الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهل بعد هذه الصورة الأخيرة رتبة فضل في رد السلام
؟
قال بعض أهل العلم: أن الإنسان إذا سُلم عليه: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فله أن يرد بما جاء من زيادة فضل في رد السلام، وهو أن يقول:"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته"، وذلك لما رواه البيهقي في الشعب، وابن عدي في الكامل والبخاري في التاريخ الكبير، من طريق إبراهيم المختار عن شعبة عن عون بن سعد عن أمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم علينا فرددنا عليه السلام، قلنا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته. (1)
ولكن هذا الحديث فيه أكثر من علة:
العلة الأولى: هي تفرد إبراهيم المختار وقد نبه على هذه العلة البيهقي في شعب الإيمان، فقال: رواه عن شعبة من ليس بالمعروف أو ليس بالمشهور، وأيضًا يرويه عن إبراهيم بن المختار محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف، فالصحيح أنه لا يثبت بعد البركة خبر، وأن زيادة ومغفرته ليس
(1) التاريخ الكبير (رقم: 1037)، الكامل لابن عدي (7/ 127) شعب الإيمان (رقم: 8491). وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/ 6) أخرجه البيهقي في الشعب بسند ضعيف من حديث زيد بن أرقم. ا. هـ.
لها أصل في الأحاديث النبوية، وقد أنكرها جماعة من الصحابة، فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنه كما أخرج ذلك مالك في الموطأ: "عن وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه قال: كنت جالسا عند عبد الله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم زاد شيئا مع ذلك أيضاً،
قال ابن عباس: إن السلام انتهى إلى البركة. (1)
وجاء ذلك أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما، بسند صحيح كما عند عبد الرزاق في مصنفه: أن رجلاً كان يلقى ابن عمر فيقول السلام عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته ومعافاته، قال: يكثر من هذا. فقال له ابن عمر: وعليك مئة مرة لئن عدت إلى هذا لأسوءنك. (2)
فابن عمر قالها لمن سلم عليه: السلام عليكم ورحمة الله ومغفرة. وإن كانت في الابتداء ولكنه أنكرها.
(1) الموطأ (رقم: 3525).
(2)
مصنف عبد الرزاق (رقم: 19453).
وجاء أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما عند البيهقي في (الشعب) قال: انتهى السلام إلى وبركاته. ورجاله ثقات. (1)
وقد استدل ابن عباس رضي الله عنه أن السلام قد انتهى إلى البركة بآية هود: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73)} (2)
كما أخرج ذلك ابن أبي حاتم في تفسيره: أن عطاء بن أبي رباح، قال: إن ابن عباس أتاهم يوما في مجلس، فسلم عليهم فقال: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقلت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته فقال: من هذا؟ فقلت: عطاء فقال: انته إلى بركاته قال: ثم ذكر هذه الآية. (3)
فالصحيح أن زيادة مغفرته وغيرها من الألفاظ (ومرضاته ومعافاته) لا يثبت فيها شيء، وحينئذٍ يكون الرد بهذه الصفة غير مشروع، وعليه فنقول إذا سُلِّم عليك:"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، فليس لك إلا هذا الخيار، وهو الرد عليه إلى البركة فقط؛ كما جاء ذلك عن عروة بن
(1) فتح الباري (11/ 6).
(2)
هود: 73.
(3)
تفسير ابن أبي حاتم (رقم 11031) وأخرجه الحاكم (2/ 344).
الزبير عند البيهقي في الشعب بسند صحيح: أن رجلا سلم عليه، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال عروة: ما ترك لنا فضلاً، إن السلام انتهى إلى: وبركاته. (1)
وجاء في فضل درجات هذا الرد ما أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما من حديث عمران بن حصين: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك، ثم قال:«وعليكم السلام» ثم قعد، فقال:«عشر» ، ثم سلم عليه مرة أخرى رجل آخر، فقال:«السلام عليك ورحمة الله» ثم قعد فرد عليه، وقال:«عشرون» ثم سلم عليه آخر، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، ثم قعد، فرد عليه، ثم قال:«ثلاثون» (2) وهذا هو القدر المحفوظ من حديث عمران.
(1) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (رقم: 9096).
(2)
أخرجه أحمد (4/ 439) وأبو داود (رقم: 5197)، النسائي في الكبرى (رقم: 10169) والترمذي (رقم: 2689) الدارمي (رقم: 2669) من حديث عمران بن الحصين وقال البزار في مسنده (رقم: 3588): وهذا الحديث قد روي نحو كلامه، عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه، وأحسن إسناد يروى في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الإسناد، وإن كان قد رواه من هو أجل من عمران فإسناد عمران أحسن) أ. هـ. وقال البيهقي في الشعب (رقم: 8480) إسناده حسن. وقال الحافظ في الفتح (11/ 6): سنده قوي، وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (رقم: 986) وابن حبان في صحيحه (رقم: 493) من حديث أبي هريرة.
وأخرج أبو داود في سننه من حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه -أي بمعنى حديث عمران - زاد: ثم أتى آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال:«أربعون» قال: «هكذا تكون الفضائل» (1) ولا يصح.
قوله: (ولا يستحب الزيادة على ذلك)
وهذا هو الصواب كما قررنا فيما تقدم.
ثم قال المؤلف: (ويستحب ورحمة الله ........ أو ردوها).
الصواب أنه ليس بمستحب، فما المانع إن أُسلمَ سلامًا كاملاً، ويردُ علي السلام كاملاً، ففي كلام المؤلف هنا نظر.
ثم قال المؤلف: (وإذا سلم ثم حال ...... ورضي عنهم.)
ما ذكره المؤلف هنا هو نص حديث عند أبي داود من حديث معاوية بن صالح عن أبي موسى عن أبي مريم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضا. وقال معاوية وحدثني عبد الوهاب بن بخت عن أبي
(1) أخرجه أبو دواد (5198) والطبراني في الكبير (رقم: 390) قال الحافظ في الفتح (11/ 8) سنده ضعيف.
الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله سواء. (1) وهذا الإسناد حسن في الشواهد، وقد جاء ما يشدهُ كما أخرج الطبراني من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفرق بيننا شجرة، فإذا التقينا سلم بعضنا على بعض. رواه الطبراني بإسناد حسن. (2)
ومن المعلوم أن السلام مشروع عند التلاقي، والتلاقي أعم من أن يكون له صورة واحدة، وأعم من أن يكون غياب عن النظر، وقد تلتقي به بعد أن فارقته ولم يغب عن ناظريك، وقد كان هذا هو هدي الصحابة رضي الله عنهم كما تقدم عن أنس، أنهم إذا كانوا يمشون وكان بينهم جدار أو شجرة أو ما شابه ذلك والتقوا بعد ذلك، يسلم بعضهم على بعض، تحقيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا لقيته فسلم عليه» (3)
(1) سنن أبي داود (رقم: 5200) والبخاري في الأدب المفرد (رقم: 1010) وأبو يعلى (رقم: 6350) والبيهقي في الشعب (رقم: 8468).
(2)
الطبراني في الأوسط (رقم: 7987) وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (رقم: 4494) والبخاري في الأدب المفرد (رقم: 1011) والبيهقي في الشعب (رقم: 8861) وابن السني في عمل اليوم والليلة (رقم: 245) قال الحافظ في التلخيص (4/ 93): رواه الطبراني بسند حسن.
(3)
سبق تخريجه ص.
وفي هذا من الفوائد أنه يشرع السلام وإن لم تتحقق صورة الانفصال والغياب عن النظر، ومن الأدلة على هذا حديث المسيء صلاته (1) ، فإنه أتى وصلى صلاة ليست بشرعية، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليكم السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل» فذهب الرجل يصلي والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، بدليل أنه لما رجع، قال:«ارجع فصل فإنك لم تصل» وسلم مرة ثانية وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على السلام، وفي هذا دلالة على شرعية السلام عند المفارقة العرفية، وإن لم تتحقق صورة الانفصال والبعد عن النظر، ومعلوم أن الإنسان إذا التقى بشخص في مكان واسع، ثم ذهب أحدهم ثم رجع فإننا نقول: فارقه، وفي البيوع تقرر ذلك حين المفارقة العرفية. وعليه فإذا تمت المفارقة العرفية وتحققت صورة الانفصال عن مسمع أو مرأى فيشرع السلام حينئذ عند التلاق.
ثم قال المؤلف: (ويكره السلام ..... التجائر والصنائع)
سبق أن ذكرنا أن السلام مشروع بعامة، وهو من حق المسلم على أخيه، فهل هذا يشمل السلام بين الرجال والنساء؟
(1) أخرجه البخاري (رقم: 724 و 760) ومسلم (رقم: 397) وغيرهما.
نقول: الأصل العموم، فإن الإنسان يسلم على كل أحد؛ لكن في مسألة السلام على النساء تفصيل، فالنساء ينقسمن بالنسبة إلى المُسلِّم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يكن محارماً.
القسم الثاني: أن يكن أجانب عن الرجل لكنهن من معارفه.
القسم الثالث: أجانب غير معارف.
فأما القسم الأول: وهن المحارم فلا إشكال في ذلك ،وهن: من تحرم على الرجل على التأبيد، بنسب، أو سبب مباح، ويلحق بذلك الزوجة، فالإنسان يسلم على زوجه ومحارمه، كأمه، وأخته، وابنته، وعمته، وخالته، وابنة أخيه، وابنة أخته، وحديث السلام ينطبق على هذا الوصف بلا إشكال.
القسم الثاني: أجانب معارف.
والأجنبية: هي من سوى المحارم ، فالصحيح أنه يجوز السلام عليها، كابنة العم، فإنها أجنبية، ويحل أن يتزوج منها، ويلقي السلام عليها إن لم يكن هناك فتنة، وهذا للقرابة وكذلك ابنة الخال للمعرفة، إن لم يكن هناك فتنة، ويلحق بهؤلاء زوجة الأخ، وأخت الزوجة، فإنهن أجانب معارف؛ لأن الصلة في مثل هذه الأمور قد تعارف الناس على أنها مستحبة، فيكره
ترك السلام عند اللقاء، لكثرة التلاقي بين هؤلاء الأجناس ولأن ترك السلام عند اللقاء هنا قد يدل على وحشة وجفاء، ما لم يكن هناك فتنة ظاهرة.
القسم الثالث: أجانب غير معارف وهن من سوى ذلك، من نساء العالمين، وهؤلاء لا يشرع السلام عليهن إن كن شوابّ، وعلى هذا جمهور السلف، وعلله المؤلف بقوله:
(فإن ذلك يجلب جوابهن وسماع أصواتهن وعساه يجلب الفتنة وكم من صوت جر هوى وعشقا)
ولا شك أن الأجنبية من غير المعارف لا يشرع استنطاقها إلا لحاجة وحينئذ لا يشرع السلام عليها، ولهذا هي لا تؤذن ولا تقيم ولا تنبه في الصلاة؛ إلا بالتصفيق خشية الفتنة، ثم إن ترك السلام عليها لا ينافي الإفشاء.
ومحادثة المرأة الأجنبية لا يجوز إلا للحاجة، وتكون هذه المحادثة بقدر تلك الحاجة، وإلا هو باب فتنة وبلاء، والتلذذ بذلك من المحرمات ومما يفسد قلب العبد، ويجلب له المصائب.
والله عز وجل نهى النساء عند محادثة الرجال عن الخضوع بالقول، وهو تليينه وترقيقه، فنهى الله نساء نبيه عن ذلك وهن سيدات نساء الأمة رضي الله عنهن، فقال تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32)} (1) والنهي عن الخضوع بالقول فيه إباحة للقول دون ذلك، لأن النهي عن الأخص مستلزم لجواز الأعم، وشواهد ذلك من السنة لا تحصر، وأمَّا ما أخرجه أحمد في المسند من حديث أم عطية رضي الله عنها، قالت:
…
وروي النهي عن محادثة النساء ولا يصح أيضاً. (3)
ولكن يستثنى من الأجانب غير المعارف صنفاً واحداً وهنَّ العجائز، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يسلمون على العجائز، ومن ذلك ما وقع في حديث سهل بن سعد في صحيح البخاري، أنه قال: إنا كنا نفرح
(1) سورة الأحزاب آية (32).
(2)
مسند أحمد (رقم: 20817).
(3)
ذكره السيوطي في الجامع الصغير (فيض القدير: 3/ 166) وعزاه إلى الحكيم الترمذي في كتاب الحج من حديث سعد بن مسعود ثم رمز له السيوطي بالضعف.
بيوم الجمعة، كانت لنا عجوز تأخذ من أصول سلق لنا، كنا نغرسه في أربعائنا، فتجعله في قدر لها فتجعل فيه حبات من شعير - لا أعلم إلا أنه قال - ليس فيه شحم ولا ودك، فإذا صلينا الجمعة زرناها فقربته إلينا، فكنا نفرح بيوم الجمعة من أجل ذلك. (1)
مع العلم أنه ليس كل الذين مع سعد من المحارم، أو قد لا يكون سعد من محارمها، فالعجوز القاعدة عن النكاح لا بأس بالسلام عليها إذ لا فتنة.
قول المؤلف (والبارزات لعدم الفتنة بأصواتهن)
المراد بالمرأة البرزة: هي المرأة التي تحتاج إلى الخروج لتجارة، أو عمل، وعادة تكون كبيرة؛ لأن الأبكار والعواتق وذوات الخدور والعذارى، يكن في أماكنهن لا يخرجن، فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم:«أشد حياءً من العذراء في خدرها» . (2)
(1) صحيح البخاري (2/ 827).
(2)
أخرجه أحمد (رقم: 11701) والبخاري (رقم: 3369) ومسلم (رقم: 2320).
وفي حديث أم عطية: كنا نخرج العواتق والحيض وذوات الخدور في صلاة العيد. (1)
ففي ذلك الوقت كان لا يخرج في الغالب إلا الكبار، فقد كانت المرأة البرزة وهي الكبيرة تخرج وتتعاطى أموراً، وتحتاج أن تكلم الرجال وقد نص أهل العلم على أن البرزة يجوز السلام عليها.
وبناء على ما تقدم فتنقسم الأجنبيات إلى ثلاثة أقسام:
1: الشابة فيترك السلام عليها بالاتفاق.
2: العجوز الكبيرة فيسلم عليها.
3: الكبيرة غير العجوز فيشرع السلام إذا احتيج إلى ذلك؛ كأن يكون لها حرفة، وإن لم يكن لها شيء من ذلك، ولم تكن هناك حاجة، فقد يقال: لا يشرع السلام.
(1) أخرجه أحمد (رقم: 20818) والبخاري (رقم: 344) ومسلم (رقم: 890).
ثم قال المؤلف: (ولا بأس بالسلام
…
على حسن المعاشرة.)
الصبي هو: من لم يبلغ، فكل من لم يبلغ فهو صبي، وقد جاء في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله. (1) وبوب عليه البخاري باب التسليم على الصبيان. (2) وتأمل كيف بدأهم بالسلام عليه الصلاة والسلام ، مع قوله ليسلم الصغير على الكبير. . كل هذا من كمال خصاله وجميل فعاله بأبي هو وأمي ، وحتى يتربى الصغار على مثل هذا فإن الصبية يحتاجون للتكرار في التعليم والتربية.
فيسلم على الصبيان حتى لو كانوا منفردين، وهذه هي سنته عليه الصلاة والسلام.
والتسليم على الصبيان من إفشاء السلام، ومن حسن الأدب معهم، سواء غلب على ظنه أنهم سيردون أم لا، ويشمل هذا الصبيات أيضاً ما لم يكن هناك ريبة، وفي سلامه صلى الله عليه وسلم عليهم دلالة لما تقدم ذكره من أن المارّ هو الذي يسلم على القارّ كما تقدم تقريره في جميع الأحوال وهذا ظاهر بحمد الله.
(1) أخرجه البخاري (رقم: 5893) وصحيح مسلم (رقم: 2168).
(2)
صحيح البخاري (5/ 2305).
ثم قال المؤلف: (ويستحب السلام ........ أشد استحباباً)
جاء هذا في السنن من طريق محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«إذا انتهى أحدُكم إلى المجلس فَلْيُسَلِّمْ فإن بدا له أن يجلسَ فليجلسْ ثم إذا قام فَلْيُسَلِّمْ فليست الأُولَى بِأَحَقَّ من الآخرة» (1)
يعني ليس السلام الأول بأحق من السلام الآخر، فإذا قدمت على أناس جلوس فسلم، فإذا قمت فسلم إذا كانوا جلوساً، فإن انصرفوا جميعاً فإنه يسلم إذا فارقهم، ويُنَزَّل الفراق منزلة الانصراف من المجلس.
ثم قال المؤلف: (والدخول أشد استحباباً)
وهذا لا شك فيه كما تقدم.
(1) أخرجه أحمد (رقم: 9662) وأبو داود (رقم: 5210) والنسائي (رقم: 10201) والترمذي (رقم: 2706) وقال: حسن. وابن حبان (رقم: 494). وقال النووي في الأذكار: أسانيده جيدة، وقال الحافظ في تخريج الأذكار: هذا حديث حسن. انظر الفتوحات الربانية (3/ 87).