المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌باب ما يقول إذا أراد صب ماء الوضوء أو استقاءه

- ‌باب ما يقول على وضوئه

- ‌باب ما يقول عند اغتساله

- ‌باب ما يقول على تيممه

- ‌باب ما يقول إذا توجه إلى المسجد

- ‌باب ما يقول عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌باب ما يقول في المسجد

- ‌باب إنكاره ودعائه على من ينشد ضالة في المسجد أو يبيع فيه

- ‌باب دعائه على من ينشد في المسجد شعرًا ليس فيه مدح للإسلام ولا تزهيد والحث علي مكارم الأخلاق ونحو ذلك

- ‌باب فضيلة الأذان

- ‌باب صفة الأذان

- ‌باب صفة الإقامة

- ‌باب ما يقول من سمع المؤذن والمقيم

- ‌فائدة

- ‌باب الدعاء بعد الأذان

- ‌باب ما يقول بعد ركعتي سنة الصبح

- ‌تتمة

- ‌باب ما يقول إذا انتهى إلى الصف

- ‌باب ما يقول عند إرادته القيام الي الصلاة

- ‌باب الدعاء عند الإقامة

- ‌باب ما يقول إذا دخل في الصلاة

- ‌باب تكبيرة الإحرام

- ‌باب ما يقوله بعد تكبيرة الإحرام

- ‌باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح

- ‌باب القراءة بعد التعوذ

- ‌فائدة

- ‌باب أذكار الركوع

- ‌خاتمة

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من الركوع وفي اعتداله

- ‌باب أذكار السجود

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من السجود وفي الجلوس بين السجدتين

- ‌باب أذكار الركعة الثانية

- ‌باب القنوت في الصبح

- ‌باب التشهد في الصلاة

- ‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

الفصل: . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أوتر بثلاث لأنه إنما ورد فيهن ولو أوتر بأكثر فهل يسن ذلك في الثلاث الأخيرة فصل أو وصل محل نظر ثم رأيت البلقيني قال إنه متى أوتر

بثلاث مفصولة عما قبلها كثمان أو ست أو أربع قرأ ذلك في الثلاثة الأخيرة ومن أوتر بأكثر من ثلاث موصولة لم يقرأ ذلك في الثلاثة لئلا يلزم خلو ما قبلها عن سورة أو تطويلها على ما قبلها أو القراءة على غير ترتيب المصحف أو على غير تواليه وكل ذلك خلاف السنة اهـ. نعم يمكن أن يقرأ فيما لو أوتر بخمس محلًا المطففين أو الانشقاق في الأولى والبروج أو الطارق في الثانية وحينئذٍ لا يلزم شيء من ذلك اهـ.

‌فائدة

ينبغي الحرص على السور التي كان صلى الله عليه وسلم يقرؤها في صلاته فمنها المؤمنون والروم ويس والواقعة وق وإذا زلزلت والمعوذتان في الصبح ولقمان وتنزيل السجدة والذاريات والمرسلات وعم يتساءلون والنازعات والسماء ذات البروج والسماء والطارق والأعلى وهل أتاك والشمس وضحاها والليل إذا يغشى لكن مع الجهر بهما للتعليم في الظهر والسماءان والأعلى وهل أتاك والليل إذا يغشى أيضًا في العصر والأعراف والأنفال والدخان والقتال والطور والمرسلات والأعلى والكافرون والتين والقارعة في المغرب وإذا السماء انشقت والسماءان والشمس وضحاها والتين في العشاء وقد ذكر الأحاديث الواردة بذلك وبين مراتبها الحافظ في تخريجه على هذا الكتاب وروى مالك والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلَّا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم بها الناس في الصلاة المكتوبة "فائدة أخرى" قال الزركشي في أثناء كلام في باب التذكر تكره المداومة على سورة معينة لما فيه من هجر باقي القرآن اهـ، ويؤخذ من علته أن السور المعينة كالسورة وإن محل ذلك فيمن يحفظ غير ما خصصه بالقراءة وأنه لو اقتصر مرات عديدة على سورة أو سور من غير قصد تخصيص فلا كراهة كذا في شرح العباب.

تتمة

سكت المصنف عما تسن فيه السورة فتسن في الصبح والجمعة والعيدين والكسوفين والاستسقاء وفي الأوليين من باقي الخمس لا في الأخيرتين وإن نوى أن يصلي الظهر بتشهد واحد وذلك للاتباع رواه الشيخان في غير المغرب والنسائي فيه بإسناد حسن ومسلم في الجمعة والعيدين وقيل يسن في الأخيرتين لحديث الشيخين في الظهر الآتي ومالك في المغرب ويقاس به العشاء وفي ترجيحهم

ص: 216

وكل هذا الذي ذكرناه جاءت به أحاديث في الصحيح وغيره مشهورة استغنينا عن ذِكْرها لشهرتها، والله أعلم.

فصل: لو ترك (سورة الجمعة) في الركعة الأولى من صلاة الجمعة، قرأ في الثانية (سورة الجمعة) مع (سورة المنافقين)، وكذا صلاة العيد والاستسقاء والوتر وسنة الفجر وغيرها مما ذكرناه مما هو في معناه إذا ترك في الأولى ما هو مسنون أتى

ــ

الأول تقديم لدليله النافي على دليل الثاني المثبت عكس الراجح في الأصول لما قام عندهم في ذلك قال في الإمداد وكأنه خشية حصول الملل على المصلي ومن ثم سن كون قراءة الأولى أطول من الثانية وليس علته فيما يظهر إلَّا أن النشاط والفراغ فيها أظهر وحينئذٍ فقراءته صلى الله عليه وسلم في غير الأولتين لبيان الجواز ولأنه كلما طالت صلاته زادت قرة عينه بخلاف غيره وهذا نظير قولهم يستنبط من النص معنى يخصصه اهـ. وفي شرح العباب له ولما كان في ذلك ما فيه كان الأقرب للسنة ما نص عليه في الجديد واختاره كثير من أن السنة القراءة فيهما أيضًا وجمع بعضهم بينهما بأن ذلك بحسب اختلاف حال المأمومين فحيث كانوا محصورين يؤثرون التطويل قرأ السورة في غير الأولتين وحيث كثروا تركها كما جمعوا بين الأحاديث المتباينة في طول القراءة وقصرها وهذا أولى من تقديم أحد الطرفين

وإلغاء الآخر وعليه يحمل اختلاف نص الشافعي وهو أولى من جعلهما قولين اهـ. ثم الأوجه الذي اقتضاه كلام المجموع وصوبه الأسنوي وقال إنه المفهوم من كلامهم أن قراءتها في الأخيرتين لغير المسبوق لا تسن ولا يقال يسن عدمها والفرق بين العبارتين ظاهر ألا ترى أنا لا نقول يسن صوم الأربعاء ولو صامه لم يكره بل يكون آتيًا بعبادة وقول التحقيق يكره قراءتها في الأخيرتين ضعيف ولو فرغ المأموم من الفاتحة قبل ركوع الإمام في الأخيرتين قرأ السورة اهـ. قوله: (وكل هذا الذي ذكرناه إلخ) قال الحافظ يستثنى منه تعيين قراءة ركعتي الاستخارة وكذا تطويل الإمام إذا آثر ذلك المأمومون وكذا التحذير من الاقتصار على بعض السورة فإني لم أجد في شيء من ذلك نصًّا صريحًا من الحديث اهـ.

فصل

قوله: (قَرأَ فِي الثانية) أي وإن لزم عليه تطويل الثانية على الأولى لأن

ص: 217

في الثانية بالأول والثاني، لئلا تخلوَ صلاته من هاتين السورتين، ولو قرأ في صلاة الجمعة في الأولى: سورة المنافقين، قرأ في الثانية: سورة الجمعة ولا يعيد المنافقين، وقد استقصيت دلائل هذا في "شرح المهذب".

فصل: 125 - ثبت في الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوّل في الركعة الأولى من الصبح وغيرها ما لا يطوّل في الثانية، فذهب أكثر أصحابنا إلى تأويل هذا، وقالوا: لا يطوّل

الأولى على الثانية، وذهب المحققون منهم إلى استحباب تطويل الأولى لهذا الحديث الصحيح، واتفقوا على أن الثالثة

ــ

مراعاة تحصيل السورتين جعل ذلك التطويل مغتفرًا. قوله: (وقدِ استقْصَيْت إلخ) قال الحافظ قد راجعت الشرح فلم أجد ذكرًا لذلك مستندًا من الحديث وكذا الثلاثة الأمور التي في الفصل قبله لم يذكر لها مستندًا من الحديث في الشرح المذكور اهـ.

فصل

قوله: (ثبتَ في الحَديثِ الصحيح) المتفق عليه عن أبي قتادة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحيانًا وكان يطيل في الأولى ما لا يطيل في الثانية وفي رواية لأبي داود فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى كذا في الخلاصة للمصنف قال الحافظ بعد ذكر حديث أبي داود حديث صحيح وأخرجه ابن خزيمة ولحديث أبي قتادة شاهد من حديث عبد الله بن أبي أوفى أخرجه أحمد وأبو داود ولفظه كان صلى الله عليه وسلم يطيل الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقد قدم وفي إسناده راوٍ لم يسم وقد سماه البيهقي في روايته والله أعلم. قوله: (فذهبَ أَكثَر أصْحابنا) أي وصححه الرافعي وصاحب العباب لخبر أحمد ومسلم وغيرهما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الظهر في

الركعتين الأولتين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخيرتين قدر خمسة عشر آية أو قال نصف ذلك وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية وفي الأخيرتين قدر نصف ذلك. قوله: (وذَهبَ المحققونَ) حاصل عبارة الروضة والمجموع

ص: 218

والرابعة تكونان أقصر من الأولى والثانية، والأصح أنه لا تستحب السورة فيهما، فإن قلنا باستحبابها، فالأصح أن الثالثة كالرابعة، وقيل بتطويلها عليها.

ــ

ثبت في الصحيحين تطويله صلى الله عليه وسلم الأولى على الثانية وصححه المحققون والقاضي أبو الطيب ونقله عن عامة أصحابنا بخراسان وهو الصحيح وممن قال به أيضًا الحافظ البيهقي وحسبك به معتمدًا في هذا اهـ، فهو المعتمد للاتباع في الظهرين وقيس بهما البقية وبه يرد على من نازع في ذلك بأن حديث تطويل الأولى فيه القراءة في الأخيرتين فكيف يؤخذ به في ذلك ويترك الاستدلال به للقراءة فيهما ووجه رده منع ما ذكره بل في حديث الصحيحين تطويل الأولى مع عدم القراءة في الأخيرتين وبفرض وجود ما قاله فالتطويل ثبت في الصبح من غير معارض فأخذنا به وبما وافقه بخلاف القراءة في الأخيرتين فإن لها معارضًا فرجحوه لما قام عندهم واحتمال التطويل بغير القراءة مرجوح فلا يعول عليها وليدركها الناس كما في رواية أبي داود ولأن النشاط فيها أكثر فخفف في غيرها حذرًا من الملل ونازع الزركشي في الأخيرة بأن الوارد في صلاة الليل افتتاحها بركعتين خفيفتين ثم تطويلها قال وهو المناسب لما فيه التدرج من التخفيف إلى حلاوة التنقيل وهو التطويل وهو حكمة مشروعية السنن اهـ، ويرد بأن الركعتين المفتتح بهما صلاة الليل وهي الوتر ليستا منه فلا يشبه ما نحن فيه بل من تأمل روايات صلاته صلى الله عليه وسلم للوتر علم إنه كان يطول في أوائله أكثر من أواخره وهو المدعي والتدرج الذي ذكره معارض بالنشاط الذي ذكرناه وحكمة مشروعية السنن لا تنحصر فيما ذكره لأنها شرعت تكميلًا للفرائض قال الفارقي وتطويل أولى الصبح أشد استحبابًا اهـ. نعم ما ورد من تطويل قراءة الثانية يتبع كسبح وهل أتاك في الجمعة والعيد ويسن تطويلها في مسألة الزحام أيضًا أما الثالثة فلا يسن تطويلها على الرابعة اتفاقًا كما قاله القاضي أبو الطيب لعدم النص فيها ولعدم المعنى المذكور في الأولى لكن حكى الرافعي فيها الوجهين وحكاه المصنف هنا بقوله وقيل بتطويلها عليها. قوله:(والأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تستحب السُّورَةُ فِيهمَا) تقدم تحقيق ما يتعلق بذلك في التتمة المذكورة آخر فصل والسنة

ص: 219

فصل: أجمع العلماء على الجهر بالقراءة في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء،

وعلى الإسرار في الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء، وعلى الجهر في صلاة الجمعة، والعيدين، والتراويح والوتر عقبها، وهذا مستحب للإمام

ــ

أن تكون السورة في الصبح والظهر إلخ. نعم من سبق بالأخريين بأن لم يتمكن من السورة فيما أدركه مع الإمام قرأها فيهما عند تداركها تداركًا لما فات ومقتضاه إنه في المغرب فيما لو فاتته ركعة واحدة يتدارك أيضًا وهو ظاهر كما قاله جمع.

فصل

قوله: (عَلَى الجهرِ) وضابطه أن يرفع صوته بحيث يسمع غيره أي المعتدل السمع القريب منه

عرفًا فيما يظهر كما في الإيعاب. قوله: (بالقراءَةِ) أي للفاتحة وآمين والسورة. قوله: (في صَلاةِ الصُّبح) أي أدائها، ولو طلعت الشمس وهو في الركعة الثانية أسر على الأوجه لأنها فعلت في وقت المطلوب فيه الإسرار وقياسه إن وقت العصر لو خرج بعد ركعة منها جهر في الثانية أما إذا خرج قبل ركعة فيسر في تلك ويسر ويجهر في هذه بلا نزاع بناء على أن العبرة بوقت القضاء. قوله:(وعلى الإِسرارِ) وهو أن يرفع صوته بحيث يسمع نفسه لو لم يكن عارض به أو عنده من لغط أو غيره. قوله: (وعَلَى الجهرِ في الجُمعةِ) وكذا ثانيتها للمسبوق بأولاها ولو قضاء على الأوجه. قوله: (والعيدين) أي ولو قضاء على الأوجه. قوله: (والوتر عَقِبَهَا) يعني في رمضان وإن لم يصل التراويح بالكلية أخذًا من ندب الجماعة فيه في رمضان مطلقًا، وجزم ابن الرفعة بندب الجهر في غير رمضان وأفتى به القفال وابن عبد السلام وقال الأذرعي إنه الذي نطقت به الأحاديث والآثار ضعيف وإن أيده قول المنذري وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالوتر تارة ويسر أخرى إلّا أن يحمل الذي يسر فيه على وتر غير رمضان والذي يجهر فيه على وتره وتردد الأذرعي في ندب الجهر في كسوف القمر والتراويح والوتر في رمضان للمنفرد قال في شرح العباب والذي يتجه إنه يجهر اهـ، وركعتا الطواف وقت الجهر يجهر بهما ما لم يؤد معهما راتبة. قوله:(وهذَا) أي الجهر

ص: 220

والمنفرد

فيما ينفرد به منها، وأما المأموم فلا يجهر في شيء من هذا بالإجماع،

ــ

في جميع ما ذكر وما أوهمه كلام الأذرعي من أن الجهر في خسوف القمر والتراويح للإمام دون المنفرد ضعيف والإسرار في مواطنه المذكورة واستحباب ما ذكر للإمام للإخبار والإجماع فيه وظاهر ما يأتي من ندب إسماع قراءة الإمام وسؤال نحو الرحمة لآيتها لا يختص بمن يليه بل يعم جميع المأمومين فيستفاد منه إنه يندب للإمام أن يزيد في الجهر حتى يسمع قراءته جميع المأمومين ولا ينافيه ما سبق من حدهم للجهر بما مر لأن المراد به حد أول مراتبه خلافًا لمن وهم فيه قال الحافظ وما جاء إن عمر كان يقرأ في الظهر الذاريات يعلن بها ذكره سفيان الثوري بسند رجاله ثقات إلَّا أن فيه انقطاعًا وحديث أبي قتادة في الصحيحين وكان يعني صلى الله عليه وسلم يسمعنا القراءة أحيانًا فقد ذكروا أن الحكمة في ذلك ليعلموا إنه يقرأ لئلا يتوهموا إنه سكت أو يذكر وقد ذهب جماعة من الصحابة وغيرهم إلى إن السرية لا تجب القراءة في جميعها فلعل عمر كان يجهر ببعض السورتين لا بجميعهما لذلك والعلم عند الله اهـ، وفي العباب لا بأس بجهر الإمام في صلاة الظهر أي مثلًا ببعض القراءة ليعلم المأموم إنه يقرأ اهـ. قال شارحه ابن حجر والمراد بالبعض الكلمة النادرة فيكره الجهر بما زاد عليها اهـ، وفيه نظر فقد أخرج النسائي من حديث البراء كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الآية بعد الآية من سورة لقمان والذاريات ولابن خزيمة من حديث أنس نحوه لكن قال:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1]{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} [الغاشية: 1] قال الحافظ ابن حجر في الفتح فيستدل به على جواز الجهر في السرية وأنه لا سجود سهو على من فعل ذلك خلافًا للحنفية وغيرهم وسواء قلنا إنه فعله عمدًا لبيان الجواز أو بغير قصد للاستغراق في التدبر وقوله أي في صحيح البخاري ونسمع الآية أحيانًا يدل على تكرر ذلك منه اهـ. قوله: (والمنفَردِ) قياسًا على الإمام لاشتراكهما في الحاجة إلى الجهر لتدبر القراءة بل المنفرد أولى لأنه أكثر تدبرًا لها لعدم ارتباط غيره

به وقدرته على إطالتها وترديدها للتدبر. قوله: (أَما المأْمومُ فَلا يَجهرُ) بل يكره جهره إجماعًا كما في المجموع وإن لم يسمع قراءة إمامه ولا يحرم وإن آذى جاره اهـ، وينبغي حمله على إيذاء خفيف لأنه يتسامح به بخلاف جهر

ص: 221

ويسن الجهر في صلاة كسوف القمر والإسرار في صلاة كسوف الشمس، ويجهر في صلاة الاستسقاء،

ــ

يعطله عن القراءة بالكلية فينبغي حرمته كما في الإيعاب. قوله: (وَيُسَنُّ الجَهرُ في كُسوفِ القمر) قال الحافظ الجهر في القمر متفق عليه واستدل له بالأحاديث المطلقة ووقع في صحيح ابن حبان التصريح به في حديث أبي بكرة وأما الإسرار في كسوف الشمس فاستدل له الشافعي بحديث ابن عباس إنه صلى الله عليه وسلم قرأ في كسوف الشمس بنحو سورة البقرة والحديث في الصحيحين قال فلو جهر لم يحتج إلى التقدير قال البيهقي وقد جاء في حديث عائشة بلفظ فحزرت قراءته ثم ساقه كذلك وساق أيضًا ما أخرجه أحمد وأبو يعلى من رواية عكرمة عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في كسوف الشمس فلم أسمع منه حرفًا وفي سنده ابن لهيعة وأخرجه الطبراني في الأوسط بسند فيه أضعف من ابن لهيعة وفي الباب عن سمرة بن جندب وسنده قوي ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم في كسوف الشمس فلم يسمع له صوت قال الحافظ بعد تخريجه أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم وما أخرجه الشيخان عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف وأخرجه الترمذي عنها بلفظ خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر فكبر الناس ثم قرأ فجهر بالقراءة فقال الترمذي في العلل سمعت محمدًا يعني البخاري يقول حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة قال الحافظ وقد جمع بينهما بأن قراءته كانت بين الجهر والإسرار فسمعها بعض دون بعض أو إنه جهر في القيام الأول وأسر في الثاني، رجح البيهقي الإسرار لأنه ورد من طرق والجهر لم يرد إلَّا من طريق الزهري وهو وإن كان حافظًا فالعدد أولى وعورض بأنه ثبت فيقدم على من نفى ويتأيد الجهر بأنها صلاة ينادى لها ويجمع ويخطب فأشبهت العيد وقد ذهب إلى اختيار الجهر فيها أبو يوسف ومحمد بن الحسن وابن خزيمة وابن المنذر من الشافعية وابن العربي من المالكية وهو مذهب أحمد وإسحاق اهـ. قوله:(وَيجهرُ في صَلاةِ الاستسقاءِ) قال الحافظ فيه حديث عبد الله بن زيد بن عاصم عند البخاري في صحيحه وحديث ابن عباس عند البيهقي وصححه

ص: 222

ويُسرُّ في الجنازة إذا صلاها في النهار، وكذا إذا صلاها بالليل على الصحيح المختار، ولا يجهر في نوافل النهار غير ما ذكرناه من العيد والاستسقاء.

واختلف أصحابنا في نوافل الليل، فقيل: لا يجهر، وقيل: يجهر. والثالث وهو الأصح وبه قطع القاضي حسين والبغوي: يقرأ بين الجهر والإسرار، ولو فاتته صلاة بالليل فقضاها في النهار، أو بالنهار فقضاها بالليل،

ــ

الحاكم. قوله: (وَيُسِرُّ الجنَازَةِ) أي في صلاتها كما في نسخة لحديث البيهقي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف إن رجلًا من الصحابة أخبره إن السنة في الصلاة على الجنازة إن يكبر الإمام ثم يقرأ فاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى يسرها في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء في التكبيرات الثلاث لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم قال الحافظ بعد تخريجه هذا حديث غريب أخرجه البيهقي من هذا الوجه ومطرف بن مازن أحد رواته ضعيف لكن قال البيهقي تابعه عبيد الله بن أبي زياد عن شيخهما الزهري وليس فيه ذكر الفاتحة قال الحافظ وثبت ذكرها في صحيح البخاري من حديث ابن عباس وأخرج الشافعي عن سعيد المقبري قال سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب في الجنازة وقال لتعلموا أنها سنة وسنده قوي وفيه إشعار بأنه كان ثمة من لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاة الجنازة

فأراد تعليمهم وحمله بعضهم على أن ذلك كان ليلًا وهو بعيد من السياق اهـ. قوله: (فقيلَ لَا يجهرُ) وهو ما في البيان. قوله: (والثالِثُ وهوَ الأصَحُّ إلخ) سبق إن الجهر أن يسمع من يليه والإسرار أن يسمع نفسه فقط حيث لا مانع والتوسط بينهما قال بعضهم يعرف بالمقايسة بهما كما أشار إليه قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا)} [الإسراء: 110] الآية ويؤيده ما صح إنه صلى الله عليه وسلم مر ليلًا بأبي بكر يسر وبعمر يجهر ثم سألهما فقال أبو بكر اسمع من ناجيت وقال عير أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فقال لأبي بكر ارفع من صوتك شيئًا ولعمر اخفض من صوتك شيئًا وفي رواية صحيحة وسمعتك يا بلال تقرأ في هذه السورة ومن هذه السورة فقال كلام طيب جمعت بعضه إلى بعض فقال صلى الله عليه وسلم قد أصاب قال الزركشي والأحسن في تفسيره ما قاله بعض الأشياخ أن يجهر تارة ويسر أخرى كما ورد أي بل صح من فعله

ص: 223

فهل يعتبر في الجهر والإسرار وقت الفوات، أم وقت القضاء؟ فيه وجهان، أظهرهما: يعتبر وقت القضاء، وقيل: يُسر مطلقًا.

واعلم أن الجهر في مواضعه، والإسرار في مواضعه سُنة ليس بواجب، فلو جهر موضع الإسرار، أو أسر موضع الجهر، فصلاته صحيحة، ولكنه ارتكب المكروه كراهة تنزيه، ولا يسجد للسهو، وقد قدّمنا أن الإسرار في القراءة والأذكار

ــ

صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ولم يستقم تفسيره بغير ذلك لعدم تعقل الواسطة بينهما بتفسيرهما السابق اهـ، وفيما علل به نظر بل الواسطة بينهما متعلقة بأن يزيد على أدنى ما يسمع نفسه من غير أن يبلغ الزيادة إلى إسماع من يليه لكنه عسر ومن ثم قيل إنه لا يكاد يتجوز لا سيما إذا لوحظت حقيقة التوسط ومحل ذلك ما لم يشوش على نحو مصل أو نائم أو خائف رياء وإلَّا فيندب الإسرار قال الأذرعي وينبغي أن يأتي بأقل جهر فإنه لا يشوش على أحد وإذا كان عنده من يسن له إيقاظه فلا بأس بالرفع لأجل ذلك اهـ. ملخصًا والخلاف في نوافل الليل المطلقة كالراتبة فيسن فيها كما في المجموع نقلًا عن الأصحاب وبه أفتى ابن عبد السلام خلافًا لما أفتى به البغوي واعتمده الأذرعي من التوسط فيها ومن زعم الإجماع على الجهر في الوتر بثلاث مفصولة وجعله حجة على من قال إن الثلاث المفصولة صلاة واحدة وإلّا لم يجهر في الأخيرة منها قال في شرح العباب لعله أراد إجماع الخصمين وإلا فدعواه ممنوعة ثم رأيت بعضهم أول دعواه بذلك اهـ. قوله:(فهلْ يُعتبرُ في الجهرِ والإسرارِ وقتُ الفَواتِ) أي وقت أداء الفائت فيجهر في مقضية الصبح بنحو الظهر ويسر في مقضية نحو الظهر ليلًا وجزم به الماوردي واعتمده البلقيني وغيره أخذًا مما صح إنه صلى الله عليه وسلم قضى الصبح بعد الشمس فصنع كما كان كل يوم وفي رواية إنه قرأ فيها بالمائدة. قوله: (أَم وقتُ القضاءِ) أم فيه منقطعة بمعنى بل لأن المتصلة تكون بعد همزة الاستفهام نحو {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: 6] والمراد أو يعتبر وقت المقضية فيكون بعكس ما سبق فيما قبله. قوله: (أَظْهرهُما يعتَبرُ وقتُ القضاءِ) فإذا قضى جهرية في وقت السر وهو من طلوع

ص: 224

المشروعة في الصلاة لا بد فيه من أن يُسْمِع نفسه، فإن لم يسمعها من غير عارض، لم تصح قراءته ولا ذِكْره.

فصل: قال أصحابنا: يستحب للإمام في الصلاة الجهرية أن يسكت أربع سكتات إحداهن:

ــ

الشمس إلى غروبها أسر أو سرية في وقت الجهر وهو من غروب الشمس إلى طلوعها جهر قال ابن النقيب دون جهر الأداء ونظر فيه في شرح العباب بأنه لا اتباع في ذلك ولا معنى يقتضيه وسبق حكم من طلعت الشمس أو غربت أثناء صلاته الصبح أو العصر من السر في الأولى والجهر في الأخيرة، ويستثنى مما ذكره

المصنف العيد فيستحب الجهر في قضائها مطلقًا كما هو مقتضى كلام المجموع في بابه قبيل باب التكبير وهو أوجه من مقابله عملًا بأصل أن القضاء يحكي الأداء ولأن الشرع ورد بصلاته جهرًا في محل الإسرار فيستصحب وظاهر أن محل ذلك حيث لا عذر وإلا كأن كثر اللغط فاحتاج للجهر ليأتي بالقراءة على وجهها فلا كراهة كما في الإيعاب، وقال الحافظ قوله فلو جهر إلخ، إن ثبت فيه الإجماع وإلَّا فيمكن أن يؤخذ من عموم قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي وروي عن أبي أيوب رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله إن قومًا يجهرون بالقراءة في الظهر والعصر قال أفلا ترمونهم بالبعر أخرجه الطبراني في الكبير بسند فيه من اتفق على ضعفه وهو الوازع بن رافع قال الحافظ وإنما ذكرت حديثه لأنبه عليه اهـ، وقد تقدم عن العباب إنه لا بأس بالجهر بنحو كلمة من السرية فتحمل الكراهة هنا على ما فوقه اهـ.

فصل

قوله: (يستَحبُّ للإمام أن يسكت في الصَّلاةِ أَربعَ سكَتَاتٍ) قال الحافظ لم يذكر المصنف دليل الاستحباب وقد تقدم دليل الأولى في دعاء الافتتاح والسكوت فيه مجاز عن الإسرار ولا يختص بالإمام بل يشاركه فيه المنفرد وكذا في الثانية والرابعة والوارد في الأحاديث سكتتان فقط الأولى واختلف في محل الثانية كما سأذكره ويجيء على وجه عند الشافعية سكتة خامسة على الجهر بالتعوذ للفصل بينه وبين البسملة اهـ، والسكنة للفصل بين التعوذ والبسملة سيأتي ذكر استحبابها في كلام ابن حجر الهيثمي مطلقًا. في فتاوى المصنف هل يستحب

ص: 225

عقيب تكبيرة الإحرام ليأتي بدعاء الاستفتاح، والثانية: بعد فراغه من الفاتحة سكتة لطيفة جدًّا بين آخر الفاتحة وبين آمين، ليعلم أن آمين ليست من الفاتحة،

ــ

السكوت حقيقة أم تستحب القراءة سرًّا وهل لذلك أصل في الشرع، الجواب إنه يستحب له في هذه الحالة أن يشتغل بالذكر والدعاء والقراءة سرًّا وبعد الفراغ من الفاتحة القراءة عندي أفضل لأن هذا موضعها ودليل هذا الاستحباب أن الصلاة ليس فيها سكوت حقيقي في حق الإمام وبالقياس على قراءته في انتظار صلاة الخوف فإن قيل كيف سمي سكوتًا وفيه قراءة وذكر لجواب أنه لا يمتنع كما في السكتة بعد تكبيرة الإحرام فإنه يستجب فيها دعاء الافتتاح وقد ثبت في صحيح مسلم إطلاق السكوت عليها اهـ، وظاهر أن السكتة في الفصل بين السورة وتكبيرة الركوع حقيقة قال الغزالي وهي قدر سبحان الله وصح عن سمرة رضي الله عنه كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكتتان سكتة إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وسكتة إذا فرغ من القراءة كلها وفي رواية إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسكتة عند الركوع وفي أخرى إذا فرغ من ولا الضالين ولا تخالف هذه ما قبلها بل يحصل من المجموع إثبات السكتات في محالها الثلاث الآتية وفي رواية بدل الأولى إذا كبَّر أي

للإحرام فمعنى قرأ أي أراد. قوله: (عقيبَ تَكبيرَةِ الاحرام ليأْتِيَ بدُعاء الاستفتاح إلخ) وكذا عقب تكبيرة القيام قبل القراءة في غير الأولى وقدرها في شرحَ العباب بقدر سبحان الله أخذا من تقدير الغزالي السكتة بين القراءة والركوع بقدر ذلك وفي شرح المنهاج له يسن سكتة لطيفة وضبطت بقدر سبحان الله بين التحرم ودعاء الافتتاح وبينه وبين التعوذ وبينه وبين السماء وبين آخر الفاتحة وآمين.

قلت وقال الحافظ حكمة هذه السكتة دفع توهم أن آمين من القرآن اهـ، قال ابن حجر الهيتمي في التحفة أفهم قوله عقب الفاتحة فوق التأمين بالتعوذ بغيره ولو سهوًا كما في المجموع عن الأصحاب وإن قل نعم ينبغي استثناء نحو رب اغفر لي للحديث الحسن أنه صلى الله عليه وسلم -

ص: 226

والثالثة بعد آمين سكتة طويلة بحيث يقرأ المأموم الفاتحة والرابعة بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبيرة الهُويِّ إلى الركوع.

ــ

قال عقب الضالين رب اغفر لي آمين اهـ، ويؤخذ منه أنه يأتي بذلك سرًّا بين الضالين وآمين وحينئذٍ فيكون إطلاق السكتة فيما ذكر كإطلاقه عليها فيما بين التحرم والقراءة والله أعلم، وبينها وبين السورة وبين آخرها وتكبير الركوع، وإن لم يقرأ سورة فبين آمين والركوع وإن سكت في الجهرية بقدر قراءة المأموم الفاتحة وعلى هذا فلا مجاز إلَّا في سكتة الإمام بعد التأمين أقول وكذا المجاز في إطلاق السكتة على الإسرار بعد تكبيرة التحرم بدعاء الافتتاح كما عبر به المصنف وقد صرح به الحافظ كما تقدم أول الفصل. قوله:(والثالثةُ بعدَ آمينَ إلخ) أي إن علم إن المأموم يستمع حال قراءته ليقرأها في سكتته كما هو ظاهر قال الحافظ دليل استحباب تطويل هذه السكتة حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن إن للإمام سكتتين فاغتنموا القراءة فيهما أخرجه البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام وأخرج فيه أيضًا عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأخرج البخاري فيه أيضًا عن عروة بن الزبير قال يا بني اقرؤوا إذا سكت الإمام واسكتوا إذا جهر فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. اهـ. قوله: (بحيث يقرأُ المَأْمومون الفاتحةَ) وهل يعتبر قراءة المأموم وإن كان بطيئًا أو يضبط بزمن قراءة المعتدل استظهر في الإيعاب الأول أما الأصم ومن لا يرى قراءة الفاتحة بعد الإمام فلا يسن للإمام السكوت لهما لانتفاء العلة المذكورة وتردد في الإيعاب في إلحاق من علم الإمام منه عدم استماع قراءته بل يقرأ معه بالأصم ومن لا يرى الفاتحة مع الإمام وعدم إلحاقه بهما إرشادًا له إلى الاستماع المندوب ومن ثم قال والثاني أقرب ويشتغل الإمام في هذه السكتة بدعاء أو قراءة وهي أولى وحينئذٍ فيظهر أنه يراعي الترتيب والموالاة بينها وبين ما يقرؤه بعدها لأن السنة القراءة على ترتيب المصحف وموالاته كما تقدم وكذا يسن لمأموم فرغ من الفاتحة في الأخيرتين أو من التشهد الأول قبل إمامه أن يشتغل بدعاء فيهما أو قراءة في الأولى وهي أولى ولو لم يسمع قراءة الإمام سن له وكذا في أولتي السرية أن يسكت بقدر قراءة الإمام الفاتحة إن ظن إدراكها قبل ركوعه وحينئذٍ يشتغل بالدعاء لا غير

ص: 227

فصل: فإذا فرغ من الفاتحة استحب له أن يقول: آمين.

والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة، مشهورة في كثرة فضله وعظيم أجره، وهذا التأمين مستحب لكل قارئ، سواء كان في الصلاة أم خارجًا منها، وفيها أربع لغات، أفصحهن وأشهرهن: آمين بالمد والتخفيف،

ــ

لكراهة تقديم السورة على الفاتحة وقد علمت مما تقدم عن ابن حجر أن الفصل بالسكتة بين آخر الفاتحة وآمين وآخر السورة وتكبير الركوع يشمل السرية والجهرية خلاف ما يقتضيه كلام المصنف من قصره على الأخير.

فصل

قوله: (فإِذَا فرغَ مِنَ الفاتحةِ استُحِبَّ لَهُ أَنْ يقولَ آمينَ) في المجموع عن الأم حسن زيادة رب العالمين. لما صح عند الحاكم وغيره عن علي رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الفاتحة رفع صوته فقال آمين ويفوت التأمين بالتلفظ بعد قوله ولا الضالين بغيره ولو سهوًا كما في المجموع عن الأصحاب وإن قل نعم ينبغي استثناء رب اغفر لي للخبر الصحيح كما في التحفة، لكن في الإيعاب رواه الطبراني بسند لا بأس به، عن وائل بن حجر أنه صلى الله عليه وسلم قال عقب الضالين رب اغفر لي آمين وبالسكوت أي الزائد على السكوت المسنون ومحله إن طال نظير ما تقدم في الموالاة وبالركوع ولو فورًا وتقدم أنه يسن سكتة لطيفة بين قوله ولا الضالين وقوله آمين ودليله الاتباع رواه أبو داود وغيره كما في الإيعاب. قوله:(والأَحادِيثُ الصحيحَةُ إلخ) قال الحافظ في كثرتها مع الوصف بالصحة نظر سواء كان المراد التأمين بعد الفاتحة أم بعد الدعاء ثم أورد أحاديث في ذلك صحح بعضها وبعضها عند البخاري ومسلم وغيرهما. قوله: (سوَاءٌ كَانَ في الصَّلاةِ أَم خارِجًا منها) لكنه فيها على أي صفة آكد نقله في المجموع عن الواحدي كما في الإيعاب. قوله: (أَربَعُ لغاتٍ) حكى ابن الأنباري فيه لغة خامسة القصر مع التشديد ذكره في الإيعاب وقال أنها شاذة وفي فتح الباري خطأ جماعة من أهل اللغة التشديد مع المد والقصر وفيه عن جعفر الصادق من قصر وشدد فهي كلمة عبرانية أو سريانية اهـ. قوله: (أَفصحهُن وأَشهرهُن) أي وبه جاءت الروايات في الحديث وجاء عن جميع القراء قاله الحافظ في الفتح وفيه أن اللغات الثلاث الأخرى

ص: 228

والثانية: بالقصر والتخفيف، والثالثة: بالإمالة، والرابعة: بالمد والتشديد. فالأوليان مشهورتان، والثالثة والرابعة حكاهما الواحدي في أول "البسيط"، والمختار الأولى، وقد بسطت القول في بيان هذه اللغات وشرحها وبيان معناها ودلائلها وما

يتعلق بها في كتاب "تهذيب الأسماء واللغات".

ويستحب التأمين في الصلاة للإمام والمأموم والمنفرد،

ــ

شاذة. قوله: (والثانيَةُ بالقَصْرِ والتخفيفِ) قال في شرح العباب أنكر جمع القصر وقالوا إنما جاء في ضرورة الشعر قال في المجموع وهو فاسد لأن الشعر الذي جاء فيه ليس من ضرورته القصر وفيه نظر إذ المختار إنه لا يشترط في الضرورة عدم إمكان غيرها فالأولى أن يجاب بأن الأصل عدمها فعيل من ادعاها البيان قال الرافعي والأصل القصر لأنه فعيل والمد فاعيل وهو عجمي من أبنية العجم كقابيل اهـ، ويؤيده ما قيل أنها غير عربية وفيه نظر بل هي عربية إذ وزنها فعيل والألف إنما جاءت من إشباع فتحة الهمزة اهـ، وما ذكره في المجموع من انتفاء الضرورة مبني على مختار شيخه ابن مالك إن الضرورة ما لا مندوحة للشاعر عنه وعليه فلا ضرورة لا مكان.

فآمين زاد الله ما بيننا بعدا

كما روي به وسيأتي إيضاحه في كلام التهذيب. قوله: (وقدْ بَسطتُ القَوْلَ في بيَانِ هَذهِ اللغَاتِ

وشَرحِها وبيَانِ معناها ودَلائِلهَا ومَا يتَعلقُ بهَا في كتَاب تهذِيب الأَسماءِ واللغَاتِ) هكذا في بعض النسخ وهو ساقط في بعضها وحاصل ما نقله عن الجوهري وجمهور أهل اللغة أن آمين في اللغة تمد وتقصر وهو مبني على الفتح كأين لاجتماع الساكنين قال الواحدي ولم تكسر لثقل الكسرة بعد الياء اهـ. وفي المجموع يسكن للوقف لأنها كالأصوات وفي أول الوسيط للواحدي في آمين لغات المد وهو المستحسن لحديث على السابق عند الحاكم وغيره والقصر كما قال:

آمين فزاد الله ما بيننا بعدا

والإمالة مع المد روي ذلك عن حمزة والكسائي والتشديد أي مع المد وروي ذلك عن الحسن والحسين بن الفضل وتحقيق ذلك ما روي عن جعفر الصادق رضي الله عنه إنه قال تأويله قاصدين نحوك وأنت أكرم من يجيب قاصدًا هـ، وفيه فوائد من أحسنها إثبات لغة

ص: 229

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التشديد في آمين التي لم يذكرها الجمهور بل أنكروها وجعلوها من قول العامة وفي الإكمال للقاضي عياض وحكى ثعلب فيها القصر وأنكره غيره وقال إنما جاء مقصورًا في ضرورة الشعر وقال ابن قرقول بقافين مضمومتين بوزن عصفور صاحب المطالع آمين مطولة ومقصورة وأنكر العلماء تشديد الميم وأنكر ثعلب قصر الهمزة إلَّا في الشعر وصححه يعقوب في الشعر وغيره والنون مفتوحة أبدًا هذا ما يتعلق بلغاتها.

وأما شرحها فسبق معناه بالتشديد عن جعفر الصادق وأما باقي اللغات فهي فيه اسم فعل بمعنى استجب على الأصح عند الجمهور كما في المجموع وغيره لا ليكن الأمر كذلك خلافًا لما في العزيز وفي التهذيب قال الثعلبي قال ابن عباس سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن معنى آمين فقال افعل وقال ابن عباس وقتادة كذلك يكون وقال هلال بن يسار ومجاهد اسم من أسمائه تعالى وضعفه صاحب المطالع بأنه ليس في أسمائه تعالى مبني ولا غير معرب مع إن أسماءه تعالى لا تثبت إلا بتوقيف من كتاب أو سنة مقبولة وقد عدما وفي الإيعاب ورد الأول بتضمنه ضميرًا عائدًا عليه تعالى فلذا عد من أسمائه اهـ، وقيل كنز من كنوز العرش لا يعلم تأويله إلَّا الله وقيل قوة الدعاء واستنزال الرحمة وقيل إنه أربعة أحرف متقطعة من أسمائه تعالى وهي خاتم رب العالمين يختم به براءة أهل الجنة وأهل النار دليله حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم آمين خاتم رب العالمين على عباد المؤمنين وقيل أنها دعاء وقيل اللهم استجب وقيل درجة في الجنة تجب لقائلها وقيل طابع الله على عباد يدفع عنهم الآفات وقيل معناه اللهم أمنا بخير، وأما ما يتعلق بها من الفضائل فعن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على آمين وتسليم بعضكم.

قلت معنى هذا الحديث جاء من طرق ففي حديث لعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنهم أي اليهود لم يحسدونا على شيء كما حسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين قال الحافظ بعد تخريجه غريب لا أعرفه بهذه الألفاظ إلَّا من هذا الطريق لكن لبعضه متابع حسن في التأمين أخرجه ابن ماجة وصححه عن ابن خزيمة كلاهما

ص: 230

ويجهر به الإمام والمنفرد في الصلاة الجهرية، والصحيح: أن المأموم يجهر به أيضًا، سواء كان الجمع قليلًا أو كثيرًا.

ــ

من حديث عائشة مرفوعًا ما حسدتنا اليهود على شيء ما حسدتنا على السلام والتأمين وله شاهد من حديث معاذ مرفوعًا إن اليهود قوم حسدة ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث

على رد السلام وعلى إقامة الصف وعلى قولهم خلف إمامهم آمين قال الطبراني لا يروي عن معاذ إلّا واحدًا فضعيف أو مجهول وللتأمين شاهد آخر أخرجه ابن ماجة بسند فيه ضعفاء عن ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين وفي الإيعاب من رواية أخرجها جمع أعطيت ثلاث خصال أعطيت صلاة في الصفوف وأعطيت السلام وهو تحية أهل الجنة وأعطيت آمين ولم يعطها أحد ممن كان قبلكم إلَّا أن يكون الله أعطاها هارون فإن موسى كان يدعو ويؤمن هارون وفي أخرى لابن عدي حسدوكم على إفشاء السلام وإقامة الصف وآمين وأخرج الطبراني عن وائل بن حجر إنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في الصلاة فلما فرغ من فاتحة الكتاب قال آمين ثلاث مرات ويؤخذ منه إنه يندب تكرار آمين ثلاثًا حتى في الصلاة ولم أر أحدًا صرح بذلك من أصحابنا وفي تفسير البغوي يسن لمن صلي بآخر البقرة إن يقول آمين اهـ، ويأخذ منه إن المصلي متى قرأ بآية فيها دعاء يسن له أن يقول آمين اهـ. ما في الإيعاب.

قوله: (ويجهرُ بهِ الإمِامُ) قال الحافظ لحديث وائل بن حجر قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلما قال {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] قال آمين يجهر بها حديث حسن أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارقطني وعند الترمذي في رواية أخرى يخفض بها صوته ورجح الحفاظ رواية يرفع بها صوته وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي داود وابن ماجة وآخر من حديث ابن عمر عند الدارقطني اهـ. قوله: (أَن المَأْمُومَ أَيْضا يجهرُ بهِ) هذا هو القول القديم المعتمد فيؤمن جهرًا لقراءة إمامه لا لقراءة نفسه بل يسر بها ومحل الخلاف في الجهر في الأولى إن أمن الإمام وإلا سن للمأموم الجهر بلا خلاف ويسن أن يكون جهر الإمام وجهر الأنثى

ص: 231

ويستحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده،

ــ

والخنثى به كالجهر بالقراءة ولو أسر به الإمام في موضع الجهر به فهل يجهر به المأموم تبعًا أو أسر كل منهما بالقراءة في موضع الجهر أو جهر في موضع الإسرار مخالفًا للسنة فهل يأتي بالتأمين كذلك تبعًا لهما فيه نظر كذا قال بعضهم وفي الإيعاب الذي يتجه إنه يأتي فيه ما ذكروه فيما لو أسر الإمام في جهرية أو عكس من إنه هل العبرة بالمفعول أو بالمشروع أي والراجح الأول كما في الروضة وهو موافق لما في المجموع.

قوله: (ويستحب إلخ) أي للأخبار الدالة عليه في الصحيحين وغيرهما فمنها قوله صلى الله عليه وسلم إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وقوله صلى الله عليه وسلم إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر ما تقدم من ذنبه ولفظ مسلم في الثاني إذا قال أحدكم في الصلاة آمين وعند أحمد وصححه ابن خزيمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال القارئ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقال من خلفه آمين فوافق قول أهل السماء غفر له ما تقدم من ذنبه وظاهره الأمر بالمقارنة بأن يقع تأمين الإمام والمأموم والملائكة دفعة واحدة ولأن المأموم لا يؤمن لتأمين إمامه بل لقراءته وقد فرغت فمعنى إذا أمن الإمام أراد التأمين

ويوضحه قوله صلى الله عليه وسلم إذا قال {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 7] فقولوا آمين رواه الشيخان ولمعارضته لما روياه أولًا جمعوا بينهما بما قررناه وروى البيهقي مرفوعًا حسدنا اليهود على القبلة التي هدينا إليها وضلوا عنها وعلى الجمعة وعلى قولنا خلف الإمام آمين وفي رواية للطبراني وأنهم لم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث رد السلام وإقامة الصفوف وقولهم خلف الإمام آمين ومعنى موافقة الإمام في خبر مسلم السابق قبل موافقتهم في الزمن أي كما يدل عليه خبر الصحيحين للتعيين فيه فقال وقالت ثم قال فوافقت أي في القول المذكور وقيل في الصفات كالإخلاص وغيره ثم هؤلاء الملائكة قيل الحفظة وقيل غيرهم لخبر فوافق قوله أهل السماء وأجاب الأول بأنه إذا قالها الحفظة قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء اهـ. وهذا الجواب يحتاج إلى سند يشهد له كما في الإيعاب وقال الحافظ ابن حجر يظهر أن المراد بهم من يشهد تلك الصلاة من الملائكة ممن في أرض أو في سماء ومعنى تأمينهم استغفارهم للمؤمنين واختار السبكي إن لتأمين الملائكة وقتًا مخصوصًا والإمام والمأموم محثوثون على إن يقارنوا

ص: 232

وليس في الصلاة

موضع يستحب أن يقترن فيه قول المأموم بقول الإمام إلا في قوله: آمين، وأما باقي الأقوال، فيتأخر قول المأموم.

فصل: يسن لكل من قرأ في الصلاة أو غيرها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ به من النار، أو من العذاب، أو من الشر، أو من المكروه، أو يقول: اللهُم إني أسألك العافية أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله سبحانه

وتعالى، نزَّه فقال: سبحانه وتعالى، أو: تبارك الله رب العالمين، أو جلت عظمة ربنا، أو نحو ذلك.

روينا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة،

ــ

تأمين الملائكة فمن حصل له ذلك غفر له إمامًا كان أو مأمومًا اهـ، ثم قضية ما سبق من كون التأمين لقراءة الإمام إنه لو لم يسمعها لا يسن له التأمين وإن سمع تأمين المأمومين وهو كذلك في الإيعاب قال الحافظ وجاء طلبها من المنفرد في عموم الأحاديث وكذا المأموم أما الإمام فجاء صريحًا في خبر أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 7] قولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين وإن الإمام يقول آمين حديث صحيح أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة وأصله في الصحيحين والسنن الثلاثة لكن في آخره قال الزهري وكان صلى الله عليه وسلم يقول آمين اهـ. قوله: (وليسَ في الصَّلاةِ إلخ) قيل يرد عليه ما في الأنوار من علم أن إمامه لا يقرأ السورة أو إلا سورة قصيرة ولا يتمكن من إتمام الفاتحة فعليه إن يقرأ بها معه ويجاب بأن هذه حالة عذر فلا ترد.

فصل

قوله: (يُسنُّ لكل مَنْ قَرأَ في الصَّلاةَ أَوْ غيرِها أَنْ يسأَلَ الله تعالى منْ فَضلهِ إلخ) عبارة العباب يسن للقارئ آية رحمة أي نحو (وَيغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رحِيم)[الأنفال: 70] إن يسألها قال شارحه كان يقول {رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)} [المؤمنون: 118]، يقصد به الدعاء لا التلاوة. قوله:(وإِذَا مَر بآيَة عذابٍ) كقوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71)} [الزمر: 71]. قوله: (أَنْ يستعيذَ بِهِا إلخ) بنحو رب أعوذ بك من العذاب أو الشر أو المكروه. قوله: (بآيَة تنزِيهٍ) نحو: (ليسَ كَمثله

شيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيُر} [الشورى: 11]. قوله: (ذَاتَ لَيلةٍ) أي في ليلة فذات مقحمة للتأكيد أو ليست مقحمة والمعنى في ساعة ذات مرة من ليل فحذف ذلك لوضوح المراد منه على

ص: 233

فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوّذ، رواه مسلم في "صحيحه". قال أصحابنا: يستحب هذا التسبيح والسؤال والاستعاذة للقارئ في الصلاة وغيرها، وللإمام والمأموم والمنفرد لأنه دعاء، فاستَووْا فيه كالتأمين. 127 - ويستحب لكل من قرأ:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)} [التين: 8] أن يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} [القيامة: 40]، قال: بلى أشهد، وإذا قرأ:{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)} [الأعراف: 185] قال:

ــ

حد قول: تضوع المسك منها نسيم الصبا أي تضوعًا مثل تضوع نسيم الصبا. قوله: (فافْتتحَ البقرَةَ) ظاهر هذه الرواية إنه صلى الله عليه وسلم قرأ جمع السور المذكورة في ركعة واحدة وأنه قدم النساء على آل عمران وإن كانت الواو لا تقتضي ترتيبًا فهي إما لبيان الجواز وإما على ترتبب مصحف ابن مسعود وإلا فالأفضل فضل القراءة على ترتيب المصحف العثماني لأنه المعروف المستقر من أحواله أما على ترتيب الآي فواجبة فيحرم بعكس الآية لأن الترتيب فيها توقيفي قطعًا وبين السور فيه خلاف فإن قرأ بعكس الآي وقصد بما أتى به من الآي مجرد الذكر فلا بأس واتباع السنة أولى وهذه القراءة كانت في صلاة الليل. قوله: (رَوَاه مُسلم) ورواه أصحاب السنن الأربعة أيضًا كما في السلاح. قوله: (في الصَّلاةِ) سواء كانت فرضًا أم نفلًا خلافًا للمالكية والحنفية. قوله: (وإذَا قَرأَ أَليْسَ ذَلِكَ إلخ) في العباب أو قرأ كآخر التين أن يقول عند سماعه بلى وأنا على ذلك من الشاهدين اهـ، والحديث الآتي عند قوله وقد بينت أدلته إلخ، عن أبي داود والترمذي يشهد لما قاله المصنف مما يقال عند كل من آخر والتين ومن آخر سورة

ص: 234

آمنت باللهِ، وإذا قرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1] قال: سبحان ربي الأعلى، ويقول هذا كله في الصلاة وغيرها، وقد بينت أدلته في كتاب "التبيان في آداب حملة القرآن".

ــ

القيامة والله أعلم ومثله قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36] قوله: (آمنتُ بالله) في الإيعاب أو يقول لا إله إلَّا الله لأمره صلى الله عليه وسلم بهذا والذي قبله كما رواه جماعة لكنه ضعيف لأن فيه مجهولًا وعنم أنه لا يتعين للسؤال والتعوذ لفظ خاص بل الشرط أن يأتي بما يناسب اللفظ المتلو كان يقول في (وَسئلوُا اللهَ مِن فَضَله)[النساء: 32] اللهم إني أسألك من فضلك أو اللهم أعطني من فضلك وفي ({رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)} [المؤمنون: 118] رب اغفر إلخ، وفي قل {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97)}

[المؤمنون: 97] الآية رب أعوذ بك إلخ، لا بقصد التلاوة وعلى ذا المنهاج مما يناسب التلاوة أو يتضمن امتثال ما أمر به منها أو ندب إليه واستحسن من قابله قاله ابن رزين ومن ثم قال ولا يكفي ذكر الآية التي فيها ذكر الاستغفار إلَّا أن يكون لفظها صالحًا لأن يكون استغفارًا نحو واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم فيكفي إعادتها على قصد الاستغفار وذكر الزركشي نحوه فقال والأحسن أن يأتي بموافقة التلاوة ويقصد به الدعاء لا التلاوة وذكر أيضًا كصاحب الأنوار والجواهر إنه يسن عند {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)} [الملك: 30] الله رب العالمين، ويسن للمستمع أيضًا ولو غير مأموم ونقل عن الشيخ أبي محمد أنه يسن رفع اليدين هنا ومسح الوجه بهما عند ختم الدعاء واستغربه والاستغراب واضح بالنسبة لمن في الصلاة فقط وفي المجموع إنه يسن الجهر بما ذكر في الجهرية للإمام وكذا للمأموم أن أهمله الإمام وصح إنه صلى الله عليه وسلم خرج على الصحابة فقرأ عليهم بسورة الرحمن فسكتوا فقال ما لي أراكم سكوتًا لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردًا منكم كنت كلما أتيت على قول الله تعالى:{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13)} [الرحمن: 13] قالوا ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب ذلك الحمد قال ابن عبد السلام والقرآن يشتمل على فاضل كآية الكرسي إذ هو كلامه فيه ومفضول كتبت إذ هو في عدوه ولا ينبغي له المداومة على الفاضل فقط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولأنه يؤدي إلى نسيانه اهـ. قوله: (وقَدْ بينْت أَدِلتَهُ في كِتاب التبْيانِ إلخ) قال في التبيان يستحب أن يقول ما رواه أبو هريرة

ص: 235

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ والتين والزيتون فقال: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)} [التين: 8] فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين رواه أبو داود والترمذي بإسناد ضعيف عن رجل أعرابي وعن أبي هريرة قال الترمذي وإنما يروى هذا الحديث عن الأعرابي ولا يسمى قال المصنف وقد روى ابن أبي داود وغيره زيادة على رواية أبي داود والترمذي في هذا الحديث ومن قرأ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)} [الأعراف: 185] فليقل آمنت بالله ومن قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} [القيامة: 40] فليقل بلى أشهد قال وعن ابن عباس وابن الزبير وأبي موسى الأشعري أنهم كانوا إذا قرأ أحدكم {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1] قال سبحان ربي الأعلى، قال الحافظ مقتضى كلامه أن الزيادة المتعلقة بالمرسلات ولا أقسم ليست عند أبي داود والترمذي وإن الزيادة المتعلقة بسيح ليست مرفوعة عن ابن عباس ولا من ذكر معه ومقتضى تقرير كلام الترمذي أن هذا الحديث لم يرد إلّا بهذا الإسناد وإن راويه عن أبي هريرة لم يرد مسمى والأمر بخلاف ذلك في الأمور الأربعة: أما الأول فإن الحديث بجملته عن أبي داود وإنما اقتصر على التين منه الترمذي وكأن الشيخ راجع الترمذي فظن أن أبا داود مِثله والعجب إن ابن أبي داود الذي نسب الزيادة إليه أخرجه عن شيخ والده ثم ساقه الحافظ عن أبي هريرة بجملته وفي آخره ومن قرأ {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1)} [القيامة: 1] فإني على آخرها ({أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} [القيامة: 40] فليقل بلى قال الحافظ هذا حديث حسن يتقوى بكثرة طرقه أخرجه أبو داود وأخرجه ولده أبو بكر في كتاب الشريعة عن شيخ أبيه في هذا الحديث عبد الله بن محمد الزهري لكن قال لم أجد في روايته ذكر أبي هريرة وكأنه سقط من كتابه والمعتمد إثباته كما في رواية أبيه وأخرجه من طريق أخرى بتمامه وفي آخره بلى وأشهد وأخرجه إسحاق بن راهويه وابن مردويه، وجاء تسمية التابعي المبهم عند ابن عيينة

ووافقه شعبة الراوي عن أبي هريرة عند إسماعيل ابن علية لكن لم يرفع الحديث فسماه عبد الرحمن بن القاسم قال ابن المديني حدثني به ابن علية فذكرته لابن عيينة فقال لم يحفظ قال ابن المديني وعبد الرحمن بن القاسم مكي والمحفوظ رواية ابن عيينة وتابعه شعبة قال الدارقطني في العلل وعبد الرحمن بن القاسم المذكور لم يسمع من أبي هريرة قال الحافظ تضمنت هذه الطريق تسمية الأعرابي وهو الأمر الثاني خلافًا لمن نفى ذلك، وجاء مسمى من وجه ثانٍ أخرجه ابن

ص: 236

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مردويه فسمى فيه محمد بن عبد الرحمن بن سعد عن أبي هريرة -قلت كذا في الأصل والظاهر إنه عبد الرحمن بن سعد كما يومئ إليه كلامه آخرًا والله أعلم- فذكر الحديث مفرقًا في السور الثلاث وعليه بعض الرواة فجعله سعد بن عبد الرحمن قاله الدارقطني وجاء مكنيًا عند الحاكم بأبي اليسع وأخرجه كذلك ابن مردويه فقال عن أبي اليسع وهو عبد الرحمن بن سعد ولم يصرح بمن سماه قال الحافظ وجميع هذه الطرق لا تثبت لأن مدارها على نصر بن طريف وهو شديد الضعف وكذا ابن أبي يحيى ويزيد بن عياض وعجب للحاكم كيف خفي عليه حاله حتى صححه، الأمر الثالث ذكر المصنف في المجموع حديث أبي هريرة بتمامه وقال رواه أبو داود والترمذي وهذا يخالف صنيعه في الأذكار لتصريحه فيه إن المرسلات والقيامة ليسا في رواية الترمذي وهو كما قال بالنسبة للترمذي خلافًا لما أطلق في المجموع ثم قال وهو حديث ضعيف وإن احتج به أصحابنا وكذا ذكره في الخلاصة في فصل الضعيف واقتصر في الروضة تبعًا لأصلها على المرسلات والتين، قال الحافظ وإطلاق الضعف على هذا الحديث متعقب فإنه قد جاء عن غير أبي هريرة فجاء من حديث البراء بن عازب أخرجه عنه ابن مردويه وحديثه قال قال صلى الله عليه وسلم لما نزلت ({أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} [القيامة: 40] سبحان ربي وبلى، قال الحافظ حديث غريب وفي سنده من فيه مقال وقد رواه مسلم بن قتيبة أحد الثقات عن شعبة فلم يسم الصحابي ومن حديث جابر أخرجه ابن المنذر في تفسيره وابن أبي داود في كتاب الشريعة وابن مردويه كلهم عن ابن المنكدر عن جابر فذكر فيه القيامة والتين ورجاله رجال المحيح إلَّا إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة فضعيف عندهم لكن تابعه أبو بكر الهذلي عن ابن المنكدر أخرجه الدارقطني في الأفراد وهو ضعيف أيضًا ومن حديث ابن عباس إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1] قال سبحان ربي الأعلى قال الحافظ بعد تخريجه من طريق عبد الله بن حنبل عن أبيه بسنده حديث حسن أخرجه أبو داود والحاكم وقال صحيح على شرطهما قال الحافظ لكن وقع اختلاف بين رواته في رفعه ووقفه ولهذا الاختلاف ينحط عن درجة الصحيح وإن كان رجاله مخرجًا لهم فيهما ومن حديث صحابي لم يسم أخرجه

ص: 237