الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4385 -
وقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ في الجَنَّةِ بَحْرَ الماءِ، وبَحْرَ العَسَلِ، وبَحْرَ اللَّبن، وبَحْرَ الخَمْرِ، ثُمَّ تُشَقَّقُ الأَنْهارُ بَعْدُ".
قوله: "ثم تشقَّق الأنهارُ بعدُ"؛ أي: ثم تجري من الأَبْحُرِ الأربعةِ الأنهارُ بعدَ دخول أهل الجنة، بحيث يجري من تلك الأَبْحُر أنهارٌ أربعةٌ إلى مكانِ كلِّ واحدٍ من أهل الجنة.
* * *
6 - باب رُؤْيَةِ الله تَعالى
(باب الرؤية)
مِنَ الصِّحَاحِ:
4386 -
قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ ربَّكُمْ عِيانًا".
قوله: "إنكم ستَرَون ربَّكم عِيانًا"؛ أي: ستُبصرون ربَّكم معاينةً جِهَارًا، و (ربَّكم): منصوب؛ لكونه مفعول (ستَرَون)، و (عيانًا): مصدر في موضع الحال من (ربكم)، ويحتمل أن يكون من الضمير في (ستَرَون ربكم).
ومعنى المعاينة: رفع الحجاب بين الرائي والمَرْئِي، ويجوز أن يكون مشتقًا من: العَين؛ أي: تُبصرون بأعينكم المحسوسة لا الباطنة.
* * *
4387 -
وقال جَريرُ بن عبدِ الله: كُنّا جُلوسًا عِنْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إلى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ فقالَ: "إنَّكمْ سَتَرَوْنَ ربكُّمْ كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضامُونَ في رُؤْيتِهِ، فإن استَطَعتُمْ أن لا تُغْلبُوا على صَلاةٍ قَبْلَ طُلوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُروبها
فافْعَلوا. ثُمَّ قَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] ".
قوله: "كنا جلوسًا"، (الجلوس) جمع: جالس؛ أي: كنا جالسين.
قوله: "إنكم ستَرَون ربَّكم كما تَرَون هذا القمرَ لا تُضامون في رؤيته"، قال الخطابي: هو الانضمام، يريد: إنكم لا تختلفون في رؤيته حتى تجمعوا للنظر، وينضم بعضكم إلى بعض، فيقول واحد: هو ذاك، ويقول آخر: ليس بذاك، على ما جرت به عادة الناس عند النظر إلى الهلال أولَ ليلة من الشهر، ووزنه: تَفَاعَلُون، وأصله: تَتَضامون، حُذفت منه إحدى التاءين.
وقد رواه بعضهم: "لا تُضامُون" بضم التاء وتخفيف الميم، فيكون معناه على هذه الرواية: أنه لا يلحقكم ضَيمٌ ولا مشقةٌ في رؤيته، وقد يُخيَّل إلى بعض السامعين أن الكاف في قوله:(كما ترون) كاف التشبيه للمَرْئي، وإنما كان التشبيه للرؤية، وهو فعل الرائي، ومعناه: تَرَون ربَّكم رؤيةً ينزاح معها الشكُّ وتنتفي معها المِريةُ، كرؤيتكم القمرَ ليلةَ البدر، لا ترتابون ولا تمترون فيه.
قوله: "فإن استطعتُم أن لا تُغلَبوا على صلاةٍ قبلَ طلوع الشمس وقبلَ غروبها فافعلوا"؛ يعني: إن قدرتُم على ألا تكونوا مغلوبين في صلاة الصبح وصلاة العصر فافعلوا؛ يعني: مَن داوَمَ على هاتَين الصلاتَين فكأنه ممن رُزِقَ لقاءَ الله سبحانه، فإذا كان كذلك فمداومتُه على هاتَين الصلاتَين كأنه عنوانٌ على حسن خاتمته.
قال الخطابي: هذا يدل على أن الرؤيةَ قد يُرجَى نيلُها بالمحافظة على هاتَين الصلاتَين، ووقوعُ الاختصاص لهاتَين الصلاتَين بالذِّكر - وإن كانتا كسائر الصلوات في محل الفرضية - كاختصاصهما بلَقَبِ التوسُّط بين الصلوات الخمس، وإن كان كلُّ واحدةٍ من الخَمس مستحقةٌ لهذه الصفة في وضع الحساب، والله أعلم.
وقيل: إنما خُصصتا بالذِّكر دون ما عداهما، مع أن الكلِّ واحدٌ في الوجوب؛ لكونهما واقعتَين في زمان الغفلة.
أما صلاةُ الصبح، فلأن زمانَها زمانُ استراحةِ النوم، وصلاةُ العصر زمانُها زمانُ الاشتغال بالتجارات والأكساب، فقطعُ لذةِ النومِ ولذةِ تحصيل الأموال موجبٌ لهذا العزِّ الأبديِّ.
* * *
4388 -
وعن صَهَيْبٍ عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إذا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ يقُولُ الله تبارك وتعالى: تُريدُونَ شَيئًا أَزيدُكُمْ؟ فيقولونَ: ألَمْ تُبيضْ وُجُوهَنا؟ ألَمْ تُدْخِلْنا الجَنَّةَ وتُنجِّنا منَ النَّارِ؟ قالَ: بلى. فيُرْفَعُ الحِجَابُ فيَنظُرونَ إلى وَجْهِ الله، فما أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إليهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلى رَبهمْ. ثُمَّ تلا {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ".
قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]؛ أي: للذين أحسنوا العملَ في الدنيا {الْحُسْنَى} ، وهي الجنة، {وَزِيَادَةٌ} وهي النظر إلى وجه الله الكريم، هذا قول جماعة من الصحابة، منهم أبو بكر الصدِّيق وحذيفة وأبو موسى وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم، وهو قول الحسن وعكرمة وعطاء ومقاتل والضحَّاك والسدِّي ذكره في "معالم التنزيل".
* * *
مِنَ الحِسَان:
4389 -
عن ابن عُمَرَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلةً لَمَنْ ينظُرُ إلى جِنانِهِ وأَزْواجِهِ ونَعيمِهِ وخَدَمِهِ وسُرُرِهِ مَسيرةَ ألْفِ سَنَةٍ، وَأَكْرَمَهُمْ على الله مَنْ ينظُرُ إلى وَجْهِهِ غَدْوَةً وعَشِيَّةً. ثمّ قَرأَ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ