الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَمْ يَتَعَرَّضْ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ لِعَدِّ الْوَلَاءِ رُكْنًا وَحُكِيَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ رُكْنٌ وَصَوَّرَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ بِعَدَمِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ وَصَوَّرَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَدَمَهُ بِمَا إذَا سَلَّمَ نَاسِيًا وَطَالَ الْفَصْلُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ وَبِهِ يُعْلَمُ تَصْوِيرُ الْوَلَاءِ عِنْدَهُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ: الْوَلَاءُ وَالتَّرْتِيبُ شَرْطَانِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ عَدِّهِمَا رُكْنَيْنِ اهـ. وَالْمَشْهُورُ عَدُّ التَّرْتِيبِ رُكْنًا وَالْوَلَاءِ شَرْطًا
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَرْكَانِهَا أَخَذَ فِي سُنَنِهَا فَقَالَ: (وَسُنَّ) لِلْمُصَلِّي. (رَفْعٌ) لِلْيَدَيْنِ مَكْشُوفَتَيْنِ.
(وَالْإِبْهَام حِذَا شَحْمِ الْأُذُنْ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ رَأْسَ إبْهَامَيْهِ مُحَاذٍ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ وَأَصَابِعُهُ أَعْلَاهُمَا وَكَفَّيْهِ مَنْكِبَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَفْعِ يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا إلَى هَذَا الْحَدِّ وَأَمْكَنَهُ الزِّيَادَةُ أَوْ النَّقْصُ فَعَلَ الْمُمْكِنَ أَوْ أَمْكَنَاهُ زَادَ وَيُسَنُّ كَوْنُ الْكَفَّيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ وَتَفْرِقَةُ أَصَابِعِهِمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَسَطًا، وَحَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ: وَالْمَشْهُورُ مَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ اسْتِحْبَابُ التَّفْرِيقِ أَيْ: بِلَا تَقْيِيدٍ بِوَسَطٍ وَفُهِمَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ فَصَرَّحَ بِهَا. (تَحَرُّمًا) أَيْ: سُنَّ رَفْعُ يَدَيْهِ مُحْرِمًا بِأَنْ يَبْتَدِئَهُ مَعَ ابْتِدَاءِ تَحَرُّمِهِ وَيُنْهِيَهُ مَعَ انْتِهَائِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ وَنَقَلَهُ فِيهِمَا عَنْ نَصِّ الْأُمِّ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا اسْتِحْبَابَ فِي الِانْتِهَاءِ. (وَرَاكِعًا) بِأَنْ يَبْتَدِئَ الرَّفْعَ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى. (وَمُعْتَدِلْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ بِأَنْ يَبْتَدِئَ الرَّفْعَ مَعَ ابْتِدَاءِ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِذَا اسْتَوَى أَرْسَلَهُمَا إرْسَالًا خَفِيفًا إلَى تَحْتِ صَدْرِهِ فَقَطْ فَلَوْ تَرَكَ الرَّفْعَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا تَدَارَكَهُ فِي أَثْنَاءِ التَّكْبِيرِ أَوْ التَّسْمِيعِ لَا بَعْدَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَلَوْ تَرَكَهُ فِي جَمِيعِ مَا أَمَرْته بِهِ أَوْ فَعَلَهُ حَيْثُ لَمْ آمُرْهُ بِهِ كَرِهْتُ لَهُ ذَلِكَ.
وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الرَّفْعُ لِلسُّجُودِ وَلَا لِلْقِيَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَهُوَ مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ لَكِنَّهُ حَكَى فِيهَا وَجْهًا أَنَّهُ يُسَنُّ الرَّفْعُ وَقَالَ إنَّهُ الصَّحِيحُ أَوْ الصَّوَابُ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْحِكْمَةُ فِي الرَّفْعِ إعْظَامُ جَلَالِ اللَّهِ وَرَجَاءُ ثَوَابِهِ وَالتَّأَسِّي بِنَبِيِّهِ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ إلَى التَّوْحِيدِ وَقِيلَ: أَنْ يَرَاهُ مَنْ لَا يَسْمَعُ التَّكْبِيرَ فَيَقْتَدِيَ بِهِ وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ إلَى طَرْحِ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى صَلَاتِهِ
(وَكُوعُ) يَدٍ. (يُسْرَى تَحْتَ يُمْنَاهُ جُعِلْ) نَدْبًا بِأَنْ يَقْبِضَهُ مَعَ بَعْضِ الرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ بِيُمْنَاهُ. (أَسْفَلَ صَدْرٍ) وَفَوْقَ السُّرَّةِ لِخَبَرِ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ «صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ»
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مَكْشُوفَتَيْنِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِكَرَاهَةِ خِلَافِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَأَصَابِعَهُ) أَيْ: أَطْرَافَهَا. (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: أَرْسَلَهُمَا إرْسَالًا خَفِيفًا إلَخْ) خَالَفَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ فَقَالَ فِي شَرْحِهِ لِلْعُبَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يَجْعَلُهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَوْهَمَ إطْلَاقُهُمْ جَعْلَهُمَا تَحْتَهُ فِي الْقِيَامِ خِلَافَهُ ثُمَّ رَأَيْتُهُمْ صَرَّحُوا بِمَا ذَكَرْته فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ فَقَالَ كَثِيرُونَ لَا يَرْفَعُ كَدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بَلْ يَرْفَعُ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ لِيَدَيْهِ ثَمَّ وَظِيفَةٌ أَيْ: وَهِيَ جَعْلُهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ وَلَا وَظِيفَةَ لَهُمَا هُنَا اهـ. فَقَوْلُهُمْ لَا وَظِيفَةَ لَهُمَا هُنَا صَرِيحٌ فِي إرْسَالِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ جَعْلُهُمَا تَحْتَ الصَّدْرِ وَإِلَّا لَمْ يَأْتِ الْفَرْقُ بِمَا ذُكِرَ اهـ وَلَمْ يَزِدْ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ عَلَى قَوْلِهِ فَإِذَا اسْتَوَى الْمُصَلِّي قَائِمًا أَرْسَلَهُمَا اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ مَسْأَلَةُ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: تَحْتَ يُمْنَاهُ)(فَرْعٌ) لَوْ قُطِعَ كَفُّ الْيُمْنَى فَيُتَّجَهُ نَدْبُ وَضْعِ طَرَفِ الزَّنْدِ عَلَى الْيُسْرَى أَوْ كَفَّاهُ فَيُتَّجَهُ وَضْعُ أَحَدِ الزَّنْدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْبِضَهُ مَعَ بَعْضِ الرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ بِيُمْنَاهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ بَاسِطًا أَصَابِعَهَا أَيْ: الْيُمْنَى فِي عَرْضِ الْمَفْصِلِ أَوْ نَاشِرًا لَهَا صَوْبَ السَّاعِدِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ: وَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ بَاسِطًا إلَخْ ظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَبْضِ فَقَالَ لِلْقَفَّالِ بِحَذْفِ الْوَاوِ قَبْلُ قَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَوْلٌ لِلْقَفَّالِ مُقَابِلٌ لِلْقَوْلِ بِالْقَبْضِ الْمَذْكُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَ التَّخْيِيرَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ اهـ. أَيْ: وَالْمُعْتَمَدُ الْقَوْلُ بِالْقَبْضِ الْمَذْكُورِ وَكَلَامُ الْقَفَّالِ ضَعِيفٌ م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ بَعْضِ الرُّسْغِ) لِمَ عَبَّرُوا بِبَعْضِ الرُّسْغِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ قَبْضَ الْكُوعِ وَبَعْضِ السَّاعِدِ يَسْتَلْزِمُ قَبْضَ جَمِيعِ الرُّسْغِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ جَمِيعَ الرُّسْغِ إلَّا مِنْ بَاطِنِ الْيَدِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ وَتَذَكَّرَ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ أَتَى بِهِ فَإِنَّ الْحَاصِلَ هُنَا سُكُوتٌ طَوِيلٌ مَعَ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ ظَاهِرًا بِالتَّسْلِيمِ فَوَجَبَ مَعَهُ الِاسْتِئْنَافُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّ الْحَاصِلَ مَعَهُ مُجَرَّدُ سُكُوتٍ وَهُوَ لَا يَضُرُّ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بِعَدَمِ تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْتَ هَلْ يَصْدُقُ عَلَى هَذَا الْعَدَمِ حَدُّ الشَّرْطِ بِأَنَّهُ مَا قَارَنَ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ قُلْت نَعَمْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَدَمَ مُتَحَقِّقٌ مِنْ أَوَّلِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهَا فَتَأَمَّلْهُ بِلُطْفٍ فَفِيهِ دِقَّةٌ دَقِيقَةٌ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: تَصْوِيرُ الْوَلَاءِ) وَهُوَ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ إذَا سَلَّمَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ نَاسِيًا. اهـ. حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَظْهَرُ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْأَجْزَاءِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ إلَخْ) لَعَلَّهُ لِأَنَّ صُورَةَ الْمُرَكَّبِ جُزْءٌ مِنْهُ وَالتَّرْتِيبُ بِمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ صُورَةُ الصَّلَاةِ وَجُزْءٌ لَهَا حَقِيقَةً وَلَا يَأْتِي هَذَا فِي الْوَلَاءِ تَأَمَّلْ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ عَدُّ التَّرْتِيبِ مِنْ الْأَرْكَانِ بِمَعْنَى الْأَجْزَاءِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ فُسِّرَ بِجَعْلِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَرْتَبَتِهِ فَهُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ أَوْ بِوُقُوعِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَرْتَبَتِهِ فَهُوَ صُورَةٌ لِلصَّلَاةِ وَصُورَةُ الشَّيْءِ جُزْءٌ مِنْهُ فَلَا تَغْلِيبَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. اهـ.
[سُنَن الصَّلَاة]
(قَوْلُهُ: انْحَنَى) أَيْ: وَيَسْتَدِيمُ التَّكْبِيرَ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ:
أَيْ: آخِرِهِ فَتَكُونُ الْيَدُ تَحْتَهُ بِقَرِينَةِ رِوَايَةِ «تَحْتَ صَدْرِهِ» أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ.
قَالَ فِي الْأُمِّ: وَالْقَصْدُ مِنْ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَسْكِينُ يَدَيْهِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا بِلَا عَبَثٍ فَلَا بَأْسَ وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهِمَا تَحْتَ الصَّدْرِ أَنْ يَكُونَا فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَلْبَ مَحَلُّ النِّيَّةِ وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الْمُبَالَغَةِ أَخَذَهُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وَالْكُوعُ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ وَالرُّسْغُ بِالسِّينِ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ وَهُوَ الْمَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ. (وَهْوَ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّهُ. (رَاءٍ) فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ. (مَوْضِعَا) بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ أَيْ: مَوْضِعَ. (سُجُودِهِ) فَيُنْدَبُ ذَلِكَ وَلَوْ فِي ظُلْمَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ إلَّا فِي تَشَهُّدِهِ فَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ مُسَبِّحَتَهُ قَالَ الْعَبْدَرِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا: وَيُكْرَهُ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْخُشُوعَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا خَشِيَ فَوْتَ الْخُشُوعِ لِرُؤْيَةِ مَا يُفَرِّقُ ذِهْنَهُ فَالْأَوْلَى التَّغْمِيضُ
(وَ) سُنَّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ وَلَوْ لِلنَّفْلِ (قَوْلُ: وَجَّهْتُ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي ظُلْمَةٍ) أَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ يُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ م ر وَلَوْ بِحَضْرَةِ الْكَعْبَةِ أَوْ خَلْفَ نَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى التَّغْمِيضُ) وَيَنْبَغِي وُجُوبُ التَّغْمِيضِ إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ تَرْكُ مُحَرَّمٍ كَنَظَرٍ وَوُجُوبُ تَرْكِهِ إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ دَفْعُ ضَرَرٍ وَلَا يَجُوزُ ارْتِكَابُهُ كَتَلَفِ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ وَسُنَّ فِعْلُهُ إذَا كَانَ مَا يَشْغَلُ كَصُوَرٍ أَوْ كَانَ مَصْلُوبًا وَوَجْهُهُ لِلسَّمَاءِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةُ الْأَسْفَلِ لِكَرَاهَةِ نَظَرِ الْمُصَلِّي إلَى السَّمَاءِ
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ وَلْيَأْتِ عَقِبَ التَّكْبِيرِ بِدُعَاءِ الِافْتِتَاحِ إلَّا مَنْ خَافَ فَوْتَ الْقِرَاءَةِ أَوْ فَوْتَ الْوَقْتِ اهـ وَقَوْلُهُ: أَوْ فَوْتَ الْوَقْتِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ وَقْتِ الْأَدَاءِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا مَا يَسَعُ رَكْعَةً اهـ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَتَى بِالصَّلَاةِ بِسُنَنِهَا خَرَجَ الْوَقْتُ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بِسُنَنِهَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَاكَ إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ لَا يَسَعُ مَعَهَا السُّنَنَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسُّنَنِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهَذَا غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمَدِّ؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالسُّنَنِ هُنَا مَطْلُوبٌ وَالْمَدُّ خِلَافُ الْأَوْلَى وَمَحَلُّ مَا هُنَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ كَمَا عَلِمْتَهُ مِنْ عِبَارَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
تَحْتَ صَدْرِهِ) رَدَّهُ حَجَرٌ وَقَالَ يُرْسِلُهُمَا فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: الْعَبْدَرِيُّ) نِسْبَةٌ إلَى عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّتِنَا ع ش
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ قَوْلُ إلَخْ) أَيْ: بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَأَنْ يُحْرِمَ فِي وَقْتٍ يَسَعُ الصَّلَاةَ وَأَنْ لَا يَخَافَ الْمَأْمُومُ فَوْتَ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ وَأَنْ لَا يُدْرِكَ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ وَأَنْ لَا يَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْضِهَا فَإِنْ خَافَ حَرُمَ الْإِتْيَانُ بِهِ وَمِثْلُهُ التَّعَوُّذُ قَالَهُ م ر وَنَاقَشَ فِي ذَلِكَ ابْنُ شَرَفٍ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَدِّ وَهُوَ جَائِزٌ اهـ شَرْقَاوِيٌّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ذ رحمه الله قَوْلُهُ: مِنْ الْمَدِّ وَهُوَ جَائِزٌ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ مِنْ السُّنَنِ وَهِيَ يُسَنُّ الْإِتْيَانُ بِهَا حَيْثُ شَرَعَ وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا وَلَوْ الْأَرْكَانَ فَقَطْ فَيَأْتِي بِهَا وَإِنْ لَزِمَ خُرُوجُ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ، نَعَمْ لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّ اسْتِحْبَابِ الْإِتْيَانِ بِهَا حِينَئِذٍ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ أَفَادَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ م ر.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْأَرْكَانَ فَقَطْ سُنَّ الْإِتْيَانُ بِالسُّنَنِ مَا عَدَا الِافْتِتَاحَ فَلَا يُسَنُّ لِئَلَّا يَلْزَمَ خُرُوجُ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ عَنْ الْوَقْتِ بَلْ قِيلَ بِحُرْمَتِهِ حِينَئِذٍ لِذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَدِّ بِغَيْرِ السُّنَنِ كَتَطْوِيلِ الْأَرْكَانِ زِيَادَةً عَمَّا وَرَدَ وَهُوَ جَائِزٌ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الِافْتِتَاحُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَنَّ حِينَئِذٍ كَغَيْرِهِ مِنْ السُّنَنِ؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ تَرْكُهُ فِي الْجِنَازَةِ وَفِيمَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعٍ أَوْ اعْتِدَالٍ فَانْحَطَّتْ رُتْبَتُهُ عَنْ بَقِيَّةِ السُّنَنِ وَأَيْضًا هِيَ قَدْ شُرِعَتْ مُسْتَقِلَّةً وَلَيْسَتْ مُقَدِّمَةً لِشَيْءٍ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهُ شُرِعَ مُقَدِّمَةً لِغَيْرِهِ أَفَادَهُ ع ش عَنْ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي لَا يَسَعُ جَمِيعَ الْأَرْكَانِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ م ر حُرْمَةُ الْإِتْيَانِ بِشَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ وَقَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَحَجَرٍ مَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ التَّأْخِيرُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ الْإِتْيَانُ بِالسُّنَنِ حِينَئِذٍ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ قَالَ بِعَدَمِ حُرْمَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُكَلَّفُ الْعَجَلَةَ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ أَخَّرَ بِعُذْرٍ أَوْ لَا قَالَ سم لَكِنْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى إيقَاعِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ اهـ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ م ر لَمْ يَقُلْ بِالْحُرْمَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْهُ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ لَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْمُحَشِّي فِي النَّقْلِ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ قَائِلٌ بِالْحُرْمَةِ إذَا شَرَعَ وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الْأَرْكَانَ فَقَطْ أَيْ: فَيَحْرُمُ الِافْتِتَاحُ حِينَئِذٍ لِئَلَّا يَخْرُجَ بَعْضُ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ وَاَلَّذِي قَالَ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَلَى سَبِيلِ التَّرَدُّدِ وَلَمْ يَجْزِمَا بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى حَجَرٍ وَقَدْ عَلِمْتُ رَدَّهُ. اهـ. - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ، وَبِهِ تَعْلَمُ رَدَّ مَا كَتَبَهُ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ قَوْلُ وَجَّهْتُ) وَيَقْرَؤُهُ الْمَأْمُومُ وَإِنْ سَمِعَ قِرَاءَةَ إمَامِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِرَاءَةِ السُّورَةِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ تُعَدُّ قِرَاءَةً
إلَى آخِرِ (الدُّعَا) وَهُوَ «وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ» لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَّا كَلِمَةَ «مُسْلِمًا» فَابْنُ حِبَّانَ وَفِي رِوَايَةٍ «وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ عَلِمَ رِضَاهُمْ بِالتَّطْوِيلِ «اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُك ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْت بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك أَنَا بِك وَإِلَيْك تَبَارَكْتُ وَتَعَالَيْتُ أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك»
وَقَدْ صَحَّ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ أَخْبَارٌ مِنْهَا مَا ذُكِرَ وَمِنْهَا «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمِنْهَا «الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ وَمِنْهَا اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَبِأَيِّهَا افْتَتَحَ أَتَى بِأَصْلِ السُّنَّةِ لَكِنْ أَفْضَلُهَا الْأَوَّلُ فَلَوْ تَرَكَ التَّوَجُّهَ حَتَّى تَعَوَّذَ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِفَوْتِ مَحَلِّهِ وَيَأْتِي بِهِ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ تَأْمِينِهِ مَعَ الْإِمَامِ لِقِصَرِهِ لَا بَعْدَ جُلُوسِهِ أَوْ سُجُودِهِ مَعَهُ لِطُولِهِ وَلَا إذَا خَشِيَ عَدَمَ إمْكَانِهِ الْفَاتِحَةَ وَلَا الْمُصَلِّي عَلَى جِنَازَةٍ لِطَلَبِ التَّخْفِيفِ
(وَ) سُنَّ عَقِبَ الِافْتِتَاحِ. (الِاسْتِعَاذُ) بِحَذْفِ تَاءِ التَّعْوِيضِ أَيْ: الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ النَّصِّ وَتَحْصُلُ بِكُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى التَّعَوُّذِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَأَفْضَلُهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. (كُلَّ رَكْعَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98] أَيْ: أَرَدْتَ قِرَاءَتَهُ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَلِحُصُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى آكَدُ؛ لِأَنَّ افْتِتَاحَ قِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إنَّمَا يَكُونُ فِيهَا وَيُسْتَثْنَى الْمَأْمُومُ إذَا خَشِيَ عَدَمَ إمْكَانِهِ الْفَاتِحَةَ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَإِذَا أَتَى بِالذِّكْرِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ التَّعَوُّذُ وَإِنْ اقْتَضَى سُنِّيَّتَهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالذِّكْرِ شَيْئًا آخَرَ سِوَى الْبَدَلِيَّةِ كَأَنْ اسْتَفْتَحَ أَوْ تَعَوَّذَ بِقَصْدِ إقَامَةِ سُنِّيَّتِهِمَا قَالَ فَيُصَوَّرُ كَلَامُهُمَا بِمَا إذَا لَزِمَهُ الذِّكْرُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّسْمِيَةِ فَتَعَوَّذَ بَدَلًا عَنْهَا وَلَوْ فَصَلَ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يُسَنُّ إعَادَةُ التَّعَوُّذِ كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُ النَّظْمِ بِكُلِّ رَكْعَةٍ لَكِنَّهُ يَفْهَمُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَتَعَوَّذُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ رَكْعَتَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ تَرْتِيبُ التَّعَوُّذِ عَلَى الِافْتِتَاحِ مَعْلُومًا لِكَوْنِهِ لِلْقِرَاءَةِ لَمْ يَحْتَجْ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ إلَى التَّعْبِيرِ بِثُمَّ مَعَ أَنَّ فِي تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ إشَارَةً إلَيْهِ.
(يُسَرْ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ يُسَرُّ بِهِمَا بِلَا خِلَافٍ فِي الِافْتِتَاحِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي التَّعَوُّذِ بِجَامِعِ تَقَدُّمِهِمَا الْفَاتِحَةَ بِخِلَافِ خَارِجِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ قَطْعًا وَيَكْفِيهِ تَعَوُّذٌ وَاحِدٌ مَا لَمْ يَقْطَعْ قِرَاءَتَهُ بِكَلَامٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ.
ــ
[حاشية العبادي]
شَرْحِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ قُلْت لَكِنْ يُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْأَنْوَارِ الْمَذْكُورَةَ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَقْلًا عَنْ الْفَارِقِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ضَاقَ وَقْتُ صُبْحِ الْجُمُعَةِ عَنْ قِرَاءَةِ جَمِيعِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] فِي الْأُولَى وَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: 1] فِي الثَّانِيَةِ اقْتَصَرَ عَلَى قِرَاءَةِ مَا يُمْكِنُ مِنْهُمَا قُلْت لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ بَعْضِهِمَا، وَكَلَامُ الْأَنْوَارِ فِيمَا إذَا لَزِمَ فَوَاتُ السُّنَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إلَى آخِرِ الدُّعَاءِ) لَعَلَّ الْأَوْجَهَ نَصْبُ الدُّعَاءِ بِمَحْذُوفٍ كَ اقْرَأْ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَ التَّوَجُّهَ) وَلَوْ سَهْوًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَ التَّوَجُّهَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَهُ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى التَّعَوُّذِ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ فَوَاتِهِ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: كُلَّ رَكْعَةٍ) مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَوْ سَهْوًا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ) آنِفًا. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَيْ: التَّعَوُّذُ لِعَاجِزٍ أَتَى بِالذِّكْرِ بَدَلَ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَوْجَهِ حَجَرٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ لِلْبَدَلِ حُكْمَ الْمُبْدَلِ.
م ر (فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا التَّعَوُّذَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مَرَّةً عَنْ التَّعَوُّذِ ثُمَّ يُكَرِّرَهُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ مَعَ الْبَسْمَلَةِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى سُنِّيَّتَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: لَا يُسَنُّ إعَادَةُ التَّعَوُّذِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِلْمَأْمُومِ فَأَغْنَتْ عَنْ قِرَاءَتِهِ وَسُنَّ اسْتِمَاعُهُ لَهَا وَلَا كَذَلِكَ الِافْتِتَاحُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الدُّعَاءُ لِلْإِمَامِ وَدُعَاءُ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ لَا يُعَدُّ دُعَاءً لِغَيْرِهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَجَّهْت إلَخْ) وَيَجْتَهِدُ فِي تَحْصِيلِ الصِّدْقِ خَوْفًا مِنْ الْكَذِبِ فِي هَذَا الْمَقَامِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَجْهِي) أَيْ: ذَاتِي كَنَّى عَنْهَا بِالْوَجْهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ وَجْهًا مُقْبِلًا عَلَى رَبِّهِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى قَصْدِ لَفْظِ الْآيَةِ أَوْ مُطْلَقًا فَإِنْ أَرَادَ مَعْنَاهُ لَمْ يَجُزْ بَلْ يَكْفُرُ لِتَكْفِيرِهِ مَنْ قَبْلَهُ اهـ بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَإِمَامُ مَحْصُورِينَ) فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَسْجِدُ مَطْرُوقًا لِيَتَحَقَّقَ الْحَصْرُ. اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ: عَلِمَ رِضَاهُمْ) أَيْ: صَرِيحًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونُوا مُسْتَأْجَرِينَ إجَارَةَ عَيْنٍ عَلَى عَمَلٍ نَاجِزٍ، وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ شُرِطَ كَوْنُهُنَّ غَيْرَ مُتَزَوِّجَاتٍ اهـ ش. (قَوْلُهُ: وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك) أَيْ: لَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَيْكَ أَوْ لَيْسَ شَرَابًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْك فَإِنَّك خَلَقْتَهُ لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ شَرٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى خَلْقِك. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: حَتَّى تَعَوَّذَ) أَيْ: أَتَى بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعَوُّذُ وَلَوْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ فَقَطْ كَذَا ظَهَرَ لَكِنْ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ إنْ تَعَوَّذَ وَلَوْ بِالشُّرُوعِ فِيهِ قَبْلَ اسْتِفْتَاحِهِ لَمْ يَتَدَارَكْهُ أَيْ: الِاسْتِفْتَاحَ سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا اهـ.
(قَوْلُهُ: عَقِبَ الِافْتِتَاحِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالِاسْتِعَاذَةُ ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي قَرِيبًا اهـ. (قَوْلُهُ: تَاءِ التَّعْوِيضِ) عَنْ الْعَيْنِ الْمَحْذُوفَةِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ قَطْعًا)