الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
خصال كفارة القتل
نصت الآية الكريمة الواردة في أحكام قتل الخطأ على الكفارة الواجبة فيه، وهي على الترتيب:
أولاً: عتق رقبة
.
ويشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة كما نصت الآية على ذلك: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
…
}، وقوله تعالى: {
…
وتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ .. } [النساء: 92] ..
ثانياً: الصيام
.
ويشترط فيه ما يلي:
1 ـ وجوب النية قبل الفجر، لأنه صيام واجب.
2 ـ لا يصح الصيام إلا إذا كان عاجزاً عن عتق رقبة مؤمنة، فاضلة عن حاجته، أو يجد ثمنها، فاضلا عن كفايته لقوله تعالى: {
…
وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92].
3 ـ الصيام شهرين.
4 ـ وجوب التتابع، فلا يجوز الإفطار خلال الشهرين إلا لعذر يرخص فيه الإفطار في رمضان، ولو أفطر من غير عذر استأنف من البداية.
مسألة: ما الحكم فيما لو عجز عن الصيام:
اختلف العلماء فيما إذا عجز المسلم عن صيام شهرين متتابعين، هل تسقط الكفارة أم ينتقل إلى الإطعام، على قولين:
القول الأول: أنه لا إطعام عليه. وهو قول الجمهور (1).
القول الثاني: أن عليه الإطعام، وهو قولٌ عند الشافعية وهو رواية عن أحمد (2).
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول:
بأن الله تعالى لم يذكر في كفارة القتل إلا العتق والصيام، ولو كان ثمة إطعام لذكره، فدل على: أن هذا جميع الواجب فيها (3).
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
1 ـ القياس على كفارة الظهارة، وكفارة الجماع نهار رمضان.
2 ـ أن الله تعالى نص على الإطعام في كفارة الظهار وأطلق ذكره في كفارة القتل، فوجب أن يحمل إطلاقه في كفارة القتل على تقييده في كفارة الظهار، لأن المطلق محمول على المقيد من جنسه (4).
(1) البحر الرائق (4/ 109)، حاشية ابن عابدين (3/ 480)، العناية شرح الهداية (10/ 271)، البيان والتحصيل (5/ 197)، المغني (8/ 517).
(2)
الحاوي (13/ 69)، المغني (8/ 517).
(3)
البيان للعمراني (11/ 627).
(4)
الحاوي (13/ 69).
يقول ابن قدامة "فإن لم يستطع، ففيه روايتان؛ إحداهما، يثبت الصيام في ذمته، ولا يجب شيء آخر؛ لأن الله تعالى لم يذكره، ولو وجب لذكره. والثاني: يجب إطعام ستين مسكينا؛ لأنها كفارة فيها عتق وصيام شهرين متتابعين، فكان فيها إطعام ستين مسكينا عند عدمها، ككفارة الظهار والفطر في رمضان، وإن لم يكن مذكورا في نص القرآن، فقد ذكر ذلك في نظيره، فيقاس عليه. فعلى هذه الرواية، إن عجز عن الإطعام، ثبت في ذمته حتى يقدر عليه. وللشافعي قولان في هذا، كالروايتين. والله أعلم"(1).
والراجح:
هو قول الجمهور، لأن الكفارات توقيفية، ولا يصح القياس فيها، ولو كان الإطعام أحد عناصرها لذكره الشارع كما ذكره في سائر الكفارات.
وأما قولهم بحمل المطلق على المقيد، فالراجح أن المطلق يحمل على المقيد إذا اجتمعا في السبب والحكم، وهنا اختلفا في السبب، فلا يحمل المطلق على المقيد.
ومن عجز عن الصيام يبقى في ذمته حتى يزول العذر فإن لم يتمكن يسقط عنه.
(1) المغني (8/ 517).