المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب القذف واللعان] - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٤

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

- ‌[بَابُ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[بَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌[بَابُ الْبُغَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالْمُخَدَّرَات]

- ‌[بَابُ التَّعَازِيرِ وَضَمَانِ الْوُلَاةِ]

- ‌[بَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌[بَابُ الزِّنَا]

- ‌[بَابُ السَّرِقَةِ]

- ‌[بَابُ السِّيَرِ]

- ‌[بَابُ الْهُدْنَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[بَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[بَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ النَّذْرِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ إلْحَاقِ الْقَائِف]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[بَاب الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: ‌[باب القذف واللعان]

[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي شَخْصَيْنِ تَخَاصَمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ يَا مَأْبُونُ يَا مُخَنَّثُ يَا فَرْخَ الزِّنَا يَا وَلَدَ الزِّنَا وَعَنْ شَخْصٍ قَالَ لِشَاهِدَيْنِ اشْهَدَا عَلَيَّ إذَا أَبْرَأَتْنِي زَوْجَتِي فُلَانَةُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَغَيْرِهَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مُطْلَقًا فَهِيَ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَذَكَرَا لَهَا ذَلِكَ فَقَالَتْ بِصَرِيحِ لَفْظِهَا هُوَ الْبَرِيءُ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَيْءٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ عَلَّقَ عَلَى مَجْهُولٍ وَأَبْرَأَتْ مِنْ مَجْهُولٍ وَإِذَا قُلْتُمْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةً وَلَا إبْرَاءَ فَهَلْ يَكُونُ رَجْعِيًّا أَمْ بَائِنًا.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الْأُبْنَةُ دَاءٌ يَحْدُثُ فِي أَسَافِلِ الْمَعِدَةِ يَتَوَلَّدُ عَنْهُ أَفْعَالٌ خَبِيثَةٌ غَالِبًا وَحِينَئِذٍ فَمَأْبُونٌ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْقَذْفِ بَلْ كِنَايَة فِيهِ وَكَذَلِكَ مُخَنَّثٌ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ ذُو الْخُنُوثَةِ فُتِحَتْ نُونُهُ أَوْ كُسِرَتْ وَهِيَ التَّشَبُّهُ بِالنِّسَاءِ الْمُحْتَمِلُ لَمَا هُوَ قَذْفٌ وَغَيْرُهُ فَيَكُونُ كِنَايَةً أَيْضًا وَأَمَّا فَرْخٌ فَهُوَ اصْطِلَاحٌ لِبَعْضِ النَّاسِ بِمَعْنَى وَلَدِ الزِّنَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مَفْهُومَهُ وَضْعًا وَلَا عُرْفًا عَامًّا بَلْ وَلَا هُوَ أَحَدُ مُحْتَمَلَاتِهِ الْوَضِيعَةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكِنَايَةٍ لِعَدَمِ صِدْقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ فِيهِ التَّعْزِيرُ كَأَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ الْقَذْف وَأَمَّا وَلَدُ الزِّنَا فَهُوَ صَرِيحٌ فِي قَذْفِ الْأُمِّ فَيُحَدُّ لَهَا حَدَّ الْقَذْفِ وَلَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ وَلَا سَبٌّ لِلْأَبِ وَالْمُعَلِّقُ عَلَى الْبَرَاءَةِ إلَّا أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ الْبَرَاءَةَ الصَّحِيحَةَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ وَإِنْ أَرَادَ تَلَفُّظَهَا بِالْبَرَاءَةِ طَلَقَتْ رَجْعِيًّا، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِغَيْرِهِ يَا شَيْطَانُ هَلْ يُعَزَّرُ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إنْ أَرَادَ تَشْبِيهَهُ بِهِ فِي الْفَسَادِ عُزِّرَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْكَرَابِيسِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا تَعْزِيرَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى الْحَذْقِ وَجَوْدَةِ الْفَهْمِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَثَبَتَ افْتِرَاشُهُ لَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ ثُبُوتِ افْتِرَاشِهَا أَوْ لَا؟ فَهَلْ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِذَلِكَ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا قُلْتُمْ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِذَلِكَ فَمِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى؟ فَإِنَّ بَعْضَ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ مِنْ أَهْلِ جِهَتِنَا أَفْتَى بِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ شَرْعًا إلَّا إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ.

فَقَالَ أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي أَوَائِلَ كِتَابِ اللِّعَان مِنْ الرَّوْضَةِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ وَهَذَا نَصُّ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الَّتِي فَهِمَ مِنْهَا الْمُفْتِي ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ تَعْرِفْ وَقْتَ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَمْ يَلْحَقْ بِهِ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ عَلَى فِرَاشِهِ وَالْإِمْكَانُ لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي نِكَاحِهِ لِزَمَانِ الْإِمْكَانِ اهـ لَفْظُ الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِلْمَمْلُوكِ وَجْهُ مَا أَفْتَى بِهِ هَذَا الْفَقِيهُ الْمَذْكُورُ وَلَا أَخَذَ الْمَسْأَلَةَ مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ بَلْ يَظْهَرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ غَيْرُ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُول عَنْهَا وَأَيْضًا فَإِنَّ بَعْضَ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ مِنْ أَهْلِ زُبَيْدٍ أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي جَوَابٍ لَهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَحَاصِلُ جَوَابِهِ أَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ الزَّوْجَ عِنْدَ جَهْلِ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَلَفْظُهُ فِي آخِرِ جَوَابِهِ وَإِذَا جَهِلَتْ الْمُدَّةَ فَلَمْ يَدْرِ هَلْ وَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ أَوْ لِدُونِهَا قَالَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ.

فَهَذِهِ لَمْ أَرَهَا مَنْقُولَةً وَلِلنَّظَرِ فِيهَا مَجَالٌ وَلَعَلَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ يَلْحَقُ لِثُبُوتِ كَوْنِهَا فِرَاشًا ثُمَّ سَاقَ كَلَامًا آخَرَ لِلْبُلْقِينِيِّ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَمَا الرَّاجِحُ يَا سَيِّدِي فِي ذَلِكَ وَمَا الَّذِي يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُعْتَمَدُ فِيهَا مِنْ الْجَوَابَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَيَّنُوا لَنَا ذَلِكَ وَأَوْضِحُوهُ لَا زِلْتُمْ مَصَابِيحَ الظَّلَامِ وَهُدَاةَ الْأَنَامِ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ قَدْ تَعَقَّبْت وَتَصَفَّحْت عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيَّامًا حَتَّى رَأَيْت فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَاب أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إلَّا إنْ ثَبَتَتْ وِلَادَتُهُ عَلَى فِرَاشِهِ لِزَمَانِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاع بَعْدَ النِّكَاحِ وَعِبَارَة النَّصِّ وَلَوْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ وَلَدًا فَقَالَ لَيْسَ هَذَا بِابْنِي فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ حَتَّى يُفَسِّر فَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ قَذْفَهَا وَلَمْ تَلِدُهُ مِنِّي أَوْ وَلَدَتْهُ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ قَبْلِي وَعَرَفَ نِكَاحَهَا قَبْلَهُ فَلَا يَلْحَقُهُ إلَّا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ

ص: 201

يَشْهَدْنَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ وَلِوَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ فِيهِ مِنْهُ لِأَقَلِّ الْحَمْلِ وَإِنْ سَأَلَتْ يَمِينَهُ أَحَلَفْنَاهُ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ أَحَلَفْنَاهَا وَلَحِقَهُ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ لَمْ يَلْحَقْهُ.

وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه أَيْضًا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَلَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ وَلَمْ أُصِبْهَا قِيلَ لَهُ قَدْ تَخَطَّى فَلَا يَكُونُ حَمْلًا وَيَكُونُ صَادِقًا وَهِيَ غَيْرُ زَانِيَةٍ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ فَمَتَى اسْتَيْقَنَا أَنَّهُ حَمْلٌ قُلْنَا لَهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَأْخُذَ نُطْفَتَك فَتُدْخِلُهَا فَتَحْمِلُ مِنْكَ فَتَكُونُ صَادِقًا بِأَنَّك لَمْ تُصِبْهَا وَهِيَ صَادِقَةٌ بِأَنَّهُ وَلَدُك وَإِنْ قُذِفَتْ لَاعَنَتْ وَإِنْ نَفَى وَلَدَهَا وَقَالَ لَا أُلَاعِنُهَا وَلَا أَقْذِفُهَا لَمْ يُلَاعِنْهَا وَلَزِمَهُ الْوَلَدُ

وَإِنْ قَذَفَهَا لَاعَنَهَا لِأَنَّهُ إذَا لَاعَنَهَا بِغَيْرِ قَذْفٍ فَإِنَّمَا يَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ تَلِدْهُ وَقَدْ عَلِمَتْ بِأَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ سبحانه وتعالى اللِّعَانَ بِالْقَذْفِ فَلَا يَجِبُ بِغَيْرِهِ وَلَوْ قَالَ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنَّهَا غَصَبَتْهُ لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ فَإِذَا الْتَعَنَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَلَا يَلْحَقُهُ إلَّا بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ لَهُ وَلِوَقْتٍ يُمْكِنُ أَنْ تَلِدَ فِيهِ مِنْهُ لِأَقَلِّ الْحَمْلِ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفْي وَالِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي هُوَ أَبْلَغُ طُرُقِ الْحَصْرِ تَجِدهُ صَرِيحًا فِيمَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إلَّا إنْ ثَبَتَتْ وِلَادَتُهُ عَلَى فِرَاشِهِ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُشْتَمِلٌ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمَّا سَاقَهُ قَالَ عَقِبَهُ وَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلُ إحْدَاهَا سُئِلَ فَقَالَ لَمْ أُرِدْ قَذْفَهَا وَإِنَّمَا الْتَقَطَتْهُ أَوْ اسْتَعَارَتْهُ وَلَمْ تَلِدْ عَلَى فِرَاشِي فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ بِالْوِلَادَةِ عَلَى فِرَاشِهِ وَهِيَ شَاهِدَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ أَرْبَع نِسْوَة وَلَوْ طَلَبَتْ يَمِينه أُحْلِفَ فَإِنْ حَلَفَ فَذَاكَ وَإِنْ نَكَلَ أُحْلِفَتْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِهِ: فَتَحْلِفُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ عَلَى فِرَاشِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهَا وَلَا يَنْتَفِي وَإِنَّمَا التَّدَاعِي بَيْنَهُمَا فِي الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ وَفِي أَنَّهَا وَلَدَتْهُ أَمْ لَا وَلِذَا إنَّمَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَذْكُر ابْنُ الْعِمَادِ الرَّافِعِيِّ غَيْرَهُ وَقَالَ الْفُورَانِيُّ إنْ نَفَى وِلَادَتَهُ عَلَى فِرَاشِهِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَإِنْ قَالَ لَيْسَ هُوَ بِوَلَدٍ لِي حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ ثُمَّ إنَّمَا يَلْحَقُهُ إذَا حَلَفَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُحْلِفْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ حُدُوثُهُ عَلَى الْفِرَاشِ أَيْ وَلِأَنَّ يَمِينَ الرَّدِّ لَا تُرَدُّ اهـ.

الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ شَرْحًا لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّصُّ ثُمَّ إنَّمَا يَلْحَقُهُ إذَا حَلَفَتْ عَلَى الْوِلَادَةِ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ تَجِدُهُ مُصَرِّحًا بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا صَرَّحَ بِهِ النَّصُّ وَهُوَ مَا ذَكَرْته أَوَّلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَيْضًا الثَّانِيَةُ أَيْ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ النَّصُّ الْمَذْكُورُ إذَا قَالَ لَمْ أُرِدْ قَذْفَهَا بَلْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنِّي بَلْ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قَبْلِي فَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُمَا لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَاذِفًا وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَمَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَمَاعَةُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ كَالْبَنْدَنِيجِيِّ وَسُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَالتَّقْرِيبِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَنَصَّ الْمَقْدِسِيُّ فِي التَّهْذِيبِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَ ذَلِكَ قِيلَ هَذَا الْبَيَانُ غَيْرُ مَقْبُول فَبَيَّنَهُ بِمَا يُمْكِنُ لِيُقْبَل وَإِنْ عُرِفَ لَهَا زَوْجٌ فَإِمَّا أَنْ يُعْرَفَ وَقْتُ طَلَاقِهِ وَعَقْدُ الثَّانِي وَوَقْتُ الْوِلَادَةِ، أَوْ لَا يُعْرَفُ فَإِنْ عَرَفْنَا جَمِيعَ ذَلِكَ فَإِنْ أَمْكَنَ إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أُلْحِقَ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ أَيْ عَلَى قَوْلِ الْأَصَحِّ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّهُ لِلثَّانِي لِانْقِطَاعِ فِرَاشِ الْأَوَّلِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْعِدَدِ وَإِنْ جُهِلَ وَقْتُ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَعَقْدُ الثَّانِي وَوَقْتُ الْوِلَادَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ وَفِي كَيْفِيَّتِهَا وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَالثَّانِي أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِزَمَانٍ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ مِنْهُ أَيْ فَتُخَيِّرُهُ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا يُعْتَرَضُ لِكَوْنِهِ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَإِذَا حَلَفَ انْتَفَى عَنْهُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ كَمَا سَبَقَ عَنْ نَصِّهِ اهـ.

الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ قَوْلَ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ الْمَاوَرْدِيُّ وَمَنْ مَعَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ قِيلَ هَذَا الْبَيَانُ إلَخْ أَيْ: قَوْلُك لَيْسَ مِنِّي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ قَبْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تُبَيِّنَ سَبَبَ انْتِفَائِهِ

ص: 202

عَنْ فِرَاشِك مِنْ عَدَمِ وِلَادَتِهِ عَلَيْهِ، أَوْ عَدَمِ إمْكَانِهِ مِنْك لِكَوْنِهَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ مُدَّةِ أَقَلّ الْحَمْلِ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ حَتَّى تُقْبَلَ دَعْوَاك أَنَّهُ لَيْسَ مِنْك فَإِذَا فَهِمَتْ أَنَّ هَذَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ كَانَ كَلَامُهُمْ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ لِدُونِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ يُقْبَلُ وَعَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا قَوْلَهُمْ الْمُوَافِق لِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ وَعِبَارَة أَصْلِهَا أَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهَا فِي ذَلِكَ إذَا جَهِلَ وَقْتَ طَلَاق الْأَوَّلِ وَوَقْت عَقْدِ الثَّانِي وَوَقْتَ الْوِلَادَة فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِزَمَانِ يَسْتَحِيلُ كَوْنه مِنْهُ تَجِدُهُ صَرِيحًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا وَوَجْهُ صَرَاحَتِهِ أَنَّ فِرَاشَ الْأَوَّلِ قَدْ انْقَطَعَ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَالْفِرَاشُ لَيْسَ إلَّا لِلثَّانِي وَقَدْ جَهِلْنَا أَنَّ وِلَادَةَ هَذَا الْوَلَد عَلَيْهِ لِزَمَنٍ يُمْكِنُ كَوْنه مِنْهُ، أَوْ لَا فَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، أَوْ فِي أَنَّهُ وُلِدَ لِزَمَنٍ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ لِدُونِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مَثَلًا فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُدَّةَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْوِلَادَةِ إذَا جُهِلَتْ لَا تَكُونُ الْوِلَادَةُ عَلَى الْفِرَاشِ سَبَبًا لِلْإِلْحَاقِ بِذِي الْفِرَاشِ إلَّا إنْ ثَبَتَتْ أَنَّهَا لِمُدَّةِ أَقَلِّ الْحَمْلِ فَأَكْثَرُ وَصَرَاحَةُ مَا تَقَرَّرَ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ لَا تَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرْته وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الَّتِي فِي السُّؤَالِ شَرْحُهَا مَا ذَكَرْته بِقَوْلِي عَنْهُمْ إذَا جَهِلَ وَقْتَ طَلَاق الْأَوَّلِ وَوَقْتَ عَقْدِ الثَّانِي وَوَقْتَ الْوِلَادَةِ إلَخْ وَعِبَارَةُ أَصْلهَا أَظْهَرُ فِي ذَلِكَ مِنْ عِبَارَتهَا وَهِيَ وَإِذَا لَمْ نَعْرِفْ وَقْتَ فِرَاقِ الْأَوَّلِ وَنِكَاحِ الثَّانِي فَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَحُصُولُ الْإِمْكَانِ شَرْطٌ لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي نِكَاحِهِ لِزَمَانِ الْإِمْكَان أَيْ فَحِينَئِذٍ يَلْحَقُهُ وَتُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ الْمُحْصَنَاتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ تَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ انْتَهَتْ مُلَخَّصَةً

وَقَوْلُهُ: فَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ أَيْ بِالثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَقَوْله لِأَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّ إمْكَانَ الْوِلَادَةِ مِنْهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فَهَذَا نَصُّ فِي مَسْأَلَتِنَا عَلِمْت أَنَّ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرَهُمَا قَرَّرُوا أَنَّ الْوَلَدَ عَلَى فِرَاشِ الثَّانِي وَأَنَّ حُصُولَ الْإِمْكَانِ مَعَ كَوْنِ الْوَلَدِ عَلَى الْفِرَاش شَرْطٌ فِي لُحُوقِهِ بِذَلِكَ الْفِرَاشِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْإِمْكَانَ الْمُشْتَرَطَ عِنْدَ الْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَد وَإِنْ كَانَ عَلَى فِرَاشِهِ وَهَذَا هُوَ عَيْنُ مَا قَدَّمْته عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُوَافِقِ لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ فُقَهَاءِ جِهَةِ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِهِمَا وَبِمَا قَرَّرَتْهُ فِيهِ عَلِمْت دَلَالَتَهُ الْوَاضِحَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ تَعَارَضَ هُنَا فِرَاشَانِ فَإِذَا نُفِيَ عَنْ الثَّانِي كَمَا ذَكَرَ يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ بِخِلَافِ صُورَةِ السُّؤَالِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ فِرَاش الزَّوْجِ ضَيَاعُ نَسَبِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالنَّسَبُ يُحْتَاطُ لَهُ مَا أَمْكَنَ قُلْت إذَا تَأَمَّلْت قَوْلَهُمْ السَّابِقَ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ لَا يَتَعَرَّضُ لِكَوْنِهِ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ خَيَالٌ لَا اعْتِبَارَ بِهِ لِأَنَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ جَهِلَ وَقْت طَلَاقِ الْأَوَّلِ فَالْإِلْحَاقُ بِهِ مُسْتَحِيلٌ لِلْجَهْلِ بِوَقْتِ طَلَاقِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ الِانْتِفَاءِ عَنْ الثَّانِي هُنَا الْإِلْحَاقُ بِالْأَوَّلِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَسَاوَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ صُورَةَ السُّؤَالِ فِي أَنَّهُ يَنْتَفِي عَنْ ذِي الْفِرَاشِ فِيهِمَا وَإِنْ شَاعَ نَسَبُهُ وَقَدْ صَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلُّحُوقِ بِالْفِرَاشِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ قَالُوا لَوْ قَالَ هَذَا وَلَدِي مِنْ أَمَتِي وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِي فَإِنْ كَانَتْ فِرَاشًا لَهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا لَحِقَهُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ لَا بِالْإِقْرَارِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِمْكَانُ وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَالْوَلَدُ لِلزَّوْجِ عِنْدَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ صَرَائِحُ بَيِّنَةٌ فِي أَنَّ الْفِرَاشَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِكَافٍ فِي الْإِلْحَاقِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ تَحَقُّقِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ عِبَارَاتِهِمْ هَذِهِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ وَالشُّرُوطُ لَا بُدَّ مِنْ تَيَقُّنِهَا أَوْ ظَنِّهَا الْمُسْتَصْحَبِ بَعْدَ تَيَقُّنِ وُجُودِهَا وَعِنْدَ وُجُودِ الْفِرَاشِ وَالشَّكِّ فِي أَنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ

أَوْ بَعْدَهَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مُوجِبُ الْإِلْحَاقِ أَصْلًا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْفِرَاشَ وَحْدَهُ غَيْرُ كَافٍ وَأَنَّ الْإِمْكَانَ عِنْدَ الشَّكِّ غَيْرُ مَوْجُودٍ يَقِينًا وَلَا ظَنَّا وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ لَا يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ وَالْمُرَادُ الشَّكُّ فِي أَصْلِ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَمَا نَقَلَهُ فِي السُّؤَالِ

ص: 203

عَنْ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَجِيبٌ مَعَ سَعَةِ اطِّلَاعِهِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ كَمَا عَلِمْت مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَصْحَاب رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ هِيَ فِي الْمُخْتَصَرَاتِ أَيْضًا كَالتَّنْبِيهِ وَعِبَارَته بَابُ مَا يَلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ وَمَا لَا يَلْحَق وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ لَحِقَهُ نَسَبُهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ وَفَسَّرَ شُرَّاحَهُ ابْن الرِّفْعَةِ وَابْن النَّقِيبِ وَغَيْرُهُمَا زَمَنَ الْإِمْكَانِ بِمَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ وِلَادَتُهُ لِأَقَلّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَالزَّوْجُ مِمَّنْ يُحْبِلُ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ وِلَادَته لِأَقَلّ مِدَّةِ الْحَمْلِ وَالزَّوْجُ مِمَّنْ يُحْبِلُ وَأَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ وَلَا نَظَرَ لِإِمْكَانِ اسْتِدْخَالِهَا مَنِيّه لِنُدْرَةِ الْحَبَلِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ أَعْنِي التَّنْبِيهَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَيْ بِأَنْ تُوجَدَ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ تَجِدُهُ صَرِيحًا فِيمَا قَدَّمْته مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي اللُّحُوقِ بِالْفِرَاشِ مِنْ تَحَقُّقِ الْإِمْكَانِ الْمَذْكُورِ وَيَلْزَمُ عَلَى بَحْثِ السَّيِّدِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَشَكَّ فِي إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِ بِهَا، أَوْ لَا أَوْ فِي أَنَّهُ مَمْسُوحٌ، أَوْ لَا أَوْ فِي أَنَّهَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلّ مُدَّةِ الْحَمْلِ، أَوْ لَا، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ آخِر اجْتِمَاعِهِ مَعَهَا، أَوْ لَا أَوْ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا الشَّكِّ وَأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ مَعَ ذَلِكَ الشَّكِّ وَكَلَامُهُمْ طَافِحٌ بِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ جَمِيعِ ذَلِكَ لَمَا عَرَفْت أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا بِالْمَعْنَى السَّابِقِ حَتَّى يُوجَدَ الْمَشْرُوطُ وَإِلَّا لَمْ يُوجَدْ لِمَا هُوَ مُقَرَّرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُ الْمَشْرُوطِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ الْخِلَاف الْمَشْهُور بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَنَّ مَنْ نَكَحَ وَطَلَّقَ ثُمَّ أَتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ فَعِنْدَنَا لَا نُلْحِقُهُ إلَّا إنْ تَحَقَّقْنَا تَخَلُّل زَمَنٌ بَيْنَ الْعَقْدِ

وَالطَّلَاقِ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ بِالزَّوْجَةِ فِيهِ عَادَةً وَعِنْدَهُ يَلْحَقُ النَّسَبُ وَإِنْ طَلَّقَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَهِيَ بِالْمَشْرِقِ وَهُوَ بِالْمَغْرِبِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَأْخَذَ مَا قَدَّمْته عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ مُضِيِّ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ مَعَ تَحَقُّقِ الشُّرُوطِ الْأُخَر الْبَاقِيَة فَإِنْ قُلْت مَا قَرَّرْته مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْإِمْكَانِ ظَاهِر فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ، أَوْ نَحْوُهُ مَوْجُودًا وَتَنَازَعَ مَعَ الزَّوْجَةِ، أَوْ نَحْوِهَا وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَصْحَابِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا أَمَّا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَنَحْوُهُ مَثَلًا ثُمَّ رَأَيْنَا زَوْجَتَهُ وَلَدَتْ عَلَى فِرَاشِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بِكَوْنِهِ وَلَدًا لَهُ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ وُجُودِ تِلْكَ الشُّرُوطِ أَوَّلًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مِنْ الْفِرَاشِ وَهُوَ الْإِلْحَاقُ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِذَلِكَ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ بَحْثُ السَّيِّدِ السَّابِقِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ نِسْبَتِهِ وَانْتِسَابِهِ إلَى مَنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْعَارِ بِضَيَاعِ نَسَبِهِ وَلِأُمِّهِ عَنْ الْعَارِ بِرَمْيِهَا بِالزِّنَا وَنَحْوِهِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ نَازَعَهُ فِي انْتِسَابِهِ إلَى ذِي الْفِرَاشِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ بَيِّنَةٍ وَلَوْ أَرْبَعَ نِسْوَة فِيمَا يُقْبَلْنَ فِيهِ تَشْهَدُ بِوُجُودِ جَمِيعِ تِلْكَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، أَوْ فِيمَا نُوزِعَ فِيهِ مِنْهَا حَتَّى يَنْدَفِعُ النِّزَاعُ فِيهِ الْمُعْتَضِدُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ أُبُوَّةِ ذِي الْفِرَاشِ لَهُ حَتَّى تَتَحَقَّقُ مُقْتَضَيَاتُ الْإِلْحَاقِ وَيُوَافِقُ مَا قَدَّمْته أَوَّلًا أَيْضًا قَوْل ابْنِ الْوَكِيلِ وَأَقَرُّوهُ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ إلَّا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ.

وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ هَذَا لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ خَطَأٌ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَلَدِ الْكَامِلِ أَمَّا النَّاقِص كَأَنَّ جُنِيَ عَلَى حَامِلٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ أَبَوَيْهِ وَتَكُونُ الْغُرَّةُ لَهُمَا وَكَذَا لَوْ أَجْهَضَتْهُ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ كَانَتْ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ وَكَفَنِهِ عَلَى أَبِيهِ وَإِنَّمَا يَتَقَيَّدُ بِالسِّتَّةِ أَشْهُرٍ الْوَلَدُ الْكَامِلُ دُونَ النَّاقِصِ فَتَأَمَّلْ هَذَا تَجِدْهُ أَيْضًا مُوَافِقًا لَمَا قَدَّمْته عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ مُضِيِّ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ قَبْل الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْضًا أَطْبَاقُهُمْ فِي أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ هَذَا ابْنِي لَا يَلْحَقُهُ إلَّا إنْ تَحَقَّقَ إمْكَانُ كَوْنِهِ مِنْهُ فَلَوْ شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ لَمْ نُلْحِقْهُ بِهِ فَكَذَا هُنَا لِأَنَّ غَايَةَ الْفِرَاشِ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَذَا وَلَدِي فَإِنْ قُلْت قَدْ يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: فِي أَنَّ الْوِلَادَةَ لِدُونِ زَمَنِ الْإِمْكَانِ جَعْلُهُمْ الْقَوْلَ قَوْلَ الزَّوْجَةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالُوا لَوْ اخْتَلَفَتْ الْبَائِنُ وَالزَّوْجُ فِي وَقْتِ الْوَضْعِ فَقَالَتْ وَضَعْت الْيَوْمَ وَطَالَبْته بِنَفَقَةِ شُهُورٍ وَقَالَ بَلْ وَضَعْت مِنْ شَهْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِوَقْتِ

ص: 204