الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - باب مقتل عمار رضي الله عنه بِصِفِّينَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ
"
4411 -
[1] قَالَ مُسَدَّدٌ حدَّثنا عَبْدُ الوارث (1) عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: حدَّثني ابْنُ أَبِي الهذيل قال: إن عمار بن ياسر رضي الله عنه كَانَ رَجُلًا ضَابِطًا، وَكَانَ يَحْمِلُ حَجَرَيْنِ حَجَرَيْنِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَتَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعَ فِي صَدْرِهِ فَقَامَ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ وَيَقُولُ:"وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ".
[2]
وَقَالَ الْحَارِثُ: حدَّثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا عبد الوارث بِهَذَا.
[3]
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا عبد الوارث فذكره في حديث.
(1) في الأصل: "عبد الوهاب"، وهو تصحيف، والتصحيح من المصادر الأخرى. (انظر: تاريخ ابن عساكر (12/ 633)، مخطوط، وقد رواه من طريق مسدّد نفسه، وبغية الباحث (4/ 1213)، رسالة دكتوراه، ومسند أبي يعلى، مختصر (7/ 195: 4181)، والمقصد العلي- كتاب الفتن، باب ما كان في زمن علي رضي الله عنه (ق 164).
4411 -
درجته:
هذا الحديث ضعيف بهذا الإِسناد؛ لأن ابن أبي الهذيل لم يدرك القصة، وقد =
= رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وعلى هذا فهو إرسال.
أما إسناد الحارث فهو ضعيف جدًا، لأن فيه العباس بن الفضل، وهو ذاهب الحديث.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 109)، وقال:"رواه مسدّد والحارث مرسلًا".
تخريجه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 633: مخطوط)، من طريق مسدّد بن مسرهد، به بلفظه.
وأخرجه الحارث في بغية الباحث (4/ 1213: رسالة دكتوراه)، عن العباس بن الفضل، عن عبد الوارث، به.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 193: المختصر)، (4180، 4181)، عن جعفر بن مهران، عن عبد الوارث، عن أبي التياح الضبعي، عن أنس بن مالك قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينة نزل في علو المدينة. فذكر قصة بناء المسجد فلما فرغ منه قال: "قال أبو يحيى: فحدَّثني ابن أبي الهذيل إِنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ كَانَ رَجُلًا ضَابِطًا .. فذكره بنحو حديث الباب.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 240)، عن عفان بن مسلم عن عبد الوارث، به.
وللحديث شواهد متعددة وبعضها في الصحيحين وقد رواه أكثر من خمسة وعشرين صحابيًا:
1 -
أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح (1/ 644)، كتاب الصلاة، باب التعاون في بناء المسجد، عن عكرمة، عن أبي سعيد الخدري نحوه، ومسلم في صحيحه (4/ 2235)، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن أبي قتادة نحوه. =
= ويتبين مما سبق إِنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما سمعه من أبي قتادة فروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة، ومراسيل الصحابة صحيحة، وبالأخص إذا علم أنه يرويه عن صحابي آخر، والله أعلم.
2 -
أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه (4/ 2236)، كتاب الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، وأحمد في مسنده (6/ 311)، والنسائي في الخصائص (ص 168، عن أم سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال لعمار:"تقتلك الفئة الباغية".
3 -
أخرجه الترمذي (5/ 333)، وابن عدي (4/ 1495)، من طريق الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه.
4 -
أخرجه أبو يعلى في معجمه (ص 311)، والطبراني في الصغير (1/ 187)، والخطيب في تاريخه (11/ 218)، من طريق يحيى ابن عيسى الرملي عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، به.
5 -
أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (4/ 1212: رسالة دكتوراه)، ومن طريق الحارث أخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 361)، والذهبي في السير (4/ 171) عن عمار بن ياسر. وهو الحديث القادم في المطالب.
6 -
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (11/ 240)، وأحمد في مسنده (4/ 199)، والحاكم (2/ 155)، (3/ 386)، والبيهقي في السنن (8/ 189)، من طريق أَبِي بَكْرِ بْنِ محمَّد بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم عن أبيه، عن عمرو بن حزم وعمرو بن العاص وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد في المسند (4/ 197)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 198)، من طريق عمرو بن دينار عن رجل من أهل مصر، عن عمرو بن العاص وحده، به. =
= 7 - أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 641)، من طريق محمَّد المنكدر عن جابر.
وأخرجه أيضًا (12/ 642)، من طريق سعيد بن المرزبان عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر رضي الله عنه به.
8 -
أخرجه الخطيب (5/ 315)، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 642)، من طريق أبي عوانة عن أبي عمرو بن العلاء، عن الحسن، عن أنس.
9 -
أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 639)، من طريق عبد المؤمن بن عباد، عن يزيد بن معن، حدَّثني عبد الله بن شرحبيل، عن رجل من قريش، عن زيد بن أبي أوفى جابر رضي الله عنه به.
10 -
أخرجه البزّار (253/ 3: كشف الأستار)، وابن جرير في تاريخه (3/ 98)، والحاكم (2/ 148)، (3/ 391)، من طريق مسلم الأعور، عن حبَّة العرني، عن حذيفة جابر رضي الله عنه به.
وهو ضعيف جدًا، لأن فيه حبة بن جوين وهو متروك.
11 -
أخرجه ابن عدي (7/ 2511)، وابن عساكر في تاريخه (12/ 639)، من طريق ناصح بن عبد الله عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة.
12 -
أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 259)، وأحمد في المسند (5/ 214)، والطبراني في الكبير (4/ 98)، وابن عساكر (12/ 641)، من طريق محمَّد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت، قال: ما زال جدي كافا سلاحه يوم الجمل حتى قتل عمار بصفين، غسل سيفه فقاتل حتى قتل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتل عمارًا الفئة الباغية".
وهو مرسل، ورجاله ثقات، إلَّا محمَّد بن عمارة ترجم له ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه شيئًا (الجرح: 8/ 44).
13 -
أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 300)، وابن عساكر (12/ 638)، من =
= طريق محمَّد بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، عن أبيه، عن جده، به.
14 -
أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 200)، والخطيب في تاريخه (12/ 186)، من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه به.
وفيه: المعلي بن عبد الرحمن الواسطي، قال عنه الدارقطني: ضعيف، كذاب.
15 -
أخرجه أبو يعلى في مسنده (13/ 353: 7364)، ومن طريقه ابن عساكر (12/ 319)، من طريق جرير سمعت شيخًا يحدَّث عن مغيرة، عن ابنة هشام بن الوليد، عن معاوية، به.
وإسناده ضعيف، لأن الشيخ مبهم، وابنة هشام مجهولة.
16 -
أخرجه ابن عساكر (12/ 636)، من طريق عبد الله بن أبي نجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه به.
17 -
أخرجه ابن عساكر (12/ 638)، عن ابن مسعود كما أخرجه البزّار في كشف الأستار (3/ 253) وذكر الحافظ في المطالب حديث رقم (4413)، أن أبا يعلى أخرجه.
18 -
أخرجه الخطيب (7/ 414)، من طريق يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابن عمر.
ويزيد بن أبي زياد هو الهاشمي، قال عنه الحافظ بن حجر في التقريب:"ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن به".
19 -
أخرجه ابن عساكر (12/ 641)، من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أبيه، به.
20 -
أخرجه ابن-صلى الله عليه وسلم (12/ 642)، من طريق جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أمامة.
وجعفر بن الزبير هو الحنفي، قال الذهبي: متهم تركه أحمد وغيره. =
= 21 - فقد أخرجه ابن عساكر (12/ 641)، من طريق يحيى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ أبي بكر بن حفص، عن رجل، عن أبي اليسر (كعب بن عمرو) ويحيى بن سلمة قال عنه النسائي وغيره: متروك.
22 -
أخرجه ابن عساكر (12/ 642)، من طريق أمه الأعلى بنت الخلف عن خالتها، عن عائشة.
قلت: ولا ريب أن هذا الحديث متواتر، فقد رواه جمع غفير من الصحابة وقد صرح بتواتره الإِمام ابن عبد البر فى الاستيعاب (2/ 474)، فقال:"وتواترت الآثار عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: تقتل عمارًا الفئة الباغية". وهذا من إخباره بالغيب، وإعلام نبوّته صلى الله عليه وسلم وهو من أصح الأحاديث".
وكذلك صرح بتواتره الذهبي في السير (1/ 421)، وابن حجر في الإِصابة (2/ 506)، وغيرهم من الأئمة.
وأما ما نقله ابن الجوزي في العلل (2/ 365)، عن الخلال أن أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وأبا خيثمة، والمعيطي ذكروا هذا الحديث "تقتل عمارًا الفئة الباغية"، فقال أحمد: قد روي في عمار تقتله الفئة الباغية، ثمانية وعشرون حديثًا ليس فيها حديث صحيح، فقد نقل شيخ الإِسلام ابن تيمية عن أحمد ما يدل على أنه رجع عن قوله ذلك وصحح الحديث، فقال في منهاج السنَّة (4/ 414)، "الحديث ثابت في الصحيحين، وقد صححه أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة، وإن كان قد روي عنه أنه ضعفه، فآخر الأمرين منه تصحيحه، قال يعقوب بن شيبة في مسنده في المكيين في مسند عمار بن ياسر لما ذكر أخبار عمار: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم في عمار: "تقتلك الفئة الباغية"، فقال أحمد: قتلته الفئة الباغية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال: في هذا غير حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وكره أن يتكلم في هذا بأكثر من هذا".
4412 -
وقال الحارث: حدَّثنا عبيد الله (1) بن محمَّد، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الباغية".
(1) في الأصل: "عبيد بن محمَّد"، ولا أرى له وجهًا، والتصحيح من بغية الباحث (4/ 1212).
4412 -
درجته:
هذا الحديث صحيح بهذا الإِسناد، لأن جميع رواته ثقات، وحماد بن سلمة وإن كان حفظه تغير في آخر عمره، إلَّا أن ذلك التغيير لا يخل بحديثه، فقد قال ابن معين:"حديثه في أول أمره وآخره واحد" وخاصة أنه لم يخالف الثقات في هذا الحديث، بل وافقهم.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 109)، وسكت عليه).
تخريجه:
أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (4/ 1212: رسالة دكتوراه).
ومن طريق الحارث أخرجه أبو نعيم في الحلية (4/ 361)، والذهبي في السير (4/ 171: في ترجمة عمار بن ياسر)، وقال الذهبي: تابعه عبد الوارث عن أبي التياح.
قلت: سبق الكلام على حديث عبد الوارث ولكنه حديث مرسل، حيث رواه ابن أبي الهذيل عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وأما حديث الباب فهو متصل، ويستفاد منه أن ابن أبي الهذيل روى هذا الحديث بواسطة عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 635: مخطوط)، من طريق عبيد الله بن محمَّد بن حفص، به، بنحوه. =
= والحديث له شواهد متعددة حيث رواه أكثر من خمسة وعشرين صحابيًا، وقد تقدم الكلام على هذه الشواهد.
طريق أخرى:
أخرجه البزّار كما في كشف الأستار (3/ 252)، عن الفضل، عن أسود بن عامر، عن شريك، عَنِ الْأَجْلَحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهذيل، به.
4413 -
وقال أبو يعلى: حدَّثنا أبو سعيد، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ حبَّة، قال: قال ابن مسعود لحذيفة رضي الله عنهما، إِنَّ الْفِتْنَةَ قَدْ وَقَعَتْ فحدَّثني مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، قَالَ رضي الله عنه: سمعته صلى الله عليه وسلم يقول لابن سمية رضي الله عنه: "ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية".
4413 -
درجته:
ضعيف جدًا، بهذا الإِسناد، فيه علتان:
1 -
فيه مسلم بن كيسان الأعور، وهو متروك الحديث.
2 -
فيه حبَّة بن جوين العرني، وهو ضعيف غال في التشيع، والحديث في بدعته.
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 297)، من حديث حذيفة وقال:"رواه الطبراني وفيه مسلم بن كيسان الأعور وهو ضعيف" قلت: بل هو متروك الحديث كما تقدم.
تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع، ولا في "المقصد العلي" ولعله في مسنده الكبير.
وأخرجه البزّار كما في كشف الأستار (3/ 253)، عن علي بن المنذر، عن محمَّد بن فضيل، عن مسلم الأعور، عن حبَّة، قال: اجتمع حذيفة وأبو مسعود، فقال أحدهما لصاحبه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تقتل عمارًا الفئة الباغية" وصدقه الآخر.
وأخرجه الطبري في تاريخه (3/ 98)، عن محمَّد بن عباد بن موسى عن محمَّد بن فضيل، عن مسلم الأعور، به، بنحوه، وزاد في آخره.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 148) و (391)، من طريق مسلم الأعور، به، بنحوه. =
= وقال: "هذا حديث له طرق بأسانيد صحيحة أخرجا بعضها ولم يخرجا بهذا اللفظ"
وقال الذهبي: مسلم بن كيسان تركه أحيد وابن معين.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 639)، من طرق عن مسلم الأعور، به، بنحوه.
وجملة القول أن حديث الباب ضعيف جدًا بإسناد أبي يعلى، وعليه فإنه لا يتقوى بغيره ومعناه صحيح، رواه أكثر من خمسة وعشرين صحابيًا.
4414 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تقتل عمارًا رضي الله عنه الفئة الباغية"(1).
4414 -
درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد؛ لأن فيه الليث بن أبي سليم بن زنيم، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات، وقد روي هذا الحديث من طرق متعددة مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنهما وأكثرها صحيحة وسيأتي الكلام عليها في تخريج الحديث.
تخريجه:
أخرجه البزّار كما في كشف الأستار (4/ 9)، عن عمرو بن علي ومحمد خلف كلاهما عن المعتمر بن سليمان به، بلفظه.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 638)، من طريق معتمر بن سليمان به.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 638)، من طريق معتمر بن سليمان به.
وروى هذا الحديث من طرق أخرى وفي بعضها زيادات، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنه ومنها ما يلي:
الطريق الأولى: أخرجها ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 291: 19691)، عن يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: حدَّثني الْأَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه إِذْ دَخَلَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ رضي الله عنه وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنه: لِيَطِبْ أَحَدُكُمَا بِهِ نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"تقتله الفئة الباغية"، فقال معاوية رضي الله عنه، أَلَا تُغْنِي عَنَّا مَجْنُونَكَ يَا عَمْرُو؟ فَمَا بَالُهُ مَعَنَا؟ قَالَ: إِنِّي مَعَكُمْ وَلَسْتُ أُقَاتِلُ، إِنَّ أَبِي شَكَانِي فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا وَلَا تَعْصِهِ" فأنا معكم ولست أقاتل.
وأخرجه أيضًا ابن سعد في الطبقات (3/ 253)، أحمد في المسند (2/ 164)، والبخاري في التاريخ الكبير (3/ 39)، والنسائي في الخصائص (ص 172)، وابن =
= عساكر في تاريخه (12/ 636)، كلهم من طريق يزيد بن هارون، به، بنحوه.
قلت: هذا الحديث صحيح، رواته ثقات.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 244)، وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
والطريق الثانية: رواها أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه قال: إني لأسير مع معاوية رضي الله عنه مُنْصَرَفَهُ مِنْ صِفِّينَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنه إذ قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، يا أبت! أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ، تَقْتُلُكَ الفئة الباغية".
أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 253)، وأحمد في المسند (2/ 161)، والنسائي في الخصائص (ص 174)، كلهم من طريق أبي معاوية عن الأعمش به.
ورواه جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما بنحوه. أخرجه النسائي في الخصائص (ص 173).
ولكن إسناده منقطع، لأن عبد الرحمن لم يسمع من عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه. وبينهما عبد الله بن الحارث كما رواه أبو معاوية وغيره من الثقات وقد تقدم ذلك آنفًا.
وحيث أن أبا معاوية أحفظ الناس لحديث الأعمش وقد رواه بواسطة عبد الله بن الحارث فيقدّم على غيره.
الطريق الثالثة: أخرجها ابن عساكر في تاريخه (12/ 661)، من طريق أبي يعلى عن عمرو بن مالك، عن يوسف ابن عطية، عن كُلْثُومُ بْنُ جَبْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْغَادِيَةِ الجهني يقول: حملت على عمار ابن ياسر رضي الله عنه يَوْمَ صِفِّينَ فَدَفَعْتُهُ فَأَلْقَيْتُهُ عَنْ فَرَسِهِ وَسَبَقَنِي إليه رجل من أهل الشام فاحتز رأسه، فاختصمنا إلى معاوية رضي الله عنه فِي الرَّأْسِ، وَوَضَعْنَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كِلَانَا يَدَّعِي قَتْلَهُ، وَكِلَانَا يَطْلُبُ الْجَائِزَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَعِنْدَهُ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو =
= رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار رضي الله عنه: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ بَشِّرْ قَاتِلَ عَمَّارٍ بِالنَّارِ"، إلى آخره.
وجملة القول إن الحديث روي من طرق متعددة مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنه وهو بهذه الطرق صحيح لغيره، والله تعالى أعلم.
وقد تقدم الكلام على أصل الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم لعمار: "تقتلك الفئة الباغية" في حديث رقم (4411) حيث أنه ثبت في الصحيحين، وقد بلغ حد التواتر عند المحدَّثين.
4415 -
وبه إلى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: أتى عمرو بن العاص رضي الله عنه رجلان يختصان في دم عمار وسلبه، فقال عمرو رضي الله عنه: خَلِّيَا عَنْهُ، وَاتْرُكَاهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"أولعت قريش بعمار، قاتل عمار وسالبه رضي الله عنه في النار".
4415 -
درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد، لأن فيه الليث بن أبي سليم بن زنيم، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات.
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 297): وقال: (رواه الطبراني وقد صرح ليث بالتحديث ورجاله رجال الصحيح).
قلت: لم أجده في المعجم الكبير للطبراني، ولعله في الجزء المفقود منه.
وقول الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح" تساهل منه لأن ليث بن أبي سليم روى له البخاري معلقًا وروى له مسلم مقرونًا وهو ضعيف كما تقدم، إلَّا أن للحديث شواهد صحيحية يرتقي بها إلى الصحيح لغيره.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 109) وعزاه لمسدد وأبي بكر بن أبي شيبة وسكت عليه.
تخريجه:
هذا الطريق مداره على المعتمر بن سليمان، واختلف عليه فيه على وجهين:
الوجه الأول: رواه مسدّد وصالح بن حاتم عنه عن الليث بن أبي سليم بن زنيم، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه، به.
أخرجه مسدّد في مسنده كما في المطالب العالية هنا.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 638)، من طريق صالح بن حاتم عن معتمر، به، بنحوه، وزاد في آخر قوله صلى الله عليه وسلم:"تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الباغية".
الوجه الثاني: رواه عبد الرحمن بن المبارك، عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، =
= عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عن عمر بن العاص رضي الله عنهما، به.
أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 387) عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، عن يحيى بن محمَّد بن يحيى، عن عبد الرحمن بن المبارك، به.
وقال: "تفرّد به عبد الرحمن بن المبارك وهو ثقة مأمون، عن معتمر، عن أبيه، فإن كان محفوظًا فإنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وإنما رواه الناس عن معتمر، عن ليث، عن مجاهد". ووافقه الذهبي.
قلت: مما تقدم يتبين أن الرواة المختلفين عن المعتمر بن سليمان كلهم ثقات، ولا يمكن ترجيح بعضهم على بعض في التوثيق أو في رواية بعضهم عن المعتمر بن سليمان، لذا نجد الإِمام الحاكم قد علق الحكم بقوله:"فإن كان محفوظًا" ولم يرجح وجهًا على آخر.
ولعل الأولى أن يقال: إن الوجه الأول رواه اثنان من الثقات وعليه فإنه أرجح وأما الوجه الثاني فقد تفرّد بن عبد الرحمن بن المبارك.
وعلى كل فإن الحديث ضعيف بإسناد مسدّد لضعف الليث بن أبي سليم.
طريق آخر عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه:
أخرجه الإِمام أحمد في مسنده (4/ 198)، وابن سعد في الطبقات (3/ 260)، عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن أبي حفص وكلثوم بن جبر، عن أبي غادية قال: قتل عمار بن ياسر فأخبر عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يقول: "إن قاتله وسالبه في النار".
فقيل لعمرو: فإنك هو ذا تقاتله؟ قال: إنما قال: "قاتله وسالبه".
وهذا لفظ أحمد، وزاد ابن سعد قصة قتل أبي غادية عمارًا يوم صفين.
قلت: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وهذا الطريق يقوي حديث الباب فيكون حسنًا لغيره وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 244)، وقال: "رواه أحمد والطبراني بنحوه
…
ورجال أحمد ثقات". =
= وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو بن العاص رضي الله عنه:
أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 661)، من طريق أبي يعلى، عن عمرو بن مالك، عن يوسف بن عطية، عن كُلْثُومُ بْنُ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْغَادِيَةِ الْجُهَنِيِّ يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه يوم صفين، فدفعته فألقيه عَنْ فَرَسِهِ، وَسَبَقَنِي إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشام، فاحتز رأسه، فاختصمنا إلى معاوية رضي الله عنه فِي الرَّأْسِ، وَوَضَعْنَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كِلَانَا يَدَّعِي قَتْلَهُ، وَكِلَانَا يَطْلُبُ الْجَائِزَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَعِنْدَهُ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار رضي الله عنه: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، بَشِّرْ قَاتِلَ عَمَّارٍ بِالنَّارِ" فتركته من يدي وقلت: لَمْ أَقْتُلْهُ، وَتَرَكَهُ صَاحِبِي مِنْ يَدِهِ فَقَالَ: لم أقتله. فلما رأى ذلك معاوية رضي الله عنه أقبل على عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه فَقَالَ: مَا يَدْعُوكَ إِلَى هَذَا؟.
قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول قولًا فأحببت أن أقوله.
قلت: وهو ضعيف جدًا لأن فيه يوسف بن عطية وهو متروك.
وأخرجه ابن حجر في المطالب العالية (4/ 306)، وعزاه إلى أبي يعلى وسيأتي تحت رقم (4419).
4416 -
وقال س أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الحارث رضي الله عنه، قال: إني لأسير مع معاوية رضي الله عنه، مُنْصَرَفَهُ مِنْ صِفِّينَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنه إذ قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: يا أبت! أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "وَيْحَكَ يَا ابْنَ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ الفئة الباغية".
4416 -
درجته:
هذا الحديث حسن بهذا الإِسناد، لأن جميع رواته ثقات، ما عدا عبد الرحمن بن زياد، فإنه مختلف فيه، والراجح في أمره أنه لا ينزل عن مرتبة صدوق، والله أعلم.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 241)، في حديث طويل وقال: رواه الطبراني وأحمد باختصار، وأبو يعلى بنحو الطبراني، والبزار بقوله:"تقتل عمارًا الفئة الباغية" عن عبد الله بن عمرو وحده. وذكره الهيثمي أيضًا في المجمع (9/ 296).
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 109)، وعزاه لابن أبي شيبة.
تخريجه:
هذا الحديث مداره على الأعمش واختلف عليه على وجهين:
الوجه الأول: روى كل من أبي معاوية الضرير، وسفيان الثوري، وأسباط، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه.
أما حديث أبي معاوية: لم أجده في المصنف لابن أبي، شيبة، ولعله في مسنده.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 253)، أحمد في المسند (2/ 161)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (12/ 638)، عن أبي معاوية، عن الأعمش، به، وزاد أحمد: فقال عمرو لمعاوية: ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية لا تزال تأتينا بهنة، أنحن قتلناه، إنما قتله الذين جاؤوا به. =
وأخرجه الإِمام النسائي في الخصائص (174)، من طريق أبي معاوية، به.
أما حديث سفيان الثوري: فقد أخرجه أحمد في مسنده (2/ 206)، عن الفضل بن دكين، عن سفيان، به، بنحوه، وأخرجه النسائي في الخصائص (ص 174: 168)، من طريق أبي نعيم، عن سفيان، به، بنحوه. إلَّا أنه قال:"عبد الرحمن بن أبي زياد" وكلاهما واحد كما تقدم في ترجمته.
أما حديث أسباط: فقد أخرجه أبو يعلى في مسنده المختصر (13/ 333)، عن إسماعيل بن موسى بن بنت السدي، عن أسباط بن محمَّد، به، بنحوه إلا أنه قال:"عبد الرحمن بن أبي زياد" وسيأتي تحت رقم (4421).
الوجه الثاني: رواه جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهم، فقد أخرجه الإِمام النسائي في الخصائص (ص 173: برقم 166)، عن محمَّد بن قدامة، عن جرير، به، بنحوه مختصرًا.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 637)، من طريق أبي يعلى (ولم أجده في مسنده).
وأورده الحافظ ابن حجر في المطالب العالية (4/ 307)، وسيأتي برقم (4420).
قلت: يتبين مما سبق أن الوجه الأول هو الصحيح فقد رواه جماعة ثقات عن الأعمش، وأبو معاوية أحفظ الناس لحديث الأعمش، والثوري إمام، أما الوجه الثاني فقد تفرّد به جرير وقد خالف الثقات، وعلى هذا فإن الوجه الأول هو المحفوظ، والوجه الثاني شاذ، ومن هنا يتبين أن الإِسناد الثاني منقطع لأن عبد الرحمن بن زياد لم يسمع هذا الحديث من عبد الله بن عمرو بن العاص، وإنما سمعه من عبد الله بن الحارث بن نوفل عنه.
4417 -
حدَّثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: حدَّثني الْأَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ قَالَ: إِنِّي لَجَالِسٌ عِنْدَ معاوية رضي الله عنه إِذْ دَخَلَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ رضي الله عنه، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو رضي الله عنه: لِيَطِبْ أَحَدُكُمَا بِهِ نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"تقتله الفئة الباغية" فقال معاوية رضي الله عنه: أَلَا تُغْنِي عَنَّا مَجْنُونَكَ يَا عَمْرُو، فَمَا بَالُهُ مَعَنَا، قَالَ: إِنِّي مَعَكُمْ وَلَسْتُ أُقَاتِلُ، إِنَّ أَبِي شَكَانِي فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"أَطِع أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا، وَلَا تعصِه"، فأنا معكم ولست أقاتل.
4417 -
درجته:
صحيح بهذا الإِسناد؛ لأن جميع رواته ثقات.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 244)، وقال:(رواه أحمد ورجاله ثقات).
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 109)(المختصرة) وعزاه لابن أبي شيبة وصححه.
تخريجه:
هذا الحديث مداره على حنظلة بن خويلد واختلف عليه فيه:
فقد رواه يزيد بن هارون وهشيم، عن العوام بن حوشب، عن الْأَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ كما تقدم، وخالفهما شعبة فرواه عن العوام بن حوشب، عن رجل، عن حنظلة بن سويد، هكذا خالفهما شعبة في موضعين من الإِسناد.
تخريج الوجه الأول: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 291: 19691)، وابن سعد في الطبقات (3/ 253)، والإِمام أحمد في مسنده (2/ 164)، عن يزيد بن هارون، به، بنحوه. =
= قلت: وعلى هذا فالحديث ليس من الزوائد، لأنه في المسند بالإِسناد والمتن وأخرجه الإِمام البخاري في تاريخه (3/ 39)، والإِمام النسائي في الخصائص (ص 172)، من طريق يزيد بن هارون، به، مختصرًا. وقال النسائي:"خالف شعبة فقال عن العوام، عن رجل عن حنظلة بن سويد" ثم ذكره وأخرجه الذهبي في معجم شيوخه (ص 96 ترجمة: عبد المؤمن الدمياطي) من طريق يزيد بن هارون، به، وقال:"إسناده جيد فإن الأسود هذا وثقه ابن معين".
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 637)، من طريق يزيد بن هارون، به.
أما رواية هشيم، فقد نقله ابن كثير في البداية (7/ 280)، عن الحافظ إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدَّثني يحيى، عن عدي بن عمر، عن هشيم، عن العوام بن حوشب، به، بنحوه.
فالخلاصة أن كلًا من يزيد بن هارون وهشيم يرويان هذا الوجه، وكلاهما ثقات.
تخريج الوجه الثاني: فقد أخرجه الإِمام النسائي في الخصائص (ص 172)، عن محمَّد بن المثنى، عن محمَّد بن جعفر، عن شعبة، عن العوام بن حوشب، عن رجل من بني شيبان، عن حنظلة بن سويد قال: جيء برأى عمار فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٌو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تَقْتُلُهُ الفئة الباغية".
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 198)، من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، به.
قلت: هكذا روى شعبة هذا الإِسناد وتفرد به، وقد خالف غيره في موضعين في الإِسناد، فقد قال يزيد بن هارون وهشيم:"عن العوام عن الْأَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ" وقال شعبة: "عن رجل من بني شيبان" بدلًا من الأسود بن مسعود، وقال:"حنظلة بن سويد" بدلًا من حنظلة بن خويلد. =
= وذهب بعض العلماء إلى الجمع بين الروايتين بأن يقال: إن الرجل المبهم في رواية شعبة هو الأسود بن مسعود المسمى في رواية يزيد بن هارون، وأما كون الأسود عنزيًا وهذا شيباني فيقال: إنه عنزي نزل في شيبان فنسب إليهما، وهذا الاحتمال أقوى من أن يقال: إن للعوام في هذا الإِسناد شيخين، وهذان الاحتمالان أرجح من الحكم بالغلط، وأما الاختلاف في والد حنظلة فغير قادح، لأن سويدًا والده وخويلد جده أو العكس فأحدهما نسبه إلى أبيه والثاني إلى جده والله أعلم. (انظر: تعليق المعلمي على التاريخ الكبير 3/ 39)، وذهب آخرون إلى ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى فقد قال الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (10/ 49)، "بل نرجح رواية يزيد بن هارون لمتابعة هشيم إياه عليها، فاثنان أقرب إلى الحفظ والتثبت من واحد، وما في الحكم على شعبة بالغلط بأس".
قلت: الذي يظهر لي أن الترجيح أولى من الجمع لأن يزيد بن هارون وهشيمًا حافظان ثقتان، وأما شعبة وإن كان ثقة ولكنه تفرّد، والله أعلم.
4418 -
حدَّثنا (1) وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَطْعَنْ بِرُمْحٍ، وَلَمْ أَضْرِبْ بِسَيْفٍ، وَلَمْ أَرْمِ بِسَهْمٍ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: لِمَ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِي: أَطِعْ أَبَاكَ فأطعته.
(1) القائل هنا: أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده.
4418 -
درجته:
هذا الإِسناد ضعيف، لأن فيه شخصًا مبهمًا، وبقية رجاله ثقات.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 109)، وعزاه لابن أبي شيبة وسكت عليه.
تخريجه:
لم أجده في المصنف لابن أبي شيبة ولعله في مسنده.
وأخرجه أبو بكر الخلال في السنَّة (ص 471)، عن وكيع بن الجراح، به، بنحوه.
قلت: روي هذا المعنى من وجه آخر صحيح كما تقدم في حديث رقم (4417)، من حديث عبد الله بن عمرو أيضًا، وعلى هذا فالمعنى صحيح بهذا الطريق.
4419 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، ثنا يوسف بن عطية، ثنا كُلْثُومُ بْنُ جَبْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْغَادِيَةِ الْجُهَنِيِّ يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه يَوْمَ صِفِّينَ، فَدَفَعْتُهُ فَأَلْقَيْتُهُ عَنْ فَرَسِهِ، وَسَبَقَنِي إليه رجل من أهل الشام، فاحتز رأسه فاختصمنا إلى معاوية رضي الله عنه فِي الرَّأْسِ وَوَضَعْنَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كِلَانَا يَدَّعِي قَتْلَهُ، وَكِلَانَا يَطْلُبُ الْجَائِزَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَعِنْدَهُ عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار رضي الله عنه: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ، بَشِّرْ قَاتِلَ عَمَّارٍ بِالنَّارِ" فَتَرَكْتُهُ مِنْ يَدَيَّ فَقُلْتُ: لَمْ أَقْتُلْهُ، وَتَرَكَهُ صَاحِبِي مِنْ يَدِهِ فَقَالَ: لَمْ أَقْتُلْهُ، فَلَمَّا رأى ذلك معاوية رضي الله عنه أقبل على عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه فَقَالَ: مَا يَدْعُوكَ إِلَى هَذَا؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول قولًا فأحببت أن أقوله.
4419 -
درجته:
ضعيف جدًا، لأن فيه يوسف بن عطبة وهو متروك، وفيه عمرو بن مالك الراسي وهو ضعيف.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 109)، (المختصر) وعزاه لأبي يعلى وسكت عليه.
تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى، ولا يوجد مسند عبد الله بن عمرو في المطبوع منه، ولم أجده في المقصد العلي، ولعله في المسند الكبير لأبي يعلى، ومن طريقه، أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 661). =
= والجزء المرفوع من الحديث له شاهد من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه تقدم في حديث رقم (4415)، وهو شاهد صحيح أخرجه الإِمام أحمد في مسنده (4/ 198)، وابن سعد في الطبقات (3/ 260)، وعليه فالمعنى صحيح، والإِسناد ضعيف جدًا.
4420 -
حدَّثنا (1) أبو خيثمة، ثنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قال: لما كان يوم صفين انصرفوا، قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" قَالَ عَمْرٌو لمعاوية رضي الله عنهما: أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى ابْنِ أَخِيكَ مَا يَقُولُ؟ قَالَ: أُعِيذُكَ باللهِ مِنَ الشَّكِّ، أَفِي الشَّكِّ أَنْتَ؟ أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ به.
(1) القائل هنا: الإِمام أبو يعلى في مسنده.
4420 -
درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد، لأنه منقطع بين عبد الرحمن بن أبي زياد وعبد الله بن عمرو بن العاص، وبينهما عبد الله بن الحارث، كما رواه أبو معاوية الضرير والثوري وأسباط، وأبو معاوية أحفظ الناس لحديث الأعمش، أما جرير بن عبد الحميد فقد تفرد بهذا الإِسناد، فهو شاذ، وقد تقدم ذكر هذه الوجوه وترجيح الوجه الذي رواه جماعة من الثقات في حديث رقم (4416).
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ 159)، (المختصر) وعزاه لأبي يعلى وسكت عليه.
تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى، لأن مسند عبد الله بن عمرو مفقود منه، ولم أجده في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير.
ومن طريق أبي يعلى هذا، أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 637).
وأخرجه النسائي في الخصائص (ص 173)، عن محمَّد بن قدامة، عن جرير، عن الأعمش، به، مختصرًا.
طرق أخرى لهذا الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه:
رواه كل من أبي معاوية الضرير وسفيان الثوري وأسباط عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ =
= عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الحارث، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما بنحوه.
1 -
أما حديث أبي معاوية: فقد أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 253)، والإِمام أحمد في مسنده (2/ 161)، عن أبي معاوية، عن الأعمش، به، ولفظ أحمد: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: إِنِّي لأسير مع معاوية في مُنْصَرَفَهُ مِنْ صِفِّينَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ العاص قال: فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: يا أبت ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويحك يابن سمية تقتلك الفئة الباغية". قال: فقال عمرو لمعاوية: ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية: لا تزال تأتينا بهنة أنحن قتلناه؟ إنما قتله الذين جاؤوا به.
قلت: هذا حديث حسن، وقد تقدم برقم (4416).
2 -
أما حديث سفيان الثوري: فقد أخرجه أحمد في المسند (2/ 206)، عن الفضل بن دكين، عن سفيان، عن الأعمش، به.
ولفظه: "قال إني لأساير عبد الله بن عمرو بن العاص، ومعاوية فقال عبد الله بن عمرو لعمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية"، يعني: عمارًا، فقال عمرو لمعاوية: أسمعت ما يقول هذا، فحدَّثه فقال: أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ، إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ.
قلت: هذا حديث حسن، لأن فيه عبد الرحمن بن أبي زياد، وهو صدوق، وبقية رجاله ثقات فالخلاصة أن حديث الباب يرتقي بهذه الطرق إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
3 -
أما حديث أسباط: فقد أخرجه أبو يعلى في مسنده (13/ 33)، عن إسماعيل بن موسى السدي، عن أسباط بن محمَّد، عن الأعمش، به، بنحوه، وسيأتي برقم (4421).
وللحديث شاهد من حديث عمرو بن حزم وعمرو بن العاص رضي الله عنهما. =
= أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (11/ 240)، عن معمر، عن ابن طاووس، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمَّد بْنِ عَمْرِو بن حزم، عن أبيه دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تقتله الفئة الباغية" فدخل عمرو على معاوية فقال: قتل عمار، قال معاوية: قتل عمار فماذا؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية" قال: دحضت في بولك، أو نحن قتلناه، إنما قتله علي وأصحابه".
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه كل من الإِمام أحمد في مسنده (4/ 199)، والبيهقي في الدلائل (2/ 551)، وأبو يعلى في مسنده (13/ 123)، والحاكم في المستدرك (2/ 155، 3/ 386)، وقال الحاكم:"صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة" ووافقه الذهبي.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 241، 242)، "وقال رواه أحمد وهو ثقة".
قلت: هكذا وجدته في المجمع، ولعل الصواب "رواه أحمد ورواته ثقات".
4421 -
حدَّثنا إسماعيل بن موسى، ثنا أسباط، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نوفل قال: رجعت مع معاوية رضي الله عنه، مِنْ صِفِّينَ، فَكَانَ مُعَاوِيَةُ وَأَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ يَسِيرُونَ فِي جَانِبٍ، وَعَمْرٌو وَابْنُهُ يَسِيرَانِ فِي جَانِبٍ، فَكُنْتُ بَيْنَهُمْ، لَيْسَ أَحَدٌ غَيْرِي، فَكُنْتُ أَحْيَانًا أُوضَعُ إِلَى هَؤُلَاءِ وَأَحْيَانًا أُوضَعُ إِلَى هؤلاء، فسمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يَقُولُ لِأَبِيهِ: يَا أَبَتِ. أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَمَّارٍ رضي الله عنه حِينَ كَانَ يَبْنِي الْمَسْجِدَ: "إِنَّكَ لَحَرِيصٌ عَلَى الأجر"؟ قال: أجل، رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَتَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" قَالَ: بَلَى، قَدْ سَمِعْتُهُ قَالَ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُ؟ قال: فالتفت إلى معاوية رضي الله عنه فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1)، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: فَذَكَرَهُ، قَالَ: ويحك، ما تزال تدحض في قولك (2)، أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ، إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ.
(1) جاء في الأصل: "يا عبد الرحمن"، ولكن صححته من المصادر الأصلية.
(2)
هكذا في الأصل، وورد في المصادر الأخرى:"تدحض في بولك".
4421 -
درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد، لأن فيه إسماعيل بن موسى الفزاري، وهو شيعي، والحديث في فضل علي رضي الله عنه، إلَّا أن للحديث طرقًا أُخرى تقدمت في حديث رقم (4420)، يرتقى بها إلى الحسن لغيره.
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 297)، من حديث عمرو بن العاص بنحوه، ولم يذكر قصة في أوله. وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات. =
= وذكره البصيرى فى الإتحاف (ل 3/ 109) ، وعزاه لأبى يعلى وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (13/ 333، 334)، عن إسماعيل بن موسى، به، وزاد في وسطه وللحديث طرق أُخرى تقدم تخريجها من حديث رقم (4420)، وكذلك (4416).
4422 -
[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ (1) قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ وَاشْتَدَّ الحر، قال عمار رضي الله عنه: إيتوني بِشَرَابٍ أَشْرَبُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "آخِرُ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْيَا شَرْبَةُ لَبَنٍ" ثُمَّ تَقَدَّمَ، فقتل.
[2]
وقال أبو يعلى: حدَّثنا القواريري ثنا ابن مهدي، عن سفيان نحوه.
(1) جاء في الأصل: "عن حبيب بن أبي ثابت البختري قال"، والتصحيح من المصنف لابن أبي شيبة وغيره من المصادر.
4422 -
درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد، للِإنقطاع بين أبي البختري وعمار رضي الله عنه، لأن أبا البختري لم يدرك عليًا ولا أبا ذر ولا أبا سعيد الخدري، ولا عائشة، وقد تأخرت وفاة بعضهم عن وفاة عمار رضي الله عنه، فمن باب أولى أنه لم يدركه، والله أعلم.
وأيضًا فيه عنعنة حبيب بن أبي ثابت ولا يقبل حديثه إلَّا إذا صرح بالسماع، ولم أجد من صرح بذلك، ورجال هذا الإِسناد كلهم ثقات. والله أعلم.
وذكر الهيثمي في المجمع (7/ 243)، وقال:"رواه أحمد والطبراني وبين أن الذي سقاه هو أبو المخارق وزاد فيه، ثم نظر إلى لواء معاوية فقال: قاتلت صاحب هذه الراية مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. ورجال أحمد رجال الصحيح إلَّا أنه منقطع".
تخريجه:
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (15/ 302: 19723)، ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 421)، وأخرجه أحمد في مسنده (4/ 319)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (12/ 658)، وأخرجه ابن سعد في =
= الطبقات (3/ 258)، كلهم عن وكيع، به، بنحوه.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 389)، من طريق سفيان، به، بنحوه وقال:
"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
قلت: تقدم الكلام على درجته بأنه ضعيف، لأنه منقطع، وفيه عنعنة حبيب بن أبي ثابت، وأما رجاله فهم ثقات من رجال الصحيحين كما قال الحاكم.
طريق آخر لهذا الحديث: أخرجه أبو يعلى في مسنده (3/ 196)، عن وهب بن بقية، عن خالد، عن عطاء بن السائب عَنْ مَيْسَرَةَ وَأَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَا: إِنَّ عَمَّارًا رضي الله عنه يَوْمَ صِفِّينَ جَعَلَ يُقَاتِلُ فَلَا يُقْتَلُ. فَيَجِيءُ إلى علي رضي الله عنه فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ أَلَيْسَ هَذَا الْيَوْمَ كَذَا وَكَذَا هُوَ؟ فَيَقُولُ: أَذْهِبْ عَنْكَ، فَقَالَ ذلك مرارًا، ثم أتى رضي الله عنه بلبن فشربه فقال عمار رضي الله عنه: إن هذا لَآخِرُ شَرْبَةٍ أَشْرَبُهَا مِنَ الدُّنْيَا" ثُمَّ تَقَدَّمَ فقاتل حتى قتل رضي الله عنه.
قلت: هذا الإِسناد ضعيف، لأن فيه عطاء بن السائب وقد تغيّر، وخالد بن عبد الله الواسطي أخذ عنه بعد الاختلاط كما تقدم في حديث رقم (4408) وميسرة "مقبول" كما في التقريب.
وعلى هذا فالحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
4423 -
وقال أبو يعلى: حدَّثنا الفضل بن سكين، ثنا أحمد بن محمَّد الرملي، ثنا يحيى بن عيسى الرملي، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: كَانَ عمار بن ياسر رضي الله عنه، ولع بقريش وولعت به فغدوا عليه وضربوه، فخرج عثمان رضي الله عنه مُغْضَبًا، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ؟ مَا لِي ولقريش، فعل الله بقريش وفعل، غدوا على رجل فضربوه، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول لعمار رضي الله عنه:"تقتلك الفئة الباغية".
4423 -
درجته:
ضعيف جدًا، لأن فيه الفضل بن السكين وهو متروك، وفيه أيضًا يحيى بن عيسى الرملي، وهو ضعيف، وفيه أحمد بن محمَّد الرملي ولم أقف على ترجمته.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 242)، وقال:"رواه أبو يعلى والطبراني وفيه أحمد بن بديل وثقه النسائي وغيره وفيه ضعف".
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في معجمه (ص 311)، عن الفضل بن السكين، به، وفي المقصد العلي (ق 164)، ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 636).
وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير (1/ 187)، عن عمر بن محمد بن عمروية المخرمي، عن أحمد بن بديل القاضي، عن يحيى بن عيسى الرملي، به،
مختصرًا (الجزء المرفوع فقط) ومن طريقه أخرجه الخطيب في تاريخه (11/ 218).
وأحمد بن بديل القاضي أبو جعفر اليامي، صدوق له أوهام كما في التقريب (ص 77: 12)، وعمر بن محمَّد بن عمرويه لم أجده.
وعلى هذا فالحديث ضعيف، إلَّا أن الجزء المرفوع منه صحيح كما تقدم في حديث رقم (4411).
4424 -
حدَّثنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، ثنا خَالِدٌ، عَنْ عطاء (1) بن السائب، عَنْ مَيْسَرَةَ وَأَبِي الْبَخْتَرِيِّ، قَالَا: إِنَّ عَمَّارًا رضي الله عنه يَوْمَ صِفِّينَ جَعَلَ يُقَاتِلُ فَلَا يُقْتَلُ، فَيَجِيءُ إلى علي رضي الله عنه فَيَقُولُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينِ! أَلَيْسَ هَذَا الْيَوْمَ كَذَا وَكَذَا هُوَ؟ فَيَقُولُ: أَذْهِبْ عَنْكَ. فَقَالَ ذلك مرارًا، ثم أتى رضي الله عنه بلبن فشربه، فقال عمار رضي الله عنه: إن هذا لآخر شربة أشربها في الدنيا، ثم تقدم فقاتل حتى قتل رضي الله عنه.
(1) في الأصل: "عطا هو ابن الزبير"، وهو تحريف، وصححته من مسند أبي يعلى وغيره من المصادر.
4424 -
درجته:
ضعيف؛ لأن فيه عطاء بن السائب وهو ثقة، إلَّا أنه اختلط في آخر عمره، وخالد بن عبد الله الواسطي الطحان أخذ عنه بعد الاختلاط. (انظر: ترجمته في حديث رقم 4408).
وفيه ميسرة وهو مقبول كما تقدم آنفًا، وعليه فالأثر ضعيف بهذا الإِسناد.
وأورده الهيثمي في المجمع (9/ 297)، وقال:"رواه الطبراني وأبو يعلى بأسانيد، وفي بعضها عطاء بن السائب، وقد تغير، وبقية رجاله ثقات، وبقية الأسانيد ضعيفة".
قلت: بل ميسرة لم يوثقه أحد، وإنما ذكره ابن حبّان في الثقات.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (3/ 196)، عن وهب بن بقية، به، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 659).
قلت: هذا الأثر تقدم مرفوعًا من حديث عمار رضي الله عنه في حديث رقم (4422)، وهو ضعيف أيضًا لكن بمجموع الطرق يرتقي الحديث إلى الحسن لغيره.
4425 -
حدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قال: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ شَيْخًا يحدَّث مُغِيرَةَ، عَنْ بِنْتِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وكانت تمرض عمارًا رضي الله عنه قالت: جاء معاوية إلى عمار بن ياسر رضي الله عنهما يَعُودُهُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: اللهُمَّ لَا تَجْعَلْ مَنِيَّتَهُ بِأَيْدِينَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"تَقْتُلُ عمارًا الفئة الباغية".
4425 -
درجته:
ضعيف؛ لأن فيه شيخًا وهو مبهم، وفيه ابنة هشام بن الوليد بن المغيرة وهي مجهولة، وبقية رواته ثقات.
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 296)، وقال:"رواه أبو يعلى والطبراني، وابنة هشام، والراوي عنها لم أعرفهما، وبقية رجالهما رجال الصحيح".
والحديث صحيح وله عدة شواهد تقدمت في حديث رقم (4411).
تخريجه:
رواه أبو يعلى في مسنده (13/ 353: 7364)، عن عثمان بن أبي شيبة، به، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 636).
وللحديث شواهد متعددة تقدمت في تخريج حديث رقم (4411)، فانظرها هناك.
4426 -
وَقَالَ الْحَارِثُ: حدَّثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ (1) بْنُ شُعَيْبٍ أَخُو عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِالشَّامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَانَتْ أُمُّ عَبْدِ الله بنت منبه (2) بْنِ الْحَجَّاجِ تُلْطِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهَا (3) ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: "كَيْفَ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ؟ " قَالَتْ: بِخَيْرٍ. فكيف أَنْتَ بِأَبِي وأُمي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ [قَالَ: بِخَيْرٍ](4) قَالَ صلى الله عليه وسلم: "وَكَيْفَ عَبْدُ اللَّهِ"؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ رَجُلٌ تَرَكَ الدُّنْيَا، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ يَوْمَ صِفِّينَ: اخْرُجْ فَقَاتِلْ، فَقَالَ: يَا أَبَتِ! كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أُقاتل؟ وَقَدْ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ سَمِعْتَ. قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ، أَتَعْلَمُ أَنَّ آخِرَ مَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَخذ بِيَدِكَ فَوَضَعَهَا فِي يَدِي، فَقَالَ:"أَطِعْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ" قال: نعم، قال: آمرك أن تقاتل، فَخَرَجَ فَقَاتَلَ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْحَرْبُ أَنْشَأَ عَمْرٌو رضي الله عنه يقول:
شَبَّتِ الْحَرْبُ فَأَعْدَدْتُ لَهَا
…
مُفْرِعَ الْحَارِكِ مَرْوِيَّ الثَّبَجْ
يَصِلُ الشَّدَّ بِشَدٍّ وَإِذَا
…
وَثَبَ الْخَيْلُ من الشد معج
جرشع أعظمه جفرته
…
فإذا وثب من الماء حدج
(1) في الأصل: "عبد الملك بن قدامة بن شعيب أخو عمرو بن شعيب"، وهو تحريف، والصحيح كما ذكرته. (انظر: بغية الباحث 3/ 947)، رسالة دكتوراه، ومعرفة الصحابة، (ص 382)، وجاء في مصنف ابن أبي شيبة والمستدرك والطبراني كما ذكر عنه الهيثمي في المجمع "حدَّثني عمرو بن شعيب".
(2)
في الأصل: "منية"، وصححته من كتب التراجم.
(3)
في الأصل: "فأتاه"، وصححته من بغية الباحث والمصادر الأخرى.
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل: وزدته من النسخة المطبوعة للمطالب العالية وقد نقله من مجمع الزوائد.
وقال عمرو رضي الله عنه أيضًا:
لَوْ شَهِدَتْ جَمْلٌ مَقَامِي وَمَشْهَدِي
…
بِصِفِّينَ يَوْمًا، شَابَ مِنْهَا الذَّوَائِبُ
عَشِيَّةَ جَاءَ أَهْلُ الْعِرَاقِ كَأَنَّهُمْ
…
سَحَابُ رَبِيعٍ رَفَّعَتْهُ الْجَنَائِبُ
وَجِئْنَاهُمْ تَرَدَّى كَأَنَّ سُيُوفَنَا
…
مِنَ الْبَحْرِ مَدٌّ مَوْجُهُ مُتَرَاكِبُ
إِذَا قُلْتُ قَدْ وَلَّوْا سِرَاعًا بَدَتْ لَنَا
…
كَتَائِبُ مِنْهُمْ، وَارْجَحَنَّتْ كَتَائِبُ
فَدَارَتْ رَحَانَا وَاسْتَدَارَتْ رَحَاهُمُ
…
سَرَاةَ النَّهَارِ مَا تَوَلَّى الْمَنَاكِبُ
فَقَالُوا لَنَا: إِنَّا نَرَى أَنْ تُبَايِعُوا
…
عَلِيًّا فَقُلْنَا: بل نرى أن نضارب
4426 -
درجته:
الإِسناد ضعيف، فيه عبد الملك بن قدامة الجمحي وهو ضعيف وفيه عمر بن شعيب، وهو مجهول.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 240)، في حديث طويل وقال:"قلت: في الصحيح بعض أوله رواه الطبراني من رواية عبد الملك بن قدامة الجمحي، عن عمرو بن شعيب، وعبد الملك وثقه ابن معين وضعّفه أبو حاتم وغيره".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 111)، وقال: "رواه الحارث بن أبي أسامة وسكت عليه.
تخريجه:
هذا الحديث مداره على شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، واختُلف عليه، فيه وجهين، وهما كالآتي:
الوجه الأول: رواه يزيد بن هارون، عن عبد الملك بن قدامة، عن عُمَرُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخُو عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.
أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (3/ 948)، رسالة دكتوراه، عن يزيد بن هارون، به.
ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 382).
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (المتمم)(ص 122)، عن يزيد بن هارون، به. =
= وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (ترجمة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ) فِي جزء خاص بترجمة العبادلة (ص 253)، من طريق الحسن بن مكرم، عن يزيد بن هارون، به، بنحوه.
الوجه الثاني: رواه يزيد بن هارون وإسماعيل بن أبي أُويس، عن عبد الملك بن قدامة، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 297: 19713)، و (8/ 709: 6106)، عن يزيد بن هارون، به، قال: لما رفع الناس أيديهم عن صفين قال عمرو بن العاص (ثم ذكر الأبيات) ..
وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (مسند عمر بن الخطاب السفر الثاني)(ص 672)، من طريق إسماعيل بن أبي أُويس، به، بنحوه.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 527)، من طريق الحارث، عن يزيد بن هارون، به، وذكر القطعة الثانية من الأبيات (ثلاثة أبيات فقط).
ورواه الطبراني أيضًا من رواية عبد الملك بن قدامة الجمحي، عن عمرو بن شعيب كما ذكره الهيثمي في المجمع (7/ 240).
وأخرجه ابن عساكر في ترجمة عبد الله بن عمرو (ص 255)، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن عبد الملك بن قدامة، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده بمعناه.
قلت: يظهر لي مما سبق أن الوجه الثاني هو المحفوظ وذلك لما يأتي:
1 -
إن عبد الملك بن قدامة يروي عن عمرو بن شعيب، ولم أجد في كتب التراجم من صرح بأنه يروى أيضًا عن عمر بن شعيب.
2 -
إن الوجه الثاني رواه يزيد بن هارون وتابعه عليه إسماعيل بن أبي أُويس، وإسماعيل بن أبي أُويس وإن كان ضعيفًا إلَّا أن حديثه ينجبر بمتابعة يزيد بن هارون له، أما الوجه الأول فقد تفرّد به يزيد بن هارون.
وعلى كل فالإِسناد ضعيف، لأن مداره على عبد الملك بن قدامة الجمحي وهو ضعيف.
4427 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا صَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بن وردان، ثنا أَبِي، حدَّثني عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، حدَّثني رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَعْدٍ، قَالَ: كُنْتُ وَاقِفًا بِصِفِّينَ إلى جنب الأحنف رضي الله عنه، والأحنف إلى جنب عمار رضي الله عنه فسمعت عمارًا رضي الله عنه يَقُولُ: عَهِدَ إِلَيَّ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم أَنَّ آخِرَ زَادِي مِنَ الدُّنْيَا ضَيْحَةُ (1) لَبَنٍ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ سَطَعَ الْغُبَارُ وَقَالُوا: جَاءَ أَهْلُ الشَّامِ وَقَامَتِ السُّقَاةُ يَسْقُونَ النَّاسَ فَجَاءَتْهُ جَارِيَةٌ مَعَهَا قَدَحُ لَبَنٍ، فناولته عمارًا رضي الله عنه فشربه، ثم ناول عمار رضي الله عنه فضله الأحنف بن قيس رضي الله عنه، ثُمَّ نَاوَلَنِي الْأَحْنَفُ فَقُلْتُ: إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ صَادِقًا فَخَلِيقٌ أَنْ يُقْتَلَ الْآنَ، قَالَ: فَغَشِيَنَا القوم فتقدم عمار رضي الله عنه فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:
الْجَنَّةُ تَحْتَ الْأَسِنَّةِ
…
الْيَوْمَ أَلْقَى الْأَحِبَّةَ
…
مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ
ثُمَّ كَانَ آخِرَ الْعَهْدِ به رضي الله عنه.
(1) في الأصل: "صبحة"، وهو تصحيف، والتصحيح من كتب اللغة وغريب الحديث. والضيحة شربة من الضيح: وهو اللبن الخائر يصب فيه الماء ثم يخلط. (انظر: النهاية لابن الأثير 3/ 107).
4427 -
درجته:
ضعيف؛ لأن فيه علي بن زيد بن عبد الله بن جدعان وهو ضعيف كما تقدم، وفيه أيضًا رجل من بني سعد، وهو مجهول.
تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع، ولا في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 659).
وتابع صالح بن حاتم بن وردان، المعلي بن أسد: =
= أخرجه أبو العرب في تاريخ المحن (ص 98)، عن عيسى بن مسكين، عن محمَّد بن عبد الله بن سنجر، عن المعلي بن أسد، عن حاتم بن وردان، به، بنحوه.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (12/ 659)، من طريق المعلي بن أسد، به، بنحوه.
والأثر روي مختصرًا من طرق أُخرى منها ما يلي:
الطريق الأول: أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 258)، عن محمَّد بن عمر الواقدي حدَّثني من سمع سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ، عَنْ ربيعة بن ناجد قال: سمعت عمار بن ياسر وهو بصفين يقول: الجنة تحت البارقة والظمآن يرد الماء المورد، اليوم ألقى الأحبة، محمدًا وحزبه، لقد قاتلت صاحب هذه الراية ثلاثًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وهذه الرابعة كإحداهن.
ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في تاريخه (2/ 57).
وفيه محمَّد بن عمر الواقدي متروك مع سعة علمه كما في التقريب (ص 498: 6175)، وشيخه مجهول، ولكن لم ينفرد به الواقدي، بل تابعه عليه عبيد الله بن موسى، وأما شيخه فهو يحيى بن سلمة بن كهيل.
فقد أخرجه البزّار كما في كشف الأستار (3/ 253)، عن يوسف بن موسى، عن عبيد الله بن موسى، عن يحيى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد قال: لما كان يوم صفين قال عمار:
اليوم ألقى الأحبة
…
محمدًا وحزبه
لقد قالت بهذه الراية ثلاثًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهذه الرابعة.
قال البزّار: لا نعلم روى ربيعة عن عمار إلَّا بهذا.
قلت: هذا الإِسناد ضعيف جدًا، لأن فيه يحيى بن سلمة بن كهيل وهو متروك كان يتشيع. (انظر: الكاشف 3/ 226، التقريب ص 591: 7561).
الطريق الثانية: فقد أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 394)، في معرفة =
= الصحابة، من طريق علي بن خشرم، عن أبي مخلد عطاء بن مسلم، عن الأعمش، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: شهدنا صفين فذكر قصة وفي آخرها (قال عمار: يا هاشم؟ الجنة تحت الأبارقة، اليوم ألقى الأحبة محمدًا وحزبه) وزاد في آخره.
قلت: هذا الإِسناد ضعيف، لأن فيه عطاء بن مسلم أبا مخلد الكوفي وهو صدوق يخطئ كثيرًا. (انظر: التقريب 392، 4599).
فالخلاصة: إن هذا الأثر بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.