الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
38 - كِتَابُ الْجَمَلِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ
فِي مَسِيرِ عَائِشَةَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ
حَدَّثَنَا
37757 -
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَاصَرْنَا تَوَّجَ وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَالُ لَهُ: مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ: فَلَمَّا أَنِ افْتَتَحْنَاهَا، قَالَ: وَعَلَيَّ قَمِيصٌ خَلِقٌ انْطَلَقْتُ إِلَى قَتِيلٍ مِنَ الْقَتْلَى الَّذِينَ قَتَلْنَا مِنَ الْعَجَمِ ، قَالَ: فَأَخَذْتُ مِنْ قَمِيصِ بَعْضِ أُولَئِكَ الْقَتْلَى ، قَالَ: وَعَلَيْهِ الدِّمَاءُ ، فَغَسَلْتُهُ بَيْنَ أَحْجَارٍ ، وَدَلَّكْتُهُ حَتَّى أَنْقَيْتَهُ وَلَبِسْتَهُ وَأَدْخَلْتَهُ الْقَرْيَةَ ، فَأَخَذْتُ إِبْرَةً وَخُيُوطًا ، فَخِطْتُ قَمِيصِي ، فَقَامَ مُجَاشِعٌ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، لَا تَغُلُّوا شَيْئًا ، مَنْ غَلَّ شَيْئًا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَوْ كَانَ مِخْيَطًا ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى ذَلِكَ الْقَمِيصِ فَنَزَعْتُهُ وَانْطَلَقْتُ إِلَى قَمِيصِي فَجَعَلْتُ أَفْتُقُهُ حَتَّى وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ جَعَلْتُ أَخْرِقُ قَمِيصِي تَوَقِّيًا عَلَى الْخَيْطِ أَنْ يَنْقَطِعَ ; فَانْطَلَقْتُ وَالْإِبْرَةُ وَالْقَمِيصُ الَّذِي كُنْتُ أَخَذْتُهُ مِنَ الْمَقَاسِمِ فَأَلْقَيْتُهُ فِيهَا ثُمَّ مَا ذَهَبْتُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى رَأَيْتُهُمْ يَغُلُّونَ الْأَوْسَاقَ ، فَإِذَا قُلْتَ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا؟ قَالُوا نَصِيبُنَا مِنَ الْفَيْءِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا قَالَ عَاصِمٌ: وَرَأَى أَبِي رُؤْيَا وَهُمْ مُحَاصِرُو تَوَّجَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ ، وَكَانَ أَبِي إِذَا رَأَى رُؤْيَا كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا زَهَارًا ، وَكَانَ أَبِي قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَرَأَى كَأَنَّ رَجُلًا مَرِيضًا وَكَأَنَّ قَوْمًا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ ، اخْتَلَفَتْ أَيْدِيهِمْ وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ عَلَيْهَا ثِيَابٌ خُضْرٌ جَالِسَةً كَأَنَّهَا لَوْ تَشَاءُ أَصْلَحَتْ بَيْنَهُمْ ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَلَبَ بِطَانَةَ جُبَّةٍ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَيْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ ، أَيَخْلَقُ الْإِسْلَامُ فِيكُمْ وَهَذَا سِرْبَالُ نَبِيِّ اللَّهِ فِيكُمْ لَمْ يَخْلَقْ ، إِذْ قَامَ آخَرُ مِنَ الْقَوْمِ فَأَخَذَ بِأَحَدِ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَنَفَضَهُ حَتَّى اضْطَرَبَ وَرَقُهُ ، قَالَ: فَأَصْبَحَ أَبِي يَعْرِضُهَا وَلَا يَجِدُ مَنْ يُعَبِّرُهَا ، قَالَ: كَأَنَّهُمْ هَابُوا تَعْبِيرَهَا ، قَالَ: قَالَ أَبِي: فَلَمَّا أَنْ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَإِذَا النَّاسُ قَدْ عَسْكَرُوا ، قَالَ: قُلْتُ: مَا شَأْنُهُمْ؟ قَالَ: فَقَالُوا: بَلَغَهُمْ أَنَّ قَوْمًا قَدْ سَارُوا إِلَى عُثْمَانَ فَعَسْكَرُوا لِيُدْرِكُوهُ فَيَنْصُرُوهُ ، فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَالِحٌ ، وَقَدِ انْصَرَفَ عَنْهُ الْقَوْمُ ، فَرَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ فَلَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا قَتْلُهُ ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي: فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ شَيْخًا بَاكِيًا تُخَلِّلُ الدُّمُوعُ لِحْيَتَهُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ; فَمَا لَبِثَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى إِذَا الزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ قَدْ قَدِمَا الْبَصْرَةَ ، قَالَ: فَمَا لَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى إِذَا عَلِيٌّ أَيْضًا قَدْ قَدِمَ ، فَنَزَلَ بِذِي قَارٍ ، قَالَ: فَقَالَ لِي شَيْخَانِ مِنَ الْحَيِّ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ ، فَلْنَنْظُرْ إِلَى مَا
⦗ص: 533⦘
يَدْعُو ، وَأَيُّ شَيْءٍ جَاءَ بِهِ ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنَ الْقَوْمِ وَتَبَيَّنَّا فَسَاطِيطَهُمْ إِذَا شَابٌّ جَلْدٌ غَلِيظٌ خَارِجٌ مِنَ الْعَسْكَرِ ، قَالَ الْعَلَاءُ ، رُئِيتُ أَنَّهُ قَالَ: عَلَى بَغْلٍ ، فَلَمَّا أَنْ نَظَرْتُ إِلَيْهِ شَبَّهْتُهُ الْمَرْأَةَ الَّتِي رَأَيْتُهَا عِنْدَ رَأْسِ الْمَرِيضِ فِي النَّوْمِ ، فَقُلْتُ لِصَاحِبِيَّ: لَئِنْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَرِيضِ أَخٌ إِنَّ ذَا لَأَخُوهَا ، قَالَ: فَقَالَ لِي أَحَدُ الشَّيْخَيْنِ اللَّذَيْنِ مَعِي: مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: وَغَمَزَنِي بِمِرْفَقِهِ ، قَالَ الشَّابُّ: أَيُّ شَيْءٍ قُلْتُ؟ قَالَ: فَقَالَ أَحَدُ الشَّيْخَيْنِ: لَمْ يَقُلْ شَيْئًا ، فَانْصَرِفْ ، قَالَ: لِتُخْبِرَنِي مَا قُلْتَ ، قَالَ: فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ؟ قَالَ: وَارْتَاعَ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتَ لَقَدْ رَأَيْتَ ، حَتَّى انْقَطَعَ عَنَّا صَوْتُهُ ، قَالَ: فَقُلْتُ لِبَعْضِ مَنْ لَقِيتُ مِنَ الرَّجُلِ الَّذِي رَأَيْنَا آنِفًا ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ: فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ عَائِشَةُ ، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ قَدِمْتُ الْعَسْكَرَ قَدِمْتُ عَلَى أَدْهَى الْعَرَبِ يَعْنِي عَلِيًّا قَالَ: وَاللَّهِ لَدَخَلَ عَلِيٌّ فِي نَسَبِ قَوْمِي حَتَّى جَعَلْتُ أَقُولُ: وَاللَّهِ لَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنِّي ، حَتَّى قَالَ: أَمَا إِنَّ بَنِي رَاسِبٍ بِالْبَصْرَةِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي قُدَامَةَ ، قَالَ: قُلْتُ أَجَلْ ، قَالَ: فَقَالَ: أَسَيِّدُ قَوْمِكَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: لَا ، وَإِنِّي فِيهِمْ لَمُطَاعٌ ، وَلِغَيْرِي أَسُودُ ، وَأَطْوَعُ فِيهِمْ مِنِّي ، قَالَ: فَقَالَ: مَنْ سَيِّدُ بَنِي رَاسِبٍ؟ قُلْتُ: فُلَانٌ ، قَالَ: فَسَيِّدُ بَنِي قُدَامَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ: فُلَانٌ لِآخَرَ ; قَالَ: هَلْ أَنْتَ مُبَلِّغُهُمَا كِتَابَيْنِ مِنِّي؟ قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: أَلَا تُبَايِعُونَ؟ قَالَ: فَبَايَعَ الشَّيْخَانِ اللَّذَانِ مَعِي ، قَالَ: وَأَضَبَّ قَوْمٌ كَانُوا عِنْدَهُ ، قَالَ: وَقَالَ أَبِي بِيَدِهِ: كَأَنَّ فِيهِمْ خِفَّةً ، قَالَ: فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: بَايِعْ بَايِعْ ، قَالَ: وَقَدْ أَكَلَ السُّجُودُ وُجُوهَهُمْ ، قَالَ: فَقَالَ إِلَى الْقَوْمِ: دَعُوا الرَّجُلَ ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي: إِنَّمَا بَعَثَنِي قَوْمِي رَائِدًا وَسَأُنْهِي إِلَيْهِمْ مَا رَأَيْتُ ، فَإِنْ بَايَعُوكَ بَايَعْتُكَ ، وَإِنِ اعْتَزَلُوكَ اعْتَزَلْتُكَ ; قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمَكَ بَعَثُوكَ رَائِدًا فَرَأَيْتُ رَوْضَةً وَغَدِيرًا فَقُلْتُ: يَا قَوْمُ ، النُّجْعَةَ النُّجْعَةَ ، فَأَبَوْا ، مَا أَنْتَ مُنْتَجِعٌ بِنَفْسِكَ؟ قَالَ: فَأَخَذْتُ بِإِصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِهِ ، ثُمَّ قُلْتُ: نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ نُطِيعَكَ مَا أَطَعْتَ اللَّهَ ، فَإِذَا عَصَيْتَهُ فَلَا طَاعَةَ لَكَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ: نَعَمْ ، وَطَوَّلَ بِهَا صَوْتَهُ ، قَالَ: فَضَرَبْتُ عَلَى يَدِهِ ، قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ وَكَانَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَا انْطَلَقْتَ إِلَى قَوْمِكَ بِالْبَصْرَةِ فَأَبْلِغْهُمْ كُتُبِي وَقَوْلِي ، قَالَ: فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا أَتَيْتُهُمْ يَقُولُونَ: مَا قَوْلُ صَاحِبِكَ فِي عُثْمَانَ؟ قَالَ: فَسَبَّهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ ، قَالَ: فَرَأَيْتُ جَبِينَ عَلِيٍّ يَرْشَحُ كَرَاهِيَةً لِمَا يَجِيئُونَ بِهِ ، قَالَ: فَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَيُّهَا النَّاسُ ، كُفُّوا فَوَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَسْأَلُ ، وَلَا عَنْكُمْ أَسْأَلُ ، قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ: أَخْبِرْهُمْ أَنَّ قَوْلِي فِي عُثْمَانَ أَحْسَنُ الْقَوْلِ ، إِنَّ عُثْمَانَ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قَالَ: قَالَ أَبِي: فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى قَدِمَ عَلَيَّ أَهْلُ الْكُوفَةِ ، جَعَلُوا يَلْقُونِي فَيَقُولُونَ: أَتَرَى إِخْوَانَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يُقَاتِلُونَنَا ، قَالَ: وَيَضْحَكُونَ وَيَعْجَبُونَ ، ثُمَّ قَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ قَدِ الْتَقَيْنَا تَعَاطَيْنَا الْحَقَّ ، قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ لَا يَقْتَتِلُونَ ، قَالَ: وَخَرَجْتُ بِكِتَابِ عَلِيٍّ ، فَأَمَّا أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَتَبَ إِلَيْهِمَا فَقَبِلَ الْكِتَابَ وَأَجَابَهُ ، وَدَلَلْتُ عَلَى الْآخَرِ فَتَوَارَى ، فَلَوْلَا أَنَّهُمْ قَالُوا كُلَيْبٌ ، فَأَذِنَ لِي فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَقُلْتُ: هَذَا
⦗ص: 534⦘
كِتَابُ عَلِيٍّ ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَخْبَرْتُهُ أَنَّكَ سَيِّدُ قَوْمِكَ ، قَالَ: فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ الْكِتَابَ ، وَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي إِلَى السُّؤْدُدِ الْيَوْمَ ، إِنَّمَا سَادَاتُكُمُ الْيَوْمَ شَبِيهٌ بِالْأَوْسَاخِ أَوِ السَّفَلَةِ أَوِ الْأَدْعِيَاءِ ، وَقَالَ: كَلِّمْهُ ، لَا حَاجَةَ لِي الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ ، قَالَ فَوَاللَّهِ مَا رَجَعْتُ إِلَى عَلِيٍّ حَتَّى إِذَا الْعَسْكَرَانِ قَدْ تَدَانَيَا فَاسْتَتَبَّ عُبْدَانُهُمْ ، فَرَكِبَ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ أَطْعَنَ الْقَوْمُ ، وَمَا وَصَلْتُ إِلَى عَلِيٍّ حَتَّى فَرَغَ الْقَوْمُ مِنْ قِتَالِهِمْ ، دَخَلْتُ عَلَى الْأَشْتَرِ فَأَصَابَهُ جِرَاحٌ قَالَ عَاصِمٌ: وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ فَلَمَّا أَنْ نَظَرَ إِلَى أَبِي قَالَ وَالْبَيْتُ مَمْلُوءٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، قَالَ: يَا كُلَيْبُ ، إِنَّكَ أَعْلَمُ بِالْبَصْرَةِ مِنَّا ، فَاذْهَبْ فَاشْتَرِ لِي إِفْرَةَ جَمَلِ نَجْدَةَ فِيهَا فَاشْتَرَيْتُ مِنْ عَرِيفٍ لِمُهْرَةَ جَمَلَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ ، قَالَ: اذْهَبْ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ وَقُلْ: يُقْرِئُكَ ابْنُكَ مَالِكٌ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ: خُذِي هَذَا الْجَمَلَ فَتَبَلَّغِي عَلَيْهِ مَكَانَ جَمَلِكِ ، فَقَالَتْ: لَا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، إِنَّهُ لَيْسَ بِابْنِي ، قَالَ: وَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهُ ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهَا ، قَالَ: فَاسْتَوَى جَالِسًا ثُمَّ حَسَرَ عَنْ سَاعِدِهِ ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ عَائِشَةَ لَتَلُومُنِي عَلَى الْمَوْتِ الْمُمِيتِ ، إِنِّي أَقْبَلْتُ فِي رَجْرَجَةٍ مِنْ مَذْحِجٍ ، فَإِذَا ابْنُ عَتَّابٍ قَدْ نَزَلَ فَعَانَقَنِي ، قَالَ ، فَقَالَ: اقْتُلُونِي وَمَالِكًا ، قَالَ: فَضَرَبْتُهُ فَسَقَطَ سُقُوطًا ، قَالَ ثُمَّ وَثَبْتُ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: اقْتُلُونِي وَمَالِكًا ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّهُ قَالَ: اقْتُلُونِي وَالْأَشْتَرَ ، وَلَا أَنَّ كُلَّ مِذْحَجِيَّةٍ وَلَدَتْ غُلَامًا ، فَقَالَ أَبِي: إِنِّي اعْتَمَرْتُهَا فِي غَفْلَةٍ ، قُلْتُ: مَا يَنْفَعُكَ أَنْتَ إِذَا قُلْتَ أَنْ تَلِدَ كُلُّ مِذْحَجِيَّةٍ غُلَامًا ، قَالَ: ثُمَّ دَنَا مِنْهُ أَبِي فَقَالَ: أَوْصِ بِي صَاحِبَ الْبَصْرَةِ ; فَإِنَّ لِي مَقَامًا بَعْدَكُمْ ، قَالَ: فَقَالَ: لَوْ قَدْ رَآكَ صَاحِبُ الْبَصْرَةِ لَقَدْ أَكْرَمَكَ ، قَالَ: كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ الْأَمِيرُ ، قَالَ: فَخَرَجَ أَبِي مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ ، قَالَ: فَقَالَ: قَدْ قَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلُ خَطِيبًا ، فَاسْتَعْمَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ سَائِرٌ إِلَى الشَّامِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ: فَرَجَعَ أَبِي فَأَخْبَرَ الْأَشْتَرَ ، قَالَ: فَقَالَ لِأَبِي ، أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: فَقَالَ أَبِي: لَا ، قَالَ: فَنَهَرَهُ ، وَقَالَ: اجْلِسْ ، إِنَّ هَذَا هُوَ الْبَاطِلُ ; قَالَ: فَلَمْ أَبْرَحْ أَنْ جَاءَ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ مِثْلَ خَبَرِي ; قَالَ: فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَاكَ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَا ، فَنَهَرَهُ نَهْرَةً دُونَ الَّتِي نَهَرَنِي ; قَالَ: لَحَظَ إِلَيَّ وَأَنَا فِي جَانِبِ الْقَوْمِ ، أَيْ إِنَّ هَذَا قَدْ جَاءَ بِمِثْلِ خَبَرِكَ ، قَالَ: فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عَتَّابٌ التَّغْلِبِيُّ وَالسَّيْفُ يَخْطِرُ أَوْ يَضْطَرِبُ فِي عُنُقِهِ فَقَالَ: هَذَا أَمِيرُ مُؤْمِنِيكُمْ قَدِ اسْتَوْلَى ابْنُ عَمِّهِ عَلَى الْبَصْرَةِ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ سَائِرٌ إِلَى الشَّامِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ: قَالَ لَهُ الْأَشْتَرُ: أَنْتَ سَمِعْتُهُ يَا أَعْوَرُ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ يَا أَشْتَرُ لَأَنَا سَمِعْتُهُ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ ، فَتَبَسَّمَ تَبَسُّمًا فِيهِ كُشُورٌ ، قَالَ: فَقَالَ: فَلَا نَدْرِي إِذًا عَلَامَ قَتَلْنَا الشَّيْخَ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: الْمِذْحَجِيَّةُ تَوَقَّوْا فَارْكَبُوا ، فَرَكِبَ ، قَالَ: وَمَا أَرَاهُ يُرِيدُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا مُعَاوِيَةَ ، قَالَ: فَهَمَّ عَلِيٌّ أَنْ يَبْعَثَ خَيْلًا تُقَاتِلُهُ ، قَالَ: ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ تَأْمِيرِكَ أَنْ لَا تَكُونَ لِذَلِكَ أَهْلًا ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ لِقَاءَ أَهْلِ الشَّامِ وَهُمْ قَوْمُكَ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَظْهِرَ بِكَ عَلَيْهِمْ ، قَالَ: وَنَادَى فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ ، قَالَ: فَأَقَامَ الْأَشْتَرُ حَتَّى أَدْرَكَهُ أَوَائِلُ النَّاسِ ; قَالَ: وَكَانَ قَدْ وَقَّتَ لَهُمْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، فَمَارَيْتُ ، فَلَمَّا صَنَعَ الْأَشْتَرُ مَا صَنَعَ نَادَى فِي النَّاسِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالرَّحِيلِ "