يَخْتَصُّ بِالْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ مُخْتَصٌّ بِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَاسِّ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا وَلِهَذَا لَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ لَمْ يَجُزْ مَسُّهُ بِهِمَا مَعَ قَوْلِنَا بِالْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ الْعُضْوِ بِمُجَرَّدِ غَسْلِهِ ثَالِثُهَا لَوْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ نَسِيَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثَانِيًا، ثُمَّ عَلِمَ تَرْكَ مَسْحٍ وَسَجْدَةٍ جَهِلَ مَوْضِعَهُمَا فَطُهْرُهُ تَامٌّ وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ لِاحْتِمَالِ تَرْكِ الْمَسْحِ مِنْ الطُّهْرِ الْأَوَّلِ وَالسَّجْدَةِ مِنْ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ رَابِعُهَا لَوْ شَكَّ فِي غَسْلِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ فِي أَثْنَاءِ الطُّهْرِ أَثَّرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يُؤَثِّرُ كَالشَّكِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي تَرْكِ رُكْنٍ.
وَبِهَذَا قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَأُلْزِمَ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ بِطُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ فَالْتَزِمْهُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي حَدَثِهِ وَقِيلَ يُؤَثِّرُ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ يُرَادُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالشَّكُّ فِي حَدَثِهِ وُجِدَ فِيهِ يَقِينُ الطُّهْرِ، فَلَمْ يُؤَثِّرُ بِخِلَافِ هَذَا وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّرْعَ كَثِيرًا مَا يُقِيمُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ مَقَامَ الْيَقِينِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ
(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي (الِاسْتِنْجَاءِ)
هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ نَجَوْت الشَّجَرَةَ وَأَنْجَيْتهَا إذَا قَطَعْتهَا كَأَنَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
بِأَنَّهُ مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ يُعْمَلُ بِهِ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ تِلْكَ الطُّرُقَ كُلَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ كَذَّابٍ أَوْ مُتَّهَمٍ بِالْوَضْعِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ فَهِيَ سَاقِطَةٌ بِالْمَرَّةِ وَمِنْ شَرْطِ الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ لَا يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: الْإِنَاءَ عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ: أَنْ صَبَّ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ يَصِلَ الْمَاءُ تَحْتَهُ) ، وَإِلَّا وَجَبَ.
(قَوْلُهُ: فُرُوعٌ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَا يَصِحُّ وُضُوءُ مَنْ خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِهِ إنْ لَمْ يَكْتَفِ بِغَسْلِهِ اهـ.
أَيْ لِاحْتِمَالِ إيصَالِ النَّجَاسَةِ لِمَوْضِعِ وُضُوئِهِ فَإِنْ اكْتَفَى بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ صَحَّ وُضُوءُهُ وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى مَرَّةٍ مَرَّةٍ فَإِنْ أَتَى بِمَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَّثَ وَكَانَتْ النِّيَّةُ مُسْتَحْضَرَةً عِنْدَ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ غَسَلَاتِ الْوَجْهِ صَحَّ وُضُوءُهُ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الْأَنْوَارِ، وَإِنْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً بَطَلَ أَوْ مَرَّتَيْنِ فَلَا الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ يُفِيدُ مَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا اعْتِبَارَ اسْتِحْضَارِ النِّيَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ فَرْضِ الْوُضُوءِ وَالْغَسْلَةِ الْأُولَى مِنْ غَسَلَاتِ الْوَجْهِ الرَّافِعَةِ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَقَطْ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَيْسَتْ مِنْ فَرْضِ الْوُضُوءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: مَا يُقِيمُ الظَّنَّ إلَخْ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِحُصُولِ ظَنٍّ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ ظَنُّ التَّرْكِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الشَّكُّ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ أَشْكَلَ هَذَا الْجَوَابُ بِمَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْإِتْيَانِ بِالرُّكْنِ وَحِينَئِذٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِالتَّخْفِيفِ لِكَثْرَةِ طُرُوُّ الشَّكِّ
(فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: يَلْطِمُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ فِيهِ وَفِي مِثْلِهِ الْوَجْهَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُوقَيْهِ) هُمَا طَرَفَا الْعَيْنِ مِمَّا يَلِي الْأَنْفَ وَمِثْلُهُمَا فِي سِنِّ التَّعَهُّدِ اللِّحَاظَانِ وَهُمَا الْمُؤَخِّرَانِ مِمَّا يَلِي الْخَدَّ.
(قَوْلُهُ جَرَيَانُ الْمَاءِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي جَرَيَانُهُ بِإِجْرَاءِ الشَّخْصِ فَلَوْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَجْرِي بِإِجْرَائِهِ لَمْ يَكْفِ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ نَسِيَ الْوُضُوءَ إلَخْ) ، إنَّمَا قُيِّدَ بِالنِّسْيَانِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ إذَا كَانَ تَجْدِيدًا، فَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ أَنَّ التَّجْدِيدَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا يَتَأَتَّى الْقَوْلُ بِتَمَامِ طُهْرِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَرْكِ الْمَسْحِ.
(قَوْلُهُ وَتَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ)، فَإِنْ قِيلَ قَدْ حَصَلَ الشَّكُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَمَنْ شَكَّ فِي تَرْكِ سَجْدَةٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ قُلْنَا: إنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ كَتِلْكَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ وَشَكَكْنَا هَلْ أَتَى بِهِ أَوْ لَا وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَتَى بِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ فَشَكَكْنَا هَلْ دَخَلَ فِيهَا أَمْ لَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الدُّخُولِ بِلَا مُعَارِضٍ بِخِلَافِ تِلْكَ فَقَدْ تَيَقَّنَ فِيهَا الدُّخُولَ وَشَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ فِي أَنَّهُ جَرَى مُبْطِلٌ أَمْ لَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُبْطِلِ وَالظَّاهِرُ مُضِيُّهَا عَلَى الصِّحَّةِ اهـ.
مِنْ الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ فَرَاغِ الطَّهَارَةِ لَا يُؤَثِّرُ لَكِنْ يُفَرَّقُ؛ بِأَنَّ ذَاكَ فِي شَكٍّ لَيْسَ مُسْتَنَدُهُ يَقِينَ التَّرْكِ كَمَا هُنَا وَمَثِيلُهُ يُقَالُ فِي الشَّكِّ فِي تَرْكِ السَّجْدَةِ هُنَا، فَإِنَّ مُسْتَنَدَهُ يَقِينَ التَّرْكِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِيَقِينِ الْفِعْلِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: إعَادَةُ الصَّلَاةِ) أَيْ: إنْ عَلِمَ مَا ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ وَطُولِ الْفَصْلِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ عَلِمَ إلَخْ وَإِلَّا لَزِمَهُ رَكْعَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَرَكَ السَّجْدَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ فَيُحْسَبُ لَهُ مِنْ رَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ سَجْدَةٌ وَيَلْغُو بَاقِيهَا اهـ.
[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ وَفِي الِاسْتِنْجَاءِ]
(قَوْلُهُ فِي آدَابِ الْخَلَاءِ)
يَقْطَعُ الْأَذَى عَنْهُ وَقِيلَ: مِنْ النَّجْوَةِ وَهِيَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ عَنْ النَّاسِ بِهَا؛ وَالِاسْتِنْجَاءُ وَالِاسْتِطَابَةُ وَالِاسْتِجْمَارُ بِمَعْنَى إزَالَةِ الْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْهُ؛ لَكِنَّ الثَّالِثَ مُخْتَصٌّ بِالْحَجَرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْجِمَارِ وَهِيَ الْحَصَى الصِّغَارُ؛ وَإِلَّا؛ وَلَأَنْ يَعُمَّانِ الْمَاءَ وَالْحَجَرَ (وَمَنْ قَضَى الْحَاجَةَ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَيْ: مَنْ أَرَادَ قَضَاءَهَا فِي بِنَاءٍ أَوْ فَضَاءٍ (فَلْيَجْتَنِبْ) أَدَبًا (قُرْآنَنَا وَاسْمَ الْإِلَهِ) تَعَالَى (وَ) اسْمَ (النَّبِيّ) صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ: وَكُلَّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ إكْرَامًا لِذَلِكَ؛ «وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحُوهُ.
«وَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِهِ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ مُحَمَّدٌ سَطْرٌ؛ وَرَسُولُ سَطْرٌ؛ وَاَللَّهِ سَطْرٌ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَفِي حِفْظِي أَنَّهَا كَانَتْ تُقْرَأُ مِنْ أَسْفَلَ فَصَاعِدًا لِيَكُونَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى فَوْقَ الْجَمِيعِ؛ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَسْمَاءُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ تَعَالَى وَبِرَسُولِهِ مَثَلًا دُونَ مَا لَا يَخْتَصُّ كَعَزِيزٍ؛ وَكَرِيمٍ؛ وَمُحَمَّدٍ؛ وَأَحْمَدَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَيَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ؛ وَلَكِنْ قَصَدَهُ بِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ حَتَّى قَعَدَ عَلَى الْخَلَاءِ غَيَّبَهُ بِضَمِّ كَفِّهِ عَلَيْهِ أَوْ وَضْعِهِ فِي عِمَامَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِالْمَذْكُورَاتِ غَيْرُهَا كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (وَنُبَلًا) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَقِيلَ بِفَتْحِهِمَا وَقِيلَ بِضَمِّهِمَا أَيْ: أَحْجَارُ الِاسْتِنْجَاءِ (هَيَّا) بِالْإِسْكَانِ لِلْوَزْنِ أَيْ أَعَدَّهَا (لَهُ) إنْ كَانَ يُسْتَنْجَى بِهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ وَحَذَرًا مِنْ الِانْتِشَارِ إذَا طَلَبَهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ» (وَلْيَبْعُدْ) عَنْ النَّاسِ فِي الْفَضَاءِ إلَى حَيْثُ لَا يُسْمَعُ لِلْخَارِجِ مِنْهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَنْ قَضَى الْحَاجَةَ فَلْيَجْتَنِبْ قُرْآنَنَا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَنَّهَا لِلْمَحَلِّ فَيُجْتَنَبُ دَاخِلَهُ وَلَوْ لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ مَا ذُكِرَ وَيُقَدِّمُ الْيَسَارَ دُخُولًا وَالْيَمِينَ خُرُوجًا. نَعَمْ بَعْضُ هَذِهِ الْآدَابِ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فَالْمَجْمُوعُ مُخْتَصٌّ بِهَا وَعَلَيْهِ تُحْمَلُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ) كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا مَعَ أَنَّ كُلَّ نَجِسٍ خَارِجٍ مِنْ مَخْرَجِهِمَا كَدَمٍ وَمَذْيٍ وَوَدْيٍ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا مَعْنَى الْحَاجَةِ اصْطِلَاحًا أَوْ لِلْغَالِبِ وَقَدْ يَمْنَعُ أَنَّ كُلَّ نَجِسٍ خَارِجٍ كَذَلِكَ فَإِنَّ خُرُوجَ الدَّمِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْفَصْدِ وَالظَّاهِرُ جَوَازُ الذِّكْرِ؛ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ خُرُوجِ الدَّمِ مِنْ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ وَخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ) بَيَانُ الْحَاجَةِ وَانْظُرْ خُرُوجَ غَيْرِهِمَا كَالدَّمِ مِنْ مَخْرَجِهِمَا (قَوْلُهُ قُرْآنَنَا) ؛ أَيْ: شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ مِمَّا يَجُوزُ حَمْلُهُ مَعَ الْحَدَثِ كَالتَّمَائِمِ وَيَحْتَمِلُ الْإِطْلَاقَ وَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ الْمَحَلُّ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ حَيْثُ الْحَدَثُ
(قَوْلُهُ: قُرْآنَنَا وَاسْمَ الْإِلَهِ وَالنَّبِيِّ) ؛ أَيْ: حَمْلُ مَكْتُوبِ ذَلِكَ؛، أَمَّا النُّطْقُ بِهِ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ سَاكِتًا (قَوْلُهُ: وَاسْمَ الْإِلَهِ) فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشِّهَابِ وَأَنَّ مَا عَلَيْهِ الْجَلَالَةُ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ لَكِنَّ كَلَامَهُمْ فِي كِتَابَتِهِ عَلَى نَعَمِ الصَّدَقَةِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِقِيَامِ الْقَرِينَةِ ثَمَّ عَلَى الصَّرْفِ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ ثَمَّ إلَّا التَّمْيِيزَ بِخِلَافِهِ هُنَا
اهـ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ هُنَا مُجَرَّدُ تَمَيُّزِ مَا هُوَ عَلَيْهِ عَنْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ هُنَا حِينَئِذٍ أَخْذًا مِنْ هَذَا الْفَرْقِ أَوْ لَا؟ فَيُشْكِلُ هَذَا الْفَرْقُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَخْشِيَّ مِنْهُ هُنَاكَ هُوَ التَّنْجِيسُ بِفِعْلِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالْمَخْشِيَّ مِنْهُ هُنَا وَهُوَ امْتِهَانُ الِاسْمِ وَالْإِخْلَالُ بِتَعْظِيمِهِ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَكُلَّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ) يَدْخُلُ فِي الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ أَسْمَاءُ الْمَلَائِكَةِ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ أَسْمَاءُ نَحْوِ الصَّحَابَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ) إنْ شَمِلَ أَسْمَاءَ الْمَلَائِكَةِ مُطْلَقًا فَلْيَشْمَلْ أَسْمَاءَ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّهِمْ؛ بَلْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ شُمُولُ أَسْمَاءِ الصَّالِحِينَ غَيْرِ الصَّحَابَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانُوا أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: وَكُلَّ اسْمٍ مُعَظَّمٍ) وَلَوْ مَغْمُورًا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ مَا يُشْعِرُ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَنْبَغِي إلَخْ (قَوْلُهُ: غَيَّبَهُ) فَعُلِمَ أَنَّهُ يُطْلَبُ اجْتِنَابُهُ وَلَوْ مَحْمُولًا مُغَيَّبًا (قَوْلُهُ: كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) يَنْبَغِي إلَّا مَا عُلِمَ عَدَمُ تَبْدِيلِهِ مِنْهُمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا اشْتَمَلَ مِنْهُمَا عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ أَوْ ذِكْرِ رُسُلِهِ يُطْلَبُ اجْتِنَابُهُ (قَوْلُهُ: يُسْتَنْجَى بِهَا) يَنْبَغِي وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْمَاءِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَعُدُّ النَّبْلَ أَوْ الْمَاءَ
اهـ (قَوْلُهُ عَنْ النَّاسِ فِي الْفَضَاءِ) كَذَا فِي التَّنْبِيهِ أَخْرَجَ الْأَبْنِيَةَ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا شَقَّ الْإِبْعَادُ فِيهَا وَإِلَّا فَالْوَجْهُ طَلَبُهُ حَتَّى فِي الْأَبْنِيَةِ الْمُعَدَّةِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ وَذِكْرُ الصَّحْرَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَرْكِيبُهَا أَوْلَى فَإِنَّ غَيْرَهَا مَا لَمْ يُهَيَّأْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِثْلُهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ اهـ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُهَيَّأَ لِذَلِكَ حَيْثُ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْحَاوِي الْأَدَبُ وَالْمَنْدُوبُ يَشْتَرِكَانِ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْبَابِ لَكِنَّ الْمَنْدُوبَ يَتَأَكَّدُ شَأْنُهُ وَالْأَدَبَ دُونَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: دُونَ مَا لَا يَخْتَصُّ) فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَصْدِ الْمُعَظَّمِ وَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ أَوْ قِيَامُ الْقَرِينَةِ عَلَى
صَوْتٌ وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ.
(وَيَسْتَعِيذُ) بِأَنْ يَقُولَ عِنْدَ دُخُولِهِ الْخَلَاءَ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَزَادَ الْقَاضِي اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ؛ وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ: بِسْمِ اللَّهِ؛ وَفَارَقَ تَعَوُّذَ الْقِرَاءَةِ حَيْثُ قَدَّمُوهُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ بِأَنَّهُ ثَمَّةَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْبَسْمَلَةُ مِنْهُ فَقُدِّمَ عَلَيْهَا بِخِلَافِهِ هُنَا وَالْخُبُثُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْبَاءِ جَمْعُ خَبِيثٍ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ؛ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ ذُكْرَانُ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثُهُمْ وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْهُمْ فِي الْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْوَاهُمْ وَفِي الْفَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَأْوَاهُمْ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ.
(وَبِعَكْسِ الْمَسْجِدِ) دُخُولًا وَخُرُوجًا (قَدَّمَ يُمْنَاهُ) مِنْ الرِّجْلَيْنِ أَوْ بَدَلَهَا فِي أَقْطَعِهَا عَلَى الْمُتَّجَهِ فِي الْمُهِمَّاتِ (خُرُوجًا) مِنْ الْخَلَاءِ (وَسَأَلْ) إذَا خَرَجَ مِنْهُ (مَغْفِرَةَ اللَّهِ) بِأَنْ يَقُولَ غُفْرَانَك كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَعَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ يَقُولُ «غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ إلَّا أَنَّهُ مِمَّا يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَائِقٌ بِالْحَالِ.
قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَيُكَرِّرُ غُفْرَانَك ثَلَاثًا قِيلَ وَسَبَبُ سُؤَالِهِ ذَلِكَ تَرْكُهُ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ خَوْفُهُ مِنْ تَقْصِيرِهِ فِي شُكْرِ نِعْمَةِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ هَضَمَهُ ثُمَّ سَهَّلَ خُرُوجَهُ (وَ) قَدَّمَ (يُسْرَى) رِجْلَيْهِ أَوْ بَدَلَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ (إذْ دَخَلْ) أَيْ: وَقْتَ دُخُولِهِ الْخَلَاءَ؛ لِأَنَّ الْيُسْرَى لِلْأَذَى وَالْيُمْنَى لِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَعَبَّرَ بِالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْبِنَاءِ وَدَنَاءَةُ الْمَوْضِعِ قَبْلَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ قَصْدِ قَضَائِهَا فِيهِ كَالْخَلَاءِ الْجَدِيدِ (مُعْتَمِدَ الْيُسْرَى) مِنْ رِجْلَيْهِ وَنَاصِبًا الْيُمْنَى مِنْهُمَا بِأَنْ يَضَعَ أَصَابِعَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعَ بَاقِيَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الْخَارِجِ؛ وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ هُنَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَإِنْ قَضَى حَاجَتَهُ قَائِمًا وَهُوَ قَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ فَقَوْلُ كَثِيرٍ: وَيَعْتَمِدُ جَالِسًا يَسَارَهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَوْ قَدَّمَ حُكْمَ الْيُسْرَى عَلَى حُكْمِ الْيُمْنَى كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ عَكَسَ لِلتَّبَرُّكِ بِالْيُمْنَى.
(وَثَوْبًا) لَهُ (حَسَرَا) أَيْ: كَشْفَهُ أَدَبًا (شَيْئًا فَشَيْئًا) حَتَّى يَدْنُوَ مِنْ الْأَرْضِ نَعَمْ إنْ خَافَ تَنَجُّسَهُ كَشَفَهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ فَإِذَا فَرَغَ أَسْبَلَهُ قَبْلَ انْتِصَابِهِ تَحَرُّزًا عَنْ الْكَشْفِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (سَاكِتًا) عَنْ الْكَلَامِ مِنْ ذِكْرٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «مَرَّ رَجُلٌ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ» وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ: «إذَا رَأَيْتَنِي عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّك إنْ فَعَلْت ذَلِكَ لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك»
ــ
[حاشية العبادي]
تَيَسَّرَ الْإِبْعَادُ بِأَنْ كَثُرَ وَاتَّسَعَ مَكَانُهُ وَكَانَ لَوْ ذَهَبَ إلَى آخِرِهِ أَبْعَدَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشَمُّ لَهُ رِيحٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِبْعَادُ عَنْهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ الْإِبْعَادُ عَنْهُ إلَى مَكَان لَا يَسْمَعُونَ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ دُخُولِهِ) أَيْ: إرَادَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ قَبْلَهُ بِسْمِ اللَّهِ) لَوْ عَكَسَ فَالْوَجْهُ حُصُولُ أَصْلِ السُّنَّةِ وَلَوْ أَدْخَلَ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ الْخَلَاءَ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّحْصِينُ وَهُوَ كَمَا يَكُونُ لِلنَّفْسِ يَكُونُ لِلْغَيْرِ بِدَلِيلِ الرُّقْيَةِ؛ وَالْوَلِيُّ يَقُومُ مَقَامَ الْمَوْلَى بَلْ قِيَاسُ الرُّقْيَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَهُ لِغَيْرِهِ الْكَامِلِ نَفَعَهُ؛ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَعِيذُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَإِنْ نَسِيَ تَعَوَّذَ بِقَلْبِهِ كَمَا يَحْمَدُ الْعَاطِسُ اللَّهَ (قَوْلُهُ: بِسْمِ اللَّهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُطْلَبْ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ أَيْضًا لِدَنَاءَةِ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَنَحْوِهَا فَطُلِبَ الِاخْتِصَارُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ الْعَجَلَةَ وَعَدَمَ إمْكَانِ الصَّبْرِ عِنْدَ أَوَّلِ الدُّخُولِ إلَى تَمَامِ مَا يَأْتِي بِهِ (قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِ الْمَسْجِدِ إلَخْ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ جُعِلَ الْمَسْجِدُ مَوْضِعَ مَكْسٍ مَثَلًا وَيَتَّجِهُ بِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى دُخُولًا وَالْيُسْرَى خُرُوجًا؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ فَتُقَدَّمُ عَلَى الِاسْتِقْذَارِ الْعَارِضِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ دَنِيٍّ إلَى مَكَان جَهِلَ أَنَّهُ دَنِيٌّ أَوْ شَرِيفٌ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الشَّرَافَةِ
(قَوْلُهُ: وَسَبَبُ سُؤَالِهِ) أَيْ: الْخَارِجِ مِنْ الْخَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَيَعْتَمِدُ جَالِسًا يَسَارَهُ) جَزَمَ الْمَحَلِّيُّ بِمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِتَقَدُّمِ الدُّخُولِ
(قَوْلُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا) نُصِبَ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ أَيْ: كَشْفًا قَلِيلًا قَلِيلًا (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْتِصَابِهِ) هَلْ هَذِهِ الْقَبْلِيَّةَ وَاجِبَةٌ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِبَقَاءِ الْكَشْفِ إلَى الِانْتِصَابِ؟ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُسْبِلُهُ نَدْبًا كَذَلِكَ أَيْ: شَيْئًا فَشَيْئًا إنْ قَامَ قَبْلَ انْتِصَابِهِ
اهـ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ ذَلِكَ نَدْبًا جَوَازُ تَرْكِ الْإِسْبَالِ مُطْلَقًا إلَى الِانْتِصَابِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَقَوْلُهُ: هُوَ أَيْ: الْكَلَامُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ) أَيْ: بَعْدَ الْفَرَاغِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَبَعْضُ مُوجِبَاتِ الْمَقْتِ) وَهُوَ التَّكَلُّمُ أَيْ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ حَرَامٌ نَحْوُ نَظَرِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ: مَكْرُوهٌ) لَا يُقَالُ الْمَقْتُ الْبُغْضُ وَالْبُغْضُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ اقْتِضَاءَ التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ نَحْوِ خَبَرِ «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا كَشْفًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَوْ مَعَ نَظَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَبِذَلِكَ يُشْعِرُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَبَعْضُ مُوجِبَاتِ الْمَقْتِ مَكْرُوهٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
إرَادَتِهِ شَرْحُ الْعُبَابِ
(قَوْلُهُ: أَيْ كَشْفُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا) رَأَيْت بِخَطِّ الْأَذْرَعِيِّ بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْكَشْفَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَكَذَا إسْبَالُ الثَّوْبِ قَبْلَ الِانْتِصَابِ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ مَا نَصُّهُ أَقُولُ قَالَ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى التَّنْبِيهِ إنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي الْخَلْوَةِ إنْ قُلْنَا وَاجِبٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَانَ رَفْعُ الثَّوْبِ قَبْلَ الدُّنُوِّ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ حَرَامًا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ السَّتْرُ
وَلِخَبَرِ «لَا يَخْرُجُ الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ كَاشِفَيْنِ عَنْ عَوْرَتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمَعْنَى يَضْرِبَانِ الْغَائِطَ يَأْتِيَانِهِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ ضَرَبْت الْأَرْضَ إذَا أَتَيْت الْخَلَاءَ وَضَرَبْت فِي الْأَرْضِ إذَا سَافَرْت وَالْمَقْتُ الْبُغْضُ وَقِيلَ أَشَدُّهُ وَالْمَقْتُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَبَعْضُ مُوجِبَاتِ الْمَقْتِ مَكْرُوهٌ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْحَاكِمِ «إنْ يَتَحَدَّثَا فَإِنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ بِقَلْبِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ» .
وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ الْكَلَامِ مَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ كَأَنْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ حَيَّةً أَوْ غَيْرَهَا تَقْصِدُ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا فَلَا يُكْرَهُ بَلْ يَجِبُ فِي أَكْثَرِهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ جَوَازَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ حَالَةَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ كَجٍّ نَعَمْ تُكْرَهُ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ. (مُسْتَتِرَا) عَنْ الْعُيُونِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَحَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ «مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَتِرْ بِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ؛ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ» . وَالتَّسَتُّرُ يَحْصُلُ بِمُرْتَفَعِ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ إنْ كَانَ بِفَضَاءٍ أَوْ بِنَاءٍ لَا يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ مُسْقَفٍ أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ حَصَلَ التَّسَتُّرُ بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ تَعَارَضَ التَّسَتُّرُ وَالْإِبْعَادُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ التَّسَتُّرِ.
(وَلَا يُحَاذِي قِبْلَةً لِلتَّكْرِمَهْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ وَالتَّعْلِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: وَلَا يُحَاذِي أَدَبًا فِي غَيْرِ الْفَضَاءِ (بِفَرْجِهِ) مِنْ قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ الْقِبْلَةَ اسْتِقْبَالًا أَوْ اسْتِدْبَارًا إكْرَامًا لَهَا (وَ) مُحَاذَاتُهَا بِهِ (فِي الْفَضَا مُحَرَّمَهْ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَنْ يَتَحَدَّثَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) لِجَوَازِ الْقِرَاءَةِ لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَصْغَرَ (قَوْلُهُ: مُسْتَتِرًا) مَحَلُّ عَدِّ هَذَا مِنْ الْآدَابِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِ مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ السَّتْرُ (قَوْلُهُ: حَصَلَ السَّتْرُ) بِذَلِكَ أَيْ عَمَّنْ هُوَ خَارِجٌ إلَيْنَا لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ لِلتَّكْرِمَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اعْتِمَادِ التَّعْلِيلِ الصَّحِيحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: بِفَرْجِهِ) لَوْ انْسَدَّ مَخْرَجُهُ أَوْ خُلِقَ مُنْسَدًّا فَخَرَجَ الْخَارِجُ مِنْ فَمِهِ فَهَلْ يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِهِ حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ اسْتِقْبَالًا) بِأَنْ يَكُونَ الْقُبُلُ حَالَ الْخُرُوجِ لِلْقِبْلَةِ بِلَا سُتْرَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِدْبَارًا) بِأَنْ يَكُونَ الدُّبُرُ حَالَ الْخُرُوجِ لِلْقِبْلَةِ بِلَا سُتْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَمُحَاذَاتُهَا بِهِ) أَيْ بِفَرْجِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُمْتَنَعَ كَوْنُ الْفَرْجِ حَالَ خُرُوجِ الْخَارِجِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِدُونِ السُّتْرَةِ الْمُعْتَبَرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فِي قَوْلِ شَيْخِنَا الشِّهَابِ اُنْظُرْ لَوْ اسْتَقْبَلَ فِي الْفَضَاءِ وَلَمْ يَبُلْ بَلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي الْخَلْوَةِ كَانَ الرَّفْعُ مَكْرُوهًا لَا حَرَامًا. . . لَفْظُهُ رحمه الله. اهـ. وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ. اهـ. لَكِنْ فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْحَاوِي أَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ هُنَا مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ السَّتْرِ وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَقْتُ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا يُقَالُ إنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الذَّمَّ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ جَمَعَ كُلَّ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ. اهـ. (قَوْلُهُ: رِوَايَةُ الْحَاكِمِ) نَصُّهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُتَغَوِّطَيْنِ إنْ يَتَحَدَّثَا فَإِنَّ اللَّهَ إلَخْ أَيْ صَدَرَ مِنْهُ نَهْيٌ فِي الْمُتَغَوِّطَيْنِ لَأَنْ يَتَحَدَّثَا مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: مُسْتَتِرًا) أَيْ نَدْبًا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ لَا يَغُضُّ بَصَرَهُ وَإِلَّا وَجَبَ شَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ) أَيْ بِإِدَامَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا مَعَ كَثْرَةِ وَسْوَسَةِ الْغَيْرِ وَحَمْلِهِ عَلَى النَّظَرِ إلَيْهَا وَوَسْوَسَةِ الْمُتَبَرِّزِ وَحَمْلِهِ عَلَى الْفَسَادِ بِهَا. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِمُرْتَفِعٍ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَأَكْثَرَ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ التَّقْيِيدُ بِثُلُثَيْ ذِرَاعٍ وَثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ تَوَهُّمِ اتِّحَادِ سَاتِرِ الْقِبْلَةِ وَالْأَعْيُنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا اهـ وَهُوَ فِي م ر وَإِلَّا فَلَهُ هُنَا أَنْ يَبْعُدَ عَنْ الْجِدَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ لَكِنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِبِنَاءٍ مُسْقَفٍ إلَخْ) قَالَ ق ل الْمُرَادُ بِالصَّحْرَاءِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ النَّظَرُ وَلَوْ احْتِمَالًا سَوَاءٌ كَانَ فِي بِنَاءٍ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ أَوْ لَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِفَرْجِهِ) أَيْ الْخَارِجِ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ حَجَرٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ بِالْفَرْجِ الْمَذْكُورِ جَعْلُهُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِدْبَارُ بِهِ بِجَعْلِهِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي تُقَابِلُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ فَإِذَا تَغَوَّطَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ بِصَدْرِهِ فَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ فَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ صَدْرُهُ أَوْ ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ وَبَالَ أَوْ تَغَوَّطَ بِلَا سُتْرَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُسْتَقْبِلٌ أَوْ مُسْتَدْبِرٌ مَا لَمْ يَلْفِتْ ذَكَرَهُ إلَى جِهَةِ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ وَوَجَّهَهُ سم فِي حَاشِيَةِ الْعُبَابِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَدْبَرَ بِالْخَارِجِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ سَاتِرٌ إلَّا أُنْثَيَاهُ وَذَكَرُهُ فَقَطْ وَذَلِكَ غَيْرُ كَافٍ فِي السَّتْرِ لَكِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْفَرْجِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَرْجِعَ وَاحِدٌ غَالِبًا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ فَإِذَا جَعَلَ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَتَغَوَّطَ فَالشَّارِحُ كَحَجَرٍ يُسَمِّيَانِهِ مُسْتَقْبِلًا وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ لَهَا وَتَغَوَّطَ يُسَمِّيَانِهِ مُسْتَدْبِرًا وَالشِّهَابُ سم كَغَيْرِهِ يَعْكِسُونَ ذَلِكَ وَإِذَا جَعَلَ صَدْرَهُ أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَبَالَ فَالْأَوَّلُ مُسْتَقْبِلٌ اتِّفَاقًا وَالثَّانِي مُسْتَدْبِرٌ كَذَلِكَ. نَعَمْ أَيَقَعُ الْخِلَافُ الْمَعْنَوِيُّ فِيمَا لَوْ جَعَلَ صَدْرَهُ أَوْ ظَهْرَهُ لِلْقِبْلَةِ وَأَلْفَتْ ذَكَرَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَبَالَ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ وَلَا مُسْتَدْبِرٍ عِنْدَ الشَّيْخِ كَالشِّهَابِ حَجَرٍ بِخِلَافِهِ عِنْدَ الشِّهَابِ سم. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ ق ل مَعَ أَنَّ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا تَغَوَّطَ إلَخْ شَيْءٌ يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ. اهـ.
وَلَعَلَّ فِي الْعِبَارَةِ سَقَطًا
قَالَ: صلى الله عليه وسلم «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَيَا أَيْضًا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى حَاجَتَهُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ» وَقَالَ جَابِرٌ: «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ بِبَوْلٍ فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
فَحَمَلُوا الْخَبَرَ الْأَوَّلَ الْمُفِيدَ لِلْحُرْمَةِ عَلَى الْفَضَاءِ لِسُهُولِهِ اجْتِنَابِ الْمُحَاذَاةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فَيَجُوزُ فِيهِ الْمُحَاذَاةُ كَمَا فَعَلَهَا صلى الله عليه وسلم بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكُهَا وَقَدْ أَنَاخَ ابْنُ عُمَرَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ أَلَيْسَ قَدْ نَهَى اللَّهُ عَنْ هَذَا؟ قَالَ بَلَى: إنَّمَا نَهَى عَنْهُ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ بَيْنَك وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُك فَلَا بَأْسَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ؛ وَلِأَنَّ الْفَضَاءَ لَا يَخْلُو غَالِبًا عَنْ مُصَلَّى إنْسِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَقَدْ يُرَى دُبُرُهُ إنْ اسْتَقْبَلَهَا أَوْ قُبُلُهُ إنْ اسْتَدْبَرَهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: كَذَا اعْتَمَدَ الْأَصْحَابُ هَذَا التَّعْلِيلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ لَوْ قَعَدَ قَرِيبًا مِنْ حَائِطٍ وَاسْتَقْبَلَهُ وَوَرَاءَهُ فَضَاءٌ وَاسِعٌ جَازَ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ: وَلَوْ صَحَّ هَذَا التَّعْلِيلُ لَحَرُمَ هَذَا لِاسْتِدْبَارِهِ الْفَضَاءَ الَّذِي فِيهِ الْمُصَلَّى؛ وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ مَا اعْتَمَدَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مُعَظَّمَةٌ فَصِينَتْ فِي الْفَضَاءِ وَرُخِّصَ فِيهَا فِي الْبِنَاءِ لِلْمَشَقَّةِ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَالَاهُ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَ سَتْرِ الدُّبُرِ فَمُسَلَّمٌ وَالتَّعْلِيلُ صَحِيحٌ أَوْ مَعَ كَشْفِهِ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيِّ لَمْ يُصَرِّحَا بِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرَ إطْلَاقِهِمَا بَلْ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِوُجُوبِ سَتْرِ الدُّبُرِ حِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ الِاسْتِقْبَالُ بِدُونِهِ.
وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْأَصْحَابُ لَا مَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُمَا وَأَمَّا الرُّويَانِيُّ فَاعْتَمَدَ
ــ
[حاشية العبادي]
تَغَوَّطَ أَوْ اسْتَدْبَرَ وَلَمْ يَتَغَوَّطْ بَلْ بَالَ هَلْ يَحْرُمُ؟ الظَّاهِرُ: نَعَمْ
اهـ (قَوْلُهُ: فَتَجُوزُ الْمُحَاذَاةُ فِيهِ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكُهُ وَقَوْلُهُ: الْآتِي وَحَيْثُ لَا تَحْرُمُ الْمُحَاذَاةُ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكَهُ لَكِنْ الْأَفْضَلَ إلَخْ كُلٌّ مِنْهُمَا شَامِلٌ لِلْبِنَاءِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ كَوْنُ الْمُحَاذَاةِ فِيهِ خِلَافَ الْأَوْلَى لَكِنْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فَعَلَهَا صلى الله عليه وسلم بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكَهَا) لَك أَنْ تَقُولَ الَّذِي نُقِلَ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُحْتَمَلٌ بَلْ ظَاهِرٌ فِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ الْمُهَيَّأِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ «حَوِّلُوا بِمُقْعَدَتِي إلَى الْقِبْلَةِ» وَحِينَئِذٍ فَلَا يُفِيدُ الْجَوَازَ فِي غَيْرِهِ بَلْ تَبْقَى أَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ شَامِلَةً لِمَا عَدَا الْمُعَدَّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا اسْتَتَرَ اُلْتُحِقَ بِالْبِنَاءِ الْمُعَدِّ قِيَاسًا لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ ثَابِتًا بِالْقِيَاسِ لَا بِالنَّصِّ بِرّ
(قَوْلُهُ: فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْفَضَاءَ هُوَ مَا لَا سُتْرَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَاسْتَقْبَلَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَوْ اسْتَدْبَرَهُ فَإِنَّهُ مِثْلُ الِاسْتِقْبَالِ فِي الَّذِي يُحَاوِلُهُ بِرّ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ: مَعَ كَشْفِ دُبُرِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ الْعُبَابِ وَمَنْ قَضَى الْحَاجَتَيْنِ سَتَرَ مَقْعَدَتَهُ كَمَا مَرَّ وَقَبْلَهُ بِإِرْخَاءِ ذَيْلِهِ مَثَلًا اهـ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى هَذَا التَّعْلِيلُ بِالضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ) بَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ
ــ
[حاشية الشربيني]
كَمَا يُفِيدُهُ بَقِيَّتُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ) هُوَ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْبَالَ جَعْلُ الشَّيْءِ قُبَالَةَ الْوَجْهِ وَالِاسْتِدْبَارَ جَعْلُ الشَّيْءِ جِهَةَ دُبُرِهِ أَيْ خَلْفَهُ فَلَوْ اسْتَقْبَلَ وَتَغَوَّطَ أَوْ اسْتَدْبَرَ وَبَالَ لَمْ يَحْرُمْ وَكَذَا لَوْ اسْتَقْبَلَ وَلَوَى ذَكَرَهُ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِوُجُودِ الِاسْتِقْبَالِ بِالْعَوْرَةِ وَالْخَارِجِ مَعًا فِي الْعَكْسِ دُونَ مَا قَبْلَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا لَكِنْ فِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر خِلَافُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِسُهُولَةِ إلَخْ) أَيْ وَجِهَةُ الْقِبْلَةِ مُعَظَّمَةٌ فَصِينَتْ فِي الْفَضَاءِ لِسُهُولَةِ الصِّيَانَةِ فِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فَيَحُوزُ فِيهِ الْمُحَاذَاةُ إلَخْ) ، أَمَّا إنْ كَانَ مُعَدًّا فَخِلَافُ الْأَفْضَلِ أَوْ غَيْرَ مُعَدٍّ فَخِلَافُ الْأَوْلَى وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى غَيْرُ خِلَافِ الْأَفْضَلِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى بِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ صَارَ اسْمًا لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَكِنْ بِنَهْيٍ غَيْرِ خَاصٍّ فَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَكْرُوهِ كَرَاهَةً خَفِيفَةً، وَأَمَّا خِلَافُ الْأَفْضَلِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ بَلْ فِيهِ فَضْلٌ إلَّا أَنَّ خِلَافَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى إلَخْ) الْحُكْمُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى يُفِيدُ أَنَّهُ كَانَ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ إذْ فِعْلُهُ فِي الْمُعَدِّ لَيْسَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى لَنَا تَرْكَهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ مُعَدًّا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إذَا كَانَ فِي بَيْتٍ يُعَدُّ مِثْلُهُ سَاتِرًا لَمْ يَحْرُمْ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ، لَكِنَّ الْأَدَبَ أَنْ يَتَوَقَّاهُمَا وَيُهَيِّئَ مَجْلِسَهُ مَائِلًا عَنْهُمَا. اهـ. وَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُمَا فِي الْمُعَدِّ لَيْسَا خِلَافَ الْأَوْلَى. اهـ. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُهُمَا فِي الْمُعَدِّ إنْ سَهُلَ وَاعْتَمَدَهُ م ر كَمَا فِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ. اهـ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَحَيْثُ لَا تَحْرُمُ الْمُحَاذَاةُ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَنَاخَ إلَخْ) دَلِيلٌ لِلْجَوَازِ فِي غَيْرِ الْمُعَدِّ مَعَ السَّاتِرِ وَمَا قَبْلَهُ دَلِيلٌ لَهُ فِي الْمُعَدِّ مَعَ احْتِمَالِ خَبَرِ جَابِرٍ لِغَيْرِ الْمُعَدِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَضَاءَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِسُهُولَةِ اجْتِنَابِ إلَخْ الْمُشَارِ بِهِ إلَى التَّعْلِيلِ الصَّحِيحِ فَقَوْلُهُ: وَالتَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ إلَخْ إعَادَةٌ لَهُ بِتَمَامِهِ. اهـ. وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ عَطَفَ هَذَا عَلَى الْحَدِيثَيْنِ الدَّالِّ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّحْرِيمِ فِي الْفَضَاءِ وَالْآخَرُ عَلَى الْجَوَازِ فِي الْبِنَاءِ وَقَالَ بَعْدَ مَا فِي الشَّرْحِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ اسْتَدْبَرَهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْفَضَاءَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ
التَّعْلِيلَيْنِ مَعًا لَا الثَّانِيَ فَقَطْ وَكَذَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ هَذَا وَلَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَعْنًى جَوَازُ الِاسْتِقْبَالِ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ بِأَحَدِ فَرْجَيْهِ مُنْتَفٍ بِقُرْبِهِ مِنْ الْحَائِطِ؛ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاتِرٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي السَّتْرِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بِنَاءٍ أَمْ فَضَاءٍ وَبِالْفَضَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ بِالسَّاتِرِ وَعَدَمِهِ لَا بِالْفَضَاءِ وَالْبِنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ فَتَحْرُمُ الْمُحَاذَاةُ فِي الْبِنَاءِ إذَا لَمْ يَسْتَتِرْ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بِنَاءٍ مُهَيَّأٍ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ عَنْ يَمِينِ الْقِبْلَةِ وَشِمَالِهَا جَازَ مُحَاذَاتُهَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ فَلَوْ تَعَارَضَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فَالظَّاهِرُ رِعَايَةُ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا يُرَاعَى الْقُبُلُ فِي السَّتْرِ وَحَيْثُ لَا تَحْرُمُ الْمُحَاذَاةُ فَقِيلَ: تُكْرَهُ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي تَذْنِيبِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِلْكَرَاهَةِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُهَا لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ الْمُحَاذَاةِ إذَا أَمْكَنَ بِلَا مَشَقَّةٍ قَالَ: وَتُكْرَهُ مُحَاذَاةُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قِبْلَةً وَلَا يُكْرَهُ الْجِمَاعُ وَالِاسْتِنْجَاءُ وَإِخْرَاجُ الرِّيحِ إلَى الْقِبْلَةِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِيهَا.
(وَ) لَا يُحَاذِي بِفَرْجِهِ أَدَبًا (الْقَمَرَيْنِ) الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ) وَلَا بُدَّ فِي السَّاتِرِ أَنْ يَكُونَ عَرِيضًا بِأَنْ يَسْتُرَ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِقَاضِي حَاجَتِهِ قَائِمًا أَنْ يَسْتُرَ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى قَدَمَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَوْ بَالَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِ جِدَارٍ إلَى الْأَرْضِ اشْتِرَاطُ سَاتِرٍ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى الْأَرْضِ كَمَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ سَاتِرِ الْقَائِمِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى الْأَرْضِ وَسَاتِرِ الْقَاعِدِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَتْرِ الْخَارِجِ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ
(فَرْعٌ) يُتَّجَهُ أَنْ يَكْفِيَ السَّتْرُ بِجُزْئِهِ كَأَلْيَةٍ تَدَلَّتْ لَهُ مِنْ خَلَفٍ أَوْ أَمَامٍ وَكَيَدِهِ إذَا كَمُلَ عَرْضُ السُّتْرَةِ مَثَلًا بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: إلَّا بِالْفَضَاءِ وَالْبِنَاءِ) يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: جَازَ مُحَاذَاتُهَا) أَيْ: عَلَى الْوَجْهِ الْمُمْكِنِ مِنْ اسْتِقْبَالٍ أَوْ اسْتِدْبَارٍ إذْ الْغَرَضُ إمْكَانُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ بِدَلِيلٍ فَلَوْ تَعَارَضَ إلَخْ فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِاسْتِدْبَارُ حِينَئِذٍ جَازَ الِاسْتِقْبَالُ لِلضَّرُورَةِ أَيْ: وَالْفَرْضُ الْعَجْزُ عَنْ السُّتْرَةِ الْمُعْتَبَرَةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَامْتَنَعَ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ بِدُونِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: رِعَايَةُ الِاسْتِقْبَالِ) أَيْ فَيَجْتَنِبُهُ فَيَسْتَدْبِرُ (قَوْلُهُ: كَمَا يُرَاعِي إلَخْ) فِي هَذَا التَّنْظِيرِ بَحْثٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ فَإِنَّ الْمُحَاذَاةَ ثَمَّ مُخْتَصَّةٌ بِالِاسْتِقْبَالِ فَلِذَا رُوعِيَ بِخِلَافِهَا هُنَا لِوُجُودِهَا مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ: لَا تَحْرُمُ الْمُحَاذَاةُ) كَأَنْ اسْتَتَرَ (قَوْلُهُ: قَالَ: وَتُكْرَهُ) أَيْ: عِنْدَ عَدَمِ السَّاتِرِ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَمُولِيِّ أَيْ: فَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ وُجُودِ السَّاتِرِ لَكِنْ هَلْ تَكُونُ الْمُحَاذَاةُ حِينَئِذٍ خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا زَالَ التَّحْرِيمُ فِي الْكَعْبَةِ عِنْدَ السَّاتِرِ وَثَبَتَ خِلَافُ الْأَوْلَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ مُحَاذَاةُ) شَمِلَتْ الْمُحَاذَاةَ بِالْقُبُلِ وَبِالدُّبُرِ (قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُ الرِّيحِ إلَى الْقِبْلَةِ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَارِجِ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا فَلَا يَظْهَرُ الِانْتِهَاكُ فِي الْحِسِّ بِخِلَافِ الْخَارِجِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ عَدَمِ كَرَاهَةِ إخْرَاجِ الرِّيحِ إلَى الْقِبْلَةِ وَكَرَاهَةِ الْبَصْقِ إلَيْهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بُصَاقًا مِنْ الْأَرْضِ مَثَلًا وَرَمَاهُ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى رَمْيِ النَّجَاسَةِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَرَاهَةِ الْبَصْقِ إلَيْهَا أَنَّ الْبَصْقَ مَوْضُوعٌ لِلتَّنْظِيفِ وَإِبْعَادِ الْمُسْتَقْذَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَفِعْلُ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِذَلِكَ إلَى جِهَتِهَا يُعَدُّ انْتِهَاكًا لَهَا وَلَا كَذَلِكَ أَخْذُ الْبُصَاقِ مِنْ الْأَرْضِ مَثَلًا وَرَمْيُهُ إلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ الْقَمَرَيْنِ) شَرْطُهُ فِي الْقَمَرِ أَنْ يَكُونَ لَيْلًا فَلَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِقْبَالِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
؛ وَلِأَنَّهُ فِي الصَّحْرَاءِ خَلْقًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ يُصَلُّونَ فَيَسْتَقْبِلُهُمْ بِفَرْجِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْبُنْيَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ تَعْلِيلٌ ضَعِيفٌ فَإِنَّهُ لَوْ قَعَدَ قَرِيبًا مِنْ حَائِطٍ وَاسْتَقْبَلَهُ وَوَرَاءَهُ فَضَاءٌ وَاسِعٌ جَازَ بِلَا شَكٍّ صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ يُبْطِلُ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَجُزْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّهُ مُسْتَدْبِرُ الْفَضَاءِ الَّذِي فِيهِ الْمُصَلُّونَ. اهـ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ فِي بِنَاءٍ) أَيْ مُسْقَفٍ أَوْ لَا أَمْكَنَ تَسْقِيفُهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي سَاتِرِ الْقِبْلَةِ وَذَلِكَ فِي سَاتِرِ الْعُيُونِ وَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ فَقَدْ يُوجَدُ سَاتِرُ الْعُيُونِ وَلَا يُوجَدُ سَاتِرُ الْقِبْلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي بِنَاءٍ مُسْقَفٍ أَوْ يُمْكِنُ تَسْقِيفُهُ وَيَتَبَاعَدُ عَنْ الْجِدَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَقَدْ يُوجَدُ سَاتِرُ الْقِبْلَةِ وَلَا يُوجَدُ سَاتِرُ الْعُيُونِ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ سَاتِرٌ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ وَلَا بِنَاءَ خَلْفَهُ وَكَانَ الْمَحَلُّ مُحْتَمِلًا؛ لَأَنْ يَنْظُرَ غَيْرُهُ إلَيْهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) مُقَابِلُهُ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يَحِلُّ فِي الْبِنَاءِ مُطْلَقًا بِلَا شَرْطٍ وَيَحْرُمُ فِي الصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا وَإِنْ قَرُبَ مِنْ السَّاتِرِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مُهَيَّأٌ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) قَالَ سم وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُعَدًّا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ مَعَ قَصْدِ الْعَوْدِ إلَيْهِ لِذَلِكَ قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الْعَوْدِ مِنْهُ أَوْ تَهْيِئَتُهُ لِذَلِكَ بِقَصْدِ الْفِعْلِ فِيهِ مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ أَتْبَاعِهِ مَثَلًا. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْفِعْلِ فِيهِ وَهُوَ يُخَالِفُ الْمَنْقُولَ عَنْ الرَّشِيدِيِّ (قَوْلُهُ: مُهَيَّأٌ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ) قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ لَهُ مَحَلًّا فِي الصَّحْرَاءِ بِغَيْرِ سَاتِرٍ وَأَعَدَّهُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ لَا يَحْرُمُ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ أَيْضًا وَمِنْهُ مَا يَقَعُ لِلْمُسَافِرِينَ إذَا نَزَلُوا بِبَعْضِ الْمَنَازِلِ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إعْدَادِهِ وَاِتِّخَاذِهِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ قَضَاءُ الْحَاجَةِ فِيهِ مَرَّةً. اهـ.
(قَوْلُهُ: جَازَ مُحَاذَاتُهَا) أَيْ جَازَ فِعْلُ الْمُمْكِنِ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ الِاسْتِدْبَارِ فَإِنْ أَمْكَنَا مَعًا فَهُوَ مَعْنَى التَّعَارُضِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: الْقَمَرَيْنِ) أَيْ الْقَمَرَ تُكْرَهُ
إكْرَامًا لَهُمَا فَإِنَّهُمَا آيَتَانِ عَظِيمَتَانِ خَلْقًا وَنَفْعًا. سَوَاءٌ الْفَضَاءُ وَغَيْرُهُ؛ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِالِاسْتِقْبَالِ بَلْ قَالَ: فِي تَنْقِيحِهِ إنَّ الِاسْتِقْبَالَ مُبَاحٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اخْتِيَارًا فَقَالَ: فِيهِ لَمْ يَذْكُرْهُ يَعْنِي اسْتِحْبَابَ تَرْكِ مُحَاذَاتِهِمَا كَثِيرُونَ وَلَا الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالِاسْتِحْبَابِ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ كَرَاهَةُ الِاسْتِقْبَالِ دُونَ الِاسْتِدْبَارِ؛ وَقَالَ فِي تَحْقِيقِهِ: وَالْمَنْقُولُ كَرَاهَةُ اسْتِقْبَالِ شَمْسٍ وَقَمَرٍ فِي صَحْرَاءَ وَبِنَاءٍ وَلَا أَصْلَ لَهُ
وَلْيَكُنْ (تَارِكَ الْقَضَاءِ) لِحَاجَتِهِ أَدَبًا (فِي نَادٍ) وَهُوَ مُتَحَدَّثُ النَّاسِ (وَفِي طُرْقٍ) لَهُمْ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَمِّهَا لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَ الْبِرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ»
وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ» تَسَبَّبَا بِذَلِكَ فِي لَعْنِ النَّاسِ لَهُمَا كَثِيرًا عَادَةً فَنُسِبَ إلَيْهِمَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد اللَّاعِنَيْنِ وَالْمَعْنَى احْذَرُوا سَبَبَ هَذَا اللَّعْنِ؛ وَالْمَلَاعِنُ مَوَاضِعُ اللَّعْنِ وَالْمَوَارِدُ طَرِيقُ الْمَاءِ وَأُلْحِقَ بِظِلِّهِمْ صَيْفًا شَمْسُهُمْ شِتَاءً وَشَمِلَهُمَا قَوْلُ النَّاظِمِ نَادٍ وَالْبَوْلُ مَقِيسٌ عَلَى الْغَائِطِ فِيمَا ذُكِرَ؛ إذْ الْخَبَرَانِ إنَّمَا يَدُلَّانِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ التَّغَوُّطِ إذْ الْبِرَازُ بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى الْمُخْتَارِ الْغَائِطُ وَالتَّخَلِّي التَّغَوُّطُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ وَفِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ
ــ
[حاشية العبادي]
نَهَارًا؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ مَحَلُّ سُلْطَانِهِ وَيُلْحَقُ بِاللَّيْلِ مَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَلَوْ غَابَ لَيْلًا فَلَا يَبْعُدُ كَرَاهَةُ اسْتِقْبَالِ مَحَلِّهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُصَلَّى لِكُسُوفِهِ إذَا غَابَ خَاسِفًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ فِي مَحَلِّ سُلْطَانِهِ م ر (قَوْلُهُ: الْقَمَرَيْنِ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَدَمِ السَّاتِرِ وَالتَّقْيِيدُ بِهِ قَرِيبٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّاتِرَ لَا يَمْنَعُ مُحَاذَاتَهُمَا لِارْتِفَاعِهِمَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا مَائِلَيْنِ عَنْ الْعُلْوِ فَيُفِيدُ السَّاتِرُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَلَا يُفِيدُ؛ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ هُنَا حَيْثُ لَا سَاتِرَ كَالْقِبْلَةِ بَلْ أَوْلَى وَمِنْهُ السَّحَابُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
اهـ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ السَّحَابَ لَيْسَ فِيهِ شَرْطُ السُّتْرَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُحَاذَاتَهُمَا تُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا إذَا رَفَعَ رَأْسَ ذَكَرِهِ إلَى جِهَةِ الْعُلْوِ بِحَيْثُ صَارَ الْخَارِجُ قُبَالَتَهُمَا؛ وَبِأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَهُ فِي الْأَرْضِ وَرِجْلَيْهِ لِجِهَةِ الْعُلْوِ فَيَصِيرَ الْخَارِجُ فِي مُقَابَلَتِهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِنَاءٍ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ: هَذَا يُعَضِّدُ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ كَرَاهَةِ مُحَاذَاةِ الْقِبْلَةِ فِي الْبِنَاءِ وَيُضْعِفُ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى
اهـ وَأَقُولُ: قَدْ يُمْنَعُ مَا ذَكَرَهُ لِجَوَازِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِنَاءِ مَا لَمْ تُوجَدْ فِيهِ شُرُوطُ السُّتْرَةِ
(قَوْلُهُ: تَسَبَّبَا بِذَلِكَ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِاللِّعَانِ هُنَا نَفْسُ الشَّخْصِ فَقَوْلُهُ: الَّذِي يَتَخَلَّى لَيْسَ تَقْدِيرُهُ تَخَلَّى الَّذِي يَتَخَلَّى بَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكِنَّ قَوْلَهُ اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ أَيْ: فِعْلَهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْمَلَاعِنُ مَوَاضِعُ اللَّعْنِ) فَفِي تَفْسِيرِ الْمَلَاعِنِ فِي الْحَدِيثِ بِالْبِرَازِ تَجَوُّزٌ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ الْبِرَازُ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ مَوْضِعَ اللَّعْنِ تَسَمُّحًا فَلَا مُسَامَحَةَ فِي التَّفْسِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ) أَيْ:
ــ
[حاشية الشربيني]
مُحَاذَاتُهُ لَيْلًا وَالشَّمْسَ نَهَارًا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْفَضَاءُ وَغَيْرُهُ) أَيْ لَيْسَ كَالْقِبْلَةِ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْفَضَاءِ وَالْبِنَاءِ بَلْ حُكْمُهُ فِي الْفَضَاءِ وَالْبِنَاءِ وَاحِدٌ وَهُوَ اسْتِحْبَابُ عَدَمِ مُحَاذَاتِهِ صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ وَآخَرُونَ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ وَالتُّحْفَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ السَّاتِرِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمَجْمُوعِ يُوهِمُ أَوَّلُهَا أَنَّ الضَّمِيرَ لِلدَّلِيلِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا دَلِيلَ) أَيْ صَحِيحٌ وَمَا ذَكَرُوهُ دَلِيلًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ بَاطِلٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَلِيلَ) أَيْ بِحَسَبِ مَا عَلِمَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَرَاهَةُ الِاسْتِقْبَالِ) لَعَلَّهُ لِدَلِيلٍ قَامَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: الْمَلَاعِنَ) جَمْعُ مَلْعَنَةٍ كَمَقْبَرَةٍ وَمَجْزَرَةٍ مَوْضِعُ الْقَبْرِ وَالْجَزْرِ (قَوْلُهُ: الْبِرَازُ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْغَائِطُ نَفْسُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَالْمَرْوِيُّ خِلَافًا لِلْخَطَّابِيِّ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَالْمَكَانُ الْوَاسِعُ. اهـ. مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ) أَيْ أَعْلَاهُ وَقِيلَ صَدْرُهُ وَقِيلَ مَا بَرَزَ مِنْهُ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي يَتَخَلَّى) وَالْمُطَابَقَةُ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ يَكْفِي فِيهَا مُلَاحَظَةُ الْمَعْنَى فَلَا يَضُرُّ الْإِفْرَادُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي طَرِيقٍ) أَيْ مَوْقُوفَةٍ أَوْ مُسَبَّلَةٍ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ مَانِعٌ مِمَّا قُصِدَ مِنْهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ الْقَطْعُ بِالتَّحْرِيمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي ظِلِّهِمْ) أَيْ مَكَانِهِ (قَوْلُهُ: اللَّاعِنَيْنِ) أَيْ الْأَمْرَانِ الْجَالِبَانِ لِلَّعْنِ؛ لِأَنَّ مَنْ فَعَلَهُمَا لَعَنَهُ النَّاسُ فِي الْعَادَةِ فَلَمَّا صَارَا سَبَبَ اللَّعْنِ أُضِيفَ الْفِعْلُ إلَيْهِمَا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ الْمَعْنَى الْمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّجَوُّزِ (قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِظِلِّهِمْ) أَيْ مَكَانِهِ (قَوْلُهُ: شَمْسُهُمْ) أَيْ مَكَانُهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ رِوَايَةً وَدِرَايَةً كَمَا تَقَدَّمَ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْمُهَذَّبِ) اسْمُ كِتَابٍ لِلْإِمَامِ أَبِي إِسْحَاقَ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ الشِّيرَازِيِّ شَرَحَهُ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ شَرْحًا حَوَى فُرُوعَ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَجْمُوعِ وَهُنَاكَ كِتَابٌ آخَرُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يُسَمَّى بِالْمَجْمُوعِ أَيْضًا لِلْإِمَامِ الْمَحَامِلِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ) وَلَوْ زَلَقَ بِهِ أَحَدٌ وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاعِلِ وَإِنْ غَطَّاهُ بِتُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي التَّالِفِ فِعْلًا وَمَا فَعَلَهُ جَائِزٌ لَهُ. اهـ. ع ش.
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُمَامَاتِ أَنَّ هَذِهِ ضَرُورَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ) شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَرَاهَتُهُ وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَلِإِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَنَقَلَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّ التَّغَوُّطَ فِي الطَّرِيقِ حَرَامٌ وَفِي مَعْنَى الطَّرِيقِ النَّادِي وَالْمَوَارِدُ (وَ) فِي (مَاءٍ وَاقِفِ) قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» وَالنَّهْيُ فِيهِ لِلْكَرَاهَةِ وَهِيَ فِي الْقَلِيلِ وَبِاللَّيْلِ أَشَدُّ لِتَنْجِيسِهِ الْقَلِيلَ وَلِمَا قِيلَ إنَّ الْمَاءَ بِاللَّيْلِ مَأْوَى الْجِنِّ أَمَّا الْجَارِي فَنَقَلَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ عَنْ جَمَاعَةٍ الْكَرَاهَةَ فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ دُونَ الْكَثِيرِ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْبَوْلُ فِي الْقَلِيلِ مُطْلَقًا لِإِتْلَافِهِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْكَثْرَةِ قَالَ: وَأَمَّا الْكَثِيرُ يَعْنِي مِنْ الْجَارِي فَالْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ وَجَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ بِالْكَرَاهَةِ فِي اللَّيْلِ لِمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ بِقُرْبِ الْقَبْرِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ كَعَظْمٍ وَمِثْلُهُ التَّغَوُّطُ بَلْ أَوْلَى قَالَ: وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ بِقُرْبِ الْمَاءِ (وَتَحْتَ) شَجَرٍ (مُثْمِرٍ) وَلَوْ مُبَاحًا وَفِي غَيْرِ وَقْتِ الثَّمَرَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ التَّلْوِيثِ عِنْدَ الْوُقُوعِ فَتَعَافُهَا الْأَنْفُسُ وَفِعْلُهُ مَكْرُوهٌ وَلَمْ يُحَرِّمُوهُ؛ لِأَنَّ تَنَجُّسَ الثَّمَرَةِ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: النَّهْيُ فِي الْبَوْلِ آكَدُ مِنْهُ فِي الْغَائِطِ؛ لِأَنَّ لَوْنَ الْغَائِطِ يَظْهَرُ فَتَطْهُرُ الثَّمَرَةُ عَنْهُ أَوْ يُحْتَرَزُ عَنْهَا وَالْبَوْلُ قَدْ يَجِفُّ وَيَخْفَى.
(وَ) فِي (ظِلٍّ) يَجْتَمِعُ فِيهِ النَّاسُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّاظِمِ وَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ نَادٍ
(وَاجْتَنَبْ) قَاضِي الْحَاجَةِ (الْبَوْلَ فِي جُحْرٍ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ» قَالُوا لِقَتَادَةَ مَا يُكْرَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
التَّغَوُّطِ
(قَوْلُهُ: عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ) فَمِنْ التَّغَوُّطِ خَرَجَ الْبَوْلُ (قَوْلُهُ: فِي مَاءٍ وَاقِفٍ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: مَا لَمْ يَسْتَبْحِرْ بِحَيْثُ لَا تَعَافُهُ نَفْسٌ أَلْبَتَّةَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهِ نَهَارًا وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا حُرْمَةَ أَيْضًا إنْ كَانَ مُسَبَّلًا أَوْ مَمْلُوكًا أَيْ: لِلْغَيْرِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ وَمَشَى شَيْخُنَا الْأُسْتَاذُ الْأَكْبَرُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَكْرِيُّ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: مَاءٌ وَاقِفٌ) أَيْ: مُبَاحٌ أَوْ مَمْلُوكٌ لَهُ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ وَنَحْوِ الْمُسَبَّلِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَثِيرٌ) مَا لَمْ يَسْتَبْحِرْ بِحَيْثُ لَا تَعَافُهُ نَفْسٌ أَلْبَتَّةَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ بِالْكَرَاهَةِ فِي اللَّيْلِ) فَعَلَى هَذَا تَثْبُتُ الْكَرَاهَةُ بِاللَّيْلِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بِقُرْبِ الْقَبْرِ) أَيْ: الْمُحْتَرَمِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يَحْرُمَ عِنْدَ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَتَشْتَدَّ الْكَرَاهَةُ عِنْدَ قُبُورِ الْأَوْلِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ قَالَ: وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهُ بَيْنَ الْقُبُورِ الْمُتَكَرِّرِ نَبْشُهَا لِاخْتِلَاطِ تُرْبَتِهَا بِأَجْزَاءِ الْمَيِّتِ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ بِقُرْبِ الْمَاءِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: الْمَاءُ الَّذِي يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيهِ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ بِقُرْبِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ الْجَارِي وَهَلْ قَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُكْرَهُ بِقُرْبِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ الْجَارِي لَيْلًا فِيهِ نَظَرٌ وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تَقْتَضِي عَدَمَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُبَاحًا) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ: الْأَحْسَنُ أَوْ يَقُولُ وَلَوْ مَمْلُوكًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَمْلُوكِ مِلْكُ الْفَاعِلِ اهـ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ إذَا كُرِهَ فِي مِلْكِهِ الَّذِي يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِمَا أَرَادَ فَفِي الْمُبَاحِ الَّذِي لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ أَوْلَى هَذَا وَالْكَلَامُ بَعْدُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ: وَتَحْتَ مُثْمِرٍ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّمَرَةِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ بِنَحْوِ تَدَاوٍ وَإِنْ كَانَ وَرَقًا (قَوْلُهُ فِي الْبَوْلِ آكَدُ إلَخْ) قَدْ يُعَارَضُ بِأَنَّ الْغَائِطَ أَشَدُّ اسْتِقْذَارًا
(قَوْلُهُ: فِي جُحْرٍ) لَوْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ فِي الْجُحْرِ حَيَوَانًا مُحْتَرَمًا وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْبَوْلَ يَقْتُلُهُ فَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ حِينَئِذٍ أَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ لَكِنْ مَعَ تَعْذِيبِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يَبْعُدُ التَّحْرِيمُ لِلْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: ابْنُ سَرْجِسَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي حُرْمَتُهُ) ضَعَّفَهُ م ر (قَوْلُهُ: حَرَامٌ) ضَعِيفٌ م ر (قَوْلُهُ: دُونَ الْكَثِيرِ) قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْكَثِيرُ يَعْنِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ بِخَطِّ الْأَذْرَعِيِّ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ الْجَارِي إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) كَذَا فِي نُسَخٍ لَكِنْ لَيْسَ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. قَوْلُ الشَّارِحِ وَمِثْلُهُ التَّغَوُّطُ أَيْ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ م ر (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ التَّغَوُّطُ) قِيَاسٌ مِنْ زِيَادَاتِ الشَّارِحِ عَلَى الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبَوْلُ إلَخْ) هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَوَارِدِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَعَلَّهُ مَعَ قِيَاسِ الْغَائِطِ عَلَى الْبَوْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَعْكِسَ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ يَطْهُرُ بِالْمَاءِ وَبِجَفَافِهِ بِالشَّمْسِ وَالرِّيحِ عَلَى قَوْلٍ بِخِلَافِ الْغَائِطِ لَا يَطْهُرُ مَكَانُهُ إلَّا بِالنَّقْلِ دُونَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ فَجِهَةُ الْآكَدِيَّةِ فِي كُلٍّ مُخَالِفَةٌ لِلْأُخْرَى فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَيُغْنِي عَنْهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ النَّادِي اسْمُ الْمَكَانِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْقَوْمُ لِلْحَدِيثِ كَمَا فِي الْعِرَاقِيِّ وَالِاجْتِمَاعُ فِي الظِّلِّ أَعَمُّ مِنْهُ اهـ (قَوْلُهُ: يَجْتَمِعُ فِيهِ النَّاسُ) هُوَ قَيْدٌ خَرَجَ بِهِ ظِلٌّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ «قَعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ حَائِشِ النَّخْلِ وَلَهُ ظِلٌّ بِلَا شَكَّ» . اهـ. مَجْمُوعٌ
(قَوْلُهُ: سَرْجِسَ) بِفَتْحِ السِّينِ
مِنْهُ فِي الْجُحْرِ فَقَالَ: كَانَ يُقَالُ إنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ وَالْجُحْرُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ مَا اسْتَدَارَ وَيُقَالُ لَهُ الثَّقْبُ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَأُلْحِقَ بِهِ السَّرَبُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ وَهُوَ مَا اسْتَطَالَ وَيُقَالُ لَهُ الشَّقُّ وَالنَّهْيُ فِي ذَلِكَ لِلْكَرَاهَةِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: يَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ يُعَدَّ لِذَلِكَ فَلَا تَحْرِيمَ وَلَا كَرَاهَةَ.
(وَحَيْثُ الرِّيحُ هَبْ) فَلَا يَسْتَقْبِلُهَا لِئَلَّا يَتَرَشَّشَ مِنْ الْبَوْلِ وَمِنْهُ الْمَرَاحِيضُ الْمُشْتَرَكَةُ وَكَلَامُهُ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسَنُّ اجْتِنَابُ مَحَلِّ هُبُوبِ الرِّيَاحِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَابَّةً لِاحْتِمَالِ هُبُوبِهَا وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الرِّيحِ بِالْبَوْلِ وَقَضِيَّتُهَا اعْتِبَارُ الْهُبُوبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَ) فِي (الْمُسْتَحَمِّ) وَهُوَ الْمُغْتَسَلُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحَمِيمِ وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ» وَلِقَوْلِهِ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لِلْأَوَّلِ وَحَسَنٍ لِلثَّانِي كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
وَمَحَلُّ النَّهْيِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْفَذٌ يَنْفُذُ فِيهِ الْبَوْلُ وَالْمَاءُ (وَ) فِي (مَكَان صَلُبَا) بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّ اللَّامِ وَأَلِفِ الْإِطْلَاقِ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَكَانًا صُلْبًا دَقَّهُ بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ لِئَلَّا يَتَرَشَّشَ بِالْبَوْلِ (وَقَائِمًا بِغَيْرِ عُذْرٍ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ مَا كَانَ يَبُولُ إلَّا قَاعِدًا» أَمَّا إذَا كَانَ بِعُذْرٍ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَلْ وَلَا خِلَافِ الْأَوْلَى لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا» وَسَبَبُ بَوْلِهِ قَائِمًا مَا قِيلَ إنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْتَشْفِي بِهِ لِوَجَعِ الصُّلْبِ فَلَعَلَّهُ كَانَ بِهِ قَالَ الْقَاضِي: وَصَارَ هَذَا عَادَةً لِأَهْلِ هَرَاةَ يَفْعَلُونَهُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً إحْيَاءً لِتِلْكَ السُّنَّةِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَصْلُحُ لِلْقُعُودِ أَوْ أَنَّهُ لِعِلَّةٍ بِمَأْبِضَيْهِ أَيْ بَاطِنَيْ رُكْبَتَيْهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ (أَدَبَا) أَيْ: فِي جَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ إلَّا مُحَاذَاةَ الْقِبْلَةِ فِي الْفَضَاءِ كَمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَدَبًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذِكْرُهُ هُنَا يُوهِمُ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَتَرْكَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فِي مَجْلِسِهِ الْآتِيَيْنِ لَيْسَا أَدَبَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْجَمِيعِ أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَهُ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى. وَتَخْصِيصُهُ كَغَيْرِهِ اجْتِنَابَ الْجُحْرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِالْبَوْلِ قَدْ يَقْتَضِي مُخَالَفَةَ الْغَائِطِ لَهُ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ مَهَبِّ الرِّيحِ وَالْمَكَانِ الصُّلْبِ أَمَّا فِيهِمَا فَمُحْتَمِلٌ لِلتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمَائِعِ وَغَيْرِهِ.
(وَمِنْ بَقَايَا الْبَوْلِ) عِنْدَ انْقِطَاعِهِ (يَسْتَبْرِي) أَدَبًا لِئَلَّا يَقْطُرَ عَلَيْهِ؛ وَيَحْصُلُ بِالتَّنَحْنُحِ وَبِنَتْرِ الذَّكَرِ ثَلَاثًا بِأَنْ يَمْسَحَ بِيُسْرَاهُ مِنْ دُبُرِهِ إلَى رَأْسِ ذَكَرِهِ وَيَنْتُرَهُ بِلُطْفٍ لِيَخْرُجَ مَا بَقِيَ إنْ كَانَ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْإِبْهَامِ وَالْمُسَبِّحَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ بِهِمَا مِنْ الْإِحَاطَةِ بِالذَّكَرِ وَتَضَعُ الْمَرْأَةُ أَطْرَافَ أَصَابِعِ يَدِهَا الْيُسْرَى عَلَى عَانَتِهَا.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْقَصْدُ أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فِيهِ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي تَقْيِيدَ النَّهْيِ بِمَا إذَا تَوَضَّأَ فِيهِ بَعْدَ الْبَوْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هَذَا بَيَانٌ لِحِكْمَةِ النَّهْيِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُعَدًّا لِلتَّطْهِيرِ فِيهِ بِوُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ كَانَ الْبَوْلُ فِيهِ سَبَبًا لِلْوَسْوَاسِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ قَصَدَ الْإِعْرَاضَ عَنْ التَّطْهِيرِ فِيهِ لَمْ يَبْقَ مُسْتَحِمًّا وَلَا مُغْتَسِلًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْمَائِعِ وَغَيْرِهِ) وَكَالْمَائِعِ جَامِدٌ يُخْشَى عَوْدُ رِيحِهِ وَالتَّأَذِّي بِهِ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ انْقِطَاعِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَبْلَ قِيَامِهِ إنْ كَانَ قَاعِدًا اهـ وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى مَشْيِ خُطُوَاتٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: يَسْتَبْرِئُ) أَيْ يَطْلُبُ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ الْأَخِيرَةِ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: الْحُجْرَةِ) كَعِنَبَةٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ) وَاحِدُ الثُّقُوبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَفْصَحُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ ثَقَبَهُ وَالْقِيَاسُ فِيهِ الْفَتْحُ ع ش (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ) لَمْ أَرَهُ فِيهِ بَلْ نَصُّ عِبَارَتِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُهَذَّبِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَبُولَ فِي ثَقْبٍ أَوْ سَرَبٍ هَكَذَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَكَةُ) أَيْ الَّتِي لَهَا فَتْحَتَانِ تَدْخُلُ الرِّيحُ مِنْ إحْدَاهُمَا فَتَرُدُّ الرَّشَاشَ عَلَى الْجَالِسِ عَلَى الْأُخْرَى. اهـ. (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ الْهُبُوبِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَأَلْحَقَ بِهِ م ر مَا إذَا ظَنَّ الْهُبُوبَ ظَنًّا قَوِيًّا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَانَ يَبُولُ قَائِمًا) أَيْ إنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ مُتَكَرِّرًا فَهَذَا مَحَلُّ التَّكْذِيبِ وَقَوْلُهُ: مَا كَانَ إلَخْ أَيْ مَا كَانَ الْمُتَكَرِّرُ الْمُعْتَادُ لَهُ إلَّا الْبَوْلَ قَاعِدًا (قَوْلُهُ: أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ) السُّبَاطَةُ بِضَمِّ السِّينِ مُلْقَى التُّرَابِ وَنَحْوِهِ تَكُونُ بِفِنَاءِ الدُّورِ مَرْفِقًا لِلْقَوْمِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَظْهَرُ الْأَوْجُهِ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ أَهْلَهَا يَرْضَوْنَ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُخْتَصَّةً بِهِمْ بَلْ كَانَتْ بِفِنَاءِ دُورِهِمْ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ فَأُضِيفَتْ إلَيْهِمْ لِقُرْبِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِمَأْبِضَيْهِ) الْمَأْبِضُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْمِيمِ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ ضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ الْهَمْزَةِ بِقَلْبِهَا أَلِفًا كَمَا فِي رَأْسٍ وَأَشْبَاهِهِ وَالْمَأْبِضُ بَاطِنُ الرُّكْبَةِ مِنْ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ وَجَمْعُهُ مَآبِضُ بِالْمَدِّ كَمَسَاجِدَ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَمْسَحَ بِيُسْرَاهُ) بِأَنْ يَضَعَ أُصْبُعَهُ عَلَى ابْتِدَاءِ مَجْرَى بَوْلِهِ وَهُوَ مِنْ عِنْدِ حَلْقَةِ الدُّبُرِ ثُمَّ يَسْلُتَ الْمَجْرَى بِتِلْكَ الْأُصْبُعِ إلَى رَأْسِ الذَّكَرِ كَذَا فِي بَحْرِ الرُّويَانِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَنْتُرَهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَالِثِهِ وَالنَّتْرُ جَذْبٌ بِحِفَاءٍ كَذَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ
بِمَجْرَى الْبَوْلِ شَيْءٌ يَخَافُ خُرُوجَهُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ هَذَا بِأَدْنَى عَصْرٍ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَكَرُّرِهِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَنَحْنُحٍ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى مَشْيِ خُطُوَاتٍ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَاجُ إلَى صَبْرِ لَحْظَةٍ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا. وَيَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ إلَى حَدِّ الْوَسْوَسَةِ وَأَوْجَبَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ الِاسْتِبْرَاءَ وَجَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِصِحَّةِ التَّحْذِيرِ مِنْ عَدَمِ التَّنَزُّهِ مِنْ الْبَوْلِ وَيُكْرَهُ حَشْوُ الذَّكَرِ بِقُطْنَةٍ وَنَحْوِهَا إلَّا لِذِي حَدَثٍ دَائِمٍ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَلَا يَسْتَنْجِ بِالْمَاءِ عَلَى مَا نَزَلَا) مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ بَلْ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِئَلَّا يَتَرَشَّشَ بِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَخْلِيَةِ الْمُتَّخَذَةِ لِذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ فِي انْتِقَالِهِ إلَى غَيْرِهَا مَشَقَّةً وَخَرَجَ بِالْمَاءِ الْحَجَرُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ بَلْ قَدْ يَكُونُ انْتِقَالُهُ عَنْهُ مَانِعًا مِنْ الِاسْتِجْمَارِ لِانْتِقَالِ الْخَارِجِ حِينَئِذٍ وَمِنْ آدَابِ الْخَلَاءِ: أَنْ يَنْتَعِلَ عِنْدَ دُخُولِهِ؛ وَيَسْتُرَ رَأْسَهُ وَلَوْ بِكُمِّهِ؛ وَلَا يُطِيلَ قُعُودَهُ؛ وَلَا يَعْبَثَ وَلَا يَنْظُرَ إلَى السَّمَاءِ أَوْ فَرْجِهِ أَوْ الْخَارِجِ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا يَسْتَاكُ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ آدَابِ الْخَلَاءِ أَخَذَ فِي بَيَانِ الِاسْتِنْجَاءِ فَقَالَ: (وَاحْتِمْ) بِكَسْرِ التَّاءِ (لِمَا لُوِّثَ أَنْ بِالْمَا قَلَعْ) بِفَتْحِ أَنْ وَفَصَلَ بَيْنَ أَنْ وَصِلَتِهَا بِمَعْمُولِهَا لِلْوَزْنِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَسَّعُ فِي الظَّرْفِ وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مَا لَا يُتَوَسَّعُ فِي غَيْرِهِمَا وَإِنْ أَطْلَقَ النُّحَاةُ الِامْتِنَاعَ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنْ مُخَفَّفَةً مِنْ الثَّقِيلَةِ فَلَا مَحْذُورَ (أَوْ مَسْحِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمَاءِ وَبِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى أَنْ بِالْمَاءِ قُلِعَ أَيْ: وَأَوْجِبْ لِلْمُلَوَّثِ الْخَارِجِ مِنْ الْمُعْتَادِ قَلْعَهُ إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ أَمَّا بِالْمَاءِ عَلَى الْأَصْلِ أَوْ بِمَسْحِ (كُلِّ مَوْضِعِ) النَّجَسِ (الَّذِي انْدَفَعْ عَنْ مَسْلَكٍ يُعْتَادُ) خُرُوجُهُ مِنْهُ بِالْجَامِدِ الْآتِي بَيَانُهُ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَوَّزَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ حَيْثُ فَعَلَهُ» كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَرَ بِفِعْلِهِ بِقَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ «وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَفِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ كَمَا مَرَّ «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ» الْحَدِيثَ.
وَخَرَجَ بِمَا لُوِّثَ الرِّيحُ وَنَحْوُهُ كَبَعْرٍ بِلَا لَوْثٍ لِفَوَاتِ مَقْصُودِ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَسِ أَوْ تَخْفِيفِهِ وَبِالْمُعْتَادِ مَا انْدَفَعَ عَنْ غَيْرِهِ كَدَمِ الْفَصْدِ وَالْخَارِجِ مِمَّا يَقُومُ مَقَامَ الْمُعْتَادِ فَإِنَّهُ لِنُدْرَتِهِ لَا يَكْفِي فِيهِ الْجَامِدُ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ عَلَى الْأَصْلِ وَدَخَلَ فِي الْمُنْدَفِعِ الْمُعْتَادُ كَبَوْلٍ وَغَائِطٍ وَالنَّادِرُ كَدَمٍ وَقَيْحٍ إنَاطَةً لِلْحُكْمِ بِالْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْخَارِجِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ نَحْوِهِ. (إلَّا الْقُبُلَا لِمُشْكِلٍ) فَلَا يَكْفِي فِيهِ الْجَامِدُ وَإِنْ كَانَ الْخَارِجَ مِنْ أَحَدِ قُبُلَيْهِ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ (ثَلَاثَةً) أَيْ: أَوْ بِمَسْحِ كُلِّ الْمَوْضِعِ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلْمَانَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَفِي مَعْنَاهَا ثَلَاثَةُ أَطْرَافِ حَجَرٍ بِخِلَافِ رَمْيِ الْجِمَارِ لَا يَكْفِي بِحَجَرٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ عَنْ ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّةَ عَدَدُ الرَّمْيِ وَهُنَا عَدَدُ الْمَسَحَاتِ فَالْمُعْتَبَرُ ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ إنْ أَنْقَتْ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى إلَّا أَثَرٌ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الْمَاءُ أَوْ صِغَارُ الْخَزَفِ.
(وَأَعْلَى) مِنْ الثَّلَاثِ إنْ لَمْ تُنْقِ لِيَحْصُلَ الْإِنْقَاءُ الْمَقْصُودُ وَلَا يَكْفِي الْإِنْقَاءُ بِدُونِ الثَّلَاثِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِهَا مَعْنًى وَلِكَوْنِ دَلَالَةِ الْحَجَرِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْبَرَاءَةَ
(قَوْلُهُ وَصِلَتُهَا) أَيْ: قُلِعَ (قَوْلُهُ بِمَعْمُولِهَا) أَيْ: الصِّلَةِ؛ أَيْ: بِالْمَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْجَامِدِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَمْسَحُ (قَوْلُهُ: إلَّا الْقُبُلَا لِمُشْكِلٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آلَتَا الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بَلْ لَهُ آلَةٌ لَا تُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا يَخْرُجُ مِنْهَا الْبَوْلُ فَالظَّاهِرُ فِيهِ الْإِجْزَاءُ بِالْحَجَرِ
اهـ (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَطْرَافِ حَجَرٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي ثَلَاثَةُ أَجْزَاءِ حَجَرٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَطْرَافًا وَلَوْ تَوَالَى الْمَسْحُ وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالْأَطْرَافِ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يَسْهُلُ الْمَسْحُ بِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّبُرِ حَتَّى لَوْ أَمَرَّ رَأْسَ الذَّكَرِ عَلَى حَجَرٍ عَلَى التَّوَالِي وَالِاتِّصَالِ بِحَيْثُ تَكَرَّرَ انْمِسَاحُ جَمِيعِ الْمَحَلِّ ثَلَاثًا فَأَكْثَرُ كَفَى؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَكْرَارُ انْمِسَاحِهِ وَقَدْ وُجِدَ وَدَعْوَى أَنَّ هَذَا يُعَدُّ مَسْحَةً وَاحِدَةً بِفَرْضِ تَسْلِيمِهِ لَا يَقْدَحُ لِتَكَرُّرِ انْمِسَاحِ الْمَحَلِّ حَقِيقَةً قَطْعًا وَهُوَ الْوَاجِبُ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ دَلَالَةِ الْحَجَرِ) إنْ أَرَادَ دَلَالَتَهُ عَلَى زَوَالِ النَّجَاسَةِ فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا ظُهُورَ لِلْقَطْعِ بِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْمَحَلِّ بِأَنَّهُ مُتَنَجِّسٌ وَإِنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَاسْتَنْتَرَ إذَا جَذَبَ بَقِيَّةَ بَوْلِهِ عِنْدَ الِاسْتِنْجَاءِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: إلَى حَدِّ الْوَسْوَسَةِ) إلَى هُنَا كَلَامُ الْمَجْمُوعِ
(قَوْلُهُ: وَيَسْتُرُ رَأْسَهُ) قَالَ الْعِجْلِيّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ الْآفَةَ مِنْ الْجِنِّ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ خَطِّهِ نُقِلَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْرَضُ مِنْهُ الْكَبِدُ وَيُورِثُ الْبَاسُورَ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: قَلْعُهُ) أَيْ قَلْعِ الشَّخْصِ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا انْدَفَعَ عَنْ غَيْرِهِ) لَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ صِفَةٌ لِلْمَسْلَكِ لَا الْخَارِجِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَقُومُ مَقَامَ الْمُعْتَادِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَا لَمْ يَكُنْ الِانْسِدَادُ خِلْقِيًّا وَإِلَّا كَفَى الْحَجَرُ فِي الْمُنْفَتِحِ وَلَوْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ فِيهَا أَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْأَصْلِيِّ وَلَوْ كَانَ الْخَارِجُ مِنْهُ نَادِرًا فَجَمِيعُ أَحْكَامِ الْأَصْلِيِّ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ وَمِنْهَا سَتْرُهُ عَنْ الْأَجَانِبِ وَفِي الصَّلَاةِ وَلَوْ حَالَ السُّجُودِ وَلَوْ كَانَ فِي الْجَبْهَةِ مَثَلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ إلَخْ) ؛ لِأَنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْإِنْقَاءَ قَدْ يَحْصُلُ بِوَاحِدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِ إلَخْ) -
ظَاهِرَةً لِعَدَمِ إزَالَتِهِ الْأَثَرَ اُحْتِيجَ إلَى الِاسْتِظْهَارِ بِالْعَدَدِ كَالْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ وَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ بِقُرْءٍ كَمَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ الْمَاءِ دَلَالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ لِإِزَالَتِهِ الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى الْعَدَدِ كَالْعِدَّةِ بِالْحَمْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَإِنْ قِيلَ التَّقْيِيدُ فِي الْخَبَرِ بِالثَّلَاثَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ النَّقَاءَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِهَا غَالِبًا قُلْنَا النَّقَاءُ شَرْطٌ اتِّفَاقًا فَكَيْفَ يُخِلُّ بِهِ وَيَذْكُرُ مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ مَعَ إيهَامِهِ الشَّرْطِيَّةَ؛ فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ تَرَكَ النَّقَاءَ قُلْنَا: ذَاكَ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ الْعَدَدِ فَنَصَّ عَلَى مَا يَخْفَى وَتَرَكَ مَا لَا يَخْفَى وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ لَأَخَلَّ بِالشَّرْطَيْنِ مَعًا؛ وَتَعَرَّضَ لِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ إيهَامٌ. اهـ وَكَيْفِيَّةُ مَسْحِ الدُّبُرِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَجَرِ الْأَوَّلِ مِنْ مُقَدَّمِ الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى وَيُدِيرَهُ إلَى مَبْدَئِهِ وَبِالثَّانِي مِنْ مُقَدَّمِ الْيُسْرَى وَيُدِيرَهُ كَذَلِكَ وَيَمْسَحَ بِالثَّالِثِ الصَّفْحَتَيْنِ وَالْمَسْرَبَةَ وَقِيلَ وَاحِدٌ لِلْيُمْنَى وَآخَرُ لِلْيُسْرَى وَالثَّالِثُ لِلْوَسَطِ وَقِيلَ
ــ
[حاشية العبادي]
أَرَادَ دَلَالَتَهُ عَلَى زَوَالِ الْأَثَرِ نَافَى قَوْلَهُ لِعَدَمِ إزَالَتِهِ الْأَثَرَ وَإِنْ أَرَادَ دَلَالَتَهُ عَلَى زَوَالِ الْعَيْنِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ إزَالَتِهِ الْأَثَرَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إزَالَةَ الْعَيْنِ ظَاهِرَةٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُقْطَعُ بِزَوَالِ الْعَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
سم (قَوْلُهُ: ظَاهِرَةٌ) أَيْ: لَا قَطْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: كَالْعِدَّةِ) أَيْ: فَإِنَّ دَلَالَتَهَا ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ) أَيْ: ظَنًّا (قَوْلُهُ: مَخْرَجَ الْغَالِبِ) فَلَا مَفْهُومَ لَهُ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يُخِلُّ بِهِ) قَدْ يُقَالُ لَا إخْلَالَ مَعَ ذِكْرِ مَا يَسْتَلْزِمُهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: مَعَ إيهَامِهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَيْسَ مَحْذُورًا؛ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ مِنْ الشَّارِعِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُقَيَّدُ عَلَى وَفْقِ الْغَالِبِ مَعَ إيهَامِهِ الشَّرْطِيَّةَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لَأَخَلَّ بِالشَّرْطَيْنِ مَعًا) أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ لِلْغَالِبِ لَا يَكُونُ شَرْطًا فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِخْلَالُ بِالشَّرْطَيْنِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى
ــ
[حاشية الشربيني]
عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا الْحَجَرُ فَلَا يُزِيلُ الْأَثَرَ وَإِنَّمَا يُفِيدُ الطَّهَارَةَ ظَاهِرًا لَا قَطْعًا فَاشْتُرِطَ فِيهِ الْعَدَدُ. اهـ. (قَوْلُهُ: اُحْتِيجَ إلَى الِاسْتِظْهَارِ بِالْعَدَدِ كَالْعِدَّةِ) لَمَّا كَانَتْ دَلَالَتُهَا ظَنًّا اُشْتُرِطَ الْعَدَدُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ بِقُرْءٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ بِقُرْءٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ) أَيْ نَقْلًا عَنْ الْخَطَّابِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: يُخِلُّ بِهِ) أَيْ يَتْرُكُ ذِكْرَهُ وَيَذْكُرُ غَيْرَهُ الْمُوهِمَ فَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ تَرَكَ) أَيْ عَلَى كَلَامِكُمْ أَيْضًا (قَوْلُهُ: مَعْلُومٌ) أَيْ يُسْتَغْنَى بِظُهُورِهِ عَنْ ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَدَدِ) فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ فَهُوَ خَفِيٌّ. اهـ. مَجْمُوعٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حُمِلَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَلَا إخْلَالَ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْخَفِيِّ وَتَرَكَ الظَّاهِرَ بِخِلَافِ مَا إذَا حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إخْلَالًا بِالشَّرْطَيْنِ مَعًا، أَمَّا الْعَدَدُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا النَّقَاءُ فَلِتَرْكِهِ مَعَ ذِكْرِ مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ بِخِلَافِ تَرْكِهِ مَعَ ذِكْرِ مَا هُوَ شَرْطٌ فَإِنَّ فِيهِ الِاخْتِصَارَ (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطَيْنِ مَعًا) أَيْ مَا نُسَمِّيهِ شَرْطًا وَمَا تُسَمُّونَهُ شَرْطًا وَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ غَيْرَ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: لِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ) إذْ الْمَدَارُ عَلَى النَّقَاءِ وَلَا مَعْنَى يُقْصَدُ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمَلْزُومِ عَنْ اللَّازِمِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مَعْنًى زَائِدٍ يُقْصَدُ وَإِلَّا كَانَ عَبَثًا (قَوْلُهُ: وَيُدِيرُهُ إلَى مَبْدَئِهِ) قَالَ ع ش وَمِنْ لَازِمِهِ الْمُرُورُ عَلَى الْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْرَبَةُ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَبِضَمِّ الْمِيمِ مَجْرَى الْغَائِطِ وَلَهَا مَعْنًى آخَرُ فِي اللُّغَةِ وَهِيَ الشَّعْرُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَاحِدٌ لِلْيُمْنَى إلَخْ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا إلَى آخِرِ الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى هُنَا ثُمَّ قَالَ الثَّانِي يَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى وَحْدَهَا ثُمَّ بِحَجَرٍ الْيُسْرَى وَحْدَهَا وَبِالثَّالِثِ الْمُسْرَبَةَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ الْكَيْفِيَّةَ الثَّالِثَةَ كَمَا هُنَا وَقَالَ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ غَرِيبٌ.
ثُمَّ قَالَ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ حَجَرٍ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ غَلَّطُوا أَبَا إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَنَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْكَبِيرِ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ لَكِنَّ الْأَصْحَابَ تَأَوَّلُوهُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْخِلَافِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْأَفْضَلِ وَأَنَّ الْجَمِيعَ جَائِزٌ وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا أَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْوُجُوبِ فَصَاحِبُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يُجِيزُ الْكَيْفِيَّةَ الثَّانِيَةَ وَصَاحِبُ الثَّانِي لَا يُجِيزُ الْأُولَى وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي دَرْسِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يُجِيزُ الثَّانِي وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي لَا يُجِيزُ الْأَوَّلَ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ عِنْدِهِ مَلِيحٌ اهـ وَقَوْلُهُ: مَلِيحٌ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ قَائِلُ الثَّانِي بِالْحَدِيثِ الْمُصَرِّحِ بِمَا ذُكِرَ كَمَا فِي رَشِيدِيٍّ.
ثُمَّ مَا حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ التَّأْوِيلِ فِيمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ وَمِثْلُهُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَحَاصِلُ تَأْوِيلِ الْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ يَمْسَحُ بِحَجَرٍ الصَّفْحَةَ الْيُمْنَى وَحْدَهَا أَيْ أَوَّلًا ثُمَّ يُعَمِّمُ وَكَذَا قَوْلُهُ: ثُمَّ بِحَجَرٍ الْيُسْرَى وَحْدَهَا أَيْ أَوَّلًا ثُمَّ يُعَمِّمُ وَكَذَا قَوْلُهُ: ثُمَّ بِثَالِثٍ الْوَسَطَ أَيْ أَوَّلًا كَذَلِكَ فَهَذَا الْوَجْهُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ هُوَ مُقَابِلُ الصَّحِيحِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ تَأْوِيلِ قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ وَأَنَّ التَّعْمِيمَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّهُ مَعَ التَّأْوِيلِ أَيْضًا يَأْتِي الْخِلَافُ وَالتَّصْحِيحُ السَّابِقَانِ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ فِيهِ إدَارَةُ الْحَجَرِ بِحَيْثُ يَرْفَعُ كُلَّ جَزْءٍ مِنْهُ جُزْءًا مِنْ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُلَهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ بِخِلَافِ الثَّانِي وَسَيَأْتِي أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَاحِدٌ لِلْيُمْنَى إلَخْ)
وَاحِدٌ لِلْوَسَطِ مُقْبِلًا وَآخَرُ لَهُ مُدْبِرًا وَيُحَلِّقُ بِالثَّالِثِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ لَا فِي الْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ قَوْلٍ أَنْ يَعُمَّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ جَمِيعَ الْمَحَلِّ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ لِيَصْدُقَ أَنَّهُ مَسَحَهُ ثَلَاثَ مَسَحَاتٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ احْتَاجَ إلَى حَجَرٍ رَابِعٍ وَخَامِسٍ فَصِفَةُ اسْتِعْمَالِهِ كَصِفَةِ الثَّالِثِ وَكَيْفِيَّةُ الِاسْتِنْجَاءِ فِي الذَّكَرِ قَالَ: الشَّيْخَانِ أَنْ يَمْسَحَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ الْحَجَرِ فَلَوْ أَمَرَّهُ عَلَى مَوْضِعٍ مَرَّتَيْنِ تَعَيَّنَ الْمَاءُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي؛ وَغَيْرُهُ أَنْ يَضَعَ عَلَى مَنْفَذِهِ الْحَجَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِتَنْتَقِلَ الْبِلَّةُ وَيَمْسَحَهُ بِالثَّالِثِ وَقَالَ الْجِيلِيُّ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ الْأَوَّلَ وَيَمْسَحَ بِالْآخَرَيْنِ وَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمَجْمُوعِ آخِرَ الْفَصْلِ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الْحَجَرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْغَائِطِ (بِالْجَامِدِ) أَيْ: أَوْ مَسْحِ كُلِّ الْمَوْضِعِ بِالْجَامِدِ مِنْ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى الْحَجَرِ فِي الْخَبَرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ خَبَرِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «وَلْيَسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وَنَهَى عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ أَيْ الْعَظْمِ وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَوَجَدْت حَجَرَيْنِ وَالْتَمَسْت الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ فَأَخَذْت رَوْثَةً فَأَتَيْته بِهَا فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ» فَنَهْيُهُ فِي الْأَوَّلِ عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الثَّانِي مَنْعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثَةِ بِكَوْنِهَا رِكْسًا؛ لَا بِكَوْنِهَا غَيْرَ حَجَرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا فِي مَعْنَى الْحَجَرِ كَالْحَجَرِ فِيمَا ذُكِرَ وَفَارَقَ تَعَيُّنُهُ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَتَعَيُّنُ التُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ بِأَنَّ الرَّمْيَ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ
ــ
[حاشية العبادي]
هَذَا التَّقْدِيرِ إلَّا النَّقَاءُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الْبُرُلُّسِيَّ اسْتَشْكَلَهُ فَقَالَ قَدْ يُقَالُ الْحَمْلُ عَلَى الْغَالِبِ يَنْتَفِي مَعَهُ شَرْطُ الْعَدَدِ فَلَيْسَ هُنَا سِوَى النَّقَاءِ اِ هـ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ) حَيْثُ قَالَ: كُلُّ مَوْضِعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَصِفَةِ الثَّالِثِ) هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى وَكَذَا عَلَى غَيْرِهَا بِمُرَاعَاةِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ) وَقَدْ صَحَّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا أَلْقَى الرَّوْثَةَ قَالَ: إنَّهَا رِكْسٌ ائْتِنِي بِحَجَرٍ وَبِذَلِكَ رُدَّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ فِي قَوْلِهِ لَوْ اُشْتُرِطَ الْعَدَدُ لَطَلَبَ صلى الله عليه وسلم حَجَرًا ثَالِثًا (قَوْلُهُ: لِنَهْيِهِ فِي الْأَوَّلِ عَنْ الرَّوْثِ) وَلَمْ يُعَمِّمْ النَّهَى لِمَا عَدَا الْحَجَرَ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَوْ لَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ حَجَرَيْنِ لِلصَّفْحَتَيْنِ وَحَجَرًا لِلْمُسْرَبَةِ» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ حَجَرٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لِأَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْكَبِيرِ وَتَأَوَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِمَا تَأَوَّلُوا بِهِ الْحَدِيثَ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «حَجَرَيْنِ لِلصَّفْحَتَيْنِ» مَعْنَاهُ كُلُّ حَجَرٍ لِلصَّفْحَتَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْخِلَافِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْأَفْضَلِ وَأَنَّ الْجَمِيعَ جَائِزٌ وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا أَنَّهُ خِلَافٌ فِي الْوُجُوبِ فَصَاحِبُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يُجِيزُ الْكَيْفِيَّةَ الثَّانِيَةَ وَصَاحِبُ الثَّانِي لَا يُجِيزُ الْأُولَى وَهَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي دَرْسِهِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ لَا يُجِيزُ الثَّانِيَ وَمَنْ قَالَ بِالثَّانِي لَا يُجِيزُ الْأَوَّلَ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ عِنْدِهِ مَلِيحٌ اهـ.
مِنْ الْمَجْمُوعِ مَعَ زِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ وَقَوْلُهُ: تَعْلِيلًا لِتَصْحِيحِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمَحَلَّ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّعْمِيمِ وَكَذَا قَوْلُهُ: ثُمَّ اخْتَلَفُوا إلَخْ أَيْ بَعْدَ التَّأْوِيلِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ التَّعْمِيمَ لَيْسَ مَحَلَّ الْخِلَافِ وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ الْأَفْضَلُ مِنْ الْكَيْفِيَّتَيْنِ بَعْدَ التَّعْمِيمِ فِي كُلٍّ وَوَجْهُ الْخِلَافِ أَنَّ فِي الْكَيْفِيَّةِ الْأُولَى يَرْفَعُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ جُزْءًا مِنْ الْخَارِجِ بِلَا نَقْلٍ لِوُجُودِ الْإِدَارَةِ فَتَكُونُ الْأُولَى أَفْضَلَ إذْ لَا تَكْلِيفَ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ لِمَشَقَّتِهَا كَمَا يَأْتِي وَإِنْ كَانَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ مُتَابَعَةً لِلَفْظِ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ وَبِهَذَا يَسْقُطُ تَشْنِيعُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى الشَّرْحِ بِأَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِيمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ قَوْلٍ أَنْ يَعُمَّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ قَوْلٍ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ الَّذِي فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّ التَّعْمِيمَ كُلَّ مَرَّةٍ مَنْدُوبٌ وَعَلَيْهِ غَالِبُ الْمُحَقِّقِينَ. اهـ. وَاعْتَمَدَهُ زي وَالْعَبَّادِيُّ وَاعْتَمَدَ م ر كَوَالِدِهِ وُجُوبَ التَّعْمِيمِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَلَمْ أَرَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ سَلَفًا فِي وُجُوبِهِ. اهـ. وَقَدْ نَقْلنَا سَابِقًا عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ حَجَرٍ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ. اهـ. وَنِعْمَ سَلَفًا صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَضَعَ إلَخْ) أَيْ لَا يَمْسَحَهُ بِهِمَا لِئَلَّا تَنْتَقِلَ النَّجَاسَةُ وَتَنْتَشِرَ عَلَى الْمَحَلِّ وَفِي الثَّالِثَةِ يَمْسَحُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ قَلَّتْ عَلَى الْمَوْضِعِ فَلَا يُخْشَى انْتِشَارُهَا كَذَا فِي التَّتِمَّةِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ يُوجِبُهَا كَمَا أَوْجَبَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ الْغَائِطِ أَنْ يُدِيرَ الْحَجَرَ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَرْفَعَ كُلَّ جَزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ جُزْءًا مِنْ النَّجَاسَةِ فَلَوْ أَمَرَّ الْحَجَرَ مِنْ غَيْرِ إدَارَةٍ وَنَقَلَ النَّجَاسَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ تَعَيَّنَ الْمَاءُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِرَاقِيُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ لِلرُّخْصَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ إلَّا فِي نَادِرٍ مِنْ النَّاسِ مَعَ عُسْرٍ شَدِيدٍ (قَوْلُهُ: الرِّمَّةُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْعَظْمُ الْبَالِي وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْعَظْمِ وَلَوْ مُحْرَقًا عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: الرِّمَّةِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْعَظْمُ الْبَالِي كَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْخَطَّابِيِّ تَسْمِيَةُ الْعِظَامِ رِمَّةً؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ تَرُمُّهَا أَيْ تَأْكُلُهَا. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ إلَخْ) وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِهِمَا بِالنَّهْيِ
بِخِلَافِ الِاسْتِنْجَاءِ وَالتُّرَابُ فِيهِ الطَّاهِرِيَّةُ وَالطَّهُورِيَّةُ وَهُمَا مَفْقُودَتَانِ فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْإِنْقَاءِ يُوجَدُ فِي غَيْرِ الْحَجَرِ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ ثُمَّ غَسَلَهُ وَجَفَّ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ كَدَوَاءٍ دُبِغَ بِهِ وَتُرَابٍ اُسْتُعْمِلَ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَلَوْ لَمْ يَتَلَوَّثْ الْحَجَرُ كَمَا فِي غَيْرِ الْأَوْلَى جَازَ اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا وَفَارَقَ الْمَاءُ بِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْ حُكْمَ النَّجَاسَةِ بَلْ خَفَّفَهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُنَجِّسُ مَا لَاقَاهَا مَعَ رُطُوبَةٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ أَزَالَ حُكْمَ الْحَدَثِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تُرَابِ التَّيَمُّمِ؟ قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ التُّرَابَ طَهُورٌ كَالْمَاءِ وَبَدَلٌ عَنْهُ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ بِخِلَافِ الْحَجَرِ وَمَعَ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ لَا يُكْرَهُ كَمَا لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ مَرَّاتٍ بِخِلَافِ رَمْيِ الْجِمَارِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ أَنَّ مَا تُقُبِّلَ مِنْهَا رَفَعَ؛ وَمَا لَا تُرِكَ.؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَعَدُّدُ الْمَرْمِيِّ بِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِالْجَامِدِ الْمَائِعُ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ التَّلْوِيثَ فَيَتَعَيَّنُ بَعْدَهُ الْمَاءُ وَبِقَوْلِهِ (الطَّاهِرِ) النَّجَسُ كَمَا فِي الْمَاءِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالرَّوْثِ كَمَا مَرَّ وَإِنَّمَا جَازَ الدَّبْغُ بِالنَّجِسِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ الذَّكَاةِ الْجَائِزَةِ بِالْمُدْيَةِ النَّجِسَةِ بِخِلَافِ الْجَامِدِ هُنَا وَمَثَّلَ لِلْجَامِدِ الطَّاهِرِ بِقَوْلِهِ (مِثْلِ الْجِلْدِ) مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ إذَا (تَمْ دِبَاغُهُ) فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الدِّبَاغَ يُزِيلُ مَا فِيهِ مِنْ الدُّسُومَةِ وَيَقْلِبُهُ عَنْ طَبْعِ اللُّحُومِ إلَى طَبْعِ الثِّيَابِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَتِمَّ دِبَاغُهُ لِلدُّسُومَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ التَّنْشِيفِ؛ وَلِاحْتِرَامِهِ إنْ كَانَ مَأْكُولًا إذْ يُعَدُّ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ عَلَى الرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ وَغَيْرِهَا وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَيَظْهَرُ الْجَوَازُ بِجِلْدِ الْحُوتِ الْكَبِيرِ الْجَافِّ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مَأْكُولًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمَدْبُوغِ بَعِيدٌ.
(لَا) مِثْلُ (قَصَبٍ) كَزُجَاجٍ وَحَدِيدٍ أَمْلَسَيْنِ وَفَحْمٍ وَتُرَابٍ رَخْوَيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَالِعٍ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ قُلِعَ وَخَرَّجُوا عَلَى اعْتِبَارِ الطَّهَارَةِ وَالْقَلْعِ امْتِنَاعَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ الْمُبْتَلِّ لِتَنَجُّسِ الْبَلَلِ بِمُلَاقَاةِ النَّجَسِ وَعَوْدِ شَيْءٍ مِنْهُ إلَى مَحَلِّ الْخَارِجِ فَيَصِيرُ كَنَجَسٍ أَجْنَبِيٍّ؛ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ قَالِعٍ (وَ) لَا (مُحْتَرَمْ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْعَظْمِ زَادَ مُسْلِمٌ «فَإِنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ» يَعْنِي مِنْ الْجِنِّ فَمَطْعُومُنَا أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ وَهِيَ لَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي (وَذَاكَ) أَيْ: الْمُحْتَرَمُ (مَطْعُومٌ) لَنَا كَالْخُبْزِ وَلِلْجِنِّ (كَمِثْلِ الْعَظْمِ) بِزِيَادَةِ مِثْلِ وَإِنْ أُحْرِقَ الْعَظْمُ حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَالِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ إذَا أُحْرِقَ كَالْجِلْدِ إذَا دُبِغَ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِحْرَاقِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مَطْعُومًا لِلْجِنِّ بِخِلَافِ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ؛ وَلِأَنَّهُ بِذَلِكَ انْتَقَلَ إلَى حَالَةٍ نَاقِصَةٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَهُمَا مَفْقُودَتَانِ فِي غَيْرِهِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَجْمُوعَهُمَا مَفْقُودٌ لَا جَمِيعَهُمَا لِظُهُورِ أَنَّ الطَّاهِرِيَّةَ غَيْرُ مَفْقُودَةٍ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ) أَيْ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بَعْدَ تَطْهِيرِهِ وَتَصَلُّبِ التُّرَابِ بِرّ أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الدَّوَاءِ فِي الدَّبْغِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ تَطْهِيرِهِ وَالتُّرَابِ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ تَطْهِيرِهِ، أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الدَّوَاءِ مَرَّةً أُخْرَى لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَطْهِيرِهِ لِجَوَازِ الدَّبْغِ بِالنَّجِسِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِفَوَاتِ الطَّهُورِيَّةِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْأَوَّلِ وَهِيَ مُشْتَرَطَةٌ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّ التُّرَابَ الْمَذْكُورَ إذَا غُسِلَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ عَادَتْ طَهُورِيَّتُهُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَمْ يُزِلْ حُكْمَ النَّجَاسَةِ بَلْ خَفَّفَهَا) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ الثَّالِثِ، أَمَّا هُوَ فَقَدْ أَزَالَ حُكْمَهَا؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ الْمَنْعَ وَأَبَاحَ الصَّلَاةَ كَمَا فِي مَاءِ طُهْرِ دَائِمِ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ لِكَوْنِهِ رَفَعَ الْمَنْعَ وَأَبَاحَ الصَّلَاةَ وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْحَدَثَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ امْتِنَاعَ اسْتِعْمَالِ الثَّالِثِ فِي اسْتِنْجَاءٍ آخَرَ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ بَلْ مَا فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْحَجَرِ وَتُرَابِ التَّيَمُّمِ كَالصَّرِيحِ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ الثَّالِثِ فِي اسْتِنْجَاءٍ آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ قُلْت قَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا يُسْتَنْجَى بِهِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَنْجَى بِقِطْعَةِ طِينٍ جَافَّةٍ ثُمَّ طَهَّرَهَا وَجَفَّفَهَا وَدَقَّهَا جَازَ التَّيَمُّمُ بِهَا وَاسْتِعْمَالُهَا فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَفِي عَدَمِ الْحُكْمِ بِالِاسْتِعْمَالِ نَظَرٌ مَعَ كَوْنِهِ أَزَالَ الْمَنْعَ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِنَحْوِ الْخَشَبِ وَالْخِرَقِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّهُورِيَّةِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الطَّاهِرِيَّةُ فَإِنْ قُلْت هَذَا مُسَلَّمٌ فِي الْمَمْسُوحِ بِهِ ثَالِثًا لِزَوَالِ الْمَنْعِ بِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ زَوَالِ الْمَنْعِ بِهِ قُلْت مَمْنُوعٌ بَلْ زَوَالُ الْمَنْعِ مُسْتَنِدٌ لِلثَّلَاثَةِ إذْ لَوْلَاهَا لَمَا حَصَلَ فَكُلٌّ لَهُ دَخْلٌ فِي الزَّوَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ إلَخْ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْخُفِّ غَيْرُ حَلَالٍ إلَى آخِرِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ) ظَاهِرُهُ حُرْمَةُ أَكْلِهِ وَلَوْ جِلْدَ مُذَكًّى لَكِنْ لَمَّا قَالَ فِي الرَّوْضِ: فِي الْأَطْعِمَةِ إلَّا جِلْدَ مَيْتَةٍ دُبِغَ أَيْ: فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِالْمَيْتَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَعْنًى. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا تَمَّ دِبَاغُهُ) فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ قَبْلَ الدَّبْغِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مُذَكًّى أَوْ لَا، أَمَّا غَيْرُ الْمُذَكَّى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمُذَكَّى فَلِأَنَّ فِيهِ زُهُومَةً وَرَائِحَةً كَرِيهَةً وَالطَّهَارَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِنَظِيفٍ طَاهِرٍ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنهما. اهـ. وَنَقَلَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ تَعْلِيلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُقْلِعُ النَّجَسَ لِلُزُوجَتِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِجِلْدِ الْحُوتِ إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ إنْ قَوِيَتْ صَلَابَتُهُ بِحَيْثُ لَوْ بُلَّ لَمْ يَلِنْ جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ع ش بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ جُلُودِ الْمُذَكَّاةِ وَإِنْ اشْتَدَّتْ صَلَابَتُهَا كَجِلْدِ الْجَامُوسِ؛ لِأَنَّهَا مَأْكُولَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْمُبْتَلِّ) وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ مَاءٌ بَلْ رُطُوبَةٌ. اهـ. مَجْمُوعٌ (قَوْلُهُ: كَمِثْلِ الْعَظْمِ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ
فَحُكْمُهُ أَوْلَى بِالنَّقْصِ وَالْجِلْدُ بِالدَّبْغِ انْتَقَلَ إلَى حَالَةٍ زَائِدَةٍ فَكَذَا حُكْمُهُ؛ وَأَمَّا مَطْعُومُ الْبَهَائِمِ فَيَجُوزُ وَالْمَطْعُومُ لَنَا وَلَهَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَغْلَبُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الرِّبَا فِيهِ وَالْأَصَحُّ الثُّبُوتُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ.
وَإِنَّمَا جَازَ بِالْمَاءِ مَعَ أَنَّهُ مَطْعُومٌ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ النَّجَسَ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِقِشْرِ الْجَوْزِ الْيَابِسِ وَنَحْوِهِ جَازَ سَوَاءٌ الْمُتَّصِلُ وَالْمُنْفَصِلُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ بِالْمُتَّصِلِ وَعَطَفَ عَلَى مَطْعُومٍ قَوْلَهُ (وَمَا عَلَيْهِ خُطَّ) أَيْ: كَتْبُ (بَعْضُ الْعِلْمِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْمُحْتَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ شَرْعِيًّا كَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ أَمْ غَيْرَهُ مِمَّا يَنْفَعُ فِيهِ كَحِسَابٍ وَطِبٍّ وَنَحْوٍ وَعَرُوضٍ بِخِلَافٍ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ كَمَنْطِقٍ وَفَلْسَفَةٍ وَأُلْحِقَ بِمَا فِيهِ عِلْمٌ مُحْتَرَمٌ جِلْدُهُ الْمُتَّصِلُ بِهِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ بِخِلَافِ جِلْدِ الْمُصْحَفِ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ لِلْغَزَالِيِّ وَجَوَّزَهُ الْقَاضِي بِوَرَقِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُ مِنْهُمَا وَخَلَا عَنْ اسْمِ اللَّهِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَجِبُ حَمْلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِكُتُبِهِمَا لِتَبَدُّلِهِمَا عَلَى مَا عُلِمَ تَبَدُّلُهُ أَوْ شُكَّ فِيهِ وَمَا فِيهَا فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ لِلشَّكِّ فِي تَبَدُّلِهَا عَلَى مَا شُكَّ فِي تَبَدُّلِهِ فَيَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ مَا عَلِمَ تَبَدُّلَهُ وَلَوْ بِقِرَاءَةِ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا مُبْدَلًا قَطَعَهَا (وَحَيَوَانٍ) كَعُصْفُورٍ وَفَأْرَةٍ فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ مِنْ حَيْثُ الْحَيَوَانِيَّةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْتَرَمَةً مِنْ حَيْثُ إفْسَادُهَا حَتَّى يَحِلَّ قَتْلُهَا (وَكَجُزْئِهِ) أَيْ جُزْءِ الْحَيَوَانِ إذَا (اتَّصَلْ) بِهِ كَيَدِهِ وَصُوفِهِ وَوَبَرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ كَشَعْرِهِ وَرِيشِهِ وَإِذَا اسْتَنْجَى بِغَيْرِ قَالِعٍ أَوْ بِمُحْتَرَمٍ لَمْ يَكْفِ وَإِنْ أَنْقَى فَيَجِبُ الْمَاءُ إنْ نَقَلَ النَّجَسَ عَنْ مَحَلِّهِ الْأَوَّلِ وَيَزِيدُ الْمُحْتَرَمُ بِالْإِثْمِ وَلَوْ تَرَكَ الْكَافَ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى فَإِنَّ مَدْخُولَهَا الْمُغْنِي عَنْ حَيَوَانٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَطْعُومٍ كَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ (لَا النَّضْرُ) أَيْ: الذَّهَبُ (وَالْجَوْهَرُ) النَّفِيسُ فَلَيْسَا بِمُحْتَرَمَيْنِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِمَا كَالْفِضَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ النَّضْرِ بِالْأَوْلَى نَعَمْ الْمَطْبُوعُ مِنْهَا وَمِنْ النَّضْرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ فَإِنْ اسْتَنْجَى بِهِ أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ.
وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ مَنَعَ
ــ
[حاشية العبادي]
جِلْدُ الْمُذَكَّاةِ فَيَحِلُّ أَكْلَةُ وَإِنْ دُبِغَ
اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجِلْدِ بِالدَّبْغِ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ (قَوْلُهُ: كَمَنْطِقٍ) الْمَنْطِقُ أَوْلَى بِالِاحْتِرَامِ مِنْ الْعَرُوضِ (قَوْلُهُ: كَمَنْطِقٍ) كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَفِي إطْلَاقِهِ فِي الْمَنْطِقِ نَظَرٌ اهـ وَاعْتَمَدَ غَيْرُهُ احْتِرَامَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جِلْدِ الْمُصْحَفِ يَمْتَنِعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مُطْلَقًا) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ وَإِنْ جَازَ مَسُّهُ لِلْجِلْدِ بَعْدَ فَصْلِهِ لِلْفُحْشِ هُنَا اهـ وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ فَيَمْتَنِعُ مَسُّهُ أَيْضًا بَعْدَ فَصْلِهِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِكِتَابٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ) فَإِنْ قُلْت: يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّحْرِيمُ بِالشَّكِّ وَنَحْنُ لَا نُحَرِّمُ بِهِ قُلْت لَمَّا عَلِمَ اشْتِمَالَ تِلْكَ الْكُتُبِ عَلَى الْمُبَدَّلِ قَطْعًا صَارَتْ مَظِنَّةَ الْمَحْذُورِ وَكَثِيرًا مَا تُقَامُ الْمَظِنَّةُ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ تَحْرِيمُ الرَّقْيِ بِالْأَسْمَاءِ الْمَجْهُولَةِ عَلَى مَا فِيهِ وَإِلَّا فَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّ الرَّقْيَ بِهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَكَجُزْئِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْعِمَادِ مِنْ الْمَنْعِ بِجُزْءِ الْحَيَوَانِ جَزْءَ الْحَرْبِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ مَأْخَذُهُ كَلَامُ الْفُورَانِيِّ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ
اهـ وَأَرَادَ بِكَلَامِ الْفُورَانِيِّ تَصْرِيحَهُ بِالْمَنْعِ يُجْزِئُ مَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَفَأْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ الْمُحْتَرَمُ بِالْإِثْمِ) لَا يَخْفَى ثُبُوتُ الْإِثْمِ فِي غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ أَيْضًا مِنْ كُلِّ مَا لَا يُجْزِي إذَا قَصَدَ الِاسْتِنْجَاءَ الْمَطْلُوبَ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ وَهِيَ حَرَامٌ وَمَزِيَّةُ الْمُحْتَرَمِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُرْمَةَ فِيهِ ثَابِتَةٌ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ كَوْنِهِ عِبَادَةً فَاسِدَةً وَعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى قَصْدِ الْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: أَسَاءَ) أَيْ: حَرُمَ م ر (قَوْلُهُ: وَأَجْزَأَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَا يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ ذُكِّيَ وَلَا مَيِّتٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الْعَظْمِ مُطْلَقًا. اهـ. وَانْظُرْ حِينَئِذٍ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ «فَإِنَّهُ طَعَامُ إخْوَانِكُمْ» فَهَلْ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ أَوْ يَحِلُّ لَهُمْ تَنَاوُلُ مَا عَلَى عِظَامِ الْمَيْتَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَنْجَى بِقِشْرِ الْجَوْزِ إلَخْ) فِي الْمَجْمُوعِ، وَأَمَّا الثِّمَارُ وَالْفَوَاكِهُ فَقَسَّمَهَا الْمَاوَرْدِيُّ تَقْسِيمًا حَسَنًا فَقَالَ مِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا لَا يَابِسًا فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ رَطْبًا وَيَجُوزُ يَابِسًا إذَا كَانَ مُزِيلًا وَمِنْهَا مَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَيَابِسًا وَهُوَ أَقْسَامٌ أَحَدُهَا مَأْكُولُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ كَالتِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَغَيْرِهِمَا فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِشَيْءٍ مِنْهُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا وَالثَّانِي مَا يُؤْكَلُ ظَاهِرُهُ دُونَ بَاطِنِهِ كَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ وَكُلِّ ذِي نَوًى فَلَا يَجُوزُ بِظَاهِرِهِ وَيَجُوزُ بِنَوَاهُ الْمُنْفَصِلِ وَالثَّالِثُ مَا لَهُ قِشْرٌ وَمَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ كَالرُّمَّانِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِلُبِّهِ، وَأَمَّا قِشْرُهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَحَدُهَا لَا يُؤْكَلُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا كَالرُّمَّانِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْقِشْرِ وَكَذَا لَوْ اسْتَنْجَى بِرُمَّانَةٍ فِيهَا حَبُّهَا جَازَ إذَا كَانَتْ مُزِيلَةً وَالثَّانِي يُؤْكَلُ قِشْرُهُ رَطْبًا وَيَابِسًا كَالْبِطِّيخِ فَلَا يَجُوزُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا وَالثَّالِثُ يُؤْكَلُ رَطْبًا لَا يَابِسًا كَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَّا فَيَجُوزُ بِقِشْرِهِ يَابِسًا لَا رَطْبًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَجُزْئِهِ) فِي التَّحْقِيقِ وَلَا يَصِحُّ بِيَدٍ وَيُقَالُ يَصِحُّ وَحَكَى بِيَدِ نَفْسِهِ وَيُقَالُ عَكْسُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ) فِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ مَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ وَبَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْمَطْبُوعُ) أَيْ الْمُهَيَّأُ لِذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَجُوزُ وَيُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ
الْإِجْزَاءَ أَيْضًا وَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ لِمَاءِ زَمْزَمَ حُرْمَةً تَمْنَعُ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ وَلَوْ اسْتَنْجَى بِهِ أَجْزَأَهُ إجْمَاعًا. اهـ وَيُجْزِي الِاسْتِنْجَاءُ أَيْضًا بِقِطْعَةِ دِيبَاجٍ وَبِحِجَارَةِ الْحَرَمِ.
وَلِإِجْزَاءِ الْمَسْحِ شُرُوطٌ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (لَا إنْ انْتَقَلْ) أَيْ: الْمُنْدَفِعُ عَنْ مَحَلِّهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ (أَوْ) أَصَابَ مَحَلَّهُ (نَجِسٌ ثَانٍ) أَيْ: آخَرُ (بِهِ تَنَجَّسَا) مِنْ زِيَادَتِهِ تَكْمِلَةٌ وَذَلِكَ (كَالنَّجِسِ) إذَا (اسْتَعْمَلَهُ) فِي الِاسْتِنْجَاءِ (أَوْ يَبِسَا) أَيْ: الْمُنْدَفِعُ (أَوْ) كَانَ (عَابِرًا عَنْ صَفْحَةٍ) فِي الْغَائِطِ وَهِيَ مَا يَنْضَمُّ مِنْ الْأَلْيَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ (أَوْ) عَنْ (حَشَفَهْ) فِي الْبَوْلِ وَهِيَ مَا فَوْقَ الْخِتَانِ (أَوْ) كَانَ الْمُنْدَفِعُ (يُوجِبُ الْغُسْلَ) كَحَيْضٍ (فَبِالْمَا نَظَّفَهْ) فِي كُلٍّ مِنْهَا لَا بِالْجَامِدِ لِخُرُوجِ ذَلِكَ عَمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَلِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي الْأَخِيرَةِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِجَوَازِ الْحَجَرِ فِي دَمِ الْحَيْضِ وَفَائِدَتُهُ فِيمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَعَجَزَتْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَاسْتَنْجَتْ وَتَيَمَّمَتْ فَإِنَّهَا تُصَلِّي وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا وَبِهَذَا جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ؛ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِلْبِكْرِ دُونَ الثَّيِّبِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الثَّيِّبَ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَمَّا يَبْدُو مِنْهَا حَالَ قُعُودِهَا وَإِزَالَتُهُ بِالْحَجَرِ مِنْ مَخْرَجِ الْحَيْضِ لَا يُمْكِنُ مِنْهَا وَبِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ مِنْ الْبَوْلِ عِنْدَ تَحَقُّقِ وُصُولِهِ إلَى مَخْرَجِ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْحَجَرَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ.
وَيُسْتَثْنَى مِمَّا إذَا يَبِسَ مَا لَوْ يَبِسَ بَوْلُهُ ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا فَوَصَلَ بَوْلُهُ إلَى مَا وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ الْأَوَّلُ فَيَكْفِي فِيهِ الْجَامِدُ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْقَفَّالُ وَمِثْلُهُ الْغَائِطُ الْمَائِعُ وَخَرَجَ بِالْعَابِرِ عَمَّا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ انْتَشَرَ فَوْقَ عَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ لِمَا صَحَّ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَكَلُوا التَّمْرَ لَمَّا هَاجَرُوا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَتَهُمْ فَرَقَّتْ بُطُونُهُمْ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ ضَبْطُهُ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِالصَّفْحَةِ وَالْحَشَفَةِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْعَابِرِ وَغَيْرِهِ إذَا اتَّصَلَا فَإِنْ تَقَطَّعَا كَفَى الْجَامِدُ فِي الْمُتَّصِلِ بِالْمُخْرَجِ دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ. ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَكْفِي الْجَامِدُ فِي بَوْلِ الْأَقْلَفِ قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ أَيْضًا بِقِطْعَةِ دِيبَاجٍ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ قَطْعًا وَفِي الدَّمِيرِيِّ يُجْزِي مَعَ الْإِثْمِ بِرّ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ الِاسْتِنْجَاءُ) ظَاهِرُهُ مَعَ حِلِّهِ أَيْضًا وَلَوْ لِلرِّجَالِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ وَبِحِجَارَةِ الْحَرَمِ) ظَاهِرُهُ مَعَ الْحِلِّ م ر
(قَوْلُهُ تَكْمِلَةً) وَقَدْ يُقَالُ أَشَارَ بِهِ إلَى فَائِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَحَلَّ حَصَلَ لَهُ تَنْجِيسٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ النَّجِسَ يَقْبَلُ التَّنْجِيسَ فَلَيْسَ تَكْمِلَةً م ر (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّيِّبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَرُدَّ بِمَنْعِ أَنَّ الْحَجَرَ لَا يَصِلُهُ أَيْ: مَدْخَلَ الذَّكَرِ الَّذِي تَنَجَّسَ بِالدَّمِ لَا سِيَّمَا وَالْخِرْقَةُ مَثَلًا تَقُومُ مَقَامَهُ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا مَنَعُوا ذَلِكَ فِي الْبَوْلِ لِانْتِشَارِهِ عَنْ مَخْرَجِهِ بِخِلَافِ دَمِ الْحَيْضِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ إجْزَاءُ الْحَجَرِ كَمَا فِي الْبِكْرِ وَالنَّصُّ إنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى دَمِ حَيْضٍ انْتَشَرَ إلَى ظَاهِرِ الْفَرْجِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ
اهـ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَالَ ثَانِيًا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ اعْتِبَارُ الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ جَفَّ بَوْلُهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ وَصَلَ لِمَا وَصَلَ إلَيْهِ بَوْلُهُ لَمْ يُجْزِ الْحَجَرُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ لَا يُقَالُ هَذَا الِاحْتِمَالُ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ طَارِئٌ أَجْنَبِيٌّ فَيَتَعَيَّنُ الْمَاءُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ صَحَّ هَذَا لَزِمَ تَعَيُّنُ الْمَاءِ إذَا خَرَجَ الدَّمُ قَبْلَ الْجَفَافِ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بَوْلُهُ الْأَوَّلُ) هُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا
ــ
[حاشية الشربيني]
بِهِ وَلَوْ مَضْرُوبًا كَمَا فَهِمَهُ ع ش مِنْ كَلَامِ م ر
(قَوْلُهُ: عَنْ مَحَلِّهِ) أَيْ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِيهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ لِهَذَا الِانْتِقَالِ فَصَارَ كَتَنَجُّسِهِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: نَجِسٌ ثَانٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ الطَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِهِ فَيَصِيرُ فِي حُكْمِ نَجَاسَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا إنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْمَائِعِ بِخِلَافِ الْجَامِدِ الطَّاهِرِ إذَا أَصَابَ الْمَحَلَّ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، أَمَّا الْجَامِدُ النَّجِسُ فَهُوَ كَالْمَائِعِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ. اهـ. لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كِفَايَةَ الْحَجَرِ بَعْدَ الْجَامِدِ الطَّاهِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْجَامِدُ تُرَابًا رَخْوًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَاءُ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَقُ بِالْمَحَلِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي الْأَخِيرَةِ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ الْمُتَوَضِّئَ وَالْمُتَيَمِّمَ، أَمَّا الْمُغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ وَغَيْرِهَا فَلَا يُجْزِئُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَطْهِيرِ مَحَلِّهِ بِالْمَاءِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ كَمَا قُلْنَا لَا يَكْفِي مَسْحُ الْخُفِّ فِي حَقِّ الْمُغْتَسِلِ بِخِلَافِ الْمُتَوَضِّئِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ وَمَسْحَ الْخُفِّ رُخْصَتَانِ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِمَا لِتَكَرُّرِ الْوُضُوءِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ فَنَادِرٌ فَلَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِمَا فِيهِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِي الْأَخِيرَةِ) فِي فَلَا فَائِدَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَإِنْ وَقَعَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ غَسْلُ الْمَوْضِعِ فِي غُسْلُ الْحَيْضِ فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ وَنَصُّ عِبَارَةِ الْأَصْحَابِ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ فِي حَقِّ الْمُغْتَسِلَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا غَسْلُ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ. اهـ. وَفَسَّرَهَا الْأَذْرَعِيُّ بِمَا كَتَبَهُ أَوَّلًا وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ مَوْضِعَ خِلَافٍ وَإِنْ أَوْهَمَهُ عِبَارَةُ الشَّارِحِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ. اهـ. وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ اتَّفَقَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْخُرَاسَانِيُّونَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحَجَرِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ فِي حَقِّ الْمُغْتَسِلَةِ فَلْتُحْمَلْ مَقَالَةُ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا وَعَجَزَتْ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَكُونَ خَارِقًا لِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ إلَخْ) فَرْقٌ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ إذَا وَصَلَ هُنَاكَ انْتَشَرَ عَنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ الْبَوْلِ ثَقْبٌ فِي أَعْلَى الْفَرْجِ وَمَخْرَجَ الْحَيْضِ وَالْمَنِيِّ وَالْوَلَدِ فِي أَسْفَلِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ الثِّيَابَةِ وَالْبَكَارَةِ وَمَدْخَلُ الذَّكَرِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ) وَإِنْ كَفَى فِيهِ الْحَجَرُ لَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ كَمَا فِي غَيْرِ الطَّائِرِ
فِي أَحْكَامِ الْخَنَاثَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ إلَى الْجِلْدَةِ (وَالْجَمْعُ) بَيْنَ الْمَاءِ وَالْجَامِدِ بِأَنْ يُقَدَّمَ الْجَامِدُ أَوْلَى مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ تَزُولُ بِالْجَامِدِ وَالْأَثَرَ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى مُخَامَرَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْجَامِدِ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِدُونِ الثَّلَاثِ مَعَ الْإِنْقَاءِ وَبِالْأَوَّلِ صَرَّحَ الْجِيلِيُّ فِي إعْجَازِهِ نَقْلًا عَنْ الْغَزَالِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الثَّانِي الْمَعْنَى وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ يَدُلَّانِ عَلَيْهِ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ نَدْبَ الْجَمْعِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَالْغَزَالِيُّ فِي عُقُودِ الْمُخْتَصَرِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْبَغَوِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ وَابْنُ سُرَاقَةَ لَكِنْ جَزَمَ الْقَفَّالُ بِاخْتِصَاصِهِ بِالْغَائِطِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ (ثُمَّ الْمَاءُ) أَوْلَى مِنْ الْجَامِدِ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْعَيْنَ وَالْأَثَرَ (وَالْإِيتَارُ) بِالْمُثَنَّاةِ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ بِشَفْعٍ فَوْقَ الثَّلَاثِ (أَوْلَى لَهُ) كَأَنْ أَنْقَى بِرَابِعَةٍ فَتُسَنُّ خَامِسَةٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مِنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ.»
(وَيَدُهُ الْيَسَارُ) أَوْلَى مِنْ الْيَمِينِ لِلِاسْتِنْجَاءِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُكْرَهُ مَسُّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَالِاسْتِعَانَةُ بِهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا فِي بَوْلٍ أَخَذَ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَالذَّكَرَ بِيَسَارِهِ وَحَرَّكَهَا دُونَ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَضِ النَّهْيُ الْحُرْمَةَ وَالْفَسَادَ فِي الْيَمِينِ كَمَا اقْتَضَاهُمَا فِي الْعَظْمِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الْإِزَالَةَ هُنَا بِغَيْرِ الْيُمْنَى وَثَمَّةَ بِالْعَظْمِ نَفْسِهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ النَّهْيَ هُنَا لِمَعْنًى فِي الْفَاعِلِ فَلَمْ يَقْتَضِ الْفَسَادَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ وَثَمَّ لِمَعْنًى فِي الْعَظْمِ فَاقْتَضَاهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ بِالنَّجِسِ هَذَا وَقَدْ قَالَ بِالْحُرْمَةِ وَالْفَسَادِ أَهْلُ الظَّاهِرِ بَلْ قَالَ: بِالْحُرْمَةِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَعْتَمِدُ فِي الدُّبُرِ بِالْمَاءِ أُصْبُعَهُ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ وَيَسْتَعْمِلُ مَا يَظُنُّ زَوَالَ النَّجَسِ بِهِ وَيُدَلِّكُ دُبُرَهُ بِيَدِهِ مَعَ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَثَرٌ يُدْرِكُهُ الْكَفُّ بِالْمَسِّ وَلَا يَسْتَقْصِي فِيهِ بِالتَّعَرُّضِ لِلْبَاطِنِ فَإِنَّهُ مَنْبَعُ الْوَسْوَاسِ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِلْبِكْرِ أَنْ تُدْخِلَ أُصْبُعَهَا فِي الثَّقْبِ الَّذِي فِي الْفَرْجِ فَتَغْسِلَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ وَكُلُّ مَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَيْهِ فَبَاطِنٌ فَلَوْ شَمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ يَدِهِ رِيحًا فَنَجِسَةٌ دُونَ الْمَحَلِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يُدَلِّكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ بَعْدَ غَسْلِ الْفَرْجِ ثُمَّ يَغْسِلَهَا وَأَنْ يَبْدَأَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ بِقُبُلِهِ وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ بِهِ قَبْلَ الْوُضُوءِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ وَلِيَأْمَنَ انْتِقَاضَ طُهْرِهِ وَأَنْ يَأْخُذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَيَنْضَحَ بِهَا فَرْجَهُ وَدَاخِلَ سَرَاوِيلِهِ أَوْ إزَارِهِ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ دَفْعًا لِلْوَسْوَاسِ وَإِذَا اسْتَنْجَى بِالْأَحْجَارِ فَعَرِقَ مَحَلُّهُ وَسَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَجَاوَزَهُ لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ شَيْءٍ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي فِي اسْتِعْمَالِ الْحَجَرِ أَنْ يَضَعَهُ عَلَى مَوْضِعٍ طَاهِرٍ بِقُرْبِ النَّجَاسَةِ ثُمَّ يُمِرَّهُ عَلَى الْمَحَلِّ وَيُدِيرَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا فَإِنْ لَمْ يُدِرْهُ نُظِرَ إنْ نَقَلَ النَّجَاسَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ تَعَيَّنَ الْمَاءَ
ــ
[حاشية العبادي]
زَادَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ فِي الْكَنْزِ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ إلَخْ) كَمَا هُوَ الْغَالِبُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَشْفَعُ فَوْقَ الثَّلَاثِ إلَخْ) تَنْبِيهٌ قُوَّةُ كَلَامِهِمْ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ نَدْبِ التَّثْلِيثِ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِهِ وَبِتَوْجِيهِهِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي إذَا حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِثَلَاثٍ أَنْ يَمْسَحَ بَعْدَهَا مَسْحَتَيْنِ تَنْزِيلًا لِمَا حَصَلَ بِهِ الْإِنْقَاءُ مَنْزِلَةَ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَخْفِيفٍ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَرَّحَ بِنَدْبِهِ فِي الْمَطْلَبِ فِي الْمَاءِ إذَا أَنْقَى وَيَنْبَغِي فِي الْحَجَرِ كَذَلِكَ فَيُسَنُّ مَسْحَتَانِ إنْ حَصَلَ الْإِنْقَاءُ بِوِتْرٍ وَثَلَاثٌ إنْ حَصَلَ بِشَفْعٍ وَاحِدَةٌ لِلْإِيتَارِ وَثِنْتَانِ لِلتَّثْلِيثِ
اهـ وَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ نَدْبِ التَّثْلِيثِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ الِاسْتِرْخَاءِ الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُوَجَّهُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ أَنَّ مَحَلَّ الرِّيحِ بَاطِنُ الْإِصْبَعِ الَّذِي كَانَ مُلَاصِقًا لِلْمَحَلِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إلَى جَوَانِبِهِ فَلَا تَنَجُّسَ بِالشَّكِّ أَوْ بِأَنَّ الْمَحَلَّ قَدْ خُفِّفَ فِيهِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ فَخُفِّفَ هُنَا فَاكْتُفِيَ بِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِ النَّجَاسَةِ اهـ وَالتَّوْجِيهُ الْأَوَّلُ قِيلَ: هُوَ الْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ شَمَّهَا بِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ يَدِهِ مُلَاقٍ لِلْمَحَلِّ حُكِمَ بِنَجَاسَتِهِ اهـ وَقَضِيَّةُ التَّوْجِيهِ الثَّانِي أَنَّ الْمَحَلَّ لَا تَجِبُ إزَالَةُ رِيحِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ قِيلَ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ خِلَافُهُ إذْ التَّخْفِيفُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَحْجَارِ لَا عِنْدَ الْغُسْلِ اهـ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَأْخُذَ حَفْنَةً إلَخْ) لَوْ كَانَ بِهِ دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَهَلْ يُغْتَفَرُ اخْتِلَاطُهُ بِمَا يَنْضَحُ بِهِ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ الِاحْتِرَازُ عَنْ الِاخْتِلَاطِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ غَسْلُ مَا سَالَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الصَّفْحَةِ وَالْحَشَفَةِ وَلَا يَبْعُدُ الْعَفْوُ عَمَّا لَمْ يُجَاوِزْهُمَا (قَوْلُهُ إنْ نَقَلَ النَّجَاسَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ تَعَيَّنَ)
ــ
[حاشية الشربيني]
اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ) وَمِثْلُهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَالْإِيتَارُ) أَيْ بِوَاحِدٍ فَقَطْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِنْقَاءِ بِشَفْعٍ)، أَمَّا لَوْ أَنْقَى بِوِتْرٍ فَلَا تُسَنُّ الزِّيَادَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: فَوْقَ الثَّلَاثِ) خَرَجَ الشَّفْعُ قَبْلَهَا فَإِنَّ الْإِيتَارَ بَعْدَهُ بِوَاحِدٍ وَاجِبٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْفَسَادُ) أَيْ لَا يُجْزِئُهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَيَسْتَعْمِلُ مَا يَظُنُّ إلَخْ) أَيْ يَسْتَعْمِلُ مِنْ الْمَاءِ مَا يَظُنُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلْبِكْرِ إلَخْ)، أَمَّا الثَّيِّبُ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَبَاطِنٌ) أَيْ لَا يَجِبُ إزَالَتُهُ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِكَوْنِهِ نَجَاسَةً حَتَّى تَظْهَرَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ