الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: "لا يقتسِمُ ورثتي دِينارًا
…
" الحديث.
قال في "شرح السنة": قال سفيان بن عُيينة: كان أزواجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في معنى المُعْتَدَّات، إذ كنَّ لا يجوز لهنَّ أن ينكِحْنَ أبدًا، فَجَرَتْ لهنَّ النفقة.
وأراد بـ (العامل): الخليفة بعده، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يأخذ نفقةَ أهلِه من الصَّفَايا التي كانت له من أموال بني النَّضير وفَدَك، ويَصْرِفُ الباقي في مصالح المسلمين.
ثم وَلِيَها أبو بكر رضي الله عنه، ثم عمرُ رضي الله عنه كذلك، فلما صارت إلى عثمان رضي الله عنه استغنى عنها بماله، فأقطعَها مروانُ وغيرُه من أقاربه، فلم تزل في أيديهم حتى ردَّها عمرُ بن عبد العزيز.
* * *
1 - باب في مَنَاقِبِ قُرَيْشِ وَذِكْرِ القَبَائِلِ
(باب في مناقب قريش وذكر القبائل)
(المناقب) جمع مَنْقَبة، وهي الفضيلة والشرف، و (القبائل): جمع قبيلة.
4676 -
عَنْ أبي هُريْرَة رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "النَّاسُ تَبَعٌ لِقُريشٍ في هذا الشَّأنِ، مُسْلِمهُم تَبَعٌ لِمُسلمِهم، وكَافرُهم تَبَعٌ لِكَافِرِهم".
قوله: "الناسُ تَبَعٌ لقريشٍ في هذا الشَّأن"، معناه: تفضيل قريش على قبائل العرب، وتقديمِها في الإمامة والإمارة.
قوله: "مُسْلِمُهم تَبَعٌ لمسلمهم"؛ أي: مَنْ كان مسلمًا فيتبعهم، ولا يخرُج عليهم.
وقوله: "وكافرُهم تبعٌ لكافرهم" ليس على معنى الأول، إنما أخبر أنهم لم يزالوا متبوعين في زمان الكُفر، إذ كان أمرُ البيت - الذي هو شرفُهم - إليهم.
ويحتمل أن يكون معناه: أنهم إذا كانوا خيارًا سَلَّط الله عليهم الخِيار منهم، وإن كانوا أشرارًا سَلَّط الله عليهم الأشرار، كما قيل: أعمالكم عُمَّالُكم، هذا كله لفظ "شرح السنة".
قال الخطابي: كانت العرب تقدِّم قريشًا وتعظِّمُها، وكانت دارُهم مَوْسِمًا، والبيتُ الذي هم سَدَنتُه مَنْسَكًا، وكانت لهم السِّقاية والوِفادة، يُطْعِمون الحجيج ويسقونهم، فحازوا به الشرفَ والرِّياسة عليهم.
* * *
4678 -
عَنِ ابن عُمَرَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لا يزالُ هذا الأَمرُ في قُريْشٍ ما بَقِيَ مِنْهُم اثنَانِ".
قوله: "لا يزالُ هذا الأمرُ في قريشٍ ما بَقِيَ منهم اثنان"، يريد بـ (هذا الأمر): الخلافة.
* * *
4679 -
وعَنْ مُعَاوِيةَ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنَّ هذا الأَمرَ في قُريشٍ لا يُعَادِيْهم أَحَدٌ إِلَاّ كَبَّهُ الله على وجْهِهِ، ما أَقَامُوا الدِّين".
قوله: "إنَّ هذا الأمرَ في قريش لا يُعَاديهم أحدٌ
…
" الحديث.
يعني: الخلافة في قريش لا يخالِفُهم أحدٌ في ذلك إلا أذلَّه الله، ما داموا أنَّهم يحافظون الدِّينَ وأهلَه.
* * *
4680 -
عَنْ جَابرِ بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: "لا يَزالُ الإِسلامُ عَزِيْزًا إلى اثنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً، كلُّهم مِن قُريشٍ".
وفي رِوَايَةٍ: "لا يزَالُ أمرُ النَّاسِ مَاضيًا ما وَلِيَهم اثنا عَشَرَ رَجُلاً كلُّهم مِن قريشٍ".
وفي رِوَايَةٍ: "لا يزَالُ الدَّينُ قَائِمًا حتَّى تَقَومَ السَّاعةُ، أو يكونَ عليهم اثنا عَشَرَ خَليْفَةً كلُّهم مِن قُريْشٍ".
قوله: "لا يزالُ الإسلامُ عزيزًا إلى اثني عشرَ خليفةً كلُّهم من قريش"، ينبغي أن يُحمل على العادِلين، فإنهم إذا كانوا على سَنَنِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وطريقتِه يكونون خلفاء، وإلا فلا، ولا يلزم أن يكونوا على الوَلَاء، وإن كان المراد من ذلك على الوَلَاء وكانوا مسمَّين بها على المجاز.
* * *
4681 -
وَقَالَ: "غِفَارُ غَفَرَ الله لها، وأَسْلَمُ سَالَمَها الله، وعُصَيَّةُ عَصَتِ الله ورسُولَه".
قوله: "غِفَارٌ غفَر الله لها، وأَسْلَمُ سَالَمها الله، وعُصَيَّةُ عَصَتِ الله ورسولَه"، ثلاثتها أسماء قبائل، قال في "شرح السنة": قيل: إنما دعا لغِفار وأَسْلَم؛ لأن دخولَهما في الإسلام كان من غيرِ حرب، وكان غِفَارٌ تذل بسرقة الحجاج أن تنسب إليها، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يمحو تلك السيئةَ عنهم، ويغفر لهم.
وأما عُصَيَّة فهم الذين قتلوا القُرَّاء ببئر مَعُونة، بعثهم صلى الله عليه وسلم سَرِيَّة، فقتلوهم، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْنُت عليهم في صلاته.
* * *
4682 -
وقَالَ: "قُريْشٌ، والأَنْصارُ، وجُهَيْنةُ، ومُزَيْنةُ، وأَسلمُ، وغِفارُ، وأَشجعُ = مَوَالِيَّ ليس لهم مَوْلًى دُونَ الله ورَسُولِهِ".
قوله: "قريش والأنصارُ وجُهَينة ومُزَينة وأَسْلَم وغِفَار وأَشْجَع موالي"؛ يعني: هؤلاء القبائل أحِبَّائي وأنصاري، هذا إذا روي (موالي) بالإضافة، أما إذا رُوي بالتنوين فمعناه: بعضهم لبعض أنصارٌ وأحِبَّاء.
* * *
4683 -
وقَالَ: "أسلمُ، وغِفارُ، ومُزَيْنةُ، وجُهَيْنَةُ، خيرٌ مِن بني تميمٍ، ومِن بني عَامرٍ، والحَلِيفَيْنِ بني أَسَدٍ وغَطَفَانَ".
قوله: "والحليفين بني أسد وغطَفان"، سُمَّي الحليفان؛ لأنهم تحالَفُوا على التَّناصر والتعاون.
4684 -
عَنْ أَبي هُريْرَة رضي الله عنه قَالَ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ بني تَمِيمٍ مُنذُ ثَلاثٍ، سَمِعتُ مِن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ فيهم، سَمِعتُه يَقُولُ:"هُمْ أَشَدُّ أُمَّتي على الدَّجَّالِ"، قال: وجَاءَتْ صَدَقَاتُهم فقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هذه صَدَقَاتُ قومِنَا"، وكانَتْ سَبيَّةٌ منهم عِنْدَ عَائِشةَ رضي الله عنها فقالَ:"أعَتْقِيها فإنَّها مِن وَلَدِ إسماعيل".
قوله: "أعتِقيها فإنَّها مِنْ ولد إسماعيل"، فيه دليل على جواز استِرقاق العرب، ذكره في "شرح السنة".
* * *
مِنَ الحِسَان:
4686 -
وعَنِ ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ! أَذَقْتَ أوَّلَ قُريشٍ نَكَالاً فأذِقْ آخرَهُم نَوَالاً".
قوله: "اللهمَّ أَذَقْتَ أولَ قريش نَكالاً فاذِقْ آخِرَهم نَوَالاً"، قال في "الغريبين": النَّكال: العقوبة التي تُنَكَّلُ الناسَ عن فعل ما جعلت له جزاء، قيل: أراد به القَحْط والغلاء.
النَّوال والنَّول: العطاء.
* * *
4688 -
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الأَزْدُ أَزْدُ الله في الأَرْضِ، يُريدُ النَّاسُ أنْ يَضَعُوهم ويَأْبَى الله إلَّا أنْ يرفَعَهم، ولَيَأتينَّ على النَّاسِ زَمانٌ يَقُولُ الرَّجلُ: يَا لَيْتَ أَبي كانَ أَزْدِيًا، ويا ليتَ أمي كانَت أَزْدِيَّةً"، غريب.
قوله: "الأزْدُ أزدُ الله في الأرض"؛ أي: أهلُ نصرته وحفظِه.
* * *
4690 -
عَنِ ابن عُمَرَ رضي الله عنه: عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "في ثَقِيفٍ كذَّابٌ ومُبيرٌ"، قيل: الكَذابُ هو المُختَارُ بن أبي عُبيدٍ، والمُبيرُ هُوَ الحَجَّاج بن يُوْسُفَ، قَالَ هِشامُ بن حَسَّانَ: أَحْصَوْا ما قتلَ الحَجَّاجُ صَبْرًا فبلَغَ مئةَ ألفٍ وعِشْرينَ ألفًا.
قوله: "في ثقيف كَذَّابٌ ومُبيرٌ"، قيل: قد أشارت إليهما أسماءُ بنت أبي بكر أمُّ عبدِ الله بن الزبير رضي الله عنهم في حديثها، وأرادت بالكذَّاب: المُختار بن أبي عُبيد ابن مسعود الثقفي، أبوه من أَجِلَّة الصحابة، أمَّرَه عمرُ أميرُ المؤمنين رضي الله عنه على جيش، وإليه ينسب يوم جبر، وقد استشهد يومئذٍ، إلا أن ابنه المسمى بالمختار كان متدلَّسًا مَكَّارًا، وكان يطلب الدُّنيا بالدِّين.
فقيل: شَهِد بسوء سيرته، وكثرةِ مَكْره عليه كثيرٌ من علماء التابعين؛ مثل الشعبي وسُويد وغيرهما، وكان يتنقَّص عليًا رضي الله عنه، وذلك قد عُرف منه، وكان يدَّعي محبَّته، وقد أفسد على قوم من الشيعة عقائدَهم، بحيث كانوا ينسبون إليه
في عقائدهم الفاسدة، ويقال لهم المُختارية، وقيل: كان يدَّعي النبوة بالكوفة.
وأرادت أسماء بنت أبي بكر بالمُبير: الحَجَّاج، كما قالت:(أما المُبير فلا إِخالُك إلا إيَّاه)، إخالك - بكسر الهمزة أفصح من فتحها -، معناه: أظنُّكَ إياه، عائد إلى الحجاج.
قوله: "أَحْصَوا ما قَتَل الحجَّاجُ صَبْرًا": (أحصوا)؛ أي: عَدُّوا، (صبرًا)؛ أي: مَصْبورًا، معناه: محبوسًا أسيرًا.
قيل: لما قَتَل الحجاجُ عبدَ الله بن الزبير جاءت أمُّه أسماءُ بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه فرأته مَصْلُوبًا، فحاضَتْ بعد كِبَرِ سِنَّها، وخَرَجَ اللبن من ثديها، فرجزت تقول:
حَنَّت إليه مَرَاتِعُه
…
دَرَّتْ عليه مَرَاضعُه
ثم دخلت على الحجَّاج فقالت: أما آن لهذا المصلوبِ أن ينزل؟ فقال الحجاج: خَلُّوا بينها وبين جِيفتِها.
* * *
4693 -
عَنْ أَبي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِندَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ أَحسبُه مِن قيْسٍ قَالَ: يَا رَسُولَ الله! الْعَنْ حِمْيَرًا، فقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"رَحِمَ الله حِمْيَرًا، أفواهُهم سَلامٌ، وأيدِيهم طَعامٌ، وهم أَهْلُ أَمنٍ وإيمانٍ"، منكر.
قوله: "فجاءه رجلٌ - أحسبَهُ من قيس -
…
" الحديث.
قال الإمام التوربشتي في "شرحه": يروي هذا الحديث مولى عبد الرحمن ابن عوف، عن أبي هريرة، وله أحاديثُ مناكير، يرويها عنه، وألحق لفظَ (المنكر) بعضُ أهل المعرفة بالأحاديث بهذا الكتاب؛ لأن المصنف لو عَرَف أنه منكر لَمَا أورده فيه؛ لأنه قال في دِيباجة الكتاب: وأعرضت عن ذكر ما كان منكرًا.
ويمكن أنْ يُقال: لفظ (المنكر) مما أورده المصنِّفُ في الكتاب، لا مِنْ مُلْحَقات بعض أهل المعرفة، كما ذكر الإمام، وإن كان مُعْرِضًا عن ذكره؛ لأن المناكير المذكورة في هذا الكتاب لا تزيد على أحاديث ثلاثة.
فإذا كان كذلك فلو أوردها مع الاعتراف بالإعراض عنها فكأنَّه ما أوردها؛ لأنه بإضافة أحاديث الكتاب غيرُ ملتفتٍ إليها لِقِلَّتِها، كما أن قصيدةً عربية لو كان فيها لُفَيظات فارسية لَمَا أَخْرَجتها عن كونها عربية، فكذلك هذا، فكذلك ثور أسود لو كان في مَتْنِه شعيراتٌ بيضٌ لَمَا أخرجته عن كونه أسود، فكذا هذا.
* * *
4696 -
عَنْ عُثْمان بن عَفَّان رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَشَّ العَربَ لَمْ يَدخلْ في شَفاعَتي، ولَم تَنَلْهُ مَوَدَّتي"، غريب.
قوله: "مَنْ غَشَّ العربَ لم يدخُلْ في شفاعتي، ولم تَنَلْهُ مَودَّتي"، إنما قال هذا؛ لأنه بِلُغتهم نزل القرآن، وبلُغتهم تُعرف فضيلته، إذ تزداد فصاحتُه على فصاحتهم، وأيضًا هم تحمَّلوا الشريعة ونقلوها إلى الأمم، وضبطُوا حديثَه وأفعالَه، ونقلوا إلينا معجزاتِه، ولأنهم مادةُ الإسلام، وبهم فُتحت البلاد، ولأنهم أولادُ إسماعيلَ عليه السلام ومَعَدِّ بن عدنان أصل العرب؛ أعني: مادة قريش وسكان الجزيرة.
وأما أولاد قحطان بن هُود فهم أيضًا عرب، واختلف النسَّابون في العرب الخُلَّص:
قيل: هم القَحْطانية دون العدنانية؛ لأن إسماعيل كان لغتُه سُرْيانية كلغة الخليل عليهم السلام، فلما سَكَن الحجازَ تعرَّب وتعلَّم؛ لأنه تزوَّج إلى جُرْهم وغيرهم.