الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - باب صفة البعث
4539 -
قال إسحاق: أخبرنا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، ثنا قَيْسُ بْنُ السَّكَنِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1)، قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه حدَّث (2) عمر بن الخطاب رضي الله عنه هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: "إِذَا حُشِرَ النَّاسُ يَوْمَ القيامة، قاموا أربعين، على رؤوسهم الشَّمْسُ، شَاخِصَةً أَبْصَارُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، يَنْتَظِرُونَ الْفَصْلَ كُلُّ بَرٍّ مِنْهُمْ وَفَاجِرٍ، لَا يَتَكَلَّمُ مِنْهُمْ بَشَرٌ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبِّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ ثُمَّ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ، أَنْ يُوَلِّيَ كُلَّ قَوْمٍ مَا تَوَلَّوْا، فَيَقُولُونَ: بَلَى فَيُنَادِي بِذَلِكَ مَلَكٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَمْثُلُ لِكُلِّ قَوْمٍ آلِهَتُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا، فَيَتَّبِعُونَهَا، حَتَّى تُورِدَهُمُ النَّارَ، فَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُنَافِقُونَ، فَيَخِرُّ الْمُؤْمِنُونَ سُجَّدًا، وَتُدْمَجُ أَصْلَابُ الْمُنَافِقِينَ، فَتَكُونُ عَظْمًا وَاحِدًا، كَأَنَّهَا صَيَاصِي الْبَقَرِ، وَيَخِرُّونَ على أقفيتهم، فيقول الله تعالى لهم: ارفعوا رؤوسكم إِلَى نُورِكُمْ بِقَدْرِ أَعْمَالِكُمْ، فَيَرْفَعُ الرَّجُلُ رَأْسَهُ، وَنُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ الْجَبَلِ، وَيَرْفَعُ الرَّجُلُ رَأْسَهُ وَنُورُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ الْقَصْرِ، وَيَرْفَعُ الرَّجُلُ رَأْسَهُ وَنُورَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ الْبَيْتِ، حَتَّى ذَكَرَ مِثْلَ الشَّجَرَةِ، فَيَمْضُونَ عَلَى الصِّرَاطِ كالبرق وَكَالرِّيحِ، وَكَحُضْرِ الْفَرَسِ، وَكَاشْتِدَادِ الرَّجِلِ. حَتَّى يَبْقَى آخِرُ النَّاسِ نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ مِثْلُ
(1) في (س): "عبيد الله"، وهو تصحيف.
(2)
في (س) و (ع): "حدَّث عن عمر بن الخطاب".
السِّرَاجِ، فَأَحْيَانًا يُضِيءَ لَهُ وَأَحْيَانًا يَخْفَى عَلَيْهِ، فتشعب (1) مِنْهُ النَّارُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجَ، فيقول: ما يدري (2) مَا نَجَا مِنْهُ غَيْرِي. وَلَا أَصَابَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أَصَبْتُ، إِنَّمَا أَصَابَنِي حَرُّهَا ونجوتُ منها، قال: فيفتح له باب في الجنة فيقول: يا رب! ادخلني هذا، فَيَقُولُ: عَبْدِي لَعَلِّي إِنْ أَدْخَلْتُكَ (3) تَسْأَلْنِي غَيْرَهُ، قال: فيدخله، فبينما هو يعجب (4) بما هو فيه، إذ فتح له بَابٌ آخَرُ، فَيُسْتَحْقَرُ فِي عَيْنِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، فَيَقُولُ يَا رَبِّ! أَدْخِلْنِي هَذَا، فَيَقُولُ: أو لم تَزْعُمْ أَنَّكَ لَا تَسْأَلْنِي غَيْرَهُ، فَيَقُولُ: وَعِزَّتِكَ وجلالك لئن أدخلتينه لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، قَالَ: فَيُدْخِلُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ كُلُّهَا يَسْأَلُهَا، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُهُ رَجُلٌ مثل النور، فإذا رآه هوى، فسجد لَهُ، فَيَقُولُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَيَقُولُ: أَلَسْتَ بِرَبِّي؟ فَيَقُولُ: إِنَّمَا أَنَا قَهْرَمَانٌ، لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَلْفُ قَهْرَمَانٍ عَلَى أَلْفِ قَصْرٍ، بَيْنَ كُلِّ قَصْرَيْنِ مَسِيرَةُ أَلْفِ سَنَةٍ، يُرَى أَقْصَاهَا كَمَا يَرَى أَدْنَاهَا، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، فِيهَا سَبْعُونَ بَابًا فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا أَزْوَاجٌ وَسُرُرٌ وَمَنَاصِفُ فَيَقْعُدُ مَعَ زَوْجَتِهِ، فَتُنَاوِلُهُ الْكَأْسَ، فَتَقُولُ: لَأَنْتَ مُنْذُ نَاوَلْتُكَ الْكَأْسَ أَحْسَنُ مِنْكَ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَبْعِينَ ضِعْفًا، عليها (5) سَبْعُونَ حُلَّةً، أَلْوَانُهَا شَتَّى، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا، ويلبس الرجال ثِيَابَهُ عَلَى كَبِدِهَا وَكَبِدُهَا مِرْآتُهُ".
* هَذَا إِسْنَادٌ صحيح متصل رجاله ثقات.
(1) في (ع): "فشعب منه النار".
(2)
في (س) و (ع): "ما يدري أحد".
(3)
في (س) و (ع): "أدخلتك هذا".
(4)
في (س) و (ع): "هو معجب".
(5)
في (س): "عليه".
4539 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد صحيح، رواته ثقات، وأبو عبيدة وإن لم يصح سماعه من أبيه، فإنه لم ينفرد به، بل تابعه عليه قيس بن السكن الأسدي كما تقدم في هذا الإسناد.
ولهذا قال الحافظ عقبه: "هذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ 142 - 143)، وقال:"رواه إسحاق بن راهويه بسند صحيح".
تخريجه:
هذا الحديث مروي من طريقين من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
الطريق الأول: رواه قيس بن السكن الأسدي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه موقوفًا عليه. أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده كما هنا، ولم أجده عند غيره.
وهو موقوف لكنه في حكم المرفوع، لأن مثله لا يقال بالرأي، وروى مرفوعًا كما في الطرق الآتية.
الطريق الثاني: رواه أبو عبيدة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، واختلف على أبي عبيدة فيه على أوجه:
1 -
رواه المنهال بن عمرو، ونعيم بن أبي هند، عن أبي عبيدة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
أما حديث المنهال: فقد أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده كما في المطالب العالية هنا.
أما حديث نعيم بن أبي هند: فقد أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 421: 9764)، من طريق كرز بن وبرة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي عبيدة بن =
= عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يقوم الناس لرب العالمين أربعين سنة، شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء
…
فذكره بطوله.
قلت: هذا الطريق ضعيف، لأن فيه انقطاعًا بين أبي عبيدة وأبيه، لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه كما تقدم.
2 -
رواه المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 416 - 421: 9763)، من طريق أبي خالد الدالاني وزيد بن أبي أنيسة فرّقهما كلاهما عن المنهال بن عمرو، به.
ولفظه: "يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم، قيامًا أربعين سنة، شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء، فذكره بنحوه بأطول من هذا. وزاد في آخره.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 589 - 592)، من طريق أبي خالد الدالاني، عن المنهال بن عمرو، به، وقال:"رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدالاني في الصحيحين لما ذكر من انحرافه عن السنَّة، في ذكر الصحابة، فأما الأئمة المتقدمون فكلهم شهدوا لأبي خالد بالصدق والإِتقان، والحديث صحيح ولم يخرجاه، أبو خالد الدالاني ممن يجمع حديثه من أئمة أهل الكوفة".
وتعقبه الذهبي بقوله: "ما أنكره حديثًا، على جودة إسناده، وأبو خالد شيعي منحرف".
قلت: إن أبا خالد الدالاني لم ينفرد به، بل تابعه زيد بن أبي أنيسة كما تقدم عند الطبراني وهو ثقة.
وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(ص. انظر: 252 - 254)، من طريق زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو، به بنحوه. =
= قلت: هذا الإِسناد صحيح، رواته ثقات، واندفعت علة الإِنقطاع لأن أبا عبيدة رواه عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
فالخلاصة أن الحديث بالطريق الأول وبهذا الوجه صحيح، رواته ثقات.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 341 - 343)، بلفظ الطبراني مطولًا، وقال:"رواه كله الطبراني من طرق. ورجال أحدهما رجال الصحيح، غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة".
وأصل الحديث في آخر الناس خروجًا من النار في صحيح مسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه.
فقد أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 173 أو 174 - 175: 308 و 309 و 310)، في الإيمان، باب آخر أهل النار خروجًا من طرق عن ابن مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها فقال: تبارك الذي نجّاني منك، لقد أعطاني الله شيئًا ما أعطاه أحدًا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة، فيقول: أي رب، ادنني من هذه الشجرة. فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: "يا ابن آدم! لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب! ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه. فيدنيه منها، فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى. فيقول: أي رب! ادنني من هذه، لأشرب من مائها، وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها، فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها. ويشرب من مائها، ثم ترفع شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين، فيقول: يا رب! ادنني من هذه لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها؟ فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يارب، هذه لا أسألك غيرها، وربه =
= يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليها. فيدنيه منها، فإذا أدناه منها، فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب، ادخلنيها، فيقول: يا ابن آدم! ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: يا رب! أتستهزىء مني وأنت رب العالمين؟ فضحك ابن مسعود فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: مم تضحك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "من ضحك رب العالمين حيث قال: أتستهزىء مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: "إني لا أستهزىء منك، ولكني على ما أشاء قادر". ويشهد للنصف الأول من الحديث حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قلنا يا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! هَلْ نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: "هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوًا؟ قلنا: لا. قال: فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذٍ إلَّا كما تضارون في رؤيتهما، ثم قال: ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم وأصحاب الأوثان مع أوثانهم وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يجد الله من بر أو فاجر، وغبرات من أهل الكتاب
…
الحديث.
وفي آخره: "ثم يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهراني جهنم" فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب، وحسكة مفلطحة، لها شوكة، عقيفاء، تكون بنجد يقال لها: السعدان، المؤمن عليها كالطرف. وكالبرق، وكالريح، وكأجاويد الخيل، والركاب. فناج مسلّم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم
…
الحديث.
أخرجه البخاري كما في الفتح (13/ 430: 7439)، كتاب التوحيد، باب قوله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)} ، والآجري في الشريعة (ص 260 - 261)، وابن مندة في الإيمان (817)، وابن حبّان كما في الإِحسان (16/ 377 - 380: 7377)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص 344 - 345)، من طرق، عن الليث، عن =
= خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه به، وفي الباب حديث أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه أخرجه البخاري كما في الفتح (11/ 453: 6573)، كتاب الرقاق، باب: الصراط جسر جهنم، وفي كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)} ، (13/ 430: 7437)، ومسلم في صحيحه (1/ 163 - 166)، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية (182).
4540 -
قال مسدّد: حدَّثني يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزعراء، عن عبد الله رضي الله عنه قال:"الصور كهيئة القرن ينفخ فيه"
*صحيح، موقوف.
4540 -
درجته:
الأثر بهذا الإِسناد صحيح، رواته ثقات، وهو موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، ولهذا قال الحافظ في آخره: صحيح موقوف.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 140)، وقال:"رواه مسدّد موقوفًا ورواته ثقات".
تخريجه:
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 412: 9755)، من طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة، به بلفظه.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ونسبه إلى مسدّد وعبد بن حميد وابن المنذر.
وروي الحديث مرفوعًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنه، أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ما الصور؟ قال:"قرن ينفخ فيه".
أخرجه الإِمام أحمد (2/ 162، 192)، والدارمي (2/ 325)، والترمذي (2430)، كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في شأن الصور، وأبو داود (4742)، في كتاب السنَّة، باب في ذكر البعث والصور والنسائي في الكبرى (6/ 448: 11456)، كتاب التفسير، باب قوله تعالى:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ} ، وابن حبّان كما في الإِحسان (16/ 303: 7312)، والحاكم (2/ 436 و 506 و 4/ 506)، كلهم من طرق عن سليمان التيمي عن أسلم العجلي، عَنْ بِشْرِ بْنِ شَغَافٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو، به. =
= وحسّنه الترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وذكره الشيخ الألباني في الصحيحة (3/ 68: 1080)، وقال:"رجاله ثقات".
قلت: وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أوردها الحافظ في الفتح (11/ 376)، وقال:"وفي أسانيد كل منهما مقال".
4541 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى، حدَّثنا محمَّد بْنُ أَبِي بكر، ثنا عبد الرحمن بن أبي الصهباء، ثنا أَبُو غَالِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ بْنَ زِيَادٍ، قال لأنس رضي الله عنه: كيف يبعث الناس يوم القيامة؟ قال رضي الله عنه: "يبعثون والسماء تطش عليهم".
4541 -
درجته:
الأثر بهذا الإِسناد ضعيف، فيه عبد الرحمن بن أبي الصهباء، ولم أقف فيه على جرح أو تعديل وبقية رواته ثقات.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 334)، مرفوعًا، وقال:"رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه عبد الرحمن بن أبي الصهباء، ذكره ابن أبي حاتم ولم يذهبر فيه جرحًا ولا تعديلًا وبقية رواته ثقات".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 145)، وعزاه لأبي يعلى الموصلي وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (7/ 99: 4041)، وهو موقوف عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، ولكن له حكم الرفع، لأن مثله لا يقال بالرأي. وقد روي مرفوعًا بهذا الإِسناد. أخرجه الإِمام أحمد في المسند (3/ 266 - 267)، ثنا أحمد بن عبد الملك، ثنا عبد الرحمن بن أبي الصهباء، به بنحوه مرفوعًا.
وفي الباب حديث أبي هريرة، وحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما بين النفختين أربعون، قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت، ثم ينزل الله من السماء ماءً فينبتون كما ينبت البقل، قال: وليس من الإِنسان شيء إلَّا يبلى إلَّا عظمًا واحدًا وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلائق يوم القيامة".
أخرجه البخاري كما في الفتح (8/ 558: 4935)، كتاب التفسير، باب: =
= {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} ، ومسلم في صحيحه (4/ 2270: 2955)، كتاب الفتن، باب ما بين النفختين.
2 -
حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه في خروج الدجال، وفيه: "ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلَّا أصغي ليتا ورفع ليتا، قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله قال: فيصعق، ويصعق الناس، ثم يرسل الله -أو قال: ينزل الله- مطرًا كأنه الطل أو الظل، فتنبت منه أجساد الناس
…
الحديث.
أخرجه الإِمام أحمد في المسند (2/ 166)، ومسلم في صحيحه (4/ 2258: 2940)، فالخلاصة أن حديث الباب ضعيف بالإِسناد المتقدم، لكن معناه صحيح ثبت في أحاديث أخرى صحيحة.
4542 -
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدَّثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أَبُو عَقِيلٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ، عن يزيد بن سنان الرهاوي، أنا (1) أَبُو يَحْيَى الْكَلَاعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمامة الباهلي رضي الله عنه قال (2): سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ رَجُلٍ مِنْ أُمتي يَجُوزُ الصِّرَاطَ، رَجُلٌ يَتَلَوَّى عَلَى الصِّرَاطِ كَالْغُلَامِ حِينَ يُقَرِّبُهُ (3) أَبُوهُ، تَزِلُّ يَدُهُ مَرَّةً، فتصيبها النار، وتزلّ رجله مرة، فتصيبها النار، قال: فيقول (4) له الملائكة: أرأيت إن بعثك الله تعالى في مَقَامِكَ هَذَا فَمَشَيْتَ سَوِيًّا أَتُخْبِرُنَا بِكُلِّ عَمَلٍ عَمِلْتَهُ، قَالَ: فَيَقُولُ: إِي وَعِزَّتِهِ لَا أَكْتُمُ (5) مِنْ عَمَلِي (6) شَيْئًا، قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: قُمْ، فامش سويًا، فَيَقُومُ، فَيَمْشِي حَتَّى (7) يُجَاوِزَ الصِّرَاطَ، فَيَقُولُونَ لَهُ: أَخْبِرْنَا بِعَمَلِكَ الَّذِي عَمِلْتَ فَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ: إن أخبرتهم مما عملت ردوني إلى مكاني، قال: فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِهِ، مَا أَذْنَبْتُ ذَنْبًا قَطُّ، قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: لَنَا عَلَيْكَ بَيِّنَةٌ، قَالَ: فَيَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا هَلْ يَرَى مِنَ الْآدَمِيِّينَ ممن (8) كاد يشهد (9) فِي الدُّنْيَا أَحَدًا، فَلَا يَرَى أَحَدًا، فَيَقُولُ: هاتوا بينتكم، فيختم الله تعالى على فيه، وتنطق يداه ورجلاه وفخذه بِعَمَلِهِ، فَيَقُولُ: إِي (10) وَعِزَّتِكَ لَقَدْ عَمِلْتُهَا فَإِنَّ عندي العظائم الموبقات، قال: فيقول الله تعالى له، اذهب فقد غفرتها لك".
(1) في (س) و (ع): "أخبرني".
(2)
(س) و (ع): "يقول".
(3)
في بعض المصادر: "يضربه"، ولا أرى له وجهًا.
(4)
في (س) و (ع): "فتقول".
(5)
في (س) و (ع): "لا أكتمكم".
(6)
في (س): "شيئًا من عملي شيئًا".
(7)
هكذا في (س) و (ع) وفي المصادر الأصلية، وجاء في الأصل:"حين"، ولا أرى له وجهًا.
(8)
هكذا في (س) و (ع) وفي المصادر الأخرى، وجاء في الأصل:"مما كان"، ولا أرى له وجهًا.
(9)
هكذا في (س) و (ع) والمصادر الأخرى، وجاء في الأصل:"شهد".
(10)
في (ع): "أي رب".
4542 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، فيه يزيد بن سنان التميمي، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات. وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 146)، وقال:"رواه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناد حسن".
قلت: إسناده ضعيف لضعف يزيد بن سنان، ولعله يقصد أنه حسن بالشواهد.
تخريجه:
لم أجده في المصنف لابن أبي شيبة ولعله في مسنده.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه الطبراني في الكبير (8/ 168: 7670)، بلفظه:(ذكر الجزء الأول وأحال ببقية متنه على الذي قبله كما سيأتي). وأخرجه الطبراني أيضًا (8/ 185: 7669)، من طريق يزيد بن محمَّد بن سنان الرهاوي، عن أبيه حدَّثني أبي به، ولفظه: "إن آخر رجل يدخل الجنة، رجل يتقلب على الصراط ظهر لبطن، كالغلام يضربه أبوه وهو يفر منه يعجز عنه عمله أن يسعى، فيقول: يا رب! بلّغ بي الجنة، ونجّني من النار، فيوحي الله تعالى إليه، عبدي إن أنا أنجيتك من النار وأدخلتك الجنة أتعترف لي بذنوبك وخطاياك؟ فيقول العبد: نعم، يا رب وعزتك وجلالك لئن تنجيني من النار لأعترفن لك بذنوبي وخطاياي، فيجوز الجسر، ويقول العبد فيما بينه وبين نفسه: لئن اعترفت له بذنوبي وخطاياي ليردّني إلى النار، فيوحي الله إليه عبدي! اعترف لي بذنوبك وخطاياك أغفرها لك، وأدخلك الجنة، فيقول العبد: لا وعزتك ما أذنبت ذنبًا قط ولا أخطأت خطيئة قط، فيوحي الله تعالى إليه، عبدي! إن لي عليك بينة، فيلتفت العبد يمينًا وشمالًا، فلا يرى أحدًا، فيقول: يا رب! أرني بينتك فيستنطق الله جلده بالمحقرات، فإذا رأى ذلك العبد =
= يقول: يا رب! عندي وعزتك العظائم المضمرات، فيوحي الله عز وجل إليه، عبدي! أنا أعرف بها منك، اعترف لي بها، أغفرها لك وأدخلك الجنة، فيعترف العبد بذنوبه فيدخل الجنة" ثم ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، يقول: "هذا أدنى أهل الجنة منزلة، فكيف بالذي فوقه".
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 402)، وقال:"رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم، وضعفاء فيهم توثيق لين".
وللحديث شواهد من حديث ابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم في آخر رجل يدخل الجنة.
أما حديث ابن مسعود: فقد أخرجه مسلم وغيره، تقدم تخريجه في حديث رقم (4539).
وأما حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد الخدري فقد أخرجهما الشيخان وسيأتي تخريجهما في حديث رقم (4543).
فالخلاصة أن حديث الباب ضعيف بإسناد أبي بكر بن أبي شيبة. إلَّا أنه بشواهده هذه يرتقي إلى الصحيح لغيره.
وقوله في الحديث: (فيختم الله تعالى على فيه، وتنطق يداه ورجلاه وفخذه بعمله) له شاهد من حديث أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة، ليست في سحابة؟
…
الحديث.
وفيه: (ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك، ويتفكر في نفسه: من ذا الذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه، ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله. وذلك ليعذر من نفسه"
…
الحديث.
أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه (4/ 2280: 6968).
قلت: وفي الباب عن أنس وعقبة بن عامر ومعاوية وغيرهم رضي الله عنهم.
4543 -
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا: حدَّثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، ثنا محمَّد بن كعب، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا (الْجَنَّةَ) (1) رَجُلٌ كَانَ يَسْأَلُ الله تعالى أَنْ يُزَحْزِحَهُ عَنِ النَّارِ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، كَانَ بَيْنَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ، [فَقِيلَ: يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تَسْأَلْ أَنْ تُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ؟ فَقَالَ: يَا رب! ومن مثلك، ادنني مِنْ بَابِ الْجَنَّةِ (2)، فَيُدْنَى مِنْهَا، فَيَنْظُرُ إِلَى شَجَرَةٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْهَا أَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَآكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا، فقال (جلا وعلا (3): يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تَقُلْ، قَالَ: يَا رَبِّ! ومَنْ مِثْلُكَ، فَأَدْنِنِي (4) مِنْهَا، فَرَأَى أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْهَا، فقال جل جلاله: يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تَقُلْ، قَالَ: يَا رَبِّ! وَمَنْ مِثْلُكَ فَأَدْنِنِي (5) فَقِيلَ لَهُ: اعْدُ (6)، ذلك مَا بَلَغَتْهُ قَدَمَاكَ وَرَأَتْهُ عَيْنَاكَ، قَالَ: فَيَعْدُو (7)، حَتَّى إِذَا بَلَّحَ (يَعْنِي أَعْيَا)، قَالَ: يَا رب! هذا لي وهذا؟ فيقول: لك مثله وأضعافه، فيقول: قد رضي عني ربي، فَلَوْ أَذِنَ لِي فِي كِسْوَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وطعامهم لأوسعتهم".
(1) ما بين الهلالين غير موجود في (س).
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ع).
(3)
ما بين الهلالين ساقط من (س) و (ع).
(4)
في (س) و (ع): "فادني".
(5)
في (س) و (ع): "فادني".
(6)
في (س) و (ع): "اغد"، ولعله تصحيف.
(7)
في (س) و (ع): "فيغدو"، ولعله تصحيف.
4543 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف، وباقي =
= رواته ثقات، وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 401)، وعزاه للطبراني، وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 163)، وعزاه لأبي بكر بن أبي شيبة.
وقالا: أعني الهيثمي والبوصيري: "فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف".
تخريجه:
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (13/ 116 - 117: 15859)، ومن طريقه الطبراني في الكبير (18/ 77: 143)، وأبو نعيم الأصبهاني في صفة الجنة (ص 175: 453)، وأخرجه المروزي في زيادات الزهد لابن المبارك (ص 446: 1265)، عن عبد العزيز بن أبي عثمان الرازي. قال: أخبرنا موسى بن عبيدة الربذي، به.
ولفظه: "قد علمت آخر أهل الجنة دخولًا الجنة
…
" فذكره بنحوه.
وله شواهد من حديث ابن مسعود أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم في الصحيحين أو أحدهما.
1 -
حديث ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " آخر من يدخل الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة، وتسعفه النار مرة"
…
الحديث، تقدم ذكره بطوله في حديث رقم (4539).
2 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: إن الناس قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! هَلْ نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال هل تضارون في القمر ليلة البدر؟
…
الحديث.
وفيه: "ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار هو آخر أهل النار دخولًا الجنة، فيقول: أي رب! اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها، فيدعو الله تعالى ما شاء أن يدعوه، ثم يقول الله: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسألني غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره. ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب. قدّمني إلى باب الجنة، فيقول الله له: ألست قد أعطيت =
= عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير الذي أعطيت أبدًا، ويلك يا ابن آدم. ما أغدرك، فيقول: أي رب! ويدعو الله، حتى يقول: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره فيقول: لا، وعزتك لا أسألك غيره، ويعطي ما شاء من عهود ومواثيق فيقدّمه الله إلى باب الجنة فإذا قام إلى باب الجنة انفهقت له الجنة، فرأى ما فيها من الحبرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب. ادخلني الجنة، فيقول الله، ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت، فيقول: يا ابن آدم! ويلك ما أغدرك فيقال: أي رب! لا أكون أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال له: ادخل الجنة، فإذا دخلها قال الله له: تمنه، فسأل ربه وتمنى، حتى إن الله ليذكره يقول: كذا وكذا حتى انقطعت به الأماني، قال الله: ذلك لك ومثله معه".
أخرجه البخاري مع الفتح (1/ 4531)، كتاب الرقاق، و (13/ 430)، كتاب التوحيد ومسلم في صحيحه (1/ 163 - 166)، انظر: تخريجه مطولًا في حديث رقم (178).
3 -
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أخرجه البخاري ومسلم بعد ذكر حديث أبي هريرة المذكور أنفًا بقولهما:"قال عطاء: وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة، لا يغير عليه شيئًا من حديثه حتى انتهى إلى قوله: (هذا لك ومثله معه) قال أَبُو سَعِيدٌ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "هذا لك وعشرة أمثاله" قال أبو هريرة: حفظت (مثله معه).
وجاء في آخر الحديث: قال أبو هريرة: "وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولًا الجنة".
4544 -
وقال أبو يعلى: حدَّثنا يعقوب الدورقي، ثنا أبو عاصم، ثنا عبد الحميد بن جعفر، ثنا أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ (1) عُمَيْرٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهم، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَبْلُغُ الْعَرَقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ النَّاسِ" قَالَ أَحَدُهُمَا: إِلَى شَحْمَةِ أُذُنِهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِلَى أَنْ يُلْجِمَهُ الْعَرَقُ، فَقَالَ ابن عمر رضي الله عنهما: هكذا. ووصف أَبُو عَاصِمٍ فَأَمَرَّ إِصْبِعَهُ مِنْ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إلى فيه، هذا وذاك سويٌّ (2).
رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ وَقَالَ فيه: فقال ابن عمر رضي الله عنهما: "بِإِصْبِعِهِ تَحْتَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ" وَقَالَ: صَحِيحُ الإِسناد.
(1) في الأصل: "سعيد عن عمير"، وهو تصحيف، والتصحيح من النسخ الأخرى وكتب التراجم.
(2)
في (س) و (ع): "سواء" وهكذا رواه أبو يعلى في مسنده (1/ 73 - 75: 5711).
4544 -
درجته:
الحديث حسن بهذا الإِسناد، رواته ثقات ما عدا سعيد بن عمير بن نيار وهو حسن الحديث.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 335)، وقال:"رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح غير سعيد بن عمير وهو ثقة".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 146)، وقال:"رواه أبو يعلى وأحمد بن حنبل والحاكم وصححه" وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه الإِمام أحمد في المسند (3/ 90)، أخبرنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد به بلفظه. =
= وعليه فإن الحافظ وَهِمَ في إيراد هذا الحديث في الزوائد، فقد رواه أحمد في الموضع المذكور.
وأخرجه ابن حبّان في الثقات (4/ 287)، ثنا عبد بن حميد، عن أبي عاصم به.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 571)، من طريق أبي قلابة، ثنا أبو عاصم به بنحوه، وقال:"صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
وفي إسناده سعيد بن عمير، ولم أجد من وثقه، وأقل أحواله أنه حسن الحديث.
وهذا الحديث روي من طريق آخر صحيح، من حديث ابن عمر رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} قال: "يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه".
أخرجه البخاري كما في الفتح (11/ 400: 6531)، كتاب الرقاق، ومسلم في صحيحه (4/ 2195: 2862)، كتاب الجنة، باب في صفة يوم القيامة، وأحمد في المسند (2/ 125)، وابن أبي شيبة في المصنف (13/ 233)، والترمذي (2422)، وابن ماجة (4278)، كلهم من طرق عن ابن عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، به.
وللحديث شواهد صحيحة من حديث أبي هريرة، والمقدام بن الأسود، وغيرهما.
1 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم".
أخرجه البخاري كما في الفتح (11/ 400: 6532)، كتاب الرقاق، ومسلم في =
= صحيحه (4/ 2196: 2863)، كتاب الجنة، باب في صفة يوم القامة.
2 -
حديث المقدام بن الأسود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق
…
وفيه: "فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يُلْجمه العرق إلجامًا".
أخرجه مسلم (4/ 2196: 2864)، وانظر: الأحاديث الآتية برقم (186، 187، 189).
فالخلاصة أن حديث الباب بهذه الشواهد صحيح لغيره، والله أعلم.
4545 -
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ: حدَّثنا حُسَيْنٌ، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ، دحض مزلة، ذا حسك وكلاليب".
4545 -
درجته:
الحديث ضعيف بهذا الإِسناد، فيه أبو معشر نجيح بن عبد لرحمن السندي،
وهو ضعيف، وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 146)، وعزاه لأحمد بن منيع
وسكت عليه.
تخريجه:
لم أجد من أخرجه بهذا اللفظ والإِسناد.
ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري، وحديث ابن مسعود رضي الله عنهما وغيرهما:
1 -
حديث أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ نرى ربنا يوم القيامة؟
…
الحديث، وفيه:" ثم يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهراني جهنم"، فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما الجسر؟ قال:"مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة، لها شوكة عقيفاء تكون بنجد يقال لها السعدان". قال أبو سعيد: بلغني أن الجسر أدق من الشعرة وأحد من السيف.
أخرجه الشيخان وغيرهما، تقدم تخريجه مفصلًا في حديث رقم (4539).
كما يشهد لقوله: (وكلاليب) حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين، تقدم تخريجه في حديث رقم (4539).
وقوله في الحديث: (كحد السيف) يشهد له حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: "يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قيامًا أربعين سنة
…
" الحديث.
وفيه: "فيمرون على الصراط، والصراط كحد السيف دحض مزلة
…
" أخرجه الطبراني والحاكم وغيرهما. تقدم تخريجه مفصلًا في حديث رقم (4539) وإسناده صحيح، وصححه الحاكم. =
= ويشهد له أيضًا حديث عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! هَلْ يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة؟ قال: يا عائشة! أما عند ثلاث فلا
…
الحديث.
وفيه: (ولجنهم جسر أدق من الشعر واحد من السيف عليه كلايب وحسك)، أخرجه الإِمام أحمد في المسند (6/ 110) وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف.
فالخلاصة أن حديث الباب ضعيف بإسناد ابن منيع، ولكن له شواهد صحيحة، وبعضها في الصحيحين، وعليه فهو بهذه الشواهد صحيح لغيره، والله أعلم.
4546 -
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا خَالِدٌ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ عز وجل لِيَدْعُو الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فيذكِّره آلَاءَهُ وَنِعَمَهُ حَتَّى يَقُولَ فِيمَا يَقُولُ: سَأَلْتَنِي يَوْمَ كَذَا وَكَذَا أَنْ أزوّجك فلانة يسميها، فَتَزَوَّجْتَها".
4546 -
درجته:
الحديث ضعيف، فيه إبراهيم بن مسلم الهَجَري، وهو ضعيف.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 147)، وقال: رواه مسدّد بسند فيه الهجري وهو ضعيف.
تخريجه:
أخرجه ابن أبي الدنيا كما في النهاية في الفتن والملاحم (ص 245)، من طريق عبدة بن حميد عن إبراهيم بن مسلم الهجري، به، بلفظه.
ويشهد لمعنى الحديث حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! هَلْ نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة
…
الحديث.
وفيه قال: "فيلقى (الله) العبد فيقول: أي فل! ألم أكرمك وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإِبل ..) الحديث.
أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2279: 2968)، كتاب الزهد والرقاق.
وفي لفظ آخَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ليلقين أحدكم ربه يوم القيامة، فيقول له: ألم أسخّر لك الخيل والإِبل؟ ألم أذرك ترأس وتربع؟ ألم أزوجك فلانة خطبها الخطاب، فمنعتهم وزَوَّجْتُكَ".
أخرجه ابن خزيمة في التوحيد (ص 154)، وابن حبّان كما في الإِحسان =
= (367/ 16: 7367)، عن محمَّد بن ميمون الخياط قال: حدَّثنا سفيان بن عيينة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قلت: هذا إسناد حسن، رواته ثقات، إلَّا محمَّد بن ميمون الخياط، قال عنه الحافظ في التقريب:(صدوق ربما أخطأ).
فالخلاصة أن حديث الباب بهذه الشواهد حسن لغيره، والله أعلم.
4547 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (1)، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِنَّ الْكَافِرَ لَيُلْجِمُه الْعَرَقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: أرحني ولو إلى النار".
(1) في الأصل: "عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق"، وهو خطأ، والتصحيح من مسند أبي يعلى وغيره من المصادر ..
_________
4547 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، لثلاثة أمور:
1 -
فيه بشر بن الوليد الكندي، الفقيه، وهو ضعيف لاختلاطه.
2 -
فيه شريك النخعي، وهو ضعيف بعد اختلاطه، ولا يعرف سماع بشر بن الوليد عنه هل كان قبل اختلاطه أو بعده؟ وعليه فإن روايته عنه تكون ضعيفة.
3 -
فيه تدليس أبي إسحاق السبيعي، وقد عنعن.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 148)، وقال:"رواه أبو يعلى وعنه ابن حبّان في "صحيحه" وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (8/ 398:. انظر: 4982)، ومن طريقه ابن حبّان كما في الإِحسان (16/ 330: 7335).
وأخرجه الطبراني في الكبير (10/ 122 - 123)، من طريق بشر بن الوليد وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن شريك، به، ولفظه: (إن الرجل ليلجمه
…
) الحديث.
وأخرجه أيضًا في الكبير (10/ 131)، من طريق محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن المهاجر، عن أبي الأحوص، به، بلفظ: إِنَّ الْكَافِرَ لَيُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُلْجِمَه العرق، حتى أنه يقول: يا رب، أرحني ولو إلى النار. =
= قلت: هذا الإِسناد ضعيف، لأن فيه محمَّد بن إسحاق وهو مدلس من المرتبة الرابعة، وقد عنعن وسيأتي هذا الحديث برقم (4548).
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 109)، من طريق الثوري، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، به.
قلت: في إسناده إبراهيم بن مسلم الهَجَري، وهو ضعيف.
وروى موقوفًا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 170: 8779)، من طريق إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله قال:"إن الكافر ليلجم بعرقه يوم القيامة من طول ذلك اليوم حتى يقول: رب أرحني ولو إلى النار".
قلت: في إسناده إبراهيم الهجري وهو ضعيف.
فالخلاصة أن حديث الباب ضعيف بالطرق المتقدمة، لا يخلو طريق منها عن ضعف إلَّا أنه بمجموع هذه الطرق حسن لغيره، ومعناه صحيح ثبت في أحاديث أخرى صحيحة.
فقوله في الحديث: (إن الكافر ليلجمه العرق) تقدمت شواهده في حديث رقم (4544).
وقوله: "يقول: أرحني ولو إلى النار" ستأتي شواهده. انظر حديث رقم (4549 و 4550).
4548 -
حدَّثنا (1) عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْكَافِرَ لَيُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُلْجِمَه الْعَرَقُ، حَتَّى أنه ليقول: أرحني ولو إلى النار".
(1) هنا وقع بياض في (س) و (ع): "بمقدار صفحة".
4548 -
درجته:
الحديث ضعيف بهذا الإِسناد، فيه عنعنة ابن إسحاق وهو مدلس كما تقدم.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 336)، وقال:"رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمَّد بن إسحاق وهو ثقة، لكنه مدلس".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 148)، وعزاه لأبي يعلى وسكت عليه.
تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى ولا في المقصد العلي ولعله في مسنده الكبير.
وهذا الطريق أحد الطرق عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وقد تقدم تخريجه. وذكر طرقه في الحديث المتقدم رقم (4547)، والحديث بمجموع طرقه حسن لغيره.
ومعناه صحيح، ثبت في أحاديث أخرى تقدمت الإِشارة إليها في الحديث المتقدم برقم (4547).
4549 -
حدَّثنا الحارث بن سريج، ثنا مُعْتَمِرٌ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عِيسَى، حدَّثني محمَّد بْنُ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله رضي الله عنهما حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعَارُ وَالتَّخْزِيَةُ تَبْلُغُ مِنَ ابْنِ آدم في القيامة بين يدي الله عز وجل ما يتمنى المرء أن يؤمر به إلى النار".
4549 -
درجته:
إسناده ضعيف جدًا، فيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو ضعيف جدًا.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 350)، وقال:"رواه أبو يعلى وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي وهو مجمع على ضعفه".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 148) وقال: "رواه أبو يعلى بسند ضعيف لضعف الفضل بن عيسى بن أبان".
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (3/ 311: 1776).
وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 13)، من طريق الحارث بن سريج، به بنحوه.
وأخرجه المروزي في زيادات الزهد لابن المبارك (ص 465: 1320)، أخبرنا المعتمر بن سليمان، به، ولفظه:"والذي نفسي بيده إن العار ليبلغ في المقام بين يدي الله عز وجل من ابن آدم حتى يتمنى أن ينصرف به، وقد علم أن المنصرف، به، إلى النار".
وأخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 152: 3423)، من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن الفضل بن عيسى، به، بنحوه.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 577) من طريق الفضل بن عيسى، به، بنحوه وقال:"صحيح الإِسناد" وتعقّبه الذهبي بقوله: "الفضل واهٍ".
فالخلاصة أن حديث الباب مداره على الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف جدًا، ومعناه صحيح ثبت في أحاديث أخرى، انظر حديث رقم (4547)، وحديث رقم (4548).
4550 -
وَقَالَ الْبَزَّارُ: حدَّثنا محمَّد بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْعَرَقَ لَيَلْزَمُ الْمَرْءَ فِي الْمَوْقِفِ حَتَّى يَقُولَ: يَا رَبِّ! إِرْسَالُكَ بِي إِلَى النَّارِ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِمَّا أَجِدُ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا فِيهَا مِنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ.
وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى (1) إلَّا بِهَذَا الإِسناد".
(1) جاء في الكشف (4/ 152): "لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلَّا بهذا الإِسناد".
4550 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف جدًا، فيه الفضل بن عيسى الرقاشي وهو متروك.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 336)، وقال:"رواه البزّار وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي وهو ضعيف جدًا".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 148)، وعزاه للبزار وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 152: 3423)، كتاب البعث، وهذا الطريق أحد الطرق لهذا الحديث عن الفضل بن عيسى الرقاشي، وقد تقدم تخريجه وذكر طرقه في الحديث المتقدم برقم (4549)، ومداره على الفضل بن عيسى، وهو ضعيف جدًا، ومعناه صحيح، انظر حديث رقم (4547 و 4548).
4551 -
وَقَالَ عَبْدٌ: حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ، ثنا أَبِي، قَالَ: إِنَّ أَبَا هَارُونَ الْغِطْرِيفِ حدَّثه، أَنَّ أبا الشعثاء (1) حدَّثه، أن ابن عباس رضي الله عنهما حدَّثه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حدَّثه، أن الروح الأمين عليه السلام حدَّثه، أن الله عز وجل قَضَى لَيُؤْتَى بِعَمَلِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسَنَاتِهِ وسيئاته فيقص بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، فَإِذَا بَقِيَتْ لَهُ حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَّعَ اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مَا شَاءَ".
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: قَالَ أَبِي: فَقُلْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ يَزْدَادُ: فَإِنْ ذَهَبَتِ الْحَسَنَةُ فَلَمْ يبقَ شَيْءٌ؟ فَقَالَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} (2) الآية:
(1) في الأصل: "أبا الأشعث"، ولعله تصحيف، والتصحيح من المصادر الأصلية، وكتب التراجم. الحديث رواه عبد بن حميد في مسنده كما في المنتخب (ص 221: 661).
(2)
الآية رقم 16 من سورة الأحقاف.
4551 -
درجته:
إسناده ضعيف، فيه إبراهيم بن الحكم بن أبان وهو ضعيف كما تقدم.
وفيه الغطريف أبو هارون العماني، ولم أجد فيه توثيقًا.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 147)، وعزاه لعبد بن حميد وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه عبد بن حميد في مسنده كما في المنتخب (ص 221: 661).
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 113)، والبزار كما في الكشف (4/ 164)، وابن أبي داود في كتاب البعث (ص 67: 30)، والحاكم في المستدرك =
= (252/ 4)، وابن جرير في تفسيره (26/ 12/ 13)، كلهم من طرق عن الحكم بن أبان، به، (الجزء المرفوع فقط) وقال الحاكم:"صحيح الإِسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي، فالخلاصة أن مداره على الغطريف أبي هارون، وهو غير موثق.
ومعنى الحديث في الاقتصاص يوم القيامة صحيح، ثبت في أحاديث أخرى، انظر حديث رقم (4582).
4552 -
وَقَالَ عَبْدٌ: حدَّثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "يَأْتِي مِنْ أُمَّتِي يوم الفيامة كَالسَّيْلِ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: لَمَّا جَاءَ مَعَ محمَّد صلى الله عليه وسلم مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مما جاء مع عامة الأنبياء".
* ضعيف.
4552 -
درجته:
الحديث ضعيف بهذا الإِسناد، فيه موسى بن عبيدة الربذي وأيوب بن خالد بن صفوان وكلاهما ضعيف، ولهذا قال الحافظ عقبه:"ضعيف".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 149)، وقال:"رواه عبد بن حميد بسند فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف".
تخريجه:
أخرجه عبد بن حميد في المنتخب (ص 424: 1453)، وفيه (عبيد الله بن رافع) ولفظه: "يأتي من أمتي يوم القيامة مثل الليل والسيل
…
" فذكر.
وأخرجه ابن المبارك في الزهد في زيادات نعيم بن حماد (ص 112: 377)، حدَّثنا موسى بن عبيدة، به.
وأخرجه البزّار كما في الكشف (4/ 156: 3432)، من طريق موسى بن عبيدة، به.
ولفظه: "يأتي معي من أمتي يوم القيامة مثل الليل والسيل، فيحطمهم الناس حطمة، فتقول الملائكة: لما جاء مع محمَّد أكثر مما جاء مع سائر الأمم أو الأنبياء" وقال: "لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلَّا من هذا الوجه".
فالخلاصة أن مدار هذا الإِسناد على موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
وله شاهد من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ "أما والذي نفس محمَّد بيده ليبعثن منكم يوم القيامة إلى الجنة مثل =
= الليل الأسود زمرة جميعها يحيطون الأرض، تقول الملائكة، لما جاء مع محمَّد أكثر مما جاء مع الأنبياء" أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 297: 3455)، وفي "مسند الشاميين"(1677)، من طريق محمَّد بن إسماعيل بن عياش، حدَّثنا أبي، حدَّثني ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي مالك الأشعري، به.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 404)، وقال:"رواه الطبراني وفيه محمَّد بن إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف".
قلت: إن حديث الباب بهذا الشاهد يرتقي إلى الحسن لغيره.
ومعنى الحديث صحيح ورد في أحاديث أخرى صحيحة ومنها ما يلي:
1 -
حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله: "أنا أكثر الأنبياء تبعًا يوم القيامة وأنا أول من يقرع باب الجنة".
أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه (1/ 188: 331)، من طريق سفيان، عن مختار بن فلفل، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه.
2 -
حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-: صلى الله عليه وسلم "عُرِضَتْ عَلَيّ الأمم، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه الرهيط، والشعبي معه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى صلى الله عليه وسلم وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم،: فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب" الحديث.
أخرجه البخاري كما في الفتح (10/ 155، 211) و (11/ 405 - 406)، ومسلم في صحيح (1/ 199: 220)، والإِمام أحمد في المسند (1/ 271)، وابن منده في الإيمان (981، 982، 983، 984).
وفي الباب عن ابن مسعود وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.
4553 -
[1] وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حدَّثنا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه رَفَعَهُ قَالَ:"الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فِي النَّارِ"(1).
[2]
وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حدَّثنا دُرُسْتٌ بِهِ.
[3]
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا مُوسَى بْنُ محمَّد بْنِ حيان، ثنا درست، به
(1) قال الشيخ الألباني في الصحيحة (1/ 34: 124): "فإلقاؤهما فى النار يحتمل أمرين":
الأول: أنهما من وقود النار كما قال الإسماعيلي.
الثاني: أنهما يلقيان فيها تبكيتًا لعبَّادِهما كما قال الخطابي.
ثم رَجَّح الشيخ الاحتمال الثاني لأنه هو الأقرب إلى لفظ الحديث، ويؤيده ما جاء في حديث أنس عند أبي يعلى كما في الفتح (6/ 241)، (ليراهما من عبدهما).
وهذه الزيادة لم أجدها في مسند أبي يعلى.
وانظر: (المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث 2/ 481).
4553 -
درجته:
الحديث بالأسانيد المتقدمة ضعيف، فيها درست بن زياد، ويزيد الرقاشي، وكلاهما ضعيف.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 390)، وقال:"رواه أبو يعلى وفيه ضعفاء قد وثّقوا".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 158)، وقال:"رواه أبو داود الطيالسي، ومسدد، وأبو يعلى الموصلي ومدار أسانيدهم على يزيد الرقاشي، وهو ضعيف".
تخريجه:
أخرجه الطيالسي في مسنده (ص 281: 2103)، عن درست بن زياد، به.
وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (1/ 67)، وأبو يعلى في مسنده (7/ 147: 4116)، وابن حبّان في المجروحين (1/ 293)، وابن عدي في الكامل (3/ 102)، =
= وأبوالشيخ في العظمة كما في اللآلئ المصنوعة (1/ 82)، كلهم من طرق عن درست بن زياد، به.
وتابع درست بن زياد حماد بن سلمة:
أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" كما في اللآلئ المصنوعة (1/ 82)، حدَّثنا أبو معشر الدارمي، حدَّثنا هَدْبَةُ، حدَّثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يزيد الرقاشي، به، وقال السيوطي:"هذه متابعة جليلة".
قلت: لكن فيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف، وعليه فإن الحديث بهذا الإِسناد ضعيف.
ويشهد له حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة".
أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (1/ 66 - 67) حدَّثنا محمَّد بن خزيمة، حدَّثنا معلي بن أسد العمي، حدَّثنا عبد العزيز بن المختار، عن عبد الله الداناج قال: شهدت أبا سلمة بن عبد الرحمن جلس في مسجد في زمن خالد بن عبد الله بن خالد بن أُسيد قال: فجاء الحسن، فجلس إلينا، فتحدَّثنا، فقال أبو سلمة: حدَّثنا أبو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فذكره.
قلت: هذا إسناد صحيح، رواته ثقات، وقد ذكره الشيخ الألباني في الصحيحة (1/ 32: 124)، وصحّحه.
وأخرجه البزّار والإِسماعيلي والخطابي كما في الفتح (6/ 346)، كلهم من طريق يونس بن محمَّد عن عبد العزيز بن المختار، به.
وقد أخرجه البخاري في صحيحه مختصرًا كما في الفتح (6/ 343: 3200)، حدَّثنا مسدّد، حدَّثنا عبد العزيز بن المختار، به. ولفظه:"الشمس والقمر مكوران يوم القيامة".
فالخلاصة أن حديث الباب بهذا الشاهد يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
4554 -
وقال أبو يعلى: حدَّثنا ابن مطيع، ثنا هُشَيْمٌ، عَنِ الْكَوْثَرِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُحْشَرُ النَّاسُ حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلًا"، فَقَالَتْ عائشة رضي الله عنها: وَالنِّسَاءُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ: "نَعَمْ" فَقَالَتْ: واسوأتاه! فقال: "ومن أي شيء عجبت، يا بنت أَبِي بَكْرٍ"(1)؟ قَالَتْ: عَجِبْتُ مِنْ حَدِيثِكَ، يَنْظُرُ بعضهم إلى بعض، قال: فضرب صلى الله عليه وسلم على منكبها وقال: "يا بنت أبي قحافة، قد شُغِلَ النَّاسُ يومئذٍ عَنِ النَّظَرِ، وَتَسْمُو أَبْصَارُهُمْ إِلَى فَوْقِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يشربون، شاخصين بأبصارهم، فيهم مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ قَدَمَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ بَطْنَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ مِنْ طُولِ الْوُقُوفِ، ثُمَّ يَرْحَمُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْعِبَادَ، فَيَأْمُرُ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ، فيحملون عرشه من السموات إلى أَرْضٍ بَيْضَاءَ، لَمْ يُسْفَكْ عَلَيْهَا دَمٌ، وَلَمْ يُعْمَلْ فِيهَا خَطِيئَةٌ، كَأَنَّهَا الْفِضَّةُ الْبَيْضَاءُ، ثُمَّ تَقُومُ الْمَلَائِكَةُ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ يَوْمٍ نَظَرَتْ فِيهِ عَيْنٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل، ثُمَّ يَأْمُرُ مُنَادِيًا، فَيُنَادِي بِصَوْتٍ يسمعه الثقلان الجن والإِنس: أين فلان ابن فُلَانٍ، فَيَشْرَئِبُّ لِذَلِكَ، وَيَخْرُجُ مِنَ الْمَوْقِفِ، فَيُعَرِّفُهُ الله تعالى النَّاسَ ثُمَّ يُقَالُ: تَخْرُجُ مَعَهُ حَسَنَاتُهُ، فَيُعَرِّفُ الله تعالى أَهْلَ الْمَوْقِفِ تِلْكَ الْحَسَنَاتِ، فَإِذَا وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّ الْعَالَمِينِ، قِيلَ: أَيْنَ أَصْحَابُ الْمَظَالِمِ؟ فيجيئون رجلًا رجلًا، فيقال: أظلمت فلانًا كذا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الذي تشهد عليهم ألسنتهم وأرجلهم وأيديهم مما كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَتُؤْخَذُ حَسَنَاتُهُ، فَتُدْفَعُ إِلَى مَنْ ظَلَمَهُ يَوْمَ لَا دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ، إلَّا أخذٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ وردٌّ مِنَ السَّيِّئَاتِ، فَلَا يزال أهل الْمَظَالِمِ يَسْتَوْفُونَ مِنْ حَسَنَاتِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ حَسَنَةٌ، ثُمَّ يَقُومُ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لم يأخذ
(1) كذا في النسخ، ولعلها:(بنت ابن أبي قحافة).
شَيْئًا، فَيَقُولُونَ: مَا بَالُ غَيْرِنَا، اسْتَوْفَى وَبَقِينَا؟ فيقال لهم: لا تعجلوا، يؤخذ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَيْهِ، حَتَّى لَا يَبْقَى أحد ظُلِمَ بمظلمة، فيعرف الله تعالى أَهْلَ الْمَوْقِفِ أَجْمَعِينَ ذَلِكَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حسناته، قيل: ارجع إلى أمك الهاوية، لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ، إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ، فلا بقى يومئذٍ مَلَكٌ وَلَا نَبِيُّ مُرْسَلٌ وَلَا صِدِّيقٌ ولا شهيد ولا بشر، إلَّا ظن مما رأى من شدة العذاب أَنَّهُ لَا يَنْجُو، إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ عز وجل".
4554 -
درجته:
ضعيف جدًا، فيه كوثر بن حكيم، وهو متروك الحديث، وفيه عنعنة هشيم وهو مدلس، وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 145)، وقال:"رواه أبو يعلى الموصلي بسند فيه كوثر بن حكيم وهو ضعيف".
تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع ولا في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير.
وأخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 77)، من طريق ابن مطيع بهذا الإِسناد، ولفظه: "يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم حفاة، عراة، غرلا
…
فذكره بنحوه.
وقد تابع كَوْثَرَ بن حكيم، كرزُ التيمي.
أخرجه أبو يعلى كما في "النهاية في الفتن والملاحم" لابن كثير (ص 162)، قال: حدَّثنا روح بن حاتم، حدَّثنا هشيم، عن كرز عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا "يحشر الناس كما ولدتهم أمهم، حفاة، عراة، غرلا، فقال عائشة .. " فذكره بنحوه.
وقال الحافظ ابن كثير: "هذا حديث غريب من هذا الوجه".
قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه روح بن حاتم قال عنه ابن معين: ليس بشيء، =
= (انظر: اللسان 2/ 465)، وفيه عنعنة هشيم بن القاسم، وهو مدلس من أصحاب المرتبة الثالثة.
فالخلاصة أن الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، ومعناه صحيح ورد مفرقًا في أحاديث أخرى صحيحة.
فقوله في صدر الحديث: "يحشر الناس يوم القيام حفاة، عراة، غرلا
…
إلى قوله: قد شغل الناس" يشهد له حديث عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تحشرون حفاة، عراة غرلا، قالت عائشة رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: الأمر أشد من أن يهمهم ذلك".
أخرجه البخاري كما في الفتح (11/ 385: 6527)، كتاب الرقائق، باب الحشر، ومسلم في صحيحه (4/ 2194: 65)، كتاب الجنة، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، وهذا لفظ البخاري ولفظ مسلم بنحوه.
وفي الباب عن سهل بن سعد، وأم سلمة رضي الله عنهما أخرجهما الطبراني في الأوسط.
وقوله في الحديث: "وتسموا أبصارهم إلى فوق أربعين سنة .. " يشهد له حديث ابن مسعود تقدم تخريجه تحت رقم (4539).
وقوله: "فيهم مَنْ يَبْلُغُ الْعَرَقُ قَدَمَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ ساقيه .. " يشهد له حديث المقدام بن الأسود، وحديث عبد الله بن عمرو، وحديث أبي هريرة رضي الله عنهم، تقدمت في تخريج حديث رقم (4544).
وقوله: "فيحملون عرشه من السماوات إلى أرض بيضاء، لم يسفك عليها دم .. " يشهد له حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه مرفوعًا: (يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء، عفراء كقرصة نقي، ليس فيها معلم لأحد".
أخرجه البخاري كما في الفتح (11/ 372)، ومسلم في صحيحه (2790)، وابن حبّان كما في الإِحسان (16/ 313)، وأبو نعيم في صفة الجنة (143)، =
= والطبراني في الكبير (5831).
أما الجزء الأخير من الحديث في القصاص وردّ المظالم يوم القيامة فله شواهد كثيرة تأتي في حديث رقم (4582).
فالخلاصة أن حديث الباب ضعيف بالإِسناد المتقدم، ومعناه صحيح ورد مفرقًا في أحاديث أخرى.
4555 -
حدَّثنا (1) عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جمع الله الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَاءَ مُنَادٍ يُنَادِي بِصَوْتٍ يُسْمِعُ جَمِيعَ الْخَلَائِقِ: سَيَعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ مَنْ أَوْلَى بِالْكَرَمِ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُنَادِي: لِيَقُمِ الَّذِينَ كَانَتْ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} الْآيَةَ (2) فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُنَادِي: أين الذي كَانُوا {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} الْآيَةَ (3)، فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُنَادِي: ليقم الذين كانوا يحمدون فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، فَيَقُومُونَ وَهُمْ قَلِيلٌ، ثُمَّ يحاسب سائر الناس"(4).
(1) في (ك): [قال إسحاق أنا أبو معاوية (ح)].
(2)
سورة السجدة الآية رقم 16.
(3)
سورة النور: الآية رقم 37.
(4)
في (ك): "لفظ علي، وَقَدَّمَ أَبُو مُعَاوِيَةَ الثَّالِثَ ثُمَّ الثَّانِيَ ثُمَّ الأول".
4555 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد ضعيف، فيه عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وهو مقبول.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 145)، وقال "رواه أبو يعلى الموصلي" وسكت عليه.
تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى المطبوع ولا في المقصد العلي ولعله في مسنده الكبير.
وتوبع عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.
فقد أخرجه ابن أبي حاتم كما في ابن كثير (3/ 286)، عن أبيه حدَّثنا سويد بن سعيد حدَّثنا علي بن مسهر، به.
قلت: سويد بن سعيد ضعيف، لأنه عمي في آخر عمره، فكان يُلَقّن فيتلقن، إلَّا أن الحديث بهذه المتابعة يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
وأخرجه هنَّاد في الزهد (1/ 134: 176)، حدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق به، ولفظه: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، قال: فيقوم مناد، فينادي: أين الذين كانوا يحمدون الله تبارك وتعالى في السرّاء والضرّاء؟ قال: فيقومون وهم قليل، فيدخلون الجنة بغير حساب، ثم يعود، ينادي: ليقم الذين كانو ا {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)} فيقومون، وهم قليل، فيدخلون الجنة بغير حساب، قال: ثم يقوم ينادي: ليقم الذين كانوا {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)} قال فيقومون وهم قليل، فيدخلون الجنة بغير حساب، ثم يؤمر بسائر الناس فيحاسبون!.
قلت: هذا إسناد حسن، وأبو معاوية، محمَّد بن خازم الضرير، وهو ثقة.
وللحديث شاهد من حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كنا في سفر، فكنا نتناوب الرعية، فلما كانت نوبتي، سرحت إبلي، ثم رجعت، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس فسمعته يقول: ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء
…
الحديث.
وفيه: ثم قال: "يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي، فينادي مناد: سيعلم أهل الجمع لمن الكرم اليوم، ثم يقول: أين الذين {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، ثم يقول: أين الذين كانوا {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}، إلى آخر الآية، ثم ينادي مناد: سيعلم أهل الجمع اليوم، ثم يقول: أين الحمّادون الذين كانوا يحمدون ربهم".
أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 398)، وأبو نعيم في الحلية (2/ 9)، من طريق أبي الأحوص، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عطاء، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، به. =
= وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح، وله طرق عن أبي إسحاق ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي".
قلت: فيه أبو إسحاق السبيعي وهو مدلّس، من أصحاب المرتبة الثالثة وقد عنعن، وهو مختلط، وسماع أبي الأحوص، عنه غير متميز هل كان قبل اختلاطه أو بعده، وعليه فإن الإِسناد ضعيف.
فالخلاصة أن حديث الباب بالمتابعة المتقدمة، وطريق هنَّاد، وهذا الشاهد، يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم، ويشهد له أيضًا حديث ابن عباس موقوفًا عليه سيأتي برقم (4557).
4556 -
حدَّثنا (1) زهير، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، ثنا دَرَّاجٌ أَبُو السَّمْحِ، أَنَّ أَبَا الْهَيْثَمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تَأْكُلُ الْأَرْضُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الإِنسان إلَّا عَجْب ذنبه، قيل: ومثل ما هو يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "مثل حبَّة الْخَرْدَلِ مِنْهُ يَنْبُتُونَ".
* أَخْرَجَهُ ابْنُ (2) حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: إِنَّ دَرَّاجًا حدَّثه بِهِ، وَسَمِعْنَاهُ بِعُلُوٍّ في البعث (3) لابن أبي داود.
(1) القائل هنا: أبو يعلى في مسنده (2/ 523: 1382).
(2)
أخرجه ابن حبّان كما في الإِحسان (7/ 409، 3140).
(3)
رواه ابن أبي داود في كتاب "البعث"(ص 48 - 17).
4556 -
درجته:
ضعيف بهذا الإِسناد لأسباب:
1 -
فيه ابن لهيعة وهو ضعيف بسبب سوء حفظه.
2 -
فيه درّاج أبو السمح، وحديثه عن أبي الهيثم ضعيف.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 140)، وقال:"رواه أبو يعلى الموصلي وأحمد بن حنبل وابن حبّان في صحيحه والحاكم صححه" وسكت عليه.
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 523: 1382)، ولفظه:"يأكل التراب كل شيء" فذكره وأخرجه الإِمام أحمد في المسند (3/ 28)، عن الحسن بن موسى، به في آخر الحديث بنحوه.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 232)، وقال:"رواه أحمد وإسناده حسن".
قلت: في إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف كما تقدم، ودرّاج أبو السمح، وهو ضعيف في حديثه عن أبي الهيثم، وهذا مما يستدرك على الحافظ في ذكره في الزوائد، وهو في المسند بهذا الإِسناد. =
= وتوبع ابن لهيعة فقد أخرجه ابن أبي داود في كتاب "البعث"(ص 48: 17)، وابن حبّان كما في الإحسان (7/ 409: 3140)، والحاكم في المستدرك (4/ 609)، كلهم من طرق عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ درّاج أبي السمح بهذا الإِسناد، وقال الحاكم:"صحيح الإِسناد" ووافقه الذهبي. فالخلاصة أن مداره على درّاج عن أبي الهيثم، وحديث درّاج عنه ضعيف.
وله شاهد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ما بين النفختين أربعون"، قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يومًا؟ أبيت، قالوا: أربعون شهرًا؟ قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت "ثم ينزل الله من السماء ماءً فينبتون كما ينبت البقل، قال: "وليس من الإِنسان شيء إلَّا يبلى، إلَّا عظمًا واحدًا وهو عَجْب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة". (هذا لفظ مسلم).
أخرجه البخاري مع الفتح (8/ 414: 4814)، ومسلم في صحيحه (4/ 2271)، برقم (2295)، وأبو داود في السنَّة (4743)، وابن حبّان كما في الإِحسان (7/ 408: 3139)، وعليه فإن حديث الباب بهذا الشاهد يرتقي إلى الصحيح لغيره، والله أعلم.
4557 -
قال الحارث (1): حدَّثنا هَوْذَة، ثنا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ فِي سَعَتِهَا كَذَا وَكَذَا، وَجَمِيعُ الْخَلَائِقِ بِصَعِيدٍ وَاحِدٍ جِنِّهِمْ وِإِنْسِهِمْ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قِيْضَتْ (2) هذه السماء الدنيا عن أهلها، فينثرون عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَلأهْلُ السَّمَاءِ وَحْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ، وِجِنِّهِمْ وَإِنْسِهِمْ بِالضِّعْفِ، فإذا نثروا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَزِعَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْأَرْضِ، وقالوا: فيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم، يقولون: سُبْحَانَ رَبِّنَا لَيْسَ هُوَ فِينَا، وَهُوَ آتٍ، ثم يقبض أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَلأَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَحْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَمِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالضِّعْفِ، فَإِذَا نُثِرُوا عَلَى أَهْلِ وَجْهِ الْأَرْضِ فَزِعَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْأَرْضِ وَقَالُوا: فِيكُمْ رَبُّنَا؟ فَيَفْزَعُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ، وَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ ربنا ليس فينا وهو آت، ثم تقاض السماوات كُلِّهَا، فَتُضَعَّفُ كُلُّ سَمَاءٍ عَلَى السَّمَاءِ الَّتِي تحتها وجميع أهل الأرض، كلّما نثروا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَزِعَ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الْأَرْضِ ويقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون إليهم مثل ذلك، ثم تقاض أهل السماوات السَّابِعَةِ، فَلأَهْل السَّمَاءِ السَّابِعَةِ أَكْثَرُ أَهْلًا مِنَ السَّمَاوَاتِ السِّتِّ، وَمِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالضِّعْفِ، فيجيء الله تبارك وتعالى فِيهِمْ، والأُمم جُثًا (3) صُفُوفًا، فَيُنَادِي مُنَادٍ: سَتَعْلَمُونَ اليوم من أصحاب الكرم،
(1) أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (4/ 1334: 1097)، به، إلَّا أن فيه:"أن ابن عباس رضي الله عه رفعه قال".
(2)
أي: شقت وانصدعت. (النهاية 5/ 132).
(3)
في الأصل: "والأُمم جثيثا" ولعل الصواب كما ذكرته في النص. وكما في بغية الباحث وغيرهما من المصادر.
لِيَقُمِ الْحَمَّادُونَ رَبَّهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَيَسْرَحُونَ إلى الجنة، ثم ينادي ثانية: سيعلمون الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ، لِيَقُمِ الَّذِينَ {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} الْآيَةَ، فَيَقُومُونَ فَيَسْرَحُونَ إِلَى الجنة، ثم ينادي ثالثة: ليقم الذين {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} الْآيَةَ: فَيَقُومُونَ فَيَسْرَحُونَ إِلَى الْجَنَّةِ، فَإِذَا أُخِذَ مِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةٌ خَرَجَ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ، فَأَشْرَفَ عَلَى الْخَلَائِقِ، لَهُ عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وَلِسَانٌ فَصِيحٌ، فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ، إِنِّي وُكِلْتُ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، فَيَلْتَقِطُهُمْ مِنَ الصُّفُوفِ لقط الطير حب السمسم، فيجلس بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، ثُمَّ يَخْرُجُ ثَانِيَةً، فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِلْتُ بِمَنْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ (قَالَ) فَيَلْتَقِطُهُمْ مِنَ الصُّفُوفِ لَقْطَ الطَّيْرِ حَبَّ السُّمْسُمِ، فيجلس بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، ثُمَّ يَخْرُجُ ثَالِثَةً (أَحْسِبُهُ قَالَ) فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِلْتُ بِأَصْحَابِ التَّصَاوِيرِ، فَيَلْتَقِطُهُمْ من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيجلس بِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، فَإِذَا أَخَذَ مِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةً وَمِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةً، نُشِرَتِ الصُّحُفُ، وَوُضِعَتِ الْمَوَازِينُ، وَدُعِيَ الْخَلَائِقُ لِلْحِسَابِ.
* هَذَا مَوْقُوفٌ، إِسْنَادُهُ حسن.
4557 -
درجته:
إسناده حسن، فيه هوذة بن خليفة، وشهر بن حوشب وكلاهما بمرتبة صدوق، وبقية رواته ثقات، وهو وإن كان موقوف على ابن عباس، ولكن له حكم الرفع لأن مثله لا يقال بالرأي.
قال الحافظ عقب ذكره: "هذا موقوف، إسناده حسن".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 144)، وقال:"رواه الحارث موقوفًا وإسناده حسن".
تخريجه:
أخرجه الحارث كما في "بغية الباحث"(4/ 1334: 1097)، كتاب البعث، =
= ومن طريقه أخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 62).
وأخرجه ابن المبارك في الزهد في زيادات نعيم بن حماد (ص 101: 353)، أنا عوف به بطوله.
وأخرجه ابن أبي الدنيا كما في النهاية لابن كثير (ص 215)، من طريق عوف، به بنحوه.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (6/ 61 - 62)، من طريق مسلم بن خالد، عَنِ ابْنُ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ أنه حدَّثه قال: ولفظه: (كان يقال: إذا كان يوم القيامة مدّت الأرض، فذكره).
ولبعض ما تضمّنه الحديث شواهد صحيحة، فقوله في أوله:"إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الأديم"، له شواهد من حديث جابر بن عبد الله وغيره وسيأتي تخريجه تحت رقم (4578).
وقوله: (فَيُنَادِي مُنَادٍ: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ إلى قوله: فيقومون فيسرحون إلى الجنة) له شواهد من حديث أسماء بنت يزيد بن السكن، وعقبة بن عامر، تقدم تخريجهما تحت رقم (4555).
وقوله في الأخير: (خرج عنق من النار .. فيقول إني وُكِّلْتُ بثلاثة) إلى آخره، يشهد له حديث أبي سعيد الخدري وحديث أبي هريرة رضي الله عنه سيأتي تخريجهما تحت رقم (4559).
(1)
4558 - وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدورقي، ثنا محمَّد بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَاصِمٍ الْحَبَطِيُّ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وكان من أصحاب حرم وسالم بن أبي مطيع، قال: ثنا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ تميم الداري رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى لِمَلَكِ الْمَوْتِ: انْطَلِقْ إِلَى وَلِيِّي، فَأْتِنِي بِهِ، فَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُه بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، فَوَجَدْتُهُ حَيْثُ أُحِبُّ، ائْتِنِي بِهِ، فَلأُريحنّه، قَالَ: فَيَنْطَلِقُ إِلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ، وَمَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَعَهُمْ أَكْفَانٌ وَحَنُوطٌ مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَعَهُمْ ضَبَائِرُ الرَّيْحَانِ، أَصْلُ الرَّيْحَانَةِ وَاحِدٌ، وَفِي رَأْسِهَا عِشْرُونَ لَوْنًا، لِكُلِّ لَوْنٍ مِنْهَا رِيحٌ سِوَى رِيحِ صَاحِبِهِ، مَعَهُمُ الْحَرِيرُ الْأَبْيَضُ فِيهِ الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، قَالَ: فَيَجْلِسُ مَلَكُ الْمَوْتِ عند رأسه، وتحفّه الملائكة، ويضع كل مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَى عُضْو مِنْ أَعْضَائِهِ، وَيُبْسَطُ ذَلِكَ الْحَرِيرُ الْأَبْيَضُ وَالْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، مِنْ تَحْتِ ذقنه ويفتح له باب إلى الجنة، فإن نَفْسَهُ لَتُعَلَّلُ عِنْدَ ذَلِكَ بِطُرَفِ الْجَنَّةِ، مَرَّةً بِأَزْوَاجِهَا، وَمَرَّةً بِكِسْوَتِهَا، وَمَرَّةً بِثِمَارِهَا، كَمَا يُعَلِّلُ الصبي أهله إذا بكى، وإن أزواجه لينهسنه عند ذلك انتهاسًا، وقال: وتبرز الروح (قال البرساني، يريد الخروج سرعة لما يرى مما يحب) قَالَ: وَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ إِلَى سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ ممدود، وماء مسكوب، قال: ومَلَكُ الْمَوْتِ أَشَدُّ بِهِ لُطْفًا مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا، يعرف أن ذلك الروح حبيب إلى ربه، فهو يتلمس لُطْفَهُ تحبُّبا لِرَبِّهِ، وَرِضَا لِلرَّبِّ عَنْهُ، فَتُسَلُّ روحه كما تسل الشعرة
(1) في (ك): ذُكر أوله تحت بَابُ: أَحْوَالِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْقَبْرِ وغيره.
من العجين، قال: وقال الله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} وقال عز وجل: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (89)} قَالَ: (رَوْحٌ) مِنْ جَهْدِ الْمَوْتِ (وَرَيْحَانٌ) يُتَلَقَّى به و (جنة نَعِيمٍ) تُقَابِلُهُ، قَالَ: فَإِذَا قَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ، قَالَ الرُّوحُ لِلْجَسَدِ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا، فَقَدْ كُنْتَ سَرِيعًا بِي إِلَى طَاعَةِ الله تعالى بطيئًا بي عن معصية الله عز وجل، فقد نَجَيْتَ فأنجيت قَالَ: وَيَقُولُ الْجَسَدُ لِلرُّوحِ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: وَتَبْكِي عَلَيْهِ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يُطِيعُ الله تعالى فِيهَا، وَكُلُّ بَابٍ مِنَ السَّمَاءِ يَصْعَدُ مِنْهُ عمله، وينزل مِنْهُ رِزْقُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
قَالَ: فَإِذَا قَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ أَقَامَ الْخَمْسُمِائَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ جَسَدِهِ، فَلَا يُقَلِّبُهُ بَنُو آدَمَ لِشِقٍّ إلَّا قلبته الملائكة قبلهم، وعَلَتْه بِأَكْفَانٍ قَبْلَ أَكْفَانِ بَنِي آدَمَ، وَحَنُوطٍ قَبْلَ حنوط بني آدم، ويقوم من بَابِ بَيْتِهِ إِلَى بَابِ قَبْرِهِ صَفَّانِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، يَسْتَقْبِلُونَهُ بِالِاسْتِغْفَارِ، قَالَ: فَيَصِيحُ عِنْدَ ذَلِكَ إبليس صيحة يتصدع مِنْهَا عِظَامُ بَعْضِ جَسَدِهِ وَيَقُولُ لِجُنُودِهِ: الْوَيْلُ لَكُمْ كَيْفَ خَلُصَ هَذَا الْعَبْدُ مِنْكُمْ، قَالَ: فَيَقُولُونَ: هَذَا الْعَبْدُ كَانَ مَعْصُومًا، قَالَ فَإِذَا صعد الملك بروحه إلى السماء استقبله جبريل عليه الصلاة والسلام في سبعين ألفًا من الملائكة، كُلٌّ يَأْتِيهِ بِبِشَارَةٍ مِنْ رَبِّهِ سِوَى بِشَارَةِ صَاحِبِهِ، قَالَ: فَإِذَا انْتَهَى مَلَكُ الْمَوْتِ بِرُوحِهِ إِلَى الْعَرْشِ خَرَّ الرُّوحُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى لِمَلَكِ الْمَوْتِ: انْطَلِقْ بِرُوحِ عَبْدِي هَذَا، فَضَعْهُ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ، وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ.
قَالَ: فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ جَاءَتْهُ الصَّلَاةُ فَكَانَتْ عَنْ يَمِينِهِ، وَجَاءَهُ الصِّيَامُ فَكَانَ عَنْ يَسَارِهِ، وَجَاءَهُ الْقُرْآنُ والذكر فكانا عِنْدَ رَأْسِهِ، وَجَاءَهُ مَشْيُهُ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَانَ عن رِجْلِهِ، وَجَاءَهُ الصَّبْرُ فَكَانَ فِي نَاحِيَةِ الْقَبْرِ،
قال: فيبعث الله تَعَالَى عَذَابًا مِنَ الْعَذَابِ، فَيَأْتِيهِ عَنْ يَمِينِهِ، فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: وَرَاءَكَ، وَاللَّهِ مَا زَالَ دَائِبًا عُمْرَهُ كُلَّهُ، وَإِنَّمَا اسْتَرَاحَ الْآنَ حِينَ وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ عَنْ يَسَارِهِ فَيَقُولُ الصيام مثل ذلك، ثم يأتيه من رَأْسِهِ، فَيَقُولُ الْقُرْآنُ وَالذِّكْرُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يأتيه من عند رجله، فَيَقُولُ مَشْيُهُ إِلَى الصَّلَاةِ مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَا يَأْتِيهِ الْعَذَابُ مِنْ نَاحِيَةٍ يَلْتَمِسُ هَلْ يجد مساغًا إلَّا وجد ولي الله تعالى قد احدحسه، قَالَ فَيَنْدَفِعُ الْعَذَابُ عِنْدَ ذَلِكَ.
فَيَخْرُجُ، وَيَقُولُ الصَّبْرُ لِسَائِرِ الْأَعْمَالِ: أَمَّا أَنَا لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُبَاشِرَ أَنَا بِنَفْسِي إلَّا أَنِّي نَظَرْتُ مَا عِنْدَكُمْ، فَإِنْ عَجَزْتُمْ كُنْتُ أَنَا صَاحِبُهُ، فَأَمَّا إِذَا أَجْزَأْتُمْ عَنْهُ، فَأَنَا لَهُ ذُخْرٌ عِنْدَ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ.
قَالَ: وَيَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَى مَلَكَيْنِ، أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ، وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ، وَأَنْيَابُهُمَا كَالصَّيَاصِي وَأَنْفَاسُهُمَا كَاللَّهَبِ، يَطَآنِ فِي أَشْعَارِهِمَا، بَيْنَ مَنْكِبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسِيرَةُ كَذَا وَكَذَا، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهُمَا الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ، يُقَالَ لَهُمَا: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ منهما مطرقة، لو اجتمع عليهما ربيعة ومضر لم يقلوها، قال: فيقولان له: اجْلِسْ، قَالَ: فَيَسْتَوِي جَالِسًا، وَتَقَعُ أَكْفَانُهُ فِي حِقْوَيْهِ قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دينك؟ ومن نبيّك؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! وَمَنْ يُطِيقُ الْكَلَامَ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَصِفُ مِنَ الْمَلَكَيْنِ مَا تَصِفُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} قَالَ: فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَدِينِيَ الإِسلام الَّذِي دَانَتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ، ونبيي محمَّد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، قال: فيقولان: صَدَقْتَ قَالَ: فَيَدْفَعَانِ الْقَبْرَ فَيُوَسِّعَانِهِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَمِنْ خَلْفِهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَعَنْ يَمِينِهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا وَعَنْ
شِمَالِهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَمِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ أَرْبَعِينَ ذراعًا قال فيوسّعان أربعين ذراعًا (قَالَ الْبُرْسَانِيُّ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ) وَأَرْبَعِينَ تُحَاطُ بِهِ.
ثُمَّ يَقُولَانِ لَهُ: انْظُرْ فَوْقَكَ، قَالَ: فَيَنْظُرُ فَوْقَهُ، فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: يَا وَلِيَّ اللَّهِ! هَذَا مَنْزِلُكَ إِذْ أطعت الله تعالى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ يَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَرْحَةٌ لَا تَرْتَدُّ أَبَدًا" ثم يقال لَهُ. انْظُرْ: تَحْتَكَ، فَيَنْظُرُ تَحْتَهُ، فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولَانِ لَهُ: يَا وَلِيَّ الله! هذا منزلك لو عَصَيْتَ الله، فنجوت أخرها عَلَيْكَ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسُ محمَّد بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إلى قلبه عند ذلك فرحة لا يزيد أبدًا قال: وقالت عائشة رضي الله عنها: يُفْتَحُ لَهُ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ يَأْتِيهِ رِيحُهَا وَبَرْدُهَا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالي.
وهذا الإِسناد إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى لِمَلَكِ الْمَوْتِ: انْطَلِقْ إِلَى عَدُوِّي فَأْتِنِي بِهِ، فَإِنِّي قَدْ بسطت له من رِزْقِي وَسَرْبَلْتُهُ نِعْمَتِي فَأَبَى إلَّا مَعْصِيَتِي، فَأْتِنِي بِهِ لِأَنْتَقِمَ مِنْهُ، قَالَ: فَيَنْطَلِقُ إِلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ (1) فِي أَكْرَهِ صُورَةٍ رَآهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ، لَهُ اثْنَا عَشَرَ عَيْنًا، وَمَعَهُ سَفُّودٌ مِنْ حَدِيدٍ كَثِيرُ الشَّوْكِ، وَمَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، مَعَهُمْ نُحَاسٌ وَجَمْرٌ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ، وَمَعَهُمْ سِيَاطٌ مِنْ نَارٍ، لِينُهَا لِينُ السِّيَاطِ وَهِيَ نَارٌ تَأَجَّجُ، قَالَ: فَيَضْرِبُهُ مَلَكُ الموت بذلك
(1) بدأت نسختا (ع) و (س): من قوله: "في أكره صورة رآها"، بعد أن وقع البياض فيها، وسقط حوالي عشرة أحاديث، وقد نبهت على بداية الحديث الذي وقع فيه السقط، وبدأ البياض في كل منهما في حديث رقم (4549).
السفود ضربة تغيب (1) أَصْلُ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْ ذَلِكَ السَفُّود فِي أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ وَعِرْقٍ وَظُفْرٍ، ثُمَّ يَلْوِيهِ لَيًّا شَدِيدًا فَيَنْزِعُ رُوحَهُ مِنْ أَظْفَارِ قَدَمَيْهِ، فَيُلْقِيهَا فِي عَقِبَيْهِ، قَالَ: فَيُسْكَرُ عَدُوُّ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ سَكْرَةً فَيُرَوِّحُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ، فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ، ثُمَّ تنثره الملائكة نَثْرَةً، فَتُنْزَعُ رُوحُهُ مِنْ عَقِبَيْهِ، فَيُلْقِيهَا (2) فِي ركبتيه، ثم يسكر عدو الله عز وجل سَكْرَةً عِنْدَ ذَلِكَ فَيُرَفِّهُ (3) مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ، قَالَ فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ فينثره ملك الموت نثرة فتنتزع رُوحَهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فَيُلْقِيهَا فِي حِقْوَيْهِ قَالَ: فَيُسْكَرُ عَدُوُّ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ سَكْرَةً، فَيُرَفِّهُ (4) مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ، فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ قَالَ: فَكَذَلِكَ إِلَى صَدْرِهِ إِلَى حَلْقِهِ، فَتَبْسُطُ الْمَلَائِكَةُ النُّحَاسَ وَجَمْرَ جَهَنَّمَ تَحْتَ ذَقْنِهِ، وَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا الرُّوحُ (5) اللعينة الملعونة إلى سموم جهنم وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ.
قَالَ: فَإِذَا قَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ، قَالَ الرُّوحُ لِلْجَسَدِ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي شَرًّا قَدْ كنت بطيئًا (6) بي عن طاعة الله تعالى، سريعًا بي إلى معصية الله عز وجل وَقَدْ هَلَكْتَ وَأُهْلَكْتَ، قَالَ وَيَقُولُ الْجَسَدُ لِلرُّوحِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَلْعَنُهُ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يعصي الله عز وجل عليها، قال: وينطلق
(1) في (س) و (ع)"يغيب".
(2)
في (س) و (ع)"فتلقيها".
(3)
في (س): "فيزفه"
(4)
في (س): "فيزفه"
(5)
في (س) و (ع)"أيتها النفس".
(6)
في (س) و (ع)"كنت بى بطيئًا"
جُنُودُ إِبْلِيسَ يُبَشِّرُونَهُ بِأَنَّهُمْ (1) قَدْ أَوْرَدُوا عَبْدًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ النَّارَ، فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ضُيِّقَ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ، وتدخل اليمنى في اليسرى (وتدخل)(2) اليسرى في اليمنى، فيبعث الله تعالى إِلَيْهِ أَفَاعِيَ كَأَعْنَاقِ الإِبل، يَأْخُذُونَهُ (3) بِأَرْنَبَتِهِ وَإِبْهَامَيْ قَدَمَيْهِ، فَتَقْرِضُهُ (4) حَتَّى يَلْتَقِينَ فِي وَسَطِهِ، وَيَبْعَثُ الله تعالى بملكين (5) أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَأَنْيَابُهُمَا كالصياصي، وأنفاسهما كاللهب، يطآن شُعُورِهِمَا، بَيْنَ مَنْكِبَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مَسِيرَةَ كَذَا وَكَذَا، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهُمَا الرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ، يُقَالَ لَهُمَا: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِطْرَقَةٌ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا رَبِيعَةُ ومضر لم يقلُّوها، قال: فيقولان له: اجلس قَالَ: فَيَجْلِسُ (6)، فَيَسْتَوِي جَالِسًا وَتَقَعُ أَكْفَانُهُ إِلَى حِقْوَيْهِ قَالَ: فَيَقُولَانِ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ قَالَ: فَيَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً يَطِيرُ شَرَارُهَا فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ يَعُودَانِ فَيَقُولَانِ لَهُ: انْظُرْ فَوْقَكَ، فَيَنْظُرُ فَإِذَا بَابٌ مفتوح من الجنة، فيقولان له: عَدُوَّ اللَّهِ! هَذَا مَنْزِلُكَ لَوْ كُنْتَ أَطَعْتَ اللَّهَ عز وجل، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"وَالَّذِي نَفْسُ محمَّد بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ حَسْرَةٌ لا يزيد (7) أبدًا" قال: فيقولان له: انظر تحتك فينظر فإذا باب مفتوح إلى النار،
(1) في (س) و (ع): "أنهم".
(2)
.........................
(3)
في (س) و (ع): "يأخذوا به"
(4)
في (س) و (ع): "فتفرضه".
(5)
في (س) و (ع): "ملكين".
(6)
في الأصل: "فجلس" ولعل الصواب كما جاء في (س) و (ع) وهو الثابت في النص.
(7)
في (س): "ولا تزيد".
فَيَقُولَانِ: عَدُوَّ اللَّهِ! هَذَا مَنْزِلُكَ إِذْ عَصَيْتَ اللَّهَ عز وجل، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسُ محمَّد بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ حَسْرَةٌ ولا تزيد أبدًا".
وقالت عائشة رضي الله عنها: وَيُفْتَحُ لَهُ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا إِلَى النَّارِ، يأتيه حرّها وسمومها حتى يبعث اللَّهُ تبارك وتعالى إِلَيْهَا.
*هَذَا حَدِيثٌ عَجِيبُ السِّيَاقِ، وَهُوَ شَاهِدٌ لِكَثِيرٍ مِمَّا ثَبَتَ فِي حديث البراء رضي الله عنه الطويل المشهور، ولكن هذا الإِسناد غريب، لَا نَعْرِفُ أَحَدًا رَوَى عَنْ أَنَسٍ، عَنْ تميم الداري رضي الله عنهما إلَّا من هذا الوجه، ويزيد الرقاشي سَيِّءُ الْحِفْظِ جِدًّا، كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ، كَانَ لَا يَضْبُطُ الإِسناد فيلزق بأنس رضي الله عنه كُلَّ شَيْءٍ يَسْمَعُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَدُونَهُ أَيْضًا مَنْ هُوَ مِثْلَهُ، أَوْ أَشَدَّ ضَعْفًا.
(216)
وَقَدْ تقدم حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه فِي الأشراط (1).
(1) لعله ما تقدم برقم (4523).
4558 -
درجته:
إسناده مسلسل بالضعفاء، هم بكر بن خُنَيْس، وضرار بن عمرو الملطي، ويزيد الرقاشي، وفيه أبو عاصم الحبطي، لم أجد له ترجمة، وعليه فإن الحديث ضعيف بهذا الإِسناد، ولهذا قال الحافظ بعد ذكره: "ويزيد الرقاشي سيء الحفظ جدًا، كثر المناكير
…
وَدُونَهُ أَيْضًا مَنْ هُوَ مِثْلَهُ أَوْ أَشَدَّ ضعفًا".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (1/ ل 115)، كتاب الجنائز، باب قبض روح المؤمن والكافر، بطوله، وقال "رواه أبو يعلى الموصلي، وفي سنده يزيد الرقاشي وهو ضعيف". =
= تخريجه:
لم أجده في مسند أبي يعلى المختصر، ولا في المقصد العلي، ولعله في مسنده الكبير.
وأخرجه ابن أبي الدنيا كما في "شرح الصدور"(ص 56)، من طريق يزيد الرقاشي، به، بنحوه مطولًا. وللحديث شاهد مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنصار فانتهينا إلى القبر ولم يلحد، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود، ينكت به في الأرض، قال: فرفع رأسه، فقال:"استعيذوا بالله من عذاب القبر" مرتين أو ثلاثًا ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه الملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، قال: ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة! اخرجي إلى رضوان الله قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء، حتى يأخذها ملك الموت، فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وذلك الحنوط، ثم يصعدوا بها، قال وتخرج روحه كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيمرون بها على ملأ من الملائكة، فيقولون: ما هذا الريح الطيب! فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى سماء الدنيا، فيستفتح له، فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مُقَربُوْها إلى السماء التي يليها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، قال: فيقول الله تبارك وتعالى: اكتبوا كتاب عبدي في عليّين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال فيعاد روحه إلى جسده، قال: ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام، =
= فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: ما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به، وصدقت، قال فينادى منادٍ من السماء: أن قد صدق عبدي فأفرشوا له من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره قد بصره: قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب! أقم الساعة، رب! أقم الساعة حتى أرجح إلى أهلي ومالي. وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة فتنزل إليه الملائكة من السماء، سود الوجوه، معهم المسوح حتى يجلسوا منه مد البصر قال: ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله، وغضبه قال: فتنفرق في جسده فتنزعها، فتقطع منه العروق والعصب كما ينزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في تلك المسوح، فيصعدون بها، ويخرج منها أنتن ريح جيفة، وجدت على وجه الأرض، قال: ولا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلَّا قالوا: ما هذا الروح الخبيث! قال: فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يُسَمّى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى سماء الدنيا فيستفتح له قال: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} قال: فيقول الله: اكتبوا كتابه في سجين الأرض السفلى، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فيطرحوه طرحًا، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)} فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فينادى منادِ من السماء أن كذب فافرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار فيأتيه من حرِّها
وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف عليه أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه، منتن الريح، قبيح الثيارب، فيقول: أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: ومن أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث قال: فيقول: رب لا تقم الساعة، رب لا تقم الساعة".
أخرجه الإِمام أحمد في المسند (4/ 287)، وابن أبي شيبة في المصنف (3/ 380)، والمروزي في زوائد الزهد (430 - 430)، وهناد في الزهد (1/ 255: 339)، كلهم عن أبي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عن زاذان، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، به، بألفاظ متقاربة.
قلت: هذا الإِسناد صحيح، رواته ثقات، المنهال بن عمرو الأسدي والراجح فيه إنه ثقة، وزاذان أبو عمر الكندي، قال الذهبي عنه في الكاشف (1/ 246):"ثقة".
وأخرجه أيضًا أبو داود في سننه، كتاب السنَّة، باب في المسألة في القبر وعذاب القبر وعذاب القبر (5/ 115 - 116)، والطيالسي كما في المنحة (1/ 154)، والآجري في الشريعة (ص 379)، والنسائي في الجنائز في الكبرى كما في تحفة الأشراف (2/ 467)، والحاكم في المستدرك (1/ 37 - 38)، والبيهقي في عذاب القبر رقم (2)، كلهم من طرق عن الأعمش به.
فالخلاصة أن حديث الباب بهذا الشاهد يرتقي إلى الحسن لغيره، والله أعلم.
4559 -
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، ثنا يونس (هو ابن بكير)، ثنا محمَّد بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو الْعُتْوَارِيِّ (1)، وَكَانَ يتيمًا لأبي سعيد، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جمع الله تعالى النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَقْبَلَتِ النَّارُ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَخَزَنَتُهَا يكفُّوْنها وَهِيَ تقول: وعزة ربي لتخلين (2) بَيْنِي وَبَيْنَ أَزْوَاجِي أَوْ لَأَغْشَيَنَّ النَّاسَ عَنَقًا وَاحِدًا، فَيَقُولُونَ: وَمَنْ أَزْوَاجُكِ؟ فَتَقُولُ: كُلُّ مُتَكَبِّرٍ جبّار، فتخرج لسانها، فتلتقطهم بها (3) مِنْ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ، فَتَقْذِفُهُمْ فِيهَا ثُمَّ تَسْتَأْخِرُ، ثُمَّ تُقْبِلُ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَخَزَنَتُهَا يكفونها وهي تقول: وعزة ربي لتخلين (4) بَيْنِي وَبَيْنَ أَزْوَاجِي أَوْ لَأَغْشَيَنَّ النَّاسَ عَنَقًا واحدًا، فيقولون ومن أزواجك؟ فتقول: كل مختار فَخُورٍ، فَتَلْتَقِطُهُمْ بِلِسَانِهَا فَتَقْذِفُهُمْ فِي جَوْفِهَا، ثُمَّ تستأخر، ويقضي الله عز وجل بين العباد".
(1) هكذا في الأصل، وفي (ع) و (س):"الغنواري"، وهو تصحيف.
(2)
في (ع): "ليخلين".
(3)
في (س). "بلسانها".
(4)
في (ع): "ليخلين".
4559 -
درجته:
إسناده ضعيف، فيه محمَّد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
وذكره الهيثمي في المجمع (10/ 392) وقال: "رواه أبو يعلى: ورجاله وثقوا، إلَّا أن ابن إسحاق مدلّس". =
= وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 157)، وقال:"رواه أبو يعلى بسند ضعيف لتدليس محمَّد بن إسحاق".
تخريجه:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (2/ 379: 1145)، بلفظه مع الزيادة في وسطه.
وللحديث طريق آخر عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه بلفظ مختصر، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يخرج عنق من النار يتكلم، يقول: وُكِّلْتُ اليوم بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبمن جعل مع الله إلهًا آخر، وبمن قتل نفسًا بغير نفس، فينطوي عليهم، فيقذفهم في غمرات جهنم".
أخرجه الإِمام أحمد في المسند (3/ 40)، وأبو يعلى في مسنده (2/ 375: 1138)، من طرق: عن عطية العوفي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، به.
قلت: فيه عطية العوفي، وهو ضعيف.
وأصل حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه فِي صحيح مسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "احتجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبّرين والمتجبّرين، وقال الجنة، فمالي لا يدخلني إلَّا ضعفاء الناس، وسقطهم، وغرتهم، قال الله للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي" الحديث.
أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2187: 36)، كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب النار يدخلها الجبارون.
وله شاهد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبّرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فمالي لا يدخلني إلَّا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم
…
الحديث. =
= أخرجه البخاري في صحيحه كما في الفتح (13/ 443)، كتاب التوحيد باب ما جاء في قوله تعالى:{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ} ومسلم في صحيحه (4/ 2186)، كتاب الجنة، باب النار يدخلها الجبارون.
وعليه فإن حديث الباب ضعيف بالإِسناد المتقدم، ولكن معناه صحيح بهذا الأصل والشاهد المذكورين، والله أعلم.
4560 -
وَقَالَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: إِنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُخْرِجُ الله تعالى قَوْمًا مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا إمْتَحَشُوا فِيهَا، وَصَارُوا فَحْمًا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرٍ عَلَى بَابِ الجنة، يسمى نهر الحياة، فينبتون فيها كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، أَوْ كَمَا تَنْبُتُ الثَّعَارِيرُ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، فَيُقَالَ: هَؤُلَاءِ عتقاء الله عز وجل من النار".
وقال رجل متهم برأي الخوارج يقال له هَارُونَ أَبُو مُوسَى أَوْ أَبُو مُوسَى بْنُ هارون: ما هذا الذي تحدث به أبا عَاصِمٍ؟ فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا عِلْجُ! فَلَوْ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ.
* (صَحِيحٌ)، وَقَدْ أَخْرَجَهُ (1) الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جابر رضي الله عنه.
(1) لم أجد هذه الرواية في صحيح البخاري، بل رواه البخاري كما في الفتح (11/ 424)، من رواية حماد، عن عمرو بن دينار، عن جابر رضي الله عه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج بالشفاعة من النار كأنهم الثعارير قلت: وما الثعارير؟ قال: الضغابيس، وكان قد سقط فمه، فقلت لعمرو بن دينار، أبا محمَّد! سمعت جابر بن عبد الله يقول: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يخرج بالشفاعة من النار؟ قال: نعم.
أما رواية سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن جابر فقد أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 178)، وعليه فلعل الحافظ ابن حجر وهِمَ في عزوه إلى البخاري، وإنما رواه مسلم في صحيحه. والله تعالى أعلم.
4560 -
درجته:
الحديث بهذا الإِسناد صحيح، رواته ثقات، وعبيد بن عمير وإن كان تابعيًا إلَّا أنه صرّح بأنه سمعه مِنْ أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وعليه فإن =
= الإِسناد متصل.
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 161)، وقال:"رواه محمَّد بن يحيى بن أبي عمر بسند صحيح".
تخريجه:
هذا الحديث مداره على عمرو بن دينار وروي عنه من وجهين: الوجه الأول: رواه سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن عبيد بن عمير، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِ، أخرجه ابن أبي عمر كما في المطالب العالية هنا، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان (1/ 294: 324)، من طريق نعيم بن حماد، عن سفيان بن عيينة، به، ولفظه:"يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة" ثم ذكر قصة الرجل بنحوه.
الوجه الثاني: رواه سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، به أخرجه مسلم في صحيحه (1/ 178: 318)، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، به بلفظ:"إن الله يخرج ناسًا من النار فيدخلهم الجنة".
وأخرجه البيهقي في الشعب (1/ 294)، من طريق نعيم بن حماد، عن ابن عيينة، به، بلفظ تقدم في الوجه الأول.
قلت: يظهر مما تقدم أن الوجهين صحيحان، وعمرو بن دينار مرة يرويه عن عبيد بن عمير ومرة عن جابر بن عبد الله.
وللحديث شواهد من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وغيرهما:
1 -
حديث أبي سعيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يدخل الله أهل الجنة الجنة، يدخل من يشاء برحمته، ويدخل أهل النار النار، ثم يقول: انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبَّة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون منها حممًا قد إمْتَحَشُوا، فيلقون في نهر الحياة أو الحيا، فينبتون فيه كما تنبت الحبة إلى جانب السيل، ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتوية". =
= أخرجه البخاري كما في الفتح (1/ 91)، كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان في الاعمال ومسلم في صحيحه (1/ 172: 184)، كتاب الإيمان، باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحّدين من النار.
وقد ورد نحو هذا اللفظ في حديث أبي سعيد الطويل في رؤية الله عز وجل، تقدم تخريجه في حديث رقم (4539).
2 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال أناس: يا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم! هَلْ نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارُّون في الشمس ليس دونها سحاب
…
الحديث، وفيه:"وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلَّا الله. أمر الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيخرجونهم قد امتحشوا، فيصب عليهم ماء يقال له: ماء الحياة، فينبتون نبات الحبة في حَمِيْل السيل"
…
الحديث.
أخرجه البخاري كما في الفتح (11/ 453: 6573)، ومسلم في صحيحه (1/ 163: 166)، كتاب الإيمان. وقد تقدم تخريجه بالتفصيل في حديث رقم (4539).
وفي الباب عن حذيفة، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين رضي الله عنهم سيأتي تخريجها في الحديث القادم.