الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لم يَطُل الفصلُ.
باب الدعاء بعد الأذان
روينا عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يُرَد الدُّعاءُ بَينَ الأذّانِ والإقامةِ"
ــ
تجيب الحائض لطول أمرها بخلاف الجنب والخبران لا يدلان على غير الجنابة وليس الحيض في معناها لما ذكرت اهـ. قال شيخ الإسلام زكريا وفي دعواه إن الخبرين لا يدلان على غير الجنابة نظر بل ظاهر الأول الكراهة للثلاثة وقد يقال يؤيدها كراهة الأذان والاقامة لهم ويفرق بأن المؤذن والمقيم مقصران حيث لم يتطهرا عند مراقبتهما الوقت والمجيب لا تقصير منه لأن إجابته تابعة لأذان غيره وهو لا يعلم غالبًا وقت أذانه اهـ. قال في شرح العباب وهو حسن متجه. قوله: (مَا
لَمْ يطُلِ الفَصل) فإن طال فلا تدارك ولو لعذر كما يصرح به ما في المجموع من عدم الإجابة بعد الصلاة إذا طال الفصل كذا في شرح العباب والإمداد لكنه نظر في الإمداد في اعتبار قصر الفصل قياسًا على اعتباره في تدارك سجود السهو بما مر آنفًا وهو يقتضي طلب تدارك الإجابة وإن طال الفصل حيث كان معذورًا وقد صرح بذلك كما سبق عنه وعلى الأول ففارق تدارك الناسي التكبير المشروع عقب الصلاة أيام النحر والتشريق والأذكار التي بعد السلام وإن طال الفصل لوجود ما يدل على التعقيب هنا وهو الفاء في خبر مسلم السابق ولانقطاع الإجابة مع الطول لشبهها برد السلام لما فيه من الخطاب بخلاف ترك التكبير ونحوه فيما ذكره الزركشي وابن العماد وبقاء التعقيب بقيد الإطلاق في كلام الأصحاب بأن لا يطول الفصل والله أعلم.
باب الدعاء بعد الأذان
قوله: (لَا يُرَد) أي يستجاب كما في رواية لابن حبان. قوله: (بَيْنَ الأذانِ والإقامَةِ) ولم أر من تعرض لما إذا أذن مؤذنو المسجد الحرام دفعة ثم أقامت الجماعة ثم قامت جماعة كما هو في سائر البلدان من تعدد الجماعة وترتبها جماعة فجماعة فهل يقال تنتهي الإجابة إلى الإقامة الأولى حملا على ما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم من أن الجماعة واحدة ويؤيده أنه ورد بين كل أذانين أي أذان وإقامة صلاة مع أنها غير متكررة بتكرار الإقامة أو يقال بدوامها وإن تعددت الإقامات لصدق اللفظ عليه لأن أل
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن السني وغيرهم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وزاد الترمذي في روايته في "كتاب الدعوات" من "جامعه"، قالوا: فماذا نقول يا رسول الله؟ قال:
ــ
في الأذان للجنس الصادق بالجميع قال الأصوليون من العام اسم الجنس المحلى بأل أو يفصل بين من لم يكررها كما إذا حضر قوم بعد تمام الجماعة السابقة فيدوم أولًا فلا كل محتمل ولعل الأخير أقرب والله أعلم. قوله: (رَوَاه أَبو دَاودَ) وسنده صحيح كما في شرح المشكاة لابن حجر وسيأتي ما فيه في كلام الحافظ وقال الحافظ الحديث حسن وهو غريب من هذا الوجه. قوله: (وغيرهم) كالترمذي والنسائي في الكبرى ورواه عبد الرزاق وسكت عليه أبو داود إما لحسن رأيه في زيد العمي وإما لشهرته في الضعف وإما لكونه في فضائل الأعمال وأما الترمذي فقال حديث حسن وقد رواه أبو إسحاق يعني السبيعي عن يزيد بن أبي مريم عن أنس قال أبو الحسن بن القطان وإنما يصححه لضعف زيد العمي وأما يزيد فموثق وينبغي أن يصحح من طريقه وقال المنذري طريق يزيد أجود من طريق معاوية التي رواها زيد العمي وقد رواها قتادة عن أنس موقوفًا ورواه سليمان التيمي عن أنس مرفوعًا اهـ، وقد نقل المصنف إن الترمذي صححه قال الحافظ ولم أر ذلك في شيء من النسخ التي وقفت عليها منها بخط أبي علي الصدفي ومنها بخط الكروخي وكلام ابن القطان والمنذري يعطي ذلك ويبعد أن الترمذي يصححه مع تفرد زيد العمي به وقد ضعفوه نعم طريق يزيد التي أشار إليها صححها ابن خزيمة وابن حبان وزاد ابن خزيمة في آخره بعد قوله في الإقامة فادعوا.
قلت وهذه الزيادة عند أبي يعلى أيضًا ورواه من طريق أخرى من غير هذه الزيادة وأخرجه ابن
حبان ووقع في روايته مستجاب بدل لا يرد. قوله: (وَزَادَ الترمذي إلخ) قال الحافظ هو كما قال لكن ليست هذه الزيادة في الرواية الأولى
"سَلوا الله العَافِيَةَ في الدنْيا والآخرَةِ".
وروينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلًا قال: "يا رسول الله إن المؤذنين يفضُلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قُلْ كما يَقُولُونَ فإذا انتهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَه" رواه أبو داود
ــ
التي حسنها أو صححها وإنما أخرجها من وجه آخر من رواية يحيى بن يمان عن الثوري وقال تفرد بهذا الحرف يعني الزيادة يحيى بن يمان وكان رجلًا صالحًا لكنهم اتفقوا على أنه كان كثير الخطأ ولا سيما في حديث الثوري قال ابن حبان شغلته العبادة عن إتقان الحديث وقد أخرج هذا الحديث أيضًا الحاكم من رواية حميد عن أنس لكن الراوي له عن حميد ضعيف جدًّا وكأنه خفي حاله على الحاكم فاستدركه ورواه أيضًا عن أنس يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف أخرجه الطبراني من طريقه مختصرًا ومطولا اهـ. قوله: (سَلُوا الله العَافيةَ) وردت الأخبار الكثيرة بطلب العافية فمنها خبر الترمذي أيضًا من فتح له باب من الدعاء افتتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئًا أحب إليه من أن يسأله العافية وقد تقدم تعريفها في باب ما يقول إذا استيقظ من منامه. قوله: (أَن رَجُلًا) لم أقف على من سماه وقد راجعت مبهمات المصنف والعراقي فلم أر فيهما شيئًا. قوله: (إِن المُؤَذنينَ يُفضلُونَنا) الظاهر أنه خبر أي فما تأمرنا به من عمل نلحقهم به فقال قل كما يقولون أي على ما سبق من الإتيان بالحوقلة بدل الحيعلة اهـ. قوله: (فإِذَا انْتهيتَ) أي من الإجابة (فَسلْ تُعطَهْ) بهاء السكت في الأصول لئلا تعود الألف المحذوفة للجازم لضرورة الوقف على الساكن ويمكن أن يكون الهاء مفعولًا عائدة إلى المسؤول المفهوم من سل، وذلك لأنك بين الأذان والإقامة والظاهر أن جملة فإذا انتهيت إلخ، زائدة على جواب السؤال فإن قوله قل كما يقولون أفاد أنه يقرب من ثواب المؤذن ثم نبهه على أمر يشترك فيه المؤذن والمجيب وغيرهما وهو استجابة الدعاء ممن دعا بين الأذان والإقامة ويؤيد ذلك حديث الطبراني من سمع المؤذن فقال مثل ما يقول فله مثل أجره وبه يعلم فضل الإجابة وعظيم ثوابها لما تقدم في الأذان من عظيم الثواب أشار إليه بقوله في شرح العباب.
قوله: (رَوَاه أَبو دَاودَ) قال الحافظ بعد تخريجه من طريق الطبراني في كتاب الدعاء حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي في الكبرى ورجاله موثقون من رجال الصحيح
ولم يضعفه.
وروينا في "سنن أبي داود" أيضًا في "كتاب الجهاد" بإسناد صحيح، عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثِنْتان لا تُرَدّان، أو قَل ما تُرَدّان: الدُّعاءُ
ــ
إلَّا واحدًا فاختلف فيه لكن تابعه فيه غيره فأخرجه الطبراني بسند ضعيف عن عمر مولى عفرة عن الحبلي عن ابن عمرو. قوله: (وَلَمْ يُضَعِّفْهُ) أي فيكون صحيحًا أو حسنًا وكان اقتصار ابن حجر في شرح المشكاة على التحسين لما تقدم في كلام ابن الصلاح من أنه الأمر المتيقن وزيادة رتبة الصحيح متوقف فيها أو لما نبه عليه الحافظ من الاختلاف في حال يحيى بن عبد الله راوي الحديث عن عبد الرحمن الحبلي عن ابن عمرو ثم الحديث رواه النسائي وابن حبان في صحيحه أيضًا ولفظهم سواء إلَّا إن عند النسائي تعط أي بغيرها.
قوله: (وَرَوينَا فِي سُنن أَبي دَاودَ) قال الحافظ بعد تخريجه حديث حسن صحيح أخرجه أبو داود والدارمي وابن خزيمة وابن الجارود والحاكم ورجاله رجال الصحيح إلّا اثنين فأحدهما مجهول والثاني مختلف فيه اهـ. وفي السلاح رواه الحاكم في المستدرك بهذا اللفظ أي الذي أورده المصنف وأخرجه ابن حبان بلفظ ثنتان لا يردان وهذا الحديث أورده في السلاح في إجابة الدعاء عند النداء بالصلاة ولم يورده في إجابة الدعاء بين الأذان والإقامة وقضيته أن يكون حال النداء إليها الشامل للأذان والإقامة لا بينهما ويؤيده ما أورده عن سهل ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء وقل داع ترد عليه دعوته حضرة النداء بالصف والصف في سبيل الله رواه مالك في الموطأ موقوفًا قال الحافظ هذا ما اتفق عليه رواة الموطأ ورواه بعض الثقات عن مالك مرفوعًا عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال صلى الله عليه وسلم ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء فذكره وزاد وعند الصف في سبيل الله أخرجه الدارقطني في غرائب مالك وأخرجه ابن حبان في صحيحه من وجه آخر وأخرجه الحافظ كذلك من طريق الطبراني والحديث محتمل لهما وزيادة في سبيل الله في الطريق الأولى لها شاهد من حديث ابن عمر عند الطبراني في كتاب الدعاء بلفظ تفتح أبواب السياء لقراءة القرآن وللقاء الزحف ولنزول القطر ولدعوة المظلوم وللأذان تفرد به حفص بن سليمان وهو ضعيف
عِنْد النِّدَاءِ وَعِنْدَ البأسِ حِينَ يُلْجِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا" قلت: في بعض النسخ المعتمدة: "يلحم" بالحاء، وفي بعضها بالجيم، وكلاهما ظاهر.
ــ
والحديث كما قال ابن رسلان ظاهر في أن الدعاء منه مقبول ومردود عند الله فيقبل ما شاء ويرد ما شاء قال تعالى: ({فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: 41] وهذه الآية مقيدة لقوله تعالى: {أَستَجِبْ لَكم} [غافر: 60] ولقوله: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]. قوله: (عِنْدَ النداءِ) أي الأذان كما استظهره الجلال السيوطي قال ابن رسلان رواية ساعتان لا يرد فيهما على داع دعوته حين تقام الصلاة فيحتمل أن يراد بالنداء إقامة الصلاة كما في هذه الرواية لكن الظاهر أن المراد بالنداء الأذان لحديث الحاكم إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء فليتحين المنادي أن ينتظر بدعوته حين يؤذن المؤذن فيجيبه ثم يسأل الله تعالى حاجته اهـ، وعند يحتمل أن يكون بمعنى بعد آخذًا من الأحاديث المذكورة آنفًا وأن تكون على حالها وتكون هذه الرواية مفيدة ما لم تفده تلك من استجابة الدعاء المقارن لا وله وأثنائه أيضًا لكن ظاهر إيراد المصنف الخبر في هذا الباب أن عند بمعنى بعد. قوله:(البأْسِ) أي الحرب والشدة. قوله: (حِينَ يُلْحِمُ بَعْضهُمْ بَعْضًا) بدل مما قبله لبيانه أي يقتله ويتسبب فيه حتى لا يجد له عنه مفرًا. قوله: (يلحمُ بالحاءِ) المهملة قال في السلاح يقال لحم الرجل واستلحم إذا نشب في الحرب فلم يجد مخلصًا ولحم إذا قتل فهو ملحوم ولحم وفي شرح المشكاة من لحمه وألحمه إذا التصق به التصاق اللحم بالعظم أو من لحم إذا قتل كأنه جعله لحمًا وفي النهاية ألحم الرجل إذا نشب في الحرب فلم يجد له مخلصًا وألحمه غيره فيها ولحم إذا قتل ولحمته إذا قتلته والملحمة المقتلة اهـ. وقال ابن رسلان أي ينشب بعضهم ببعض في الحرب كما يلحم الثوب بالسدي يقال لحم الرجل واستلحم إذا نشب في الحرب فلم يجد له مخلصًا منه اهـ. قوله:
(بالجيم) لكن اقتصر على الأول الجمهور حتى ضبطه السيوطي في حاشيته بالحاء المهملة والحكمة في قران النداء بالجهاد ما في كل منهما من مجاهدة أعداء الله إذ في الأول جهاد الشياطين كما سبق أنه يفر عند سماع الأذان وله ضراط وفي الثاني جهاد الكفار المشركين فلما تم استسلامه لأمر ربه وجهاده لأعدائه