الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - بَابُ الزَّجْرِ عَنْ قِتَالِ التُّرْكِ لِمَا يُخشى مِنْ تَسَلُّطِهِمْ عَلَى بِلَادِ الإِسلام
4477 -
قَالَ أَبُو يَعْلَى: حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى (1) الْبَصْرِيُّ، حدَّثنا محمَّد بن يعقوب، قال: حدَّثني أحمد بن إبراهيم قال: [حدَّثني إسحاق (2) بن إبراهيم] بن الغمر مولى سموك، قال: حدَّثني أَبِي، عَنْ جَدِّي، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ حُدَيْجٍ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه حِينَ جَاءَهُ كِتَابُ عَامِلِهِ يُخْبِرُهُ أَنَّهُ وَقَعَ بالترك وهزمهم، وكثرة مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، وَكَثْرَةُ مَا غَنِمَ، فَغَضِبَ معاوية رضي الله عنه في ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ فهمت ما ذكرته مِمَّا قَتَلْتَ وَغَنِمْتَ، فَلَا أَعْلَمَنَّ مَا عُدْتَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا قَاتَلْتَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أمري، قلت له: لِمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الترك تجلي العرب حتى تلحقها بمنابت الشيح والقيصوم" فأكره قتالهم لذلك.
(1) في الأصل: "محمَّد بن محمَّد البصري"، والصواب كما ذكرته، والتصحيح في مسند أبي يعلى، والمقصد العلي.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والزيادة من مسند أبي يعلى والمقصد العلي. انظر: مسند أبي يعلى (13/ 366)، والمقصد العلي (172).
= 4477 - درجته:
أتوقف في الحكم على الحديث، لأن فيه أربعة رواة لم أقف على تراجمهم هم إسحاق بن إبراهيم الغمر، وأبوه، وجده، وأحمد بن إبراهيم.
وذكره الهيثمي في المجمع (7/ 311)، وقال:"رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفهم".
وذكره البوصيري في الإِتحاف (3/ ل 125)، وعزاه لأبي يعلى، وسكت عليه.
تخريجه:
رواه أبو يعلى في مسنده (13/ 366: 7376)، ولفظه:"لتظهرن الترك على العرب حتى تلحقها بمنابت الشيح والقيصوم".
وللحديث عن معاوية طريق آخر:
أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (2/ 682) عن رشدين، عن ابن لهيعة، حدَّثني كعب بن علقمة، حدَّثني حسان بن كريب، أنه سمع ابن ذي الكلاع يقول: كنت عند معاوية، فجاءه بريد من أرمينية من صاحبها، فقرأ الكتاب فغضب، ثم دعا كاتبه، فقال: اكتب إليه جواب كتابه تذكر أن الترك أغاروا على طرف أرضك فأصابوا منها، ثم بعثت رجالًا في طلبهم فاستنقذوا الذي أصابوك، ثكلتك أمك! فلا تعودن لمثلها، ولا تحركنهم بشيء ولا تستنقذ منهم شيئًا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"إنهم سيلحقونا بمنابت الشيح".
قلت: فيه رشدين بن سعد، وهو ضعيف، وعبد الله بن لهيعة، قال الحافظ عنه في التقريب (ص 319):"خلط بعد احتراق كتبه".
وأخرجه من طريق آخر (2/ 685) حدَّثنا بقية، عن أم عبد الله عن أخيها عبد الله بن خالد، عن أبيه خالد بن معدان قال: اتركوا الرابضة ما تركوكم، فإنهم =
= سيخرجون، حتى ينتهوا إلى الفرات، فيشرب منهم أولهم، ويجيء آخرهم فيقولون: قد كان ها هنا ماء".
قلت: فيه بقية بن الوليد الحمصي، وهو صدوق، ومدلس، من أصحاب المرتبة الرابعة، وقد عنعن، وعليه فإن حديثه ضعيف وفيه أم عبد الله لم أقف لها على ترجمة.
وللحديث شواهد من حديث بريدة بن الحصيب، وابن مسعود، وحذيفة رضي الله عنهم:
1 -
حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فسمعت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ أمتي يسوقها قوم، عراض الأوجه صغار الأعين، كأن وجوههم الحجف، ثلاث مرار، حتى يلحقوهم بجزيرة العرب، أما السابقة الأولى فينجو من هرب منهم، وأما الثانية فيهلك بعض وينجو بعض، وأما الثالثة فيصطلمون كلهم من بقي منهم" قالوا: يا نبي الله من هم؟ قال: "هم الترك" قال: "أما والذي نفسي بيده ليربطن خيولهم إلى سواري مساجد المسلمين" قال: وكان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر، والأسقية، بعد ذلك للهرب مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم من أمراء الترك".
أخرجه أحمد في المسند (5/ 348 - 349) ونعيم بن حماد في الفتن (2/ 678) وأبو داود في السنن (4/ 487: 4305)، والحاكم (4/ 474). كلهم من طريق بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ حدَّثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بريدة، عن أبيه، به.
وهذا لفظ أحمد، وألفاظ غيره، بنحوه، إلَّا أن رواية أبي داود تختلف عن رواية الإِمام أحمد، فإن ظاهر رواية أبي داود تدل على أن المسلمين هم اللذين يسوقون الترك ثلاث مرات حتى يلحقوهم بجزيرة العرب ففيها (تسوقونهم ثلاث مرات حتى تلحقوهم بجزيرة العرب). وقد رجح صاحب عون المعبود رواية أحمد حيث قال: "وعندي أن الصواب هي رواية أحمد، وأما رواية أبي داود فالظاهر أنه قد وقع =
= الوهم فيه من بعض الرواة، ويؤيده ما في رواية أحمد من أنه كان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة، ومتاع السفر، والأسقية بعد ذلك للهرب مما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم من البلاء من أمر الترك، ويؤيده أيضًا أنه وقع الشك لبعض رواة أبي داود، ولذا قال في آخر الحديث: أو كما قال، ويؤيده أيضًا أنه وقعت الحوادث على نحو ما ورد في رواية أحمد". اهـ.
انظر: (عون المعبود 6/ 179 - 180).
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في المجمع (7/ 311): "رواه أبو داود مختصرًا، رواه أحمد والبزار باختصار، ورجاله رجال الصحيح".
قلت: فيه بشير بن المهاجر الكوفي الغنوي، وهو صدوق، وقال فيه الإِمام الذهبي:"ثقة فيه شيء". وعليه فإن الإِسناد حسن لذاته، والله تعالى أعلم.
2 -
حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: موقوفًا عليه، وله عنه ثلاث طرق:
الطريق الأولى: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 175)، عن جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ شداد بن معقل، قال: قال عبد الله بن مسعود: "يوشك أن لا تأخذوا من الكوفة نقدًا ولا درهمًا، قلت: وكيف يا عبد الله بن مسعود!! قال: "يجيء قوم كأن وجوههم المجان المطرقة، حتى يربطوا خيولهم على السواد فيجلوكم إلى منابت الشيح، حتى يكون البعير والزاد أحب إلى أحدكم من قصوركم هذه".
قلت: فيه شداد بن معقل وهو صدوق، كما في التقريب (ص 264: 2758)، وبقية رواته ثقات، وعليه فإنه حسن لذاته.
الطريق الثانية: رواه ابن أبي شيبة في المصنف (15/ 186)، عن غندر، عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة قال: سمعت أبا صادق، يحدَّث عن ربيعة بن ناجذ عن ابن مسعود قال: "يأتيكم من قبل المشرق عراض الوجوه، صغار العيون، كأنما ثقب =
= أعينهم في الصخر، أن وجوههم المجان المطرقة، حتى يوثقوا خيولهم بشط الفرات".
قلت: في إسناده أبو صادق الأزردي وهو صدوق كما في التقريب (ص 649: 8167)، وبقية رواته ثقات.
الطريق الثالثة: أخرجه عبد الرزاق في المصنف (11/ 380) ومن طريقه نعيم بن حماد في الفتن (2/ 683) والطبراني في الكبير (9/ 192)، والحاكم (4/ 475) عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول:"كأني بالترك قد أتتكم على براذين، مخرمة الآذان، حتى تربطها بشط الفرات".
قال الهيثمي في المجمع (7/ 312): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إِنْ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ سَمِعَ مِنَ ابْنِ مسعود".
قلت: هذا الإِسناد منقطع، لأن ابن سيرين لم يسمع من عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وذلك أن ابن سيرين ولد سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة، لأن أخاه أنسًا قال:"ولد أخي محمَّد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان وولدت بعده بسنة"، ومن المعروف أن عثمان رضي الله عنه استشهد سنة خمس وثلاثين، وعليه فإن ولادة ابن سيرين كانت سنة ثلاثين وأما عبد الله بن مسعود فإنه توفي سنة اثنتين وثلاثين، أي: توفي قبل ولادة ابن سيرين بسنة. (انظر: سير أعلام النبلاء 4/ 656، التقريب ص 323: 3613).
3 -
حديث حذيفة رضي الله عنه موقوفًا عليه، قال لأهل الكوفة:"ليخرجنكم منها قوم صغار الأعين، فطس الأنف، كأن وجوههم المجان المطرقة، ينتعلون الشعر، يربطون خيولهم بنخل جوخًا، ويشربون من فرض الفرات".
أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (2/ 680) حدَّثنا أبو المغيرة، عن ابن عياش، عن أبي وهب الكلاعي، عن بسر، عن حذيفة رضي الله عنه، به.
قلت: فيه إسماعيل بن عياش وهو صدوق في روايته عن الشاميين، وهنا رواه =
= عن أبي وهب وهو عبيد الله بن عبيد دمشقي، وعليه فإن الإِسناد حسن.
هذا، وما تقدم من حديث ابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما فقد وردا موقوفًا عليهما ولهما حكم الرفع، لأنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيه.
وجملة القول أن حديث الباب يرتقي بهذه الطرق والشواهد لدرجة الحسن لغيره، والله أعلم.