الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع
سقوط الكفارة
إذا عجز المكلف عن أداء خصال الكفارة فهل تسقط عنه؟
أولاً: بالنسبة لكفارة القتل فقد سبق الحديث عنها في مبحث كفارة القتل.
ثانياً: كفارة الجماع في نهار رمضان:
اختلف الفقهاء في سقوط الكفارة عنه عند العجز عن سائر خصالها على قولين:
القول الأول: لا تسقط عنه كفارة الجماع وتبقى في ذمته، وهذا قول جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية في الأظهر عندهم ورواية عن أحمد (1).
القول الثاني: تسقط عنه كفارة الجماع؛ وهذا مذهب الحنابلة، والشافعية في قول، واختاره الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، وبه أفتت اللجنة الدائمة (2).
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي (3):
1 ـ أن هذا الحكم خاص لذلك الأعرابي، لا يتعداه، بدليل أنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بإعساره قبل أن يدفع إليه العرق، ولم يسقطها عنه.
(1) المدونة (1/ 286)، نهاية المطلب (4/ 41)، المغني (3/ 143 - 144)،
(2)
المغني (3/ 143 - 144) نهاية المطلب (4/ 41)، الشرح الممتع (6/ 418)، فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 247).
(3)
المغني (3/ 144).
2 ـ ولأنها كفارة واجبة، فلم تسقط بالعجز عنها، كسائر الكفارات.
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي (1):
1 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأعرابي أن يطعم أهله، ولم يأمره بكفارة أخرى ولا بين له بقاءها في ذمته.
2 ـ ولأن الله تعالى لا يكلف الإنسان بما ليس في طاقته ولا تحت قدرته، لقوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم} ، وقوله:{لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} .
والراجح هو القول الثاني لقوة أدلته، ودعوى التخصيص لا تسمع بغير دليل (2).
ولأن الكفارة واجبة، والواجبات منوطة بالاستطاعة، والعجز عن فعلها يسقطها، فلا واجب مع
العجز ولا حرام مع الضرورة كما هو معلوم من أصول التشريع الإسلامي.
قال الشيخ ابن عثيمين: "والقول الراجح أنّها تسقط، وهكذا أيضاً نقول في جميع الكفارات، إذا لم يكن قادراً عليها حين وجوبها فإنها تسقط عنه، إمّا بالقياس على كفارة الوطء في رمضان، وإما لدخولها في عموم قوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7] وما أشبه ذلك
…
وبناءً على القاعدة العامة الأصوليّة التي اتفق عليها الفقهاء في الجملة، وهي أنّه (لا واجب مع عجز) " (3).
(1) المغني (3/ 143).
(2)
المغني (3/ 143 - 144).
(3)
الشرح الممتع (6/ 418).
ويبين ابن رشد سبب الخلاف بقوله: "والسبب في اختلافهم في ذلك: أنه حكم المسكوت عنه فيحتمل أن يشبه بالديون، فيعود الوجوب عليه في وقت الإثراء، ويحتمل أن يقال: لو كان ذلك واجبا عليه لبينه له عليه الصلاة والسلام"(1).
ثالثاً: كفارة اليمين:
يقول الشيخ ابن عثيمين: "إذا لزم الإنسان كفارة يمين ولم يجد ما يطعم ولم يستطع الصوم فإنها تسقط عنه لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]، وقوله: {لا يكلف الله نفساً إلى وسعها} [البقرة: 286] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم). ولا يلزمه شيء؛ لأن من القواعد المقررة أن الواجبات تسقط بالعجز عنها إلى بدلها إن كان، أو إلى غير شيء إذا لم يكن لها بدل، وإذا تعذر عن البدل سقطت عنه نهائياً"(2).
رابعاً: كفارة الظهار، وكفارة قتل الصيد يأخذان حكم كفارة الجماع، وكفارة اليمين في سقوطهما حال الإعسار والعجز، إذ لا فرق بينهما.
(1) بداية المجتهد (2/ 68).
(2)
فتاوى نور على الدرب الشريط (83)، موقع الشيخ ابن عثيمين:
http://binothaimeen.net/content/7637