المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يقول على وضوئه - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٢

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب ما يقول إذا أراد صب ماء الوضوء أو استقاءه

- ‌باب ما يقول على وضوئه

- ‌باب ما يقول عند اغتساله

- ‌باب ما يقول على تيممه

- ‌باب ما يقول إذا توجه إلى المسجد

- ‌باب ما يقول عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌باب ما يقول في المسجد

- ‌باب إنكاره ودعائه على من ينشد ضالة في المسجد أو يبيع فيه

- ‌باب دعائه على من ينشد في المسجد شعرًا ليس فيه مدح للإسلام ولا تزهيد والحث علي مكارم الأخلاق ونحو ذلك

- ‌باب فضيلة الأذان

- ‌باب صفة الأذان

- ‌باب صفة الإقامة

- ‌باب ما يقول من سمع المؤذن والمقيم

- ‌فائدة

- ‌باب الدعاء بعد الأذان

- ‌باب ما يقول بعد ركعتي سنة الصبح

- ‌تتمة

- ‌باب ما يقول إذا انتهى إلى الصف

- ‌باب ما يقول عند إرادته القيام الي الصلاة

- ‌باب الدعاء عند الإقامة

- ‌باب ما يقول إذا دخل في الصلاة

- ‌باب تكبيرة الإحرام

- ‌باب ما يقوله بعد تكبيرة الإحرام

- ‌باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح

- ‌باب القراءة بعد التعوذ

- ‌فائدة

- ‌باب أذكار الركوع

- ‌خاتمة

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من الركوع وفي اعتداله

- ‌باب أذكار السجود

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من السجود وفي الجلوس بين السجدتين

- ‌باب أذكار الركعة الثانية

- ‌باب القنوت في الصبح

- ‌باب التشهد في الصلاة

- ‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

الفصل: ‌باب ما يقول على وضوئه

بسم الله الرحمن الرحيم

‌باب ما يقول إذا أراد صب ماء الوضوء أو استقاءه

يُستحبّ أن يقول: "بسم الله" كما قدَّمناه.

‌باب ما يقول على وضوئه

يُستحب أن يقول في أوله: بسم الله الرّحمن الرَّحيم وإن قال: "بسم الله" كفى. قال أصحابنا: فإن ترك التسمية في أول الوضوء

ــ

باب ما يقول إذا أراد صب ماء الوضوء أو استقاءه

أي استقاء الماء فاستقاء مصدر مضاف للمفعول الضمير الراجع إلى الماء والفاعل محذوف أي استقاء المتوضيء الماء. قوله: (لما قدمناه) أي في باب ما يقول إذا لبس ثوبه من قوله تستحب التسمية في جميع الأحوال وهو يبين أن المراد هنا البسملة جميعها وفي المجموع يمكن أن يحتج على المسألة أي التسمية أول الوضوء بحديث كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أو بذكر الله اهـ. وقدمنا عن ابن عبد السلام في ذلك تفصيلًا فليكن منك ببال وفي شرح مسلم للمصنف ويستحب البدء بالحمد لله في جميع الأعمال أيضًا.

باب ما يقول على وضوئه

هو بضم الواو عند أهل الشرع استعمال الماء في أعضاء مخصوصة مبدوءًا بنية إما بالفتح فيطلق على الماء المعد للوضوء وما يستعمل في الوضوء وما يبقى منه في الإناء بعد الوضوء وظاهر أنه لا بد عليه من تقدير المضاف أي استعمال الوضوء. قوله: (في أوّله) أي أول الوضوء الشرعي وأوله غسل الكفين فيسمى عند غسلهما

ص: 2

أتى بها في أثنائه،

ــ

لفظًا ويقرن بها نية الوضوء قلبًا ثم يتلفظ بالنية باللسان وقيل أول الوضوء السواك والمختار الأول وعليه فالسواك بعد غسل الكفين قبل المضمضة لكن من المقرر إن السواك يتأكد بالذكر والتسمية ذكر فيسن السواك قبلها لذلك لا لكونه من الوضوء قال ابن حجر الهيتمي وهذا ظاهر وإن لم يصرحوا به اهـ، ثم التسمية في الوضوء سنة عين وفارق الأكل بأن القصد من التسمية فيه عود البركة على الطعام ومنع الشيطان منه وهي حاصلة بتسمية واحد من الجماعة مجتمعين آكلين والقصد منها في الوضوء عود البركة على نفس الفاعل بتكميل عبادته وهذا لا يوجد بذكر الغير. قوله:(أتى بها في أثنائه) فيقول باسم الله أوله وآخره.

قوله: (كفى) أي في حصول أصل السنة قال في المجموع وهو محصل لفضيلة التسمية بلا خلاف ونقله عن جمع ثم محل كون أكملها أفضل بالنسبة لذي الحدث الأصغر أما ذو الحدث الأكبر

فيقتصر على بسم الله ويجوز زيادة الرحمن الرحيم نقله السمهودي عن شرح المذهب للمصنف وفي شرح العباب لابن حجر قيل الأولى للجنب باسم الله العظيم أو الحليم حتى يخرج بها عن نظر القرآن وحكي في المجموع عن بعضهم إن التسمية لا تسن للجنب وهو ضعيف لأن التسمية ذكر ولا تكون قرآنًا إلَّا بالقصد وحكاية وجه كراهة بسم الله الرحمن الرحيم نازع الإسنوي في ثبوته اهـ، بالمعنى وفي حواشي ابن قاسم على التحفة وقع السؤال هل يقوم مقام البسملة الحمد لله أو ذكر الله كما في بداءة الأمور فأجاب محمد الرملي بالمنع لأن البداءة ورد فيها طلب البداءة بالبسملة وبالحمدلة وبذكر الله وهذه لم يرد فيها إلّا طلب البسملة بقوله توضؤوا باسم الله أي قائلين ذلك كما فسره به الأئمة وأقول لقائل أن يقول إن حديث كل أمر ذي بال شامل للوضوء اهـ. قلت وقد صرح المصنف في شرح مسلم بأنه يستحب أن يحمد الله ويذكره أول كل أمر ذي بال آخذًا بالحديث

ص: 3

فإن ترکها حتى فرغ فقد فات

محلُّها فلا يأتي بها

ــ

المذكور وقد سبق نقل عبارته فيما يقول عند لبس ثوبه. قوله: (فإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى فَرَغَ فَلَا يَأْتِي بِهَا لفَواتَ مَحَلهَا) قال في شرح الروض والظاهر أنه يأتي بها بعد فراغ الأكل ليتقي الشيطان ما أكله اهـ، ونظر فيه في الإمداد بأن القصد بالتسمية التبرك وتقايؤ الشيطان أمر زائد على ذلك، على أنه قيل ليس المراد حقيقة ثم رأيت حديثًا في الأوسط للطبراني ولفظه من نسي أن يذكر الله في أول طعامه فليذكر الله في آخره وهو يؤيد ما قاله الشيخ وإن كان في سنده ضعف لكنه مقيد بحال النسيان اهـ، ولك إن تقول يحتمل أن يكون المراد من النسيان في الخبر الترك كما في قوله تعالى:{أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [طه: 126]، أو تبقيه على ظاهره من قابل العمد ويكون خرج مخرج الغالب من أنه للمبسمل عادة غالبة لا يترك الذكر عند الطعام إلا نسيانًا فلا مفهوم له ويؤيد ذلك إن الإتيان بها أثناء الأكل لمن تركها أوله مقيد بالنسيان رواه أبو داود وغيره إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى أوله فإن نسي إن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل باسم الله أوله وآخره رواه ابن عطية في شرحه على الإرشاد وكذا رواه الترمذي في شمائله إذا أكل أحدكم فنسي أن يذكر اسم الله على طعامه فليقل بسم الله أوله وآخره فظهر إن لا نظر فيما اعتمده شيخ الإسلام من إطلاق استحباب التسمية على الطعام بعد تمامه سواء تركها عمدًا أو سهوًا ثم رأيت ابن حجر قال في شرح الترمذي المذكور فليقل أثناء الطعام وبعد فراغه كما شمله إطلاق الحديث وقول بعض المتأخرين لا يقول ذلك بعد فراغ الطعام لأنه إنما شرع ليمنع الشيطان وبالفراغ لا يمنع، يريد بأنا لا نسلم أنه إنما شرع لذلك فحسب، وما المانع أنه شرع بعد الفراغ أيضًا ليقيء الشيطان ما أكله والمقصود حصول ضده وهو

ص: 4

ووضوءه صحيح، سواء تركها عمدًا أو سهوًا، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء، وجاء في التسمية أحاديث ضعيفة، ثبت عن أحمد بن حنبل رحمه الله أنه قال: لا أعلم في التسمية في الوضوء حديثًا ثابتًا.

ــ

حاصل في الحالين اهـ. قوله: (وَوُضوؤُهُ صحيحٌ) هذا مذهب جماهير العلماء قال في شرح السنة وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لو ترك التسمية أعاد الوضوء وقال إسحاق إن ترك عمدًا أعاد وإن ترك ناسيا أو متأولًا أجزأه وذهب أهل الظاهر إلى أنها واجبة وعن أبي حنيفة رواية أنها ليست بمستحبة عن مالك أنها بدعة ورواية أنها مباحة لا فضيلة في فعلها وتركها وذهب أكثر أهل العلم إلى إن تركها لا يمنع صحة الطهارة قال السخاوي ولا أعلم من قال بوجوب التسمية إلّا ما جاء عن أحمد في إحدى

الروايتين عنه وبه قال ابن راهويه وأهل الظاهر. قوله: (ثبت عن أحمدَ بن حنبل) أنه قال لا أعلم في التسمية في الوضوء حديثًا ثابتًا نقله عنه المصنف في الخلاصة وابدل قوله ثابتًا بقوله صحيحًا وفي شرح السنة عن أحمد لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد قال علماء الأثر إذا قال الحافظ الحاكم الذي أحاط بمعظم السنة أي كأحمد بن حنبل لم أقف على شيء في كذا ولا أعرفه أو نحو ذلك استفيد منه عدم وروده وما نقل عن بعض السلف لما قال في حديث لا أعلمه فقيل له أحطت بكل السنة فقال لا فقيل بالنصف قال أرجو قيل فاجعل هذا من النصف الذي لم تحط به محمول على ما قبل تدوين السنن "تنبيه" في الخلاصة للمصنف عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال نظر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءًا فلم يجدوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ها هنا وضوء فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في الإناء الذي فيه الماء فقال توضؤوا باسم الله فرأيت الماء يفور من بين أصابعه والقوم يتوضؤون حتى توضؤوا عن آخرهم قال ثابت فقلت لأنس كم كانوا قال كانوا نحوًا من سبعين رجلًا رواه البيهقي بإسناد

ص: 5

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جيد وقال هذا أصح ما في الباب اهـ، وكذا رواه النسائي بإسناد جيد كما في شرح الروض والجيد عند علماء الأثر بمعنى الصحيح كما قاله الزركشي في حواشي ابن الصلاح قال قال ابن المبارك ليس جودة الحديث قرب الإسناد صحة الرجال ذكره ابن السمعاني في أدب الاستملاء اهـ. ولعله مستند ابن حجر حيث قال في شرح المشكاة في أثناء كلام للخبر الصحيح توضؤوا باسم الله اهـ. وقال في شرح العباب لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم توضؤوا باسم الله ونقل في الخلاصة بعده كلام أحمد كما سبق وسكت عليه، وبين كلاميه مخالفة لا تخفى لأن الإقرار على الكلام رضىً به وقد أخذ المحدثون ضعف المرسل عند مسلم من إيراده ذلك في سؤال وسكوته عليه وحينئذٍ فيكون آخر كلام المصنف المصرح بضعف أحاديث التسمية في الوضوء مخالفًا لأول المذكور في حديث البيهقي إذ المراد من قوله فيه توضؤوا باسم الله أي توضؤوا قائلين ذلك وقد يقال لا منافاة لما تقرر إن الحكم على الإسناد لا يلزم مجيئه في المتن فقد يكون السند مقبولًا والمتن معلولًا ويؤيد ذلك أنه لو كان صحيحًا في ذاته لقال وهو حديث صحيح في التسمية فعدوله عن ذلك. إلى قوله أصح ما في الباب قد يومئ إلى ما أشرنا إليه قال المصنف كما يأتي المحدثون يقولون هذا الحديث أصح ما في الباب ولا يريدون صحته في نفسه بل أنه أقل ضعفا من غيره من أحاديث الباب والله أعلم، أو يقال كلام أحمد مخصوص بغير حديث أنس المذكور والسكوت عن التعقب في الأخير اكتفاء بما يفهمه سابق الكلام من التصريح بجودة ذلك الخبر الصحيح على أنه تعقب البيهقي بأن حديثه غير صريح لاحتمال أن يكون المعنى باسم الله، الإذن كما سيأتي عند أواخر الباب وفي شرح التحرير للشيخ زكريا وسن تسمية عند غسل الكفين للأمر بها وللاتباع في الاخبار الصحيحة ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال بعد نقل كلام أحمد المذكور لا يلزم من نفي العلم ثبوت العدم وعلى التنزل لا يلزم من نفي الثبوت ثبوت الضعف لاحتمال أن يراد بالثبوت الصحة فلا ينتفي الحسن وعلى التنزل لا يلزم من نفي الثبوت

عن كل فرد نفيه عن المجموع وكلام الإمام

ص: 6

فمن الأحاديث حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا وضوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَليهِ" رواه أبو داود وغيره.

ــ

أحمد جاء عنه من طرق فأخرج ابن عدي في الكامل عن أحمد بن حفص السعدي قال سئل أحمد عن التسمية في الوضوء فقال لا أعلم فيه حديثًا ثابتًا أقوى شيء من حديث كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن وربيح ليس بالمعروف وسيأتي بيانه في حديث أبي سعيد ونقل الخلال في العلل عن أحمد قال ليس فيه شيء يثبت وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق الأثرم قال قال أحمد أحسن شيء فيه حديث كثير بن زيد وقال ابن راهويه أصح شيء فيه حديث كثير بن زيد ونقل الترمذي عن أحمد نحو ما تقدم وعن البخاري قال أقوى شيء فيه عندي حديث عبد الرحمن بن رباح وهو غير ربيح بن عبد الرحمن وسيأتي الكلام على حديث عبد الرحمن في الكلام على حديث سعيد.

قوله: (فَمِنَ الأَحاديثِ) حديث أبي هريرة لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه هو من جملة حديث أورده في الخلاصة ولفظه عن أبي هريرة مرفوعًا لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء إلخ، ولم يذكر مخرجه وذكره هنا بقوله رواه أبو داود وغيره وقال الحافظ بعد تخريجه بجملة، حديث غريب أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والدارقطني والحاكم في المستدرك ومدار الحديث عندهم على قتيبة وصححه الحاكم وتعقب بأنه وقع في رواية يعقوب بن أبي سلمة فظنه الماجشون أحد رواة الصحيح فصححه لذلك وهو خطأ إنما هو يعقوب بن سلمة الليثي لا ابن أبي سلمة وهو شيخ جليل الحديث ما روى عنه من الثقات سوى محمد بن موسى وأبوه يعقوب مجهول ما روى عنه سوى ابنه وقد نقل الترمذي عن البخاري يقول لا يعرف ليعقوب سماع من أبيه ولا لأبيه سماع من أبي هريرة وله شاهد من وجه آخر عن أبي هريرة أخرجه

ص: 7

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الدارقطني عن محمود بن محمد المظفري حدثنا أيوب بن البخاري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما توضأ من لم يسم وما صلى من لم يتوضأ وما آمن بي من لم يحبني وما أحبني من لم يحب الأنصار هذا حديث غريب تفرد به المظفري ورواته من أيوب فصاعدا مخرج لهم في الصحيح لكن قال الدارقطني في المظفري ليس بالقوي وقال ابن معين سمعت أيوب بن البخاري يقول لم أسمع من يحيى بن أبي كثير سوى حديث واحد وهو حديث احتج آدم وموسى فعلى هذا يكون في السند انقطاع إن لم يكن المظفري دخل عليه إسناد في إسناد وجاء عن أبي هريرة من طرف أخرى مختلفة الألفاظ والمعاني فأخرجه الدارقطني عنه مرفوعًا بلفظ من توضأ فذكر اسم الله تطهر جسده كله ومن توضأ فلم يذكر اسم الله لم يطهر سوى موضع الوضوء حديث غريب تفرد به مرداس من ولد أبي موسى الأشعري ضعفه جماعة ووثقه بعض وبقية رجاله ثقات اهـ. وفي الجامع الصغير عزو تخريج حديث أبي هريرة بجملته إلى أحمد وأبي داود وابن ماجة والحاكم ومن حديث سعيد بن أبي زيد إلى ابن ماجة فقط لكن في المشكاة أنه من حديث سعيد رواه الترمذي أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري عن أبيه رواه الدارمي اهـ. قلت ورواه من حديث أبي سعيد وسهل بن سعد بن ماجة وقال الترمذي قال محمد بن إسماعيل أحسن شيء في هذا الباب حديث عبد الرحمن بن رباح يعني هذا الحديث المروي عن أبي سعيد كما سيجيء تحقيقه ووقع في نسخة من شرح السنة للبغوي عزو تخريجه للبخاري وهو غلط

من الكتاب بلا ارتياب قال البيضاوي هذه الصيغة حقيقة في نفي الشيء ويطلق مجازًا على نفي الاعتداد به لعدم صحته نحو لا صلاة إلَّا بطهور أو كماله نحو لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد والأول أشيع وأقرب إلى الحقيقة فيتعين المصير إلى ذلك ما لم يمنع مانع وههنا محمول على نفي الكمال اهـ. قال العاقولي وهو محمول على الكمال خلافًا لأهل الظاهر لما روي مرفوعًا ومن

ص: 8

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

توضأ ولم يذكر اسم الله كان مطهرًا لأعضاء وضوئه اهـ. وفي شرح السنة للبغوي وتأوله آخرون على النية وجعلوا الذكر ذكر القلب وهو أن يذكر أنه يتوضأ لله امتثالًا وسيأتي توجيه أقرب من هذا وحكي هذا المعنى عن ربيعة شيخ مالك وجعل هذا القائل الاسم في قوله لمن لم يذكر اسم الله مقحمًا اهـ. وفي المجموع بعد نقل هذا الجواب أي الأخير عن الدارمي والقاضي حسين وآخرين حكاه عنهم الخطابي اهـ. وفي مرقاة الصعود للسيوطي هذا التأويل أي المنقول عن ربيعة نقله الخطابي عن جماعة من العلماء وإنهم تأولوه على النية وذلك أنهم قالوا إن الأشياء قد تعتجر بأضدادها فلما كان النسيان محله القلب كان محل ضده الذي هو الذكر القلب وإنما ذكر القلب النية والعزيمة قال ابن العربي قال علماؤنا المراد بهذا الحديث وذكر نحوه قال الولي العراقي وفي كلام ربيعة إن لفظ الحديث لمن لم يذكر الله عليه والتأويل الذي ذكره أقرب إلى اللفظ الذي حكاه وهو بعيد من لفظ الحديث اهـ. قلت وليس ببعيد على الرواية المذكورة لما تقدم إن القائلين بذلك التأويل يقولون إن اسم مقحم في الحديث وفي شرح التحرير للشيخ زكريا وإنما يجب لآية الوضوء المبينة لواجباته ولقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي توضأ كما أمرك الله رواه الترمذي وحسنه وليس فيما أمر الله تسمية وأما خبر لا وضوء لمن لم يسم الله ففي الإمداد أنه ضعيف كما قال النووي لكنه متعقب أو محمول على الكمال اهـ. "قلت" ويؤيد التعقب إن السيوطي جعل بجانب الحديث علامة الصحة في الجامع الصغير "تنبيه" وقع لبعض المتأخرين إن أحمد أخذ وجوب التسمية من هذا الحديث ورده أصحابنا بضعفه أو بحمله على الكمال للحديث الصحيح لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه ويديه ويمسح رأسه ويغسل رجليه اهـ، وفيه نظر لما نقله المصنف وغيره عن الحافظ كالترمذي عنه من عدم ثبوت حديث في التسمية عنده فكيف يقال بأخذه الوجوب من هذا الخبر من تصريحه بضعفه؟ وقد قدمنا في الفصول أن ما يعزى إلى أحمد من الاستدلال

ص: 9

ورويناه من رواية سعيد بن زيد وأبي سعيد وعائشة وأنس بن مالك وسهل بن سعد رضي الله عنهم، رويناها كلها في "سنن البيهقي" وغيره،

ــ

بضعيف الخبر عنه فقد غيره المراد به الحسن فإنه ضعيف بالنسبة للصحيح لا الضعيف المقابل للمقبول لأنه لا يحتج به في شيء من الأحكام الظاهر إن أحمد له مستند صريح صحيح أخذ منه الوجوب وهو غير مذكرر وتوهمه البعض أنه الخبر المسطور والله أعلم، وفي المجموع احتج من أوجبها بحديث لا وضوء لمن لم يسم الله عليه ولأنها عبادة يبطلها الحدث فوجب في أولها نطق كالصلاة واحتج من لم يوجبها بآية الوضوء وبأنه عبادة لا يجب في آخرها ذكر فلا يجب في أولها كالطواف اهـ. وهي لإجمال من قال بالإيجاب أبعد عن الإيراد السابق لاحتمال إن المراد منه ما عدا أحمد والقرينة على هذا المراد، ما تقدم عنه من ضعف كل خبر في التسمية ولعله ممن استدل بالدليل الثاني المشار إليه في كلام المجموع والله أعلم، ثم رأيت في شرح العباب لابن حجر فيما يقوم مقام الفاتحة من اشتراط سبعة أنواع من الدعاء بحديثه الآتي بما فيه

ومنه قوله وضعفه النووي في المجموع ثم نقل عن جمع أن النووي أخذ بمقتضى ذلك الحديث في التنقيح وتعقبه بأن هذا الأخذ إنما يتم عند من يصحح الحديث دون من يضعفه كالنووي فأخذه في التحقيق بقضيته مع تضعيفه له في المجموع قادح في التضعيف اهـ، فالاعتراض بالأخذ يقتضيه الخبر مع التضعيف متوجه لوجود التصريح بأنه أخذ بذلك الحديث ولعل ما ذكر عن أحمد من ذلك وأنهم أخذوه مما أسند عنه من العمل بالخبر الضعيف وقد بيَّنا فيما مرّ آنفا مراده به والله أعلم. قوله:(ورويناهُ من رواية سعيدٍ إلخ) أما حديث سعيد بن زيد وهو أحد العشرة فلفظه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار حديث غريب أخرجه الترمذي وابن ماجة

ص: 10

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والدارقطني ومداره على أبي ثفال بكسر المثلثة وتخفيف الفاء واسمه ثمامة بن وائل بن حصن وشيخه رباح بن عبد الرحمن يكنى أبا بكر وأبوه عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب بن عبد العزى لجده حويطب صحبة وربما نسب أبو بكر إلى جده الأعلى حويطب ولا يعرف عنه راويًا سوى أبي ثفال ورباح يروي الحديث عن جدته ووقع في بعض طرق الحديث أن اسمها أسماء ولها صحبة وهي بنت سعيد بن زيد وليس في رجال سنده من يتوقف فيه سوى رباح وتقدم النقل عن البخاري إن حديثه هذا أحسن أحاديث الباب قاله الحافظ وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي العدوي ابن عم عمر بن الخطاب يجتمع معه في نفيل كان أبوه زيد ممن اعتزل الجاهلية وجهالاتهم ووحد الله تعالى بغير واسطة وكان ذهب وورقة يطلبان الدين فتهود ورقة ثم تنصر وأبي زيد إلا الحنيفية وكان يبكي ويقول وعزتك لو أعلم الوجه الذي تعبد به لعبدتك به قيل ونزل فيه وفي سلمان وأبي ذر {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى} [الزمر: 17]، أمه فاطمة بنت بعجة الخزاعية أسلم هو وزوجه أم جميل فاطمة أخت عمر بن الخطاب في أول الإسلام وكان عمر يعذبهما في الإسلام وبسببهما كان إسلامه وأسلمت عاتكة أخت سعيد وكانت بارعة الجمال، كان سعيد من السابقين في الإسلام والهجرة وشهد المشاهد كلها إلَّا بدرا كان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه وطلحة يتجسسان الأخبار في طريق الشام فقدما المدينة وقعة بدر فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم سهمهما وأجرهما فلذا غدا في البدريين وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة وبالشهادة في حديث العشرة وفي حديث تحرك "حراء" فهو أحد العشرة المبشرة والستة أصحاب الشورى وكان موصوفًا بالزهد محترمًا عند الولاة ولما فتح أبو عبيدة دمشق ولاه إياها ثم نهض بمن معه للجهاد فكتب إليه سعيد أما بعد فإني ما كنت لأوثرك وأصحابك بالجهاد على نفسي وعلى ما تدنيني عن مرضاة ربي فإذا جاء كتابي فأبعث إلى عملك من هو أرغب مني فإني قادم عليك

ص: 11

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وشيكًا إن شاء الله تعالى والسلام فعزله يزيد بن أبي سفيان، وكان أخوه من الأنصار ابن كعب، روي لسعيد ثمانية وأربعون حديثًا اتفقا منها على حديثين وانفرد البخاري بحديث توفي بالعقيق وحمل على أعناق الرجال إلى المدينة فدفن بالبقيع سنة خمسين أو إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة وصلى عليه ابن عمر ونزل في قبره هو وسعد بن أبي وقاص، له ثلاثة عشر ولدا ذكرًا وثمانية عشر أنثى والله أعلم، وأما حديث أبي سعيد فلفظه قال صلى الله عليه وسلم ولا وضوء لمن لم

يذكر اسم الله عليه هذا حديث حسن رواه الترمذي والدارمي وابن ماجة والحاكم من طرق متعددة إلى كثير بن زيد وهو صدوق، وربيح براء مهملة وموحدة وتحتية ومهملهَ مصغر مختلف فيه وسائر رواته من رجال الصحيح وتقدم النقل عن أحمد أنه أحسن أحاديث الباب وعن إسحاق بن راهويه أصحها وصححه الحاكم وأخرج له حديث أبي هريرة المبدوء بذكره شاهدًا وتقدمت ترجمة أبي سعيد الخدري وأما حديث عائشة فلفظه قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقوم للوضوء يكفي الإناء ويسمي الله ثم يسبغ الوضوء هذا حديث غريب أخرجه ابن ماجة وأحمد وإسحاق وابن أبي شيبة في مسانيدهم من طرق عن حارثة بمهملتين ثم مثلثة مدني ضعفوه وباقي رجال السند من رجال الصحيح وقد نقل حرب الكرماني عن أحمد أنه نظر في كتاب إسحاق فقال هذا يزعم أنه يخرج أصح أحاديث الباب وقد بدأ بحديث حارثة هذا وهو أضعف أحاديث الباب انتهى وأما حديث أنس فأخرجه عبد الملك بن حبيب بلفظ لا إيمان لمن لا صلاة له ولا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يسم وهو ضعيف ولأنس حديث آخر صحيح قال طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءًا فلم يجدوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ها هنا ماء فأتي

ص: 12

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بماء فوضع يده في الإناء الذي فيه الماء ثم قال توضؤوا باسم الله فرأيت الماء يفور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم حديث صحيح أخرجه النسائي وابن حبان والبيهقي وقال هذا أصح شيء ورد في التسمية وتعقبه المصنف بأنه غير صريح لاحتمال أن يكون المعنى بقوله باسم الله الإذن في التناول ولا يتم المراد إلّا أن يكون المعنى توضؤوا قائلين باسم الله وقد أخرج أحمد من حديث جابر قال عطشنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بتور من ماء فوضع يده فيه فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأنها عيون ثم قال خذوا باسم الله وسنده صحيح وأصله في الصحيح وهذا يدل على أن قول باسم الله للتبرك ولذا حمله متأخرو الفقهاء عليه فقالوا التقدير توضؤوا قائلين ذلك والعلم عند الله وأما حديث سهل بن سعد فلفظه قال قال صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه حديث غريب أخرجه ابن ماجة عن رواية عبد المهيمن بن العباس بن سهل بن سعد وعبد المهيمن ضعيف قال الحافظ وقد اقتصر الترمذي بعد تخريج حديث سعيد بن زيد على ذكر الخمسة الذين ذكرهم المصنف ووقع لي في الباب زيادة على ذلك فورد عن علي ولفظه نحو حديث سهل بن سعد وسنده ضعيف وعن أبي سبرة ولفظه مثل حديث سهل أيضًا وحديثه غريب أخرجه البغوي في كتاب الصحابة وقال عيسى بن سبرة الراوي له عن أبيه عن جده أبي سبرة منكر الحديث وعن عبد الله بن مسعود أخرجه البيهقي عنه مرفوعًا ولفظه إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله فإن لم يذكر اسم الله لا يطهر إلّا ما مر عليه الماء تفرد به يحيى بن هشام الكوفي عن الأعمش وهو متروك الحديث متفق على ضعفه وعن ابن عمر أخرج البيهقي أيضًا عنه مرفوعًا ولفظه من توضأ فذكر اسم الله عليه كان طهرا لجسده ومن توضأ فلم يذكر اسم الله عليه لم يطهر إلَّا مواضع الوضوء منه تفرد به أبو بكر الداهري واسمه عبد الله بن حكيم وهو متروك الحديث أيضًا وقد تقدم في هذا المعنى حديث لأبي هريرة وسنده ضعيف

ص: 13

وضعفها كلها البيهقي وغيره.

ــ

أيضًا قال أبو الفتح اليعمري أحاديث الباب إما

صريح غير صحيح وإما صحيح غير صريح وقال ابن الصلاح يثبت بمجموعها ما يثبت لعله: بالحديث الحسن والله أعلم اهـ، وسيأتي مزيد لهذا في ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الوضوء وسبقت ترجمة عائشة وأنس بن مالك وأما سهل بن سعد فهو ابن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي الخزرجي المدني- الصحابي الجليل كان اسمه حزنا فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سهلا ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه وشهد قضاءه في المتلاعنين وكان سنه حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سنة وكان يخضب بالصفرة وأحصن سبعين امرأة وطال عمره حتى أدرك الحجاج بن يوسف وامتحن معه أرسل الحجاج إليه في سنة أربع وسبعين فقال له ما منعك من نصر أمير المؤمنين عثمان فقال قد فعلت فقال كذبت ثم أمر فختم في عنقه وختم في عنق أنس بن مالك أيضًا وختم جابر بن عبد الله في يده حتى ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان يريد بذلك إذلالهم وإن يجتنبهم الناس ولا يسمعوا منهم روي لسهل عن النبي صلى الله عليه وسلم مائة حديث وثمانية وثمانون حديث اتفقا منها على ثمانية وعشرين وانفرد البخاري بأحد عشر ولم ينفرد عنه مسلم بشيء مات رضي الله عنه بالمدينة سنة ثمان وثمانين وله ست وتسعون سنة وقيل مات سنة إحدى وتسعين وقد بلغ مائة وجزم به ابن دقيق العيد وتعقب بأن على هذا سنة ست وتسعون لا مائة، وهو آخر من بقي من الصحابة بالمدينة بلا خلاف قاله ابن سعد ونوزع في نفيه الخلاف. قوله:(وضَعفها كُلها البيهقيُّ إلخ) قال في المجموع إن البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار جود إسناد حديث أنس وضعف الأحاديث الباقية وأما قول الحاكم أبي عبد الله في المستدرك على الصحيحين في

ص: 14

فصل: قال بعض أصحابنا، وهو الشيخ أبو الفتح نصر المقدسي الزاهد: يُستحبُّ

للمتوضيء أن يقول في ابتداء وضوئه بعد التسمية: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله" وهذا الذي قاله

ــ

حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من توضأ وذكر اسم الله عليه كان طهورًا لجميع بدنه ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورًا لما مر عليه الماء أنه حديث صحيح الإسناد فليس بصحيح لأنه انقلب عليه إسناده واشتبه كذا قاله الحافظ وتقدم بيانه اهـ، وفي شرح العباب قال النووي حديث لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ضعيف وصح عن أحمد أنه قال لا أعلم في التسمية حديثًا ثابتًا لكن اعترضه العز بن جماعة بأن له طرقًا تقويه وقال المنذر لا شك أن أحاديث التسمية تكتسب قوة وتتعاضد بكثرتها انتهى وتقدم نحوه عن الحافظ.

فصل

قوله: (قال بعض أصحابنا إلخ) قال في المجموع وهذا الذي ذكره غريب لا نعلمه لغيره ولا أصل له وإن كان لا بأس به انتهى لكن تبعه ابن حجر في شرح المشكاة فقال يستحب قبلها التعوذ وبعدها الشهادتان والحمد لله الذي جعل الماء طهورًا وفي الإمداد يستحب قبلها التعوذ لما نقله المحب الطبري وبعدها الشهادتان لما قاله الشيخ نصر وبعدها الحمد لله الذي جعل الماء طهورًا لما قاله الرافعي ونصر بالنون فالصاد فالراء المهملتين وكل ما جاء من أسماء رواة الحديث على هذه

الصورة منكرًا فهو كذلك أو معرفًا فهو بالضاد المعجمة نبه عليه الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح وما قاله نصر سبقه إليه شيخه سليم وقبلهما الصيمري قال ابن حجر الهيتمي في شرح العباب أخرج المستغفري أي في

ص: 15

لا بأس به، إلا أنه لا أصل له من جهة السُّنَّة، ولا نعلم أحدًا من أصحابنا وغيرهم قال به، والله أعلم.

فصل: ولقول: بعد الفراغ من الوضوء: "أشْهدُ أنْ لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشْهَدُ أن مُحَمدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، اللهُم اجْعَلْني مِنَ

ــ

كتاب الدعوات وقال حسن غريب أنه صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يقول حين يتوضأ بسم الله ثم يقول لكل عضو أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا سْريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ثم يقول حين يفرغ اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء فإن قام من فوره ذلك فصلى ركعتين فقرأ فيهما ويعلم ما يقول انفتل من صلاته كيوم ولدته أمه ثم يقال له استأنف العمل وأشار ابن حجر الهيتمي إلى إن هذا الحديث يصرح بما قاله الشيخ نصر اهـ، وسبقه لذلك الحافظ فقال بعد تخريجه فيما يقال بعد الوضوء وهذا الحديث فيه تعقب على المصنف في قوله إن التشهد بعد التسمية لم يرد اهـ. قوله:(لا بأسَ بهِ) قال الحافظ السيوطي في مرقاة الصعود قال في المحكم البأس الحرب ثم كثر حتى قيل لا بأسَ عليك ولا بأس أي لا خوف قال الشيخ ولي الدين العراقي لا بأس أي لا خوف في ارتكاب ذلك فإنه جاء اهـ.

فصل

قوله: (ويقولُ بعد الفراغ) والأكمل أن يكون عقبه فورًا كما يدل عليه الفاء في. قوله: (صلى الله عليه وسلم من توضأ فقال إلخ) وهي مبينة لِمَ في رواية أبي داود ثم يقول حين يفرغ من وضوئه بدليل حين يفرغ وفي المجموع اتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب هذا الذكر عقب الوضوء ولا يؤخره عن الفراغ لرواية أبي داود المذكورة وغيرها اهـ. وهو صريح في اشتراط العقبية لكن في التحفة لعله أراد بيان الأكمل اهـ، وقياس ذلك أن يقول هنا عقب

ص: 16

التَّوَّابينَ واجْعَلْني مِنَ المُتَطهِّرينَ، سُبْحانكَ اللَّهُم وَبِحَمْدِكَ، أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلا أنْتَ، أسْتَغْفِرُكَ وأتُوبُ إليْكَ".

روينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ توَضأ فقال: أشْهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحْدَهُ لا

ــ

الفراغ من الوضوء قال المحاملي أو الغسل ومثلهما التيمم كما بحثه المصنف وأفهم تعبير المصنف وغيره ببعده المأخوذ من الحديث أنه لو أتى بالذكر المذكور أول الوضوء أو قبل تمامه فلا ثواب له اهـ.

فائدة

أفتى البلقيني أنه لو وافق فراغه من وضوئه فراغ المؤذن أتى بالذكر عقب الوضوء فإنه ذكر العبادة التي فرغ منها ثم يأتي بذكر الأذان قال وفي الذكر عقب الوضوء الشهادتان وحسن أن يأتي بهما أولًا ثم يردفهما بالدعاء بعد الأذان والصلاة المتعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي بالدعاء لنفسه اهـ. قوله: (التَّوَّابين) عدل إليه عن التائبين مبالغة في تكرار التوبة والإكثار منها أو للمبالغة في تطهير الظاهر والباطن من كل نقص حسي أو معنوي. قوله: (أَسْتَغْفِرُكَ) أي أطلب منك المغفرة أي تستر ما صدر

مني من نقص بمحوه فهي لا تستدعي سبق ذنب خلافًا لمن يزعمه وبفرضه فمن يخلو عن الذنب سوى من عصمه أو حفظه الرب وفي إعراب السفاقسي السين في أستغفرك للطلب ويتعدى لاثنين الثاني منهما بحرف الجر وهو من ويجوز حذفه كقوله:

أستغفر الله ذنبًا لست محصيه

ومذهب ابن الطراوة أنه يتعدى بنفسه إليهما ومجيئه بمن في الثاني على سبيل التضمين كأنه قيل تبت إلى الله من الذنب ورد قول سيبويه ونقل عن العرب وجاء معدة باللام كقوله واستغفروا لذنوبهم والظاهر والله أعلم أنها لام العلة اهـ، وحذف المفعول الثاني في الخبر طلبا للتعميم فالمسؤول كريم والفضل عميم وظاهر كلام أصحابنا أنه يأتي بقوله وأتوب إليك ولو غير متلبس بها واستشكل بأنه كذب ويجاب بأنه خبر بمعنى الإنشاء أي أسألك أن تتوب علي أو هو باق على خبريته والمعنى إنه بصورة التائب الخاضع الذليل.

قوله: (وَحْدَهُ لَا

ص: 17

شريك لهُ، وأشْهَدُ أن مُحَمدًا عَبْدُهُ ورسوله، فُتِحَتْ لهُ أبْوابُ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أيها شاءَ" رواه مسلم في "صحيحه"، ورواه الترمذي وزاد فيه:

"اللهُم اجْعَلني مِنَ التوَّابينَ واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهرينَ".

ــ

شَرِيكَ لَهُ) ثبوت هذه الجملة في الحديث في رواية لمسلم وحذفت في أخرى من رواياته قال ابن حجر في شرح العباب وتوهم من حذف هذه في رواية لمسلم عدم ثبوتها وليس كذلك بل ثبتت في رواية أخرى لمسلم. قوله: (فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنّةِ الثمانِيَةُ) لا ينافيه خبر باب الريان لا يدخل منه إلَّا الصائمون لأن ما سواهم لا يشاء الدخول منه إن لم يكن كذلك أشار إليه الأبي في كتاب الإيمان من شرح مسلم وإنما فتحت له أبواب الجنان وخير في الدخول من أيها شاء مع أن دخوله من أحدها تشريفا له وتعظيمًا وذكر مثله ابن دقيق العيد وزاد قوله كما روي أن الله تعالى أخذ الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم إن أدركوه مع العلم بأنه لا يظهر في زمن أحد منهم وإنما ذلك لإظهار الشرف. قوله: (رواه مسلم) وأورده الحميدي من افراد مسلم أي عن البخاري وابن الأثير في جامع الأصول وكذا رواه النسائي ورواه أبو داود وابن ماجة بإسقاط وأشهد ثانيًا وفي لفظ لأبي داود من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع نظره إلى السماء فقال: ومنها يؤخذ استحباب رفع الطرف إلى السماء قال في شرح العباب ولو أعمي لخبر مرفوع بذلك عند أبي داود والنسائي وابن السني وبه يرد حكاية البحر له بقيل اهـ. ثم حديث الباب عند مسلم ومن ذكر من طريق معاوية بن صالح من حديث ربيعة عن أبي إدريس ومن حديث أبي عثمان عن جبير بن نفير ومن حديث عبد الوهاب بن بخت عن الليث بن سليم كلهم يحدث به عن عقبة بن عامر الجهني فذكر حديثًا آخره ما ذكره وليس عند مسلم طريق عبد الوهاب. قوله: (ورواه الترمذيّ) قال في السلاح ورواه الترمذي من حديث أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر مختصرًا وزاد فيه أي في آخره اللهم اجعلني

ص: 18

وروي: "سُبْحَانكَ اللهُم وبِحَمْدِكَ" إلى آخره: النسائي في "اليوم والليلة" وغيره

ــ

من التوابين واجعلني من المتطهرين فسقط من سند الترمذي ذكر عقبة وحديثه الأول أي قوله ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء أو قال فيحسن الوضوء ثم يركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة وغفر له وأول حديثه ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلَّا الله

إلخ، وأشار الترمذي إلى أن الاختلاف الواقع في سنده على رواية زيد بن الحباب في إسقاط عقبة وقال أبو إدريس لم يسمع من عمر قال الحافظ والاختلاف والخطأ من شيخ الترمذي جعفر بن محمد بن عمران فقد اتفق أبو بكر وعثمان بن أبي شيجة على روايته عن زيد بن الحباب على الصواب بإثبات عقبة بن عامر وقال الحافظ هذه الزيادة التي عند الترمذي لم تثبت في هذا الحديث فإن جعفر بن محمد تفرد بها ولم يضبط الإسناد فإنه أسقط بين أبي إدريس وبين عمر في طريق عقبة فصار من حديث عمر وليس كذلك وإنما هو حديث عقبة وأسقط من حديث أخرى بين أبي عثمان وبين عمر جبير بن نفير وعقبة فصار الحديث منقطعًا بل معضلًا وخالفه كل من رواه عن معاوية بن صالح ثم زيد بن الحباب وقد رواه من طريق زيد مسلم وأبو داود والنسائي وأبو عوانة وابن نعيم في المستخرج وكلهم رووه على الصواب بإثبات عقبة بين أبي إدريس وعمر، قال الحافظ فاتفاق الجميع أولى من الواحد، قال وقد وجدت للزيادة شاهدا من حديث ثوبان قال قال صلى الله عليه وسلم من توضأ وأحسن الوضوء ثم قال عند فراغه لا إله إلّا الله وحده لا شريك له اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتح الله له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء قال الحافظ بعد تخريجه من طرق أخرجه الطبراني وأشار إلى تفاوت في الحديث عنده وله شاهد آخر غريب من حديث البراء وتقدم في الفصل قبل هذا والله أعلم، وفي الترغيب عن عثمان بن عفان رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ فغسل رجليه ثم لم يتكلم حتى يقول أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله غفر له ما بين الوضوءين رواه أبو يعلى والدارقطني. قوله:(وَرَوَى سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ إلخ)

ص: 19

بإسناد ضعيف.

ــ

أي إلى قوله وأتوب إليك. قوله: (بإِسْنادٍ ضعِيفٍ) قال في المجموع وسنده غريب ضعيف ولفظه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توضأ ففرغ من وضوئه ثم قال سبحانك اللهم وبحمدك إلخ، طبع عليها بطابع ثم رفعت تحت العرش فلم يكسر إلى يوم القيامة وقال النسائي هذا خطأ والصواب موقوف على أبي سعيد ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وأقره عليه الشيخ زكريا في شروحه ومن بعده من المتأخرين لكن قال ابن حجر الهيتمي في شرح العباب أنه ضعيف وإن قال الحاكم أنه صحيح ولفظه ثم قال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلّا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة والطابع الخاتم ومعنى لم يكسر لم يتطرق إليه إبطال ورواه سفيان الثوري عن أبي هاشم فرفعه كذا في السلاح ورواه باللفظ الذي عند النسائي الطبراني في الأوسط ورواته رواة الصحيح وما ذكرته من كون لفظ رواية النسائي طبع عليها بطابع إلخ، هو ما في السلاح وفي الترغيب أنه كذلك لفظ الطبراني وإن لفظ النسائي ختم عليها بخاتم فوضعت تحت العرش فلم تكسر إلى يوم القيامة والله أعلم. وقال الحافظ كلام المصنف يوهم إن زيادة سبحانك اللهم إلخ، في حديث عقبة عن عمر كما في الذي قبله وليس كذلك بل هو حديث مستقل عن أبي سعيد الخدري وسنده مغاير لسند عقبة في جميع رواته وأما وصف الإسناد بالضعف

ففيه نظر أي لأن النسائي أخرجه من طريق شعبة عن الرماني بضم الراء وتشديد الميم واسمه يحيى عن أبي مجلز بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي اسمه لاحق بن حميد عن قيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن قال وإذا فرغ قال سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك ختم عليها بخاتم فوضعت تحت العرش فلم تكسر إلى يوم القيامة وقال الحافظ بعد تخريجه الحديث من طريق الثوري وشعبة وقيس بن الربيع كلهم عن أبي هاشم الرماني ما لفظه حديث صحيح الإسناد من طريق شعبة أخرجه النسائي عن يحيى بن محمد بن السكن عن شعبة بهذا الإسناد ثم قال بعد تخريجه هذا خطأ ثم خرجه عن بندار

ص: 20

وروينا في "سنن الدارقطني" عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ توضأ ثم قال: أشْهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، وأشْهَدُ أن مُحمدًا عَبْدُهُ ورَسُولهُ قبْلَ أن يتكلّم، غُفِرَ لهُ ما بَينَ الوضُوءَينِ" إسناده ضعيف.

وروينا في مسند أحمد بن حنبل وسنن ابن ماجة وكتاب ابن السني من رواية أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ توضأ

ــ

عن غندر عن شعبة به موقوفًا وقال الصواب أنه موقوف وأخرجه أيضًا عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن الثوري موقوفًا قال الحافظ وقد وقع لنا من رواية شعبة والثوري موقوفًا وخرجها من طريق الطبراني ثم قال قال الطبراني لم يروه عن شعبة مرفوعًا إلا يحيى بن كثير أي شيخ ابن السكن قال الحافظ وهو ثقة من رجال الصحيحين وكذا من فوقه إلى الصحابي وشيخ النسائي ثقة أيضًا من شيوخ البخاري ولم ينفرد به فقد أخرجه الحاكم من وجه آخر عن يحيى بن كثير فالسند صحيح بلا ريب إنما اختلف في رفع المتن ووقفه فالنسائي جرى على طريقته في الترجيح بالأكثر والأحفظ فلذا حكم عليه بالخطأ وأما على طريق الشيخ المصنف تبعا لابن الصلاح وغيرهم فالرفع عندهم مقدم لما مع الرافع من زيادة العلم وعلى تقدير العمل بالطريقة الأخرى فهذا مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع اهـ.

قوله: (وَرَوَيْنا فِي سنَنِ الدَارَقُطنيّ إلخ) عن ابن عمر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من توضأ فغسل كفيه إلى أن قال ثم قال أشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله قبل أن يتكلم غفر له ما بين الوضوءين قال الحافظ حديث غريب قال الدارقطني بعد تخريجه انفرد به محمد بن البيلماني وهو ضعيف جدًّا قال الحافظ اتفقوا على ضعفه وأشد ما رأيت فيه قول ابن عدي كل ما يرويه ابن البيلماني فالبلاء فيه منه وذكر أنه كان يضع الحديث ويسرق الحديث وأبو يعلى والطبراني في الدعاء من طريق ابن البيلماني كذلك. قوله: (مَا بَينَ الْوُضوءَيْنِ) أي من الصغائر المتعلقة بحقوق الله لما علم من محله أن الكبائر لا يكفرها إلَّا التوبة أو فضل الله تعالى والتبعات يكفرها عفو مستحقها أو افضل المولى سبحانه.

قوله: (وَرَوَينَا فِي مُسنَدِ أَحْمَدَ إلخ) قال الحافظ حديث غريب أخرجه أحمد وابن ماجة وأبو يعلى وابن السني والطبراني ومدارهم على عمرو بن عبد الله بن وهب وهو

ص: 21

فأحْسنَ الوضُوءَ ثم قال ثلاثَ مَراتٍ: أشْهدُ أنْ

لا إله إلا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمدًا عَبْدُهُ ورسولُه فُتِحَتْ لهُ ثمانِيَةُ أبوَابِ الجَنةِ مِنْ أيهَا شاءَ دخلَ" إسناده ضعيف.

وروينا تكرير شهادة: أن لا إله إلا الله، ثلاث مرات في كتاب ابن السني من رواية عثمان بن عفان رضي الله عنه بإسناد ضعيف،

ــ

صدوق عن زيد العمي وهو بصري ضعيف عند الجمهور وقد رواه عن ولده فخالف في السند وليس فيه التكرار اهـ. قوله: (فأَحْسَنَ الْوُضوءَ) بأن أتى بواجباته ويحتمل ومكملاته فينبغي اعتبار سننه المشهورة لا مطلقًا فإن

الإحاطة بجميع سننه يعز على أكثر المتفقهة فضلًا عن العوام.

قوله: (مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ) ولفظه قال من قال حين يفرغ من وضوئه أشهد أن لا إله إلّا الله ثلاث مرات لم يقم حتى تمحى ذنوبه حتى يصير كما ولدته أمه قال الحافظ أخرجه ابن السني من طريق عمرو بن ميمون بن مهران الجزري عن أبيه عن جده قال كنت عند عثمان بن عفان فحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال من قال حين يفرغ من وضوئه إلخ، والراوي له عن عمرو ما عرفته وعمرو وأبوه ثقتان وجده مهران ذكره البغوي وابن السكن في الصحابة وأخرج له من رواية سليمان بن عبد الرحمن بن سدار عن عمرو عن أبيه عن جده حديثين وبهذا السند أخرج ابن السني هذا الحديث أيضًا لكن شيخ ابن السني فيه عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني قاضي مصر وقد اتهم بوضع الحديث آخر أمره اهـ. ورواه ابن ماجة وابن السني من حديث أنس ولفظ ابن ماجة من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ثلاث مرات أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله فتح له ثمانية أبواب الجنة من أيها شاء دخل ولفظ ابن السني كذلك إلَّا أنه قال ما من عبد توضأ فيحسن الوضوء ثم يقول إلخ، وفي شرح العباب أن التثليث رواه أحمد وقد أخذ أصحابنا بذلك فقالوا باستحباب التثليث في الذكر المذكور وفي الأذكار المطلوبة في الوضوء من تسمية ونحوها للنص في البعض وقياسًا في الباقي ولا يضر ضعف السند لأن

ص: 22

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفضائل يعمل فيها بالضعيف بشرطه هذا.

وعثمان بن عفان بن أبي العاص واسمه الحارث بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي الأموي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وصهره على ابنتيه رقية وأم كلثوم ولذلك سمي ذا النورين وقيل لأنه إذا تحول في الجنة من منزل إلى منزل تبرق له الجنة برقتين وقيل لأنه وزوجه رقية كانا أحسن زوجين في الإسلام فالنوران نور نفسه ونور رقية ولا يعرف شخص تزوج بنتي نبي غيره وهو صاحب الهجرتين وأحد السابقين الأولين وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ وأحد الذين كانوا معه بأحد فارتج فقال أثبت فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان وثالث الخلفاء الراشدين وأكبرهم سنًّا وأكثرهم إقامة في الخلافة أمه أروى بفتح الهمزة وسكون المهملة بنت كريز بكاف وراء وزاي مصغر ابن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ولد في السنة السادسة من عام الفيل وأسلم في أول الإسلام على يد أبي بكر الصديق قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وكان يقول إني رابع أربعة في الإسلام وهو أول من هاجر إلى الحبشة فارًا بدينه ومعه زوجه رقية فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن عثمان أول من هاجر إلى أرض بأهله بعد لوط أخرجه أبو يعلى في مسنده وشهد المشاهد إلا بدرًا تخلف لتمريض زوجه رقية فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره وتخلف عن بيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان وجهه إلى مكة في صلح قريش فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى يديه على

الأخرى وقال هذه عن عثمان قال ابن عمر فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرًا من يد عثمان لنفسه وهو الذي جمع الناس بعد الاختلاف على مصحف واحد وأنفق الأموال في سبيل الله اشترى بئر رومة بعشرين ألفًا وسبلها وفي غزوة تبوك جهز جيش العسرة بسبعمائة وخمسين بعيرًا وخمسين فرسًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين أخرجه الترمذي بسند جيد وقال صلى الله عليه وسلم سألت ربي ألا أزوج أحدًا من أمتي ولا أتزوج إليه إلا كان معي في الجنة أخرجه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر وأخرج الحاكم نحوه عن عبد الله بن أبي أوفى وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث القف لعائشة إلا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة وفي فتاوى الحافظ السخاوي سئلت عن تعيين المواضع التي استحيت فيها الملائكة من عثمان فأجبت لم أقف على ذلك في خبر ثابت ولا أثر

ص: 23

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولكن ذكر شيخنا النسابة أنه وجد في بعض مجاميع جمال الدين الكازروني المدني في ذكر أنه لما آخى بين المهاجرين والأنصار بالمدينة في بيت أنس كانت الملائكة حاضرة ذلك فلما تقدم عثمان والملائكة حاضرون فجاء عثمان وصدره مكشوف فتأخرت الملائكة عن محالها فسألهم عن سبب تأخرهم فقالوا السبب كشف عثمان صدره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتغطية صدره فغطاه فعادت الملائكة إلى مكانها اهـ.

فإن قلت قد وقع مثل ذلك في حق خديجة في بدء الوحي.

قلت النساء الاستحياء منهن معهود بخلافه من الرجال فعد من فضائل عثمان وقد ألف شيخنا الملا حميد السندي جزءًا في هذا المعنى وبشر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بالجنة على بلوى تصيبه فقال الله المستعان أخرجه البخاري ومسلم وقال لكل نبي رفيق ورفيقي عثمان أخرجه الترمذي بسند منقطع ووسع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبناه بالحجارة والقصة وكان يصوم الدهر ويحيي الليل بركعة يقرأ فيها القرآن وقال علي بن أبي طالب كان عثمان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا وفتح في أيامه خراسان والمغرب وشبهه النبي صلى الله عليه وسلم بإبراهيم خليل الرحمن فهو من المشبهين به صلى الله عليه وسلم كما بينت ذلك بما فيه في مؤلفي "إتحاف الشرفا بمعرفة من حاز بشبه المصطفى صلى الله عليه وسلم شرفًا" روي له عن النبي صلى الله عليه وسلم مائة حديث وستة وأربعون حديثًا اتفقا منها على ثلاثة وانفرد البخاري بثمانية ومسلم بخمسة بويع له بالخلافة بعد دفن عمر رضي الله عنه بثلاثة أيام في يوم الجمعة غرة المحرم سنة أربع وعشرين وقال الواقدي لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين فقال عبد الله بن مسعود بايعنا خيرنا ولم نسأل وكان نقش خاتمه آمنت بالذي خلق فسوى قتل مظلومًا شهيدًا بعد أن حوصر في داره مدة قيل أنها تسعة وأربعون يومًا وقيل ثمانون وقيل غير ذلك وهو يومئذٍ صائم والمصحف بين يديه يقرأ فيه حتى قيل إن أول قطرة قطرت من دمه على قوله تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 137]، ولم يلبس سراويل في جاهلية ولا إسلام إلا يوم قتله وكان ذلك يوم الجمعة وقيل ليلة الجمعة وقيل يوم الأربعاء لثماني عشرة خلمت من ذي الحجة وقيل لسبع عشرة منه وقيل يوم التروية وقيل أوسط أيام التشريق سنة خمس وثلاثين ودفن ليلة السبت في البقيع في حش كوكب ليلًا وأخفي

ص: 24

قال الشيخ نصر المقدسي: ويقول مع هذه الأذكار: اللهُم صل على محمد وعلى آلِ محمدٍ، ويضم إليه: وسلِّمْ. قال أصحابنا: ويقول

هذه الأذكار

ــ

قبره لغلبة قاتليه وقيل أنه دفن في ثيابه بدمائه واختلف في سنه حين مات الراجح أنه اثنتان وثمانون سنة واختلف فيمن صلى عليه قيل الزبير وقيل حكيم بن حزام وقيل جبير بن مطعم

ورجح وكانت مدة خلافته ثنتي عشرة سنة إلا ليالي رضي الله عنه. قوله: (قَال الشيخُ نَصْرٌ المَقْدِسِيُّ وَيَقول مَع هذِهِ الأذْكَارِ اللهُم صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إلخ) قال الحافظ ولم يصرح الشيخ نصر بكونه حديثًا وأظن. قوله: (وَيَضمُّ إِلَيْهِ وَسَلمْ) من كلام الشيخ المصنف قال ثم رأيت عبارة المجموع وهي قال الشيخ نصر يقول مع ذلك صلى الله على محمد وعلى آل محمد فصح ما ظننته أن قوله ويضم إليه من كلام المصنف وظني أن مستند الشيخ نصر أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مطلوبة في الدعاء، والذكر المذكور مشتمل عليه، فيشرع فيه ويحتمل أن مستنده ورود الأمر بذلك حديث ابن مسعود وسيأتي قال وقد علم صلى الله عليه وسلم من سأله عن كيفية الصلاة عليه فقال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فلذا لم يذكر السلام والعلم عند الله ثم إن المراد أن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لمجد الأذكار أي عقبها كما بينه حديث أبي الشيخ الآتي وكذا نقله في المجموع وسكت عليه وسيأتي ما يشهد به من الأحاديث وكأن الأذرعي لم ير ذلك فوجه بأنه دعاء والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عقب الدعاء محبوبة وفاقًا اهـ. وقياسه ندبها أول مرة عند تكريره لأنها تسن أول كل دعاء ووسطه وآخره وبه جزم ابن حجر في التحفة فقال ويكررها ثلاثًا كما هو ظاهر ثم رأيت بعض الأئمة صرح به اهـ. قال السيوطي في "الأعضاء عن دعاء الإعضاء" العجب ممن عد أدعية الأعضاء من سنن الوضوء اعتمادًا على الأحاديث الموضوعة ولم يعد منها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الوضوء مع ورود ذلك في الحديث أخرج أبو الشيخ في الثواب عن ابن مسعود قال قال صلى الله عليه وسلم إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل أشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ثم ليصل عليّ فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة اهـ، وأورده ابن حجر في شرح العباب من جملة خبر أوله إذا تطهر أحدكم أي

ص: 25

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد الطهر كما هو واضح فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله وإذا لم يذكر اسم الله على طهوره لم يطهر إلَّا ما مر عليه الماء وإذا فرغ أحدكم من طهوره إلخ. وقال أنه حديث ضعيف عند البيهقي وغيره يعمل به في الفضائل اهـ. وفي القول البديع للحافظ السخاوي رواه أبو الشيخ ومن طريقه أبو موسى المديني وفي سنده محمد بن جابر وقد ضعفه غير واحد وقد رويناه في الترغيب للتجمي بسند ضعيف أيضًا ولفظه إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله الحديث وقد أخرجه الدارقطني والبيهقي وقال ضعيف ورواه الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في جمعه لحديث الأعمش بلفظه إلّا أنه قال وإن محمدًا رسول الله ويصلي علي وفي سنده عمرو بن شمر وهو متروك ورواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من وجه آخر بلفظ إذا فرغ أحدكم من طهوره فشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ثم يصلي علي فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الجنة قال أبو موسى وهذا الحديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر وثوبان طبوس لكن بدون الصلاة قلت وجاء أيضًا عن عثمان بن عفان ومعاوية بن قرة عن أبيه عن جده والبراء بن عازب وعلي بن أبي طالب وكلاهما في الدعوات للمستغفري وعن أبي سعيد الخدري والله أعلم.

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وضوء لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن ماجة وابن أبي عاصم وسنده ضعيف وفي بعض طرقه من الزيادة لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه اهـ. ما في القول البديع، قال الحافظ في حديث سهل أنه حديث

غريب ومتنه أغرب وعبد المهيمن أحد رواته ضعيف والمحفوظ عنه بهذا الإسناد لا صلاة إلَّا بوضوء ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله أخرجه ابن ماجة وأخرجه الطبراني من طريق أبي بن العباس وهو أخو عبد المهيمن وفي الدر المنضود لابن حجر وللخبر طرق ربما يرقى بها إلى الحسن اهـ، وقد عزا "القسطلاني في مسالك الحنفا" تخريج حديث سهل المذكور إلى الطبراني في الكبير.

وأما ما ذكر الشيخ نصر من الصلاة على الآل فلعله أخذه من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه صفة الصلاة عليه وكان ينبغي له أن يستحب مع ذلك السلام كما لا يخفى اهـ. قلت كأنه لم يقف على قول المصنف هنا ويضم إليه وسلم أي لأن إفراد الصلاة عن السلام مكروه كالصلاة

ص: 26

مستقبل القبلة، ويكون عقيب الفراغ.

فصل: وأما الدعاء على أعضاء الوضوء، فلم يجئ فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال الفقهاء: يُستحب فيه دعوات جاءت عن السلف، وزادوا ونقصوا فيها،

ــ

على الصحب قياسًا على الصلاة على الآل كما ذكره في القنوت وعللوه بأنها إذا سنت عليهم وفيهم من ليسوا صحابة فعلى الصحابة أولى ولا ينافيه إطباقهم على عدم ذكرهم في صلاة التشهد لأنهم ثم اقتصروا على الوارد وهنا لم يقتصروا عليه بل زادوا ذكر الآل بحثًا فقسنا بهم ذكر الأصحاب لما علمت وكأن الفرق أن مقابلة الآل بآل إبراهيم في أكثر الروايات ثم تقتضي عدم التعرض لغيرهم ولا مقتضى هنا لذلك والله أعلم، ثم رأيت ابن حجر في شرح العباب في أحكام المساجد قال وتستحب الصلاة على الصحب قياسًا على الآل أخذًا مما مر في القنوت اهـ. قوله:(مستقبِلَ الْقِبلَةِ) أي بصدره لأنها أشرف الجهات وفي الحديث خير المجالس ما استقبل به القبلة والاستقبال نقله في العزيز والمجموع عن جمع وقال الحافظ لم أر في الاستقبال شيئًا صريحًا يختص بالوضوء اهـ، وينبغي أن يقوله وهو رافع يديه وبصره ولو أعمي إلى السماء لما سبق من الحديث المرفوع فيه عند أبي داود والنسائي وابن السني قال الحافظ وقد ورد في حديث ثوبان السماء قبلة الدعاء اهـ، وبه يرد حكاية البحر له بقيل وكأن حكمة ذلك أن بعض هذا الذكر دعاء وبعضه وسيلة إليه والأول مندوب فيه قطعًا وكذا الثاني كذا في شرح العباب وهو يؤذن بأنه يرفع بصره في جميعه وقد تردد الولي العراقي في ذلك وقال يحتمل أن يكون رفع البصر في الابتداء خاصة وتردد في اختصاص ذلك بالبصر وفي مشاركة الأعمى واستقرب الثاني، نقله السيوطي في مرقاة الصعود. قوله:(عَقِبَ الفَرَاغ) قال في شرح العباب ويسن ألا يتكلم بين الوضوء والذكر لما ورد أن من توضأ ثم قاله قبل أن يتكلمَ غفر له ما بين الوضوءين.

فصل

فصل: (وَأَمَّا الدعاءُ عَلَى أَعْضاءِ الْوُضُوءِ فَلَمْ يَجِيء فِيهِ شَيْءٌ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم) عبر المصنف في المنهاج بقوله وحذفت دعاء الأعضاء إذ لا أصل له ولم يذكره الشافعي والجمهور يعني الحديث الذي أورده الرافعي تبعًا للغزالي وفي شرح المهذب معترضًا مصنفه حيث أورده لا أصل له ولا ذكره المتقدمون وقال ابن الصلاح في مشكل الوسيط أما الأدعية على الأعضاء فلا يصح فيها حديث وتعقب ذلك الأسنوي

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في المهمات بقوله ليس كذلك بل قد روي من طرق: منها عن أنس رواه ابن حبان في تاريخه في ترجمة عباد بن صهيب وقد قال أبو داود أنه صدوق قدري وقال أحمد ما كان

بصاحب كذب وافق الأسنوي على ذلك ابن الملقن في تخريج أحاديث الوسيط والزركشي في تخريج أحاديث الشرح الكبير وتبعهم الجلال المحلي في شرح المنهاج وشيخ الإسلام زكريا في شرح الروض وابن المزجد في العباب وعبارتهما لا أصل له أي في الصحة وإلا فقد جاء من طرق ضعيفة يعمل بمثلها في الفضائل قال ابن حجر في شرحه على العباب رواها ابن حبان في تاريخه وابن أبي حاتم في علله وغيرهما وجمع فيه ابن عساكر جزءًا كذا قال جمع متأخرون معترضين به قول النووي لا أصل له اهـ، وخالفهم الحافظ ابن حجر فقال في أماليه لو لم يقل في عباد إلا هذا لمشي الحال ولكن بقية ترجمته عند ابن حبان كان يروي المناكير عن المشاهير حتى يشهد المبتدئ في هذه الصناعة أنها موضوعة وساق منها هذا الحديث ولا تنافي بين قوله وقول أحمد وأبي داود لأنه يجمع بأنه كان لا يتعمد الكذب بل يقع ذلك في روايته من غلطه وغفلته ولذلك تركه البخاري والنسائي وأبو حاتم الرازي وغيرهم وأطلق عليه ابن معين الكذب وقال زكريا الساجي كتبه مملوءة من الكذب والراوي له عن عباد ضعيف اهـ، كلام الحافظ.

قال السيوطي في الإعضاء عن دعاء الأعضاء بعد أن أورد طرقه عند ابن حبان من حديث أنس وعند البخاري في التاريخ والمستغفري في الدعوات من طريقين وابن عساكر من طرق كلها تنتهي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وذكر عند كل طريق ما فيها من العلة: فالحاصل أن طرقه كلها لا تخلو من المتهم بوضع اهـ، وزاد الحافظ في أماليه طريقًا لحديث علي أيضًا أخرجها الحارث بن أبي أسامة في مسنده وفي سنده حماد بن عمرو النصببي وقد وصف بأنه يضع الحديث اهـ، وانتصر بعض المحدثين للإمام النووي أيضًا بأن طرقه كلها لا تخلو عن كذاب أو متهم بالكذب كعباد بن صهيب وإن وثقه أحمد وغيره فقد صرح الذهبي بأن حديثه الذي رواه عنه ابن حبان باطل وممن جرحه البخاري والنسائي وابن المديني وابن حبان وزاد أنه يروي أشياء إذا سمعها المبتدئ يشهد لها بالوضع اهـ. قال والنووي من الحفاظ المرجوع إليهم في الحكم بورود الحديث أو ضعفه وليس في المعترضين

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه من هو كذلك وقد وافقه ابن القيم على ما قاله فصرح في كتابه الهدي بأن الأحاديث الواردة في ذلك كلها مختلفة موضوعة وسئل الحافظ ابن حجر العسقلاني عن قول المصنف وحذفت دعاء الأعضاء إذ لا أصل له هل أراد بطلانه وكيف يقول الولي العراقي له أصل والجواب إذا قال المحدث لا أصل للحديث الفلاني فمراده أنه ليس له طريق يعتمد لا أنه لم يرو واصلا جميعًا.

وحينئذٍ فإن كان النووي اطلع على الحديث وعرف شدة ضعفه وإن طرقه لا تخلو من شخص نسب إلى الكذب والتهمة بالكذب فالمراد بقوله لا أصل له أنه ليس بصحيح ولا حسن فيحتج به ولا ضعيف يصلح للعمل به في فضائل الأعمال وإن كان لم يطلع على طرقه التي أشرت إليها في تخريج أحاديث الأذكار فلا يضره لأنه ليس فيها ما يصلح للعمل به لا منفردًا ولا منضمًا بعضه إلى بعض وقول من قال له أصل إن أراد به كونه ورد مع قطع النظر عن صلاحيته للعمل فمسلم ولكن لا يرد على النووي وإن أراد أن له أصلًا يعمل به فمردود اهـ. وقال ابن حجر في شرح العباب فيما نقله عن بعضهم فقول سائر المتأخرين إن تلك الطرق ضعيفة يعمل بها في الفضائل مردود وهو كما قال وغاية

أمر تلك الطرق أنها شديدة الضعف والحديث إذا اشتد ضعفه لا يعمل به في الفضائل ولا في غيرها كما اقتضاه كلام المجموع في باب صلاة النفل وبذلك صرح السبكي ثم حيث قال وفي ابن ماجة كان صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الجمعة أربعًا لا يفصل في شيء منهن وهو ضعيف جدًّا لا يصلح الاحتجاج به اهـ.

وقد نقل العلائي وغيره الاتفاق على أن شرط العمل بالضعيف أن يكون الضعف غير شديد قالوا فيخرج من انفرد من كذاب ومتهم به ومن فحش غلطه وقد علمت مما ذكرناه أن جميع روايات هذه الأدعية لا تخلو عن كذاب ومتهم به وحينئذٍ فقد بان صحة ما قاله المصنف العلم المفرد إلامام أدام الله به وله النفع والرفعة على الدوام ورد ما اعترض به عليه.

ومن ثم قال الأذرعي لا ينبغي ترك هذا الدعاء ولا يعتقد أنه سنة فإن الظاهر أنه لم يثبت فيه شيء وقد جمع الحافظ في عمل اليوم والليلة كتبًا مطولة كالنسائي والطبراني والبيهقي وابن السني ولم يذكروا ذلك اهـ، ويؤيد ما قاله قول المصنف السابق في التشهد الذي ذكره نصر سابقًا وهذا

ص: 29

فالمتحصل مما قالوه أنه يقول بعد التسمية: الحمد للهِ الذي جعل الماء

ــ

الذي قاله لا بأس به إلَّا أنه لا أصل له من جهة السنة اهـ. وإن كان جاء من السنة كما تقدم مستنده فكذا يقال في دعاء الأعضاء، نعم قال ابن حجر في شرح العباب ورد فيها حديث حسن وهو ما من عبد يقول حين يتوضأ باسم الله ثم يقول لكل عضو أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله ثم يقول حين يفرغ اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء فإن قام من فوره ذلك فصلى ركعتين يقول فيهما ويعلم ما يقول انفتل من صلاته كيوم ولدته أمه ثم يقال له استأنف العمل فهذا مصرح بندب التشهد المذكور عند كل عضو وسنده حسن كما قاله المستغفري فتعين ألا يكون من محل الخلاف بين النووي وغيره في أدعية الوضوء فاستفده اهـ. قوله:(والمُتحصِّلُ مِمَا قَالوهُ إلخ) مراده من هذا الكلام أن ما ذكره من ذكر كل عضو لم يرد بهذا السياق في متن من المرويات في ذلك إنما هو مأخوذ من جملتها فبعضها من رواية وبعضها من أخرى وقد أورد أحاديثه بطرقها وذكر عللها الجلال السيوطي في جزئه المسمى بالإغضاء ومعظمه من تخريج الحافظ على هذا الكتاب. قوله: (بَعدَ التَّسميةِ) أي قوله بسم الله الرحمن الرحيم وليست من دعاء الأعضاء بل هي سنة للوضوء مستقلة بل هي أول سنة كما نقله في شرح العباب عن نص الشافعي وكثير من الأصحاب وجزم به في المجموع ونقله أبو زرعة عن الأصحاب وخبر كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم صريح في طلب تقديم التسمية على جميع أعضاء الوضوء وعلى التنزل وإن الحديث أي الذي عند مسلم دال على تقديم السواك على التسمية فيؤول بحمله للجمع بين الأحاديث على أن السواك كان للتسمية إذ هي قراءة أو ذكر وكل منهما يسن له السواك فأما السواك الذي من سنن الوضوء فيكون أثناءه وحينئذٍ فيسن مرتين كما في شرح العباب وسبق نقل مثله وكذا تكون النية القلبية المأتي بها لحصول سنن الوضوء من غسل الكفين وما بعده مقارنة لها عند غسل الكفين كما صرح به ابن الفركاح ونقله ابن

ص: 30

طهورًا، ويقول عند المضمضة: اللهُم اسْقِني من حوْضِ نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم كأسًا لا أظمأ بعده أبدًا، ويقول عند الاستنشاق: اللَّهُم لا تحرِمني رائحة نعِيمِكَ وجناتِكَ، ويقول عند غسل الوجه: اللهُم بَيِّضْ وجهي

ــ

الرفعة عن بعضهم ولم يتعقبه بأن يقرنها بها عند أول غسلهما كما يقرنها بتكبيرة الإحرام. قوله: (طَهُورًا) بفتح الطاء أي مطهرًا وعدل إليه للمبالغة فيه

وهذا شكر لما منَّ به الباري على عباده بقوله: ({وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48] وفي الآية كما قيل دليل على حصر الطهورية في الماء المطلق إذ لو طهر غيره لفات الامتنان به وفيه أنه لعل وجه الامتنان كونه من جملة ما يطهر به. قوله: (أَسقني مِنْ حَوْضِ نَبِيكَ محمد صلى الله عليه وسلم) قال القرطبي هما حوضان الأول قبل الصراط وقبل الميزان على الأصح فإن الناس يخرجون عطاشى من قبورهم فيردونه قبل الميزان والصراط والثاني في الجنة وكلاهما يسمى كوثرًا وفي حديث مسلم عن أنس أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء يختلج العبد منهم أقول أنه من أمتي فيقال ما تدري ما أحدث بعدك قال الجلال السيوطي ليس المراد نفي الدارية على ظاهر اللفظ بل هو مؤول على معنى عملوا أعمالًا استحقوا بها ألا يشفع لهم وهو عالم بما صدر منهم اهـ. وفي الصحيح حديث حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من الورق وريحه أطيب من المسك كيزانه كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ بعده أبدًا وفي رواية لمسلم يخشب فيه ميزابان من الجنة وفي لفظ لغيره يفت فيه ميزابان من الكوثر وروى ابن ماجة حديث الكوثر نهر في الجنة حافتاه الذهب مجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وأشد بياضًا من الثلج. قوله: (لَا أَظْمأُ بَعْدَهُ أَبَدًا) صفة للكأس أي من شرب منه لا يظمأ كما تقدم في الحديث هذا وزاد بعضهم قبل هذا الذكر عند المضمضة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وقال في الإحياء يقول اللهم أعني على تلاوة كتابك وكثرة الذكر لك وقال الروياني يقول اللهم أجر على لساني الصدق والصواب وما ينفع الناس. قوله: (وَجَناتِكَ) جمع جنة وقد ورد خبر إن عرف

ص: 31

يوم تَبيضُ وجوه وتسودُّ وجوه، ويقول عند غسل اليدين: اللهُم أَعطِني كتابي بيميني، اللهُم لا تعطني كتابي بشمالي، ويقول عند مسح الرأس: اللهُم حرِّم شعري وبشري على النار، وأظلني تحت ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلكَ، ويقول عند مسح الأذنين: اللهُم أجعلني من الذين يستمعونَ القول فيتَبعون أحسنه، ويقول عند غسل الرجلين: اللهم ثبِّت قدميِّ على الصراط، والله أعلم.

وقد روى النسائي وصاحبه ابن السني في كتابيهما "عمل اليوم والليلة" بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوءٍ، فتوضأ، فسمعتُه يدعو ويقول: "اللهُم

ــ

الجنة يوجد من مسيرة خمسمائة عام وظاهر أن المسؤول حصول النعمة والجنة لأن النازل بها يهب نسيمها عليه ولذوق نعيمها وقال جمع وجرى عليه في المجموع أي بعد ما ذكر اللهم أوجدني رائحة الجنة وأنت على راض وزادوا عند الاستنشاق اللهم إني أعوذ بك من روائح أهل النار ومن سوء الدار وورد في رواية عند المضمضة والاستنشاق اللهم لقني حجتي ولا تحرمني رائحة الجنة. قوله: (يَوْمَ تَبْيضُّ وجُوهٌ) أي يوم القيامة قال ابن عباس تبيض وجوه المهاجرين والأنصار وتسود وجوده قريظة والنضير والذين كذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم نقله عنه الواحدي في التفسير الوسيط ثم نقل أيضًا خبرًا مرفوعًا فيه تفسير الذين اسودت وجوههم بالخوارج. قوله: (اللَّهم أَعْطني كِتَابِي بيَمِيني) زاد بعضهم وحاسبني حسابًا يسيرًا. قوله: (وَلَا تَعْطني كِتْابِي بشِمالِي) زاد بعضهم ولا من وراءَ ظهري. قوله: (حرّمْ شَعرِي وَبَشَرِي عَلَى النَّارِ) قال القمولي كالرافعي وروي اللهم احفظ رأسي وما حوى وبطني وما وعى وفي الإحياء يقول اللهم غشني من رحمتك وأنزل عليّ من بركتك وأظلني تحت ظل عرشك أي اجعلني ممن يظلون تحته يوم القيامة. قوله: (ثَبِّتْ قَدَمَيَ) بتشديد الياء مثنى.

قوله: (بإسنادٍ صحيح) قال في السلاح رواه النسائي بسند رجاله رجال الصحيح إلا عباد بن عباد بن علقمة وقد وثقه أبو داود ويحيى ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة بمعناه ولم يذكر الوضوء وفي روايته رايي بدل داري اهـ. وقال الحافظ وأخرجه الطبراني وليس عنده في الكبير من رواية مسدد وعارم والمقدمي كلهم عن معتمر بن سليمان

ص: 32