الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4760 -
عن أبي موسى الأَشْعَريِّ رضي الله عنه قال: كُنْتُ معَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في حائطٍ مِن حِيْطانِ المَدينةِ، فجاءَ رَجُلٌ فاستَفْتَحَ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"افتَحْ لهُ وبشِّرْهُ بالجَنّةِ"، فَفَتَحْتُ لهُ، فإذا أبو بَكْرٍ، فَبَشَّرْتُه بما قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فحَمِدَ الله، ثُمَّ جاءَ رَجُل فاستَفْتَحَ، فقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"افتَحْ لهُ وبشِّرْهُ بالجَنَّةِ"، ففَتَحْتُ لهُ فإذا عُمَرُ، فأَخْبَرْتُه بما قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فحَمِدَ الله، ثُمَّ استَفْتَحَ رَجُلٌ، فقال لي:"افتَحْ لهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ على بَلْوَى تُصِيبهُ"، فإذا عُثْمانُ، فأخبرتُه بما قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فحَمِدَ الله، ثُمَّ قال: الله المستعانُ.
قوله: "كنت مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حائطٍ من حيطان المدينة"، (الحائط): البستان، والحيطان جمعُه.
قوله: "فجاء رجلٌ فاستفتح"، (استفتح): إذا طلَبَ فتحَ الباب.
قوله: "على بَلْوى تصيبه"، (البلوى): البلاء، قيل: أراد بالبلوى: ما أصابه يوم الدار من أذى المُحاصرة والقتل وغيرِ ذلك مما يكرهه.
قوله: "ثم قال: الله المُسْتعان"؛ يعني: ثم قال عثمان رضي الله عنه بعد ما حَمِدَ الله تعالى: الله المستعان، وفي ضمن قوله:(الله المستعان) شيئان: تصديقُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيما أَخْبر، والاستعانة من الله سبحانه وتعالى في ذلك.
* * *
8 - باب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بن أَبي طَالِبِ رضي الله عنه
-
(بابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بن أَبي طَالِبِ رضي الله عنه)
مِنَ الصِّحَاحِ:
4762 -
عن سعدِ بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لعَليٍّ:
"أنتَ مِنِّي بِمَنْزِلةِ هارونَ مِن مُوسَى، إلا أنَّه لا نبَيَّ بعدي".
قوله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ: "أنتَ منِّي بمنزلة هارونَ مِنْ موسى إلا أنَّه لا نبيَّ بعدي"، قيل: إنما صدَر هذا الكلامُ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ غزوة تبوك، وقد خَلَّف عليًا رضي الله عنه على أهل بيته، وأَمَره أن يُقيمَ في المدينة، ويراعي أحوالَهم يومًا فيومًا، ثم قال المنافقون: ما تركَه إلا لكونه مُسْتَثْقَلًا عنده، فخفَّف عنه ثِقْلَه.
فلما سمع عليٌّ رضي الله عنه ذلك، تأذَّى من هذا الكلام، وقصد إلى ذلك الغزو، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! زعم أهلُ النفاق أنك ما خلَّفتني إلا لكوني ثقيلًا عليك، فخفَّفْت ثِقْلي عن نفسك، فقال صلى الله عليه وسلم: كَذَبُوا ما خَلَّفتك إلا لكرامتك عليَّ، ولأنك مني، فارجع إلى أهلي، واخلُفني فيهم بما أَمَرْتُك، أمَا ترضى بأن تكون مِنِّي بمنزلة هارون من موسى.
فالذي يستدلُّ بهذا الحديث على أنَّ الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لعليٍّ رضي الله عنه فاستدلالُه بذلك غيرُ صواب؛ لأن الخلافة الجزئية في حياته لا تدل على الخلافة الكلِّية بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، بل إنما يُستدل على قربه واختصاصه بما لا يُباشر إلا بنفسه صلى الله عليه وسلم، وإنَّما اخْتُصَّ بذلك؛ لأنه يكون بينه وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم طرفان: القرابة والصُّحبة، فلهذا اختاره بذلك دون غيرِه، والله أعلم.
قال الخطابي: ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المَثَلَ باستخلاف موسى هارونَ عليهم السلام على بني إسرائيل، حين خرج إلى الطُّور، ولم يُرِدْ به الخلافة بعد الموت، فإن المَضْروبَ به المثل - وهو هارون - كان موتُه قبلَ وفاة موسى، وإنما كان خليفةً في حياته في وقتٍ خاصٍّ، فليكُن كذلك فيمن ضُرِبَ له المَثَلُ به.
* * *
4763 -
وقال عليٌّ رضي الله عنه: والذي فَلَقَ الحَبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ، إنَّه لَعَهْدُ النَّبيِّ الأُمِّيِّ صلى الله عليه وسلم إليَّ: أنْ لا يُحِبني إلا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضَنِي إلا مُنافِقٌ.
قوله: "والذي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرأَ النَّسمَة إنَّه لعهدُ النبيِّ" الواو في (والذي) للقسَم، و (إنه) جواب القسم، (فلق): إذا شَقَّ، (برأ): إذا خَلَق، (النسمة): الإنسان.
* * *
4764 -
عن سَهْلِ بن سَعْدِ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ يومَ خَيْبَرَ: "لأَعطِيَنَّ هذهِ الرَّايةَ غدًا رَجُلًا يَفتحُ الله على يَدَيهِ، يُحِبُّ الله ورسولَهُ، ويحبُّهُ الله ورسولُه"، فلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، كلُّهم يَرْجُونَ أنْ يُعطَاها، فقالَ:"أينَ عليُّ بن أبي طالب؟ "، فقالوا: هوَ يا رسولَ الله! يشتكي عَيْنَيهِ، قالَ:"فاَرْسِلوا إليهِ"، فأُتيَ بهِ، فبصقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في عَيْنَيهِ، فبَرَأَ حتى كأنْ لم يكنْ بهِ وَجَعٌ، فأعطاهُ الرايةَ، فقال عليٌّ: يا رسولَ الله! أُقاتِلُهم حتى يكونُوا مثلَنا؟ فقالَ: "انفُذْ على رِسْلِكَ حتى تنزِلَ بساحتِهم، ثم ادعُهم إلى الإِسلامِ، وأخبرْهم بما يَجِبُ عليهم من حَقِّ الله فِيهِ، فوالله لأَنْ يهديَ الله بكَ رَجُلًا واحِدًا خيرٌ لكَ مِن أنْ تكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ".
قوله: "فَبصَقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فَبَرَأ"؛ يعني: ألقى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بُزَاقَه في عَينَي عليٍّ رضي الله عنه، فزال الوجَعُ عنهما في الحال.
قوله: "أقاتِلُهم حتَّى يكونوا مِثْلَنا"؛ يعني: أُحاربهم حتى يُسْلِموا، قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انفُذْ على رِسْلِك، حتى تنزلَ بِسَاحَتِهم"؛ يعني: امْضِ على رِفْقِكَ ولِينك، و (الرَّسْل): السير اللَّين، (الساحة): الأرض، (بساحتهم)؛ أي: بأرضهم.
* * *
4767 -
عن زيدِ بن أَرْقَمَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَن كنتُ مَوْلاهُ فعليٌّ مَوْلاهُ".
قوله: "مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه"، قال الحافظ أبو موسى: أي: مَنْ كنت أتولاه فعليٌّ يتولَّاه؛ يعني: مَنْ كنت أُحِبُّه فعليٌّ رضي الله عنه يحبُّه، وقيل: من كان يتولاني فعليٌّ يتولاه.
وقيل: سبب ذلك: أن أسامةَ بن زيد قال لعليٍّ رضي الله عنه: لستَ مولاي، إنما مولايَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه".
وروي عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: أراد بذلك وَلاءَ الإسلام، قال الله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} [محمد: 11]؛ أي: وليُّهم وناصِرُهم، فعلى القولِ الأخير معناه: أنَّ ولاء الإسلام يشتمل على الذي يشتمل كل مسلم من مُراعاة حرمة الإسلام في صَون النفس والمال والسلامة في الآخرة.
وقيل: قد ثبت أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَلِي الإجابة، إذا دعا أن يُجاب، وقد كان علي رضي الله عنه وليَّ الدعوة بما بعثه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر حين جعله أميرَ الحجِّ بالناس، فبعث عليًا ليقرأ على الناس سورةَ براءة، وأن يبلِّغَهم حكمَ الله ورسولِه، فقال أبو بكرِ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لِمَ تبعثُ عليًا؟ فقال: "لا يُبلِّغ عني إلا رجلٌ مني"، فحينئذ علي ولي الدعوة إلى الحق، فيجوز له أن يدعو الناس إلى الله سبحانه نيابة عنه صلى الله عليه وسلم، ويجوز لجميع الأمة أن يجيبوا دعوتَه اتِّباعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا عرفتَ ذلك فاعرف أنَّ مَنْ وافقه وافقَ الرسولَ صلى الله عليه وسلم، ومن خالفه فقد خالفَه صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث الذي بعده دليلٌ على فضيلة عظيمةٍ لعليٍّ رضي الله عنه.
* * *
4773 -
عن جابرٍ رضي الله عنه قال: دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلِيًا يَوْمَ الطَّائِف فانتَجَاهُ، فقالَ النَّاسُ: لقد طالَ نَجْوَاهُ مع ابن عَمِّه، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما انتَجَيْتُهُ،