المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَغَيْرِهِ «أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا فَلَا هِيَ - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٤

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

- ‌[بَابُ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[بَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌[بَابُ الْبُغَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالْمُخَدَّرَات]

- ‌[بَابُ التَّعَازِيرِ وَضَمَانِ الْوُلَاةِ]

- ‌[بَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌[بَابُ الزِّنَا]

- ‌[بَابُ السَّرِقَةِ]

- ‌[بَابُ السِّيَرِ]

- ‌[بَابُ الْهُدْنَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[بَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[بَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ النَّذْرِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ إلْحَاقِ الْقَائِف]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[بَاب الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: وَغَيْرِهِ «أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا فَلَا هِيَ

وَغَيْرِهِ «أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» فَأَفْهَمَ أَنَّهَا لَوْ حَبَسَتْهَا وَأَطْعَمَتْهَا جَازَ وَلَمْ يَدْخُلْ النَّارَ بِسَبَبِهَا وَخَبَرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا دَخَلَ دَارَ خَادِمِهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ - لِزِيَارَةِ أُمِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهَا - يَقُولُ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» يُمَازِحُهُ عَنْ طَيْرٍ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ وَيَحْبِسُهُ عِنْدَهُ وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَتْلَ الْهِرِّ كَبِيرَةٌ لِلتَّوَعُّدِ الشَّدِيدِ عَلَيْهِ نَعَمْ اخْتَلَفُوا فِي إسْلَامِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَاَلَّذِي رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهَا - أَنَّهَا كَانَتْ كَافِرَةً وَالْخَشَاشُ مُثَلَّثٌ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا يُسْتَتَرُ مِنْ صِغَارِ الْحَيَوَانِ بِالشُّقُوقِ كَالْفَأْرِ.

[بَابُ الزِّنَا]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ - فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا» وَقَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنْ ثَلَاثِينَ زَنْوَةً فِي الْإِسْلَامِ» مَعَ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَالزِّنَا كَبِيرَةٌ وَهَلْ الزِّنَا مِنْ الذُّنُوبِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ عز وجل فَلَا يَحْتَاجُ فِي التَّوْبَةِ مِنْهُ إلَى اسْتِحْلَالٍ مِنْ أَحَدٍ، أَوْ هُوَ مِنْ الذُّنُوبِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْآدَمِيِّينَ فَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْلَالٍ مِنْ قَرَابَةِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَمِنْ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً وَمَا ضَابِطُ الذَّنْبِ الْمُتَعَلِّقِ بِاَللَّهِ سبحانه وتعالى وَالذَّنْبِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْآدَمِيِّ أَفْتُونَا بِجَوَابٍ وَاضِحٍ مَبْسُوطًا أَثَابَكُمْ اللَّهُ سبحانه وتعالى الْجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ.

(فَأَجَابَ) رحمه الله تبارك وتعالى بِقَوْلِهِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُمَا - «إيَّاكُمْ وَالْغِيبَةَ فَإِنَّ الْغِيبَةَ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي الصَّمْتِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ وَابْنُ مَرْدُوَيْهِ فِي التَّفْسِيرِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِلَفْظِ «الْغِيبَةُ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا» وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى تُبَيِّنُ مَعْنَاهُ وَهِيَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُمَا - أَيْضًا «إيَّاكُمْ وَالْغِيبَةَ فَإِنَّ الْغِيبَةَ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا إنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَزْنِي فَيَتُوبُ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ وَإِنَّ صَاحِبَ الْغِيبَةِ لَا يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَغْفِرَ لَهُ صَاحِبُهُ» فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ أَشَدِّيَّةَ الْغِيبَةِ عَلَى الزِّنَا لَيْسَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ التَّوْبَةَ الْبَاطِنَةَ الْمُسْتَوْفِيَةَ لِجَمِيعِ شُرُوطِهَا مِنْ النَّدَمِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ وَالْإِقْلَاعُ وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ مَعَ عَدَمِ الْغَرْغَرَةِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا مُكَفِّرَةٌ لِإِثْمِ الزِّنَا بِمُجَرَّدِهَا بِخِلَافِ الْغِيبَةِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ وَإِنْ وُجِدَتْ فِيهَا هَذِهِ الشُّرُوطُ لَا تُكَفِّرُهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهَا اسْتِحْلَالُ صَاحِبِهَا مَعَ عَفْوِهِ فَكَانَتْ الْغِيبَةُ أَشَدَّ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا مُطْلَقًا كَمَا شَهِدَ بِهِ هَذَا الْحَدِيثُ وَلَيْسَتْ صَغِيرَةً مُطْلَقًا بَلْ إنْ كَانَتْ فِي نَحْوِ حَمَلَةِ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ فَهِيَ كَبِيرَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ صَغِيرَةٌ عَلَى نِزَاعٍ طَوِيلٍ فِيهَا.

وَقَدْ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا وَعُلِمَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ الزِّنَا لَا يَحْتَاجُ فِي التَّوْبَةِ مِنْهُ إلَى اسْتِحْلَالٍ وَهُوَ مَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِمَا وَصَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي مِنْهَاجِ الْعَابِدِينَ وَسَتَأْتِي عِبَارَتُهُ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ التَّوْبَةُ الْبَاطِنَةُ الَّتِي بَيْنَ اللَّهِ تبارك وتعالى وَبَيْنَ الْعَبْدِ الْمَاحِيَةُ لِلْإِثْمِ تَنْقَسِمُ إلَى تَوْبَةٍ عَنْ ذَنْبٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَإِلَى تَوْبَةٍ عَنْ ذَنْبٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ فَالضَّرْبُ الْأَوَّلُ كَمُبَاشَرَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَتَقْبِيلُهَا مِنْ الصَّغَائِرِ وَالزِّنَا وَشُرْبُ الْخَمْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ فَتَحْصُلُ التَّوْبَةُ فِيهِ بِالنَّدَمِ عَلَى مَا مَضَى وَالْعَزْمِ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ وَالْإِقْلَاعِ عَنْهُ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِهِ فِي الْحَالِ اهـ.

ثُمَّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الِاسْتِحْلَالِ فِي الزِّنَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْآدَمِيِّ مُطْلَقًا وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ السَّابِقِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ أَيْ مِنْ الْمَالِ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْأَعْرَاضِ وَالْأَنْسَابِ قَالُوا وَلِذَا اُخْتُصَّ بِالرَّجْمِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْمَعَاصِي وَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ أَشَدَّ الْعُقُوبَاتِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِأَقَارِبِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَلِزَوْجِهَا، أَوْ سَيِّدِهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ إنَّمَا لَمْ يُفَوَّضْ اسْتِيفَاءُ حَدِّ الزِّنَا لِأَوْلِيَاءِ الْمَزْنِيِّ بِهَا لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَسْتَوْفُونَهُ خَوْفًا مِنْ الْعَارِ فَعُلِمَ أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِآدَمِيٍّ لَكِنَّهُ لَيْسَ

ص: 241

مِنْ الْحُقُوقِ الْمُقْتَضِيَةِ لِوُجُوبِ الِاسْتِحْلَالِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَةِ الْعَارِ وَالظَّنِّ الْغَالِبِ فَإِنَّ نَحْوَ الزَّوْجِ أَوْ الْقَرِيبِ إذَا ذُكِرَ لَهُ ذَلِكَ يُبَادِرْ إلَى قَتْلِ الزَّانِي، أَوْ الْمَزْنِيِّ بِهَا أَوْ إلَى قَتْلِهِمَا مَعًا فَلَمَّا تَرَتَّبَ عَلَى ذِكْرِهِ هَذَا لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ بِاشْتِرَاطِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِنَحْوِ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ فَقَالَ إنَّ الذُّنُوبَ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْعِبَادِ قَدْ تَكُونُ فِي الْمَالِ وَفِي النَّفْسِ وَفِي الْعِرْضِ وَفِي الْحُرُمِ وَفِي الدَّيْنِ فَأَمَّا الْمَالُ فَيَجِبُ رَدُّهُ عِنْدَ الْمُكْنَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ لِفَقْرِهِ اسْتَحَلَّهُ مِنْهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِحْلَالِهِ لِغِيبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَأَمْكَنَ التَّصَدُّقَ عَنْهُ فَعَلَ وَإِلَّا فَلْيُكْثِرْ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَيَرْجِعْ إلَى اللَّهِ تبارك وتعالى وَيَتَضَرَّعْ إلَيْهِ فِي أَنْ يُرْضِيَهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَّا النَّفْسَ فَيُمَكِّنُهُ

أَوْ وَلِيَّهُ مِنْ الْقِصَاصِ فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إلَى اللَّهِ تبارك وتعالى فِي إرْضَائِهِ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَّا الْعِرْضُ فَإِنْ اغْتَبْتَهُ، أَوْ شَتَمْتَهُ، أَوْ بَهَتَّهُ فَحَقُّك أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَك بَيْنَ يَدَيْ مَنْ فَعَلْت ذَلِكَ عِنْدَهُ وَأَنْ تَسْتَحِلَّ مِنْ صَاحِبِهِ إنْ أَمْكَنَك هَذَا إذَا لَمْ تَخْشَ زِيَادَةَ غَيْظٍ وَتَهْيِيجِ فِتْنَةٍ فِي إظْهَارِ ذَلِكَ وَتَجْدِيدِهِ فَإِنْ خَشِيت ذَلِكَ فَالرُّجُوعُ إلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى لِيُرْضِيَهُ عَنْك وَأَمَّا الْحُرُمُ فَإِنْ خُنْتَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ وَلَدِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِحْلَالِ وَالْإِظْهَارِ لِأَنَّهُ يُوَلِّدُ فِتْنَةً وَغَيْظًا بَلْ تَتَضَرَّعُ إلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى لِيُرْضِيَهُ عَنْك وَيَجْعَلَ لَهُ خَيْرًا كَثِيرًا فِي مُقَابَلَتِهِ فَإِنْ أَمِنْت الْفِتْنَةَ وَالْهَيْجَ وَهُوَ نَادِرٌ فَتَسْتَحِلُّ مِنْهُ وَأَمَّا فِي الدِّينِ فَإِنْ كَفَّرْتُهُ أَوْ بَدَّعْتُهُ، أَوْ ضَلَّلْتَهُ فَهُوَ أَصْعَبُ الْأُمُورِ فَتَحْتَاجُ إلَى تَكْذِيبِ نَفْسِك بَيْنَ يَدَيْ مَنْ قُلْت لَهُ ذَلِكَ وَأَنْ تَسْتَحِلَّ مِنْ صَاحِبِك إنْ أَمْكَنَك وَإِلَّا فَالِابْتِهَالُ إلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى جِدًّا وَالنَّدَمُ عَلَى ذَلِكَ لِيُرْضِيَهُ عَنْك اهـ.

وَسَكَتَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالتَّحْقِيقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْإِخْبَارُ أَيْ بِالْحَسَدِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُحَلِّلُهُ وَأَنْ يَتَوَلَّدَ مِنْهُ عَدَاوَةٌ وَحِقْدٌ وَأَذًى لِلْمُخْبِرِ ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْمَحْسُودِ فَإِنْ كَانَ حَسَنَ الْخُلُقِ بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ يُحَلِّلُهُ تَعَيَّنَ إخْبَارُهُ لِيَخْرُجَ مِنْ ظُلَامَتِهِ بِيَقِينٍ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ إخْبَارَهُ يَجُرُّ شَرًّا وَعَدَاوَةً حَرُمَ إخْبَارُهُ قَطْعًا وَإِنْ تَرَدَّدَ فَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ فَإِنَّ النَّفْسَ الزَّكِيَّةَ نَادِرَةٌ وَرُبَّمَا جَرَّ ذَلِكَ حِقْدًا وَشَرًّا وَإِنْ حَلَّلَهُ بِلِسَانِهِ اهـ.

فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْحَسَدِ مَعَ سُهُولَتِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ وَعَدَمِ مُبَالَاتِهِمْ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ أَطْلَقَ النَّوَوِيُّ رحمه الله تبارك وتعالى فِيهِ عَدَمَ الْإِخْبَارِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إخْبَارُ الْمَحْسُودِ بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ وَلَوْ قِيلَ يُكْرَهُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ.

فَمَا بَالُك بِالزِّنَا الْمُسْتَلْزِمِ أَنَّ الزَّوْجَ وَالْقَرِيبَ يَقْتُلُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ فَكَيْفَ مَعَ التَّحَقُّقِ وَكُلُّ إثْمٍ لَا ضَرَرَ يَلْحَقُ الْآدَمِيَّ بِسَبَبِهِ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِاَللَّهِ سبحانه وتعالى وَضِدُّهُ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْآدَمِيِّ وَأَمَّا خَبَرُ «الْغِيبَةِ أَشَدُّ مِنْ ثَلَاثِينَ زَنْيَةً فِي الْإِسْلَامِ» فَلَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي كُتِبَ الْحَدِيثِ طَوِيلِهَا وَمُخْتَصَرِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَوْلُ السَّائِلِ زَنْوَةً صَوَابُهُ زَنْيَةٌ كَمَا عَبَّرْت بِهِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى عَنْ قَوْلِ التَّاجِ السُّبْكِيّ رحمه الله تبارك وتعالى

وَخَمْسَةٌ مِنْ زُنَاةِ النَّاسِ خَامِسُهُمْ

مَا نَالَهُ بِالزِّنَا شَيْءٌ مِنْ الضَّرَرِ

وَالْقَتْلُ وَالرَّجْمُ وَالْجَلْدُ الْأَلِيمُ كَذَا التَّ

غْرِيبُ وُزِّعَ فِي الْبَاقِينَ فَاعْتَبِرْ

؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تبارك وتعالى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ صَوَّرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ قِيلَ إنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ سَأَلَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ خَمْسَةٍ زَنَوْا بِامْرَأَةٍ فَوَجَبَ عَلَى وَاحِدٍ الْقَتْلُ وَآخَرَ الرَّجْمُ، وَالثَّالِثُ الْجَلْدُ وَالرَّابِعُ نِصْفُهُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْخَامِسِ شَيْءٌ فَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ - بِأَنَّ الْأَوَّلَ ذِمِّيٌّ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ فَانْتَقَضَ عَهْدُهُ فَيُقْتَلُ وَالثَّانِي مُحْصَنٌ وَالثَّالِثُ بِكْرٌ وَالرَّابِعُ عَبْدٌ وَالْخَامِسُ مَجْنُونٌ.

(وَسُئِلَ) عَمَّنْ رَوَى حَدِيثَ «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تبارك وتعالى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ رَوَاهُ كَثِيرُونَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُمَا - وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ الْجَارُودِ وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ وَابْنُ لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ

ص: 242