الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقائد الثابتة لدى المشركين وانحرافهم عنها:
وكانت عقيدة إثبات وجود الله - تعالى - وأنه خالق الأرض والسموات العلى، وأنه مدبر الحوادث العظام، وأنه قادر على إرسال الرسل، ومجاز للعباد على أعمالهم، وأنه قادر مقدر للحوادث العظيمة، قبل وقوعها، وأن الملائكة عباد الله المقربون، وأنهم يستحقون الإكرام، كل ذلك كان ثابتاً عندهم، ويدل على ذلك شعرهم، ولكن جمهور المشركين، وقعوا في شبهات كثيرة تجاه هذه المعتقدات، لاستبعاد بعض الأمور، وعدم ألفتهم لإدراكها والإحاطة بمفاهيمها.
وقد كان ضلال هؤلاء وانحرافهم في الشرك والتشبيه والتحريف، وجحود الآخرة، واستبعاد رسالة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وشيوع الأعمال القبيحة والمظالم فيما بينهم، وابتداع الطقوس والتقاليد الباطلة، واندراس العبادات والشعائر الحقة الصحيحة.
حقيقة الشرك ومظاهره وأنواعه:
والشرك هو: إثبات الصفات الخاصة بالله - تعالى - لغيره، مثل إثبات التصرف المطلق في الكون بالإدارة المطلقة التي يعبر عنها "بكن فيكون" أو إثبات العلم الذاتي الذي
لا يحصل بالاكتساب عن طريق الحواس والدليل العقلي، والمنام والإلهام وأمثال هذه الوسائل المادية أو الروحية، أو إثبات إيجاد شفاء المريض، أو إثبات اللعنة على شخص أو السخط عليه بحيث ينقلب نتيجة هذا اللعن والسخط معدما، أو مريضاً أو شقياً، أو الرحمة لشخص والرضا عنه بحيث ينقلب هو بسبب هذه الرحمة والرضا غنياً صحيحاً، معافى، سعيداً.
وهؤلاء المشركون لا يعرفون مع الله - تعالى - شريكاً، في خلق الجواهر (أي أصول المادة) وتدبير الأمور العظام، ويعترفون بأنه لا قدرة لأحد إذا أبرم الله - تعالى - شيئاً وقضى به أن يمانعه ويقف دونه، إنما إشراكهم في أمور خاصة ببعض العباد، إذ أنهم يظنون أن سلطاناً عظيماً من السلاطين العظام، كما يرسل عبيده وأصحابه الزلفى لديه إلى بعض نواحي مملكته للقيام ببعض الأمور الجزئية، ويجعلهم متصرفين فيها - إلى أن يصدر عنه قرار آخر - باختيارهم وسلطتهم، وأنه لا يقوم بشئون الرعية وأمورهم الجزئية بنفسه، بل يكل ذلك إلى الولاة والحكام، ويقبل منهم شفاعتهم وتزكيتهم للموظفين الذين يعملون تحت إشرافهم، والمتصلين بهم، والمتزلفين لديهم، كذلك قد خلع ملك الملوك على الإطلاق - تعالى شأنه - على بعض عباده المقربين خلعة الألوهية، وجعل سخطهم ورضاهم مؤثراً في عباده الأخرين.