المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٢

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب ما يقول إذا أراد صب ماء الوضوء أو استقاءه

- ‌باب ما يقول على وضوئه

- ‌باب ما يقول عند اغتساله

- ‌باب ما يقول على تيممه

- ‌باب ما يقول إذا توجه إلى المسجد

- ‌باب ما يقول عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌باب ما يقول في المسجد

- ‌باب إنكاره ودعائه على من ينشد ضالة في المسجد أو يبيع فيه

- ‌باب دعائه على من ينشد في المسجد شعرًا ليس فيه مدح للإسلام ولا تزهيد والحث علي مكارم الأخلاق ونحو ذلك

- ‌باب فضيلة الأذان

- ‌باب صفة الأذان

- ‌باب صفة الإقامة

- ‌باب ما يقول من سمع المؤذن والمقيم

- ‌فائدة

- ‌باب الدعاء بعد الأذان

- ‌باب ما يقول بعد ركعتي سنة الصبح

- ‌تتمة

- ‌باب ما يقول إذا انتهى إلى الصف

- ‌باب ما يقول عند إرادته القيام الي الصلاة

- ‌باب الدعاء عند الإقامة

- ‌باب ما يقول إذا دخل في الصلاة

- ‌باب تكبيرة الإحرام

- ‌باب ما يقوله بعد تكبيرة الإحرام

- ‌باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح

- ‌باب القراءة بعد التعوذ

- ‌فائدة

- ‌باب أذكار الركوع

- ‌خاتمة

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من الركوع وفي اعتداله

- ‌باب أذكار السجود

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من السجود وفي الجلوس بين السجدتين

- ‌باب أذكار الركعة الثانية

- ‌باب القنوت في الصبح

- ‌باب التشهد في الصلاة

- ‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

الفصل: ‌باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح

وأتى بالذِّكْر الذي يأتي به الإمام، ولا يأتي بدعاء الاستفتاح في الحال ولا فيما بعد.

واختلف أصحابنا في استحباب دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة، والأصحّ أنه لا يستحب، لأنها مبنية على التخفيف، واعلم أن دعاء الاستفتاح سُنة، ليس بواجب، ولو تركه لم يسجد للسهو، والسُّنَّة فيه الإسرار، فلو جهر به كان مكروهًا، ولا تبطل صلاته.

‌باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح

اعلم أن التعوذ بعد دعاء الاستفتاح سُنَّةٌ بالاتفاق، وهو مُقَدّمة للقراءة، قال الله تعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] معناه عند

ــ

لزمه وقام من الركوع فأتته الركعة بناء على أنه متخلف بغير عذر ومن عبر بعذره فعبارته مؤولة ثم إذا فرغ قيل هوى الإمام للسجود وافقه ولا يركع وإلا بطلت إن علم وتعمد وكذا حيث فاته الركوع فإن لم يفرغ وقد أراد الإمام الهوي للسجود فقد تعارض في حقه وجوب وفاء ما لزمه وبطلان صلاته بهوي الإمام للسجود لما تقرر من أن تخلفه لغير عذر فلا مخلص له عن هذين إلَّا بنية المفارقة فتتعين عليه حذر من بطلان صلاته عند عدمها بكل تقدير، ثم رأيت شيخنا أطلق نقلًا عن التحقيق واعتمده أنه يلزمه متابعته في الهوي حينئذٍ ويمكن توجيهه بأنه لما لزمته المتابعة قبل المفارقة استصحب وجوبها وسقط موجب تقصيره من التخلف لقراءة قدر ما لحقه فغلب واجب المتابعة فعليه إن صح لا يلزمه مفارقة أما إذا جهل إن واجبه ذلك فهو بتخلفه لما لزمه متخلف لعذر قاله القاضي كذا في التحفة لابن حجر وفي الإمداد له الأقرب للمنقول وعليه أكثر المتأخرين أنه متخلف لعذر وعليه فيدرك الركعة وإن لم يدرك الركوع مع الإمام فيصير حكمه كالموافق وناقش فيما ذكره فيه في التحفة بأن قوله ومن عبر بعذره فعبارته مؤولة بأنه يحتاج في ذلك لسند وأطال في المقال والله أعلم. قوله:(وأَتَى بالذكرِ الذي يأتي به الإمامُ) هذا إذا لم يسلم الإمام قبل لجوسه وإلا فيأتي به كما مر. قوله: (والسُّنَّةُ فيه الإسرارُ) أي كغالب أذكار الصلاة.

باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح

قوله: (سنةٌ بالاتفاقِ) لكنه نفاه مالك لنظير ما تقدم في الافتتاح مع جوابه ولما

ص: 185

جماهير العلماء: إذا أردت القراءة فاستعذ.

واعلم أن اللفظ المختار في التعوذ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وجاء: أعوذ بالله

السميع العليم من الشيطان الرجيم، ولا بأس به، ولكن المشهور المختار هو الأول.

وروينا في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي،

ــ

كان مستدركه ضعيفًا حكي الاتفاق مع وجوده. قوله: (جَماهِير العلماءِ إلخ) وقال جمع من السلف هي على ظاهرها وأخذوا بها كذلك قال في شرح المشكاة وهو شاذ. قوله: (أَن اللفظَ المختارَ إلخ) ثم بعده أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم أعوذ بالله العلي من الشيطان الغوي هذا ما في المجموع عن الماوردي لكن في الكفاية عنه أن الأفضل الأول ثم هو بزيادة من همزه ونفخه ونفثه ثم

الأخير والذي يتجه إن الأفضل بعد الأول هو بتلك الزيادة للحديث الآتي ثم الثاني بتلك الزيادة لوروده كذلك في الرواية الثانية ثم هو بدونها ثم الثالث ورجح الأذرعي الثاني أي أعوذ بالله السميع إلخ، حتى على الأول للحديث المذكور الآتي ولأن فيه الجمع بين قوله تعالى:{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] وقوله {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200] ويرى بأن الحديث ضعيف كما ستعلمه وليست الآية الثانية بيانًا لصيغة الاستعاذة حتى يطلب موافقته لفظها كالأول بل أمره بها ثم علل ذلك الأمر بأنه سميع للدعاء عليم به فهو حث عليه ذكره في المجموع قال والآية التي أخذنا بها أقرب إلى صفة الاستعاذة فكانت أولى اهـ، ويؤيده قول صاحب النشر إن الأول هو المختار لجميع القراء من حيث الرواية ثم نقل عن جمع أنهم حكوا الاتفاق عليه وعن السخاوي أنه الذي عليه إجماع الأمة وعن الحافظ أبي عمرو الداني أنه الذي أخذ به عامة الفقهاء كالشافعي وأبي حنيفة وأحمد وأنه الوارد عنه صلى الله عليه وسلم ثم نازع في دعوى الإجماع وحصر الوارد فيه وبين ذلك بما فيه فوائد. قوله:(أَعُوذُ بالله! إلخ) أعوذ لفظه لفظ الخبر ومعناه الدعاء قالوا وفي ذلك تحقيق الطلب كما في غفر الله لك بلفظ الماضي والباء للإلصاق وهو إلصاق معنوي لأنه لا يلصق شيء بالله تعالى

ص: 186

وابن ماجه، والبيهقي

ــ

ولا بصفاته لكنه التصاق تخصيص لأنه خص الرب بالاستعاذة قال الإمام الرازي جاء الحمد لله ولله الحمد وتقدم المعمول يفيد الحصر فما الحكمة أنه جاء أعوذ بالله ولم يسمع باللهِ أعوذ قلنا إن الإتيان بلفظ التعوذ امتثال لأمره تعالى وقال بعضهم تقديم المعمول في الكلام تفنن وانبساط والتفنن فيه غير لائق لأنه لا يكون إلّا حالة خوف وقبض والحمد حالة شكر وتذكر إحسان ونعم اهـ. ذكره القسطلاني وسبق معنى الشيطان واشتقاقه في باب الذكر، والرجيم أي المرجوم بالطرد واللعن أو الذي يرجم به الغير بالإضلال والإغواء أو بمعنى فاعل لرجمه الغير بوسوسته.

قوله: (وابن ماجة) وانفرد بزيادة الرجيم في وصف الشيطان وهي زيادة فيعمل بها صحابي الحديث جبير بن مطعم وذكر أوله الله أكبر كبيرًا الحمد لله كثيرًا سبحان الله وبحمده ثلاثًا ثلاثًا ثم ذكر التعوذ باللفظ المذكور هنا قال الحافظ والحديث حسن وللحديث شواهد من حديث ابن مسعود وأبي أمامة الباهلي وأبي سعيد الخدري رواه من حديث ابن مسعود ووقع فيها التصريح بأن التفسير للألفاظ المذكورة فيه مرفوع ولفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه قال وهمزه المؤتة ونفخه الكبر ونفثه الشعر، قال الحافظ بعد أن أخرجه من طريق آخر إلى عطاء بن السائب قلت وهو الراوي للطريق الأول عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود ما لفظه حديث حسن أخرجه ابن ماجة وابن خزيمة وعطاء بن السائب وإن اختلط فحماد بن سلمة أبي الراوي عنه في الطريق الأول ممن سمع منه قبل الاختلاط إلّا أنه لم يقع في روايتنا من طريقه التصريح برفع الحديث فلذا توقفت عن تصحيحه اهـ. ورواه من حديث أبي أمامة الباهلي ولفظه كان صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال سبحانك إلى ولا إله غيرك ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أخرجه أحمد ورجال إسناده ثقات إلا التابعي فإنه لم يسم وهذه الأحاديث فيها الاقتصار على قوله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأما

زيادة السميع العليم فوقعت في حديث أبي سعيد الخدري رواه الترمذي والنسائي وهو حديث حسن وقول ابن خزيمة

ص: 187

وغيرها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل القراءة في الصلاة:"أعُوذُ بالله مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيم مِنْ نَفْخِهِ وَنَفْثِهِ وَهَمْزِهِ".

وفي رواية: "أعُوذُ بالله السمِيعِ العَلِيم مِنَ الشَّيطانِ الرجِيم مِنْ هَمْزِهِ ونَفْخِهِ ونَفْثِهِ" وجاء تفسيره في الحديث، أن همزه: المؤتة وهي الجنون، ونفخه: الكِبْر، ونفثه: الشِّعْرُ، والله أعلم.

ــ

عقب تخريجه أنه لم يسمع أحدًا من أهل العلم ولا بلغه عن أحد منهم أنه استعمل هذا الخبر على وجهه قال الحافظ لا يستلزم عدم نقل استعماله وانكاره عن أحد توهينه والعلم عند الله قال الحافظ وفي الباب عن عائشة أخرجه أبو داود في قصة فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قرأ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} [النور: 11] الحديث اهـ. قوله: (وغيرها) رواه كذلك أحمد وابن حبان في صحيحه والحاكم وابن خزيمة وابن أبي شيبة والبيهقي في السنن الكبرى كلهم من حديث جبير. قوله: (وَفي روَايةٍ) أي عن أبي سعيد خرجها الثلاثة كما في الخلاصة للمصنف ومراده بالثلاثة أبو داود والترمذي والنسائي قال وممن ضعفه أحمد والترمذي ولفظ حديثه كان صلى الله عليه وسلم إذا قام يصلي بالليل كثر ثم قال سبحانك اللهم وبحمدك إلى ولا إله غيرك لا إله إلّا الله ثلاثًا ثم يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ وتقدم الكلام على مرتبته في كلام الحافظ آنفًا ثم استعاذته صلى الله عليه وسلم مما ذكر في الخبر الشريف مع أنه عصم منه إنما هو ليستلزم خوف الله تعالى وإعظامه والافتقار إليه وليقتدي به الأمة وليعين لهم صفة الدعاء والمهم منه. قوله: (وَجَاءَ فِي تفسيرِهِ فِي الحدِيثِ) أي رواه ابن ماجة عن عمر رضي الله عنه وتقدم في حديث ابن مسعود مرفوعًا. قوله: (الْمُؤْتَةُ) بضم الميم وهمزة مضمومة وقيل بلا همز وفتح الفوقية نوع من المجنون والصرع يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه كمال عقله كالسكران وقيل خنق الشيطان وقيل أرض بالشام قال أبو عبيدة المؤتة المجنون سماه همزًا لأنه حصل من الهمز والنخس وكل شيء دفعته فقد نخسته. قوله: (ونفخَهُ الكِبْرُ) أي لأنه ينفخ في الإنسان بوسوسته فيعظمه في عين نفسه ويحقر غيره عنده فيزدريه ويتعاظم عليه. قوله: (ونفثَهُ الشعْرُ) أي لأنه ينفثه من فيه كالرقية والمراد الشعر المذموم لخبر أبي داود إن من

ص: 188

فصل: اعلم أن التعوذ مستحب ليس بواجب، فلو تركه لم يأثم، ولا تبطل صلاته

سواء تركه عمدًا أو سهوًا، ولا يسجد للسهو، وهو مستحب في جميع الصلوات، الفرائض والنوافل كلها، ويستحب في صلاة الجنازة على الأصح، ويستحب للقارئ خارج الصلاة بإجماع أيضًا.

فصل: واعلم أن التعوذ مستحب في الركعة الأولى بالاتفاق، فإن لم يأت به في الأولى أتى به في الثانية، فإن لم يفعل ففيما بعدها، فلو تعوذ في الأولى، هل يستحب في الثانية؟ فيه وجهان لأصحابنا، أصحهما: أنه يستحب، لكنه في الأولى آكد، إذا تعوذ في الصلاة التي يسر فيها بالقراءة، أسر بالتعوذ، فإن تعوذ في التي يُجْهَر فيها بالقراءة، فهل يجهر؟ فيه خلاف، من أصحابنا من قال: يُسرُّ، وقال الجمهور: للشافعي في المسألة قولان. أحدهما: يستوي الجهر والإسرار، وهو نصه

ــ

الشعر حكمًا أي مواعظ وأمثالًا يتعظ بها الناس ومفهوم من التبعيضية أن منه ما ليس كذلك وفي البخاري إن من الشعر حكمة أي قولًا صادقًا مطابقًا للحق أيضًا وفي الأدب المفرد والشمائل أنه صلى الله عليه وسلم استنشد من الشريد من شعر أمية بن أبي الصلت فأنشده مائة قافية وبه يرد على من كره الشعر مطلقًا وحديث إن الشيطان لما أهبط إلى الأرض قال رب اجعل لي قرآنا قال قرآنك الشعر ضعيف وإن صح حمل على الإفراط فيه والإكثار منه.

فصل

قوله: (اعلم أَن التَّعوذَ مُستَحَبٌّ) قال في المجموع دليل الجمهور الآية واستدلوا بأحاديث ليست ثابتة. قوله: (لَوْ تركه لم يأثم) أي لكن يكره كما في المجموع عن نص الشافعي. قوله:

(ويستحَبُّ فِي صلاةِ الجَنَازَةِ) وكذا يستحب في القيام الثاني من ركعتي الكسوف للفصل بين القراءتين.

فصل

قوله: (بالاتفاقِ) ولذا كان فيها آكد منه في باقي الركعات ولأن افتتاح قراءته إنما يكون فيها.

قوله: (أَصحهما أَنه يستحب) أي للفصل بين القراءتين. قوله: (فإن تعوَّذَ فِي التي يُجْهَرُ فِيها بالقراءَةِ) الظرف الأول متعلق بتعوذ والأخيران بيجهر. قوله: (فِيهِ خِلافَ إلخ) قضية العبارة هنا أن الشيخ أبا حامد يصحح استحباب

ص: 189