الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لخفاء الوجه -وفي "ورد الخدود" تشبيه مؤكد من إضافة المشبه به المشبه.
4-
شبه هيئة المتألم يضطرب من شدة الألم. بهيئة الحيوان الذبيح يضطرب كالراقص لشدة ما يعانيه من آلام الذبح، ووجه الشبه هيئة المتألم المضطرب، وهو تشبيه تمثيل، ومجمل غريبن والتشبيه فيه ضمني لا صريح.
5-
شبه حال من بغداد الهوان فيقبله، ولا يتألم له: بحال ميت يوخز بالأسنة فلا يحس ألما، ولا يشكو وجعا ووجه الشبه عدم التأثر مما ينبغي التأثر منه. وهو تشبيه تمثيل. ومجمل غريب، والتشبيه أيضا ضمني، أخذ مضمون الكلام.
مبحث الحقيقة والمجاز
مدخل
…
مبحث الحقيقة والمجاز 1:
اعلم: أن المقصود الأصلي من علم البيان هو "المجاز" إذ هو الذي يتأتى فيه اختلاف الطرق في وضوح الدلالة على المعنى المراد -أما الحقيقة فلا يتأتى فيها ذلك لأنها إنما وضعت لشيء بعينه لتستعمل فيه، فإن كان السامع عالما بالوضع فلا تفاوت، وإلا لم يفهم شيئا أصلا لتوقف الفهم على العلم بالوضع.
غير أنه لماكانت الحقيقة بمثابة الأصل2 للمجاز: من حيث إن الاستعمال في غير ما وضع له اللفظ فرع الاستعمال فيما وضع له: جرت العادة بالبحث عن الحقيقة أولا. وإليك بيان:
1 قد يقيدان باللغويين لإخراج الحقيقة والمجاز العقليين، والأكثر عدم التقييد لأنهما عند الإطلاق لا ينصرفان لغير اللغويين- بخلاف الحقيقة والمجاز العقليين فقد اصطلحوا على وجوب تقيدهما بهذا القيد.
2 إنما قتلنا ذلك إشارة إلى أنها ليست أصلا للمجاز حقيقةن وإلا كان لكل مجاز حقيقة وليس كذلك فإن لفظ "الرحمن" قد استعمل من أول الأمر في "المنعم" مجازا، ولم يسبق له استعمال في المعنى الحقيقي الذي هو رقيق القلب فهو إذا مجاز لم يتفرع عن حقيقة.
الحقيقة:
تعريفها: هي -في إصطلاح البيانيين1- الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب، أي في الاصطلاح الذي جرى به التخاطب "كالأسد" إذا استعمل في الحيوان المفترس، فهو حقيقة لاستعماله فيما وضع له في كافة الاصطلاحات، "وكالصلاة" إذا استعملها المتكلم بعرف الشرع في "الأركان الخاصة"،- فهي أيضا حيقيقة لاستعمالها فيما وضعت له في اصطلاح أهل الشرع -و"كالصلاة" أيضا إذا استعملها المتكلم بعرف اللغة في "الدعاء" فهي كذلك حقيقة لاستعمالها فيما وضعت له في اصطلاح أرباب اللغة وهكذا.
واعلم: أن بالتعريف قيودا ثلاثة:
1-
المستعملة.
2-
فيما وضعت له.
3 في اصطلاح التخاطب -وقد جئ بهذه القيود للاحتراز.
أما القيد الأول: قد احترز به عن الكملة قبل الاستعمال، فلا تسمى حقيقة ولا مجازا- لأن الاستعمال هو الذي يعين المعنى المراد من اللفظ.
وأما القيد الثاني: فقد احترز به عن شيئين:
1-
الغلط اللساني1، وهو ما استعمل في غير ما وضع له غلطا، كأن تقول
1 وهي في اللغة وصف على زنة "فعيل" إما بمعنى فاعل من حق الشيء إذا ثبت فهو حقيق أي ثابت قال تعالى: {لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون" أي لقد ثبت القول- وإما بمعنى مفعول من حققت الشيء إذا أثبته، فهو حقيق أي مثبت، ثم نقل هذا اللفظ في اصطلاحهم من الوصفية بمعنييها إلى الكلمة المستعملة فيما وضعت له، والتاء فيه للدلالة على نقل الكلمة من الوصفية إلى الإسمية، وليست التاء للتأنيث بدليل صحة أن يقال: هذا اللفظ حقيقة ولو كانت للتأنيث ما صح أن يقال ذلك.
2 أما لاغظ القلبي فهو حقيقة أن كان الاستعمال فيما وضع له بحسب زعم المتكلم ولو أخطأ في قصده كمن قال في شأن حجر رآه عن بعد، هذا طائر معتقدا أنه حيوان ذو جناح
لآخر: ناولني هذا الحجب مشيرا إلى كتاب -فمثل هذا لا يسمى "حقيقة" لاستعماله في غير وضع له. ولا يسمى "مجازًا" لعدم وجود علاقة بين معنين الحجر والكتاب.
2-
المجاز، وهو ما استعمل في غير ما وضع له في سائر الاصطلاحات "كالأسد" المستعمل في الرجل الجرئ، من قولك:"على الفرس أسد".
وأما القيد الثالث: فقد احترز به عن الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح آخر. غير الاصطلاح الذي جرى به التخاطب "كالصلاة" إذا استعملها المتكلم بعرف الشرع في "الدعاء"- فليست حقيقة لعدم استعمالها فيما وضعت له في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب، وهو الشرع، وإن استعملت فيما وضعت له في اصطلاح أهل اللغة -و"كالصلاة" أيضا إذا استعملها المتكلم بعرف اللغة في الأركان الخاصة -فليست حقيقة لعدم استعمالها فيما وضعت له في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب، وهو "اللغة" وإن استعملت فيما وضعت له في اصطلاح أهل الشرع.
وإذن فالمدار في الحقيقة على أن تكون الكلمة مستعملة فيما وضعت له عند أهل الاصطلاح الذي جرى به التخاطب بالكلمة المذكورة- وإذا فرغنا من بيان معنى الحقيقة فإليك بيان:
المجاز:
تعريفه -هو- في الاصطلاح1- يختلف معناه باختلافه- إفرادا وتركيبا.
1 وهو في اللغة مصدر ميمي على زنة مفعل بمعنى الجواز والتعدية نقل إلى الكلمة المستعملة في غير ما وضعت به باعتبار أنا جائزة مكانها الأصلي، فيكون المصدر بمعنى اسم الفاعل- أو باعتبار أنها مجوز بها مكانها الأصلي فيكون المصدر بمعنى اسم المفعول- وقيل: هو في اللغة مصدر ميمي بمعنى مكان الجوز والتعدية فهو من جاز المكان سلكه إلى كذا ثم نقل إلى الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له.
فالمجاز المفرد: هو الكلمة المستعملة، في غير ما وضعت له، في اصطلاح التخاطب، لعلاقة بين المعنى الموضوعة له، والمعنى المستعملة فيه، مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الموضوع له اللفظ.
والعلاقة: هي المناسبة الخاصة بين المعنى الأصلي، الموضوع له اللفظ، والمعنى المقصود منه- ولابد منها لصحة النقل من المعنى الأصلي إلى المعنى المراد.
والقرينة: هي الأمر الذي يجعله المتكلم دليلا على أنه أراد باللفظ غير المعنى الموضوع له -مثال ذلك لفظ "أسد" المستعمل في الجرئ، في نحو قولك:"على الفرس أسد"، ولفظ "الغيث" المستعمل في "النبات" في نحو قولك:"رعت الماشية الغيث"، ولفظ "الصلاة" المستعمل عند أهل الشرع في الدعاء- فكل من هذه الألفاظ "مجاز مفرد". لأنه كلمة مستعملة في غير المعنى الموضوعة له في اصطلاح التخاطب- والعلاقة بين المعنيين في الأول: مشابهة الرجل للأسد في الجرأة، وفي الثاني: سببية الغيث للنبات، وفي الثالث: الكلية والجزيئة، إذا أن الصلاة كل للدعاء، وهو جزء منها- والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي قولك في المثال الأول:"على الفرس" إذ الحلول فوق الفرس ليس من شأن الحيوان المفترس والقرينة في الثاني قولك: "رعت" إذ أن الغيث لا يرعى- والقرينة في الثالث حالية، وهي كون المستعمل اللفظ "الصلاة" من أرباب الشرع.
وفي هذا التعريف قيود خمسة: 1- المستعملة
2-
في غير ما وضعت له
3-
في اصطلاح التخاطب
4-
لعلاقة
5-
مع قرينة مانعة.
أما القيد الأول: فقد احترز به عن الكلمة قبل الاستعمال، "فلا تسمى حقيقة""كما لا تسمى مجازا"- على ما ذكرنا في تعريف الحقيقة.
وأما القيد الثاني: "فقد احترز به عن الحقيقة، وهي الكلمة المستعملة فيما وضعت له "كالأسد" المستعمل في الحيوان المعروف.
وأما القيد الثالث: فقد احترز به عن الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح آخر، غير الاصطلاح الذي وقع به التخاطب "كالصلاة" التي استعملها المتكلم بعرف الشرع في الأركان الخاصة. فليست بمجاز لعدم استعمالها في غير ما وضعت له في اصطلاح أهل الشرع، وإن استعملت في غير ما وضعت له-في اصطلاح أهل اللغة- "وكالصلاة" أيضا إذا استعملها المتكلم بعرف اللغة في "الدعاء"، فليست مجازا كذلك لعدم استعمالها في غير ما وضعت له في اصطلاح أهل الفقة، وإن استعملت في غير ما وضعت في اصطلاح الشرع.
فالمدار: في المجاز حينئذ على أن تكون الكلمة مستعملة في غير ما وضعت له في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب بالكلمة المنطوق بها.
وأما القيد الرابع: فقد احترز به عن الغلط اللساني1. وهو ما استعمل في غير ما وضع له لعلاقة بين المعنيين، من غير تعمد لهذا الاستعمال- كما إذا أشار متكلم إلى حجر، وأراد أن يقول لآخر: خذ هذا الحجر، فسبقه لسانه، فقال: خذ هذا الكتاب- فمثل هذا لا يسمى "مجازا" لأنه- وإن استعمل فيه اللفظ في غير ما وضع له- لا علاقة فيه بين المعنيين.
1 أما الغلط في الاعتقاد -فإن استعمل اللفظ في معناه بحسب اعتقاد المتكلم كأن يقول: انظر إلى هذا الأسد معتقدا أنه الحيوان المعروف فإذا هو فرس- فهو حقيقة لاستعماله في معناه الأصلي حسب اعتقاده وإن لم يصب- وإن استعمل اللفظ في غير معناه الأصلي بحسب اعتقاده كأن يقول: انظر إلى هذا "الأسد" مشيرا إلى حجرا معتقدا أنه رجل شجاع كان مجازا لأنه، مستعمل في غير الحقيقي لعلاقة وإن لم يصب في إثبات العلاقة في المشار إليه- وهذا صح الأقوال، إذا المعول عليه الاعتقاد.
ومن هنا يعلم: أن لابد للمجاز من علاقة1، وهي -كما قلنا- مناسبة خاصة بين المعنى الحقيقي، والمعنى المجازي كالمشابهة "أو السببية"، أو الكلية والجزئية- على ما سبق بيانه- غير أنه لا يكفي في المجاز مجرد وجود العلاقة بين المعنيين، بل لابد من اعتبارها وملاحظتها2.
وأما القيد الخامس: فقد احترز به عن الكناية، بناء على القول بأنها واسطة، لا هي حقيقة، ولا مجاز3 فهي اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، مع قرينة غير مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، بحيث تجوز إرادته، مع المعنى الكنائي4.
اختبار:
1-
عرف الحقيقة في الاصطلاح، وهل التاء فيها لإفادة معنى التأنيث بين ذلك مع بيان القيود الواردة في التعريف ومحترز كل قيد، مع التمثيل لكل ما تذكرز
2-
عرف المجاز في الاصطلاح، وبين القيود الواردة في تعريفه، ومحترز كل قيد، مع التمثيل.
3-
بين في مثال من عندك معنى العلاقة والقرينة- وهل يكفي مجرد وجود
1 سميت علاقة لأنه بسببها يتعلق المعنى الثاني بالأول، ويرتبط به فينتقل الذهن حينئذ من المعنى الأول إلى الثاني.
2 المعتبر في العلاقة: نوعها لاشخصها، ولهذا جاز إنشاء المجاز في كلم المولدين فإذا استعمل العرب علاقة خاصة بين معنيين جاز لنا أن نستعمل الربط بينها شيئا آخر غير الذي استعملوه، ولو كان المعتبر شخص العلاقة لتوقف استعمال اللفظ في معناه المجازي على النقل عن العرب، وليس كذلك.
3 أما أنها ليست حقيقة فلأن الحقيقة -كما سبق- اللفظ المستعمل فيما وضع له والكناية ليست كذلك وأما أنها ليست مجازا، فلأنه اشترط فيه القرينة المانعة من إرادة الحقيقة والكناية أيضا ليست كذلك.
4 المراد بجواز إرادة المعنى الحقيقي ألا ينصب المتكلم قرينة على انتقائه- وليس المراد: أن يوجد الحقيقي معها دائما فإنك إذا قلت مثلا: فلان طويل النجاد كناية عن طول قامته صح ذلك وإن لم يكن له نجاد- اللهم إلا إذا قصد المتكلم جعل علم المخاطب بأن لا نجاد له قرينة على عدم إرادة المعنى الحقيقي فإنه حينئذ يكون مجازا لا كناية.