المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

آخَرُونَ وَاعْتَرَضَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٤

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

- ‌[بَابُ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[بَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌[بَابُ الْبُغَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالْمُخَدَّرَات]

- ‌[بَابُ التَّعَازِيرِ وَضَمَانِ الْوُلَاةِ]

- ‌[بَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌[بَابُ الزِّنَا]

- ‌[بَابُ السَّرِقَةِ]

- ‌[بَابُ السِّيَرِ]

- ‌[بَابُ الْهُدْنَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[بَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[بَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ النَّذْرِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ إلْحَاقِ الْقَائِف]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[بَاب الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: آخَرُونَ وَاعْتَرَضَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ

آخَرُونَ وَاعْتَرَضَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي ثُبُوتِهِ أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَيْسَ قَدْحًا فِي ثُبُوتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّحِيحَ قَدْ يَكُونُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ.

وَقَدْ يَكُونُ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَهَذَا قَدْ يَكُونُ فِيهِ شُذُوذٌ، أَوْ غَرَابَةٌ وَنَحْوُهُمَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْحَاكِمُ الصَّحِيحُ مِنْ الْحَدِيثِ يَنْقَسِمُ عَشَرَةَ أَقْسَامٍ خَمْسَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَخَمْسَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَهِيَ مُبَيَّنَةٌ فِي مَحَلِّهَا مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَأَى قَوْلَ التِّرْمِذِيِّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي حَدِيثِ «أَنَا دَارُ الْحِكْمَةِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا» هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ فَظَنَّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، أَوْ مَوْضُوعٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُنْكَرُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الضَّعِيفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَئِمَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمِنْ ثَمَّ اعْتَرَضَ الذَّهَبِيُّ إطْلَاقَ الْخَطِيبِ الْمُنْكَرَ عَلَى الْبَاطِلِ وَوَصَفَ الذَّهَبِيُّ عِدَّةَ أَحَادِيثَ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ حَتَّى الصَّحِيحَيْنِ بِالنَّكَارَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تَرْجِعُ إلَى الْفَرْدِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا ضَعْفُ مَتْنِ الْحَدِيثِ فَضْلًا عَنْ بُطْلَانِهِ وَرَوَى حَدِيثَ السُّؤَالِ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ وَنُوزِعَ فِيهِ وَأُجِيبُ عَنْهُ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ جَابِرٍ

وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ «مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ» وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يُرْجَمُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ أَحْصَنَ، أَوْ لَمْ يُحْصَنْ» وَصَحَّ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " أَنَّهُ " أَشْرَفَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجِبُ الْقَتْلُ إلَّا عَلَى أَرْبَعَةٍ رَجُلٍ كَفَرَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، أَوْ زَنَى بَعْد إحْصَانِهِ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ وَقَوْلُهُ: أَمَا عَلِمْتُمْ دَلِيل عَلَى اشْتِهَارِ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

[بَابُ السَّرِقَةِ]

(وَسُئِلَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِبَرَكَتِهِ عَمَّنْ سَرَقَ آنِيَةً مَوْقُوفَةً لِلشُّرْبِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ مُصْحَفًا مَوْقُوفًا لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ قَارِئٍ فَهَلْ يُقْطَعُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ هُوَ كَالْقَنَادِيلِ الَّتِي لِلْوَقُودِ وَنَحْوِهَا وَقَدْ قَالُوا لَا قَطْعَ بِذَلِكَ فَهَذِهِ مَثَلُهَا وَلِابْنِ الْعِمَادِ احْتِمَالَانِ فِي الثَّانِيَةِ أَحَدُهُمَا يُقْطَعُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا إذْ لَا حَقَّ لَهُ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ قَدْ يَدْفَعُهُ إلَى مَنْ يَقْرَأُ لَهُ فِيهِ أَوْ يَتَعَلَّمُ وَيَقْرَأُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَجْهٌ وَجِيهٌ لِأَنَّهُمْ قَالُوا يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِذَلِكَ وَاحْتِمَالُ تَعَلُّمِ هَذَا كَاحْتِمَالِ إسْلَامِ ذَاكَ لَكِنَّ الْفَرْقَ عَلَى الثَّانِي أَنَّ لِلْمُسْلِمِ فِي حَالِ عَدَمِ قِرَاءَتِهِ حَقًّا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ حَالَ كُفْرِهِ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِإِسْمَاعِ الْحَاضِرِينَ لَمْ يُقْطَعُ قَطْعًا، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ السِّيَرِ]

(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى فِي كُلِّ مَا يَعُمُّ نَفْعُهُ الْبَلَدَ كَعِمَارَةِ مَسَاجِدِهَا وَعِمَارَةِ سُورِهَا وَمُؤْنَةِ الْقَائِمِينَ بِحُصُونِهَا ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ عَلَى أَهْلِ الْقُدْرَةِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ فَمَا الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْقُدْرَةِ هَلْ هُمْ كُلُّ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ أَمْ لَهُمْ حَدٌّ غَيْرُ ذَلِكَ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْوَالِي أَصْلَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِالْقِيَامِ بِذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ، أَوْ يَخُصَّ الْبَعْضَ فِي وَقْتٍ وَالْبَعْضَ الْآخَرَ فِي وَقْتٍ آخَرَ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْزِيعُ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ.

وَهَلْ التَّوْزِيعُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ أَمْ عَلَى الرُّءُوسِ وَحَيْثُ قِيلَ إنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الْأَمْوَالُ عَقَارًا فَهَلْ التَّوْزِيعُ عَلَى قَدْرِ مِسَاحَةِ الْأَرْضِ، أَوْ قِيمَتِهَا وَكَذَا فِي النَّخِيلِ وَنَحْوِهَا هَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْقِيمَةِ، أَوْ الْعَدَدِ فَالْمَسْأَلَةُ وَاقِعَةٌ وَإِلَيْكُمْ أَحْكَامُهَا رَاجِعَةٌ؟

(فَأَجَابَ) رحمه الله تبارك وتعالى بِأَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ هُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الْقُدْرَةِ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ مَا زَادَ عَلَى الْكِفَايَةِ سَنَةً كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَمِنْهَا أَيْ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ.

مَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْمَعَايِشِ وَانْتِظَامِ أُمُورِ النَّاسِ كَدَفْعِ الضَّرَرِ

ص: 243

عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِزَالَةِ فَاقَتِهِمْ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَإِطْعَامِ الْجَائِعِينَ وَإِغَاثَةِ الْمُسْتَغِيثِينَ فِي النَّائِبَاتِ فَكُلُّ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ أَصْحَابِ الثَّرْوَةِ وَالْمُرُوءَةِ إذَا لَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ بِسَدِّ حَاجَاتِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَا يُصْرَفُ إلَيْهَا فَلَوْ انْسَدَّتْ الضَّرُورَةُ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَمْ تُحْجَبُ الزِّيَادَةُ إلَى تَمَامِ الْكِفَايَةِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَجْهَانِ قُلْت قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِهِ الْغِيَاثِيِّ يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ الْمُوَاسَاةُ بِمَا زَادَ عَلَى الْكِفَايَةِ سَنَةٌ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ اهـ.

فَقَوْلُهُ: مَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْمَعَاشِ وَانْتِظَامِ أُمُورِ النَّاسِ كَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِغَاثَةِ الْمُسْتَغِيثِينَ فِي النَّائِبَاتِ يَشْمَلُ عِمَارَةَ السُّورِ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَضْطَرُّ النَّاسُ إلَيْهَا.

وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ إلَّا عَلَى الْمُوسِرِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ عِنْدَهُ فَاضِلٌ عَنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةٌ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَالْمُرَادُ بِكِفَايَةِ السَّنَةِ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ كِفَايَتُهُ وَكِفَايَةُ مُمَوَّنِهِ مَطْعَمًا وَمَلْبَسًا وَمَسْكَنًا وَدَوَاءً وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمَا هَذَا أَنَّ الْمُوسِرِينَ لَا يُخَاطَبُونَ بِنَحْوِ عِمَارَةِ السُّورِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ، أَوْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ وَجَارَ النَّاظِرُ فِي أَمْرِهِ فَلَمْ يَصْرِفْهُ فِي مَصَارِفِهِ، أَوْ اُحْتِيجَ لِصَرْفِهِ فِيمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَسَدِّ ثَغْرٍ يَعْظُمُ ضَرَرُهُ لَوْ تُرِكَ أَوْ حَالَتْ الظُّلْمَةُ دُونَهُ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ أَوَّلُهُمَا.

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي عِمَارَةِ السُّورِ إنَّمَا هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ فَقَطْ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَنْ جَعَلَ عِمَارَةَ الْمَسْجِدِ كَعِمَارَةِ السُّورِ فَقَدْ أَبْعَدَ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ إذْ لَا تَتَوَقَّفُ صَلَاةٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَلَا نَظَرَ لِتَوَقُّفِ الِاعْتِكَافِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ نَادِرٌ وَغَيْرُ وَاجِبٍ وَالْوَاجِبُ مِنْهُ بِنَذْرٍ نُذِرَ فَلَا يَصْلُحُ حِينَئِذٍ غَيْرُ الْمَسْجِدِ مِمَّا يُضْطَرُّ إلَيْهِ حَتَّى يُلْزَمَ الْمُوسِرُونَ بِبِنَائِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِدَفْعِ الضَّرَرِ أَنَّ عِمَارَةَ ذَلِكَ لَا يُخَاطَبُ بِهَا الْمُوسِرُونَ إلَّا إنْ تَحَقَّقَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ عَدَمَ عِمَارَتِهِ يَكُونُ سَبَبًا لِتَلَفِ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ مُحْتَرَمٍ فَإِنْ قُلْت اعْتِبَارُ الْمُوسِرِ هُنَا بِمَنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ يُنَافِيهِ جَعْلُهُمْ الْمُوسِرَ فِي الْعَاقِلَةِ مَنْ يَمْلِكُ عِشْرِينَ دِينَارًا قُلْت يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَلْحَظَ التَّحَمُّلِ فِي الْعَاقِلَةِ أَنَّ الْقَبَائِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَقُومُونَ بِنُصْرَةِ الْجَانِي مِنْهُمْ وَيَمْنَعُونَ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ أَخْذَ حَقِّهِمْ فَأَبْدَلَ الشَّرْعُ تِلْكَ النُّصْرَةِ بِبَدَلِ الْمَالِ وَمَلْحَظُ سَدِّ الضَّرُورَةِ هُنَا وِقَايَةُ النَّفْسِ مِنْ التَّلَفِ، أَوْ نَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبٍ مِنْ الْمُحْتَمَلِ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ لَا بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ أَصْلِيٍّ وَلَا عَارِضٍ وَمِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَعُودُ عَلَيْهِ فِي رَحِمِهِ وَقَرَابَاتِهِ فَلِذَلِكَ وُسِّعَ فِي أَمْرِهِ.

وَلَمْ يُلْزَم بِذَلِكَ إلَّا حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ وَلَا يَكُونُ مِنْهُمْ إلَّا إذَا زَادَتْ كِفَايَتُهُ عَلَى سَنَةٍ لِأَنَّ كَثِيرِينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا حَرَّمُوا عَلَيْهِ الزَّكَاةَ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ فِي الْعَاقِلَةِ فَإِنَّ سَبَبَهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مَنْعُ الْجَانِي وَبِعَوْدِ نَفْعٍ عَلَى الْقَرِيبِ بِحِفْظِهِ مِنْ الْقَتْلِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ فَضُويِقَ فِي أَمْرِهِ وَأَلْزَمَ بِهِ غَيْرَ الْغَنِيِّ أَيْضًا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ الَّذِي يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ فَإِنْ قُلْت قَدْ يَكُونُ مَعَهُ كِفَايَةُ سَنَةٍ وَيَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ فَهُوَ أَهْلٌ لَأَنْ يُوَاسِيهِ النَّاسُ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُوَاسَاةُ غَيْرِهِ قُلْت لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ مَعَهُ نِصَابٌ، أَوْ أَكْثَرُ وَقَامَ بِهِ وَصْفٌ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ سُقُوطُهَا عَنْهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعْطَاءُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَالْأَحْكَامُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارَاتِ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الذَّوَاتُ كَمَا هُوَ جَلِيٌّ وَقَوْلُ السَّائِلِ نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ إلَخْ جَوَابُهُ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ فِي بَابِ اللَّقِيطِ أَنَّ الْأَغْنِيَاءَ إنْ أَمْكَنَ اسْتِيعَابُهُمْ قِسْطًا عَلَى رُءُوسِهِمْ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِيعَابُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ قَسَّطَهَا عَلَى مَنْ رَآهُ مِنْهُمْ بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ اسْتَوُوا فِي اجْتِهَادِهِ تَخَيَّرَ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ يُقَسِّطُهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ لِأَنَّهُمْ اسْتَوَوْا كُلُّهُمْ فِي مِلْكٍ فَاضِلٍ عَنْ السَّنَةِ فَكُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ.

وَحَيْثُ كَانُوا كُلُّهُمْ كَذَلِكَ فَتَخْصِيصُ أَحَدِهِمْ تَرْجِيحٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ فَلَزِمَهُ حَيْثُ أَمْكَنَهُ اسْتِيعَابَهُمْ أَنْ يُوَزِّعَهُ عَلَيْهِمْ بِاعْتِبَارِ رُءُوسِهِمْ دُونَ أَمْوَالِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِيعَابَهُمْ فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي التَّخْصِيصِ فَإِنْ اسْتَوَوْا تَخَيَّرَ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى مِنْ اسْتِوَاءِ غُرْمِ صَاحِبِ أَلْفٍ

ص: 244

وَصَاحِبِ مِائَةِ أَلْفٍ مَثَلًا لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ قَدْرَ الزِّيَادَةِ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ حَتَّى نُوَزِّعَ الْمَغْرُومَ عَلَى نِسْبَتِهِ وَإِنَّمَا نَعْتَبِرُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فَاضِلٌ عَنْ كِفَايَتِهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قَدْرِهِ ثُمَّ إذَا خَصَّهُ فِي التَّوْزِيعِ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا إذَا كَانَ الْفَاضِلَ فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مِنْ الْفَاضِلِ وَبَعْضُهُ مِنْ كِفَايَةِ السَّنَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْبَعْضُ الَّذِي مِنْ الْفَاضِلِ وَسَقَطَ عَنْهُ مَا هُوَ مِنْ كِفَايَةِ السَّنَةِ وَوُزِّعَ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَوْ خَصَّهُ غُرْمُهُ مِنْ الْفَاضِلِ.

فَإِنْ قُلْت إنَّمَا يَتَّجِهُ الْقِيَاسُ عَلَى مَا قَالُوهُ فِي اللَّقِيطِ إذَا كَانَ مُرَادُهُمْ بِالْغِنَى فِيهِ مَا قَالُوهُ فِي بَابِ السِّيَرِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ مَنْ مَعَهُ فَاضِلٌ عَنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ فِي الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ مَنْ مَعَهُ مَا ذَكَرَ لِاتِّحَادِ مَلْحَظِهِمَا وَهُوَ سَدُّ الضَّرُورَةِ عَنْ ذَوِيهَا بَلْ مَا فِي اللَّقِيطِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا فِي السِّيَرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ نَفَقَةَ اللَّقِيطِ إنَّمَا لَزِمَتْ الْأَغْنِيَاءَ لِدَفْعِ ضَرُورَتِهِ فَهُوَ مِنْ إطْعَامِ الْجَائِعِ الْمَذْكُورِ فِي السِّيَرِ لَكِنَّهُمْ فِي اللَّقِيطِ ذَكَرُوا حُكْمَ تَعَدُّدِ الْمُنْفِقِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ فِي السِّيَرِ إحَالَةً عَلَى مَا قَدَّمُوهُ فِي اللَّقِيطِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْأَغْنِيَاءِ فِي اللَّقِيطِ مَا يَعُمُّ أَغْنِيَاءَ بَلَدِهِ وَغَيْرَهُمْ وَكَذَا يُقَالُ الْمُرَادُ بِهِمْ فِي السِّيَرِ ذَلِكَ فَمَا فِي السُّؤَالِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى أَهْلِ الْقُدْرَةِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ التَّخْصِيصُ حَتَّى لَوْ اُضْطُرَّ أَهْلُ بَلَدٍ لِعِمَارَةِ سُورِهَا وَلَا غَنِيَّ فِيهِمْ لَمْ يَسْقُطْ الْخِطَابُ بِعِمَارَتِهِ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْبَلَدِ بَلْ يُخَاطَبُونَ بِهِ وَكَانَ تَخْصِيصُ أَهْلِ الْبَلَدِ لِأَنَّهُ الْأَيْسَرُ فَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ أَنَّ تَخْصِيصَهُمْ الِاقْتِرَاضَ وَالْإِنْفَاقَ إلَى اللَّقِيطِ بِأَغْنِيَاءِ بَلَدِهِ لَيْسَ لِلِاخْتِصَاصِ بِهِمْ بَلْ لِأَنَّهُ الْأَيْسَرُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى هَلْ يُشَمَّتُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ إذَا عَطَسَا وَإِنْ لَمْ يَحْمَدَا اللَّهَ سبحانه وتعالى؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَا يُشَمَّتُ عَاطِسٌ إلَّا إذَا حَمِدَ اللَّهَ وَأَسْمَعَ الْمُشَمِّتَ فَغَيْرُ الْحَامِدِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْحَامِدُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ مَنْ يُرِيدُ تَشْمِيتَهُ لَا يُسَنُّ تَشْمِيتُهُ سَوَاءٌ كَانَ تَرْكُهُ الْحَمْدَ، أَوْ الْجَهْرَ بِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَحَاضِنُ الطِّفْلِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي النَّجَاسَاتِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا وَغَيْرِهَا فَلَا مَزِيَّةَ لِلْحَاضِنِ عَلَى غَيْرِهِ لِسُهُولَةِ اجْتِنَابِهِ لِلنَّجَاسَةِ عِنْدَ تَحَرِّي ذَلِكَ وَعَدَمُ السُّهُولَةِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النِّسَاءِ إنَّمَا هُوَ لِتَسَاهُلِهِنَّ وَعَدَمِ تَحَرِّيهِنَّ لِلطَّهَارَةِ وَالنَّظَافَةِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلْت) مَا حُكْمُ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ التَّدْرِيسِ وَفِي لَيَالِي رَمَضَانَ بَعْدَ الدُّعَاءِ عَقِبَ الْوِتْرِ وَالتَّرَاوِيحِ وَكَذَلِكَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَمَا الْأَرْحَامُ وَكَيْفَ كَيْفِيَّةُ صِلَتِهِمْ (فَأَجَبْت) بِقَوْلِي الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ صَرَائِحُ السُّنَّةِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ تَلَاقٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ سُنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُصَافِحَ الْآخَرَ وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ بِأَنْ ضَمَّهُمَا نَحْوُ مَجْلِسٍ وَلَمْ يَتَفَرَّقَا لَا تُسَنُّ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُصَافَحَةِ الَّتِي تُفْعَلُ عَقِبَ الصَّلَاةِ وَلَوْ يَوْمَ الْعِيدِ، أَوْ الدَّرْسِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَلْ مَتَى وُجِدَ مِنْهُمَا تَلَاقٍ وَلَوْ بِحَيْلُولَةِ شَيْءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِحَيْثُ يَقْطَعُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ سُنَّتْ وَإِلَّا لَمْ تُسَنَّ نَعَمْ التَّهْنِئَةُ بِالْعِيدِ وَالشُّهُورِ سُنَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا وَاسْتَدَلَّ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَدْبِهَا نَدْبُ الْمُصَافَحَةِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهَا السَّابِقُ وَالْمُرَادُ بِالْأَرْحَامِ الَّذِينَ يَتَأَكَّدُ بِرُّهُمْ وَتَحْرُمُ قَطِيعَتُهُمْ جَمِيعُ الْأَقَارِبِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ وَإِنْ بَعُدُوا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ يُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا مُتَأَكِّدًا زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْإِخْوَانِ وَالْجِيرَانِ وَالْأَصْدِقَاءِ وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامُهُمْ وَبِرُّهُمْ وَصِلَتُهُمْ وَضَبْطُ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ زِيَارَتُهُ لَهُمْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكْرَهُونَهُ وَفِي وَقْتٍ يَرْضَوْنَهُ وَالْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ فَكَيْفَ كَيْفِيَّةُ صِلَتِهِمْ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) رحمه الله عَنْ الْغَنَائِمِ الَّتِي لَمْ تُقْسَمْ الْقِسْمَةَ الشَّرْعِيَّةَ كَغَنَائِمِ هَذَا الزَّمَانِ إذَا وَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَى مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْغَنِيمَةِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَثَلًا أَوْ لَا فَيَجِبُ الرَّدُّ إلَى الْأَمِيرِ الظَّالِمِ الَّذِي يَصْرِفُهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَمَا حُكْمُ اللَّهِ سبحانه وتعالى فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي مِثْلِهَا وَعَنْ كُفَّارِ مِلِيبَارَ الَّذِينَ يَعْتَادُونَ إعَانَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِجْرَاءَ أَحْكَامِ الدِّينِ بَيْنَهُمْ لِأَنَّ عِمَارَةَ بُلْدَانِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ عَهْدٌ وَلَا قَوْلٌ بَلْ الْمُسْلِمُونَ رَعِيَّتُهُمْ

ص: 245

وَيَسْكُنُونَ بِلَادَهُمْ وَيُسَلِّمُونَ الْعُشُورَ وَالْغَرَامَاتِ إلَيْهِمْ هَلْ هُمْ حَرْبِيُّونَ، أَوْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّبَا مِنْ الْحَرْبِيِّينَ وَالْخِيَانَةُ فِي مُبَايَعَتِهِمْ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَلْمُسْتَحِقِّينَ حُقُوقَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَفِي جَوَازِ أَخْذِ أَحَدِهِمْ شَيْئًا مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا يَأْخُذُ مَا يُعْطَى وَهُوَ حِصَّتُهُ وَالْبَاقُونَ مَظْلُومُونَ.

قَالَ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْمَالَ لَيْسَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَالْغَنِيمَةِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لَهُمْ حَتَّى لَوْ مَاتُوا قَسَمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِمْ وَهُنَا لَوْ مَاتَ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَارِثُهُ شَيْئًا حَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ ثَانِيهَا الْمَنْعُ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَلَا يَدْرِي نَصِيبَهُ مِنْهُ قَالَ وَهَذَا غُلُوٌّ لَكِنْ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي قَوَاعِدِهِ اهـ.

الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَبِمَا قَرَّرَهُ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهَا فَعَلَى الْأَوَّلِ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ مِنْ فَيْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَالْجِزْيَةِ وَالْعُشُورِ وَمَالِ ذِمِّيٍّ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ وَمَا فَضَلَ عَنْ وَارِثِهِ غَيْرِ الْمُسْتَغْرِقِ.

وَكَذَا خُمْسُ الْغَنِيمَةِ إذَا قَسَمَهَا الْإِمَامُ وَأَعْطَى الْغَانِمِينَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِمْ وَأَبْقَى الْخُمْسَ الْآخَرَ فَإِذَا وَصَلَ مِنْ ذَلِكَ الْخُمْسِ شَيْءٌ لِمَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ كَمَا مَرَّ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْسِمْ لِلْغَانِمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَيْءٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَخْذَهُ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ مِنْ أَنَّ الْغَانِمِينَ شُرَكَاءُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَالْمَالُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْخُمْسِ فَهُمْ شُرَكَاءُ لِأَهْلِ الْخُمْسِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَذْرَةً إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، أَوْ شُرَكَائِهِ وَإِنَّمَا جَازَ فِي نَحْوِ الْفَيْءِ مَا مَرَّ لِمَا قَرَّرَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ أَنَّ الشَّرِكَةَ فِي غَيْرِ الْغَنِيمَةِ لَيْسَتْ حَقِيقِيَّةً بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لَا تَنْتَقِلُ حِصَّتُهُ لِوَارِثِهِ بِخِلَافِ الْغَانِمِينَ فَإِنَّ شِرْكَتَهُمْ حَقِيقِيَّةٌ إذْ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ تَنْتَقِلُ حِصَّتُهُ لِوَارِثِهِ وَلَا فَرْقَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ظَالِمًا أَوْ عَادِلًا وَالْكُفَّارُ الْمَذْكُورُونَ حَرْبِيُّونَ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُمْ بِالرِّبَا وَلَا خِيَانَتُهُمْ فِي كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا غَيْرِهِمَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَئِمَّةُ وَبَسَطُوا الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى هَلْ يَصِحُّ شِرَاءُ الْمُسْلِمِ أَطْفَالَ الْكُفَّارِ مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ الْكَفَرَةِ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) رحمه الله سبحانه وتعالى بِقَوْلِهِ لَا يُمْكِنُ شِرَاءُ الْوَلَدُ مِنْ أَبِيهِ، أَوْ أُمِّهِ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْبَيْعِ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ لِمَنْ وَقَّعَ لَهُ عَقْدَ الْبَيْعِ وَهَذَا مُتَعَذَّرٌ هُنَا لِأَنَّ الْوَالِدَ مَتَى مَلَكَ ابْنَهُ بِأَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَقَصَدَ تَمَلُّكَهُ بِذَلِكَ عَتَقَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُمْكِنْ اجْتِمَاعُ الْوَالِدِيَّةِ وَالْمِلْكِيَّةِ فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِيلَاءٍ وَقَصَدَ تَمَلُّكَهُ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ أَيْضًا لِعَدَمِ الْمِلْكِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْحَرْبِيِّينَ أَمَّا مَنْ بِدَارِنَا بِأَمَانٍ فَلَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُ الْوَالِدِ لِابْنِهِ بِقَهْرٍ؛ لِأَنَّ دَارَنَا دَارُ إنْصَافٍ بِخِلَافِ دَارِهِمْ وَلِمَنْ اشْتَرَى حَرْبِيًّا مِنْ أَبِيهِ، أَوْ أُمِّهِ وَأَنَّهُ إذَا صَارَ بِيَدِهِ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ وَيَقْصِدُ تَمَلُّكَهُ فَحِينَئِذٍ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ لَا بِعَقْدِ الشِّرَاءِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ كَمَا عَلِمْت، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) هَلْ يَلْزَمُ رَدُّ جَوَابِ الْكِتَابِ وَلَوْ بَلَغَ السَّلَامُ فِي كِتَابٍ هَلْ يَلْزَمُ التَّلَفُّظُ بِرَدِّهِ عَلَى الْكَاتِبِ وَالرَّسُولِ وَمَا فَائِدَةُ التَّلَفُّظِ مَعَ غَيْبَةِ الْكَاتِبِ وَالرَّسُولِ اُبْسُطُوا الْجَوَابَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَى الْغَائِبِ إمَّا بِرَسُولِهِ وَإِمَّا بِكِتَابِهِ وَيَلْزَمُ الرَّسُولُ إذَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِهِ بِالْإِبْلَاغِ وَأَمَّا الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فَلَزِمَهُ الرَّدُّ فَوْرًا ثُمَّ إنْ كَانَ السَّلَامُ عَلَيْهِ بِالْإِرْسَالِ لَزِمَهُ الرَّدُّ بِاللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ بِالْكِتَابَةِ لَزِمَهُ الرَّدُّ بِهَا، أَوْ بِاللَّفْظِ وَيُنْدَبُ الرَّدُّ عَلَى الرَّسُولِ أَيْضًا وَتَقْدِيمُهُ فَيَقُولُ وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَأَنَّ سَبَبَ عَدَمِ جَعْلِهِمْ قَوْلَهُ وَعَلَيْك السَّلَامُ قَاطِعًا لِفَوْرِيَّةِ الرَّدِّ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَجْنَبِيٍّ فَكَمَا اغْتَفَرُوهُ فِي عَدَمِ قَطْعِهِ لِفَوْرِيَّةِ الْقَبُولِ فِي نَحْوِ الْبَيْعِ فَكَذَلِكَ يُغْتَفَرُ الْفَصْلُ بِهِ هُنَا بَلْ نُدِبَ تَقْدِيمُهُ لِأَنَّ الْحَاضِرَ أَوْلَى بِالرِّعَايَةِ مِنْ الْغَائِبِ وَفَائِدَةُ وُجُوبِ الرَّدِّ بِاللَّفْظِ مَعَ غِيبَةِ الْمُسْلِمِ أَنَّ فِي وُجُوبِ الرَّدِّ حَقَّيْنِ حَقًّا لِلَّهِ سبحانه وتعالى وَحَقًّا لِلْآدَمِيِّ فَلَوْ فُرِضَ سُقُوطُ حَقِّ الْآدَمِيِّ لِغَيْبَتِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ اللَّهِ سبحانه وتعالى إذْ لَا مُقْتَضَى لِإِسْقَاطِهِ وَأَيْضًا إذَا وَقَعَ الرَّدُّ فِي حَضْرَةِ الرَّسُولِ بِاللَّفْظِ بَلَّغَهُ لِمُرْسِلِهِ فَهَذِهِ فَائِدَةٌ ظَاهِرَةٌ وَأَمَّا وُجُوبُ

ص: 246

الرَّدِّ بِالْكِتَابَةِ فَحِكْمَتُهُ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ الْكِتَابَ إذَا وَصَلَ لِلْمُسْلِمِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) رحمه الله سبحانه وتعالى بِمَا لَفْظُهُ مَا حُكْمُ الْمُصَافَحَةِ وَتَقْبِيلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالرَّأْسِ وَالِانْحِنَاءِ بِالظَّهْرِ وَالْقِيَامِ اُبْسُطُوا الْجَوَابَ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ الْمُصَافَحَةُ لِلْقَادِمِ سُنَّةٌ وَكَذَا تَقْبِيلُ مَا ذُكِرَ مِنْ نَحْوِ عَالِمٍ وَصَالِحٍ وَشَرِيفِ نَسَبٍ وَالِانْحِنَاءُ بِالظَّهْرِ مَكْرُوهٌ وَالْقِيَامُ لِمَنْ ذُكِرَ سُنَّةٌ هَذَا مَذْهَبُنَا وَوَرَاءَ ذَلِكَ تَذْنِيبَاتٌ لَا بَأْسَ بِالتَّعَرُّضِ لَهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُصَافَحَةُ الْمُعْتَادَةُ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِدْعَةٌ إلَّا لِقَادِمٍ لَمْ يَجْتَمِعْ بِمَنْ صَافَحَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ.

قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَمَذْهَبُنَا فِي الْمُصَافَحَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِزُّ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا أَنَّ «رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْتَقِي مَعَ أَخِيهِ أَفَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ لَا قَالَ أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لَا قَالَ أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ قَالَ نَعَمْ» وَفِي سَنَدِهِ مَقَالٌ وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهَا - «لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ - مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ خَرَجَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَعَانَقَهُ» وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ لَكِنْ اتَّفَقُوا كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ مَالِكٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَهُمَا مَنْ هُمَا مِنْ حَدِيثٍ وَغَيْرِهِ. صِحَّتُهُ فَإِنَّ مَالِكًا لَمَّا أَنْكَرَ الْمُعَانَقَةَ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِهِ فَأَجَابَهُ مَالِكٌ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِجَعْفَرٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ فَانْقَطَعَ مَالِكٌ وَسَكَتَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ الْحَقُّ مَعَ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ وَرَوَى شُيُوخُنَا طَرِيقَ الْمُصَافَحَةِ وَصِفَتَهَا وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ كَفَّهُ الْيُمْنَى فِي كَفِّهِ الْيُمْنَى وَيَقْبِضُ كُلَّ أَصَابِعِهِ عَلَى يَدِ صَاحِبِهِ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ - تَقْبِيلَ الْيَدِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لَمَّا رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ «الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ سَأَلَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ التِّسْعِ الْآيَاتِ فَأَجَابَهُمْ قَبَّلَا يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمَا» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا لَكِنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ زِيَادَةٌ

وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ - قَالَ «لَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَتِي أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَبَّلْت يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ» وَرَوَى أَيْضًا حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ فِي إتْيَانِ الشَّجَرَةِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ «ائْذَنْ لِي أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَك وَيَدَك وَرِجْلَك» وَفِيهِ «ائْذَنْ لِي فِي السُّجُودِ لَك فَقَالَ لَا يَسْجُدُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ وَلَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا لِعَظِيمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا» وَفِي حَدِيثِ «وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَمِنْهُمْ مَنْ سَعَى وَمِنْهُمْ مَنْ مَشَى وَمِنْهُمْ مَنْ هَرْوَلَ حَتَّى أَتَوْا إلَيْهِ وَأَخَذُوا بِيَدِهِ فَقَبَّلُوهُ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الطُّرُقِ وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَبَّلَ يَدَ الْعَبَّاسِ وَرِجْلَهُ وَيَقُولُ أَيْ عَمِّ ارْضَ عَنِّي قَالَ الْإِمَامُ الْبُرْزُلِيُّ الْمَالِكِيُّ أَرَدْت أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ أَيْ تَقْبِيلَ الْيَدَ مَعَ شَيْخِي فَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَ يَدَهُ فَقُلْت لَهُ لَا تَرْوِ هَذَا الْكِتَابَ حِينَ لَمْ تَعْمَلْ بِهِ فَقَالَ كَرِهَهُ مَالِكٍ فَقُلْت لَهُ مَالِكٌ أَنْكَرَ مَا رُوِيَ فِيهِ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ فَتَرَكَنِي بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَا كَانَ شَيْخُنَا الْفَقِيهُ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَشْيَاخِي لَا يُنْكِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَقَصْدِي بِذَلِكَ التَّعْظِيمُ وَالتَّكْرِمَةُ لِأَشْيَاخِي وَلَمَّا تَقَرَّرَ عِنْدِي مِنْ الْأَحَادِيثِ وَعَدَمِ إنْكَارِ ذَلِكَ عَنْ مُعْظَمِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ وَفَعَلْت ذَلِكَ مَعَ بَعْضِ الْكُبَرَاءِ فَقَالَ هُوَ مِنْ بَابِ الْمِدْحَةِ فِي الْوَجْهِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ مِنْ تَعَاظُمِ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ وَإِلَّا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ وَسُئِلَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْقِيَامِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ لِمُسْلِمٍ يُرْجَى خَيْرُهُ

أَوْ يُخَافُ شَرُّهُ وَلَا يُفْعَلُ لِكَافِرٍ؛ لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِإِهَانَتِهِ وَإِظْهَارِ صَغَارِهِ فَإِنْ خِيفَ مِنْ شَرِّهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ جَازَ لِأَنَّ التَّلَفُّظَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ جَائِزٌ لِلْإِكْرَاهِ فَهَذَا أَوْلَى وَلَا يَجُوزُ تَكْرِيمُهُ بِاللَّقَبِ الْحَسَنِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، أَوْ حَاجَةٍ مَاسَّةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُهَانَ الْكَفَرَةُ وَالْفَسَقَةُ زَجْرًا عَنْ كُفْرِهِمْ وَفِسْقِهِمْ وَغَيْرَةً لِلَّهِ عز وجل قَالَ وَالِانْحِنَاءُ الْبَالِغُ حَدَّ الرُّكُوعِ لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ كَالسُّجُودِ وَلَا بَأْسَ بِمَا نَقَصَ عَنْ حَدِّ الرُّكُوعِ لِمَنْ يُكْرَمُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَإِذَا تَأَذَّى مُسْلِمٌ بِتَرْكِ الْقِيَامِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَامَ لَهُ فَإِنَّ تَأَذِّيهِ بِذَلِكَ مُؤَدٍّ إلَى الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَكَذَلِكَ التَّلْقِيبُ بِمَا لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ الْأَلْقَابِ

ص: 247

وَالْأَصْلُ فِي نَدْبِ الْقِيَامِ لِأَهْلِ الْفَضْلِ «قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم حِين قَدِمَ سَيِّدُ الْأَنْصَارِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ» وَالْخِطَابُ لِلْأَنْصَارِ، أَوْ لِلْكُلِّ وَقَدْ صَنَّفَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جُزْءًا فِيهِ وَذَكَرَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِيهِ وَأَحْكَامَهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَقَدْ صَارَ تَرْكُهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مُؤَدِّيًا إلَى التَّبَاغُضِ وَالتَّقَاطُعِ وَالتَّحَاسُدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ لِهَذَا الْمَحْذُورِ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ سبحانه وتعالى» فَهُوَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ بِعَيْنِهِ بَلْ لِكَوْنِ تَرْكِهِ صَارَ وَسِيلَةً إلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِأَنَّ تَرْكَهُ صَارَ إهَانَةً وَاحْتِقَارًا لِمَنْ اُعْتِيدَ الْقِيَامُ لَهُ، وَلِلَّهِ سبحانه وتعالى أَحْكَامٌ تَحْدُثُ عَنْ حُدُوثِ أَسْبَابٍ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ اهـ.

وَعَلَى الْقِيَامِ وَمَحَبَّتِهِ لِلتَّعَاظُمِ وَالْكِبْرِ حُمِلَ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» أَعَاذَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى مِنْ ذَلِكَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِهَدْمِ جَمِيعِ كَنَائِسِ الْيَمَنِ فَهَلْ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ الْيَمَنُ مِمَّا أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ وَقَدْ أَلْحَقَ الشَّيْخَانِ هَذَا الْقِسْمَ بِمَا عُلِمَ حُدُوثُهُ فِي الْإِسْلَامِ فِي أَنَّ مَا شَكَّ فِي حُدُوثِهِ، أَوْ قِدَمِهِ فِيهِ مِنْ الْكَنَائِسِ لَا يُهْدَمُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ بِبَرِّيَّةٍ وَأَنَّ الْعِمَارَةَ اتَّصَلَتْ بِهِ لَكِنْ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي كَنَائِسِ الْقَاهِرَةِ عَلَى مَا يُصَرِّحُ بِهَدْمِ جَمِيعِ كَنَائِسِ عَدَنَ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ فِيهَا لِأَنَّ السُّورَ الْمُحِيطَ بِهَا قَدِيمٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَحْفُوفٌ بِالْجِبَالِ وَالْبَحْرِ فَلَا يُمْكِنُ أَنَّ كَنَائِسَهَا كَانَتْ بِغَيْرِ عِمَارَةِ الْبَلَدِ وَأَنَّهَا اتَّصَلَتْ بِهَا.

(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى هَلْ تَتَأَدَّى سُنَّةُ التَّشْمِيتِ فَيَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدِي وَالسَّلَامُ بِالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِي؟

(فَأَجَابَ) رحمه الله تبارك وتعالى بِقَوْلِهِ لَا تَتَأَدَّى سُنَّتُهُمَا وَفَرْضُ رَدِّ الثَّانِي إلَّا بِنَحْوِ يَرْحَمُك اللَّهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْك مِمَّا فِيهِ خِطَابٌ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْأَدَبِ وَالسُّنَّةِ فَقَالَ رَحِمَك اللَّهُ سَيِّدِي.

(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى عَمَّا يُقَالُ مَا لِي إلَّا اللَّهُ سبحانه وتعالى وَأَنْتَ هَلْ لَهُ أَصْلٌ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ اسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 64] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَطْفَ عَلَى الْجَلَالَةِ لَكِنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ عَلَى الْكَافِ وَاعْتُرِضَ هَذَا الِاسْتِدْلَال أَيْضًا بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى فَلَا يُقَاسُ بِهِ مَا مِنْ الْمَخْلُوقِ وَمِنْ ثَمَّ كَرِهَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ - أَنْ يُقَالَ قَالَ الرَّسُولُ مَعَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ} [المائدة: 41] لِأَنَّ لِلَّهِ عز وجل أَنْ يُخَاطِبَ خَلْقَهُ بِمَا شَاءَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِبَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ وَأَقْسَمَ سبحانه وتعالى بِكَثِيرٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ إعْلَامًا بِشَرَفِهِمْ وَيُكْرَهُ لَنَا ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» إنَّ التَّشْرِيكَ فِي الضَّمِيرِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ صلى الله عليه وسلم وَنَهْيُهُ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ مَا وَرَدَ أَنَّ «رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت قَالَ جَعَلْتنِي لِلَّهِ عز وجل عِدْلًا مَا شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ» .

(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى عَمَّنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَابِضٌ ذَكَرَهُ وَعَوْرَتُهُ مَسْتُورَةٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ الضَّابِطَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَى حَالَةٍ لَا يُخَاطَبُ فِيهَا عُرْفًا لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَابِضَ ذَكَرِهِ لِلِاسْتِجْمَارِ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ وَكَذَا قَابِضُهُ لِنَحْوِ الِاسْتِجْمَارِ لِشِدَّةِ انْتِشَارِهِ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ لِيَنْزِلَ مَنِيٌّ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَظْهَرُ وَيَسْتَحْيِ مِنْ التَّكَلُّمِ مَعَهُ بِسَبَبِهِ.

(سُئِلَ) عَنْ كَافِرٍ ضَلَّ عَنْ طَرِيقِ صَنَمِهِ فَسَأَلَ مُسْلِمًا عَنْ الطَّرِيقِ إلَيْهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَدُلَّهُ الطَّرِيقَ إلَيْهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدُلَّهُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نُقِرُّ عَابِدِي الْأَصْنَامِ عَلَى عِبَادَتِهَا فَإِرْشَادُهُ لِلطَّرِيقِ إلَيْهِ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ عَظِيمَةٍ فَحَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

ص: 248