الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَلْقَاهُ رَاضِيًا عَنَّا بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ إنَّهُ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّا إذَا اشْتَرَكَا فِي سُبُعَيْ بَدَنَةٍ هَلْ يَمْتَنِعُ كَاشْتِرَاكِهِمَا فِي شَاتَيْنِ أَوْ يَفْرُقُ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي الشَّاتَيْنِ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ بِإِرَاقَةِ دَمٍ كَامِلٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ وَإِنْ حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الشَّرِكَتَيْنِ لِكُلٍّ دَمٌ لِأَنَّهُ دَمٌ مُلَفَّقٌ وَهُوَ لَا يُجْزِئُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى عَدَمِ التَّلْفِيقِ وَأَمَّا فِي السُّبْعَيْنِ مِنْ الْبَدَنَةِ فَالتَّفْلِيقُ حَاصِلٌ فِي دَمِهَا سَوَاءٌ أَجَعَلْنَا كُلَّ سُبْعٍ عَنْ وَاحِدٍ وَسُبُعًا عَنْ اثْنَيْنِ وَسُبُعًا عَنْ آخَرَ فَإِنْ قُلْت هَذَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ فَمَا بَالُك قُلْت إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الظَّاهِرُ قُلْت لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا كُلَّ سُبُعٍ مَنْزِلَةَ شَاةٍ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى مَا ذُكِرَ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمُشْتَرِكِينَ فِي الْبَدَنَةِ يُرِيدُ اللَّحْمَ وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ الضَّحِيَّةَ أَوْ الْهَدْيَ الْوَاجِبَ أَوْ الْمَنْدُوبَ أُجْبِرَ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ مُحَرَّمًا مَا لَمْ يَمْنَعُ مُرِيدَ الْمَنْدُوبِ أَوْ الْوَاجِبَ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ مُنَزِّلُونَ كُلَّ سُبُعٍ مَنْزِلَةَ شَاةٍ فَمَا قَالُوهُ فِي الشَّاتَيْنِ مِنْ مَنْعِ الِاشْتِرَاكِ يَأْتِي فِي السُّبْعَيْنِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ ذَبْحِ شَاةٍ أَيَّامَ الْأُضْحِيَّةِ بِنِيَّتِهَا وَنِيَّةِ الْعَقِيقَةِ فَهَلْ يَحْصُلَانِ أَوْ لَا اُبْسُطُوا الْجَوَابَ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ وَجَرَيْنَا عَلَيْهِ مُنْذُ سِنِينَ أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ لِذَاتِهَا وَلَهَا سَبَبٌ يُخَالِفُ سَبَبَ الْأُخْرَى وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأُخْرَى إذْ الْأُضْحِيَّةُ فِدَاءٌ عَنْ النَّفْسِ وَالْعَقِيقَةُ فِدَاءٌ عَنْ الْوَلَدِ إذْ بِهَا نُمُوُّهُ وَصَلَاحُهُ وَرَجَاءُ بِرِّهِ وَشَفَاعَتِهِ.
وَبِالْقَوْلِ بِالتَّدَاخُلِ يَبْطُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَمْ يُمْكِنْ الْقَوْلُ بِهِ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ فِي سُنَّةِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَغُسْلِ الْعِيدِ وَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَسُنَّةِ الْعَصْرِ وَأَمَّا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَنَحْوُهَا فَهِيَ لَيْسَتْ مَقْصُودَةً لِذَاتِهَا بَلْ لِعَدَمِ هَتْكِ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِصَلَاةِ غَيْرِهَا وَكَذَا صَوْمُ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إحْيَاءُ هَذَا الْيَوْمِ بِعِبَادَةِ الصَّوْمِ الْمَخْصُوصَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِأَيِّ صَوْمٍ وَقَعَ فِيهِ وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ فَلَيْسَتَا كَذَلِكَ كَمَا ظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْتُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ وَالْكَلَامُ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى نَحْوِ شَاةٍ أَوْ سُبُعِ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَمَّا لَوْ ذَبَحَ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً عَنْ سَبْعَةِ أَسْبَابٍ مِنْهَا ضَحِيَّةٌ وَعَقِيقَةٌ وَالْبَاقِي كَفَّارَاتٌ فِي نَحْوِ الْحَلْقِ فِي النُّسُكِ فَيُجْزِي ذَلِكَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ بَابِ التَّدَاخُلِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ كُلَّ سُبُعٍ يَقَعُ مُجْزِيًا عَمَّا نُوِيَ بِهِ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدَانِ وَلَوْ فِي بَطْنٍ وَاحِدَةٍ فَذَبَحَ عَنْهُمَا شَاةً لَمْ يَتَأَدَّ بِهَا.
أَصْلُ السُّنَّةِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. اهـ.
وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُجْزِي التَّدَاخُلُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَأَوْلَى مَعَ اخْتِلَافِهِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[بَابُ الْعَقِيقَةِ]
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِهِ مَا حُكْمُ حَلْقِ مَا تَحْتَ الذَّقَنِ.
(فَأَجَابَ) رحمه الله تبارك وتعالى بِقَوْلِهِ حَلْقُ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ اللِّحْيَةِ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَعِبَارَتُهُ قَالَ الْغَزَالِيُّ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ فِي اللِّحْيَةِ وَالنَّقْصُ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي شَعْرِ الْعِذَارَيْنِ مِنْ شَعْرِ الصُّدْغَيْنِ إذَا حَلَقَ رَأْسَهُ وَيَنْزِلُ فَيَحْلِقُ بَعْضَ الْعِذَارَيْنِ قَالَ كَذَلِكَ جَانِبَيْ الْعَنْفَقَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُغَيِّرُ شَيْئًا وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله تبارك وتعالى لَا بَأْسَ بِحَلْقِ مَا تَحْتَ حَلْقِهِ مِنْ لِحْيَتِهِ وَلَا بِنَقْصِ مَا زَادَ عَنْهَا عَلَى قَبْضَةِ الْيَدِ وَيُرْوَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُمْ وَطَاوُسٍ وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ كَمَا تَرَى فِي كَرَاهَةِ حَلْقِ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ اللِّحْيَةِ بِخِلَافِ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ كَالشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى الْحُلْقُومِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ حَلْقُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ تَقْيِيدُ النَّوَوِيِّ كَالْغَزَالِيِّ بِقَوْلِهِمَا مِنْ اللِّحْيَةِ لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَبْلَ ذَلِكَ
وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ إذَا طَالَا فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا لِأَصْحَابِنَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ سبحانه وتعالى لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ فَكُرِهَ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَكَانَ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
يَفْعَلُهُ وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. اهـ. فَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ مَا بَحَثَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ سبحانه وتعالى كَرَاهَةُ حَلْقِ مَا تَحْتَ اللِّحْيَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّغْيِيرَ فِي الْحَاجِبِينَ لِمَزِيدِ ظُهُورِهِمَا وَوُقُوعِ الْمُوَاجِهَةِ بِهِمَا أَقْبَحُ مِنْهُ فِي حَلْقِ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ فَلِذَا كُرِهَ الْأَخْذُ مِنْ شَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَلَمْ يُكْرَهْ حَلْقَ مَا تَحْتَ الْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ اللِّحْيَةِ.
(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى مَا حُكْمُ حِنَّاءِ يَدَيْ الرَّجُلِ وَرِجْلَيْهِ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ حُكْمُ حِنَّاءِ يَدَيْ الرَّجُلِ وَرِجْلَيْهِ أَنَّهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرَامٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ زِينَةِ النِّسَاءِ وَقَدْ لَعَنَ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ» وَبِهَذَا يُرَدُّ عَلَى مَنْ اخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى مَا حُكْمُ الْمُكَاتَبَاتِ بِجَمَالِ الدِّينِ وَتَقِيِّ الدِّينِ وَنُورِ الدِّينِ إذَا كَانَ الْمُلَقَّبُ بِذَلِكَ فَاسِقًا اُبْسُطُوا الْجَوَابَ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ لَا حَرَجَ فِي الْمُكَاتَبَاتِ بِنَحْوِ جَمَالِ الدِّينِ وَتَقِيِّ الدِّينِ وَلَوْ لِفَاسِقٍ اُشْتُهِرَ بِالتَّلَقُّبِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِاللَّقَبِ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْرِيفِ لَا حَقِيقَةُ مَدْلُولِهِ لِأَنَّ تِلْكَ لَا يُلَاحِظُهَا إلَّا وَاضِعُ ذَلِكَ اللَّقَبِ وَأَمَّا بَعْدَ الْوَضْعِ فَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ وَضَعَ ابْتِدَاءً لِفَاسِقِ التَّلْقِيبِ بِنَحْوِ تَقِيِّ الدِّينِ حَرُمَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ مُجَرَّدَ التَّعْرِيفِ دُونَ حَقِيقَةِ مَدْلُولِهِ فَحِينَئِذٍ لَا حُرْمَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ تُسْتَحَبُّ الْعَقِيقَةُ عَنْ السِّقْطِ مُطْلَقًا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ ظَهَرْت فِيهِ أَمَارَةُ التَّخَلُّقِ مِنْ تَخْطِيطٍ وَغَيْرِهِ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تبارك وتعالى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ الْعَقِيقَةَ إنَّمَا تُسَنُّ عَنْ سُقْطٍ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ كَمَا جَرَيْتُ عَلَيْهِ فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ تَبَعًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَأَمَّا مَا لَمْ تُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ فَهُوَ جَمَادٌ لَا يُبْعَثُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تُسَنُّ لَهُ عَقِيقَةٌ بِخِلَافِ مَا نُفِخَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ حَيٌّ يُبْعَثُ فِي الْآخِرَةِ وَيُنْتَفَعُ بِشَفَاعَتِهِ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ مَنْ لَمْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ لَا يَشْفَعُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَفْهَمَ مَا ذَكَرْته مِنْ أَنَّ الْعَقِيقَةَ تَابِعَةٌ لِلْوَلَدِ الَّذِي يَشْفَعُ وَهُوَ مَنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ فَكَذَلِكَ يُقَيَّدُ نَدْبُهَا بِمَنْ نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى هَلْ الْعِبْرَةُ فِي الْعَقِيقَةِ بِبَلَدِ الْوَلَدِ أَوْ الْعَاقِّ عَنْهُ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ تُعْتَبَرَ بِبَلَدِ الْوَلَدِ تَخْرِيجًا عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُؤَيِّدُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَعُقُّ الْكَافِرُ عَنْ وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ كَفِطْرَتِهِ قُلْتُهُ تَخْرِيجًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْعَاقِّ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِهَا وَيُفَارِقُ الزَّكَاةَ بِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ فَكَانَتْ أَعْنِي بَلَدَ الْمُؤَدَّى عَنْهُ مُلْتَفَتًا إلَيْهَا دُونَ بَلَدِ الْمُؤَدِّي فَاخْتُصَّتْ بِبَلَدِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ.
وَأَمَّا الْعَقِيقَةُ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَاخْتِصَاصِهَا بِأَصْنَافِ الزَّكَاةِ فَالْأَعْيَنُ لَا تَطَلُّعُ إلَيْهَا فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهَا بَلَدُ الْوَلَدِ بَلْ الْعَاقُّ لِأَنَّ الْأَعْيَنَ إنْ فُرِضَ أَنَّ لَهَا نَوْعَ تَطَلُّعٍ فَإِنَّمَا تَطْلُعُ لِبَلَدِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُنْظَرْ لِهَذَا الْفَرْقِ فِي مَسْأَلَةِ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى التَّخَرُّجِ فِيهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمُوَاسَاةُ لَلْمُسْتَحِقِّينَ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ عَدَمِهِ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ إيجَابِ شَيْءٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَمَّا هُنَا فَالسُّنِّيَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ فِي أَيِّ الْمَحَالِّ أَوْلَى بِالْإِخْرَاجِ وَبَلَدُ الْعَاقِّ أَوْلَى بِهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ أَوْ أَرْسَلَ إلَى بَلَدِ الْوَلَدِ وَفُعِلَتْ فِيهَا أَجْزَأَتْ ثُمَّ إذَا بَلَغَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمِ السَّابِعِ مِنْ الْوِلَادَةِ فَهَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا عَقِبَ بُلُوغِ الْخَبَرِ أَوْ يَوْمَ السَّابِعِ مِنْهُ أَوْ الثَّالِثِ.
كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُقَاسُ بِالْعَقِيقَةِ فِيمَا مَرَّ الْأُضْحِيَّةُ وَالْوَلِيمَةُ بِأَنْوَاعِهَا الَّتِي ذَكَرُوهَا فَالْعِبْرَةُ فِيهِمَا عَلَى الْأَقْرَبِ بِبَلَدِ الْمُضَحِّي وَالْمُولِمِ زَوْجًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ إلَى قَوْلِهِ تبارك وتعالى {وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59] يَوْمَ يَعُقُّ عَنْ الْمَوْلُودِ هَلْ لِذَلِكَ أَصْلُ خَبَرٍ أَوْ أَثَرٍ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ لِذَلِكَ أَصْلًا خَبَرًا وَلَا أَثَرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مُبْتَدَعَاتِ الْعَوَامّ الْجَهَلَةِ الطَّغَامِ فَيَنْبَغِي
الِانْكِفَافُ عَنْهُ وَتَحْذِيرُ النَّاسِ مِنْهُ مَا أَمْكَنَ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى عَنْ حُكْمِ خَضْبِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ لِلرِّجَالِ فَإِنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ صَنَّفَ مُصَنَّفًا فِي تَحْرِيمِهِ عَلَى الرِّجَالِ وَتَحْرِيمُهُ مَشْهُورٌ فِي كِبَارِ الْمُصَنَّفَاتِ وَصِغَارِهَا وَبَعْضُهُمْ صَنَّفَ مُصَنَّفًا فِي إبَاحَتِهِ لَهُمْ وَبَسَطَ فِيهِ وَقَالَ إنَّ الرَّافِعِيَّ وَالنَّوَوِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تبارك وتعالى لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَا لِمَنْ بَعْدَهُمَا حُجَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي تَحْرِيمِهِ فَتَفَضَّلُوا بِإِيضَاحِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ وَهَلْ أَحَدٌ سَبَقَ الْعِجْلِيّ إلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِهِ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ قَدْ وَصَلَ إلَيْنَا بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةَ هَذَا الْمُؤَلَّفُ الثَّانِي فَرَأَيْته مُشْتَمِلًا عَلَى عَجَائِبِ الْغَلَطِ وَغَرَائِبِ الشَّطَطِ وَبَدَائِعِ الِافْتِرَاءِ وَقَبَائِحِ الْجِدَالِ وَالْمِرَاءِ وَادِّعَاءِ الِاجْتِهَادِ وَالتَّصْمِيمِ عَلَى الْخَطَإِ وَالْعِنَادِ وَالتَّشْنِيعِ الْقَبِيحِ عَلَى أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَرَمْيِهِمْ بِالزُّورِ وَالْبُهْتَانِ وَزَعَمَ أَنَّهُمْ تُوَالَوْا عَلَى الْخَطَإِ مِئِينَ مِنْ السِّنِينَ فَلِذَلِكَ شَمَّرْت لَهُ سَاعِدَ الْهَتْكِ وَأَهْوَيْته مَكَانًا سَحِيقًا مِنْ أَوْدِيَةِ الْهَلَاكِ وَالشَّكِّ وَأَلَّفْت فِي رَدِّ جَمِيعِ مُخْتَرَعَاتِهِ الْفَاسِدَةِ وَبِضَاعَتِهِ الْكَاسِدَةِ تَأْلِيفًا شَرِيفًا فِي فَنِّهِ حَافِلًا وَكِتَابًا مُنِيفًا رَافِلًا مُؤَيَّدًا بِالدَّلَائِلِ الْقَوَاطِعِ وَالْبَرَاهِينِ السَّوَاطِعِ فَسَيَّفَ ذَلِكَ الْمُعَانِدَ فِي مُعَارَكَةِ الْمَقَامِعِ وَقَطَعَ مِنْهُ أَعْنَاقَ الْأَعْنَاقِ وَمَطَايَا الْمَطَامِعِ وَأَلْجَأَهُ إلَى أَضْيَقِ الطُّرُقِ وَأَوْعَرِ الْمَسَالِكِ وَأَنْبَأَهُ بِمَا حَوَاهُ تَأْلِيفُهُ مِنْ الْخُرَافَاتِ الْحَوَالِكِ كَمَا أَنْبَأَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَسْمُهُ وَعِلْمُهُ وَاسْمُهُ إذْ هُوَ شَنَّ الْغَارَةَ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ مَعَرَّةَ تَقَوُّلِهِ فِي الْحِنَّاءِ وَعَوَارَهُ، وَحَاصِلُ بَعْضِهِ الْمُتَعَلِّقُ بِالسُّؤَالِ وَالْمُزِيلُ لِلْإِشْكَالِ أَنَّ تَحْرِيمَ الْحِنَّاءِ عَلَى الرِّجَالِ بِلَا ضَرُورَةٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَالنُّصُوصُ الصَّرِيحَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ وَأَرْضَاهُ - وَجَعَلَ جَنَّاتِ الْمَعَارِفِ مُتَقَلَّبَهُ وَمَثْوَاهُ صَرِيحًا وَاسْتِنْبَاطًا وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ مُجَانِبِينَ تَفْرِيطًا وَإِفْرَاطًا.
فَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ رحمه الله تبارك وتعالى وَهُوَ الثِّقَةُ الْعَدْلُ فِي أَجَلِّ كُتُبِهِ وَأَعْلَاهَا وَهُوَ شَرْحُ الْمُهَذَّبِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْهُ - نَصَّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ عَلَى تَحْرِيمِ الْحِنَّاءِ لِلرِّجَالِ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ رحمهم الله تبارك وتعالى وَهَذَا أَمْرٌ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ قَاطِعٌ لِلنِّزَاعِ وَمُظْهِرٌ لِخَطَإِ الْمُعْتَرِضِينَ وَإِنَّهُمْ وَقَعُوا فِي هُوَّةِ مُقَابَلَةِ النُّصُوصِ بِالسِّبَاقِ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ وَتَأَمُّلٍ إلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الِانْقِيَادِ وَالْمُبَادَرَةِ بِالدِّفَاعِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا لِنَصِّ إمَامِهِمْ الَّذِي عَلَيْهِ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ وَأَنْ يَعْتَرِفُوا بِأَنَّ تَحْرِيمَهُ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي قَرَّ فِي نِصَابِهِ وَأَنَّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الْحِلِّ بَانَ خَطَلُهُ وَانْحِرَافُهُ وَزَلَلُهُ فَإِنْ تَمَادَوْا عَلَى الْعِنَادِ آبُوا بِخِزْيٍ عَظِيمٍ يَوْمَ التَّنَادِ أَجَارَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى مِنْ ذَلِكَ وَأَعَاذَنَا مِنْ جَمِيعِ الْمَهَالِك بِمَنِّهِ وَكَرْمِهِ آمِينَ.
(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى عَنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ الْيُسْرَى لَهَا أَصْلٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَهَا أَصْلٌ رَوَاهُ رَزِينٌ فِي مُسْنَدِهِ.
(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى عَنْ حَدِيثِ «خَيْرِ الْأَسْمَاءِ مَا عُبِّدَ وَمَا حُمِّدَ» هَلْ لَهُ أَصْلٌ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ هَذَا اللَّفْظَ حَدِيثًا وَإِنَّمَا الَّذِي فِي الْحَدِيثِ أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ تبارك وتعالى مَا تَعَبَّدَ لَهُ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَجُوزُ التَّسْمِيَةُ بِعَبْدِ النَّبِيِّ؟
(فَأَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ الْمُعْتَمَدُ حُرْمَةُ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ بَلْ نَقَلَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ فَقَالَ وَمَنَعَ الْأَكْثَرُونَ التَّسْمِيَةَ بِعَبْدِ النَّبِيِّ.
(وَسُئِلَ) رحمه الله تبارك وتعالى هَلْ وَرَدَ فِي تَسْرِيحِ اللِّحْيَةِ وَالْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ شَيْءٌ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيّ «كَانَ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ الْقِنَاعَ يَعْنِي التَّطْلِيسَ وَيُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ بِالْمَاءِ» وَالتِّرْمِذِيُّ كَانَ يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ وَالْخَطِيبُ كَانَ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ بِالْمُشْطِ وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عِنْدَ تَسْرِيحِهَا فَلَمْ يَرِدْ فِيهَا حَدِيثٌ وَلَا أَثَرٌ قَالَهُ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ حَدِيثِ «دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَقَالَ أَلَسْت مُسْلِمًا قَالَ بَلَى قَالَ فَاخْتَضِبْ» مَنْ أَخْرَجَهُ.
فَأَجَابَ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ.
(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ سَرَّحَ