الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب دعائه على من ينشد في المسجد شعرًا ليس فيه مدح للإسلام ولا تزهيد والحث علي مكارم الأخلاق ونحو ذلك
ــ
وتقدم الجواب عن السكوت عن بيان الغرابة من كونها غير منافية للحسن المطلوب إثباته.
باب دعائه على من ينشد في المسجد شعرًا ليس فيه مدح للإسلام ولا تزهيد والحث علي مكارم الأخلاق ونحو ذلك
قال الحافظ ليس في المتن الذي ساقه دلالة على التخصيص وكأنه أشار إلى أن لذلك دليلًا من خارج وكان لا بأس بالتنبيه عليه اهـ. قال الأبي في شرح مسلم أما إنشاد الشعر فيه أي في المسجد فأجازه الجمهور لحديث مر عمر على حسان وهو ينشد فيه فلحظ إليه عمر شذرًا ثم قال أي حسان كنت أنشده وفيه خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة فقال أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لي أجبهم عني اللهم أيده بروح القدس، فقال نعم ولم يراجعه عمر وروح القدس جبريل وفي بعض الآثار إن جبريل أعانه بالأبيات من الشعر قلت في بعض شروح شمائل الترمذي قيل لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لحسان أعانه جبريل بسبعين بيتًا أهـ، وترجم البخاري باب إنشاد الشعر في المسجد وقال بعضهم أحاديث النهي عنه ضعيفة اهـ، وفي شرح المهذب للمصنف ولا بأس بإنشاد الشعر فيه إذا كان مدحًا للنبوة أو الإسلام أو كان حكمة أو في مكارم الأخلاق أو الزهد أو نحو ذلك من أعمال الخير فإن لم يكن فيه شيء من ذلك كره للنهي عن تناشد الأشعار فيه بإسناد حسن ما لم يكن فيه مذموم كنحو
محرم أو صفة خمر أو ذكر نساء أو مرد أو مدح ظالم أو افتخار بمنهي عنه فيحرم اهـ. قال في شرح العباب بعد نقله عنه وهو صريح في تحريم كثير من الأشعار التي فيها صفات الخمر ولو بالتشبيهات وذكر صفات النساء والمرد وينافيه ما يأتي في الشهادات من أنه لا يحرم التشبب إلَّا بامرأة أو غلام معين ويمكن أن يفرق بأن الحرمة هنا جاءت من حيث المسجد فيحرم فيه ذلك مطلقًا لما فيه من الفحش بخلافه خارجه وأما ذكر صفات الخمر المقتضية مدحها فالظاهر إنما اقتضاه صريح كلامه من حرمته في المسجد وأما خارجه فللنظر فيه مجال والأقرب الحرمة ومن ثمة افتيت بحرمة مطالعة الكميت
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قيل ما طالعها أحد إلا شربها هذا كله حيث لم يقع منه إشارة أو قرينة تعين المراد غير الخمر المحرمة كما يقع لكثير من أنهم يعنون ريق المحبوب أو فواتح الحق على عباده ونحو ذلك فحينئذٍ لا حرمة وعلى هذا يحمل ما جاء عن الصحابة كما وقع لكعب بن زهير رضي الله عنه في بانت سعاد وأنشدها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.
فإن قلت هذه واقعة حال يحتمل أنه كان قبل تحريم الخمر.
قلت هذا الاحتمال بعيد فلا يسقط بمثله الأدلة الظاهرة على أن الكلام في الخمر غير الحقيقية فلا يرد السؤال من أصله ثم رأيت إنه كان بعد تحريم الخمر، وعلى الشعر المذموم حمل قوله صلى الله عليه وسلم من رأيتموه ينشد شعرًا في المسجد فقولوا له فض الله فاك ثلاث مرات رواه ابن السني وحمله ابن بطال على ما يتشاغل به كل من بالمسجد حتى يغلب عليه كما قال أبو عبيد حديث لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتلئ شعرًا بأنه الذي يغلب على صاحبه اهـ. وفي التوشيح للسيوطي روى ابن خزيمة والترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نهى صلى الله عليه وسلم عن تناشد الأشعار في المسجد، والجمع بينه وبين حديث الباب أي حديث حسان يحمل النهي على أشعار الجاهلية ونحوها اهـ، وظاهر أن المراد غالب أشعار الجاهلية وإلّا فما اشتمل منها على المحاسن كالتوحيد في شعر أمية بن أبي الصلت لا يكره إنشاده ولعل الإطلاق لأن غالب أشعارهم خال عن ذلك وقال ابن خزيمة ذكر الخير في خبر لأن يمتلئ جوف أحدكم إلخ، دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن تناشد بعض الأشعار في المساجد لا عن جميعها ثم ذكر حديث البخاري كذلك في بدء الخلق وذكره في باب الشعر أيضًا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع حسان بن ثابث يستشهد أبا هريرة هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا حسان أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أيده بروح القدس قال نعم قال ابن بطال وليس في هذه الرواية أنه أنشد شعرًا في المسجد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ذكر ذلك في روايته التي في باب بدء الخلق وأشار بهذه الترجمة أي باب إنشاد الشعر في المسجد إلى تلك الرواية نته عليه شراح البخاري.
فائدة
قال الترمذي قد روي في غير حديث رخصة في إنشاد الشعر في المسجد قال الحافظ وجمع العلماء بين الأحاديث التي في الرخصة وبين أحاديث النهي بنحو مما أشار إليه الشيخ في الترجمة
ومنهم من حمل النهي على التنزيه والفعل على بيان الجواز ومنهم من فصل فحمل النهي على ما فيه
روينا في كتاب ابن السني
ــ
فحش أو أذى لمسلم أر نحو ذلك والإذن على ما فيه مدح النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك وما عدا ذلك إن أكثر منه أو غلب عليه التحق بالأول وإلا جاز قال الحافظ فمن أحاديث الرخصة إنشاد كعب بن زهير قصيدته في مدحه صلى الله عليه وسلم في المسجد ومنها حديث عائشة إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصنع لحسان منبرًا في المسجد يقوم عليه يهجو الذي كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام إن روح القدس مع حسان ما دام ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث حسن صحيح أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وهو حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد يعني تفرد به وهو ثقة عند الجمهور وتكلم فيه بعضهم بما لا يقدح فيه ولبعض حديثه شواهد في الصحيحين عن البراء وغيره وذكر المزي في الأطراف أن البخاري أخرج هذا الحديث في الصحيح تعليقًا فقال قال عبد الرحمن عن أبيه عن عروة عن عائشة فذكره ولم أقف عليه في صحيح البخاري إلى الآن وفي صحيح البخاري عن ابن المسيب مر عمر وحسان ينشد في المسجد الشعر فلحظ إليه قال قد كنت أنشد وفيه من هو خير منك يعني النبي صلى الله عليه وسلم كلام الحافظ وقال الشيخ زكريا في تحفة القارئ اهـ. حديث أبي هريرة وشهادته لحسان في إنشاد الشعر في المسجد علم به جواز إنشاده في المسجد وهو محمول على الحق وأما خبر ابن خزيمة نهى صلى الله عليه وسلم عن تناشد الأشعار في المساجد فضعفه جماعة وبتقدير صحته فهو محمول على الشعر الباطل كما حمل عليه خبر الصحيحين لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير له أن يملأه شعرًا وحمله بعضهم على من يمتلئ قلبه حتى يغلب عليه اشتغاله به عن القرآن والذكر والحاصل أن إنشاد الشعر في المسجد جائز بلا كراهة إن كان حقًّا ومكروه كراهة تحريم إن كان باطلًا وكراهة تنزيه إذا غلب عليه اشتغاله به أي ولم يكن باطلا اهـ.
قوله: (رَوينَا فِي كِتَاب ابْنِ السني) خرجه الحافظ من طريق الطبراني إلى عباد بن كثير عن يزيد بن خصفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن جده فذكر قصة فيها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من رأيتموه ينشد شعرًا في المسجد فقولوا فض الله فاك ثلاث مرات ومن رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك ثلاث مرات كذا قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحافظ حديث منكر السند وبعض المتن