المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌27 - باب فضل من قتل الحرورية - المطالب العالية محققا - جـ ١٨

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌15 - ذِكْرُ فُتُوحِ الْعِرَاقِ

- ‌16 - باب ما وقع في خلافة عمر رضي الله عنه مِنَ الْفُتُوحِ

- ‌17 - بَابُ فَتْحِ الإِسكندرية

- ‌18 - بَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌19 - باب براءة علي من قتل عثمان رضي الله عنه

- ‌20 - باب قتال أهل البغي

- ‌21 - بَابُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ

- ‌22 - باب مقتل عمار رضي الله عنه بِصِفِّينَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ

- ‌23 - بَابٌ

- ‌24 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْعَفْوِ عَمَّنْ قَاتَلَ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ

- ‌25 - باب

- ‌26 - بَابُ أَخْبَارِ الْخَوَارِجِ

- ‌27 - بَابُ فَضْلِ مَنْ قَتَلَ الْحَرُورِيَّةَ

- ‌28 - باب قتل علي رضي الله عنه

- ‌29 - باب مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما

- ‌30 - باب استخلاف معاوية رضي الله عنه وَلَدَهُ يَزِيدَ

- ‌31 - بَابُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص وبنيه وبني أُمية

- ‌32 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْحَجَّاجِ وَالْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌33 - بَابُ ظُهُورِ الْفَسَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَفَضْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ الْوَقْتَ

- ‌34 - بَابُ بَقَاءِ الإِسلام إِلَى أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ

- ‌35 - بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ لِمَا يُخشى مِنْ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى بِلَادِ الإِسلام

- ‌36 - بَابُ جَوَازِ تَرْكِ النَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ لِمَنْ لَا يُطِيقُ

- ‌37 - باب الإِشارة إلى غلبة الأعاجم على المماليك الإِسلامية وَذَهَابِ زِينَةِ الدُّنْيَا بِذُلِّ الْعَرَبِ

- ‌38 - بَابٌ فِي الْمَهْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الْعَادِلِينَ

- ‌39 - باب الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ كَالدَّابَّةِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌40 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يَهْلِكُ مِنَ الْأُمَمِ

- ‌41 - باب الأشراط وعلامات الساعة

- ‌42 - ذِكْرُ ابْنُ صَيَّادٍ وَالتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ الدَّجَّالَ

- ‌43 - [باب يأجوج ومأجوج]

- ‌44 - بَابُ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌45 - باب صفة البعث

- ‌46 - باب الشفاعة، وفيه أحاديث من البعث

- ‌47 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌48 - باب المظالم

- ‌49 - باب شفاعة المؤمنين

- ‌51 - باب العفو عن المظالم

- ‌52 - بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا

- ‌53 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌54 - باب

- ‌55 - بَابُ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ

الفصل: ‌27 - باب فضل من قتل الحرورية

‌27 - بَابُ فَضْلِ مَنْ قَتَلَ الْحَرُورِيَّةَ

4437 -

قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ (1) سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَاصِمٍ بْنِ كُلَيْبٍ، قَالَ: حدَّثني أَبِي، قَالَ: كَانَتْ مَجَالِسُ النَّاسِ الْمَسَاجِدَ، حتى رجعوا من صفين، وبرؤوا من القضية، فاستخف الناس فقعدوا فِي السِّكَكِ يَتَخَبَّرُونَ الْأَخْبَارَ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ قُعُودٌ عند علي رضي الله عنه، إِذْ قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: ائْذَنْ لِي أَنْ أتكلم، فشغل مما كَانَ فِيهِ، قُلْنَا لَهُ: مَا الَّذِي أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْهُ؟ فَقَالَ: إِنِّي كنت في العمرة، فدخلت على عائشة رضي الله عنها، فقالت: ما هؤلاء الذين خروا قبلكم يقال لهم: حروراء؟ فقالت: أشهدتَ هلكتهم، أما إن علي بن أَبِي طَالِبٍ لَوْ شَاءَ حدَّثكم حَدِيثَهُمْ، فَلَمَّا فرغ علي رضي الله عنه مِمَّا كَانَ فِيهِ قَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ؟ فَقَصَّ عليه فأهل علي رضي الله عنه وكَبَّر. ثُمَّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُ عائشة رضي الله عنها فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ أَنْتَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَقَوْمُ كَذَا وَكَذَا؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: قوم يخرجون من قبل

(1) في الأصل: "المغيرة بن أبي سلمة"، وهو خطأ، والصواب كما ذكرت كما في كتب التراجم وغيرها من مصادر التخريج.

ص: 211

المشرق يقرؤون الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ اليد، كأن يده ثدي حبشية"، فقال رضي الله عنه: أنشدكم الله قد أخبرتكم أن فِيهِمْ، فَقُلْتُمْ، لَيْسَ فِيهِمْ، ثُمَّ أَتَيْتُمُونِي بِهِ، تسحبونه، فقالوا: اللهم نعم، فأهلّ رضي الله عنه وكبّر.

ص: 212

4437 -

درجته:

صحيح، رواته ثقات.

وذكره الهيثمي في المجمع 6/ 238 عن كليب بن شهاب بمعناه وقال: رواه أبو يعلى ورجاله ثقات ورواه البزّار نحوه).

قلت: رواية أبي يعلى، بنحوه ستأتي في حديث رقم (4438).

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 116) من حديث عاصم بن كليب، عن أبيه، وعزاه إلى إسحاق بن راهويه وأبي بكر بن أبي شيبة، وعنه أبو يعلى وسكت عليه.

ص: 212

تخريجه:

أخرجه البزّار كما في كشف الأستار (2/ 362)، عن محمَّد بن معمر، عن أبي هشام المخزومي المغير بن سلمة، به، بنحوه إلى قوله: إلا يجاوز تراقيهم).

وقد تابع عبد الواحد بن زياد كل من سعيد بن مسلمة، ومحمد بن فضيل بن غزوان، والقاسم بن مالك المزني، وعبد الله بن إدريس.

أما حديث سعيد بن مسلمة، فقد أخرجه البزّار كما في كشف الأستار (2/ 362) من طريق سعيد بن مسلمة، عن عاصم بن كليب، به، بنحوه. وقال:(قلت: لم أره بتمامه وفي الصحيح بعضه).

أما حديث محمد بن فضيل بن غزوان: فقد أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 363: 472)، و (1/ 375: 482)، وابن أبي عاصم في السنَّة (4/ 442: 913)، وعبد الله بن الإِمام أحمد في السنَّة (2/ 623: 1484)، والنسائي في الخصائص (189: 183)، كلهم من طرق عن مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ =

ص: 212

= عاصم بن كليب، به، بنحوه.

أما حديث القاسم بن مالك المزني: فقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/ 160)، والسنة (2/ 623)، والفضائل (2/ 714)، من طريق القاسم بن مالك، عن عاصم بن كليب، بنحوه.

أما حديث عبد الله بن إدريس: فقد أخرجه عبد الله بن أحمد في السنَّة (2/ 633) من طريقه عن عاصم بن كليب، به، بنحوه.

فالخلاصة: أن هذا الطريق هي إحدى الطرق التي روي بها حديث علي رضي الله عنه في ذم الخوارج والأمر بقتالهم وقد تقدم ذكر بعض هذه الطرق في حديث رقم (4435)؛ وسيأتي أيضًا برقم (4438)؛ وله شواهد متعددة تقدمت الإِشارة إليها في حديث رقم (4435).

ص: 213

4438 -

[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا محمَّد بْنُ فُضَيْلٍ بْنِ غَزْوَانَ،

عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كنت جالسًا عند علي رضي الله عنه، وَهُوَ فِي بَعْضِ أَمْرِ النَّاسِ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابُ السَّفَرِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المؤمنين، فشغل علي رضي الله عنه مَا كَانَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ، قَالَ أَبِي: فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ حاجًا -أو معتمرًا- فمررت على عائشة رضي الله عنها. فَقَالَتْ لِي، وَسَأَلَتْنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ خرجوا فيكم يقال لهم الحرورية، فقلت: خَرَجُوا فِي مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ حَرَوْراء، فَسُمُّوا بذلك الحرورية، فقالت رضي الله عنها، طُوبَى لِمَنْ شَهِدَ هَلَكَتَهُمْ، قَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شَاءَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ لَأَخْبَرَكُمْ خَبَرَهُمْ، فمن ثمة جئت أسأله عن ذلك، قال: وفرغ علي رضي الله عنه فقال: أين السائل؟ فقام إليه، فقصّ عليه، فأهلّ علي رضي الله عنه وَكَبَّرَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَذَكَرَ مِثْلَهُ.

وَقَالَ فِي آخِرِهِ: تَسْحَبُونَهُ كَمَا نَعَتُّ لَكُمْ قَالَ: ثم قال رضي الله عنه: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

* قُلْتُ: أَصْلُ قِصَّةِ الْمُخْدَجِ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ بهذه السياق، ولا من حديث عائشة رضي الله عنها.

[2]

وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي شيبة به.

[3]

، وَعَنْ أَبِي هِشَامٍ عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ نَحْوَهُ.

[4]

، ورواه البزّار نحوه.

ص: 214

4438 -

درجته:

صحيح بإسناد أبي بكر بن أبي شيبة، لأن جميع رواته ثقات. =

ص: 214

= أما إسناد أبي يعلى فقد أخرجه من طريقين عن ابن فضيل.

الأول: أخرجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن فضيل، وهذا صحيح، لأن رواته ثقات.

الثاني: أخرجه عن أبي هشام الرفاعي عن ابن فضيل، وهذا ضعيف لضعف أبي هشام ولكنه يرتقي إلى الصحيح لغيره لمتابعة أبي بكر بن أبي شيبة له.

وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 238)، عن كليب بن شهاب وقال:"رواه أبو يعلى ورجاله ثقات ورواه البزّار، بنحوه".

ص: 215

تخريجه:

لم أجد في مصنف ابن أبي شيبة في مظانه ولعله في مسنده" ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه أبو يعلى (1/ 363: 472).

وأخرجه أيضًا في (1/ 375)، عن هشام الرفاعي عن ابن فضيل، به، بنحوه.

وقد تابع محمَّد بن فضيل بن غزوان كل من عبد الواحد بن زياد وسعيد مسلمة والقاسم بن مالك المزني وعبد الله بن إدريس، تقدمت هذه المتابعات في تخريج حديث رقم (4437).

ص: 215

4439 -

[1] قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِيَاهٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ فَاعْتَزَلْنَا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقُلْتُ: أَلَا تُخْبِرُنِي عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الذين قتلهم علي رضي الله عنه، فيم فارقوه وفيم اسْتَجَابُوا لَهُ حِينَ دَعَاهُمْ، وَحِينَ فَارَقُوهُ، فَاسْتَحَلَّ قِتَالَهُمْ؟ قَالَ: لَمَّا كُنَّا بِصِفِّينَ اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ في أهل الشام

فذكر قصة.

قال: فرجع علي رضي الله عه إلى الكوفة، وقال فيه الخوارج مما قَالُوا، وَنَزَلُوا حَرَوْراء وَهُمْ بَضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فأرسل عليٌّ رضي الله عنه إِلَيْهِمْ، يُنَاشِدُهُمُ اللَّهَ تَعَالَى: ارْجِعُوا إِلَى خَلِيفَتِكُمْ، فيم نقمتم عليه؟ قِسْمَةٍ أَوْ قَضَاءٍ؟ قَالُوا: نَخَافُ أَنْ نَدْخُلَ في فتنة، قَالَ: فَلَا تَعْجَلُوا ضَلَالَةَ الْعَامِ مَخَافَةَ فِتْنَةِ عام قابل، فرجعوا، فقالوا: يكون عَلَى نَاحِيَتِنَا، فَإِنْ قَبِلَ الْقَضِيَّةَ قَاتَلْنَاهُ عَلَى مَا قَاتَلْنَا عَلَيْهِ أَهْلَ الشَّامِ بِصِفِّينَ، وَإِنْ نَقَضَهَا قَاتَلْنَا مَعَهُ، فَسَارُوا حَتَّى قَطَعُوا نَهْرَوَانَ، وافترق مِنْهُمْ فِرْقَةٌ يَقْتُلُونَ النَّاسَ، فَقَالَ أَصْحَابُهُمْ: مَا عَلَى هَذَا فَارَقْنَا عَلِيًّا، فَلَمَّا بَلَغَ عَلِيًّا رضي الله عنهم صَنِيعُهُمْ قَامَ فَقَالَ: أَتَسِيرُونَ إِلَى عَدُوِّكُمْ، أَوْ تَرْجِعُونَ إِلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَلَّفُوكُمْ فِي دِيَارِكُمْ؟ قَالُوا: بَلْ نَرْجِعُ إِلَيْهِمْ، قَالَ: فَحَدَّثَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ طَائِفَةً تَخْرُجُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ عند اختلاف الناس، لا يرون جِهَادَكُمْ مَعَ جِهَادِهِمْ شَيْئًا، وَلَا صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ شَيْئًا، وَلَا صِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ شَيْئًا، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، عَلَامَتُهُمْ رَجُلٌ عَضُدُهُ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، يَقْتُلُهُمْ أقرب الطائفتين من الحق".

فسار علي رضي الله عنه إليهم، فاقتتلوه قتالًا شديدًا، فجعلت خيل علي رضي الله عنه تَقُومُ لَهُمْ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تُقَاتِلُونَهُمْ

ص: 216

فيّ، فوالله ما عندي ما أخبركم به، وإن كنتم إنما تقاتلون لله تعالى، فلا يكونن هذا قتالكم، فاقبلوا عليهم، فقتلوهم كلهم، فقال: ابتغوه، فطلبوه، فلم يوجد، فركب علي رضي الله عنه دَابَّتِهِ، وَانْتَهَى إِلَى وَهْدَةٍ (1) مِنَ الْأَرْضِ، فَإِذَا قَتْلَى، بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَاسْتُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهِمْ، فجر برجله يراه الناس، قال علي رضي الله عنه: لَا أَغْزُو الْعَامَ، فَرَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ فَقُتِلَ.

واستخلف الناس الحسن بن علي رضي الله عنهما، فبعث الحسن بالبيعة إلى معاوية رضي الله عنه وَكَتَبَ بِذَلِكَ الْحَسَنُ إِلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهما، فَقَامَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ فِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ: يا أيها الناس، أتاكم أمران، لا بد لكم من أحدهما: دخول في فتنة، أَوْ قَتْلٌ مَعَ غَيْرِ إِمَامٍ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَدْ أَعْطَى الْبَيْعَةَ مُعَاوِيَةَ فَرَجَعَ النَّاسُ، فَبَايَعُوا مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه وَلَمْ يَكُنْ لِمُعَاوِيَةَ هَمٌّ إلَّا الَّذِينَ بِالنَّهْرَوَانِ فَجَعَلُوا يَتَسَاقَطُونَ عَلَيْهِ فَيُبَايِعُونَهُ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَنَيِّفٍ، وَهُمْ أَصْحَابُ النَّخِيلَةِ".

قُلْتُ: هَذَا الإِسناد صحيح.

[2]

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نمير، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ بِهِ.

[3]

، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِهِ.

* وَأَصْلُ الْمَرْفُوعِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (2) وَغَيْرِهُ، وَإِنَّمَا سُقْتُ هَذَا لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَاتٌ عَلَى الطُّرُقِ الَّتِي خَرَّجَهَا أَصْحَابُ الْكُتُبِ وَأَحْمَدُ أَيْضًا.

(1) الوهدة: الأرض المنخفضة. انظر: المعجم الوسيط (2/ 1059).

(2)

صحيح مسلم (2/ 478).

ص: 217

4439 -

درجته:

صحيح، رواته ثقات، وقال ابن حجر في آخره:"قلت: هذا الإِسناد صحيح".

والحديث صحيح بالطرق المذكورة كلها، لأن رواة كل طريق من هذه الطرق ثقات.

وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 238)، وقال:"في الصحيح بعضه، ورواه أبو يعلى ورجال رجال الصحيح".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 115)، وقال:"رواه إسحاق بن راهويه بسند صحيح، وكذا أبو بكر بن أبي شيبة وعنه أبو يعلى"، وذكر لفظ أبي يعلى.

ص: 218

تخريجه:

أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (15/ 316)، ومن طريقه أبو يعلى في مسنده (1/ 364)، بنحوه وزادا قصة في وسطه.

وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده (3/ 485)، عن يعلي بن عبيد، عن عبد العزيز بن سياه به مختصرًا.

ص: 218

4445 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا يَحْيَى، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، أُرَاهُ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قال: كَفَّ علي رضي الله عنه عن قتال أهل النهر (1) حتى يحدَّثوا، فَانْطَلَقُوا، فَأَتَوْا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، وَهُوَ فِي قَرْيَةٍ لَهُ، قَدْ تَنَحَّى عَنِ الْفِتْنَةِ، فَأَخَذُوهُ، قَالَ: فَرَأَوْا تَمْرَةً وَقَعَتْ مِنْ رَأْسِ نَخْلَةٍ، فَأَخَذَهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالُوا: تَمْرَةٌ مِنْ تَمْرِ أَهْلِ الْعَهْدِ، أَخَذْتَهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ، قَالَ: فَلَفَظَهَا، قَالَ: وَأَتَوْا عَلَى خِنْزِيرٍ، فَبَعَجَهُ أَحَدُهُمْ بِسَيْفِهِ، فَقَتَلَهُ، فَقَالُوا: خِنْزِيرٌ مِنْ خَنَازِيرِ أَهْلِ الْعَهْدِ قَتَلْتَهُ، فَقَالَ لهم عبد الله بن خباب رضي الله عنه: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ أَوْ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ هُوَ أَعْظَمُ عَلَيْكُمْ حَقًّا مِنْ هَذِهِ التَّمْرَةِ وَهَذَا الْخِنْزِيرِ؟ قَالُوا: مَنْ؟ قَالَ: أَنَا (أُرَاهُ قَالَ) مَا تَرَكْتُ صَلَاةً، مُنْذُ بَلَغْتُ وَلَا صِيَامَ رَمَضَانَ، وَعَدَّدَ أَشْيَاءَ، فَقَرَّبُوهُ، فَقَتَلُوهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا رضي الله عنه، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ: أَقِيدُونَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، قَالُوا: كَيْفَ نُقِيدُكَ بِهِ وَكُلُّنَا قَتَلَهُ؟ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: اسْطُوا عَلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ لَا يُقْتَلُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ، ولا يفر منهم عشرة، فكان ذلك، فقال علي رضي الله عنه: اطْلُبُوا رَجُلًا، صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يجدوه، ثم طلبوه، فوجدوه، فقال علي رضي الله عنه: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَلَمْ يُعْرَفُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا رَأَيْتُ هَذَا بِالنَّجَفِ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ هذا المصر، وليس فيه ذو نسب ولا معرفة، فقال علي رضي الله عنه: صَدَقْتَ، هُوَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ.

(212)

وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ جابر رضي الله عنه فِي بَابِ الزَّجْرِ عَنْ مُعْتَقَدِ الْخَوَارِجِ مِنْ كتاب القدر (2).

(1) كذا في النسخ، وفي (ك):"النهروان". [سعد].

(2)

حديث رقم (2993). =

ص: 219

= 4440 - درجته:

الأثر صحيح بهذا الإِسناد، جميع رواته ثقات.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (2/ ل 31)، وقال: رواه مسدّد بسند رجاله ثقات، واللفظ له ورواه الدارقطني والبيهقي.

ص: 220

تخريجه:

أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 358 و 323)، عن يزيد بن هارون وابن علية.

وأخرجه الدارقطني في السنن (3/ 31)، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 184) من طريق يزيد بن هارون. كلاهما عن سليمان التيمي، به، بنحوه، إلَّا أن الدارقطني والبيهقي لم يذكرا قيس بن عبادة.

ص: 220

4441 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا موسى بن عبيدة، ثنا هود بن عطاء اليمامي، عن أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانَ فِينَا شَابٌّ ذُو عِبَادَةٍ وَزُهْدٍ وَاجْتِهَادٍ، قَالَ: فَسَمَّيْنَاهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَوَصَفْنَاهُ بِصِفَتِهِ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ، فَقُلْنَا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هو هذا، فقال صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَأَرَى عَلَى وَجْهِهِ سَفْعَةً مِنَ الشَّيْطَانِ" فَجَاءَ فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَجَعَلْتَ فِي نَفْسِكَ أَنْ ليس في القوم أحد خيرًا منك"، فقال: اللهم نعم، ثم ولّى ودخل الْمَسْجِدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أنا، فدخل فإذا هو قائم يصلي، فقال: أَقْتُلُ رَجُلًا يُصَلِّي وَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ضَرْبِ الْمُصَلِّينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: من يقتل الرجل؟ فقال عمر رضي الله عنه: أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ، فَقَالَ مِثْلَ أبي بكر رضي الله عنهما، وَزَادَ: لَأَرْجِعَنَّ فَقَدْ رَجَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَهْ يَا عُمَرُ" فَذَكَرَ لَهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَقْتُلُ الرَّجُلَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: أَنَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "أَنْتَ تَقْتُلُهُ إِنْ وَجَدْتَهُ" فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَوَجَدَهُ قد خرج، فقال صلى الله عليه وسلم: "أما والله لو قتلته، لَكَانَ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ وَمَا اخْتَلَفَ فِي أُمَّتِي اثْنَانِ".

[2]

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِهِ.

[3]

، وحدَّثنا عَمْرُو بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ، ثنا أبي، ثنا مُوسَى بِهِ.

[4]

، وحدَّثنا محمَّد بْنُ الْفَرَجِ أَبُو جعفر ببغداد، ثنا محمَّد بن الزبرقان (1)، حدَّثني موسى بن عبيدة به.

(1) في الأصل: "محمَّد بن الوزير"، وهو تحريف، والصواب كما أثبته، وصححته من مسند أبي يعلى وكتب التراجم. =

ص: 221

= 4441 - درجته:

ضعيف؛ لأن فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف بالاتفاق، وشيخه هود بن عطاء اليمامي، ذكره ابن حبّان، وقال: لا يحتج به.

وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 226 - 227) من حديث أنس بن مالك، بنحوه وقال:"رواه أبو يعلى وفيه موسى بن عبيدة وهو متروك، ورواه البزّار باختصار ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم"، ورواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 812 - 813) من طريق محمَّد بن الفرج به. وأعله بموسى بن عبيدة.

ص: 222

تخريجه:

لم أجده في المصنف لابن أبي شيبة ولعله في مسنده.

ومن طريق أبي أبي شيبة أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 88 - 89: 88) مختصرًا ولفظه: "قال أبو بكر: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن ضرب المصلين".

ورواه الآجري في الشريعة (ص 30) من طريق فضل بن سهل الأعرج، عن زيد بن الحباب، به، بنحوه.

وتابع زيد بن الحباب كل من محمَّد بن الزبرقان والضحاك بن مخلد أبي عاصم أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 90)، و (7/ 168)، عن محمَّد بن الفرج، عن محمَّد بن الزبرقان.

وأخرجه أيضًا في مسنده (1/ 89)، عن عمرو بن الضحاك، عن أبيه.

كلاهما عن موسى بن عبيدة به، إلَّا أن أبا يعلى أورد الحديث بطوله في الموضع الأول واختصره في الموضع الثاني بلفظ:"نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن ضرب المصلين".

قلت: فالخلاصة أن الحديث مداره في الطرق المذكورة على موسى بن عبيدة وشيخه هود بن عطاء وتقدم الكلام عليهما فالحديث ضعيف، وله طرق أخرى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه. والحديث روى من طرق أخرى متعددة ومنها ما يلي: =

ص: 222

= الطريق الأولى: أخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 154 - 156: 4127)، عن أبي خيثمة، عن عمر بن يونس، عن عكرمة، عن يزيد الرقاشي حدَّثني أنس رضي الله عنه، بنحوه.

قلت: هذا إسناد ضعيف، لأن فيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف، وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 226)، وقال:"رواه أبو يعلى، ويزيد الرقاشي ضعفه الجمهور"، وأورد الحافظ ابن حجر هذا الحديث في المطالب العالية، انظر حديث رقم (4442).

الطريق الثانية: أخرجه أبو يعلى في مسنده أيضًا (6/ 340: 3668)، عن محمَّد بن بكار، عن أبي مَعْشَرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، بنحوه وزاد في آخره. ورواه الآجري في الشريعة (ص 28) من طريق محمَّد بن بكار، به، بنحوه.

قلت: فيه أبو معشر نجيح، وهو ضعيف، وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 257) وقال:"رواه أبو يعلى وفيه أبو معشر نجيح وفيه ضعف".

الطريق الثالثة: أخرجه البزّار كما في كشف الأستار (2/ 360) كتاب أهل البغي، عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمَّد الْكُوفِيُّ، عن عبد الرحمان بن شريك، عن أبيه، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بن مالك به مختصرًا.

قلت: فيه شريك بن عبد الله النخعي، وهو ضعيف لسوء حفظه.

وللحديث شواهد من حديث جابر، وأبي بكرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم:

1 -

أما حديث جابر: فقد أخرجه أبو يعلى في مسنده (4/ 150: 2215)، عن أبي خيثمة، عن يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عن طلحة بن نافع، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: مَرَّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، فقالوا فيه وأثنوا عليه، فقال: من يقتله؟ قال أبو بكر:، أنا، فانطلق فوجده قد خطّ على نفسه خطة، فهو قائم يصلي فيها، فلما رآه على ذلك الحال رجع ولم يقتله، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: من يقتله؟ فقال =

ص: 223

= عمر: أنا، فذهب فرآه في خطة قَائِمًا يُصَلِّي، فَرَجَعَ وَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: من له أو من يقتله؟ فقال علي: أنا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أنت ولا أراك تدركه" فانطلق فوجده قد ذهب.

قلت: هذا إسناد صحيح، وجميع رواته ثقات.

وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 227)، وقال:"رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح"، وأشار إليه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/ 312)، وقال:"أخرجه أبو يعلى ورجاله ثقات".

2 -

أما حديث أبي بكرة: فقد أخرجه أحمد في مسنده (5/ 42)، عن روح، عن عثمان الشحام، عن مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه أن نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ ساجد وهو ينطلق إلى الصلاة، فقضى الصلاة ورجع عليه وهو ساجد، فقام النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ يقتل هذا؟ فقام رجل فحسر عن يديه، فاخترط سيفه وهزه، ثم قال: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي كيف أقتل رجلًا ساجدًا يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله، ثم قال: من يقتل هذا؟ فقام رجل فقال: أنا، فحسر عن ذراعيه واخترط سيفه وهزه حتى أرعدت يده، فقال: يا نبي الله، كيف أقتل رجلًا ساجدًا يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده وَرَسُولُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمَّد بيده لو قتلتموه لكان أول فتنة وآخرها".

وأخرجه ابن أبي عاصم في السنَّة (2/ 457)، عن الحسين بن البزّار، عن روح بن عبادة به.

قلت: هذا الإِسناد صحيح، ورواته ثقات.

وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 225)، وقال:"رواه أحمد والطبراني من غير بيان شاف، ورجال أحمد رجال الصحيح".

وقال الألباني: "إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات مسلم، غير شيخ المصنف (ابن أبي عاصم)، وهو الحسين بن محمَّد بن شنبة أبو عبد الله البزّار وهو ثقة". =

ص: 224

= انظر: السنَّة لابن أبي عاصم (2/ 457).

3 -

أما حديث أبي سعيد الخدري: فقد أخرجه أحمد في مسنده (3/ 15)، عن بكر بن عيسى، عن جامع بن مطر الحبطي، عن أبي روبة شداد بن عمران القيسي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، بنحوه.

وذكره ابن حجر في فتح الباري (12/ 312)، وقال:"إسناده جيد".

وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 225)، وقال:"رواه أحمد ورجاله ثقات".

وجملة القول أن حديث الباب ضعيف بإسناد ابن أبي شيبة، وله شواهد صحيحة وهو بهذه الشواهد حسن لغيره، والله أعلم.

ص: 225

4442 -

[1] حدَّثنا أبو خيثمة، ثنا عمر (1) بن يونس، ثنا عِكْرِمَةُ -هُوَ ابْنُ عَمَّارٍ- عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، حدَّثني أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَغْزُو مَعَنَا، فَإِذَا رَجَعَ وَحَطَّ عَنْ رَاحِلَتِهِ، عَمَدَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَعَلَ يُصَلِّي فِيهِ فَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، حَتَّى جَعَلَ بَعْضُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يَرَوْنَ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَيْهِمْ، فَمَرَّ يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ في أصحابه، فقال له صلى الله عليه وسلم بَعْضُ أَصْحَابِهِ: هُوَ ذَاكَ فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ، وإما جاء مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلًا قَالَ:"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ لَسَفْعَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ"، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى الْمَجْلِسِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"قلت فِي نَفْسِكَ حِينَ وَقَفْتَ: لَيْسَ فِي الْقَوْمِ خَيْرٌ مِنِّي؟ "، قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ. فَأَتَى ناحية المسجد، فخط خطة برجله، ثم صف كَعْبَيْهِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

(213)

وَقَدْ تقدَّم فِي كِتَابِ الْقَدَرِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بن أسلم عن أنس رضي الله عنه (2).

(1) في الأصل: "عمرو بن يونس"، وصححته من كتب التراجم، ومسند أبي يعلى.

(2)

تقدم برقم (2975).

ص: 226

4442 [1]- درجته:

ضعيف، وفيه علتان:

1 -

عكرمة بن عمار اليمامي، مدلس من المرتبة الثالثة، وقد عنعن.

2 -

يزيد الرقاشي، ضعيف كما تقدم.

وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 226)، وقال:"رواه أبو يعلى، ويزيد الرقاشي ضعّفه الجمهور وفيه توثيق لين، وبقية رجاله رجال الصحيح". =

ص: 226

= أخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 154 - 156: 4127)، وهو في المقصد العلي (ق 84).

وله شواهد من حديث جابر بن عبد الله وأبي بكرة، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وكلها صحيحة، تقدمت في تخريج حديث رقم (4441)، وعلى هذا فالحديث حسن لغيره، والله أعلم.

ص: 227

4442 -

[2] قال (1) الْبَزَّارُ: حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمَّد الكوفي، ثنا عبد الرحمن بن شريك، ثنا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَقْبَلَ رجلٌ حسن الصمت

وذكر نحوه، وقال: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَنَسٍ إلَّا مِنْ هذا الوجه.

* قلت، وقد علمت أن له وجهًا غير ذلك.

(1) هذا الطريق من زوائد (ك) وليس موجودًا في رسالة الأخ الشيخ عبد القادر.

ص: 228

4442 [2]- درجته:

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 227): رواه البزّار باختصار ورجاله وثقوهم على ضعف في بعضهم.

ص: 228

تخريجه:

أخرجه بهذا الإِسناد والمتن البزّار كما في كشف الأستار (3601: 1851).

وأخرج نحوه أبو يعلى في المسند (6/ 340: 3668)، قال حدَّثنا محمَّد بْنُ بَكَّارٍ، حدَّثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ زيد بن أسلم، عن أنس.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 258): رواه أبو يعلى وفيه أبو معشر نجيح وفيه ضعف.

وذكره ابن كثير في تفسير (2/ 87) أن ابن مردويه، أخرجه حدَّثنا عبد الله بن جعفر، حدَّثنا أحمد بن يونس الضبي، حدَّثنا عاصم بن علي، حدَّثنا أبو معشر به وقال: هذا حديث غريب جدًا من هذا الوجه وبهذا السباق ..

وأخرجه أبو يعلى (1/ 90: 90)، قال: حدَّثنا محمَّد بن الفرج، حدَّثنا محمَّد بن الزبرقان، حدَّثنا موسى بن عبيدة، أخبرني هود بن عطاء، عن أنس، بنحوه.

ورواه كذلك (7/ 169: 4143).

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 227): رواه أبو يعلى، وفيه موسى بن عبيدة متروك. (سعد).

ص: 228