المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌31 - باب لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص وبنيه وبني أمية - المطالب العالية محققا - جـ ١٨

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌15 - ذِكْرُ فُتُوحِ الْعِرَاقِ

- ‌16 - باب ما وقع في خلافة عمر رضي الله عنه مِنَ الْفُتُوحِ

- ‌17 - بَابُ فَتْحِ الإِسكندرية

- ‌18 - بَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌19 - باب براءة علي من قتل عثمان رضي الله عنه

- ‌20 - باب قتال أهل البغي

- ‌21 - بَابُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ

- ‌22 - باب مقتل عمار رضي الله عنه بِصِفِّينَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ

- ‌23 - بَابٌ

- ‌24 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْعَفْوِ عَمَّنْ قَاتَلَ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ

- ‌25 - باب

- ‌26 - بَابُ أَخْبَارِ الْخَوَارِجِ

- ‌27 - بَابُ فَضْلِ مَنْ قَتَلَ الْحَرُورِيَّةَ

- ‌28 - باب قتل علي رضي الله عنه

- ‌29 - باب مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما

- ‌30 - باب استخلاف معاوية رضي الله عنه وَلَدَهُ يَزِيدَ

- ‌31 - بَابُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص وبنيه وبني أُمية

- ‌32 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْحَجَّاجِ وَالْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌33 - بَابُ ظُهُورِ الْفَسَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَفَضْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ الْوَقْتَ

- ‌34 - بَابُ بَقَاءِ الإِسلام إِلَى أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ

- ‌35 - بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ لِمَا يُخشى مِنْ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى بِلَادِ الإِسلام

- ‌36 - بَابُ جَوَازِ تَرْكِ النَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ لِمَنْ لَا يُطِيقُ

- ‌37 - باب الإِشارة إلى غلبة الأعاجم على المماليك الإِسلامية وَذَهَابِ زِينَةِ الدُّنْيَا بِذُلِّ الْعَرَبِ

- ‌38 - بَابٌ فِي الْمَهْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الْعَادِلِينَ

- ‌39 - باب الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ كَالدَّابَّةِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌40 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يَهْلِكُ مِنَ الْأُمَمِ

- ‌41 - باب الأشراط وعلامات الساعة

- ‌42 - ذِكْرُ ابْنُ صَيَّادٍ وَالتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ الدَّجَّالَ

- ‌43 - [باب يأجوج ومأجوج]

- ‌44 - بَابُ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌45 - باب صفة البعث

- ‌46 - باب الشفاعة، وفيه أحاديث من البعث

- ‌47 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌48 - باب المظالم

- ‌49 - باب شفاعة المؤمنين

- ‌51 - باب العفو عن المظالم

- ‌52 - بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا

- ‌53 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌54 - باب

- ‌55 - بَابُ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ

الفصل: ‌31 - باب لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص وبنيه وبني أمية

‌31 - بَابُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص وبنيه وبني أُمية

4454 -

قَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ، ثنا جعفر بن سليمان، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَرَفَ كَلَامَهُ، فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ، لَعَنَهُ اللَّهُ وَكُلَّ مَا خرج من صلبه إلَّا مؤمنيهم، وقليل ما هم، يسرفون في الدنيا، ويوضعون في الآخرة، ذو مَكْرٍ وَخَدِيعَةٍ، يُعْطَوْنَ فِي الدُّنْيَا، وَمَا لَهُمْ في الآخرة من خلاق.

ص: 257

4454 -

درجته:

ضعيف، لأن فيه أبا الحسن الجزري، وهو مجهول، وبقية رجاله ثقات.

وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 242)، وقال: (رواه الطبراني هكذا

وفيه أبو الحسن الجزري وهو مستور، وبقية رجاله ثقات).

ص: 257

تخريجه:

لم أجده في مسند أبي يعلى في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 481) من طريق جعفر بن سليمان الضبعي، والبيهقي في الدلائل (512/ 6) من طريق سعيد بن زيد، كلاهما عن علي بن الحكم، به. =

ص: 257

= ولفظ الحاكم: إن الحكم بن أبي العاص اسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته وكلامه فقال:"ائذنوا له عليه لعنة الله، وعلى من يخرج من صلبه، إلَّا المؤمن منهم، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، يُشَرَّفُونَ فِي الدُّنْيَا، وَيُوضَعُونَ فِي الْآخِرَةِ، ذَوُو مَكْرٍ وَخَدِيعَةٍ، يُعْطَوْنَ فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بقوله: "لا والله، فأبو الحسن من المجاهيل"، وقال الذهبي في تاريخ الإِسلام:(عهد الخلفاء)(ص 367)"إسناده فيه من يجهل".

وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإِسناد، لأن مداره على أبي الحسن الجزري وهو مجهول.

وللحديث شواهد متعددة ومنها ما يلي:

1 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه:

أخرجه الإِمام أحمد في مسنده (4/ 5) عن عبد الرزاق، عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد، عن الشعبي قال: سمعت عبد الله بن الزُّبَيْرِ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ: ورب هذه الكعبة لقد لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فلانًا وما ولد من صلبه.

وأخرجه البزّار كما في الكشف (2/ 247: 1623) عن أحمد بن منصور بن سيار عن عبد الرزاق، به. إلَّا أنه قال:(لقد لعن الله الحكم وما ولد على لسان نبيه).

وكذا رواه الطبراني كما في المجمع (5/ 241).

ورواة هذا الإِسناد ثقات، وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 241)، وقال:"رواه أحمد والبزار والطبراني، بنحوه، وعنده رواية كرواية أحمد، ورجال أحمد رجال الصحيح".

2 -

حديث عبد الرحمن بن عوف:

أخرجه الحاكم (4/ 470) من طريق ميناء مولى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ =

ص: 258

= عبد الرحمن بن عوف قال: كان لا يولد لأحد مولود إلَّا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال:"هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون".

وقال: هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله:"لا والله وميناء كذبه أبو حاتم".

قلت: الحديث موضوع بهذا الإِسناد، لأن فيه ميناء بن أبي ميناء الخزار وهو متروك، كذّبه أبو حاتم، وقال ابن معين والنسائي: ليس بثقة، وقال يعقوب بن سفيان: غير ثقة ولا مأمون يجب ألَاّ يكتب حديثه، وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبّان: "منكر الحديث، قليل الرواية" روى أحرفًا يسيرة، لا تشبه أحاديث الثقات، وجب التنكب عن روايته، وقال ابن عدي:"يبين على حديثه أنه يغلو في التشيع".

انظر: الجرح والتعديل (8/ 395: 1811) المجروحين (3/ 22)، الكامل (6/ 2450 - 2451)، الميزان (4/ 237)، التهذيب (10/ 397: 714)، التقريب (2/ 293: 1564).

وكذا حكم عليه الشيخ الألباني في سلسلته الضعيفة (1/ 353 - 354: 348).

3 -

حديث عائشة رضي الله عنها:

أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 481)، من طريق محمَّد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه يزيد، قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر، سنة هرقل وقيصر، فقال: أنزل الله فيك: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ....} الآية قال، فبلغ عائشة رضي الله عنها فقالت: كذب، والله ما هو به، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان، ومروان في صلبه، فمروان قصص من لعنة الله عز وجل.

وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " وتعقبه الذهبي بقوله: فيه انقطاع، محمَّد لم يسمع من عائشة". =

ص: 259

= ومحمد: هو ابن زياد القرشي، الجمحي، مولاهم أبو الحارث، المدني، وهو ثقة، ثبت، وقد نص المزي على أنه روى من عائشة، ونقله عنه الحافظ ابن حجر، ولم أجد من نص على أنه لم يسمع منها غير الذهبي هنا، ولم أجد في كتب التراجم من نص على سنة وفاته. (انظر: الجرح والتعديل 7/ 257، تهذيب الكمال 3/ 1198، والتهذيب 9/ 149).

وفي إسناد الحاكم أبو بكر أحمد بن محمَّد بن إبراهيم الصيرفي المعروف بـ: ابن الخنازيري: ذكر الخطيب في التاريخ (4/ 384) والسمعاني في الأنساب (5/ 199)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا ولكنه لم ينفرد بالحديث، فقد تابعه الإِمام النسائي في الكبرى في التفسير (6/ 458: 11491) عن علي بن الحسين، عن أُمية بن خالد، عن شعبة، عن محمَّد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه (فذكر نحوه)، وفيه:(فمروان فضض من لعنة الله).

4 -

حديث الحسن بن علي رضي الله عنه:

أخرجه أبو يعلى في مسنده (12/ 135) عن إبراهيم بن الحجاج، عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، قَالَ: كُنْتُ بَيْنَ الحسين والحسن ومروان يتشاتمان، فجعل الحسن يكف الحسين، فقال مروان: أهل بيت ملعونون، فغضب الحسن فقال، أَقُلْتَ: أَهْلُ بَيْتٍ مَلْعُونُونَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ لَعَنَكَ الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنت في صلب أبيك.

قلت: فيه عطاء بن السائب وقد تغير ولكنه لا يضر، لأن حماد بن سلمة سمع منه قبل اختلاطه، (انظر: الكواكب النيرات ص 325).

وأبو يحيى: هو زياد المكي، وهو ثقة، كما في التقريب ص 221.

وهذا الحديث رواته ثقات، وسيأتي برقم (4455)، وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 240)، وقال:(رواه أبو يعلى واللفظ له، وفيه عطاء بن السائب، وقد تغير).

موقف العلماء من الأحاديث الواردة في لعن الحكم وأولاده: =

ص: 260

=

1 -

قال ابن القيم في المنار المنيف (ص 117: 261: 262): وحديث عدد الخلفاء من ولد العباس كذب، وكذلك أحاديث ذم الوليد، وذمّ مروان بن الحكم

اهـ.

3 -

وقال ابن الأثير في أسد الغابة (2/ 38)(في ترجمة الحكم): "وقد روى في لعنه ونفيه أحاديث كثيرة لا حاجة إلى ذكرها، إلَّا أن الأمر المقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم مع حلمه وإغضائه على ما يكره، ما فعل به ذلك إلَّا لأمر عظيم".

3 -

وقال الذهبي في تاريخ الإِسلام (عهد الخلفاء) ص (366): "ورويت أحاديث منكرة في لعنه لا يجوز الاحتجاج بها، وليس له في الجملة خصوص الصحبة، بل عمومها".

4 -

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (13/ 13): "وقد وردت أحاديث في لعن الحكم والد مروان وما ولد، أخرجها الطبراني وغيره، غالبها فيها مقال، وبعضها جيد".

قلت: وقد ساق الحافظ ابن كثير الحديث، ولم يتكلم عنه بشيء، وقد سبق أن الحديث بمجموع الطرق والشواهد حسن لغيره، وقد حسن الهيثمي في المجمع (5/ 241)، حديث عائشة المذكور ومن هنا يتبين أن الحديث له أصل، وقد روى من طرق متعددة وغالبها فيها مقال، ولكن بعضها يرتقي إلى الحسن لغيره.

وأما متنه وهو لعن الرسول صلى الله عليه وسلم الحكم وما ولد من صلبه فهو مشكل، وهو يعارض قوله تعالى:{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الآية [سورة النجم: 38] إذ لو صح لعن الحكم فما ذنب ولده حتى تشملهم اللعنة؟ خاصة وفيهم من عده أهل السنَّة خامس الخلفاء الراشدين وهو: عمر بن عبد العزيز رحمه الله وفيهم من عرف بالتقى والصلاح كيزيد بن الوليد بن عبد الملك المعروف بـ: الناقص، بل إن بني أُمية ممن نصر الله بهم الدين فنشروه في سائر المعمورة، ورفعوا رايات الجهات، وهو الذين اتسعت الفتوحات في وقتهم. =

ص: 261

= قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (9/ 93): "فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أُمية ليس لهم شغل إلَّا ذلك، قد علت كلمة الإِسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها، وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبًا، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلَّا أخذوه، وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو، الصالحون والأولياء والعلماء، من كبار التابعين، في كل جيش منهم شرذمة عظيمة، ينصر الله بهم دينه، فقتيبة بن مسلم يفتح في بلاد الشرك، يقتل ويسبي، ويغنم، حتى وصل إلى تخوم الصين، وأرسل إلى ملكه يدعوه، فخاف منه، وأرسل له الهدايا، وتحفا، وأموالًا كثيرة، هدية، وبعث يستعطفه مع قوته وكثرة جنده، بحيث إن ملوك تلك النواحي كلها تؤدي إليه الخراج خوفًا منه.

ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين، ولم يبق إلَّا أن يلتقي مع ملكها، فلما مات الحجاج رجع الجيش كما مر، ثم إن قتيبة قتل بعد ذلك، قتله بعض المسلمين، ومسلمة بن عبد الملك بن مروان، وابن أمير المؤمنين الوليد، وأخوه الآخر، يفتحون في بلاد الروم ويجاهدون بعساكر الشام حتى وصلوا القسطنطينية، وبني بها مسلمة جامعًا يعبد الله فيه، وامتلأت قلوب الفرنج منهم رعبًا.

ومحمد بن القاسم بن أخي الحجاج يجاهد في بلاد الهند، ويفتح مدنها في طائفة من جيش العراق وغيرهم.

وموسى بن نصير يجاهد في بلاد المغرب، ويفتح مدنها وأقاليمها في جيوش الديار المصرية وغيرهم، وكل هذه النواحي إنما دخل أهلها في الإِسلام، وتركوا عبادة الأوثان.

وقبل ذلك قد كان الصحابة في زمن عمر، وعثمان فتحوا غالب هذه النواحي، ودخلوا في مبانيها بعد هذه الأقاليم الكبار، مثل الشام، ومصر والعراق، واليمن وأوائل بلاد الترك إلى ما وراء النهر وأوائل بلاد المغرب، وأوائل بلاد الهند، فكان سوق الجهاد قائمًا في القرن الأول من بعد الهجرة، إلى انقضاء دولة بني أُمية، وفي =

ص: 262

= أثناء خلافة بني العباس مثل أيام المنصور وأولاده، والرشيد وأولاده، في بلاد الروم والترك والهند.

وفتح محمود بن سبكتكين وولده في أيام ملكهم بلادًا كثيرة من بلاد الهند.

ولما دخل طائفة ممن هرب من بني أُمية إلى بلاد المغرب وتملكوها، أقاموا سوق الجهاد في الفرنج بها، ثم لما بطل الجهاد من هذه المواضع رجع العدو إليها، فأخذو منها بلادًا كثيرة وضعف الإِسلام فيها". اهـ.

قلت: ولا شك أن هذه الأعمال الجليلة التي قام بها بنو أُمية كان لها الأثر الكبير في نشر الإِسلام وفتح البلاد الكافرة، ومن هنا تضايق أعداء الإِسلام وحالوا الطعن في من كان هدفه نشر الإِسلام، ومنهم بنو أُمية، فمثل هذه الأحاديث انتقدها بعض من سبق من الأئمة مثل الذهبي وابن القيم، وغيرهما، وها هو البخاري رحمه الله يخرج حديث عائشة المذكور في صحيحه (8/ 439) بدون ذكر اللعن، وها هو الإِمام أحمد رحمه الله تعالى يخرج حديث عبد الله بن الزبير فلا يفصح باسم الحكم وإنما قال:"فلان".

وعلى كل فالحديث بمجموع طرقه وشواهده حسن لغيره، وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى أن بعض طرقه جيد، ولذلك يجاب عن الحديث بأنه محمول على قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر:"اللهم إني أتخذ عندك عهدًا لن تخلفنيه فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فأي المؤمنين آذيتُه، شتمتُه، لعنتُه، جلدتُه، فاجعلها له صلاة، وزكاة، وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة".

أخرجه البخاري في صحيحه (11/ 175) كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة" وأخرجه مسلم (4/ 2007 - 2009: 89، 90، 91، 92، 93). في البر والصلة باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك، كلاهما مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (واللفظ لمسلم).

وإليه أشار الحافظ أبو نعيم الأصبهاني في كتابه: تثبيت الإِمام وترتيب الخلافة =

ص: 263

= (ص 216)، "فإن قيل: فمن لعنه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ يجوز أن لا تلحقه لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته؟ قيل له: إنا وإن خفنا عليه للعن الرسول صلى الله عليه وسلم لمعصيته فنرجو له غفر الله بدعاء رسوله وليست اللعنة له بأكثر من الدعاء له مع أنا نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه الله يدعو في صلاته لأمته ويستغفر لهم، لأحيائهم وأمواتهم، فلو كان كل دعوة مجابة لما كان أحد من أمته معذبًا أو دخل النار

ثم قال: مع أن لعن الرسول صلى الله عليه وسلم على معنيين:

* أحدهما: في غير غضب، يريد بذلك إعلام أمته بعظم ما عظم الله والتحذير مما حذر الله كلعنه من أكل الربا، ومن أحدَّث حدثًا، لعن فاعليها في حال الرضا تأكيدًا لما أكد الله.

* والمعنى الثاني: أن يلعن في حال غضب وموجدة، فذلك مرفوع عنهم، ولا يلحقهم بقوله "إنما أنا بشر مثلكم

" ذكر الحديث المتقدم بمعناه.

ص: 264

4455 -

وقال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ حَمَّادٍ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي يَحْيَى قال: كنت بين الحسن والحسين رضي الله عنهما، ومروان يشتم الحسين، والحسن ينهى الحسين رضي الله عنهما، إِذْ غَضِبَ مَرْوَانُ، فَقَالَ: أَهْلُ بَيْتٍ مَلْعُونُونَ، فغضب الحسن رضي الله عنه، وَقَالَ: أَقُلْتَ أَهْلُ بَيْتٍ مَلْعُونُونَ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ لَعَنَكَ اللَّهُ وَأَنْتَ فِي صُلْبِ أَبِيكَ.

[2]

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، ثنا حماد، به.

ص: 265

4455 -

درجته:

صحيح بهذا الإِسناد، لأن جميع رواته ثقات، وعطاء بن السائب ثقة، اختلط في آخر عمره، ولكنه لا يضر، لأن حماد بن سلمة سمع منه قبل اختلاطه.

وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 240)، وقال:"رواه أبو يعلى واللفظ له، وفيه عطاء بن السائب وقد تغير".

وذكره أيضًا في المجمع (10/ 72)، وقال:"رواه الطبراني وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 124)، وعزاه لإسحاق بن راهويه وأبي يعلى وسكت عليه.

أخرجه أبو يعلى في مسنده (12/ 135) في مسند الحسن بن علي رضي الله عنه.

وأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 85: 2740) من طريقين فرقهما عن حماد بن سلمة، به، بنحوه.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (16/ 347) من طريق ابن سعد عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به.

قلت: لم أجده في الطبقات لابن سعد في ترجمة مروان بن الحكم، ولعله في ترجمة الحسن أو الحسين ولكنهما في الجزء الساقط من المطبوع.

وذكره الذهبي في تاريخ الإِسلام (عهد الخلفاء) ص (366) وفي السير (3/ 478)، وقال:"أبو يحيى النخعي مجهول".

قلت: أبو يحيى: هو زياد المكي، كما تقدم في دراسة الإِسناد، وهو ثقة.

ص: 265

4456 -

وقال إسحاق: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أبي يَحْيَى، قَالَ: كُنْتُ يَوْمًا مَعَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهما، فَسَبَّهُمَا مَرْوَانُ سَبًّا قَبِيحًا، حَتَّى قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَأَهْلُ بَيْتٍ مَلْعُونُونَ، فَقَالَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما أَوْ أَحَدُهُمَا: وَاللَّهِ، وَاللَّهِ، ثُمَّ وَاللَّهِ، لَقَدْ لعنك الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وَأَنْتَ فِي صُلْبِ الْحَكَمِ، فَسَكَتَ مَرْوَانُ.

[2]

وَقَالَ أبو يعلى: حدَّثنا أبو معمر، ثنا جرير، به.

ص: 266

4456 -

درجته:

ضعيف، لأن فيه جرير بن عبد الحميد وقد سمع من عطاء بن السائب بعد اختلاطه، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه عليه حماد بن سلمة كما تقدم في حديث الساعة وحماد سمع من عطاء قبل اختلاطه، وعليه فإن الحديث بهذه المتابعة حسن لغيره، والله أعلم.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 124)، وعزاه لإسحاق بن راهويه أبي يعلى وسكت عليه.

ص: 266

تخريجه:

أخرجه أبو يعلى في مسنده (12/ 136) عن أبي معمر عن جرير، به، بنحوه.

ولتمام تخريجه انظر الحديث السابق.

وللحديث شواهد متعددة تقدم ذكرها مفصلًا في حديث رقم (4454).

ص: 266

4457 -

وقال إسحاق: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ أَمِيرًا عَلَيْنَا سِنِينَ، فَكَانَ يَسُبُّ عليًا رضي الله عنه كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عُزِلَ مَرْوَانُ، وَاسْتُعْمِلَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ سِنِينَ، فَكَانَ لَا يَسُبُّهُ، ثُمَّ عُزِلَ سَعِيدٌ، وَأُعِيدَ مَرْوَانُ، فَكَانَ يسبه، فقيل للحسن بن علي رضي الله عنهما: أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ مَرْوَانُ؟ فَلَا تَرَدُّ شَيْئًا؟ فَكَانَ يَجِيءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَيَدْخُلُ حُجْرَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ فِيهَا، فَإِذَا قُضِيَتِ الْخُطْبَةُ، خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ مَرْوَانُ، حَتَّى أَهْدَى لَهُ فِي بَيْتِهِ، فَإِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَهُ، إِذْ قِيلَ لَهُ: فُلَانٌ عَلَى الْبَابِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ فَقَالَ: إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ سُلْطَانٍ، وَجِئْتُكَ بِعَزْمَةٍ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ، فَقَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ بِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ وَبِكَ وَبِكَ، وَمَا وَجَدْتُ مَثَلَكَ إلَّا مَثَلَ الْبَغْلَةِ، يُقَالُ لَهَا: مَنْ أَبُوكِ؟ فَتَقُولُ: أُمِّي الْفَرَسُ.

فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: وَاللَّهِ لَا أَمْحُو عَنْكَ شَيْئًا مِمَّا قُلْتَ بِأَنِّي أَسُبُّكَ، وَلَكِنْ مَوْعِدِي وَمَوْعِدَكَ اللَّهُ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا يَأْجُرُكَ اللَّهُ بِصِدْقِكَ، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِبًا، فَاللَّهُ أَشَدُّ نِقْمَةً، قَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالَى جَدِّي أَنْ يَكُونَ مَثَلِي مَثَلُ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ خَرَجَ، فلقي الحسين رضي الله عنه فِي الْحُجْرَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: قَدْ أُرْسِلْتُ بِرِسَالَةٍ وَقَدْ أَبْلَغْتُهَا، قَالَ: وَاللَّهِ لَتُخْبِرَنِّي بِهَا، أَوْ لآمرن أن تضرب حتى لايدرى مَتَى يَفْرُغُ عَنْكَ الضَّرْبُ، فَلَمَّا رَآهُ الْحَسَنُ رضي الله عنه قَالَ: أَرْسِلْهُ، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: قَدْ حَلَفْتُ، قَالَ: أَرْسَلَ مَرْوَانُ بِعَلِيٍّ وَبِعَلِيٍّ وَبِكَ وَبِكَ، وَمَا وَجَدْتُ مَثَلَكَ إلَّا مَثَلَ الْبَغْلَةِ، يُقَالُ لَهَا: مَنْ أَبُوكِ؟ فَتَقُولُ: أمي الفرس، فقال الحسين رضي الله عنه: أَكَلْتَ بَظْرَ أُمِّكَ إِنْ لَمْ تُبْلِغْهُ عَنِّي مَا أَقُولُ لَهُ، قُلْ لَهُ: بِكَ وَبِأَبِيكَ

ص: 267

وَبِقَوْمِكَ، وَآيَةِ مَا بَيْنِي وَبَيْنِكَ أَنْ تَمْسِكَ مَنْكِبَيْكَ مِنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 268

4457 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه عمير بن إسحاق وهو ضعيف، وبقية رواته ثقات.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 124)، وعزاه لإسحاق بن راهوية وسكت عليه.

ص: 268

تخريجه:

أخرجه ابن عساكر في تاريخه (16/ 346) من طريق ابن سعد، عن إسماعيل بن إبراهيم السدي عن ابن عون، به، بنحوه.

قلت: لم أجده في ترجمة مروان بن الحكم في الطبقات الكبرى، ولعله في ترجمة الحسن أو الحسين رضي الله عنهما. وهما غير موجودتين في الجزء المطبوع من الطبقات.

وذكره الذهبي بطوله في تاريخ الإِسلام (61 - 80)(في ترجمة مروان)(ص 231) وسكت عليه وللحديث شواهد متعددة في لعن الرسول صلى الله عليه وسلم بني أُمية، تقدم تخريجها في حديث رقم (4454)، وعليه فإن حديث الباب بهذه الشواهد حسن لغيره، والله أعلم.

ص: 268

4458 -

أخبرنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عمير بن إسحاق، فذكره، نَحْوَهُ. وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: قَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ تعالى جَدِّي أَنْ يَكُونَ مَثَلَهُ مَثَلُ الْبَغْلَةِ، قَالَ: فخرج الرسول فاستقبله الحسين رضي الله عنه، وَكَانَ لَا يَتَعَوَّجُ عَنْ شَيْءٍ يُرِيدُهُ، وَقَالَ: فقال الحسين رضي الله عنه إني قد حلفت، قال الحسن رضي الله عنه: فَأَخْبِرْهُ، فَإِنَّهُ إِذَا لَجَّ فِي شَيْءٍ لَجَّ.

وقال: فاشتد على مروان قوله رضي الله عنه جِدًّا، يَعْنِي قَوْلَهُ:"أَنْ تُمْسِكَ مَنْكِبَيْكَ" إِلَى آخره.

ص: 269

4458 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه عمير بن إسحاق، وهو ضعيف، وبقية رواته ثقات.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 124)، وعزاه لإسحاق بن راهوية وسكت عليه.

ص: 269

تخريجه:

تقدم تخريجه في الحديث المتقدم آنفًا.

ص: 269

4459 -

أخبرنا عبد الرزاق، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد، والمجالد عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَكَمَ وَمَنْ يَخْرُجُ مِنْ صلبه.

ص: 270

4459 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، لأنه مرسل، ورواته ثقات ما عدا مجالد بن سعيد فإنه ضعيف، ولكنه توبع، فقد تابعه إسماعيل بن أبي خالد (وهو ثقة) كما تقدم في إسناد هذا الحديث.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 124)، وقال: رواه إسحاق مرسلًا، ورواته ثقات.

قلت: روى هذا الحديث بإسناد متصل، وقد أخرجه أحمد وغيره، انظر: الحديث القادم.

ص: 270

4460 -

رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وَمُجَالِدٍ، عن الشعبي، قال: سمعت ابن الزبير رضي الله عنه وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَهُوَ يَقُولُ وَرَبِّ هذه الكعبة، فذكره.

ص: 271

4460 -

درجته:

هو صحيح، لأن جميع رواته ثقات، ما عدا مجالد بن سعيد فهو ضعيف، ولكنه توبع، فقد تابعه إسماعيل بن أبي خالد وهو ثقة.

وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 241)، وقال: رواه أحمد والبزار

والطبراني بنحوه، وعنده رواية كرواية أحمد، ورجال أحمد رجال الصحيح.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 124)، وعزاه لأحمد وسكت عليه.

ص: 271

تخريجه:

أخرجه الإِمام أحمد في المسند (4/ 5) عن عبد الرزاق، به.

ولفظه: عن الشعبي قال: سمعت عبد الله بن الزُّبَيْرِ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَقُولُ: ورب هذه الكعبة لقد لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فلانًا وما ولد من صلبه.

وأخرجه البزّار كما في الكشف (2/ 247)، عن أحمد بن منصور بن سيار عن عبد الرزاق، به، بنحوه.

وأخرجه الطبراني كما في المجمع (5/ 241).

وهذا الحديث شاهد لحديث رقم (4454).

وقد تقدمت شواهده هناك بالتفصيل.

ص: 271

4461 -

وقال إسحاق: أخبرنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، قَالَ: لِكُلِّ شَيْءٍ آفَةٌ، وَآفَةُ هَذَا الدِّينِ بنو أُمية.

ص: 272

4461 -

درجته:

الأثر ضعيف، لأن فيه علي بن علقمة الأنماري وهو ضعيف، وبقية رواته ثقات.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 125)، وقال:"رواه إسحاق بن راهوية موقوفًا بسند ضعيف، لضعف علي بن علقمة".

ص: 272

تخريجه:

أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (1/ 129: 313) حدَّثنا محمَّد بن فضيل، عن الأعمش، به، بلفظ "إن لكل شيء آفة تفسده، وآفة هذا الدين بنو أُمية".

والأثر روى مرفوعًا من طريق أخرى من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.

أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (3/ 769)، عن إسماعيل بن أبي إسماعيل، عن إسماعيل ابن عياش، عن مُبَارَكُ بْنُ حَسَّانَ السُّلَمِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عن ابن مسعود رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ آفَةٌ تُفْسِدُهُ، وَإِنَّ آفَةَ هذا الدين ولاة السوء".

قلت: إسناده ضعيف، فيه إسماعيل بن أبي إسماعيل المؤدب، قال الدارقطني: ضعيف لا يحتج، به، وقال الأزدي: ضعيف، منكر الحديث، وعليه فإنه ضعيف.

انظر في ترجمته: (الجرح والتعديل 2/ 156، الميزان 1/ 215، اللسان 1/ 438).

وفيه مبارك بن حسان السلمي، قال أبو داود عنه: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بالقوي في حديثه شيء، وقال الأزدي، متروك يرمى بالكذب. وقال =

ص: 272

= الحافظ ابن حجر في التقريب: لين الحديث. انظر في ترجمته: (الجرح والتعديل 8/ 340، ميزان الاعتدال 3/ 430، التهذيب 10/ 26، التقريب ص 518: 6460).

ولهذا قال الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصغير (5/ 23): ضعيف جدًا.

وله شاهد من حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه موقوفًا عليه:

أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (1/ 129: 312) حدّثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، قال: قال لي النزال بن سبرة: ألَاّ أحدثك حديثًا سمعته من أبي حسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قلت: بلى، قال: سمعته يقول: لكل أمة آفة، وآفة هذه الأمة بنو أُمية.

قلت: إسناده ضعيف جدًا، فيه جويبر بن سعيد الأزدي، قال ابن معين: ليس بشيء وقال النسائي، وابن الجنيد، والدارقطني: متروك، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي.

وقال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: "ضعيف جدًا". وهو كما قال.

انظر في ترجمته: التاريخ الكبير 2/ 257، الجرح والتعديل 2/ 540، المجروحين 1/ 217، الميزان 1/ 427، التهذيب 2/ 123، التقريب ص 143: 987).

وفي الإِسناد أيضًا هشيم بن بشير الواسطي، وهو كثير التدليس والإِرسال الخفي، وقد عدّه الحافظ ابن حجر ضمن أصحاب المرتبة الثالثة من المدلسين الذين لا يقبل حديثهم إلَّا مصرحًا بالسماع، وقد عنعن هنا ولم يصرح.

وجملة القول أن هذا الطريق والشاهد لا يصلحان لتقوية أثر الباب لشدة ضعفهما، وعليه فإن الأثر يبقى ضعيفًا، والله تعالى أعلم.

ص: 273

4462 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أَمِيرًا بِالشَّامِ، غَزَا الْمُسْلِمُونَ، فَسَلِمُوا وَغَنِمُوا، وَكَانَ فِي غَنِيمَتِهِمْ جَارِيَةٌ نَفِيسَةٌ، فَصَارَتْ لِرَجُلٍ من المسلمين، فأرسل إليها يزيد، فانتزعها منه، وأبو ذر رضي الله عنه يومئذ بالشام، فاستعان الرجل بأبي ذر رضي الله عنه عَلَى يَزِيدَ، فَانْطَلَقَ مَعَهُ، فَقَالَ لِيَزِيدَ: رُدَّ عَلَيْهِ جَارِيَتَهُ، فَتَلَكَّأَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ أَبُو ذر رضي الله عنه: أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُبَدَّلُ سُنَّتِي لَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمية" ثُمَّ وَلَّى عَنْهُ، فَلَحِقَهُ يَزِيدُ، فَقَالَ: أذكرك الله تعالى أَنَا هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا، وَرَدَّ عَلَى الرجل جاريته.

ص: 274

4462 -

درجته:

الحديث رجاله ثقات، ما عدا هوذة بن خليفة الثقفي فهو صدوق، وعليه فهو حسن.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 125)، وقال:"رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو يَعْلَى"، وسكت عليه.

قلت: ذكر ابن معين في تاريخه (2/ 166) أن أبا العالية لم يسمع من أبي ذر رضي الله عنه، وإنما رواه أبو العالية عن أبي مسلم عنه، وسئل ابن معين عن أبي مسلم هذا من هو؟ فقال:"لا أدري". ولكني وجدت أن الحافظ الذهبي وغيره نص بأن أبا العالية سمع من أبي ذر رضي الله عنه. (انظر: السير 4/ 207) ويحتمل أنه روى عنه مرة مباشرة، ومرة بواسطة أبي مسلم، عنه، كما سيأتي في بعض طرقه في التخريج.

وأعله الإِمام البخاري في التاريخ الصغير (1/ 70) بأن أبا ذر كان بالشام زمن عثمان، وعليها معاوية، ويزيد بن أبي سفيان مات زمن عمر، ولا يعرف لأبي ذر قدوم الشام زمن عمر رضي الله عنه. =

ص: 274

= ولكني رأيت أن المؤرخين مثل الإِمام الذهبي وابن كثير ذكروا بأن أبا ذر قدم الشام زمن عمر رضي الله عنه. فقد ذكر الذهبي في السير بأنه شهد فتح بيت المقدس مع عمر رضي الله عنه، وذكر ابن كثير في البداية أنه خرج إلى الشام بعد موت أبي بكر رضي الله عنه، فكان فيه حتى وقع بينه وبين معاوية فاستقدمه عثمان إلى المدينة. انظر:(السير 7/ 47، البداية والنهاية 7/ 127).

ص: 275

تخريجه:

هذا الإِسناد مداره على عوف بن أبي جميلة الأعرابي، واختلف عليه على عدة أوجه:

الوجه الأول: رواه هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي مجلز، عن أبي العالية، عن أبي ذر رضي الله عنه، به، وقد تقدم لفظه.

أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة كما في المطالب العالية هنا ولم أجده في مصنفه، ولعله في مسنده.

الوجه الثاني: رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن عوف، عن مهاجر بن مخلد أبي مخلد، عن أبي العالية، عن أبي مسلم الجذمي، عن أبي ذر رضي الله عنه، به، بنحوه.

أخرجه البخاري في التاريخ الصغير (1/ 70) عن محمَّد بن المثنى، وأبو يعلى في مسنده كما في المطالب العالية. (انظر: الحديث الآتي رقم (4463) عن محمَّد بن إسماعيل بن أبي سمينة، وابن خزيمة كما في البداية والنهاية (8/ 234)، عن محمَّد بن بشار (بندار) وابن عساكر في تاريخه (18/ 312) من طريق محمَّد بن بشار (بندار).

ثلاثتهم عن عبد الوهاب بن عبد المجيد، به، بنحوه القصة المذكورة في أول الحديث، إلَّا أن البخاري ذكر اللفظ المرفوع فقط.

قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه مهاجر بن مخلد أبو مخلد، قال أبو حاتم: لين =

ص: 275

= الحديث، ليس بذاك، شيخ يكتب حديثه. اهـ. وذكره ابن حبّان في الثقات، ولهذا قال الحافظ في التقريب: مقبول. انظر: في ترجمته: (الجرح والتعديل 8/ 262، الثقات 7/ 486، ميزان الاعتدال 4/ 194، التقريب ص 548).

الوجه الثالث: رواه معاذ بن نصر، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِي مَخْلَدٍ، عَنْ أبي العالية، عن أبي ذر رضي الله عنه.

أخرجه ابن أبي عاصم في "الأوائل" رقم الحديث (63) عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن عوف، به، بلفظ:"أول من يغير سنتي رجل من بني أمية"، ولم يذكر القصة في أوله.

قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه المهاجر أبو مخلد وهو ضعيف، وقد تقدم حاله آنفًا.

وذكره الشيخ الألباني في الصحيحة (4/ 329: 1749)، وقال:"هذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير المهاجر وهو ابن مخلد أبو مخلد" ونقل أقوال الأئمة فيه، ثم قال. "فمثله لا ينزل حديث عن مرتبة الحسن".

قلت: إن أراد به الحسن لغيره فنعم، وإلَاّ فلا.

الوجه الرابع: رواه هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي خلدة، عن أبي العالية، عن أبي ذر رضي الله عنه، به، بنحو القصة المذكورة في الباب. أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 466) من طريق محمَّد بن العباس المؤدب، عن هوذة، به.

وقال: "وفي هذا الإِسناد إرسال بين أبي العالية وأبي ذر".

قلت: أما الإِرسال فقد تقدّم أن أبا العالية سمع من أبي ذر رضي الله عنه، فقد أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو شاب، وأسلم في خلافة أبي بكر الصديق كما ذكره الذهبي في ترجمته في السير (4/ 207)، وأبو ذر رضي الله عنه تأخر وفاته سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان رضي الله عنه، وعليه فإن السماع محتمل. =

ص: 276

= الوجه الخامس: رواه النضر بن شميل، عن عوف، عن أبي المهاجر، عن أبي خالد، عن أبي العالية عن أبي ذر رضي الله عنه، به. (الجزء المرفوع فقط).

أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 163) من طريق النضر بن شميل، به.

الوجه السادس: رواه سفيان الثوري، عن عوف، عن خالد بن أبي المهاجر، عن أبي العالية، عن أبي ذر رضي الله عنه، بنحو. قصة الباب مطولًا. أخرجه أبو يعلى كما في البداية والنهاية (8/ 234) عن عثمان بن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام عن سفيان، به.

قلت: فيه خالد بن أبي المهاجر، لم أقف على ترجمته في كتب الرجال، وبقية رواته ثقات.

ولعل الراجح من هذه الأوجه هو الوجه الثاني لعدة أسباب، منها:

أولًا: رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد وهو ثقة ثم كثرت الطرق عنه، فقد رواه كل من محمَّد بن بشار ومحمد بن المثنى ومحمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، وهؤلاء كلهم ثقات معرفون، يروون الحديث بهذا الإِسناد.

ثانيًا: فيه زيادة واسطة بين أبي العالية وأبي ذر رضي الله عنه، وهي أبو مسلم الجذمي، وهذا يزيل تردد الانقطاع بين أبي العالية وأبي ذر، كما قاله ابن معين وغيره، إلا أن هذا الوجه ضعيف لأجل مهاجر بن مخلد، كما تقدم.

ويشهد له حديث أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ قَائِمًا بِالْقِسْطِ حَتَّى يثلمه رجل من بني أُمية".

أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 175: 870) عن الحكم بن موسى، عن يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ، عن مكحول عن أبي عبيدة رضي الله عنه، به.

قلت: هذا إسناد ضعيف. انظر: درجته بالتفصيل في حديث رقم (4466).

وجملة القول أن حديث الباب روى من طرق متعددة، وبعضها جيدة الإِسناد، وهو بهذه الطرق والشاهد حسن لغيره، والله أعلم.

ص: 277

4463 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا محمَّد بْنُ إِسْمَاعِيلَ بن أبي سمينة، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِي مخلد، عن أبي العالية، ثنا أبو مسلم (1)، قال: كان أبو ذر رضي الله عنه بِالشَّامِ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَغَزَا الْمُسْلِمُونَ، فَغَنِمُوا وَأَصَابُوا جَارِيَةً نَفِيسَةً فَصَارَتْ لِرَجُلٍ من المسلمين في سهم

فذكر، نحوه.

(1) في الأصل: "أبو مسلمة"، وهو تصحيف، والتصحيح من كتب التراجم وغيرها.

ص: 278

4463 -

درجته:

ضعيف، لأن فيه مهاجر بن مخلد أبا مخلد، وهو ضعيف، وبقية رواته ثقات، ولكن مهاجر بن مخلد لم ينفرد به، بل تابعه عليه أبو مجلز لاحق بن حميد كما تقدم في الحديث السابق برقم (4462)، وعليه فالإِسناد بهذه المتابعة حسن لغيره، والله تعالى أعلم.

ص: 278

تخريجه:

لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع ولا في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير، والحديث مداره على عوف بن أبي جميلة الأعرابي واختلف عليه فيه على عدة أوجه، تقدم تخريج هذه الأوجه كلها في الحديث السابق برقم (4462).

وذكره الذهبي في تاريخ الإِسلام من (61 - 80)(في ترجمة يزيد بن معاوية)، وعزاه للروياني في مسنده، وذكره في السير (1/ 330)(ترجمة يزيد بن أبي سفيان)، وعزاه للروياني في مسنده، إلَّا أنه لم يذكر واسطة "أبي مسلم" في الإِسناد.

ص: 278

4464 -

حدَّثنا مصعب بن عبد الله، ثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي الْمَنَامِ، كَأَنَّ بَنِي الْحَكَمِ يَنْزُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ، فَأَصْبَحَ كالمتغيظ، وَقَالَ:"مَا لِي رَأَيْتُ بَنِيَ الْحَكَمِ يَنْزُونَ عَلَى مِنْبَرِي نَزْوَ الْقِرَدَةِ" فَمَا رُئِيَ ضَاحِكًا بعد ذلك حتى مات.

ص: 279

4462 -

درجته:

حسن لذاته، رواته ثقات ما عدا العلاء بن عبد الرحمن الحرقي، وهو صدوق.

وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 243 - 244)، وقال:"رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير مصعب بن عبد الله بن الزبير وهو ثقة".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 124)، وعزاه لأبي يعلى وقال:"رواته ثقات".

قلت: تقدم في دراسة إسناد الحديث بأن العلاء بن عبد الرحمن مختلف فيه، والراجح فيه أنه حسن الحديث، والله أعلم.

ص: 279

تخريجه:

أخرجه أبو يعلى في مسنده (1/ 348: 6461) بلفظه إلَّا قوله: "فما رُئِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مستجمعًا، ضاحكًا بعد ذلك حتى مات".

وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 480) من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن العلاء بن عبد الرحمن، به، بنحوه، وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.

وأخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 511) من طريق الزنجي أيضًا عن العلاء بن عبد الرحمن، به، بنحوه.

قلت: وللحديث شواهد في ذم الحكم بن أبي العاص وأولاده تقدمت في تخريج حديث رقم (4454). انظر أيضًا حديث رقم (4465).

ص: 279

4465 -

حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ -هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ- عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ ثَلَاثِينَ، كَانَ دَيْنُ اللَّهِ دَغَلًا، وَمَالُ اللَّهِ دِوَلًا، وعباد الله خولا.

ص: 280

4465 -

درجته:

حسن لذاته، ورواته ثقات ما عدا العلاء بن عبد الرحمن، فهو صدوق.

وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 241)، وقال:"رواه أبو يعلى من رواية إسماعيل عن ابن عجلان ولم أعرف إسماعيل، وبقية رجاله رجال الصحيح".

قلت: إسماعيل: هو ابن جعفر كما تقدمت ترجمته، وشيخه هو العلاء بن عبد الرحمن وليس ابن عجلان كما ذكره الهيثمي، والله أعلم.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 124)، وقال:"رواه أبو يعلى بسند صحيح".

ص: 280

تخريجه:

مداره على العلاء بن عبد الرحمن واختلف عليه في السند والمتن على وجهين: الوجه الأول: يرويه إسماعيل بن جعفر عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفًا عليه بلفظ: "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين

الحديث.

أخرجه أبو يعلى في مسنده (11/ 402: 6523) إلَّا أنه قال: (كان دين الله دخلا) والخطابي في غريب الحديث (2/ 436) من طريق علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، به، ولفظه:"إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ ثَلَاثِينَ، كَانَ دين الله دخلا، ومال الله نحلا، وعباد الله خولا".

وذكر الشيخ الألباني في الصحيحة (2/ 379) أن ابن خزيمة رواه من طريق علي بن حجر، به وعنه ابن عساكر.

الوجه الثاني: يرويه سليمان بن بلال، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ =

ص: 280

= أبي هريرة مرفوعًا أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 507) من طريق سليمان بن بلال، به.

ولفظه: "إذا بلغ بنو أبي العاص أربعين رجلًا

بدلًا من "ثلاثين" فذكره، بنحوه.

وذكر الشيخ الألباني في الموضع السابق بأن تمامًا أخرج الحديث في فوائده من طريق سليمان بن بلال ولم يذكر هذا الفرق.

أقول: إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الرزقي، ثقة، ثبت، تقدمت ترجمته آنفًا في هذا الحديث، وسليمان بن بلال التيمي مولاهم أبو محمَّد، ثقة، كما في التقريب (ص 250: 2539) وعلى هذا فرواية إسماعيل بن جعفر أرجح من رواية سليمان بن بلال، لأن إسماعيل أوثق، وهي كانت موقوفة، إلَّا أنها في حكم المرفوع، لأن أبا هريرة رضي الله عنه يخبر عن أمر ليس للرأي فيه مجال.

وللحديث شواهد من حديث أبي سعيد، وأبي ذر، ومعاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنهم.

1 -

حديث أبي سعيد رضي الله عنه:

أخرجه الإِمام أحمد وعبد الله ابنه في الزوائد (3/ 80) وأبو يعلى في مسنده (2/ 383: 1152) والبزار كما في الكشف (2/ 245: 1620)، والحاكم في المستدرك (4/ 480)، والبيهقي في الدلائل (6/ 507)، جميعهم من طرق عن عطية العوفي، عن أبي سعيد رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا بلغ بنو أبي فلان ثلاثين رجلًا، اتخذوا مال الله دولًا، ودين الله دخلا وعباد الله خولًا".

قلت: فيه عطية العوفي، وهو ضعيف، فالحديث ضعيف بهذا الإِسناد لأجله، والله أعلم.

2 -

حديث أبي ذر رضي الله عنه، وله عن أبي ذر رضي الله عنه طريقان: الطريق الأولى: أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (ل 30) عن بقية بن الوليد =

ص: 281

= وعبد القدوس، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنِ راشد بن سعد، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا بلغت بنو أُمية أربعين، اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله نحلا، وكتاب الله دغلا". ومن طريقه أخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 479)، به، بلفظه.

وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي بأنه "على ضعف ابن أبي مريم منقطع".

قلت: أما الانقطاع فيقصد به بين راشد بن سعد وأبي ذر، بين وفاتيهما نحوا من ثلاثين عامًا، كما يتضح من ترجمتهما في التهذيب (3/ 195، 12/ 98) وقد نص الحافظ ابن كثير على هذا الانقطاع، فقال في البداية والنهاية (6/ 247):"وهذا منقطع بين راشد ابن سعد وأبي ذر".

وأما أبو بكر بن أبي مريم فهو ضعيف، وكان قد سرق بيته فاختلط، كما في التقريب (ص 623)، وعليه فإن الحديث ضعيف بهذا الإِسناد.

الطريق الثانية: أخرجه الحاكم (4/ 479) من طريق شريك، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن حلام بن جذل الغفاري، عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلًا، اتخذوا مال الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دغلا، قال حلام: فأنكر ذلك على أبي ذر، فشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ وَلَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ عَلَى ذي لهجة أصدق من أبي ذر"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

قلت: فيه شريك بن عبد الله، وهو صدوق يخطئ كثيرًا، والراوي عن أبي ذر هو حلام الغفاري مجهول، قال ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (ص 159) من مسند علي بن أبي طالب:"إن حلاما الغفاري عندهم مجهول، غير معروف في نقله الآثار، ولا يجوز الاحتجاج بمجهول في الدين". =

ص: 282

= وقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 308)، وقال: حلام بن جزل -بالزاي- وبيض له وذكر أن أبا الطفيل روى عنه، وهنا يروي عنه شقيق بن سلمة فهو مجهول الحال. وعليه فإن الحديث ضعيف بهذا الإِسناد.

3 -

أما حديث معاوية رضي الله عنه: فقد أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 507) من طريق ابن لهيعة عن أبي قبيل، أن ابن موهب أخبره، فذكر الحديث وفيه قصة، ورفع الحديث بمثل لفظ شريك إلَّا أنه قال:"إذا بلغ بنو الحكم".

وعبد الله بن لهيعة، ضعيف كما في التقريب (ص 319).

وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، وصححه الألباني في الموضع السابق.

ص: 283

4466 -

[1] وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حدَّثنا الْهَيْثَمُ بْنُ خارجة. [2] وَقَالَ أَبُو يَعْلَى (1): حدَّثنا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قالا: حدَّثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الغاز، عن مكحول، عن أبي عبيدة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ قَائِمًا بِالْقِسْطِ، حَتَّى يَثْلِمَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمية". رِجَالُهُ ثِقَاتٌ، إلَّا أنه منقطع.

[3]

وَقَالَ الْحَارِثُ وَأَبُو يَعْلَى جَمِيعًا: حدَّثنا الْحَكَمُ بن موسى، ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي عبيدة نحوه، وزاد:"يقال له: يزيد".

(1) في الأصل: "قال الحارث وأبو يعلى جميعًا"، وهو وهم من الحافظ، لأن الحارث لم يتابع أبا يعلى في هذه الطريق، بل تابعه في الطريق الآتي ولهذا جمعت بينهما في الطريق الثانية. انظر: بغية الباحث (3/ 771).

ص: 284

4466 -

درجته:

الحديث ضعيف بالإِسنادين لأسباب، وهي:

1 -

لأنه منقطع بين مكحول وأبي عبيدة بن الجراح، وقد نص على هذا الانقطاع جماعة من المحدَّثين، قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (8/ 234):"وهذا منقطع بين مكحول وأبي عبيدة بل معضل".

وذكره الهيثمي في المجمع (5/ 241)، وقال:"رواه أبو يعلى والبزار ورجال أبي يعلى رجال الصحيح إلَّا أن مكحول لم يدرك أبا عبيدة، قلت تحرفت فيه "عبيدة إلى عبادة".

وقال الحافظ ابن حجر هنا في المطالب العالية: "رجاله ثقات إلَّا أنه منقطع".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 125)، وقال:"رواه أحمد بن منيع والحارث وأبو يعلى بسند منقطع". =

ص: 284

= 2 - في الإِسناد الثاني الوليد بن مسلم القرشي وهو مدلس من المرتبة الرابعة وقد عنعن.

ص: 285

تخريجه:

مداره على مكحول الشامي واختلف عليه على وجهين:

الوجه الأول: رواه هشام بن الغاز، والأوزاعي، عن مكحول عن أبي عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه.

أما حديث هشام بن الغاز: فقد أخرجه أحمد بن منيع كما في المطالب العالية هنا عن الهيثم بن خارجة، وأبو يعلى في مسنده (2/ 175: 870) كلاهما عن الحكم بن موسى عن يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ، به.

وأما حديث الأوزاعي: فقد أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 176: 871) والحارث كما في بغية الباحث (3/ 771) عن الحكم بن موسى، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن مكحول، به، بنحوه، مع زيادة قوله في آخر الحديث (يقال له يزيد).

الوجه الثاني: رواه سليمان بن أبي داود، وهشام بن الغاز، عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة، به.

أما حديث سليمان: فقد أخرجه البزّار كما في الكشف (2/ 245) عن سليمان بن سيف الحراني، عن محمَّد بن سليمان بن أبي داود، عن أبيه، عن مكحول، به.

وأما حديث هشام بن الغاز: فقد أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 467) من طريق ابن غنيم البعلبكي عن هشام بن الغاز، به.

أخرجه ابن عساكر كما في البداية والنهاية 8/ 234 من طريق صدقة بن عبد الله الدمشقي عن هشام بن الغاز به.

قلت: وهو منقطع أيضًا بين مكحول وأبي ثعلبة الخشني، لأن مكحولًا لم =

ص: 285

= كما في التهذيب (10/ 258). وقد نص عليه الحافظ ابن عساكر كما في البداية والنهاية (8/ 234)، وعليه فالحديث ضعيف من وجهين، لأن منقطع فيهما.

وله شاهد من حديث ابن عمر ذكره الهندي في الكنز (11/ 168: 31070)، وعزاه لأبي يعلى، ونعيم بن حماد في الفتن وقال:"فيه سعيد بن سنان واه".

قلت: ثم أجده في مسند أبي يعلى المختصر ولا في المقصد العلي ولعله في مسنده الكبير ولم أجده في الفتن لنعيم بن حماد.

ويشهد لمعناه حديث أبي ذر رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُبَدَّلُ سُنَّتِي لَرَجُلٌ مِنْ بني أُمية" وقد تقدم برقم (4462)، وهو حسن لذاته.

وحديث الباب بهذا الشاهد حسن لغيره، والله أعلم.

ص: 286