المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌33 - باب ظهور الفساد في آخر الزمان وفضل الأمر بالمعروف ذلك الوقت - المطالب العالية محققا - جـ ١٨

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌15 - ذِكْرُ فُتُوحِ الْعِرَاقِ

- ‌16 - باب ما وقع في خلافة عمر رضي الله عنه مِنَ الْفُتُوحِ

- ‌17 - بَابُ فَتْحِ الإِسكندرية

- ‌18 - بَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌19 - باب براءة علي من قتل عثمان رضي الله عنه

- ‌20 - باب قتال أهل البغي

- ‌21 - بَابُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ

- ‌22 - باب مقتل عمار رضي الله عنه بِصِفِّينَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ

- ‌23 - بَابٌ

- ‌24 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْعَفْوِ عَمَّنْ قَاتَلَ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ

- ‌25 - باب

- ‌26 - بَابُ أَخْبَارِ الْخَوَارِجِ

- ‌27 - بَابُ فَضْلِ مَنْ قَتَلَ الْحَرُورِيَّةَ

- ‌28 - باب قتل علي رضي الله عنه

- ‌29 - باب مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما

- ‌30 - باب استخلاف معاوية رضي الله عنه وَلَدَهُ يَزِيدَ

- ‌31 - بَابُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص وبنيه وبني أُمية

- ‌32 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْحَجَّاجِ وَالْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌33 - بَابُ ظُهُورِ الْفَسَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَفَضْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ الْوَقْتَ

- ‌34 - بَابُ بَقَاءِ الإِسلام إِلَى أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ

- ‌35 - بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ لِمَا يُخشى مِنْ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى بِلَادِ الإِسلام

- ‌36 - بَابُ جَوَازِ تَرْكِ النَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ لِمَنْ لَا يُطِيقُ

- ‌37 - باب الإِشارة إلى غلبة الأعاجم على المماليك الإِسلامية وَذَهَابِ زِينَةِ الدُّنْيَا بِذُلِّ الْعَرَبِ

- ‌38 - بَابٌ فِي الْمَهْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الْعَادِلِينَ

- ‌39 - باب الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ كَالدَّابَّةِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌40 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يَهْلِكُ مِنَ الْأُمَمِ

- ‌41 - باب الأشراط وعلامات الساعة

- ‌42 - ذِكْرُ ابْنُ صَيَّادٍ وَالتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ الدَّجَّالَ

- ‌43 - [باب يأجوج ومأجوج]

- ‌44 - بَابُ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌45 - باب صفة البعث

- ‌46 - باب الشفاعة، وفيه أحاديث من البعث

- ‌47 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌48 - باب المظالم

- ‌49 - باب شفاعة المؤمنين

- ‌51 - باب العفو عن المظالم

- ‌52 - بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا

- ‌53 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌54 - باب

- ‌55 - بَابُ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ

الفصل: ‌33 - باب ظهور الفساد في آخر الزمان وفضل الأمر بالمعروف ذلك الوقت

‌33 - بَابُ ظُهُورِ الْفَسَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَفَضْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ الْوَقْتَ

4471 -

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حدَّثنا يَزِيدُ (هُوَ ابْنُ هارون) ثنا محمَّد بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْفَزَارِيُّ، حدَّثنا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إن لكل شيء إقبلًا وَإِدْبَارًا وَإِنَّ لِهَذَا الدِّينِ إِقْبَالًا وَإِدْبَارًا، وَإِنَّ مِنْ إِقْبَالِ هَذَا الدِّينِ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ به، حتى أن القبيلة لَتَفْقَهُ مِنْ عِنْدِ آخِرِهَا، حَتَّى لَا يَبْقَى إلَّا الفاسق أو الفاسقان، فَهُمَا مَقْهُورَانِ، مَقْمُوعَانِ، ذَلِيلَانِ، إِنْ تَكَلَّمَا أَوْ نَطَقَا قُمِعَا، وَقُهِرَا، وَاضْطُهِدَا، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ إِدْبَارِ هَذَا الدِّينِ أَنْ تَجْفُوَ الْقَبِيلَةُ كُلُّهَا مِنْ عِنْدِ آخِرِهَا حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا إلَّا الفقيه أو الفقيهان، فَهُمَا مَقْهُورَانِ، مَقْمُوعَانِ، ذَلِيلَانِ، إِنْ تَكَلَّمَا أَوْ نَطَقَا قُمِعَا وَقُهِرَا، وَاضْطُهِدَا، وَقِيلَ لَهُمَا أَتَطْغَيَانِ علينا؟ حتى يشرب الخمر في ناديهم المنكر، وَمَجَالِسِهِمْ، وَأَسْوَاقِهِمْ، وَتُنْحَلُ الْخَمْرُ غَيْرَ اسْمِهَا، حَتَّى يَلْعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، إلَّا حَلَّتْ عليه اللَّعْنَةُ وَيَقُولُونَ: لَا بَأْسَ بِهَذَا الشَّرَابِ. يَشْرَبُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ مَا بَدَا لَهُ، ثُمَّ يَكُفُّ عَنْهُ، حَتَّى تَمُرَّ الْمَرْأَةُ فَيَقُومُ إِلَيْهَا، فَيَرْفَعُ ذَيْلَهَا فَيَنْكِحُهَا وَهُمْ يَنْظُرُونَ، كَمَا يَرْفَعُ ذَيْلَ النَّعْجَةِ، وَرَفَعَ ثَوْبًا عَلَيْهِ مِنْ =

ص: 298

هَذِهِ السُّحُولِيَّةِ فَيَقُولُ الْقَائِلُ مِنْهُمْ: لَوْ تَجَنَّبْتُمُوهَا عَنِ الطَّرِيقِ، فَذَلِكَ فِيهِمْ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَهُ أَجْرُ خَمْسِينَ مِمَّنْ صَحِبَنِي وآمن بي وصدقني.

* في هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، فِيهِ أَرْبَعَةٌ فِي نَسَقٍ.

ص: 299

4471 -

درجته:

ضعيف جدًا، كما قال الحافظ ابن حجر، مسلسل بثلاثة ضعفاء.

قال ابن حبّان في كتابه المجروحين (2/ 63)، في ترجمة عبيد الله بن زحر: إذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن، لا يكون متن ذلك الخبر إلَّا مما عملت أيديهم، فلا يحل الاحتجاج بهذه الصحيفة.

وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 261 - 262)، بنحوه وقال:"رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد متروك".

ص: 299

تخريجه:

أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (4/ 963) عن يزيد بن هارون، به، بنحوه.

والخطيب البغدادي في كتاب "الفقيه والمتفقه"(1/ 42) من طريق الحارث بن محمَّد التميمي عن يزيد بن هارون، به، بنحوه مختصرًا، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله"(ص 241) من طريق عبيد الله بن زحر، به، مختصرًا، والطبراني في الكبير (8/ 234) من طريق مطرح بن يزيد عن علي بن يزيد، به.

قلت: أخبر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الحديث ببعض الأمور التي تقع قبل قيام الساعة، وهي قلة العلم ورفعه، وثبوت الجهل وتفشيه، وظهور الزنا، والمجاهرة بالفاحشة، وشرب الخمر وتسميتها بغير اسمها، وكل هذا وردت فيه أحاديث صحيحة.

1 -

حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا". =

ص: 299

= أخرجه البخاري كما في الفتح (1/ 213) كتاب العلم، باب رفع العلم وظهور الجهل، ومسلم في صحيحه (56/ 204: 2671) كتاب العلم، والإِمام أحمد في مسنده (3/ 151).

كلهم من طريق عبد الوارث عن أبي التياح عن أنس مرفوعًا.

2 -

وعن أنس رضي الله عنه أيضًا، قال: لأحدَّثنكم حديثًا لا يحدثكم أحد بعدي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من أشراط الساعة أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد".

أخرجه البخاري في الفتح (1/ 214: 81)، كتاب العلم (9/ 241: 5231)، كتاب النكاح، ومسلم في صحيحه (4/ 2056)، كتاب العلم.

3 -

عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال: حدَّثني أبو عامر -أو أبو مالك الأشعري- والله ما كذبني: سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم -الفقير- لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة".

ذكره الإِمام البخاري معلقًا كما في الفتح (10/ 53: 5590) كتاب الأشربة، وقد وصله الإِمام البيهقي في السنن الكبرى (10/ 221)، وقال الحافظ ابن حجر:"والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح" وذكره الألباني في الصحيحة (1/ 139: 91).

4 -

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ليستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه" وفي رواية "يسمونها غير اسمها".

رواه أحمد في مسنده (5/ 318) وابن ماجة (2/ 1123: 3385)، كتاب الأشربة، باب الخمر يسمونها بغير اسمها، وابن أبي الدنيا في ذم المسكر (ق 4/ 2) =

ص: 300

= كلهم إلى سعد بن أوس الكاتب، عن بلال بن يحيى العبسي، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، عَنِ ابْنِ محيريز، عن ثابت بن السمط، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، به.

قال الحافظ في الفتح (10/ 54): "وسند جيد". وذكره الألباني في الصحيحة (1/ 136: 90)، وقال: هذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، وأخرجه النسائي (8/ 314: 5658)، كتاب الأشربة باب منزلة لخمر، والإِمام أحمد في مسنده (4/ 237) من وجه آخر عن ابن محيريز فقال: عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وله شواهد من حديث أبي أمامة عند ابن ماجة وغيره، ومن حديث ابن عباس عند الطبراني، ومن حديث عائشة رضي الله عنها ذكرها جميعًا الشيخ الألباني في الصحيحة (1/ 137 - 139).

أما المجاهرة بالفاحشة، وظهور الزنا في الطرقات، فقد وردت فيها جملة من أحاديث منها:

1 -

عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه -في حديث الدجال- مرفوعًا: "ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة.

رواه مسلم في صحيحه (4/ 225)، كتاب الفتن باب ذكر الدجال (ح 2937)، والإِمام أحمد في مسنده (4/ 181، 182)، والحاكم في المستدرك (4/ 492 - 493).

2 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى يتسافد الناس في الطرقات تَسَافُدَ الْحَمِيرِ" قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ؟ قَالَ: نعم، ليكونن.

رواه البزّار كما في الكشف (ط/ 148) دون قوله "قلت" وما بعدها، وابن حبّان في صحيحه كما في الموارد (1889) كلاهما من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عثمان بن حكيم، عن أبي أمامة سهل بن حنيف، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، =

ص: 301

= به، مرفوعًا.

قال الألباني في الصحيحة: (1/ 245: 481)"وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات، على شرط مسلم".

3 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"والذي نفسي بيده، لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق، فيكون خيارهم يومئذ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط".

رواه أبو يعلى في مسنده (1/ 431: 6183) عن داود بن رشيد، عن خلف بن خليفة عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عنه، به.

وقال الهيثمي في المجمع (8/ 331)"رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح".

قال الألباني في الصحيحة (1/ 246): "ورجال إسناده ثقات رجال مسلم، إلَّا أن خلفا هذا كان اختلط في الآخر، وادّعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد".

أما فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الزمان، وأن القائم، به له أجر خمسين له شواهد، منها:

1 -

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مرفوعًا قال: "إن من ورائكم زمان صبر للتمسك فيه أجر خمسين شهيدًا، فقال عمر: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم منا أو منهم؟ قال: منكم، أخرجه الطبراني في الكبير (10/ 225: 10394) من طريقين عن أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، ثنا سهل بن عثمان البجلي، ثنا عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن زيد بن وهب عنه.

قال الألباني في الصحيحة (1/ 268: 494): "وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم".

ورواه البزّار كما في الكشف (1/ 378) من طريق أحمد بن عثمان، به، إلَّا أنه قال: سهل بن عامر البجلي. ولفظه: "إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن كقبض =

ص: 302

= على الجمر، للعامل فيها أجر خمسين، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أجر خمسين منهم أو خمسين منا؟ قال: "خمسين منكم".

قال الهيثمي في المجمع (7/ 282): "ورجال البزّار رجال الصحيح غير سهل بن عامر البجلي، وثقه ابن حبّان".

2 -

عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه مرفوعًا: "بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلًا يعملون مثل عمله".

أخرجه أبو داود (2/ 437)، والترمذي (4/ 99)، وابن ماجة (2/ 487)، والطحاوي في المشكل (2/ 64 - 65) وابن حبّان في صحيحه (185) كلهم من طرق عن عتبة بن أبي حكيم، قال: حدَّثني عمرو بن جارية اللخمي، قال: حدَّثني أبو أُمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني، به (وذكر قصة في أوله).

قال الترمذي: "حديث حسن غريب" وتعقبه الألباني في الضعيفة (3/ 94): "كذا قال وفيه عندي نظر، فإن عمرو بن جارية وأبا أُمية لم يوثقهما أحد من الأئمة المتقدمين، غير ابن حبّان وهو متساهل في التوثيق كما هو معروف عند أهل العلم، ولذلك لم يوثقهما الحافظ في "التقريب" وإنما قال في كل منهما: "مقبول" يعني عند المتابعة، وإلَاّ فلين الحديث".

قلت: إن تحسين الترمذي للحديث لا يمنع أن يكون في إسناده راو ضعيف غير متهم بالكذب كما هو معروف من تعريف الإِمام الترمذي للحديث الحسن، وعليه فإن حكم الإِمام الترمذي موافق لقاعدته، فلا وجه للنظر في حكمه.

وجملة القول أن الحديث بهذه الشواهد صحيح لغيره، والله أعلم.

ص: 303

4472 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، عن موسى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يمكّن الله تعالى لَكُمْ فِي الْأَرْضِ، تَعْمَلُونَ فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَعْمَلُوا، فَإِذَا عَمِلْتُمْ فِيهَا بِالْمَعَاصِي أُدِيلَ مِنْكُمْ عَدُوُّكُمْ فَرَدُّوكُمْ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ، قَالَ: فَقُلْتُ عِنْدَ ذلكَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَيْفَ تَحْمِلُنَا أَرْضُ الْعَرَبِ، وَقَدْ حَدَّثَتْنَا بِكَثْرَةِ المسلمين؟ قال صلى الله عليه وسلم: يُنَزِّلُ اللَّهُ لَكُمْ فِيهَا رِزْقًا، كَمَا أَنْزَلَ لبني إسرائيل إذ تاهوا".

ص: 304

4472 -

درجته:

الحديث بهذا الإِسناد ضعيف جدًا، لأن غسان بن الربيع ضعيف، وموسى بن مطير متهم بالكذب، وأباه مطير ضعيف.

ص: 304

تخريجه:

لم أجده في مسند أبي يعلى، ولا في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير، ولم أجد من خرّجه غيره.

ولم أجد ما يشهد لمعناه، وعليه فإن متنه غريب بهذا الإِسناد.

ص: 304

4473 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حدَّثنا [مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرَكَانِيُّ (1)] ثنا إِسْمَاعِيلُ (2) بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أبي عياش، قال: حدَّثني أبو الجلد (3) عن معقل بن يسار المزني رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامُ حَتَّى يَخْلَقَ الْقُرْآنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا تَخْلَقُ الثِّيَابُ، وَيَكُونُ غَيْرُهُ أَعْجَبَ إِلَيْهِمْ، وَيَكُونُ أَمَرُهُمْ طَمَعًا كُلُّهُ، لَا يُخَالِطُهُ خَوْفٌ، إِنْ قَصَّرَ عَنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّتْهُ نَفْسُهُ الْأَمَانِيَّ، وَإِنْ تَجَاوَزَ إِلَى نَهْيِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنِّي، يَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، أفضلهم في أنفسهم المداهن".

قيل: ومن الْمُدَاهِنُ؟ قَالَ: "الَّذِي لَا يَأْمُرُ وَلَا يَنْهَى".

(1) ما بين المعقوفتن زيادة من الحلية (6/ 56).

(2)

في الأصل: "إسماعيل بن أبان، وهو خطأ، بل هو إسماعيل، عن أبان كما في الحلية.

(3)

في الأصل: "أبو الخير"، وهو خطأ، بل هو أبو الجلد كما في الحلية في الموضع المذكور.

ص: 305

4473 -

درجته:

الحديث بهذا الإِسناد ضعيف جدًا، لأن فيه أبان بن أبي عياش، وهو متروك، وأيضًا فيه إسماعيل بن عياش وحديثه في غير الشاميين ضعيف، وشيخه هنا بصري.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 112)، وعزاه للحارث وسكت عليه.

ص: 305

تخريجه:

أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (4/ 960)، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (6/ 59).

وللحديث شاهد من كلام أبي العالية مقطوعًا بلفظ: "يأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن، ولا يجدون له حلاوة، ولا لذاذة، إن قصروا عما أمروا =

ص: 305

= به قالوا: إن الله غفور رحيم، وإن عملوا مما نهوا عنه قالوا: سيغفر لنا إنا لم نشرك بالله شيئًا، أمرهم كله طمع، ليس معه صدق، يَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، أَفْضَلُهُمْ في دينه المداهن".

أخرجه الإِمام أحمد في الزهد (ص 367) عن عبد الصمد، حدَّثنا هشام الدستوائي، عن جعفر يعني صاحب الأنماط، عن أبي العالية، به.

قلت: هذا أثر ضعيف، لأن فيه جعفر بن ميمون صاحب الأنماط، وهو "صدوق يخطئ" كما في التقريب (ص 141: 961) أبو العالية: هو رفيع بن مهران الرياحي، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، وعليه فالأثر مقطوع.

ولقوله: (يَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَى قُلُوبِ الذِّئَابِ، أَفْضَلُهُمْ في أنفسهم المداهن).

شاهد من حديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا اقترب الزمان، كثر لبس الطيالسة، وكثرت التجارة، وكثر المال

". الحديث، وفي آخره: "يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أمثلهم في ذلك الزمان المداهن".

أخرجه الحاكم (4/ 343) من طريق سيف بن مسكين الأسواري، ثنا المبارك بن فضالة، عن المنتصر بن عمارة بن أبي ذر الغفاري، عن أبيه، عن جده، به.

قال الحاكم: تفرّد به سيف بن مسكين. وتعقبه الذهبي بقوله: "وهو واه، ومنتصر وأبوه مجهولان".

قلت: أما منتصر بن عمارة بن أبي ذر وأبوه فلم أجد من ذكرهما، وأما سيف بن مسكين الأسواري السلمي البصري، فإنه ضعيف، قال عنه ابن حبّان:"يأتي بالمقلوبات والأشياء الموضوعة، لا يحل الاحتجاج، به، لمخالفته الأثبات في الروايات على قلتها". انظر: (المجروحين 1/ 347، الميزان 2/ 257، 258).

ويشهد لبعض معناه حديث حذيفة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يدرس الإِسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدري ما صيام، ولا صلاة، ولا =

ص: 306

= نسك، ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة، لا إله إلَّا الله، فنحن نقوله".

أخرجه ابن ماجة (2/ 1344: 4098) في الفتن، باب ذهاب القرآن والعلم، والحاكم في المستدرك (4/ 473)، كلاهما من طريق أبي معاوية عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة رضي الله عنه، به.

قلت: إسناده صحيح، رواته ثقات.

وقال الحاكم في المستدرك: (صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي.

وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 254)"إسناده صحيح، رواته ثقات".

وجملة القول أن حديث الباب ضعيف جدًا بإسناد الحارث، ويشهد لشطره الأول حديث حذيفة رضي الله عنه المتقدم، فيكون المعنى صحيحًا، وما عداه فلم أجد ما يشهد له فيبقى على ضعفه.

ص: 307