المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌53 - باب صفة الجنة وأهلها - المطالب العالية محققا - جـ ١٨

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌15 - ذِكْرُ فُتُوحِ الْعِرَاقِ

- ‌16 - باب ما وقع في خلافة عمر رضي الله عنه مِنَ الْفُتُوحِ

- ‌17 - بَابُ فَتْحِ الإِسكندرية

- ‌18 - بَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌19 - باب براءة علي من قتل عثمان رضي الله عنه

- ‌20 - باب قتال أهل البغي

- ‌21 - بَابُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ

- ‌22 - باب مقتل عمار رضي الله عنه بِصِفِّينَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ

- ‌23 - بَابٌ

- ‌24 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْعَفْوِ عَمَّنْ قَاتَلَ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ

- ‌25 - باب

- ‌26 - بَابُ أَخْبَارِ الْخَوَارِجِ

- ‌27 - بَابُ فَضْلِ مَنْ قَتَلَ الْحَرُورِيَّةَ

- ‌28 - باب قتل علي رضي الله عنه

- ‌29 - باب مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما

- ‌30 - باب استخلاف معاوية رضي الله عنه وَلَدَهُ يَزِيدَ

- ‌31 - بَابُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص وبنيه وبني أُمية

- ‌32 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْحَجَّاجِ وَالْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌33 - بَابُ ظُهُورِ الْفَسَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَفَضْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ الْوَقْتَ

- ‌34 - بَابُ بَقَاءِ الإِسلام إِلَى أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ

- ‌35 - بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ لِمَا يُخشى مِنْ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى بِلَادِ الإِسلام

- ‌36 - بَابُ جَوَازِ تَرْكِ النَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ لِمَنْ لَا يُطِيقُ

- ‌37 - باب الإِشارة إلى غلبة الأعاجم على المماليك الإِسلامية وَذَهَابِ زِينَةِ الدُّنْيَا بِذُلِّ الْعَرَبِ

- ‌38 - بَابٌ فِي الْمَهْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الْعَادِلِينَ

- ‌39 - باب الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ كَالدَّابَّةِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌40 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يَهْلِكُ مِنَ الْأُمَمِ

- ‌41 - باب الأشراط وعلامات الساعة

- ‌42 - ذِكْرُ ابْنُ صَيَّادٍ وَالتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ الدَّجَّالَ

- ‌43 - [باب يأجوج ومأجوج]

- ‌44 - بَابُ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌45 - باب صفة البعث

- ‌46 - باب الشفاعة، وفيه أحاديث من البعث

- ‌47 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌48 - باب المظالم

- ‌49 - باب شفاعة المؤمنين

- ‌51 - باب العفو عن المظالم

- ‌52 - بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا

- ‌53 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌54 - باب

- ‌55 - بَابُ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ

الفصل: ‌53 - باب صفة الجنة وأهلها

‌53 - باب صفة الجنة وأهلها

4601 -

[1] قال إسحاق: أخبرنا عبد الرزاق، ثنا الثوري ومعمر -يزيد كل مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ- عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عن علي رضي الله عنه، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} [الزمر: /73] وَجَدُوا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ شَجَرَةً (قَالَ مَعْمَرٌ:) يَخْرُجُ مِنْ سَاقِهَا، (وَقَالَ الثَّوْرِيُّ:) مِنْ أَصْلِهَا -عَيْنَانِ، فَعَمَدُوا إِلَى إِحْدَاهُمَا (1)، فَكَأَنَّمَا أُمِرُوا بِهَا (قال معمر:) فاغتسلوا بها (وقال الثوري:) فتوضؤوا منها- فلا تشعث رؤوسهم بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا، وَلَا تُغَيَّرُ جُلُودُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا، كَأَنَّمَا ادَّهَنُوا بِالدِّهَانِ، وَجَرَتْ (2) عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى الْأُخْرَى فَشَرِبُوا مِنْهَا، فَطَهَّرَتْ أَجْوَافَهُمْ، فَلَا يَبْقَى (3) فِي بُطُونِهِمْ قذى ولا أذى ولا سوءًا إلَّا خَرَجَ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)} [الزمر/73]، وَتَتَلَقَّاهُمُ الولدان كاللؤلؤ المكنون، كاللؤلؤ المنثور، يخبرونهم مما أعد الله تعالى لهم، يطيفون بهم كما يطيف ولدان أهل الدنيا

(1) في (ع): " أحدهما"، وهو تصحيف.

(2)

في (ع): "وجدت"، وهو تصحيف.

(3)

في (ع): "فلا تبقى"، وهو تصحيف.

ص: 647

بِالْحَمِيمِ (يَجِيءُ)(4) مِنَ الْغَيْبَةِ (يَقُولُونَ)(5): أَبْشِرْ أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ كَذَا وَكَذَا، وأَعَدَّ لَكَ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يَذْهَبُ الْغُلَامُ مِنْهُمْ إِلَى الزَّوْجَةِ مِنْ أَزْوَاجِهِ، فَيَقُولُ (6): قَدْ جَاءَ فُلَانٌ بِاسْمِهِ الَّذِي (7) يُدْعَى (بِهِ)(8) فِي الدُّنْيَا، فَيَسْتَخِفُّهَا الْفَرَحُ، حَتَّى تَقُومُ (9) عَلَى أُسْكُفَّةِ بَابِهَا فَتَقُولُ (10): أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: فَيَجِيءُ فَيَنْظُرُ إِلَى تَأْسِيسِ بُنْيَانِهِ عَلَى جَنْدَلِ اللُّؤْلُؤِ بَيْنَ أَخْضَرَ وَأَصْفَرَ وَأَحْمَرَ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَإِذَا زَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَيَنْظُرُ إِلَى سَقْفِ بِنَائِهِ، فَلَوْلَا أَنَّ الله تعالى (قَالَ مَعْمَرٌ:) قَدَّرَ ذَلِكَ لَهُ (وَقَالَ الثَّوْرِيُّ:)(11) سَخَّرَ ذَلِكَ لَهُ، لَأَلَمَّ أَنْ يُذْهَبَ بِبَصَرِهِ، إِنَّمَا هُوَ مِثْلُ الْبَرْقِ، فَيَقُولُ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا} الآية [الأعراف/ 43] الآية.

[2]

أخبرنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ (12)، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّهُ ذَكَرَ النَّارَ فَعَظَّمَ أَمْرَهَا، ثُمَّ قَالَ: يُسَاقُ (13) الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زمرًا، فذكر نحوه قال:

(4) ما بين الهلالين ساقط من (ع) ووقع بياض في مكانه.

(5)

ما بين الهلالين ساقط من (س) و (ع).

(6)

في (س): "فيقولون"، وهو تصحيف، وساقط من (ع).

(7)

في (ع): "كان يدعى".

(8)

ما بين الهلالين زيادة من (س).

(9)

في (ع): "حتى يقوم"، وهو تصحيف.

(10)

في (ع): "فيقول"، وهو تصحيف.

(11)

ما بين الهلالين ساقط من (س).

(12)

في (س) و (ع): "يحيى بن أحمد"، وهو تحريف.

(13)

هكذا في (س) و (ع)، وفي الأصل "يستاق".

ص: 648

فَإِذْ (14) جَنْدَلُ اللُّؤْلُؤِ فَوْقَهُ صَرْحٌ (15)، أَحْمَرُ وَأَخْضَرُ وَأَصْفَرُ، قَالَ: ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى تِلْكَ النِّعْمَةِ واتكؤوا (16) عَلَيْهَا وَقَالُوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} .

[3]

، أخبرنا يحيى، ثنا (17) إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِهَذَا الإِسناد نَحْوَهُ وقال: ثم يتكئ (18) على أريكة من أرائك (19)، ثُمَّ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ.

[4]

، قَالَ يَحْيَى: حدَّثنا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عن علي رضي الله عنه قَالَ: أَنَّهُ ذَكَرَ النَّارَ، فَذَكَرَ مِنْهَا مَا شاء الله أن يذكر، ثم قال: في عمد ممدود، ثُمَّ قَالَ:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: 73 - 73][الزمر/ 73] فذكر نحو حَدِيثُ زُهَيْرٍ.

*هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ، إِذْ لَا مَجَالَ لِلرَّأَيِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ.

[5]

وَقَدْ رَوَاهُ (20) الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، عَنْ زُهَيْرٍ بِتَمَامِهِ.

[6]

، وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ (21) فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ عَنِ ابْنِ فَارِسٍ، عَنْ محمَّد بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أبي يحيى الحماني، عن حمزة الزيات بتمامه.

(14) في (س) و (ع): "فإذا".

(15)

في (س) و (ع): "فوقه صخر"، وهو تصحيف.

(16)

في الأصل: "واتكوا"، وفي (ع):"وابكوا عليها"، والتصويب من المصادر الأخرى.

(17)

في (ع): "عن إسرائيل".

(18)

هنا انتهت نسخة (ص)، ووقع سقط لبعض الأحاديث وستبدأ مرة أُخرى من حديث رقم (4614).

(19)

في (ع): "من أرائكه".

(20)

أخرجه البيهقي في البعث والنشور (246)، من طريق أبي القاسم البغوي عن علي بن الجعد، به.

(21)

لم أجد الحديث في "صفة الجنة" لأبي نعيم بهذا الإِسناد، وإنما رواه من طريق سفيان الثوري وزهير، وإسرائيل، وسفيان بن عيينة جميعهم عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، به. =

ص: 649

= 4601 - درجته:

إسناد حديث الباب بالطرق المتقدمة جميعها حسن، لأن مدار هذه الطرق على عاصم بن ضمرة السلولى وهو صدوق، أما أبو إسحاق فإن اختلاطه لا يضر؛ لأن رواية الثوري وإسرائيل بن يونس عنه كانت قبل اختلاطه، وأما تدليسه فقد صَرَح بالتحديث في رواية الثوري وغيره، وفي الطريق الرابع حمزة الزيات وهو صدوق، وبقية رجال الطرق المذكورة جميعها ثقات.

وقال الحافظ هنا في المطالب: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ، إِذْ لَا مَجَالَ لِلرَّأَيِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 165)، وقال:"رواه إسحاق بن راهويه بسند صحيح وحكمه حكم المرفوع إذ ليس للرأي فيه مجال".

قلت: إن قصدا الصحيح لغيره فنعم، وإن قصدا لذاته فلا، لأن فيه عاصم بن ضمرة السلولي وهو صدوق، ووثقه بعض الأئمة.

ص: 650

تخريجه:

الحديث مداره على أبي إسحاق السبيعي، واختلف عليه على وجهين:

الوجه الأول: رواه أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، موقوفًا عليه.

ورواه عنه كل من معمر، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية وإسرائيل، وحمزة الزيات، وسفيان بن عيينة، وزكريا بن أبي زائدة، وشريك.

أما حديث معمر: فقد أخرجه إسحاق في مسنده عن عبد الرزاق كما في المطالب هنا، ولم أجده في المصنف لعبد الرزاق.

وأما حديث الثوري: فقد أخرجه إسحاق كما في المطالب العالية هنا، وأبو نعيم في صفة الجنة (280)، بنحو لفظ إسحاق، وفي آخره:"قال أبو إسحاق: هكذا حدَّثنا".

وأما حديث زهير بن معاوية: فقد أخرجه إسحاق في مسنده كما في المطالب العالية هنا عن يحيي بن آدم. =

ص: 650

= والبغوي في الجعديات، كما في المطالب هنا، ومن طريقه البيهقي في "البعث والنشور"(246)، عن علي بن الجعد.

وأبو نعيم في صفة الجنة (280)، من طريق علي بن الجعد وأحمد بن يونس فزقهما.

ثلاثتهم عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق السبيعي، به.

ولفظه: "يُسَاقُ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا

فذكره بنحو ما تقدم، وزاد في آخره عند البيهقي وأبي نعيم قوله:" ثم ينادي مناد: تحيون فلا تموتون أبدًا، وتقيمون فلا تظعنون أبدًا، وتصحون فلا تمرضون أبدًا ".

قلت: وفي هذا الطريق جاء التصريح بالتحديث بين أبي إسحاق وعاصم بن ضمرة، حيث قال أبو نعيم في صفة الجنة بعد ذكر الحديث:" قال أبو إسحاق، هكذا حدَّثناه "وقال البيهقي في البعث والنشور: "قال أبو إسحاق: كذا قال".

وأما حديث إسرائيل بن يونس: فقد أخرجه إسحاق في مسنده كما في المطالب العالية هنا عن يحيى بن آدم.

وابن أبي شيبة في المصنف (13/ 112: 15851)، ومن طريقه أبو نعيم في صفة الجنة (281)، عن وكيع.

والمروزي في زياداته على الزهد لابن المبارك (1450)، من طريق خلف بن تميم، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (4/ 69)، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل. أربعتهم عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عاصم بن ضمرة، به، بنحوه. مع الزيادة في وسطه وهي قوله:"ثم ينظر إلى أزواجه من الحور العين، ثم يتكئ على أريكة من أرائكه".

وأما حديث حمزة الزيات: فقد أخرجه إسحاق في مسنده كما في المطالب هنا عن يحيى بن آدم، وأبو نعيم في صفة الجنة، كما في المطالب العالية هنا عن أبي يحيى الحماني، ولم أجده في "صفة الجنة" المطبوع. =

ص: 651

= كلاهما عن حمزة بن حبيب الزيات، عن أبي إسحاق به، بنحو حديث زهير المتقدم.

وأما حديث سفيان بن عيينة: فقد أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (281)، من طريق ابن أبي عمر، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق به، وفيه (عاصم بن صخرة) ولعله تصحيف.

ولفظه: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، استقبلهم عينان تجريان من ساق شجرة، فيشربون من إحداهما، فيغسل ما في البطون من قذى، وأذى، ثم يشربون من الأخرى، فتجري عليهم نضرة النعيم

بنحوه.

وأما حديث زكريا بن أبي زائدة:

فقد أخرجه المروزي في زياداته على الزهد لابن المبارك (1450)، من طريق الفضل بن موسى، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق السبيعي به، بنحو حديث إسرائيل المتقدم.

وأما حديث شريك: فقد أخرجه الطبري في تفسيره (24/ 22)، من طريق شريك، عن أبي إسحاق السبيعي، به بنحوه.

فالخلاصة أن الحديث من هذا الوجه حسن، لأن مداره على عاصم بن ضمرة السلولي وهو صدوق، وأبو إسحاق السبيعي وإن اختلط ولكن سماع الثوري وإسرائيل بن يونس عنه كان قبل اختلاطه، وتدليسه لا يضر، لأنه صَرَح بالحديث في رواية الثوري وزهير كما تقدم.

الوجه الثاني: رواه حمزة الزيات عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه موقوفًا عليه أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (281)، من طريق جرير، عن حمزة الزيات، به.

وقال أبو نعيم: " وذكر نحو حديث عاصم بن ضمرة".

قلت: هذا الوجه ضعيف، فيه الحارث بن عبد الله الأعور صاحب علي =

ص: 652

= رضي الله عنه، وفي حديثه ضعف، وكَذَّبه الشعبي في رأيه ورُمِيَ بالرفض، كما في التقريب (ص 146: 1529).

مما تقدم يتبين أن الوجه الأول هو المحفوظ لأمرين:

1 -

رواه عدد من رواة أبي إسحاق السبيعي عنه، وهم ثقات، ومنهم من روى عنه قبل اختلاطه كالثوري، وإسرائيل، وغيرهما.

2 -

إن الوجه الثاني تفرّد به حمزة الزيات، وهو صدوق، ولا يعرف سماعه عن أبي إسحاق هل كان قبل اختلاطه أو بعده.

وعليه فإن الحديث من الوجه الأول محفوظ وإسناده حسن لذاته، وهو موقوف على عَلِيّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكنه في حُكْمُ الْمَرْفُوعِ، إِذْ لَا مَجَالَ لِلرَّأَيِ فِي مثل هذه الأمور، وقد صَرَّح به بعض الأئمة مثل الحافظ ابن حجر، والبوصيري كما تقدم في درجة الحديث.

وقد روى مرفوعًا من طرق أخرى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومنها ما يلي:

الطريق الأولى: أخرجه ابن أبي حاتم كما في التفسير (4/ 69)، وفي النهاية لابن كثير (ص 274، 4/ 69)، حدَّثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، حدَّثنا مسلمة بن جعفر البجلي، قال: سمعت أبا معاذ البصري، يقول: إن عليًا رضي الله عنه كان ذات يوم عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: "والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون أو يؤتون بنوق لها أجنحة، وعليها رحال الذهب، شراك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدًا، وتجري عليهم نضرة النعيم، فينتهون -أو فيأتون- باب الجنة فإذا حلقه من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فيضربون بالحلقة على الصفيحة، فيسمع لها طنين يا علي! فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتبعث قيمها، =

ص: 653

= فيفتح له، فإذا رآه خرَّ له (قال سلمة أراه قال: ساجدًا) فيقول: ارفع رأسك فإنما أنا قَيِّمُكَ وكلت بأمرك، فيتبعه ويقفو أثره، فستخف الحوراء العجلة

الحديث بمعنى حديث الباب مع بعض الزيادات.

قلت: إسناده ضعيف، فيه أبو معاذ البصري، وهو سليمان بن أرقم، قال عنه الحافظ في التقريب (ص 250/ 2532):"ضعيف".

وقال الحافظ ابن كثير بعد ذكره في التفسير: "هذا حديث غريب، وكأنه مرسل".

وقال في "النهاية في الفتن والملاحم" بعد ذكره: "وقد رويناه، في الجعديات من كلام علي موقوفًا عليه وهو أشبه بالصحة".

الطريق الثانية: أخرجه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة، كما في حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (ص 198)، حدَّثني محمَّد بن عباد بن موسى العكلي، حدَّثنا يحيى بن سليم الطائفي، حدَّثنا إسماعيل بن موسى المكي، حدَّثني أبو عبد الله، أنه سمع الضحاك بن مزاحم يحدَّث عن الحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فذكره بنحو ما تقدم من حديث علي مرفوعًا.

قلت: إسناده ضعيف، فيه محمَّد بن عباد العكلي، ويحيى بن سليم الطائفي، والحارث الأعور وكلهم ضعفاء.

وقال ابن القيم بعد ذكره: "هذا حديث غريب، وفي إسناده ضعف، وفي رفعه نظر، والمعروف أنه موقوف على علي رضي الله عنه".

فجملة القول أن هذا الحديث حسن لذاته، وهو موقوف علي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحكمه حكم المرفوع، وأما الطرق التي ورد فيها التصريح بالرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنها كلها ضعيفة.

ص: 654

4602 -

وقال عبد والحارث: حدَّثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا حُصَيْنُ بْنُ عُمَرَ، ثنا مُخَارِقٌ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا (1): يَا محمَّد، أفي (2) الجنة فاكهة؟ قال صلى الله عليه وسلم:"نَعَمْ، فِيهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ"، قَالُوا: فَيَأْكُلُونَ كما يأكلون في الدنيا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، وَأَضْعَافُ ذَلِكَ" قَالُوا: فَيَقْضُونَ الْحَوَائِجَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: لَا وَلَكِنَّ يَعْرَقُونَ ثُمَّ يَرْشَحُوْن، فَيُذْهِبُ اللَّهُ تعالى ما في بطونهم من أذى".

(1) في الأصل: "فقال"، والتصويب من (ع) وبغية الباحث، والمنتخب.

(2)

في (ع): "في الجنة فاكهة".

ص: 655

4602 -

درجته:

إسناده ضعيف جدًّا، فيه حصين بن عمر الأحمسي، وهو متروك، ويحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162) وقال: "رواه عبد بن حميد والحارث كلاهما عن يحيى بن عبد الحميد عن حصين بن عمر الأحمسي وهو ضعيف".

قلت: بل هو متروك كما تقدم في ترجمته.

ص: 655

تخريجه:

أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (ص 43: 35) بلفظه.

وأخرجه الحارث كما في "بغية الباحث" في الملحق (4/ 1354: 3) بلفظه.

وذكره الهندي في الكنز (14/ 647) وزاد نسبته إلى ابن مردويه.

وللحديث شواهد صحيحة من حديث زيد بن أرقم وجابر بن عبد الله وغيرهما رضي الله عنهما.

1 -

حديث زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ من اليهود، =

ص: 655

= فقال: يا أبا القاسم: ألست تزعم أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون؟ وقال لأصحابه: إن أَقرَّ لي بهذا خصمتُه قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "بلى والذي نفسي بيده، وإن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في المطعم والمشرب والشهوة والجماع" قال: فقال اليهودي، فإن الذي يأكل، ويشرب تكون له الحاجة؟ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "حاجة أحدهم عرق، يفيض من جلودهم مثل ريح المسك، فإذا البطن قد ضمر".

أخرجه الإِمام أحمد (4/ 367 و 371)، وابن أبي شيبة في المصنف (13/ 158 - 109)، والبزار (3522)، والبيهقي في البعث (317)، وأبو نعيم في صفة الجنة (329) كلهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن ثمامة بن عقبة، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه به.

وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 108)، وأحمد (4/ 381)، والدارمي (2/ 334)، وهناد في الزهد (90)، والحسين المروزي في زياداته على الزهد (1459)، وابن حبّان كما في الإِحسان (16/ 443: 7424)، والبزار (3523)، والطبراني (5004، 5005)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 116)، وأبو نعيم في صفة الجنة (329) من طرق عن الأعمش به.

قلت: هذا إسناد صحيح رواته ثقات، ولا يضر تدليس الأعمش، لأنه من المرتبة الثانية من المدلسين.

وذكره الهيثمي في "المجمع (10/ 216) وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، غير ثمامة بن عقبة وهو ثقة.

2 -

حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون، قالوا: فما بال الطعام؟ قال: "جشاء، ورشح كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس" أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه (4/ 2180: 2835)، كتاب الجنة، باب في صفات الجنة وأهلها، والطيالسي في مسنده =

ص: 656

= (1776)، والإِمام أحمد في المسند (3/ 316، 364)، وهناد في الزهد (62)، وأبو داود (4741) في السنة، باب الشفاعة، وابن حبّان في صحيحه كما في الإِحسان (16/ 462)، وأبو نعيم في صفة الجنة (274: 333)، والبيهقي في البعث (316)، كلهم من طرق عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنه به.

وأما قوله في أول الحديث (نعم فيها فاكهة ونخل ورمان) تشهد له الآية من سورة الرحمن وهي قوله تعالى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68)} (الرحمن: 68).

وجملة القول أن حديث الباب ضعيف جدًّا بإسناد عبد بن حميد والحارث؛ لأن مداره على حصين بن عمر الأحمسي وهو متروك.

ومعناه صحيح ثبت في الآيات والأحاديث الصحيحة الأخرى، والله تعالى أعلم.

ص: 657

4603 -

[1] وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حدَّثنا الْمُقْرِئُ، ثنا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْأَفْرِيقِيِّ، حدَّثني عمارة بن رَاشِدِ بْنِ مُسْلِمٍ الْكِنَانِيُّ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يَمَسُّ أَهْلُ الْجَنَّةِ أَزْوَاجَهُمْ؟ قَالَ:"نَعَمْ بِذَكَرٍ لَا يَمَلُّ، وَفَرْجٍ لَا يُحْفَى، وَشَهْوَةٍ لَا تَنْقَطِعُ".

[2]

وَقَالَ الْبَزَّارُ: حدَّثنا محمَّد بن معمر، ثنا المقرئ، به.

ص: 658

4603 -

درجته:

إسناده ضعيف فيه علتان:

1 -

فيه عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْأَفْرِيقِيِّ، وهو ضعيف.

2 -

فيه انقطاع، لأن عمارة بن راشد الكناني لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه.

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 417): رواه البزّار وفيه عبد الرحمن بن زياد، وهو ضعيف بغير كذب، وبقية رجاله ثقات.

وذره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162)، وقال: رواه ابن أبي عمر والبزار بسند واحد مداره على الأفريقي، وهو ضعيف.

ص: 658

تخريجه:

الحديث مداره على عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، واختلف عليه على وجهين:

الوجه الأول: رواه عبد الله بن يزيد المقرئ، عن عبد الرحمن الأفريقي، عن عمارة بن راشد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، به.

أخرجه ابن أبي عمر في مسنده كما في المطالب العالية هنا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئِ، بِهِ.

وأخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 197: 3524)، عن محمَّد بن معمر، عن عبد الله بن يزيد، به، وقال: "عمارة لا نعلم روى عنه إلَّا عبد الرحمن بن زياد، =

ص: 658

= وعبد الرحمن كان حسن العقل، ولكنه وقع على شيوخ مجاهيل، فحدَّث عنهم بأحاديث مجاهيل، فضعف حديثه، وهذا مما أنكر عليه مما لم يشاركه فيه غيره".

وأخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (366)، من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ عن عبد الرحمن بن زياد، به.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (1/ 40)، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا وعبد بن حمد.

الوجه الثاني: رواه عبدة، وجعفر بن عون، عن عبد الرحمن الأفريقي، عن عمارة بن راشد، عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفًا عليه.

أما حديث عبدة: فقد أخرجه هنَّاد في الزهد (1/ 86: 87)، حدَّثنا عبدة عن الافريقي، به، بلفظه.

وأما حديث جعفر بن عون: فقد أخرجه البيهقي في البعث والنشور (ص 222: 366)، من طريق جعفر بن عون عن عبد الرحمن بن زياد الافريقي، به، بنحوه.

قلت: هذا إسناد ضعيف؛ لأن فيه عبد الرحمن بن زياد الافريقي وقد تقدم أنه ضعيف، فالخلاصة أن مدار الحديث من الوجهين على عبد الرحمن بن زياد الافريقي وهو ضعيف، وعمارة بن راشد الكناني لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه.

وللحديث شواهد من حديث زيد بن أرقم، وأبي أمامة، وابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنه.

1 -

حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، تقدم تخريجه بالتفصيل في حديث رقم (4602)، وفيه (إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في المطعم والمشرب والشهوة والجماع

).

وهو حديث صحيح، رواته ثقات، كما بينت عند تخريجه.

2 -

حديث أبي أمامة رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هل يتناكح أهل الجنة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نعم: دحامًا دحامًا لا مني ولا منية". =

ص: 659

= أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 113: 7479)، وأبو نعيم في صفة الجنة (367)، والبيهقي في البعث والنشور (367)، كلهم من طريق خالد بن يزيد بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بن معدان، عن أبي أمامة رضي الله عنه، به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه خالد بن يزيد بن أبي مالك، وهو ضعيف، وقد اتهمه ابن معين. انظر: التقريب (ص 191: 1688)، وسيأتي الحديث تحت رقم (4605).

3 -

حديث ابن عباس رضي الله عنه، انظر: لفظه وتخريجه تحت رقم (4606).

4 -

حديث أبي هريرة رضي الله عنه، سيأتي لفظه وتخريجه تحت رقم (4606).

فالخلاصة أن حديث الباب ضعيف لضعف عبد الرحمن الافريقي، وانقطاع في إسناده، ولكنه بهذه الشواهد يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.

ص: 660

4604 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حدَّثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثنا محمَّد بْنُ هِلَالٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ الْهَيْثَمِ الطَّائِيِّ وَسُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَا: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ (1) عَنِ البضع في الجنة، فقال: نعم، مقيل (2) شهي، وذكر لا يمل، وإن الرجل ليتكىء فيه الْمُتَّكَأَ مِقْدَارَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، لَا يَتَحَوَّلُ عَنْهُ وَلَا يَمَلُّهُ، يَأْتِيهِ فِيهِ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ وقرت (3) عينه.

(1) في (ع): "يسئل"، ولا أرى له وجهًا.

(2)

في الأصل: "بقبل شهي"، والتصحيح من بغية الباحث ومن (ع).

(3)

هكذا في الأصل وفي (ع)، وفي بغية الباحث:"ولذت عينه".

ص: 661

4604 -

درجته:

إسناده ضعيف، فيه علتان:

1 -

فيه محمَّد بن هلال الخولاني، ولم أقف على ترجمته.

2 -

فيه انقطاع؛ لأن الهيثم الطائي وسليم بن عامر روياه مرسلًا.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162)، وقال: رواه الحارث بن أبي أسامة مرسلًا.

ص: 661

تخريجه:

أخرجه الحارث كما في الملحق في آخر "بغية الحارث"(4/ 1353: 2)، بلفظه، إلَّا أنه قال:(ولذت عينه) مكان (وقرت عينه).

ولم أجد من أخرجه غير الحارث بهذا اللفظ والإِسناد.

وللحديث شواهد:

أما الجزء الأول وهو قوله: (نعم مقيل شهي وذكر لا يمل) يشهد له حديث زيد بن أرقم وأبي أمامة وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم، تقدم تخريجها في الحديث المتقدم آنفًا برقم (4603).

أما الجزء الثاني وهو قوله: (إن الرجل ليتكىء فيها المتكأ ..) إلى آخره يشهد =

ص: 661

= له حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل في الجنة ليتكىء سبعين سنة قبل أن يتحول، ثم تأتيه المرأة فتقرب منه

الحديث.

أخرجه الإِمام أحمد في المسند (3/ 75)، وأبو يعلى في مسنده (2/ 525: 1386)، وابن أبي داود في كتاب البعث (80)، وابن حبّان كما في الإِحسان (16/ 409: 7397)، كلهم من طريق دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه، به.

قلت: هذا إسناد ضعيف، لأن دراجًا ضعيف في روايته عن أبي الهيثم.

وقال الهيثمي في المجمع (10/ 419): رواه أحمد وأبو يعلى وإسنادهما حسن.

فالخلاصة أن حديث الباب ضعيف بإسناد الحارث، ولكنه بهذه الشواهد يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.

ص: 662

4605 -

وقال أبو يعلى: حدَّثنا سويد، ثنا خَالِدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خالد بن معدان، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُجَامِعُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ دحامًا (1) دحامًا، ولكن لا مني ولا منية".

(1) في الأصل: "حداما حداما"، وكذا في (ع)، وفي الإِتحاف:"خدامًا خدامًا"، ولا أرى لهما وجهًا لغويًا، والتصويب من المصادر الأخرى كالطبراني وأبي نعيم في صفة الجنة، والبيهقي في البعث والنشور، وفي لفظ للطبراني (8/ 188):"دحمًا دحمًا"، وكذا عند ابن حبّان كما في الاحسان (16/ 415: 7402).

ص: 663

4605 -

درجته:

إسناده ضعيف، فيه علتان:

1 -

فيه سويد بن سعيد الهروي، كان قد عمي فكان يُلَقَّن فيتلقن، وتدليسه لا يضر لأنه صَرَّح بالتحديث.

2 -

فيه خالد بن أبي مالك الهمداني، وهو ضعيف، واتهمه ابن معين بالكذب.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162)، وقال: رواه أبو يعلى بسند ضعيف لجهالة خالد بن أبي مالك.

قلت: هو ليس بمجهول، ولكنه ضعيف.

ص: 663

تخريجه:

لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع، ولا في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير.

وأخرجه الطبراني في الكبير (8/ 138: 7479)، من طريق سويد بن سعيد، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-سئل، أيجامع أهل الجنة؟ قال: دحامًا دحامًا، ولكن =

ص: 663

= لا مني ولا منية".

وأخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (367) من طريق سويد بن سعيد، به.

ولفظه: هل يتناكح أهل الجنة؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نعم، دحامًا دحامًا، لا مني ولا منية".

وأخرجه البيهقي في البعث والنشور (367) من طريق خالد بن يزيد بن أبي مالك به.

ولفظه بمثل لفظ أبي نعيم المتقدم.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (1/ 36) وزاد نسبته إلى ابن عدي في الكامل وابن أبي حاتم.

فالخلاصة أن مدار الحديث من هذه الطرق على خالد بن أبي خالد بن أبي مالك وهو ضعيف.

وللحديث طرق أخرى عن أبي أمامة رضي الله عنه ومنها ما يلي:

1 -

رواه صفوان بن عمرو، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يتناكح أهل الجنة؟ فقال: "نعم، بذكر لا يمل، وشهوة لا تنقطع، دحمًا دحمًا".

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 178: 7674) ومن طريقه أبو نعيم في صفة الجنة (368)، من طريق سليمان بن سلمة الخبائري، ثنا بقية، ثنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر به.

قلت: هذا إسناد ضعيف جدًا، فيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو متروك، واتهم بالكذب.

انظر ترجمته في ميزان الاعتدال (2/ 209)، اللسان (3/ 93).

2 -

رواه عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أمامة رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يتناكح أهل الجنة؟ قال: أي والذي بعثني بالحق دحامًا دحامًا، =

ص: 664

= وأشار بيده، ولكن لا مني ولا منية".

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (369) من طريق عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن زيد به.

قلت: إسناده ضعيف جدًّا، فيه علي بن يزيد أبو عبد الملك الألهاني الدمشقي، وهو منكر الحديث.

3 -

رواه هاشم بن زيد عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، به، بمثل لفظ الطريق الأول.

أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 202: 7721)، وأبو نعيم في صفة الجنة (368) كلاهما من طريق صدقة، عن هاشم بن زيد به.

قلت: إسناده ضعيف، فيه هاشم بن زيد الدمشقي وهو ضعيف. انظر ترجمته في اللسان (6/ 184).

وعليه فإن حديث الباب ضعيف بإسناد أبي يعلى، ولكنه روى من طرق أخرى عن أبي أمامة رضي الله عنه ولا يخلو واحد منها عن ضعف، إلَّا أن الحديث بإسناد الباب وبالطريق الثالث من الطرق المتقدمة يرتقي إلى الحسن لغيره.

وله شواهد من حديث زيد بن أرقم وابن عباس وأبي هريرة تقدمت في حديث رقم (4603)، وانظر الأحاديث (4603، 4604، 4606).

ص: 665

4606 -

حدَّثنا (1) أبو همام (2)، ثنا حماد بن أسامة، ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي الحواري (3)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنُفْضِي إِلَى نِسَائِنَا فِي الْجَنَّةِ كَمَا نُفْضِيْ إليهن في الدنيا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسُ محمَّد بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُفْضِي الْغَدَاةَ الْوَاحِدَةَ إِلَى مائة عذراء".

(1) القائل: أبو يعلى في مسنده.

(2)

في الأصل، وفي (ع):"حدَّثنا همام "، وهو خطأ، والتصويب من مسند أبي يعلى وكتب الرجال.

(3)

كذا في النسخ ولعله (ابن الحواري).

ص: 666

4606 -

درجته:

الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، فيه زيد بن الحواري العمي، وهو ضعيف.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 416) وقال: "رواه أبو يعلى وفيه زيد بن أبي الحواري، وقد وثق على ضعف، وبقية رجاله ثقات".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162)، وقال:"رواه أبو يعلى بسند ضعيف لضعف زيد العمي".

ص: 666

تخريجه:

أخرجه أبو يعلى في مسنده (4/ 326: 2436)، حدَّثنا أبو همام به.

وأخرجه هنَّاد في الزهد (1/ 87: 88)، عن أبي أسامة (حماد بن أسامة) عن هشام بن حسان به بنحوه، ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (374)، والبيهقي في البعث والنشور (365).

فالخلاصة أن مدار الحديث على زيد العمي وهو ضعيف.

وذكره الشيخ الألباني في الصحيحة (367) وقال: "رجاله ثقات غير زيد فهو ضعيف". =

ص: 666

= وللحديث شاهد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنفضي إلى نسائنا في الجنة؟ قال:"إي والذي نفسي بيده إن الرجل ليفضي في اليوم الواحد إلى مائة عذراء".

أخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 198: 3525)، والطبراني في الصغير (2/ 68: 795)، وأبو نعيم في صفة الجنة (373)، كلهم من طريق حسين بن علي الجعفي عن زائدة عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ محمَّد بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (وهذا لفظ البزّار ولفظ غيره بنحوه).

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 417) وقال: "رواه البزّار والطبراني، ورجال هذه الرواية رجال الصحيح غير محمَّد بن ثواب وهو ثقة".

وذكره الشيخ الألباني في الصحيحة (367) وقال: "فالسند صحيح، ولا نعلم له علة".

قلت: وقد أعل أبو حاتم وأبو زرعة حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ففي العلل لابن أبي حاتم (2/ 213)"سألت أبي وأبا زرعة، عن حديث رواه حسين الجعفي عن زائدة، عن هشام، عن محمَّد، عن أبي هريرة قال: قيل: يا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! كَيْفَ نفضي إلى نسائنا في الجنة؟ فقالا: هذا خطأ إنما هو هشام بن حسان، عن زيد العمي، عن ابن عباس، قلت لأبي: الوهم ممن هو؟ قال من حسين".

وعلى كل فإن معنى الحديث ورد في أحاديث أخرى منها حديث زيد بن أرقم، وحديث أبي أمامة، وحديث أبي هريرة رضي الله عنهم، تقدم تخريجها في الحديث المتقدم برقم (4603)، وعليه فإن الحديث بهذه الشواهد حسن لغيره، والله تعالى أعلم.

ص: 667

4607 -

حدَّثنا (1) أبو الحارث سريج (2) بن يونس، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ إعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ثِيَابُنَا فِي الْجَنَّةِ نَنْسُجُهَا بأيدينا؟ فضحك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لِمَ تَضْحَكُونَ مِنْ جَاهِلٍ يَسْأَلُ عالمًا (3)؟! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "صَدَقْتَ يا أعرابي ولكنها ثمرات".

(1) القائل هنا: أبو يعلى في مسنده.

(2)

في الأصل: "شريح بن يونس"، وهو تصحيف، والتصويب من مسند أبى يعلى وكتب التراجم.

(3)

في الأصل: "علمًا"، والتصويب من (ع) ومسند أبي يعلى والإِتحاف وغيرها من المصادر.

ص: 668

4607 -

درجته:

إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد بن عمير، وابنه إسماعيل صدوق، وبقية رجاله ثقات.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 414) وقال؟ "رواه أبو يعلى والبزار، والطبراني في الصغير والأوسط وإسناد أبي يعلى والطبراني رجاله رجال الصحيح غير مجالد بن سعيد وقد وثق"، وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162) وقال:"رواه أبو يعلى وفي سنده مجالد وهو ضعيف".

ص: 668

تخريجه:

أخرجه أبو يعلى في مسنده (4/ 40: 2046)، وفيه (لم تضحكون من جاف

) الحديث.

وأخرجه الطبراني في الصغير (1/ 90: 120) من طريق سريج بن يونس به.

ولفظه: "جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثيابنا في الجنة ننسجها بأيدينا؟ فضحك القوم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مم تضحكون؟ من جاهل يسأل عالمًا؟ لا يا أعرابي ولكنها تشقق عنها ثمار الجنة"، وقال: لم يروه عن مجالد إلَّا ابنه =

ص: 668

= إسماعيل ولا يروي عن جابر إلَّا بهذا الإِسناد.

وأخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 196: 3250) من طريق إسماعيل بن مجالد، عن مجالد به (بنحو لفظ أبي يعلى).

وأخرجه ابن المبارك كما في زيادات نعيم بن حماد في الزهد (264)، عن مجالد عن الشعبي به (بنحو لفظ الطبراني).

وفي لفظ البزّار: (لا ولكنها يخلق خلقًا، أو ينشق عنها ثمار أهل الجنة)، وقال الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ إلَّا بهذا الإِسناد.

فالخلاصة أن الحديث مداره في هذه الطريق على مجالد بن سعيد بن عمير الهمداني وهو ضعيف.

وللحديث شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بن العاص رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ إعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله -، أخبرنا عن ثياب أهل الجنة: خلقًا تخلق أم نسجًا تنسج؟ فضحك بعض القوم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مم تضحكون؟ من جاهل يسأل عالمًا؟ ثم أكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أين السائل؟ قال: ها هو ذا أنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لا بل تشقق عنها ثمر الجنة، ثلاث مرات".

أخرجه الإِمام أحمد (2/ 225)، والطيالسي (2277)، والبخاري في تاريخه (3/ 112)، والنسائي في الكبرى (3/ 441)، كتاب العلم باب الضحك عند السؤال، والبزار كما في الكشف (4/ 196 - 197)، والبيهقي في البعث والنشور (295)، وأبو نعيم في صفة الجنة (355)، كلهم من طريق العلاء بن عبد الله بن رافع عن حَنَانُ بْنُ خَارِجَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ به.

قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه حنان بن خارجة قال فيه ابن القطان: مجهول الحال، وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال الحافظ في التقريب: مقبول (يعني عند المتابعة).

انظر: التهذيب (3/ 56)،التقريب (ص 183). =

ص: 669

= وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 415)، وقال:"رواه البزّار في حديث طويل ورجاله ثقات".

وله طريق آخر عند الإِمام أحمد:

فقد أخرجه في المسند (2/ 203)، من طريق العلاء بن رافع عن الفرزدق بن حنان القاص، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه بنحو ما تقدم.

قلت: في إسناده الفرزدق بن حنان القاص، قال عنه الحافظ في تعجيل المنفعة (ص 333)(مجهول) وعليه فإن هذا الإِسناد ضعيف، وصحَّحَ إسناده الشيخ أحمد شاكر (7095). وجملة القول أن حديث الباب ضعيف لضعف مجالد بن سعيد بن عمير، ولكنه بهذا الشاهد يرتقي إلى الحسن لغيره، والله تعالى أعلم.

ص: 670

4608 -

حدَّثنا (1) سريج (2)، ثنا محمَّد بْنُ خَازِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ قَيْسٍ (3)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ حِذْيَمٍ (4) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ أَخْرَجَتْ يَدَهَا، لَوَجَدَ رِيحَهَا كُلُّ ذِي رُوحٍ" فَأَنَا أَدَعُهُنَّ لَكَ؟ بالحري أن أدعك لهن.

(1) القائل: أبو يعلى في مسنده.

(2)

في الأصل: "شريح"، وهو تصحيف، والتصويب ومن مسند أبي يعلى كما تقدم في الحديث المتقدم برقم (4607).

(3)

هو موسى بن مسلم كما جاء في التهذيب والتقريب، وقيل موسى بن دينار الحضرمي، وفي المصادر الأخرى:"موسى الصغير"، وهو واحد.

(4)

في الأصل: "دحيم"، وهو تحريف والتصويب من المصادر الأخرى وكتب التراجم. انظر: الثقات (7/ 455).

ص: 671

4608 -

درجته:

إسناده صحيح، رواته ثقات.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162)، وعزاه لأبي يعلى وغيرهم وسكت عليه.

ص: 671

تخريجه:

لم أجده في مسند أبي يعلى، ولا في المقصد العلي ولعله في مسنده الكبير، وذكره الحافظ ابن حجر في الإِصابة (2/ 47)، عن أبي يعلى بهذا الإِسناد.

وأخرجه الطبراني في الكبير (6/ 59: 5511)، وعنه أبو نعيم في الحلية (1/ 246 - 247)، من طريق أبي معاوية محمَّد بن خازم، عن موسى الصغير به، وزاد قصة في أوله كما تقدم ذكرها فهب أول الحديث.

ولفظه المرفوع: "لو أن حورًا اطلعت أصبعًا من أصابعها، لَوَجَدَ رِيحَهَا كُلُّ ذِي رُوحٍ " فَأَنَا أَدَعُهُنَّ لكن، والله لأنتن أحق أن أدعكن لهن منهن لكن. =

ص: 671

= وذكره الهيثمي في المجمع (3/ 124)، وقال:"رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات".

ونسبه الحافظ ابن حجر في الإِصابة (2/ 47) إلى أبي أحمد الحاكم، وابن سعد، ولم أجده في الطبقات.

وللحديث طريق آخر عن سعيد بن عامر بن حذيم.

أخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 199)، وابن أبي داود في كتاب البعث (79)، والطبراني في الكبير (6/ 59: 5512) من طريق حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق، ثنا سيار بن حاتم عن جعفر بن سليمان، عن مالك بْنِ دِينَارٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ حِذْيَمٍ، قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى أهل الأرض لملأت الأرض ريح مسك، ولأذهبت ضوء الشمس والقمر". وإني والله ما كنت لأختارك عليهن، ودفع يده في صدرها يعني امرأته. (هذا لفظ ابن أبي داود، ولفظ الطبراني بنحوه، ولفظ البزّار مختصر).

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 417) وقال: رواه الطبراني مطولًا، والبزار باختصار كثير، وفيهما الحسن بن عنبسة الوراق، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف.

قلت: كذا قال الهيثمي رحمه الله!! وليس في الإِسناد الحسن هذا، وإنما فيه حماد بن الحسن فلعل نظره انتقل، وحماد بن الحسن ثقة، مشهور، لكن فيه سيار بن حاتم، وشهر بن حوشب وكلاهما في مرتبة صدوق، لهما أوهام.

انظر التقريب (ص 261: 2714)، و (ص 269: 2830).

وقال المنذري في الترغيب (4/ 533): "رواه الطبراني والبزار، وإسناده حسن في المتابعات".

وللحديث شاهد من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"غدوة في سبيل الله أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، ولقاب قوس أحدكم -أو =

ص: 672

= موضع قدم- في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفها -يعني الخمار- على رأسها خير من الدنيا وما فيها".

أخرجه الإِمام أحمد (3/ 263)، والبخاري في صحيحه كما في الفتح (11/ 425: 6568)، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، وفي الجهاد (2796)، باب الحور العين وصفتهن، والترمذي (1651)، وأبو يعلى في مسنده (6/ 411)، وابن حبّان كما في الإِحسان (16/ 411 - 412: 7398)، والبيهقي في البعث (336)، وأبو نعيم في صفة الجنة (55) كلهم من طريق حميد الطويل عن أنس به.

ص: 673

4609 -

حدَّثنا أبو خيثمة، ثنا إسماعيل بْنُ عُمَرَ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ فُلَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْحُورَ الْعَيْنَ لَيَتَغَنَّيْنَ، فِي الْجَنَّةِ، يَقُلْنَ:

نَحْنُ خَيِّرَاتٌ حسان

خبئنا لأزواج كرام

ص: 674

4609 -

درجته:

إسناده ضعيف، فيه عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافع وهو مجهول الحال، وبعض ولد أنس مبهم.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162) وقال: "رواه أبو يعلى وابن أبي الدنيا، والطبراني بإسناد متقارب".

ص: 674

تخريجه:

الحديث مداره على ابن أبي ذئب واختلف عليه على عدة أوجه:

الوجه الأول: رواه إسماعيل بن عمر عن ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ فُلَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ أَنَسِ، عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا.

أخرجه أبو يعلى في مسنده كما في المطالب هنا وفي التفسير لابن كثير (4/ 294)، عن أبي خيثمة عن إسماعيل بن عمر به.

قلت: ولم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع ولا في المقصد العلي ولعله في الكبير.

الوجه الثاني: رواه ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافع، عن ابن لأنس، عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 16)، ودحيم كما في التفسير لابن كثير (4/ 294)، وابن أبي داود في كتاب البعث (75)، والطبراني في الأوسط (477) مجمع البحرين، وأبو نعيم في صفة الجنة (432)، والبيهقي في البعث والنشور =

ص: 674

= (378)، كلهم من طرق عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب به بنحوه، إلَّا أن ابن أبي داود قال:(عون بن عبد الله بن رافع).

قلت: ابن أبي فديك، هو محمَّد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك المدني.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 419) وقال: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله وثقوا". وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير (1/ 331: 1602).

الوجه الثالث: رواه شبابه بن سوار وآدم، عن ابن أبي ذئب عمن سمع أنسًا، عن أنس رضي الله عنه موقوفًا عليه.

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 106)، عن شبابة بن سوار، والبخاري في التاريخ الكبير (7/ 16) عن آدم، كلاهما عن ابن أبي ذئب به بنحوه.

قلت: مما تقدم يتبين أن الوجه الأول والثاني يرجعان إلى وجه واحد، لأن الراوي المبهم في الوجه الأول سمي في الوجه الثاني بأنه عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافع، وعليه فإن الوجه الأول هو رَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، والوجه الثاني أنه موقوف على أنس رضي الله عنه.

ولكن الحديث من كلا الوجهين ضعيف، لأن مداره على راوي مبهم لم يسم، وهو الراوي عن أنس رضي الله عنه، ففي الوجه الأول عبر عنه "عن ابن لأنس بن مالك" وفي الوجه الثاني عمن سمع أنسًا، كما أن الوجه الأول ضعيف لجهالة عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافع.

وللحديث طريق آخر عن أنس رضي الله عنه.

أخرجه ابن أبي الدنيا كما في النهاية لابن كثير (ص 399)، حدَّثنا خيثمة، حدَّثنا إسماعيل، عن عمرو بن أبي ذؤيب، عن عبد الله بن رافع، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن الحور العين تغنين في الجنة:

نحن الحور الحسان

خلقنا لأزواج كرام "

ص: 675

= قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه خيثمة بن أبي خيثمة أبو نصر البصري، وهو لين الحديث، انظر: التقريب (ص 197: 1773). وفيه عمرو بن أبي ذؤيب لم أجد له ترجمة.

وللحديث شاهد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:

أخرجه الطبراني في الصغير (2/ 35: 734) قال: حدَّثنا أبو رفاعة عمارة بن وثيمة بن موسى بن الفرات المصري، حدَّثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأنا محمَّد بن جعفر بن أبي كثير، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات يسمعها أحد قط، إن مما يغنين: نحن الخيرات الحسان، أزواج قوم كرام، ينظرن بقرة أعيان!! وإن مما يغنين: نحن الخالدات فلا يمتنه، نحن الآمنات فلا يخفنه، نحن المقيمات فلا يظعنه".

ومن طريق الطبراني هذا أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (ص 430).

قال الطبراني: لم يروه عن زيد بن أسلم إلَّا محمَّد، تفرّد به ابن أبي مريم.

قلت: هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، حاشا شيخ المصنف فلم أظفر بشيء من حاله، وقد ذكره ابن كثير في البداية (11/ 96)، وقال: "صاحب التاريخ على السنين، ولد بمصر، وحدَّث عن أبي صالح كاتب الليث وغيره.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 419)، وقال:"رواه الطبراني في الصغير ورجاله رجال الصحيح".

وذكره المنذري في الترغيب (4/ 538)، وقال:"رواه الطبراني في الصغير والأوسط" ورواتهما رواة الصحيح".

وجملة القول أن حديث الباب ضعيف بإسناد أبي يعلى وبالطرق الأخرى، ولكنه بمجموع الطرق وشاهده حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يرتقي إلى الحسن لغيره، والله تعالى أعلم.

ص: 676

4610 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يقول: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه، يَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى السُّوقِ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى مَنَابِرَ مِنْ كُثْبَانٍ مِنْ مِسْكٍ -أَوْ جِبَالٍ مِنْ مِسْكٍ- فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى أزواجهم يقول أَزْوَاجُهُمْ: إِنَّا لَنَجِدُ مِنْكُمْ رِيحًا مَا وَجَدْنَاهَا حِينَ -أَوْ حَتَّى- خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِنَا قَالَ: ويقول (1) هَؤُلَاءِ: إِنَّا لَنَجِدُ مِنْكُمْ رِيحًا مَا وَجَدْنَاهَا (2) حِينَ -أَوْ حَتَّى- خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكُمْ، أَوْ كما قال.

(1) في الأصل: "ويقولون هؤلاء"، ولا أرى له وجهًا، والتصويب من (ع).

(2)

في الأصل: "ما وجدنا"، والتصويب من (ع).

ص: 677

4610 -

درجته:

إسناده صحيح، رواته ثقات، إلَّا أنه موقوف على أنس رضي الله عنه، وله حُكْمُ الْمَرْفُوعِ إِذْ لَا مَجَالَ لِلرَّأَيِ فِي مثل هذه الأمور، وقد روي مرفوعًا من طرق أخرى كما سيأتي في التخريج.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162) وقال: "رواه مسدّد وابن أبي الدنيا بإسناد جيد".

ص: 677

تخريجه:

أخرجه مسدّد في مسنده كما في المطالب العالية هنا عن معتمر بن سليمان، وأخرجه نعيم بن حماد في زيادات الزهد (ص 241) عن ابن المبارك، وابن أبي شيبة في المصنف (13/ 102)، والبيهقي في البعث والنشور (ص 375)، من طريق يزيد بن هارون.

ثلاثتهم عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه موقوفًا عليه بنحوه.

والحديث روى مرفوعًا وموقوفًا من طرق عن أنس رضي الله عنه.

1 -

رواه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة لسوقًا، يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال، =

ص: 677

= فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالًا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنًا وجمالًا، فيقول لهم أهلوهم: والله! لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا، فيقولون: وأنتم والله! لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا".

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2178: 2833) في الجنة، باب في سوق الجنة وما ينالون فيها .. والإِمام أحمد في المسند (3/ 284)، وابن أبي شيبة في المصنف (13/ 150)، والدارمي (2/ 339)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 253)، والبيهقي في البعث والنشور (ص 374)، والبغوي في شرح السُنَّة (227/ 15) كلهم من طرق عن حماد بن سلمة به بنحوه.

2 -

رواه يزيد بن هارون، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. أخرجه الدارمي (2/ 338) عن يزيد بن هارون به.

3 -

رواه قتادة عن أنس رضي الله عنه، موقوفًا عليه. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 418) قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: يَقُولُ أَهْلُ الْجَنَّةِ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى السُّوقِ، فينطلقون إلى كثبان من مسك، فيجلسون عليها ويتحدَّثون، وتهب عليهم تلك الريح فيرجعون.

4 -

رواه حميد عن أنس رضي الله عنه، موقوفًا عليه، أخرجه المروزي في زياداته في الزهد لابن المبارك (ص 524: 4191)، أخبرنا محمَّد بن أبي عدي، حدَّثنا حميد، عن أنس قال:"إن في الجنة لسوقًا على كثبان من مسك، يخرجون إليها، ويلتقون عندها، فيبعث الله تعالى ريحا، فتدخلهم بيوتهم، فيقولون لهم أهلوهم إذ رجعوا إليهم: ازددتم بعدنا حسنًا، ويقولون لأهليهم: قد ازددتم بعدنا حسنًا".

ص: 678

4611 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا علي بن صالح، عن عمر (1) بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَنَّةِ كَيْفَ هِيَ؟ قَالَ: "مَنْ يدخل [الجنة يحيى (2)، لَا يَمُوتُ، وَيَنْعَمُ (حَتَّى) (3) لَا يَبْأَسُ، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ " قِيلَ: يَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَيْفَ بناؤها؟ قال صلى الله عليه وسلم:"لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، مِلَاطُهَا مسك (4)، أذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران".

(1) في الأصل وفي المصنف لابن أبي شيبة: "عمرو بن ربيعة"، والتصحيح من المصادر الأخرى وكتب التراجم.

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، والتصويب من (ع) ومن المصنف لابن أبي شيبة.

(3)

ما بين الهلالين غير موجود في (ع) وفي المصنف.

(4)

في الأصل: "المسك أذفر"، ولا أرى له وجهًا، والتصويب من (ع).

ص: 679

4611 -

درجته:

الحديث بهذا الإِسناد حسن لذاته، فيه معاوية بن هشام القصار، وعمر بن ربيعة، وكلاهما صدوق، وبقية رواته ثقات.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 397) وقال: "رواه الطبراني بإسناد حَسَّن الترمذي لرجاله".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 160) وقال: "رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِي الدنيا والطبراني بإسناد حسن".

ص: 679

تخريجه:

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (13/ 95 - 96: 15802) بلفظه إلَّا أنه قال: (ولا يبلى شبابه) مكان (ولا يفني شبابه) ولم يذكر كلمة (أذفر).

ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (ص 96). =

ص: 679

= وأخرجه الطبراني كما في المجمع (10/ 397) ومن طريقه أبو نعيم في صفة الجنة (ص 96).

وأخرجه أبو بكر بن مردويه، كما في صفة الجنة لابن كثير (56).

كلهم من طريق علي بن صالح به بنحوه.

وللحديث شواهد من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.

فقوله: "من يدخل الجنة

إلى قوله: ولا يفني شبابه" يشهد له من الأحاديث ما يأتي:

1 -

حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"من يدخل الجنة ينعم لا يباس، ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه".

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2181: 2836)، كتاب الجنة ونعيمها: باب في دوام نعيم أهل الجنة، والإِمام أحمد في المسند (2/ 369، 407، 416، 462)، والحسين المروزي في زوائد "الزهد" لابن المبارك (ص 1456)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 97)، وأبو الشيخ في العظمة (ص 605) من طرق عن حماد بن سلمة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه به.

وأخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (ص 104)، وفي الحلية (6/ 275)، من طريق محمد بن مروان العقيلي عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ محمَّد بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مرفوعًا، بلفظ:"من اتقى الله عز وجل، دخل الجنة ينعم فيها، ولا يباس فيها، يخلد فيها لا يموت، لا يفنى شبابه، ولا تبلى ثيابه".

2 -

حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكن أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا، فذلك قوله عز وجل:{وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)} [الأعراف: 43].

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2182: 283) في الجنة، باب في دوام نعيم =

ص: 680

= أهل الجنة. والإِمام أحمد (3/ 95)، والترمذي (ص 3346) في التفسير باب وفي سورة الزمر، والدارمي (2/ 334)، والطبري في جامع البيان (14668) كلهم من طرق عن أبي إسحاق عن أبي مسلم الأغر، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما.

أما جزء الثاني وهو قوله: "الجنة لبنة من فضة ولبنة من ذهب

وترابها الزعفران " يشهد له حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.

1 -

حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: بناء الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك.

أخرجه أحمد (2/ 362)، والبزار كما في الكشف (4/ 190: 3509)، والطبراني في المعجم الأوسط (2553)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 137)، وفي الحلية (2/ 248)، كلهم من طرف عن عمران القطان، عن قتادة، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه به (وهذا لفظ البزّار).

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 396) وقال: "رواه البزّار والطبراني في الأوسط" ورجاله رجال الصحيح".

2 -

حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل بَنَا جنات عدن بيده، وبناها لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل ملاطها المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ

الحديث.

أخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 189: 3508)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 140)، وفي الحلية (ص 6/ 204) من طريق عدي بن الفضل عن الجريري عن أبي نضرة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه به.

وهذا لفظ أبي نعيم، وفيه عدي بن الفضل وهو متروك، إلَّا أن البزّار أخرجه أيضًا كما في الكشف (4/ 189: 3507)، عن محمد بن المثنى، عن حجاج بن المنهال، عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نضر، عن أبي سعيد موقوفًا. =

ص: 681

= قلت: هذا إسناد صحيح، وحماد بن سلمة سمع من الجريري قبل الاختلاط.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 397) وقال: "رواه البزّار مرفوعًا وموقوفًا والطبراني في الأوسط ورجال الموقوف رجال الصحيح، أبو سعيد لا يقول هذا إلَّا بتوقيف".

وجملة القول أن حديث الباب بإسناد ابن أبي شيبة حسن لذاته، ولكنه بهذه الشواهد يرتقي إلى الصحيح لغيره، والله تعالى أعلم.

ص: 682

4612 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ:{جَنَّاتُ عَدْنٍ} (1)، بُطْنَانُ الْجَنَّةِ، قُلْتُ: مَا بُطْنَانُ (2) الْجَنَّةِ؟ قَالَ سُلَيْمَانُ: وَسَطُهَا.

(1) سورة الرعد: الآية 23.

(2)

في الأصل: "بطان الجنة"، ولا أرى له وجهًا، والتصويب من (ع) والمصادر الأخرى وكتب اللغة.

ص: 683

4612 -

درجته:

إسناده صحيح، رواته ثقات، وهو موقوف على مسروق بن الأجدع، وذكره البوصيري في الإِتحاف (6/ ل 161)، وقال:"رواه مسدّد ورواته ثقات".

ص: 683

تخريجه:

لم أجد من أخرجه غير مسدّد بهذا اللفظ والإِسناد.

وهذا التفسير روي من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه موقوفًا عليه: جنات عدن: قال: بطنان الجنة- يعني وسطها.

أخرجه ابن المبارك في زيادات نعيم في الزهد (425) عن سفيان.

والمروزي في زيادات الزهد لابن المبارك (ص 1455)، أخبرنا الهيثم بن جميل، حدَّثنا شريك، وابن أبي شيبة في المصنف (13/ 126)، حدَّثنا وكيع، ثنا سفيان.

وهناد في الزهد (1/ 66: 511)، حدَّثنا وكيع، عن سفيان.

والطبري في التفسير (11/ 110) من طريق جرير والأعمش.

أربعتهم عن منصور، عن أبي الضحى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.

قلت: هذا إسناد صحيح، رواته ثقات، وهو موقوف على عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.

ص: 683

4613 [1]- وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا محمَّد بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَعُمُدًا مِنْ يَاقُوتٍ، عَلَيْهَا غُرَفٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ، لَهَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، تُضِيءُ كَمَا يُضِيءَ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ، قِيلَ: مَنْ يَسْكُنُهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قال صلى الله عليه وسلم: الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ، وَالْمُتَجَالِسُونَ فِي اللَّهِ، وَالْمُتَبَاذِلُونَ في الله".

[2]

وَقَالَ عَبْدُ: حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثنا محمَّد بن أبي حميد به.

ضعيف.

ص: 684

4613 -

درجته:

إسناده ضعيف، محمَّد بن أبي حميد ضعيف كما تقدم في ترجمته.

ولهذا قال الحافظ ابن حجر هنا عقب ذكره: "ضعيف".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 161) وقال: "رواه أحمد بن منيع وعبد بن حميد، ومدار إسناديهما على محمَّد بن أبي حميد، وهو ضعيف".

ص: 684

تخريجه:

أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (ص 1432) وفيه (حماد بن أبي حميد)، وهو محمَّد ولقبه حماد بلفظه إلَّا أنه قال:(والمتلاقون في الله)، مكان (المتباذلون في الله).

وأخرجه المروزي في زياداته على الزهد لابن المبارك (ص 1481)، وعبد الملك القرطبي في وصف الفردوس (ص 33)، والبزار كما في الكشف (4/ 228)، وأبو الشيخ في العظمة (ص 587)، وابن الأعرابي في المعجم (1/ 466: 497)، كلهم من طرق عن محمد بن أبي حميد به بنحوه، وفيها جميعها (المتلاقون في الله). =

ص: 684

= وقال البزّار: لا نعلم رواه عن أبي هريرة إلَّا موسى، ولا عنه إلَّا محمَّد بن أبي حميد، ومحمد مدني مشهور روى عن جماعة من أهل العلم، ولم يكن بالحافظ.

وذكره الهندي في الكنز (9/ 5)، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا في كتاب الاخوان والبيهقي. وللحديث شواهد من أحاديث أخرى مختلفة، أذكر بعضها وهي كالآتي:

1 -

حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصَدَّقُوا المرسلين".

أخرجه البخاري في صحيحه كما في الفتح (6/ 386: 3265) في بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة، ومسلم في صحيحه (4/ 2177: 2831) كتاب الجنة ونعيمها، باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف.

2 -

أخرجه الإِمام أحمد في المسند (3/ 87) بلفظ: "إن المتحابين لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي أو الغربي، فيقال: من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء المتحابون في الله عز وجل". أخرجه أحمد (3/ 87)، حدَّثنا علي بن عياش، حدَّثنا محمَّد بن مطرف، حدَّثنا أبو حازم، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه به.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 422) وقال: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".

3 -

حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة ليتراءون في الجنة كما تراءون أو ترون الكوكب الدرِّي الغارب في الأفق الطالع في تفاضل المدرجات" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أولئك النبيون؟ قال: بلى، والذي نفسي بيده وأقوام آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين". =

ص: 685

= أخرجه الإِمام أحمد في المسند (2/ 339): حدَّثنا فزارة، أخبرني فليح، عن هلال- يعني ابن علي عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

قلت: فيه فزارة بن عمرو، قال عنه الحافظ في تعجيل المنفعة (ص 333)"فيه نظر".

والحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير (1/ 406: 2027).

وجملة القول: أن حديث الباب ضعيف بإسناد أحمد بن منيع وعبد بن حميد، ولكنه بهذه الشواهد يرتقي إلى الحسن لغيره، والله تعالى أعلم.

ص: 686

4614 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، عَنِ (1) اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، قَالَ: قَالَ كَعْبٌ، نَهْرُ النِّيلِ نَهْرُ الْعَسَلِ فِي الْجَنَّةِ، وَنَهْرُ (2) دِجْلَةَ نَهَرُ اللَّبَنِ فِي الْجَنَّةِ، وَنَهْرُ الْفُرَاتِ نَهْرُ الْخَمْرِ فِي الْجَنَّةِ، وَنَهْرُ سَيْحَانَ نَهْرُ الْمَاءِ فِي الجنة، قال: فأطفا الله تعالى نورهن ليصيرهن في الجنة.

(1) من هنا بدأ نسخة (س) مرة أخرى بعد أن وقع فيها سقط مجموعة من الأحاديث، ونبهت عليه في حديث رقم (4601).

(2)

في الأصل: "ونهر الدجلة"، ولا أرى له وجهًا، والتصويب من (س) و (ع).

ص: 687

4614 -

درجته:

إسناده حسن، فيه سعد بن شرحبيل وهو صدوق، وبقية رواته ثقات، إلَّا أنه موقوف على كعب الأحبار.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 161)، وقال:"رواه الحارث بن أبي أسامة موقوفًا، ورواته ثقات".

ص: 687

تخريجه:

أخرجه الحارث كما في الملحق في آخر البغية (4/ 1356: 5) ومن طريق الحارث هذا أخرجه الخطيب في تاريخه (1/ 55) وفيهما (ليصيرهن إلى الجنة).

وأخرجه عبد الملك القرطبي في وصف الفردوس (ص 64) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن كعب به، ولفظه: النيل من أنهار العسل في الجنة، والفرات من أنهار الخمر في الجنة، وسيحان من أنهار الماء في الجنة، وجيحان من أنهار اللبن في الجنة، وذكر أن محله معهم.

وأخرجه البيهقي في البعث والنشور (ص 264) من طريق الليث بن سعد به بنحوه إلى قوله: "وسيحان نهر الماء في الجنة". =

ص: 687

= وللحديث شاهد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سيحان وجيحان، والفرات والنيل، كل من أنهار الجنة".

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2183: 2839) في الجنة، باب ما في الدنيا من أنهار الجنة، وأحمد في المسند (2/ 289: و 400)، والبيهقي في البعث والنشور (ص 263)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 305)، والخطيب في تاريخه (1/ 54، 55)، والبغوي في تفسيره (6/ 177)، كلهم من طريق حفص بن عاصم عن أبي هريرة رضي الله عنه به بنحوه.

وزاد الخطيب (ودجلة) في هذا الحديث.

ورواه أحمد (2/ 261)، وأبو يعلى في مسنده (10/ 327)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 303)، والخطيب في تاريخ بغداد (1/ 54، 8/ 145) كلهم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (فجرت أربعة أنهار من الجنة، الفرات والنيل، وسيحان وجيحان).

قلت: وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو بن علقمة، وصحَّحَ إسناده الشيخ أحمد شاكر في المسند (13/ 293)، إلَّا أنه ذكر هناك أن لفظة (السيحان) بزيادة لام التعريف والتي وقعت في النسخة المطبوعة من "المسند" خطأ، والصواب بدونها كما هو في النسخة الكتانية، والطبعة الهندية، وكأنه لم ينتبه لذلك الشيخ الألباني فذكره بإثباتها (السلسلة الصحيحة رقم 111).

ويشهد لبعض الحديث حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدَّثهم قال: ثم رفعت لي سدرة المنتهى قال: وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ونهران ظاهران، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان، ففي الجنة، وأما الظاهران: النيل والفرات".

أخرجه البخاري كما في الفتح (6/ 348: 3207)، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، ومسلم في صحيحه (1/ 149: 164)، كتاب الإيمان، باب الإسراء =

ص: 688

= برسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 305)، والنسائي (1/ 217، 223)، وأحمد (4/ 207)، والطبراني في الكبير (19/ 270 - 274) كلهم من طرق عن قتادة عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة رضي الله عنه به.

وجملة القول أن حديث الباب موقوف على كعب الأحبار، وإسناده حسن لذاته، لكنه روي مرفوعًا من طرق أخرى من حديث أبي هريرة ومالك بن صعصعة رضي الله عنهما وعليه فإن حديث الباب بهذه الشواهد صحيح لغيره.

ص: 689

4616 -

وقال أبو يعلى: حدَّثنا عقبة، قال: نا (1) يونس، نا ابْنُ (2) إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ، فَذَهَبْتُ أَتَنَاوَلُ مِنْهَا قِطَفًا (3) أُرِيَكُمُوهُ فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْعِنَبِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "كأعظم دلو فرت (4) أمك قط".

(1) في (س) و (ع): "ثنا يونس".

(2)

في الأصل: "ابن أبي إسحاق"، وهو خطأ، والتصويب من (س) و (ع) ومسند أبي يعلى.

(3)

في الأصل: "قطعًا"، والتصويب من (س) و (ع) ومسند أبي يعلى.

(4)

في (ع): "مرت"، وهو تصحيف. والمعنى: قطعت وشقت [النهاية 3/ 242].

ص: 690

4616 -

درجته:

إسناده ضعيف، فيه محمَّد بن إسحاق وهو مدلّس من المرتبة الرابعة، وقد عنعن.

وفيه عقبة بن مكرم، ويونس بن بكير، وكلاهما بمرتبة صدوق، وبقية رواته ثقات.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 414)، وقال:"رواه أبو يعلى وإسناده حسن".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل161) وعزاه لأبي يعلى الموصلي.

وقال الحافظ المنذري: "وإسناده حسن".

قلت: إن كان المراد أنه حسن لغيره فَنَعَمْ، أما لذاته فلا.

ص: 690

تخريجه:

أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 380: 1147) بلفظه إلَّا أنه قال: (مثل ما الحبة من العنب؟) ومن طريق أبي يعلى هذا، أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (ص 350). =

ص: 690

= وما تضمنَّه الحديث ورد مفرقًا في أحاديث أخرى صحيحة.

فقوله: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ، فَذَهَبْتُ أَتَنَاوَلُ مِنْهَا قِطْفًا فحيل بيني وبينه) يشهد له حديث عبد الله بن عباس وجابر عبد الله وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم وغيرهم من الصحابة.

1 -

حديث ابن عباس رضي الله عنه، قال: انخسفت الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (فذكر الحديث في صلاة الكسوف) قال فيه: يا رسول الله! رأيناك تناولت شيئًا في مقامك، ثم رأيناك كعكعت قال: "إني رأيت الجنة، فتناولتُ عنقودًا، ولو أصبته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا

" الحديث.

أخرجه البخاري في صحيحه كما في الفتح (2/ 637: 1052) كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف الجماعة، ومسلم في صحيحه (2/ 626: 907) في الكسوف، باب ما عرض عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الكسوف من أمر الجنة والنار، وأبو داود (ص 1189)، والنسائي (3/ 118، 119).

2 -

حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال كسفت الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في يوم (فذكر الحديث في صلاة الكسوف)، وفيه ثم قال: إنه عرض عَلَي كل شيء تولجونه، فعرضت على الجنة حتى تناولت منها قطفًا أخذته، (أو قال تناولت منها قطفًا) فقصرت يدي عنه،

الحديث.

أخرجه مسلم في صحيحه (2/ 622: 954) في الكسوف باب ما عرض عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي صلاة الكسوف.

3 -

حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، مرفوعًا قَالَ:"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الله، فإذا انكسفا فافزعوا إلى ذكر الله"، ثم قال: "لقد عرضت علي الجنة حتى لو شئت لتعاطيت قطفًا من قطوفها

" الحديث.

تقدم تخريجه بالتفصيل في الحديث المتقدم برقم (4593).

وأما قوله: (كأعظم دلو فرت أمك قط) يشهد له حديث عتبة بن عبد السلمي =

ص: 691

= يقول: قام أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أفيها عنب -يعني الجنة- يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فما عظم العنقود فيها؟ قال: مسيرة شهر للغراب الأبقع لا ينثني ولا يفتر، قال فما عظم الحبة منها؟ قال: هل ذبح أبوك تيسًا من غنمه عظيمًا؟ قال: نعم، قال: فسلخ إهابه فأعطاه أمك، وقال: ادبغي لنا هذا، ثم افري لنا منه دلوًا نروي به ماشيتنا؟ قال: نعم، قال: فإن ذلك كذلك، قال: فإن تلك الحبة تشبعني وأهل بيتي؟ قال: نعم وعامة عشيرتك.

أخرجه الإِمام أحمد (4/ 183 - 194)، وابن حبّان كما في الإحسان (16/ 432: 7416)، والطبري في تفسيره (13/ 149)، وابن عبد البر في التمهيد، (3/ 320، 321)، والطبراني في الكبير (17/ 127)، والبيهقي في البعث والنشور (ص 274)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 346)، كلهم من طريق عامر بن زيد البكالي أنه سمع عقبة بن عبد السلمي به في آخر الحديث الطويل.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 414) وقال: "وفيه عامر بن زيد البكالي وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله ثقات".

قلت: قد ذكر الحافظ في التعجيل (ص 503) عامر هذا -ووقع في النسخة عاصم! - فقال: "بل هو معروف، ذكره البخاري فقال: سمع عتبة بن عبد، روى عنه أبو سلام حديثه في الشاميين، ولم يذكر فيه جرحًا وتبعه ابن أبي حاتم وأخرج ابن حبّان في صحيحه من طريق أبي سلام عنه أحاديث صَرَح فيها بالتحديث، ومقتضاه أنه عنده ثقة، ولم أر له ذكرًا في النسخة التي عندي من الثقات له، فما أدري هل أغفله أو سقط من نسختي ولا ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق".

قلت: بل سقط من نسخة الحافظ، فقد رأيته في النسخة المطبوعة منه (5/ 191)، وإنما نقلت كلام الحافظ بتمامه، لأنه قد يستفاد منه أنه يرى سكوت ابن أبي حاتم والبخاري عن الشخص نوعًا من التوثيق له. =

ص: 692

= وعليه فالإِسناد ثابت عند ابن حجر، (وانظر: الرفع والتكميل ص 160، 161).

أما القرطبي فقد صحًحَ إسناده (التذكرة ص 529).

وعلى كل فإن هذا الإِسناد يقوّي حديث الباب في الجزء الأخير.

وجملة القول أن حديث الباب ضعيف بإسناد أبي يعلى، لكنه بهذه الشواهد يرتقي إلى الحسن لغيره.

ص: 693

4616 [1]،- وقال أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ، ثنا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ الْحَارِثِ) (1) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكَ لَتَنْظُرُ (إِلَى الطَّيْرِ) (2) فِي الْجَنَّةِ، فَتَشْتَهِيهِ فَيَخِرُّ بَيْنَ يَدَيْكَ مَشْوِيًّا".

[2]

وَقَالَ الْبَزَّارُ: حدَّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، ثنا خلف بهذا وقال: لا نعلم إلَّا مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ. وَحُمَيْدٌ هُوَ ابْنُ عَطَاءٍ كُوفِيٌّ ضَعِيفٌ.

* قُلْتُ: سَمِعْنَاهُ بِعُلُوٍّ فِي جزء الحسن بن عرفة (3).

(1) ما بين الهلالين ساقط من (س) و (ع)، ووقع بياض في مكانه.

(2)

ما بين الهلالين ساقط من (س)، ووقع بياض في مكانه.

(3)

أخرجه الحسن بن عرفة في جزئه (ص 53: 22)، عن خلف بن خليفة به بنحوه.

ص: 694

4616 -

درجته:

وحديث الباب إسناده ضعيف جدًّا، فيه ثلاث علل:

1 -

خلف بن خليفة الأشجعي، اختلط بآخره، ولا يعرف سماع أحمد بن حاتم عنه هل كان قبل اختلاطه أو بعده.

2 -

فيه حميد الأعرج، وهو واه متروك، كما تقدم في ترجمته.

3 -

عبد الله بن الحارث لم يسمع من ابن مسعود، وعليه فإنه منقطع.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 414)، وقال: رواه البزّار، وفيه حميد بن عطاء الأعرج وهو ضعيف.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 161)، وعزاه لأبي يعلى الموصلي والبزار وابن أبي الدنيا والبيهقي، وقال: ومدار إسناديهم على حميد الأعرج وهو ضعيف.

قلت: هذا قصور منهما في الحكم على الحديث بالضعف، وإنما هو ضعيف جدًا، أو موضوع. =

ص: 694

= تخريجه:

لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع، ولا في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير، وأخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 200: 3532)، والحسن بن عرفة في جزئه (ص 53: 22)، والحسين المروزي في زيادات الزهد لابن المبارك (ص 1452)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 341)، والبيهقي في البعث والنشور (ص 318)، وابن أبي الدنيا كما في الترغيب (4/ 527).

كلهم من طريق خلف بن خليفة به بنحوه.

وقال البزّار: "لا نعلم رواه إلَّا ابن مسعود، ولا له عنه إلَّا هَذَا الطَّرِيقِ: وَحُمَيْدٌ هُوَ ابْنُ عَطَاءٍ كُوفِيٌّ، وليس بحميد المكي الذي روى عن مجاهد، ولا نعلمه يروى إلَّا عن عبد الله بن الحارث".

قلت: الحديث ذكره ابن حجر في الفتح (6/ 374)، وعزاه للترمذي، ولم أجده فيه، فلعله وَهِمَ رحمه الله، وذكره السيوطي في الدر المنثور (8/ 10)، وزاد نسبته إلى ابن أبي الدنيا وابن مردويه.

وجملة القول أن الحديث مداره في هذه الطرق على حميد بن عطاء الأعرج وهو تروك.

وله شاهد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه موقوفًا عليه قال: "إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الطير من طيور الجنة، فيقع في يده منفلقًا نضجًا".

أخرجه ابن أبي الدنيا كما في الترغيب (4/ 527).

ص: 695

4617 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ (1)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:"ليس في الدنيا مما في الجنة إلَّا الأسماء".

(1) في الأصل وباقي النسخ: "أبي شيبان"، وهو تصحيف، والتصويب من المصادر الأخرى وكتب التراجم.

ص: 696

4617 -

درجته:

إسناده صحيح رواته ثقات، وهو موقوف على ابن عباس وله حكم الرفع لأنه من الأمور التي لا مجال فيها للرأي، وقد أورده السيوطي في الجامع الصغير، وعَلَّق عليه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير (ص 5415)، بقوله:"إنما أورده السيوطي على خلاف عادته لأنه في حكم المرفوع".

ص: 696

تخريجه:

أخرجه مسدّد كما هنا، والطبري في تفسيره (1/ 135)، من طريق سفيان الثوري عن الأعمش به بنحو لفظ الباب.

ولفظ الطبري في إحدى الطريقين (لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلَّا الأسماء)، وتابع سفيان الثوري كل من وكيع ومحمد بن عبيد وأبي معاوية.

أما حديث وكيع، فقد أخرجه هنَّاد في الزهد (1/ 49: 3)، ومن طريقه أبو نعيم في صفة الجنة (ص 124)، والبيهقي في البعث والنشور (ص 332)، من طريق وكيع به بنحوه.

ولفظ هنَّاد: (ليس في الجنة مما في الدنيا إلَّا الأسماء).

وأما حديث محمَّد بن عبيد: فقد أخرجه هنَّاد في الزهد (1/ 51: 8)، والطبري في تفسيره (1/ 135) من طريق محمَّد بن عبيد به، بنحوه.

وأما حديث أبي معاوية: فقد أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير =

ص: 696

= (1/ 91)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 124) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به بنحوه.

وجملة القول أن الحديث صحيح، رواته ثقات، وهو موقوف على ابن عباس ولكنه في حُكْمُ الْمَرْفُوعِ، إِذْ لَا مَجَالَ لِلرَّأَيِ فِي مثل هذه الأمور، والله تعالى أعلم.

وذكره السيوطي في الدر المنثور (1/ 38)، وزاد نسبته إلى ابن المنذر.

ص: 697

4618 -

حدَّثنا (1) يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، قال: سمعت جابرًا رضي الله عنه يَقُولُ: لَمَّا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: (الله عز وجل (2) أُعْطِيكُمْ خَيْرًا مِنْ هَذَا؟ قَالُوا: رَبَّنَا، مَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا؟ قَالَ تبارك وتعالى: رِضَائِي.

(1) القائل: مسدّد، في مسنده

(2)

ما بين الهلالين زيادة من المصادر الأخرى.

ص: 698

4618 -

درجته:

إسناده صحيح، رواته ثقات، وهو موقوف عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 171) وقال: رواه مسدّد موقوفًا، ورواته ثقات.

ص: 698

تخريجه:

الحديث مداره على سفيان الثوري واختلف عليه على وجهين:

الوجه الأول: رواه يحيى القطان، ووكيع، عنه، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه موقوفًا عليه.

أخرجه مسدّد في مسنده كما في المطالب العالية هنا عن يحيى القطان به.

أما حديث وكيع: فقد ذكره أبو نعيم في صفة الجنة (ص 283)، بقوله:(رواه وكيع وغيره فلم يرفعوه).

الوجه الثاني: رواه محمَّد بن يوسف الفريابي، وأبو أحمد الزبيري، وعبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي عن سفيان الثوري عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا أدخل أهل الجنة الجنة قال الله: أتشتهون شيئًا فأزيدكم، فيقولون: ربنا، وما فوق ما أعطيتنا؟ قال: فيقول: بلى رضائي أكثر"(هذا لفظ ابن حبّان).

أما حديث محمد بن يوسف: فقد أخرجه البزّار كما في النهاية لابن كثير =

ص: 698

= (ص 386)(ولم أجده في الكشف)، وابن حبّان كما في الإِحسان (16/ 469: 7439)، والضياء المقدسي في صفة الجنة كما في التفسير لابن كثير (4/ 118)، وأبو نعيم في صفة الجنة (ص 283)، وفي أخبار أصبهان (1/ 282)، والحاكم في المستدرك (1/ 82)، والسهمي في تاريخ جرجان (ص 115).

كلهم من طرق عن محمَّد بن يوسف الفريابي به، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وأقرهما الشيخ الألباني في الصحيحة (ص 1336).

وأما حديث أبي أحمد الزبيري: فقد أخرجه الطبري في تفسيره (ص 6751).

وأما حديث عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي: فقد أخرجه الحاكم (1/ 82، 83)، وابن الأعرابي في المعجم (3/ 146: 836) من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي به.

قلت: مما سبق يتبين أن الوجهين كليهما صحيح، ثابت، فالحديث روى موقوفًا ومرفوعًا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

وله شاهد من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك وسعديك والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، ليقولون: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: "أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا".

أخرجه البخاري مع الفتح (13/ 496: 7518)، كتاب التوحيد، باب كلام الرب مع أهل الجنة وأخرجه أيضًا برقم (ص 6549)، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار.

ومسلم في صحيحه (ص 2829) في الجنة، ونعيمها، باب إحلال الرضوان على أهل الجنة، وأحمد في المسند (3/ 88)، وابن المبارك في الزهد برواية نعيم بن حماد (ص 430)، والترمذي (ص 2555)، في صفة الجنة باب (18)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 342)، وفي صفة الجنة (ص 282).

ص: 699

4619 -

وقال عبد: حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي خَالِدُ بْنُ دِينَارٍ النِّيلِيُّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَسْفَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: رَجُلٌ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَتَلَقَّاهُ غِلْمَانُهُ فَيَقُولُونَ: مَرْحَبًا بِكَ يَا سَيِّدَنَا، قد آن لك أن تؤوب، قال: فقد لَهُ الزَّرَابِيُّ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَيَرَى الْجِنَانَ، فَيَقُولُ: لِمَنْ ما ها هنا (1)؟ فَيُقَالُ: لَكَ، حَتَّى إِذَا انْتَهَى رُفِعَتْ لَهُ يَاقُوتَةٌ حَمْرَاءُ أَوْ زُمُرُّدَةٌ خَضْرَاءُ (لَهَا)(2) سَبْعُونَ شِعْبًا، فِي كُلِّ شِعْبٍ سَبْعُونَ غُرْفَةً، فِي كُلِّ غُرْفَةٍ سَبْعُونَ بَابًا، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ، قَالَ: فَيَرْتَقِي، حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ اتَّكَأَ عَلَيْهِ، سَعَتُهُ مِيلٌ فِي ميل، وله عنه فضول (3)، يسعى (4) إليه بسبعين ألف صحفة من ذهب، ليس فيها صحفة مِنْ لَوْنِ صَاحِبَتِهَا، فَيَجِدُ لَذَّةً آخِرَهَا كَمَا يجد لذة أولها، ثم يسعى عليه بألوان الأشربة، فيشرب منها ما يشتهي (5) ثم يقول الغلمان: ذروه وأزواجها (قال أبو شهاب: أحسب قال:) فيتجافى عنه العلماء، فَإِذَا الْحَوْرَاءُ قَاعِدَةً عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهَا، فَيُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ وَالدَّمِ، فَيَقُولُ لَهَا: مَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا مِنَ الْحُورِ العين اللاتي خبئن لك، فينظر إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ (6) عَنْهَا، ثُمَّ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى الْغُرَفِ فَوْقَهُ فَإِذَا أخرى أجمل منها، فتقول له: أم

(1) في الأصل: "لمن هاهنا"، والتصويب من (س) و (ع) والمنتخب لعبد بن حميد.

(2)

ما بين الهلالين زيادة من (س) و (ع) والمنتخب لعبد بن حميد.

(3)

في (س) و (ع): "فصل"، وهو تصحيف.

(4)

في (ع): "تسعى إليه".

(5)

في (س) و (ع): "ما اشتهى".

(6)

في الأصل: "بصرها"، وهو تصحيف، والتصويب من (س) و (ع) والمنتخب.

ص: 700

آن (7) أَنْ يَكُونَ لَنَا مِنْكَ نَصِيبٌ؟ فَيَرْتَقِي إِلَيْهَا، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً لَا يَصْرِفُ بَصَرَهُ عَنْهَا حَتَّى إِذَا بَلَغَ النَّعِيمُ مِنْهُمْ كُلَّ مبلغ، وظنوا أن لا أَفْضَلَ مِنْهُمْ، تَجَلَّى لَهُمُ الرَّبُّ تبارك وتعالى فنظروا إلى (وجه)(8) الرحمن، فَنَسُوا كُلَّ نُعَيْمٍ عَايَنُوهُ حِينَ نَظَرُوا إِلَى وَجْهِ الرَّحْمَنِ، فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، هَلِّلُوْني، فَيَتَجَاوَبُونَ بِالتَّهْلِيلِ، فَيَقُولُ: يَا دَاوُدُ! مَجِّدْني كَمَا كُنْتَ تُمَجِّدُنِي فِي الدُّنْيَا، فَيُمَجِّدُ دَاوُدُ رَبَّهُ عز وجل.

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: قُلْتُ لِأَبِي شهَاب (9)، حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ فِي ذكر الجنة مرفوع؟ قال: نعم.

(7) في (س) و (ع): "أما آن لك".

(8)

ما بين الهلالين ساقط من (س).

(9)

في الأصل: "لابن شهاب"، وهو تصحيف، والتصويب من (س) و (ع) والمنتخب.

ص: 701

4619 -

درجته:

إسناده ضعيف، لأن حماد بن جعفر لا يعرف له سماع من عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وفيه خالد بن دينار النيلي وحماد بن جعفر وكلاهما بمرتبة صدوق، وبقية رواته ثقات.

وذكره المنذري في الترغيب (4/ 506، 507)، وعزاه لابن أبي الدنيا وقال:"وفي إسناده من لا أعرفه الآن".

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 162)، وعزاه لعبد بن حميد وابن أبي الدنيا، ونقل كلام المنذري الذي تقدم آنفًا.

ص: 701

تخريجه:

أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (ص 268: 851).

وأخرجه ابن أبي الدنيا كما في الترغيب (4/ 506، 507).

وللحديث شواهد في أدنى أهل الجنة منزلة فيها من حديث عبد الله بن مسعود، =

ص: 701

= وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.

أما حديث ابن مسعود فقد تقدم تحت رقم (4539).

وأما حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عهما فقد تقدم تخريجهما في حديث رقم (4543).

وقوله في الحديث: (تَجَلَّى لَهُمُ الرَّبُّ تبارك وتعالى فَنَظَرُوا إِلَى وجه الرحمن

) يشهد له حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما في الصحيحين تقدم تخريجهما في حديث رقم (4539).

وجملة القول أن الحديث ضعيف بإسناد عبد بن حميد وبهذا السياق، ومعناه صحيح ورد مفرقًا في أحاديث أخرى صحيحة.

ص: 702

4625 -

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُقْرِئِ فِي زِيَادَاتِ مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بن قتيبة، ثنا صفوان بن صالح، ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خالد الواسطي، ثنا زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا كَانَ يَوْمُ القيامة فَرَّق الله تعالى بين أهل الجنة وبين أهل النَّارِ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ إِثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ وُضِعَتْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ حَوْلَ الْعَرْشِ، وَمَنَابِرُ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ الموكَّلون بِهَا: رَبِّ، لِمَنْ وَضَعْتَ هَذِهِ الْمَنَابِرَ؟ فَيُلْقِي عَلَى أَفْوَاهِهِمْ: لِلْغُرَبَاءِ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟ فَيُلْقِي على أفواههم: قوم تحابوا في الله عز وجل من غير أن يروه (1)، فبينما كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَعْلَمُ بمجلسه من أحدكم بمجلسه في قبته عِنْدَ زَوْجَتِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَدُنُوُّهُمْ (2) مِنَ الرب تبارك وتعالى عَلَى قَدْرِ دَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا تَتَامَّ الْقَوْمُ فَيَقُولُ الرَّبُّ عز وجل: عَبِيدِي وَخَلْقِي وزُوَّارِيْ وَالْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يروني أَطْعِمُوْهم، فيطعمونهم (3)، ثم يقول: فكهوههم، ثُمَّ يُؤْتَوْنَ بِفَاكِهَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ شَهْوَةٍ وَلَذَّةٍ وَرِيحٍ طَيِّبَةٍ، ثُمَّ يَقُولُ الرَّبُّ: اسْقُوهُمْ، فَيُؤْتَوْنَ بِآنِيَةٍ لَا يُدْرَى (4) الإِناء أَشَدُّ بَيَاضًا أَوْ مَا فِيهِ؟ ثُمَّ يَقُولُ: اكْسُوهُمْ، فَيُؤْتَوْنَ بثمرة [تَخُدُّ (5) الْأَرْضَ، (6) كَثَدْيِ الْأَبْكَارِ مِنَ النِّسَاءِ فِي كُلِّ ثَمَرَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً، لَا تُشْبِهُ (7) الْحُلَّةُ أُخْتَهَا، ثُمَّ يَقُولُ: طَيِّبُوْهم، فَتَهُبُّ رِيحٌ فَتَمْلَؤُهُمْ مسكًا أذفر، لابشر شَمَّ (8) مِثْلَهُ، فَيَقُولُ: اكْشِفُوا لَهُمُ الْغِطَاءَ، وَبَيْنَ الله تعالى وَبَيْنَ أَدْنَى خَلْقِهِ مِنْهُ (9) سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ، لَا يَسْتَطِيعُ أَدْنَى خَلْقِهِ مِنْهُ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ إِلَى أَدْنَى حِجَابٍ مِنْهَا، فَتُرْفَعُ تِلْكَ الْحُجُبُ، فَيَقَعُ الْقَوْمُ سُجَّدًا مِمَّا يَرَوْنَ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ تعالى، فيقول الرب جل وعلا: ارفعوا رؤوسكم، فلستم في دار عمل،

(1) في الأصل: "من غير أن يرونه"، ولا أرى له وجهًا.

(2)

في الأصل: "ويدنو من هم الرب"، وهو تحريف، والتصويب من (س) و (ع).

(3)

في الأصل وفي (س): "فيطعموهم"، ولا أرى له وجهًا، والتصويب من (ع).

(4)

في (س) و (ع): "يدرون".

(5)

في (ع): "قدر الأرض".

(6)

ما بين المعكوفتين بياض في (س).

(7)

في الأصل: "لا تشبهه"، والتصويب من (س) و (ع).

(8)

في (س) و (ع): "يشم مثله".

(9)

في (س): "منهم".

ص: 703

بل أنتم في دار نعمة ومقام، فلكم مِثْلُ الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ هَلْ رَضِيتُمْ عَبِيدِي؟ فَيَقُولُونَ: رَضِينَا رَبَّنَا إِنْ (1) رَضِيْتَ عَنَّا، فَيَرْجِعُ الْقَوْمُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَقَدْ أُضْعِفُوا مِنَ الْجَمَالِ وَالْأَزْوَاجِ وَالْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَى ذَلِكَ النَّحْوِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا شَيْءٌ إِلَى جَانِبِهِ قَدْ أَضَاءَ عَلَى صِمَاخَيْهِ لَهُ مِنَ الْجَمَالِ، فَيَقُولُ: مَنْ أنت؟ فيقول: أنا الذي قال الله تعالى: (ولدينا مزيد) فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ إِلَى كُلِّ عَبْدٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، مَعَ كُلِّ مَلَكٍ إِنَاءٌ لَا يُشْبِهُ صَاحِبَهُ، وَعَلَى إِنَائِهِ شَيْءٌ لا يشبه صاحبه، يتشاورون أيهم يؤخذ مِنْهُ، يَقُولُونَ: هَذَا أَرْسَلَ بِهِ إِلَيْكَ رَبُّكَ، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ. قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ عبدين تواخيًا في الله تعالى إلَّا ومنزلهما مُتَوَاجِهَانِ، يَنْظُرُ الْعَبْدُ إِلَى أَقْصَى مَنْزِلِ أَخِيهِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ إِذَا أَرَادُوا (2) شَيْئًا مِنْ شَهَوَاتِ النساء، أرخيت بينهم الحجب.

(1) في (س) و (ع): "إذا رضيت عنا".

(2)

في الأصل: "رأوا"، والأولى كما ذكرته، وفي (س) و (ع) كذلك.

ص: 704

4620 -

درجته:

الحديث بهذا الإِسناد موضوع، فيه علتان: =

ص: 704

=

1 -

فيه عمرو بن خالد الواسطي، وهو وضَّاعٌ كذَّابٌ، يروى عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعةٌ.

2 -

فيه سويد بن عبد العزيز السلمي، وهو ضعيف. وذكره البوصيري في الإتحاف (3/ ل 168) وقال: "رواه ابن المقرئ في زياداته

بسند ضعيف لضعف عمرو بن خالد الواسطي وغيره".

قلت: بل إنه موضوع؛ لأن عمرو بن خالد الواسطي كذابٌ عند الأئمة.

ص: 705

تخريجه:

لم أجده في مسند أبي يعلى ولا في المقصد العلي ولعله في مسنده الكبير.

ولم أجد من أخرجه غير ابن المقرئ بهذا اللفظ والإِسناد وهو موضوع بهذا الإِسناد.

والحديث يدل على زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى يوم القيامة، وقد وردت أحاديث في هذا المعنى لا يخلو واحد منها عن ضعف، إلَّا أنها بمجموع طرقها وشواهدها ترتقي إلى الحسن لغيره، ومن هذه الأحاديث ما يلي:

1 -

حديث علي رضي الله عنه، قال:"إذا سكن أهل الجنة، أتاهم ملك يقول: إن الله يأمركم أن تزوروه، فيجتمعون، فيأمر الله تعالى داود عليه السلام فيرفع صوته بالتسبيح والتهليل، ثم توضع مائدة الخلد، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وما مائدة الخلد؟ قال: زاوية من زواياها أوسع ما بين المشرق والمغرب، فيطعمون، ثم يسقون، ثم يكسون، فيقولون: لَمْ يبق إلَّا النظر في وجه ربنا عز وجل، فيتجلى لهم، فيخرون سجدًا، فيقال لهم: لستم في دار عمل، إنما أنتم في دار جزاء".

أخرجه أبو نعيم في صفة الجنة (ص 397)، من طريق خالد بن يزيد، ثنا سعيد الجذامي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه به.

قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه ثلاث علل:

فيه خالد بن يزيد البجلي وهو ضعيف (كما في الميزان 1/ 647)، وأبو إسحاق =

ص: 705

= السبيعي مدلس، وقد عنعن، وفيه الحارث بن عبد الله الأعور وفي حديثه ضعف كما في التقريب (ص 1029).

2 -

حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل بمثل المرأة البيضاء فيها نكتة سوداء، قلت: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ الْجُمُعَةُ، جعلها الله عيدًا لك ولأمتك، فأنتم قبل اليهود والنصارى، فيها ساعة لا يوافقها عبد يسأل الله فيها خيرًا إلَّا أعطاه إياه، قال: قلت: ما هذه النكتة السوداء؟ قال: هذا يوم القيامة تقوم في يوم الجمعة، ونحن ندعوه عندنا "المزيد" قال: قلت: ما يوم المزيد؟ قال: إن الله جَعَلَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ وَجَعَلَ فِيهِ كثبانًا من المسك الأبيض، فإذا كان يوم القيامة، ينزل الله فيه، فوضعت فيه منابر من ذهب للأنبياء وكراسي من در للشهداء، وينزلن الحور العين من الغرف، فحمدوا الله ومجدوه، قال، ثم يقول الله: اكسوا عبادي، فيكسون، ويقول: أطعموا عبادي فيطعمون، ويقول: اسقوا عبادي، فيسقون، ويقول: طيبوا عبادي، فيطيبون، ثم يقول: ماذا تريدون؟ فيقولون: ربنا رضوانك قال: يقول رضيت عنكم، ثم يأمرهم فينطلقون، وتصعد الحور العين الغرف وهي من زمردة خضراء ومن ياقوتة حمراء".

أخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 228: 4228)، حدَّثنا شيبان بن فروخ، حدَّثنا الصعق بن حزن، حدَّثنا علي بن الحكم الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه به بلفظه.

قلت: فيه شيبان بن فروخ أبو شيبة الحبطي، والصعق بن حزن وكلاهما في مرتبة "صدوق يهم". انظر: التقريب (ص 269: 2834، وص 276: 2931).

وعليه فإن الإِسناد ضعيف.

وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 421) بلفظ البزّار بأطول من هذا وقال: رواه البزّار والطبراني في الأوسط بنحوه، وأبو يعلى باختصار، ورجال أبي يعلى رجال =

ص: 706

= الصحيح، واحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد وثقه غير واحد وضَعَّفه غيرهم، وإسناد البزّار فيه خلاف".

قلت: أخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 195: 3519)، حدَّثنا محمَّد بن المثنى، ثنا عمر بن يونس اليمامي، ثنا جهضم بن عبد الله، ثنا أبو طيبة، عن عثمان بن عمير، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه به بنحوه مطولًا.

وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في السُنَّة (273)، حدَّثنا أبو طيبة به.

قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه عثمان بن عُمَيْر -بالتصغير- ويقال: ابن قيس، ضعيف مختلط وكان يدلس وقد عنعن.

انظر: التهذيب (7/ 145)، التقريب (ص 386: 4507)، مراتب المدلسين، الملحق (ص 64).

وجملة القول أن حديث الباب موضوع بإسناد ابن المقرئ ولهذا لا ينجبر بهذه الشواهد، إلَّا أن معناه في زيارة أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى يوم القيامة ثابت في أحاديث أخرى لا يخلو واحد منها عن ضعف ولكنها بمجموع طرقها وشواهدها ترتقي إلى الحسن لغيره.

أما رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة، فهو صحيح لغيره، وقد تقدم حديث أبي سعيد الخدري، وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما في الصحيحين وغيرهما، في تخريج حديث رقم (4539).

ص: 707