الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يقول في المسجد
يُستحب الإكثار فيه من ذِكرِ الله تعالى والتسبيحِ والتهليل والتحميدِ والتكبيرِ وغيرها من
الأذكار، ويستحب الإكثار من قراءة القرآن، ومن المستحب فيه قراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم الفقه وسائر العلوم الشرعية، قال الله تعالى:
ــ
باب ما يقول في المسجد
قوله: (بالتسبيحِ وَالتهليل إلخ) قال ابن حجر في شرح المشكاة في حديث يسيرة السابق في باب فضل الذكر في قوله صلى الله عليه وسلم عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس هذا على عادة العرب أن الكلمة إذا تكررت على ألسنتهم اختصروها بضم حروف أحدها إلى الأخرى كالحوقلة والحيعلة والبسملة وكالتهليل فإنه مأخوذ من لا إله إلَّا الله يقال هيلل الرجل وهلل إذا قال ذلك اهـ. قال في المرقاة وهو غير مستقيم من وجوه الأول أن البسملة ونحوها من الكلمات المصنوعة لا العربية الموضوعة الثاني إن هذا مسلم في الحيعلة والحوقلة والبسملة أما التسبيح والتهليل فمصدران قياسيان وكذا التقديس ومعناها جعلت الله مسبحًا ومقدسًا أي منزهًا بالذكر والاعتقاد عن صفات الحلول والاتحاد ومهللًا أي مرفوع الصوت بذكر توحيده وإثبات تفريده نعم هيلل وسبحل من قبيل بسمل وكذا قدسل لو سمع أو بني لوجود دلالة بعض من كل منهما على كلمة في مقابلهما بخلاف ما ذكر من التهليل والتسبيح والتقديس وأيضًا فهذه مصادر باب التفعيل على طبق الموضوع والمصدر المصنوع بباب الفعللة ملحق
به في التصريف كما هو مقرر ومحقق ولا يضرنا تفسيرهم التسبيح بسبحان الله والتهليل بلا إله إلَّا الله فإنه تفسير معنوي وبيان نحوي من معنى كلي هو المفهوم المصدري اهـ. قوله: (قِراءَةِ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال في شرح العباب عبارة المجموع في باب الاعتكاف ولا بأس بالوعظ في المساجد بقراءة الأحاديث المشهورة أي لا الضعيفة إلّا مع بيانها والمغازي والرقائق ونحوها مما يحتمله عقول العوام وليس موضوعًا أي كذبًا وعبارته هنا يستحب عقد حلق العلم في المساجد وذكر المواعظ والرقائق ونحوها والأحاديث
{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ
…
} الآية [النور: 36، 37] وقال تعالى: {وَمَن يعُظِّم
ــ
الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة اهـ، ونقل غيره الإجماع على ذلك وفيها التصريح بأن ذلك سنة اهـ، كما صرح به في هذا الكتاب وقول شرح العباب أي لا الضعيفة الظاهر لا الموضوعة فإن الذي يحرم نقله من غير بيان حاله الموضوع لا الضعيف وفي العباب ويمنع قال ابن حجر أي وجوبًا كما دل عليه كلام المجموع مما ذكره المؤرخون من قصص الأنبياء وحكاياتهم وإن بعضهم جرى له كذا من فتنة كذا فهذا كله ممنوع منه اهـ، ووجهه إن غالب ذلك موضوع أو مأخوذ ممن لا يوثق به من أهل الكتاب وربما حمل جهلة الطغام على اعتقاد ما لا يليق بكمال الأنبياء الواجب اعتقاده على كل أحد ومن الموضوع فتوح الشام للواقدي فيحرم قراءته وكذا يحرم قراءة سيرة الدلهمة والبطال ونحوها مما هو كذب محض قال في شرح العباب بخلاف نحو مقامات الحريري فإنها ليست من الكذب في شيء وفي شرح مسلم للأبي وكان الشيخ يعني ابن عرفة يقول لا بأس بإعراب الأشعار به وقراءة المقامات ويحكى أن البراء أمام الجامع الأعظم كان لا يرويها به وإنما يرويها بالدويرة لأنها ليس لها حكم الجامع وهذا والله أعلم لما تضمنته من الأكاذيب أي صورة فلا ينافي ما سبق أنها ليست من الكذب في شيء أي باعتبار الحقيقة والله أعلم. قوله:(في بيُوتٍ) قال الإمام الواحدي في التفسير الوسيط يعني المساجد {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] أمر الله أن تبنى والمراد برفعها بناؤها كقوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة: 127] وقال الحسن ترفع تعظم والمعنى لا يتكلم فيها بالخنا {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36]، قال مقاتل يوحد الله (يسبح لَه فِيهَا) [النور: 36] في تلك البيوت يعني بالصلوات المفروضة (بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: 36] بالبكر والعشاء وقرأ ابن عامر يسبح له بفتح الباء أي يصلي فيها لله تعالى ثم فسر من يصلي فقال رجال كأنه قيل من يسبح فقيل رجال وقوله. قوله: (الآيَة) بالنصب أي خذ أو اقرأ الآية أو بالرفع أي الآية معروفة وجوز الجر أي إلى آخر الآية ورد بأنه يلزمه حذف الجار وإبقاء عمله وهو لا يجوز قياسًا في مثلِ ذلك والمراد منها إلى
شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] وقال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ
ــ
قوله بغير حساب قال الواحدي (لا تلهيهم)[النور: 37] لا تشغلهم {تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ} [النور: 37] قال الفراء التجارة لأهل الجلب والبيع ما باعه الرجل على يده وخص قوم التجارة هنا بالشراء لذكر البيع بعدها (عَن ذكر اللَّهِ)[النور: 37] عن حضور المساجد لإقامة الجماعات قال الثوري كانوا يشترون ويبيعون ولا يدعون الصلاة في الجماعات في المسجد {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} [النور: 37] أدائها لوقتها وإتمامها وإنما ذكر الإقامة بعد قوله عن ذكر الله والمراد بالصلاة المفروضة لبيان أنهم يؤدونها في وقتها لأن من أخرها عن وقتها لا يكون من مقيمها.
قلت وأصل إقام إقامة فحذفت التاء عند الإضافة ومثله في ذ"لك كلمات آخر جمعها من قال:
ثلاثة تحذف هاآتها
…
مضافة عند جميع النحاه
منها إذا قيل أبو عذرها
…
وليت شعري وإقام الصلاه
و{وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} [النور: 37] قال الواحدي قال ابن عباس إذا حضر وقت الزكاة لم يحسبوها عن وقتها {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37] بين الطمع بالنجاة والخوف من الهلاك (والأبصار) النور من أي يؤتون كتبهم أمن قبل الإيمان أم من قبل الشمائل (لِيَجزيهم اللَّهُ)[النور: 38] أي يسبحون الله ليجزيهم الله (أَحْسَنَ مَا عملوا)[النور: 38] أي ليجزيهم بحسناتهم ولهم مساو من الأعمال لا يجزيهم بها (وَيَزِيدهم من فَضلِه)[النور: 38] ما لم يستحقوه بأعمالهم {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 38].
أقول ولا يخفى ما في حذف المزاد من التعميم أي يزيدهم من فضله ما لا يخطر ببال من الفضل والنوال قال تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17](شعائر الله) الشعائر جمع شعيرة وهي البدن إذا أشعرت أي أعلمت بأن يجرح سنامها من الجانب الأيمن ليعلم أنها هدي {اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] أضاف التقوى إلى القلوب لأن حقيقة التقوى تقوى القلب وفي النهر لأبي حيان والشعائر ما حرم الله مطلقًا سواء كان في الإحرام أو غيره والضمير في فإنها عائد على الشعائر على حذف مضاف أي فإن تعظيمها وأضاف التقوى إلى القلوب كما قال صلى الله عليه وسلم التقوى ها هنا وأشار إلى صدره قال الزمخشري فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب فحذفت هذه المضافات ولا يستقيم المعنى إلّا بتقديرها لأنه لا بد من راجع من الجزاء
حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30].
وروينا عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنَّما بُنِيَتِ المَساجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ" رواه مسلم في "صحيحه".
وعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي بال في المسجد: "إنَّ هذِهِ المَساجِدِ لا تَصْلُحُ لِشَيءٍ مِنْ هَذا البَوْلِ
ــ
إلى من ليرتبط به وإنما ذكرت القلوب لأنها مراكز التقوى التي إذا ثبتت فيها وتمكنت ظهر سرها في سائر الأعضاء اهـ، وما قدره عار من الجزاء إلى من ألا ترى أي قوله فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب ليس في شيء منه ضهير يعود إلى من يربط جملة الجزاء بجملة الشرط الذي أداته من وإصلاح ما قاله أن يكون التقدير فإن تعظيمها منه فيكون الضمير في منه عائدًا على من فيرتبط الشرط بالجزاء فاعرفه اهـ، كلام النهر والظاهر أن المراد بالتعظيم بناء على أن المراد بالشعائر الحرمات اجتنابها والبعد عن حماها وساحتها كما يبعد عن حمى العظيم لخشية عقابه والله أعلم. قوله:(حُرماتِ الله) قال الليث الحرمة ما لا يحل انتهاكه وقال الزجاج الحرمة ما وجب القيام به وحرم التفريط وفيه وهي في هذه الآية ما نهى عنها ومنع من الوقوع فيها وتعظيمها ترك ملابستها وقال ابن زيد المراد بالحرمات في الآية البيت الحرام والشهر الحرام والمسجد الحرام والإحرام يدل على هذا قوله {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: 194] قوله: (فَهُوَ) أي التعظيم المفهوم من يعظم. قوله: (خَير لَهُ عِنْدَ رَبهِ) يعني في الآخرة.
قوله: (عَنْ بُرَيْدَةَ) هو بالباء الموحدة المضمومة فالراء المهملة المفتوحة فالتحتية الساكنة
فالمهملة المفتوحة بهاء مصغر ابن الحصيب بضم الحاء وفتح الصاد المهملة وإسكان التحتية والموحدة آخره ابن الحارث الأسلمي أسلم قبل بدر ولم يشهدها وقيل أسلم بعدها وشهد خيبر روي له فيما قيل مائة وأربعة وستون حديثًا اتفقا منها على حديث واحد وانفرد البخاري بحديث واحد ومسلم بأحد عشر وهو آخر الصحابة موتًا بخراسان كما في الرياض للعامري. قوله: (إِنَّمَا بُنِيتِ المَساجِدُ لمَا بُنِيتْ لَهُ) من ذكر الله وقراءة القرآن ونحو ذلك من أعمال البر. قوله: (رَوَاه مسلم) هو طرف من حديث سيأتي بتمامه في الباب الذي يليه.
قوله: (لِلأَعْرَابي الَّذِي بال فِي المسجدِ) قال العراقي في شرح التقريب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأعرابي ساكن البادية وقيل من سكنها من العرب وجمع الأعرابي أعراب وقال ابن دقيق العيد الأعرابي منسوب إلى الاعراب وهم سكان البوادي قال وقعت النسبة إلى الجمع دون الواحد فقيل لأنه جرى مجرى القبيلة كأنمار وقيل لأنه لو نسب إلى الواحد فقيل عربي لاشتبه المعنى لأن العربي هو كل من ولد إسماعيل سواء كان ساكنًا بالبادية أو بالقرى وهذا غير المعنى الأول اهـ. وقوله إن الأعراب جمع عرب ليس بجيد إنما هو جمع أعرابي كما ذكره أهل اللغة وقال القلقشندي كلامه يعني ابن دقيق العيد مشعر بأن الأعراب له واحد من لفظه والخلاف إنما وقع في سبب العدول عن النسبة إلى واحده والمعروف خلافه قال الجوهري العرب جيل من الناس والنسبة إليهم عربي وهم أهل الأمصار والأعراب سكان البادية خاصة والنسبة إلى الأعراب أعرابي لأنه لا واحد له من لفظه وليس الأعراب جمعا للعرب كما أن الأنباط جمع للنبي وإنما العرب اسم جنس وقال المطرزي الأعراب أهل البدو واختلف في نسبتهم والأصح أنهم نسبوا إلى عربة بفتحات وهي من تهامة لأن أباهم إسماعيل نشأ بها والعربي واحد العرب وهم الذين استوطنوا المدن والقرى القريبة اهـ. قال العراقي ولم أر من صنف في المبهمات ذكر اسم هذا الأعرابي اهـ. وفي غاية الأحكام اختلف فيه فقال عبد الله بن نافع المدني أنه الأقرع بن حابس التميمي وقال ابن الملقن لم أر أحدًا ممن تكلم على المبهمات سماه وقد ظفرت في معرفة الصحابة لأبي موسى المديني لأنه روى من حديث سليمان بن يسار قال اطلع ذو الخويصرة اليماني وكان رجلًا جافيا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وساق الحديث وفي آخره أنه بال فيه وأنه صلى الله عليه وسلم أمر بسجل فصب على مباله.
قلت وقد سبقه إليه الذهبي فقال في التجريد في ترجمة ذي الخويصرة اليماني يروي في حديث مرسل أنه هو الذي بال في المسجد اهـ. وفي سند أبي موسى راو مبهم والله أعلم اهـ. وفي تخريج أحاديث الشرح الكبير لابن الملقن بعد أن ذكر ما سبق عن المديني ولم نره عن غيره وهو أجل ما يستدل عليهم ويستفاد ورأيت منقولا من خط ابن الملقن إن اسمه حرقوص بن زهير وقيل عبد الله اهـ، وهو غلط قال الحافظ ابن حجر في تخريجه ذكر أبو موسى المديني في الذيل عن الصحابة إن اسم هذا الأعرابي ذو الخويصرة اليماني وهو غير ذي الخويصرة التميمي واسمه
ولا القذَرِ، إنما هِيَ لِذِكْرِ اللهِ تعالى
ــ
حرقوص بن زهير
رأس الخوارج اهـ، ثم في كتب الفن كما رأيت ذو الخويصرة اليماني وفي شرح المشكاة والمنهاج كلاهما لابن حجر ذو الخويصرة التميمي وهو اشتباه ولعله من قلم الناسخ سرى إليه من وصف الأقرع بن حابس أو من وصف حرقوص اللذين قيل في كل منهما أنه الذي بال بالمسجد وقد علمت ما فيه وسيأتي في باب الإعراض عن الجاهلين زيادة بيان لهذا المقام والله أعلم. قوله:(والقذَرِ) بالقاف والذال المعجمة أي ما يستقذر ولو طاهرًا كالبصاق والمخاط فإذا توضأ فيه من غير إناء فقال الزركشي يشترط ألا يحصل تمخط بالاستنشاق وبصاق بالمضمضة والتنحنح وحكي عن بعضهم الجواز مع ذلك لأن البصاق إذا خالط الماء صار في حكم المستهلك فكان كالعدم وهو يبين أنه يحرم مع بقاء عينه ولا شك فيه قال وينبغي أن يبلع الماء الذي تمضمض به ليحصل الخلاص من ذلك ويحصل به سنة المضمضة اهـ، وما حكاه عن بعضهم بحثه الولي العراقي في فتاويه فقال لو توضأ فيه فمج المضمضة مختلطًا ببصاق لا يظهر أنه خطيئة لأن البصاق حينئذ مستهلك فليس فيه تنقيص لحرمة المسجد وقد يضطر إلى هذا المج لكونه صائمًا ولا يجد إناء فيه فلا يضايق في ذلك فيما يظهر اهـ، وكذا يحرم نضح المسجد بالماء المستعمل لاستقذاره وتردد ابن حجر في شرح العباب في جواز الاستنجاء فيه نظرًا لطهر الغسالة والمنع منه لفحش استقذاره بالنسبة لماء الوضوء ويجوز غسل الميت فيه حيث لا نجاسة به.
قال المصنف في شرح مسلم في الخبر صيانة المساجد وتنزيهها عن الأقذار والقذى والبصاق ورفع الأصوات بالخصومات والبيع والشراء وسائر العقود وما في معنى ذلك وأجمع المسلمون على جواز الجلوس فيه مع الحدث الأصغر ندبًا بأن نوى الاعتكاف أو جلس لعبادة من نحو قراءة أو سماع نحو علم شرعي وجوازًا في غيره وفي المجموع وقول المتولي ويكره الجلوس للمحدث لغير غرض لا أعلم أحدًا وافقه عليه لكن اعترضه الزركشي بأن الروياني وافقه أي لخبر الباب إنما بنيت المساجد لذكر الله أي ومع ذلك فهو ضعيف وإن جرى عليه في الأنوار فينبغي كما قال ابن العماد أنه لا يقصد إلا بالعبادة كتعظيمه بالزيارة وإحيائه بالذكر اهـ، والنهي عن توطن الرجل المكان
[والصلاة]
وقِراءَةِ القُرآنِ"
ــ
من المسجد كما يتوطن البعير أحد رجاله منظر فيه أو محمول كما قال ابن حبان على من فعل ذلك لغير القراءة والذكر لحديث فيه الحث على ذلك وبحث الزركشي في تقييد ما ذكر في المحدث بما إذا لم يضيق على المصلين والمعتكفين وإلا حرم كذا في شرح العباب لابن حجر وفي شرح مسلم للمصنف ونقل ابن المنذر جواز الوضوء فيه عن كل من يحفظ عنه العلم وعلمت شرطه مما سبق ويجوز النوم فيه عندنا نص عليه في الأم وكرهه مالك والأوزاعي لغير الغرباء وقال أحمد إن كان مسافرًا أو شبهه فلا بأس وإن اتخذه مقيلًا أو مبيتًا فلا ويجوز أن يمكن الكافر من دخول المسجد بإذن المسلمين ويمنع منه بغير إذنهم ويكره إدخال البهائم والمجانين والصبيان الذين لا يميزون المسجد لغير حاجة خشية التنجيس ولا يحرم لأنه محص طاف على بعير وفعله لبيان الجواز وليظهر فيستفتي فلا ينافي الكراهة ويحرم إدخال النجاسة المسجد ومن على بدنه نجاسة إن خشي تلويثه حرم وإلّا فلا والقصد في الإناء في المسجد مكروه وفي غير إناء حرام ويحرم البول فيه ولو في إناء ويجوز الاستلقاء ومد الرجل وتشبيك الأصابع
فيه ويستحب كنسه وتنظيفه اهـ، مع يسير اختصار وفي شرح العباب وما في المجموع عن المتولي وغيره من كراهة إدخال غير المميز إذ لا يؤمن تلويثه ولا يحرم وكذا ما في شرح المسند من حل الدخول لمن معه متعهد وشرح مسلم من حله ولو مع الخوف يحمل على إذا لم يغلب تنجيسه وعلى خلافه يحمل إطلاق الرافعي وغيره حرمة مكث السكران ونحوه في المسجد اهـ. قوله:(وقراءَةِ القرآنِ) نقل ابن العماد عن المصنف أنه أفتى في قوم يجهرون بالقراءة وعندهم قوم يصلون ويتشوشون بذلك بأن المستمعين إذا كانوا أكثر من المصلين لم يحرم أو بالعكس حرم نظرًا إلى كثرة المصلحة وقلتها ثم نظر فيه وبحث المنع من الجهر بحضرة المصلي مطلقًا قال لأن المسجد وقف على المصلين أي أصالة لا على الوعاظ والقراء اهـ. قال في شرح العباب والذي في فتاوى النووي كره بدل قوله حرم وهو ما صرح به في المجموع وغيره وقد يحمل على بعد القول بالكراهة على ما إذا خف الضرر وبالحرمة على ما إذا اشتد لما هو معلوم من تحريم الإضرار وإن أمكن توجيه إطلاق
أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في "صحيحه".
فصل: وينبغي للجالس في المسجد أن ينويَ الاعتكاف، فإنه يصح عندنا ولو لم يمكث إلا لحظة، بل قال بعض أصحابنا: يصحُّ اعتكاف من دخل المسجد مارًّا ولم يمكثْ،
فينبغي للمار أيضًا أنْ ينويَ الاعتكافَ
ــ
الكراهة بأن لنحو المصلي مندوحة عن الصلاة في ذلك المحل أو في ذلك الزمن ورأى مالك رضي الله عنه كراهة قراءة القرآن في المصحف في المسجد وأنه بدعة أحدثها الحجاج وإن يقاموا من المساجد إذا اجتمعوا للقراءة يوم الخميس أو غيره قال الزركشي وهو استحسان لا دليل عليه والذي عليه السلف والخلف استحباب ذلك لما فيه من تعميرها بالذكر وفي الصحيح إنما بنيت المساجد لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن قال تعالى {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] وهو عام في المصاحف وغيرها اهـ. قوله: (أَوْ كَمَا قَال رَسولُ صلى الله عليه وسلم قال ابن حجر في شرح المشكاة كأن إنسانًا شك فيما ساقه هل هو لفظ النبوة أو معناه فاحتاط وقال ذلك وهذه عادة الصحابة رضي الله عنهم في رعاية ألفاظه وعدم الخروج عنها ولو إلى مرادفها وإن جاز ذلك مبالغة في اتباعه صلى الله عليه وسلم قال علماء الأثر إذا حصل عند الراوي شك في المروي أو في شيء من ألفاظه أتى بما يدل على ذلك من قوله أو كما قال أو نحو ذلك والله أعلم. قوله: (رَوَاه مسلم في صحيحه) وفي المشكاة متفق عليه وفي القلقشندي إن حديث بول الأعرابي في المسجد رواه أحمد والشيخان والنسائي وابن ماجة والإسماعيلي وأبو عوانة والدارقطني والبرقاني والبيهقي وأبو نعيم وغيرهم. اهـ.
فصل
قوله: (أَنْ ينويَ الاعْتِكَافَ) قال المصنف في التبيان وهذا الأدب ينبغي أن يعتني به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه اهـ. قوله: (إلَّا لَحْظَةً) أي زائدة على قدر الطمأنينة ولا يكفي أقل ما يكفي كمجرد العبور لأن كلا منها لا يسمى اعتكافًا وإنما أجزأ في الصلاة لأن المدار فيها على فصل الهوي عن الرفع مثلًا وهو حاصل به وإن لم يسم لبثا ولا فرق في حصول الاعتكاف بلبث القدر المذكور بين كونه ساكنًا فيه أو مترددًا قدره ولا يشترط فيه الصيام لما صح
لتحصل فضيلتُه عند هذا القائل، والأفضل أن يقف لحظة ثم يمرُّ، وينبغي للجالس فيه أن يأمر بما يراه من المعروف وينهى عما يراه من المنكر، وهذا وإن كان الإنسان مأمورًا به في غير المسجد، إلا أنه يتأكد القولُ به في المسجد صيانة له وإعظامًا وإجلالًا واحترامًا، قال بعض أصحابنا: من دخل المسجد فلم يتمكن من صلاة تحية المسجد، إما لحدث، أو لشغل أو نحوه، يستحبُّ أن يقول أربع مرات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فقد قال به بعض السلف، وهذا لا بأس به.
ــ
من قوله صلى الله عليه وسلم
ليس على المعتكف صيام إلَّا أن يجعله على نفسه ولأنه صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من شوال وفيها يوم العيد وهو لا يصح صومه. قوله: (ليحصُلَ فَضِيلَتُهُ عِنْدَ هَذا القائِلِ) أي إن قلد القائل به وكان ممن يجوز تقليده وإلا حرم لكونه تعاطى عبادة فاسدة قال في الامداد وينبغي جريان ذلك في كل مسألة فيها فضيلة على مذهب الغير وعدم فضيلة على مذهبه اهـ. قوله: (أَنْ يَقِفَ لَحظَةً ثم يَمر) إن أراد بيان المتفق عليه عند الأصحاب فالمراد من اللحظة ما يزيد على قدر الطمأنينة مما يسمى لبثًا وإن أراد بيان الأفضل على ذلك القول المكتفي بأصل المرور أن الرتب عنده متفاوتة فالمراد منها ما هو أعم من ذلك. قوله: (يَنبَغِي لِلْجَالِسِ فيِهِ إلخ) فإن ذلك عمارة المسجد على ما قاله بعض المفسرين كما بينته في درر القلائد فيما يتعلق بزمزم والسقاية من الفوائد. قوله: (قَال بَعْضُ أَصْحابنَا إلخ) قال في الإحياء يكره دخول المسجد بغير الوضوء فإن دخل فليقل سبحان الله والحمد لله إلخ، فإنها تعدل ركعتين في الفضل وجزم به بعض كابن الرفعة وزاد ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم قال الأذرعي قيل وإنما استحبت هذه الكلمات لأنها صلاة الحيوانات والجمادات وهي المرادة من قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] ولكنها الكلمات الطيبات والباقيات الصالحات والقرض الحسن والذكر الكثير في آيتيها اهـ، وتقدم أن الصحيح عدم كراهة دخول المحدث المسجد مطلقًا. قوله:(أَرْبَعَ مَراتٍ) ظاهر كلام الإحياء الاكتفاء بمرة واحدة. قوله: (فَقَط) قال به