المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: ثراء المكتبة الإسلامية في جميع فروع التراث - المكتبة الإسلامية

[عماد علي جمعة]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: اهتمام الإسلام بالعلم

- ‌المبحث الثاني: التسامح والمساواة في الإسلام

- ‌المبحث الثالث: عصر التدوين

- ‌المبحث الرابع: ثراء المكتبة الإسلامية في جميع فروع التراث

- ‌الباب الأول: مدونات المصادر الإسلامية

- ‌الفصل الأول: علم الببليوجرافيا واهتمام المسلمين به

- ‌الفصل الثاني: مدونات المصادر الإسلامية

- ‌المبحث الأول: المصادر التي اعتمدت العلوم قاعدة للتصنيف

- ‌المبحث الثاني: المصادر التي اعتمدت أسماء المؤلفين كقاعدة للتصنيف

- ‌المبحث الثالث: المصادر التي اعتمدت أسماء المؤلفات كقاعدة للتصنيف

- ‌المبحث الرابع: المصادر العامة في الترجمة للأعلام

- ‌الباب الثاني: المصادر الإسلامية

- ‌المبحث الأول: المصادر المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه

- ‌المعاجم وأهمها

- ‌فضائل القرآن الكريم

- ‌ نقط المصحف

- ‌مصادر علم القراءات

- ‌مصادر علوم القرآن

- ‌مصادر علم التفسير

- ‌مصادر تراجم المفسرين

- ‌المبحث الثاني: المصادر المتعلقة بالحديث الشريف وعلومه

- ‌مدخل

- ‌مصادر علم الحديث رواية

- ‌الجوامع وأهمها

- ‌الموطآت وأهمها

- ‌المسانيد وأهمها

- ‌السنن وأهمها

- ‌الصحاح وأهمها

- ‌المجاميع وأهمها

- ‌مصادر علم الحديث دراية

- ‌ مصادر غريب الحديث

- ‌ مصادر اختلاف الحديث

- ‌مصادر الرواة من غير الصحابة

- ‌مصادر تراجم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

- ‌مصادر علم مصطلح الحديث

- ‌مصادر الموضوعات والوضاعون

- ‌المبحث الثالث: مصادر الفقه الإسلامي

- ‌مدخل

- ‌مصادر فقه المذهب الحنفي

- ‌مصادر فقه المذهب المالكي

- ‌مصادر فقه المذهب الشافعي

- ‌مصادر فقه المذهب الحنبلي

- ‌مصادر الفقه المقارن

- ‌المبحث الرابع: مصادر علم أصول الفقه

- ‌مدخل

- ‌مصادر أصول فقه الشافعية أو مدرسة المتكلمين

- ‌مصادر أصول فقه الحنفية أو مدرسة الفقهاء

- ‌مصادر أصول المدرستين: الشافعية والحنفية

- ‌الخاتمة

- ‌الفهرس

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الرابع: ثراء المكتبة الإسلامية في جميع فروع التراث

‌المبحث الرابع: ثراء المكتبة الإسلامية في جميع فروع التراث

أهمية المكتبات في الإسلام وأنواعها: إن الناظر في تاريخ المكتبة الإسلامية يعجب من ارتفاع شأنها وثراء موجوداتها، وسمو مكانتها وأهميتها عند كافة شرائح الأمة، خاصة العلماء والحكام، مما جعل المكتبات تنتشر في العالم الإسلامي بكافة أنواعها، ونستعرض فيما يلي هذه الأنواع التي سادت في العصور الإسلامية.

1-

المكتبات العامة أو مكتبات المساجد: يجمع الباحثون على أن المساجدلم تكن مكانا للعبادة فحسب، بل كانت مركزا للحياة الاجتماعية والسياسية ومركزا لإدارة الأمة أو الدولة وتسيير أمورها، كما كانت محط أنظار المسلمين، ومعقد حلقات العلم، واجتماع العلماء وتعليم أبناء المسلمين العلوم المختلفة من القرآن الكريم والتفسير والقراءة والتجويد والحديث وأصول العربية وغير ذلك، وقد كتبت الدراسات التي في مجال تاريخ التربية في الإسلام حول دور المسجد وتاريخه، ويكفي أن نشير إلى أن أول مكتبة هي بيت الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كانت مكتبة لجميع ما يدونه كتاب الوحي من التنزيل الكيم ثم نقلت الصحف من بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة إلى بيت أبي بكر، وبعد أن جمعت في مصحف في عهد الصديق على يد زيد بن ثابت أحد كبار كتاب الوحي وحفاظه، ثم حفظت هذه الصحف عند عمر بن الخطاب أيام خلافته، وبقيت عند حفصة إلى أن استعارها عثمان بن عفان منها، ونسخ عنها المصاحف وأرسلها إلى الأقطار الإسلامية.

فالمساجد إذن تعتبر مكتبات عامة، والمكتبات في الإسلام نشأت مع نشأة المساجد، أما كيف كان شكل هذه المكتبات ونظامها ومجموعاتها، فقد يحتاج الأمر إلى

ص: 36

دراسات خاصة تتعلق بهذا الموضوع فتتناوله من زواياه المتعددة وتحصره لتقدم للمسلين ذخيرة علمية يعرفون منها فكر المسملين الأوائل ومساهمتهم في عمليات الاتصال الحضاري في الوقت الذي كانت فيه أروربا ترزح في ظلمات الجهل.

2-

المكتبات الخاصة بالصحابة والخلفاء والوزراء والأمراء والعلماء: مما سبق يتضح لنا أن المساجد كانت تشتمل على مكتبات عامة يلجأ إليها جميع المسلمين، ولكن رغم سهولة التردد على هذه المكتبات وشمولها وحسن تنظيمها، لم يمنع كل ذلك من وجود مكتبات للصحابة والخلفاء والوزراء والأمراء والعلماء. هذا النوع من المكتبات كان يمثل اتجاها فرديا بحيث بمكننا أن نسميه المكتبات الخاصة، فبيوت الصحابة والتابعين كانت تشتمل على كتب مثل القرآن الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم فأبو هريرة رضي الله عنه ت 58هـ، كانت عنده كتب كثيرة، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص ت 65هـ يحفظ كتبه وصحفه في صندوق له حلق، وقد كان عند سعد بن عبادة الأنصاري ت 15هـ، كتب فيها طائفة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وبالتالي فإننا نجد أن الصحابة رضي الله عنهم يعملون على جمع الكتب وحفظها ودراستها وإعارتها وتيسيرها لكل من يطلبها.

ومع مرور الزمن كان الخلفاء والأمراء وبعض الوزراء يلحقون بقصورهم وبيوتهم مكتبات صخمة، فقد كان للفتح بن خاقان ت 247هـ، وزير المتوكل الخليفة العباسي، مكتبة جامعة، وللمبشر بن فاتك ت480هـ، أحد أعيان أمراء مصر وعلمائها، مكتبة قيمة في العلوم الرياضية والحكمية وغيرها، وكان للخليفة الناصر لدين الله ت 622هـ، مكتبة كبيرة جدًا، كما كان للخليفة المعتصم بالله ت 656هـ، مكتبة ضخمة في داره، فيها نفائس الكتب في مختلف العلوم.

ص: 37

3-

المكتبات القومية في الإسلام: قال القلقشندي ت 821هـ، في الجزء الأول من موسوعته صبح الأعشى في صناعة الإنشا: إنه كان للخلفاء والملوك في القديم بها -بخزائن الكتب- مزيد اهتمام، وكمال اعتناء، حتى حصلوا منها على العدد الجم، وحصلوا على الخزائن الجليلة، ويقال: إن أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث، وذكر خزانة الخلفاء العباسيين ببغداد وهي دار الحكمة أو بيت الحكمة، وخزانة الفاطميين بمصر: دار العلم، وخزانة بني أمية بالأندلس: مكتبة قرطبة1.

والمكتبات القومية أو الوطنية تقوم عادة بالحصول على جميع ما يصدر في الدولة من مصادر وتنظمها وتحفظها وتقدمها للمستفيدين.

وفيما يلي فكرة موجزة عن هذه المكتبات الثلاث:

أ- دار الحكمة أو بيت الحكمة: أول من أسس هذه الدار الجامعة لمختلف المؤلفات هارون الرشيد ت 193هـ، ثم زودها ابنه المأمون من بعده بالمؤلفات الكثيرة والدواوين الضخمة، وظلت هذه الخزانة حتى استولى المغول على بغداد سنة 656هـ.

ب- دار العلم: وهي خزانة العبيديين بمصر، ألحقها الحاكم العبيدي ت 411هـ، صاحب مصر بدار الحكمة، التي أنشأها على غرار جامعات بغداد وقرطبة، وقد جمع في دار العلم كتب كثيرة، وأقام فيها المسئولين وخصص لهم الجرايات وزودها بما يحتاج إليه القراء والنساخ من الحبر والمحابر والأقلام والورق، وانقرضت هذه الخزانة بموت العاضد آخر خلفاء الفاطميين سنة 567هـ.

1 صبح الأعشى في صناعة الإنشا، القلقشندي: 537/1.

ص: 38

ج- مكتبة قرطبة: أنشأها الأمويون ورعاها الخلفاء، وبلغت أوج ازدهارها في عهد المستنصر ت 366هـ، الذي كان له وكلاء في البلاد الإسلامية الكثيرة، يزودونه بكل ما ينتجه العلماء المسلمون من مؤلفات.

4-

المكتبات الأكاديمية: اهتم العلماء بالمكتبات وكونوا مكتبات تشبه المكتبات الأكاديمية في هذا الزمان وحرصوا أن تكون في خدمة طلاب العلم والباحثين، ومن هذه الخزانات أو المكتبات الأكاديمية:

أ- مكتبة ابن سوار ت 496هـ، بالبصرة: أسسها أبو علي بن سوار الكاتب، أحد رجال عضد الدولة البويهي، وكان فيها شيخ يدرس عليه مذهب الاعتزال.

ب- مكتبة سابور: أنشأ هذه الخزانة سابور بن أردشير ت 416هـ، بالكرخ وسماها: دار العلم، وزادت كتبها على عشرة آلاف كتاب في مختلف العلوم، وكانت مركزا ثقافيا مهمًا يلتقي فيه العلماء والباحثون للقراء والمطالعة والمناظرة، وكان أبو العلاء المعري ت 449هـ، يكثر التردد إليها عندما كان في بغداد.

ج- مكتبة الوقف أو خزانة الوقف بمسجد الزيدي ببغداد: أنشأها أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي ت 575هـ.

5-

خزانات المدارس أو المكتبات المدرسية: كان يلحق بالمدارس خزانات أو مكتبات كبيرة تتبعها، وذلك كالمدرسة النظامية، والمدرسة المستنصرية، ومكتبات مدارس دمشق، ومكتبة المدرسة الفاضلية بالقاهرة1.

1 الموسوعة العربية، شرف الدين:169.

ص: 39

ثراء المكتبة الإسلامية في جميع فروع التراث: إن الحديث السابق حول أهمية المكتبة في الإسلام وانتشارها بكافة أنواعها، يقودنا بالضرورة للحديث عما تحويه هذه المكتبة من حيث تنوعها وثراؤها في كافة فروع المعرفة. والحديث في هذا المجال، يطول وليس هنا موطن التفصيل فيه، لكن لابد على أية حال من إلقاء نظرة عامة لبيان حجم هذا التنوع ومداه، وهنا نترك الحديث لأحد المشتغلين برصد وفهرسة تراث المكتبة الإسلامية، ألا وهو الدكتور فؤاد سزكين، حيث يبين محتويات كتابه المشهور: تاريخ التراث العربي، قائلا:

المجلد الأول: يحتوي على علوم القرآن والحديث والتاريخ والفقه والعقائد والتوحيد والتصوف وذلك منذ نشأة هذه العلوم إلى سنة 430هـ.

المجلد الثاني: يحتوي على الشعر.

المجلد الثالث: يحتوي على الطب والبيطرة وعلم الحيوان.

المجلد الرابع: يحتوي على الكيمياء والنبات والزراعة.

المجلد الخامس: يحتوي على الرياضيات.

المجلد السادس: يحتوي على علم الفلك وأحكام النجوم والآثار العلوية.

المجلد السابع: يحتوي على علم اللغة والنحو والبلاغة.

المجلد الثامن: ويحتوي على علم الفلسفة والمنطق وعلم النفس والأخلاق والسياسة الاجتماع.

المجلد التاسع: يحتوي على الجغرافية والجيولوجيا والموسيقى.

المجلد العاشر: وهو المدخل إلى العلوم الإسلامية، ويتضمن نشأة العلوم الإسلامية وتطورها، وأمانة النقل عند العلماء المسلمين، والمقارنة بينهم وبين الإغريق واللاتين في صفات الأمانة والدقة والاحتياط وأثر العلماء المسلمين في أوروبا سائر النواحي.

ص: 40

ويلي المجلدات العشرة الفهرس العام، وإذا فسح الله في الأجل فسوف أكتب -إن شاء الله- العلوم كلها في الدورة الثانية من سنة 430هـ إلى القرن الحادي عشر الهجري1، وبالنظر في هذه العبارة التي يصف من خلالها فؤاد سزكين مشروع كتابه يظهر هذا التنوع الكبيرة والكم الهائل لتراث المكتبة الإسلامية، فمن علوم القرآن والحديث والفقه والتاريخ والعقائد إلى علم الطب وعلم البيطرة وعلوم الحيوان فالكيمياء والنبات والزراعة والرياضيات والفلك واللغة والنحو والبلاغة والفلسفة وعلم النفس والمنطق والأخلاق والسياسة وعلم الاجتماع إلى آخر ما هنالك من علوم، يصعب حصر ما سطره علماء المسلمين فيها من كتب، مما يشعر المتابع بحجم هذا الثراء للمكتبة الإسلامية في كافة فروع التراث.

1 محاضرات في تاريخ العلوم، فؤاد سزكين: 31، بتصرف يسير.

ص: 41