الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون. وسار معه إلى الحجاز سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة.
وركب البريد من القاهرة إلى دمشق لمداواة الأمير الطنبغا الماردانيّ نائب حلب. فلم يدركه حتّى تمكّن منه المرض، فعاد إلى دمشق وقد تغيّر مزاجه فمرض مدّة.
ومضى إلى القاهرة، وبها مات في ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة في الطاعون.
وكان ظريفا فيه خلاعة.
وكان شريف النفس لا يطبّ إلا أصحابه أو بيت السلطان.
وكان من بيت كلّهم أطبّاء.
وكان لطيف العشرة دمث الأخلاق له يد في ضرب العود.
3106 - ابن الفرخ الفاسيّ [644 - 719]
(1)
[24 أ] محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عليّ بن الفرخ- بسكون الراء والخاء المعجمة- أبو عبد الله الحسنيّ الفاسيّ.
[ولد في مستهلّ ربيع الأوّل سنة أربع وأربعين].
قدم مصر وسمع الحديث وجاور بمكّة. وكان صالحا ديّنا.
مات بمصر في ثامن عشرين صفر سنة تسع عشرة وسبعمائة.
3107 - ابن يعيش البلنسيّ [482 - 526]
محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يعيش، أبو عبد الله، اللخميّ، البلنسيّ.
مولده سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة.
روى ببلده عن أبي محمد بن خيرون، وأبي عليّ [الحسين بن محمد] الصدفيّ.
ورحل سنة ستّ وخمسمائة فحجّ، وأقام بمصر نحوا من عشرين سنة.
وسمع بالإسكندريّة من أبي بكر الطرطوشيّ، وأبي طاهر السلفي وجماعة.
وقفل في سنة ستّ وعشرين. وكان ثقة.
حدّث ومات بشاطبة بعد ما أمّ بالناس في سنة ستّ وعشرين وخمسمائة.
3108 - ابن القوبع [664 - 738]
(2)
محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الجليل، ركن الدين، أبو عبد الله، ابن القوبع، بفتح القاف وسكون الواو وفتح الباء الموحّدة، ثمّ عين مهملة، القرشيّ، الجعفريّ، التونسيّ، المالكي، الإمام الأوحد، العلّامة المحقّق، البارع المتقن، المتفنّن، جامع أشتات الفضائل.
ولد بتونس ليلة السابع من شهر رمضان من سنة أربع وستّين وستّمائة. وقدم القاهرة، وهو شابّ سنة تسعين وستّمائة.
وسمع على التقيّ أبي إسحاق إبراهيم بن عليّ بن أحمد بن فضل الواسطيّ، وأحمد بن عليّ بن الحسين بن أبي نصر الدمشقيّ، وأحمد بن محسّن بن ملي، وأحمد بن هبة الله بن عساكر، وأحمد بن يونس بن بركة الإربلي،
(1) الدرر 4/ 299 (4354).
(2)
الأعلام 7/ 264، الدرر 4/ 299 (4355)، اعيان العصر 5/ 148. الوافي 1/ 238 (159)، بغية الوعاة 97، الديباج 2/ 323 (138)، شجرة النور 1/ 208.
والحسن بن عليّ بن أبي بكر الخلّال، والخضر بن عبد الرحمن بن الخضر بن عبدان الدمشقيّ، وعبد الله بن مروان بن عبد الله الفارقيّ، وعليّ بن عثمان بن يحيى اللمتونيّ، وعمر بن عبد المنعم بن عمر ابن القوّاس، ومحمد بن حمزة بن عمر بن أبي عمر المقدسيّ، ومحمد بن سليمان بن شومر (1)، ومحمد بن عبد السلام بن المطهّر بن أبي عصرون، وأبي تغلب بن أحمد بن أبي تغلب القارونيّ، سمع عليهم في رحلته إلى دمشق.
[24 ب] قال القطب عبد الكريم الحلبيّ: وكان أوحد زمانه في علوم شتّى.
وقال الصلاح خليل [بن أيبك] الصفديّ: لم أر له نظيرا في مجموعه وإتقانه وتفنّنه واستحضاره واطّلاعه. كلّ ما يعرفه يجيد فيه، من أصول، وحديث، وفقه، وأدب، ولغة، ونحو، وعروض، وأسماء رجال، وتاريخ، وشعر يحفظه للعرب والمولّدين والمتأخّرين، وطبّ وحكمة، ومعرفة الخطوط خصوصا خطوط المغاربة. وقد برع في كلّ ذلك ومهر. وإذا تحدّث في شيء من ذلك كلّه تكلّم على دقائق ذلك الفنّ وغوامضه ونكته، حتى يقول القائل: إنّما أفنى عمره في هذا الفنّ.
قال الشيخ تقيّ الدين السبكيّ: ما أعرف أحدا مثل الشيخ ركن الدين. ولمّا وقف على السيرة [«عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسّير»] التي ألّفها فتح الدين محمد ابن سيّد الناس، علّم فيها على مائة وعشرين موضعا. وكان يواقف ابن سيّد الناس في أسماء رجال، فإذا كشف عليها يظهر الصواب معه.
وصحّح عليه إنسان في أمالي القالي فكان يسابقه إلى ألفاظ الكتاب، فبهت ذلك الرجل فقال له: لي عشرون سنة ما كرّرت عليها.
وكان إذا أنشده أحد شعرا في أيّ معنى كان، أنشده هو في ذلك المعنى جملة من شعر المتقدّمين والمتأخّرين، كأنّه كان بالأمس يكرّر عليه.
وناب في الحكم عن القاضي المالكيّ مدّة، ثمّ ترك الحكم تديّنا، وقال: يتعذّر فيه براءة الذمّة.
ولم يسمع عنه أنّه ارتشى في حكمه ولا حابى فيه أحدا.
ودرّس بالمدرسة المنكوتمريّة بالقاهرة، ودرّس الطبّ بالمارستان.
وكان يدمن النظر في كتاب الشفاء لأبي عليّ ابن سينا لا يخلّ بالنظر فيه ليلة من الليالي، فلمّا قيل له: إلى متى تنظر فيه؟
قال: إنّما أريد أن أهتدي.
وكان فيه سأم وملل وضجر في بحثه وغالب أحواله حتّى في لعب الشطرنج، يكون في وسط الدست فينقضه ويقطع له صاحبه ويقول: سئمت! سئمت!
وكذلك في بعض الأوقات يكون في بحث، وقد حرّر تلك المسألة وكاد [ت] تتّضح، فيترك الكلام ويمضي.
وكان حسن التودّد، كثير الترداد إلى الناس، من غير احتياج إلى أحد. فإنّه كان له من المال نحو الخمسين ألف درهم فضّة. وكان يتصدّق سرّا في أناس مخصوصين.
وكان يلثغ بالراء لثغة قبيحة فيجعلها همزة.
وكان إذا رأى من يضرب كلبا يخاصمه وينهره
(1) هو الزواوي قاضي القضاة المالكيّة بدمشق (711)، انظر ترجمته رقم 2304.
ويقول: هو شريكك في الحيوانيّة!
وتوفّي بالقاهرة يوم الاثنين سابع عشر ذي الحجّة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة. ودفن خارج باب النصر.
وكتب على سورة «ق» مجلّدا.
وحضر سوق الكتب بالقاهرة، والشيخ بهاء الدين [ابن] النّحّاس حاضر، وكان مع المنادي ديوان ابن هاني المغربيّ فأخذه وجعل يترنّم بقول ابن هاني [الكامل]:
فتكات لحظك أم سيوف أبيك [25 أ]
…
وكئوس خمرك أم مراشف فيك
وكسر التاء وفتح الفاء والسين والفاء، فالتفت إليه ابن النحّاس وقال: يا مولانا، ذا نصب كثير!
فقال له ابن القوبع بتلك الحدّة المعروفة منه والنعرة: أنا ما أعرف الذي تريده أنت من رفع هذه الأشياء، على أنّها أخبار لمبتدآت مقدّرة- أي:
هذه فتكات لحظك أم كذا أم كذا؟ - وأنا، الذي أقوله أغزل وأمدح، وتقديره: أأقاسي فتكات لحظك أم أقاسي سيوف أبيك، وأرشف كئوس خمرك أم مراشف فيك؟
فخجل ابن النحّاس وقال: يا مولانا، فلأيّ شيء ما تتصدّر وتشغل الناس؟
فقال: استخفافا بالنحو واحتقارا له: وإيش النحو في الدنيا؟
وقال الفتح محمد ابن سيّد الناس: كنت أنا وشمس الدين ابن الأكفاني نأخذ عليه في المباحث الشرقيّة، فأبيت ليلتي أفكّر في الدرس الذي نصبح نأخذه عليه، وأجهد قريحتي وأعمل بعقلي وفهمي، إلى أن يظهر لي فيه شيء، أجزم أنّ المراد به هذا. فإذا تكلّم الشيخ ركن الدين، كنت أنا في واد في بارحتي، وهو في واد.
وقال له ابن سيّد الناس مرّة: قال الشيخ تقيّ الدين ابن تيميّة: عمل ابن الخطيب أصولا في الدين الأصوليّ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم [25 ب] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
…
إلى آخرها.
فنقر ابن القوبع وقال: قل له: يا عرّة عمل الناس وصنّفوا وما أفكروا فيك!
ونهض قائما وولّى مغضبا (1).
ومن شعره [الطويل]:
جوى يتلظّى في الفؤاد استعاره
…
ودمع هتون لا يكفّ انهماره
يحاول هذا برد ذاك بصوبه
…
وليس بماء العين تطفأ ناره
ولوعا بمن حاز الجمال بأسره
…
فحاز الفؤاد المستهام إساره
كلفت به بدريّ ما فوق طوقه
…
ودعصيّ ما يثنى عليه إزاره
5 غزال له صدري كناس ومرتع
…
ومن حبّ قلبي شيحه وعراره
من السمر يبدي عدمي الصبر خدّه
…
إذا ما بدا ياقوته ونضاره
جرى سائحا ماء الشباب بوجهه
…
فأزهر فيه ورده وبهاره
يشبّ ضراما في حشاي نعيمه
…
فيبدو بأنفاس الصعاد شراره
وينثر دمعي منه نظم مؤشّر
…
كنور الأقاحي حفّه جلّناره (2)
(1) لم نفهم سبب غضب ابن القوبع. ورواية الوافي وأعيان العصر ليست بأوضح.
(2)
الأسنان المؤشّرة هي المحدّدة المتناسقة.