الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3489 - ابن وفاء التجيبيّ [- 293]
محمد بن وفاء بن سهيل بن عبد الرحمن، أبو عبد الله، التجيبيّ.
يروي عن أبيه وغيره.
توفّي سنة ثلاث وتسعين ومائتين. ذكره ابن يونس.
3490 - ابن عبد السيّد المراغيّ [- 689]
محمد بن وفاء بن عبد السيّد، أبو عبد الله، المراغي.
حدّث عن أبي الفضل ابن الحدّاد. ومات بدمشق يوم الجمعة سادس عشر شعبان سنة تسع وثمانين وستّمائة.
3491 - أبو بكر الآمديّ [529 - بعد 575]
محمد بن أبي الوفاء بن نصر الله بن سعد بن عبد الرحيم، أبو بكر، الآمديّ.
ولد في سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وقدم الإسكندريّة، وحدّث بها عن أبي الوقت السجزيّ، في شهر ربيع الآخر سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
سمع منه ابن رواج وغيره.
3492 - أبو الحسن العقيليّ [- 207]
(1)
[195 ب] محمد بن الوليد بن أبان بن حيّان، أبو الحسن، العقيليّ، المصريّ.
سمع بمصر من نعيم بن حمّاد، وهاني بن المتوكّل الإسكندرانيّ، وخالد بن عمرو.
وبدمشق من هشام بن عمّار وغيره. وحدّث ببغداد، ومات سنة سبع ومائتين.
3493 - أبو بكر الطرطوشيّ [451 - 520]
(2)
[196 أ] محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيّوب، ابن أبي رندقه- بفتح الراء المهملة، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وبعدها قاف، كلمة فرنجيّة معناها: ردّ تعال- الإمام العلّامة، أبو بكر، الفهريّ، الطرطوشيّ، الفقيه المالكيّ.
ولد بطرطوشة سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
وتوفّي بثغر الإسكندريّة ليلة السبت لخمس بقين من جمادى الأولى سنة عشرين وخمسمائة، ودفن بمقبرة وعلة (3). وقبره إلى الآن يزار ويتبرّك به.
أخذ فقه الإمام مالك عن أبي الوليد الباجيّ بمدينة بسطة، وأخذ عنه مسائل الخلاف، وسمع منه فأجازه. وقرأ الفرائض والحساب بوطنه. وقرأ الأدب على أبي محمد ابن حزم (4)، بمدينة إشبيلية.
ورحل سنة ستّ وسبعين وأربعمائة. فسمع بثغر الإسكندريّة من أبي القاسم مهديّ بن يوسف.
(1) ميزان الاعتدال 3/ 146 (1276).
(2)
وفيات 4/ 262 (605)، الوافي 5/ 175 (2215)، الأعلام 7/ 359، أعلام النبلاء 19/ 490 (285)، نفح الطيب 2/ 85 (46)، الصلة 545 (1269)، اتّعاظ الحنفاء 3/ 88.
(3)
وعلة: داخل السور عند الباب الأخضر فيها جماعة من الصالحين (وفيات 1/ 106).
(4)
إن كان ابن حزم هذا هو صاحب طوق الحمامة، فإنّ الطرطوشيّ تتلمذ عليه في الخامسة من عمره، إذ توفّي ابن حزم سنة 456.
وببغداد من قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن عليّ ابن الدامغانيّ، وأبي الحسين عاصم بن الحسن وغيره، وبواسط من أبي الحسن عليّ بن محمد المغازليّ، وبالبصرة ومكّة من غير واحد.
وحجّ سنة ستّ وسبعين وأربعمائة، وسار إلى بغداد والبصرة. وتفقّه على أبي محمّد الشاشيّ، واجتمع بالإمام أبي حامد الغزاليّ ببيت المقدس.
وأقام بالإسكندريّة فتفقّه عليه أكثر فقهائها. وكانت إليه الرحلة، وقدم القاهرة مرارا، وآخر ما قدم إليها في شهر شوّال سنة ستّ عشرة وخمسمائة، والوزير يومئذ الأجلّ المأمون أبو عبد الله محمد بن فاتك البطائحيّ، وكانت بينهما مودّة قديمة، وأهدى إليه كتاب «سراج الملوك» ، وكان قد صنّفه للأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش، فقتل قبل إتمامه (1).
فبالغ في كرامته، وأنزله بمجلسه، وقام عند رؤيته، وجلس بين يديه، وأجرى له في كلّ يوم خمسة دنانير من مال الجوالي (2)، فلم يقبل منها غير دينارين كانا باسمه من الأيّام الأفضليّة.
وكان الداعي لحضوره أمر المواريث، وما يأخذه أمناء الحكم من أموال الأيتام، وهو ربع العشر، وأمر توريث البنت نصف المال. وكانوا يورّثونها جميع المال مع وجود العصبة، كما هو مذهب آل البيت. فاعتدّ المأمون بأنّ هذه قضيّة لم يحدثها، وأنّ أمير الجيوش بدرا هو الذي استجدّها، وهي تسمّى بالمذهب الدارج: وهو أنّ
كلّ من مات يعمل في ميراثه على حكم مذهبه، وقد مرّ على ذلك عدّة سنين.
فقال له الفقيه أبو بكر: إذا علمت أنّها ما تخلّصك من الله فغيّرها، ويكون لك أجرها.
فقال: أنا نائب الخليفة، ومذهبه ومذهب جميع الشيعة من الزيديّة والإماميّة والإسماعيليّة أنّ الإرث جميعه للابنة خاصّة بلا عصبة ولا بيت مال، ويتمسّكون بآية من كتاب الله كما يتمسّك غيرهم، وأبو حنيفة موافقهم في القضيّة- يعني توريث ذوي الأرحام.
وطال بينهما الكلام، إلى أن قال المأمون للفقيه أبي بكر: أنا لا أريد مخالفتك، ولا في قدرتي أن أردّ على الجماعة مذهبهم، والخليفة يرى به وينقضه على من يأمر به، بل أرى لشفاعة الفقيه أن أردّ الجميع للابنة على رأي الدولة فيرجع كلّ أحد إلى حكم رأيه في مذهبه فيما يخلّصه من الله، ويبطل حكم بيت المال الذي لم يذكره في كتابه ولا أمر به الرسول عليه السلام.
فأجاب الفقيه إلى ذلك، وأمر المأمون بأن يكتب [به وأن يكتب] بتعويض أمناء الحكم عن ربع العشر [بتقرير جار لهم في كلّ شهر] من مال المواريث الحشريّة (3). وكتب توقيع شملته العلامة الآمريّة [وبعدها العلامة] المأمونيّة، نصّه، بعد البسملة: خرج [أمر] أمير المؤمنين، الآمر بأحكام الله، أبو عليّ المنصور، صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، بإنشاء هذا المنشور عند ما طالعه السيّد الأجلّ المأمون أمير الجيوش، وهو الخالصة أفعاله في حياطة المسلمين، وذو المقاصد المصروفة إلى النظر في مصالح الدنيا
(1) أي: قتل الأفضل سنة 515 قبل أن يتمّه الطرطوشيّ.
(2)
الجوالي «ما يؤخذ من أهل الذمّة عن الجزية المقرّرة على رقابهم في كلّ سنة» (صبح الأعشى 3/ 462، دهمان رقم 294). وانظر: جاسر أبو صفيّة: مشكلة الجوالي في البرديّات الأمويّة، حوليّات الجامعة التونسيّة عدد 89 (1995) ص 183.
(3)
هي المواريث التي لا وارث لها، فتعود إلى بيت المال (صبح الأعشى 3/ 464). والزيادات والإصلاح من اتّعاظ الحنفاء 3/ 89.
والدين، والهمّة الموقوفة على الترقّي إلى درجات المتّقين، والعزائم الكفيلة بتسديد أحوال الكافّة أجمعين، شيمة خصّه الله بفضيلتها، وجبلّة أسعده بخلالها وشريف مزيّتها. والله سبحانه يجعل آراءه للتوفيق مقارنة، وأنحاءه للميامن كافلة ضامنة، من أمور المواريث، وما أجراها عليها الحكّام الدارجون بتغاير نظرهم، وقرّروه من تغييرها عمّا كان يعهد بتغلّب آرائهم، وما دخل عليها منهم من الفساد، والخروج بها عن المعهود والمعتاد: وهو أنّ كلّ خارج من الناس على اختلاف طبقاتهم وتباين مذاهبهم واعتقاداتهم، يحمل ما يترك من موجوده على حكم مذهبه في حياته، والمشهور من اعتقاده إلى حين وفاته. فيخلص لحرم ذوي التشيّع الوارثات جميع موروثهم، وهو المنهج القويم لقول الله سبحانه: وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)[الأنفال: 75]، ويحمل من سواهنّ على مذهب مخلّفيهنّ، ويشركهم بيت مال المسلمين في موجودهم، ويحمل إليه جزء من أموالهم التي أحلّ الله لهنّ بعدهم، عدولا عن محجّة الدولة، وخروجا عمّا جاء به الصادقون الأئمّة الذين نزل في بيتهم الكتاب والحكمة، فهم قرّاء القرآن، وموضّحو غوامضه ومشكلاته بأوضح البيان، وإليهم يسلّم المؤمنون، وعلى هديهم وإرشادهم يعوّل الموفّقون. فلم يرض أمير المؤمنين الاستمرار في ذلك على قاعدة واهية الأصول، بعيدة من التحقيق، خالية من المحصول، ولم ير إلّا العود فيه [197 أ] إلى عادة آبائه المطهّرين، وأسلافه العلماء المهديّين، صلوات الله عليهم أجمعين. وخرج أمره إلى السيد الأجلّ المأمون بالإيعاز إلى القاضي ثقة الملك النائب (1) في الحكم عنه، بتحذيره، والأمر له بتحذير جميع النوّاب في الأحكام بالمعزّيّة القاهرة ومصر، وسائر الأعمال دانيها وقاصيها، قريبها ونائيها، من الاستمرار على تلك السنّة المجدّدة، ورفض تلك القوانين التي كانت معتمدة، واستئناف العمل في ذلك بما يراه آباؤه الأئمّة المطهّرة، وأسلافه الكرام البررة، وإعادة جميع مواريث الناس على اختلاف طبقاتهم ومذاهبهم، إلى المعهود من رأي الدولة فيها، والإفراج عنها برمّتها إلى مستحقّيها، من غير اعتراض عليهم في قليلها ولا كثيرها، وأن يضربوا عمّا تقدّم صفحا، ويطووا دونه كشحا، منذ تاريخ هذا التوقيع، وفيما يأتي بعده مستمرّا غير مستدرك لما فات ومضى، ولا متعقّب لما ذهب حكمه وانقضى. وليوعز الأجلّ المأمون- عضد الله به الدين- بامتثال هذا المأمور و [ال] اعتماد على مضمون هذا المسطور، وليحذّر كلّا من القضاة والنوّاب، والمستخدمين في الباب، وسائر الأعمال، من اعتراض موجود أحد ممّن يسقط بالوفاة، وله وارث بالغ رشيد، حاضر أو غائب، ذكرا كان أو أنثى، من سائر الناس على اختلاف الأديان، بشيء من التأوّلات، أو تعقّب ورثته بنوع من أنواع التعقّبات، إلّا ما أوجبته بينهم المحاكمات والقوانين الشرعيّات الواجبات، نظرا في مصالح الكافّة، ومدّا لجناح العاطفة عليهم والرأفة، ومضاعفة للإنعام، وإبانة عن شريف النظر إليهم والاهتمام.
فأمّا من يموت حشريّا، لا وارث له حاضر ولا غائب فموجوده لبيت المال بأجمعه على الأوضاع السليمة، والقوانين المعلومة القويمة، إلّا ما
(1) هو أبو بكر مسلّم الرسعنيّ قاضي القضاة (حاشية بالهامش).
يستحقّه خرج (1) إن كان له، أو دين عليه يثبت في جهته. وإن سقط متوفّى وله وارث غائب، فليحتط الحكّام والمستخدمون على تركته احتياطا حكميّا، وقانونا شرعيّا، مصونا من الاصطلام، محروسا من التفريط والاخترام. فإن حضر وأثبت استحقاقه ذلك في مجلس الحكم بالباب، على الأوضاع الشرعيّة الخالصة من الشبه والارتياب، طولع بذلك ليخرج الأمر بتسليمه [197 ب] إليه، والإشهاد بقبضه عليه.
وكذلك أنهي إلى حضرة أمير المؤمنين أنّ شهود الحكم بالباب وبجميع الأعمال إذا شارف أحد منهم بيع شيء ممّا يجري في المواريث من الترك التي يتولّاها الحكّام، يأخذون ربع العشر من ثمن المبيع فيعود ذلك بالنقيصة في أموال الأيتام، والتعرّض إلى الممنوع الحرام، اصطلاحا استمرّوا على فعله، واعتمادا لم يجر الأمر فيه على حكمه.
فكره ذلك وأنكره، واستفظعه وأكبره. واقتضى حسن نظره في الفريقين ما خرج به أمره من توفير مال الأيتام، وتعويض من يباشر ذلك من الشهود جاريا يقام لكلّ منهم من الإنعام. وأمر بوضع هذا الرسم وتعفيته وإبطاله وحسم مادّته. فليعتمد القاضي ثقة الملك ذلك في الباب، وليصدر الإعلام به إلى سائر النوّاب، سلوكا لمحجّة الدين، وعملا بأعمال الفائزين السعداء المتّقين، بعد تلاوة هذا التوقيع بالمسجدين الجامعين بالمعزّيّة القاهرة المحروسة ومدينة مصر، على رءوس الأشهاد، ليتساوى في معرفة مضمونه كلّ قريب وبعيد، وحاضر وباد، وليفرّع منه النسخ إلى جميع النوّاب عنه في الأعمال، وليجلّد [هـ] في مجلس الحكم بعد ثبوته في ديواني المجلس
والخاصّ الآمريّ (2)، وحيث يثبت إن شاء الله حجّة مودعة في اليوم وما بعده.
وكتب لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستّ عشرة وخمسمائة».
ولمّا ودّع الفقيه أبو بكر ذكر له أنّه يريد بناء مسجد بظاهر الثغر على البحر، فكتب إلى مكين الدولة أبي طاهر أحمد بن عبد المجيد بن أحمد بن الحسن ابن حديد قاضي الإسكندريّة وناظرها بعمارة ذلك من مال ديوان المأمون، دون مال الدولة. فبنى مسجدا على باب البحر.
ثمّ بنى له أيضا سلطان الجيوش حيدرة أخو المأمون مسجدا آخر بالمحجّة من الثغر.
وكان إماما عالما زاهدا ورعا ديّنا متواضعا متقشّفا متقلّلا من الدنيا راضيا منها باليسير، وكان يقول: إذا عرض لك أمران، أمر دنيا وأمر آخرة، فبادر بأمر الآخرة يحصل لك أمر الدنيا والآخرة.
وكان كثيرا ما ينشد [الرمل]:
إنّ لله عبادا فطّنا
…
طلّقوا الدنيا وخافوا الفتنا
فكّروا فيها فلمّا علموا
…
أنّها ليست لحيّ وطنا
جعلوها لجّة واتّخذوا
…
صالح الأعمال فيها سفنا
وحصّل كثيرا وكتب بخطّه، وصنّف عدّة تصانيف مفيدة. وحدّث فروى عنه جماعة وتخرّج به جماعة كثيرة من أعيان الفقهاء. وظهرت بركته
(1) الخرج: مستحقّات الدولة (دوزي والاتّعاظ 3/ 91 هـ 1).
(2)
ديوان المجلس «هو أصل الدواوين قديما وفيه علوم الدولة بأجمعها» . الخطط 1/ 397، فهو بمثابة الوزارة الأولى اليوم.
ديوان الخاصّ هو الساهر على ممتلكات السلطان الخاصّة.
[198 أ] على من اشتغل عليه، فإنّه كان قدم مصر ولم يبق أحد ينتفع به غالبا، فكان يعلّم الإنسان كتاب الطهارة، ويخرجه إلى بلد فيعلّمهم ذلك، ويعلّم آخر الصلاة، ويفعل به كذلك، وآخر الزكاة، وآخر الصيام، حتّى كان من يستفاد منه غالبا إنّما هم أصحابه أو أصحاب أصحابه.
وقال فيه أبو العبّاس العرشيّ [الخفيف]:
لمّ شمل الإسلام بعد انصداع
…
وتلافى رثيثه تجديد
مثل ما لمن أبو بك
…
ر فعاد الطريف مثل التليد (1)
وقال إبراهيم بن مهدي بن قلنبا المالكيّ الفقيه المتكلّم: شيخنا أبو بكر الطرطوشيّ، زهده وعبادته أكثر من علمه. وكانت الطلبة والفقهاء يقرءون عليه للتبرّك، وانتفع جماعة به وتخرّجوا عليه. وورد بغداد، وكان عليه كساء وقلنسوة، وكان معه هميان (2) فيه مائتا دينار. فاتّفق أنّهفي الطريق أراد أن يتوضّأ، فوضعه في موضعه فنسيه فوجده رجل ديّن خيّر. فصبر يومين فرآه لا يضطرب ولا يطلب شيئا، فقال له الرجل: هل ضاع لك شيء؟
فقال: هميان فيه كذا.
فأخرج الهميان وقال: هذا لك؟
قال: بلى!
فأخذه منه، فقال له الرجل: فما لك سكتت؟
قال: إذا قلت ضاع منّي مائتا دينار، وعليّ هذه البزّة، من كان يصدّقني؟
(قال): وكان الفقهاء بالليل يكرّرون وينامون، فيجيء الفقيه الطرطوشيّ ويترك الدنانير الصحاح
في أفواههم، فإذا انتبه الفقيه منهم يجد الذهب في فيه ولا يعلم من تركه فيه.
وأخرج من الإسكندريّة صبيحة يوم السبت لآخر ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة. ومنع الناس من الخروج معه خوفا من فتنة تكون. وغلّقت وقت خروجه عليهم أبواب المدينة فلم يقدر أحد يصحبه إلّا أبو طاهر إسماعيل بن مكّي بن عوف، وعطيّة بن مسلم اللخميّ، وحسين بن ياسين الصعيديّ، وشبيب العلّاف الأزديّ، وعبد الله القاضي المالكيّ، فإنّهم خرجوا معه إلى القاهرة. فدخل على الأفضل ابن أمير الجيوش يوم الاثنين ثامن رجب، فأكرمه وفرح به. ولم يبق متولّي الثغر غير شهر حتى ورد عليه كتاب الأفضل بعزله، فخرج باكيا حزينا في مثل اليوم الذي خرج فيه الطرطوشيّ.
وكان [198 ب] اسمه جوهر [وهو] من جملة الأرمن الموالي، وقرّر الأفضل للطرطوشي عشرة دنانير في كلّ شهر من جوالي (3) النصارى، وأعطاه المحرس المعروف بالشرف. وما برح بمصر حتى قتل الأفضل، وولي أبو عبد الله محمد بن فاتك الوزارة من بعده. فأذن له في الانصراف إلى الإسكندريّة، وأكرمه، وأضاف إليه عشرين فدّانا من البهنسى بالصعيد، كانت لأبي شبل المعقليّ الزعبيّ العابد بجزيرة الإسكندريّة. ثمّ توفّر له أيضا بعد عوده إلى الإسكندريّة خمسة دنانير في كلّ شهر من الخمس الروميّ (4). فسأل القاضي مكين الدولة أبا طالب أحمد ابن حديد أن يجعلها على الجوالي.
(1) قراءة الشطر الثالث مستعصية.
(2)
الهميان كيس لحفظ النقود يحمل كالحزام.
(3)
مرّ شرح الجوالي من قريب ص 221 أهـ 2.
(4)
الخمس الروميّ: ضريبة على تجّار النصارى الواصلين بحرا إلى الديار المصريّة. صبح الأعشى 3/ 463.