الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفية السيرة النبوية]
بسم الله الرحمن الرحيم
بين يدي الكتاب
الحمد لله الّذي نضّر وجوه أهل الحديث، وجعل منهم حفّاظا للسّنّة بسعيهم الحثيث، فاضت السّنّة عذبة المورد، دانية الجنى، باهرة السّنا.
والصّلاة والسّلام على سيّد ولد عدنان، الّذي أمر بالبيان، فكانت سنّته مفصّلة لما أجمل في القرآن، وعلى آله الغرّ المطهّرين، وصحابته والتّابعين.
أمّا بعد:
فإنّ السّيرة النّبويّة مما تواردت الأقلام على تحريرها، والأفكار على الاستنباط منها، والموفّقون على اقتفاء توجيهاتها، والتّأسّي بأفضل الخلق على الإطلاق صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنّه الإمام المتّبع، والمصطفى المشفّع، ولقد تفنّن أولو العلم في استجلاء تلك الطّلعة البهيّة، والاغتراف من الشّمائل المصطفويّة.
وأهل العلم ما بين ناظم وناثر، ومتوسّع ومختصر، وشارح ومحشّ، والهدف واحد، وإن تنوّعت الأساليب، ألا وهو عرض سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وتبيان ما كان عليه من الخلق العظيم، والرّحمة للعالمين.
رحمة كلّه وحزم وعزم
…
ووقار وهيبة وحياء
ما سوى خلقه النّسيم ولا غي
…
ر محيّاه الرّوضة الغنّاء
والإعلام بما كان عليه أصحابه من الجدّ والاجتهاد، في مرضاة ربّ العباد، حتّى قدّموا أرواحهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الله، هذا وإنّ ممّن أدلى فيها بدلوه، وألّف فيها بنظمه: الحافظ زين الدّين عبد الرّحيم بن الحسين العراقيّ الّذي كان شيوخ عصره يشهدون له بالمعرفة؛ ويثنون عليه؛ كالسّبكيّ والعلائيّ
وابن كثير وغيرهم، حتّى إنّ الإسنويّ وصفه بقوله:(حافظ العصر) ؛ إذ له مؤلفات بديعة في الحديث وعلومه، منها:«الألفية» الّتي اشتهرت في الآفاق، وشرحها جمع من أهل العلم، وتخريج أحاديث «الإحياء» الموسوم ب «المغني عن حمل الأسفار في الأسفار» وغيرهما.
ومن ذلك: «ألفيّة رجزيّة في السّيرة النّبويّة» ، وهي من مهمّات المتون، وبدائع الفنون؛ لما تمّيزت به من ضبط محرر للأحداث، ودقّة في تواريخ الغزوات والسّرايا، لا سيّما والنّاظم قد أملاها في الرّوضة النّبويّة الشّريفة على فئة من محدثي عصره، وجماعة من المعنيّين بهذه الفنون، فهي بحقّ من الإتحافات السّنيّة، والمتون الرّجزيّة المفيدة، لذلك فهي قمنة بالاقتناء، جديرة بالاعتناء.
وفي أثناء كتابة هذه الأحرف وبينما الكتاب ماثل للطبع.. انتقل إلى جوار ربّه الإمام العلم الّذي تناقلت الأقطار مناقبه وآثاره، وأشارت أكفّ الفضل إليه؛ السّيّد محّمد بن علويّ بن عبّاس المالكيّ، فكان من ترتيب الأقدار لهذا الكتاب المبارك: أن يكون تحقيقه والتّعليق عليه آخر أعمال الإمام المالكيّ العلميّة، والّتي طرّزت بها أنامله هذا السّفر المبارك، فبارك الله تعالى في هذه «الألفيّة» ، وعمّ بها النّفع، إنّه سميع مجيب.
وقد جرّدت دار المنهاج عزمها لإخراج «ألفيّة السّيرة» في أجمل إهاب، وأحسن جلباب، وتفنّنت في إخراجها بالشّكل المرضيّ، وذهبت في ذلك إلى الشّأو القصيّ، بحيث يسرّ العيون منظرها، ويبهج الأفكار مخبرها، لا سيّما وقد التقى على صفحات هذا السّفر علمان محدّثان، قديم ومعاصر، والله تعالى ينفع به.
النّاشر
جدة في (21) رمضان (1425 هـ)
(4)
تشرين 2 (2004 م)