المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الخامس الدعوى على الغائب - المطلع على دقائق زاد المستقنع «فقه القضاء والشهادات» - جـ ١

[عبد الكريم اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌الموضوع التاسع فقه القضاء

- ‌المبحث الأول القضاء

- ‌المطلب الأول تعريف القضاء

- ‌المطلب الأوّل القيام بالقضاء

- ‌المطلب الثاني تولية القضاء

- ‌المطلب الرابع تولي القضاء

- ‌المبحث الثاني التحكيم

- ‌المطلب الأول معنى التحكيم

- ‌المطلب الثاني حكم التحكيم

- ‌المطلب الثالث المحكَّم

- ‌المطلب الخامس الحكم

- ‌المطلب السادس الفرق بين التحكيم والقضاء

- ‌المبحث الثالث آداب القاضي

- ‌المطلب الأول الصفات

- ‌المطلب الثاني مجلس القضاء

- ‌المطلب الثالث معاملة القاضي للخصوم

- ‌المطلب الرابع مشاورة القاضي للعلماء فيما يشكل عليه

- ‌المطلب الخامس من لا يقبل حكم القاضي له

- ‌المطلب السادس من لا يلزمه حضور مجلس الحكم

- ‌المطلب السابع حضور الشهود النطق بالحكم

- ‌المطلب الثامن قبول الرشوة

- ‌المطلب التاسع الهدايا

- ‌المبحث الرابع طريق الحكم وصفته

- ‌المطلب الأول صفة الدعوى والإجابة

- ‌المطلب الثاني شروط قبول الدعوى

- ‌المطلب الثالث ما تثبت به الدعوى

- ‌المطلب الرابع دعوى الزوجية

- ‌المطلب الخامس الدعوى على الغائب

- ‌المبحث الخامس كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌المطلب الأول المراد بكتاب القاضي إلى القاضي

- ‌المطلب الثاني حكم كتاب القاضي إلى القاضي

- ‌المطلب الثالث حكم العمل بالكتاب

- ‌المطلب الثالث (*) درجة القاضي الكاتب بالنسبة إلى المكتوب إليه

- ‌المطلب الرابع (*) أغراض الكتابة

- ‌المطلب الخامس (*) الإشهاد على الكتاب

- ‌المطلب السادس (*) المسافة التي يقبل فيها الكتاب

- ‌المطلب السابع (*) الكتاب في غير الولاية

- ‌المطلب الثامن (*) ما تجوز فيه الكتابة من الحقوق

- ‌المطلب العاشر (*) تعميم الكتاب وتخصيصه

- ‌المطلب الحادي عشر زوال ولاية الكاتب

- ‌المطلب الثاني عشر زوال ولاية القاضي المكتوب إليه

- ‌المبحث السادس القسمة

- ‌المطلب الأول تعريف القسمة

- ‌المطلب الثاني مناسبة القسمة للقضاء

- ‌المطلب الثالث حكم القسمة

- ‌المطلب الرابع أقسام القسمة

- ‌المطلب الخامس مسؤولية القسمة

- ‌المطلب السادس تكييف القسمة

- ‌المطلب السابع طريق القسمة

- ‌المطلب الثامن قسمة المنافع

- ‌المطلب التاسع فسخ القسمة

- ‌المطلب العاشر ظهور العيب في بعض القِسَم

- ‌المطلب الحادي عشر الاستحقاق

- ‌المبحث السابع الدعاوى والبينات

- ‌المطلب الأول الدعاوى

- ‌المطلب الثاني البينات

الفصل: ‌المطلب الخامس الدعوى على الغائب

‌المطلب الخامس الدعوى على الغائب

قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ويحكم على الغائب إذا ثبت عليه الحق، وإن ادعى على حاضر بالبلد غائب عن مجلس الحكم وأتى ببينة لم تسمع الدعوى ولا البينة.

الكلام في هذا المطلب في مسألتين هما:

1 -

الدعوى على الغائب عن البلد.

2 -

الدعوى على الغائب عن مجلس الحكم.

المسألة الأولى: الدعوى على الغائب عن البلد:

وفيها أربعة فروع هي:

1 -

تحديد مسافة الغيبة.

2 -

سماع الدعوى.

3 -

من يلحق بالغائب.

4 -

حق الغائب في إقامة الدعوى إذا رجع.

الفرع الأول: تعديد مسافة الغيبة:

وفيه أمران هما:

1 -

تحديد المسافة في الزمن الماضي.

2 -

تحديد المسافة في الزمن الحاضر.

الأمر الأول: تحديد المسافة في الزمن السابق:

يحدد الفقهاء في الزمن السابق مسافة الغيبة بمسافة القصر على الخلاف فيها.

الأمر الثاني: تحديد المسافة في الزمن الحاضر:

وفيه جانبان هما:

1 -

التحديد.

2 -

التوجيه.

ص: 206

الجانب الأول: التحديد:

تختلف مسافة الغيبة في الزمن الحاضر عنها في الزمن السابق، ولعل أقرب ما يقال فيها: أنها ما يشق فيها الاتصال والحضور إلى مجلس الحكم، حسب غالب الناس.

الجانب الثاني: التوجيه:

وجه التفريق بين الزمن الماضي والزمن الحاضر في مسافة الغيبة: أن الوضع اختلف من حيث وسائل الاتصالات والمواصلات فما كان لا يقطع إلا بالشهر في الزمن السابق صار يقطع في الزمن الحاضر، في الساعات والخبر الذي يحتاج وصوله في الزمن السابق إلى مشقة بالغة ووقت طويل صار يصل في ثوان في هذا الزمن.

الفرع الثاني: سماع الدعوى:

وفيه أمران هما:

1 -

حالة سماع الدعوى.

2 -

الخلاف في سماع الدعوى.

الأمر الأول: حال سماع الدعوى:

وفيه جانبان هما:

1 -

بيان حالة سماع الدعوى.

2 -

التوجيه.

الجانب الأول: بيان حالة سماع الدعوى:

سماع الدعوى على الغائب في حال ثبوت الحق بالبينة. أما مجرد الدعوى فلا تسمع.

ص: 207

الجانب الثاني: التوجيه:

وجه اشتراط ثبوت الحق لسماع الدعوى: أنها إذا لم تكن الدعوى ثابتة كان سماعها تضييعا للجهد والوقت بلا فائدة؛ لأنه لن يحكم عليها إذاً.

الأمر الثاني: الخلاف:

وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 -

الأقوال.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الجانب الأول: الأقوال:

اختلف في سماع الدعوى على الغائب على قولين:

القول الأول: أنها لا تسمع.

القول الثاني: أنها تسمع.

الجانب الثاني: التوجيه:

وفيه جزءان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الجزء الأول: توجيه القول الأول:

وجه القول بعدم سماع الدعوى على الغائب بما يأتي:

1 -

قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ

ص: 208

وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25) يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} (1).

ووجه الاستدلال بالآيات: أن الله لام داود على تسرعه في الحكم لأحد الخصمين قبل سماع حجة الآخر، ولو كان ذلك جائزاً لما استحق اللوم، والغائب لم تسمع حجته فلا يجوز الحكم عليه.

2 -

ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي رضي الله عنه (إذا تقاضي إليك رجلان فلا تقض لأحدهما حتى تسمع كلام الآخر فسوف ندري كيف تقضي)(2).

ووجه الاستدلال به: أنه نهاه عن القضاء لأحد الخصمين قبل سماع حجة الآخر، والغائب لم يسمع كلامه فلا يجوز القضاء عليه.

3 -

أن احتمال البراءة من محل الدعوى وارد بالتسديد أو بالإبراء فلا يحكم به مع الشك في المديونية به.

الجزء الثاني: توجيه القول الثاني:

وجه القول بجواز الحكم على الغائب بما يأتي:

(1) سورة ص، الآيات:[21 - 26].

(2)

سنن الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي لا يقضي، 1331.

ص: 209

1 -

ما ورد أن امرأة أبي سفيان هند بنت عتبة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفينا وولدي فهل علي جناح أن آخذ من ماله من غير علمه؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خدي ما يكفيك وولدك بالمعروف)(1).

ووجه الاستدلال به: أنه حكم على أبي سفيان وهو غائب.

2 -

أن عدم الحكم على الغائب يعرض حق الحاضر للضياع؛ لأن الغائب قد يموت، أو لا يقدم، فيضيع الحق.

3 -

أنه لا ضرر على الغائب بالحكم عليه؛ لأنه إذا قدم كان على حقه فيرد إليه ماله أو يعوض عنه إذا ثبت أن ما حكم به عليه لا يلزمه، فلا يضيع عليه.

الجانب الثالث: الترجيح:

وفيه ثلاثة أجزاء هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجزء الأول: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - جواز الحكم على الغائب.

الجزء الثاني: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بالحكم على الغائب ما يأتي:

1 -

أن عدم الحكم على الغائب يؤدي إلى التهرب بالغيبة من الحقوق.

(1) صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب قضية هند/1714.

ص: 210

2 -

أنه يمكنه التوكيل إذا شق أو تعذر عليه الحضور، فإذا لم يحضر ولم يوكل جاز الحكم عليه؛ لأنه يكون حينئذ متهربا.

3 -

أنه لا ضرر عليه بالحكم عليه كلما تقدم في التوجيه بخلاف صاحب الدعوى فيتضرر بالتأخير، وتعريض حقه للضياع.

4 -

أنه يمكن الاحتياط للغائب إن اقتض الأمر، بأخذ رهن أو كفيل مليء.

الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح:

وفيه جزئيتان هما:

1 -

الجواب عن الاستدلال بالآية.

2 -

الجواب عن الاستدلال بالحديث.

الجزئية الأولى: الجواب عن الاستدلال بالآية:

يجاب عن الاستدلال بالآية بما يأتي:

1 -

أنها في غير محل الخلاف؛ لأنها في خصمين حاضرين والخلاف في حاضر وغائب.

2 -

أنها في شرع من قبلنا وقد جاء شرعنا بخلافه، كما تقدم في الاستدلال.

الجزئية الثانية: الجواب عن الاستدلال بالحديث:

يجاب عن ذلك: بأنه في غير محل الخلاف لأنه في خصمين حاضرين والخلاف في حاضر وغائب.

الفرع الثالث: من يلحق بالغائب:

وفيه أمران هما:

1 -

بيان من يلحق.

2 -

توجيه الإلحاق.

الأمر الأول: بيان من يلحق:

يلحق بالغائب من يأتي:

1 -

المستتر.

2 -

المجنون.

ص: 211

3 -

الصبي.

الأمر الثاني: توجيه الإلحاق:

وفيه جانبان هما:

1 -

توجيه إلحاق المستتر.

2 -

توجيه إلحاق الصبي والمجنون.

الجانب الأول: توجيه إلحاق المستتر:

وجه إلحاق المستتر بالغائب ما يأتي:

1 -

أن استتاره دليل على تهربه عن الحق فيعامل بنقيض قصده.

2 -

أنه لو لم يحكم على المستتر لاتخذ الاستتار وسيلة للتهرب عن الحق.

3 -

اْنه إذا علم المستتر أنه سيحكم عليه لم يستتر وحضر للدفاع عن نفسه وإظهار حجته.

الجانب الثاني: توجيه إلحاق الصبي والمجنون:

وجه إلحاق الصبي والمجنون بالغائب: أنهما لا يتمكنان من الدفاع عن أنفسهما وإبراز حجتهما كالغائب فليحقان به.

الفرع الثالث: حق الغانب إذا رجع وغير المكلف إذا كلف في الدعوى:

وفيه أمران هما:

1 -

بيان الحق.

2 -

التوجيه.

الأمر الأول: بيان الحق:

إذا رجع الغائب أو كلف غير المكلف فهم على حقهم في الدعوى.

الأمر الثاني: التوجيه:

وجه الاحتفاظ للغائب وغير المكلف بحقهم في الدعوى ما يأتي:

ص: 212

1 -

أنهم معذرون في التخلف عن الحضور.

2 -

الاحتياط لهم بالنظر فيما قد يكون لديهم من حجة أو وجهة نظر.

المسألة الثانية: الدعوى على الغائب عنا مجلس الحكم:

وفيها فرعان هما:

1 -

المستتر وغير المكلف.

2 -

المكلف غير المستتر.

الفرع الأول: غير المكلف والمستتر:

وقد تقدم حكمهم.

الفرع الثاني: المكلف غير المستتر:

قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإن ادعى على حاضر في البلد غائب عن مجلس الحكم وأتى ببينة لم تسمع الدعوى ولا البينة.

الكلام في هذا الفرع في أمرين هما:

1 -

أمثلة الغائب عن مجلس الحكم.

2 -

سماع الدعوى.

الأمر الأول: أمثلة الغائب عن مجلس الحكم:

من أمثلة الغائب عن مجلس الحكم من يأتي:

1 -

المعذور كغير البرزة والمريض.

2 -

من لا عذر له.

الأمر الثاني: سماع الدعوى:

وفيه جانبان هما:

1 -

حكم سماع الدعوى على المعذور.

2 -

حكم سماع الدعوى على غير المعذور.

ص: 213

الجانب الأول: سماع الدعوى على المعذور:

وفيه جزءان هما:

1 -

سماع الدعوى.

2 -

التوجيه.

الجزء الأول: سماع الدعوى:

إذا أقيمت الدعوى على المعذور الغائب عن مجلس الحكم في البلد لم تسمع.

الجزء الثاني: التوجيه:

وجه عدم سماع الدعوى على الغائب عن مجلس الحكم في البلد إذا كان معذورا: أنه يمكنه التوكيل كلما تقدم.

الجانب الثاني: سماع الدعوى على غير المعذور:

وفيه جزءان هما:

1 -

سماع الدعوى على غير الممتنع.

2 -

سماع الدعوى على الممتنع.

الجزء الأول: سماع الدعوى على غير الممتنع:

وفيه ثلاث جزئيات هي:

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الجزئية الأولى: الخلاف:

اختلف في سماع الدعوى على الغائب عن مجلس الحكم في البلد إذا كان غير ممتنع على قولين:

القول الأول: أنها لا تسمع.

القول الثاني: أنها تسمع.

ص: 214

الجزئية الثانية: التوجيه:

وفيها فقرتان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الفقرة الأولى: توجيه القول الأول:

وجه القول بعدم سماع الدعوى على الغائب عن مجلس الحكم في البلد إذا لم يكن ممتنعا بما يأتي:

1 -

قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعلّي: (إذا تقاضي إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر)(1).

ووجه الاستدلال به: أنه نهى عن الحكم لأحد الخصمين قبل سماع الآخر، وغير الممتنع يمكن سماع كلامه فلا يقضي عليه قبل سماعه.

2 -

أن الله لام داود على حكمه لأحد الخصمين قبل سماع كلام الآخر (2).

3 -

أن المدعى عليه يحتمل أنه قد برئ من محل الدعوى فلا يحكم عليه مع قيام هذا الاحتمال.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني:

وجه القول بسماع الدعوى على الغائب عن مجلس الحكم في البلد ولو كان غير ممتنع بما يأتي:

1 -

ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم على أبي سفيان وهو غائب في البلد غير ممتنع (3).

(1) سنن الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء في القاضي لا يقضي، 1331.

(2)

سورة ص، (21 - 26).

(3)

صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب قضية هند/1714.

ص: 215

2 -

أن عدم سماع الدعوى يضر بالمدعى بتأخير حقه، والضرر لا يجوز لحديث:(لا ضرر في الإسلام)(1).

3 -

أنه غائب فيحكم عليه كالغائب البعيد.

الجزئية الثالثة: الترجيح:

وفيها ثلاث فقرات هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الفقرة الأولى: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم سماع الدعوى.

الفقرة الثانية: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بعدم سماع الدعوى على الغائب عن مجلس الحكم في البلد إذا كان غير ممتنع: أن أدلته أقوى.

الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح:

وفيها ثلاثة أشياء هي:

1 -

الجواب عن الدليل الأول.

2 -

الجواب عن الدليل الثاني.

3 -

الجواب عن الدليل الثالث.

الشيء الأول: الجواب عن الدليل الأول:

أجيب عن الاحتجاج بقصة هند: بأنه فتوى وليست حكما بدليل ما يأتي:

1 -

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلب البينة من السائلة.

(1) أورده ابن رجب في جامع العلوم والحكم/286، وعزاه لأبي داود في مراسيله.

ص: 216

2 -

أن المرأة جاءت تسأل عن حكم الأخذ ولم تأت شاكية مدعية.

3 -

أنه أذن لها بالأخذ من غير علم والأحكام تنفذ علانية لا بالخفاء والستر.

الفقرة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني:

يجاب عن ذلك بجوابين:

1 -

أن الحاضر غير الممتنع لا يتأخر في الحضور.

2 -

أن الضرر المدعى يعارضه ضرر المدعى عليه بالحكم عليه من غير سماع حجته، والضرر لا يزال بالضرر.

الفقرة الثالثة: الجواب عن الدليل الثالث:

يجاب عن هذا الدليل: بأن قياس الحاضر في البلد على الغائب عنه غير صحيح؛ لأن الحاضر يمكن استدعاؤه وسؤاله بخلاف البعيد فلا يمكن فيه ذلك.

الجزء الثالث: سماع الدعوى على الممتنع (1):

وفيه ثلاث جزئيات هي:

1 -

الخلاف.

2 -

التوجيه.

3 -

الترجيح.

الجزئية الأولى: الخلاف:

اختلف في سماع الدعوى على الحاضر الممتنع عن مجلس الحكم على قولين:

القول الأول: أنها تسمع ويحكم عليه.

القول الثاني: أنها لا تسمع.

(1) أفرد عما قبله لاختلاف الترجيح.

ص: 217

الجزئية الثانية: التوجيه:

وفيها فقرتان هما:

1 -

توجيه القول الأول.

2 -

توجيه القول الثاني.

الفقرة الأولى: توجيه القول الأول:

وجه القول بسماع الدعوى على الغائب عن مجلس الحكم في البلد إذا كان ممتنعا بما يأتي:

1 -

أن الممتنع يتعذر حضوره وسؤاله فيقضى عليه كالغائب البعيد.

2 -

أن امتناعه عن الحضور قرينة قوية على صدق الدعوى فيتأيد بها القضاء عليه.

3 -

أن عدم القضاء عليه إضرار بالمدعي بالتأخير والمماطلة.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني:

وجه القول بعدم سماع الدعوى على الغائب عن مجلس الحكم في البلد ولو كان ممتنعا من الحضور بما يأتي.

1 -

أنه يمكن إحضاره إلى مجلس الحكم وسماع أقواله طوعا أو كرها، فلا تسمع الدعوى عليه قبل سماع أقواله كالحاضر في مجلس الحكم.

2 -

أن الحكم عليه قبل سماع أقواله، إضرار به؛ لاحتمال أن ما ادعى به عليه لا يلزمه؛ لقضائه أو الإبراء منه.

الجزئية الثالثة: الترجيح:

وفيها ثلاث فقرات هي:

1 -

بيان الراجح.

2 -

توجيه الترجيح.

3 -

الجواب عن وجهة القول المرجوح.

ص: 218

الفقرة الأولى: بيان الراجح:

الراجح - والله أعلم - هو القول بسماع الدعوى على الممتنع عن الحضور ولو كان في البلد.

الفقرة الثانية: توجيه الترجيح:

وجه ترجيح القول بسماع الدعوى على الممتنع عن مجلس الحكم ولو كان في البلد أن توجيهه أقوى.

الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح:

وفيها شيئان هما:

1 -

الجواب عن الدليل الأول.

2 -

الجواب عن الدليل الثاني.

الشيء الأول: الجواب عن الدليل الأول:

يجاب عن قياس الحاضر المتنع على الغائب البعيد بأنه قياس مع الفارق فلا يصح؛ وذلك أن الغائب البعيد معذور، أما الحاضر في البلد فلا عذر له.

الشيء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني:

يجاب عن دعوى الضرر من وجهين:

الوجه الأول: أن هذا الضرر المدعى يقابله ضرر المدعي؛ والضرر لا يزال بالضرر.

الوجه الثاني: أن هذا الضرر على التسليم بوجوده هو المتسبب فيه بامتناعه؛ لأنه لو حضر ودافع عن نفسه فقد يكون الحق معه فلا يحكم عليه.

الوجه الثالث: أن المدعي أولى بدفع الضرر عنه؛ لأنه لا يد له فيه، بخلاف المدعى عليه، فهو الذي ضر المدعي وأدخل الضرر على نفسه.

ص: 219