الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4910 -
عن أَنَسٍ رضي الله عنه، عن أبي طَلْحَةَ رضي الله عنه قال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَقْرِئ قومَكَ السَّلامَ، فإنَّهم ما عَلِمْتُ أَعِفَّةٌ صُبُرٌ".
قوله: "فإنَّهم ما علِمْتُ أعفَّةٌ صُبُرٌ"، (الأعفة): جمع عفيف، و (الصُّبُر): جمع صابر؛ يعني: هم المتعفِّفون عن السؤال، والصَّابرون عند القتال.
* * *
4913 -
عن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه قالَ: ذُكِرَت الأَعاجِمُ عِنْدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"لأَنَا بهم أو ببَعْضهم أَوْثَقُ مِنِّي بكُم أو ببَعْضكُم".
قوله: "لأَنَا بهم أو ببعضهم أوثقُ منِّي بكم أو ببعضكم"، يعنى: وثوقي واعتمادي بهم أو ببعضهم أكثر من وثوقي واعتمادي بكم أو ببعضكم.
إعرابه: (أنا) مبتدأ، و (أوثق) خبره، و (مِنْ) صلة (أوثق)، والباء في (بهم) مفعوله، و (أو) عطف على (بهم)، والباء في (بكم) مفعول فعل مقدَّر يدل عليه (أوثق)، و (أو) في (أو ببعضكم) عطف على (بكم)، إما متعلِّق أيضًا بـ (أوثق)، إذ هو في قوة الوثوق وزيادة، فكأنه فعلان، فجاز أن يَعمل في مفعولين، أو تأخَّر دلَّ عليه الأول.
* * *
13 - باب ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّامِ، وَذِكْرِ أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ رضي الله عنه
-
(بابُ ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّامِ وَذِكْرِ أُوَيْسٍ)
مِنَ الصِّحَاحِ:
4914 -
عن عُمَرَ بن الخَطَّابِ رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ رَجُلًا
يأتيكُم مِن اليَمَنِ يُقالُ لهُ: أَوَيْسٌ، لا يَدَعُ باليَمَنِ غيرَ أمًّ له، قد كانَ بهِ بياضٌ فدَعَا الله، فأَذْهَبَهُ إلا مَوْضعَ الدِّينارِ أو الدِّرْهَمِ، فمَن لقيَهُ مِنْكم فَلْيَسْتَغْفِرْ لكم".
قوله: "فمَنْ لَقِيَه منكم فليستَغْفِرْ لكم"، أمرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الصحابةَ بالاستغفار من أُويس التابعي - مع أن الصحابةَ أفضل من التابعين بلا خلاف - دليلٌ على أن الفاضل يُستحب له أن يَطْلُبَ الدعاءَ من المفضول.
ويحتمل أن يكون تطييبًا لقلبه؛ لأنه كان يُمكنه أن يَصِلَ إلى حضرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم لكن بِرُّه بأمه قد منعَه ذلك، فلهذا أمرهم بالاستغفار منه، ليندفع توهُّمه أنه مُسِيء في تخلُّفه.
* * *
4916 -
وعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:"أَتَاكُم أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفئِدَةً وأَلْينُ قُلُوبًا، الإِيْمَانُ يَمَانٍ، والحِكْمَةُ يَمَانيَّةٌ، والفَخْرُ والخُيَلاءُ في أَصْحَابِ الإِبلِ، والسَّكِيْنَةُ والوَقَارُ في أَهْلِ الغَنَم".
قوله: "أتاكم أهلُ اليمن، هم أرقُّ أفئدةً وألينُ قلوبًا
…
" الحديث.
قال في "شرح السنة": قيل: هما قريبان من السَّواء، كرَّرَ ذكرَهما لاختلاف اللفظين تأكيدًا، أو أراد بلين القلب: سرعة خُلُوص الإيمان إلى قلوبهم.
ويقال: إن الفؤادَ غِشاءُ القلب، والقلب: حبته وسويداؤه، فإذا رقَّ الغِشاء أسرعَ نفوذُ الشيء إلى ما وراءه.
وقيل: قوله: "الإيمان يَمَان"، يراد به أنه مكي؛ لأنه بدأ من مكة، وأضاف إلى اليمن؛ لأن مكة من أرض تِهَامة، وتِهامة من أرض اليمن، فتكون مكةُ على هذا يمانيَّةً.
وقيل: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام، وهو يومئذ بتبوك ناحيةِ الشام، ومكة والمدينة بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحيةِ اليمن، وهو يريد مكةَ والمدينة، يريد: الإيمان من هذه الناحية، كما يقال: سُهيل اليماني؛ لأنه يبدو من ناحية اليمن، وقيل: هم الأنصار؛ لأنهم نَصَروا الإيمان، وهم يمانيَّة، فَنَسَبَ الإيمانَ إليهم.
وقيل: قوله "الحكمة يمانية" أراد بها الفقه؛ لقوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [الجمعة: 2].
ويروى: "الفِقْه يَمَان"، وهذا ثَنَاء على أهل اليمن لإسراعهم إلى الإيمان وحُسْن قَبولهم إيَّاه، وقيل: الحكمة عبارة عن كل كلمة صالحة تمنع صاحبَها عمَّا يُوقِعُه في الهلاك.
* * *
4918 -
عَنْ أبي مَسْعودٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مِن هَا هُنَا جَاءَتِ الفِتَنُ، نَحْوَ المَشْرقِ، والجَفَاءُ وغِلَظُ القُلُوبِ في الفَدَّادينَ أَهلِ الوَبَرِ، عندَ أُصْولِ أَذْنَابِ الإِبلِ والبَقَرِ، في رَبيَعَةَ ومُضَرَ".
قوله: "والجَفَاء وغِلَظ القلوبِ في الفَدَّادين"، قال أبو عمرو: والفَدَادين - مخففة - واحدها فَدَّان - بالتشديد -، وهي البقرة التي يُحرث عليها، وأهلُها أهلُ جفاء لبُعدهم من الأَمْصار، والأكثرون ذهبوا إلى أنها مشدَّدة.
قال أبو العباس: هم الجَمَّالون والبَقَّارون والحَمَّارون.
وقال الأصمعي: هم الذين تَعْلُو أصواتُهم في حُروثهم وأموالِهم ومَوَاشيهم، يقال: فَدَّ الرجل يَفِدُّ فَدِيدًا: إذا اشتد صوتُه.
وقال أبو عبيدة: الفَدَّادون: هم المُكْثرون من الإبل الذي [يملك] أحدهم
المئة إلى الألف، وهم جُفاة أهل خيلاء، ومنه الحديث:"أن الأرضَ تقول للميت: ربَّما مَشَيت عليَّ فَدّادًا" أي: ذا مال كثيرٍ وذا خُيلاء.
وفي الجملة ذمُ ذلك؛ لأنه يَشْغَل عن أمر الدين، ويُلْهي عن الآخرة، فيكون معها قَساوة القلب، ذكره في "شرح السنة".
* * *
4917 -
وعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رأسُ الكُفرِ نَحْوَ المَشْرقِ، والفَخْرُ والخُيَلاءُ في أَهلِ الخَيلِ والإِبلِ والفَدَّادينَ أَهلِ الوَبَرِ، والسَّكيْنَةُ في أَهْلِ الغَنَمِ".
قوله: "والفَخْرُ والخُيَلاء في أهل الخَيل والإبل"، (الفخر): عبارة عن المباهات والمنافسة في المال والجاه المُؤدِّي إلى الخيلاء والتكبُّر المانع عن قَبول الإيمان.
قوله: "والسكينة في أهل الغنم"، (السكينة)؛ أي: الوَقَار والتأنَّي، قيل: أصحاب الغنمِ لهم سُكون ووقار؛ لأنه لا بُدَّ لهم من مقاربة العُمْرَانات والاختلاطِ بأهلها، فإن الغنمَ لا تصْبرُ عن الماء والعَلَف، ولا تتحمَّل الجَفَاء والبرد.
فإذا كان كذلك فوقَارُهم يؤدِّي إلى أنهم لا يخرجون عن الطاعة، وأما أصحاب الإبل والخيل فيقعُدون في البوادي والصَّحاري، فبعدُهم عن العُمْران والخَلْق يحمِلُهم على الطُّغيان ونزعِ اليد عن الطاعة، فلهذا ذمَّ صلى الله عليه وسلم أصحابَهما، ومَدَح أصحابَ الغنمِ.
وقيل: الراعي خُلُقه على قَدْر ما يرعاه، فالغنمُ راعيه يكون لينَ القلب، لسهولة طبيعة الغنم، ورُعاةُ الإبل تقسُو قلوبُهم كقسَاوة الإبل، ويخشُنُ عيشُهم،
ويكثُر الشقاء معها، وربما سَكِرَت فقتلت الجَمَّال، ولأنها تنفر وتنهزم فيتعَبُ الجاري معها، فتغلُظ طبيعتُه.
* * *
مِنَ الحِسَان:
4921 -
عن أَنَسٍ رضي الله عنه، عن زَيْدِ بن ثابتٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نظرَ قِبَلَ اليَمَنِ فقال: "اللهمَّ! أَقبلْ بقُلوبهم، وبارِكْ لنا في صاعِنَا ومُدِّنا".
قوله: "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نظرَ قِبَلَ اليمنِ فقال: اللهمَّ أقبلْ بقلوبهم، بارِكْ لنا في صَاعِنا ومُدِّنا"، (القبل): الجانب؛ يعني: اجعل قلوبَهم مُقبلة إلينا، وإنما سأل ربَّه تعالى إقبالَ قلوبِ أهل اليمن إلى مكة لأن طعام أهلِها كان يأتيهم من اليمن، ولهذا عقَّبه ببركة الصَّاع والمُدِّ لطعام يُجْلَب إليهم من اليمن، فقد استجاب الله دعاءَ رسولِه صلى الله عليه وسلم إلى الآن؛ لأن أكثرَ أقواتهم من هناك.
* * *
4922 -
عن زَيدِ بن ثابتٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "طُوبَى للشَّامِ"، قُلْنا: لأيٍّ ذلكَ يا رسولَ الله؟ قالَ: "لأنَّ ملائِكَةَ الرَّحْمنِ باسِطَةٌ أَجْنِحَتَها عَلَيها".
قوله: "طوبى للشَّام"، (طوبى): فَعلى مِنْ طَابَ، وأصله:(طيبى) فقُلبت الياء واوًا لانضمام ما قبلها؛ يعني: أصحابُ الشام خيرٌ وطِيب.
* * *
4923 -
عن عبدِ الله بن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ستَخْرُجُ نارٌ من نَحْوِ حَضْرَمَوْتَ - أو: مِن حَضْرَمَوْتَ - تَحْشُرُ النَّاسَ"، قُلْنا: يا رسولَ الله! فما تَأْمُرُنا؟ قال: "عليكم بالشامِ".
قوله: "ستخرُج نارٌ مِنْ نَحْوِ حضرموت أو من حضرموت، تحشُرُ النَّاسَ"، قيل: يحتمل أن تظهر نارٌ على هذه الصفة المذكورة، ويحتمل: أن يريد بالنار: فتنة تظهر منها، وعلى كلا التقديرين يكون قبلَ قيام الساعة، والدليل على هذا قولهم:"فما تأمرنا؟ "؛ يعني: في ذلك الوقت.
* * *
4924 -
عن عبدِ الله بن عَمْرِو بن العاصِ رضي الله عنه قالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إنها ستَكونُ هِجْرَةٌ بعدَ هجرةٍ، فخِيَار النَّاسِ هِجْرَةً إلى مُهَاجَرِ إبراهيمَ عليه السلام".
وفي روايةٍ: "فخِيارُ أَهْلِ الأَرْضِ ألزمُهم مُهَاجَرَ إبراهيمَ، ويَبقَى في الأَرْضِ شِرارُ أَهْلِها، تَلْفِظُهم أَرَضُوهم، تَقْذَرُهم نَفْسُ الله، تَحْشُرُهم النَّارُ معَ القِرَدةِ والخنازيرِ، تَبيتُ معَهم إذا باتُوا، وتَقِيلُ معَهم إذا قَالُوا".
قولها: "إنها ستكونُ هجرةٌ بعد هجرة، فخِيارُ الناسِ إلى مُهَاجر إبراهيمَ عليه السلام"، قيل: الهجرة الثانية حقُّها أن تكون معرَّفة بلام العهد؛ لأنها هي الهجرةُ الواجبة من مكة إلى المدينة، وإنما أتى بنكرة؛ إما لتوافق الأولى في الرتبة، أو لاعتماد أنَّ السامعين يعرفون أن في الكلام إضمارًا، وهو أن تقديره: بعد هجرة كانت إلى المدينة.
(مهاجر إبراهيم)؛ أي: مكان هجرته عليه السلام، وهو الشام؛ يعني: فخيارُ الناس الذين يقصِدُون في الهجرة إلى الشامِ بعد ظهور الفتن وغلبةِ الكُفر والفَسَاد في الآفاق، فإن الشام مَصُونٌ في ذلك الوقت عن الفتن.
قال الخطابي: الهجرة الثانية هي الهجرة إلى الشام، يرغَبُ فيها خيارُ الناس.
قوله: "تَلْفِظُهم أَرضوهم"، (اللَّفْظ): الرمي والإلقاء، الضمير المنصوب في (تلفِظهم) يعود إلى (الشرار)؛ يعني: تُلقي الأرض شرارَ الناس من ناحية إلى ناحية أخرى.
قوله: "تقذُرهم نفسُ الله"، يقال: قذِرت الشيء - بالكسر - وتقذَّرته واستقذرته: إذا كرهته، (نَفْس الله) - بسكون الفاء -: ذاتُه سبحانه.
قال في "شرح السنة": تأويله: أن الله يكره خروجَهم إليها ومُقامَهم، ولا يوافقهم لذلك، فصاروا بالرِّدَّة كالشيء تقذُره نفسُ الإنسان، فلا تقبله، وهذا مِثْلُ قولِه تعالى:{وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التوبة: 46].
قوله: "تحشُرهم النارُ مع القِردة والخنازير، تَبيتُ معهم إذا باتوا، وتَقِيل معهم إذا قَالوا"، (النار) ها هنا: عبارة عن الفتنة، (القردة) جمع قِرْد، و (الخنازير) جمع خنزير، بات يَبيت بَيتُوتة: إذا أقام ليلًا، قال يَقِيل قَيلولة: إذا نام نصفَ النهار واستراح.
يعني: تحشُرهم نارُ الفتنة - التي هي نتيجة أفعالهم القبيحة وأقوالهم - مع القردة والخنازير، لكونهم متخلِّقين بأخلاقها، فيظنُّون أن الفتنة لا تكون إلا في بلدانهم، فيختارون جَلاء أوطانهم، ويتركُونها، والفتنة تكون لازمةً لهم، ولا تنفكُّ عنهم حيث يكونون وينزِلون.
* * *
4925 -
عن ابن حَوَالة قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "سَيصيرُ الأَمْرُ أنْ تكونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً، جُنْدٌ بالشَّامِ، وجُنْدٌ باليَمَنِ، وجُنْدٌ بالعِراقِ"، فقالَ ابن حَوَالة: خِرْ لي يا رسولَ الله! إنْ أَدْركتُ ذلكَ، قال: "عليكَ بالشَّامِ، فإنَّها خِيَرَةُ الله مِن أَرْضهِ، يَجْتبي إليها خِيَرَتُه مِن عبادِه، فأَمَّا إنْ أبَيْتُم فَعَلَيكم بيَمَنِكُم،
واسقُوا مِن غُدُرِكم، فإنَّ الله عز وجل تَوَكَّلَ لي بالشَّامِ وأَهْلِهِ".
قوله: "سيصِيرُ الأمرُ أن تكونوا جُنودًا مُجَنَّدة؛ جُندٌ بالشام وجندٌ باليمن وجند بالعراق"، (الجنود) جمع جُنْد، وهو مَنْ يقاتل به، جَنَّد يُجَنِّد تَجْنيدًا: إذا جمع العسكر، فهو مُجَنِّد وذلك مُجَنَّد؛ يعني: ستصيرون فِرقًا ثلاثًا؛ فرقة منكم تقصد إلى الشام، وفرقة أخرى تقصِد إلى اليمن، والثالثة تقصِد إلى العراق.
فقال الراوي: يا رسول الله! خِرْ لي؛ أي: اختر لي.
قوله: "فإنَّها خِيرةُ الله من أرضه"؛ يعني: إن الشام مُختارةُ الله من أرضه؛ يعني: اختارها الله من جميع الأرض للإقامة في آخر الزمان.
قوله: "يجتبي إليها خيرتَه من عباده"، (يجتبي)؛ أي: يجتمع؛ يعني: يجتمع إلى الشام الخيارُ من عباده.
قوله: "فأمَّا إنْ أَبيتم فعليكُم بيمنِكم، واسْقُوا مِنْ غُدُرِكم، فإنَّ الله توكَّلَ لي بالشام وأهلِه"، (الغُدُر) جمع غدير، وهو حفرة يَقِفُ فيها الماء؛ يعني: إن أبيتم عن القصد إلى الشام فعليكم بيمنكم؛ أي: فالزموا يمنَكُم، وإنما أضاف اليمن إليهم؛ لأن المخاطَبين هم العرب، واليمن من أرضهم.
قيل: قوله: "فأمَّا إن أبيتُم فعليكم بيمنكم" اعتراض بين قوله: "عليكم بالشام" وبين قوله: "واسقوا من غُدُركم"، فإذا ثبت هذا فتقدير الكلام: عليكم بالشام واسقوا من غدركم، فإن الله قد توكَّل لي بالشام وأهلها، فأما إنْ أبيتُم فعليكم بيمنكم.
قال الإمام التوربشتي: في سائر نسخ "المصابيح": (فإن الله قد توكل لي بالشام) والصواب: "قد تكفل"، وهو سهو إمَّا في أصل الكتاب، أو من بعض الرواة.
* * *