المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه - المفاتيح في شرح المصابيح - جـ ٦

[مظهر الدين الزيداني]

فهرس الكتاب

- ‌5 - باب صِفَةِ الجَنَّةِ وأَهْلِها

- ‌6 - باب رُؤْيَةِ الله تَعالى

- ‌7 - باب صِفَةِ النَّار وأهلِها

- ‌8 - باب خَلْقِ الجَنَّةِ والنَّارِ

- ‌9 - باب بدءِ الخَلقِ، وذكرِ الأَنبياءِ عليهم السلام

- ‌1 - باب فَضَائِلِ سَيدِ المُرْسَلِينَ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ

- ‌2 - باب أَسْمَاءِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَصِفَاتُهُ

- ‌3 - باب في أَخْلاقِهِ وشَمَائِلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌4 - باب المَبْعَثِ وَبدْءِ الوَحْيِ

- ‌5 - باب عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ

- ‌فصل في المِعْرَاجِ

- ‌فصل في المُعْجِزَاتِ

- ‌6 - باب الكَرَامَاتِ

- ‌1 - باب في مَنَاقِبِ قُرَيْشِ وَذِكْرِ القَبَائِلِ

- ‌2 - باب مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم

- ‌3 - باب مَنَاقِبِ أَبي بَكْرِ الصَّديق رضي الله عنه

- ‌4 - باب مَنَاقِبِ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رضي الله عنه

- ‌5 - باب مَنَاقِبِ أَبي بَكْر وَعُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌6 - باب مَنَاقِبِ عُثمانَ بن عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌7 - باب مَنَاقِبِ هؤلاءِ الثَّلاثةِ رضي الله عنهم

- ‌8 - باب مَنَاقِبِ عَلِيِّ بن أَبي طَالِبِ رضي الله عنه

- ‌9 - باب مَنَاقِبِ العَشرَةِ رضي الله عنهم

- ‌10 - باب مَنَاقِبِ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌11 - باب مَنَاقِبِ أَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - باب جَامِعِ المَنَاقِبِ

- ‌13 - باب ذِكْرِ اليَمَنِ وَالشَّامِ، وَذِكْرِ أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ رضي الله عنه

- ‌14 - باب ثَوَابِ هذِهِ الأُمَّةِ

الفصل: ‌4 - باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه

وجود الفاضل لا تصِحُّ.

* * *

4721 -

وعن عائِشَةَ رضي الله عنها: أنَّ أبا بَكْرٍ رضي الله عنه دَخَلَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: "أنتَ عَتيقُ الله من النَّارِ، فيَومَئذٍ سُمِّيَ عَتِيْقًا".

قوله: "فيومئذ سُمِّي عتيقًا"، (العتيق): فعيل بمعنى مُفعل، كحكيم بمعنى مُحْكم.

* * *

4722 -

عن ابن عُمَرَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أَوَّلُ مَن تَنْشَقُّ عنه الأرضُ، ثُمَّ أبو بَكْرٍ، ثُمَ عُمَرُ ثُمَّ آتي أَهْلَ البقيعِ فيُحشرُونَ معي، ثُمَّ أَنْتَظِرُ أهلَ مَكَّةَ حتى أُحشَرَ بينَ الحَرَمَيْنِ".

قوله: "أنا أولُ مَنْ تنشَقُّ عنه الأرضُ، ثم أبو بكر"؛ يعني: أنا أُحشر أول الخلق، ثم يُحشر من أمتي أبو بكر.

* * *

‌4 - باب مَنَاقِبِ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رضي الله عنه

-

(بَابُ مَنَاقِبِ عُمَرَ رضي الله عنه)

مِنَ الصِّحَاحِ:

4724 -

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لقد كانَ فيما قَبْلَكُم مِن الأُممِ مُحَدَّثونَ، فإنْ يَكُ في أُمتي أَحَدٌ فإنه عُمَرُ".

ص: 294

قوله: "لقد كانَ فيما قبلكم من الأمم مُحَدَّثون"، قال في "شرح السنة": المُحَدَّث: المُلْهم يُلقى الشيء في رُوعه، يريد: قومًا يُصيبون إذا ظنوا، فكأنهم حُدَّثوا بشيء، فقالوا، فتلكَ منزلةٌ جليلة من منازل الأولياء.

يعني كلام الشيخ رحمة الله عليه: أن عمر رضي الله عنه كان صادقَ الظنِّ صائبًا، لصفاء قلبه الطاهر، الذي هو محلُّ إلهامه سبحانه، فصار كمن حُدَّث بشيء، فأخبر عنه مُعاينة.

قوله: "فإن يكُ في أمَّتي أحدٌ فإنَّه عمرُ"، قيل: ما قاله النبيُّ صلى الله عليه وسلم على التردُّد، فإنَّ أمته أفضل الأمم، فإذا وُجدت هذه الطائفة في الأمم السالفة، فأولى أن تُوجد في أمته صلى الله عليه وسلم أكثرُ عددًا، وأفضلُ مرتبة.

وإنما قال ذلك على سبيل المبالغة والتأكيد، كما لو كان لك صَدِيق حقيقي، تقول: إن يكن لي صديق فَفُلان، تريد بهذا الكلام: اختصاصَه بكمال الصداقة والمحبة، لا نفي ذلك.

* * *

4725 -

وعن سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قال: استأذَنَ عُمَرُ بن الخَطَّابِ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وعِنْدَه نِسْوَةٌ مِن قُرَيْشٍ يُكَلَّمْنَهُ، عاليةً أَصْواتُهنَّ، فلَمَّا استأذنَ عمرُ قُمْنَ فبْادَرْنَ الحِجَابَ، فدخَلَ عُمَرُ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ فقالَ: أَضْحَكَ الله سِنَّكَ يا رسولَ الله! مِمَّ تَضْحَكُ؟ فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "عَجِبْتُ مِن هؤلاءِ اللاتي كُنَّ عندي، فلمَّا سَمعنَ صَوْتَكَ ابتَدَرْنَ الحِجَابَ"، قال عُمَرُ: يا عَدُوَّات أنفُسِهنَّ! أَتَهَبنني ولا تَهَبن رسولَ الله؟ فقُلنَ: نَعَم، أنَتَ أَفَظُّ وأغلظُ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إيْهِ يا ابن الخطابِ! والذي نفسي بيدِهِ، ما لَقِيَكَ الشَّيطانُ سالكًا فَجًّا قَطُّ إلا سَلَكَ فَجًا غيرَ فَجِّكَ".

ص: 295

قوله: "أتَهبننِي ولا تَهَبن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم"، قال في "شرح السنة"، (تهبنني) من قولهم: هِبْتُ الرَّجُلَ: إذا وقَّرتُه وعظَّمتُه، يقال: هَبِ النَّاسِ يَهَابُوك؛ أي: وقِّرهم يُوقَّروك.

قوله: "ما لَقِيَكَ الشَّيطانُ سالكًا فَجًّا قطُّ إلا سَلَكَ فَجًّا غيرَ فَجِّكَ"، (الفج): الطريق الواسع، ومنه قوله تعالى:{سُبُلًا فِجَاجًا} [نوح: 20]؛ أي: طرقًا واسعة.

وفيه دليل على صلابته وقوته في الدين، وغَلَبته على عدو الله سبحانه، حتَى يَفِرَّ من الفَجِّ الذي كان يسلكه.

* * *

4726 -

عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قالَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ فإذا أنا بالرُّمَيْصَاء، امرأةِ أبي طَلْحَةَ - وسَمِعْتُ خَشْفَةً، فقلتُ: مَن هذا؟ فقالَ: هذا بلالٌ، ورأيتُ قَصْرًا بفِنَائهِ جاريةٌ فقلتُ: لِمَنْ هذا؟ فقال: لعُمَرَ، فأردْتُ أنْ أدخُلَهَ فانظرَ إليه فذكرتُ غيرتَكَ"، فقال عُمَرُ رضي الله عنه: بِأَبي وأُمِّي يا رسولَ الله! أعليكَ أغارُ؟

قوله: "فإذا أنا بالرُّمَيصاء"، (الرميصاء): امرأة أبي طلحة.

الرَّمَصُ: وَسَخٌ يجتمع في المُوق، فإن جَمَد فهو رَمَصٌ، وإن سال فهو غَمَصٌ، والرجل أَرْمص، والمرأة رَمْصاء، والتصغير رُمَيصاء.

قوله: "وسمعتُ خَشْفَة"، قال في "شرح السنة": الخشفة: الحركة، ومعناها ها هنا: ما يسمع من وَقعْ القدم - الوقع: التأثير -؛ يعني: صوت قَرْعِ النعل.

قوله: "بأبي وأمِّي يا رسولَ الله! أعليكَ أَغَارُ"، الباء في (بأبي) للتعدية،

ص: 296

تقدير الكلام: تُفْدَى بأبي وأمي (أنت) مبتدأ، و (بأبي) خبره.

* * *

4729 -

عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "بَيْنا أنا نائمٌ رأيتُني على قَلِيبٍ عليها دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ منها ما شَاءَ الله، ثُمَّ أخذَها ابن أبي قُحَافةَ فَنَزَعَ بها ذَنُوبًا أو ذَنُوبينِ، وفي نَزْعِه ضَعْفٌ والله يغفِرُ لهُ ضعْفَه، ثُمَّ استَحالَتْ غَرْبًا، فأخذَها ابن الخَطَّابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقريًا مِن النَّاسِ يَنزِعُ نَزْعَ عُمَرَ، حتى ضَرَبَ النَّاسُ بعَطَنٍ".

قوله: "بينا أنا نائمٌ رأيتُني على قَليب عليها دَلْوٌ"، (القليب): البئر قبل أن تُطْوى، تُذكَّر وتؤنَّث، وضدها الطَّويّ، وهي المَطْوية بالحجارة أو الآجُر.

قوله: "ثم أخذها ابن أبي قُحافة فنزع بها ذَنُوبًا أو ذنوبين، وفي نَزْعه ضَعْفٌ"، يريد بـ (ابن أبي قحافة): أبا بكر، (الذَّنوب) - بفتح الذال -: الدَّلو المَلأى ماء.

قال في "شرح السنة": (وفي نَزْعه ضعف)، لم يُرِدْ به نسبةَ النقصِ والتقصير إلى الصِّدِّيق في القيام بالأمر، فإنه جَدَّ بالأمر، وتحمَّلَ من أَعْباء الخلافة - أي: مشقَّاتها - ما كانت الأمة تعجَزُ عن تحمُّلها.

فلذلك قالت عائشةُ رضي الله عنها: توفي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وارتَّدتِ العربُ، واشْرَأَبَّ النفاقُ، ونزل بأبي ما لو نَزَلَ بالجبال الرَّاسيات لَهَاضها - كسرها -.

قال عمر في أبي بكر رضي الله عنهما: لقد أَتْعبَ مَنْ بعده = بل ذلك إشارة إلى أنَّ الفتوح كانت في زمن عمر أكثرَ مما كانت في زمن الصدِّيق، لِقِصَر مدة أيام ولاية الصديق، فإنه لم يَعِشْ في الخلافة أكثرَ من سنتين وشيء، وامتدَّت ولايةُ

ص: 297

عمر رضي الله عنه عشرَ سنين.

وقيل: (الذَّنوبان) إشارة إلى خلافته سنتين وأيامًا.

قوله: "والله يغفر له ضعفَه"؛ أي: ضعفَ زمان خلافته، وذلك ما حدث في زمانه من ارتداد قوم، واتِّباعِهم مسيلمةَ الكذَّاب، وإنكار قوم الزكاة، وغير ذلك من أعباء الخلافة، أو المراد بالضعف: قصر مدة خلافته كما ذُكر قَبْلُ.

فإذا كان كذلك فالضعف في المباشَر فيه الذي هو الزمانُ، لا في المباشِر الذي هو الصدِّيقُ، لكنه نَسبَهُ إليه إطلاقًا لاسم المَحَلِّ على الحال، وذلك مجاز سائغ في كلام العرب.

قوله: "ثم استحالَتْ غَرْبًا": ثم انقلبت الذَّنوبُ غربًا، و (الغرب): الدَّلو العظيمة، فإذا فُتِحت الراء؛ فهو الماء السائل بين البئر والحوض، وأراد: أن عمر لمَّا أخذ الدلو عَظُمت في يده، ذكره في "شرح السنة". يعني: قَوِيَ الدينُ في زمانه، واتَّسعت عَرْصَتُه بفتح البلاد وانقياد أهلها له طَوعًا وكَرْهًا.

* * *

4730 -

ورواهُ ابن عُمَرَ، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقال:"ثُمَّ أخذَها ابن الخَطَّابِ مِن يَدِ أبي بَكْرٍ فاستحالَتْ في يدِه غرْبًا، فلم أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفرِي فَرْيَهُ، حتى رَوِي النَّاسُ وضَرَبوا بعَطَنٍ".

قوله: "فلم أرَ عَبْقريًا يَفْرِي فَرِيَّه"، قال في "شرح السنة"؛ أي: يَعمل عملَه، ويَقْوى قوَّتَه، ويقطع قطْعَه، يقال: تركته يَفْري الفَري: إذا عمل عملًا فأجاد، وهذا كله إشارة إلى ما أكرم الله به عمر رضي الله عنه من امتداد مدة خلافته، ثم القيام فيها بإعزاز الإسلام، وحفظِ حدوده، وتقوية أهله.

و (العبقري) يُوصف به كل شيء يبلغُ النهايةَ في معناه.

ص: 298

قال في "الغريبين": قال أبو عبيد: قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن العبقري، فقال: يقال: هذا عبقريُّ قوم، كقولهم: سيدهم وكبيرهم وقَويُّهم وقُوَّتُهم ونحو ذلك.

وقيل: العبقري: موضعٌ تَزْعُم العرب أنه من أرض الجِنِّ، ثم نَسَبُوا إليه كلَّ شيء تَعَجَّبوا من حِذْقه أو جَودة صَنْعَتِه أو قوته، وأراد به ها هنا: الرجل القوي.

قوله: "رَوِيَ الناسُ وضربوا بعَطَنٍ"، (العطن): مَبْرَك الإبل حول الماء إذا صَدَرَتْ عنه.

قال في "شرح السنة"، معناه: حتى رَوَوا وأَرْووا إِبلَهم، فأبركوها، وضربوا لها عَطَنًا.

* * *

4732 -

وقالَ عليٌّ رضي الله عنه: ما كُنَّا نُبْعِدُ أنَّ السَّكينَةَ تَنْطِقُ على لِسانِ عُمَرَ.

قوله: "ما كنَّا نُبْعِدُ أنَّ السكينةَ تَنْطِقُ على لسان عمر"، قال في "شرح السنة": وقال ابن عمر رضي الله عنه: ما نزل بالناس أمرٌ قطُّ فقالوا فيه، وقال عمرُ فيه، إلا نزلَ فيه القرآنُ على نحو ما قال.

وقال عبد الله بن مسعود: ما رأيت عمرَ قطُّ وإلا كان بين عينيه مَلَكٌ يُسَدِّدُه.

قيل: ويحتمل أنه أراد بالسكينة: المَلَك الذي يُلْهِمُه ذلك القولَ.

* * *

ص: 299

4736 -

عن بُرَيْدَةَ قال: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بَعْضِ مَغَازيه، فلمَّا انصَرَفَ جاءَتْ جارَيةٌ سَوْداءُ فقالت: يا رسولَ الله! إنَّي كنتُ نَذَرْتُ: إنْ رَدَّكَ الله صَالِحًا أنْ أَضْرِبَ بينَ يَدَيْكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنْ كنتِ نَذَرْتِ فاضْرِبي وإلَاّ فلا"، فجَعَلَتْ تَضْرِبُ فدَخَلَ أبو بَكْرٍ وهي تَضْرِبُ، ثُمَّ دخلَ عليٌّ وهي تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمانُ وهي تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فألقَت الدُّفَّ تَحْتَ اسْتِهَا ثُمَّ قَعَدَتْ عليه، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الشيطانَ ليَخافُ مِنْكَ يا عُمَرُ! إنِّي كُنْتُ جالِسًا وهي تَضْرِبُ، فدخلَ أبو بَكْرٍ وهي تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عَلِيٌّ وهي تَضْربُ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمانُ وهي تَضْرِبُ، فلمَّا دَخَلْتَ أَنْتَ ألقَت الدُّفَّ"، غريب صحيح.

قوله: "فقالَ لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إن كنتِ نَذَرْتِ فاضْرِبي" دليل على أنَّ الوفاء بالنذر الذي فيه قُربة واجب، وانما كان نذرَ تبرُّر؛ لأنها قد عَلَّقت ذلك بقُدومه من بعض مغازيه، والفَرحُ بقدومه قُربة، سيما عن موقع الهَلاك.

وفيه دليل على أن سماعَ الدُّفَّ مباحٌ.

* * *

4737 -

عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالِسًا في المَسْجِدِ، فسمعْنَا لَغَطًا وصَوْتَ صِبْيَانٍ، فقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فإذا حَبَشِيَّة تَزْفِنُ والصِّبْيانُ حَوْلَها، فقال:"يا عائِشَةُ! تعالَيْ فانظري"، فجئتُ فَوَضَعْتُ لَحْيَيَّ على مَنْكِبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إليها ما بينَ المَنْكِبِ إلى رأسِهِ، فقالَ لي:"أَمَا شَبعْتِ؟ أَمَا شَبعْتِ؟ "، فَجَعَلْتُ أقولُ: لا؛ لأَنْظُرَ منزلَتي عِنْدَهُ، إذ طَلَعَ عمرُ، فارفَضَّ الناسُ عَنْها، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنِّي لأَنْظُرُ

ص: 300