المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِعَزْلِ مَنْ أُقِيمَ فِيهَا أَوَّلًا فَهَلْ - الفتاوى الفقهية الكبرى - جـ ٤

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ]

- ‌[بَابُ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابُ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ]

- ‌[بَابُ خِيَارِ النِّكَاحِ]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّدَاقِ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[بَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]

- ‌[بَابُ النَّفَقَةِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِرَاحِ]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌[بَابُ الْبُغَاةِ]

- ‌[بَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالْمُخَدَّرَات]

- ‌[بَابُ التَّعَازِيرِ وَضَمَانِ الْوُلَاةِ]

- ‌[بَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌[بَابُ الزِّنَا]

- ‌[بَابُ السَّرِقَةِ]

- ‌[بَابُ السِّيَرِ]

- ‌[بَابُ الْهُدْنَةِ]

- ‌[بَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[بَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[بَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[بَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ النَّذْرِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[بَابُ إلْحَاقِ الْقَائِف]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[بَاب الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

الفصل: الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِعَزْلِ مَنْ أُقِيمَ فِيهَا أَوَّلًا فَهَلْ

الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِعَزْلِ مَنْ أُقِيمَ فِيهَا أَوَّلًا فَهَلْ الْوِلَايَةُ الثَّانِيَةُ تُبْطِلُ الْأُولَى أَمْ هُمَا صَحِيحَتَانِ فَيَشْتَرِكَانِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إذَا صَرَّحَ الْمُوَلِّي بِتَرْتِيبِ التَّوْلِيَةِ عَلَى إنْهَاءِ الشُّغُورِ الْحَقِيقِيِّ كَانَتْ بَاطِلَةً فَيُقَدَّمُ الْمُتَوَلِّي أَوَّلًا مُبَاشَرَةً وَمَعْلُومًا مِنْ غَيْرِ مُشَارَكَةٍ لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ وَلَا بِعَزْلِ الْأَوَّلِ وَلَا دَلَّتْ عَلَى عَزْلِهِ قَرِينَةٌ اشْتَرَكَ فِيهَا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَإِنْ قُلْت يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ الْقَاضِي أَوْ فِسْقِهِ فَوَلَّى قَاضِيًا ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ لَمْ يُقْدَحْ فِي تَوْلِيَةِ الثَّانِي قَالَ فِي الْخَادِمِ.

وَمُقْتَضَاهُ الْجَزْمُ بِانْعِزَالِ الْأَوَّلِ أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَجْهَانِ فَيَكُونُ تَرْجِيحًا لِلْوَجْهِ الْقَائِلِ بِانْعِزَالِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى ظَنٍّ غَيْرِ مُطَابِقٍ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ الْعَزْلَ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ أَيْ لِمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ قَالَ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ لِمَنْ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً أَنْتِ طَالِقٌ فَبَانَتْ زَوْجَتَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ قُلْت إذَا تَأَمَّلْت قَوْلِي إذَا صَرَّحَ إلَخْ وَقَوْلَ الزَّرْكَشِيّ إنَّهُ بَنَاهُ عَلَى ظَنٍّ وَبِتَنْظِيرِهِ الْمَذْكُورِ ظَهَرَ لَك عَدَمُ الْمُنَافَاةِ وَأَنَّ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِيمَا إذَا وَلَّى ظَانًّا صِحَّةَ الْخَبَرِ بِالْمَوْتِ أَوْ الْفِسْقِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ تَصْرِيحٌ بِتَرْتِيبِ التَّوْلِيَةِ عَلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ فَصَحَّتْ لِأَنَّهَا وَجَدَتْ مَسَاغًا هُوَ أَنَّ لِلْإِمَامِ التَّوْلِيَةَ مَعَ سَبْقِ التَّوْلِيَةِ لِأَنَّهَا كَالْمُعَلَّقَةِ بِشَرْطٍ لَمْ يُوجَدْ فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الظَّنِّ وَالتَّصْرِيحِ مَعَ أَنَّ كُلًّا فِيهِ التَّرْتِيبُ عَلَى مَا بَانَ خِلَافُهُ قُلْتُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى اللَّفْظِ وَمَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيهِ التَّصْرِيحُ لَا الظَّنُّ وَقَوْلِي وَلَا دَلَّتْ عَلَى عَزْلِهِ قَرِينَةٌ أَخَذْتُهُ مِنْ قَوْلِ الْمَاوَرْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَلَّدَ آخَرَ فَإِنْ اقْتَرَنَ بِتَقْلِيدِهِ شَوَاهِدُ عَزْلِ الْأَوَّلِ كَانَ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى وِلَايَتِهِ (تَنْبِيهٌ ذَكَرَ أَجِلَّاءُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ هَذَا فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ قَالُوا أَمَّا الْوَظَائِفُ الْخَاصَّةُ كَالْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَالتَّدْرِيسِ فَلَا يَجُوزُ عَزْلُ مُتَوَلِّيهَا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَا يَنْفُذُ وَاسْتَدَلُّوا بِكَلَامِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرُهُ وَيَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْمُولِي غَيْرَ الْإِمَامِ أَوْ الْإِمَامَ وَلَمْ يَخْشَ مِنْهُ فِتْنَةً أَمَا إذَا كَانَ الْمُوَلِّي هُوَ الْإِمَامَ وَخَشِيَ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ تَوْلِيَتِهِ فِتْنَةً فَيَنْبَغِي صِحَّتُهَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّا إذَا اسْتَنَابَ السُّلْطَانُ شَخْصًا بِقَرْيَةٍ مَخْصُوصَةٍ نِيَابَةً خَاصَّةً أَوْ عَامَّةً فَأَخْرَبَ السُّلْطَانُ الْمَذْكُورُ الْقَرْيَةَ الْمَذْكُورَةَ هَلْ يَنْعَزِلُ النَّائِبُ بِخَرَابِ مَوْضِعِ التَّوْلِيَةِ أَمْ لَا كَمَا لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ؟ (فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ الَّذِي يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ إنَّهُ إذَا قَيَّدَ التَّوْلِيَةَ بِتِلْكَ الْقَرْيَةِ بِأَنْ قَالَ وَلَّيْتُك بَقَرِيَّةِ كَذَا لَمْ يَنْعَزِلْ إلَّا بِخَرَابِهَا خَرَابًا مُسْتَأْصِلًا لَهَا بِحَيْثُ صَارَتْ لَا تُسَمَّى قَرْيَةً كَذَا لِزَوَالِ مَا أَنَاطَ التَّوْلِيَةَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَصِرْ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ مَا وُلِّيَ فِيهِ فَتَبْقَى التَّوْلِيَةُ بِبَقَائِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَوْتِهِ إذْ لَا جَامِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ جَلِيٌّ هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْ السُّلْطَانُ النَّاسَ مِنْ سُكْنَاهَا وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ عَزْلًا لِقَاضِيهَا عَنْ الْحُكْمِ فِيهَا وَإِنْ بَقِيَ اسْمُهَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ إلْحَاقِ الْقَائِف]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجُلٌ وَطِئَ جَارِيَةً لَهُ ثُمَّ تَرَكَهَا بِلَا وَطْءٍ نَحْوَ شَهْرَيْنِ فَظَنّ أَنَّهَا حَاضَتْ فَزَوَّجَهَا مِنْ عَبْدِهِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَنَحْوَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ مِنْ دُخُولِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا فَهَلْ الْوَلَدُ لَاحِقٌ بِالسَّيِّدِ أَوْ بِالزَّوْجِ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ حَيْضُهَا وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لَكِنَّ الْوَطْءَ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَالْوَلَدُ مُمْكِنٌ مِنْهُمَا فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقهُ بِأَحَدِهِمَا لَحِقَهُ وَإِلَّا وُقِفَ أَمْرُهُ حَتَّى يُكَلَّفَ فَيُلْزَمَ وَلَوْ بِالْحَبْسِ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَحَدِهِمَا إنْ وَجَدَ مَيْلًا إلَيْهِ وَإِلَّا وُقِفَ إلَى أَنْ يَجِدَهُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ الْقِسْمَةِ]

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ أَرَدْنَا قِسْمَةَ حُلِيٍّ مَغْشُوشٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بَيْن أَيْتَامٍ أَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَبْتَاعَ لَهُمْ ذَلِكَ فَمَا الطَّرِيقُ فِي صِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ هَلْ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ التَّبَايُعِ بِعَرَضٍ احْتِيَالًا لِلصِّحَّةِ حَيْثُ اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ لِلْأَيْتَامِ كَمَا لَوْ جَرَى ذَلِكَ بَيْنَ رُشْدٍ أَوْ لَا وَهَلْ لَهُمْ طَرِيقٌ فِي الشَّرْعِ سِوَى

ص: 333

ذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنَّ فِي سَدِّ الْبَابِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّ الْحُلِيَّ إمَّا أَنْ تَسْتَوِيَ أَجْزَاؤُهُ أَوْ لَا فَإِنْ اسْتَوَتْ أَجْزَاؤُهُ جَازَتْ قِسْمَتُهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِالْقِسْمَةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ أَنَّهَا إفْرَازٌ لِلْحَقِّ لَا بَيْعٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلُهُمْ الْغِشَّ مَقْصُودًا فِي بَابِ الْقِسْمَةِ كَالزَّكَاةِ وَالرِّبَا بِخِلَافِ الْمُعَامَلَةِ بِالْمَغْشُوشَةِ لِأَنَّ الْغِشَّ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ إلَّا حَيْثُ جُعِلَتْ بَيْعًا وَأَمَّا حَيْثُ كَانَتْ إفْرَازًا فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخَيْنِ.

وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْزَاؤُهُ امْتَنَعَتْ قِسْمَتُهُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ وَبَيْعُ بَعْضِ الْمَغْشُوشِ بِبَعْضِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَحَيْثُ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ اُشْتُرِطَ فِي قِسْمَةِ الرِّبَوِيِّ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَامْتَنَعَتْ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ وَمَا عَقَدَتْ النَّارُ أَجَزَاءَهُ قَالَ غَيْرُهُمَا وَنَحْو ذَلِكَ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ وَحَيْثُ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ جَازَتْ قِسْمَةُ ذَلِكَ أَيْ وَمِنْ ثَمَّ جَازَتْ قِسْمَةُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ وَامْتَنَعَتْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ وَحَيْثُ امْتَنَعَتْ قِسْمَةُ الْحُلِيِّ الْمَذْكُورِ إمَّا لِكَوْنِهَا بَيْعًا أَوْ لِكَوْنِهَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِالْكَسْرِ بَاعَهُ وَلَيُّ الْأَيْتَامِ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِذَهَبٍ إنْ كَانَ فِضَّةً أَوْ عَكْسَهُ لَا بِعَرْضٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَقَسَمُوا ثَمَنَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ شِرْكَتِهِمْ فِي الْمَبِيعِ هَذَا إنْ كَانَ الْبَيْعُ أَحَظَّ مِنْ إيجَارِهِ وَإِبْقَائِهِ لِمَنْ يَسْتَعْمِلهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ.

أَمَّا إذَا اسْتَوَى الْبَيْعُ وَالْإِيجَارُ الْمَذْكُورَانِ فِي الْحَظِّ فَيَتَخَيَّرُ الْوَلِيُّ أَوْ الْأَوْلِيَاءُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِيجَارُ أَحَظَّ مِنْ الْبَيْعِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ آنِيَةَ الْقِنْيَةِ الَّتِي لِلْمَحْجُورِ إذَا كَانَتْ مِنْ صُفْرٍ وَنَحْوِهِ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذَكَرُوهُ فِي بَيْعِ الْوَلِيِّ لَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا لِخَوْفِ تَلَفِهِ أَوْ لِحَاجَةٍ نَحْوِ نَفَقَةٍ مَا لَمْ يَجِدْ قَرْضًا يَنْتَظِرُ مَعَهُ غَلَّةً تَفِي بِالْقَرْضِ أَوْ لِغِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ كَبَيْعِهِ بِزِيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَهُوَ يَجِدُ مِثْلَهُ بِبَعْضِهِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ بِكُلِّهِ وَإِذَا كَانَتْ آنِيَةً نَحْوَ الصُّفْرِ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَاعْتَمَدَهُ فَلْيَكُنْ الْحُلِيُّ الْمَذْكُورُ كَالْعَقَارِ فِيمَا ذَكَرنَا بِالْمُسَاوَاةِ أَوْ الْأَوْلَى فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا لِأَحَدِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ الْخَوْفِ أَوْ الْحَاجَةِ أَوْ الْغِبْطَةِ وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْأَيْتَامِ أَنْ يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمْ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ سَوَاءَ أَكَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ أَمْ لَا وَكَذَا إنْ قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ أَوْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ لِقَوْلِهِمْ حَيْثُ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ بِالْقِسْمَةِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَقْوِيمٌ كَمَا فِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ شَخْصَيْنِ أَرْضٌ وَاحِدَةٌ فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ بِالْعَكْسِ مَعَ الْمُسَاوَاةِ بِالتَّعْدِيلِ فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ أَوْ لَا وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ أَوْ الشَّجَرُ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَرَادَ الشُّرَكَاءُ قِسْمَةَ الْأَرْضِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَلْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ أَمْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ سبحانه وتعالى بِعُلُومِهِ بِأَنَّ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيِّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فِي السُّؤَالِ بِقِسْمَيْهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَاحِدَةٌ فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرَةٌ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ فَإِنْ تَرَاضَيَا دَخَلَ فِي الْأَرْضِ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ مَا دَامَا عَلَى هَذَا الِاتِّفَاقِ وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا إجْبَارًا بِالْقُرْعَةِ فَإِذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الِاتِّفَاقِ زَالَتْ قِسْمَةُ الِاتِّفَاقِ اهـ.

وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ مَزْرُوعَةٌ وَأَرَادَ قِسْمَةَ الْأَرْضِ وَحْدَهَا جَازَ وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ. اهـ. فَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ هُوَ مَسْأَلَتُنَا بِعَيْنِهِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْأَنْوَارِ أَيْضًا تَبَعًا لِلشَّيْخَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ لَا تَرْتَفِعُ بِالْقِسْمَةِ إلَّا عَنْ بَعْضِ الْأَعْيَانِ كَعَبْدَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَالْآخَرِ مِائَتَانِ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ لِيَخْتَصَّ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ قُرْعَةُ الْخَسِيسِ بِهِ وَبِرُبُعِ النَّفِيسِ فَلَا إجْبَارَ. اهـ. وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ الْأَصَحُّ لَا إجْبَارَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَرْتَفِعُ بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا مِنْهُمَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ الْإِجْبَارِ إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ وَإِلَّا فَلَا إجْبَارَ فَيَكُونُ نَصًّا فِي مَسْأَلَتِنَا أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِي

ص: 334

مَسْأَلَتِنَا وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ الدَّارِمِيِّ إذَا كَانَ الْعُلُوُّ مُشْتَرَكًا فَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهِ جَازَ وَإِنْ طَلَبُوا الْإِجْبَارَ يَجُوزُ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يَجُوزُ. اهـ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُلُوُّ مُشْتَرَكًا فَقَطْ وَالسُّفْلُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا. اهـ. وَإِذَا كَانَتْ الصُّورَةُ كَذَلِكَ كَانَ كَلَامُ ابْنِ خَيْرَانَ ضَعِيفًا لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ حِينَئِذٍ يَشْهَدُ لَهُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيِّ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ السَّابِقِ وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا اشْتِرَاطُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قِسْمَةِ الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْبَارِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَهُمَا وَلَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهَا دُونَ الزَّرْعِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ لِأَنَّ لِلزَّرْعِ أَمَدًا يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَكَأَنَّ السُّبْكِيّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ تَوَقَّفَ فِي الْإِجْبَارِ فِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ شَرِكَةٌ فِي أَنْشَابٍ وَبَسَاتِينَ وَبِئْرٍ وَالْأَرْضُ مُسْتَأْجَرَةٌ لَهُمَا فَإِنَّهُ قَالَ لَا إجْبَارَ فِي الْبِئْرِ الْمُحْتَكَرَةِ وَلَا فِي الْأَنْشَابِ إنْ اخْتَلَفَ نَوْعُهَا أَوْ جِنْسُهَا أَوْ قِيمَتُهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّعْدِيلُ وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ وَأَمْكَنَ التَّعْدِيلُ فَعِنْدِي فِيهِ تَوَقُّفٌ. اهـ. وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْمَنْقُولَ يَقْتَضِي هُنَا عَدَمَ الْإِجْبَارِ أَيْضًا لِبَقَاءِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَرْضِ فَلَمْ تُوجَدْ فَائِدَةُ الْقِسْمَةِ وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَة بِقِسْمَيْهَا فَوَاضِحٌ أَنَّهُ يُجْبِرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْقِسْمَةِ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَى أَنَّ الْقِسْمَةَ هُنَا تُزِيلُ ضَرَرَ الشَّرِكَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا تُبْقِي بَيْنَهُمَا تَعَلُّقًا بَعْدهَا بِخِلَافِهَا فِي الْأُولَى فَإِنَّ التَّعَلُّقَ الْمُؤَدِّيَ إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْمُضَارَةِ بَاقٍ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهَا مِنْ إزَالَةِ مَا هُوَ سَبَبٌ لِلْمُنَازَعَةِ وَالْمُضَارَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَجَّهَ بِذَلِكَ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ قِسْمَةَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ دُونَ أَرْضِهِ لَا تَجُوزُ جَبْرًا وَتَجُوزُ اخْتِيَارًا وَوَجْهُهُ أَنَّ قِسْمَةَ التَّعْدِيلِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ تَقْطَعُ الْعَلَقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتِرَاضُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْقِسْمَةِ وَهَهُنَا لَوْ أُجْبِرْنَا لَمْ تَنْقَطِعْ الْعَلَقُ وَالِاعْتِرَاضَاتُ بَيْنَهُمَا لِبَقَاءِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَنْفَعَةِ فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعَوِّضَ عَنْ شَجَرِهِ الَّذِي اُقْتُلِعَ لِاعْتِرَاضِهِ الْآخَر. اهـ.

(وَسُئِلَ) فِي قِسْمَةِ النَّخْلِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهَا الْمُمْتَنِعُ إذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ وَالْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ كَمَا أَفْتَى بِهِ إسْمَاعِيلُ الْحَيَائِيُّ أَوْ الشَّرْطُ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ أَبُو شُكَيْل الْيَمَانِيَيْنِ فَمَا الْمُعْتَمَدُ مِنْ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخَيْنِ وَكَلَامِ السُّبْكِيّ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ قِسْمَةِ النَّخْلِ إذَا اخْتَلَفَ نَوْعُهَا أَوْ جِنْسُهَا أَوْ قِيمَتُهَا إذَا لَمْ يُمْكِن التَّعْدِيلُ وَدَعْوَى أَبِي شُكَيْل أَنَّ الشَّرْطَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَقَطْ مَمْنُوعَةٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ دُونَ الْإِجْبَارِ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِ هَذَا نَظَرًا أَيْضًا فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُشْتَرَكُ الَّذِي يَعْدِلُ بِالْقِيمَةِ مِنْهُ مَا يُعَدُّ شَيْئًا وَاحِدًا كَأَرْضٍ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا بِحَسَبِ قُوَّةِ الْإِنْبَاتِ.

وَكَذَا بُسْتَانٌ بَعْضُهُ نَخْلٌ وَبَعْضُهُ عِنَبٌ وَدَارٌ بَعْضُهَا مَبْنِيٌّ بِآجُرٍّ وَبَعْضُهَا مَبْنِيٌّ بِخَشَبٍ وَطِينٍ هَذَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَلَا إجْبَارَ وَمِنْهُ مَا يُعَدُّ شَيْئَيْنِ فَصَاعِدًا وَلَا إجْبَارَ فِيهِ ثُمَّ قَالَا وَالْعَبِيدُ وَالدَّوَابُّ وَالشَّجَرُ وَالثِّيَابُ وَنَحْوهَا إذَا كَانَتْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَأَمْكَنَ التَّسْوِيَةُ عَدَدًا وَقِيمَةً أُجْبِرَ عَلَى الْقِسْمَةِ وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ التَّسْوِيَةُ أَوْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ أَجْنَاسًا أَوْ أَنْوَاعًا فَلَا إجْبَارَ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَطَتْ الْأَنْوَاعُ وَعَسُرَ التَّمْيِيزُ كَتَمْرٍ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ. اهـ. مُلَخَّصًا وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ كَمَا يَجْرِي الْإِجْبَارُ إذَا اخْتَلَفَتْ الصِّفَاتُ يَجْرِي إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ نَخْلٌ وَبَعْضُهُ عِنَبٌ.

وَالدَّارُ الْمَبْنِيُّ بَعْضُهَا بِالْآجُرِّ وَبَعْضُهَا بِالطِّينِ وَالْخَشَبِ وَهَذَا إذَا لَمْ تُمْكِنْ قِسْمَةُ الْجَيِّدِ وَحْدَهُ وَالرَّدِيءِ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَقَارًا كَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَشْجَارِ وَنَحْوهَا فَإِنْ كَانَتْ نَوْعًا وَاحِدًا وَأَمْكَنَتْ التَّسْوِيَةُ عَدَدًا وَقِيمَةً أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ وَإِلَّا فَلَا وَكَأَنَّ أَبَا شُكَيْل تَوَهَّمَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْبُسْتَانِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ فَإِنَّ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ فِيهَا أُلْغِيَ لِأَنَّ الْمَقْسُومَ بِالْقَصْدِ هُوَ أَرْضُ الْبُسْتَانِ فَلَا نَظَرَ لِاخْتِلَافِ جِنْسِ مَا فِيهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا

ص: 335

فَإِنَّ الْمُخْتَلِفَ الْجِنْسِ هُوَ الْمَقْسُومُ مِنْ غَيْرِ تَبَعٍ لِشَيْءٍ وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الْأَشْجَارِ الْمُنْفَرِدَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ نَوْعِهَا وَإِمْكَانِ تَسْوِيَتِهَا عَدَدًا وَقِيمَةً فَلَا تَلْتَبِسُ عَلَيْكَ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ بِالْأُخْرَى كَمَا وَقَعَ فِيهِ أَبُو شُكَيْل إنْ صَحَّ مَا نُقِلَ عَنْهُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرِّبَوِيَّاتِ كَالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ هَلْ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا كَيْلًا مَعَ اتِّحَادِ نَوْعِهِ وَاخْتِلَافِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَلَوْ اقْتَسَمَاهُ بِدُونِ كَيْلٍ بَلْ بِامْتِحَانٍ بِالْيَدِ أَوْ دُونِهِ هَلْ يَقُومُ مَقَامَ الْكَيْلِ وَهَلْ يَقْدَحُ فِي الصِّحَّةِ اخْتِلَافُ حَبَّاتِهِ كُبْرًا وَصِغَرًا أَوْ اخْتِلَافُهُ رُطَبًا وَبَلَحًا أَوْ لَا وَكَذَلِكَ قِسْمَةُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ بِكَيْلٍ أَوْ دُونِهِ وَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِأَنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّا حَيْثُ جَعَلْنَا الْقِسْمَةَ بَيْعًا فَاقْتَسَمَا رِبَوِيَّا وَجَبَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْمَكِيلِ وَزْنًا وَعَكْسُهُ وَلَا قِسْمَةُ رُطَبٍ وَعِنَبٍ وَمَا عَقَدَتْ النَّارُ أَجْزَاءَهُ وَلَا قِسْمَةُ ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ خَرْصًا وَحَيْثُ جَعَلْنَاهَا إفْرَازًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ جَازَ كُلُّ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَفُوتُ إمْكَانُ الْقِسْمَةِ فَقَطْ نَعَمْ الثِّمَارُ عَلَى الشَّجَرِ غَيْر الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا خَرْصًا وَكَذَلِكَ سَائِرُ الزُّرُوعِ.

وَأَمَّا التَّمْرُ وَالْعِنَبُ فَيَجُوزُ قِسْمَتُهَا خَرْصًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيّ قَوْلَ جَمْعٍ لَا يَجُوزُ خَرْصُهَا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ قَالَ لِأَنَّ الْخَرْصَ ظَنٌّ لَا يُعْلَمُ بِهِ نَصِيبُ وَاحِدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَفِي الزَّكَاةِ جَوَّزَ لِلْحَاجَةِ مَعَ كَوْنِ شَرِكَةِ الْمَسَاكِينَ لَيْسَتْ بِشَرِكَةٍ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ حَقِّهِمْ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ خَرْصِ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُحَقَّقِ شَرْعًا فِي بَابِ الزَّكَاةِ وَالْعَرَايَا فَكَذَا هُنَا لِأَنَّ قِسْمَةَ الْإِفْرَازِ فِيهَا أَنْوَاعٌ مِنْ الْمُسَامَحَةِ يُجْعَلُ هَذَا مِنْهَا وَصَرَّحَ الشَّيْخَانِ أَيْضًا بِأَنَّهُمَا لَوْ أَرَادَ قِسْمَةَ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ مَعَ مَا فِيهَا وَقَدْ اشْتَدَّ الْحَبُّ أَوْ كَانَ بَذْرًا بَعْدُ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ فَصِيلًا جَازَ أَوْ قِسْمَةَ مَا فِيهَا وَحْدَهَا يَأْتِي فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُجْعَلَ الْقِسْمَةُ هُنَا إفْرَازً أَوْ بَيْعًا أَمَّا فِي الزَّرْعِ وَحْدَهُ فَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَأَمَّا فِي الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ وَهُوَ بَذْرٌ أَوْ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ فَلِأَنَّهَا عَلَى الْإِفْرَازِ قِسْمَةُ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ وَعَلَى الْبَيْعِ بَيْعُ طَعَامٍ وَأَرْضٍ بِطَعَامٍ وَأَرْضٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِسْمَةُ الْحَبِّ فِي سُنْبُلِهِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ تَصِحُّ قِسْمَةُ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ كَيْلًا وَوَزْنًا مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَاخْتِلَافِهِ وَلَوْ رُطَبًا وَبَلَحًا وَمَعَ اخْتِلَافِ الْحَبَّاتِ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ تَعْدِيلُ السَّهْمِ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ كَالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الزَّرْعِ وَمِنْ ثَمَّ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي عَنْ الْكَيْلِ مَثَلًا الِامْتِحَانُ بِالْيَدِ ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ إنَّمَا يَأْتِي إذَا قُلْنَا إنَّهُمَا مِثْلِيَّانِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْقَصَبِ وَصَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَبَعًا لِلنَّصِّ أَنَّهُمَا مُتَقَوَّمَانِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ لَكِنَّ الْقَائِلَ بِالْأَوَّلِ يَحْمِلُ النَّصَّ الْقَائِلَ بِوُجُوبِ قِيمَتِهَا عَلَى مَا إذَا فُقِدَ الْمِثْلُ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا مُتَقَوَّمَانِ تَكُونُ قِسْمَتُهُمَا قَسْمَةَ تَعْدِيلٍ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ شُرُوطِهَا السَّابِقَةِ فِي الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا.

(وَسُئِلَ) فِي قِسْمَةِ اللَّحْمِ نِيئًا وَمَشْوِيًّا بِدُونِ نَزْعِ الْعِظَامِ وَدُونَ وَزْنِ اللَّحْمِ كَمَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ أَوْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَمَا طَرِيقُ الصِّحَّةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَلَوْ ضَحَّى جَمَاعَةٌ بِبَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ وَقُلْتُمْ إنَّ لَهُمْ قِسْمَةَ اللَّحْمِ فَهَلْ يَجِبُ أَنْ يَتَّصِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْكَبِدِ وَالْقَلْبِ وَالْكَرِشِ وَالشَّحْمِ وَاللَّحْمِ وَهِيَ أَجْنَاسٌ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِهَا وَغَيْرُهُ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنَّ اللَّحْمَ النِّيءَ مِثْلِيٌّ فَتَكُونُ قِسْمَةَ إفْرَازٍ وَحِينَئِذٍ فَتَصِحُّ بِشَرْطِ نَزْعِ عَظْمِهِ الَّذِي يَمْنَعُ مَعْرِفَةَ مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ لَمَا مَرَّ فِي الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ شَرْطَ قِسْمَةِ الْإِفْرَازِ تَعْدِيلُ السِّهَامِ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا يَتَيَسَّرُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ اللَّحْمِ إلَّا بِوَزْنِهِ فَلَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ جُزَافًا لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا قِسْمَةَ تَعْدِيلٍ وَهُوَ بَيْعٌ وَبَيْعُ الرِّبَوِيِّ الَّذِي دَخَلَ النَّارَ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ لَا يَجُوزُ وَإِذَا ضَحَّى جَمْعٌ بِبَدَنَةٍ.

فَلَا بُدَّ مِنْ قِسْمَةِ كُلٍّ مِنْ أَجْزَائِهَا كَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ عَلَى حِدَتِهِ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا تَعْدِيلًا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فِي الرِّبَوِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْتُهُ فِي الْجَوَابِ.

ص: 336

الَّذِي قَبْلَ هَذَا فِي تَقْدِيرِ بُطْلَانِ قِسْمَةِ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ وَقَدْ بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ كَانَ بَذْرًا بَعْدُ وَالْكَلَامُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَوْا بِتَخْصِيصِ بَعْضِهِمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ مَثَلًا أَمَّا إذَا رَضُوا بِذَلِكَ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَمَّا الْأَقْرِحَةُ الْأَرَاضِي فَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فَهِيَ كَالدُّورِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَاوِرَةً فَفِي الشَّامِلِ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ جَعَلَهَا كَالْقَرَاحِ الْوَاحِدِ الْمُخْتَلِفِ الْأَجْزَاءِ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ إنَّمَا تَكُونُ كَالْقَرَاحِ الْوَاحِدِ إذَا اتَّحَدَ الشُّرْبُ وَالطَّرِيقُ فَإِنْ تَعَدَّدَ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَفَرَّقَتْ قَالَ وَهَذَا أَشْبَهُ بِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَمَا صُورَةُ الِاتِّحَادِ فِي الشُّرْبِ وَالطَّرِيقِ.

هَلْ هُوَ فِي الشُّرْبِ مَا إذَا كَانَتْ الْأَقْرِحَةُ الْمُتَجَاوِرَةُ تَشْرَبُ مِنْ ثُقْبَةٍ وَاحِدَةٍ دُون مَا إذَا تَعَدَّدَتْ لِكُلِّ أَرْضٍ ثُقْبَةٌ تَخُصُّهَا مِنْ النَّهْرِ أَوْ كَيْفَ صُورَة الِاتِّحَادِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْأَقْرِحَةِ أَسْفَلُ مِنْ الْآخَرِ وَبَيْنَهُمَا حَاجِزٌ وَفِيهِ ثُقْبٌ يَمُرُّ الْمَاءُ فِيهَا مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَسْفَلِ بِلَا سَدٍّ وَقَدْ يُسَدُّ بِحَيْثُ لَا يُرْسِلُ إلَى الْأَسْفَلِ إلَّا بَعْدَ رَيِّ الْأَعْلَى فَهَلْ يَجْرِي الْإِجْبَارُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمْ فِي الصُّورَة الْأُولَى فَقَطْ وَهَلْ مَا ثَبَتَ فِيهِ الْإِجْبَارُ بِالْقِسْمَةِ يَثْبُتُ فِي خَلْطَةِ الْجِوَارِ أَمْ الْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ اتِّحَادِ الْأَقْرِحَةِ مِنْ اتِّحَادِ مَشْرَبِهَا وَطَرِيقِهَا بِأَنْ يَكُونَ النَّهْرُ الَّذِي تَشْرَبُ مِنْهُ وَاحِدًا وَتَكُونَ طَرِيقُهَا الَّتِي يَصِلُ فِيهَا مَاءُ النَّهْرِ إلَيْهَا وَاحِدَةً سَوَاءٌ وَصَلَ إلَيْهَا مِنْ ثُقْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ ثُقَب بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ النَّهْرُ أَوْ اتَّحَدَ لَكِنْ اخْتَلَفَتْ طُرُقُهَا إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا إجْبَارَ حِينَئِذٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَنْهَارِ وَبِاخْتِلَافِ الْقُرْبِ إلَيْهِ بِاخْتِلَافِ الطَّرِيقِ مَعَ تَلَاصُقِهَا كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ يَخْتَلِفُ قُرْبُهَا وَبُعْدُهَا مِنْهُ فَامْتَنَعَ الْإِجْبَارُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلَاصَقَتْ وَاتَّحَدَ النَّهْرُ وَاتَّحَدَتْ طَرِيقُهَا إلَيْهِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ حِينَئِذٍ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَعْيَانِهَا فَمِنْ ثَمَّ دَخَلَهَا الْإِجْبَارُ حِينَئِذٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا إجْبَارَ فِيمَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْأَقْرِحَةِ أَسْفَلَ مِنْ الْآخَرِ إلَخْ لِأَنَّ الطَّرِيقَ حِينَئِذٍ إلَى النَّهْرِ لَمْ تَتَّحِدْ بَلْ اخْتَلَفَتْ قُرْبًا وَبُعْدًا وَمِنْ لَازِمِ اخْتِلَافِهَا كَذَلِكَ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ بِأَعْيَانِهَا وَمَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ كَذَلِكَ يُمْتَنَعُ الْإِجْبَارُ وَوَاضِحٌ أَنَّ خُلْطَةَ الْجِوَارِ لَا شَرِكَةَ فِيهَا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ فِيهَا الْقِسْمَةُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِيهَا إجْبَارٌ أَوْ عَدَمُهُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا تَتَأَتَّى قِسْمَتُهُ إجْبَارًا وَلَمْ يَرْضَ الشُّرَكَاءُ فِيهِ بِالْمُهَايَأَةِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرهُ وَهَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ لَا فَهَلْ إجَارَتُهُ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ وَلَوْ أَنَّ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ طَلَبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هَلْ يُجَابُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِقَوْلِهِ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ فِي امْتِنَاعِ الشِّرْكَيْنِ مِنْ الْمُهَايَأَةِ إنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُهُ عَلَيْهِمَا وَتُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرهُ لِأَحَدِهِمَا وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ بِامْتِنَاعِهِمَا صَارَ نَائِبًا عَنْهُمَا شَرْعًا إذْ تَصَرُّفُهُ عَلَيْهِمَا إنَّمَا هُوَ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي الْحَاكِمِ إذَا زَوَّجَ بِعَضَلِ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْبَتِهِ مَثَلًا وَإِذَا كَانَ نَائِبًا عَنْهُمَا فَكَيْفَ يُؤَجِّرُ أَحَدَهُمَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُتَصَرِّفًا مَعَ مُسْتَنِيبِهِ فِيمَا هُوَ نَائِبٌ فِيهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَأْجِرُ مَالَهُ مِنْ نَائِبِهِ.

بَلْ لَوْ قُلْنَا إنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُمَا وَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَانَ الِامْتِنَاعُ وَاضِحًا أَيْضًا لِأَنَّهُ وَلِيٌّ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ مِنْهُ فِي حِصَّتِهِ وَالْوَلِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ مَعَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ وَلِيٌّ عَلَيْهِ فِيهِ فَإِنْ قُلْتَ يُمْكِنُ تَوْجِيهُ الصِّحَّةِ بِأَنَّ أَحَدِهِمَا إذَا رَضِيَ بِالِاسْتِئْجَارِ صَارَ الْقَاضِي غَيْرَ نَائِبٍ عَنْهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنُوبُ عَنْ مُمْتَنِعٍ وَغَيْر مُوَلًّى عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى مَا ذَكَرْتُهُ فِي تَوْجِيهِ الِامْتِنَاعِ قُلْتُ هَذَا وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُتَخَيَّلَ إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ وَاضِحُ الْفَسَادِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُؤَجِّرُهُ عَلَيْهِمَا إلَّا إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا بِالْمُهَايَأَةِ وَإِذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا بِهَا فَوِلَايَةُ الْحَاكِمِ أَوْ نَائِبِهِ مُسْتَمِرَّةٌ عَلَيْهِمَا وَإِنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِأَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لِأَنَّ رِضَاهُ بِاسْتِئْجَارِهِ غَيْرُ رِضَاهُ بِالْمُهَايَأَةِ فَلَا يَكُونُ رِضَاهُ بِالِاسْتِئْجَارِ مُبْطِلًا لِوِلَايَةِ الْحَاكِمِ وَلَا لِنِيَابَتِهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ

ص: 337

الْمُقْتَضِي لَهَا وَهُوَ امْتِنَاعُهُمَا مِنْ الْمُهَايَأَة وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ إيجَارَ الْحَاكِمِ لِأَحَدِهِمَا فَاسِدٌ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّ مَلْحَظَ الْفَسَادِ مَا تَقَرَّرَ وَهُوَ مَوْجُودٌ مَعَ اسْتِئْجَارِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ عَبْسِينَ أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ وَفِيمَا قَرَّرْتُهُ رَدٌّ لِجَمِيعِ كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْهُ.

(وَسُئِلَ) بَعْضُ النَّاسِ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَخَلَّفَ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ دَاوُد وَأَحْمَدَ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ مَاتَ عُمَرُ عَنْ وَلَدٍ اسْمُهُ إدْرِيسُ ثُمَّ مَاتَ إدْرِيسُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَخَلَّفَ أَرْبَعَةَ أَعْمَامِ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي إخْوَتِهِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ ثُمَّ مَاتَ دَاوُد وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ ذَكَرَيْنِ هُمَا عَبْدُ اللَّهِ وَيُوسُفُ وَبِنْتًا هِيَ فَاطِمَةُ ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ وَخَلَّفَ وَلَدًا ذَكَرًا اسْمُهُ إدْرِيسُ ثُمَّ مَاتَ إدْرِيسُ الْمَذْكُورُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَخَلَّفَ عَمًّا لَهُ وَهُوَ يُوسُفُ الْمَذْكُورُ وَعَمَّةً لَهُ هِيَ فَاطِمَةُ الْمَذْكُورَةُ ثُمَّ غَابَ عَلَى الْمَذْكُورِ فِي السَّفَرِ وَجُهِلَ مَكَانُهُ وَلَهُ مُدَّةُ سِتِّينَ سَنَةً لَمْ يُعْلَمْ أَهُوَ حَيٌّ أَمْ مَيِّتٌ وَتَرَكَ وَلَدًا لَهُ اسْمُهُ شُكْرٌ وَانْحَصَرَ الْآنَ إرْثُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَدِّ فِي وَلَدِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِي أَوْلَادِ وَلَدِهِ دَاوُد وَفِي وَلَدِ وَلَدِهِ عَلَى الْغَائِبِ شُكْرٍ الْمَذْكُورِ وَلِلْجَدِّ عَبْدِ اللَّهِ أَرَاضٍ وَمَزَارِعُ بِالْيَمَنِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا عَمُّهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورُ وَقَسَمَ لِأَوْلَادِ دَاوُد وَأَوْلَادِ عَلِيِّ الْمَذْكُورِينَ قِطْعَتَيْنِ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ فِي بَيْتَيْنِ مِنْ ثُلْثِ الْأَرَاضِي الْمَتْرُوكَةِ وَمَسَكَ الثُّلُثَيْنِ بِيَدِهِ وَغَلَبَ عَلَى أَوْلَادِ إخْوَتِهِ.

فَمَاذَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ مِنْ هَذِهِ الْأَرَاضِي بِحُكْمِ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ حِصَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُلْثٌ وَعَلِيٍّ ثُلْثٌ وَيُوسُفَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ ثُلُثٍ وَفَاطِمَةَ خُمْسُ ثُلُثٍ وَعَلَى الْغَائِبِ سِتِّينَ سَنَةً إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا فَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي وَيَحْكُمُ بِمَوْتِهِ وَيُعْطِي مَالَهُ مَنْ يَرِثَهُ وَقْتَ الْحُكْمِ وَالْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنْ كَانَتْ بِطَلَبِ الشُّرَكَاءِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَمْ لَا وَهُمْ بَالِغُونَ رُشَدَاءُ وَلَمْ يَحْصُلْ حَيْفٌ فِي الْقِسْمَةِ فَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ إلَّا فِي حِصَّةٍ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ إلَى الْآنَ وَإِنْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ الْقَاسِمَ بِاخْتِيَارِهِ فَكُلُّ أَحَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى حِصَّتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ وَمَزْرَعَةٍ. اهـ. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ فَرُفِعَ هَذَا السُّؤَالُ إلَى شَيْخِنَا - فَسَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُدَّتِهِ وَرَضِيَ عَنْهُ وَقَمَعَ بِهِ جَرَاءَةَ مُتَهَجِّمٍ عَلَى الْعِلْمِ قَبْلَ دَرْيَتِهِ وَالْتَمَسَ مِنْهُ تَبْيِينَ الصَّوَابِ عَمَّا بِهِ - هَذَا الْمُفْتِي أَجَابَ.

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ تبارك وتعالى بِعُلُومِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ الْمُجِيبِ وَالْقِسْمَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إلَى آخِرِ جَوَابِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ فِي السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ أَنَّ الْقَاسِمَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَحَيْثُ تَوَلَّى بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ بِنَفْسِهِ فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْبَاقُونَ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُمْ فَلَا يَحْتَاطُ لَهُمْ كَنَفْسِهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ فِي الشُّرَكَاءِ غَائِبٌ فَلَا يَقْسِمُ عَنْهُمْ إلَّا الْقَاضِيَ بِشَرْطِهِ وَإِلَّا فَالْقِسْمَةُ بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا وَهَذَانِ كَافِيَانِ فِي بُطْلَانِ جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْمُفْتِي فَالصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا مُطْلَقًا وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هَذَا الْمُفْتِي مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ بَاطِلٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ هَلَكَ وَخَلَّفَ بِنْتًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُخْتًا لِأُمٍّ مَا الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ فِي بَلَدِنَا مَنْ لَا يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ إلَّا مَنْ لَا يَعْلَمُ أَفْتُونَا كَيْف يُقْسَمُ الْمِيرَاثُ مَعَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا إنَّ الْوَلَدَ لِلْأَبِ يَمْنَعُ الْأَخَ لِلْأُمِّ مِنْ الْمِيرَاثِ وَكَذَا قَالُوا الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٌ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ النِّصْفُ الْبَاقِي وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِالْبِنْتِ لَا بِالْأُخْتِ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّ وَلَدَ الْأَبِ يَمْنَعُ الْأَخَ لِلْأُمِّ مِنْ الْمِيرَاثِ خِلَافًا لِمَا ذَكَره السَّائِلُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ مَاتَ وَخَلَّفَ بِنْتًا وَابْنًا لِعَتِيقِهِ أَوْ بِنْتَ مُعْتِقِهِ وَقَبِيلَةٌ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ بَلْ يُقَال إنَّهُ مِنْهُمْ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي هُوَ بِهَا فَقَالَ الْمِيرَاثُ بَيْن الْبِنْتِ وَابْن الْعَتِيقِ نِصْفَانِ هَلْ مَا فَعَلَ هَذَا عَنْ حَقِيقَةٍ أَوْ جَاهِلٌ فَنُعَرِّفُهُ فَإِنْ قَبِلَ وَإِلَّا رَفَعْنَا أَمْرَهُ أَمْ يَكُونُ النِّصْفُ لِلْبِنْتِ وَالنِّصْفُ لِلْعَصَبَةِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ عَصَبَةٌ وَحَيْثُ لَا بَيْتَ مَالٍ فَهَلْ يُحْكَمُ بِالرَّدِّ عَلَى الْبِنْتِ أَمْ

ص: 338

يُرْصَدُ إذَا رَجَا أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءَ الْعَرَبِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ بِقَوْلِهِ أَمَّا أَوْلَادُ الْعَتِيقِ فَلَا يَرِثُونَ مِنْ الْمُعْتَقِ شَيْئًا مُطْلَقًا سَوَاءً كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَأَمَّا بِنْتُ الْمُعْتَقِ فَلَا تَرِثُ مِنْ عَتِيقِ أَبِيهَا شَيْئًا وَحِينَئِذٍ فَتَسْتَحِقُّ بِنْتُ الْمَيِّتِ النِّصْفَ ثُمَّ إنْ ثَبَتَ انْحِصَارُ الْإِرْثِ فِيهَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَ بَيْتُ الْمَالِ مُنْتَظِمًا فِي تِلْكَ الْأَرَاضِي أَخَذَ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَظِمًا أَخَذَتْ الْبِنْتُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ أَيْضًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ انْحِصَارُ الْإِرْثِ فِيهَا فَتُعْطَى النِّصْفَ فَقَطْ وَالْبَاقِي يُحْفَظُ بِأَنْ يُجْعَلَ تَحْتَ يَدِ قَاضٍ أَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ قَاضٍ أَمِينٌ اتَّفَقَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلَدِ عَلَى وَضْعِهِ عِنْد مَنْ يَرْضَوْنَ بِأَمَانَتِهِ وَدِيَانَتِهِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ مُسْتَحِقُّهُ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سُؤَالًا صُورَتُهُ أَيِسَ مِنْ صَاحِبِ دَيْنٍ فَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَةِ الْمَدْيُونِ مَعَ ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تبارك وتعالى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي طِرَازِهِ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ بِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى دَوَامِ حَجْرِ التَّرِكَةِ بِهِ لَا إلَى غَايَةٍ وَتَبِعَهُ الدَّمِيرِيُّ وَزَادَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ بِدَيْنِ اللُّقَطَةِ إذَا تَمَلَّكَهَا الْمَيِّتُ وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكُهَا وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي صُورَةِ اللُّقْطَةِ وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَمَا عَلَّلُوا بِهِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ إذَا أَيِسَ مِنْ مَالِكِهِ صَارَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَيَتَوَلَّى نَاظِرُ بَيْتِ الْمَالِ قَبْضَهُ وَبِهِ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ فَلَمْ يَلْزَمْ دَوَامُ الْحَجْرِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سُؤَالًا صُورَتُهُ زَيْدٌ وَشَقِيقَتُهُ فَوَلَدَتْ الشَّقِيقَةُ بِنْتًا وَوَلَدَتْ الْبِنْتُ وَلَدًا فَمَاتَتْ الشَّقِيقَةُ وَالْبِنْتُ فَزَعَمَ ابْنُ الْبِنْتِ أَنَّ الْبِنْتَ الشَّقِيقَةَ تَقَدَّمَ مَوْتُهَا قَبْلَ الْبِنْتِ فَالْوَارِثُ لِلشَّقِيقَةِ الْبِنْتُ وَالْأَخُ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ فَزَعَمَ الْأَخُ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ أَنَّ بِنْتَ الشَّقِيقَةِ تَقَدَّمَ مَوْتُهَا عَلَى مَوْتِ أُمِّهَا الَّتِي هِيَ الشَّقِيقَةُ فَالْوَارِثُ لِلشَّقِيقَةِ هُوَ أَيْ الْأَخُ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ وَحْدَهُ فَمَنْ الْمُرَجَّحُ مِنْهُمَا وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ زَيْدًا الْأَخَ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ ثُمَّ النِّصْفُ الثَّانِي هُوَ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ أَيْضًا وَابْنُ الْبِنْتِ يَزْعُمُ أَنَّهُ لِأُمِّهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ وُقِفَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحَا كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ مَتَى عُلِمَ تَقَدُّمُ مَوْتِ أَحَدِ مُتَوَارِثَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَنُسِيَ وُقِفَ مِيرَاثُ كُلٍّ إلَى الْبَيَانِ أَوْ الصُّلْحِ وَإِنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِالْوَقْفِ فِي جَمِيعِ مَالِ الشَّقِيقَةِ لِأَنَّ إرْثَ أَخِيهَا النِّصْفُ مِنْهُ مُحَقَّقٌ تَقَدَّمَتْ عَلَى بِنْتِهَا أَوْ تَأَخَّرَتْ فَلَا مُسَوِّغَ لِلْوَقْفِ فِيهِ إذْ لَا مُسَوِّغَ لَهُ إلَّا الشَّكَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَقَطْ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ قَتَلَ أَبَاهُ وَلِلْقَاتِلِ وَلَدٌ وَلَيْسَ لِلْمَقْتُولِ وَارِثٌ سِوَى الْقَاتِلِ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ فَهَلْ يَرِثُ وَلَدُهُ أَمْ لَا فَإِذَا قُلْتُمْ يَرِثُهُ كَيْف يَرِثُ وَهُوَ بَعْضُ الْقَاتِلِ كَأَنَّهُ هُوَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ قِيَامُ مَانِعِ الْإِرْثِ بِشَخْصٍ يُصَيِّرُهُ كَالْعَدَمِ فَالْقَاتِلُ حِينَئِذٍ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَد فَيَرِثُ وَلَدُهُ بِالْقَرَابَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَتْلَ أَبِيهِ صَيَّرَهُ كَالْمَيِّتِ.

(وَسُئِلَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ مَاتَ وَخَلَّفَ بَنِي عَمَّةٍ وَخَالًا وَابْنَ خَالَةٍ وَقُلْنَا بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَمَنْ الْوَارِثُ مِنْ هَؤُلَاءِ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ بِقَوْلِهِ لِبَنِي الْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ الْآخَرُ بَيْنَ الْخَالِ وَابْن الْخَالَةِ أَثْلَاثًا لِلْخَالِ ثُلُثَاهُ وَلِابْنِ الْخَالَةِ ثُلُثُهُ هَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ لِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا كُلَّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ كَانَ بَنُو الْعَمَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَمَّةِ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَالْخَالُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ وَابْنُ الْخَالَةِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ فَيُقَدَّرُ الْخَالُ وَالْخَالَةُ كَأَنَّهُمَا وَرِثَا أُخْتَهُمَا فَيَكُون لِلْخَالِ الثُّلُثَانِ وَلِلْخَالَةِ الثُّلُثُ وَمَالُهَا يَأْخُذُهُ وَلَدُهَا وَمِنْ ثَمَّ جَعَلْنَا كَأَنَّ الْأُمَّ وَالْأَبَ مَوْجُودَانِ فَمَا لِلْأَبِ وَهُوَ الثُّلُثَانِ يَكُونُ لِبَنِي الْعَمَّةِ وَمَا لِلْأُمِّ وَهُوَ الثُّلُثُ يَكُونُ لِمَنْ بِمَنْزِلَتِهَا وَهُمَا الْخَالُ وَابْنُ الْخَالَةِ أَمَّا الْخَالُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا ابْنُ الْخَالَةِ فَلِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ أُمِّهِ فِي الْمُسَاوَاةِ لِلْخَالِ فَلِمَ يُحْجَبْ بِهِ فَإِنْ قُلْتَ الْقِيَاسُ حَجْبُ الْخَالُ لَهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْوَارِثِ الْمُنْزَلَيْنِ مَنْزِلَتَهُ وَهُوَ الْأُمُّ قُلْتُ إنَّمَا يَتَأَتَّى هَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْقَرَابَةِ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ فَلَا لِأَنَّا

ص: 339

عَلَى مَذْهَبِهِمْ نُنْزِلُ الْفَرْعَ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ ثُمَّ نَعْتَبِرُ حِينَئِذٍ السَّبْقَ إلَى الْوَارِث وَأَمَّا اعْتِبَارُ السَّبْقَ إلَيْهِ قَبْلَ التَّنْزِيلِ فَغَيْرُ مَقِيسٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُنْزَلِينَ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الصَّلَاحِ.

سُئِلَ عَمَّنْ تَرَكَ خَالًا وَابْنَيْ خَالَةٍ مَنْ يَرِثُ مِنْهُمَا؟

فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ يُصْرَفُ مِيرَاثُهُ إلَى مَنْ يُوَرِّثُهُ الْمُوَرِّثُونَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَهَذَا الْجَوَابُ مُجْمَلٌ إذْ لَمْ يَتَبَيَّنْ مِنْهُ أَنَّ الْخَالَ يَحْجُبُ ابْنَيْ الْخَالَةِ أَمْ لَا.

ثُمَّ سُئِلَ عَمَّنْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَعَمَّةً وَابْنَتَيْ أَخٍ شَقِيقٍ فَأَفْتَى بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ بِأَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَالْبَاقِيَ بَيْنَ الثَّلَاثِ أَثْلَاثًا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَمَّةُ لِلْأُمِّ فَحَسْبُ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَيْنَ بِنْتَيْ الْأَخِ وَوَجَّهَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ أَنِّي وَجَدْتُ الْعَمَّةَ تَتَرَجَّحُ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ التَّنْزِيلِ نَزَّلُوهَا أَبًا وَقَالُوا بِتَقْدِيمِهَا عَلَى ابْنَةِ الْأَخِ الَّتِي هِيَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْأَخِ عِنْدَ أَهْلِ التَّنْزِيلِ أَجْمَعِينَ وَوَجَدْتُ ابْنَةَ الْأَخِ تَتَرَجَّحُ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَهْلَ الْقَرَابَةِ كَالْبَغَوِيِّ وَالْمُتَوَلِّي قَالُوا بِتَقْدِيمِ بِنْتِ الْأَخِ وَوَافَقَهُمْ بَعْضُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَمِنْهُمْ مَنْ نَزَّلَ الْعَمَّةَ عَمًّا فَقَدَّمُوا ابْنَةَ الْأَخِ عَلَيْهَا.

كَمَا يُقَدَّمُ الْأَخُ عَلَى الْعَمِّ فَرَأَيْتُ أَنْ لَا أُسْقِطُ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ بِالْأُخْرَى وَوَجَدْتُهُمَا مُتَعَادِلَتَيْنِ فَسَوَّيْتُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَهُوَ مَذْهَبُ بَعْضِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَمِنْهُمْ مَنْ نَزَّلَ الْعَمَّةَ لِغَيْرِ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْجَدِّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ مَذْهَبِ أَنَّ إعْطَاءَ ذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى سَبِيلِ الْمَصْلَحَةِ لَا الْإِرْثِ فَرَأَيْتُ وَالْحَالُ عَلَى مَا وَصَفْتُ الْإِفْتَاءَ بِالْجَمْعِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ أَقْرَبُ الْوُجُوهِ وَأَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ وَأَرْعَاهَا لِلْجِهَاتِ فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ سبحانه وتعالى فِي الْمَصِيرِ إلَيْهِ كَلَامُهُ مُلَخَّصًا ثُمَّ قَالَ فِي بِنْتَيْ أَخٍ وَابْنِ بِنْتٍ اجْتَهَدْتُ أَيَّامًا وَأَفْتَيْتُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ بِأَنَّ لِابْنِ الْبِنْتِ النِّصْفَ وَلِبِنْتَيْ الْأَخِ النِّصْفَ بَيْنَهُمَا وَرَأَيْتُ الْمَيْلَ إلَى التَّنْزِيلِ أَقْرَبَ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ وَأَقْوَى اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِقِيَاسِ مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ أَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْعَمَّةِ لِأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الْأَبِ وَبِنْتَا الْأَخِ مُنَزَّلَتَانِ مَنْزِلَةَ الْأَخِ وَالْأَبُ يَحْجُبُ الْأَخَ فَكَذَا الْمُدْلِي بِالْأَبِ يَحْجُبُ الْمُدْلِيَ بِالْأَخِ تَنْزِيلًا لِكُلِّ فَرْعٍ مَنْزِلَةَ أَصْلِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ حَجْبِ الْعَمَّةِ تَعَارَضَ فِيهَا مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَالْقَرَابَةِ فَالْأَوَّلُونَ يُوَرِّثُونَهَا وَحْدَهَا وَأَهْلُ الْقَرَابَةِ يُوَرِّثُونَ بِنْتَيْ الْأَخِ وَحْدَهُمَا فَلِتَعَادُلِ الْمَذْهَبَيْنِ عِنْدَهُ قَالَ بِاشْتِرَاكِ الثَّلَاثِ وَفِي مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ مَذْهَبُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ حَجْبُ الْخَالِ لِابْنِ الْخَالَةِ فَكَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ بِبَادِي الرَّأْيِ لِأَنَّ الْخَالَ أَقْرَبُ إلَى الْوَارِثِ فَلَا جَامِعَ بَيْنَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمَا قَدَّمْتُهُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ بَلْ مَا ذَكَرْتُهُ فِي رَدِّهِ مِنْ حَجْبِ الْعَمَّةِ لِبِنْتِ الْأَخِ يُؤَيِّدُ حَجْبَ الْخَالِ لِابْنِ الْخَالَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَمَّةَ تُدْلِي إلَى غَيْرِ مَنْ تُدْلِي إلَيْهِ بِنْتُ الْأَخِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعَمَّةَ تُدْلِي إلَى الْأَبِ وَبِنْتَ الْأَخِ تُدْلِي إلَى وَارِثٍ آخَرَ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَخُ وَلَا كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ الْخَالَ يُدْلِي إلَى الْأُمِّ وَابْنُ الْخَالَةِ لَا يُدْلِي لِوَارِثٍ غَيْرِ الْأُمِّ.

بَلْ إنَّمَا يُدْلِي لَهَا أَيْضًا بَعْد تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ أُمِّهِ الَّذِي هُوَ طَرِيقَةُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ فَاسْتَوَيَا هُنَا فِي الْإِدْلَاءِ إلَى وَارِثٍ فَلِمَ يَحْجُبْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَأَمَّا الْعَمَّةُ وَبِنْتُ الْأَخِ فَلَمْ يَسْتَوِيَا فِي ذَلِكَ بَلْ أَدْلَيَا بِوَارِثَيْنِ مُخْتَلِفِينَ فَنَظَرْنَا لِحَجْبِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ وَعَمِلْنَا بِذَلِكَ فَقُلْنَا بِحَجْبِ الْعَمَّةِ لِبِنْتِ الْأَخِ فَإِنْ قُلْتَ يُؤَيِّدُ حَجْبَ الْخَالِ لِابْنِ الْخَالَةِ قَوْلُ ابْنِ الصَّرْدِ فِي كَافِيهِ بِنْتُ خَالٍ وَخَالَةٍ أَمْ الْمَالُ لِخَالَةِ الْأُمِّ لِأَنَّكَ إذَا نَزَّلْتَهَا دَرَجَةً صَارَتْ جَدَّةً وَبِنْتُ الْخَالِ إذَا نَزَّلْتهَا دَرَجَةً صَارَتْ خَالًا وَلَمْ تَصِل إلَى الْوَارِثِ قُلْتُ الْفَرْقُ بَيْن هَذِهِ وَصُورَةِ السُّؤَالِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ بِنْتَ الْخَالِ بَعْد تَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ أَصْلِهَا لَا تُسَاوِي خَالَةَ الْأُمِّ فِي دَرَجَتِهَا بَلْ هِيَ بَعْد التَّنْزِيلِ أَعْلَى مِنْهَا بِدَرَجَةٍ فَلِذَلِكَ نَزَّلْنَا خَالَةَ الْأُمِّ مَنْزِلَةَ الْجَدَّةِ فَلَا تَسْبِقُهَا بِنْتُ الْخَالِ بِدَرَجَةٍ بَعْد تَنْزِيلِهَا مَنْزِلَةَ أَبِيهَا وَهُوَ الْخَالُ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتِنَا فَابْنُ الْخَالَةِ بَعْد تَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ أُمِّهِ يُسَاوِي الْخَالَ فِي دَرَجَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ اسْتِوَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْقُرْبِ إلَى الْأُمِّ فَلَمْ يَبْقَ مُسَوِّغٌ لِحَجْبِ الْخَالِ لِابْنِ الْخَالَةِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِاسْتِوَائِهِمَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْكَافِي بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ بَعْد أَنْ ذُكِرَ إنَّكَ تُنَزِّلُ كُلًّا مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي دَرَجَةٍ فَإِنَّك تُوَرِّثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِيرَاثَ مَنْ يُدْلِي بِهِ وَإِنْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ إلَى وَارِثٍ بِدَرَجَةٍ انْفَرَدَ بِجَمِيعِ الْمَالِ

ص: 340