الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى شياطينِ الجِنِّ والإِنسِ قد فَرُّوا مِن عُمَرَ"، قالَت: فَرَجَعْتُ. صحيح غريب.
قولها: "فسمِعْنا لَغَطًا"، (اللغط) - بالفتح -: الصوت العالي.
قولها: "فإذا حبشيَّةٌ تَزْفِنُ"، (الزَّفَن): الرَّقْص.
قوله: "فوضعت لَحيي"، (اللَّحي): مَنْبت الأسنان، والتثنية: لَحْيان.
قولها: "فارفضَّ الناسُ عنها"؛ أي: تفرَّقوا عن تلك الحبشية، إذا رأوا عمر رضي الله عنه وكان مَهِيبًا في غاية المَهَابة.
وفيه دليلٌ على عِظَمِ خُلُقِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وجواز السَّماعِ في المسجد.
* * *
5 - باب مَنَاقِبِ أَبي بَكْر وَعُمَرَ رضي الله عنهما
-
(بابُ مَنَاقِبِ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما)
مِنَ الصِّحَاحِ:
4738 -
عن أبي هُريرَةَ رضي الله عنه، عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"بينَما رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إذ أَعْيَا فرَكِبَها، فقالَت: إنَّا لم نُخلَقْ لهذا، إنَّما خُلِقْنا لحِراثةِ الأَرْضِ"، فقالَ النَّاسُ: سُبْحانَ الله! بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "فإنِّي أُومِنُ بهِ أنا، وأبو بَكْرٍ، وعُمَرُ"، وما هُمَا ثَمَّ، وقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"بينَما رَجُلٌ في غَنَمٍ لهُ إذ عَدَا الذِّئْبُ على شاةٍ منها فأَخَذَها، فأَدْرَكَها صاحبُها فاستَنْقَذَها، فقالَ لهُ الذِّئْبُ: فمَن لها يومَ السَّبُعِ يَوْمَ لا راعِيَ لها غيري؟ "، فقالَ النَّاسُ: سُبْحانَ الله! ذِئْبٌ يَتَكلَّمُ،
فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "فأنا أُوْمِنُ بهِ، وأبو بَكْرٍ، وعُمَرُ"، وما هُما ثَمَّ.
قوله: "إنَّا لم نُخْلَقْ لهذا، إنما خُلِقنا لحراثة الأرضِ" دليل على أن وضعَ الأحمال على البقر وركوبَها غيرُ مرضيٍّ، وما نَطَقَ وخَرَقَ العادةَ إلا ليعلِّم أنه خُلِقَ لهذا لا لذلك، فلما صدَّقه الرسولُ صار قولُه قولًا قاطعًا يدلُّ على ذلك.
قوله: "فإنِّي أؤمن به أنا وأبو بكرٍ وعمرُ"؛ يعني: نحن نصدق أن الله سبحانه قادرٌ على أن يُنْطِقَ البقرةَ وغيرَها من الحيوان، بل قادِرٌ على أن يُنْطِق الحمار، فإنَّه على كل شيء قدير، وفيه دليل على تفضيل الشيخين أبي بكرٍ وعمرَ على غيرهما.
قوله: "فَمَنْ لها يومَ السَّبعْ يومَ لا راعيَ لها غيري"، قال في "شرح السنة": قال الأعرابي: (يوم السبع) - بسكون الباء - يعني: يوم القيامة، والسبع: الموضع الذي عنده المَحْشَر، والسبع: الذعر أيضًا، يقال: سبعت الأسد: إذا ذعرته، وهو على هذا التفسير: يومَ الفَزَع، وقيل: يوم السبع: يوم القيامة حين يموت الناس ويبقى هو مع الغنم.
وقيل: يوم السبع: عيدٌ كان لهم في الجاهلية، يشتغلون بعيدهم ولَهْوِهم، وليس بالسَّبُع الذي يأكل الناس.
* * *
مِنَ الحِسَان:
4739 -
عن أبيِ سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَراءَوْنَ أَهْلَ عِلِّيينَ، كما تَرَوْن الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السَّماءِ، وإنَّ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ لَمِنْهُمْ، وأَنْعَما".
قوله: "إنَّ أهلَ الجنة ليتراءون أهلَ عِلِّيين كما ترون الكوكبَ الدُّرِّي"،
مضى شرح (عِلِّيين) في (باب صفة الجنة).
قوله: "وإنَّ أبا بكرٍ وعمرَ لَمِنهم وأَنْعَما"، (أنعما)؛ أي؛ زادا على تلك المنزلة، يقال: قد أحَسَنت إليَّ وأنعمت؛ أي: زدت عليَّ الإحسان.
وفي بعض الروايات: قيل لأبي سعيد: ما أَنْعَما؟ قال: أهل ذلك هما.
وقيل: أنعما؛ أي: صارا إلى النعيم ودخلا فيه، كما يقال: أَجْنَبَ الرجلُ: إذا دخل في الجَنوب، وأشمل: إذا دخل في الشَّمال، ذكره في "شرح السنة".
قال الإمام التوربشتي: وفي أكثر نسخ "المصابيح": (لمنهم) واللام زائدة على الرواية، فإنه نقل هذا الحديث من "كتاب الترمذي"، وفيه:"منهم وأنعما" من غير لام، وإن صح روايةُ مَنْ روى:(لمنهم) كانت اللام للتأكيد، تدخل في خبر (إن)، والواو في (وأنعما) معطوف على الاستقرار المحذوف، وهو عامل الظرف في (منهم) خبر (إنّ)؛ أي: إن أبا بكر وعمر استقرا منهم وأنعما.
* * *
4744 -
عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ ذاتَ يَوْمٍ ودَخَلَ المَسْجِدَ وأبو بِكْرٍ وعُمُرُ، أَحَدُهما عن يَميِنه والآخَرُ عن شِمالِه، وهوَ آخِدٌ بأَيْدِيهما، فقالَ:"هكذا نُبْعَثُ يومَ القِيامةِ"، غريب.
قوله: "خرجَ ذاتَ يوم"؛ أي: خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من الحُجْرة يومًا.
قوله: "وهو آخِذٌ بأيديهما، فقال: هكذا نُبعثُ يومَ القيامة" دليل على فضيلتهما على سائر الناس غيرِ الأنبياء والمُرْسلين.
* * *
4745 -
عن عبدِ الله بن حَنْطَب: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى أبا بَكرٍ وعُمَرَ فقال: "هذانِ السَّمْعُ والبَصَرُ"، مرسل.
قوله: "هذانِ السمعُ والبصرُ"، (هذان): إشارة إلى الشيخين، قيل: هما بالإضافة إلى الدِّين بمنزلة السمع والبصر بالإضافة إلى الجسد.
قيل: حَنطَب عند أصحاب الحديث: مفتوح الحاء والطاء.
* * *
4746 -
عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما مِن نَبيٍّ إلا وَلَهُ وزيرانِ مِن أَهْلِ السَّماءِ، ووَزيرانِ مِن أَهْلِ الأَرْضِ؛ فأمَّا وزيرايَ من أَهْلِ السَّماءِ فجبْريلُ وميكائيلُ، وأَمَّا وزيرايَ مِن أَهْلِ الأَرْضِ فأبو بَكْرٍ وعُمَرُ".
قوله: "ما مِنْ نبيٍّ إلا ولهُ وزيران"، قال في "الصحاح": الوزير: المُوازِر، كالأكيل: المُواكل؛ لأنه يحمِلُ عنه وِزْره؛ أي: ثِقْلَه؛ يعني: إذا حَزَبهُ أمرٌ شاورهما، كما أن المَلِكَ إذا حَزَبهُ أمرٌ شاور الوزيرَ، وفيه أيضًا دليل على فضيلتهما على جميع الأمة.
* * *
4747 -
عن أبي بَكْرَة رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا قالَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم: رَأَيْتُ كأنَّ ميزانًا نَزَلَ مِن السَّماءِ فوُزِنْتَ أَنتَ وأبو بَكْرٍ فَرَجْحْتَ أنتَ، ووُزِنَ أبو بَكْرٍ وعُمَرُ فَرَجَحَ أبو بَكْرٍ، ووُزِنَ عُمَرُ وعُثْمَانُ فَرَجَحَ عُمَرُ، ثم رُفِعَ الميزانُ، فاستاءَ لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يعني فساءَهُ ذلكَ، فقالَ:"خِلافَةُ نبُوَّةٍ، ثُمَّ يُؤْتي الله المُلْكَ مَن يشاءُ".
قوله: "فاسْتَاءَ لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم"، قيل:(استاء) افتعل من السَّوء، كما يقال: اغتَمَّ من الغَمِّ؛ يعني: أصابه صلى الله عليه وسلم غَمُّ عظيم من قول الرائي: "ثمَّ رُفِعَ