المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الثانية: حكم قتل الصيد بغير عمد (كالخطأ والنسيان): - الكفارات أحكام وضوابط

[عبد الرقيب الشامي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأولتعريف الكفارة

- ‌تعريف الكفارة في اللغة:

- ‌تعريف الكفارة شرعاً:

- ‌المطلب الثانيالحكمة من تشريع الكفارات

- ‌أولاً: ما يعود إلى المكلف نفسه

- ‌ثانياً: ما يعود إلى المجتمع

- ‌المطلب الثالثالحكم التكليفي للكفارات

- ‌المطلب الرابعالفرق بين الكفارة والفدية

- ‌المطلب الخامسهل الكفارات عقوبات أم جوابر

- ‌المطلب السادس‌‌الأفعال التي توجب الكفارة

- ‌الأفعال التي توجب الكفارة

- ‌الكفارات التي سنها وشرعها الشارع:

- ‌الأصل في مشروعية الكفارات الكتاب والسنة:

- ‌الفصل الأولكفارة اليمين

- ‌المبحث الأولتعريف اليمين ومشروعيتها

- ‌تعريف اليمين لغة:

- ‌تعريف اليمين في الشرع:

- ‌مشروعية اليمين:

- ‌المبحث الثانيأقسام اليمين

- ‌أولاً: اليمين اللغو:

- ‌ثانياً: اليمين المنعقدة:

- ‌ثالثاً: اليمين الغموس:

- ‌المبحث الثالثخصال كفارة اليمين

- ‌المطلب الأولالإطعام

- ‌صفة من يستحق الإطعام:

- ‌مقدار الطعام:

- ‌الإطعام له ثلاث كيفيات:

- ‌العدد المعتبر في الإطعام:

- ‌المطلب الثانيالكسوة

- ‌حد الكسوة المجزئة:

- ‌المذهب الحنفي:

- ‌المذهب المالكي:

- ‌المذهب الشافعي:

- ‌المذهب الحنبلي:

- ‌المذهب الظاهري:

- ‌المطلب الثالثعتق رقبة

- ‌تعريف العتق:

- ‌فضله:

- ‌الحكمة من مشروعيته:

- ‌صفة الرقبة التي تجزئ في العتق:

- ‌المطلب الرابعالصيام

- ‌المبحث الرابعأحكام كفارة اليمين

- ‌المطلب الأولالكفارة بين الترتيب والتخيير

- ‌وهذه الخصال على درجتين من حيث الترتيب والتخيير:

- ‌الدرجة الأولى: التخيير:

- ‌الدرجة الثانية: الترتيب:

- ‌المطلب الثانيتقديم الكفارة على الحنث في اليمين

- ‌المطلب الثالثشروط كفارة اليمين

- ‌المبحث الخامسمشبهات اليمين

- ‌المطلب الأولالنذر

- ‌تعريف النذر لغة:

- ‌وفي الاصطلاح:

- ‌وجوب الوفاء بالنذر:

- ‌علاقة النذر بكفارة اليمين:

- ‌المطلب الثانيالإيلاء

- ‌تعريف الإيلاء:

- ‌مدة الإيلاء:

- ‌أحكام الإيلاء وعلاقتها بكفارة اليمين:

- ‌الفصل الثانيكفارة الظهار

- ‌المبحث الأولتعريف الظهار وحكمه

- ‌تعريف الظهار في اللغة:

- ‌وفي الاصطلاح الشرعي:

- ‌حكم الظهار:

- ‌متى تجب كفارة الظهار

- ‌آثار الظهار:

- ‌المبحث الثاني‌‌خصال كفارة الظهار، وأحكامها

- ‌خصال كفارة الظهار

- ‌أحكام كفارة الظهار:

- ‌أولاً: الترتيب

- ‌ثانياً: بقاء حرمة المعاشرة حتى يؤدي الكفارة

- ‌ثالثاً: بيان خصال الكفارة

- ‌الفصل الثالثكفارة القتل

- ‌المبحث الأولأقسام القتل، وما يوجب منه الكفارة

- ‌أقسام القتل:

- ‌1 - القتل العمد:

- ‌2 - القتل شبه العمد:

- ‌3 - القتل الخطأ:

- ‌القتل الموجب للكفارة:

- ‌أولاً: القتل الخطأ:

- ‌ثانياً: القتل شبه العمد:

- ‌ثالثاً: القتل العمد:

- ‌المبحث الثانيخصال كفارة القتل

- ‌أولاً: عتق رقبة

- ‌ثانياً: الصيام

- ‌المبحث الثالثأحكام كفارة القتل

- ‌المطلب الأولتعدد الكفارة بتعدد القتلى

- ‌المطلب الثانيتعدد الكفارة بتعدد القاتلين

- ‌الفصل الرابعكفارة الجماع في نهار رمضان

- ‌المبحث الأولموجب الكفارة في نهار رمضان

- ‌المبحث الثانيأحكام كفارة الجماع في نهار رمضان

- ‌المطلب الأولخصال كفارة الجماع في نهار رمضان

- ‌أولاً: عتق رقبة

- ‌ثانياً: الصيام

- ‌ثالثاً: الإطعام

- ‌المطلب الثانيالكفارة بين الترتيب والتخيير

- ‌المطلب الثالثهل تجب كفارة الجماع في نهار رمضان على الزوجة

- ‌المطلب الرابعهل تتعدد الكفارة بتعدد الجماع

- ‌الفصل الخامسكفارة قتل المُحرم للصيد

- ‌المبحث الأولالصيد الموجب للكفارة

- ‌تعريف الصيد لغة واصطلاحاً:

- ‌الصيد الموجب للكفارة

- ‌المسألة الأولى: حكم الحلال يقتل الصيد في الحرم، هل عليه كفارة

- ‌المسألة الثانية: حكم قتل الصيد بغير عمد (كالخطأ والنسيان):

- ‌المسألة الثالثة: هل يتكرر الجزاء بتكرر قتل الصيد

- ‌المبحث الثانيخصال كفارة قتل المحرم للصيد

- ‌أولاً: الجزاء:

- ‌ثانياً: الإطعام:

- ‌الكفارة بين الترتيب والتخيير:

- ‌الفصل السادسأحكام عامة في الكفارات

- ‌المبحث الأولحكم إخراج القيمة في الكفارات

- ‌المبحث الثانيالنيابة في الكفارات

- ‌المبحث الثالثالتوكيل في إخراج وتوزيع الكفارات

- ‌توكيل الجمعيات الخيرية في توزيع الكفارات:

- ‌المبحث الرابعنقل الكفارة إلى خارج البلد

- ‌المبحث الخامسحكم إعطاء الكفارات لغير المسلمين

- ‌المطلب السادسإخراج الكفارة بين الفور والتراخي

- ‌المبحث السابعسقوط الكفارة

- ‌ملخص لأحكام الكفارات

- ‌1 - اليمين (ومنه: النذر والإيلاء):

- ‌2 - الظهار

- ‌3 - القتل الخطأ

- ‌4 - الجماع في نهار رمضان

- ‌5 - قتل الصيد في الحرم، أو حال الإحرام

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌تعريف بالمؤلف

الفصل: ‌المسألة الثانية: حكم قتل الصيد بغير عمد (كالخطأ والنسيان):

دخل الحرم، وعلى من أحرم بنسك، فوجب أن يحمل عليهما معا، فيترتب عليه الجزاء المذكور.

قال يحيى، قال مالك: سمعت أنه يحكم على من قتل الصيد في الحرم وهو حلال، بمثل ما يحكم به على المحرم، الذي يقتل الصيد في الحرم وهو محرم.

واستدل أصحاب القول الثاني بأن الأصل براءة الذمة، ولم يرد فيه نص فيبقى بحاله (1).

والراجح هو القول الأول لقوة ما استدلوا به، وكونه ورد عن الصحابة رضي الله عنهم، ولم يظهر لهم مخالف، فعن عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما:(أنه جعل في حمام الحرم على المحرم والحلال في كل حمامة شاة)(2).

‌المسألة الثانية: حكم قتل الصيد بغير عمد (كالخطأ والنسيان):

اختلف العلماء في المسألة على قولين:

القول الأول: لا كفارة في الخطأ والنسيان، وهو قول داود الظاهري، ورواية عن أحمد وقول ابن عباس من الصحابة، وقول سعيد بن جبير من التابعين (3).

القول الثاني: أن العامد والمخطئ والناسي سواء في وجوب الكفارة، وهو قول الجمهور (4).

(1) المغني (3/ 317).

(2)

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10004).

(3)

الحاوي (4/ 283)، المغني (3/ 439)، المحلى لابن حزم (5/ 234) ..

(4)

المحيط البرهاني في الفقه النعماني (2/ 442)، الذخيرة (3/ 323)، الشرح الكبير للدردير (2/ 74)، الأم للشافعي (2/ 200)، نهاية المطلب (4/ 397)، البيان للعمراني (4/ 175)، المغني لابن قدامة (3/ 438).

ص: 150

الأدلة:

استدل أصحاب القول الأول بما يلي:

1 ـ قوله: {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء .. } [المائدة: 95] فشرط العمد في إيجاب الجزاء يدل على أن الخاطئ ليس عليه جزاء، والأصل براءة ذمته، فلا يشغلها إلا بدليل.

2 ـ وبقوله صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(1) فوجب بحق الظاهر أن يرتفع حكمه.

3 ـ ولأن كل فعل يجب على المحرم بعمده الكفارة لم يجب عليه بخطئه الكفارة كالطيب واللباس والدلالة عليه قوله تعالى: {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء} [المائدة: 95] فاحتمل أن يكون المراد به متعمداً لقتله ناسياً لإحرامه واحتمل أن يكون متعمداً لقتله ذاكراً لإحرامه فإذا احتمل الأمرين يحمل عليهما؛ لأن ظاهر العموم يتناولها، وداود يخرج من العموم أحدهما (2).

4 ـ عن قبيصة بن جابر الأسدي: أنه سمع عمر بن الخطاب، ومعه عبد الرحمن بن عوف، وعمر: يسأل رجلا قتل ظبيا وهو محرم؟ فقال له عمر: عمدا قتلته أم خطأ؟ فقال له الرجل: لقد تعمدت رميه وما أردت قتله، فقال له عمر: ما أراك إلا أشركت بين العمد والخطأ؛ أعمد إلى شاة فاذبحها فتصدق بلحمها وأسق إهابها.

(1) سبق تخريجه.

(2)

الحاوي (4/ 283)، المغني (3/ 439).

ص: 151

قال أبو محمد بن حزم: فلو كان العمد والخطأ في ذلك سواء عند عمر، وعبد الرحمن لما سأله عمر أعمدا قتلته أم خطأ؟ ولم ينكر ذلك عبد الرحمن؛ لأنه كان يكون فضولا من السؤال لا معنى له؟

5 ـ ومن طريق ابن أبي شيبة عن إسماعيل ابن علية عن الحسين المعلم عن قتادة عن أبي مدينة عن ابن عباس أنه قال في المحرم يقتل الصيد: ليس عليه في الخطأ شيء - أبو مدينة هو عبد الله بن حصن السدوسي تابعي -، سمع أبا موسى، وابن عباس، وابن الزبير رضي الله عنهم.

6 ـ ومن طريق شعبة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير: أنه سئل عن المحرم يقتل الصيد خطأ؟ قال: ليس عليه شيء؟ قال: فقلت له: عمن؟ قال: السنة (1).

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدلوا بما يلي:

1 ـ إن العمد والنسيان في الضمان لا يفترقان، لأن السبب لا يختلف بهما كإتلاف الأموال، والتقييد بالعمد في قوله تعالى:{ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم} [المائدة: 95] لأجل الوعيد المذكور في آخر الآية، وهو قوله تعالى:{ليذوق وبال أمره} [المائدة: 95]، فإن قيل: هذا تعليل على مخالفة النص القاطع لقوله تعالى: {ومن قتله منكم متعمدا} [المائدة: 95] نص على التعمد وهو يخالف النسيان. فالجواب أن التخصيص بالذكر لا

(1) المحلى (5/ 235).

ص: 152

يدل على نفي الحكم عما عداه فجاز أن يثبت حكم النسيان بدليل آخر وهو قوله: صلى الله عليه وسلم (الضبع صيد وفيه شاة)(1) من غير فصل بين عمد ونسيان، وهو مذهب عمر وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم ..

أو يقال: إنه خرج مخرج الغالب على الصيد إنما يقتل مع القصد (2).

قال الشافعي: "ولم أعلم بين المسلمين اختلافا أن ما كان ممنوعا أن يتلف من نفس إنسان أو طائر أو دابة أو غير ذلك مما يجوز ملكه فأصابه إنسان عمدا فكان على من أصابه فيه ثمن يؤدى لصاحبه وكذلك فيما أصاب من ذلك خطأ لا فرق بين ذلك إلا المأثم في العمد فلما كان هذا كما وصفت مع أشباه له كان الصيد كله ممنوعا في كتاب الله تعالى"(3).

2 ـ القياس على قتل الخطأ فقد أوجب الله فيه الكفارة (4).

3 ـ روى مخارق عن طارق بن شهاب قال: خرجنا مهلين بالحج فرحنا عشية فبدا لنا ضب فابتدرناه ونسينا إهلالنا في الحج فانصدر إليه رجل منا يقال له أربد فقتله فقلنا ما صنعتم ألسنا محرمين، فلما قدمنا مكة صار إربد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر ذلك له فقال له عمر احكم فقال: فأنت أمير المؤمنين وأعلم مني قال: إني لم أقل لك أن تزكيني ولكن احكم قال: فإني أحكم جديا قد جمع الماء والشجر يقول قد أكل وشرب قال: فهو كما حكمت.

(1) أخرجه ابن خزيمة (2648).

(2)

تبيين الحقائق (2/ 63)، العناية شرح الهداية (3/ 71 - 72)، الذخيرة (3/ 323)، الشرح الكبير للدردير (2/ 74)، نهاية المطلب (4/ 397)، المغني (3/ 439).

(3)

الأم للشافعي (2/ 200).

(4)

الأم للشافعي (2/ 200).

ص: 153

فموضع الدلالة من هذا استفاضة حكم الجزاء في العمد والخطأ بين الصحابة، والتابعين من غير شك، أو نزاع، فدل على أن ذلك إجماع، أو كالإجماع (1).

4 ـ ولأنها نفس مضمونة بالتكفير عمدا فوجب أن تكون مضمونة بالتكفير خطأ كالآدمي.

5 ـ ولأن كل شيء يجب الغرم بإتلافه فالعمد والخطأ فيه سواء كأموال الأدميين.

وأجابوا عن أدلة أصحاب القول الأول بقولهم:

أما استدلالهم بالآية فقد جعلناها دليلاً عليه.

وأما استدلالهم بالخبر فمحمول على رفع الإثم.

وأما قياسهم على الطيب واللباس فالمعنى في الطيب واللباس أنه استمتاع فافترق حكم عمده وسهوه وقتل الصيد إتلاف فاستوى حكم عمده وسهوه (2).

توجيه ابن رشد لأسباب الخلاف:

يقول رحمه الله: "أما من اشترط في وجوب الجزاء أن يكون القتل عمدًا فحجته أن اشتراط ذلك نص في الآية، وأيضا فإن العمد هو الموجب للعقاب، والكفارات عقاب ما.

وأما من أوجب الجزاء مع النسيان فلا حجة له، إلا أن يشبه الجزاء عند إتلاف

(1) الحاوي (4/ 284).

(2)

الحاوي (4/ 284)

ص: 154