الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
تعدد الكفارة بتعدد القاتلين
اختلف الفقهاء في تعدد الكفّارة بتعدد القاتلين واتّحاد المقتول على قولين:
القول الأول: تجب الكفّارة على كلّ من اشترك في قتلٍ يوجب الكفّارة ، وبه قال الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة في الأصحّ عندهم والحنابلة وقال به الحسن وعكرمة والنّخعي والحارث العكلي والثّوري (1).
القول الثاني: يجب على الجميع كفّارة واحدة ، وذهب إليه أبو ثورٍ وعثمان البتّي وهو حكاية عن الأوزاعيّ ، وحكاه أبو الخطّاب عن أحمد (2).
أدلة أصحاب القول الأول:
استدلوا بما يلي:
1 ـ بأنّها كفّارة وجبت لا على سبيل البدل عن النّفس ، فوجب أن يكون على كلّ واحدٍ من الجماعة إذا اشتركوا في سببها ، لأنّ ما كان يجب على الواحد إذا انفرد يجب على كلّ واحدٍ من الجماعة إذا اشتركوا ، ككفّارة الطّيب للمحرم (3).
(1) بدائع الصنائع (2/ 202)، الكافي في فقه أهل المدينة (2/ 1108)، الذخيرة (12/ 418)، الجامع لأحكام القرآن (5/ 331)، نهاية المطلب (4/ 426)، روضة الطالبين (9/ 381)، مغني المحتاج (5/ 376)، المغني (8/ 515)، مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (7/ 3577).
(2)
المغني (8/ 515)، الروايتين والوجهين (2/ 298).
(3)
الجامع لأحكام القرآن (5/ 331)، مغني المحتاج (5/ 376 - 377)، الكافي لابن قدامة (4/ 51).
2 ـ وبأنّها لا تتبعّض ، وهي من موجب قتل الآدميّ ، فكملت في حقّ كلّ واحدٍ من المشتركين كالقصاص (1).
أدلة أصحاب القول الثاني:
استدلوا بما يلي:
1 ـ بقوله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] ..
وذلك أنّ لفظة (من) تتناول كلّ قاتلٍ ، الواحد والجماعة ولم توجب الآية إلا كفّارةً واحدةً وديةً ، والدّية لا تتعدّد فكذلك لا تتعدّد الكفّارة.
2 ـ ولأنّها كفّارة قتلٍ فلم تتعدّد بتعدد القاتلين مع اتّحاد المقتول ، ككفّارة الصّيد الحرميّ (2).
والراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول؛ لأن الكفارة حق لله تعالى ومتعلقة بالفعل الموجب لها، وفي ذمة من قام به، وما دام أن القتل قد حصل من أكثر من واحد فيجب عليه بموجبه كفارة خاصة حتى يستحق الإعفاء من آثارها عند الله.
وأما قولهم (مَنْ) تتناول كل قاتل الواحد والجماعة، فالأظهر أنها مختصة بالواحد لأن أحد خصالها صوم شهرين متتابعين ولا تصح من أكثر من واحد، وإذا وزعناها على القاتلين لم يصح أداؤها كما أمر الشارع، وإذا ألزمنا واحداً بعينه فهذا تحكم.
وتخالف كفارة الصيد؛ فإنها تجب بدلاً، ولهذا تجب في أبعاضه، وكذلك الدية (3).
(1) مغني المحتاج (5/ 376 - 377)، المغني (8/ 515).
(2)
مغني المحتاج (5/ 376 - 377)، المغني (8/ 515)، الموسوعة الفقهية (35/ 54 - 55).
(3)
المغني (8/ 515).