المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌21 - باب وقعة الجمل - المطالب العالية محققا - جـ ١٨

[ابن حجر العسقلاني]

فهرس الكتاب

- ‌15 - ذِكْرُ فُتُوحِ الْعِرَاقِ

- ‌16 - باب ما وقع في خلافة عمر رضي الله عنه مِنَ الْفُتُوحِ

- ‌17 - بَابُ فَتْحِ الإِسكندرية

- ‌18 - بَابُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌19 - باب براءة علي من قتل عثمان رضي الله عنه

- ‌20 - باب قتال أهل البغي

- ‌21 - بَابُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ

- ‌22 - باب مقتل عمار رضي الله عنه بِصِفِّينَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ

- ‌23 - بَابٌ

- ‌24 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْعَفْوِ عَمَّنْ قَاتَلَ مِنَ الصحابة رضي الله عنهم فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ

- ‌25 - باب

- ‌26 - بَابُ أَخْبَارِ الْخَوَارِجِ

- ‌27 - بَابُ فَضْلِ مَنْ قَتَلَ الْحَرُورِيَّةَ

- ‌28 - باب قتل علي رضي الله عنه

- ‌29 - باب مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما

- ‌30 - باب استخلاف معاوية رضي الله عنه وَلَدَهُ يَزِيدَ

- ‌31 - بَابُ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الحكم بن أبي العاص وبنيه وبني أُمية

- ‌32 - بَابُ الإِشارة إِلَى الْحَجَّاجِ وَالْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌33 - بَابُ ظُهُورِ الْفَسَادِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَفَضْلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ الْوَقْتَ

- ‌34 - بَابُ بَقَاءِ الإِسلام إِلَى أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ

- ‌35 - بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ لِمَا يُخشى مِنْ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى بِلَادِ الإِسلام

- ‌36 - بَابُ جَوَازِ تَرْكِ النَّهْي عَنِ الْمُنْكَرِ لِمَنْ لَا يُطِيقُ

- ‌37 - باب الإِشارة إلى غلبة الأعاجم على المماليك الإِسلامية وَذَهَابِ زِينَةِ الدُّنْيَا بِذُلِّ الْعَرَبِ

- ‌38 - بَابٌ فِي الْمَهْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الْعَادِلِينَ

- ‌39 - باب الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ كَالدَّابَّةِ، وَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا

- ‌40 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يَهْلِكُ مِنَ الْأُمَمِ

- ‌41 - باب الأشراط وعلامات الساعة

- ‌42 - ذِكْرُ ابْنُ صَيَّادٍ وَالتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهِ الدَّجَّالَ

- ‌43 - [باب يأجوج ومأجوج]

- ‌44 - بَابُ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌45 - باب صفة البعث

- ‌46 - باب الشفاعة، وفيه أحاديث من البعث

- ‌47 - بَابُ أَوَّلِ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌48 - باب المظالم

- ‌49 - باب شفاعة المؤمنين

- ‌51 - باب العفو عن المظالم

- ‌52 - بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَهْلِهَا أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهَا

- ‌53 - باب صفة الجنة وأهلها

- ‌54 - باب

- ‌55 - بَابُ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ

الفصل: ‌21 - باب وقعة الجمل

‌21 - بَابُ وَقْعَةِ الْجَمَلِ

4400 -

قَالَ أَبُو بَكْرٍ، حدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ عِصَامِ بْنِ قُدَامَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ (1) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أيتكن صاحبة الجمل الأديب (2)، يقتل حولها قتلى كثيرة، تنجو بعد ما كادت.

(1) في الأصل: "عن أبيه"، وهو تحريف، والتصحيح من المصادر الأصلية. (انظر: المصنف لابن أبي شيبة 15/ 265، كشف الأستار 4/ 95).

(2)

في الأصل: "الأرنب"، ولا أرى له وجهًا، والتصحيح من المصادر الأصلية. والأديب كثير وبر

الوجه. (انظر: المصنف 15/ 265 - كشف الأستار 4/ 94).

ص: 123

4400 -

درجته:

صحيح بهذا الإِسناد، رواته ثقات.

ولهذا قال البوصيري في الإِتحاف (3/ 111): "رواه ابن أبي شيبة ورواته ثقات".

وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 234) من رواية البزّار وقال: ورجاله ثقات".

وقال الحافظ في الفتح (13/ 59): "رواه البزّار ورجاله ثقات". =

ص: 123

= ولكن أورده ابن أبي حاتم في العلل (2/ 426)، عن الأشج، عن عقبة بن خالد، عن ابن قدامة به، وقال:"قال أبي: لم يرو هذا الحديث غير عصام وهو حديث منكر، لا يروى من طريق غيره".

قلت: تقدم الكلام على رواة هذا الحديث وأنهم كلهم ثقات، وقد صرح بذلك الهيثمي والحافظ ابن حجر والبوصيري رحمهم الله، وعلى ذلك فالسند صحيح. فلا وجه عندي لقول أبي حاتم: أنه منكر، إلَّا إن كان يعني به أنه حديث غريب فرد، ويؤيده قوله عقبة:(لا يروى من طريق غيره) وإن أراد التضعيف، فلا وجه له.

ص: 124

تخريجه:

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 265)، عن وكيع به.

وأخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 94) عن سهل بن بحر، عن أبي نعيم، عن عصام، به، ولفظه: قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لنسائه: ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج، فينبحها كلاب الحوأب، يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير، ثم تنجو بعد ما كادت. وللحديث شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها، رواه إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حازم، قال: لما بلغت عائشة رضي الله عنها بعض ديار بني عامر ليلًا، نبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت ما أظنني إلَّا راجعة، قالوا: مهلًا، يرحمك الله، تقدمين، فيراك المسلمون فيصلح الله بك، قالت: ما أظنني إلَّا راجعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب"؟.

أخرجه أحمد (6/ 52، 97)، وابن أبي شيبة في المصنف (15/ 259)، وأبو يعلى (4868)، وابن حبّان كما في الإِحسان (15/ 126: 6732)، والبزار كما في الكشف (4/ 94: 3275)، والحاكم (3/ 120)، والبيهقي في الدلائل =

ص: 124

= (6/ 410)، كلهم من طرق، عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حازم، به.

قال الهيثمي في المجمع (7/ 234): "رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح".

وقال الحافظ في الفتح (13/ 55): "صححه ابن حبّان والحاكم وسنده على شرط الصحيح" وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة (1/ 223 - 232: 475)، ورد على من طعن في صحة هذا الحديث، وبيّن من أخرجه من الأئمة.

قلت: وقد أنكر الإِمام أبو بكر بن العربي حديث (الحوأب)، في كتابه:

"العواصم من القواصم"(ص 161)، وتابعه في ذلك الشيخ محب الدين الخطيب في تعليقه على العواصم وذكر أن هذا الحديث ليس له موضع في دواوين الإسلام المعتبرة، ولكن الحديث صحيح، صححه الهيثمي، والحافظ ابن حجر، والبوصيري، كما سبق. وانظر التفصيل (السلسلة الصحيحة 1/ 223 - 232: 475). =

ص: 125

4401 -

[1] وَقَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سمعت حصينًا، يحدَّث عن عمر بْنُ جَاوَانَ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ، خَرَجْنَا حُجَّاجًا فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَبَيْنَا نَحْنُ فِي منازلنا، نَضَعُ رِحَالَنَا، إِذْ أَتَانَا آتٍ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ فَزِعُوا وَقَدِ اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ -فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مُنَاشَدَةِ عثمان رضي الله عنه الصحابة وإقرارهم رضي الله عنهم بِمَنَاقِبِهِ- قَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ: وَلَقِيتُ طَلْحَةَ والزبير رضي الله عنهما، فَقُلْتُ: لَا أَرَى هَذَا إلَّا مَقْتُولًا، فَمَنْ تأمرانّي أن أبايع؟ قالا: عليًا رضي الله عنه فقلت: أتأمرانّي بذلك وترضيانه لي؟ فقالا: نَعَمْ، فخرجتُ حَتَّى قدمتُ مَكَّةَ، فَأَنَا لَكَذَلِكَ إذ قيل: قُتِلَ عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فأتيتُها، فقلت لها: أنشدك الله من تأمرينّي أن أبايع؟ قالت رضي الله عنها: عليًا، فقلت: أتأمريني بذلك وترضينه (1) لِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَرَجَعْتُ، فَقَدِمْتُ عَلَى علي رضي الله عنه بالمدينة فبايعته، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي بِالْبَصْرَةِ، وَلَا أَرَى إلَّا أَنَّ الْأَمْرَ قَدِ اسْتَقَامَ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كذلك إذ أتانا آتٍ، فَقَالَ: هَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَطَلْحَةُ، والزبير رضي الله عنهم قَدْ نَزَلُوا جَانِبِ الخُرَيْبَة، فَقُلْتُ: فَمَا جَاءَ بهم؟ قالوا: أرسلوا إليك يستنصرون (2) على دم عثمان رضي الله عنه، قُتِلَ مَظْلُومًا، فَأَتَانِي أَفْظَعُ أَمْرٍ (أَتَانِي) (3) قَطُّ فَقُلْتُ: إِنَّ خُذْلَانِي قَوْمًا مَعَهُمْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَشَدِيدٌ، وَإِنَّ قِتَالِيَ رَجُلًا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أمروني

(1) في الأصل: "وترضيه لي"، والتصحيح من المصنف لابن أبي شيبة، وتاريخ الطبري.

(2)

في الأصل: "يستنصروا"، والتصحيح من المصنف، وتاريخ الطبري.

(3)

ما بين الهلالين زيادة من المصنف لابن أبي شيبة.

ص: 126

بِبَيْعَتِهِ (4) لَشَدِيدٌ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُمْ، قُلْتُ لَهُمْ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ فَقَالُوا: جِئْنَا نَسْتَنْصِرُ عَلَى دَمِ عثمان رضي الله عنه، قُتِلَ مَظْلُومًا، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْشُدُكِ اللَّهَ! أَقُلْتُ لَكِ: بِمَنْ تَأْمُرِينِي؟ فَقُلْتِ: عَلِيًّا، فقلت: أتأمرينّي به وترضينه (5) لِي؟ فَقُلْتِ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ لِلزُّبَيْرِ رضي الله عنه: يَا حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَا طَلْحَةُ! أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ، أَقُلْتُ لَكُمَا: مَنْ تَأْمُرَانِي أَنْ أُبَايِعَ؟ فَقُلْتُمَا: لِعَلِيّ، فَقُلْتُ: أَتَأْمُرَانِي بِهِ وَتَرْضَيَانِهِ لِي؟ فَقُلْتُمَا: نَعَمْ؟ فَقَالَا: نَعَمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أُقَاتِلُكُمْ وَمَعَكُمْ (6) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والله لا أقاتل ابن عم صلى الله عليه وسلم رَجُلًا أَمَرْتُمُونِي بِبَيْعَتِهِ، اخْتَارُوا مِنِّي إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تَفْتَحُوا لِي بَابَ الْجِسْرِ، فَأَلْحَقَ بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا (يَعْنِي بِأَرْضِ الْعَجَمِ) حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي أَمْرِهِ مَا قَضَى، أَوْ أَلْحَقَ بِمَكَّةَ، أَوْ أَعْتَزِلَ فَأَكُونَ قَرِيبًا مِنْكُمْ، لَا مَعَكُمُ وَلَا عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: نَأْتَمِرُ، ثُمَّ نُرْسِلُ إِلَيْكَ، قَالَ: فأتمروا، فقالوا: إما أن يفتح لَهُ بَابَ الْجِسْرِ فَيَلْحَقَ بِأَرْضِ الْأَعَاجِمِ فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ الْمُفَارِقُ وَالْخَاذِلُ، وَأَمَّا أَنْ يَلْحَقَ بِمَكَّةَ ليتعجبنّكم فِي قُرَيْشٍ، وَيُخْبِرُهُمْ بِأَخْبَارِكُمْ، لَيْسَ ذَلِكَ لَكُمْ بأمر ولكن اجعلوه قريبًا ها هنا، حيث تطؤون (7) على صماخه، فاعتزل بالجلحاء (8) مِنَ الْبَصْرَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ، فَاعْتَزَلَ مَعَهُ نَاسٌ زهاء ستة

(4) في الأصل: "بتبعته"، والأولى كما ذكرته، كما في المصنف: وتاريخ الطبري.

(5)

في الأصل: "ترضيه لي"، والتصحيح من المصنف وتاريخ الطبري.

(6)

في الأصل: "ومعي"، ولا أرى له وجهًا، والتصحيح من المصنف، وتاريخ الطبري.

(7)

في الأصل: "يطوى"، ولا أرى له وجهًا، والتصحيح من المصنف، وتاريخ الطبري.

(8)

في الأصل: "بالجلجاه"، وهو تصحيف، والتصحيح من المصنف لابن أبي شيبة، وكتب البلدان.

ص: 127

آلَافٍ، ثُمَّ الْتَقَى النَّاسُ، فَكَانَ أَوَّلُ قَتِيلٍ طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، قَالَ: وَكَانَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ يَقْرَأُ الْمُصْحَفَ، وَيَذْكُرُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ حَتَّى قُتِلَ كَعْبٌ، وقُتِلَ من قُتِلَ منهم، وبلغ الزبير رضي الله عنه سَفَوَانَ مِنَ الْبَصْرَةِ بِمَكَانِ الْقَادِسِيَّةِ مِنْكُمْ، قَالَ: فلقيه الشعر، رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ، فَقَالَ: أَيْنَ تَذْهَبُ يَا حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيَّ، فَأَنْتَ فِي ذِمَّتِي، لَا يُوصَلُ إِلَيْكَ فَأَقْبَلَ مَعَهُ، قَالَ: فَأَتَى إِنْسَانٌ الْأَحْنَفَ بْنَ قيس رضي الله عنه، فَقَالَ: هَا هُوَ ذَا الزُّبَيْرُ قَدْ لَقِيَ سَفَوَانَ قَالَ: فَمَا يَأْمَنُ؟ جَمَعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى ضَرَبَ بَعْضُهُمْ حَوَاجِبَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ ثُمَّ لحق ببنيه (9) وأهله، قال: فسمعه عويمر بْنُ جُرْمُوزٍ، وَفَضَالَةُ بْنُ حَابِسٍ وَنُفَيْعٌ، فَرَكِبُوا في طلبه، فلقوه مع الشعر.

[2]

وَأَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يحدَّث عن حصين، ثنا عمر بْنُ جَاوَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَذَاكَ أَنِّي قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ اعْتِزَالَ الْأَحْنَفِ بْنِ قيس رضي الله عنه، مَا كَانَ، فَقَالَ سَمِعْتُ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ رضي الله عنه يَقُولُ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَأَنَا حَاجٌّ

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ.

قَالَ: فَسَمِعَهُ غُوَاةٌ مِنَ النَّاسِ مِنْهُمُ ابْنُ جُرْمُوزٍ، وَفَضَالَةُ، وَنُفَيْعٌ، فَانْطَلَقُوا في طلبه، فلقوه مقبلًا مع الشعر، فَأَتَاهُ عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ مِنْ خَلْفِهِ، فَطَعَنَهُ طَعْنَةً ضَعِيفَةً، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ضَعِيفٌ، فحمل عليه الزبير رضي الله عنه عَلَى فَرَسٍ لَهُ، يُقَالُ لَهُ، ذُو الْخِمَارِ، فلما ظن ابن جرموز أن الزبير رضي الله عنه قَاتِلَهُ، نَادَى فَضَالَةَ وَنُفَيْعًا، فَحَمَلَا عَلَى الزُّبَيْرِ رضي الله عنه، فقتلاه.

(9) في الأصل وفي المصنف: "بايتيه"، ولا أرى له وجهًا، ولعل الصواب كما ذكرته.

ص: 128

4401 -

درجته:

ضعيف، لأن فيه عمر بن جاوان وهو مجهول.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 110)، وعزاه لإسحاق بن راهويه وسكت عليه، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (38/ 13): "أخرج الطبري بسند صحيح عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن جاوان

فذكره بمعناه مختصرًا.

قلت: لا أرى وجهًا لقول الحافظ: "بسند صحيح" لأن عمر بن جاوان مجهول.

ص: 129

تخريجه:

أخرجه إسحاق في مسنده كما في المطالب العالية هنا، وابن أبي شيبة في المصنف (15/ 270)، والطبري في تاريخه (3/ 34)، عن عبد الله بن إدريس.

وأخرجه إسحاق في مسنده كما في المطالب هنا من طريق سليمان التيمي.

كلاهما عن حصين بن عبد الرحمن السلمي، به، بطوله.

وأخرجه أبو بكر بن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 160: 200)، ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة (1/ 350: 423)، حدَّثنا يعقوب الدورقي، ثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي به، واقتصر فيه على قصة قتل الزبير رضي الله عنه، ولم يذكر اعتزال الأحنف بن قيس عن الفتنة.

وأخرجه أبو العرب في كتاب المحن (ص 88)، من طريق أبي عوانة عن حصين بن عبد الرحمن، به، واقتصر على قصة قتل الزبير رضي الله عنه.

وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه (المعرفة والتاريخ 3/ 401)، من طريق حصين بن عبد الرحمن عن عمر بن جاوان، به (قصة قتل الزبير رضي الله عنه.

وجملة القول أن الأثر بهذا الإِسناد ضعيف، لأن مداره على عمر بن جاوان وهو مجهول كما عرفت.

وأصل قصة اعتزال الأحنف بن قيس عن القتال ثابتة في الصحيحين وغيرهما من =

ص: 129

= حديث أبي بكرة رضي الله عنه، ولفظه: عن الأحنف بن قيس قال: خرجت بسلاحي ليالي الفتنة، فاستقبلني أبو بكرة، فقال: أين تريد؟ قلت: أريد نصرة ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: فقال لي: يا أحنف! ارجع، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار، قيل: فهذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه أراد فتل صاحبه".

أخرجه البخاري في صحيحه كما في الفتح (13/ 35: 7083)، كتاب الفتن، باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما، ومسلم في صحيحه (13/ 224: 2888)، كلاهما من طريق حماد ابن زيد، عن أيوب، ويونس بن عبيد، عن الحسن البصري، عن الأحنف بن قيس، به.

قلت: هذا الحديث يدل على أن الأحنف بن قيس اعتزل القتال، وسبب ذلك أن أبا بكرة رضي الله عنه منعه من ذلك وذكر له هذا الحديث، وهذا السبب يخالف مع ما ورد في أثر الباب من أن الأحنف بن قيس اختار الاعتزال في أول الأمر، وقد جمع الحافظ ابن حجر رحمه الله بين هذين السببين فقال:

"ويمكن الجمع بأنه هَمَّ بالترك، ثم بدا له في القتال مع علي رضي الله عنه، ثم ثبطه عن ذلك أبو بكرة، أو هَمَّ بالقتال مع علي رضي الله عنه ط فثبطه أبو بكرة، وصادف مراسلة عائشة له فرجح عنده الترك، وأخرج الطبري أيضًا من طريق قتادة قال: نزل علي بالزاوية فأرسل إليه الأحنف، إن شئت أتيتك وإن شئت كففت عنك أربعة آلاف سيف، فأرسل إليه: كف من قدرت على كفه". (انظر: فتح الباري 13/ 38).

وقصة قتل الزبير رضي الله عنه يوم الجمل ثابتة من طرق أخرى متعددة ومنها ما يلي:

1 -

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 81)، قال: أخبرنا الحسن بن موسى الأشيب قال: أخبرنا ثابت بن يزيد، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس =

ص: 130

= أنه أتى الزبير، فقال: أين صفية بنت عبد المطلب حيث تقاتل بسيفك علي بن أبي طالب بن عبد المطلب؟ قال: فرجع الزبير، فلقيه ابن جرموز فقتله، فأتى ابن عباس عليًا، فقال. إلى أين قاتل ابن صفية؟ قال علي: إلى النار.

قلت: هذا إسناد حسن، رواته ثقات، ما عدا هلال بن خباب العبدي مولاهم، وهو صدوق، تغير بآخرة، كما في التقريب (ص 575: 7334).

2 -

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 82)، قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو، أبو عامر العقدي، قال: أخبرنا الأسود بن شيبان، عن خالد بن سمير، أنه ذكر الزبير في حديث رواه قال: فركب الزبير فأصابه أخو بني تميم بوادي السباع. فذكر قصة قتله رضي الله عنه نحو قصة الباب مطولًا.

قلت: هذا إسناد حسن، فيه خالد بن سمير السدوسي، البصري، وهو صدوق، يهم قليلًا، كما في التقريب (ص 188: 1642)، وبقية رواته ثقات.

ص: 131

4452 -

أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حدَّثني رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي بَنِي تَمِيمٍ، يُقَالُ لَهُ: أَبُو سُفْيَانَ: إن عاتكة امرأة عمر قالت:

غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوزٍ بِفَارِسِ بُهْمَةٍ

يَوْمَ اللِّقَاءِ، وَكَانَ غَيْرَ مُعَرِّدِ

يَا عَمْرُو، لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ، لَا

طَائِشًا رَعْشَ الْيَدَيْنِ وَلَا الْيَدِ

شُلَّتْ يَمِينُكَ إِنْ قَتَلْتَ لَمُؤْمِنًا

حَلَّتْ عَلَيْكَ عقوبة المتعمد

ص: 132

4402 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه رجل من موالي بني تميم، وهو مبهم لا يعرف عن اسمه ولا عن حاله شيء.

ص: 132

تخريجه:

أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 161:201)، حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم الدروقي، عن المعتمر بن سليمان، به.

وأخرجه أبو العرب في كتاب المحن (ص 89 - 90)، عن أبي بكر البغدادي، عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن المعتمر بن سليمان، به.

وروى بعض هذه الأبيات من طريق أخرى.

أخرجها الحاكم في المستدرك (3/ 367)، عن أبي طاهر محمَّد بن أحمد الجويني، عن أبي بكر ابن رجاء ابن السندي، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أُسامة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ورثت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل الزبير بن العوام، وكانت زوجته فبلغ حصتها من الميراث ثمانين ألف درهم، وقالت ترثيه: فذكر البيتين (الأول والثاني) وزاد بيتين آخرين وهما:

ثكلتك أمك إن ظفرت بفارس

فيما مضى مما يروح ويغتدي

كم غمرة قد خاضها لم يثنه

عنها طرادك يابن فقع الفدفد

وذكر الذهبي في التلخيص خمسة أبيات. =

ص: 132

= قلت: في هذا الإِسناد أبو طاهر محمَّد بن أحمد الجويني، وأبو بكر بن رجاء ابن السندي ولم أقف على ترجمتها، وبقية رواته ثقات.

والأبيات ذكرها ابن سعد في الطبقات (3/ 112)، مع خلاف يسير في بعض الكلمات، وزاد بيتين آخرين كما تقدم ذكرها عند الحاكم، وابن كثير في البداية والنهاية (7/ 260)، والتبريزي في شرح ديوان الحماسة (3/ 71)، وابن عقيل في شرح ابن عقيل (1/ 381).

ص: 133

4403 -

[1] أخبرنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، أنا أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجَمَلِ وَاصْطَفُّوا، دعا علي رضي الله عنه الزبير رضي الله عنه، فأتاه فقال: أنشدك الله تعالى أَمَا تَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ"؟ قال رضي الله عنه: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَمَا ذَكَرْتُهُ قَبْلَ مَقَامِي هَذَا، فَانْطَلَقَ رَاجِعًا، فَلَمَّا رَآهُ صَاحِبُهُ تَبِعَهُ، يَعْنِي: طلحة رضي الله عنه، فرماه مروان بسهم، فشدّ فخذه بحديد السَّرْجِ.

[2]

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حدَّثنا أَبُو أَحْمَدَ، ثنا أبو إسرائيل، به.

ص: 134

4403 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه علتان:

1 -

فيه أبو إسرائيل الملائي، وهو صدوق سيّء الحفظ، ونسب إلى الغلو في التشيع، والحديث في بدعته.

2 -

الإِسناد منقطع، لأن الحكم بن عتيبة ولد بعد وقعة الجمل، فقد ولد سنة ست وأربعين كما في سير أعلام النبلاء (5/ 208)، وكانت وقعة الجمل سنة ست وثلاثين.

وللحديث شواهد صحيحة يرتقى بها، كما سيأتي في التخريج.

ص: 134

تخريجه:

أخرجه إسحاق في مسنده، كما في المطالب العالية هنا، ولم أجد من أخرجه غير إسحاق بهذا الإِسناد.

وهذا الحديث يتضمن أمرين:

1 -

قول علي رضي الله عنه للزبير يوم الجمل وانصراف الزبير عن القتال، وهذا ورد عن علي رضي الله عنه من طرق متعددة، وسيأتي الكلام عليه بالتفصيل في حديث رقم (4404).

2 -

قتل مروان طلحة رضي الله عنه حيث رماه بسهم فقتله، وقد ورد هذا =

ص: 134

= المعنى عن قيس بن أبي حازم وغيره من التابعين وهو كالآتي:

1 -

رواه إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حازم قال: رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة بن عبيد الله يومئذِ بسهم، فوقع في ركبته، فما زال يسبح إلى أن مات.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 223)، قال: أخبرنا أبو أُسامة.

والحاكم في المستدرك (3/ 371)، من طريق يحيى بن سليمان الجعفي، عن وكيع.

والطبراني في الكبير (1/ 72: 201)، من طريق يحيى بن سليمان، عن وكيع.

كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، به، بنحوه (وسياق ابن سعد أطول من قلت: هذا إسناد صحيح، رواته ثقات.

وقال الهيثمي في المجمع (9/ 105)، "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح" وقال الحافظ ابن حجر في الإِصابة (3/ 22)، "سنده صحيح".

2 -

رواه قتادة عن الجارود بن أبي سبرة قال: نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم، فرماه بسهم فقتله.

أخرجه خليفة بن خياط في تاريخه (ص 181)، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، به.

قلت: هذا إسناد صحيح، رواته ثقات، وقال الحافظ في الإِصابة (2/ 222)، إسناده صحيح.

3 -

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 223)، عن روح بن عبادة، عن ابن عون، عن نافع قال: كان مروان مع طلحة في الخيل، فرأى فرجة في درع طلحة، فرماه بسهم فقتله.

4 -

أخرجه ابن سعد أيضًا في الطبقات (2/ 223)، عن روح بن عبادة، عن =

ص: 135

= عوف قال: بلغني أن مروان بن الحكم رمى طلحة يوم الجمل.

وجملة القول إن أثر الباب ضعيف بإسناد إسحاق، ولكنه روي من طريق أخرى صحيحة، وعليه فإن أثر الباب بهذه الشواهد حسن لغيره.

موقف أبي بكر بن العربي من هذا الخبر:

ذهب العلامة أبو بكر بن العربي في كتابه: "العواصم من القواصم"(ص 157)، إلى إنكار هذا الخبر حيث يقول:"من يعلم هذا الإعلام الغيوب ولم ينقله ثبت". اهـ.

وعلق عليه الأستاذ الكبير محب الدين الخطيب قائلًا: وهذا الخبر عن طلحة ومروان "لقيط" لا يعرف أبوه ولا صاحبه، وما دام لم ينقله ثبت بسند معروف عن رجال ثقات، فإن للقاضي ابن العربي أن يقول بملء فيه:"ومن يعلم هذا إلَّا علام الغيوب"!!.

ولكن هذا الموقف من العالمين الجليلين غير صحيح، فقد ثبت هذا الخبر من طرق متعددة، وقد حكم عليه بالصحة كل من الإِمام الذهبي كما في تلخيص المستدرك (3/ 370)، والهيثمي كما في المجمع (9/ 150)، والحافظ ابن حجر كما في الإِصابة (2/ 222).

ص: 136

4454 -

وقال إسحاق: أخبرنا يعلي بن عبيد، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ رَجُلٍ مِنْ حَيَّةَ، قَالَ: خَلَا عَلِيٌّ بِالزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يوم الجمل فقال: أنشدك الله تعالى، كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَأَنْتَ لَاوِي يَدِي فِي سَقِيفَةِ بَنِي فُلَانٍ:"لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ لَهُ ظَالِمٌ، ثُمَّ لَيُنْصَرَنَّ عَلَيْكَ" فَقَالَ: قَدْ سمعتُ، لَا جَرَمَ، لا أقاتلك.

ص: 137

4404 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه علتان:

1 -

فيه عبد السلام رجل من حية، لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا.

2 -

فيه انقطاع، لأن عبد السلام لم يثبت سماعه من علي والزبير رضي الله عنهما كما قال البخاري، وقال العقيلي في الضعفاء (3/ 65)، "لا يروى هذا المتن من وجه يثبت".

وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 364)، هذا حديث لا يصح، لأن عبد السلام مجهول" وقال الدارقطني في العلل (4/ 246)، عبد السلام هذا لم يدرك الزبير وهو مرسل.

ص: 137

تخريجه:

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 283)، عن يعلي بن عبيد، به، بمثله.

وأخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 65)، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 364).

حدَّثنا محمَّد بن إسماعيل، عن يعلي بن عبيد، به، وقال العقيلي:"لا يروى هذا المتن من وجه يثبت".

وأخرجه ابن عساكر في تاريخه (6/ 386)، من طريق يعلي بن عبيد، به.

وروى هذا الحديث من طرق متعددة، عن علي رضي الله عنه ومنها ما يلي: الطريق الأول: رواه يحيى بن آدم، عن أبي إسرائيل الملائي، عن الحكم بن عتيبة، عن علي رضي الله عنه أنه قال: فذكره بنحوه. =

ص: 137

= أخرجه إسحاق بن راهويه كما في المطالب العالية. (انظر: حديث رقم 4403).

قلت: هذا إسناد ضعيف، وقد تقدمت دراسته في حديث رقم (4403).

الطريق الثانية: رواه عبد الرزاق في المصنف (11/ 241)، عن معمر، عن قتادة قال: لما ولى الزبير يوم الجمل بلغ عليًا فقال: لو كان ابن صفية يعلم أنه على حق، ما ولّى، قال: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيهما في سقيفة بني ساعدة فقال: أتحبه يا زبير؟ فقال: وما يمنعني؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فكيف أنت إذا قاتلته وأنت ظالم له"؟ قال: فيرون إنما ولى لذلك.

ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 414)، وقال: هذا مرسل.

قلت: هذا إسناد ضعيف، لأنه مرسل، فقد رواه قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة وهو تابعي ولهذا قال البيهقي هذا مرسل".

الطريق الثالثة: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 284)، عن يزيد بن هارون، عن شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، حدَّثني مَنْ رأى الزبير رضي الله عنه يقعص الخيل بالرمح قعصًا، فثوب به علي: يا عبد الله، يا عبد الله، قال: فأقبل حتى التقت أعتاق دوابهما. قال: فقال له علي: أنشدك بالله فذكره بمعناه.

قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه علتان:

1 -

فيه راوٍ مبهم، غير مسمى، وهو الذي روى القصة.

2 -

فيه شريك بن عبد الله النخعي، وهو صدوق كثير الخطأ كما في التقريب (ص 266: 2787). (وانظر: درجته في حديث رقم (4409).

الطريق الرابعة: رواه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمَّد بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الرقاشي، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي جِرْو الْمَازِنِيِّ، قَالَ: شهدت عليًا والزبير رضي الله عنهما حين توافقا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه: يَا زبير: أنشدك الله

فذكره بنحوه.

أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 30: 666)، وأبو العرب في كتاب المحن =

ص: 138

= (ص 93)، والحاكم (3/ 367)، ومن طريقه البيهقي في الدلائل (6/ 415)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 364)، كلهم مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الملك الرقاشي، به.

قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه ثلاث علل:

1 -

فيه أبو جرو المازني، وهو مجهول كما في الميزان (4/ 510: 10061). (وانظر: التهذيب 12/ 54 رقم 213).

2 -

فيه عبد الملك بن مسلم الرقاشي، وذكره البخاري في تاريخه (5/ 413)، وأشار لحديثه هذا، وقال:"لم يصح حديثه" وذكره العقيلي وابن عدي والذهبي في "الضعفاء" اعتمادًا على كلمة البخاري هذه. (انظر: الضعفاء الكبير 3/ 35، الكامل لابن عدي 5/ 1944، الميزان 2/ 664، التهذيب 6/ 425).

3 -

فيه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمَّد بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مسلم الرقاشي، وهو الذي قال عنه البخاري "فيه نظر" وقال أبو حاتم "في حديثه نظر". (انظر: الجرح والتعديل 5/ 157 الضعفاء الكبير 2/ 300، الميزان 2/ 488، التهذيب 6/ 12، رقم 17).

الطريق الخامسة: أخرجه أبو العرب في كتاب المحن (ص 96)، من طريقه عن إسماعيل بن أبان، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يقول يوم الجمل فذكره بمعناه.

قلت: فيه يزيد بن أبي زياد الهاشمي، مولاهم، الكوفي، وهو ضعيف، كبر فتغير، وصار يتلقن، وكان شيعيًا. (انظر: التقريب ص 601: 7717، التهذيب 11/ 329).

الطريق السادسة: أخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 366)، من طريق محمَّد بن سليمان العابد، عَنْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حازم قال: قال علي للزبير: أما تذكر يوم كنت أنا وأنت في سقيفة قوم من الأنصار- فذكره بنحوه. =

ص: 139

= قلت: سكت عنه الحاكم وأعله الذهبي بقوله: "العابد لا يعرف، والحديث فيه نظر".

والعابد هذا هو محمَّد بن سليمان، ولم أجد من ترجم له سوى ابن حجر في اللسان (5/ 184) رقم (645) اعتمادًا على كلام الذهبي هنا حيث قال:"لا يعرف" ومع جهالة العابد هذا فإنه وَهِمَ في الحديث، فقد سئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال:"وليس هذا من حديث قيس، وإنما رواه إسماعيل، عن عبد السلام، رجل من حية، كذا قال يعلى عن إسماعيل". (انظر: العلل للدارقطني 4/ 246).

الطريق السابعة: أخرجه الحاكم أيضًا (3/ 366)، من طريق عبد الله بن الأجلح، عن أبيه، عن يزيد الفقير، وفضل بن فضالة، كلاهما عن أبي حرب بن الأسود الديلي، به.

قلت: في إسناده أجلح بن عبد الله الكندي، وثقه ابن معين، وأحمد بن عبد الله العجلي. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديث ولا يحتج به، وقال النسائي: ضعيف ليس بذاك وكان له رأي سوء. وقال ابن عدي: شيعي صدوق. وقال أبو داود: ضعيف. وقال ابن سعد: كان ضعيفًا جدًا. وقال العقيلي: روي عن الشعبي أحاديث مضطربة، لا يتابع عليها وقال ابن حبّان: كان لا يدري ما يقول: جعل أبا سفيان أبا الزبير. (انظر: الميزان 1/ 78، التهذيب 1/ 189، التقريب ص 196).

وجملة القول أنه ضعيف، لأن الجرح مفسر.

ومع ذلك فقد اختلف الحاكم وشيخ البيهقي في سند الحديث، فكلاهما يرويه، عن أبي عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر لكن زاد شيخ البيهقي كما في الدلائل (6/ 414 - 415)، في الإِسناد والد يزيد، ووالد أبي حرب.

وبالجملة، فليس في طرق الحديث طريق تسلم من الضعف، وقد يقال إن الحديث بمجموع هذه الطرق يرتقي لدرجة الحسن لغيره، والجواب أن الحديث معلول المتن كما يظهر من عبارات من سبق من الأئمة، ومن ضمنهم العقيلي حيث قال في الضعفاء =

ص: 140

= (2/ 300)، بعد أن ذكر الحديث:"الأسانيد في هذا لينة" وذكر قول البخاري عن حديث عبد الملك الرقاشي: "لم يصح حديثه" وقال في الضعفاء (3/ 65)، "لا يروى هذا المتن من وجه يثبت".

وذكر ابن الجوزي بعض طرقه في العلل المتناهية (2/ 364 - 365)، وقال:"هذا حديث لا يصح" وهذا الذي عناه الذهبي بقوله: (كما سبق): "والحديث فيه نظر" والله تعالى أعلم.

ص: 141

4405 -

وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، حدَّثني أَبُو عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، قَالَ: قَالَ سليمان بن ورد للحسن بن علي رضي الله عنهما: اعْذُرْنِي (1) عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ الْجَمَلِ وَهُوَ يَلُوذُ بِي، وَهُوَ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي متُّ قَبْلَ هَذَا بِكَذَا وَكَذَا سَنَةٍ.

قَالَ شُعْبَةُ: فَلَقِيتُ مَنْصُورًا فَقَالَ: مَا يَدْرِي ذَلِكَ الْأَعْوَرُ، يَعْنِي: أَبَا عَوْنٍ.

(1) ورد في رواية الحارث بن أبي أُسامة سبب هذا الاعتذار حيث قال: "جئت إلى الحسن رضي الله عنه، فَقُلْتُ: اعْذُرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ لَمْ أحضر الوقعة" ثم ذكره بنحوه.

(انظر: بغية الباحث 3/ 950).

ص: 142

4405 -

درجته:

الأثر صحيح بهذا الإِسناد، رواته ثقات، والله أعلم.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 109)، وقال:"رواه مسدّد موقوفًا ورواته ثقات".

ص: 142

تخريجه:

أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (1/ 80: 177)، وابن أبي شيبة في المصنف (15/ 288)، والحارث كما في بغية الباحث (3/ 950)، كلهم من طريق شعبة، به.

ولفظ الحارث: عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَد قَالَ: جِئْتُ إِلَى الحسن رضي الله عنه فَقُلْتُ: اعْذُرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ لَمْ أحضر الوقعة، فقال الحسن رضي الله عنه: مَا تَصْنَعُ بِهَذَا؟ لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَلُوذُ بِي وَهُوَ يَقُولُ: (يَا حَسَنُ! لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا بعشرين سنة).

والأثر مروي عن علي رضي الله عنه من طرق متعددة، ومنها: الطريق الأول: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 282)، عن يحيى بن =

ص: 142

= ادم، عن أبي بكر، عن عاصم، عن أبي صالح قال: قال علي يوم الجمل: وددت أني كنت متُّ قبل هذا بعشرين سنة.

وأخرجه نعيم بن حماد في الفتن (1/ 78: 170)، حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صالح، به.

الطريق الثانية: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 269)، حدَّثنا ابن إدريس، عن ليث، عن طلحة بن مصرف، أن عليًا أجلس طلحة يوم الجمل ومسح عن وجهه التراب؛ ثم التفت إلى الحسن فقال: إني وددت أني متُّ قبل هذا.

وأخرجه الطبراني في الكبير (1/ 113: 202)، والحاكم في المستدرك (3/ 372)، كلاهما من طريق ليث، عن طلحة بن مصرف، به.

وقال الهيثمي في المجمع (9/ 150)، وإسناده حسن.

الطريق الثالثة: أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 114: 203)، من طريق قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد، قال سمعت عليًا رضي الله عنه يوم الجمل يقول لابنه الحسن: يا حسن، وددت أني كنت متُّ منذ عشرين سنة.

وقال الهيثمي في المجمع (9/ 150)، "رواه الطبراني وإسناده جيد".

وانظر مزيدًا من طرق هذا الأثر في الفتن لنعيم بن حماد (1/ 80 - 81).

ص: 143

4406 -

وَقَالَ الْحَارِثُ: حدَّثنا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، عَنْ شعبة، عن محمَّد بن عبيد الله بن أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ (عَنْ أَبِي الضُّحَى) (1) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ: جِئْتُ إِلَى الْحَسَنِ رضي الله عنه فَقُلْتُ: اعْذُرْنِي عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ لَمْ أحضر الوقعة، فقال الحسن رضي الله عنه: مَا تَصْنَعُ بِهَذَا، لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَلُوذُ بِي وَهُوَ يَقُولُ: يَا حَسَنُ لَيْتَنِي متُّ قَبْلَ هذا بعشرين سنة.

(1) ما بين الهلالين سقط من المطالب العالية، وزدته من بغية الباحث (3/ 950).

ص: 144

4406 -

درجته:

صحيح بهذا الإِسناد، رواته ثقات.

ص: 144

تخريجه:

أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (3/ 950).

والأثر مروي من طرق متعددة عن الحسن رضي الله عنه، تقدم تخريجها في الحديث المتقدم.

ص: 144

4407 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى (1): حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صالح، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ سعيد، عن جميع بن عمير، قَالَ: إِنَّ أُمَّهُ وَخَالَتَهُ دَخَلَتَا عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها

فذكر الحديث، قالتا: فأخبرينا عن علي رضي الله عنه قالت: أي شيء تسألينني عَنْ رَجُلٍ وَضَعَ يَدَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْضِعًا فَسَالَتْ نَفْسُهُ فِي يَدِهِ، فَمَسَحَ بِهَا وجهه، قالتا: فلم خرجت عليه؟ قالت رضي الله عنها: أمر قضي، فوددت أني أفديه مما على الأرض.

(1) أخرجه أبو يعلى في مسنده كما في المقصد العلي (ق 125)، فذكره بعد قولها:(فمسح بها وجهه)، واختلفو في دفنه، فقال:(إن أحب البقاع إلى الله مكان قنص دمه بدمه).

ص: 145

4407 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه صدقة بن سعيد، وجميع بن عمير، وكلاهما ضعيف، ولأن فيه عبد الرحمن بن صالح وجميع بن عمير وكلاهما رمي بالتشيع، والحديث في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ص: 145

تخريجه:

رواه أبو يعلى في مسنده كما في المقصد العلي (ق 125) كتاب المناقب، باب مناقب أهل البيت.

ولم أجد من خرجه غير أبي يعلى، والله تعالى أعلم.

ص: 145

4408 -

[1] وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عُمَرَ (1) بْنِ الْهَجَنَّعِ، عَنْ أبي بكرة رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُقَاتِلَ مع نُصْرَتِكَ يَوْمَ الْجَمَلِ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَخْرُجُ قَوْمٌ هَلْكَى لَا يُفْلِحُونَ، قَائِدُهُمُ امْرَأَةٌ، قَائِدُهُمْ فِي الجنة".

[2]

وقال البزّار: حدَّثنا محمَّد بن عمر، وأحمد بن منصور قالا: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ، بِهِ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الْجَبَّارِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ بلاك بن يقطر، عن أبي بكرة رضي الله عنه.

(1) في الأصل: "عمرو"، والتصحيح من كتب التراجم.

ص: 146

4408 -

[1] درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه ثلاث علل:

1 -

عبد الجبار بن العباس، صدوق شيعي، والحديث يؤيد بدعته.

2 -

عطاء بن السائب، ثقة، اختلط في آخر عمره، ولم أجد من صرح بأن عبد الجبار بن العباس أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده، فيتوقف فيه.

3 -

فيه عمر بن الهجنع، وهو مجهول.

وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 111)، وقال: رواه أبو بكر بن أبي شيبة والبزار: وسكت عليه.

وقال الهيثمي في المجمع (7/ 234): رواه البزّار، وفيه عمر بن الهجنع ذكر الذهبي في ترجمته هذا الحديث في منكراته، وعبد الجبار بن العباس قال أبو نعيم: =

ص: 146

= لم يكن بالكوفة أكذب منه، ووثقه أبو حاتم. اهـ.

وذكره الشيخ الألباني في السلسة الضعيفة (16/ 2 ح 531)، وقال:"إنه منكر".

ص: 147

تخريجه:

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 265)، والبزار كما في الكشف (4/ 95: 3276)، والبيهقي في الدلائل (6/ 412)، وابن الجوزي في الموضوعات (2/ 10)، كلهم من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، به.

وقال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع، والمتهم بوضعه عبد الجبار، فإنه كان من كبار الشيعة، قال أبو نعيم، الفضل بن دكين: لم يكن بالكوفة أكذب منه". اهـ.

قلت: هذه مبالغة من الإِمام ابن الجوزي فقد حكم على الحديث بالوضع لأجل عبد الجبار، وذلك لأن الأئمة يرون الاحتجاج بحديث المبتدع إن كان صدوقًا أو ثقة، والحديث لا يؤيد بدعته، وعبد الجبار هذا ليس وضاعًا عند جمهور الأئمة، وعليه فإن حديثه لا يكون موضوعًا، بل هو ضعيف كما تقدم في درجة الحديث، لذا تعقبه السيوطي في اللآلي المصنوعة (1/ 408) ثم ابن عراق في تنزيه الشريعة (1/ 422) بأن العقيلي أورده في ترجمة عمر بن الهجنع وقال: لا يتابع عليه ولا يعرف إلَّا به.

وأصل هذا الحديث ثابت عن أبي بكرة رضي الله عنه بلفظ آخر في الصحيح وغيره.

قال أبو بكرة رضي الله عنه، لقد نفعني الله بكلمة سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أيام الجمل بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل. فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: "لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة". =

ص: 147

= أخرجه البخاري كما في الفتح (58/ 13: 7099) كتاب الفتن، وفي كتاب المغازي (8/ 732: 4425)، بَابُ: كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، وأحمد في المسند (5/ 43، 47)، والترمذي (2262) في الفتن، باب رقم (75)، والنسائي في سننه (8/ 227) في آداب القضاء، باب النهي عن استعمال النساء في الحكم، وابن حبّان كما في الإِحسان (10/ 375: 4516)، والحاكم في المستدرك (8/ 113) و (4/ 291) كلهم من طرق عن الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه.

وجملة القول أن حديث الباب ضعيف بإسناد الباب، ولكن معناه صحيح، ورد من طريق أخرى صحيحة في صحيح البخاري وغيره.

ص: 148

4408 -

وقال أبو بكر: حدَّثنا يزيد، ثنا شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، حدَّثني مَنْ رأى الزبير رضي الله عنه يقعص الخيل (يعني يوم الجمل) فنوّه به علي رضي الله عنه يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! فَأَقْبَلَ حَتَّى الْتَقَتْ أعناق دوابهما، فقال له علي رضي الله عنه: نشدتك بالله عز وجل أَتَذْكُرُ يَوْمًا أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أُنَاجِيكَ، فَقَالَ:"أَتُنَاجِيهِ، وَاللَّهِ ليقاتلنك وهو لك ظالم " قال: فضرب الزبير رضي الله عنه وجه دابته وانصرف.

ص: 149

4409 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه علتان.

1 -

فيه راو مبهم غير مسمى، وهو الذي روى القصة.

2 -

فيه شريك بن عبد الله النخعي، وهو ضعيف من جهة حفظه.

ص: 149

تخريجه:

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 283: 19674)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه (6/ ق 382).

والحديث روى عن علي رضي الله عنه من طرق متعددة تقدم تخريجهما مفصلًا في حديث رقم (4404)، ولا يخلو طريق منها عن ضعف.

ص: 149

4410 -

وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمَّد بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي جِرْو الْمَازِنِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا والزبير رضي الله عنهما حين توافقا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه:"يَا زُبَيْرُ، أَنْشُدُكَ، أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّكَ تُقَاتِلُ عَلِيًّا وأنت ظالم؟ " قال رضي الله عنه: نَعَمْ، وَلَمْ أَذْكُرْ ذَاكَ إلَّا فِي مَقَامِي هذا، ثم انصرف رضي الله عنه.

ص: 150

4410 -

درجته:

ضعيف بهذا الإِسناد، فيه علل:

1 -

فيه أبو جرو المازني وهو مجهول.

2 -

فيه عبد الملك بن مسلم الرقاشي وهو لين الحديث.

3 -

فيه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمَّد بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الرقاشي وهو ضعيف.

قال الهيثمي في المجمع (7/ 235): رواه أبو يعلى، وفيه عبد الملك بن مسلم قال البخاري:(لم يصح حديثه).

ص: 150

تخريجه:

الحديث مداره على عبد الله بن محمَّد الرقاشي ورواه عنه اثنان: أبو عاصم النيل، وجعفر بن سليمان.

1 -

أما رواية أبي عاصم النيل عن عبد الله الرقاشي، فقد اختلف فيها على أبي عاصم على وجهين:

الوجه الأول: رواه أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الدروقي، عنه عن عبد الله، عن جده عبد الملك، عن أبي جرو المازني، به، نحو الرواية السابقة.

أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 29: 30: 666)، ومن طريقه أخرجها ابن عساكر في تاريخه (6/ ق 383).

الوجه الثاني: رواه أبو قلابة عبد الملك بن محمَّد الرقاشي، عنه، عن عبد الله =

ص: 150

= عن جده عبد الملك، عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي قال: شهدت الزبير

الحديث، بنحوه.

أخرجها الحاكم (3/ 366)، وقال:"هذا حديث صحيح عن أبي حرب بن أبي الأسود".

قلت: مما تقدم يتبين أن الوجه الأول هو الراجح، لأن يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن أفلح العبدي مولاهم، ثقة، حجة، ومخالفة أبي قلابة له لا يعتد بها، فإنه صدوق، يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد، وشيخ الحاكم روى عنه هذا الحديث ببغداد. (انظر: تاريخ بغداد 10/ 425، 427، التهذيب 6/ 419، التقريب ص 365: 4210).

2 -

أما رواية جعفر بن سليمان، أخرجها الحاكم، (3/ 367) من طريق قطن بن بشير، وخالد بن يزيد العرني، كلاهما عن جعفر، عن عبد الله، به، بنحوه، ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 415).

وأخرجها العقيلي في الضعفاء (2/ 300 و 3/ 35) من طريق خالد بن يزيد أيضًا عن جعفر، عن عبد الله، به، بنحوه. ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 364 - 365)، وجملة القول أن الحديث ضعيف بهذا الإِسناد، لأن مداره على عبد الله بن محمَّد الرقاشي، وهو ضعيف، وجده عبد الملك بن مسلم الرقاشي لين الحديث.

وللحديث طرق أخرى عن علي رضي الله عنه وكلها ضعيفة، والحديث معلول المتن. (انظر: التفصيل في حديث رقم (4404).

ص: 151