المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ٢

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌باب ما يقول إذا أراد صب ماء الوضوء أو استقاءه

- ‌باب ما يقول على وضوئه

- ‌باب ما يقول عند اغتساله

- ‌باب ما يقول على تيممه

- ‌باب ما يقول إذا توجه إلى المسجد

- ‌باب ما يقول عند دخول المسجد والخروج منه

- ‌باب ما يقول في المسجد

- ‌باب إنكاره ودعائه على من ينشد ضالة في المسجد أو يبيع فيه

- ‌باب دعائه على من ينشد في المسجد شعرًا ليس فيه مدح للإسلام ولا تزهيد والحث علي مكارم الأخلاق ونحو ذلك

- ‌باب فضيلة الأذان

- ‌باب صفة الأذان

- ‌باب صفة الإقامة

- ‌باب ما يقول من سمع المؤذن والمقيم

- ‌فائدة

- ‌باب الدعاء بعد الأذان

- ‌باب ما يقول بعد ركعتي سنة الصبح

- ‌تتمة

- ‌باب ما يقول إذا انتهى إلى الصف

- ‌باب ما يقول عند إرادته القيام الي الصلاة

- ‌باب الدعاء عند الإقامة

- ‌باب ما يقول إذا دخل في الصلاة

- ‌باب تكبيرة الإحرام

- ‌باب ما يقوله بعد تكبيرة الإحرام

- ‌باب التعوذ بعد دعاء الاستفتاح

- ‌باب القراءة بعد التعوذ

- ‌فائدة

- ‌باب أذكار الركوع

- ‌خاتمة

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من الركوع وفي اعتداله

- ‌باب أذكار السجود

- ‌باب ما يقول في رفع رأسه من السجود وفي الجلوس بين السجدتين

- ‌باب أذكار الركعة الثانية

- ‌باب القنوت في الصبح

- ‌باب التشهد في الصلاة

- ‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

الفصل: ‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

وإذا قال الصحابي: من السنة كذا كان بمعنى قوله: قال رسول الله، هذا هو المذهب الصحيح المختار الذي عليه جمهور العلماء من الفقهاء والمحدثين، وأصحاب الأصول، والمتكلمين رحمهم الله، فلو جهر به كره، ولم تبطل صلاته، ولا يسجد للسهو.

‌باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

اعلم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

ــ

بن إسحاق إلَّا بالعنعنة وقد اتفق الحفاظ على عدم الحكم لمعنعنه بالاتصال لكن أخرجه الحاكم والبيهقي عن الحسن بن عبد الله النخعي عن عبد الرحمن بن الأسود أي النخعي عن أبيه عن ابن مسعود ولفظه من سنة الصلاة أن يخفى التشهد وهذه متابعة قوية لمحمد بن إسحاق فإنه يرويه عن عبد الرحمن المذكور وأخرج الحاكم للحديث شاهدا من حديث عائشة قالت لما نزلت ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا

تُخَافِت بِهَا} [الإسراء: 110] هذا حديث صحيح السند غريب المتن أخرجه المعمري وأبو جعفر الطبري في التفسير كلهم عن حفص بن غياث وهو من رجال الصحيح وكذا من قوله إلى منتهى السند لكن أخرجه البخاري في التفسير من طريق زائدة والدعوات من طريق مالك بن سعير وكلهم عن هشام بن عروة عن أبيه عنها بلفظ نزلت في الدعاء فإن كان حفص حفظه فهو أخص ما ورد وقد أخرج البخاري أيضًا من حديث ابن عباس أنها نزلت في القراءة في الصلاة وذكر قصة لسبب النزول ورجحه الطبري ثم النووي ويمكن الجمع اهـ.

قلت وقد تقدم في الفصول أوائل الكتاب بسط في هذه الآية ونقل الأقوال وتحريرها فليراجعه من أراده. قوله: (وإذَا قَال الصحابيُّ مِنَ السُّنَّةِ كَذَا إلخ) فيكون موقوفًا لفظًا مرفوعًا حكمًا بخلاف قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرفوع لفظًا وحكمًا وبه يعلم أن التشبيه في كون كل منهما مرفوعًا وإن تفاوتت رتبتهما فيه. قوله: (ولا يَسجدُ للسهو) لأنه من الهيئات.

باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

قيل الصلاة من الله ثناؤه عليه عند ملائكته والصلاة من الملائكة

ص: 339

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمؤمنين دعاؤهم له أي طلبهم له ذلك من الله أي طلب زيادته لوجود أصله بنص القرآن وعلى هذا يحمل قول ابن عباس معنى صلاة الملائكة الدعاء بالبركة أي الزيادة وهذا معنى صلاتنا أيضًا كما تقرر ورجح بأن فيه استعمال لفظ الصلاة في حقه تعالى وحق الملائكة والمؤمنين بمعنى واحد وبه يتضح قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: 43] فصلاته تعالى رحمنه وصلاتهم سؤالهم إياها لعباده وقيل الصلاة منه تعالى مغفرة ومن الملائكة استغفار ويمكن رجوعه لما قبله بجعل المغفرة نوعًا من أنواع ذلك التعظيم والاستغفار نوعًا من أنواع ذلك الدعاء واقتصر عليهما للاهتمام بهما وقيل الصلاة منه تعالى الرحمة ومن الملائكة رقة تبعث على استدعاء طلب الرحمة والثاني يرجع لما مر أنها منهم الدعاء، والأول إن أريد بالرحمة فيه المقرونة بالتعظيم لما مر أيضًا أنها من الله ثناؤه عليه وإن أريد مطلق الرحمة توجه الاعتراض عليه بأن الله تعالى غاير بينهما في قوله:{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ، والملائكة فهموا المغايرة بسؤالهم عن معنى الصلاة في الآية مع أنهم علموا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فلو اتحدتا لما سألوا عن الصلاة ولقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم قد علمتم الصلاة بعلمكم الدعاء بالرحمة وأيضًا فقد أجمعوا على جواز الترحم على غير الأنبياء فهذا صريح في مغايرتهما وسيأتي في أول كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المقام مزيد تحقيق والله ولي التوفيق.

نعم قد تأتي الصلاة بمعنى الرحمة كما في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: 43] وحينئذٍ فالصلاة على الأنبياء تختص بالرحمة المقرونة بالتعظيم وعلى غيرهم لا تختص بذلك بل قد يكون فيها ما هو مقرون بنوع تعظيم وقد لا يحسب مراتب المؤمنين ومما يؤيد ذلك أن من المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرحمة أرفع مما يليق بغيره وقد أجمع المسلمون على ذلك في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] إلخ، من تعظيم شأنه والتنويه بشرفه ما ليس في غيرها، وشرح الحلبي أنواعًا من ذلك التعظيم فقال معنى قولنا اللهم صل على محمد عظم محمدًا في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمته وإبداء فضيته بالمقام المحمود وكونها لنحو هذا التعظيم في حقه صلى الله عليه وسلم لا يستلزم كونها كذلك بالنسبة إلى نحو آله وأصحابه المذكورين معه لما مر أنها على كل إنسان بحسب ما يليق به من الرحمة العامة أو المقرونة بنوع تعظيم

ص: 340

واجبة عند الشافعي رحمه الله بعد التشهد الأخير، فلو تركها لم تصح صلاته، ولا تجب الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم

ــ

قال العز بن عبد السلام ليس صلاتنا عليه شفاعة له فإن مثلنا لا يشفع لمثله ولكن الله تعالى أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا فإن عجزنا عنها

كافأنا بالدعاء فأرشدنا العظيم لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وتقدمه لذلك الحليمي ووافقهم ابن العربي المالكي وقال بعضهم فيها فائدة أخرى لما تقدم أن معنى صلاتنا عليه طلب للزيادة له من ثناء الله تعالى عليه وتعظيمه وتشريفه بين ملائكته ففيها الزيادات الحاصلة بالصلاة التي أمرنا بها عليه المرقيات إلى مراتب درجات تليق بكماله لا يعلم كنهها إلّا المتنفل بها عليه ففي الصلاة عليه فوائد له وللمصلين عليه صلوات الله وسلامه عليه. قوله: (واجبةٌ عِنْدَ الشافعي رحمه الله بَعدَ التشهدِ الأخير) قال ابن حجر في شرح المشكاة تجب فيه أي حتى على النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه ويدل للوجوب أحاديث صحيحة كحديث ابن مسعود البدري أنهم قالوا يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذ نحن صلينا في صلاتنا قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الحديث صححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم ومرادهم بالسلام الذي عرفوه سلام التشهد وفي الأم للشافعي فرض الله الصلاة على رسوله بقوله: {صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] ولم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولى منه في الصلاة ووجدنا الدلالة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ثم ساق بسنده حديث أبي هريرة إنه قال يا رسول الله كيف نصلي عليك يعني في الصلاة قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وحديث كعب بن عجرة إنه قال يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد قال الشافعي فلما جاء إنه كان يعلمهم التشهد في الصلاة وأنه علمهم كيف يصلون عليه في الصلاة لم يجز أن يقول التشهد واجب والصلاة عليه فيه أي بعده غير واجب.

واعترض عليه بأن الحديثين من رواية شيخه إبراهيم وهو ضعيف وبفرض صحته لم يصرح بالقائل يعني، وبأن الثاني وإن كان ظاهره إن المراد من الصلاة ذات الركوع لكنه محتمل أن يراد بها فيه الصلاة عليه أي كان يقول ذلك في صفة الصلاة عليه

ص: 341

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويؤيده إن أكثر الطرق عن كعب بن عجرة تدل على أن السؤال وقع في صفة الصلاة لا محلها وبأنه ليس في الحديث ما يعين إن محلها بعد التشهد وقبل السلام وبأنه تفرد بذلك إذ الإجماع وعمل السلف الصالح على خلافه وبأن جماعة من أهل مذهبه شنعوا عليه وبأنها لو وجبت لكان في تعليمهم التشهد دونها تأخير للبيان عن وقت الحاجة على أنه لما علمهم إياه قال فليتخير من الدعاء ما شاء ولم يذكر الصلاة عليه وبأنه اختار تشهد ابن مسعود وليس فيه ذكرها.

هذا حاصل ما اعترض به عليه وهو ساقط بالمرة، أما ما يتعلق بالحديثين فجوابه أن الشافعي يوثق شيخه المذكور فكفى توثيقه لو لم يخبره فكيف وقد خبره وأحاط من شأنه بما لم يحط به غيره على أن حديثيه المذكورين ورد بل صح أحاديث أخر تعضدها منها خبرًا أبي مسعود البدري السابق رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابنا خزيمة وحبان والحاكم والدارقطني والبيهقي ولا يضر أن ابن إسحاق فيه لأنه صرح بالتحديث في روايته فصار حديثه مقبلًا صحيحًا على شرط مسلم كما ذكره الحاكم، ومنها خبر أبي داود والنسائي والترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال إنه على شرط مسلم عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يدعو في صلاته ولم يحمد الله

ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عجل هذا ثم دعاه فقال له أو لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بالحمد لله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بما شاء، ومما يعني أنه في تشهد الصلاة الروايات الصحيحة عن فضالة نفسه إذ فيها سمع رجلًا يدعو في صلاته إذ لا يصح حمله على غير ذات الأركان إذ يدعو في دعائه بما شاء وحمله على غير ذات الأركان ركيك بعيد فلا يحمل الحديث عليه وفيها أيضًا عجلت أيها المصلي إذا صليت فقعدت فأحمد الله بما هو أهله ثم صل علي ثم ادعه، ففي قوله فقعدت بعد صليت أوضح دلالة على أن المراد قعود التشهد الأخير، ومنها ما رواه الحاكم وصححه لكن تعقب عن ابن مسعود مرفوعًا إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلخ، وهذا من أوضح الأدلة وأصرحها وسيأتي عند رواته اصرح من هذه في أواخر هذه القولة، ومنها ما روى الشافعي في الأم عن كعب بن عجرة كان صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وظاهره وجوبها عليه صلى الله عليه وسلم، وروى أبو عوانة أنه صلى الله عليه وسلم فعلها في التشهد الأخير وهو أولى المحال بها لكونه

ص: 342

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خاتمة الأمر وقد سبق خبر صلوا كما رأيتموني أصلي ولم يخرجها شيء عن الوجوب إذ لم يثبت أنه تركها في التشهد الأخير بخلاف التشهد الأول فقد ثبت جبر تركها بسجود والواجب يتدارك ولا يترك، وأما زعم تفرده بذلك وما يتعلق به فهو قصور من قائليه وإن كثروا كيف وقد نقل أصحابنا الحفاظ والفقهاء القول بالوجوب عن جمع من الصحابة منهم ابن مسعود وأبو مسعود البدري وجابر بن عبد الله وعمر وابنه عبد الله وجماعة من التابعين كالشعبي والباقر وأبيه وابنه وناهيك بهم ومحمد بن كعب القرظي ومقاتل بن حبان، وظاهر كلام الشعبي وهو من كبار التابعين أن ذلك إجماع أو قريب منه حيث قال كما رواه البيهقي عنه بسند قوي كنا نعلم التشهد فإذا قال وأشهد أن محمدًا رسول الله يحمد ربه ثم يثني عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأل حاجته، بل قال خاتمة الحفاظ شيخ الإسلام ابن حجر لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم الوجوب إلّا ما نقل عن إبراهيم النخعي ومع ذلك فلفظ المنقول عنه يشعر بأن غيره كان قائلا بالوجوب اهـ. وحينئذٍ فكيف يدعي أن الإجماع أو عمل السلف الصالح على خلاف قول الشافعي وممن وافقه من فقهاء الأمة أحمد في القول الأخير وعليه أكثر أصحابه ومالك واعتمده ابن المواز من أصحابه وصححه ابن الحاجب في مختصره وابن العربي في سراج المريدين وقول الخطابي لا أعلم له فيها قدوة فيه نوع عذر له لأنه إنما نفى علمه الدال على غفلته مع كونه إمام السنة في وقته عما ذكرناه من الأحاديث الصريحة فيه وسبق القول بها عمن مر من الصحابة وغيرهم وقوله عمل السلف الصالح وإجماعهم على خلافه زلة منه بعد معرفة ما تقرر فإن أراد بالعمل الاعتقاد فزلة أعظم لأنه يتوقف على نقل صريح صحيح عنهم أنها ليست بواجبة ولن يجد ذلك مع ما قدمناه من إن ذلك لم يحفظ عن صحابي أو تابعي إلا النخعي، ومن ثم قال بعض الحفاظ إن استدللتم بعمل الناس فهو من أقوى أدلتنا فإنه لم يزل عملهم مستمرا عليها آخر صلاتهم إمامهم ومأمومهم مفترضهم ومتنفلهم وهذا مما لا يمكن إنكاره وإن استدللتم بالإجماع فباطل وساق ما تقدم ولم يخالف الشافعي من أصحابه إلَّا من شذ واستروح كالخطابي وابن المنذر وابن جرير وكأنه لم يقف على هذه الأحاديث أو لم تصح عنده،

وقد عد القول بإيجابها في التشهد الأخير من محاسن مذهب إمامنا الشافعي بل قال بعض المحققين لو سلم تفرده بذلك لكان جيد التفرد وزعم القاضي عياض إن الناس شنعوا عليه جوابه

ص: 343

فيه على المذهب الصحيح المشهور، لكن تستحب.

ــ

إنه لم يشنع عليه إلّا من غفل أو سها عما قدمناه ومثل ذلك لا يعول عليه ولا يلتفت إليه وأي شناعة في إثبات حكم دل عليه الكتاب إذ فيه صلوا عليه وهي لا تجب في غير الصلاة إجماعًا وقول جماعة بوجوبها خارجها رد بأنه خرق للإجماع والسنة للأحاديث المصرحة بوجوبها في الصلاة بل بعد التشهد والقياس الجلي والمصلحة الراجحة لأن السلام إذا وجب فيها على نفس المصلي وعباد الله الصالحين فأولى إن تجب الصلاة التي اختص بها الأنبياء وصارت شعار التعظيم على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ولكونها صارت الشعار الأعظم في حقهم يكف عنها وجوب السلام قال الأئمة ولا ريب أن القائل بجواز ترك هذا الشعار الأعظم على أعظم خلق الله وأفضلهم في أعظم عبادات البدن وأفضلها وهو الصلاة هو الأولى بالتشنيع والأحق بالتفريط والتضييع، ومن ثم قال ابن الضحاك المالكي فيما نقله عنه ابن صعد التلمساني في كتابه مفاخر الإسلام ردًّا على القاضي عياض وعجبي ممن شنع على الشافعي مذهبه السديد ويرضى لنفسه بدلا من الاجتهاد بحضيض التقليد والشافعي ما قال ذلك إلّا عن أوضح حجة وأهدى دليل مع ما فيه من عموم التعظيم للنبي الكريم عليه الصلاة والتسليم قال ابن صعد وما زعمه عياض من الإجماع على عدم الوجوب مردود، وقال بعض حفاظ الحنابلة وأما التشنيع عليه فقل للمشنع أما تستحي من شناعتك وهل إيجابها إلَّا من محاسن مذهبه وهل خالف نصًّا أو إجماعًا أو قياسًا أو مصلحة راجحة فمن أي وجه يشنع عليه اهـ. قيل وكان الأنسب بغرض شفائه من مزيد إظهار شرفه صلى الله عليه وسلم اختيار وجوبها لو فرض صحة ما زعمه رعاية لذلك الغرض كما خالف الجمهور في اختياره طهارة فضلاته صلى الله عليه وسلم رعاية لذلك، وأما قولهم لو وجبت إلخ، فجوابه أن ذلك التلازم لا يقال إلَّا إن ادعى الخصم أن الصلاة فرضت مع التشهد أما إذا لم يتحقق فلا يتحقق ذلك التلازم لاحتمال تأخر فرضها مع التشهد عن فرضه على أن الذي في الصحيح ثم ليتخير وثم وضعها للتراخي يدل على أنه كان بين التشهد والدعاء شيء وأما قول عياض إن الشافعي اختار تشهد ابن مسعود فهو سهو منه وهو قبيح لكونه في محل الاستدلال والإلزام والذي مر عن الشافعي فيه قولان الجديد اختيار تشهد ابن عباس والقديم تشهد عمر وقوله وليس فيه ذكرها يرده ما أخرجه الحاكم

ص: 344

وقال بعض أصحابنا: تجب.

ــ

بسند قوي عن ابن مسعود قال يتشهد الرجل ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو لنفسه فتأمل هذا التصريح من هذا الخبر يعني ما قاله الشافعي وأشار إليه فيما مر أنه صلى الله عليه وسلم علمهم التشهد في الصلاة فإنه قال ثم ليختبر كما علمت وجهه آنفًا فلما ثبت عن ابن مسعود الأمر بالصلاة عليه بالتشهد وقبل الدعاء دل على أنه اطلع على زيادة ذلك بين التشهد والدعاء والدفع حجة من تمسك بحديث ابن مسعود في دفع ما ذهب إليه الشافعي وقول الخطابي إن في آخر حديث ابن مسعود إذا قلت هذا أي التشهد فقد قضيت صلاتك مردود بأن هذه زيادة مدرجة فلا دليل فيها فعلم دفع ما وقع فيه المعترضون من الغلط والإفراط أو التفريط والشطط غفر الله لنا ولهم ولجميع المسلمين آمين.

ويحصل واجب الصلاة باللهم صل على محمد أو رسوله أو النبي أو صلى الله على محمد، لأنه دعاء بلفظ الخبر فيكون أولى لأنه آكد وفارق الصلاة على محمد أنه ليس فيه إسناد الصلاة إلى الله فلم يكن في معنى الوارد ومن ثم اتفقوا على عدم إجزائه وألحق به صليت على محمد وهو واضح أو على رسوله أو على نبيه أو النبي ولا يكفي على أحمد ولا عليه وفارق أحمد محمدًا بأن الأول لم يغلب استعماله والنبي الرسول بأنه يطلق شائعًا على غير رسول الله بخلاف النبي ولذا كره الشافعي أن يقال قال الرسول أو زرنا الرسول أو نحو ذلك بخلاف قال النبي ولا يكفي إبدال لفظ الصلاة بالسلام أو بالرحمة لأنهما لا يؤديان معناها كما عرف مما تقدم. قوله:(وقَال بَعْضُ أَصْحابِنا تَجِبُ) قال ابن حجر في شرح المشكاة ووجهه ظاهر لأن الحديث صريح فيه وهو قوله عطفًا على المأمور به وعلى آل محمد وأجاب كثيرون إلى أن هذا القول مخالفًا للإجماع قبل قائله على أنها لا تجب على الآل كما في المجموع وقضية عبارة المصنف أنه ليس قولًا للشافعي وبمثله عبر في المنهاج لكن صريح قول الروضة فيه قولان خلافه وبه يتضح قول الأوزاعي في ثبوت الإجماع نظر وأجاب آخرون بأنهم أسقطوا في رواية للبخاري في حديث أبي سعيد لكنه أثبتها في البركة مع أنهم لم يسألوه عن البركة ولا أمر بها في الآية فحديث أبي حميد المتفق عليه ليس فيه الصلاة على الآل ولا فيه ذكر البركة عليهم أيضًا، وجواب ثالث وهو أن المعتمد في الوجوب الأمر في الآية فذكر الآل في جواب طلبهم له بأن ذلك المأمور من باب إجابة السائل بأكثر مما سأل لمصلحة هي هنا التنبيه على الأكمل وما يلزم عليه من

ص: 345

والأفضل أن يقول: "اللهُم صَل على مُحَمدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ النبي الأمّي،

ــ

استعمال الأمر في حقيقته ومجازه لا يرد علينا لأنا قائلون بجوازه كما حقق في الأصول. قوله: (والأَفضلُ أَن يقولَ إلخ) هو ما جرى عليه المصنف في التحقيق والفتاوى كما نقله الأذرعي عن التحقيق ولم ينظر لقول الأسنوي إلّا إنه لم يأت بالنبي الأمي في المرة الثانية التي هق عقب وبارك على محمد وكأن نسخه مختلفة قلت ونقل ابن حجر في الدر المنضود حذف النبي الأمي عقب وبارك عن الفتاوى ولعل نسخها مختلفة أيضًا والذي في الروضة والأكمل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ونقله في المجموع عن الشافعي والأصحاب كذلك إلَّا إنه أسقط على الداخلة على آل إبراهيم في الموضعين قال الأسنوي مع أنه قد ورد إثباتهما في سنن البيهقي وصححه ابن حبان والحاكم وإن كان بلفظ آخر قال ابن حجر في شرح العباب واعترض كون هذا هو الأكمل بأن ذلك خرج جوابًا لسؤال والظاهر اتحاده وأنه صلى الله عليه وسلم أجاب بجميع الثابت من ذلك غير أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظه الآخر وطريق الإتيان بالمشروع من ذلك استيفاء الجميع قال وقد فات النووي أشياء لعلها توازي ما ذكره أو تزيد عليه استوفيتها في الدر المنضود في الصلاة على صاحب المقام المحمود ومحل ندب هذا الأكمل لمنفرد وأمام من مر وإلّا اقتصر على الأقل كما صرح الجويني وغيره وبحث الأذرعي في منع الزيادة على الواجب إن خشي خروج وقت الجمعة وتردد في غيرها والأرجح في غيرها إنه إن شرع والوقت متسع يسعها جاز له التطويل ما شاء وإلّا فلا اهـ. وفي الدر المنضود بعد ذكر ما ذكره الشيخ واعترض عليه بأنه.

قوله: (النبي الأميِّ) بالتشديد نسبة إلى الأم أي الذي لا بكتب ولا يقرأ أي المكتوب لقوله صلى الله عليه وسلم نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب كأنه على حالته حين ولدته أمه بالنسبة إلى الكتابة ونسب إليها لأنه على وصفها الغالب في جنسها وهو عدم الكتابة أو إلى أم القرى لأنها بلده وخلقت من طينته أو إلى أمته الغالب عليهم عدم الكتابة وهم العرب أو إلى جميع أمته لاهتمامه بشأنهم وبذله أقصى ما يمكنه

ص: 346

وعلى آلِ مُحَمَد وأزواجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ،

ــ

في صلاحهم وهدايتهم أو إلى أم القرآن الفاتحة لأنها لم تنزل على غيره أي باعتبار ما اشتملت عليه من جميع معاني القرآن الكلية ومقاصده العلية أو إلى الأمة أي القينة بالنسبة لسداجتها قبل أن تعرف قال ابن حجر في شرح المشكاة وفي أكثر هذه الأقوال نظر وعلى كل ففيه تمدح أي تمدح وتشرف أي تشرف بعدم الكتابة ومن ثم كان عدمها من معجزاته ليتم قهر من ناواه وعاداه بما أبهر الفصحاء وأعجز البلغاء مما أوتيه من الآيات وأتحفه من المعارف والعلوم التي ليس لها غايات قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)} [العنكبوت: 48] وقال {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: 157]صلى الله عليه وسلم: (وعَلَى أَلِ محمدٍ) وهم مؤمنو بني هاشم والمطلب وقال بعضهم مؤمنو بني هاشم فقط ويطلق الآل على سائر الاتباع قيل وينبغي تفسيره به هنا واختاره مالك كما ذكره ابن العربي والأزهري والمصنف في شرح مسلم وقيده القاضي حسين بالأتقياء وحمل غيره كلام المطلقين عليه وقيل يبقى على إطلاقه بأن يراد بالصلاة الرحمة المطلقة وروي تمام في فوائده والديلمي عن أنس قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من آل محمد قال كل تقي من آل محمد زاد الديلمي ثم قرأ {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إلا الْمُتَّقُونَ} [الأنفال: 34] وإسنادهما ضعيف بل واهٍ جدًّا ولولا ذلك لتعين الجمع بأن الآل في الدعاء المتقون من الأمة وفي منع الزكاة مؤمنو بني هاشم والمطلب لأن الدعاء كلما كان أعم كان أتم "وأزواجه" جمع زوج يطلق في الأفصح على الرجل والمرأة قال تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] وأما الزوجة فجمعها زوجات قيل والأظهر أنه يشمل سائر أزواجه ولو غير مدخول بها لأنها محرمة على غيره صلى الله عليه وسلم وفي رواية مسلم التقييد بأمهات المؤمنين فعليها يخرج غير المدخول بها لأنها ليست من أمهات المؤمنين وعدتهن اثنتا عشرة خديجة فسودة فعائشة فحفصة فزينب الهلالية وتكنى أم المساكين فأم سلمة فزينب بنت جحش فجويرية المصطلقية فريحانة النضرية فأم حبيبة الأموية فصفية الإسرائيلية فميمونة الهلالية وعقد على سبع ولم يدخل بهن. قوله: (وذُرِّيّتهِ) بضم المعجمة ويجوز كسرها من الذر أي الخلق وسقط الهمزة تخفيفًا من ذرأ أي فرق أو من الذر وهو النمل الصغار لخلقهم أولًا على صورته فعليهما لا همزة فيه

ص: 347

كما صَلَّيْتَ عَلى إبرَاهِيمَ وعلى آلِ إبرَاهِيمَ

ــ

وهو نسل الإنسان من ذكر أو أنثى وعند أبي حنيفة لا يدخل فيها أولاد البنات إلَّا أولاد بناته صلى الله عليه وسلم لأنهم ينسبون إليه في الكفاءة وغيرها فهم هنا أولاد فاطمة وكذا غيرها من بناته رضي الله تعالى عنهن أجمعين لكن بعضهن لم يعقب وبعضهن انقطع عقبه والعقب إنما للسيدة فاطمة رضي الله عنها. قوله: (كمَا صلَّيتَ عَلَى إِبْراهِيمَ إلخ) آل إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وأولادهما وإن ثبت لإبراهيم أولاد من غير سارة وهاجر فهم داخلون لا محالة والمراد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم والصديقون والشهداء والصالحون

منهم دون غيرهم منهم وجميع أنبياء بني إسرائيل من إسحاق وليس في ذرية إسماعيل غير نبينا صلى الله عليه وسلم قالوا ففيه إشارة إلى أنه يعدل سائر الأنبياء الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام وخص إبراهيم بالذكر لأنه الذي سأل في بعث محمد صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة ولسؤاله أن يجعل له لسان صدق أي ثناء في الآخرين قيل ولأنه رأى في النوم اسم محمد مكتوبًا بأعلى أشجار الجنة فسأل الله أن يجري ذكره على ألسنتهم ولأن الرحمة والبركة لم يجتمعا لآل نبي غيره قال تعالى: ({رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: 73] فالتشبيه في الحديث لذلك أو ليطلب له ولآله وليسوا أنبياء منازل إبراهيم وآله الأنبياء فالتشبيه للمجموع بالمجموع ومعظم الأنبياء آل إبراهيم فإذا قوبلت الجملة بالجملة وتعذر أن يكون لآله صلى الله عليه وسلم ما لآل إبراهيم كان ما توفر من ذلك وهو آثار الرحمة والرضوان حاصلا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيزيد الحاصل له على الحاصل لإبراهيم ومن كان ذلك في حقه أكثر كان أفضل، واعترض بأن غالب طرق الحديث اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم من غير ذكر الآل، ويرد بأن ذلك وإن سلم أنه الغالب لا يمنع الأخذ بغيره إذا صح سنده وما نحن فيه كذلك فلا فرق إذا بين أن يكون غالبًا أو مغلوبًا وقيل إنه لا يطلب لآله وليسوا أنبياء منازل إبراهيم وآله الأنبياء والتشبيه عائد لقوله وآل محمد وهذا نقله الشيخ أبو حامد عن الشافعي وقال إنه مخالف لقاعدته الأصولية في رجوع المتعلقات لجميع الجمل وما ينظر به فيه مجيء التشبيه مع حذف الأول في رواية البخاري ووجود التشبيه لمحمد بآل إبراهيم وبأن غير الأنبياء لا يمكن أن يساووهم فكيف يطلب وقوع ما لا يمكن وقوعه قال ابن القيم وهو ركيك بعيد من كلام

ص: 348

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العرب، وأجيب بأن محل رجوع المتعلق للكل حيث لم يمنع منه مانع كما هنا إذ فيه خوف محذور وهو أنه يوهم أفضلية إبراهيم عملا بقاعدة إن المشبه به أفضل من المشبه غالبًا وعن رواية البخاري بأنها مؤولة بأن آل فيها مقحمة كخبر لقد أوتي مزمارًا من مزامير آل داود إذ لم يكن حسن الصوت إلّا داود نفسه قال ابن حجر في شرح المشكاة ولا يحتاج إلى ذلك لأن المضاف إليه آل إذا لم يذكر المضاف إليه معه مفرد أيضًا يدخل فيه ولا يخرج عنه إلَّا بقرينة كما ذكر آنفًا ويشير إليه قوله تعالى:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] ويدل له ما في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى أن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة فقال اللهم صل على آل أبي أوفى ومن المعلوم أن أبا أوفى هو المقصود بالذات بهذا الدعاء فيكون دخول إبراهيم فيما ذكر من هذه الرواية دخولا أوليا أصليًّا لأنه الأصل المستتبع لسائر آله وزعم أن تقدير الشافعي المذكور بعيد من كلام العرب ليس في محله وأي مانع من تعلق الجار والمجرور بالمعطوف فقط لداع إليه هو هنا خوف محذور إيهام أفضلية إبراهيم عملا بالقاعدة السابقة فما قاله الشافعي ظاهر لا غبار عليه، وأما أن غير الأنبياء لا يساويهم فأجيب عنه بأنه تبعوا نبينا لم يبعد أن يسأل لهم الرحمة المقرونة بالتعظيم التي هي نظير ما للأنبياء والاستحالة المذكورة إن سلمت إنما هي في غير من لم تكن له تبعًا وقصد المماثلة في الصفات التي هي أسباب للثواب لا الثواب فحسب ومما يصرح بهذا أن الصلاة خاصة بالأنبياء ومع ذلك يستعمل في تابعيهم تشريفًا لهم، وأجيب أيضًا بأنه لا يمتنع طلب الثواب الحاصل لهم بالصلاة لا جميع الصفات وما ذكره ابن القيم من أنه ركيك بعيد من كلام العرب موجود

بأنه ليس ركيكًا إذا التقدير اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إلخ، فلا يمتنع تعلق التشبيه بالجملة الثانية وفيه نظر لما ذكر من القاعدة الأصولية إلَّا أن يقال بما تقدم إن محلها حيث صلح رجوع المتعلق إلى الجميع وهنا لم يصلح إلا للأخير فيتعين أو يقال التشبيه لأصل الصلاة دون رتبتها ومقدارها كما قالوا في ({كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] إنه تشبيه في أصل الصوم دون قدره وكما في {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} [النساء: 163] وهذا

ص: 349

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منسوب للشافعي أيضًا ورجحه القرطبي في المفهم وضعفه ابن دقيق العيد، قال المصنف في شرح مسلم المختار أحد هذه الأقوال الثلاثة أو يقال التشبيه لنبينا بإبراهيم ولا محذور فيه والتوهم السابق مندفع بالأدلة الخارجية المصرحة بأفضلية نبينا صلى الله عليه وسلم على إبراهيم وغيره وبالإجماع على ذلك أو يقال إنما يلزم ذلك لو لم يكن الثابت للرسول صلى الله عليه وسلم صلاة مساوية لصلاة إبراهيم أو زائدة عليها أما إذا كان كذلك فالمسؤول من الصلاة إذا انضم إلى الثابت المتقرر للنبي صلى الله عليه وسلم كان المجموع زائدًا في المقدار على القدر المسؤول وقربه ابن دقيق العيد برجلين ملك أحدهما أربعة آلاف درهم والآخر ألفين فسئل لصاحب الأربعة آلاف أن يعطي ألفين نظير ما للآخر فإذا انضمت الألفان إلى الأربعة صار له ستة وهو أكثر مما لصاحب الألفين وسيأتي ما يقاربه في كلام القرافي أو يقال الكاف تعليلية والمراد كما سبق منك صلاة على إبراهيم وآله فسألها منك على محمد وآله بالأولى إذ ما ثبت للفاضل ثبت للأفضل بطريق الأولى والتشبيه ليس من إلحاق كامل بأكمل منه كما هو شأنه بل من باب التهييج ونحوه أو من بيان حال ما لا يعرف بما يعرف لأنه فيما يستقبل والذي حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك أقوى وأكمل أو من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر وإن كان أدون كما في مثل نوره كمشكاة مع بون ما بين النورين لما كان المراد من المشبه به أن يكون ظاهرًا واضحًا للسامع حسن تشبيه النور بها وكذا هنا لما كان تعظيم إبراهيم وآله بالصلاة عليهم مشهورًا واضحًا عند جميع الطوائف حسن أن يطلب لمحمد وآله بالصلاة عليهم ما حصل لإبراهيم وآله ويؤيد ذلك ختم الطلب المذكور بقوله في العالمين في خبر مسلم وغيره أي كما أظهرت الصلاة على إبراهيم وآله في العالمين ولذا لم يقع ذكر العالمين إلّا في ذكر إبراهيم وآله دون محمد وآله، وهذا الجواب بدأ به الكرماني وحاصله أن هذا ليس من باب إلحاق الناقص بالكامل بل من إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر أو يقال المقصود من الصلاة الدعاء بأن الله يتم البركة على محمد وآله كما أتمها على أبيه إبراهيم وآله فذكر التشبيه لذلك قال القاضي عياض وهذا أظهر الأقوال أو يقال قال ذلك للتواضع بإظهار قدر أبيه إبراهيم لأمته رعاية لخلته وسابق أبوته وذلك التوهم مدفوع بما تقدم وبقوله صلى الله عليه وسلم آدم فمن دون تحت لوائي وبحديث البخاري أنا سيد الناس يوم القيامة

ص: 350

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبحديث الشفاعة العظمى وغير ذلك قال ابن حجر في شرح المشكاة ولعل هذا أحسن الأجوبة وأبعدها عن التكلف فأعرفه ولا يبعد أن يكون منه خبر مسلم أن رجلًا قال له يا خير البرية قال ذلك إبراهيم وخبر لا تفضلوني على يونس بن متى وإن ذكرت له حكمة أخرى ثم قال ولعلك إن تأملت هذا وجدته أحسن من قول النووي أحسن الأجوبة ما مرت نسبته للشافعي إن التشبيه للأصل بالأصل أو للمجموع بالمجموع ومن قول غيره أي كابن الجزري هو صلى الله عليه وسلم

من آل إبراهيم كما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما فكأنه أمرنا أن نصلي على محمد وآله خصوصًا بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآله عمومًا فيحصل لآله ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له وذلك القدر أزيد مما لغيره من آل إبراهيم ويظهر حينئذٍ فائدة التشبيه وإن المطلوب بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بلفظ غيره وقال الحليمي سبب التشبيه أن الملائكة دعوا لأهل بيت إبراهيم بالرحمة والبركة ومحمد وآله منهم فكان المطلوب استجابة دعائهم في محمد وآله كما استجيب عندما قالوا في آل إبراهيم الموجودين حينئذٍ اهـ. وقيل قوله كما صليت إلخ، قاله قبل علمه بأفضليته على إبراهيم وتعقب بأنه لو كان كذلك لعين صلى الله عليه وسلم بعد علمه بأفضلية نفسه ذلك أي كان يأمر أمته بسؤال الزيادة على ذلك وبأن أفضليته على غيره كانت معلومة من قبل أن يولد بل من لدن آدم وبأن الصلاة التي أمر بها إنما هي بوحي فلا يقال في مثله لم يكن يعلم حين أمرهم بذلك.

وبقيت أجوبة متكلفة كأكثر هذه المذكورات. في قواعد القرافي المسمى "بأنواء البروق في أضواء الفروق" كلام نفيس حاصله إن التشبيه في الخبر يصح في الأزمنة الثلاثة ولا يقع التشبيه في الدعاء إلا في المستقبل خاصة إذ لا يدعي إلا بمعدوم مستقبل فإذا وقع التشبهيه في الدعاء أو الأمر أو النهي إنما يقع في أمرين معدومين مستقبلين لم يوجدا بعد وباعتبار الفرق بين هاتين القاعدتين يندفع الإشكال في قوله اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم إلخ، لأن الإشكال مبني على جعل التشبيه في الدعاء كالتشبيه في الخبر وليس كذلك بل إنما وقع التشبيه بين عطية تحصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعطية تحصل لإبراهيم لم تكن حصلت قبل الدعاء فإن الدعاء إنما يتعلق بالمعدوم المستقبل وحينئذٍ يكون الذي حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء لم يدخل في التشبيه وهو

ص: 351

وبارِكْ عَلى محمدٍ النبي الأميّ، وعلى آلِ مُحَمدٍ وأزواجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كما بارَكْتَ على إبراهِيمَ، وعلى آلِ إبراهِيمَ في العالمِينَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".

ــ

الذي فضل به إبراهيم عليه السلام فهما صلوات الله وسلامه عليهما كرجلين أعطى لأحدهما ألف وللآخر ألفان ثم سئل لصاحب الألفين مثل ما أعطي لصاحب الألف فيحصل له ثلاثة آلاف وللآخر ألف فقط فلا يرد السؤال من أصله لأن التشبيه وقع في دعاء لا في خبر نعم لو قيل إن العطية التي حصلت له صلى الله عليه وسلم كالتي حصلت لإبراهيم لزم الإشكال لحصول التشبيه في الخبر لكن التشبيه إنما وقع في الدعاء لا في الخبر فتأمل الفرق بين ذلك فيندفع لك به أسئلة كثيرة وإشكالات عظيمة والله أعلم، أو التشبيه لقوله وعلى آل محمد دون المعطوف عليه كما نقل عن الجلال الدواني أو المراد التشبيه في وصول ذلك لمن وصل إليه بمحض الفضل وصوله لإبراهيم كذلك فهو توسل إلى الفضل بالفضل، ومن لطيف ما يحكى أن ممتنحًا أنعم عليه كريم ثم جاءه لفضلنا بعد فقال له المانح من أنت فقال أنا الذي أنعمت عليه سابقًا فقال مرحبا بمن توسل لفضلنا بفضلنا. قوله:(وبَارك على مُحمدٍ النَّبي إلخ) أي اثبت دوام ما أعطيته من التشريف والكرامة كذا في النهاية ولم يصرح أحد بوجوب وبارك إلخ، إلَّا إيهاما وقع في بعض العبارات والظاهر أنه غير مراد لقائلها نعم قال بعضهم بوجوب كما صليت على إبراهيم لأنه لم يسقط في رواية ورد بأنه سقط في رواية عند النسائي سندها قوي واحتمال إن الإسقاط من بعض رواة النسائي بعيد لا يلتفت إليه. قوله:(في العالمينَ) هكذا صح عند مسلم وغيره زيادة في

العالمين هنا وفيما قبله وهي متعلقة بمحذوف دل عليه السياق أي أظهر الصلاة والبركة على محمد وآله في العالمين كما أظهرتها على إبراهيم وآله في العالمين. قوله: (إِنكَ حَميد مجيد) جملة كالتعليل لما قبله وحكمة الختم بهما أن المطلوب تكريم الله تعالى لنبيه وثناؤه عليه والتنويه به وزيادة تقريبه وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد ففي ذلك إشارة إلى أنهما كالتعليل للمطلوب أو هما كالتذييل له والمعنى أنك فاعل ما تستوجب به الحمد والمجد من النعم والإحسان "والحميد" فعيل من الحمد بمعنى محمود وأبلغ منه وهو من حصل له من صفات الحمد أكملها ذاتًا وصفات وقيل هو بمعنى الحامد أي يحمد أفعال عباده الصالحين ويجازيهم على عبادتهم له تفضلًا وتكرمًا "والمجيد" فعيل من المجد مبالغة من

ص: 352

وروينا هذه الكيفية في صحيح البخاري ومسلم، عن كعب بن عجرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ــ

ماجد وهو صفة الكامل في الشرف والكرم يقال مجد الرجل بضم الجيم وفتحها يمجد بالضم مجدًا ومجادة وقد منع بعضهم المبالغة في صفات الله تعالى لأنها لا تختلف وقال بعض المتأخرين إنه ألحق باعتباره في نفسها لا فيمن تعلقت به لاختلاف مراتبهم.

خاتمة

قال الأسنوي اشتهر زيادة سيدنا قبل محمد وفي كونه أفضل نظر وفي حفظي أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام بناه على أن الأفضل سلوك الأدب أو امتثال الأمر فعلى الأول يستحب دون الثاني اهـ، وبتأمل تأخر الصديق رضي الله عنه لما ائتم به صلى الله عليه وسلم مع قوله مكانك وكذا إقراره على ذلك وامتناع علي رضي الله عنه في وقعة الحديبية من محوه لاسمه صلى الله عليه وسلم مع أمره له بمحوه فقال والله لا أمحوه يعلم أن الأولى سلوك الأدب وهو متجه وإن قال بعضهم الأشبه الاتباع ولا يعرف إسناد ذلك إلى أحد من السلف اهـ، وإنكاره صلى الله عليه وسلم على من خاطبه بذلك إنما هو لكونه ضم إليه ألفاظًا من ألفاظ الجاهلية وتحياتهم كما يعرف ذلك بمراجعة الحديث وقد صح حديث أنا سيد ولد آدم ولا فخر وجاء عن ابن مسعود مرفوعًا وموقوفًا وهو أصح أحسنوا الصلاة على نبيكم وذكر كيفية منها اللهم صل على سيد المرسلين، وحديث لا تسيدوني في الصلاة موضوع، وقول بعض الشافعية إن ذلك مبطل غلط فلا يقال ينبغي مراعاته، وفي شرح مسلم للأبي اتفق أن طالبًا قال لا يزاد في الصلاة لفظ سيدنا لأنه لم يرد وإنما يقال اللهم صل على محمد فنقمها عليه الطلبة وبلغ الأمر إلى القاضي ابن عبد السلام فأرسل وراءه الأعوان فاختفى مدة حتى شفع فيه حاجب الخليفة فخلى عنه وكأنه رأى أن تغييبه تلك المدة عقوبته اهـ. قال بعض الأئمة المحققين من المتأخرين قول المصلي اللهم صل على سيدنا محمد فيه الإتيان بما أمرنا به وزيادة الإخبار بالواقع الذي هو أدب فهو أفضل من تركه فيما يظهر من الحديث السابق وإن تردد في أفضليته الأسنوي اهـ، وبه يرد ما وقع لصاحب القاموس ميلًا إلى ما أطال به ابن تيمية وغيره في ذلك.

قوله: (رَوَينَا هذِهِ الكيفيةَ إلخ) المراد أن أصل الكيفية في الصحيحين من حديث كعب وحديثهما عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة رضي الله

ص: 353

إلا

ــ

عنه فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت بلى فاهدها لي فقال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله علمنا كيف نسلم قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وكذا رواه أصحاب السنن الأربعة قال في المشكاة إلّا أن مسلمًا لم يذكر على إبراهيم في الموضعين أي في حديث كعب وإلَّا فقد اتففا عليه في غير حديثه كما يعلم مما سيأتي وفي رواية لمسلم وبارك على محمد ولم يقل اللهم كذا في السلاح وفي شرح العمدة للقلقشندي وذكر المزي في الأطراف أن البخاري أخرج هذا الحديث في كتاب الصلاة وليس كذلك إنما أخرجه في أحاديث الأنبياء وفي تفسير سورة الأحزاب وفي الدعوات وقد اغتر بذلك مغلطاي وابن الملقن فلم يذكرا هذا الحديث في شرحيهما على البخاري وذكرا في أحاديث الأنبياء أنهما أسلفا الكلام عليه في الصلاة ظنًّا منهما أنه فيها وأنهما تكلما عليه ووقع عند الطبري تعيين المكان الذي لقي فيه عبد الرحمن كعبًا ولفظه أن كعبًا قال له وهو يطوف اهـ.

وكعب بن عجرة بضم العين المهملة وإسكان الجيم ثم راء مهملة مفتوحة ابن أمية بن عدي بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن عوف بن غنم بن سواد بالتخفيف البلوي المدي حليف الأنصار وقال الواقدي ليس حليفًا لهم وإنما هو من أنفسهم وتعقبه ابن سعد كاتبه بأن المشهور إنه بلوى حالف الأنصار ولم يجده في نسب الأنصار وهو الصحابي الجليل تأخر إسلامه وكان له صنم في بيته فجاءه صديقه عبادة بن الصامت يومًا فلم يجده فدخل البيت فكسر الصنم بالقدوم فلما جاء كعب ورآه خرج مغضبًا يريد الإنتقام من عبادة ثم فكر في نفسه فقال لو كان هذا الصنم ينفع لنفع نفسه فسلم وشهد بيعة الرضوان وما بعدها من المشاهد وفيه نزل قوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] فيما قيل سبعة وأربعون حديثًا منها في الصحيحين أربعة اتفقا منها على حديثين وانفرد مسلم بآخرين وسكن الكوفة مدة ومات بها سنة إحدى وخمسين وقال ابن عبد البر إحدى أو اثنتين وقيل سنة اثنتين جزمًا وقيل سنة ثلاث وله سبع وسبعون سنة وقيل خمس وسبعون رضي الله عنه. قوله: (إلا

ص: 354

بعضها، فهو صحيح من رواية غير كعب، وسيأتي تفصيله في كتاب الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

والواجب منه: اللهم صل على النبي، وإن شاء قال: صلى الله على محمد، وإن شاء قال: صلى الله على رسوله، أو صلى الله على النبي. ولنا وجه أنه لا يجوز إلا قوله: اللهم صل على محمد. ولنا وجه أنه يجوز أن يقول: وصلى الله على أحمد. ووجه أنه يقول: صلى الله عليه، والله أعلم.

وأما التشهد الأول، فلا تجب فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف، وهل تستحب؟ فيه قولان: أصحهما: تستحب، ولا تستحب الصلاة على الآل على الصحيح، وقيل: تستحب، ولا يستحب الدعاء في التشهد الأول عندنا، بل قال أصحابنا: يكره لأنه مبني على التخفيف، بخلاف التشهد الأخير، والله أعلم.

ــ

بَعضَها إلخ) قال الحافظ والبعض المستثنى أربعة أشياء عبدك ورسولك ثانيها النبي الأمي ثالثها أزواجه وذريته رابعها في العالمين وحديث كعب متفق عليه أخرجه الأئمة وأما الزيادة الأولى فهي عند البخاري والنسائي وابن ماجة من حديث أبي سعيد الخدري وأما الزيادة الثانية وهي النبي الأمي فهي عند أبي داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من حديث عقبة بن عمرو رضي الله عنه والحديث حسن وأما الزيادة الثالثة وهي أزواجه وذريته فهي عند أحمد والبخاري ومسلم وأبي داود وأبي عوانة وابن ماجة والقعنبي والنسائي من طرق من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى أهل بيته وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد قال الحافظ هو حديث حسن رجاله رجال الصحيخ وإنما قلت حسن لاحتمال أن يكون الصحابي المبهم هو أبو حميد فإن يكن كذلك فقد سقط منه التابعي فزاد فيه أهل بيته قال الحافظ ووجدت للزيادة المذكورة شاهدًا من حديث أبي هريرة أخرجه أبو داود مرفوعًا من سره إن

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت أن يقول اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وأخرجه النسائي من حديث علي لكن سنده وسند أبي هريرة متحد اختلف في راويه على مسنده وفيه مقال، وأما الزيادة الرابعة فهي في حديث صحيح عند أحمد ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وغيرهم من حديث أبي مسعود الأنصاري قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشر بن سعد أمرنا الله يا رسول الله أن نصلي عليك الحديث وفي آخره في العالمين إنك حميد مجيد ورواه البزار من حديث أبي هريرة بسند رجاله رجال الصححيح ولفظه قلنا يا رسول الله كيف نصلي عليك فقد علمنا السلام عليك قال قولوا إلخ، ومال الدارقطني إلى ترجيح الرواية الأولى وابن المديني إلى الجمع بين الروايتين وأن نعيمًا أحد رواته رواه بالوجهين أحدهما عند مالك أي وهي الرواية الأولى والثانية عند داود بن قيس أي وهي

الرواية الثانية اهـ. وفي السلاح روى الستة إلَّا الترمذي عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وعند مسلم وعلى أزواجه في الموضعين وباقيه مثله، روى البخاري والنسائي وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال قلنا يا رسول الله هذا التسليم فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم قال أبو صالح عن الليث على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم وفي رواية للبخاري كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم وفي رواية لأبي داود والنسائي من حديث أبي مسعود الأنصاري واسمه عقبة بن عيرو اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد زاد النسائي كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد وروي زيادة النبي الأمي في الموضعين الحاكم في المستدرك عن رجل من الصحابة وقال صحيح على شرط مسلم ورواه ابن حبان في صحيحه

ص: 356

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وروى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم صل على محمد النبي وآله وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد اهـ. ملخصًا قال المصنف في شرح المهذب وينبغي أن يجمع ما في الأحاديث الصحيحة السابقة فيقول اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وتعقبه في المهمات بأنه ليس مستوعبا لما ثبت في الأحاديث فإنه أسقط قوله عبدك ورسولك اهـ. وأحال المصنف رحمه الله ونفع به تفصيل ما أجمله في كلامه هنا مما أشرنا إلى أصوله على كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر شيئًا بل قال وقد بينا صفة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بها وبيان أقلها وأكملها في كتاب أذكار الصلاة وكأنه نسي عند الكتابة في ذلك المكان ما عزم عليه من البيان ولا عيب على الإنسان في السهو والنسيان.

ص: 357