الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
وَيُكْرَهُ إِزَالَةُ الأَوْسَاخِ فِي الْمَسَاجِدِ
كَتَقْلِيْمِ الأَظْفَارِ، وَقَصِّ الشَارِبِ، وَنَتْفِ الإِبِطِ، وَالعَمَلِ وَالصَنَائِعِ؛ كَالخِيَاطَةِ، وَالخَرَزِ، وَالحَلَجِ، وَالتِّجَارَةِ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ؛ إِذَا كَثُرَ.
وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ إِذَا قَلَّ مِثْلُ رَقْعِ ثَوْبٍ، أَوْ خَصْفِ نَعْلٍ، أَوْ تَشْرِيْكِهَا إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُهَا.
قوله: (ويكره إزالة الأوساخ في المساجد ..... إذا انقطع شسعها).
استقرت العناية بالمساجد في الشريعة الإسلامية ،وتظاهرت بذلك الأخبار ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتطييبها، وأثنى على من كان يلي تنظيفها، بل في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فقد امرأة كانت تقم المسجد، فقالوا: ماتت، فقال:«دلوني على قبرها» (1) ثم أتى وصلى عليها تكرمة لها.
(1) أخرجه البخاري (رقم: 458) ومسلم (رقم: 956).
ونهى عن البصاق فيها، واستفاضت الأخبار في النهي عن ذلك، بل قد باشر عليه الصلاة والسلام إزالة البصاق وحكه بيده الشريفة ، وكان قد أمر بتخليقها بزعفران، وكان السلف يجمِّرون المساجد ويطيبونها، ونُدِب إلى ذلك، حتى قال شيخ الإسلام في الفتاوى في المجلد الثاني والعشرين قال: والمسجد يصان حتى عن القذاة التي في العين. (1)
واشتهر عند الناس خبر لا يثبت، أن قمامة المسجد مهور الحور العين، وهذا لا يصح، (2) ولمّا بال رجل في المسجد قال صلى الله عليه وسلم:«أهريقوا على بوله ذنوبا من ماء» ثم قال: «إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من قذر الناس» وكما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن» (3) وأنكر أصحابه على من بال في المسجد.
(1) مجموع الفتاوى لابن تيمية (22/ 202).
(2)
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/ 113): رواه الطبراني في الكبير وفي إسناده مجاهيل.
(3)
أخرجه أحمد (رقم: 7786) والبخاري (رقم: 5777) ومسلم (رقم: 284 و 285) وأبو داود (رقم: 380) والترمذي (رقم: 147).
وفي حديث عائشة رضي الله عنها الذي في السنن (وفي إسناده مقال): أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تُبنى المساجد في الدور وأن تطيب. (1) والدور المراد بها الأحياء، فلا يكون فيها شيء من قلامة الأظفار، ولا تقص فيها الشعور، ولا تعمل فيها الصنائع، بل تصان عما هو أولى من ذلك، كالبيع والشراء، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا رأيتم الرجل يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك» (2)
غير أنه لا يكره إذا قل شيء من ذلك، كرقع الثوب، أو خصف النعل، أو تشريكها إذا انقطعت، فهذا لا بأس به؛ لأنها أعمال يسيرة لا تنافي حرمة المسجد.
(1) أخرجه أحمد (رقم: 26429) وأبو داود (رقم: 455) والترمذي (رقم: 594) وابن ماجه (رقم: 759).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (رقم: 1725) والنسائي (رقم: 10004) الترمذي (رقم: 1321) وقال: حسن غريب. والدارمي (رقم: 1401) وابن خزيمة (رقم: 1305) وابن حبان (رقم: 1650) والحاكم (رقم: 2339) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.