الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
49 - باب شفاعة المؤمنين
4583 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حدَّثني أَبُو ظِلَالِ، حدَّثني أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَلَكَ رَجُلَانِ مَفَازَةً، أَحَدُهُمَا عَابِدٌ، وَالْآخَرُ بِهِ رَهَقٌ، فَعَطِشَ الْعَابِدُ حَتَّى سَقَطَ فَجَعَلَ صَاحِبُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَهُوَ صَرِيعٌ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ مَاتَ هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ عَطَشًا وَمَعِيَ ماء، لا أصبت مِنَ اللَّهِ خَيْرًا، وَإِنْ سَقَيْتُهُ مَائِي لَأَمُوتَنَّ، فتوكل على الله تعالى وَعَزَمَ، ورَشَّ عَلَيْهِ مِنْ مَائِهِ وَسَقَاهُ مِنْ فضله، فقام حتى قطعا الْمَفَازَةَ، قَالَ: فَيُوقَفُ (1) الَّذِي بِهِ رَهَقٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْحِسَابِ، فَيُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّارِ، فَتَسُوقُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَيَرَى الْعَابِدَ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ! أَمَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا فُلَانٌ الَّذِي آثَرْتُكَ عَلَى نَفْسِي يَوْمَ الْمَفَازَةِ، قَالَ: فيقول: بلى أعرفك، فيقول للملائكة: قِفُوا، فَيُوقَفُ وَيَجِيءُ حَتَّى يَقِفَ وَيَدْعُوَ رَبَّهُ، فَيَقُولُ (2): يَا رَبِّ قَدْ تَعْرِفُ يَدَهُ عِنْدِي، وَكَيْفَ آثَرَنِي عَلَى نَفْسِهِ، يَا رَبِّ هَبْهُ لي فيقول جل وعلا: هُوَ لَكَ، قَالَ: فَيَجِيءُ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ.
قَالَ جَعْفَرٌ: قُلْتُ لَهُ: حدَّثك أَنَسٌ رضي الله عنه؟ قال نعم.
(1) هكذا في الأصل وفي (س) وفي (ع): "فتوقف"، ولا أرى له وجهًا، ولعله تصحيف.
(2)
في (س): "فقال".
4583 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، فيه أبو ظلال القسملي، وهو ضعيف.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 382)، وقال:"رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير أبي ظلال القسملي. وقد وثقه ابن حبّان وغيره، وضعَفه غير واحد".
قلت: لم يوثقه ابن حبّان وإنما هو هلال بن أبي هلال غير أبي ظلال، أبو ظلال هذا ذكره في المجروحين، وقد نبَّه عليه الحافظ في التهذيب (11/ 85).
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 154)، وقال:"رواه أبو يعلى بسند ضعيف لضعف أبي ظلال القسملي".
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 215: 4212).
وأخرجه الطبراني في الأوسط كما في المجمع (3/ 132).
وأخرجه البيهقي كما في النهاية لابن كثير (ص 335)، من طريق جعفر بن سليمان الضبعي، به، بنحوه.
وللحديث طرق أُخرى من حديث أنس رضي الله عنه بغير هذا السياق. انظر: الأحاديث القادمة (4584 - 4585)، ولا يخلو واحد منها عن ضعف، إلَّا أن ضعف بعض الطرق ينجبر وعليه فإن الحديث بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
وأصل شفاعة المؤمنين يوم القيامة ثابت في الصحيحين من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قلنا: يا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، هَلْ نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون
…
الحديث.
وفيه: (وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون: ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله تعالى صورهم على النار فيأتونهم، =
= وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار، فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا ثم يعودون فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون من عرفوا
…
فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون" الحديث.
أخرجه البخاري كما في الفتح (13/ 431)، كتاب التوحيد، باب قوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)} . تقدم تخريجه بالتفصيل في حديث رقم (4539).
وعليه فإن متن الحديث بهذا الشاهد يرتقي إلى الصحيح لغيره.
4584 [1]- وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، ثنا الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَخْرُجُ (1) صُفُوفُ أَهْلِ النَّارِ، فَيَمُرُّ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ! أَمَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: وَمَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا الَّذِي اسْتَوْهَبْتَنِي وَضُوءًا (2) فَوَهَبْتُ لَكَ، فَيَشْفَعُ لَهُ، فَيُشَفَّعُ فِيهِ، وَيَمُرُّ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ! أَمَا تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَمَا بَعَثْتَنِي فِي حَاجَةِ كَذَا وَكَذَا فَقَضَيْتُهَا لَكَ، فَيَشْفَعُ لَهُ، فَيُشَفَّعُ فِيهِ".
* (فِيهِ الرَّقَاشِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ).
[2]
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النرسي، ثنا يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، بِهِ (3).
* (يُوسُفُ متروك الحديث).
(1) هكذا في الأصل وفي (ع)، وجاء في (س):"يخرج".
(2)
جاء في (س): "وضوءاة"، وهو خطأ.
(3)
هذه الإحالة على الإِسناد الأول وَهْمٌ من الحافظ، لأن الأعمش في إسناد أبي يعلى يروى عن أنس رضي الله عنه مباشرة، وليست فيه واسطة يزيد الرقاشي بينهما كما يفهم من هذه الإِحالة.
انظر: (مسند أبي يعلى 7/ 87: 4006)، المقصد العلي (ص 179).
4584 -
درجته:
الحديث ضعيف بإسناد مسدّد، فيه يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف.
والحديث ضعيف جدًا بإسناد أبي يعلى، لأن فيه يوسف بن خالد السمتي وهو متروك الحديث.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 382)، وقال:"رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط وفيه يوسف بن خالد وهو كذّابٌ". =
= وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 153)، وعزاه لمسدد وابن أبي شيبة والحارث، وقال: مدار أسانيدهم على يزيد الرقاشي وهو ضعيف.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 78: 4006)، وفي المقصد العلي (ق 179). ولفظه:"يعرض أهل النار يوم القيامة صفوفًا، فيمر بهم المؤمنون، فيرى الرجل من أهل النار الرجل من المؤمنين قد عرفه في الدنيا، فيقول: يا فلان! أما تذكر يوم استعنتني في حاجة كذا وكذا؟ قال: فيذكر ذلك المؤمن فيعرفه، فيشفع له إلى ربه، فيشفعه فيه".
وأخرجه هنَّاد بن السري في الزهد (1/ 142: 187)، حدَّثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، به ولفظه: "يصف أهل الجنة والنار يوم القيامة صفوفًا، فيمر بهم الرجل من أهل الجنة
…
فذكره بنحوه.
وأخرجه ابن ماجه في السنن (2/ 1215)، كتاب الأدب، باب فضل صدقة الماء، من طريق وكيع.
وأخرجه البغوي في شرح السُنَّة (15/ 184: 4352)، من طريق أبي معاوية، كلاهما عن الأعمش، به، بنحوه.
فالخلاصة أن مدار هذه الطرق جميعها على يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف، وبه أعلّه البوصيري في الإِتحاف كما تقدم، والشيخ الألباني في الضعيفة (1/ 130: 93).
وله طريق آخر عن أنس رضي الله عنه.
أخرجه البيهقي كما في النهاية لابن كثير (ص 336)، والبغوي في شرح السُنَّة (15/ 185)، من طريق أحمد بن عمران الأخنسي، سمعت أبا بكر بن عياش، يحدَّث عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إذا كان يوم القيامة جمع الله سبحانه أهل الجنة صفوفًا وأهل النار صفوفًا، فينظر الرجل عن صفوف أهل النار =
= إلى الرجل من صفوف الجنة، فيقول له: يا فلان! أما تذكر يوم اصطنعتُ إليك معروفًا؟ قال: فيقول: اللهم إن هذا اصطنع إليّ في الدنيا معروفًا، قال: فيقال له: خذه بيده، فأدخله الجنة برحمة الله تعالى، قال أنس: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقوله.
قلت: إسناده ضعيف جدًا، فيه أحمد بن عمران الأخنسي، وهو متروك وهو مترجم في ميزان الاعتدال (1/ 123)، وفي اللسان (1/ 234).
ونقل الحافظ في اللسان هذا الحديث وقال: "تفرّد به أحمد وهو خبر منكر بهذا السند".
وللحديث شاهد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في شفاعة المؤمنين يوم القيامة تقدم تخريجه في الحديث السابق رقم (4582)، ويشهد له أيضًا حديث أنس رضي الله عنه المتقدم أنفًا برقم (4582)، وهو ضعيف، لكن الحديث بمجموع هذه الطرق والشواهد يرتقي إلى الحسن لغيره.
4585 -
حدَّثنا روح بن عبد المؤمن، ثنا عَلِيُّ بْنُ أَبِي سَارَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُشْرِفُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُنَادِي مَنْ فِي النَّارِ: يَا فُلَانُ! أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لا أَعْرِفُكَ، مَنْ أَنْتَ (وَيْحَكَ) (1)؟ قَالَ: أَنَا الَّذِي مَرَرْتَ بِي فِي الدُّنْيَا فَاسْتَسْقَيْتَنِي شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ فسقيتُك، فَاشْفَعْ لِي بِهَا عِنْدَ رَبِّكَ، قال: فدخل ذلك الرجل على الله في زوره (2) فَقَالَ: يَا رَبِّ! إِنِّي أَشْرَفْتُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَنَادَى: يا فلان! أما تعرفني؟ فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُكَ وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الَّذِي مَرَرْتَ بِي فِي الدُّنْيَا فَاسْتَسْقَيْتَنِي فَسَقَيْتُكَ، فَاشْفَعْ لِي بِهَا عِنْدَ رَبِّكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ! فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ فيه ويخرجه من النار".
(1) ما بين الهلالين ساقط من (ع).
(2)
في الأصل: "عادية من دوره"، ولا أرى له وجهًا، والتصحيح في مسند أبي يعلى.
_________
4585 -
درجته:
إسناده ضعيف جدًا، فيه علي بن أبي سارة الشيباني وهو متروك.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 382)، وقال:"رواه أبو يعلى وفيه علي بن أبي سارة وهو متروك".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل153)، وعزاه لأبي يعلى وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (6/ 210: 3490). =
= وأخرجه البيهقي كما في النهاية لابن كثير (ص 335)، من طريق علي بن أبي سارة، به، بنحوه.
وللحديث طريق آخر عن أنس رضي الله عنه تقدم برقم (4584) لكن الحديث غير قابل للانجبار.
وشفاعة المؤمنين يوم القيامة ثابت في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصحيحين تقدم في حديث رقم (4582).
4586 -
حدَّثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا روح بن المسيب، ثنا يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه فذكره
…
) (1).
وزاد: قال، وقال: وتصديق هَذَا فِي الْقُرْآنِ {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)} (2) الْآيَةَ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ الْكَبَائِرَ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقَعُونَ فِيهَا، ثَبَتَتْ لَهُمْ شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ-صلى الله عليه وسلم".
(1) أخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 147: 4115)، ولفظه: عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي" قال: فقال: تصديق هذا في القرآن، قال: فقرأ علينا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)} الْآيَةَ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ الْكَبَائِرَ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ واقعوا الكبائر، بقيت لهم شفاعة محمَّد قال: فقال يزيد لأنس: صدقت).
(2)
سورة النساء: الآية 31.
_________
4586 -
درجته:
إسناده ضعيف، فيه روح بن المسيب، ويزيد بن أبان الرقاشي، وكلاهما ضعيف، وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 153)، وعزاه لأبي يعلى وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 147: 4115)، وقد تقدم لفظه في أول الحديث.
وأخرجه الطبراني في الصغير (2/ 244: 1101)، من طريق روح بن المسيب، به، مختصرًا ولفظه:"إنما جعلت الشفاعة لأهل الكبائر من أُمتي".
وأخرجه هنَّاد في الزهد (1/ 143: 188)، من طريق الأعمش، عن يزيد الرقاشي، به، بنحوه مختصرًا.
فالخلاصة أن مدار هذه الطرق على يزيد الرقاشي، وهو ضعيف، وقد روى الجزء المرفوع من الحديث من طرق أخرى صحيحة عن أنس رضي الله عنه منها ما يلي: =
=
1 -
رواه ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
أخرجه الترمذي (2435)، في صفة القيامة، باب ما جاء في الشفاعة، وابن خزيمة في التوحيد (ص 270)، وابن حبّان كما في الإِحسان (14/ 387: 6468)، والحاكم في المستدرك (1/ 69)، كلهم من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه مرفوعًا "شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي".
قلت: هذا إسناد صحيح، رواته ثقات، وقال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي.
2 -
رواه أشعث الحراني عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أخرجه أحمد (3/ 213)، وأبو داود في السُنَّة (4739)، باب في الشفاعة والآجري في الشريعة (238)، والحاكم في المستدرك (1/ 69)، من طريق سليمان بن حرب، ثنا بسطام بن حريث، عن أشعث الحراني، به، ولفظه:"شفاعتي لأهل الكبائر من أُمتي".
قلت: هذا إسناد حسن، فيه أشعث الحراني وهو صدوق كما في التقريب (ص 113: 527)، وبقية رواته ثقات.
ويشهد له حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أخرجه الترمذي (2438)، وابن ماجه في الزهد، باب ذكر الشفاعة، والطيالسي (2801)، والحاكم في المستدرك (1/ 69).
فالخلاصة أن قوله في الحديث (شفاعتي لأهل الكبار من أُمتي) روي من طرق أخرى صحيحة عن أنس رضي الله عنه، وله شواهد أيضًا من حديث جابر وغيره، وعليه فإن هذا الجزء من الحديث يرتقي بهذه الطرق والشواهد إلى الحسن لغيره، ويشهد لمعناه أحاديث أُخرى تقدمت رقم (4576)، وأما قول أنس رضي الله عنه: وتصديق هذا في القرآن
…
إلى آخره فيبقى ضعيفًا.
4587 -
وقال مسدّد: حدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمتي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ".
4587 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، رواته ثقات، لكنه مرسل.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 153)، وقال:"رواه مسدّد مرسلًا ورواته ثقات".
تخريجه:
لم أجد من أخرجه بهذا اللفظ والإِسناد.
وللحديث شاهد من حديث عبد الله بن أبي الجدعاء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمتي أَكْثَرُ من بني تميم " قلنا: سواك يا رسول الله؟ قال: سواي.
أخرجه الإِمام أحمد في المسند (3/ 469، 470، 5/ 366)، والدارمي (2/ 328)، في الرقاق، والترمذي (2438)، كتاب صفة القيامة باب 12، وابن ماجه في الزهد (4316)، باب ذكر الشفاعة، والبخاري في التاريخ الكبير (5/ 26)، وابن خزيمة في التوحيد (ص 313)، والحاكم (1/ 70 و 71)، كلهم من طرق عن خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قال: جلست إلى رهط أنا رابعهم بإيلياء، فقال أحدهم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
…
فذكره.
وفي آخره: قلت: أنت سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: نعم، فلما قام، قلت: من هذا؟ قالوا: أبن الجدعاء، أو ابن أبي الجدعاء، وقال الترمذي:(هذا حديث حسن صحيح غريب).
قلت: هذا إسناد صحيح رواته ثقات، وصححه الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي.
وعليه فإن حديث الباب بهذا الشاهد يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
4588 -
وقال أبو يعلى: حدَّثنا خلف، ثنا أبو المطرف الْمُغِيرَةُ الشَّامِيُّ، عَنِ الْعَرْزَمِيَّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ أَهْلُ الْفَضْلِ؟ فَيَقُومُ نَاسٌ وَهُمْ يَسِيرٌ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى الجنة سراعًا. فتلقاهم (1) الْمَلَائِكَةُ، فَيَقُولُونَ: إِنَّا رَأَيْنَاكُمْ سِرَاعًا إِلَى الْجَنَّةِ، فَمَنْ أَنْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُ الْفَضْلِ، فَيَقُولُونَ: وما فضلكم؟ فيقولون: كنا إذا ظُلِمنَا صَبَرْنَا، وَإِذَا أُسِيءَ إِلَيْنَا عَفَوْنَا وَإِذَا جُهِلَ عَلَيْنَا حَلُمْنَا، فَيُقَالُ لَهُمُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فنعم أجر العاملين.
ثم (2) ينادي مناد: أين أهل الصبر؟ فيتقدم (3) نَاسٌ وَهُمْ يَسِيرٌ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ سِرَاعًا، قال: فتلقاهم (4) الْمَلَائِكَةُ، فَيَقُولُونَ (5): إِنَّا نَرَاكُمْ سِرَاعًا إِلَى الْجَنَّةِ، فمن (6) أَنْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُ الصَّبْرِ فَيَقُولُونَ: وَمَا صَبْرُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَصْبِرُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تعالى، وكنا نصبر عن (7) معاصي الله عز وجل فَيُقَالُ لَهُمُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ.
ثُمَّ (8) يُنَادِي مُنَادٍ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ تعالى -أو قال: في ذات الله عز وجل (شَكَّ أَبُو محمَّد)؟ فَيَقُومُ نَاسٌ وَهُمْ يَسِيرٌ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ سِرَاعًا، فَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَيَقُولُونَ: رَأَيْنَاكُمْ سِرَاعًا إِلَى الْجَنَّةِ فَمَنْ أَنْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: نحن المتحابون في الله عز وجل -أو في ذات الله عز وجل فَيَقُولُونَ: وَمَا كَانَ تَحَابُّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نَتَحَابُّ في الله، ونتزاور في الله تعالى، ونتعاطف في الله تعالى، ونتناول في الله تعالى، فَيُقَالُ لَهُمُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ، قال
(1) هكذا في المطبوع من المطالب العالية وهو الصواب، وفي الأصل:"فقتلوهم"، وفي (س):"فيتلقوهم"، وفي (ع):"سلوهم".
(2)
في (س) و (ع): "قال: ثم ينادي".
(3)
هكذا في في (س) و (ع)، وفي الأصل:"فيتقدمون" ولا أرى له وجهًا.
(4)
هكذا في المطبوع من المطالب وهو الصواب، وفي الأصل:"فيتلقوهم"، وفي (س) و (ع):"فيتلقونهم".
(5)
هكذا في (س) و (ع)، وهو الصواب، وفي الأصل:"فيقول"، ولا أرى له وجهًا.
(6)
في (س) و (ع): "من أنتم".
(7)
هكذا في المطبوع وهو الصواب، وفي الأصل وفي (س) و (ع):"على معاصي الله عز وجل".
(8)
في (س) و (ع): "قال: ثم ينادي".
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ثم يضع الله عز وجل الموازين للحساب، بعد ما يدخل هؤلاء الجنة".
* ضعيف.
4588 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف جدًا، فيه محمَّد بن عبيد الله العرزمي وهو متروك، وفيه أبو المطرف المغيرة الشامي وهو واهٍ ..
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 154)، وقال:"رواه أبو يعلى الموصلي وفي سنده العرزمي وهو ضعيف".
قلت: بل هو متروك وعليه فإن إسناده ضعيف جدًا.
تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى ولا في المقصد العلي ولعله في مسنده الكبير.
ولم أجد من أخرج هذا الحديث غير أبي يعلى بهذا اللفظ والإِسناد.
50 -
باب معرفة أول ما يخاطب (1) الله تعالى بِهِ الْمُؤْمِنِينَ
4589 -
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زُحْر، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ أَبِي (2) عَيَّاشٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ شِئْتُمْ أَنْبَأْتُكُمْ (بِأَوَّلِ) (3) مَا يَقُولُ اللَّهُ عز وجل لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبِأَوَّلِ مَا يَقُولُونَ، قَالُوا: نَعَمْ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَحْبَبْتُمْ لِقَائِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، يَا رَبَّنَا [فيقول: لم؟ فيقولون: رجونا عفوك ومغفرتك (4)] فيقول: فإني قد أوجبت لكم (5) رحمتي".
(1) هكذا في الأصل، وفي (س) و (ع):"ما يحاسب".
(2)
في مسند الطيالسي (ابن عياش)، وهو تصحيف.
(3)
ما بين الهلالين ساقط من (س) و (ع)، ولفظهما:"أنباتكم مما يقول الله عز وجل".
(4)
ما بين المعكوفتين زيادة من مسند الطيالسي.
(5)
في الأصل: "لهم"، والتصحيح من مسند الطيالسي والمصادر الأخرى.
4589 -
درجته:
إسناده ضعيف، فيه عبد الله بن زُحْر وهو ضعيف، وفيه أبو عياش المعافري، =
= وهو مقبول، وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 155)، وعزاه لأبي داود الطيالسي وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه الطيالسي في مسنده (ص 77: 564)، وابن المبارك في الزهد (276)، به.
وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (5/ 238)، وابن أبي عاصم في الأوائل (ص 47: 128).
والطبراني في الأوائل (66)، وفي المعجم الكبير (20/ 125)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 179)، والبغوي في شرح السُنَّة (5/ 269)، كلهم من طريق عبد الله بن المبارك، به، بنحوه.
ولفظ أحمد وابن أبي عاصم "فقد وجبت لكم مغفرتي" مكان (فقد وجبت لكم رحمتي)، وله طريق أُخرى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه.
أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 94: 184)، حدَّثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا علي بن بحر، ثنا قتادة بن الفضل بن قتادة الرهاوي، قال سمعت ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ما يقول الله للمؤمنين يوم القيامة وأول ما يقولون؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: يقول للمؤمنين يوم القيامة: ما أحببتم لقائي؟ قالوا: نعم يا ربنا، رجونا عفوك ومغفرتك، قال: فقد أوجب لكم عفوي ومغفرتي.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 358)، وقال:"رواه الطبراني بسندين أحدهما حسن".
قلت: لعله يقصد بأن هذا الإِسناد حسن، ولكنه ضعيف، فيه قتادة بن الفضل الرهاوي، قال عنه الحافظ في التقريب (ص 453: 5519)، مقبول، وفيه انقطاع بين خالد بن معدان ومعاذ بن جبل رضي الله عنه، قال ابن أبي حاتم في المراسيل =
= (ص 56)، "خالد بن معدان عن معاذ مرسل، لم يسمع منه، وربما كان بينهما اثنان".
وعليه فإن الحديث بهذا الوجه ضعيف أيضًا لكن الحديث بمجموع الطريقين يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
ويشهد لمعناه في تكليم الرب تبارك وتعالى يوم القيامة لعموم المؤمنين حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقول لأهل الجنة، يا أهل الجنة فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك، فيقول: ألا أَعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا".
أخرجه البخاري كما في الفتح (11/ 496: 7518)، كتاب التوحيد، باب كلام الرب مع أهل الجنة، ومسلم في صحيحه (4/ 2176: 2829)، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب إحلال الرضوان على أهل الجنة وأبو نعيم في الحلية (6/ 342)، وفي صفة الجنة (282)، والبيهقي في البعث (445)، فالخلاصة أن حديث الباب بالسياق المتقدم حسن لغيره بمجموع الطريقين، ومعناه صحيح بالشواهد التي وردت في الصحيحين وغيرهما.