المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب أذكار الركوع ــ أبو داود عنه إنه كان يقرأ فوق بيته - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٢

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب ما يقول إذا أراد صب ماء الوضوء أو استقاءه

- ‌باب ما يقول على وضوئه

- ‌باب ما يقول عند اغتساله

- ‌باب ما يقول على تيممه

- ‌باب ما يقول إذا توجه إلى المسجد

- ‌باب ما يقول عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌باب ما يقول في المسجد

- ‌باب إنكاره ودعائه على من ينشد ضالة في المسجد أو يبيع فيه

- ‌باب دعائه على من ينشد في المسجد شعرًا ليس فيه مدح للإسلام ولا تزهيد والحث علي مكارم الأخلاق ونحو ذلك

- ‌باب فضيلة الأذان

- ‌باب صفة الأذان

- ‌باب صفة الإقامة

- ‌باب ما يقول من سمع المؤذن والمقيم

- ‌فائدة

- ‌باب الدعاء بعد الأذان

- ‌باب ما يقول بعد ركعتي سنة الصبح

- ‌تتمة

- ‌باب ما يقول إذا انتهى إلى الصف

- ‌باب ما يقول عند إرادته القيام الي الصلاة

- ‌باب الدعاء عند الإقامة

- ‌باب ما يقول إذا دخل في الصلاة

- ‌باب تكبيرة الإحرام

- ‌باب ما يقوله بعد تكبيرة الإحرام

- ‌باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح

- ‌باب القراءة بعد التعوذ

- ‌فائدة

- ‌باب أذكار الركوع

- ‌خاتمة

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من الركوع وفي اعتداله

- ‌باب أذكار السجود

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من السجود وفي الجلوس بين السجدتين

- ‌باب أذكار الركعة الثانية

- ‌باب القنوت في الصبح

- ‌باب التشهد في الصلاة

- ‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

الفصل: ‌ ‌باب أذكار الركوع ــ أبو داود عنه إنه كان يقرأ فوق بيته

‌باب أذكار الركوع

ــ

أبو داود عنه إنه كان يقرأ فوق بيته يرفع صوته فقال {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} فقال سبحانك أو بلى فقال سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجه الحافظ بسند فيه بعد شعبة مبهمان قبل الصحابي المبهم أيضًا وقال فيه مبهمان لا يعرف حالهما ولا عينهما وسقطا من رواية أبي داود وعجبت من سكوته ولعله تسهل فيه لوجود شاهده ولكونه في فضائل الأعمال ولكون شعبة لا يسند غالبًا إلّا عند الثقات اهـ، وورد مرسلًا عن قتادة قال ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قرأ أحدكم فذكر

الحديث في القيامة وسبح والتين مفرقًا أخرجه الطبري وغيره قال الحافظ سنده صحيح إن كان الذاكر له صحابيًّا وإلَّا فحسن لشواهده وأخرج عبد بن حميد أيضًا من طريق صالح أبي الخليل عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ورجاله ثقات لكنه مرسل أو معضل ومع تعدد هذه الطرق يتضح أن إطلاق كون هذا الحديث ضعيفًا ليس بمتجه والله أعلم، اهـ. وقول الحافظ وهذا يخالف صنيعه في الأذكار إلخ، سبق قلم من الناسخ إذ ليس في الأذكار تعرض لذلك والظاهر في التبيان والله أعلم.

‌خاتمة

وجب القيام للقراءة والقعود للتشهد بخلاف الركوع والسجود والاعتدال والجلوس بين السجدتين لالتباس الأولين بالعادة فوجب تمييزهما عنها وهو حاصل بذلك بخلاف الركوع والسجود فهما ممتازان عنها بذاتهما فلم يحتاجا إلى مميز آخر والاعتدال والجلوس بين السجدتين غير مقصودين لذاتهما بل للفصل ومن ثم كانا قصيرين فلم يناسبهما إيجاب شيء منهما إعلامًا بذلك.

باب أذكار الركوع

الركوع لغة الانحناء وقد يراد به الخضوع قيل وهو من خصائصنا لقول بعض المفسرين في قوله تعالى ({وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)} [البقرة: 43] إنما قال ذلك لأن صلاتهم لا ركوع فيها والراكعون محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ومعنى اركعي مع الراكعين صلي مع المصلين وهل هو واجب لنفسه أو لغيره الصواب الأول قيل الحكمة في إفراده دون السجود أن في السجود الخضوع الأعظم لما فيه من مباشرة أشرف ما في الإنسان لمواطئ الأقدام فناسب تكريره لأنه

ص: 238

قد تظاهرت الأخبار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر للركوع وهو سُنَّة،

ــ

المتكفل بالمقصود ونيل المأمول والركوع وسيلة ومقدمة فأفرد. قوله: (قد تظَاهرتِ الأَخبارُ الصحيحَةُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنهُ كَانَ يكبرُ للركوعِ) قال الحافظ فمن ذلك حديث ابن مسعود رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل رفع ووضع ويسلم عن يمينه ويساره ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك قال الحافظ بعد تخريجه حديث صحيح أخرجه أحمد والطحاوي والترمذي والنسائي وقال الترمذي حسن صحيح قال وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وابن عمر وأبي مالك الأشعري وأبي موسى الأشعري وعمران بن حصين ووائل بن حجر وابن عباس قال الحافظ وفيه عن علي وأبي سعيد الخدري وعبد الرحمن بن أبزى وغيرهم فحديث أبي هريرة أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي وحديث أنس أخرجه أحمد والنسائي وحديث ابن عمر أخرجه أحمد والنسائي وحديث أبي مالك الأشعري أخرجه أحمد وحديث أبي موسى أخرجه ابن ماجة وأسانيد هذه الطرف حسان وحديث عمران بن حصين أخرجه الشيخان وحديث وائل أخرجه أحمد وهو حديث حسن وحديث اين عباس أخرجه البخاري وحديث علي أخرجه الدارقطني في غرائب مالك ورواته ثقات لكن في سنده انقطاع وقال الحافظ بعد تخريجه إنه حديث غريب وأخرجه مالك في الموطأ عن علي بن الحسين مرسلًا وقال الدارقطني إن الصواب ما في الموطأ وحديث أبي سعيد صحيح أخرجه أحمد والبيهقي وفي البخاري بعضه وحديث جابر أخرجه البزار بسند فيه ضعف وهو في الموطأ من

وجه آخر صحيح إلَّا أنه موقوف عليه وحديث ابن أبزى حديث غريب أخرجه أحمد والترمذي اهـ. باختصار قال ولفظ حديث ابن أبزى صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يتم التكبير قال الحافظ ويمكن حمل النفي فيه على الجهر فقد جاء عن جماعة من السلف أنهم كانوا لا يكبرون في كل رفع وخفض ومنهم من خصه بالرفع ومنهم من خصه بالجهر وأغفل إنه شرع للإعلام فيكتفي في الجهر به بحالة الرفع من السجود ونحوه فإنه قد يخفى وقد جاء في حديث آخر عن جماعة من الصحابة منهم من لم يسم وذلك عن عباس بن سهل بن سعد إنه كان في مجلس فيه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبوه

ص: 239

ولو تركه كان مكروهًا كراهة تنزيه، ولا تبطل صلاته ولا يسجد للسهو، وكذلك جميع التكبيرات التي في الصلاة هذا حكمها، إلا تكبيرة الإحرام، فإنها ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها، وقد قدمنا عدّ تكبيرات الصلاة في أول أبواب الدخول في الصلاة.

وعن الإمام أحمد رواية: أن جميع هذه التكبيرات واجبة. وهل يستحب مدُّ هذا التكبير؟ فيه قولان للشافعي رحمه الله، أصحهما وهو الجديد: يستحب مده إلى أن يصل إلى حد الراكعين، فيشتغل بتسبيح الركوع لئلا يخلو جزء من صلاته عن ذِكْر، بخلاف تكبيرة الإحرام، فإن الصحيح استحباب ترك المد فيها لأنه يحتاج إلى بسط النية عليها، فإذا مدها شقَّ عليه، وإذا اختصرها سهل عليه،

ــ

وأبو هريرة وأبو حميد وأبو أسيد فقال أبو حميد أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه إنه كبر حين افتتح وحين ركع وحين سجد وحين رفع وفيه أنهم وافقوه على ذلك قال الحافظ بعد تخريجه حديث صحيح أصله في البخاري بغير سياقه قوله: (لوْ تَركهُ) أي السنة التي هي التكبير للركوع وفي نسخة (تركه) أي التكبير (كان مكروهًا) قال في المجموع يكره تعمد ترك التسبيح وسائر أذكار الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد وتكبير غير التحرم للخلاف في البطلان بذلك اهـ، ولما فيه من مخالفة الإجماع قوله:(وَعَنْ أحمَد روَايةٌ إلخ) وكذا قال بوجوب نحو التسبيح كما سيأتي حكايته عنه آخر الباب.

وأجيب عنه بأنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر للمسيء صلاته غير تكبيرة الإحرام وكان ذلك أولى بالتعليم لأنه أخفى ولأنه إذا جهل الركوع والسجود جهل هذا بالأولى وبه يندفع اختيار الرازي الوجوب قال لقيام الدليل عليه من خارج وهو أمره بها في قوله اجعلوها في ركوعكم كذا في الإيعاب ثم (رواية) يقرأ بالرفع منونًا مبتدأ مؤخر قوله: (أَن جميعَ هَذِه التكبيرَاتِ إلخ) في تأويل مصدر بدل منه والتقدير وعن الإمام رواية وجوب التكبيرات المذكورة قوله: (وهَلْ يُسْتَحبُّ مد هذَا التكبيرِ إلخ) السنة أن يبدأ في التكبير حال قيامه ويرفع يديه كالإحرام مع ابتداء التكبير فإذا حاذى كفاه منكبيه انحنى كما في المجموع نقلًا عن الأصحاب وفي البيان وغيره نحوه

ص: 240

وهكذا حكم باقي التكبيرات، وقد تقدم إيضاح هذا في "باب تكبيرة

الإحرام"، والله أعلم.

فصل: فإذا وصل إلى حد الراكعين، اشتغل بأذكار الركوع فيقول:"سُبْحانَ رَبِّيَ العَظِيمِ، سُبْحانَ رَبِّيَ العَظِيمِ، سُبْحانَ رَبِّي العَظِيمِ".

ــ

ونص عليه في المختصر وصوبه في المهمات والرفع هنا كالرفع عند تكبيرة الإحرام أي حذو المنكبين ولو لم يرفع حتى فرغ التكبير لم يتداركه كما نص عليه في الأم أو قبل أن رفع ويمد التكبير إلى انتهاء هويه لئلا يخلو جزء منه عن الذكر ولا ينظر إلى طول المد ولا فرق في استحباب مد التكبير في محاله بين السر والجهر قوله: (وهذَا حُكمُ

باقي التكبيرَاتِ) المشار إليه هو أن الأصح استحباب المد في التكبيرات كما يدل عليه قوله: (وقَدْ تقدَّمَ إِيضَاحُ هَذَا إلخ) وليس المشار إليه ترك المد لأنه إنما ذكر على سبيل التبعية لبيان الفرق فافهم وبه يندفع ما كتبه الأهدل بناء على ما فهمه مما ذكر آخرًا الذي سبق في تكبيرة الإحرام استحباب مد ما عداها إلى أن يصل إلى انتهاء الركن اهـ.

فصل

قوله: (إِذَا وصَلَ إلى حدِّ الرَّاكعين) وهو بالنسبة للقائم أن ينحني انحناءً خالصًا إلى أن يصير بحيث تصل راحته إلى ركبته وللقاعد أن يحاذي جبهته ما بين ركبتيه. قوله: (سبحانَ ربي العظيمِ) تكراره ثلاث مرات كما ذكره المصنف هو الأكمل ثم هو بفتح الياء التحتية وتسكن وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه لما نزلت ({فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} [الواقعة: 74] قال صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم ولما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1] قال اجعلوها في سجودكم رواه أبو داود وابن حبان والدارمي وفي شرح العباب أن إسناد خبر أبي داود وابن ماجة حسن زاد أبو داود في رواية أخرى فكان صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثًا وإذا سجد قال سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثًا وفي سندها مجهول صرح به الحاكم ووثقه ابن حبان فكانت حسنة ووجه التخصيص إن الأعلى أبلغ من العظيم فجعل في الأبلغ في التواضع وهو السجود الأفضل وسيأتي حديث أقرب ما يكون

ص: 241

فقد ثبت في "صحيح مسلم" من حديث حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ركوعه الطويل الذي كان قريبًا من قراءة (البقرة) و (النساء) و (آل عمران): "سُبْحانَ رَبِّيَ العَظِيمِ" ومعناه: كرَّر سبحان ربي العظيم فيه، كما جاء مبينًا في "سنن أبي داود" وغيره.

وجاء في كتب السنن: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال أحَدُكُمْ: سُبْحانَ رَبي العَظِيمِ ثلاثًا فَقَدْ تم رُكُوعُهُ".

ــ

العبد من ربه وهو ساجد فربما يتوهم قرب المسافة فندب سبحان ربي الأعلى أي عن قرب المسافة دفعًا لذلك الوهم وهذا التخصيص باعتبار الأفضل فلو عكس فجعل تسبيح الركوع في السجود أو عكسه حصل أصل السنة وسبحان منصوب على المصدر عند الخليل والفراء كالتسبيح على أنه اسم صدر عن سيبويه والعظيم قال الرازي معناه الكامل في ذاته وصفاته ومعنى الجليل الكامل في صفاته ومعنى الكبير الكامل في ذاته. قوله: (فقدْ ثَبتَ في صحيح مُسلم إلخ) قضية هذا الحديث إنه لا يتقيد التسبيح في الركوع وكذا السجود بعدد واختاره السبكي وتبعه الأذرعي. قوله: (كَمَا جاءَ مبينًا في سُننِ أَبِي دَاودَ) قال الحافظ بعد تخريجه عن حذيفة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما كبّر قال الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة ثم قرأ البقرة ثم ركع فكان ركوعه قريبًا من قيامه يقول سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم الحديث هذا حديث حسن فإن صح ظن شعبة أن الرجل المبهم في سنده هو أصله من زفر فالحديث صحيح والحديث عند الترمذي والنسائي ولعله مراد الشيخ من قوله

"وغيره". قوله: (وجاءَ في كتبِ السننِ أَنهُ صلى الله عليه وسلم قَال إِذَا قَال أحدكم سبحانَ ربي العظيم ثَلاثًا فقدْ تَم ركوعهُ) في المشكاة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع أحَدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تمّ ركوعه وذلك أدناه ومن قال في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وقال الترمذي إسناده

ص: 242

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ليس بمتصل لأن عونًا لم يلق ابن مسعود اهـ قال الحافظ وكذا قال البيهقي لكن عبر بقوله لم يدرك ثم ساق له شاهدًا عن أبي جعفر محمد وعلي بن الحسين عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سبحوا ثلاث تسبيحات ركوعًا وثلاث تسبيحات سجودًا هذا حديث مرسل أو معضل لأن أبا جعفر محمدًا هذا من صغار التابعين وجل روايته عن التابعين اهـ. وفي البدر المنير لابن الملقن بعد ذكر كلام الترمذي ولذا قال الشافعي في الأم بعد إن رواه مرفوعًا إن كان الحديث ثابتًا فإنما يعني بقوله تم ركوعه وذلك أدناه أي أدنى ما ينسب إلى كمال الفرض والاختيار معًا لإكمال الفرض وحده قال البيهقي إنما قال إن كان ثابتًا لأن الحديث منقطع اهـ. قال ابن حجر في شرح المشكاة ولا يضر ذلك لأن المنقطع يعمل به في الفضائل إجماعًا ومن ثم عمل به فقالوا يسن للمصلي أن يسبح سرًّا في ركوعه وسجوده اهـ. قال الحافظ بعد تخريجه حديث ابن مسعود هذا حديث غريب وقال قال الطبراني ولا يروى هذه اللفظة وذلك أدناه إلَّا في هذا الحديث تفرد به ابن أبي ذئب قال الحافظ وقع في رواية الشافعي في المرسل الذي أخرجه البيهقي شاهدًا لحديث ابن مسعود ما يشعر بهذه الزيادة ولفظه عن جعفر بن محمد عن أبيه جاءت الحطابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا لا نزال سفرًا فكيف نصنع بالصلاة قال سبحوا ثلاث تسبيحات ركوعًا وثلاث تسبيحات سجودًا وورد التثليث في عدة أخبار بدون زيادة وذلك أدناه أخرجه ابن خزيمة من حديث حذيفة كان صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثًا وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثًا حديث حسن وأخرجه أيضًا العمري والدارقطني زاد في روايته وبحمده في الموضعين وأخرج البزار من حديث أبي بكر كذلك ولم يقل وبحمده وأخرج الدارقطني مثله من حديث جبير بن مطعم وعبد الله بن أقدام والطبراني في الكبير من حديث أبي مالك الأشعري بنحوه وفي سند كل منهما ضعف وعند الطبراني كان ابن مسعود إذا ركع قال سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثًا وكان يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله وفيه ضعف وفي سنده انقطاع وله شاهد من

ص: 243

وثبت في "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده:"سُبْحانَكَ اللهُم رَبنا وبِحَمْدِكَ، اللهُم اغْفِرْ لي".

ــ

حديث عقبة بن عامر أخرجه أبو داود بمثل هذا اللفظ وزاد وإذا سجد قال سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثًا وفي سنده مبهم وأخرج أبو داود عن السعدي عن أبيه أو عمه قال رقبت النبي صلى الله عليه وسلم فكان يمكث في ركوعه وسجوده بقدر ما يقول سبحان الله وبحمده ثلاثًا والسعدي لا يعرف اسمه ولا اسم أبيه ولا عمه اهـ، ولعل ذكر وبحمده في هذه الروايات مراد الشيخ بقوله في بعض النسخ المصححة:"وجاء في كتب السنن أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا قال أحدكم سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثًا فقد تم ركوعه" والذي خرج عليه الحافظ بإسقاط قوله وبحمده قال في شرح المشكاة ويحصل أصل السنة بنحو سبحان الله وسبحان ربي الأعلى مرة كما في المجموع وأدنى كمال العدد المطلوب فيها سبحان

ربي العظيم أو الأعلى ثلاثًا وأعلاه لكن لمنفرد وإمام محصورين راضين لم يتعلق بعينهم حق أحد عشر فتسع فسبع فخمس أما إمام غير محصورين فتكره له الزيادة والأفضل أن يأتي بعد التسبيح بما يأتي من اللهم لك ركعت إلخ. وإن اقتصر على التسبيح أو الذكر المذكور فالتسبيح أفضل لما فيه من الأحاديث الكثيرة وثلاث تسبيحات معه أفضل من حذفه وزيادة التسبيح على الثلاث اهـ.

قوله: (وثَبتَ في الصَّحِيحيْنِ عَنْ عائشَة رضي الله عنها قال الحافظ بعد تخريجه عنها بهذا

اللفظ وفي رواية كان يكثر أن يقول إلخ. حديث صحيح وكذا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة

وفي آخره يتأول القرآن وفي رواية لمسلم ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ نزل عليه إذا جاء نصر الله

والفتح يصلي صلاة إلا دعا وقال سبحانك ربي وبحمدك اللهم اغفر لي وفي الأم للشافعي كل ما

قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركوع أو سجود أحببت أن لا يقصر عنه ثم قال فمن ذلك عن عائشة إلخ.

اهـ، فيسن جميع ما ورد فيه كما سيأتي وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء نصر الله كان يكثر إذا قرأها ويركع إن يقول سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم وأخذ منه الأسنوي إنه يسن الدعاء في الركوع وتبعه الزركشي وزاد عن الأم أنه إن دعا فيه فلا شيء عليه إلَّا أن يريد به

ص: 244

وثبت في "صحيح مسلم" عن علي رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع يقول: "اللهُمَّ

ــ

القنوت فيسجد للسهو قال وذكر الأصحاب في الكسوف إنه يسبح فيه ويسجد أي فهذا شاهد لما بحثه الأسنوي وترجم في البخاري باب الدعاء في الركوع قال الحافظ في الفتح قصد الإشارة إلى الرد على من كره الدعاء فيه كمالك واحتج بحديث وأما الركوع فعظموا فيه الرب لكنه لا مفهوم له فلا يمتنع في الركوع كما لا يمتنع التعظيم في السجود وظاهر حديث عائشة إنه كان يقول هذا الدعاء كله في الركوع وكذا في السجود اهـ. قال المصنف في شرح مسلم في قوله في الحديث يتأول القرآن أي يعمل ما أمر به في قوله سبحانه {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: 98] إلخ، فكان صلى الله عليه وسلم يقول هذا الكلام البديع في الجزالة ليستوفي ما أمر به في الآية وكان يأتي به في الركوع والسجود لأنه حالة الصلاة أفضل فاختار هذا الواجب للذي أمر به ليكون أكمل قال الحافظ معنى يتأوله يخص عمومه ببعض الأحوال وقد جاء في رواية أخرى ما يدل على التخصيص بحال الصلاة أخرج أبو نعيم في المستخرج عن عائشة قالت كان صلى الله عليه وسلم يكثر قبل موته من قول سبحان ربي وبحمده أستغفر الله فيسأل فقال أخبرني ربي إني سأرى علامة في أمتي فقد رأيتها قال الحافظ أخرجه مسلم اهـ.

ثم الباء في وبحمدك قيل متعلقة بسبحان أي وبحمدك سبحتك ومعناه بتوفيقك لي وهدايتك وفضلك علي سبحتك لا بحولي وقوتي ففيه شكر الله تعالى على هذه النعمة والاعتراف بها والتفويض إلى الله تعالى وإن كل الإفضال له اهـ، والحكمة في الإتيان بضمير المتكلم ومعه غيره في قوله ربنا وفي إفراده في قوله اللهم اغفر لي إنه لما أضيف إلى الله ذي الكمال الحائز لصنوف الجمال والجلال أتى بضمير "نا" لأنه دال على التفخيم ولما كان مقام العبد مقام الافتقار والتذلل والانكسار أتى بضمير الواحد الفقير الذليل لعز مولاه الجليل.

قوله: (وثَبتَ في صحيح مُسلم عَنْ عَلي) هو حديث طويل فيه دعاء الافتتاح وجهت وجهي إلى قوله والشر ليس إليك وما يقال في الركوع والسجود وبعد التشهد والمصنف ذكر بعضه مفرقًا في أماكن وهو جائز ويفعله كثيرًا البخاري في صحيحه وقد تقدم ذكر من

ص: 245

لكَ رَكعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، ولكَ أسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، ومُخِّي، وعَظْمِي، وعَصَبي".

وجاء في كتب السنن: "خَشَعَ سَمْعِي وبَصَرِي، ومُخِّي وعَظْمِي وما اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمي لِلَّهِ رب العالمين.

ــ

خرجه وإيضاح ما يتعلق به في باب دعاء الافتتاح وأخرجه الحافظ مختصرًا فقال عن علي بن أبي طالب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي ثم قال هذا حديث صحيح أخرجه أحمد قال وأخرجه مسلم من وجه آخر في الحديث الطويل الذي فيه دعاء الافتتاح اهـ، وفي وجبات الرحمة اللهم لك ركعت إلى قوله وعصبي رواه مسلم وأبو داود والنسائي والطبراني من حديث علي وفي رواية للنسائي، وعليك توكلت أنت ربي خشع سمعي وبصري ولحمي ودمي ومخي وعصبي لله رب العالمين ورواه يعني النسائي من حديث جابر بن عبد الله إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب العالمين ورواه الطبراني وقال وعظامي اهـ، بتلخيص. قوله:(لكَ ركَعْتُ) أي لك لا لغيرك لتقديمه على العامل وهو ركعت أي خضعت وأنت أولى المتفضلين على الأذلاء المنكسرين ومثله في إفادة الحصر ما بعده. قوله: (وبكَ آمنْتُ) أي بك وجودًا وكمالًا وإنعامًا وإفضالًا آمنت. قوله: (ولكَ أسْلمْتُ) أي انقدت لأمرك وقضائك فافعل ما تريد فإنه لا يستحق عليك أحد شيئًا من النعيم بل الكل من فضلك وإحسانك وإن أطنب العباد في مقام الحمد. قوله: (خَشعَ لَكَ سَمعي إلخ) أي خضع وتواضع وسكن وانقاد لك وإسناد الخشوع إلى هذه الأمور التي ليس من شأنها الإدراك والتأثر كناية عن كمال الخشوع والخضوع لله حتى كان تمام أعضائه خاشعة خاضعة لربها وقيل خشع سمعي فلا يسمع إلّا منك وبصري فلا يبصر إلَّا بك وإليك ومخي فلا يعي إلّا عنك وعظمي وعصبي بفتحتين فلا يقومان ولا يتحركان إلّا في طاعتك وليحذر أن يكون حال قوله هذا الذكر غير متلبس بما دل عليه مما أشرف إليه وإلا كان كاذبًا بين يدي الحق فيخشى عليه المقت والطرد إلَّا أن يريد أن تلك الأعضاء بصورة الخاشعة قال التاج السبكي وهذا خير من جريان الألفاظ على اللسان اعتيادًا من غير حضور البتة اهـ.

قوله: (وجاءَ في كتُب السنَنِ خَشعَ سمعي) رواه ابن حبان في صحيحه من حديث جابر وفي

ص: 246

وثبت في "صحيح مسلم" عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: "سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَة والرُّوحِ" قال أهل اللغة: سُبُّوح قُدُوس: بضم أولهما

ــ

رواية للنسائي من حديثه خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعصبي لله رب العالمين قال الحافظ ما رأيته هكذا إلَّا في رواية للنسائي من غير حديث علي ووقع لي من حديث علي من طريق الطبراني كذلك إلَّا إنه قال وعظامي ولم يقل لك بعد خشع وزاد وما استقلت به قدمي لله رب العالمين ورواة هذا الإسناد لا بأس بهم بل هم من رجال الصحيح إلّا واحدًا منهم اهـ، وقوله: (وَمَا استقلَّتْ بهِ

قَدَمِي) بإسكان الياء وكسر الميم مفرد مضاف إذ لو كان مثنى لوجبت الألف المراد به جملته فهو تعميم بعد تخصيص لمزيد المبالغة بذكر الشيء مرتين.

قوله: (وثَبتَ في صحيح مُسلم عَنْ عائِشةَ رضي الله عنها ورواه أبو داود والنسائي أيضًا وأخرجه الحافظ من طريق أحمد وأشار إلى أن الطبراني أخرجه في كتاب الدعاء له. قوله: (في رُكوعهِ وسُجودِه) قال الحافظ بعد تخريجه كذلك هكذا أخرجه مسلم وأبو داود من رواية هشام الدستوائي ورواه شعبة مقتصرًا على الركوع وأشار إلى رواية هشام بزيادة السجود ورواه معمر عن قتادة بالشك وقد تابع هشامًا على الجمع بينهما سعيد بن أبي عروبة ثم أخرج الحافظ حديث معمر عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه أو سجوده فذكر مثله وقال الحافظ أخرجه أحمد ورويناه في مسند أبي العباس السراج حدثنا إسحاق بن إبراهيم يعني ابن راهويه أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن مطرف عن عائشة ولم يسق لفظه بل قال مثله يعني رواية سعيد بن أبي عروبة فما أدرى أوقع كذلك في رواية إسحاق أو تجوز السراج اهـ. قوله: (رَبُّ الملائِكةِ) أضيفت التربية إليهم بخصوصهم لكونهم أعظم العوالم وأطوعهم لله وأدومهم عليها فلا يلزم منها فضلهم على البشر.

قوله: (والروح) هو جبريل لقوله تعالى {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193)} [الشعراء: 193] أو ملك من أعظم الملائكة خلقًا كما أخرجه جمع عن ابن عباس أو حاجب لله يقوم بين يديه يوم القيامة وهو أعظم الملائكة لو فتح فاه لوسع جميع الملائكة والخلق إليه ينظرون فمن مخافته لا يرفعون طرفهم إلى من فوقه أخرجه أبو الشيخ عن الضحاك أو ملك له سبعون

ص: 247

وبالفتح أيضًا: لغتان، أجودهما وأشهرهما وأكثرهما: الضم.

ــ

ألف وجه ولكل وجه سبعون لسان ولكل لسان سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بتلك اللغات لها يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكًا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة أخرجه جمع أئمة عن علي رضي الله عنه لكن سنده ضعيف أو ملك له عشرة آلاف جناح جناحين منها ما بين المشرق والمغرب له ألف وجه في كل وجه ألف لسان وعينان وشفتان يسبحان الله تعالى إلى يوم القيامة أخرجه جمع عن ابن عباس أو ملك أشرف الملائكة وأقربهم من الرب وهو صاحب الوحي أخرجه ابن المنذر وغيره عن مقاتل بن حبان أو ملك في السماء الرابعة أعظم من السموات والجبال ومن الملائكة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكًا من الملائكة يجيء صفًّا وحده أخرجه ابن جرير عن ابن مسعود أو خلق على صور بني آدم أخرجه جمع أئمة عن ابن عباس وعن مجاهد وأخرج جمع عن الروح أنهم يأكلون ولهم أيدٍ وأرجل ورؤوس وليسوا بملائكة وجمع عن ابن عباس ما نزل من السماء ملك إلَّا ومعه واحد من الروح وأخرج جمع حفاظ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال الروح جند من جنود الله ليسوا بملائكة لهم رؤوس وأيدٍ وأرجل ثم قرأ {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38] قال هؤلاء جند وهؤلاء جند وأخرج جمع عن عبد الله بن بريدة قال ما يبلغ الإنس والجن والملائكة والشياطين عشر الروح وأخرج أبو الشيخ عن سليمان إن الإنس عشر الجن والجن عشر الملائكة وهم عشر

الروح وهم عشر الكروبيين وعن أبي نجيح الروح حفظة على الملائكة وعن مجاهدهم منهم لكنهم لا يرونهم. قوله: (وبفتْحِ) وهو الأقيس قال ثعلب كل اسم على وزن فعول فهو مفتوح الفاء إلا السبوح والقدوس فالضم فيهما أكثر وهما اسمان وضعا للمبالغة في النزاهة والطهارة عن كل ما لا يليق بجلال الحق وجماله وكبريائه وعظمته وإفضاله وهما خبران عن مبتدأ محذوف أي ركوعي وسجودي لمن هو البالغ في النزاهة والطهارة المبلغ الأعلى وقيل منصوبان

ص: 248

وروينا عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: "قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام، فقرأ (سورة البقرة) لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه "سُبْحانَ ذِي الجَبَرُوتِ والمَلَكوتِ والكبرِياءِ والعَظَمَةِ"، ثم قال في سجوده مثل ذلك، هذا

ــ

بتقدير أسبح مثلًا. قوله: (ورَوينا عَنْ عَوفِ بْنِ مالكٍ) وأبي مالك بن أبي عوف الأشجعي الغطفاني أول مشاهده الفتح وكان حامل راية قومه يومئذٍ سكن دمشق وكان داره بها عند سوق الغزل العتيق وتوفي سنة ثلاث وسبعين وأما قول الشيخ أبي إسحاق في مهذبه إن عوف بن مالك رجع عليه سيفه يوم خيبر فقتله فغلط صريح إنما ذلك عامر بن الأكوع نبه عليه المصنف في التهذيب روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة وستون حديث أخرجا له في الصحيحين منها ستة أحاديث انفرد البخاري بواحد ومسلم بالباقي وخرج عنه الأربعة روى عنه جبير بن نفير والشعبي وعدة. قوله: (قُمتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم) يحتمل أنه كان في نقل لا يسن فيه الجماعة فائتم به على خلاف السنة وأقره صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز أو في نفل تسن فيه أو فرض والتطويل لعلمه برضاهم أو لبيان الجواز أو لتمكنهم من المفارقة لأنها إنما تكره وتمنع فضل الجماعة حيث لا عذر كتطويل الإمام. قوله: (يقولُ في ركوعِهِ) استئناف جواب عما يقوله في الركوع ويصح كون الجملة في محل الحال. قوله: (ذِي الجبَروتِ إلخ) الجبروت الجبر والجبار الذي يقهر غيره على ما أراده والملكوت الملك والعزة وهما بفتح أولهما والتاء فيهما زائدة والكبرياء بالمد الترفع والتنزه عن كل نقص وقيل هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ولا يوصف بها إلّا الله تعالى والعظمة تجاوز القدر عن الإحاطة وناسبت هذه الصفات الأربع الركوع والسجود لأن القصد فيهما التعظيم والثلاثة قبل العظمة أعظم مظاهرها. قوله: (رَوَاهُ أَبُو داودَ) قال في السلاح واللفظ لأبي داود قال الحافظ والحديث حسن أخرجه أحمد وأورده الحافظ من طريق الطبراني في كتاب الدعاء لكن اختصر واقتصر فيه على الذكر المذكور وأشار إلى أنه عند الإمام أحمد قال إنما لم أخرجه من طريقه لأنه لم يقع مع جميع

ص: 249

حديث صحيح، رواه أبو داود، والنسائي في "سننهما"، والترمذي في كتاب "الشمائل" بأسانيد صحيحة.

وروينا في "صحيح مسلم" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأمّا الركوعُ فعَظِّمُوا فِيهِ الرب".

واعلم أن هذا الحديث الأخير هو مقصود الفصل، وهو تعظيم الرب سبحانه وتعالى في الركوع بأي لفظ كان، ولكن الأفضل أن يجمع بين هذه الأذكار كلها إن تمكن من ذلك بحيث لا يشق على غيره، ويقدم التسبيح منها، فإن أراد الاقتصار

ــ

مسند عوف بن مالك من مسند أحمد في رواية ابن المذهب. قوله: (حدِيث صحيح إلخ) قال الحافظ فيه نظر من وجهين أحدهما الحكم بالصحة وفي سنده عاصم بن حميد ليس من رجال الصحيح وهو صدوق مقل الثاني إن الحديث ليس له في الكتب المذكورة طريق إلى هذه ومداره عندهم على معاوية بن صالح وهو يرويه عن عمرو بن قيس قال سمعت عاصم بن حميد قال سمعت عوفًا إلخ. فليس ثم أسانيد صحيحة بل ولا دونها ومعاوية وإن كان من رجال مسلم مختلف فيه فغاية ما يوصف به أن يعد ما يوصف به حسنًا وتعدد الطرق إليه لا يستلزم مع تفرده تعدد الأسانيد

للحديث بغير تقييد والعلم عند الله والله أعلم، اهـ. قوله:(فأَما الرُّكوعُ فعظِّمُوا فيهِ الرب) أول الحديث إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا فأما الركوع إلخ، وسيأتي ما يتعلق بتخريجه ومرتبته في الفصل بعده وقوله وأما الركوع فعظموا فيه الرب بالذكر دون القراءة لأنكم منهيون عنها كما سيأتي في حديث علي رضي الله عنه ونكتة قوله فأما الركوع إلخ، إنه لما كان قوله نهيت إلخ، ربما يوهم تخصيص مقتضى ذلك الخبر به أشار إلى دفعه والإعلام بعموم ذلك بقوله وأما الركوع إلخ. قوله:(يجمعَ بينَ هذهِ الأَذكارِ إِنْ تمكن) أي وكان منفردًا أو إمام من مر وظاهر أن الركوع فيما ذكر كل ما ورد فيه أذكار متعددة بروايات متنوعة من الاعتدال والسجود والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتشهد وقول بعض الشافعية والحنابلة إن التلفيق يستلزم إحداث صفة لم ترد مجموعة

ص: 250

فيستحب التسبيح، وأدنى الكمال منه ثلاث تسبيحات، ولو اقتصر على مرة كان فاعلًا لأصل التسبيح. ويستحب إذا اقتصر على البعض أن يفعل في بعض الأوقات بعضها، وفي وقت آخر بعضًا آخر، وهكذا يفعل في الأوقات حتى يكون فاعلا لجميعها، وكذا ينبغي أن يفعل في أذكار جميع الأبواب.

واعلم أن الذِّكْر في الركوع سُنَّةٌ عندنا، وعند جماهير العلماء، فلو تركه عمدًا أو سهوًا لا تبطل صلاته، ولا يأثم، ولا يسجد للسهو. وذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أنه واجب، فينبغي للمصلي المحافظة عليه للأحاديث الصريحة الصحيحة في الأمر به كحديث ابن

عباس رضي الله عنهما: "أما الركوع فعظموا فيه الرب"، وغيره مما سبق، وليخرج عن خلاف العلماء رحمهم الله، والله أعلم.

ــ

في حديث واحد فالأولى الإتيان بكل ما ثبت هذا مرة وهذا مرة وهكذا يرده جمع الأئمة لأذكار السجود والتشهد وقولهم إن الإتيان بها كذلك هو الأفضل إلَّا لإمام يكره له التطويل ولا نسلم إن استلزام الجمع لذلك ينافي أفضليته كيف وهو كله من كلامه صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بالتأسي به واختلاف الروايات فيه محمول على أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ. غيره وممن جمع ذلك المصنف لكن اختلف كلامه في كتبه ولم يستوعب كل ما ثبت. قوله: (يستحَبُّ التسبيحُ) لأن الوارد فيه أكثر ويكره الجهر بالتسبيح فيه وكذا باقي الأذكار فيه وفي السجود وغيرهما والله أعلم. قوله: (ويُستحب إِذَا اقتصرَ عَلَى البعضِ) أي إما لعدم تمكنه من الجميع أو لعدم إرادته ذلك. قوله: (أَنْ يفعلَ في بعضِ الأَوقاتِ بعضَها) يحتمل أن يكون مع الإتيان بالتسبيح ويحتمل الاقتصار على ذلك البعض والعبارة للأخير أقرب وفعل ذلك لئلا يهجر باقي الأذكار نظير ما تقدم في اعتياد سورة معينة في القرآن والله أعلم. قوله: (فينبغِي للمصلي أَنْ يُحافظَ عليْهِ) في المجموع يكره تعمد ترك التسبيح وسائر أذكار الركوع والسجود وقول سمع الله

لمن حمده وربنا لك الحمد وتكبير غير التحرم للخلاف في البطلان اهـ.

ص: 251

فصل: يكره قراءة القرآن في الركوع والسجود، فإن قرأ غير الفاتحة لم تبطل صلاته، وكذا لو قرأ الفاتحة لا تبطل صلاته على الأصح، وقال بعض أصحابنا: تبطل.

ــ

فصل: يكره قراءة القرآن في الركوع والسجود

وكذا في باقي الأذكار غير القيام قياسًا عليها كما في المجموع ناقلًا فيه اتفاق العلماء والكراهة تنزيهية عند الأكثر وقيل تحريمية قيل وهو القياس إذ هو الأصل في النهي إلّا أن يصرف عنه صارف وكأن حكمة ذلك أن أفضل الصلاة القيام وأفضل الأذكار القرآن فجعل الأفضل للأفضل ونهى عن جعله في غيره لئلا يوهم استواءه مع غيره من الأذكار ويوافقه قول الخطابي لما كان الركوع والسجود غاية الذل والخضوع وخصا بالذكر والتسبيح نهى صلى الله عليه وسلم عن القراءة فيهما كأنه كره أن يجمع بين كلام الله وكلام الخلق في موضع لئلا يظن استواؤهما اهـ. ملخصًا وفي قراءة الفاتحة في غير القيام قول لبعض أصحابنا ببطلان الصلاة لأنه ركن قولي وهو كالفعل وإليه أشار بقوله: (وَقَال بعضُ أَصحابنَا تبطلُ) وظاهر الحديث النهي عن القراءة في غير القيام ولو بغير قصدها كالدعاء وهو ظاهر كلام أصحابنا فقول بعض المتأخرين لا كراهة إن قصد الدعاء والثناء ضعيف، ويفرق بين ما هنا وما يأتي من أن القصد من القنوت الدعاء وهو لا يتعين له لفظ فكانت قراءة الآية المتضمنة للدعاء محصلة للمقصود ومانعة لحرج الترك المقتضي لسجود السهو تسهيلًا على المكلف وأما غير القنوت فليس القصد فيه ذلك فكان القصد ما يصرح به كلامهم من كراهة القراءة فيه مطلقًا ثم كلامه متنافٍ في حالة الإطلاق والوجه فيه الكراهة بناء على اعتماد تقييده وعليه أيضًا فمحله أخذًا مما يأتي في آية فيها نحو ثناء أو دعاء أما نحو آية الدين فالظاهر أنها تكره قراءتها مطلقًا كذا في الإيعاب، والقراءة مطلقًا أي سواء كانت في الله أو في غيره خلافًا لابن عبد السلام أفضل من ذكر من لم يخص بخلاف ما خص بنحو محل فإنه فيه أفضل منها كما تقدم قال ابن عبد السلام في القواعد وذلك لأن لكل

ص: 252