المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلوالمصافحة مستحبة بين الرجلين - اللباب «شرح فصول الآداب»

[عبد الله بن مانع الروقي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌فَصْلٌالسَّلَامُ المُبْتَدَأُ يَكُوْنُ مِنَ المَاشِي عَلَى القَاعِدِ

- ‌وهل بعد هذه الصورة الأخيرة رتبة فضل في رد السلام

- ‌فَصْلٌوَالمُصَافَحَةُ مُسْتَحَبَّةٌ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ

- ‌مسألة: من أحكام المصافحة:

- ‌ومن المسائل الملحقة بهذا الفصل المهم:

- ‌فَصْلٌوَيَنْبَغِيْ لِلإِنْسَانِ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيْ سِرِّ قَوْمٍ

- ‌فَصْلٌوَيُكْرَهُ الخُيَلَاءُ وَالزَّهْوُ فِيْ المَشْيِ

- ‌فَصْلٌوَمِنْ مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ

- ‌فَصْلٌوَعَشَرَةٌ مِنَ الفِطْرَةِ

- ‌والشعور في البدن تنقسم ثلاثة أقسام:

- ‌فصل في تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الباب

- ‌فَصْلٌوَيُكْرَهُ نَتْفُ الشَّيْبِ

- ‌مسألة: أما الصبغ بغير السواد

- ‌فَصْلٌوَلَا يَنْبَغِيْ لِأَحَدٍ أَنْ يَهْجُمَ عَلَى

- ‌فَصْلٌوَيَحْرُمُ أَنْ يَتَنَاجَى اِثْنَانِ دُوْنَ ثَالِثٍ

- ‌فَصْلٌوَيُسْتَحَبُّ اِفْتِتَاحُ الأَكْلِ بِبِسْمِ اللهِ

- ‌فَصْلٌوَمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ يُغْلِقُ بَابَهُ

- ‌فَصْلٌويُسْتَحَبُّ تَحْوِيْلُ غَسْلِ اليَدِ مِنَ الزُّهَامِ

- ‌ مسقطات وجوب إجابة الدعوة:

- ‌مسألة ضرب الدف:

- ‌فَصْلٌوَالغِيْبَةُ حَرَامٌ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْكَشِفْ

- ‌فَصْلٌفَصَارَتِ الغِيْبَةُ:

- ‌فَصْلٌوَلُبْسُ الحَرِيْرِ مُحَرَّمٌ عَلَى الرِّجَالِ

- ‌مباحث في ضرب الدف

- ‌فَصْلٌوَالتَّدَاوِيْ بِالحِجَامَةِ وَالفَصْدِ وَالكَيِّ

- ‌فَصْلٌوَمَنْ رَأَى مِنَ الحَيَّاتِ شَيْئًا فِي مَنْزِلِهِ

- ‌فَصْلٌوَيَجُوْزُ قَتْلُ الأَوْزَاغِ

- ‌فَصْلٌوَلَا يَجُوْزُ إِخْصَاءُ البَهَائِمِ

- ‌فَصْلٌوَيُكْرَهُ إِزَالَةُ الأَوْسَاخِ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌فَصْلٌوَبِرُّ الوَالِدَيْنِ وَاجِبٌ

- ‌فَصْلٌوَيُكْرَهُ الاتِّكَاءُ عَلَى يُسْرَى يَدَيْهِ

- ‌قوله: (ويكره الجلوس بين الشمس والظل)

- ‌فَصْلٌوَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُوْلَ عِنْدَ النُّهُوْضِ مِنَ المَجْلِسِ:

الفصل: ‌فصلوالمصافحة مستحبة بين الرجلين

‌فَصْلٌ

وَالمُصَافَحَةُ مُسْتَحَبَّةٌ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ

، وَلَا تَجُوْزُ مُصَافَحَةُ النِّسَاءِ الشَوَابِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُثِيْرُ الشَّهْوَةَ.

وَلَا بَأْسَ بِالْمُعَانَقَةِ، وَتَقْبِيْلِ الرَّأْسِ وَاليَدِ، لِمَنْ يَكُوْنُ مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ أَوِ العِلْمِ أَوِ كِبَرِ السِّنِّ فِيْ الإِسْلَامِ.

وَيُسْتَحَبُّ القِيَامُ لِلإِمَامِ العَادِلِ، وَالوَالِدَيْنِ، وَأَهْلِ الدِّيْنِ وَالوَرَعِ وَالعِلْمِ وَالكَرَمِ وَالنَّسَبِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ.

قال المؤلف: (والمصافحة مستحبة .... ذلك يثير الشهوة)

في هذا الفصل تكلم المؤلف عن أحكام المصافحة، والمصافحة لا شك أنها من السنن بين الرجال بعضهم بعضاً، وبين النساء بعضهن بعضاً.

والمصافحة حكمها: أنها سنة مؤكدة، وقد جاءت الأخبار في مشروعية المصافحة منها ما جاء في صحيح البخاري عن قتادة، قال: قلت لأنس رضي الله عنه: أكانت المصافحة في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. (1)

(1) أخرجه البخاري (رقم: 5908).

ص: 36

وما جاء في صحيحي البخاري ومسلم في حديث كعب بن مالك رضي الله عنه في قصة توبته، قال: فقام إلي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول، حتى صافحني وهنأني. (1) وما جاء بسند صحيح في سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه، قال: لما جاء أهل اليمن، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد جاءكم أهل اليمن» وهم أول من جاء بالمصافحة. (2)

فائدة:

المصافحة تكون بين المتصافحين باليد اليمنى .. وهذا معلوم .. وقد سألت شيخنا ابن باز رحمه الله عمن شُلّت يده اليمنى، أو بها علة هل يصافح باليسرى فأجاب: نعم.

فائدة أخرى:

المصافحة بكلتا اليدين عند الاحتفاء مباحة لا سنة ولا بدعة .. قال البخاري رحمه الله باب: الأخذ باليد، وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه .. وقال شراح الحديث إن الأخذ باليد هو مبالغة في المصافحة ..

قلت: هو نوع احتفاء بالمصافَح.

(1) أخرجه البخاري (رقم: 4156) ومسلم (رقم: 2769).

(2)

أخرجه أبو داود (رقم: 5215) وأخرجه أحمد (رقم: 13649) ولفظه: «قد جاءكم أهل اليمن هم أرق منكم قلوبا» قال أنس: وهم أول من جاء بالمصافحة. والبخاري في الأدب المفرد (رقم: 967) قال النووي في رياض الصالحين (456): سنده صحيح.

ص: 37

وفُهم من قول المؤلف: (ولا تجوز مصافحة النساء الشواب)

أنه يجوز مصافحة النساء غير الشواب، وفي هذا نظر، والصواب أنه لا يصافح الإنسان إلا زوجه أو محارمه من النساء، ولا يصافح المرأة الأجنبية البتة، وهناك من أهل العلم من أجاز مصافحة الأجنبية إذا كانت عجوزاً، وهذا ظاهر كلام المؤلف، لكن جمهور أهل العلم على تحريم مصافحة الأجنبية مطلقاً، والراجح عندهم أيضاً أنها ولو كانت عجوزاً، والدليل على هذا ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط. (1)

وكان يبايع عليه الصلاة والسلام البيعة بالكلام مع الحاجة إلى ذلك؛ كما هو حديث أميمة بنت رقيقة في الموطأ وغيره، قالت: يا رسول الله بايعنا، قال:«إني لا أصافح النساء، إنما قَولي لامرأة قولي لمائة امرأة» (2)

وقال بعضهم: لا بأس أن يصافح المرأة الأجنبية من وراء حائل، وتمسكوا ببعض الأخبار التي ليس لهم فيها متمسك، وفي بعضها أنه كان على يده قطعة قماش، ولكن لا يصح في هذا الباب شيء.

وننبه على حديث رواه الطبراني في الكبير: من طريق شداد بن سعيد الراسبي، قال: سمعتُ يزيد بن عبد الله بن الشخير، يقول: سمعتُ معقل

(1) أخرجه البخاري (رقم: 4609) وصحيح مسلم (رقم: 1866).

(2)

أخرجه وأحمد (رقم: 27051) والترمذي (رقم: 1597) والنسائي (رقم: 7756).

ص: 38

بن يسار، أنه قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم، قال:«لأن يُطعن في رأس أحدكم مخيط من حديد خير له من أن يمس يد امرأةً لا تحل له» (1)

وصححه بعض المتأخرين، (2) ، ووهم في ذلك، والصواب أنه من قول معقل بن يسار، كما أخرج ذلك ابن أبي شيبة في المصنف من طريق بشير بن عقبة، قال: حدثني يزيد بن عبد الله الشخّير، عن معقل بن يسار، قال: لأن يعمد أحدكم .... ، الحديث موقوف على معقل. (3)

ولكن هذا قول صحابي لا يخالفه أحد، فالصحيح أن المرأة الأجنبية لا يُمَسُّ بدنها ولو من وراء حائل، لأن العورات متى كانت عورة فإنه لا يجوز النظر إليها، ولا مسها مباشرة، ولا مسها من وراء حائل، ولهذا جاء في الحديث النهي عن النظر إلى العورات، كما في حديث جرير عند مسلم، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري. (4)

(1) أخرجه الطبرانى (رقم: 487).

(2)

السلسلة الصحيحة (رقم: 226).

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (رقم: 17310).

(4)

أخرجه مسلم (رقم: 2159) وأخرجه أبو داود الطيالسي (رقم: 672) وأحمد (رقم: 19220) وأبو داود (رقم: 2148) والترمذي (رقم: 2776) والنسائي (رقم: 9233).

ص: 39

وأيضا من حديث بريدة عند أبي داود، والترمذي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه:«يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة» (1) ومعلوم أن النهي في نظر الفجأة هنا إنما هو عن النظر إلى المحرم من العورات، ونحوها، أما لو وقع نظره على شيء مباح لم يؤمر بصرفه، والله أعلم.

وجاءت الأحاديث أيضا في النهي عن مس المرأة الأجنبية كما تقدم، وجاءت الأخبار أيضاً بما ثبت في الصحيح: أن رجلاً من الأنصار كسع رجلاً من المهاجرين - أي ضربه على دبره- فغضب المهاجري، فقال: يا للمهاجرين، فغضب الأنصاري بعد ما خاصمه المهاجري، وقال: يا للأنصار. (2)

والمقصود أنه لما ضربه على دبره أغضبه، وقال أهل العلم إن ضرب الرجل الرجلَ الآخر على العورة المغلظة لا يجوز، ولو من وراء الثياب، ولو كان بين النساء، بينما يجوز مس الفخذ من الغير إذا كان مستوراً ولم تكن هناك فتنة، فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم على فخذ أبي ذر كما في صحيح

(1) أخرجه أبو داود (رقم: 2149) والترمذي (رقم: 2777) وقال: حسن غريب.

(2)

أخرجه البخاري (رقم: 4622) ومسلم (رقم: 2584) وأخرجه عبد الرزاق (رقم: 18041) وأحمد (رقم: 15260) والترمذي (رقم: 3315) والنسائي (رقم: 8863).

ص: 40

مسلم (1) ، وهذا يدل على أن الفخذ عورة مخففة، ليست عورة مغلظة، فهي عورة في باب النظر، فلا يجوز النظر إليها، ويجب سترها في الصلاة، لكن يجوز مسها من وراء الثياب ما لم تكن فتنة، أما العورة المغلظة، كالسوأتين والإلية، فلا يجوز مسها من وراء الثياب من الغير.

مسألة: إذا كان الإنسان يصلي ومر بينه وبين سترته امرأة، وقد عُلم أن المرأة والرجل وغيره ممن يمر بينك وبين سترتك أنك تدافعه فهل له أن يدفعها؟

الجواب: نعم يجوز أن يدفع المرأة لأن هذا المس غير مقصود للمرأة، ولأنها قد تنزجر قبل وصول اليد إليها، ولأن مسها باليد مس عارض يسير لدفع إبطال الصلاة، ثم إنه إن لم يمنعها ستبطل صلاته، لأن المرأة إذا مرت بين الرجل وبين محل سترته بطلت صلاته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه كمؤخرة الرحل، المرأة، والحمار، والكلب الأسود» (2)

(1) أخرجه مسلم (رقم: 648) ولفظه: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب فخذي كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال قال ما تأمر؟ قال صل الصلاة لوقتها ثم اذهب لحاجتك فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل.

(2)

أخرجه أبو داود الطيالسي (رقم: 453) وأحمد (رقم: 21361 و 21415) وأبو داود (رقم: 702) والترمذي (رقم: 336) وقال: حسن صحيح. والنسائي (رقم: 750) =

= وابن ماجه (رقم: 952) وأخرجه مسلم (رقم: 510) ولفظه عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل؛ فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود» قلت: يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود، من الكلب الأحمر، من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال:«الكلب الأسود شيطان» .

ص: 41